تفسير سورة الفتح

تفسير الشافعي
تفسير سورة سورة الفتح من كتاب تفسير الشافعي .
لمؤلفه الشافعي . المتوفي سنة 204 هـ

٣٧٩- قال الشافعي رحمه الله تعالى : ذكر عدد من أهل العلم بالمغازي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هادن قريشا عام الحديبية١ على أن يأمن بعضهم بعضا، وأن من جاء قريشا من المسلمين مرتدا لم يردوه عليه، ومن جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة منهم رده عليهم، ولم يعطهم أن يرد عليهم من خرج منهم مسلما إلى غير المدينة في بلاد الإسلام والشرك وإن كان قادرا عليه، ولم يذكر أحد منهم أنه أعطاهم في مسلم غير أهل مكة شيئا من هذا الشرط.
وذكروا أنه أنزل عليه في مهادنتهم :﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ﴾ فقال بعض المفسرين : قضينا لك قضاء مبينا. فتم الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة على هذا. حتى جاءته أم كلثوم ابنة عقبة بن أبي معيط مسلمة مهاجرة، فنسخ الله عز وجل الصلح في النساء وأنزل الله تبارك وتعالى :﴿ إِذَا جَاءكُمُ اَلْمُومِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اَللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيـمَانِهِنَّ ﴾٢ الآية كلها وما بعدها. ( الأم : ٤/١٩١. ون الأم : ٤/١٨٩. وأحكام الشافعي : ٢/٦٢-٦٣. )
١ - روى البخاري في الصلح (٥٧) باب: الصلح مع المشركين (٧)(ر٢٥٥٣) عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: صالح النبي صلى الله عليه وسلم المشركين يوم الحديبية على ثلاثة أشياء: على أن من أتاه من المشركين ردَّهُ إليهم، ومن أتاهم من المسلمين لم يردوه، وعلى أن يدخلها من قابل ويقيم بها ثلاثة أيام، ولا يدخلها إلا بجُلُبَّان السلاح: السَّيْفِ والقوس ونحوه. فجاء أبو جندل يحجل في قيوده، فرده إليهم.
ورواه مسلم بنحوه في الجهاد والسير (٣٢) باب: صلح الحديبية (٣٤)(ر١٧٨٣).
ورواه أبو داود في المناسك (٥) باب: المحرم يحمل السلاح (٣٣)(ر١٨٣٢)..

٢ - الممتحنة: ١٠-١١. وتمام المتروك: ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُومِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى اَلْكُفّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَءَاتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمُو أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ اِلْكَوَافِرِ وَسْئَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَالِكُمْ حُكْمُ اَللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَإِن فَاتَكُمْ شَىْءٌ مِّنَ اَزْوَاجِكُمُو إِلَى اَلْكُفّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَئَاتُوا اَلذِينَ ذَهَبَتَ اَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا وَاتَّقُوا اَللَّهَ اَلذِى أَنتُم بِهِ مُومِنُونَ ﴾..
٣٨٠- قال الشافعي : أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم، أن غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يعني قول الله عز وجل :﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا لِّيَغْفِرَ لَكَ اَللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾١ يعني : ـ والله أعلم ـ ما تقدم من ذنبه قبل الوحي وما تأخر : أن يعصمه فلا يذنب. فعلم ما يفضل به من رضاه عنه، وأنه أول شافع، وأول مشفع يوم القيامة، وسيد الخلائق. ( مناقب الشافعي : ١/٤٢٤. ون الأم : ٧/٢٩٤. وأحكام الشافعي : ١/٣٧-٣٨. )
ــــــــــــ
٣٨١- سئل الشافعي : عن قول الله عز وجل :﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا لِّيَغْفِرَ لَكَ اَللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾٢ قال : معناه ما تقدم من ذنب أبيك آدم وهبته لك، وما تأخر من ذنوب أمتك أدخلهم الجنة بشفاعتك. ( أحكام الشافعي : ١/٣٨. )
١ - الفتح: ١-٢..
٢ - الفتح: ١-٢..
Icon