تفسير سورة الغاشية

حومد
تفسير سورة سورة الغاشية من كتاب أيسر التفاسير المعروف بـحومد .
لمؤلفه أسعد محمود حومد .

﴿الغاشية﴾ ﴿أَتَاكَ﴾
(١) - يَقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ الكَرِيمِ ﷺ: هَلْ بَلَغَكَ نَبَأُ يَوْمِ القِيَامَةِ؟
الغَاشِيَةُ - اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ القِيَامَةِ لأَنَّهَا تَغْشَى النَّاسَ بِأَهْوَالِهَا وَتَعمُّهُمْ.
﴿خَاشِعَةٌ﴾ ﴿يَوْمَئِذٍ﴾
(٢) - فِي ذَلِكَ اليَوْمِ تَكُونُ وُجُوهُ الكَافِرِينَ المُجْرِمِينَ ذَلِيلَةً خَاشِعَةً، يَعْلُوهَا الخِزْيُ وَالذُّلُّ مِمَّا تَرَى مِنَ الهَوْلِ.
خَاشِعَةٌ - ذَلِيلَةٌ خَاضِعَةٌ مِنَ الخَزْيِ.
(٣) - وَهَؤُلاَءِ الكُفَّارُ الذِينَ خَشَعَتْ وُجُوهُهُمْ، وَعَلاَهَا الذُّلُّ وَالهَوَانُ، كَانُوا فِي حَيَاتِهِم الدُّنْيَا يَعْمَلُونَ وَيجْتَهِدُونَ فِي أَعْمَالِهِمْ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِأَعْمَالِهِمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ، وَلَمْ تَكُنْ أَعْمَالُهُمْ خَالِصَةً لِوَجْهِ اللهِ.
(وَقَدْ يَكُونُ المَعْنَى: إِنَّهُمْ دَائِبُو العَمَلِ فِيمَا يُتْعِبُهُمْ وَيُشْقِيهِمْ، وَيُوصِلُهُمْ إِلَى النَّارِ).
نَاصِبَةٌ - مُتْعَبَةٌ فِي عَمَلِهَا.
(٤) - وَتُقَاسِي هَذِهِ الوُجُوهُ حَرَّ النَّارِ الحَامِيَةِ، وَتُعَذَّبُ فِيهَا.
﴿آنِيَةٍ﴾
(٥) - وَإِذَا عَطِشَ أَهْلُ النَّارِ، وَطَلَبُوا مَا يُطْفَىءُ ظَمَأَهُمْ، جِبئَ لَهُمْ بِمَاءٍ مِنْ عَيْنِ مَاءٍ بَلَغَ مِنَ الحَرَارَةِ غَايَتَهَا، فَهُوَ لاَ يُطْفِئُ ظَمَأَهُمْ.
آنِيَةٍ - بَلَغَتِ الغَايَةَ فِي الحَرَارَةِ.
(٦) - وَإِذَا طَلَبُوا الطَّعَامَ جَيئَ لَهُمْ بِالضَّرِيعِ، وَهُوَ نَبَاتٌ كَالشَّوْكِ مُرٌّ مُنْتِنٌ، لاَ يُشْبعُ مِنْ جُوعٍ، وَلاَ يُسْمِنُ.
(٧) - وَعَرَّفَ اللهُ تَعَالَى هَذَا الضَّرِيعَ بِأَنَّهُ لاَ خَيْرَ فِيهِ، وَلاَ فَائِدَةَ مِنْهُ، فَهُوَ لاَ يُسْمِنُ، وَلاَ يُغْنِي، وَلاَ يُشْبعُ مِنْ جُوعٍ.
(٨) - وَفِي يَوْمِ القِيَامَةِ تَكُونُ وجُوهُ المُؤْمِنِينَ المُخْلِصِينَ المُتَّقِينَ ذَاتَ نَضْرَةٍ وَبَهْجَةٍ.
نَاعِمَةٌ - ذَاتُ بَهْجَةٍ وَحُسْنٍ وَنَضَارَةٍ.
(٩) - رَاضِيَةٌ بِمَا كَانَ مِنْهَا مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَقَدْ وَجَدَتْ جََزَاءَ سَعْيِهَا عِنْدَ رَبِّهَا الكَرِيمِ.
(١٠) - وَقَدْ أَنْزَلَهُمْ رَبُّهُمْ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ.
﴿لاَغِيَةً﴾
(١١) - وَلاَ يَسْمَعُ أَهْلُ الجَنَّةِ كَلِمَةَ لَغْوٍ لاَ خَيْرَ فِيهَا.
(١٢) - وَفِي الجَنَّةِ عُيُونُ مَاءٍ جَارَيَةٌ فِي جَنَبَاتِهَا.
(١٣) - وَفِيهَا أَسِرَّةٌ مُرْتَفِعَةٌ، إِذَا جَلَسَ عَلَيْهَا المُؤْمِنُ رَأَى جَمِيعَ مَا أَعْطَاهُ اللهُ مِنَ النَّعِيمِ.
مَرْفُوعَةٌ - مُرْتَفِعَةُ السَّمْكِ، أَوْ رَفِيعَةُ القَدْرِ.
(١٤) - وَفِيهَا أَكْوَابٌ لِلْمَاءِ مَوْضُوعَةٌ عَلَى حَافَّاتِ عُيُونِ المَاءِ الجَارِيَةِ، فَكُلَّمَا أَرَادَ أَهْلُ الجَنَّةِ شُرْباً، وَجَدُوهَا حَاضِرَةً.
مَوْضُوعَةٌ - عَلَى حَافَّاتِ العُيُونِ، أَوْ مَوْضُوعَةٌ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ.
