تفسير سورة الإسراء

أحكام القرآن
تفسير سورة سورة الإسراء من كتاب أحكام القرآن .
لمؤلفه ابن الفرس . المتوفي سنة 595 هـ
سورة سبحان ١
مكية، وقال قوم من المفسرين : هي مكية إلا ثلاث آيات ٢ : قوله تعالى :﴿ وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك ﴾ وقوله تعالى :﴿ وإن كادوا ليستفزونك ﴾ نزلتا حين جاء رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وفدُ ثقيف، وحين قالت اليهود : ليست هذه بأرض الأنبياء. وقوله تعالى :﴿ وقل رب أدخلني مدخل صدق ﴾، وقوله تعالى :﴿ إن ربك أحاط بالناس ﴾. وقال مقاتل مثل ذلك. وآية رابعة، قوله تعالى :﴿ إن الذين أوتوا العلم من قبله ﴾. وقد قال ابن مسعود في هذه السورة وفي الكهف : إنهن من العِتاق الأُوَل، وهن من تِلادي – يريد من كسبه القديم. ٣ وفيها مواضع من الأحكام. ٤ قوله تعالى :﴿ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ﴾ يدل هذا على صحة القول بأن لا تكليف قبل السمع، ولا وجوب قبل إرسال الرسل، ولا يحسن ولا يقبح بالعقل شيء، خلافا لمن يقول من المعتزلة : إن العقل طريق إلى معرفة وجوب العبادات، وتحريم المحرمات، وإباحة المباحات. ثم الأكثرون منهم قالوا : يجوز أن يقتصر بعض المكلفين على دليل العقل دون السمع، إذا علم الله تعالى أنه يَنهَض عقلُه بما كلفه به. وإذا كان كذلك، لم يكن في إرسال الرسل إليه فائدة، وإنما يرسل الله الرسل إلى من يعلم الله تعالى أنه لا يَنهَضُ بعقله، فيبعث الله الرسل إليه بأمور سمعية، يعلم الله تعالى أنها داعية إلى المستحسنات العقلية، وناهية عن المستقبحات العقلية. ومنهم من يقول : يجب على الله تعالى إرسال الرسل، لأن ذلك أقرب إلى مظاهرة الحجة، وأقوى في معنى اللطف. وربما قالوا : العبد لا يَعرَى من مصالح دينه لا يعلمها إلا بالسمع. والمعتزلة يجيبون عن الآية المذكورة ذبا عن أصل مذهبهم في إيجاب العقل وتحريمه وتحسينه وتقبيحه، فبعضهم يقول : المراد بالآية :﴿ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ﴾ عذاب استئصال في الدنيا، فيكون هذا كقوله :﴿ وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا ﴾ ٥. وبعضهم يقول المراد بها : وما كنا معذبين في ما طريقه السمع حتى نبعث في أمها ٦ رسولا. وهذا كله ظاهر البطلان، وخروج عن ظاهر الآية. وقد استدل بعضهم بالآية على فساد قول من زعم أن أطفال المشركين يعذبون في الآخرة مع آبائهم، وهو استدلال ضعيف، لأن المعنى في الآية : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا فيمن يجوز بعثة الرسل إليه. وأما عذاب أطفال المشركين فإنما هو قضاء سابق عليه من غير جناية. وقد استدل بعضهم بالآية أيضا ٧ على أن من لم تبلغه دعوة الإسلام فأسلم، فلا تكليف عليه في ما مضى. قال أبو الحسن : وهو مضمون على قائله ما لم تبلغه الدعوة. ولأبي حنيفة في ذلك خلاف ٨. ويؤخذ من هذه الآية وجوب الإعذار إلى المحكوم عليه فيما يثبت عليه، وهو ما أجمع عليه الفقهاء.
١ جاء عن ابن عاشور أنها تسمى كذلك سورة بني إسرائيل، نقلا عن البخاري. كتاب التفسير، والترمذي بأبواب التفسير، وتسمى أيضا بسورة سبحان. راجع التحرير والتنوير ٥/ ١٥..
٢ قال هبة الله بن سلامة: نزلت بمكة إلا آية منها فإنها نزلت بالمدينة. راجع الناسخ والمنسوخ له! ص ٢١١. وقال ابن عاشور: وهي مكية عند الجمهور إلا آيتين منها... وقيل: إلا أربع... وقيل: إلا خمس.... وقيل: إلا ثمانية. راجع التحرير والتنوير ٦/ ١٥..
٣ راجع نحو ذلك في المحرر الوجيز ١٠/ ٢٥٤..
٤ أوصلها ابن الفرس إلى ثمانية عشر آية..
٥ القصص: ٥٩..
٦ "في أمها" كلام ساقط في غير (أ)، (ز)..
٧ "أيضا" كلمة ساقطة في (ح)..
٨ راجع أحكام القرآن للكيا الهراسي ٤/ ٢٤٩، ٢٥٢، ٢٥٣..

قوله تعالى :﴿ وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ( ٢٣ ) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ( ٢٤ ) ﴾ :
تضمن هذه الآية الحض على بر الوالدين. وقد جاء في ذلك من الأحاديث ما لا يحصى ولا ينبغي أن يخصص شيء من الآيات بنوع من البر دون نوع إلا أن يؤتي به على جهة المثال. وقد قال مجاهد في قوله تعالى :﴿ فلا تقل لهما أف ﴾ معناه إذا رأيت منهما في حال الشيخوخة الغائط والبول فلا تعزرهما ١ وتقل أف ٢. ولو لم يكن من الآية إلا قوله تعالى :﴿ فلا تقل لهما أف ﴾ لاكتفى بذلك في الحض على بر الوالدين لأنه تعالى لئن كان قد نهى في ذلك عن القليل فبالضرورة يكون ما فوقه من الضرب والشتم أحرى بالنهي عنه، وهذا من إلحاق المسكوت عنه٣ بالمنطوق به على القطع، وقد يسمى هذا بفحوى اللفظ، وقد يسمى بمفهوم الموافقة. وقد اختلف الأصوليون في تسمية هذا قياسا، والأظهر أن لا يسمى بذلك ٤. وقد اختلف فيمن كان بينه وبين أبيه خصومة فأراد أن يحلفه. فقيل يحلفه ولا يكون بذلك عاقا، وهو قول مالك وقول ٥ ابن الماجشون وظاهر قول ابن القاسم وأصبغ. وقيل يحلفه ويحده في حق يقع له عليه، ويكون عاقا بذلك ولا يعذر فيه بجهل، وهي رواية أصبغ عن ابن القاسم.
وقيل لا يمكن من أن يحلفه ولا من أن يحده لأنه من العقوق، وهو مشهور مذهب مالك، وهو أظهر الأقوال لقوله تعالى :﴿ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ﴾، ولما جاء من أنه عليه الصلاة والسلام قال : " ما بر والديه من شدد النظر إليهما أو إلى أحدهما " ٦. وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يمن للولد على والده وللمملوك على سيده " ٧.
ويشهد لصحته قوله عليه الصلاة والسلام : " أنت ومالك لأبيك " ٨. وكذلك اختلف في القصاص من الوالد للولد والنظر في المثلين واحد.
وقوله تعالى :﴿ واخفض لهما جناح الذل ﴾ مما يحتج به الأصوليون على من أنكر وجود المجاز في القرآن.
وقوله تعالى :﴿ وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ﴾ فيه جواز الدعاء للأبوين على الإطلاق إلا أنه قد اختلف المفسرون فيها. فذهب قوم – منهم قتادة – إلى أنها منسوخة ٩ لأنها اقتضت الاستغفار للآباء المشركين، وذلك منسوخ بقوله تعالى :﴿ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ﴾ [ التوبة : ١١٣ ]. وذهب جماعة إلى أنها محكمة، واختلفوا في التأويل. فذهب قوم إلى أنه يجوز أن يستغفر للآباء المشركين ١٠ إذا كانوا أحياء، فخصصوا الآية بالأحياء من الآباء. وقيل الآية عامة استثنى منها الكفار بقوله تعالى :﴿ ما كان للنبي والذين آمنوا ﴾ وبقيت في المؤمنين. ولا يجوز الاستغفار للكفار أحياء ولا أمواتا. وقد اختلف في بر الأب والأم هل هما سواء فيهما أم بر ١١ الأم أفضل. فالأكثر على أن بر الأم أفضل. إلا أنه زعم الليث بن سعد أن لها ثلثي البر. وفي حديث أبي هريرة ما يدل على أن لها ثلاثة أرباع البر، وهو أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : من أحق الناس بحق الصحبة ؟ قال : " أمك ". قال : ثم من ؟ قال : " أمك ". قال : ثم من ؟ قال : " أمك ". قال له إن أبي من بلاد السودان وكتب إلي أن أقدم عليه وأمي تمنعني من ذلك. قال طع أباك ولا تعص أمك ١٢. فدل قول مالك على أنهما في البر متساويان ولو كان لأحدهما عنده فضل لأمر بالمصير إلى أمره. وفي الآية حجة لهذا القول لأنه تعالى أمر بالدعاء لهما ولم يفضل أحدهما بزيادة في الدعاء فدل ذلك على استواء المنزلة. وزعم المحاسبي ١٣ أن تفضيل الأم على الأب في البر إجماع ١٤.
١ في (أ)، (ج)، (و)، (ز):"فلا تقذرهما"..
٢ قال ابن عطية: والآية أعم من هذا القول. راجع المحرر الوجيز ١٠/ ٢٧٩..
٣ "عنه" ساقط في غير (أ)، (ز)..
٤ "بذلك" كلمة ساقطة في غير (هـ)، (و)، (ز)..
٥ "وقول" كلمة ساقطة في (أ)، (ز)..
٦ الحديث أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، باب: في بر الوالدين ٦/ ١٩٧..
٧ وعن ابن عباس عن عمر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يقاد للمملوك من مالكه ولا ولد من والده". انظر لسان الميزان لابن حجر ٤/ ٣٦٨..
٨ الحديث أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب النفقات، باب: نفقة الأبوين ٧/ ٤٨٠. وابن ماجه في سننه، كتاب التجارات، باب: ما للرجل من مال وولد ٢/ ٧٦٩..
٩ قال ابن عطية وليس هذا موضع نسخ. راجع المحرر الوجيز ١٠/ ٢٨٠. ووافقه القرطبي على ذلك. راجع الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٢٤٥..
١٠ من قوله: "وذلك منسوخ.... إلى: المشركين" ساقط في (ح)..
١١ "بر" كلمة ساقطة في (أ)..
١٢ الحديث أخرجه البخاري عن أبي هريرة، في صحيحه، كتاب الأدب: باب: من أحق الناس بحسن الصحبة ٧/ ٦٩..
١٣ المحاسبي: هو أبو عبد الله الحارث بن الأسد المحاسبي. من كبار الصوفية. عالما بالأصول والمعاملات. توفي سنة ٢٤٣ هـ/ ٨٥٧ م. انظر تهذيب التهذيب لابن حجر ٢/ ١٣٤..
١٤ في غير (أ)، (ز): "إجماع في البر"..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٣:قوله تعالى :﴿ وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ( ٢٣ ) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ( ٢٤ ) ﴾ :
تضمن هذه الآية الحض على بر الوالدين. وقد جاء في ذلك من الأحاديث ما لا يحصى ولا ينبغي أن يخصص شيء من الآيات بنوع من البر دون نوع إلا أن يؤتي به على جهة المثال. وقد قال مجاهد في قوله تعالى :﴿ فلا تقل لهما أف ﴾ معناه إذا رأيت منهما في حال الشيخوخة الغائط والبول فلا تعزرهما ١ وتقل أف ٢. ولو لم يكن من الآية إلا قوله تعالى :﴿ فلا تقل لهما أف ﴾ لاكتفى بذلك في الحض على بر الوالدين لأنه تعالى لئن كان قد نهى في ذلك عن القليل فبالضرورة يكون ما فوقه من الضرب والشتم أحرى بالنهي عنه، وهذا من إلحاق المسكوت عنه٣ بالمنطوق به على القطع، وقد يسمى هذا بفحوى اللفظ، وقد يسمى بمفهوم الموافقة. وقد اختلف الأصوليون في تسمية هذا قياسا، والأظهر أن لا يسمى بذلك ٤. وقد اختلف فيمن كان بينه وبين أبيه خصومة فأراد أن يحلفه. فقيل يحلفه ولا يكون بذلك عاقا، وهو قول مالك وقول ٥ ابن الماجشون وظاهر قول ابن القاسم وأصبغ. وقيل يحلفه ويحده في حق يقع له عليه، ويكون عاقا بذلك ولا يعذر فيه بجهل، وهي رواية أصبغ عن ابن القاسم.
وقيل لا يمكن من أن يحلفه ولا من أن يحده لأنه من العقوق، وهو مشهور مذهب مالك، وهو أظهر الأقوال لقوله تعالى :﴿ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ﴾، ولما جاء من أنه عليه الصلاة والسلام قال :" ما بر والديه من شدد النظر إليهما أو إلى أحدهما " ٦. وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" لا يمن للولد على والده وللمملوك على سيده " ٧.
ويشهد لصحته قوله عليه الصلاة والسلام :" أنت ومالك لأبيك " ٨. وكذلك اختلف في القصاص من الوالد للولد والنظر في المثلين واحد.
