تفسير سورة الفتح

نيل المرام تفسير آيات الأحكام
تفسير سورة سورة الفتح من كتاب نيل المرام من تفسير آيات الأحكام المعروف بـنيل المرام تفسير آيات الأحكام .
لمؤلفه صديق حسن خان . المتوفي سنة 1307 هـ

سورة الفتح تسع وعشرون آية
كلها مدنيّة بالإجماع، قاله القرطبي «١».
وقال مروان ومسوّر بن مخرمة: نزلت بين مكة والمدينة في شأن الحديبية وهذا لا ينافي الإجماع، لأن المراد بالسّور المدنية السّور النازلة بعد الهجرة من مكة.
[الآية الأولى]
هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٢٥).
وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ: يعني المستضعفين ممن آمن بمكة.
ومعنى: لَمْ تَعْلَمُوهُمْ: لم تعرفوهم. وقيل لم تعلموا أنهم مؤمنون.
أَنْ تَطَؤُهُمْ: بالقتل والإيقاع بهم، يقال: وطئت القوم أي أوقعت بهم. وذلك أنهم لو أخذوا مكة عنوة بالسيف لم يتميز المؤمنون الذين هم فيها من الكفار، وعند ذلك لا يأمنوا أن يقتلوا المؤمنين فتلزمهم الكفارة وتلحقهم سبة.
وهو معنى قوله: فَتُصِيبَكُمْ، أي من جهتهم.
مَعَرَّةٌ: أي مشقة بما يلزمكم في قتلهم من كفارة وعيب.
(١) ينظر: صحيح مسلم (١٧٨٦)، (٣/ ١٤١٣)، والطبري (٢٦/ ٤٣)، والنكت (٤/ ٥٦)، وزاد المسير (٧/ ٤١٨)، والقرطبي (١٦/ ٢٦٠)، ابن كثير (٤/ ١٨٢)، الدر المنثور (٦/ ٦٧)، اللباب (١٩٣).
423
وأصل المعرة: العيب، مأخوذة من العر وهو الحرب. وذلك أن المشركين سيقولون إن المسلمين قد قتلوا أهل دينهم.
قال الزجاج: معرة أي إثم، وكذا قال الجوهري- وبه قال ابن زيد-.
وقال الكلبي ومقاتل وغيرهما: المعرة كفارة قتل الخطأ.
وقال ابن إسحق: المعرة غرم الدية.
وقال قطرب: المعرة الشدة، وقيل: الغم.
بِغَيْرِ عِلْمٍ متعلق بأن تطئوهم أي غير عالمين. وجواب لولا محذوف أي لإذن الله عز وجل لكم، أو لما كف أيديكم عنهم «١».
(١) انظر في تفسير هذه الآية: تذكرة الأريب (٢/ ١٦٦)، البحر المحيط (٨/ ٩٧)، والفرّاء (٣/ ٦٧).
424
Icon