تفسير سورة الفتح

روح البيان
تفسير سورة سورة الفتح من كتاب روح البيان المعروف بـروح البيان .
لمؤلفه إسماعيل حقي . المتوفي سنة 1127 هـ

الجزء التاسع
من تفسير روح البيان
تفسير سورة الفتح

(بسم الله الرحمن الرحيم)

سورة الفتح سبع وعشرون آية مدنية بلا خلاف نزلت في رجع رسول الله عن مكة عام الحديبية وقال الزهري نزلت سورة الفتح من أولها الى آخرها بين مكة والمدينة فى شان الحديبية قال البقاعي نزلت بضجنان بفتح الضاد المعجمة والجيم والنونين فى القاموس ضبجنان كسكران جبل قرب مكة وفى انسان العيون نزلت بكراع الغميم وهو موضع على ثلاثة أميال من عسفان وهو كعثمان موضع على مرجلتين من مكة فان قلت إذا لم تتزل بالمدينة كيف تكون مدنية قلت المدني فى الاصطلاح ما نزل بعد الهجرة نزل بالمدينة او غيرها كما ان المكي ما نزل قبلها كما فى حواشى سعدى المفتى إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فتح البلد عبارة عن الظفر به عنوة او صلحا بحرب او بدونه فانه ما لم يظفر منغلق مأخوذ من فتح باب الدار قال فى عين المعاني الفتح هو الفرج المزيل للهم لان المطلوب كالمنغلق فاذا نيل انفتح وفى المفردات الفتح ازالة الاغلاق والاشكال وذلك ضربان أحدهما يدرك بالبصر نحو فتح الباب والغلق والغفل والمتاع نحو قوله ولما فتحوا متاعهم والثاني ما يدرك بالبصيرة كفتح الهم وهو ازالة الغم وذلك ضربان أحدهما في الأمور الدنيوية كغم يفرج وفقر يزال بإعطاء المال ونحوه والثاني فتح المستغلق من العلوم نحو قولك فلان فتح من العلم بابا مغلقا انتهى واسناده الى نون العظمة لاستناد افعال العباد اليه تعالى خلقا وإيجادا والمراد فتح مكة وهو المروي عن انس رضى الله عنه بشربه رسول الله ﷺ عند انصرافه من الحديبية والتعبير عنه بصيغة الماضي على سنن سائر الاخبار الربانية للايذان تحققه لا محاله تأكيدا للتبشير كما ان تصدير الكلام بحرف التحقيق كذلك وفيه من الفخامة
2
المنبئة عن عظمة شأن المخبر جل جلاله وعز سلطانه ما لا يخفى وحذف المفعول للقصد الى نفس الفعل والإيذان بان مناط التبشير نفس الفتح الصادر عنه سبحانه لا خصوصية المفتوح قال الامام الراغب انّا فتحنا لك يقال عنى فتح مكة ويقال بل عنى ما فتح على النبي عليه السلام من العلوم والهدايات التي هى ذريعة الى الثواب والمقام المحمود التي صارت سببا لغفران ذنوبه انتهى وسيجيء غير هذا فَتْحاً مُبِيناً اى بينا ظاهر الأمر مكشوف الحال او فارقا بين الحق والباطل وقال بعضهم المراد بالفتح المبين هو الصلح مع قريش فى غزوة الحديبية وهى كدوهية وقد تشدد بئر قرب مكة حرسها الله تعالى او شجرة حدباء كانت هنالك كما فى القاموس سمى المكان باسمها وسبيها انه صلّى الله تعالى عليه وسلّم رأى فى المنام انه دخل مكة هو وأصحابه آمنين محلقين رؤسهم ومقصرين اى بعضهم محلق وبعضهم مقصر وانه دخل البيت وأخذ مفتاحه وطاف هو وأصحابه واعتمر واخبر بذلك أصحابه ففر حواثم اخبر أصحابه انه يريد الخروج للعمرة فتجهزوا للسفر وخرج عليه السلام بعد ان اغتسل ببيته ولبس ثوبين وركب راحلته القصوى من عند بابه ومعه ألف وأربعمائة من المسلمين على الصحيح وابطأ عليه كثير من اهل البوادي خشية قريش وساق عليه السلام معه الهدى سبعين بدنة وكان خروجه يوم الاثنين غرة ذى القعدة من السنة السادسة من الهجرة فلما وصل الى ذى الحليفة وهو ميقات المدنيين صلى بالمسجد الذي ركعتين واحرم بالعمرة واحرم معه غالب أصحابه ومنهم من لم يحرم الامن الجحفة وهو ميقات اهل الشام وانما خرج معتمرا ليأمن اهل مكة ومن حولها من حربه وليعلموا انه عليه السلام انما خرج زائر للبيت فلما كان الاصحاب فى بعض المحال اقبلوا نحوه عليه السلام وكان بين يديه ركوة يتوضأ منها فقال ما لكم فقالوا يا رسول الله ليس عندنا ماء نشرب ولا ماء نتوضأ منه الا فى ركوتك فوضع رسول الله يده فى الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه الشريفة أمثال العيون فشربوا وتوضأوا حتى قال جابر رضى الله عنه لو كنا مائة الف لكفانا وهو اعجب من نبع الماء لموسى عليه السلام من الحجر فان نبعه من الحجر متعارف معهود واما من بين اللحم والدم فلم يعهد وانما لم يخرجه عليه السلام بغير ملامسة ماءتأدبا مع الله لانه المنفرد بإبداع المعدومات من غير اصل وأرسل عليه السلام بشر بن سفيان الى مكة عينا له فلما كانوا بعسفان جاء
وقال يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بخروجك فلبسوا جلود النمر أي أظهروا العداوة والحقد واستنفروا من أطاعهم من الأحابيش وهى قبيلة عظيمة من العرب ومعهم زادهم ونساؤهم وأولادهم ليكون ادعى لعدم الفرار وقد نزلوا بذي طوى وهو موضع بمكة مثلث الطاء ويصرف كما فى القاموس يعاهدون الله ان لا ندخلها عليهم عنوة ابدا فقال عليه السلام أشيروا على ايها الناس أتريدون ان نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه وقال المقداد يا رسول الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون فقال عليه السلام فامضوا على اسم الله فساروا ثم قال هل من رجل يخرجنا عن طريق الى غير طريقهم التي هم بها فقال رجل من اسلم وهو ناجية بن جندب
3
انا يا رسول الله فسلك بهم طريقا وعراثم افضوا الى ارض سهلة ثم امر رسول الله أن يسلكوا طريقا يخرجهم على مهبط الحديبية من أسفل مكة فسلكوا ذلك الطريق فلما نزلوا بالحديبية نزح ماؤها حتى لم يبق فيها قطرة ماء فاشتكى الناس الى رسول الله العطش وكان الحر شديدا فاخرج عليه السلام سهما من كنانته ودفعه الى البرآء ابن عازب وامره ان يغرزه فى جوف البئر او تمضمض رسول الله ثم مجه فى البئر فجاش الماء ثم امتلأت البئر فشربوا جميعا ورويت إبلهم وفى التفاسير ولم ينفد ماؤها بعد وفى انسان العيون فلما ارتحلوا من الحديبية أخذ البراء السهم فجف الماء كان لم يكن هناك شىء فلما اطمأن رسول الله بالحديبية أتاه بديل بن ورقاء وكان سيد قومه فسأله ما الذي جاء به فاخبره انه لم يأت يريد حربا انما جاء زائرا للبيت فلما رجع الى قريش لم يستمعوا وأرسلوا الحليس بن علقمة وكان سيدا لا حابيش فلم يعتمدوا عليه ايضا وأرسلوا عروة بن مسعود الثقفي عظيم الطائف ومتمول العرب ولما قام عروة بالخبر من عنده عليه السلام وقد رأى ما يصنع به أصحابه لا يغسل يديه الا ابتدروا وضوءه اى كادوا يقتتلون عليه ولا يبصق بصاقا الا ابتدروه اى يدلك به من وقع فى يده وجهه وجلده ولا يسقط من شعره شىء الا أخذوه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ولا يحدون النظر اليه تعظيما له فقال يا معشر قريش انى جئت كسرى فى ملكه وقيصر فى ملكه والنجاشي فى ملكه والله ما رأيت ملكا فى قوم قط مثل محمد فى أصحابه أخاف ان لا تنصروا عليه فقالت له قريش لا تتكلم بهذا يا أبا يعفور ولكن نرده عامنا هذا ويرجع من قابل فقال ما أراكم الا ستصيبكم قارعة ثم انصرف هو ومن معه الى الطائف واسلم بعد ذلك ودعا عليه السلام خراش بن امية الخزاعي فبعثه الى قريش وحمله عليه السلام على بعير له يقال له الثعلب ليبلغ اشرافهم عنه ما جاء له فعقر وأجمل رسول الله وأرادوا قتل خراش فمنعه الأحابيش فخلوا سبيله حتى اتى رسول الله وأخبره بما لقى ثم دعا رسول الله عمر بن الخطاب رضى الله عنه ليبلغ عنه اشراف قريش ما جاء له فقال يا رسول الله انى أخاف قريشا على نفسى وما بمكة من بنى عدى ابن كعب أحد يمنعنى وقد عرفت قريش عداوتى إياها وغلظتى عليها ولكن ادلك على رجل أعز بها منى عثمان بن غفان رضى الله عنه فان بنى عمه يمنعونه فدعا عليه السلام عثمان فبعثه الى اشراف قريش يخبرهم بالخبر وامر عليه السلام عثمان ان يأتى رجالا مسلمين بمكة ونساء مسلمات ويدخل عليهم ويخبرهم ان الله قرب ان يظهر دينه بمكة حتى لا يستخفى فيها بالايمان فخرج عثمان رضى الله عنه الى مكة ومعه عشرة رجال من الصحابة بإذن رسول الله ليزوروا أهاليهم هناك فلقى عثمان قبل أن يدخل مكة ابان ابن سعيد فاجازه حتى يبلغ رسالة رسول الله وجعله بين يديه فاتى عظماء قريش فبلغهم الرسالة وهم يرددون عليه ان محمدا لا يدخل علينا ابدا فلما فرغ عثمان من تبليغ الرسالة قالوا له ان شئت فطف بالبيت فقال ما كنت لأفعل حتى يطوف رسول الله وكانت قريش قد احتبست عثمان عندها ثلاثة ايام فبلغ رسول الله ان عثمان قد قتل وكذا من معه من العشرة فقال عليه