وقوله تعالى :﴿ واخفض لهما جناح الذل ﴾ مما يحتج به الأصوليون على من أنكر وجود المجاز في القرآن.
وقوله تعالى :﴿ وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ﴾ فيه جواز الدعاء للأبوين على الإطلاق إلا أنه قد اختلف المفسرون فيها. فذهب قوم – منهم قتادة – إلى أنها منسوخة ٩ لأنها اقتضت الاستغفار للآباء المشركين، وذلك منسوخ بقوله تعالى :﴿ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ﴾ [ التوبة : ١١٣ ]. وذهب جماعة إلى أنها محكمة، واختلفوا في التأويل. فذهب قوم إلى أنه يجوز أن يستغفر للآباء المشركين ١٠ إذا كانوا أحياء، فخصصوا الآية بالأحياء من الآباء. وقيل الآية عامة استثنى منها الكفار بقوله تعالى :﴿ ما كان للنبي والذين آمنوا ﴾ وبقيت في المؤمنين. ولا يجوز الاستغفار للكفار أحياء ولا أمواتا. وقد اختلف في بر الأب والأم هل هما سواء فيهما أم بر ١١ الأم أفضل. فالأكثر على أن بر الأم أفضل. إلا أنه زعم الليث بن سعد أن لها ثلثي البر. وفي حديث أبي هريرة ما يدل على أن لها ثلاثة أرباع البر، وهو أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : من أحق الناس بحق الصحبة ؟ قال :" أمك ". قال : ثم من ؟ قال :" أمك ". قال : ثم من ؟ قال :" أمك ". قال له إن أبي من بلاد السودان وكتب إلي أن أقدم عليه وأمي تمنعني من ذلك. قال طع أباك ولا تعص أمك ١٢. فدل قول مالك على أنهما في البر متساويان ولو كان لأحدهما عنده فضل لأمر بالمصير إلى أمره. وفي الآية حجة لهذا القول لأنه تعالى أمر بالدعاء لهما ولم يفضل أحدهما بزيادة في الدعاء فدل ذلك على استواء المنزلة. وزعم المحاسبي ١٣ أن تفضيل الأم على الأب في البر إجماع ١٤.
١ في (أ)، (ج)، (و)، (ز):"فلا تقذرهما"..
٢ قال ابن عطية: والآية أعم من هذا القول. راجع المحرر الوجيز ١٠/ ٢٧٩..
٣ "عنه" ساقط في غير (أ)، (ز)..
٤ "بذلك" كلمة ساقطة في غير (هـ)، (و)، (ز)..
٥ "وقول" كلمة ساقطة في (أ)، (ز)..
٦ الحديث أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، باب: في بر الوالدين ٦/ ١٩٧..
٧ وعن ابن عباس عن عمر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يقاد للمملوك من مالكه ولا ولد من والده". انظر لسان الميزان لابن حجر ٤/ ٣٦٨..
٨ الحديث أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب النفقات، باب: نفقة الأبوين ٧/ ٤٨٠. وابن ماجه في سننه، كتاب التجارات، باب: ما للرجل من مال وولد ٢/ ٧٦٩..
٩ قال ابن عطية وليس هذا موضع نسخ. راجع المحرر الوجيز ١٠/ ٢٨٠. ووافقه القرطبي على ذلك. راجع الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٢٤٥..
١٠ من قوله: "وذلك منسوخ.... إلى: المشركين" ساقط في (ح)..
١١ "بر" كلمة ساقطة في (أ)..
١٢ الحديث أخرجه البخاري عن أبي هريرة، في صحيحه، كتاب الأدب: باب: من أحق الناس بحسن الصحبة ٧/ ٦٩..
١٣ المحاسبي: هو أبو عبد الله الحارث بن الأسد المحاسبي. من كبار الصوفية. عالما بالأصول والمعاملات. توفي سنة ٢٤٣ هـ/ ٨٥٧ م. انظر تهذيب التهذيب لابن حجر ٢/ ١٣٤..
١٤ في غير (أ)، (ز): "إجماع في البر"..

قوله تعالى :﴿ وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا ( ٢٦ )... ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ فتقعد ملوما محسورا ﴾ :
اختلف في ﴿ ذا القربى ﴾ فقيل هم القرابة. أمر الله تعالى بصلتهم، خوطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، والمراد جميع الأمة. وقيل هم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم خاصة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعطائهم حقوقهم من بيت المال ١. والأول أصح ويعضده عطف المسكين وابن السبيل على ذي القربى ٢. ثم في سائر ٣ الآية الأمر بحفظ المال وترك إضاعته والقصد في إنفاقه ؟ وقد اختلف فيمن تصدق بجميع ماله وهو صحيح غير مدين. فقيل ذلك جائز، والحجة له حديث أبي بكر حين تصدق بماله كله، وهو قول مالك والكوفيين والشافعي والجمهور. وقيل لا يجوز ذلك وهو مردود، وروي ذلك ٤ عن عمر أنه رد على غيلان بن سلمة ٥ نساءه وكان طلقهن. وكان قد قسم ماله بين بينه، فرد ذلك كله ٦. وقيل يجوز من ذلك الثلث ويرد الثلثان. وحجة هذا القول أن النبي صلى الله عليه وسلم رد صدقة كعب بن مالك كله إلا الثلث وهو قول مكحول ٧ والأوزاعي. وقيل كل عطية تزيد على النصف ترد إلى النصف روي ذلك أيضا عن مكحول. ومن حجة من لم ير الصدقة بالمال كله قوله تعالى :﴿ ولا تبذر تبذيرا ﴾ وقوله سبحانه :﴿ ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط ﴾.
١ نسبه ابن عطية إلى علي بن الحسن. راجع المحرر الوجيز ١٠/ ٢٨١..
٢ "القربى" كلمة ساقطة في (أ)..
٣ "سائر" بياض في (أ)..
٤ "وروي ذلك" كلام ساقط في (ح)..
٥ غيلان بن سلمة: هو غيلان بن سلمة الثقفي. حكيم، شاعر جاهلي. أدرك الإسلام وأسلم يوم الطائف. توفي سنة ٢٣ هـ/ ٦٤٤ م. انظر الإصابة لابن حجر ٣/ ١٨٦..
٦ "كله" كلمة ساقطة في (أ)..
