تفسير سورة الحج

روح البيان
تفسير سورة سورة الحج من كتاب روح البيان المعروف بـروح البيان .
لمؤلفه إسماعيل حقي . المتوفي سنة 1127 هـ

الجزء السادس
من تفسير روح البيان
تفسير سورة الحج
مكية الاست آيات من (هذانِ خَصْمانِ) الى آخر (الْحَمِيدِ) (وهى ثمان وسبعون آية) بسم الله الرحمن الرحيم
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ اى احذروا من عقوبة مالك أموركم ومربيكم بطاعته إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ الزلزلة التحريك الشديد بطريق التكرير كما يدل عليه تكرير الحروف لان زلزل مضاعف زل والساعة عبارة عن القيامة سميت بذلك لسرعة حسابها كما فى المفردات اختلف العلماء فى وقت هذه الزلزلة فقال بعضهم تكون فى الدنيا قبيل طلوع الشمس من مغربها فيكون الذهول والوضع الإتيان على حقيقتهما وقال بعضهم تكون يوم القيامة فيحملان على التمثيل والأظهر ما قال ابن عباس رضى الله عنهما ان زلزلة الساعة قيامها فيكون معناها ان الزلزلة الواقعة عند قيام الساعة شىء عظيم لا يحيط به الوصف فلا بد من التقوى لتخليص النفس من العذاب يَوْمَ تَرَوْنَها
منتصب بما بعده اى وقت رؤيتكم تلك الزلزلة تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ
الذهول الذهاب عن الأمر مع دهشة والمرضعة المرأة المباشرة للارضاع بالفعل وبغير التاء هى التي من شأنها الإرضاع لكن لم تلابس الفعل ومثلها حائض وحائضة والتعبير عن الطفل بما دون من لتأكيد الذهول وكونه بحيث لا يخطر ببالها انه ماذا أي تغفل مع حيرة عما هى بصدد ارضاعه من طفلها الذي ألقمته ثديها اشتغالا بنفسها وخوفا: وبالفارسية [غافل شود وفراموش كند از هيبت آن هر شير دهنده از ان فرزندى كه ويرا شير ميدهد با وجود مهربانى مرضعه بر رضيع] اى لو كان مثلها فى الدنيا لذهلت المرضعة عما ارضعته لغير فطام وكذا قوله
2
تعالى وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها
اى تلقى وتسقط جنينها لغير تمام من شدة ما غشيها والحمل بالفتح ما كان فى البطن او على رأس الشجر وبالكسر ما كان على الظهر وفى التأويلات النجمية يشير الى مواد الأشياء فان لكل شىء مادة هى ملكوته ترضع رضيعها من الملك وذهولها عنه بهلاك استعدادها للارضاع وذات حمل هى ما تسمى هيولى فانها حامل بالصور اى تسقط حمل الصور الشهادية املاك الهيولى وَتَرَى النَّاسَ
اهل الموقف سُكارى
جمع سكران اى كأنهم سكارى وافراد الخطاب هنا بعد جمعه فى ترونها لان الزلزلة يراها الجميع لكونها امرا مغايرا للناس بخلاف الحالة القائمة بهم من اثر السكر فان كل أحد لا يرى الا ما قام بغيره والسكر حالة تعرض بين المرء وعقله واكثر ما يستعمل ذلك فى الشراب وقد يعترى من الغضب والعشق ولذا قال الشاعر
سكران سكر هوى وسكر مدامة
ومنه سكرات الموت قال جعفر رضى الله عنه اسكرهم ما شاهدوا من بساط العز والجبروت وسرادق الكبرياء حتى الجأ النبيين الى ان قالوا نفسى نفسى
در ان روز كز فعل پرسند وقول أولوا العزم را تن بلرزد ز هول
بجايى كه دهشت خورد انبيا تو عذر كنه را چهـ دارى بيا
وَما هُمْ بِسُكارى
حقيقة قال الكاشفى [زيرا زوال عقل از خوف وحيرت سكر نباشد واگر رأى العين مانند سكر نمايد] وفيه اشارة الى ان الصور الاخروية وان كانت مثل الصور الدنيوية فى ظاهر النظر لكن بين الحقيقتين تخالف ولذا قال ابن عباس رضى الله عنهما لا يشبه شىء مما فى الجنة شيئا مما فى الدنيا الا بالاسم واعلم ان السكر من انواع شتى. فمن شراب الغفلة والعصيان. ومن حب الدنيا وشهواتها. ومن التنعم. ومن لذة العلم. ومن الشوق. ومن المحبة. ومن الوصال. ومن المعرفة. ومن المحبية والمحبوبية كما قال بعضهم
لى سكرتان وللندمان واحدة شىء خصصت به من بينهم وحدي
وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ
فغشيهم هوله وطير عقولهم وسلب تمييزهم وللعذاب نيران نار جهنم ونار القطيعة والفراق ونار الاشتياق ونار الفناء فى النار والبقاء بالنار كقوله تعالى (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها) وكانت استغاثة النبي عليه السلام بقوله (كلمينى يا حميراء) من فوران هذه النار وهيجانها والله اعلم قال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله لو أمرنى الله ان اقسم العذاب بين الخلق ما قسمت للعاشقين عذابا: قال الحافظ
هر چند غرق بحر كناهم ز صد جهت كر آشناى عشق شوم ز اهل رحمتم
قال بعضهم نزلت هاتان الآيتان فى غزوة بنى المصطلق ليلا فقرأهما رسول الله على أصحابه فلم ير اكثر باكيا من تلك الليلة فلما أصبحوا لم يحطوا السروج عن الدواب ولم يضربوا الخيام وقت النزول ولم يطبخوا قدرا وكانوا بين حزين وباك ومفكر فقال عليه السلام (أتدرون اى يوم ذلك) فقالوا الله ورسوله اعلم قال (ذلك يوم يقول الله لآدم يا آدم فيقول لبيك وسعديك والخير فى يديك فيقول اخرج بعث النار فيقول من كل كم قال من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعين) قال عليه السلام (فذلك) اى التقاول (حين يشيب الصغير وتضع كل ذات
3
بقدم العالم ويستدلون فى ذلك بانه هل كان لله تعالى فى الأزل اسباب الالهية فى إيجاد العالم بالكمال اولا فان قلنا لم تكن أثبتنا له نقصانا فالناقص لا يصلح للالهية وان قلنا قد كان له اسباب الالهية بالكمال بلا مانع يلزم إيجاد العالم فى الأزل بلا تقدم زمانى للصانع على المصنوع بل بتقدم رتبى فنقول فى جوابهم ان الآية تدل على ان الله تعالى كان فى الأزل ولم يكن معه شىء شاء وكان قادرا على إيجاد ما يشاء كيف شاء ولكن الارادة الازلية اقتضت بالحكمة الازلية أجلا مسمى بإخراج طفل العالم من رحم العدم او ان اجله وان لم يكن قبل وجود العالم أوان وانما كان مقدار الأوان فى ايام الله التي لم يكن لها صباح ولا مساء كما قال الله تعالى (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) وبقوله (نُخْرِجُكُمْ) إلخ يشير إلخ ان كل طفل من أطفال المكونات يخرج من رحم العدم مستعدا للتربية وله كمال يبلغه بالتدريج ومن المكونات ما ينعدم قبل بلوغ كماله ومنها ما يبلغ حد كماله ثم يتجاوز عن حد الكمال فيؤول الى ضد الكمال لكيلا يبقى فيه من أوصاف الكمال شىء وذلك معنى قوله (لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً)
دفتر دانش من جمله بشوييد بمى تا شود از نم فيض ازلى جانم حى