السلام لا نبرح حتى نناجز القوم اى نقاتلهم فامره الله بالبيعة فنادى مناديه ايها الناس البيعة البيعة نزل روح القدس
4
فاخرجوا على اسم الله فثاروا الى رسول الله وهو تحت شجرة من أشجار السمر بضم الميم شجر معروف فبايعوه على عدم الفرار وانه اما الفتح واما الشهادة وبايع عليه السلام عن عثمان اى على تقدير عدم صحة القول بقتله فوضع يده اليمنى على يده اليسرى وقال اللهم ان هذه عن عثمان فانه فى حاجتك وحاجة رسولك وسيجيء معنى المبايعة وقيل لهابيعة الرضوان لان الله تعالى رضى عنهم وقال عليه السلام لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة وقال ايضا لا يدخل النار من شهد بدر او الحديبية وأول من بايع سنان بن ابى سنان الأسدي فقال للنبى عليه السلام أبايعك على ما فى نفسك قال وما فى نفسى قال اضرب بسيفى بين يديك حتى يظهرك الله او اقتل وصار الناس يقولون نبايعك على ما بايعك عليه سنان (روى) ان عثمان رضى الله عنه رجع بعد ثلاثة ايام فبايع هو ايضا وكان محمد بن مسلمة على حرس رسول الله فبعث قريش أربعين رجلا عليهم مكرز بن حفص ليطوفوا بعسكر رسول الله ليلا رجاء أن يصيبوا منهم أحدا ويجدوا منهم غرة اى غفلة فاخذهم محمد بن مسلمة الا مكرزا فانه أفلت واتى بهم الى رسول الله فحبسوا وبلغ قريشا حبس أصحابهم فجاء جمع منهم حتى رموا المسلمين بالنبل والحجارة وقتل من المسلمين ابن رسم رمى بسهم فاسر المسلمون منهم اثنى عشر رجلا وعند ذلك بعثث قريش الى رسول الله جمعا فيهم سهيل بن عمرو فلما رآه عليه السلام قال لاصحابه سهل أمركم وكان يحب الفأل بمثل هذا فقال سهيل يا محمد ان ما كان من حبس أصحابك اى عثمان والعشرة وما كان من قتال من قاتلك لم يكن من رأى ذوى رأينا بل كنا كارهين له حين بلغنا ولم نعلم وكان من سفهائنا فابعث إلينا من أصحابنا الذين أسروا اولا وثانيا فقال عليه السلام انى غير مرسلهم حتى ترسلوا أصحابي فقالوا نفعل فبعث سهيل ومن معه الى قريش بذلك فبعثوا من كان عندهم وهو عثمان والعشرة فارسل رسول الله أصحابهم ولما علمت قريش بهذه البيعة كبرت عليهم وخافوا أن يحاربوا وأشار اهل الرأى بالصلح على أن يرجع ويعود من قابل فيقيم ثلاثا فبعثوا سهيل بن عمر وثانيا ومعه مكرز بن حفص وحويط بن عبد العزى الى رسول الله ليصالحه على ان يرجع من عامه هذا لئلا يتحدث العرب بأنه دخل عنوة ويعود من قابل فلما رآه عليه السلام مقبلا قال أراد القوم الصلح حيث بعثوا هذا الرجل اى ثانيا فالتأم الأمر بينهم على الصلح وان كان بعض الاصحاب لم يرضوا به فى أول الأمر حتى قالوا علام نعطى الدنية بفتح الدال وكسر النون وتشديد الياء النقيصة والخصلة المذمومة فى ديننا وهم مشركون ونحن مسلمون فأشار عليه السلام بالرضى ومتابعة الرسول ثم دعا عليه السلام عليا فقال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل لا اعرف هذا اى الرحمن الرحيم ولكن اكتب باسمك اللهم فكتبها لان قريشا كانت تقولها ثم قال رسول الله اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمر وفقال سهيل لو شهدت انك رسول الله لم أقاتلك ولم اصدك عن البيت ولكن اكتب اسمك واسم أبيك فقال عليه السلام لعلى رضى الله عنه امح رسول الله فقال والله ما أمحوك ابدا فقال أرنيه فأراه إياه فمحاه رسول الله بيده الشريفة وقال اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو فقال انا والله رسول الله وان كذبتمونى وانا محمد بن عبد الله وكان الصلح على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيه الناس ويكف
5
بعضهم عن بعض ومن أتى محمدا من قريش ممن هو على دين محمد بغير اذن وليه رده اليه ذكرا كان او أنثى ومن اتى قريشا ممن كان مع محمد اى مرتدا ذكرا كان او أنثى لم ترده اليه وسبب الاول ان فى رد المسلم الى مكة عمارة للبيت وزيادة خير له فى الصلاة بالمسجد الحرام والطواف بالبيت فكان هذا من تعظيم حرمات الله وسبب الثاني انه ليس من المسلمين فلا حاجة الى رده وشرطوا انه من
أحب أن يدخل فى عقد محمد وعهده دخل فيه ومن أحب أن يدخل فى عقد قريش وعهد هم دخل فيه وان بيننا وبينكم عيبة مكفوفة اى صدورا منطوية على ما فيها لا تبدى عداوة بل منطوية على الوفاء بالصلح وانه لا إسلال ولا أغلال اى لا سرقة ولا خيانة قال سهيل وانك ترجع عامك هذا فلا تدخل مكة وانه إذا كان عام قابل خرج منها قريش فد خلتها باصحابك فأقمت بها ثلاثة ايام معك سلاح الراكب السيوف فى القرب والقوس لا تدخلها بغير هما وكان المسلمون لا يشكون فى دخولهم مكة وطوافهم بالبيت ذلك العام للرؤيا التي رآها رسول الله فلما رأوا الصلح وما تحمله رسول الله فى نفسه دخلهم من ذلك امر عظيم حتى كادوا يهلكون خصوصا من اشتراط ان يرد الى المشركين من جاء مسلما منهم وكانت بيعة الرضوان قبل الصلح وانها السبب الباعث لقريش عليه ولما فرغ رسول الله من الصلح واشهد عليه رجالا من المسلمين قام الى هديه فنحره وفرق لحم الهدى على الفقراء الذين حضروا الحديبية وفى رواية بعث الى مكة عشرين بدنة مع ناجية رضى الله عنه حتى نحرت بالمروة وقسم لحمها على فقراء مكة ثم جلس رسول الله فى قبة من أديم احمر فحلق رأسه خداش الذي بعث الى قريش كما تقدم ورمى شعره على شجرة فاخذه الناس تبركا وأخذت أم عمارة رضى الله عنها طاقات منه فكانت تغسلها للمريض وتسقيه فيبرأ بإذن الله تعالى فلما رأوا رسول الله قد نحر رافعا صوته باسم الله والله اكبر وحلق تواثبوا ينحرون ويحلقون وقصر بعضهم كعثمان وابى قتاده رضى الله عنهما وقال عليه السلام اللهم ارحم المحلقين دون المقصرين قال لانهم لم يرجوا أن يطوفوا بالبيت بخلاف المقصرين اى لان الظاهر من حالهم انهم أخروا بقية شعورهم رجاء أن يحلقوا بعد طوافهم وأرسل الله ريحا عاصفة احتملت شعورهم فألقتها فى قرب الحرم وان كان اكثر الحديبية فى الحرم فاستبشروا بقبول عمرتهم واقام عليه السلام بالحديبية تسعة عشر او عشرين يوما ثم انصرف قافلا الى المدينة فلما كان بين الحرمين وأتى بكراع الغميم على ما فى انسان العيون وغيره أنزلت عليه سورة الفتح وحصل للناس مجاعة هموا أن يتحروا ظهورهم فقال عليه السلام ابسطوا انطاعكم وعباءكم ففعلوا ثم قال من كان عنده بقية من زاد او طعام فلينشره ودعا لهم ثم قال قربوا اوعيتكم فأخذوا ما شاء الله وحشوا أوعيتهم وأكلوا حتى شبعوا وبقي مثله وقال عليه السلام لرجل من أصحابه هل من وضوء بفتح الواو وهو ما يتوضأ به فجاء بأداوة وهى الركوة فيها ماء قليل فأفرغها فى قدح ووضع راحته الشريفة فى ذلك الماء قال الراوي فتوضأنا كلنا اى الالف والاربعمائة نصبه صبا شديدا ولما أنزلت سورة الفتح قال عليه السلام لاصحابه أنزلت على سورة هى أحب الى مما طلعت عليه الشمس وفى رواية لقد أنزلت على
6