٧ مكحول: هو أبو عبد الله مكحول بن أبي مسلم الهذلي الدمشقي، العالم الفقيه. توفي سنة ١١٣ هـ/ ٧٣١ م وقيل سنة ١١٢هـ/ ٧٣٠م. انظر تهذيب التهذيب لابن حجر ١٠/ ٢٨٩ – ٣٢٣..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٦:قوله تعالى :﴿ وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا ( ٢٦ )... ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ فتقعد ملوما محسورا ﴾ :
اختلف في ﴿ ذا القربى ﴾ فقيل هم القرابة. أمر الله تعالى بصلتهم، خوطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، والمراد جميع الأمة. وقيل هم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم خاصة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعطائهم حقوقهم من بيت المال ١. والأول أصح ويعضده عطف المسكين وابن السبيل على ذي القربى ٢. ثم في سائر ٣ الآية الأمر بحفظ المال وترك إضاعته والقصد في إنفاقه ؟ وقد اختلف فيمن تصدق بجميع ماله وهو صحيح غير مدين. فقيل ذلك جائز، والحجة له حديث أبي بكر حين تصدق بماله كله، وهو قول مالك والكوفيين والشافعي والجمهور. وقيل لا يجوز ذلك وهو مردود، وروي ذلك ٤ عن عمر أنه رد على غيلان بن سلمة ٥ نساءه وكان طلقهن. وكان قد قسم ماله بين بينه، فرد ذلك كله ٦. وقيل يجوز من ذلك الثلث ويرد الثلثان. وحجة هذا القول أن النبي صلى الله عليه وسلم رد صدقة كعب بن مالك كله إلا الثلث وهو قول مكحول ٧ والأوزاعي. وقيل كل عطية تزيد على النصف ترد إلى النصف روي ذلك أيضا عن مكحول. ومن حجة من لم ير الصدقة بالمال كله قوله تعالى :﴿ ولا تبذر تبذيرا ﴾ وقوله سبحانه :﴿ ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط ﴾.
١ نسبه ابن عطية إلى علي بن الحسن. راجع المحرر الوجيز ١٠/ ٢٨١..
٢ "القربى" كلمة ساقطة في (أ)..
٣ "سائر" بياض في (أ)..
٤ "وروي ذلك" كلام ساقط في (ح)..
٥ غيلان بن سلمة: هو غيلان بن سلمة الثقفي. حكيم، شاعر جاهلي. أدرك الإسلام وأسلم يوم الطائف. توفي سنة ٢٣ هـ/ ٦٤٤ م. انظر الإصابة لابن حجر ٣/ ١٨٦..
٦ "كله" كلمة ساقطة في (أ)..
٧ مكحول: هو أبو عبد الله مكحول بن أبي مسلم الهذلي الدمشقي، العالم الفقيه. توفي سنة ١١٣ هـ/ ٧٣١ م وقيل سنة ١١٢هـ/ ٧٣٠م. انظر تهذيب التهذيب لابن حجر ١٠/ ٢٨٩ – ٣٢٣..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٦:قوله تعالى :﴿ وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا ( ٢٦ )... ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ فتقعد ملوما محسورا ﴾ :
اختلف في ﴿ ذا القربى ﴾ فقيل هم القرابة. أمر الله تعالى بصلتهم، خوطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، والمراد جميع الأمة. وقيل هم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم خاصة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعطائهم حقوقهم من بيت المال ١. والأول أصح ويعضده عطف المسكين وابن السبيل على ذي القربى ٢. ثم في سائر ٣ الآية الأمر بحفظ المال وترك إضاعته والقصد في إنفاقه ؟ وقد اختلف فيمن تصدق بجميع ماله وهو صحيح غير مدين. فقيل ذلك جائز، والحجة له حديث أبي بكر حين تصدق بماله كله، وهو قول مالك والكوفيين والشافعي والجمهور. وقيل لا يجوز ذلك وهو مردود، وروي ذلك ٤ عن عمر أنه رد على غيلان بن سلمة ٥ نساءه وكان طلقهن. وكان قد قسم ماله بين بينه، فرد ذلك كله ٦. وقيل يجوز من ذلك الثلث ويرد الثلثان. وحجة هذا القول أن النبي صلى الله عليه وسلم رد صدقة كعب بن مالك كله إلا الثلث وهو قول مكحول ٧ والأوزاعي. وقيل كل عطية تزيد على النصف ترد إلى النصف روي ذلك أيضا عن مكحول. ومن حجة من لم ير الصدقة بالمال كله قوله تعالى :﴿ ولا تبذر تبذيرا ﴾ وقوله سبحانه :﴿ ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط ﴾.
١ نسبه ابن عطية إلى علي بن الحسن. راجع المحرر الوجيز ١٠/ ٢٨١..
٢ "القربى" كلمة ساقطة في (أ)..
٣ "سائر" بياض في (أ)..
٤ "وروي ذلك" كلام ساقط في (ح)..
٥ غيلان بن سلمة: هو غيلان بن سلمة الثقفي. حكيم، شاعر جاهلي. أدرك الإسلام وأسلم يوم الطائف. توفي سنة ٢٣ هـ/ ٦٤٤ م. انظر الإصابة لابن حجر ٣/ ١٨٦..
٦ "كله" كلمة ساقطة في (أ)..
٧ مكحول: هو أبو عبد الله مكحول بن أبي مسلم الهذلي الدمشقي، العالم الفقيه. توفي سنة ١١٣ هـ/ ٧٣١ م وقيل سنة ١١٢هـ/ ٧٣٠م. انظر تهذيب التهذيب لابن حجر ١٠/ ٢٨٩ – ٣٢٣..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٦:قوله تعالى :﴿ وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا ( ٢٦ )... ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ فتقعد ملوما محسورا ﴾ :
اختلف في ﴿ ذا القربى ﴾ فقيل هم القرابة. أمر الله تعالى بصلتهم، خوطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، والمراد جميع الأمة. وقيل هم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم خاصة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعطائهم حقوقهم من بيت المال ١. والأول أصح ويعضده عطف المسكين وابن السبيل على ذي القربى ٢. ثم في سائر ٣ الآية الأمر بحفظ المال وترك إضاعته والقصد في إنفاقه ؟ وقد اختلف فيمن تصدق بجميع ماله وهو صحيح غير مدين. فقيل ذلك جائز، والحجة له حديث أبي بكر حين تصدق بماله كله، وهو قول مالك والكوفيين والشافعي والجمهور. وقيل لا يجوز ذلك وهو مردود، وروي ذلك ٤ عن عمر أنه رد على غيلان بن سلمة ٥ نساءه وكان طلقهن. وكان قد قسم ماله بين بينه، فرد ذلك كله ٦. وقيل يجوز من ذلك الثلث ويرد الثلثان. وحجة هذا القول أن النبي صلى الله عليه وسلم رد صدقة كعب بن مالك كله إلا الثلث وهو قول مكحول ٧ والأوزاعي. وقيل كل عطية تزيد على النصف ترد إلى النصف روي ذلك أيضا عن مكحول. ومن حجة من لم ير الصدقة بالمال كله قوله تعالى :﴿ ولا تبذر تبذيرا ﴾ وقوله سبحانه :﴿ ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط ﴾.
