تفسير سورة المرسلات

تفسير المراغي
تفسير سورة سورة المرسلات من كتاب تفسير المراغي المعروف بـتفسير المراغي .
لمؤلفه أحمد بن مصطفى المراغي . المتوفي سنة 1371 هـ

سورة المرسلات
هى مكية إلا آية: «وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ» فمدنية.
وعدد آيها خمسون، نزلت بعد سورة الهمزة.
ومناسبتها لما قبلها- أنه هنا أقسم على تحقيق ما تضمنته السورة قبلها من وعيد الفجار، ووعد المؤمنين الأبرار.
[سورة المرسلات (٧٧) : الآيات ١ الى ١٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (١) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (٢) وَالنَّاشِراتِ نَشْراً (٣) فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (٤)
فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (٥) عُذْراً أَوْ نُذْراً (٦) إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (٧) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨) وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (٩)
وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (١٠) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤)
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥)
شرح المفردات
المرسلات: هم الملائكة الذين أرسلهم الله لإيصال النعمة إلى قوم، والنقمة إلى آخرين، عرفا: أي للمعروف والإحسان، والعاصفات: أي المبعدات للباطل كما تبعد العواصف التراب والتبن والهباء، والناشرات: أي الناشرات لأجنحتهنّ عند نزولهنّ إلى الأرض، فالفارقات فرقا: أي فالفارقات بين الحق والباطل، فالملقيات ذكرا: أي فالملقيات العلم والحكمة إلى الأنبياء، عذرا أو نذرا: أي للإعذار والإنذار،
178
من قولهم: عذره إذا أزال الإساءة، وأنذر إذا خوّف، طمست: أي محقت وذهب نورها، فرجت: أي فتحت وشقت، نسفت: أي اقتلعت من أماكنها بسرعة من قولهم: انتسفت الشيء إذا اختطفته، أقّتت: أي عيّن لها الوقت الذي تحضر فيه للشهادة على أممها، أجّلت: أي أخرت وأمهلت، الفصل: أي الفصل بين الخلائق بأعمالهم: إما إلى الجنة، وإما إلى النار، ويل: أي عذاب وخزى.
المعنى الجملي
أقسم سبحانه بطوائف من الملائكة، منهم المرسلون إلى الأنبياء بالإحسان والمعروف ليبلغوه للناس، ومنهم الذين يعصفون ما سوى الحق ويبعدونه كما تبعد العواصف التراب وغيره، ومنهم الذين ينشرون آثار رحمته فى النفوس الحية، ومنهم الذين يفرقون بين الحق والباطل، ومنهم الملقون العلم والحكمة للإعذار والإنذار من الله- إن يوم القيامة لا ريب فيه، وحين تمحق أنوار النجوم، وتشقق السماء، وتنسف الجبال، ويعين للرسل الوقت الذي يشهدون فيه على أممهم، ويفصل بين الخلائق إبّان العرض والحساب يكون الخزي والعذاب للكافرين المكذبين.
الإيضاح
(وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) أي أقسم بملائكتى الذين أرسلتهم بالإحسان والمعروف، ليبلغوه أنبيائى ورسلى.
(فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً) أي فالملائكة المبعدين للباطل بسرعة كما تعصف الريح التراب والهباء.
(وَالنَّاشِراتِ نَشْراً) أي والملائكة الذين ينشرون آثارهم فى الأمم والنفوس الحية.
179
(فَالْفارِقاتِ فَرْقاً) أي فالملائكة النازلين بأمر الله للفرق بين الحق والباطل، والهدى والغىّ.
(فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً. عُذْراً أَوْ نُذْراً) أي فالملائكة الملقيات إلى الرسل وحيا فيه إعذار إلى الخلق، وإنذار لهم بعقاب الله إن هم خالفوا أمره.
(إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ) أي أقسم بهذه الأقسام إن ما وعدتم به من قيام الساعة لكائن لا محالة.
(فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) أي فإذا ذهب ضوء النجوم، ونحو الآية قوله: «وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ».
(وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ) أي وإذا السماء انفطرت وتشققت، وهذا كقوله:
«وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً» وقوله: «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ» وقوله: «وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ» (وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ) أي وإذا الجبال فرقتها الرياح، فلم يبق لها عين ولا أثر، وهذا كقوله: «وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً».
(وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) أي وإذا جعل للرسل وقت للفصل والقضاء بينهم وبين الأمم، وهذا كقوله: «يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ».
(لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ؟) أي ويقال حينئذ: لأى يوم أخّرت الأمور المتعلقة بالرسل من تعذيب الكفار وإهانتهم، وتنعيم المؤمنين ورعايتهم، وظهور ما كانت الرسل تذكره من أمور الآخرة وأحوالها، وفظاعة أهوالها.
والمراد بهذا تهويل أمر هذا اليوم وتعظيم شأنه كأنه قيل: أي يوم هذا الذي أجّل اجتماع الرسل إليه؟ إنه ليوم عظيم.
ثم بين ذلك اليوم فقال:
180
(لِيَوْمِ الْفَصْلِ) أي ليوم يفصل الله فيه بين الخلائق، وهو اليوم الذي أجّل اجتماع الرسل له.
(وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ؟) أي وما أعلمك بيوم الفصل وشدته وعظيم أهواله؟
ثم صرح بالمراد وأبان من سيقع عليهم النكال والوبال حينئذ فقال:
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي عذاب وخزى لمن كذب بالله ورسله وكتبه وبكل ما ورد على ألسنة أنبيائه وأخبروا به.
[سورة المرسلات (٧٧) : الآيات ١٦ الى ٢٨]
أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٢٠)
فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (٢٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (٢٥)
أَحْياءً وَأَمْواتاً (٢٦) وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً (٢٧) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٨)
شرح المفردات
من ماء مهين: أي من نطفة قذرة حقيرة، فى قرار مكين: أي فى الرحم، إلى قدر معلوم: أي إلى مقدار معيّن من الوقت عند الله، فقدرنا: أي على خلقه وتصويره كيف شئنا، والكفات: ما يكفت، أي يضم ويجمع، من كفت الشيء.
إذا ضمه وجمعه، وأنشد سيبويه:
كرام حين تنكفت الأفاعى إلى أجحارهنّ من الصقيع
رواسى: أي جبالا ثوابت، شامخات: أي مرتفعات، فراتا: أي عذبا.
181
المعنى الجملي
بعد أن حذر الكافرين وخوّفهم بأن يوم الفصل كائن لا محالة، وأقسم لهم بملائكته المقربين ورسله الطاهرين بأنه يوم سيكون، وأن فيه من الأهوال ما لا يدرك كنهه إلا علّام الغيوب- أردف ذلك بتخويفهم بأنه أهلك الكفار قبلهم بكفرهم فإذا سلكتم سبيلهم فستكون عاقبتكم كعاقبتهم، وستعذبون فى الدنيا والآخرة، ثم أعقبه بتخويفهم بنكران إحسانه إليهم، فإنه قد خلقهم من ماء مهين فى قرار مكين إلى زمن معلوم، ثم أنشأهم خلقا آخر، وجعل لهم السمع والأبصار والأفئدة، ليشكروا نعم الله عليهم، فكفروا بها وأنكروا وحدانيته وعبدوا الأصنام والأوثان، ثم ذكرهم بنعمه فى الآفاق إذ خلق لهم الأرض وجعلها تضمهم أحياء وأمواتا، وجعل فيها الجبال لئلا تميد بهم وجعل فيها الأنهار والعيون، ليشربوا منها ماء عذبا زلالا، فويل لمن كفر بهذه النعم العظام.
الإيضاح
(أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ؟) أي ألم نهلك من كذب الرسل قبلكم، ونعذبهم فى الدنيا بشتى أنواع العذاب، فتارة بالغرق كما حدث لقوم نوح، وأخرى بالزلزال كما كان لقوم لوط إلى أشباه ذلك من المثلاث التي حلت بالأمم قبلكم، جزاء لهم على قبيح أعمالهم وسيئ أفعالهم، وإن سنننا فى المكذبين لا تبديل فيها ولا تغيير، فاحذروا أن يحل بكم مثل ما حل بهم، وتندموا، ولات ساعة مندم.
(ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) أي ثم نحن نفعل بأمثالهم من الآخرين، ونسلك بهم سبيلهم لأنهم فعلوا مثل أفعالهم.
وفى هذا من شديد الوعيد لأهل مكة ما لا يخفى.