سورة ما يسرنى بها حمر النعم والحمر بسكون الميم جمع أحمر والنعم بفتحتين تطلق على جماعة الإبل لا واحد لها من لفظها والمراد بحمر النعم الإبل الحمر وهى من أنفس اموال العرب يضربون بها المثل فى نفاسة الشيء وانه ليس هناك أعظم منها ثم قرأ السورة عليهم وهنأهم وهنأوه يعنى ايشانرا تهنيه كفت واصحاب نيز ويرا مبارك باد گفتند وتكلم بعض الصحابة وقال هذا ما هو بفتح لقد صدونا عن البيت وصد هدينا فقال عليه السلام لما بلغه بئس الكلام بل هو أعظم الفتح لقد رضى المشركون أن يدفعوكم بالبراح عن بلادهم وسألوكم القضية اى الصلح والتجئوا إليكم فى الامان وقد رأوا منكم ما كرهوا وظفر كم الله عليهم وردكم سالمين مأجورين فهو أعظم الفتوح أنسيتم يوم أحد وأنا أدعوكم فى اخراكم أنسيتم يوم الأحزاب إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا فقال المسلمون صدق الله ورسوله هو أعظم الفتوح والله يا نبى الله ما فكرنا فيما فكرت فيه ولأنت اعلم بالله وبأمره منا وقال له عمر رضى الله عنه ألم تقل انك تدخل مكة آمنا قال بلى أفقلت لكم من عامى هذا قالوا لا قال فهو كما قال جبريل فانكم تأتونه وتطوفون
به اى لانه جاءه الوحى بمثل ما رأى وذكر بعضهم انه عليه السلام لما دخل مكة فى العام القابل وحلق رأسه قال هذا الذي وعدتكم فلما كان يوم الفتح وأخذ المفتاح قال هذا الذي قلت لكم يقول الفقير لا شك ان الاصحاب رضى الله عنهم لم يشكوا فى امر النبي عليه السلام ولم يكن كلامهم معه من قبيل الاعتراض عليه وانما سألوه استعلاما لما داخلهم شيء مما لا يخلو عنه البشر فان الأمر عميق والا فأدنى مراتب الارادة فى باب الولاية ترك الاعتراض فكيف فى باب النبوة ولله تعالى حكم ومصالح فى إيراد انا فتحنا بصيغة الماضي فانه بظاهره ناطق بفتح الصلح وبحقيقته مشير الى فتح مكة فى الزمان الآتي وكل منهما فتح اى فتح وحاصل ما قال العلماء انه سمى الصلح فتحامع انه ليس بفتح لا عرفا لانه ليس بظفر على البلد ولا لغة لانه ليس بظفر للمنغلق كيف وقد أحصروا ومنعوا من البيت فنحروا وحلقو بالحديبية واى ظفر فى ذلك فالجواب ان الصلح مع المشركين فتح بالمعنى اللغوي لانه كان منغلقا ومتعذرا وقت نزولهم بالحديبية الا انه لما آل الأمر الى بيعة الرضوان وظهر عند المشركين اتفاق كلمة المؤمنين وصدق عزيمتهم على الجهاد والقتال ضعفوا وخافوا حتى اضطروا الى طلب الصلح وتحقق بذلك غلبة المسلمين عليهم مع ان ذلك الصلح قد كان سببا لامور أخر كانت منغلقة قبل ذلك منها ان المشركين اختلطوا بالمسلمين بسببه فسمعوا كلامهم وتمكن الإسلام فى قلوبهم واسلم فى مدة قليلة خلق كثير كثر بهم سواد اهل الإسلام حتى قالوا دخل فى تلك السنة فى الإسلام مثل من دخل فيه قبل ذلك واكثر وفرغ عليه السلام بهذا الصلح لسائر العرب فغزاهم وفتح مواضع خصوصا خيبر واغتنم المسلمون واتفقت فى تلك السنة ملحمة عظيمة بين الروم وفارس غلبت فيها الروم على فارس وكانت غلبتهم عليهم من دلائل النبوة حيث كان عليه السلام وعد بوقوع تلك الغلبة فى بضع سنين وهو ما بين الثلاث الى التسع فكانت كما وعد بها فظهر بها صدقه عليه السلام فكانت من جملة الفتح وسر به عليه السلام والمؤمنون لظهور اهل الكتاب على المجوس الى غير ذلك من
7
الثاني حكيما فيما فعله وفي التأويلات النجمية ولله جنود السموات والأرض اى كلها دالة على وحدانيته تعالى وهى جنود الله بالنصرة لعبادة في الظفر بمعرفته وكان الله عليما بمن هو اهل النصرة للمعرفة حكيما فيما حكم في الأزل لهم لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها متعلق بما يدل عليه ما ذكر من كون جنود السموات والأرض له تعالى من معنى التصرف والتدبير اى دبر ما دبر من تسليط المؤمنين ليعرفوا نعمة الله في ذلك ويشكروها فيدخلهم الجنة وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ هذا بإزاء قوله ليغفر لك الله اى يغطيها ولا يظهرها قبل أن يدخلهم الجنة ليدخلوها مطهرين من الآثام وتقديم الإدخال على التكفير مع ان الترتيب في الوجود على العكس من حيث ان النخلية قبل التحلية للمسارعة الى بيان ما هو المطلب الأعلى وَكانَ ذلِكَ اى ما ذكر من الإدخال والتكفير عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً لا يقادر قدره لانه منتهى ما يمتد اليه أعناق الهمم من جلب نفع ودفع ضر والفوز الظفر مع حصول السلامة وعند الله حال من فوزا لانه صفته في الأصل فلما قدم عليه صار حالا اى كائنا عند الله تعالى اى في علمه وقضائه وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ من اهل المدينة وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ من اهل مكة عطف على يدخل والتعذيب هو ما حصل لهم من الغيظ بنصر المؤمنين وفي تقديم المنافقين على المشركين ما لا يخفى من الدلالة على انهم أحق منهم بالعذاب وقد تثاقل كثير منهم فلم يخرجوا معه عليه السلام ثم اعتذروا فقالوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ولو صدقوا عند الناس فما صدقوا عند الله وقد قال تعالى يوم ينفع الصادقين صدقهم اى صدقهم عند الله لا عند الخلق ولذلك قال عليه السلام جاهدوا المشركين باموالكم وأنفسكم وألسنتكم اشارة الى مقام التحقيق والتصديق فان الدعوى بغير برهان كذب برهان ببايد صدق را ور نه ز دعواها چهـ سود الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ صفة لطائفتى اهل النفاق واهل الشرك وظن السوء منصوب على المصدر والاضافة فيه كالاضافة في سيف شجاع من حيث ان المضاف اليه في الحقيقة هو موصوف هذا المجرور والتقدير سيف رجل شجاع فكذا التقدير هنا ظن الأمر السوء وهو ان الله لا ينصر رسوله ولا يرجعهم الى مكة فاتحين والى المدينة سالمين كما قال بل ظننتم ان لن ينقلب الرسل والمؤمنون الى أهليهم ابدا وبالفارسية كمان بردند بخدا كمان بد وقال في كشف الكشاف ان ظن السوء مثل رجل صدق اى الظن السيء الفاسد المذموم انتهى وعند البصر بين لا يجوز اضافة الموصوف الى صفته ولا عكسها لان الصفة والموصوف عبارتان عن شيء واحد فاضافة أحدهما الى الآخر اضافة الشيء الى نفسه وفي التأويلات النجمية الظانين بالله ظن السوء في ذاته وصفاته بالأهواء والبدع وفي أفعاله وأحكامه بالظلم والعبث قال بعض العارفين مثال من احسن في الله ظنه مثال من سلط الله عليه الشيطان ليفتنه ويمتحنه فلما چاءه الشيطان أخبره بأنه رسول من عند الله وانه رسول رحمة وقال جئتك لأشد عضدك في الخير وألهمك رشدك لتكون عند ربك فى درجة العرش فحسن بربه ظنه وخر ساجدا فصبر الله له الشيطان ملكا كما ظن كما روى ان الجن صنعت لسليمان عليه السلام أرضا وصفحتها بالزمرد الأخضر وخصبتها باللؤلؤ والجواهر
14
لتفتنه بها وهو لا يعلم فرأى ان ذلك من مواهب ربه له في دار الدنيا فخر ساجد الله فأثبتها الله له أرضا مقدسة كما ظن الى أن مات على حسن ظنه بربه ومثال من أساء بربه ظنه مثال من أرسل الله اليه ملك رحمة ليرشده للخير فقال انما أنت شيطان حيث تغوينى فصير الله له الملك شيطانا كما ظن وفي الحديث أنا عند ظن عبدى بي وقال عليه السلام قبل موته بثلاثة ايام لا يموتن أحد الا وهو يحسن الظن بالله وهو من امارات اليقين در روايت آمده است از بعض صحابه رسول عليه السلام كه رسول او را خبر داده بود كه تو والى شوى در مصر حكم كنى وقتى قلعه را حصار كرده بودند وآن صحابى نيز در ميان بود سائر أصحاب را كفت مردار كفه منجنيق نهيد وبسوى كفار در قلعه اندازيد چون من آنجا رسم قتال كنم ودر حصار
