ﰡ
رفعت القراء ( كلُّ مُرْضِعَة ) لأنهم جَعَلوا الفعل لها. ولو قيل : تُذْهِل كلَّ مرضعة وأنت تريد الساعَة أنها تُذهل أَهلَها كان وجها. ولم أسمع أَحداً قرأ به والمرضعة : الأمّ. والمرضِع : التي معَها صَبىّ تُرضعه. ولو قيل في الأمّ : مرضع لأنَّ الرضاع لا يكون إلا من الإناث فيكون مثل قولك : طامث وحائض. ولو قيل في التي مَعَها صَبيّ : مرضعة كَان صَوَاباً.
وقوله :﴿ وَتَرَى الناسَ سُكَارَى وَما هُم بِسُكَارَى ﴾ اجتمع الناس والقراء على ( سُكَارَى وما هُمْ بِسُكَارى ) حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثني هَشَيم عن مُغيرة عن إبراهيم عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ ( وَتَرى الناسَ سَكْرَى وَما هُمْ بِسَكْرَى ) وهو وجه جيّد في العربية :( لأنه بمنزلة الهَلْكى والجَرْحى، وليسَ بمذهب النشوان والنَشاوى. والعرب تذهب بفاعل وفَعِيل وفَعِل إذا كانَ صَاحبُه كالمريض أو الصريع أو الجريح فيجمعونه على الفَعلى فجعلوا الفعلى علامةً لجمع كل ذي زمانةٍ وضررٍ وهلاكٍ. ولا يبالون أكان واحده فاعلاً أم فعيلاً أم فعلان فاختير سكرى بطرح الألف منْ هول ذلك اليوم وفزَعه. ولو قيل ( سَكْرى ) على أن الجمع يقع عليه التأنيث فيكون كالواحدة كان وجها، كما قال الله :﴿ وللهِ الأسْماء الحُسنَى ﴾ ﴿ والقُرونَ الأُولَى ﴾ والناسَ. جماعة فجائز أن يقع ذلكَ عليهم. وقد قالت العرب : قد جاءتك الناس : وأنشدني بعضهم :
أضحت بنو عامر غَضْبَى أنوفُهم | أَنّى عفوت فلا عارٌ ولا باس |
وقد ذُكر أن بعض القراء قرأ ( وَتُرَى الناسَ ) وهو وجه جيد يريد : مثل قولك رُئِيتَ أنك قائم ورُئيتُك قائما فتجعل ( سكارى ) في موضع نصب لأن ( تُرَى ) تحتاج إلى شيئين تنصبهما. كما يحتاج الظنّ.
وقوله :﴿ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحامِ ما نَشَاء ﴾ اسْتأنف ( ونُقِرُّ في الأرحام ) ولم يردُدها على ( لنبيّن ) ولو قرئت ( ليُبيِّن ) يريد الله ليُبيِّن لكم كانَ صَوَاباً ولم أسمعها.
وقوله :﴿ وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ﴾ : إلى أسفل العمر ﴿ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ ﴾ يقول لكيلاَ يعقل من بعد عقله الأوَّل ( شَيْئاً ).
قوله :( ورَبَت ) قرأ القراء ( وَرَبَتْ ) من تَرْبو. حدثنا أبو العبّاس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدَّثني أبو عَبد الله التميمى عن أبى جَعْفر المدني أنه قرأ ﴿ اهْتَزَّتْ وَرَبَأتْ ﴾ مهموزة فإن كان ذهب إلى الرَّبِيئة الذي يحرس القوم فهذا مذهب، أي ارتفعت حتى صَارت كالموضع للربيئة. فإن لم يكن أراد ( من هذا ) هذا فهو من غلط قد تغلَطه العرب فتقول : حلأْت السَّوِيق، ولبَّأْت بالحجّ، ورثأت الميّت، وهو كَما قرأ الحسن ﴿ وَلأَدْرَأتكم بِهِ ﴾ يهمز. وهو مما يُرفَض من القراءة.
وقوله :﴿ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآُخِرَةَ ﴾ غُبِنهما. وذُكر عن حُمَيد الأعرج وحده أنه قرأ ( خاسِر الدنيا والآخرة ) وكلّ صواب : والمعنى واحد.
