تفسير سورة سورة القيامة من كتاب التفسير المظهري
.
لمؤلفه
المظهري
.
المتوفي سنة 1216 هـ
سورة القيامة
مكية وهي أربعون آية
ﰡ
﴿ لا أقسم بيوم القيامة ١ ﴾ قرأ قنبل لأقسم بغير الألف بعد اللام تأكيد القسم وكذا روى النقاش عن أبي ربيعة عن البزي والباقون بالألف بما بعد اللام فقيل لا زائدة كما في قوله ﴿ ولا أقسم بالنفس اللوامة ٢ ﴾ والمعنى فيهما القسم وجواب القسم محذوف دل عليه ما بعده أي لتبعثن ولتحاسبن وليجزين كل نفس بما كسبت إن خير فخير وإن شر فشر، وقال أبو بكر بن عياش هو تأكيد للقسم، قال البيضاوي إدخال لا النافية على فعل القسم للتأكيد شائع في كلام العرب، قلت : وفيه إشعار بأن هذا الأمر ظاهر مستغن عن التأكيد بالقسم وذلك لأن من له عقل وفهم لو تأمل بعد ما يرى من الناس من هو كافر للنعم ظالم على الخلق قاطع للرحم مرتكب الأمور بجزم العقل بقبحها وهو في نعمة ورغد من العيش ومن هو شاكر لله تعالى راض عنه الخلق في محبته وبلاء يحكم أن للجزاء دارا غير هذه الدار وإلا يلزم من الله تعالى ترجيح الشنيع على المليح وذلك شنيع يستحيل إنصاف الصانع به تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
﴿ لا أقسم بيوم القيامة ١ ﴾ قرأ قنبل لأقسم بغير الألف بعد اللام تأكيد القسم وكذا روى النقاش عن أبي ربيعة عن البزي والباقون بالألف بما بعد اللام فقيل لا زائدة كما في قوله ﴿ ولا أقسم بالنفس اللوامة ٢ ﴾ والمعنى فيهما القسم وجواب القسم محذوف دل عليه ما بعده أي لتبعثن ولتحاسبن وليجزين كل نفس بما كسبت إن خير فخير وإن شر فشر، وقال أبو بكر بن عياش هو تأكيد للقسم، قال البيضاوي إدخال لا النافية على فعل القسم للتأكيد شائع في كلام العرب، قلت : وفيه إشعار بأن هذا الأمر ظاهر مستغن عن التأكيد بالقسم وذلك لأن من له عقل وفهم لو تأمل بعد ما يرى من الناس من هو كافر للنعم ظالم على الخلق قاطع للرحم مرتكب الأمور بجزم العقل بقبحها وهو في نعمة ورغد من العيش ومن هو شاكر لله تعالى راض عنه الخلق في محبته وبلاء يحكم أن للجزاء دارا غير هذه الدار وإلا يلزم من الله تعالى ترجيح الشنيع على المليح وذلك شنيع يستحيل إنصاف الصانع به تعالى عن ذلك علوا كبيرا. والنفس اللوامة المراد بها إما الجنس قال الفراء ليس من نفس برة ولا فاجرة إلا وهي تلوم نفسها يعني في الآخرة إن كانت عملت خيرا قالت هلا زدت وإن عملت سوءا قالت ليتني لم أفعل، وقال الحسن هي النفس المؤمنة قال إن المؤمن والله ما تراه إلا يلوم نفسه يعني في الدنيا ما أردت بكلامي وما أردت بأكلي وإن الفاجر لا يحاسب نفسه ولا يعاتبها، وقال مقاتل النفس الكافرة تلوم نفسها في الآخرة على ما فرط في أمر الله تعالى في الدنيا وقيل : المراد به الذي يقول لو فعلت كذا ولو لم أفعل كذا لكان كذا ولا يرضى بالقضاء قائلا ما شاء الله ويقدر الله، وقالت الصوفية النفس أمارة بالسوء ثم إذا اجتهد في الذكر وتداركه الجذب من الله تعالى يظهر له قبائح نفسه ويرى مشتغلا لغير الله سبحانه ولا يقدر على القطع عنه بالكلية فحينئذ تلوم نفسها ويقال لها النفس اللوامة ثم إذا حصل له الفناء والبقاء وانخلع عما سوى الله واطمأن بذكره فحينئذ يقال له النفس المطمئنة.
