تفسير سورة سورة الحج من كتاب تفسير العز بن عبد السلام
المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام
.
لمؤلفه
عز الدين بن عبد السلام
.
المتوفي سنة 660 هـ
سورة الحج مدنية، أو ألا أربع آيات مكيات ﴿ وما أرسلنا من قبلك ﴾ [ ٥٢ ] إلى آخر الأربع " ع " أو كلها مكية إلا آيتين مدنية ﴿ ومن الناس من يعبد الله على حرف ﴾ [ ١١ ] وما بعدها.
ﰡ
١ - ﴿زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ﴾ زلزلة من أشراط الساعة تكون في الدنيا أو نفخة البعث أو عند القضاء بين الخلق.
٢ - ﴿تَذْهَلُ﴾ تسلو كل والدة عن ولدها، أو تشتغل، أو تلهى أو تنساه. ﴿سُكَارَى﴾ من الخوف ﴿وما هم بسكارى﴾ من الشرب. {ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتّبع كلّ شيطان مريدٍ كتب عليه
343
أنّه من تولاه فأنّه يضله ويهديه إلى عذاب السعير}
344
٣ - ﴿يُجَادِلُ﴾ يرد النص بالقياس أو يخاصم في الدين بالهوى، نزلت في النضر بن الحارث " ع ". ﴿يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنّا خلقناكم من ترابٍ ثم من نظفةٍ ثم من علقةٍ ثمّ من مضغةٍ مخلقةٍ وغير مخلقةٍ لنبين لكم ونقرّ في الأرحام ما نشاء إلى أجلٍ مسمى ثم نخرجكم طفلاً ثمّ لتبلغوا أشدّكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علمٍ شيئاً وترى الأرض هامدةً فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوجٍ بهيج ذلك بأن الله هو الحق وأنّه يحى الموتى وأنّه على كل شىءٍ قديرً وأنّ الساعة ءاتيةٌ لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور﴾
٥ - ﴿مِّن تُرَابٍ﴾ يريد آدم ﴿ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ﴾ يريد ذريته فتصبر النطفة علقة ثم تصير العلقة مضغة بقدر ما يمضغ من اللحم ﴿مُّخَلَّقَةٍ﴾ صارت خلقاً ﴿وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ﴾ دفعتها الأرحام فلم تصر خلقاً، أو تامة الخلق وغير تامة أو مصورة وغير مصورة، أو لتمام شهوره وغير تمام ﴿لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ﴾ في القرآن بدو خلقكم وتنقل أحوالكم ﴿يُتَوَفَّى﴾ قبل الأشد، أو قبل أرذل العمر، ﴿أَرْذَلِ الْعُمُرِ﴾ الهرم، أو حالة ضعف كحال خروجه من بطن أمه، أو ذهاب العقل
344
﴿لِكَيْلا يَعْلَمَ﴾ شيئاً وينسى ما كان يعلمه، أو لا يعقل بعد عقله الاول شيئاَ. ﴿هَامِدَةً﴾ غبراء متهشمة، أو يابسة لا تنبت شيئاً، أو دراسة والهمود: الدروس ﴿اهْتَزَّتْ﴾ استبشرت، أو اهتز نباتها لشدة حركته ﴿وَرَبَتْ﴾ أضعف نباتها، أو انتفخت لظهور نباتها على التقديم والتأخير ربت واهتزت. ﴿زَوْجٍ﴾ نوع، أو لون أصفر وأحمر وأخضر وغير ذلك ﴿بَهيجٍ﴾ حسن الصورة. ﴿ومن الناس من يجادل في الله بغير علمٍ ولا هدى ولا كتاب منيرٍ ٨ ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزى ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد﴾
345
٩ - ﴿ثَانِىَ عِطْفِهِ﴾ لاوي عنقه إعراضاً عن الله ورسوله، " أو عادلاً جانبه " كبراً عن الإجابة " ع " والعطف / [١١٥ / ب] الجانب، ومنه نظر في أعطافه، نزلت في النضر بن الحارث. ﴿ليضل﴾ بتكذيبه الرسول [صلى الله عليه وسلم] " واعتراضه على القرآن "، أو كان رأى راغباً في الإسلام أحضره " طعامه وشرابه وغناء قينة له " وقال هذا خير لك مما يدعوك إليه محمد [صلى الله عليه وسلم].
345
﴿ومن الناس من يعبد الله على حرفٍ فإن أصابه خيرٌ اطمأن به وإن أصابته فتنةٌ انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين يدعوا من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هوالضلال البعيد يدعوا لمن ضرّه أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير إن الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جناتٍ تجري من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد﴾
346
١١ - ﴿حَرْفٍ﴾ ميل، أو متحرفاً بين الإيمان والكفر، أو على ضعف في العبادة كالقائم على حرف، نزلت في المنافق يعبد الله - تعالى - بلسانه ويعصيه بقلبه " ح "، أو في ناس من القبائل وفيمن حول المدينة كانوا يقولون نأتي محمد فإن صادفنا عنده خيراً اتبعناه وإلا لحقنا بأهالينا ﴿الْخُسْرَانُ﴾ لذهاب الدنيا والآخرة.