ثم قال :﴿ يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ ١٣ ﴾ فجاء التفسير : يَدْعو من ضَرّه أقرب منْ نفعه. وقد حالت اللامُ بينهما. وكذلك هي في قراءة عَبد الله ( يَدْعو من ضَرُّه ) ولم نجد العرب تقول ضربت لأَخاك ولا رأيت لزيداً أفضل منكَ. وقد اجتمعت القراء على ذلكَ. فَنُرى أن جَواز ذلك لأن ( مَن ) حَرف لا يتبَيَّن فيه الإعراب، فأجِيز ب : فاستجيز الاعتراض باللام دون الاسم ؛ إذْ لم يتبَيَّن فيه الإعراب. وذكر عن العرب أنهم قالوا : عندي لَما غيرُه خير منه، فحالوا باللام دون الرافع. وموقعُ اللام كان ينبغي أن يكون في ( ضَرُّه ) وفي قولكَ : عِنْدي ما لَغيره خَيرٌ منه. فهذا وجه القراءة للاتّباع. وقد يكون قوله :﴿ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ البَعِيدُ يَدْعُو ﴾ فتجعل ( يدعو ) من صِلة ( الضلالُ البعيدُ ) وتضمر في ( يدعو ) الهاء، ثم تسْتأنِف الكلام باللام، فتقول ( لمَنْ ضَرُّهُ أقربُ مِن نَفْعِهِ لَبِئسَ المَوْلَي ) كقولك في مذهب الجزاء لَما فعلت لهو خير لك. وهو وجه قويّ في العربيّة.
ووجه آخَر لم يُقرأ به. وذلك أَن تكسر اللام في ( لمن ) وتريد يدعو إلى مَنْ ١٢٠ ا ضَرُّه أقرب من نفعه، فتكون اللام بمنزلة إلى، كما قال ﴿ الحَمْدُ لِلّهِ الذي هَدَانا لِهَذَا ﴾ وإِلى هَذَا وأنت قائل في الكلام : دعوت إلى فلانٍ ودعَوت لفلانٍ بمعنىَ واحدٍ. ولولا كراهية خلاف الآثار والاجتماع لكان وَجْها جَيّدا من القراءة. ويكون قوله ( يَدْعو ) التي بعد ( البعيد ) مكرُورة على وقوله ﴿ يدعو من دون الله ﴾ يدعو مكرّرة، كما تقول : يدعو يدعو دائبا، فهذا قوَّه لَمن نَضب اللام ولم يوقع ( يدعو ) على ( مَنْ ) وَالضَّلاَلُ الْبَعيد الطويل.
ثم قال :﴿ يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ ١٣ ﴾ فجاء التفسير : يَدْعو من ضَرّه أقرب منْ نفعه. وقد حالت اللامُ بينهما. وكذلك هي في قراءة عَبد الله ( يَدْعو من ضَرُّه ) ولم نجد العرب تقول ضربت لأَخاك ولا رأيت لزيداً أفضل منكَ. وقد اجتمعت القراء على ذلكَ. فَنُرى أن جَواز ذلك لأن ( مَن ) حَرف لا يتبَيَّن فيه الإعراب، فأجِيز ب : فاستجيز الاعتراض باللام دون الاسم ؛ إذْ لم يتبَيَّن فيه الإعراب. وذكر عن العرب أنهم قالوا : عندي لَما غيرُه خير منه، فحالوا باللام دون الرافع. وموقعُ اللام كان ينبغي أن يكون في ( ضَرُّه ) وفي قولكَ : عِنْدي ما لَغيره خَيرٌ منه. فهذا وجه القراءة للاتّباع. وقد يكون قوله :﴿ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ البَعِيدُ يَدْعُو ﴾ فتجعل ( يدعو ) من صِلة ( الضلالُ البعيدُ ) وتضمر في ( يدعو ) الهاء، ثم تسْتأنِف الكلام باللام، فتقول ( لمَنْ ضَرُّهُ أقربُ مِن نَفْعِهِ لَبِئسَ المَوْلَي ) كقولك في مذهب الجزاء لَما فعلت لهو خير لك. وهو وجه قويّ في العربيّة.
ووجه آخَر لم يُقرأ به. وذلك أَن تكسر اللام في ( لمن ) وتريد يدعو إلى مَنْ ١٢٠ ا ضَرُّه أقرب من نفعه، فتكون اللام بمنزلة إلى، كما قال ﴿ الحَمْدُ لِلّهِ الذي هَدَانا لِهَذَا ﴾ وإِلى هَذَا وأنت قائل في الكلام : دعوت إلى فلانٍ ودعَوت لفلانٍ بمعنىَ واحدٍ. ولولا كراهية خلاف الآثار والاجتماع لكان وَجْها جَيّدا من القراءة. ويكون قوله ( يَدْعو ) التي بعد ( البعيد ) مكرُورة على وقوله ﴿ يدعو من دون الله ﴾ يدعو مكرّرة، كما تقول : يدعو يدعو دائبا، فهذا قوَّه لَمن نَضب اللام ولم يوقع ( يدعو ) على ( مَنْ ) وَالضَّلاَلُ الْبَعيد الطويل.