وَتَرَى الْأَرْضَ يا من شأنه الرؤية وهو حجة اخرى على البعث هامِدَةً ميتة يابسة همدت النار إذا صارت رمادا فَإِذا [پس چون] أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اى المطر اهْتَزَّتْ تحركت بالنبات والاهتزاز الحركة الواقعة على البهجة والسرور فلا يكاد يقال اهتز فلان لكيت وكيت الا إذا كان الأمر من المحاسن والمنافع وَرَبَتْ انتفخت وازدادت من ربا يربو ربا زاد ونما والفرس ربوا انتفخ من عدو وفزع كما فى القاموس وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ صنف بَهِيجٍ البهجة حسن اللون وظهور السرور فيه وابتهج بكذا سرورا بان اثره فى وجهه. والمعنى حسن رائق يسر ناظره: وبالفارسية [تازه وتر ونيكو وبهجت افزاى بس قادرى كه زمين مرده را بابى زنده سازد تواناست بر آنكه اجزاى موتى را جمع ساخته بهمان حال كه بوده اند باز كرداند
آنكه پى دانه نهال افراخت دانه هم شجر تواند ساخت
كرد نابوده را بقدرت بود چهـ عجب كر دهد ببوده وجود
ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ اى ذلك الصنع البديع وهو خلق الإنسان على أطوار مختلفة وتصريفه فى أطوار متباينة واحياء الأرض بعد موتها حاصل بسبب انه تعالى هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى اى شأنه وعادته احياؤها وحاصله انه تعالى قادر على إحيائها بدأ وإعادة والا لما احيى النطفة والأرض الميتة مرارا بعد مرار وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ مبالغ فى القدرة والا لما أوجد هذه الموجودات وَأَنَّ السَّاعَةَ اى القيامة آتِيَةٌ فيما سيأتى لمجازاة المحسن والمسيئ لا رَيْبَ فِيها إذ قد وضح دليلها وظهر أمرها وهو خبر ثان وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ [بر مى انكيزد] اى بمقتضى وعده الذي لا يقبل الخلف مَنْ فِي الْقُبُورِ جمع قبر وهو مقر الميت والبعث هو ان ينشر الله الموتى من القبور بان يجمع اجزاءهم الاصلية ويعيد الأرواح إليها وأنكره الفلاسفة بناء على امتناع إعادة المعدوم قلنا ان الله يجمع الاجزاء
وقد ذم الله تعالى هذا المجادل بالكبر وهو من الصفات العائقة عن قبول الحق ولا شىء فوقه من الذمائم وعن ارسطو من تكبر على الناس أحب الناس ذلته وعنه باصابة المنطق يعظم القدر. وبالتواضع تكثر المحبة. وبالحلم تكثر الأنصار. وبالرفق يستخدم القلوب. وبالوفاء يدوم الإخاء. وبالصدق يتم الفضل نسأل الله التخلي عن الصفات القبيحة الرذيلة والتحلي بالملكات الحسنة الجميلة وَمِنَ النَّاسِ- روى- ان الآية نزلت فى أعاريب قدموا المدينة وكان أحدهم إذا صح بدنه ونتجت فرسه مهريا سريا وولدت امرأته ولدا وكثر ماله وماشيته قال ما أصبت منذ دخلت فى دينى هذا الأخير او اطمأن وان كان الأمر بخلافه قال ما أصبت الا شرا وانقلب فقال تعالى وبعض الناس مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ حال كونه عَلى حَرْفٍ اى على طرف من الدين لا فى وسطه وقلبه فلا ثبات له فيه كالذى ينحرف على طرف الجيش فان أحس بظفر قر والا فر فالحرف الطرف والناحية وصف الدين بما هو من صفات الأجسام على سبيل الاستعارة التمثيلية قال الراغب حروف الهجاء أطراف الكلمة الرابطة بعضها ببعض فَإِنْ أَصابَهُ [پس اگر برسد او را] خَيْرٌ اى دنيوى من الصحة والسعة اطْمَأَنَّ فى الدين بِهِ بذلك الخير والاطمئنان السكون بعد الانزعاج قال الكاشفى [آرام كيرد بدين وثابت شود بر آن بسبب آن چيز] انتهى اى ثبت على ما كان عليه ظاهرا لا باطنا إذ ليس له اطمئنان المؤمنين الراسخين وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ اى شىء يفتن به من مكروه يعتريه فى نفسه او اهله او ماله فالمراد بالفتنة ما يستكرهه الطبع ويثقل على النفس والا لما صح ان يجعل مقابلا للخير لانه ايضا فتنة وامتحان وان أصابه شر مع انه المقابل للخير لان ما ينفر عنه الطبع ليس شرا فى نفسه بل هو سبب القربة ورفع الدرجة بشرط التسليم والرضى بالقضاء انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ الانقلاب الانصراف والرجوع والوجه بمعنى الجهة والطريقة اى ارتد ورجع الى الكفر قال الكاشفى [بر كردد بر روى خود يعنى از جهتى كه آمده بدان جهت عود كند مراد آنست كه مرتد كردد واز دين اسلام دست بر دارد] يقول الفقير قوله فى بحر العلوم تحول عن وجهه فانكب فرجع الى ما كان عليه من الكفر يشير الى ان على بمعنى عن كما ذهب اليه بعضهم فى قوله تعالى (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها) حيث فسره بالجهة التي اقبل إليها وهى الإسلام خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ فقدهما وضيعهما بذهاب عصمته وحبوط عمله بالارتداد والأظهر ان خسران الدنيا ذهاب اهله حيث أصابته فتنة وخسران الآخرة الحرمان من الثواب حيث ذهب الدين ودخل النار مع الداخلين كما قال الكاشفى [زيان كرد در دنيا كه بمراد نرسد وزيان دارد در آخرت كه عملهاى او نابود شد] ذلِكَ [زيان هر دو سراى] هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ [آنست زيان هويدا چهـ بر همه عقلا ظاهر است زيان از ان عظيم تر نيست]
نه مال ونه اعمال نه دنيا ونه دين لامعه صدق ونه أنوار يقين
در هر دو جهان منفعل وخوار وحزين البته زيانى نبود بدتر ازين
قال بعضهم الخسران فى الدنيا ترك الطاعات ولزوم المخالفات والخسران فى الآخرة كثرة
لم يكد به محسوده انما كاد به نفسه ما يَغِيظُ الغيظ أشد غضب وهو الحرارة التي يجدها الإنسان من فوران دم قلبه اى ما يغيظه من النصرة كلا يعنى انه لا يقدر على دفع النصرة وان مات غيظا كما قال الحافظ
كر جان بدهد سنك سيه لعل نكردد با طينت أصلي چهـ كند بد كهر افتاد
وفى الآية اشارة الى نفى العجز عن الله تعالى وانه فوق عباده وانه ينصر أولياءه- روى- عن انس ابن مالك رضى الله عنه قال اقبل يهودى بعد وفاة رسول الله ﷺ حتى دخل المسجد قال اين وصى محمد فاشار القوم الى ابى بكر رضى الله عنه فقال اسألك عن أشياء لا يعلمها الا نبى او وصى نبى فقال ابو بكر سل عما بدا لك فقال اليهودي أخبرني عما لا يعلم الله وعما ليس لله وعما ليس عند الله فقال ابو بكر هذا كلام الزنادقة وهمّ هو والمسلمون به فقال ابن عباس رضى الله عنهما ما أنصفتم الرجل ان كان عندكم جوابه والا فاذهبوا به الى من يجيبه فانى سمعت رسول الله يقول لعلى رضى الله عنه (اللهم أيد قلبه وثبت لسانه) فقام ابو بكر ومن حضره حتى أتوا عليا فافادوا له ذلك فقال اما ما لا يعلمه الله فذلكم يا معشر اليهود قولكم ان عزيرا ابن الله والله لا يعلم ان له ولدا واما ما ليس لله فليس له شريك واما ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم وعجز فقال اليهودي اشهد ان لا اله الا الله وانك وصى رسول الله ففرح المسلمون بذلك واعلم ان الكفار أرادوا ان يطفئوا نور الله فاطفاهم الله حيث نصر حبيبه وأنجز وعده وعزم الأحزاب وحده واما تشديد المحنة فى بعض الأحيان وتأخير النصرة فلحكم ومصالح فعلى العبد الصالح الراضي بالله تعالى ربا ان يصبر على أذى الأعداء وحسدهم فان الحق يعلو ولا يعلى وسيرجع الأمر من المحنة الى الراحة فيكون اهل الايمان والإخلاص مستريحين