﴿ أيحسب ﴾ استفهام إنكار على التوبيخ ﴿ الإنسان ﴾ المراد به الجنس لأن فيهم من يحسب والمراد الذي نزل فيه واللام للعهد، قال البغوي نزلت في عدي بن ربيعة حليف بني زهرة ختن الأخنس بن شريق الثقفي وكان النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد حدثني عن القيامة متى تكون وكيف أمرها وحالها فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك لم أؤمن بك أو يجمع الله العظام فأنزل الله تعالى أيحسب الإنسان ﴿ ألن نجمع عظامه ﴾ بعد التفريق والبلى ونكر جمع العظام والغرض منه إنكار البعث فإن العظام قلب الروح وإعادة الروح متفرع على جمعها وأن مخففة أو مصدرية مفعول يحسب قائم مقام مفعوليه.
﴿ بلى ﴾ يجمعها فينجيه ﴿ قادرين ﴾ حال من فاعل الفاعل المقدر ذكرها للترقي على ما أنكر كما يقال أيحسب أن لن نقدر عليك بلى نقدر عليك قادرين على أقوى منك والمعنى بل نجمعها ونقدر على جمعها قادرين ﴿ على أن نسوي بنانه ﴾ أي أنامله أو أطراف أنامله لجمع سلامياته وضم بعضها إلى بعض كما كانت مع صغرها ولطافتها فكيف بكبار العظام.
﴿ بل يريد الإنسان ﴾ عطف على يحسب فيجوز أن يكون استفهاما وأن يكون إيجابا بالجواز أن يكون الإضراب عن المستفهم أو عن الاستفهام ﴿ ليفجر أمامه ﴾ يفجر منصوب بأن مقدرة واللام زائدة، قال مجاهد والحسن وعكرمة والسدي معناه لا يجهل ابن آدم أن ربه قادر على جمع عظامه لكنه يزيد أن يفجر أن يكفر أمامه أي ما يأتي عليه من الزمان المستقبل فيدوم على الكفر لا ينزع عنه ولا يتوب، وقال سعيد بن جبير معناه يقدم الذنب ويؤخر التوبة ويقول سوف أتقرب سوف أعمل حتى يأتيه الموت عل شر حاله، وقال الضحاك هو الأمل يقول أعيش فأصيب من الدنيا كذا وكذا ولا يذكر الموت، وقال ابن عباس وابن زيد يكذب بما أمامه من القيامة والبعث والحساب والفجور الميل سمي فاجرا لميله عن الحق.
﴿ يسأل ﴾ حال من فاعل يفجر أي سائلا واستبعادا واستهزاء ﴿ أيان ﴾ متى ﴿ يوم القيامة ﴾ أي لا يكون ذلك.
﴿ فإذا برق البصر ٧ ﴾ قرأ نافع برق بفتح الراء والباقون بكسرها وهما لغتان قال في القاموس برق كفرح ونصر برقا وبروقا تحير حتى لا يطرف أو دهش فلم يبصر، وقال الفراء والخليل برق بالكسر أي تحير وفزع لا يرى من العجائب التي كان يكذبها في الدنيا قيل ذلك عند الموت والصحيح أنه يوم القيامة بقرينة ما عطف عليه.
﴿ وخسف القمر ٨ ﴾ أي أظلم وذهب ضوءه.
﴿ وجمع الشمس والقمر ٩ ﴾ أسودين مكورين قيل : معناه إنهما يطلعان معا من المغرب آية للقيامة والخسوف مستعار للمحاق، وقال عطاء بن يسار يجمعان يوم القيامة ثم يقذفان في البحر فتكون نارا له الكبرى وقيل : يجمع بينهما في ذهاب الضوء وعن جمل برق البصر الخ على ما قيل الموت لقسر الخسوف بذهاب ضوء البصر والجميع باستتباع الروح الخاصة في الذهاب أو لوصوله إلى مكان يقتبس منه نور العقل من سكان القدس وتذكير الفعل لتقدمه وتغليب المعطوف وإذا مضاف إلى البرق والخسف والجمع ظرف لقوله ﴿ يقول الإنسان ﴾.
﴿ يقول الإنسان ﴾ والجملة الكاملة معطوفة على مضمون قوله بلى قادرين أي بلى نجمع العظام فيقول الإنسان الكافر أين المفر يقول ذلك إذا برق البصر الخ ﴿ يومئذ ﴾ بدل من إذا برق الخ ﴿ أين المفر ﴾ مقول ليقول.
﴿ كلا ﴾ ردع من طلب المفر بيانه ﴿ لا وزر ﴾ أي لا ملجأ ولا حصن مستعار من الجبل فإنهم كانوا يلجؤون بالجبل واستقامة من أنوار بمعنى الثقل.
﴿ إلى ربك يومئذ المستقر ١٢ ﴾ المصير والمرجع وإلى مشيئته وحكمه موضع قرارهما.