إنَّ الخليفة إن الله سَرْبله | سِرْبال مُلْك به ترجَى الخواتيم |
وقوله :﴿ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ﴾ يقول : ومن يُشْقِه الله فما له من مسعدٍ. وقد تقرأ ﴿ فما لَه من مُكْرَم ﴾ يريد : من إكرام.
وقوله :﴿ اخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ ﴾ في دين ربّهم. فقال اليهود والنصارى للمسلمينَ : دِيننا خير من دينكم ؛ لأنا سبقناكم. فقال المسْلمونَ : بل ديننا خير من دينكم. لأنا آمنا بنْبيّنا والقرآن، وآمنا بأنبيائكم وكتبكم، وكفرتم بنبِّينا وكتابنا. فعلاهم المسلمون بالحجّة وأنزل الله هذه الآية.
وقوله :﴿ اخْتَصَمُواْ ﴾ ولم يقل : اختصما لأنهما جَمعان ليسَا برجلين، ولو قيل : اختصما كان صَوَاباً. ومثله ﴿ وَإن طَائفَتَانِ مِنَ المؤمنِينَ اقتتَلُوا ﴾ يذهب إلى الجمع. ولو قيل اقتتلتا لجاز، يذهب إلى الطائفتين.
وقوله :﴿ يَتَجَرعُهُ ولا يكادُ يُسيغُهُ ﴾ يُكره عَليه.
وقوله :﴿ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ﴾ فالعاكف مَن كان من أهْل مكَّة. والبادِ مَن نزع إليه بحجّ أو عمرة. وقد اجتمع القراء على رفع ( سواء ) ها هُنا. وأَما قوله ١٢١ ا في الشريعة :﴿ سواء مَحْيَاهُمْ وَمَماتُهُمْ ﴾ فقد نصبها الأعمش وحده، ورفعها سَائر القراء. فمَن نَصَبَ أوقع عليه ﴿ جَعَلناه ﴾ ومن رفع جَعَل الفعل واقعاً على الهاء واللام التي في الناس، ثم اسْتأنف فقال :﴿ سَوَاء العاكِفُ فِيهِ والبادِ ﴾ ومن شأن العرب أن يستأنفوا بسَواء إذا جاءت بعد حرف قد تمَّ به الكلام فيقولون : مررت برجل سواء عنده الخيرُ والشرّ. والخفض جَائز. وإنما اختاروا الرفع لأن ( سواء ) في مذهب واحد، كأنك قلت : مررت على رجل واحدٌ عنده الخير والشرّ. ومَن خفض أراد : معتدلٍ عنده الخير والشرّ. ولا يقولون : مررت على رجل معتدلٌ عنده الخير والشر لأن ( معتدل ) فعل مصرَّح، وسواء في مذهب مصدر. فإخراجهم إيّاه إلى الفعل كإخراجهم مررت برجل حَسْبِك من رجل إلى الفعل.
وقوله :﴿ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ ﴾ دخلت الباء في ( إلحاد ) لأن تأويله : ومن يرد بأن يلحد فيه بظلم. ودخول البَاء في ( أن ) أسهل منه في الإلحاد وما أشبهه ؛ لأن ( أن ) تضمَر الخوافض معها كثيراً، وتكون كالشرط فاحتملتْ دخولَ الخافض وخروجه ؛ لأن الإعراب لا يتبيَّن فيها، وقلّ في المصادِرِ ؛ لتبيُّن الرفع والخفض فيها. أنشدني أبو الجَرّاح :
فلما رَجَتْ بالشّرب هَزّ لها العصا | شَحِيح له عند الإزاء نَهِيم |
ألا هل أتاها والحوادث جَمَّة | بأن امرأ القيس بنَ تَمْلِك بَيْقرا |
ألم يأتيك والأنباء تنمِى | بما لاقت لبونُ بنى زيادِ |
وأرغبُ فيها عن لَقِيطٍ ورَهْطه | ولكنني عن سِنْبِسٍ لست أرغب |
﴿ يأتينَ ﴾ فعل النُوق وقد/١٢١ ب قرئت ( يأتون ) يذهب إلى الرُكبان. ولو قال : وعلى كل ضامِرٍ تأتي تجعله فعلاً موحَّداً لأن ( كلّ ) أضيفت إلى واحدة، وقليل في كلام العرب أن يقولوا : مررت على كل رجل قائمِين وهو صواب. وأشَدّ منه في الجواز قوله ﴿ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ ﴾ وإنما جاز الجمع في أَحَد، وفي كلّ رجل لأن تأويلهما قد يَكون في النية موحّداً وجمعاً. فإذا كان ( أحداً ) وكل متفرقة من اثنين لم يجز إلاّ توحيد فعلهما من ذلك أن تقول : كلُّ رجل منكما قائم. وخطأ أن تقول قائمون أو قائمان لأن المعنَى قد رَدَّهُ إلى الواحد. وكذلكَ ما منكما أحد قائمونَ أو قائمان، خطأ لتلكَ العلة.