ومن الراحة الى المحنة فيكون اهل الشرك والنفاق مستراحا منهم والله تعالى يفعل ما يريد وَكَذلِكَ اى مثل ذلك الانزال البديع المنطوى على الحكم البالغة أَنْزَلْناهُ اى القرآن الكريم كله حال كونه آياتٍ بَيِّناتٍ واضحات الدلالة على معانيها اللطيفة وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ محل الجملة الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اى والأمر ان الله تعالى يهدى بالقرآن ابتداء او يثبت على الهدى او يزيد فيه من يريد هدايته او تثبيته او زيادته وفى الحديث (ان الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين) اى يرفع بالقرآن درجة أقوام وهم من آمن به وعمل بمقتضاه ويحط به أقواما آخرين وهم من اعرض عنه ولم يحفظ وصاياه وكان نظر الصحابة رضى الله عنهم وشغلهم فى الأحوال والأعمال ولذا كانوا يتعلمون عشر آيات لا يجاوزونها الى غيرها حتى يعملوا بما فيها قال فى الاحياء مات النبي عليه السلام عن عشرين الفا من الصحابة ولم يحفظ القرآن منهم الا ستة اختلف منهم فى اثنين فكان أكثرهم يحفظ السورة او السورتين وكان الذي يحفظ البقرة والانعام من علمائهم فالاشتغال بعلم القرآن والعمل بمقتضاه من علامات الهداية ولا بد من الاجتهاد آناء الليل وأطراف النهار الى ان يحصل المقصود فان من أراد ان يصل الى ماء الحياة يقطع الظلمات بلا فتور وجمود والملال من العلم واستماعه سبب الانقطاع عن طريق التحقيق واثر الحرمان من العناية والتوفيق
چنان شرم دار از خداوند خويش كه شرمت ز همسايكانست وخويش
بترس از كناهان خويش اين نفس كه روز قيامت نترسى ز كس
بر ان خورد سعدى كه بيخى نشاند كسى برد خرمن كه تخمى فشاند
إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ [وكردند عملهاى شايسته] جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ الاربعة يُحَلَّوْنَ فِيها من حليت المرأة إذا ألبست الحلي وهو ما يتحلى به من ذهب او فضة اى تحليهم الملائكة بامره تعالى وتزينهم: بالفارسية [آراسته كردانند و پيرايه بندند ايشانرا در بهشت] مِنْ أَساوِرَ اى بعض أساور وهى جمع اسورة جمع سوار: بالفارسية [دستوانه] مِنْ ذَهَبٍ بيان للاساور وَلُؤْلُؤاً عطف على محل من أساور وقرئ بالجر عطفا على ذهب على ان الأساور مرصعة بالذهب واللؤلؤ او على انهم يسورون بالجنسين اما على المعاقبة واما على الجمع كما تجمع نساء الدنيا بين انواع الحلي وما احسن المعصم إذا كان فيه سواران سوار من ذهب احمر قان وسوار من لؤلؤ ابيض يقق وقيل عطف على أساور لا على ذهب لأن السوار لا يكون من اللؤلؤ فى العادة وهو غلط لما فيه من قياس عالم الملك بعالم الملكوت وهو خطأ لقوله (اعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) وينصره قول سعيد بن جبير يحلى كل واحد منهم ثلاثة أساور واحد من ذهب وواحد من فضة وواحد من اللؤلؤ واليواقيت قال ابن الشيخ وظاهر ان السوار قد يتخذ من اللؤلؤ وحده بنظم بعضه الى بعض غاية ما فى الباب ان لا يكون معهودا فى الزمان الاول اى فيكون تشويقا لهم بما لم يعرفوه فى الدنيا وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ يعنى انهم يلبسون فى الجنة ثياب الإبريسم وهو الذي حرم لبسه فى الدنيا على الرجال على ما روى ابو سعيد عن النبي عليه السلام انه قال (من لبس الحرير فى الدنيا لم يلبسه فى الآخرة) فان دخل الجنة لبس اهل الجنة ولم يلبسه هو ولذلك قال ابو حنيفة رحمه الله لا يحل لرجل ان يلبس حريرا الا قدر اربع أصابع لما روى انه عليه السلام لبس جبة مكفوفة بالحرير ولم يفرق بين حالة الحرب وغيره وقال ابو يوسف ومحمد يحل فى الحرب ضرورة قلنا الضرورة تندفع بما لحمته إبريسم وسداه غيره وعكسه فى الحرب فقط كما فى بحر العلوم قال الامام الدميري فى حياة الحيوان ويجوز لبس الثوب الحرير لدفع القمل لانه لا يقمل بالخاصية والأصح ان الرخصة لا تختص بالسفر كما فى أنوار المشارق وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ [راه نموده شده اند مؤمنان به پاكيزه از قول يعنى بسخنهاى پاك راه نمايند ايشانرا در آخرت وآن چنان باشد كه چون نظر ايشان بر بهشت افتد كويند «الحمد لله الذي هدانا لهذا» و چون ببهشت در آيند بر زبان رانند كه «الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن» و چون در منازل خود قرار كيرند كويند «الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض» الآية واكثر مفسران برانند كه ايشان راه يافته اند بقول طيب در دنيا كه كلمه طيبه «لا اله الّا الله ومحمد رسول الله» است] كما قال فى التأويلات النجمية هو الإخلاص فى قول لا اله الا الله والعمل به وقال فى حقائق البقلى هو الذكر او الأمر بالمعروف او نصيحة المسلمين او دعاء المؤمنين وارشاد السالكين قال الكاشفى [حضرت الهى در كشف
الثروة فى الدنيا لم يحدث نفسه بالحج قط فجرى له امر كان سببا لان قيد بالحديد وجيئ به الى الأمير صاحب مكة ليقتله لامر بلغه عنه والذي وشى به عند الأمير حاضر فاتفق ان كان وصوله يوم عرفة والأمير بعرفة فاحضره بين يديه وهو مغلول العنق بالحديد فاستدعى الأمير الواشي وقال له هذا صاحبنا فنظر الى الرجل فقال لا ايها الأمير فاعتذر اليه الأمير وازيل عنه الحديد واغتسل واهل بالحج ولبى من عرفة ورجع معفوا مغفورا بالظاهر والباطن فانظر العناية الالهية ما تفعل بالعبد فمن الناس من يقاد الى الجنة بالسلاسل وهو من اسرار الاجابة الابراهيمية: وفى فتوح الحرمين
هر كه رسيده بوجود از عدم در ره او ساخته از سر قدم
هيچ نبى هيچ ولى هم نبود كو نبرد در ره اميد سود
جمله خلائق ز عرب تا عجم باديه پيما بهواي حرم
لِيَشْهَدُوا متعلق بيأتوك اى ليحضروا مَنافِعَ كائنة لَهُمْ من المنافع الدينية والدنيوية وهى العفو والمغفرة والتجارة فى ايام الحج فتنكيرها لان المراد بها نوع من المنافع مخصوص بهذه العبادة لا يوجد فى غيرها من العبادات وعن ابى حنيفة رحمه الله انه كان يفاضل بين العبادات قبل ان يحج فلما حج فضل الحج على العبادات كلها لما شاهد من تلك الخصائص وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عند اعداد الهدايا والضحايا وذبحها قال الكاشفى [مراد قربانيست كه بنام خداى كنند كفار بنام بت ميكردند] وفى جعله غاية للاتيان إيذان بانه الغاية القصوى دون غيره فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ هى ايام النحر كما ينبى عنه قوله تعالى عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فان المراد بالذكر. ما وقع عند الذبح علق الفعل بالمرزوق وبينه بالبهيمة تحريضا على التقرب وتنبيها على مقتضى الذكر والبهيمة واسم لكل ذات اربع فى البحر والبر فبينت بالانعام وهى الإبل والبقر والضأن