بگشايم چون از سبب اين جرأت پرسيدند كفت رسول صلّى الله عليه وسلّم مرا خبر داده است كه من والى مصر شوم وهنوز نشدم يقين ميدانم كه نميرم تا والى نشوم فهم كن كه قوت ايمان اينست والا از روى عرف معلوم است كه چون كسى را در كفه منجنيق نهند وبيندازند حال او چهـ باشد ظاهر وباطن ما آينه يكديكرند سينه صاف ترا ز آب روانم دادند عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ اى ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين فهو حائق بهم ودائر عليهم لا يتجاوزهم الى غيرهم فقد أكذب الله ظنهم وقلب ما يظنونه بالمؤمنين عليهم بحيث لا يتخطاهم ولا يظفرون بالنصرة ابدا وهذا كقوله تعالى ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء وبالفارسية وبرين كمان برند كانست كردش بد يعنى ايشان منكوب ومغلوب خواهند شد قال المولى ابو السعود فى التوبة قوله عليهم دائرة السوء دعاء عليهم بنحو ما ار أدوا بالمؤمنين على نهج الاعتراض كقوله تعالى غلت أيديهم بعد قول اليهود ما قالوا انتهى فان قلت كيف يحمل على الدعاء وهو للعاجز عرفا والله منزه عن العجز قلت هذا تعليم من الله لعباده انه يجوز الدعاء عليهم كقوله قاتلهم الله ونحوه قال ابن الشيخ السوء بالفتح صفة مشبهة من ساء يسوء بضم العين فيها سوأ فهو سوء ويقابله من حيث المعنى قولك حسن يحسن حسنا فهو حسن وهو فعل لازم بمعنى قبح وصار فاسدا رديئا بخلاف ساءه يسوءه سوأ ومساءة اى أحزنه نقيض سره فانه متعدو وزنه في الماضي فعل بفتح العين ووزن ما كان لازما فعل بضم العين وفعل يأتى فاعله على فعل كصعب صعوبة فهو صعب والسوء بضم السين مصدر لهذا اللازم والسوء بالفتح مشترك بين اسم الفاعل من اللازم وبين مصدر المتعدى وقيل السوء بالفتح والضم لغتان من ساء بمعنى كالكره والكره والضعف والضعف خلا ان المفتوح غلب في أن يضاف اليه ما يراد ذمه من كل شيء واما المضموم فجار مجرى الشر المناقض للخير ومن ثمة أضيف الظن الى المفتوح لكونه مذموما وكانت الدائرة محمودة فكان حقها أن لا تضاف اليه الأعلى التأويل المذكور واما دائرة السوء بالضم فلأن الذي أصابهم مكروه وشدة يصح أن يقع عليه اسم السوء كقوله تعالى ان أراد بكم سوأ أو أراد بكم رحمة كما في بعض التفاسير والدائرة عبارة عن الخط المحيط بالمركز ثم استعملت في الحادثة والمصيبة المحيطة لمن وقعت هى عليه فمعنى الآية يحيط بهم السوء احاطة الدائرة بالشيء او بمن فيها بحيث لا سبيل الى الانفكاك عنها بوجه الا ان اكثر استعمالها
15
والنبوة والرسالة فعالم رسالته هو كونه واسطة بين الله وخلقه وكذلك ان كان رسولا الى نفسه او اهله او قومه او الى الكافة فليس مع الرسول من عالم الرسالة الا قدر ما يحتاج اليه المرسل إليهم وما عدا ذلك فهو عالم ولايته فيما بينه وبين الله ولما تفاضلت الأمم تفاضلت الرسل ويأتى النبي يوم القيامة ومعه أمته وآخر معه قومه وآخر معه رهطه وهو مادون العشرة وآخر معه ابنه وآخر معه رجل وآخر استتبع فلم يتبع ودعا فلم يجب لاتيانه في الوقت الشديد الظلمة ولما جاء نبينا عليه السلام نورا من الله نور العالم ظواهرها وبواطنها فكانت أمته اسعد الأمم وأكثرها ولذا تجيء في ثمانين صفا وباقى الأمم من لدن آدم عليه السلام في أربعين صفا وقد قال تعالى في حقه مبشرا فانه لما أرسله الى الأحمر والأسود بشرهم بان لهم في متابعته الرتبة المحبوبية التي هى مخصوصة به من بين سائر الأنبياء والمرسلين فقد قال تعالى ونذيرا لئلا ينقطعوا عنه تعالى بشيء من الدارين كما انقطع اكثر الأمم ولم يكونوا على شيء (قال الكمال الخجندي) مرد تا روى نيارد زد وعالم بخداى مصطفى وار كزين همه عالم نشود نسأل الله ان يجعلنا على حظ وافر من الإقبال اليه والوقوف لديه إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ المبايعة با كسى بيع ويا بيعت وعهد كردن اى يعاهدونك على قتال قريش تحت الشجرة وبالفارسية بدرستى كه آنانكه بيعت ميكنند با تو در حديبيه سميت المعاهدة مبايعة تشبيها بالمعاوضة المالية اى مبادلة المال بالمال في اشتمال كل واحد منهما على معنى المبادلة فهم التزموا طاعة النبي عليه السلام والثبات على محاربة المشركين والنبي عليه السلام وعدلهم بالثواب ورضى الله تعالى قال بعض الأنصار عند بيعة العقبة تكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت فقال عليه السلام أشترط لربى ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ولنفسى أن تمنعونى ومما تمنعون منه أنفسكم وابناءكم ونساءكم فقال ابن رواحة رضى الله عنه فاذا فعلنا فما لنا فقال لكم الجنة قالوا ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يعنى ان من بايعك بمنزلة من بايع الله كأنهم باعوا أنفسهم من الله بالجنة كما قال تعالى ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة وذلك لان المقصود ببيعة رسوله هو وجه الله وتوثيق العهد بمراعاة أوامره ونواهيه قال ابن الشيخ لما كان الثواب انما يصل إليهم من قبله تعالى كان المقصود بالمبايعة منه عليه السلام المبايعة مع الله وانه عليه السلام انما هو سفير ومعبر عنه تعالى وبهذا الاعتبار صاروا كأنهم يبايعون الله وبالفارسية جزين نيست كه بيعت ميكنند با خداى چهـ مقصود بيعت اوست وبراى طلب رضاى اوست قال سعدى المفتى الظاهر والله اعلم ان المعنى على التشبيه اى كأنهم يبايعون الله وكذا الحال في قوله يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ اى كأن يد الله حين المبايعة فوق أيديهم حذف اداة التشبيه للمبالغة في التأكيد وذكر اليد لاخذهم بيد رسول الله حين البيعة على ما هو عادة العرب عند المعاهدة والمعاقدة وفيه تشريف عظيم ليد رسول الله التي تعلو أيدى المؤمنين المبايعين حيث عبر عنها بيد الله كما ان وضعه عليه السلام يده اليمنى على يده اليسرى لبيعة عثمان رضى الله عنه تفخيم لشأن عثمان حيث وضعت يد رسول الله موضع يده ولم ينل تلك الدولة العظمى أحد من الاصحاب فكانت غيبته رضى الله عنه في تلك الوقعة خيرا له من الحضور وقال بعضهم فيه استعارة تخييلية لتنزهه تعالى
19
عن الجارحة وعن سائر صفات الأجسام فلفظ الله في يد الله استعارة بالكناية عن مبايع من الذين يبايعون بالأيدي ولفظ اليد استعارة تخييلية أريد به الصورة المنتزعة الشبيهة باليد مع ان ذكر اليد في حقه تعالى لاجتماعه مع ذكر الأيدي في حق الناس مشاكلة ازداد بها حسن التخييلية ثم ان قوله يد الله فوق أيديهم على كل من القولين تأكيد لما قبله والمقصود تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول كعقده مع الله من غير تفاوت بينهما وحقيقته ان الله تعالى لو كان من من شأنه التمثيل فتمثل للناس لفعل معه عين ما فعل مع نبيه من غير فرق فكان العقد مع النبي صورة العقد مع الله بل حقيقته كما ستجيء الاشارة اليه وقال
الراغب في المفردات يقال فلان يد فلان اى وليه وناصره ويقال لاولياء الله هم أيدي الله وعلى هذا الوجه قال الله تعالى ان الذين يبايعونك الآية ويؤيد ذلك ما روى لا يزال العبد يتقرب الى بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ويده التي يبطش بها انتهى فيكون المعنى قوة الله ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم كأنه قيل ثق يا محمد بنصرة الله لك لا بنصرة أصحابك ومبايعتهم على النصرة والثبات وقال بعضهم اليد في الموضعين بمعنى الإحسان والصنيعة فالمعنى نعمة الله عليهم في الهداية الى الايمان والى بيعة الرضوان فوق ما صنعوا من البيعة كقوله تعالى بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان وقال السدى يأخذون بيد رسول الله ويبايعونه ويد الله اى حفظ تلك المبايعة عن الانتقاض والبطلان فوق أيديهم كما ان أحد المتبايعين إذا مد يده الى الآخر لعقد البيع يتوسط بينهما ثالث فيضع يده على يديهما ويحفظ يديهما الى أن يتم العقد لا يترك واحدا منهما ان يقبض يده الى نفسه ويتفرق عن صاحبه قبل انعقاد البيع فيكون وضع الثالث يده على يديهما سببا لحفظ البيعة فلذلك قال تعالى يد الله فوق أيديهم يحفظهم ويمنعهم عن ترك البيعة كما يحفظ المتوسط أيدي المتبايعين وقال اهل الحقيقة هذه الآية كقوله تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله فالنبى عليه السلام قد فنى عن وجوده