١ نسبه ابن عطية إلى علي بن الحسن. راجع المحرر الوجيز ١٠/ ٢٨١..
٢ "القربى" كلمة ساقطة في (أ)..
٣ "سائر" بياض في (أ)..
٤ "وروي ذلك" كلام ساقط في (ح)..
٥ غيلان بن سلمة: هو غيلان بن سلمة الثقفي. حكيم، شاعر جاهلي. أدرك الإسلام وأسلم يوم الطائف. توفي سنة ٢٣ هـ/ ٦٤٤ م. انظر الإصابة لابن حجر ٣/ ١٨٦..
٦ "كله" كلمة ساقطة في (أ)..
٧ مكحول: هو أبو عبد الله مكحول بن أبي مسلم الهذلي الدمشقي، العالم الفقيه. توفي سنة ١١٣ هـ/ ٧٣١ م وقيل سنة ١١٢هـ/ ٧٣٠م. انظر تهذيب التهذيب لابن حجر ١٠/ ٢٨٩ – ٣٢٣..

قوله تعالى :﴿ ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا ﴾ :
قوله تعالى :﴿ مظلوما ﴾ أي بغير حق. والولي القائم بالدم وهو من ولد الميت أو ولده الميت١ أو جمعه وأباه أب ٢. واختلفت الرواية ٣ عن مالك في النساء هل لهن مدخل في الدم مع العصبة أم لا ؟ وإذا قلنا لهن مدخل في ذلك ففي أي شيء لهن مدخل من ذلك أيضا ؟ ٤ روايتان : أحداهما في القود دون العفو. والأخرى في العفو دون القود. وقيل فيهما جميعا. وقوله تعالى :﴿ فقد جعلنا لوليه سلطانا ﴾ حجة لمن يرى للمرأة مدخلا في أمر الدم لأنها ولي. والآية غير مقيدة فتحمل على كل من يقع عليه اسم ولي. وذكر إسماعيل القاضي أن قوله :﴿ لوليه ﴾ يدل على خروج المرأة عن مطلق لفظ الولي. قال فليس للمرأة قصاص ولا عفو. قال لأن لفظ الولي مذكر وهو واحد. وأنكر هذا الاستدلال أبو الحسن وزعم أن المراد بالولي الوارث ولأنه لفظ جنس يستوي فيه المذكر والمؤنث. والسلطان لفظ مجمل يحتمل الحجة والدية والقود ويحتمل الجمع ٥. وقد اختلف فيه، فقيل المراد به التخيير بين القود والدية وهو قول الشافعي ٦ وقيل القود ٧. وعن مالك رحمه الله تعالى في ذلك روايتان.
وقوله تعالى :﴿ فلا يسرف في القتل ﴾ وقال الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك لا يقتل غير قاتله ولا يمثل به ٨.
١ "أو ولده الميت" كلام ساقط في (د)، (هـ)..
٢ ذكر نحوه ابن عطية في المحرر الوجيز ١٠/ ٢٨٧..
٣ في (أ)، (د)، (ز): "الروايات"..
٤ من قوله: "مع العصبة... إلى: من ذلك أيضا" ساقط في (ب)، (ح)..
٥ راجع أحكام القرآن للكيا الهراسي ٤/ ٢٥٩، ٢٦٠..
٦ راجع م. س. ، ن. ص..
٧ نسبه ابن عطية إلى قتادة. راجع المحرر الوجيز ١٠/ ٢٨٧..
٨ قال القرطبي: قوله تعالى: ﴿فلا يسرف في القتل﴾. فيه ثلاثة أقوال: لا يقتل غير قاتله قاله الحسن والضحاك ومجاهد وسعيد بن جبير. الثاني: لا يقتل بدل وليه اثنين كما كانت العرب تفعله. الثالث: لا يمثل بالقاتل. راجع الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٢٥٥..
قوله تعالى :﴿ ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ﴾ إلى قوله :﴿ مسئولا ﴾ :
قوله تعالى :﴿ إلا بالتي هي أحسن ﴾ يريد بأن لا يأخذ الوصي منها شيئا أو يأخذ بالمعروف. وقال مجاهد ١ التي هي أحسن التجارة. وخص اليتيم به لأنه إليه أحوج ٢ وقد مر الكلام على هذا المعنى في سورة النساء كاملا.
وقوله :﴿ حتى يبلغ أشده ﴾ هي غاية لإمساك مال اليتيم عنه. ومعنى الأشد : قوة العقل وكمال التجربة وحسن النظر، وذلك لا يكون إلا مع البلوغ. وذكر أبو الحسن عن الرازي أن إيناس الرشد عند بلوغ الأشد لا يعتبر، ولو اعتبر في ذلك في الآية كما قال تعالى :﴿ حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا ﴾ [ النساء : ٦ ] وأنكر أبو الحسن ذلك وزعم أنه لا بد من اعتبار الرشد مع الأشد، " والأشد في الآية البلوغ ٣ وقد مضى الكلام على هذا أيضا. واختلف في قوله تعالى :﴿ ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده ﴾ هل هو منسوخ أو محكم ؟ فذهب قوم إلى أنه منسوخ. روي عن قتادة أنه قال : كانوا من هذا على جهد حتى نزل :﴿ وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ﴾ [ البقرة : ٢٢٠ ]، وهو صحيح. وذهب الأكثر إلى أنه محكم لا نسخ فيه لأن قوله تعالى :﴿ إلا بالتي هي أحسن ﴾ يعطي المخالطة التي في الآية الأخرى. وهذا هو الصحيح.
وقوله تعالى :﴿ وأوفوا بالعهد ﴾، ﴿ وأوفوا الكيل ﴾ ﴿ الإسراء : ٣٥ ﴾ وقد مضى معنى ٤ هذا كله في ما تقدم.
١ من قوله: "يريد.... إلى: وقال مجاهد" كلام ساقط في (أ)..
٢ ذكر نحوه الكيا الهراسي في أحكام القرآن ٤/ ٢٦١..
٣ راجع أحكام القرآن للكيا الهراسي ٤/ ٢٦١..
٤ "معنى" كلمة ساقطة في (أ)، (ز)..
قوله تعالى :﴿ ولا تقف ما ليس لك به علم ﴾ :
هذه الآية بالجملة تنهى عن قول الزور والقذف وما أشبه ذلك من الأقوال، ويحتج به نفاة القياس.
