تفسير سورة الإسراء

تفسير غريب القرآن للكواري
تفسير سورة سورة الإسراء من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري .
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿المَسْجِدِ الأَقْصَى﴾ الأَبْعَدُ وَهُوَ بَيْتُ المَقْدِسِ.
﴿عُلُوًّا كَبِيرًا﴾ بَغْيًا عَظِيمًا.
﴿وَعْدُ أُولاهُمَا﴾ وَعْدُ أُولَى الإِفْسَادَتَيْنِ.
﴿أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ أَصْحَابُ قُوَّةٍ في الحَرْبِ والبَطْشِ.
﴿فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ﴾ الجَوْسُ: طَلَبُ الشيءِ بِاسْتِقْصَاءٍ، أي: تَرَدَّدُوا باستقصاءِ وَسَطِ دِيَارِكُمْ لطَلَبِكُمْ وَقَتْلِكُمْ.
﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ﴾ ثم أَعَدْنَا لكم الدولةَ عليهم، والغلبةَ عَلَى الَّذِينَ بُعِثُوا عليكم حين تُبْتُمْ وَرَجَعْتُمْ عن الفساد، والكَرُّ: الرُّجُوعُ، والكَرَّةُ: المرَّةُ منه.
﴿نَفِيرًا﴾ عَدَدًا؛ وهو مَصْدَرُ نَفَرَ: إذا خَرَجَ مُسْرِعًا.
﴿وَعْدُ الآخِرَةِ﴾ أي: مَوْعِدُ الفَسَادِ الثَّانِي.
﴿وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْاْ﴾ لِيُدَمِّرُوا ما اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أن تكونَ «ما» ظرفيةً؛ أي: لِيُفْسِدُوا مُدَّةَ عُلُوِّهِمْ.
﴿حَصِيرًا﴾ أُخِذَ مِنْ قَوْلِكَ: حَصَرْتُ الرَّجُلَ إذا حَبَسْتَهُ فهو مَحْصُورٌ، وهذا حَصِيرُهُ؛ أي: مَحْبِسُهُ، والحصيرُ المنسوجُ، وقال «الحسن»: «فِرَاشًا وَمِهَادًا»، وقال «أبو عبيدة»: «ويجوزُ أن تكون جَهَنَّمُ لهم مِهَادًا بمنزلةِ الحصيرِ، والحصيرُ البساطُ الصغيرُ».
﴿طَآئِرَهُ﴾ عَمَلُهُ مِنْ خَيْرٍ أو شَرٍّ، وَسُمِّيَ طَائِرًا لِمَا كانت العربُ عَلَيْهِ من التَّيَمُّنِ والتشاؤمِ بالطيرِ، وقيل: شَقَاؤُهُ وَسَعَادَتُهُ، وقيل: ما يُصِيبُهُ.
﴿فِي عُنُقِهِ﴾ خُصَّ بذلك مِنْ بَيْنِ سائرِ أجزاءِ البدنِ؛ لأن العنقَ مَحَلُّ الطَّوْقِ الَّذِي يُطَوَّقُهُ الإنسانُ فلا يستطيعُ فِكَاكَهُ، ومن هنا يقال: افْعَلْ كَذَا وَإِثْمُهُ فِي عُنُقِي.
﴿مَدْحُورًا﴾ أي: مَطْرُودًا، فالدَّحْرُ هُوَ الإبعادُ، والمَدْحُورُ هُوَ المُبْعَدُ والمَطْرُودُ، يقال: اللهم ادْحَرْ عَنَّا الشيطانَ أي: أَبْعِدْهُ.
﴿لِلأَوَّابِينَ﴾ للتَّوَّابِينَ العَائِدِينَ إلى اللهِ، مِنْ آبَ يَؤُوبُ: إذا رَجَعَ.
﴿مَحْسُورًا﴾ مُعْدَمًا، وَالمَحْسُورُ: المُنْقَطِعُ عن المقاصدِ والنفقةِ بسبب الفقرِ، وقال الزَّجَّاجُ: المحسورُ الَّذِي قد بلغ الغايةَ في التعبِ والإعياءِ.
﴿إِمْلاقٍ﴾ فَقْر.
﴿خِطْئًا كَبِيرًا﴾ أي: إِثْمًا عَظِيمًا، فالخِطْأُ بِكَسْرِ الخَاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ مَصْدَرُ خَطِئَ بِوَزْنِ فَرِحَ: إذا أَصَابَ إِثْمًا، ولا يكونُ الإثمُ إلا عَنْ عَمْدٍ، وأما الخَطَأُ بِفَتْحِ الخاءِ والطَّاءِ فهو ضِدُّ العَمْدِ، وَفِعْلُهُ أَخْطَأَ، وَاسْمُ الفَاعِلِ مُخْطِئٌ، فيقال: خَطِئَ: إذا أَثِمَ، وأخطأ: إذا فَاتَهُ الصَّوَابُ، ويقال: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
﴿القِسْطَاسِ﴾ المِيزَانُ.