بالكلية وتحقق بالله في ذاته وصفاته وأفعاله فكل ما صدر عنه صدر عن الله فمبايعته مبايعة الله كما ان اطاعته إطاعة الله سلمى قدس سره فرموده كه اين سخن در مقام جمعست وحق سبحانه مرتبه جمع را براى هيچ كس تصريح نكرده الا براى آنكه أخص واشرف موجوداتست ولهذا السر يقول عليه السلام يوم القيامة أمتي أمتي دون نفسى نفسى لانه لم يبق فيه بقية الوجود أصلا وفيه أسوة حسنة للكمل من افراد أمته فاعرف جدا فمعنى يد الله فوق أيديهم اى قدرته الظاهرة فى صورة قدرة النبي عليه السلام فوق قدرتهم الظاهرة في صور أيديهم لانه مظهر الاسم الأعظم المحيط الجامع وكل الأسماء تحت حيطة هذا الاسم الجليل فيد النبي عليه السلام مع غيره كيد السلطان مع ما سواه وهو أي قوله يد الله فوق أيديهم زيادة التصريح في مقام عين الجمع لحصول هذا المعنى الاطلاقى مما قبله والحاصل ان الله تعالى جعل نبيه صلّى الله عليه وسلّم مظهرا لكمالاته ومرءاة لتجلياته ولذا قال عليه السلام من رآنى فقدر أي الحق ولما فنى عليه السلام عن ذاته وصفاته وأفعاله كان نائبا عن الحق في ذاته وصفاته وأفعاله كما قيل (ع) نائبست ودست او دست خداى وفي هذا المقام قال الحلاج انا الحق وابو بزيد سبحانى سبحانى ما أعظم شانى وابو
20
سعيد الخراز ليس في الجبة غير الله قال الواسطي اخبر الله بهذه الآية ان البشرية في نبيه عارية واضافة لا حقيقة يعنى فظاهره مخلوق وباطنه حق ولذا يجوز السجدة لباطنه دون ظاهره إذا ظاهره من عالم التقييد وباطنه من عالم الإطلاق وإذا كانت الصلاة جائزة على الموتى فما ظنك بالاحياء فاعرف جدا فانه انما جازت الصلاة على الموتى لاشتمالهم على حصة من الحقيقة المحمدية الجامعة الكلية فَمَنْ نَكَثَ النكث نقض نحو الحبل والغزل استعير لنقض العهد اى فمن نقض عهده وبيعته وأزال ابرامه وأحكامه فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ فانما يعود ضرر نكثه على نفسه لان الناكث هو لا غير وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ بضم الهاء فانه أبقى بعد حذف الواو إذا صله هو توسلا بذلك الى تفخيم لام الجلالة اى ومن اوفى بعهده وثبت عليه وأتمه فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً هى الجنة وما فيها من رضوان الله العظيم والنظر الى جماله الكريم ويحتمل ان يراد بنكث العهد ما يتناول عدم مباشرته ابتداء ونقضه بعد انعقاده لما روى عن جابر رضى الله عنه انه قال بايعنا رسول الله بيعة الرضوان تحت الشجرة على الموت وعلى ان لا نفر فما نكث أحد منا البيعة إلا جد بن قيس وكان منافقا احتبأ تحت إبط بعيره ولم يسر مع الفوم اى الى المبايعة حين دعوا إليها در موضح آورده كه سه چيز راجع باهل آن ميشود يكى مكر كه ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله دوم ستم كه انما بغيكم على
أنفسكم سيوم نقض عهد كه فمن نكث على نفسه ودر عهد و پيمان كفته اند پيمان مشكن كه هر كه پيمان بشكست از پاى در افتاد وبرون رفت زدست آنرا كه بدر دست بود پيمان الست نشكسته بهيچ حال هر عهد كه بست (كما قال الحافظ) از دم صبح ازل تا آخر شام ابد دوستى ومهر بر يك عهد ويك ميثاق بود (وقال) پيمان شكن هر آينه كردد شكسته حال ان العهود لدى اهل النهى ذمم قال بعض الكبار هذه البيعة نتيجة العهد السابق المأخوذ على العباد في بدء الفطرة فيضرهم النكث وينفعهم الوفاء قال الشيخ اسمعيل بن سود كين في شرح التجليات الاكبرية قدس الله سر هما المبايعون ثلاثة الرسل والشيوخ الورثة والسلاطين والمبايع في هؤلاء الثلاثة على الحقيقة واحد وهو الله تعالى وهؤلاء الثلاثة شهود الله تعالى على بيعة هؤلاء الاتباع وعلى هؤلاء الثلاثة شروط يجمعها القيام بأمر الله وعلى الاتباع الذين بايعوهم شروط يجمعها المتابعة فيما أمروا به فاما الرسل والشيوخ فلا يأمرون بمعصية أصلا فان الرسل معصومون من هذا والشيوخ محفوظون واما السلاطين فمن لحق منهم بالشيوخ كان محفوظا والا كان مخذولا وما هذا فلا يطاع في معصية والبيعة لازمة حتى يلقوا الله تعالى ومن نكث الاتباع من هؤلاء فحسبه جهنم خالدا فيها لا يكلمه الله ولا ينظر اليه وله عذاب أليم هذا كما قال ابو سليمان الداراني قدس سره هذا حظه في الآخرة واما في الدنيا فقد قال ابو يزيد البسطامي قدس سره في حق تلميذه لما خالفه دعوا من سقط من عين الله فرؤى بعد ذلك مع المخنثين وسرق فقطعت يده هذا لما نكث اين هو ممن وفي بيعته مثل تلميذ الداراني قيل له ألق نفسك في التنور فألقى نفسه فيه فعاد عليه بردا وسلاما هذه نتيجة الوفاء انتهى يقول الفقير ثبت بهذه الآية سنة المبايعة وأخذ التلقين من المشايخ الكبار وهم الذين جعلهم الله قطب ارشاد بأن أوصلهم الى التجلي
21
العيني بعد التجلي العلمي إذ لا فائدة في مبايعة الناقصين المحجبين لعدم اقتدارهم على الإرشاد والتسليك وعن شداد بن أوس وعبادة بن الصامت رضى الله عنهما قالا كنا عند رسول الله عليه السلام فقال هل فيكم غريب يعنى اهل كتاب قلنا لا يا رسول الله فأمر بغلق الباب فقال ارفعوا ايديكم فقولوا لا اله الا الله فرفعنا أيدينا ساعة ثم وضع رسول الله يده ثم قال الحمد لله اللهم انك بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة انك لا تخلف الميعاد ثم قال أبشروا فان الله قد غفر لكم كما في ترويح القلوب لعبد الرحمن البسطامي قدس سره وعن عبد الرحمن بن عوف بن مالك الأشجعي رضى الله عنه قال كنا عند رسول الله تسعة او ثمانية او سبعة فقال الا تبايعون رسول الله وكنا حديثى عهد ببيعته فقلنا قد بايعناك يا رسول الله قال الا تبايعون رسول الله فبسطنا أيدينا وقلنا على مم نبايعك قال أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيأ وتقيموا الصلوات الخمس وتطيعوا وأسروا كلمة خفية ولا تسألوا الناس ولقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فلا يسأل أحدا يناوله إياه رواه مسلم والترمذي والنسائي كما في الترغيب والترهيب للامام المنذرى رحمه الله وعن عبادة بن الصامت قال أخبرني ابى عن أبيه قال بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وان لا ننازع الأمر اهله وان نقول بالحق حيث كنا ولا نخاف في الله لومة لائم كما في عوارف المعارف للسهروردى قدس سره وقوله وان لا ننازع الأمر اهله اى إذا فوض امر من الأمور الى من هو اهل لذلك الأمر لا ننازع فيه ونسلم ذلك الأمر له وقوله حيث كنا اى عند الصديق والعدو والأقارب والا باعد كما في حواشى زين الدين الحافى رحمه الله وأخذ من التقرير المذكور أخذ اليد في المبايعة وذلك بالنسبة الى الرجال دون النساء لما روى ان النساء اجتمعن عند النبي عليه السلام وطلبن ان يعاهدهن باليد فقال لا تمس يدى يد المرأة ولكن قولى لامرأة واحدة كقولى لمائة امرأة فبايعهن بالكلام ثم طلبن منه البركة فوضع يده الشريفة في الماء ودفعه إليهن فوضعن أيديهن فيه كذا ذكره الشيخ عبد العزيز
الديرينى الروضة الانيفة وكذا فى ترجمة الفتوحات حيث قال ورسول عليه السلام وفات كرد ودست او بهيچ زن نامحرم نرسيد وبا زنان مبايعه بسخن مى كرد وقول او با يك زن چنان بود كه با همه انتهى وقال في انسان العيون بايعه عليه السلام ليلة العقبة الثانية السبعون رجلا وبايعه المرأتان من غير مصافحة لانه صلى الله عليه وسلّم كان لا يصافح النساء انما كان يأخذ عليهن فاذا احرزن قال اذهبن فقد بايعتكن انتهى وفي الاحياء ويجب منع النساء من حضور المساجد للصلاة ولمجالس الذكر إذا خيفت الفتنة إذ منعتهن عائشة رضى الله عنها فقيل لها ان رسول الله ما منعهن من الجماعات فقالت لو علم رسول الله ما أحدثن بعده لمنعتهن انتهى فحضور هن مجالس الوعظ والذكر من غير حائل يمنع من النظر إذا كان محظورا منكرا فكيف مس أيديهن كما في مشيخة هذا الزمان ومبتدعته وربما يمسون المسك لاجل النساء اللاتي يحضرن مجالسهم ويبايعنهم كما سمعناه من الثقات والعياذ بالله تعالى ولنعد الى تحرير المقام قال ابو يزيد البسطامي قدس سره من لم يكن له أستاذ فامامه الشيطان وحكى الأستاذ ابو القاسم القشيري عن شيخه ابى على الدقاق قدس