182
ثم ذكر الحكمة فى إلحاقهم بهم فقال:
(كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) أي إن سنتنا فى جميع المجرمين واحدة، فكما أهلكنا المتقدمين لإجرامهم وتكذيبهم- نفعل بالمتأخرين الذين حذوا حذوهم، واستنوا سنتهم، فسنننا تجرى على وتيرة واحدة.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي هؤلاء وإن عذبوا فى الدنيا بأنواع من العذاب، فالطامة الكبرى معدّة لهم يوم القيامة، والتكرير للتوكيد شائع فى كلام العرب كما تقدم فى سورة الرحمن.
وقال القرطبي: كرر الويل فى هذه السورة عند كل آية لمن كذب بشىء لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم، فجعل لكل مكذب بشىء عذابا سوى عذابه بتكذيب شىء آخر اه.
ثم ذكّرهم بجزيل نعمه عليهم فى خلقهم وإيجادهم مما يستدعى جزيل شكرانهم فقال:
(أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ. فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ. إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ. فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ؟) أي ألا تعترفون بأنكم خلقتم من نطفة مذرة منتنة وضعت فى الأرحام إلى حين الولادة، ونحن قد قدرنا ذلك فنعم المقدرون، إذ خلقناكم فى أحسن الصور والهيئات- أفلا يستحق ذلك الخالق منكم الشكران لا الكفران والاعتراف بوحدانيته وإرساله للرسل والإقرار بالبعث؟ لكنكم كفرتم أنعمه، ونكلتم عن الاعتراف بوحدانيته، وعبدتم الأصنام والأوثان، وأنكرتم يوم الفصل والجزاء، فسترون فى هذا اليوم عاقبة ما اجترحتم (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي خزى وعذاب لمن كذب بهذه المنن العوالي.
وبعد أن ذكّرهم بالنعم التي أنعم بها عليهم فى الأنفس- ذكرهم بما أنعم عليهم فى الآفاق، وأرشد إلى أمور ثلاثة:
183
(١) (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً. أَحْياءً وَأَمْواتاً؟) أي ألم نجعل الأرض مهادا لكم، فتكفتكم وتجمعكم فيها أحياء على ظهرها، وأمواتا فى بطنها، فالأحياء يسكنون فى منازلهم، والأموات يدفنون فى قبورهم.
خرج الشعبي فى جنازة فنظر إلى الجبّان فقال: هذه كفات الأموات، ثم نظر إلى البيوت فقال: هذه كفات الأحياء.
وكانوا يسمون بقيع الغرقد (مقبرة المدينة) كفتة لأنه مقبرة تضم الموتى.
(٢) (وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ) أي وجعلنا جبالا ثوابت عاليات على ظهرها، لئلا تميد بكم.
وهذه الجبال متصلة بالطبقة الصوّانية التي هى أبعد طبقات الأرض عن سطحها وتلك الطبقة تضم فى جوفها كرة النار المشتعلة التي فى باطنها، وظاهرها هذه القشرة التي نحن عليها.
(٣) (وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً) أي وأسقيناكم ماء عذبا فراتا تشربون منه، إما آتيا من السحاب الذي حفظته الجبال بارتفاعها، وإما من العيون النابعات منها ويمدها الثلج الذي يذوب شيئا فشيئا فوق ظهر الأرض متنزلا إلى بطنها، متجها إلى عيونها الجارية.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي عذاب عظيم فى الآخرة لمن كفر بهذه النعم.
[سورة المرسلات (٧٧) : الآيات ٢٩ الى ٤٠]
انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (٣١) إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (٣٣)
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤) هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨)
فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠)
184
شرح المفردات
لا ظليل: أي لا بقي من حر الشمس، والشرر: ما يتطاير من النار، كالقصر:
أي كالدار الكبيرة المشيدة، جمالة: واحدها جمل، فكيدون: أي فاحتالوا علىّ يقال: كدت فلانا إذا احتلت عليه.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر أن للمكذبين بالله وأنبيائه واليوم الآخر العذاب فى يوم الفصل والجزاء- بين هنا نوع ذلك العذاب بما يحار فيه أولو الألباب، ويخرّ من هوله كل مخبت أوّاب، فأخبر بأنهم يؤمرون بالانطلاق إلى ما كانوا يكذبون به فى الدنيا، إلى ظلّ دخان جهنم المتشعب لكثرته وتفرّقه إلى ثلاث شعب عظيمة، وهو لا يظلّهم ولا يمنع عنهم حر اللهب المتكوّن من نار ترمى بشرر، كأنه القصر المشيد علوّا وارتفاعا، وكأنه الجمال الصفر انبساطا وتفرقا عن غير أعداد محصورة، وحركة غير معينة.