وأما التَّفَث فنحر البُدْن وغيرها من البقر والغنم وَحَلْق الرأس، وتقليم الأظافِر وأشباهه.
في سورة المائدة. من المنخنقة والموقوذة والمتردّية والنطيحة إلى آخر الآية.
وقوله :﴿ ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ ما كان من هَدْىٍ للعمرة أو للنذْر فإذا بَلَغ البيتَ نُحر. وما كَان للحجّ نُحر بمنى. جُعل ذلك بمنى لتطُهر مكّة.
وقوله :﴿ الْعَتِيقِ ﴾ أٌعتِق من الجبابرة. حَدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال : حدَّثني حِبَّان عن الكلبيّ عن أبى صَالح عن ابن عبَّاس قال : العتيق : أعتق من الجبابرة. ويقال : من الغرق زمن نوح.
أسَيِّدُ ذو خُرَيِّطَةٍ نهاراً | من المتلقِّطى قَرَدَ القُمامِ |
وقوله :﴿ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ﴾ القانع : الذي يَسْألك ( فما أعطيته من شيء ) قبله. والمعترَّ : ساكت يتعرَّض لك عند الذبيحة، ولا يسألك.
وقوله :﴿ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ ﴾ وهي مُصَلّى النصَارى والصوامع للرهبان وأما الصلوات فهي كنائس اليهود والمساجد ( مساجد الإسلام ) ومعنى التهديم أن الله قال قبل ذلك ﴿ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ الناسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ﴾ يدفع بأمره وأتباعهِ عن دين كل نبيّ ؛ إلى أن بعث الله محمَّد صَلى الله عَليه وسلم.
البئِر والقصر يُخفضان على العطف على العروش وإذا نظرت في معناها وجدتها ليست تحسُن فيَها ( على ) لأن العروش أَعالي البيوت، والبئر في الأرض وكذلكَ القصر، لأن القرية لم تَخْوِ على القصر. ولكنه أُتبع بعضه بعضاً، كما قال ﴿ وَحُورٍ عينٍ كأَمْثَالِ اللُؤْلُؤ ﴾ ولو خفضت البئر ١٢٢ ب والقصر - إذا نويت أنهما ليسا من القرية - بِمن كأنك قلت : كم من قرية أُهلكت، وكم من بئر ومن قصرٍ. والأول أحُبّ إليّ.
وقوله :﴿ وَإِنَّ يَوْما عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّما تَعُدُّونَ٤٧ ﴾.
ويقال يوم من أيّام عذابهم في الآخرة كَألف سَنة مما تعدونَ في الدنيا.
وقوله ﴿ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى ﴾ التمنّي : التلاوة، وحديث النفس أيضاً.
أَلم تسأل الربع القديم فينطق | فهل تُخبرنكَ اليوم بَيْداء سَمْلَق |
أَلَم تسأل فتخبرَك الديارا | عن الحيّ المضلَّل حيث سَارَا |
فقلت له صَوِّب ولا تجهدَنَّه | فيُذرك من أخرى العَطاةِ فَتزلق |
يعنى مشركي أهلِ مكَّة، كانوا إذا سَمعُوا الرجل ٢١٣ ا من المسلمين يتلو القرآن كادوا يبطِشونَ به.
وقوله ﴿ النارُ وَعَدَها اللَّهُ ﴾ ترفعها لأنها معرفة فسَّرت الشرّ وهو نكرة. كما تقول : مررت برجلين أبوك وأخوكَ. ولو نصبتها بما عاد من ذكرها ونويت بها الاتّصَال بما قبلها كان وجها. ولو خفضتها على البَاء ﴿ فأنبئكم بشرّ من ذلكم بالنار ﴾ كان صَوَاباً. والوجه الرفع.
وقوله :﴿ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ ﴾ نصبتها على : وسَّع عَليكم كَمِلَّة أبيكم إبراهيم ؛ لأن قوله ﴿ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ يقول : وسّعه وسمَّحه كمِلَّة إبراهيم، فإذا ألقيت الكاف نصبت، وقد تنصب ﴿ مِلَّةَ إبراهيم ﴾ على الأمر بها ؛ لأن أول الكلام أمر كأنّه قال : اركعُوا والزمُوا مِلّة إبراهيم.
وقوله :﴿ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا ﴾ يعنى القرآن.