(١٥) - وَفِيهَا وَسَائِدُ مَصْفُوفٌ بَعْضُهَا إِلَى جَانِبِ بَعْضٍ، لِيَجْلِسُوا عَلَيْهَا، وَيَسْتَنِدُوا إِلَيْهَا.
نَمَارِقُ - وَسَائِدُ وَمَرَافِقُ يُتَّكَأَ عَلَيْهَا.
مَصْفُوفَةٌ - مَوْضُوعٌ بَعْضُهَا إِلَى جَانِبِ بَعْضٍ.
(١٦) - وَفِيهَا بُسُطٌ مَمْدُودَةٌ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِهِمْ.
زَرَابِيُّ - بُسطٌ فَاخِرَةٌ.
مَبْثُوَثَةٌ - مُفَرَّقَةٌ فِي المَجَالِسِ.
(١٧) - أَيُنْكِرُ هَؤُلاَءِ المُشْرِكُونَ قُدْرَةَ اللهِ تَعَالَى عَلَى بَعْثِ الخَلْقِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، وَأَمَامَهُمُ الإِبلُ - الجِمَالُ - وَفِي خَلْقِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ خَالِقَهَا وَقُدْرَتِهِ؟ فَالإِبلُ مِنْ أَضْخَمِ الحَيَوَانَاتِ، وَأَكْثَرِهَا قُوَّةً، وَأَكْبِرهَا احْتِمَالاً، تَحْتَمِلُ العَطَشَ وَالجُوعَ، وَتَكْتَفِي بِاليَسِيرِ مِنَ المَرْعَى وَالمَاءِ فَمَنْ خَلَقَهَا، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالجِبَالَ وَالأَرْضَ.. لقَادِرٌ عَلَى إِعَادَةِ خَلْقِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، وَبَعْثِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ.
أَفَلاَ يَنْظُرونَ - أَفَلاَ يَتَأَمَّلُونَ فَيُدْرِكُونَ.
(١٨) - وَيُتَابِعُ اللهُ تَعَالَى لَفْتَ أَنْظَارِ هَؤُلاَءِ المُشْرِكِينَ إِلَى عَظَمَتِهِ، وَعَظَمَةِ مَا خَلَقَ، فَلَفَتَ نََظَرَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ وَارْتِفَاعِهَا وَمَا فِيهَا مِنْ نُجُومِ وَكَوَاكِبَ.
(١٩) - ثُمَّ لَفَتَ نَظَرَهُمْ إِلَى الجِبَالِ وَعُلُوِّهَا الكَبِيرِ، وَانْتِصَابِهَا وَرُسُوخِهَا فِي الأَرْضِ.
(٢٠) - ثُمَّ لَفَتَ نَظَرَهُمْ إِلَى الأَرْضِ كَيْفَ مُهِّدَتْ وَبُسِطَتْ (سُطِحَتْ)، لِيَنْتَفِعَ بِهَا الخَلْقُ. فَالمُشْرِكُونَ يَرَوْنَ كُلَّ هَذَا الخَلْقِ العَظِيمِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ، وَيَرَوْنَ بَدِيعَ صُنْعِهِ وَيُدْرِكُونَ عَظَمَتَهُ، وَإِبْدَاعَ خَلْقِهِ، فَكَيْفَ لاَ يَتَدَبَّرُونَ وَيَتَفَكَّرونَ فِي قُدْرَةِ الخَالِقَ وَعَظَمَتِهِ؟ وَكَيْفَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ، وَلاَ يَخْشَوْنَ بَطْشَهُ وَعِقَابَهُ؟
(٢١) - ثُمَّ يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ الكَرِيمَ ﷺ بِأَنْ يُذَكِّرَ النَّاسَ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ، وَبِأَنْ يَعِظَهُمْ بِحُجَجهِ وَبَرَاهِينِهِ، وَيُبلِّغَهُمْ رِسَالَتَهُ، وَيَقُولَ لَهُمْ إِنَّهُ إِنَّمَا بُعِثَ رَسُولاً مُبَلِّغَاً وَمُذَكِّراً.
﴿بِمُصَيْطِرٍ﴾
(٢٢) - وَيَقُولُ لَهُ إِنَّهُ لَمْ يُرْسِلْهُ لِيَكُونَ مُتَسَلِّطاً مُسَيْطِراً عَلَيْهِمْ، وَإِنَّهُ لاَ يُسْأَلُ عَنْهُمْ، فَعَلَيهِ أَنْ يَقُومَ بِوَعْظِهِمْ وَبِإبْلاَغِهِمْ رِسَالَةَ رَبِّهِمْ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَهُمْ عَلَى الإِيْمَانِ، وَحِسَابُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ.
(٢٣) - فَمَنْ تَوَلَّى مِنْهُمْ وَكَفَرَ وَأَعْرَضَ عَنِ الذِّكْرَى، وَأَصَرَّ عَلَى الكُفْرِ وَالجُحُودِ.
(٢٤) - فَإِنَّ اللهَ سَيُعَذِّبُهُ فِي يَوْمِ القِيَامَةِ العَذَابَ الأَكْبَرَ، الذِي لاَ عَذَابَ فَوْقَهُ.
(٢٥) - وَإِنَّهُمْ رَاجِعُونَ إِلَى اللهِ رَبِّهِمِ، يَوْمَ القِيَامَةِ، وَإِلَيهِ يُؤوبُونَ حِينَمَا يُبْعَثُونَ.
إِيَابَهُمْ - رُجُوعَهُمْ إِلَى الحَيَاةِ بَعْدَ المَوْتِ.
(٢٦) - وَهُوَ تَعَالَى يَتَوَلَّى حِسَابَهُمْ - وَيَجْزِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ.
Icon