ولا شك أن هذا تشبيه على ما تعهده العرب إذا وصفت الأشياء بالعظم، ألا تراهم يشبهون الناقة العظيمة بالقصر كما قال:
فوقفت فيها ناقتى وكأنها فدن لأقضى حاجة المتلوّم
ثم أخبر بأن الويل للمكذبين بهذا اليوم، يوم لا ينطقون من شدة الدهشة والحيرة، ولا يؤذن لهم فى الاعتذار فيعتذرون، يوم يجمع الله الأولين والآخرين
185
فى صعيد واحد، ويقال لهم على سبيل التأنيب والتقريع: إن كنتم تستطيعون أن تدفعوا عن أنفسكم شيئا من العذاب فهلمّوا.
الإيضاح
(انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) أي يقول لهم خزنة جهنم حينئذ: اذهبوا إلى ما كنتم تكذبون به من العذاب فى الدنيا.
ثم بين هذا العذاب ووصفه بجملة صفات:
(١) (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) أي انطلقوا إلى ظل دخان جهنم المتشعب إلى ثلاث شعب: شعبة عن يمينهم، وشعبة عن شمالهم، وشعبة من فوقهم والمراد أنه محيط بهم من كل جانب كما جاء فى الآية الأخرى: «أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها».
(٢) (لا ظَلِيلٍ) أي ليس بمظلّ فلا يقى من حر ذلك اليوم.
وفى هذا تهكم بهم، ونفى لأن يكون فيه راحة لهم، وإيذان بأن ظلهم غير ظل المؤمنين.
(٣) (وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ) أي ولا يدفع من حر النار شيئا، لأنه فى جهنم فلا يظلهم من حرها، ولا يسترهم من لهيبها كما قال فى سورة الواقعة: «فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ، وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ، لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ».
ثم وصف النار التي تحدث هذا الظل من الدخان فقال:
(إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ. كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) أي إن هذه النار يتطاير منها شرر متفرق فى جهات كثيرة كأنه القصر عظما وارتفاعا، وكأنه الجمال الصفر لونا وكثرة وتتابعا وسرعة حركة.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بهذا اليوم الذي لا يجدون فيه لدفع العذاب عنهم محيصا.
186
ثم وصف اليوم الذي فيه العذاب فقال:
(هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ. وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) أي هذا يوم لا يتكلمون من الحيرة والدهشة، ولا يؤذن لهم فى الاعتذار، لأنه ليس لديهم عذر صحيح، ولا جواب مستقيم.
وقد يكون المراد- إنهم لا ينطقون بما يفيد فكأنهم لا ينطقون، وتقول العرب لمن ذكر ما لا يفيد: ما قلت شيئا.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بما دعتهم إليه الرسل، فأنذرتهم عاقبته.
(هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) أي هذا يوم يفصل فيه بين الخلائق، ويتميز فيه الحق من الباطل، فيؤتى كل عامل جزاء عمله من ثواب وعقاب، ويفصل بين العباد بعضهم مع بعض، فيقتص من الظالم للمظلوم، وترد له حقوقه ثم بين كيف يكون الفصل فقال:
(جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ) أي جمعنا بينكم وبين من تقدمكم من الأمم فى صعيد واحد ليمكن الفصل بينكم، فيقضى بهذا على هذا، ولولا ذلك ما أمكن إذ لا يقضى على غائب.
(فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ) أي فإن كان لكم حيلة فى دفع العذاب عنكم فاحتالوا، لتخلصوا أنفسكم من العذاب.
وفى هذا تقريع لهم على كيدهم للمؤمنين فى الدنيا، وإظهار لعجزهم وقصورهم حينئذ.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بالبعث لأنه قد ظهر لهم عجزهم وبطلان ما كانوا عليه فى الدنيا.