﴿ ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر ١٣ ﴾ قال ابن مسعود وابن عباس بما قدم قبل موته من عمل صالح أو شيء وما أخر بعد موته من سنته حسنة أو سيئة بعمل، وقال قتادة بما قدم من طاعة الله وما أخر منه فضيعه، وقال مجاهد بأول عمله وآخره، وقال زيد بن أسلم بما قدم من أمواله لنفسه وما أخر لورثته وقيل : بما قدم وأخر بمعنى بل قدم أمور الدنيا على أمور الآخرة أو بالعكس.
﴿ بل الإنسان على نفسه بصيرة ١٤ ﴾ أي يبصر بتذكير ما عمل في الدنيا لا يحتاج إلى الأنباء والهاء للمبالغة نظيره قوله تعالى :﴿ كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ﴾ كذا قال أبو العالية وعطاء ورواه البغوي عن ابن عباس، ويحتمل أن يكون بصيرة صفة لمحذوف تقديره بل الإنسان عين بصيرة على نفسه وعلى التقديرين على نفسه متعلق ببصيرة وهو خبر الإنسان، والبصيرة بمعنى الحجة كما قوله تعالى :﴿ قد جاءكم بصائر من ربكم ﴾ أي الإنسان هو حجة بينة على نفسه شاهد عليها وحينئذ على نفسه ظرف مستقر خبره بصيرة والجملة خبر للإنسان ويحتمل أن يراد بالبصيرة ذا الحجة الملك الموكل، وقال مقاتل والكلبي معناه بل الإنسان على نفسه بصيرة رقباء يرقبونه ويشهدون عليه بعمله وهو سمعه وبصره وجوارحه وحينئذ دخول الهاء في البصيرة لأن المراد الإنسان جوارحه ويحتمل أن يكون معناه بل الإنسان على نفسه بصيرة يعني جوارحه فحذف حرف الجر كما في قوله تعالى :﴿ وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم ﴾ أي لأولادكم.
﴿ ولو ألقى ﴾ الإنسان ﴿ معاذيره ﴾ قال الضحاك والسدي معناه ولو أرخى الستور وأغلق الأبواب عند فعل المعصية ليخفي ما يعمل فلا ينفع فإن نفسه عليه شاهد وكذا الموكل به والله على كل شيء شهيد وأهل اليمن يسمون الستر معذارا وجمعه معاذيره، وقال مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير معناه يشهد عليه الشاهد من الجوارح والملائكة ولو اعتذر وجادل عن نفسه كما قال لا ينفع الظالمين معذرتهم قال : الفراء ولو اعتذر فعليه من نفسه من يكذبه ومعنى القاء القول كما قال تعالى :﴿ فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون ﴾ وعلى هذا معاذير جمع معذار بمعنى العذر وجمع معذرة على غير قياس كمناكير في المنكر، والظاهر أنه اسم جمع وجمعها معاذر وكذا المناكير والله تعالى أعلم.
أخرج الشيخان في الصحيحين عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبرائيل بالوحي يحرك لسانه وشفتيه فيشتد عليه وكان يعرف عنه يريد أن يحفظ ما أنزل الله فأنزل الله تعالى ﴿ لا تحرك ﴾ يا محمد ﴿ به ﴾ بالقرآن ﴿ لسانك ﴾ قبل أن يتم وحيه ﴿ لتعجل به ﴾ أي لتأخذه على عجلة، في الصحيحين عن ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك شفتيه إذا نزل يخشى أن ينفلت.
﴿ إن علينا جمعه ﴾ في صدرك ﴿ وقرآنه ﴾ إثبات قراءته على لسانك تعليل للنهي.
﴿ فإذا قرأناه ﴾ أي القرآن بلسان جبرائيل أضاف قراءة جبريل إلى نفسه مجازا لأنه بأمره ورسالته ﴿ فاتبع قرآنه ﴾ قراءته يعني فاقرأ بعد قراءة جبريل حتى يرسخ في ذهنك كذلك لا بد للتلميذ أن يقرأ بعد قراءة الشيخ ولا يقرأ معه كيلا يقع المزاحمة والتشويش في القراءة والحفظ.
