تفسير سورة الطلاق

تفسير ابن أبي زمنين
تفسير سورة سورة الطلاق من كتاب تفسير القرآن العزيز المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين .
لمؤلفه ابن أبي زَمَنِين . المتوفي سنة 399 هـ
تفسير سورة الطلاق١ وهي مدنية كلها.
١ وتسمى سورة النساء القصرى..

قَوْله: ﴿يَا أَيهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لعدتهن﴾ يُخَاطب بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَمَاعَة الْمُسلمين. تَفْسِير قَتَادَة: يطلقهَا فِي قُبُل عدَّتها طَاهِرا من غير جماع وَاحِدَة، ثمَّ يَدعهَا، فَإِن كَانَ لَهُ فِيهَا حاجةٌ دَعَا شَاهِدين فأشهدهما أَنِّي قد راجعتها، وَإِن لم تكن لَهُ فِيهَا حاجةٌ تَركهَا؛ حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا، فَإِن ندما كَانَ خاطبًا من الْخطاب.
قَوْله. ﴿وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ﴾ أَي: فَلَا تطلقوهن فِي الدَّم، وَلَا فِي الطَّهَارَة وَقد جامعتموهن، إِلَّا فِي الطَّهَارَة بَعْدَمَا يغتسلن من الْحيض من قبل أَن تجامعوهُنَّ ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يخْرجن﴾ لَا تخرج من بَيتهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدَّتها، وَهَذَا الْخُرُوج أَلا تتحوَّل من بَيتهَا، وَإِن احْتَاجَت إِلَى
401
الْخُرُوج بِالنَّهَارِ لحاجتها خرجت، (ل ٣٦٥) وَلَا تبيت إِلَّا فِي بَيتهَا ﴿إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ تَفْسِير ابْن عمر: قَالَ: الْفَاحِشَة المبيّنة: خُرُوجهَا فِي عدَّتها ﴿وَتِلْكَ حُدُود الله﴾ أَحْكَام اللَّه ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ الله﴾ أَي: يتَجَاوَز مَا أَمر اللَّه بِهِ ﴿فقد ظلم نَفسه﴾ أَي: بمعصيته من غير شرْكٍ ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بعد ذَلِك أمرا﴾ يَعْنِي: الْمُرَاجَعَة رَجَعَ إِلَى أول السُّورَة ﴿فطلقوهن لعدتهن وأحصوا الْعدة﴾ أَي: لَهُ الرّجْعَة مَا لم تنقض الْعدة فِي التطليقة والتطليقتين
402
﴿فَإِذا بلغن أَجلهنَّ﴾ أَي: مُنْتَهى الْعدة ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَو فارقوهن بِمَعْرُوف﴾ وَذَلِكَ أَن الرجل كَانَ يُطلق الْمَرْأَة، فيتركها حَتَّى تشرف على انْقِضَاء عدّتها، ثمَّ يُرَاجِعهَا ثمَّ يطلقهَا؛ فَتعْتَد الْمَرْأَة تسع حيض، فَنهى اللَّه عَن ذَلِك، قَوْله: ﴿وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم﴾ يَعْنِي: على الطَّلَاق والمراجعة ﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَة لله﴾ يَعْنِي: من كَانَت عِنْده شهادةٌ فليشهد بهَا.
قَوْله: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب﴾ تَفْسِير ابْن عَبَّاس فِي قَوْله عز وَجل: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَهُ مخرجا﴾ قَالَ من كل ضيق [
﴿وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾] من حَيْثُ لَا يَرْجُو.
﴿إِنَّ الله بَالغ أمره﴾ أَي: يبلغ أمره على من توكل وعَلى من لم يتوكل ﴿قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ أَي: مُنْتَهى ينتهى إِلَيْهِ.
تَفْسِير سُورَة الطَّلَاق من الْآيَة ٤ إِلَى آيَة ٥.
﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُم إِن ارتبتم﴾ شَكَكْتُمْ (فَعِدَّتُهُنَّ
402
ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَئِي لَمْ يَحِضْنَ}.
قَالَ محمدٌ: سَأَلُوا فَقَالُوا: قد عرفنَا عدَّة الَّتِي تحيض، فَمَا عدَّة الَّتِي لَا تحيض؟ فَقيل: ﴿إِن ارتبتم﴾ أَي: إِذا ارتبتم، فعدتهن ثَلَاثَة أشهر.
قَوْله: ﴿وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ﴾ هَذِه نسخت الَّتِي فِي الْبَقَرَة ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ نسخ مِنْهَا الْحَامِل فَجعل أجلهَا أَن تضع حملهَا، وَإِن لم تكن حَامِلا كَبِيرَة كَانَت أَو صَغِيرَة وَمن لَا تحيض فعدتُها أَرْبَعَة أشهر وَعشر.
403
﴿ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ﴾ فِي الْقُرْآن.
تَفْسِير سُورَة الطَّلَاق من الْآيَة ٦ إِلَى آيَة ٧.
﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ﴾ من سعتكم، يَعْنِي: أَن لَهَا الْمسكن حَتَّى تَنْقَضِي الْعدة.
قَالَ محمدٌ: يُقَال: وَجَدْتُ فِي المَال وَجدًا ووُجْدًا وجِدَةً، وَوَجَدْت الضَّالة وجدانا.
403
﴿وَلَا تضاروهن﴾ فِي الْمسكن ﴿لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضعن حَملهنَّ﴾ إِن كَانَت حَامِلا أنْفق عَلَيْهَا حَتَّى تضع إِذا طلّقها ﴿فَإِنْ أرضعن لكم فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ﴾ أجر الرَّضَاع ﴿وَأْئتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ﴾ يَعْنِي الرجل وَالْمَرْأَة.
قَالَ محمدٌ: يَقُول: ليأمُرْ بعضُكم بَعْضًا بِالْمَعْرُوفِ فِي رضَاع الْمَوْلُود والرفق بِهِ؛ حَتَّى يتفقوا على شَيْء معلومٍ من أجر الرَّضَاع.
﴿وَإِن تعاسرتم﴾ فِي الرَّضَاع ﴿فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى﴾ أَي: فاسترضعوا لَهُ امْرَأَة أُخْرَى.
404
﴿وَمن قدر﴾ قتر ﴿عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ الله﴾ أعطَاهُ الله.
تَفْسِير سُورَة الطَّلَاق من الْآيَة ٨ إِلَى آيَة ١٢.
﴿وكأين﴾ أَي: وَكم ﴿مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَن أَمر رَبهَا وَرُسُله﴾ عَصَتْ أَمر رَبهَا وَرُسُله؛ يَعْنِي: أَهلهَا ﴿فحاسبناها حسابا شَدِيدا﴾ تَفْسِير السُّدي: يَعْنِي: فجازيناها جَزَاء شَدِيدا ﴿وعذبناها عذَابا نكرا﴾ عَظِيما
﴿فذاقت وبال أمرهَا﴾ يَعْنِي: الْعقُوبَة ﴿وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خسرا﴾ خسروا بِهِ الْجنَّة
(أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ
404
٤٠٥ - @ عَذَابًا شَدِيدًا} فِي الْآخِرَة بعد عَذَاب الدُّنْيَا.
﴿قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا﴾ أَي: قد أنزل اللَّه إِلَيْكُم ذكرا بالرسول الَّذِي جَاءَكُم
405
﴿رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ﴾ يبينها رَسُول الله؛ هَذَا على مقرأ من قَرَأَهَا مفتوحةَ الْيَاء.
﴿قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا﴾ يَعْنِي: الْجنَّة.
﴿يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ﴾ يَعْنِي: الْوَحْي ﴿بَيْنَهُنَّ﴾ ﴿بَين السَّمَاء وَالْأَرْض﴾ (لِتَعْلَمُوا} بِهَذَا الْوَحْي ﴿أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ لَا يخرج عَن علمه شيءٌ.
قَالَ مُحَمَّد: (علما) مَنْصُوب على الْمصدر الْمُؤَكّد، الْمَعْنى: قد علم كل شيءٍ علما. انْتهى هَذَا الْجُزْء بِحَمْد الله.
405
تَفْسِيرُ سُورَةُ التَّحْرِيمِ وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ كلهَا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

تَفْسِير سُورَة التَّحْرِيم الْآيَة (١ - ٥)
5
Icon