[سورة المرسلات (٧٧) : الآيات ٤١ الى ٥٠]
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥)
كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠)
187
شرح المفردات
ظلال: واحدها ظل، وهو أعم من الفيء فإنه يقال ظل الليل وظل الجنة، ولكن موضع لم تصل إليه الشمس ظل، ولا يقال فئ إلا لما زالت عنه الشمس، ويعبر بالظل أيضا عن الرفاهية، وعن العزة، وعيون: أي أنهار، اركعوا: أي صلوا، حديث: أي كلام.
المعنى الجملي
بعد أن بيّن سبحانه ما يحلّ بالكفار من الخزي والنكال يوم القيامة- أعقبه بذكر ما يكون للمؤمنين من السعادة والكرامة حينئذ، فهم يكونون فى ترف ونعيم ويأكلون فواكه مما يشتهون، ويقال لهم: كلوا واشربوا هنيئا بما قدمتم فى الأيام الخالية، وهذا جزاء كل محسن لعمله.
ثم خاطب المكذبين مهدّدا لهم فقال: «كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا» ولا نصيب لكم فى الآخرة، لأنكم كافرون.
ثم ذكر أن الكفار إذا أمروا بطاعة الله والخشوع له أبوا وأصروا على ما هم عليه من الاستكبار فويل لهم مما يعملون، وإذا لم يؤمنوا بالقرآن والنبي الذي جاء به مع تظاهر الأدلة على صدقه. فبأى كلام بعده يصدقون؟
188
الإيضاح
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ) أي إن المتقين فى ظلال ظليلة، وكنّ كنين، وعيون وأنهار، أي فى ظلال الأشجار وظلال القصور، فلا يصيبهم أذى حرّ ولا قرّ، بخلاف الكافرين فإنهم فى ظل ذى ثلاث شعب لا ظليل ولا يغنى من اللهب كما تقدم.
ونحو الآية قوله فى سورة يس: «هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ».
(وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ) أي ولديهم فواكه يأكلون منها كلما اشتهت نفوسهم لا يخافون ضرها ولا عاقبة مكروهها.
(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي ويقال لهم: كلوا أيها الأبرار من هذه الفواكه، واشربوا من هذه العيون كلما شئتم أكلا هنيئا خالص اللذة، لا يشوبه سقم ولا يكدره تنغيص، وهو دائم لكم لا يزول ولا يورثكم أذى فى أبدانكم حزاء بما عملتم فى الدنيا من طاعة الله، واجتهدتم فيما يقربكم من رضوانه.
(إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي إنا كما جزينا هؤلاء المتقين بما وصفنا من الجزاء على طاعتهم إيّانا فى الدنيا- نجزى أهل الإحسان لطاعتهم وعبادتهم لنا، فلا نضيع لهم أجرا، كما قال: «إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا».
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي ويل للذين يكذبون ما أخبر الله به من تكريم هؤلاء المتقين بما أكرمهم به يوم القيامة.
ثم خاطب المكذبين مهددا لهم فقال:
(كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) أي كلوا بقية آجالكم، وتمتعوا بقية أعماركم
189
وهى قليلة المدى، وسنستنّ بكم سنة من قبلكم من مجرمى الأمم الخالية التي متعت إلى حين، ثم انتقمنا منهم بكفرهم وتكذيبهم لرسلنا.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) الذين عرضوا أنفسهم للعذاب الدائم بالتمتع القليل، وكذبوا بما أخبرهم الله أنه فاعل بهم.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) أي وإذا قيل لهؤلاء المكذبين اعبدوا الله وأطيعوه واخشوا يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار، استكبروا وأصروا على عنادهم.
روى أن النبي ﷺ أمر ثقيفا بالصلاة، فقالوا لا نحبوا (لا نركع) فإنها سبّة علينا، فقال عليه السلام «لا خير فى دين ليس فيه ركوع ولا سجود».
وروى ابن جرير عن ابن عباس أنه قال: إنما يقال هذا فى الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون، من جراء أنهم لم يكونوا يسجدون فى الدنيا.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بأوامر الله ونواهيه.