﴿وَلاَ تَقْفُ﴾ القَفْوُ هُوَ الإِتْبَاعُ، يقال: قَفَاهُ يَقْفُوهُ إذا اتَّبَعَهُ وهو مشتقٌّ من اسم القفا، وهو ما وراءَ العُنُقِ، فمعنى لا تَقْفُ: أي لا تَتَّبِعْ ما لا تَعْلَمُهُ، ولا تَقُلْ مَا لَا تَعْلَمُهُ.
﴿أَكِنَّةً﴾ أَغْطِيَةً.
﴿رُفَاتًا﴾ مَا بُولِغُ في دَقِّهِ وَتَفْتِيتِهِ، وقيل: هُوَ الترابُ.
﴿فَسَيُنْغِضُونَ﴾ فَسَيُحَرِّكُونَهَا نَحْوَكَ إذا قُلْتَ لهم ذلك مُسْتَهْزِئِينَ مُتَعَجِّبِينَ، يقال: نَغَضَ رَأْسَهُ نَغْضًا وَنُغُوضًا؛ أي: تَحَرَّكَ، وَأَنْغَضَ رَأْسَهُ أي: حَرَّكَهُ كالمُتَعَجِّبِ مِنَ الشَّيْءِ.
﴿وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ﴾ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ، والملعونةُ: المَذْمُومَةُ، وقيل: الملعونُ آكِلُهَا.
﴿لأَحْتَنِكَنَّ﴾ أي: لَأَسْتَوْلِيَنَّ عليهم فَأَقُودُهُمْ إلى الغوايةِ، مَأْخُوذٌ من الاحْتِنَاكِ، وهو وَضْعُ الرَّاكِبِ اللِّجَامَ في حَنَكِ الفرسِ لِيَرْكَبَهُ وَيُسَيِّرَهُ، وقيل: المَعْنَى: لَأَسْتَأْصِلَنَّهُمْ، مَأْخُوذٌ مِنَ احْتَنَكَ الجرادُ الزرعَ إذا أَكَلَهُ كُلَّهُ.
﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ﴾ اسْتَخْفِفْ وَاخْدَعْ بالدعاءِ إلى المعاصِي، وقيل: بالمزاميرِ.
﴿وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ﴾ أي: صِحْ عليهم، واسْتَنْفِرْ لهم مَنْ شِئْتَ مِنْ رُكْبَانِ جُنْدِكَ وَمُشَاتِهِمْ، واجْمَعْ لهم مكايدَك وحبائلَك، وَأَصْلُ الإِجْلَابِ: السَّوْقُ بِجَلَبَةٍ، والجلبةُ الصِّيَاحُ، قال «ابن عباس»: إِنَّ له خَيْلًا وَرَجِلًا مِنَ الجِنِّ والإِنْسِ، فما كان من رَاكِبٍ وَمَاشٍ يَدْعُو إلى مَعْصِيَةٍ، أو يُقَاتِلُ لضلالةٍ فهو من خَيْلِ إِبْلِيسِ وَرَجَّالَتِهِ.
﴿يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ﴾ الإزجاءُ: السَّوْقُ، والفُلْكُ: السُّفُنُ، وإزجاءُ الفُلْكِ سَوْقُهُ بالريح اللينة، والبحرُ: الماءُ الكثيرُ عَذْبًا كَانَ أَوْ مَالِحًا.
﴿حَاصِبًا﴾ رِيحًا شَدِيدَةً، وهي التي تَرْمِي بالحَصْبَاءِ، وهي الحَصَى الصغارُ، فَيُهْلِككُمْ.
﴿قَاصِفًا﴾ أي: ريحًا شديدةً عاصفةً لا تَمُرُّ بشيءٍ إلا قَصَفَتْهُ وَكَسَرَتْهُ، والقصفُ: الكَسْرُ.
﴿تَبِيعًا﴾ مُطَالِبًا يُطَالِبُنَا بما فَعَلْنَاهُ بِكُمْ.
﴿بِإِمَامِهِمْ﴾ أي: بِنَبِيِّهِمْ، فيقال: يَا أُمَّةَ فُلَانٍ، وَسُمِّيَ النَّبِيُّ إِمَامًا؛ لأنه يُرْجَعُ إليه في تَعَرُّفِ أَعْمَالِهمْ.