22
سرهما انه قال الشجرة إذا نبتت بنفسها من غير غارس فانها تتورق ولا تثمر وهو كما قال ويجوز أنها تثمر كالاشجار التي في الاودية والجبال ولكن لا يكون لفا كهتها طعم فاكهة البساتين والغرس إذا نقل من موضع الى موضع آخر يكون احسن واكثر ثمرة لدخول التصرف فيه وقد اعتبر الشرع وجود التعليم في الكلب المعلم وأحل ما يقتله بخلاف غير المعلم وسمعت كثيرا من المشايخ يقولون من لم ير مفلحا لا يفلح ولنا في رسول الله أسوة حسنة فأصحاب رسول الله تلقوا العلوم والآداب من رسول الله كما روى عن بعض الصحابة علمنا رسول الله كل شيء حتى الخراءة بكسر الخاء المعجمة يعنى قضاء الحاجة فلا بد لطالب الحق من اديب كامل وأستاذ حاذق يبصره بآفات النفوس وفساد الأعمال ومداخل العدو فاذا وجد مثل هذا فليلا زمه وليصحبه وليتأدب بآدابه ليسرى من باطنه الى باطنه حال قوى كسراج يقتبس من سراج ولينسلخ من ارادة نفسه بالكلية فان التسليم له تسليم لله ولرسوله لان سلسلة التسليم تنتهى الى رسول الله والى الله (فى المثنوى) كفت طوبى من رآنى مصطفى والذي يبصر لمن وجهى رأى چون چراغى نور شمعى را كشيد هر كه ديدانرا يقين آن شمع ديد همچنين تا صد چراغ ار نقل شد ديدن آخر لقاى اصل شد خواه نور از واپسين بستان بجان هيچ فرقى نيست خواه از شمعدان وفي الحديث الحجر الأسود يمين الله في ارضه فمن لم يدرك بيعة رسول الله فمسح الحجر فقد بايع الله ورسوله وفي رواية الركن يمين الله في الأرض يصافح بها عباده كما يصافح أحدكم أخاه قال السخاوي معنى الحديث ان كل ملك إذا قدم عليه قبلت يمينه ولما كان الحاج والمعتمر يتعين لهما تقبيله نزل منزلة يمين الملك ويده ولله المثل الأعلى وكذلك من صافحه كان له عند الله عهد كما ان الملك يعطى الهدية والعهد بالمصافحة انتهى يقول الفقير لا شك ان الكعبة عند اهل الحقيقة اشارة الى مرتبة الذات الاحدية والذات الاحدية قد تجلت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم بجميع أسمائها وصفاتها فكانت الكعبة صورة رسول الله والحجر الأسود صورة يده الكريمة واما حقيقة سر الكعبة والحجر فذاته الشريفة ويمينه المباركة ومن هنا نعرف ان الإنسان الكامل أفضل من الكعبة وكذا يده اولى من الحجر ولما انتقل النبي عليه السلام خلفه ورثته بعده فهم مظاهر هذين السرين فلا بد من تقبيل الحجر في الشريعة ومن تقبيل يد الإنسان الكامل في الحقيقة فانه المبايعة الحقيقة فانها عين المبايعة مع الله ورسوله ثم إذا وقعت المبايعة للمبايع في ذلك او ان ارتضاع وزمان انفطام فلا يفارق من بايعه الا بعد حصول المقصود بأن ينفتح له باب الفهم من الله ومتى فارق قبل او ان انفطام يناله من الاعلال في الطريق بالرجوع الى الدنيا ومتابعة الهوى ما ينال المفطوم لغير أوانه في الولادة الطبيعية وكذا الحال في العلم الظاهر فانه لا بد فيه من التكميل ثم الاذن من الأستاذ للتدريس قال في الأشباه لما جلس ابو
يوسف للتدريس من غير اعلام ابى حنيفة أرسل اليه ابو حنيفة رجلا فسأله عن مسائل خمس الا ولى قصار جحد الثوب ثم جاءبه مقصورا هل يستحق الاجر او لا فأجاب ابو يوسف يستحق الاجر فقال له الرجل اخطأت فقال لا يستحق فقال اخطأت ثم قال له الرجل ان كانت القصارة قبل الجحود استحق والا لا
23
الثانية هل الدخول في الصلاة بالفرض او بالسنة فقال بالفرض فقال اخطأت فقال بالسنة فقال اخطأت فتحير ابو يوسف فقال الرجل بهما لان التكبير فرض ورفع اليدين سنة الثالثة طير سقط في قدر على النار فيه لحم ومرق هل يؤكلان او لا فقال يؤكلان فخطأه فقال لا يؤكلان فخطأه ثم قال ان كان اللحم مطبوخا قبل سقوط الطير يغسل ثلاثا ويؤكل وترمى المرقة والا يرمى الكل الرابعة مسلم له زوجة ذمية ماتت وهى حامل منه تدفن في اى المقابر فقال ابو يوسف في مقابر المسلمين فخطأه فقال في مقابر اهل الذمة فخطأه فتحير فقال تدفن في مقابر اليهود ولكن يحول وجهها عن القبلة حتى يكون وجه الولد الى القبلة لان الولد في البطن يكون وجهه الى ظهر أمه الخامسة أم ولد لرجل تزوجت بغير اذن مولاها فمات المولى هل تجب العدة من المولى فقال تجب فخطأه فقال لا تجب فخطأه ثم قال الرجل ان كان الزوج دخل بها لا تجب والا وجبت فعلم ابو يوسف تقصيره فعاد الى ابى حنيفة فقال تزببت قبل ان تحصرم (قال الشيخ سعدى) يكى در صنعت كشتى كيرى بسر آمده بود وسيصد وشصت بند فاخر درين علم بدانستى وهر روز بنوعى كشتى كرفتى مكر كوشه خاطرش باجمال يكى از شاكردان ميل داشت سيصد و پنجاه ونه بند او را آموخت مكر يك بند كه در تعليم آن دفع انداختى وتهاون كردى في الجملة پسر در قوت وصنعت بسر آمد وكسى را با او مجال مقاومت نماند تا بحدى كه پيش ملك كفت استاد را فضيلتى كه بر منست از روى بزركيست وحق تر بيت وكر نه بقوت ازو كمتر نيستم وبصنعت با او برابر ملك را اين سخن پسنديده نيامد بفرمود تا مصارعه كنند مقامى متسع ترتيب كردند واركان دولت واعيان حضرت وزور آوران آن إقليم حاضر شدند پسر چون پيل مست در آمد بصد متى كه اگر كوه آهنين بودى از جاى بر كندى استاد دانست كه جوان ازو بقوت بر ترست بدان بند غريب كه ازو نهان داشته بود بر او در آويخت وبدو دست بر كرفت از زمين بر بالاى سر برد وبر زمين زد غريو از خلق برخاست ملك فرمود تا استاد را خلعت ونعمت بي قياس دادند و پسر را زجر وملامت كرد كه با پرورنده خويش دعوى مقاومت كردى وبسر نبردى كفت اى خداوند مرا بزور دست ظفر نيافت بلكه از علم كشتى دقيقه مانده بود كه زمن دريغ همى داشت امروز بدان دقيقه بر من دست يافت استاد كفت از بهر چنين روز نهان داشتم فعلم ان التلميذ لا يبلغ درجة استاذه فى زمانه فللاستاذ العلو من كل وجه مريدان بقوت ز طفلان كمند مشايخ چوديوار مستحكمند قال في كشف النور عن اصحاب القبور واما هذا الزي المخصوص الذي اتخذه كل فريق من الصوفية كلبس المرقعات ومئازر الصوف والميلويات فهو امر قصدوا به التبرك بمشايخهم الماضية فلا ينهون عنه ولا يؤمرون به فان غالب ملابس هذا الزمان من هذا القيل كالعمائم التي اتخذها الفقهاء والمحدثون والعمائم التي اتخذها العساكر والجنود والملابس التي يتخذها عوام الناس وخواصهم فانها جميعها مباحة وليس فيها شيء يوافق السنة الا القليل ولا نقول انها بدعة ايضا لان البدعة هى الفعلة المخترعة في الدين على خلاف ما كان عليه النبي عليه السلام وكانت عليه الصحابة والتابعون رضى الله عنهم وهذه الهيئات والملابس والعمائم
24