وبعد أن بالغ فى زجر الكفار بما تقدم ذكره، وحث على الانقياد للدين الحق ختم السورة بالتعجيب من هؤلاء المشركين الذين لم يسمعوا نصيحة الداعي، ولم يتبعوا عظاته، وما فيه رشدهم وصلاحهم فى آخرتهم ودنياهم فقال:
(فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ؟) أي إذا لم يؤمنوا بهذه الدلائل على تجلّيها ووضوحها، فبأىّ كلام بعد هذا يصدقون؟
فالقرآن الكريم جامع لأخبار الدارين، مبين لأحوال النشأتين على نمط بديع تؤيده الحجج القاطعة، وتدعمه البراهين الناطقة.
وقصارى ذلك- إن القرآن قد اشتمل على البيان الشافي والحق الواضح، فما بالهم لا يبادرون إلى الإيمان به قبل الفوت وحلول الموت، وعدم الانتفاع بعسى ولعلّ وليت.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله أجمعين.
190
ما اشتملت عليه السورة الكريمة من المقاصد
حوت هذه السورة المقاصد الآتية:
(١) الإخبار بأن يوم الفصل آت لا شك فيه، وقد أكد ذلك بالقسم بملائكته الكرام.
(٢) وعيد الكافرين بأنه سيستن بهم سنة الأولين من المكذبين.
(٣) توبيخ المكذبين على نكران نعم الله عليهم فى الأنفس والآفاق.
(٤) وصف عذاب الكافرين بما تشيب من هوله الولدان.
(٥) وصف نعيم المتقين وما يلقونه من الكرامة فى جنات النعيم، ويتخلل ذلك وصف خلق الإنسان والأرض والجبال، وبيان عظمة الخالق وكمال قدرته.
وصل ربنا على عبدك ورسولك محمد النبي الأمى وعلى آله وسلم.
وكان الفراغ من مسودّة هذا الجزء بمدينة حلوان من أرباض القاهرة قاعدة الديار المصرية فى الثاني من ذى القعدة من السنة الخامسة والستين بعد الثلاثمائة والألف من الهجرة النبوية المباركة، فلله الحمد والمنة.
191
فهرست أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء
الصفحة المبحث ٤ تمجيد الله نفسه وبيان أنه خالق الخلق والمتصرف فى الملك.
٦ نظام الجاذبية البديع بين أجرام الأرضين والسموات.
٨ الكواكب زينة للسماء الدنيا وسبب لتكوّن الأرزاق.
١٠ وصف النار بما تشيب من هوله الولدان.
١١ سؤال الزبانية للمشركين بقولهم: ألم يأتكم رسل ينذرونكم؟.
١٣ تهديد المشركين بأنه عليم بما يصدر منهم فى السرّ والعلن.
١٥ تنبيه العباد على نعمه المتظاهرة عليهم.
فى الحديث «إن الله يحب العبد المؤمن المحترف».
١٦ تخويف المشركين بحلول العذاب بهم كما حل بمن قبلهم.
١٩ ضرب المثل المبين لحالى المشرك والموحد.
٢٢ الإنسان كنود لنعمة ربه.
٢٤ أمره ﷺ أن يقول للكافرين: هلاكى أو رحمتى لا تجيركم من عذاب الله.
٢٥ خلاصة ما حوته هذه السورة.
٢٧ الإقسام بالقلم وما يسطر به من الكتب.
٢٨ ما ضرب رسول الله ﷺ خادما ولا امرأة.
٣٠ تقوية قلب الرسول ﷺ ودعوته إلى التشدد مع قومه المشركين.
٣١ الكذب أسّ المعايب.
٣٣ وعيد الكذاب النمام.
٣٥ فى أىّ أرض كانت الجنة التي ذكرت فى الكتاب الكريم؟.
٣٧ جزاء أصحاب الجنة على حرمانهم للفقراء.
٤١ كيف يسوّى بين المطيع والعاصي؟.
٤٢ سدّ طرق الحجاج على المشركين.
٤٤ تخويف المشركين بما فى قدرته تعالى من القهر.
٤٦ ذكر الشبه التي ربما تكون مانعة لهم من قبول الحق.
٤٨ ما جاء من الأحاديث فى الإصابة بالعين.
193
٤٨ ما تضمنته هذه السورة من موضوعات.
٥٠ بيان أن يوم القيامة حق لا شك فيه.
٥١ تفصيل ما نزل بكل أمة من العذاب.
٥٣ المشهور أن الناس كلهم من سلائل نوح وذريته.