قوله تعالى :﴿ وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ﴾ :
اختلف في معنى قوله تعالى :﴿ التي هي أحسن ﴾ فقيل : قول لا إله إلا الله، فعلى هذا يريد بعبادي جميع الخلق. وقيل المجاورة الحسنة، قال الحسن : يرحمك الله ويغفر الله لك، وعلى هذا يكون عبادي خاصا بالمؤمنين وتكون الآية كقوله عليه الصلاة والسلام ١ : " وكونوا عباد الله إخوانا " ٢ ثم اختلف الذين ذهبوا إلى هذا في الآية هل هي منسوخة أو محكمة ؟ فذهب قوم إلى أنها محكمة وقالوا في معناها : إن الله تعالى أمر المؤمنين فيما بينهم بحسن الأدب وخفض الجناح وإلانة القول ونحو ذلك. وذهب قوم إلى أنها منسوخة وقالوا في معناها إنما أمر الله فيها المؤمنين بإلانة القول للمشركين بمكة أيام المهادنة. وسبب الآية أن ٣ عمر بن الخطاب شتمه بعض الكفرة فسبه عمر وهم بقتله فكاد أن يثير فتنة فنزلت الآية ثم نسخت بآية القتال ٤. والقول في قوله تعالى :﴿ وما أرسلناك عليهم وكيلا ﴾ [ الإسراء : ٥٤ ] كالقول في هذه.
١ "عليه الصلاة والسلام" كلام ساقط في (أ)، (ز)..
٢ الحديث أخرجه البخاري في باب: النكاح. ورواه أحمد في مسنده ٢/ ٢٧٧..
٣ من قوله: "إنما أمر الله.... إلى: وسبب الآية أن" كلام ساقط في (ح)..
٤ راجع أسباب النزول للواحدي ص ٢١٧، ٢١٨..
قوله تعالى :﴿ ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله ﴾ :
قوله :﴿ لتبتغوا من فضله ﴾ كلام يعم التبحر وطلب الأجر من حج أو غزو ونحوه ١. وقال بعضهم : لا خلاف في جواز ركوبه ٢ لحج أو غزو أو معاش ٣. واختلف في كراهيته للثروة وتزيد المال. وقد جاء في حديث أم حرام بنت ملحان ٤ ما يدل على جواز ركوبه في الغزو وقد روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :﴿ البحر لا أركبه أبدا ﴾ ٥ وقد مر الكلام على هذه المسألة بأوفى من هذا.
١ في (أ)، (ز): "أو نحو ذلك"..
٢ في (ح): "كونه"..
٣ قاله ابن عطية في المحرر الوجيز ١٠/ ٣٢١..
٤ أم حرام بنت ملحان خالة أنس بن مالك. ويقال إنها الرميصاء. قيل ركبت البحر في عهد معاوية فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فماتت. انظر الإصابة لابن حجر ٤/ ٤٢٣..
٥ وفي حديث آخر: "لا يركب البحر إلا غاز أو حاج أو معتمر". أخرجه أبو داود ١/ ٣٨٩ وعده الألباني ضمن الأحاديث الضعيفة. انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني ١/ ٤٩٠ وذكره البيهقي في شعب الإيمان ٤/ ٣٣٤..
قوله تعالى :﴿ أقم الصلاة لدلوك الشمس... ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ﴾ :
واختلف في قوله :﴿ أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر ﴾ بعد الاتفاق على أنه في الصلوات المفروضة. فقيل يشتمل على الصلوات الخمس، ودلوك الشمس زوالها، والإشارة إلى الظهر والعصر، وغسق الليل ظلمته والإشارة به إلى المغرب والعشاء. وقرآن الفجر يريد به صلاة الصبح ١. وقيل لا يشتمل على كل الصلوات الخمس ولكن دلوك الشمس غروبها والإشارة به إلى المغرب، وغسق الليل الإشارة به إلى العتمة، وقرآن الفجر صلاة الصبح ٢ ولم تقع إشارة – على هذا القول – إلى الظهر والعصر. واستدل بعضهم بقوله تعالى :﴿ وقرآن الفجر ﴾ على أن الصلاة لا تكون إلا بقرآن. وقوله تعالى ٣ :﴿ إن قرآن الفجر كان مشهودا ﴾ اختلف فيه، فقيل معناه تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار حسبما جاء به الحديث المشهور ٤. وقال محمد بن سهل بن عسكر ٥ يشهده الله وملائكته. وقوله تعالى :﴿ ومن الليل فتهجد به نافلة لك ﴾، التهجد عند العرب السهر، ضد الهجود. واختلف المفسرون فيه، فقيل هو السهر بعد نومة ٦ وقيل هو ما كان بعد العشاء الأخيرة ٧. واختلف في معنى قوله تعالى :﴿ نافلة لك ﴾. فقيل – وهو قول ابن عباس وغيره – زيادة لك في الفرض. قالوا وكان قيام الليل على النبي صلى الله عليه وسلم فرضا. فعلى هذا القول يكون الأمر في الآية على الوجوب. وقيل – وهو قول مجاهد وغيره – لفظ نافلة على بابه من معنى الزيادة، وكان ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه مغفور له، فلم يكن فعله ذلك يكفر عنه شيئا من الذنوب لأن الله تعالى كان قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكان له نافلة أي فضلا وزيادة. وأما غيره فهو كفارة له، وليس له نافلة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر عام الحديبية فإنما كانت نوافله واستغفاره فضائل في العمل وقربا أشرف من نوافل أمته، لأن نوافل أمته إما أن تجبر بها فرائضهم، وإما أن تحط بها خطاياهم وقد يتصور من لا ذنب له يتنفل فيكون تنفله فضلا كنصراني أسلم وصبي احتلم. وضعف الطبري هذا وعضد قول ابن عباس. وتحتمل الآية قولا ثالثا، وهو أن يكون على طريق الندب في التنفل، وخوطب بها النبي صلى الله عليه وسلم، والمراد هو وأمته كالخطاب في قوله تعالى :﴿ أقم الصلاة ﴾.
١ قال ابن عطية: فقال ابن عمر وابن عباس وأبو بردة والحسن: دلوك الشمس زوالها. راجع المحرر الوجيز ١٠/ ٣٣٢..
٢ نسبه ابن عطية إلى ابن عباس وابن مسعود وزيد بن أسلم. وقال: والقول الأول أصوب لعمومه. راجع م. س. ، ن. ص..
٣ من قوله: "وقرآن الفجر.... إلى: وقوله تعالى" كلام ساقط في (ب)، (ح).
والاستدلال أورده الكيا الهراسي في أحكام القرآن ٤/ ٢٦٢..

٤ ونص الحديث قوله عليه الصلاة والسلام: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار...." رواه البخاري عن أبي هريرة. كتاب مواقيت الصلاة، باب: فضل صلاة العصر ١/ ١٣٨..