والمعز لان الهدى والذبيحة لا يكونان من غيرها قال الراغب البهيمة ما لا نطق له وذلك لما فى صوته من الإبهام لكن خص فى التعارف بما عدا السباع والطير. والانعام جمع نعم وهو مختص بالإبل وتسميته بذلك لكون الإبل عندهم أعظم نعمة لكن الانعام يقال للابل والبقر والغنم ولا يقال لها انعام حتى يكون فى جملتها الإبل فَكُلُوا مِنْها التفات الى الخطاب والفاء فصيحة عاطفة لمدخولها على مقدر اى فاذكروا اسم الله على ضحاياكم فكلوا من لحومها والأمر للاباحة وكان اهل الجاهلية لا يأكلون من نسائكهم فاعلم الله ان ذلك جائز ان شاء أكل وان شاء لم يأكل وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ هذا الأمر للوجوب والبائس الذي أصابه بؤس وشدة وبالفارسية [درمانده ومحنت كشيده] الْفَقِيرَ المحتاج قال الكاشفى [محتاج تنكدست را] فالبائس الشديد الفقر والفقير المحتاج الذي أضعفه الإعسار ليس له عنى او البائس الذي ظهر بؤسه فى ثيابه وفى وجهه والفقير الذي لا يكون كذلك بان تكون ثيابه نقية ووجهه وجه غنى وفى مختصر الكرخي اوصى بثلث ماله للبائس الفقير والمسكين قال فهو يقسم الى ثلاثة اجزاء جزء للبائس وهو الذي به الزمانة إذا كان محتاجا والفقير المحتاج الذي لا يعرف
الجنة الموصى بها والمنفذ لها والحاج عنه) وفى الأشباه ليس للمامور الأمر بالحج ولو لمرض الا إذا قال له الآمر اصنع ما شئت فله ذلك مطلقا والمأمور بالحج له ان يؤخره عن السنة الاولى ثم يحج ولا يضمن كما فى التاتارخانية ولو عين له هذه السنة لان ذكرها للاستعجال لا للتقييد وإذا امر غيره بان يحج عنه ينبغى ان يفوض الأمر الى المأمور فيقول حج عنى بهذا المال كيف شئت مفردا بالحج او العمرة او متمتعا او قارنا والباقي من المال لك وصية كيلا ضيق الأمر على الحاج ولا يجب عليه ردما فضل الى الورثة ولو أحج من لم يحج عن نفسه جاز والأفضل ان يحج من قد حج عن نفسه كما فى الفتاوى المؤيدية ولا يسقط به الفرض عن المأمور وهو الحاج كما فى حواشى أخي چلبى ولو أحج امرأة او امة بإذن السيد جاز لكنه أساء ولو زال عجز الآمر صار ما ادى المأمور تطوعا للآمر وعليه الحج كما فى الكاشفى وعن ابى يوسف ان زال العجز بعد فراغ المأمور عن الحج يقع عن الفرض وان زال قبله فعن النفل كما فى المحيط والحج النفل يصح بلا شرط ويكون ثواب النفقة للآمر بالاتفاق واما ثواب النفل فالمأمور يجعله للآمر وقد صح ذلك عند اهل السنة كالصلاة والصوم والصدقة كما فى الهداية وان مات الحاج المأمور فى طريق الحج يحج غيره وجوبا من منزل آمره الموصى او الوارث قياسا إذا اتحد مكانهما والمال واف فيه ان السفر هل يبطل بالموت اولا وهذا إذا لم يبين مكانا يحج منه بالإجماع كما فى المحيط وَلِكُلِّ أُمَّةٍ من الأمم لا لبعض منهم دون بعض فالتقديم للتخصيص جَعَلْنا مَنْسَكاً متعبدا وقربانا يتقربون به الى الله تعالى والمراد به اراقة الدماء لوجه الله تعالى. والمعنى شرعنا لكل امة مؤمنة ان ينسكو اله تعالى يقال نسك ينسك نسكا ونسوكا ومنسكا بفتح السين إذا ذبح القربان لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ خاصة دون غيره ويجعلوا نسكهم لوجهه الكريم علل الجعل به تنبيها على ان المقصود الأصلي من المناسك تذكر المعبود عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ عند ذبحها وفى تبيين البهيمة بإضافتها الى الانعام تنبيه على ان القربان يجب ان يكون من الانعام واما البهائم التي ليست من الانعام كالخيل والبغال والحمير فلا يجوز ذبحها فى القرابين وفى التأويلات النجمية ولكل سالك جعلنا طريقة ومقاما وقربة على اختلاف طبقاتهم فمنهم من يطلب الله من طريق المعاملات ومنهم من يطلبه من باب المجاهدات ومنهم من يطلبه به ليتمسك كل طائفة منهم فى الطلب بذكر الله على ما رزقهم من قهر النفس وكسر صفاتها البهيمية والانعامية فانهم لا يظفرون على اختلاف طبقاتهم بمنازلهم ومقاماتهم الا بقهر النفس وكسر صفاتها فيذكرون الله بالحمد والثناء على ما رزقهم من قهر النفس من العبور على المقامات والوصول الى الكمالات فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من الجعل المذكور والخطاب للكل تغليبا اى فالهكم اله منفرد يمتنع ان يشاركه شىء فى ذاته وصفاته والا لاختل النظام المشاهد فى العالم فَلَهُ أَسْلِمُوا اى فاذا كان إلهكم اله واحد فاجعلوا التقرب او الذكر سالما له اى خالصا لوجهه ولا تشوبوه بالاشراك: وبالفارسية [پس مرو را كردن نهيد وقربانرا بشرك آميخته مسازيد] وفى التأويلات النجمية والإسلام يكون بمعنى الإخلاص والإخلاص
أعباء الشريعة ولهذا لم يكن مكلفا قبل البلوغ وينبغى ان تكون المجاهدة محفوظة عن طرفى التفريط والافراط بل يكون على حسب ظلم النفس على القلب باستيلائها عليه فيما يضره من اشتغالها بمخالفة الشريعة وموافقة الطبيعة فى استيفاء حظوظها وشهواتها من ملاذ الدنيا فان منها يتولد رين مرآة القلب وقسوته واسوداده وان ارتاضت النفس ونزلت عن ذميم صفاتها وانقادت للشريعة وتركت طبعها واطمأنت الى ذكر الله واستعدت لقبول جذبة ارجعي الى ربك راضية مرضية تصان من فرط المجاهدة ولكن لا يؤمن مكر الله المودع فى مكر النفس وآخر الآية يشير الى ان الإنسان لا يقدر على النفس وتزكيتها بالجهاد المعتدل الا بنصر الله تعالى
چورويى بخدمت نهى بر زمين خدا را ثنا كوى وخود را مبين
كر از حق نه توفيق خيرى رسد كى از بنده خيرى بغيري رسد
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ فى حيز الجر على انه صفة للموصول قال ابن الشيخ لما بين انهم انما أذنوا فى القتال لاجل انهم ظلموا فسر ذلك الظلم بقوله الذين الى آخره والمراد بديارهم مكة المعظمة وتسمى البلاد الديار لانه يدار فيها للتصرف يقال ديار بكر لبلادهم وتقول العرب الذين حوالى مكة نحن من عرب الدار يريدون من عرب البلد قال الراغب الدار المنزل اعتبارا بدورانها الذي لها بالحائط وقيل دارة وجمعها ديار ثم تسمى البلدة دارا بِغَيْرِ حَقٍّ اى خرجوا بغير موجب استحقوا الخروج به فالحق مصدر قولك حق الشيء يحق بالكسر اى وجب إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ بدل من حق اى بغير موجب سوى التوحيد الذي ينبغى ان يكون موجبا للاقرار والتمكين دون الإخراج والتسبير لكن لاعلى الظاهر بل على طريقة قول النابغة
ولا عيب فيهم غير ان سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب
وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ بتسليط المؤمنين منهم على الكفارين فى كل عصر وزمان لَهُدِّمَتْ الهدم إسقاط البناء والتهديم للتكثير اى لخربت باستيلاء المشركين صَوامِعُ للرهبانية وَبِيَعٌ للنصارى وذلك فى زمان عيسى عليه السلام الصوامع جمع صومعة وهى موضع يتعبد فيه الرهبان وينفردون فيه لاجل العبادة قال الراغب الصومعة كل بناء منصمع الرأس متلاصقة والاصمع اللاصق اذنه برأسه والبيع جمع بيعة وهى كنائس النصارى التي يبنونها فى البلدان ليجتمعوا فيها لاجل العبادة والصوامع لهم ايضا الا انهم يبنونها فى المواضع الخيالية كالجبال والصحارى قال الراغب البيعة مصلى النصارى فان يكن ذلك عربيا فى الأصل فتسميته بذلك لما قال (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ) الآية وَصَلَواتٌ كنائس لليهود فى ايام شريعة موسى عليه السلام قال الكاشفى [صومعهاى راهبان وكليساهاى ترسايان وكنشتهاى جهودان] سميت بالصلوات لانها تصلى فيها قال الراغب يسمى موضع العبادة بالصلاة ولذلك سميت الكنائس صلوات وقال بعضهم هى كلمة معربة وهى بالعبرية «صلوثا» بالثاء المثلثة وهى فى لغتهم بمعنى المصلى (وَمَساجِدُ) للمسلمين فى ايام شريعة محمد ﷺ وقدم ما سوى المساجد عليها فى الذكر لكونه اقدم فى الوجود
39
بالنسبة إليها وفى الاسئلة المقحمة تقديم الشيء بالذكر لا يدل على شرفه كقوله تعالى (فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً اى ذكرا كثيرا او وقتا كثيرا صفة مادحة للمساجد خصت بها دلالة على فضلها وفضل أهلها ويجوز ان يكون صفة للاربع لان الذكر فى الصوامع والبيع والصلوات كان معتبرا قبل انتساخ شرائع أهلها وفى الآية اشارة الى انه تعالى لو لم ينصر القلوب على النفوس ويدافع عن القلوب استيلاء النفوس لهدمت صوامع اركان الشريعة وبيع آداب الطريقة وصلوات مقامات الحقيقة ومساجد القلوب التي يذكر فيها اسم الله كثيرا فان الذكر الكثير لا يتسع الا فى القلوب الواسعة المنورة بنور الله وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ اى بالله لينصرن الله من ينصر أولياءه او من ينصر دينه ولقد أنجز الله وعده حيث سلط المهاجرين والأنصار على صناديد العرب وأكاسرة العجم وقياصرة الروم وأورثهم ارضهم وديارهم إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ على كل ما يريده عَزِيزٌ لا يمانعه شىء ولا يدافعه وفى بحر العلوم يغنى بقدرته وعزته فى إهلاك اعداء دينه عنهم وانما كلفهم النصر باستعمال السيوف والرماح وسائر السلاح فى مجاهدة الأعداء وبذل الأرواح والأموال لينتفعوا به ويصلوا بامتثال الأمر فيها الى منافع دينية ودنيوية فان قلت فاذا كان الله قويا عزيزا غالبا غلبة لا يجد معها المغلوب نوع مدافعة وانفلات فما وجه انهزام المسلمين فى بعض وقد وعدهم النصرة قلت ان النصرة والغلبة منصب شريف فلا يليق بحال الكافر لكن الله تعالى تارة يشدد المحنة على الكفار واخرى على المؤمنين لانه لو شدد المحنة على الكفار فى جميع الأوقات وأزالها عن المؤمنين فى جميع الأوقات لحصل العلم الاضطراري بان الايمان حق وما سواه باطل ولو كان كذلك لبطل التكليف والثواب والعقاب فلهذا المعنى تارة يسلط الله المحنة على اهل الايمان واخرى على اهل الكفر لتكون الشبهات باقية والمكلف يدفعها بواسطة النظر فى الدلائل الدالة على صحة الإسلام فيعظم ثوابه عند الله ولان المؤمن قد يقدم على بعض المعاصي فيكون تشديد المحنة عليه فى الدنيا كفارة له
فى الدنيا واما تشديد المحنة على الكافر فانه يكون غضبا من الله كالطاعون مثلا فانه رحمة للمؤمنين ورجز اى عذاب وغضب للكافرين مر عامر برجل قد صلبه الحجاج قال يا رب ان حلمك على الظالمين أضر بالمظلومين فرأى فى منامه ان القيامة قد قامت وكأنه دخل الجنة فرأى المصلوب فيها فى أعلى عليين فاذا مناد ينادى حلمى على الظالمين أحل المظلومين فى أعلى عليين واعلم ان الله تعالى يدفع فى كل عصر مدبرا بمقبل ومبطلا بمحق وفرعونا بموسى ودجالا بعيسى فلا تستبطئ ولا تنضجر: قال الحافظ
اسم أعظم بكند كار خود اى دل خوش باش كه بتلبيس وحيل ديو سليمان نشود
قال بعض الكبار الأمراء يقاتلون فى الظاهر واولياء الله فى الباطن فاذا كان الأمير فى قتاله محقا والطرف المقابل مستحقا للعقوبة أعانه رجال الغيب من الباطن وإلا فلا وفى التوراة فى حق هذه الامة أناجيلهم فى صدورهم اى يحفظون كتابهم لا يحضرون قتالا الا وجبريل عليه السلام معهم وهو يدل على ان كل قتال حق يحضره جبريل ونحوه الى قيام الساعة بل القتال إذا كان حقا قالوا حد يغلب الالف: قال الحافظ
40
ويواقيت وجواهر مرصع ساختند وبعد از انقضاى زمانه مهلت رجوع بآن قصر كرده درها فرو بستند وجبرئيل فرود آمد وايشانرا بكوشك بر زمين فرو برد و چاه ايشان مانده است ودود سياه منتن از آنجا بر مى آمد ودر ان نواحى ناله هلاك شدكان ميشنوند]
نه هركز شنيدم درين عمر خويش كه بد مرد را نيكى آمد به پيش
رطب ناورد چوب خر زهره بار چهـ تخم افكنى بر همان چشم دار
غم وشاد مانى نماند وليك جزاى عمل ماند ونام نيك
أَفَلَمْ يَسِيرُوا اى كفار مكة اى اغفلوا فلم يسافروا فِي الْأَرْضِ فى اليمن والشام ليروا مصارع المهلكين فَتَكُونَ لَهُمْ بسبب ما يشاهدونه من مواد الاعتبار وهو منصوب على جواب الاستفهام وهو فى التحقيق منفى قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها ما يجب ان يعقل من التوحيد أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها ما يجب ان يسمع من اخبار الأمم المهلكة ممن يجاورهم من الناس فانهم اعرف منهم بحالهم وهم وان كانوا قد سافروا فيها ولكنهم حيث لم يسافروا للاعتبار جعلوا غير مسافرين فحثوا على ذلك فالاستفهام للانكار فَإِنَّها اى القصة وبالفارسية [پس قصه اينست] لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ اى ليس الخلل فى مشاعرهم وانما هو فى عقولهم باتباع الهوى والانهماك فى الغفلة وبالفارسية [نابينا نشود ديدهاى حس يعنى در مشاعر ايشان خلل نيست همه چيز مى بينند ولكن نابينا شود از مشاهده اعتبار آن دلها كه هست در سينها يعنى چشم دل ايشان پوشيده است از مشاهده احوال كذشتكان لا جرم بدان عبرتى نمى كيرند] او لا يعتد بعمى الابصار فكأنه ليس بعمى بالاضافة الى عمى القلوب والعمى يقال فى افتقاد البصر وافتقاد البصيرة وذكر الصدور للتأكيد ونفى توهم التجوز قصدا للتنبيه على ان العمى الحقيقي ليس المتعارف الذي يختص بالبصر وفى الحديث (ما من عبد الا وله اربع أعين عينان فى رأسه يبصر بهما امر دنياه وعينان فى قلبه يبصر بهما امر دينه) واكثر الناس عميان بصر القلب لا يبصرون به امر دينهم
چشم دل بگشا ببين بي انتظار هر طرف آيات قدرت آشكار
چشم سر جز پوست خود چيزى نديد چشم سر در مغز هر چيزى رسيد
