" بسم الله " : كلمة سماعها يوجب أحد أمرين :" إما صحوا وإما محوا ؛ صحوا لمن سمعها بشاهد العلم فيستبصر بواضح برهانه، أو محوا لمن سمعها بشاهد المعرفة لأنه يتحير في جلال سلطانه.
ﰡ
هذه السورة من أَوّلِ ما نَزَل على المصطفى صلى الله عليه وسلم لمّا تعرِّض له جبريل في الهواء، ونَزَلَ عليه فقال :﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾. فالناسُ كُلُّهم مريدون – وهو صلى الله عليه وسلم كان مُرَاداً. فاستقبل الأمر بقوله :" ما أنا بقارئ، فقال له : اقرأ، فقال : ما أنا بقارئ، فقال له :" اقرأ كما أقول لك ؛ ﴿ اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ " أي خلقهم على ما هم به.
ويقال : الأكرم من كلِّ كريم.
ولم يقل : إِن استغنى بل قال :﴿ أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى ﴾ فإذا لم يكن مُعْجَباً بنفسه، وكان مشاهداً لمحلِّ افتقاره - لم يكن طاغياً.
أي : الرجوع يوم القيامة.
أليس لو لم يفعل هذا كان خيراً له ؟ ففي الآية هذا الإضمار.
أي : ما الذي يستحقُّه مَنْ هذه صفته ؟
والتخويفُ برؤية الله تنبيه على المراقبة - ومَنْ لم يَبْلُغْ حالَ المراقبة لم يَرْتَق منه إلى حال المشاهدة.
لَنأخُذَنَّ بناصيته ( وهي شَعْرُ مُقَدَّم الرأس ) أخْذَ إِذلالٍ. ومعناه لنًسَوِّدَنَّ وَجهْهَ.
أي : اقتربْ من شهود الربوبية بقلبك، وقِفْ على بِساط العبودية بنَفْسك. ويقال : فاسجُدْ بنفسِك، واقترِبْ بسِرِّك.