٥٤ تفاصيل أحوال يوم القيامة.
٥٦ ما أعده الله لمن أعطى كتابه بيمينه.
٥٩ ما يتمناه من أوتى كتابه بشماله وجزاؤهم.
٦٠ العرب تكنى بالسبعة والسبعين والسبعمائة عن الكثرة.
٦١ تعظيم القرآن والرسول المنزل عليه.
٦٢ محمد ﷺ لا يستطيع أن يفتعل القرآن.
٦٤ ما تضمنته هذه السورة الكريمة.
٦٦ كان المشركون يقولون: ما هذا العذاب الذي يخوّفنا به محمد؟.
٦٧ مقام القدس الإلهى بعيد المدى عن مقام العباد.
بيان أن يوم القيامة آت بأهواله لا شك فيه.
٦٨ تمنى الكافر الفداء بالعزيز لديه من مال وولد.
٧٠ المؤهلات التي توصل المرء إلى المراتب العلى.
٧٢ أثر عن السلف أنهم كانوا كثيرى الوجل والخوف من يوم القيامة.
٧٤ أمر الرسول ﷺ أن يدع المشركين وشأنهم حتى يأتى اليوم الموعود.
٧٦ يخرج الكافرون من الأجداث سراعا يسابق بعضهم بعضا.
٧٧ خلاصة ما حوته هذه السورة الكريمة.
٧٨ إنذار نوح لقومه وتخويفهم بحلول العذاب بهم.
٧٩ تفصيل ما أنذرهم به.
٨٠ صلة الرحم تزيد فى العمر.
٨١ شكوى نوح لربه أنه أنذر قومه فعصوه.
٨٣ وعد نوح لقومه بسعادة الدنيا والدين إذا آمنوا ٨٥ توجيه أنظارهم إلى بدء خلقهم.
٨٦ تعداد النعم التي أنعم بها على الإنسان.
٨٧ الأصنام التي كانت تعبدها العرب.
٨٩ جزاء قوم نوح بالغرق على عصيانهم.
٩١ مقاصد هذه السورة.
194
٩٣ تسمية السور بأسماء تدعو إلى النظر والاعتبار.
٩٤ ما جاء عن الجن من السمعيات التي لا دليل عليها من العقل.
٩٦ الصاحبة تتخذ للحاجة إليها.
٩٨ مقال الجن حين بعث محمد ﷺ ١٠١ الخصب والسعة فى الرزق لا توجد إلا إذا وجدت الطمأنينة والعدل ويزول الظلم.
١٠٥ أمر الرسول ﷺ أن يقول للناس لا علم له بقيام الساعة.
١٠٦ الآية: فلا يظهر على غيبه أحدا، تدل على إبطال الكهانة والتنجيم والسحر.
١٠٧ الرسول المرتضى يعلم بعض الغيوب بالوحى.
١٠٨ ما تضمنته هذه السورة.
١١٠ أول ما جاء جبريل إلى النبي ﷺ خافه وظن أن به مسا من الجن ١١١ أمر الرسول ﷺ بقيام الليل وبترتيل القرآن.
١١٢ كيفية مجىء الوحى.
١١٣ أمره ﷺ بمداومة الذكر والإخلاص فى العبادة.
١١٥ حسن معاملة الناس.
١١٦ ألوان العذاب التي أعدت للمكذبين.
١١٩ التخفيف من قيام الليل للأعذار التي تحيط بهم.
١٢١ ما يفعل بعد الترخيص.
١٢٣ ما جاء فى هذه السورة من أوامر وأحكام.
١٢٥ خوف النبي ﷺ من الملك عند بدء الوحى.
١٢٦ ما قاله علماء الاجتماع فى حكمة النظافة فى البدن والثوب ١٢٧ ما يصادف الداعي للخير من العقبات.
١٢٩ ما قاله الوليد بن المغيرة حين سمع القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم.
١٣٠ تهديد الوليد بن المغيرة.
١٣٢ ذكر ما سيفعل به يوم القيامة.
١٣٣ ما استنبطه الوليد من الترّهات والأباطيل.
١٣٥ ما قاله أبو جهل حين سمع قوله تعالى عليها تسعة عشر.
١٣٧ ما يعلم جنود ربك إلا هو.