﴿ ثم إن علينا بيانه ١٩ ﴾ أي القرآن أي إظهار المراد منه إذا أشكل شيء من معانيه، قلت : الآية على أن بيان القرآن محكمه ومتشابهه من الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن يكون شيء منها غير مبين له عليه الصلاة والسلام وإلا يخلو الخطاب من الفائدة ويلزم الخلف في الوعد كما ذكرنا هذه المسألة في تفسير قوله تعالى :﴿ وما يعلم تأويله إلا الله ﴾ وكلمة ثم تدل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب لكن لا يجوز عن وقت الحاجة، وجملة لا تحرك به لسانك معترضة على طريقة من يتكلم فطفق المخاطب يتكلم ويقطع كلامه فقال اسكت ولا تقطع الحديث إنما لك حق التكلم بعد تمام الاستماع ثم عاد إلى ما كان يتكلم فيه فقال ﴿ كلا ﴾ ردع على إنكار البعث أو الفجور أما هم أو على إلغاء المعاذير الباطلة ﴿ بل تحبون ﴾.
﴿ كلا ﴾ ردع على إنكار البعث أو الفجور أما هم أو على إلغاء المعاذير الباطلة ﴿ بل تحبون ﴾ الضمير راجع إلى الإنسان المذكور سابقا وجمع الضمير نظرا إلى المعنى لأن المراد به الجنس أو الذي الكلام فيه ومن في معناه ﴿ العاجلة ﴾ يعني الدنيا وشهواتها.
﴿ وتذرون ﴾ أي الإنسان على ما ما مر هذا على قراءة ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بالياء للغيبة فيهما وقرأ الكوفيون ونافع بالتاء على الخطاب فيهما على طريقة الالتفات من الغيبة إلى الخطاب ﴿ الآخرة ﴾ وتعميها يعني أنهم لا يعلمون أن الله تعالى لا يقدر على البعث والإعادة أو أن معاذيره ينفعهم بل يحبون العاجلة ويتبعون الشهوات الدنيا فأعمى الشهوات بأبصارهم وأعمه قلوبهم ويذرون الآخرة.
ثم ذكر أحوال الآخرة فقال ﴿ وجوه ﴾ مبتدأ إما معترضة بتقدير الإضافة أي وجوه المؤمنين المقربين وإما نكرة مخصصة بصفة مقدرة أي وجوه كثيرا وجوه منهم أي من جنس الإنسان الذي مر ذكره ﴿ يومئذ ﴾ ظرف لما بعده يعني يوم إذا كان ما سبق من برق البصر وغيره أو يوم إذا كانت الآخرة ﴿ ناضرة ﴾ خبر ناعمة حسنة متهللة.
﴿ إلى ربها ﴾ متعلق بما بعده ﴿ ناظرة ﴾ برؤية البصر بلا كيف ولا جهة ولا ثبوت مسافة ولا بقياس الغائب على الشاهد خبر ثان لوجوه، وأخرج الآجري والبيهقي في كتاب الرؤية من طريقين عن ابن عباس قال وجوه يومئذ ناضرة قال : حسنة إلى ربها ناظرة نظرة إلى الخالق وأخرجوا عن الحسن نحوه، وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجه غدوة وعشية ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ وجوه يومئذ ناضرة ٢٢ إلى ربها ناظرة ٢٣ ﴾ رواه أحمد والترمذي والدارقطني واللالكائي والآجري نحوه وفي لفظ الآجري ( أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر في مكله مسيرة ألفي عام يرى أقصاه ) كما يرى أدناه وفي الباب حديث أنس رواه البزار والطبراني والبيهقي وأبو يعلى بطوله وفيه ( يوم الجمعة يزداد فيها نظرا إلى وجهه تعالى ولذلك دعي يوم المزيد ) رواه البزار والأصفهاني عن نحوه، وأخرج الآجري عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( إن أهل الجنة يرون ربهم كل جمعة ) وعن الحسن مرسلا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن أهل الجنة ينظرون إلى ربهم كل جمعة ) الحديث أخرجه يحيى بن سلام وعن أنس مرفوعا ( قال الله تعالى من سلبت كريمتيه جزائه الحلول في داري والنظر إلى وجهي ) رواه الطبراني وغيره، وحديث جرير البجلي قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال :( إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) متفق عليه وكذا روى اللالكائي عن حذيفة وفي الصحيحين عن أبي هريرة نحوه، وعن زيد بن ثابت قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ( اللهم إني أسألك برد العيش بعد الموت ولذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضرار مضرة ولا فتنة مضلة ) رواه اللالكائي، وعن عبادة بن صامت ( لن تروا ربكم حتى تموتوا ). رواه الدارقطني وكذا رواه اللالكائي عن أبي هريرة وأخرج أبو النعيم في الحلية عن ابن عباس قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ رب أرني أنظر إليك ﴾ قال : قال الله تعالى يا موسى إنه لا يراني حي إلا مات ولا يابس إلا تدهده ولا رطب إلا تغرق وإنما يراني أهل الجنة لا تموت أعينهم ولا تبلى أجسامهم ) وعن علي في قوله تعالى :﴿ فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ﴾ قال : من أراد أن ينظر إلى خالقه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك به أحدا رواه البيهقي. وبالجملة صح تفسير هذه الآية وتفسير قوله تعالى :﴿ للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ﴾ وقوله تعالى :﴿ ولدينا مزيد ﴾ وغيره من الآيات برؤية الله تعالى مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه التابعين بحيث بلغت مبلغ التواتر عند أهل الحديث كذا ذكر السيوطي وغيره وبما ذكرنا في هذا المقام كفاية ونذكر في تفسير كل رية منها ما يتعلق به إن شاء الله تعالى، وعلى رؤية الله تعالى انعقد إجماع أهل السنة والجماعة وخالفهم أهل الهواء من المعتزلة والخوارج وغيرهم بامتناعها زعما منهم بأنها تتوقف على كون المرئي حسما كثيفا بلا حجاب وكون المسافة بين الرائي والمرئي متوسطة لا في غاية القرب ولا في غاية البعد وخروج شعاع البصر من الرائي ووصوله إلى المرئي المقتضى ثبوت الجهة له تعالى، واستدلوا على امتناع الرؤية من المنقول بقوله تعالى :﴿ لا تدركه الأبصار ﴾ وقالوا : تأويل هذه الآية أن ناظرة بمعنى منتظرة أمر ربها وإنعامه ويأبى عنه العربية فإن الانتظار يتعدى باللام دون إلى والنظر بالبصر يعدى بإلى، وقال أهل السنة الرؤية لا تتوقف إلا على كون المرئي موجودا وكذلك في جانب الرائي لا يشترط إلا الوجود والحياة والعلم والإبصار وأما توقف الرؤية على غير ذلك من الشرائط فأمر عادي في خصوص المادة ولا يجوز قياس الغائب على الشاهد ولا شك أن الله سبحانه وتعالى يرى خلقه من الماديات والمجردات من غير مسافة بينهما ولا خروج شعاع وهو السميع البصير كيف ينكر كونه مرئيا بعدما نطق به البشير النذير وقوله تعالى :﴿ لا تدركه الأبصار ﴾ وإنما ينفي الدرك وهو يقتضي الإحاطة وحصول العلم بكنهه وذلك محال وأما العلم الحضوري بالكنه بمعنى حضور كنه المعلوم عنه العالم فليس بمحال لكنه متعال عن درك الأبصار والله تعالى أعلم.
فائدة : هذه الآية تدل على أنهم يرون الله تعالى دائما مستمرا لا ينقطع رؤيتهم كما يدل على دوام النضرة لهم أبدا فإن الجملة الاسمية للدوام والاستمرار ولا منافاة بينها وبين ما ثبت بالأحاديث أن من الناس من يرى الله تعالى كل جمعة منهم من يرى الله تعالى في كل جمعة أي أسبوع مرتين كذا أخرج ابن أبي الدنيا عن أبي أمامة، ومنهم من يرى ربه في مقدار كل عيد لهم في الدنيا يعني في كل سنة مرتين كذا روى يحيى بن سلام عن أبي بكر بن عبد الله المزني، ومنهم من يرى في كل يوم مرتين غدوة وعشية كما مر من حديث ابن عمر لأن ثبوت دوام الرؤية إنما هو لجمع منكر وهي لا تدل على العموم أو بقدر ما هو خص من المؤمنين فيقدر المقربين فتقديره وجوه المقربين يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة دائما أبدا، أخرج أبو نعيم عن أبي يزيد البسطامي قال : إن الله تعالى خواص من عباده لو حجبهم في الجنة عن رؤية لاستغاثوا كما يستغيث أهل النار بالخروج من النار فظهر أن الناس في الرؤية على درجات لا تكاد تجمع، وليس المقصود من الأحاديث استيفاء رجائهم ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم :( أكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية ) أنهم من أكرمهم وهذا لا يقتضي أن لا يكون أحد أكرم منهم وإذا تقرر هذا فاعلم أن الذين يدومون النظر إلى الله تعالى أعلم بهم هم الأنبياء والمقربون من العباد الواصلين إلى الذات المجرد عن الشيون والاعتبارات الذين كان حظهم في دار الدنيا من الذات التجلي الدائمي لا كالبرق الخاطف لأن من كان حظه في دار الدنيا دوام التجلي ولم يكن له الرؤية في الدنيا لعدم صلاحيته تعين هذه النشأة الرؤية كما أشير إليه في حديث ابن عباس عند أبي نعيم في الحلية فإذا زال المانع فلا جرم ينظر ذلك الرجل إلى الله دائما وإلا لزم انعكاس الأمور ورجوعه القهقرى ومن لم يكن في الدنيا دوام التجلي والحضوري فيكون الرؤية لهم على تفاوت الدرجات فمن كان حظه تجليا برقيا يرى في كل يوم مرتين أو مرارا من لم يكن كذلك ففي كل جمعة أو شهر أو سنة على ما شاء الله.
فائدة : قال المجدد رضي الله عنه في المكتوب المائة من المجلد الثالث في تحقيق سر اشتغال قلب يعقوب عليه السلام بمحبة يوسف عليه السلام : مع أن قلوب الخواص من الناس تكون فارغة عن حب غير الله تعالى أن جنة كل رجل عبارة عن ظهور اسم من أسماء الله تعالى الذي هو مبدأ التعين ذلك الرجل وأن ذلك الاسم يتجلى بصورة الأشجار والأنهار والقصور والحور والغلمان واستحكم هذا المكشوف بقوله صلى الله عليه وسلم :( إن الجنة طيبة التربة عذبة – أي أنهارها- قيعان وإن غراسها هذه يعني سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ) ثم قال المجدد رضي الله عنه إن تلك الأشجار والأنهار قد تصير في حين من الأحيان على هيئة الأجرام الزجاجة فتصير وسيلة إلى رؤية الله سبحانه غير متكيفة ثم تعود إلى حالها الذي كانت عليه فيشتغل المؤمن بنفسها وهكذا إلى أبد الآبدين، وقال : كما أن التجلي الذاتي للصوفي في الدار الدنيا تكون من وراء حجب الأسماء أو الصفات وقد يرتفع تلك الحجب فيحصل له التجلي الذاتي كالبرق الخاطف كذلك حال الرؤية في الآخرة لكل رجل يتعلق بذات الله سبحانه وتعالى باعتبار اسم هو مبدأ الجنة وتجلى وتمثل لجنة وتلك الرؤية تكون كالبرق الخاطف في زمان يسير ثم تحجب عنه ويبقى نوره وبركته من وراء نعيم الجنة وأشجارها، قلت : هذا تحقيق رؤية العوام من أهل الجنة وأما الخواص منهم فلما كان التجلي لهم في الدنيا دائما فكذلك الرؤية تكون لهم دائما. فإن قيل : قال المفسرون تقديم الجار المجرور في قوله تعالى :﴿ إلى ربها ناظرة ٢٣ ﴾ يقتضي الحضر ويفيد أنهم إذا أراد ربهم يستغرقون في رؤيته تعالى لا ينظرون حينئذ إلى غيره ويؤيده حديث جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع عليهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب تبارك وتعالى قد أشرف عليهم من فوقهم فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة وذلك قوله تعالى :﴿ سلام قولا من رب رحيم ٥٨ ﴾ قال :( فينظر إليهم وينظرون إليه فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم وما داموا ينظرون إليه حتى يحجب عنهم ويبقى نوره وبركته في ديارهم ) رواه ابن ماجه وابن أبي الدنيا والدارقطني فحينئذ لو كان لبعض الناس دوام الرؤية فكيف يتصور الحصر وعدم الالفتات إلى النعيم دائما ؟ قلنا : إفادة الحصر ممنوع وتقديم الجار والمجرور لرعاية الفواصل ولعل الالتفات إلى النعيم في حق ذلك البعض لا يزاحم الرؤية بل تكون نعيم الجنة في حقه مثل الأجرام الزجاجية أبدا مؤبدة للرؤية وذلك الصوفي يجمع له الرؤيتان رؤية حجاب ورؤية بتوسط النعيم ومع ذلك يرى النعيم ويلتذ به أيضا وإن من هذا شأنه فلن يشغله شأن عن شأن وأما غيره من أهل الجنة فالالتفات إلى نعيم الجنة يشغلهم عن الرؤية وبالعكس لضيق استعدادهم، أو نقول معنى الحصر في حق من له الرؤية وأما ما روي من حديث جابر فهو حكاية عن حال عامة أهل الجنة، لا يقال : سلمنا أن التفاتهم النعيم لا يشغله عن الرؤية فكيف يجوز له التوجه إلى النعيم مع حصول شرف الرؤية لما ذكرنا أن نعيم الجنة أسماء الله تعالى فلا محذور في الالتفات إليها مع الرؤية.