ندارد فغان زير چوب وفي هذا المعنى قال الكمال الخجندي ترا چهـ سود بروز جزا وقايه وحرز كه از وقاية عفوش حمايتى نرسيد وفي الآية اشارة الى أن من اطفأ سعير نفسه وشعلة صفاتها بماء الذكر وترك الشهوات يؤمن قلبه وينجو من سعير النفس وهو حال من آمن بالله ورسوله والا فيكون سعير نفسه وشعلة صفاتها مستولية على القلب فتحرقه وما تبقى من آثاره شيأ وهو حال من لم يؤمن بالله ورسوله ولله ملك سموات القلوب وارض النفوس يغفر لنفس من يشاء ويزكيها عن الصفات الذميمة ويجعلها مطمئنة قابلة لجذبة ارجعي ويعذب قلب من يشاء باستيلاء صفات النفس عليه ويقلبه كما لم يؤمن به وكان الله غفورا لقلب من يشاء رحيما لنفس من يشاء يؤتى ملك نفس من يشاء لقلبه وينزع ملك قلب من يشاء ويؤتيه لنفسه سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ المذكورون إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ظرف لما قبله لا شرط لما بعده وانطلقتم اى ذهبتم يقال انطلق فلان إذا مر متخلفا واصل الطلاق التخلية من وثاق كما يقال حبس طلقا ويضم اى بلا قيد ولا وثاق والمغانم جمع مغنم بمعنى الغنيمة اى الفيء اى سيقولون عند انطلاقكم الى مغانم خيبر لنحوزوها حسبما وعدكم إياها وخصكم بها عوضا عما فاتكم من غنائم مكة إذا نصرفوا منها على صلح ولم يصيبوا منها شيأ فالسين يدل على القرب وخيبرا قرب مغانم انطلقوا إليها فهى هى فان قيل كيف يصح هذا الكلام وقد ثبت انه عليه السلام أعطى من قدم مع جعفر رضى الله عنه من مهاجرى الحبشة وكذا الدوسيين والأشعريين ولم يكونوا ممن حضر الحديبية قلنا كان ذلك باستنزال اهل الحديبية عن شيء من حقهم ولولا ان بعض خيبر كانت صلحا لما قال موسى بن عقبة ومن تبعه ما قالوا وكان ما أعطاهم من ذلك كما في حواشى سعدى المفتى ذَرُونا بگذاريد ما را امر من يذر الشيء اى يتركه ويقذفه لقلة اعتداده به ولم يستعمل ماضيه نَتَّبِعْكُمْ الى خيبر ونشهد معكم قتال أهلها يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ بأن يشاركوا في المغانم التي خصها بأهل الحديبية فانه عليه السلام رجع من الحديبية في ذى الحجة من سنة ست واقام بالمدينة بقيتها وأوائل المحرم من سنة سبع ثم غزا خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها وغنم أموالا كثيرة فخصها بهم حسبما امره الله تعالى فالمراد بكلام الله ما ذكر من وعده تعالى غنائم خيبر لاهل الحديبية خاصة لا قوله تعالى لن تخرجوا معى ابدا فان ذلك في غزوة تبوك قُلْ إقناطا لهم لَنْ تَتَّبِعُونا اى لا تتبعونا فانه نفى في معنى النهى للمبالغة وقال سعدى المفتى لن ليس للتأبيد سيما إذا أريد النهى والمراد لن تتبعونا في خيبر أو ديمومتهم على مرض القلوب وقال ابو الليث لن تتبعونا في المسير الى خيبر الا متطوعين من غير ان يكون لكم شركة فى الغنيمة كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ همچنين كفته است خداى تعالى مِنْ قَبْلُ اى عند الانصراف من الحديبية فَسَيَقُولُونَ للمؤمنين عند سماع هذا النهى بَلْ تَحْسُدُونَنا اى ليس ذلك النهي حكم الله بل تحسدوننا أن نشارككم في الغنائم الحسد تمنى زوال النعمة عمن يستحق لها وربما يكون من ذلك سعى في إزالتها وروى المؤمن يغبط والمنافق يحسد وقال بعض الكبار لا يكون الحسد على المرتبة الا بين الجنس الواحد لا بين الجنسين ولذلك كان أول ابتلاء ابتلى الله به
عليه السلام وكان قد صلّى المغرب بالناس فلما انتهش من الذراع واز درد لقمة از درد بشر ما في فيه ومات من أكل معه وهو بشر بن البرآء واحتجم رسول الله بين الكفتين فى ثلاثة مواضع وقال الحجامة في الرأس هى المعينة أمرني بها جبرائيل حين أكلت طعام اليهودية وقد احتجم في غير هذه الواقعة مرارا واحتجم وسط رأسه وكان يسميها منقذا وذلك انه لما سحره اليهودي ووصل المرض الى الذات المقدسة امر بالحجامة على قبة رأسه المباركة واستعمال الحجامة في كل متضرر بالسحر غاية الحكمة ونهاية حسن المعالجة وفي الحديث الحجامة في الرأس شفاء من سبع من الجنون والصداع والجذام والبرص والنعاس ووجع الضرس وظلمة يجدها في عينيه والحجامة في البلاد الحارة انفع من الفصد والاولى ان تكون في الربع الثالث من الشهر لانه وقت هيجان الدم وعن ابى هريرة مرفوعا من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة واحدى وعشرين كانت شفاء من كل داء والحجامة على الريق دوآء وعلى الشبع داء ويكره في الأربعاء والسبت ثم أرسل رسول الله الى تلك اليهودية فقال أسممت هذه الشاة فقالت من أخبرك قال أخبرتني هذه التي في يدى اى الذراع قالت نعم قال ما حملك على ما صنعت قالت قتلت ابى وعمى وزوجى ونلت من قومى ما نلت فقلت ان كان ملكا استرحنا منه وان كان نبيا فسيخبر فعفا عنها
ز خوان معجزا وكرنواله طلبى حديث بره برياشنو كه ما حضرست
فلما مات بشر امر بها فقتلت وصلبت وفي الاحياء اطعم عليه السلام السم فمات الذي أكل معه وعاش هو عليه السلام بعده اربع سنين انتهى قال الشيخ الشهير بأفتاده قدس سره انما لم يؤثر السم في عمر حين جاء من قيصر لانه رضى الله عنه انما شرب بحقيقته لا ببشريته وانما اثر في النبي عليه السلام بعد تنزله الى حالة بشريته وذلك إرشاده عليه السلام وان كان فى عالم التنزل غير ان تنزله كان في مرتبة الروح وهى اعدل المراتب فلم يؤثر فيه حتى مضى عليه اثنتا عشرة سنة فلما احتضر عليه السلام تنزل الى ادنى المراتب لان الموت انما يجرى على البشرية فلما تنزل الى تلك المرتبة اثر فيه انتهى فانتقل عليه السلام من الدنيا بالشهادة فأحرز جميع المراتب من النبوة والرسالة والصديقية والشهادة يقول الفقير قوله اثنتا عشرة سنة وهكذا قال صاحب المحمدية وهو مخالف لما سبق عن الاحياء والحق ما في الاحياء لان قصة السم كانت في خيبر وقصة خيبر في السنة السابعة من الهجرة فغير هذا وجهه غير ظاهر كما لا يخفى ولما كان زمان خلافة عمر رضى الله عنه ظهر خيانة اهل خيبر فأجلى يهود فدك ونصارى نجران لانه عليه السلام قال لا يبقى دينان في جزيرة العرب وجزيرة العرب ما أحاط به بحر الهند وبحر الشام ثم دجلة والفرات او ما بين عدن أبين الى أطراف الشام طولا ومن جدة الى ريف العراق عرضا كما في القاموس وَأُخْرى عطف على هذه اى فعجل لكم هذه المغانم ومغانم اخرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها وهى مغانم هو ازن فى غزوة حنين فانهم لم يقدروا عليها الى عام الحديبية وانما قدروا عليها عقيب فتح مكة ووصفها بعدم القدرة عليها لما كان فيها من الجولة اى من تكرار الهزيمة والرجوع الى
40
القتال قبل ذلك لزيادة ترغيبهم فيها يقال جال القوم جولة انكشفوا ثم كروا قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها صفة اخرى لا خرى مفيدة لسهولة تأتيها بالنسبة الى قدرته تعالى بعد بيان صعوبة مثالها بالنظر الى قدرتهم اى قد قدر الله عليها واستولى وأظهركم عليها وقيل حفظها عليكم لفتحكم ومنعها من غيركم يعنى جميع فتوح المسلمين قال ابن عباس رضى الله عنهما ومنه فتح قسطنطينية ورومية وعمورية ومدائن فارس والروم والشام اما قسطنطينية فمشهورة وهى الآن دار السلطنة للسلاطين العثمانية واما رومية ويقال لها رومية الكبرى فمدينة عظيمة من مدن الروم مثل قسطنطينية واما عمورية بفتح العين المهملة وضم الميم المشددة وبالراء فقد قال الامام اليافعي في المرآة هى التي يسميها اهل الروم انكورية وهى مدنية كبيرة كانت مقر ملوكهم فتحها المعتصم بالله قال الراغب الإحاطة على وجهين أحدهما فى الأجسام نحو أحطت