٥ محمد بن سهل بن عسكر بن عمارة، مولاهم أبو بكر البخاري الحافظ الجوال. روى عنه مسلم والترمذي وغيرهما. سكن بغداد ومات بها سنة ٢٥١هـ/ ٩٧٠م. انظر تهذيب التهذيب ٩/ ٢٠٧..
٦ قاله الأسود وعلقمة وعبد الرحمن بن أسود. راجع المحرر الوجيز ١٠/ ٣٣٥..
٧ قاله الحسن. راجع م. س. ، ن. ص..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧٨:قوله تعالى :﴿ أقم الصلاة لدلوك الشمس... ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ﴾ :
واختلف في قوله :﴿ أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر ﴾ بعد الاتفاق على أنه في الصلوات المفروضة. فقيل يشتمل على الصلوات الخمس، ودلوك الشمس زوالها، والإشارة إلى الظهر والعصر، وغسق الليل ظلمته والإشارة به إلى المغرب والعشاء. وقرآن الفجر يريد به صلاة الصبح ١. وقيل لا يشتمل على كل الصلوات الخمس ولكن دلوك الشمس غروبها والإشارة به إلى المغرب، وغسق الليل الإشارة به إلى العتمة، وقرآن الفجر صلاة الصبح ٢ ولم تقع إشارة – على هذا القول – إلى الظهر والعصر. واستدل بعضهم بقوله تعالى :﴿ وقرآن الفجر ﴾ على أن الصلاة لا تكون إلا بقرآن. وقوله تعالى ٣ :﴿ إن قرآن الفجر كان مشهودا ﴾ اختلف فيه، فقيل معناه تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار حسبما جاء به الحديث المشهور ٤. وقال محمد بن سهل بن عسكر ٥ يشهده الله وملائكته. وقوله تعالى :﴿ ومن الليل فتهجد به نافلة لك ﴾، التهجد عند العرب السهر، ضد الهجود. واختلف المفسرون فيه، فقيل هو السهر بعد نومة ٦ وقيل هو ما كان بعد العشاء الأخيرة ٧. واختلف في معنى قوله تعالى :﴿ نافلة لك ﴾. فقيل – وهو قول ابن عباس وغيره – زيادة لك في الفرض. قالوا وكان قيام الليل على النبي صلى الله عليه وسلم فرضا. فعلى هذا القول يكون الأمر في الآية على الوجوب. وقيل – وهو قول مجاهد وغيره – لفظ نافلة على بابه من معنى الزيادة، وكان ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه مغفور له، فلم يكن فعله ذلك يكفر عنه شيئا من الذنوب لأن الله تعالى كان قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكان له نافلة أي فضلا وزيادة. وأما غيره فهو كفارة له، وليس له نافلة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر عام الحديبية فإنما كانت نوافله واستغفاره فضائل في العمل وقربا أشرف من نوافل أمته، لأن نوافل أمته إما أن تجبر بها فرائضهم، وإما أن تحط بها خطاياهم وقد يتصور من لا ذنب له يتنفل فيكون تنفله فضلا كنصراني أسلم وصبي احتلم. وضعف الطبري هذا وعضد قول ابن عباس. وتحتمل الآية قولا ثالثا، وهو أن يكون على طريق الندب في التنفل، وخوطب بها النبي صلى الله عليه وسلم، والمراد هو وأمته كالخطاب في قوله تعالى :﴿ أقم الصلاة ﴾.
١ قال ابن عطية: فقال ابن عمر وابن عباس وأبو بردة والحسن: دلوك الشمس زوالها. راجع المحرر الوجيز ١٠/ ٣٣٢..
٢ نسبه ابن عطية إلى ابن عباس وابن مسعود وزيد بن أسلم. وقال: والقول الأول أصوب لعمومه. راجع م. س. ، ن. ص..
٣ من قوله: "وقرآن الفجر.... إلى: وقوله تعالى" كلام ساقط في (ب)، (ح).
والاستدلال أورده الكيا الهراسي في أحكام القرآن ٤/ ٢٦٢..

٤ ونص الحديث قوله عليه الصلاة والسلام: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار...." رواه البخاري عن أبي هريرة. كتاب مواقيت الصلاة، باب: فضل صلاة العصر ١/ ١٣٨..
٥ محمد بن سهل بن عسكر بن عمارة، مولاهم أبو بكر البخاري الحافظ الجوال. روى عنه مسلم والترمذي وغيرهما. سكن بغداد ومات بها سنة ٢٥١هـ/ ٩٧٠م. انظر تهذيب التهذيب ٩/ ٢٠٧..
٦ قاله الأسود وعلقمة وعبد الرحمن بن أسود. راجع المحرر الوجيز ١٠/ ٣٣٥..
٧ قاله الحسن. راجع م. س. ، ن. ص..

قوله تعالى :﴿ ادعوا الله أو ادعوا الرحمن... ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ وقل الحمد لله ﴾ :
اختلف في سبب نزولها، فقيل سببها أن المشركين سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو : " يا الله، يا رحمان " فقالوا كان محمد يأمرنا بدعاء إله واحد وهو يدعو إلهين، قاله ابن عباس وغيره ١. وقيل تهجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال في دعائه : " يا رحمان، يا رحيم " فسمعه رجل من المشركين، وكان باليمامة رجل يسمى الرحمان، فقال ذلك السامع : ما بال محمد يدعو رحمان اليمامة ؟ فنزلت الآية، قاله مكحول وغيره ٢ وقد مر الكلام على ما في هذه الآية من الأحكام والنسخ.