١٣ - ﴿لَبِئْسَ الْمَوْلَى﴾ الناصر والعشير: المخالط، أو المولى: المعبود والعشير: الخليط والزوج لمخالطته من المعاشرة. {من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسببٍ إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ وكذلك أنزلناه ءايات بينات وأن الله يهدى من يريد ١٠ إنّ الذين ءامنوا والذين هادوا الصائبين والنصارى والمجوس
346
والذين أشركوا إنّ الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيءٍ شهيدٌ}
347
١٥ - ﴿يَنصُرَهُ﴾ من ظن أن الله - تعالى - لا ينصر محمداً [صلى الله عليه وسلم] على أعدائه في الدنيا بالغلبة وفي الآخرة بظهور الحجة ﴿فَلْيَمْدُدْ﴾ بحبل إلى سماء الدنيا ﴿ليقطع﴾ عنه الوحي ثم لينظرهل يُذهب هذا الكيد منه ما يعطيه من نزول الوحي، أو ينصره الله - تعالى - يرزقه والنصر: الرزق، أو أن لن يمطر الله - تعالى - أرضه، يقال للأرض الممطورة منصورة ﴿فَلْيَمْدُدْ﴾ بحب إلى سقف بيته، ثم ليختنق به فلينظر هل يذهب ما يغيظه من أن الله - تعالى - لا يرزقه. ﴿ألم تر أنّ الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدّواب وكثيرٌ من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرمٍ إن الله يفعل ما يشاء﴾
١٨ - ﴿ومن يهن الله﴾ بإدخال النار ﴿فماله مِن مُّكْرِمٍ﴾ يدخله الجنة ﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ﴾ من ثواب وعقاب، أو من يهنه بالشقاء فلا مُكرم له بالسعادة ﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ﴾ من شقاوة وسعادة. ﴿هاذان خصمان اختصموا في ربّهم فالذين كفروا قطعت لهم ثيابٌ من نارٍ يصب من فوق رءوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ١٠ ولهم مقامع من حديد كلّما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍ أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق﴾
347
١٩ - ﴿خصمان﴾ المسلمون والمشركون لما اقتتلوا ببدر، أونزلت في ثلاثة مسلمين بارزوا ثلاثة من المشركين فقتلوهم، أو أهل الكتاب قالوا: نبينا وكتابنا قد تقدما نبيكم وكتابكم ونحن خير منكم وقال المسلمون: نبينا خاتم الأنبياء ونحن أولى بالله منكم، أو المؤمنون والمشركون اختلفوا في البعث والجزاء، أو الجنة والنار اختصمتا فقالت النار خلقني الله - تعالى - لنقمته وقالت الجنة: خلقني الله - تعالى - لرحمته قاله عكرمة ﴿قُطِّعَتْ﴾ عبّر بتقطيع الثياب عن إحاطة النار بهم إحاطة الثوب بلابسه ﴿الْحَمِيمُ﴾ الماء الحار لأنه ينضج لحومهم والنار تحرقها، قيل نزلت في مبارزي بدر فقتل حمزة عتبة بن ربيعة، وقتل علي الوليد بن عتبة بن ربيعة، وقتل عبيدة بن الحارث شيبة بن ربيعة.
348
﴿ خَصْمان ﴾ المسلمون والمشركون لما اقتتلوا ببدر، أو نزلت في ثلاثة مسلمين بارزوا ثلاثة من المشركين فقتلوهم، أو أهل الكتاب قالوا : نبينا وكتابنا قد تقدما نبيكم وكتابكم ونحن خير منكم وقال المسلمون : نبينا خاتم الأنبياء ونحن أولى بالله منكم، أو المؤمنون والمشركون اختلفوا في البعث والجزاء، أو الجنة والنار اختصمتا فقالت النار خلقني الله -تعالى- لنقمته وقالت الجنة : خلقني الله -تعالى- لرحمته قاله عكرمة ﴿ قُطّعت ﴾ عبّر بتقطيع الثياب عن إحاطة النار بهم إحاطة الثوب بلابسه ﴿ الحميم ﴾ الماء الحار لأنه ينضج لحومهم والنار تحرقها، قيل نزلت في مبارزي بدر فقتل حمزة عتبة بن ربيعة، وقتل على الوليد بن عتبة بن ربيعة، وقتل عبيدة بن الحارث شيبة بن ربيعة.
٢٠ - ﴿يُصْهَرُ﴾ يذاب صهرت الألية أذبتها، أو يحرق، أو يقطع به، أو ينضج.
٢١ - ﴿مَّقَامِعُ﴾ جمع مقمعة، والقمع: ضرب الرأس حتى يقعى فينكب، أو ينحط. ﴿إنّ الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جناتٍ تجري من تحتها الأنهار يحلّون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حريرٌ وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد﴾
٢٤ - ﴿الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ﴾ لا إله إلا الله، أو الإيمان، أوالقرآن، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ﴿صِرَاطِ الحميد﴾ / [١١٦ / أ] الإسلام، أو الجنة. {إنّ الذين كفروا ويصدّون عن سبيل الله والمسجد الحرامٍ الذي جعلناه للنّاس سواءً العاكف فيه والبادِ ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليمٍ
٢٥ - ﴿المسجد الْحَرَامِ﴾ المسجد نفسه ﴿جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ﴾ قبلة ومنسكاً للحج فحاضره والبادي سواء في حكم المسجد، أو في حكم النسك، أو أراد جميع الحرم فالحاضر والبادي سواء في الأمن فيه وأن لا يقتلا به صيداً ولا يعضدا شجراً، أو سواء في دوره ومنازله فليس العاكف أولى بها من البادي ﴿بِإِلْحَادٍ﴾ الإلحاد: الميل عن الحق، الباء زائدة. قال الشاعر: