تفسير سورة الهمزة

الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية
تفسير سورة سورة الهمزة من كتاب الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المعروف بـالفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية .
لمؤلفه النخجواني . المتوفي سنة 920 هـ

الممدود والعروة الوثقى التي لا انفصام لها في عين الشهود
إِنَّ الْإِنْسانَ المجبول على فطرة المعرفة والايمان حسب حصته اللاهوتية لَفِي خُسْرٍ عظيم وخيبة بينة بسبب اشتغاله بما لا يعنيه من لوازم بشريته المتعلقة بحصة ناسوته
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا بوحدة الحق وتفطنوا لاستقلاله سبحانه في التصرفات الجارية في ملكه وملكوته وَهم مع الايمان والإذعان قد عَمِلُوا الصَّالِحاتِ الدالة على إخلاصهم ويقينهم في ايمانهم ونياتهم وَذلك قد تَواصَوْا بِالْحَقِّ اى اوصى بعضهم بعضا بسلوك طريق الحق وتوحيده إرشادا وتنبيها وَتَواصَوْا ايضا بِالصَّبْرِ على مشاق الطاعات ومتاعب الرياضات الطارئة عليهم من قطع المألوفات الامكانية وترك اللذات والمستلذات البهيمية اللازمة للقوى البشرية. وفقنا الله على قطعها وقلعها بمنه وجوده
خاتمة سورة العصر
عليك ايها المحمدي القاصد لقطع العلائق الامكانية الطالب الجازم لان يخلص عن الوساوس الشيطانية والعوائق النفسانية الموروثة لك من القوى الطبيعية والمدارك الحيوانية والمشاعر البشرية ان تتصبر على عموم البلوى والمعيبات العارضة لك في نشأتك الاولى وتسترجع الى الله في جميعها وتسندها اليه سبحانه أولا وبالذات بلا رؤية الوسائل في البين والأسباب العادية في العين وتوطن قلبك مع ربك في جميع حالاتك وترضى عن الله في عموم ما جرى عليك من مقتضيات قضائه وبالجملة كن فانيا في الله تفز بخير الدارين وفلاح النشأتين وصلاح المنزلتين
[سورة الهمزة]
فاتحة سورة الهمزة
لا يخفى على الموحدين المستكشفين عن سرائر التوحيد واليقين ان الكمالات الدينية كلها منوطة مربوطة بالتخلق بأخلاق الله والتأدب بآدابه فلا بد لأرباب الارادة والطلب ان يهذبوا ظواهرهم أولا بالشرائع النبوية والنواميس المصطفوية المقتبسة من مشكاة النبوة والولاية وبواطنهم بالخواطف الغيبية والهواتف اللدنية الملهمة إليهم حسب القوى القدسية اللاهوتية المتعلقة باستعداداتهم الفطرية وقابلياتهم الجبلية فمن رغب عنها ولم يتصف بها فما له في الآخرة من خلاق لذلك قد حث وحرض سبحانه في هذه السورة ارباب العناية والتوفيق على كسب الآداب والتخلق بمحاسن الأخلاق والاتصاف بأوصاف الكمال بتوبيخ اصحاب الغفلة والضلال المسيئين الأدب مع الله ومع خلص عباده وبسوء منقلبهم ومآبهم عنده سبحانه فقال بعد التيمن بِسْمِ اللَّهِ المتجلى بعموم كمالاته في مظهر الإنسان الرَّحْمنِ عليه بأنواع الكرم والامتنان الرَّحِيمِ بخواص عباده حيث خلقهم بأخلاقه الحسان ويسر لهم طريق العرفان
[الآيات]
وَيْلٌ عظيم وهلاك هائل شديد لِكُلِّ فرد من افراد الأقوام هُمَزَةٍ وهو الذي يمشى بين الناس بالهمز وكسر العرض وقد صارت له هذه الديدنة القبيحة عادة راسخة وملكة مستمرة وايضا لكل لُمَزَةٍ وهو الذي يطعن في انساب الأنام وينسبهم الى انواع البغي والآثام افتراء ومراء وما حداه وحمله على هذه الخضلة القبيحة والفعلة المستهجنة الوقيحة الا ثروته وماله وسيادته وجاهه وهو
الَّذِي جَمَعَ مالًا وامتعة كثيرة من الزخارف الدنية الدنياوية التي قد مالت قلوب ابنائها إليها بالطبع وَعَدَّدَهُ اى جعل ماله عدة عموم النوائب والنوازل وخيل انه يردها به وقت إلمامها
Icon