فائدة : وقع في بعض كلام الأئمة أن رؤية الله خاصة لمؤمن البشر وأن الملائكة لا يرونه ونص البيهقي على خلافه محتجا بحديث عبد الله بن عمرو ابن العاص قال : خلق الله تعالى الملائكة بعبادته أصنافا وإن منهم الملائكة قياما صافين من يوم خلقهم إلى يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة تجلى لها تبارك وتعالى فنظروا إلى وجه الكريم وقالوا : ما عبدناك حق عبادتك، وأخرج نحوه من وجه آخر عن عدي بن أرطان عن رجل من الصحابة وبما ذكرنا رؤية كل رجل على حسب مبدأ تعينه يظهر فضل الملائكة على عوام مؤمني البشر لكون مبادي تعيناتهم فوق مبادي تعينات البشر كما حققه المجدد رضي الله عنه وبما ذكرنا رؤية الخواص لبشر دائمة غير منقطعة يظهر فقيل : خواص البشر أفضل على خواص الملائكة كما بين في كتب العقائد.
﴿ ووجوه ﴾ أي وجوه الكافرين أو وجوه كثيرة ﴿ يومئذ باسرة ﴾ كالحة عابسة شديد العبوس.
﴿ تظن ﴾ تستيقن أربابها خبر ثاني ﴿ أن يفعل بها فاقرة ﴾ واهية عظيمة فقار الظهر، قال ابن زيد هي دخول النار، وقال الكلبي هي أن يحجب عن رؤية الرب عز وجل.
﴿ كلا ﴾ ردع عن إيثار الدنيا على الآخرة كأنه قيل ارتدعوا عن ذلك واذكروا الموت الذي عنده ينقطع الدنيا وتقبل الآخرة مخلدة ﴿ إذا بلغت ﴾ النفس كناية عن غير المذكور دل عليه الكلام وإذا شرطية جزاءه إلى ربك يومئذ المساق أو ظرف متعلق بفعل دل عليه المساق أي يساقون إلى ربكم إذا بلغت ﴿ التراقي ﴾ العظام المكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال ويكنى ببلوغ النفس التراقي عن الإشراف على الموت.
﴿ وقيل من راق ٢٧ ﴾ يسكت حفص على من ويدغم غيره أي قال حاضر والمحتضر من يرقيه مما به من الترقية كذا قال قتادة، أو قالت الملائكة الموت أيكم يرقي بورجه ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب من الرق كذا قال سليمان التميمي ومقاتل بن سليمان.
﴿ وظن ﴾ المحتضر ﴿ أنه ﴾ أي الذي نزل به ﴿ الفراق ﴾ أي سبب للفراق من الدنيا ومما يحبه.
﴿ والتفت الساق بالساق ٢٩ ﴾ أي إلتوت ساقه بساقه فلا يقدر تحريكهما كذا قال الشعبي والحسن ونحوه، وقال ابن عباس التوت أمر الدنيا بأمر الآخرة فكان آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة فيجتمع عليه شدة فراق الدنيا بشدة إقبال الآخرة، وقال الضحاك معناه أن الناس يجهزون جسده والملائكة يجهزون روحه.
﴿ إلى ربك ﴾ لا إلى غيره ﴿ يومئذ المساق ﴾ أي سوق ومرجعه يحكم فيه ما يشاء.
﴿ فلا صدق ﴾ الرسول والقرآن أو لا صدق ماله أي لم يزك ﴿ ولا صلى ﴾ لله ما فرض عليه قوله فلا صدق عطف على مضمون أيحسب الإنسان فإن التوبيخ يستلزم الوقوع تقديره حسب الإنسان أن لن نجمع عظامه ولا نبعثه فلا صدق ولا صلى والضمير فيهما راجع إلى الإنسان فالسياق يقتضي أن يكون ذلك حكاية عن عدي بن ربيعة المذكور، وقال البغوي المراد أبو الجهل ولو حمل الإنسان على الجنس لكان شاملا لهما.
﴿ ولكن كذب ﴾ النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ وتولى ﴾ عن الإيمان به.
﴿ ثم ذهب إلى أهله يتمطى ٣٣ ﴾ أي يسرع في سيره، في القاموس مطى جد في السير والسرع، في الصحاح معناه يمد مطاه أي ظهره ومنه يقال لا يركب ظهره مطيه كالبعير، وقيل : أصله يتمطط أبدلت الطاء ياء اجتماع ثلاثة أحرف مماثلة والطاء هو المد، وحاصل المعنى يتبختر لأن المتبختر يمد عنقه ويمد خطاياه.