﴿فَتِيلًا﴾ ولا يُنْقَصُونَ من ثوابِ أعمالهم أَدْنَى شيءٍ، ولو قَدْرَ فَتِيلٍ، والفَتِيلُ هُوَ الخيطُ الرقيقُ الَّذِي في شَقِّ النَّوَاةِ.
﴿لَيَفْتِنُونَكَ﴾ أي: يَسْتَنْزِلُونَكَ عَنِ الحقِّ، أي: يَطْلُبُونَ نُزُولَكَ عَنْهُ.
﴿ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ المَمَاتِ﴾ أي: ضِعْفَ عذابِ الدنيا والآخرةِ أي: لَعَذَّبْنَاكَ مِثْلَيْ مَا نُعَذِّبُ غَيْرَكَ في الدنيا والآخرةِ، وهذا غايةُ الوعيدِ؛ لأنه كُلَّمَا كانتِ الدرجةُ أَعْلَى كان العذابُ عِنْدَ المُخَالَفَةِ أَعْظَمَ.
﴿يَسْتَفِزُّونَكَ﴾ لِيُزْعِجُوكَ بِعَدَاوَتِهِمْ.
﴿دُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ أي: مَيْلُهَا.
﴿غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ أي: ظُهُورُ ظُلْمَتِه، والغَسَقُ أَوَّلُ اللَّيْلِ.
﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ أي: صَلَاةُ الفَجْرِ.
﴿وَنَأَى بِجَانِبِهِ﴾ تَكَبَّرَ وَتَبَاعَدَ بنفسه عن الخضوعِ لِرَبِّهِ، والاعتراف بفضله.
﴿عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾ عَلَى طريقتِه ومذهبِه التي تُشَابِهُ حالَه في الهُدَى والضَّلَالِ، فَمَنْ كانت نَفْسُهُ شريفةً طاهرةً صَدَرَتْ عنه أفعالٌ جَمِيلَةٌ، وأخلاقٌ زكيةٌ طاهرةٌ، وَمَنْ كانت نَفْسُهُ خبيثةً صَدَرَتْ عنه أفعالٌ سَيِّئَةٌ رَدِيئَةٌ، وهذا مدحٌ للمؤمنِ، وَذَمٌّ للكَافِرِ.
﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ الرُّوحُ: الَّذِي به حياةُ البَدَنِ، وقيل: جبريلُ، وقيل: مَلَكٌ مِنَ المَلَائِكَةِ.
﴿ظَهِيرًا﴾ مُعِينًا وَنَصِيرًا.
﴿يَنبُوعًا﴾ عَيْنًا غزيرةً تَنْبُعُ الماءَ.
﴿كِسَفًا﴾ قِطَعًا، جمع كِسْفَةٍ، يُشِيرُونَ بقولهم: كَمَا زَعَمْتَ إلى قولِ اللهِ تعالى: ﴿إِنْ نَشَأ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ﴾.
﴿قَبِيلًا﴾ مُقَابِلًا، وقيل: قَبِيلَةً قَبِيلَةً، وقيل كَفِيلًا، والقبيلُ والكفيلُ والزعيمُ سواءٌ.
﴿زُخْرُفٍ﴾ مِنْ ذَهَبٍ، وأصلُ الزُّخْرُفِ الزِّينَةُ، والمُزَخْرِفُ المُزَيِّنُ.
﴿خَبَتْ﴾ سَكَنَ لَهَبُهَا؛ لأنها أَكَلَتْ لُحُومَهُمْ، فلم يَبْقَ شيءٌ لزيادةِ لَهَبِهَا إلا إعادةُ لُحُومِهِمْ؛ فَتُعَادُ.
﴿وَكَانَ الإنسَانُ﴾ أي الكافرُ، أو أن كلَّ إنسانٍ في طَبْعِهِ هذا الحرصُ إلا مَنْ عَصَمَهُ اللهُ.
﴿قَتُورًا﴾ بَخِيلًا مُمْسِكًا.
﴿مَثْبُورًا﴾ هَالِكًا مَصْرُوفًا عن الخيرِ، وقيل: مَلْعُونًا، وقيل: مَغْلُوبًا.
﴿لَفِيفًا﴾ اللفيفُ هُوَ الجماعاتُ المختلطةُ مِنْ أصنافٍ شَتَّى من شريفٍ وَدَنِيءٍ وَمُطِيعٍ وَعَاصٍ وقويٍّ وضعيفٍ، وَكُلّ شَيْءٍ خَلَطْتَهُ بغيرِه فَقَدْ لَفَفْتَهُ، فهو مَصْدَرُ قَوْلِكَ: لَفَتُّ الشَّيْءَ: أَيْ جَمَعْتُهُ.
﴿وَلاَ تُخَافِتْ﴾ المُخَافَتَةُ: خَفْضُ الصَّوْتِ.
110
سُورة الكَهْف
Icon