قال فى حقائق البقلى قدس سره الجهال يرون الأشياء بابصار الظاهر وقلوبهم محجوبة عن رؤية حقائق الأشياء التي هى تابعة أنوار الذات والصفات أعماهم الله بغشاوة الغفلة وغطاء الشهوة قال سهل اليسير من نور بصر القلب يغلب الهوى والشهوة فاذا عمى بصر القلب عما فيه غلبت الشهوة وتواترت الغفلة فعند ذلك يصير البدن متخبطا فى المعاصي غير منقاد للحق بحال وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى ان العقل الحقيقي انما يكون من نتائج صفاء القلب بعد تصفية حواسه عن العمى والصمم فاذا صح وصف القلوب بالسمع والبصر صح وصفها بسائر صفات الحي من وجوه الإدراكات فكما تبصر القلوب بنور اليقين تدرك نسيم الإقبال بمشام السر وفى الخبر (انى لاجد نفس الرحمن من قبل اليمن) وقال تعالى خبرا عن يعقوب عليه السلام (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) وما كان ذلك الا بإدراك السرائر دون اشتمام ريح فى الظاهر فعلى
بالطعن فيها ونسبتها الى السحر والشعر وغير ذلك من الافتراء مُعاجِزِينَ حال كونهم يعاجزون الأنبياء وأولياءهم اى يقابلونهم ويمانعونهم ليصيروهم الى العجز عن امر الله او ظانين انهم يعجزوننا فلا نقدر عليهم او معاندين مسابقين من عاجز فلان فلانا سابقه فعجزه سبقه كما قال الكاشفى [در حالتى كه پيشى كيرند كانند بر ما بكمال خود يعنى خواهند كه از ما دركذرند وعذاب ما ازيشان فوت] أُولئِكَ الموصوفون بالسعي والمعاجزة أَصْحابُ الْجَحِيمِ اى ملازمون النار الموقدة وقيل هو اسم دركة من دركاتها: وفى المثنوى
هر كه بر شمع خدا آرد تفو شمع كى ميرد بسوزد پوز او «١»
كى شود دريا ز پوز سك نجس كى شود خورشيد از پف منطمس
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من عاند اهل آياته من خواص أوليائه أولئك اصحاب جحيم الحقد والعداوة ورد الولاية والسقوط عن نظر الله وجحيم نار جهنم فى الاخرة وإذا أراد الله تعالى بعبد خيرا يحوله عن الإنكار ويوفقه للتوبة والاستغفار- روى- ان رجلا قال كنت ابغض الصوفية فرأيت بشرا الحافى يوما قد خرج من صلاة الجمعة فاشترى خبزا ولحما مشويا وفالوذجا وخرج من بغداد فقلت انه زاهد البلد فتبعته لا نظر ماذا يصنع وظننت انه يريد التنعم فى الصحراء فمشى الى العصر فدخل مسجدا فى قرية وفيه مريض فجعل يطعمه فذهبت الى القرية لا نظر ثم جئت فلم أجد بشرا فسألت المريض فقال ذهب الى بغداد فقلت كم بينى وبين بغداد قال أربعون فرسخا فقلت انا لله وانا اليه راجعون ولم يكن عندى ما اكترى به وانا عاجز عن المشي فبقيت الى جمعة اخرى فجاء بشر ومعه طعام للمريض فقال المريض يا أبا نصر رد هذا الرجل الى منزله فنظر الىّ مغضبا وقال لم صحبتنى فقلت اخطأت فاوصلنى الى محلتى فقال اذهب ولا تعد فتبت الى الله وأنفقت الأموال وصحبتهم وفى الحكاية إشارات منها ان كرامات الأولياء حق ومنها ان انكار ما ليس للعقل فيه مجال خطأ ومنها ان الرجوع الى باب وارث الرسول ينظم العبد فى سلك القبول: قال الحافظ
كليد كنج سعادت قبول اهل دلست مباد كس كه درين نكته شك وريب كند
قال بعض الكبار الاستمداد من اهل الرشاد وان كان صالحا عظيما فى نيل المراد الا ان حسن الاعتقاد مع مباشرة الأسباب يسهل الأمور الصعاب ويوصل الى رب الأرباب والله مفتح الأبواب والهادي الى سبيل الصواب وقال بعضهم المنكر على العلماء بالله انما أنكر لقصور فهمه وقلة معرفته فان علومهم مبنية على الكشف والعيان وعلوم غيرهم من الخواطر الفكرية والأذهان وبداية طريقهم التقوى والعمل الصالح وبداية طريق غيرهم مطالعة الكتب والاستمداد من المخلوقين فى حصول المصالح ونهاية علومهم الوصول الى شهود حضرة الحي القيوم ونهاية علوم غيرهم نحصيل الوظائف والمناصب والخطام الذي لا يدوم فلا طريق إلا طريق السادة الائمة الهداة القادة وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ هذا دليل بين على تغاير الرسول والنبي والرسول انسان أرسله الله الى الخلق لتبليغ رسالته وتبيين ما قصرت عنه عقولهم من مصالح الدارين وقد يشترط فيه
(١) در اواسط دفتر ششم در بيان جواب مريد وزجر كردن طعانه را إلخ
48
الكتاب بخلاف النبي فانه أعم ويعضده ما روى انه عليه السلام سئل عن الأنبياء فقال (مائة الف واربعة وعشرون الفا) قيل فكم الرسل منهم قال (ثلاثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا) وفى رواية (مائتا الف واربعة وعشرون الفا) وقال القهستاني الرسول من بعث لتبليغ الاحكام ملكا كان او إنسانا بخلاف النبي فانه مختص بالإنسان قال الكاشفى فى تفسيره [در بعض تفاسير قصه إلقاء الشيطان در امنيت پيغمبر وبر وجهى آورده اند كه مرضى اهل تحقيق نيست وما از تأويلات علم الهدى وتيسير وديكر كتب معتبره چون معتمد فى المعتقد وذروة الأحباب مدت أنوار جمال مؤلفه الى يوم الحساب آنرا اينجا إيراد كرديم بطريقي كه موافق اهل سنت است آورده اند كه چون والنجم نازل شد سيد عالم عليه السلام آنرا در مسجد الحرام در مجمع قريش ميخواند ودر ميان آيتها توقف مى نمود تا مردم تلقى نموده ياد كيرند پس طريق مذكور بعد از تلاوت آيت (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) متوقف شد وشيطان در ان ميان مجال يافت بكوش مشركان رسانيد كه تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى حاصل معنى آنكه ايشان بزركان يا مرغان بلند پروازند واميد بشفاعت ايشان ميتوان داشت كفار باستماع اين كلمات خوش دل شده پنداشتند كه حضرت پيغمبر خواند وبتان ايشانرا ستايش كرد لا جرم در آخر سوره كه آن حضرت با مؤمنان سجده كردند اهل شرك اتفاق كردند جبرائيل فرود آمد وصورت حال بعرض رسانيد ودل مبارك حضرت بسيار اندوهناك شد وحق تعالى جهت تسليت خاطر عاطر سيد عالم آيت فرستاد وفرمود وما أرسلنا إلخ] إِلَّا إِذا تَمَنَّى اى قرأ قال فى القاموس تمنى الكتاب قرأه قال الراغب التمني تقدير شىء فى النفس وتصويره فيها والامنية الصورة الحاصلة فى النفس من تمنى الشيء وقوله تعالى (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ) معناه الا تلاوة مجردة عن المعرفة من حيث ان التلاوة بلا معرفة المعنى تجرى عند صاحبها مجرى امنية تمناها على التخمين أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ اى قراءته كما فسره الراغب وغيره قال الكاشفى [بيفكند شيطان نزديك تلاوت از آنچهـ خواست چنانكه بوقت تلاوت حضرت پيغمبر ما عليه السلام شيطانى كه او را ابيض كويند بهنجار آواز حضرت آن كلمات برخواند وكمان بردند آن تلاوت پيغمبر است] فَيَنْسَخُ اللَّهُ يزيل ويبطل فالمراد بالنسخ هو النسخ اللغوي لا النسخ الشرعي المستعمل فى الاحكام ما يُلْقِي الشَّيْطانُ من كلمات الكفر ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ يثبت آياتِهِ التي تلاها الأنبياء عليهم السلام حتى لا يجد أحد سبيلا الى ابطالها وَاللَّهُ عَلِيمٌ بما اوحى وبما القى الشيطان حَكِيمٌ ذو الحكمة فى تمكينه من ذلك يفعل ما يشاء ليميز به الثابت على الايمان من المتزلزل فيه وقولهم لو جوّز مثل هذا لأدى الى اشتباه احوال الأنبياء من حيث ان ما يسمع عند تلاوتهم من قولهم او من إلقاء الشيطان فيتعذر الاقتداء مدفوع بان ما القى الشيطان امر ظاهر بطلانه عند المؤمنين المخلصين ألا ترى ان القرآن ورد بابطال الأصنام فكيف يجوز كون قوله تلك الغرانيق إلخ من القرآن ولو سلم فالنسخ والاحكام والايقاف على حقيقة الأمر ولو بعد حين يجلى كل مشتبه فيكون