﴿ أولى لك ﴾ جملة دعائية بمعنى ويل لك أو تهديد ووعيد وفيه التفات من الغيبة إلى الخطاب ﴿ فأولى ثم أولى لك فأولى ٣٥ ﴾.
﴿ ثم أولى لك فأولى ٣٥ ﴾ كرره للتأكيد ويحتمل أن يراد به ويل لك في الدنيا بالقتل واللعن وذكر السوء والتعذيب وويل لك يوم الموت وويل لك إذ بعثت ويل لك إذا دخلت النار فهو نقيض ما قيل في يحيى عليه السلام ﴿ وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا ١٥ ﴾ فهو أفعل من الويل بعد القلب كأدنى من دون وقيل : أصله أولاك الله ما تكرهه واللام مزيدة كما في قوله ﴿ ردف لكم ﴾ أي ردفكم وقيل : أصله أولى لك الهلاك وقيل هو فعل من آل يؤل أمرك إلى الشرك، وقيل هو اسم فعل بمعنى وليك ما تكرهه في القاموس أولى لك تهدد ووعيد أي قاربك الهلاك فهو من الولي بمعنى القرب، قال قتادة ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية أخذ بمجامع ثوب أبي جهل بالبطحاء وقال له أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى فقال أبو جهل أتوعدني يا محمد ؟ والله لا تستطيع أنت وربك أن تفعلا بي شيئا وإني أعز من مشى بين جبلها فلما كان يوم بدر صرعه الله أشد مصرع وقتله سوء قتل، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن لكل أمة فرعونا وإن فرعون هذه أبو جهل ) وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : لما نزلت ﴿ عليها تسعة عشر ٣٠ ﴾ قال أبو جهل لقريش ثلكتكم أمهاتكم يخبركم ابن أبي كبشة أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم أيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل من خزنة جهنم ؟ فأوحى الله تعالى إلى رسوله أن يأتي أبا جهل فيقول له :﴿ أولى لك فأولى ٣٤ ثم أولى لك فأولى ٣٥ ﴾
أخرج النسائي عن سعيد بن جبير أنه سأل ابن عباس عن قوله :﴿ أولى لك فأولى ٣٤ ﴾ قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل نفسه أم أمره الله به ؟ قال : بل قاله من قبل نفسه، ثم أنزل الله ﴿ أيحسب الإنسان أن يترك سدى ٣٦ ﴾
أمالحمزة والكسائي مهملا لا يؤمر ولا ينهى ولا يبعث ولا يجازي حيث ينكر البعث فإن إنكار البعث يقتضي كونه مهملا مع أن الحكمة في خلقه ليس إلا التكليف قال الله تعالى :﴿ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ٥٦ ﴾ وقال :﴿ قل ما يعبؤا بكم ربي لولا دعاؤكم ﴾ وكيف ينكر الإنسان البعث ويستحيله.
﴿ ألم يك نطفة من مني يمنى ٣٧ ﴾ يصب في الرحم قرأ حفص بالياء على التذكير راجعا إلى المني والباقون بالتاء ردا إلى النطفة.
﴿ ثم كان ﴾ الإنسان بعد كونه نطفة ﴿ علقة ﴾ بعد أربعين يوما ثم مضغة كذلك ثم عظاما فكسيت لحما ﴿ فخلق ﴾ الله تعالى إياه وإيانا بنفخ روحه فيه ﴿ فسوى ﴾ وعدل خلقه بلا نقصان.
﴿ فجعل ﴾ الله سبحانه ﴿ منه ﴾ أي من المني الذي صار علقة ثم مضغة ثم عظاما ولحما ﴿ الزوجين ﴾ الصنفين يجتمعان في الرحم تارة وينفرد كل منهما عن الآخر أخرى ﴿ الذكر والأنثى ﴾
﴿ أليس ذلك ﴾ الله الذي يفعل ذلك ويوجد بلا سبق وجود ﴿ بقادر على أن يحيي الموتى ﴾ إنكار جواز البعث مع مشاهدة ما هو أعجب منه يقتضي كمال الحمق أو العناد، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من قرأ منكم بالتين فانتهى إلى آخرها ﴿ أليس الله بأحكم الحاكمين ٨ ﴾ فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ومن قرأ لا أقسم بيوم القيامة فانتهى إلى ﴿ أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ﴾ فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ومن قرأ والمرسلات فبلغ فبأي حديث بعده يؤمنون فليقل : آمنا بالله ) وعن موسى بن عائشة قال : كان رجل يصلي فوق بيته فكان إذا قرأ أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى قال : سبحانك بلى فسألوه عن ذلك فقال : سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم روى الحديثين أبو داود.