بمكان كذا وتستعمل في الحفظ نحو كان الله بكل شيء محيطا اى حافظا له في جميع جهاته وتستعمل في المنع نحو الا ان يحاط بكم اى الا ان تمنعوا والثاني فى العلم نحو أحاط بكل شيء علما فالاحاطة بالشيء علما هو ان يعلم وجوده وجنسه وقدره وكيفيته وغرضه المقصود به وبإيجاده وما يكون به ومنه وذلك ليس يكون الا لله وقال بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه فنفى عنهم ذلك وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً لان قدرته تعالى ذاتية لا تختص بشيء دون شيء اى منتهية عنده غير متجاوزة عنه لان علتها لا تنتهى فتأمل اعلم ان المغازي غزوة حنين وهو اسم موضع قريب من الطائف ويقال لها لغزوة حنين غزوة هوازن ويقال لها غزوة أوطاس باسم الموضع الذي كانت به الواقعة في آخر الأمر وسببها انه لما فتح الله على رسوله مكة اطاعت له قبائل العرب الا هوازن وثقيفا فان أهلهما كانوا طغاة مردة فاجتمعوا الى حنين فلما وصل خبرهم الى رسول الله عليه السلام تبسم وقال تلك غنيمة المسلمين غدا ان شاء الله تعالى فأجمع على السير الى هوازن وخرج في اثنى عشر الفا فلما قربوا من محل العدو صفهم واعطى لواء المهاجرين عليا رضى الله عنه ولواء الخزرج الحباب بن المنذر رضى الله عنه ولواء الأوس أسيد بن حضير رضى الله عنه وركب عليه السلام بغلته الشهباء التي يقال لها فضة قد أهداها له صاحب البلقاء وقيل هى دلدل التي أهداها له المقوقس ولبس درعين والمغفر والدرعان هما ذات الفضول والسغدية بالسين المهملة والغين المعجمة وهى درع داود عليه السلام التي لبسها حين قتل جالوت فلما كان بحنين وذلك عند غبش الصبح اى ظلمته وانحدروا في الوادي خرج عليهم القوم وكانوا كمنوا لهم في شعاب الوادي ومضايقه فحملوا عليهم حملة رجل واحد ورموهم بالنبل وكانوا رماة لا يسقط لهم سهم فأخذ المسلمون راجعين منهزمين لا يلوى أحد على أحد وانحاز رسول الله ذات اليمين ومعه نفر قليل منهم ابو بكر وعمر وعلى والعباس وابنه الفضل فقال عليه السلام يا عباس اصرخ يا معشر الأنصار يا اصحاب السمرة يعنى الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان وكان صيحا يسمع صوته من ثمانية أميال فأجابوا لبيك لبيك حتى انتهى اليه جمع فاقتتلوا ثم قبض عليه السلام قبضة من تراب واستقبل بها وجوههم فقال شاهت الوجوه حم لا ينصرون انهزموا ورب محمد ورماهم
41
واما الحجر الموضوع هناك فموضوع وكان في داخل الكعبة وخارجها وفوقها يومئذ ثلاثمائة وستون صنما لكل حى من احياء العرب صنم وكان هبل أعظم الأصنام وكان من عقيق الى جنب البيت من جهة بابه وهو الآن مطروح تحت باب السلام القديم يطأه الناس الى يوم القيامة لقول ابى سفيان يوم أحد مفتخرا بذلك اعل هبل اعل هبل وذلك لان من أعزه الناس اذله الله فجاء عليه السلام ومعه قضيب فجعل يهوى به الى كل صنم منهم فيخر لوجهه وكان يقول جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا وامر عليا رضى الله عنه فصعد الكعبة وكسر ما فوقها ودخل عليه السلام الكعبة بعد ان أرسل بلالا الى عثمان بن ابى طلحة يأتى بمفتاح الكعبة فدخلها عليه السلام وصلّى ركعتين ودعا في نواحيها كلها وكان في الكعبة صور كثيره حتى صورة ابراهيم واسمعيل ومريم وصور الملائكة فأمر عليه السلام عمر رضى الله عنه فمحاها كلها وكانت الكعبة بيت الأصنام الف سنة ثم صارت مسجد اهل الإسلام الف سنة اخرى وكانت تشكو الى الله تعالى مما فعله الناس من الشرك حتى أنجز الله وعده لها وفيه اشارة الى كعبة القلب فانها كانت بيت الا صنام قبل الفتح والامداد الملكوتي وأعظم الأصنام الوجود (قال الشيخ المغربي)
بود وجود مغربى لات ومنات او بود نيست بتى چوبود او در همه سو منات تو
(وقال الخجندي)
بشكن بت غرور كه در دين عاشقان يك بت گر بشكنند به از صد عبادتست
(وقال)
مدعى نيست محرم دريار خادم كعبه بو لهب نبود
وجلس رسول الله يوم الفتح على الصفا يبايع الناس فجاء الكبار والصغار والرجال والنساء فبايعهم على الإسلام اى على شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله وعلى سائر الاحكام ودخل الناس في دين الله أفواجا وعفا عليه السلام عمن كان مؤذياله منذ عشرين سنة ودعاله بالمغفرة وقال عليه السلام يا ايها الناس ان الله حرم مكة يوم حلق السموات والأرض ويوم خلق الشمس والقمر ووضع هذين الجبلين فهى حرام الى يوم القيامة فلا يحل لامرئ يومن بالله واليوم الآخر ان يسفك فيها دما ولا يعضد فيها شجرة لم تحل لاحد قلبى ولن تحل لاحد يكون بعدي ولا تحل لى الا هذه الساعة اى من صبيحة يوم الفتح الى العصر غضبا على أهلها ألا قد رجعت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد منكم الغائب واقام بمكة بعد فتحها تسعة عشر او ثمانية عشر يوما يقصر الصلاة في مدة اقامة ثم خرج الا هوازن وثقيف كما مر وولى امر مكة عتاب بن أسيد رضى الله عنه وعمره احدى وعشرون سنة وامره ان يصلى بالناس وهو أول امير صلّى بمكة بعد الفتح جماعة وترك معاذ بن جبل رضى الله عنه معه معلما للناس السنن والفقه وبه ثبت الاستخلاف وعليه العمل الى يومنا هذا فان النبي انما يبعث لرفع الجهل وقس عليه اولى جعلنا الله وإياكم من الوراثين هُمُ اى قريش الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ اى معنوكم عن ان تطوفوا به وَالْهَدْيَ اى وصدوا الهدى وهو بالنصب عطف على الضمير المنصوب في صدوكم والهدى بسكون الدال جمع هدية كتمر وتمرة
47
وجدى وجدية وهو مختص بما يهدى الى البيت تقربا الى الله تعالى من النعم أيسره شاة وأوسطه بقرة وأعلاه بدنة يقال أهديت له وأهديت اليه ويجوز تشديد الباء فيكون جمع هدية مَعْكُوفاً حال من الهدى اى محبوسا يقال عكفته عن كذا إذا حبسته ومنه العاكف في المسجد لانه حبس نفسه أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ بدل اشتمال من الهدى او منصوب بنزع الخافض اى محبوسا من ان يبلغ مكانه الذي يحل فيه نحره اى يجب فالمحل اسم للمكان الذي ينحر فيه الهدى فهو من الحلول لا من الحل الذي هو ضد الحرمة قال في المفردات حل الدين حلولا وجب أداؤه وحللت نزلت من حل الأحمال عند النزول ثم جرد استعماله للنزول والمحلة مكان النزول انتهى وبه استدل ابو حنيفة على ان المحصر محل هديه الحرم فان بعض الحديبية كان من الحرم قال في بحر العلوم م الحديبية طرف الحرم على تسعة أميال من مكة وروى
ان خيامه عليه السلام كانت في الحل ومصلاه في الحرم وهناك نحرت هداياه عليه السلام وهى سبعون بدنة والمراد صدها عن محلها المعهود الذي هو منى للحاج وعند الصفا للمعتمر وعند الشافعي لا يختص دم الإحصار بالحرم فيجوز أن يذبح في الموضع الذي أحصر فيه بين تعالى استحقاق كفار مكة للعقوبة بثلاثة أشياء كفرهم في أنفسهم وصد المؤمنين عن إتمام عمرتهم وصد هديهم عن بلوغ المحل فهم مع هذه الافعال القبيحة كانوا يستحقون أن يقاتلوا او يقتلوا الا انه تعالى كف أيدي كل فريق عن صاحبه محافظة على ما في مكة من المؤمنين المستضعفين ليخرجوا منها او يدخلوها على وجه لا يكون فيه إيذاء من فيها من المؤمنين والمؤمنات كما قال تعالى وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ لم تعرفوهم بأعيانهم لاختلاطهم وهو صفة الرجال ونساء جميعا وكانوا بمكة وهم اثنان وسبعون نفسا يكتمون ايمانهم أَنْ تَطَؤُهُمْ بدل اشتمال منهم او من الضمير المنصوب في تعلموهم اى توقعوا بهم وتهلكوهم فان الوطأ عبارة عن الإيقاع والإهلاك والابادة على طريق ذكر الملزوم وارادة اللازم لان الوطأ تحت الاقدام مستلزم للاهلاك ومنه قوله عليه السلام اللهم اشدد وطأتك على مضر اى خذهم أخذا شديدا وفي المفردات اى ذللهم ووطئ امرأته كناية عن المجامعة صار كالتصريح للعرف فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ اى من جهتهم معطوف على قوله ان تطأوهم مَعَرَّةٌ مفعلة من عره إذا عراه ودهاه بما يكرهه ويشق عليه وفي المفردات العر الجرب الذي يعر البدن اى يعترضه ومنه قيل للمضرة معرة تشبيها بالعر الذي هو الجرب والمعنى مشقة ومكروه كوجوب الدية او الكفارة بقتلهم والتأسف عليهم وتعيير الكفار وسوء حالتهم والإثم بالتقصير في البحث عنهم قال سعدى المفتى قلت في المذهب الحنفي لا يلزم بقتل مثله شيء من الدية والكفارة وما ذكره الزمخشري لا يوافق مذهبه انتهى وقال بعضهم أوجب الله على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يعلم إيمانه الكفارة فقال تعالى فان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة بِغَيْرِ عِلْمٍ متعلق بأن تطأوهم اى غير عالمين بهم فيصيبكم بذلك مكروه لما كف ايديكم عنهم وفي هذا الحذف دليل على شدة غضب الله تعالى على كفار مكة كأنه قيل لولا حق المؤمنين موجود لفعل بهم ما لا يدخل تحت الوصف والقياس بناء على ان
48
Icon