49
الكافرين بسبب أعمالهم السيئة واعلم ان الفصل والحكومة العادلة كائن لا محالة وان كان الكفار فى شك من القرآن وما نطق به من البعث والمجازاة- روى- ان لقمان وعظ ابنه وقال يا بنىّ ان كنت فى شك من الموت فادفع عن نفسك النوم ولن تستطيع ذلك وان كنت فى شك من البعث فاذا نمت فادفع عن نفسك الانتباه ولن تستطيع ذلك فانك إذ فكرت فى هذا علمت ان نفسك بيد غيرك فان النوم بمنزلة الموت واليقظة بعد النوم بمنزلة البعث بعد الموت فاذا عرف العبد مولاه قبل امره ونال به عزة لا تنقطع ابدا وهى عزة الآخرة التي تستصغر عندها عزة الدنيا- روى- ان عابدا رأى سليمان عليه السلام فى عزة الملك فقال يا ابن داود لقد آتاك الله ملكا عظيما فقال سليمان لتسبيحة واحدة خير مما فيه سليمان فانها تبقى وملك سليمان يفنى فاذا كانت التسبيحة الواحدة أفضل من ملك سليمان فما ظنك بتلاوة القرآن الذي هو أفضل الكتب الالهية قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية يستحب لقارئ القرآن فى المصحف ان يجهر بقراءته ويضع يده على الآية يتبعها فيأخذ اللسان حظه من الرفع ويأخذ البصر حظه من النظر وتأخذ اليد حظها من المس قال وهكذا كان يتلو ثلاثة من أشياخنا منهم عبد الله بن مجاهد فعلى العاقل ان يجتهد فى الوصول الى أعالي درجات الجنان بالاذكار وتلاوة القرآن وَالَّذِينَ هاجَرُوا فارقوا أوطانهم فِي سَبِيلِ اللَّهِ فى الجهاد الموصل الى جنته ورضاه حسبما يلوح به قوله تعالى ثُمَّ قُتِلُوا [پس كشته شدند در جهاد با دشمنان دين] والقتل ازالة الروح عن الجسد لكن إذا اعتبر بفعل المتولى لذلك يقال قتل وإذا اعتبر بفوت الحياة يقال موت أَوْ ماتُوا اى فى تضاعيف المهاجرة، وبالفارسية [يا بمردن شربت شهادت ناچشيده] لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً مرزوقا حسنا والمراد نعيم الجنة الغير المنقطع ابدا قال الكاشفى [هر آينه روزى دهد خداى تعالى ايشانرا روزى نيكر كه نعيم بهشت است نه تعبى رسد در تحصيل آن ونه علتى بود در تناول آن ونه دغدغه انقطاع باشد در ان روزى] وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ فانه يرزق بغير حساب مع ان ما يرزقه لا يقدر عليه أحد غيره والرزق العطاء الجاري دنيويا كان اواخر ويا ثم بين مسكنهم بقوله لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا اسم مكان أريد به الجنة يَرْضَوْنَهُ لما انهم يرون فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ بأحوال كل حَلِيمٌ لا يعاجل بعقوبة الأعداء مع غاية الاقتدار- روى- ان ابراهيم عليه السلام رأى عاصيا فى معصيته فدعا عليه وقال اللهم أهلكه ثم رأى ثانيا وثالثا ورابعا فدعا عليه فقال الله تعالى يا ابراهيم لو أهلكنا كل عبد عصى ما بقي الا القليل ولكن إذا عصى امهلناه فان تاب قبلناه وان استغفر أخرنا العذاب عنه لعلمنا انه لا يخرج عن ملكنا قال الكاشفى [آورده اند كه بعضى از صحابه كفتند يا رسول الله با جمع برادران دينى بجهاد ميرويم ايشان شهيد ميشوند وبعطيات الهى اختصاص ميكردند اگر ما بميريم وشهيد نميشويم حال ما چون باشد اين آيت فرود آمد] يعنى سوى فى الآية بين المقتول والمتوفى على حاله فى الوعد لاستوائهما فى العقد وهو التقرب الى الله ونصرة الدين ونظيره
ذاتى: وفى المثنوى
كل شىء ما خلا الله باطل ان فضل الله غيم هاطل «١»
ملك ملك اوست او خود مالكست غير ذاتش كل شىء هالكست
قال الشيخ ابو الحسن الكبرى استغفر الله مما سوى الله اى لان الباطل يستغفر من اثبات وجوده لذاته فعلى العاقل ان يجتهد فى تحصيل الشهود واليقين ويصل فى التوحيد الى مقام التمكين
تا دم وحدت زدى حافظ شوريده حال خامه توحيد كش بر ورق اين وآن
نسأل الله التوفيق لدرك الحقيقة على التحقيق أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً [سبز كشته يكبار بعد از پژمردكى وخشكى] قال الراغب الخضرة أحد الألوان بين البياض والسواد وهو الى السواد اقرب ولهذا يسمى الأسود اخضر والأخضر اسود وقيل سواد العراق للموضع الذي تكثر فيه الخضرة قوله ألم تر استفهام تقرير ولذلك رفع فتصبح عطفا على انزل إذ لو نصب جوابا للاستفهام لدل على نفى الاخضرار والمقصود إثباته كما يدل النصب على نفى النظر فى قوله (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا) وأورد تصبح بصيغة المضارع ليدل على بقاء اثر المطر زمانا بعد زمان إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ يصل لطفه الى الكل من حيث لا يعلم ولا يحتسب وقال الكاشفى [لطف كننده است بر بندگان با روييدن كياه تا ايشانرا از ان روزى دهد] خَبِيرٌ بما يليق من التدابير الحسنة ظاهرا وباطنا وقال الكاشفى [داناست بحال رزقا ومرزوقا] لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ خلقا وملكا وتصرفا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ فى ذاته عن كل شىء: وبالفارسية [هر آينه اوست بى نياز در ذات خود از همه أشياء] وفى التأويلات النجمية لا ينقص غناه من مواهبه الْحَمِيدُ المستوجب للحمد بصفاته وأفعاله وفى التأويلات النجمية فى ذاته مستغن عن الحامدين قال الامام الغزالي رحمه الله الحميد هو المحمود المثنى عليه والله تعالى هو الحميد لحمده لنفسه ازلا ولحمد عباده له ابدا ويرجع هذا الى صفات الجلال والعلو والكمال منسوبا الى ذكر الذاكرين له فان الحمد هو ذكر أوصاف الكمال من حيث هو كمال أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ اى جعل ما فيها من الأشياء مذللة لكم معدة لمنافعكم تتصرفون فيها كيف شئتم فلا أصلب من الحجر ولا أشد من الحديد ولا اهيب من النار وهى مسخرة منقادة لكم وَالْفُلْكَ عطف على ما او على اسم ان تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ حال من الفلك والمراد بالأمر التيسير والمشيئة وَيُمْسِكُ السَّماءَ من أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ بان خلقها على صورة متداعية الى الاستمساك يقال امسك الشيء إذا اخذه والوقوع السقوط إِلَّا بِإِذْنِهِ اى بمشيئة قال الراغب الاذن فى الشيء الاعلام بإجازته والرخصة فيه انتهى وذلك يوم القيامة وفيه رد لاستمساكها بذاتها فانها مساوية لسائر الأجسام فى الجسمية فتكون قابلة للميل الهابط كقبول غيرها يقول الفقير من الغرائب ما رأيت فى بعض الكتب ان طائرا كان يتدلى من الشجرة برجله كل ليلة الى الصباح ويصبح خوفا من وقوع السماء عليه ونظيره ما ذكره الحافظ ان الكركي لا يطأ الأرض بقدميه