١٣٨ قال أبو جهل: أما لرب محمد أعوان إلا تسعة عشر؟.
١٤١ أسباب إعراض المشركين عن القرآن ١٤٣ ما كان يقوله النبي ﷺ عند قراءته لآية: هو أهل التقوى وأهل المغفرة.
195
١٤٦ ما قاله عدى بن ربيعة لما أخبر بيوم القيامة.
قال الفرّاء: ما من نفس برّة ولا فاجرة إلا تلوم نفسها.
دليل القدرة على جمع العظام وتأليفها وإعادتها إلى الوضع الأول.
١٤٨ علامات يوم القيامة. ١٤٩ يخبر المرء يوم القيامة بجميع ما عمل.
١٥١ تعليم الله رسوله كيف يتلقى الوحى.
١٥٢ تواترت الأحاديث الصحيحة برؤية المولى يوم القيامة.
١٥٤ الدليل على صحة البعث.
١٥٥ العرب تحذف من الكلام ما يدل عليه.
١٥٧ ما قاله النبي ﷺ لأبى جهل.
١٥٨ كان الرسول ﷺ يقول إذا قرأ: أليس ذلك بقادر: سبحانك اللهم وبلى ١٦١ ما قاله علماء طبقات الأرض فى وجود الإنسان على ظهر البسيطة.
الناس فريقان شاكر وكفور. ١٦١ الهداية لطريقى الخير والشر.
١٦٣ ما أعده الله للشاكرين من شراب شهى ولباس بهى.
١٦٥ وصى رسول الله ﷺ بالإحسان إلى الأرقاء.
١٦٦ القلب إذا سر استنار الوجه. ١٦٩ وصف شراب المتقين وأوانيهم.
١٧٠ ما قاله المأمون ليلة زفافه ببوران بنت الحسن بن سهل.
١٧١ التحلي يختلف باختلاف العادات والطبائع.
١٧٢ ما يلقاه السعداء من الكرامة كان جزاء لهم على أعمالهم.
١٧٤ أمر الرسول ﷺ بالصبر على أذى قومه.
نهيه ﷺ عن اتباع الآثمين والكافرين.
١٧٦ جرت سنة الله ببقاء الأصلح وإهلاك ما عداه.
تخويف الكفار بما حصل لمن قبلهم من الكفار المكذبين للرسل.
١٧٧ ما تضمنته السورة من المقاصد.
١٧٩ أقسم الله سبحانه بطوائف من الملائكة إن ما وعدتم به حق.
١٨٣ تذكير الإنسان بالنعم التي تترى عليه.
١٨٦ وصف العذاب الذي يكون للمكذبين يوم القيامة.
١٨٩ وصف ما يكون للمؤمنين من السعادة والكرامة فى هذا اليوم.
١٩٠ ما قاله النبي ﷺ لثقيف حين أمرهم بالصلاة.
القرآن الكريم اشتمل على البيان الشافي والحق الواضح.
١٩١ ما اشتملت عليه السورة الكريمة من المقاصد.
196
الجزء الثّلاثون
تفسير المراغي تأليف صاحب الفضيلة الأستاذ الكبير المرحوم أحمد مصطفى المراغي أستاذ الشريعة الإسلامية واللغة العربية بكلية دار العلوم سابقا الجزء الثلاثون
1
الطبعة الرابعة مزيدة ومنقحة ١٣٩٠ هـ- ١٩٧٠ م حقوق الطبع محفوظة للناشر
2
الجزء الثّلاثون
سورة النبأ
هى مكية وعدد آيها أربعون، نزلت بعد سورة المعارج ومناسبتها لما قبلها من وجوه:
(١) اشتمالها على إثبات القدرة على البعث الذي ذكر فى السورة السالفة أن الكافرين كذبوا به.
(٢) أن فى هذه وما قبلها تأنيبا وتقريعا للمكذبين، فهناك قال: «أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ» وهنا قال: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً».
(٣) أن فى كل منهما وصف الجنة والنار وما ينعم به المتقون، ويعذب به المكذبون.
(٤) أن فى هذه تفصيل ما أجمل فى تلك عن يوم الفصل، فهناك قال: «لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ. لِيَوْمِ الْفَصْلِ. وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ» وهنا قال: «إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً» إلى آخر السورة.
3
Icon