وقوله تعالى :﴿ ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ﴾ اختلف في الصلاة ما هي في هذه الآية. فقال ابن عباس وعائشة وغيرهما : هي الدعاء. واختلف الذين قالوا هذا هل الآية محكمة أو منسوخة ؟ فذهب قوم إلى أنها منسوخة بقوله تعالى :﴿ واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ﴾ [ الأعراف : ٢٠٥ ] وهو قول ابن عباس ٣ وذهب قوم إلى ٤ أنها محكمة. وقال ابن عباس أيضا وغيره هي قراءة القرآن في الصلاة، فالتقدير على هذا : ولا تجهر بقراءة صلواتك. قالوا والسبب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة فسمعه المشركون فسبوا القرآن ومن أنزله، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوسط ليسمع أصحابه المصلين معه ويذهب عنه أذاء المشركين. وقالت عائشة أيضا : الصلاة يراد بها في هذه الآية التشهد ٥ وإلى نحو هذا ذهب ابن سيرين، فقال كان الأعراب يجهرون بتشهدهم فنزلت الآية في ذلك. وإذا قلنا إن المراد بالصلاة قراءة الصلاة فما معنى ترك الجهر بها وإتيان المخافتة، اختلف فيه. فقيل أن لا يرفع الصوت جدا ولا يخفض جدا ٦. وروي أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه كان يسر قراءته وكان عمر يجهرها فقيل لهما في ذلك ٧ فقال أبو بكر : إنما أنا أناجي ربي وهو يعلم حاجتي. وقال عمر أنا أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان، فلما نزلت هذه الآية قيل لأبي بكر ارفع أنت قليلا وقيل لعمر ٨ اخفض أنت قليلا. وقيل المعنى ولا تحسن صلاتك في الجهر ولا تسئها في السر بل اتبع طريقا ٩ وسطا يكون دائما في كل حالة، قاله ابن عباس والحسن وغيره. وقيل المعنى النهي عما يفعله أهل الإنجيل والتوراة من رفع الصوت أحيانا، فيرفع الناس معه١٠ ويخفض أحيانا. فيسكت من خلفه، قاله ابن زيد. وقيل المعنى : ولا تجهر بصلاة النهار ولا تخافت بصلاة الليل، وهكذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " صلاة النهار عجما أي اتبع من امتثال الأمر كما رسم لك " قاله ابن عباس. وكان الأبين أن يقول بين ذينك، ولكنه اكتفى بذكر أحدهما عن الآخر كما قال تعالى :﴿ واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة ﴾ [ البقرة : ٤٥ ] ولم يقل وإنهما. وأراد : وابتغ بين الجهر والمخافتة سبيلا.
١ ذكره هبة الله بن سلامة في الناسخ والمنسوخ ص ٢١٥، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٣٤٢، وابن عطية في المحرر الوجيز ١٠/ ٣٥٩..
٢ ذكره ابن عطية في المحرر الوجيز ١٠/ ٣٥٩، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٣٤٢..
٣ راجع الناسخ والمنسوخ لابن سلامة ص ٢١٥..
٤ من قوله: "إنها منسوخة..... إلى: وذهب قوم إلى" كلام ساقط في (أ)، (ز)..
٥ راجع أسباب النزول للواحدي ص ٢٣٢، ٢٣٣..
٦ في غير (هـ) زيادة: "بين ذلك"..
٧ "في ذلك" كلام ساقط في (ح)..
٨ "وقيل لعمر" كلام ساقط في (أ)، (ز)..
٩ في (أ)، (ز) زيادة: "واحدا"..
١٠ في (أ)، (ز): "معهم"..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١٠:قوله تعالى :﴿ ادعوا الله أو ادعوا الرحمن... ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ وقل الحمد لله ﴾ :
اختلف في سبب نزولها، فقيل سببها أن المشركين سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو :" يا الله، يا رحمان " فقالوا كان محمد يأمرنا بدعاء إله واحد وهو يدعو إلهين، قاله ابن عباس وغيره ١. وقيل تهجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال في دعائه :" يا رحمان، يا رحيم " فسمعه رجل من المشركين، وكان باليمامة رجل يسمى الرحمان، فقال ذلك السامع : ما بال محمد يدعو رحمان اليمامة ؟ فنزلت الآية، قاله مكحول وغيره ٢ وقد مر الكلام على ما في هذه الآية من الأحكام والنسخ.
وقوله تعالى :﴿ ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ﴾ اختلف في الصلاة ما هي في هذه الآية. فقال ابن عباس وعائشة وغيرهما : هي الدعاء. واختلف الذين قالوا هذا هل الآية محكمة أو منسوخة ؟ فذهب قوم إلى أنها منسوخة بقوله تعالى :﴿ واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ﴾ [ الأعراف : ٢٠٥ ] وهو قول ابن عباس ٣ وذهب قوم إلى ٤ أنها محكمة. وقال ابن عباس أيضا وغيره هي قراءة القرآن في الصلاة، فالتقدير على هذا : ولا تجهر بقراءة صلواتك. قالوا والسبب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة فسمعه المشركون فسبوا القرآن ومن أنزله، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوسط ليسمع أصحابه المصلين معه ويذهب عنه أذاء المشركين. وقالت عائشة أيضا : الصلاة يراد بها في هذه الآية التشهد ٥ وإلى نحو هذا ذهب ابن سيرين، فقال كان الأعراب يجهرون بتشهدهم فنزلت الآية في ذلك. وإذا قلنا إن المراد بالصلاة قراءة الصلاة فما معنى ترك الجهر بها وإتيان المخافتة، اختلف فيه. فقيل أن لا يرفع الصوت جدا ولا يخفض جدا ٦. وروي أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه كان يسر قراءته وكان عمر يجهرها فقيل لهما في ذلك ٧ فقال أبو بكر : إنما أنا أناجي ربي وهو يعلم حاجتي. وقال عمر أنا أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان، فلما نزلت هذه الآية قيل لأبي بكر ارفع أنت قليلا وقيل لعمر ٨ اخفض أنت قليلا. وقيل المعنى ولا تحسن صلاتك في الجهر ولا تسئها في السر بل اتبع طريقا ٩ وسطا يكون دائما في كل حالة، قاله ابن عباس والحسن وغيره. وقيل المعنى النهي عما يفعله أهل الإنجيل والتوراة من رفع الصوت أحيانا، فيرفع الناس معه١٠ ويخفض أحيانا. فيسكت من خلفه، قاله ابن زيد. وقيل المعنى : ولا تجهر بصلاة النهار ولا تخافت بصلاة الليل، وهكذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" صلاة النهار عجما أي اتبع من امتثال الأمر كما رسم لك " قاله ابن عباس. وكان الأبين أن يقول بين ذينك، ولكنه اكتفى بذكر أحدهما عن الآخر كما قال تعالى :﴿ واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة ﴾ [ البقرة : ٤٥ ] ولم يقل وإنهما. وأراد : وابتغ بين الجهر والمخافتة سبيلا.
١ ذكره هبة الله بن سلامة في الناسخ والمنسوخ ص ٢١٥، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٣٤٢، وابن عطية في المحرر الوجيز ١٠/ ٣٥٩..
٢ ذكره ابن عطية في المحرر الوجيز ١٠/ ٣٥٩، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٣٤٢..
٣ راجع الناسخ والمنسوخ لابن سلامة ص ٢١٥..
٤ من قوله: "إنها منسوخة..... إلى: وذهب قوم إلى" كلام ساقط في (أ)، (ز)..
٥ راجع أسباب النزول للواحدي ص ٢٣٢، ٢٣٣..
٦ في غير (هـ) زيادة: "بين ذلك"..
٧ "في ذلك" كلام ساقط في (ح)..
٨ "وقيل لعمر" كلام ساقط في (أ)، (ز)..
٩ في (أ)، (ز) زيادة: "واحدا"..
١٠ في (أ)، (ز): "معهم"..

Icon