(١) لم أجد يعنيه فليراجع
وخدمته ويشرفنا بجنته ووصلته لِكُلِّ أُمَّةٍ معينة من الأمم الماضية والباقية والامة جماعة أرسل إليهم رسول جَعَلْنا [معين ساختيم] مَنْسَكاً مصدر مأخوذ من النسك وهو العبادة اى شريعة خاصة لا لامة اخرى منهم على معنى عينا كل شريعة لامة معينة من الأمم بحيث لا تتخطى امة منهم شريعتها المعينة لها الى شريعة اخرى لا استقلالا ولا اشتراكا هُمْ ناسِكُوهُ صفة لمنسكا مؤكدة للقصر المستفاد من تقديم الجار والمجرور على الفعل والضمير لكل امة باعتبار خصوصها اى تلك الامة المعينة ناسكوه والعاملون به لامة اخرى فالامة التي كانت من مبعث موسى الى مبعث عيسى عليهما السلام منسكهم التوراة هم ناسكوها والعاملون بها لا غيرهم والامة التي من مبعث عيسى الى مبعث النبي عليه السلام منسكهم الإنجيل هم ناسكوه والعاملون به لا غيرهم واما الامة الموجودة عند بعث النبي عليه السلام ومن بعدهم من الموجودين الى يوم القيامة فهم امة واحدة منسكهم الفرقان ليس الا فَلا يُنازِعُنَّكَ اى من يعاصرك من اهل الملل يقال نزع الشيء جذبه من مقره كنزع القوس عن كبده والمنازعة المخاصمة فِي الْأَمْرِ اى فى امر الدين زعما منهم ان شريعتهم ما عين لآبائهم الأولين من التوراة والإنجيل فانهما شريعتان لمن مضى من الأمم قبل انتساخهما وهؤلاء امة مستقلة منسكهم القرآن المجيد فحسب: وبالفارسية [بس بايد كه نزاع نكنند سائر ارباب أديان با تو در كار دين چهـ امر دين توازان ظاهر ترست كه تصور نزاع در ان توان كرد در نور آفتاب چهـ جاى تأمل است] وَادْعُ الناس كافة ولا تخص امة دون امة بالدعوة فان كل الناس أمتك إِلى رَبِّكَ الى توحيده وعبادته حسبما بين لهم فى منسكهم وشريعتهم إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ اى طريق موصل الى الحق سوىّ وهو الدين وَإِنْ جادَلُوكَ وخاصموك بعد ظهور الحق ولزوم الحجة وأصله من جدلت الحبل اى حكمت فتله فكأن المجادلين يفتل كل واحد.
منهما الآخر عن رأيه فَقُلِ لهم على سبيل الوعيد اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ من الأباطيل التي من جملتها المجادلة فيجازيكم عليها اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يفصل بين المؤمنين منكم والكافرين يَوْمَ الْقِيامَةِ بالثواب والعقاب كما فصل فى الدنيا بالحجج والآيات فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ من امر الدين أَلَمْ تَعْلَمْ الاستفهام للتقرير اى قد علمت أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ فلا يخفى عليه شىء من الأشياء التي من جملتها ما يقول الكفرة وما يعملونه إِنَّ ذلِكَ اى ما فى السماء والأرض فِي كِتابٍ هو اللوح قد كتب فيه قبل حدوثه فلا يهمنك أمرهم مع علمنا به وحفظنا له إِنَّ ذلِكَ اى ما ذكر من العلم والإحاطة به وإثباته فى اللوح عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ سهل: وبالفارسية [آسانست] فان علمه وقدرته مقتضى ذاته فلا يخفى عليه شىء ولا يعسر عليه مقدور وفى الآيات إشارات منها ان لكل فريق من الطلاب شرعة هم واردوها ولكل قوم طريقة هم سالكوها ومقاماهم سكانه ومحلاهم قطانه ربط كل جماعة بما أهلهم وأوصل كل ذوى رتبة الى ما جعله محلهم فبساط التعبد موطوء باقدام العابدين ومشاهد الاجتهاد معمورة باصحاب
كالمكرم بمعنى الإكرام: وبالفارسية [يعنى چون قرآن بر كافران خوانى اثر كراهت ونفرت در روى ايشان به بينى از فرط عناد ولجاج كه با حق دارند] واعلم ان الوجوه كالمرائى فكل صورة من الإقرار والإنكار تظهر فيها فهى اثر احوال الباطن وكل اناء يترشح بما فيه كتلون وجوه قوم صالح فما ظهر عليهم فى ظاهرهم الا حكم ما استقر فى باطنهم قال الفقير
هر كرا صورت بياض الوجوه بود صورت حال درونش رو نمود
كر سياه ويا كبودى بود رنك رنك او ظاهر شد از دل بى درنگ
يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا اى يثبون ويبطشون بهم من فرط الغيظ والغضب لاباطيل أخذوها تقليدا من السطوة وهى البطش برفع اليد يقال سطابه قُلْ ردا عليهم وإقناطا مما يقصدونه من الإضرار بالمسلمين أَفَأُنَبِّئُكُمْ اى أخاطبكم فأخبركم بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ الذي فيكم من غيضكم على التالين وسطوتكم بهم النَّارُ اى هو النار على انه جواب لسؤال مقدر كأنه قيل ما هو وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ اى النار والمصير المرجع وفيه اشارة الى ان نار القطيعة والطرد والابعاد شر من الإنكار الذي فى قلوب المنكرين فعلى العاقل ان يجتنب عن كل ما يؤدى الى الشرك والإنكار ويصحب اهل التوحيد والإقرار ويقبل الحقائق والاسرار ويحب ارباب الولاية ويبغض اصحاب الضلالة وفى بعض الاخبار يقول الله تعالى غدا يا ابن آدم اما زهدك من الدنيا فانما طلبت الراحة لنفسك واما انقطاعك الى فانما طلبت العزة لنفسك ولكن هل عاديت لى عدوا او واليت لى وليا واعلم ان الكفر والإنكار يؤديان الى النار كما ان التوحيد والإقرار يفضيان الى الجنة وهما من أفضل النعم فان العبد يصل بسبب التوحيد الى السعادة الابدية ولذلك كل عمل يوزن الا شهادة ان لا اله الله وإذا رسخ التوحيد فى قلب المؤمن لم يجد بدا من الإقرار والذكر كلما وجد مجالا صالحا له- حكى- ان بعض الصالحين رأى زبيدة امرأة هارون الرشيد فى المنام بعد الموت وسأل عن حالها فقالت غفر لى ربى فقال ابالحياض التي حفرتها بين الحرمين الشريفين فقالت لافانها كانت أموالا مغصوبة فجعل ثوابها لاربابها فقال فبم قالت كنت فى مجلس شرب الخمر فامسكت عن ذلك حين اذن المؤذن وشهدت ما شهد المؤذن فقال الله تعالى لملائكته أمسكوا عن عذابها لو لم يكن التوحيد راسخا فى قلبها لما ذكرتنى عند السكر فغفر لى واحسن حالى واما اهل النار والمؤاخذة فالادنى منهم عذابا يتنعل من نار يغلى منه دماغه ولذلك قال الله تعالى (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) فانه لا راحة فيها لاحد عصمنا الله وإياكم من نار البعد وعذاب السعير انه خير عاصم ومجير يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ اى بين لكم حالة مستغربة او قصة بديعة حقيقة بان تسمى مثلا وتسير فى الأمصار والاعصار فَاسْتَمِعُوا لَهُ اى للمثل استماع تدبر وتفكر: وبالفارسية [پس بشنويد آن مثل را بكوش هوش ودر ان تأمل كنيد وفى التأويلات النجمية يشير بقوله (يا أَيُّهَا النَّاسُ) الى اهل النسيان عن حقيقة الأمر بالعيان فلا بد لهم من ضرب مثل لعلهم ينبهون من نوم الغفلة فالخطاب لناسى عهد الميثاق عامة
Icon