تفسير سورة الضحى

معاني القرآن للزجاج
تفسير سورة سورة الضحى من كتاب معاني القرآن وإعرابه للزجاج المعروف بـمعاني القرآن للزجاج .
لمؤلفه الزجاج . المتوفي سنة 311 هـ

سُورَةُ الضُّحَى
(مَكِّيَّة)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى: (وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢)
هذا قسم وجوابه (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى).
والضحى: النهار، وقيل ساعة من ساعات النهار.
* * *
(وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢)
وقوله إذا سجا معناه إذا سكن.
قال الشاعر:
يا حبَّذا القمراءُ والليلُ الساجْ... وطُرُقٌ مثلُ مُلاء النَّسَّاجْ
* * *
ومعنى: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣)
أي لم يقطع الوحي عنك وَلَا أَبْغَضَكَ، وذلك أنه تأخر الوحي عن
رسول اللَّه - ﷺ - خمسة عشر يوماً، فقال ناس من الناس: إن محمداً قد ودعه صاحبه وقلاه، فأنزل الله عزَّ وجلَّ - (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)
المعنى ما قلاك، كما قال: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ)
المعنى والذاكراته (١).
* * *
وقوله: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦)
وكان النبي عليه السلام يكفله عمُّه أَبُو طَالبٍ.
* * *
وقوله: (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧)
معناه - واللَّه أعلم - أنه لم يكن يدري القرآن ولا الشرائِع فهداه اللَّه
(١) قال السَّمين:
قوله: ﴿مَا وَدَّعَكَ﴾: هذا هو الجوابُ. والعامَّةُ على تشديد الدالِ من التَوْديع. [وقرأ] عروة بن الزبير وابنه هشام وأبو حيوة وابن أبي عبلة بتخفيفِها مِنْ قولِهم: وَدَعَه، أي: تركه والمشهورُ في اللغةِ الاستغناءُ عن وَدَعَ ووَذَرَ واسمِ فاعِلهما واسمِ مفعولِهما ومصدرِهما ب «تَرَكَ» وما تصرَّفَ منه، وقد جاء وَدَعَ ووَذَرَ. قال الشاعر:
٤٥٩١ سَلْ أميري ما الذي غَيَّرَهْ... عن وِصالي اليومَ حتى وَدَعَهْ
وقال الشاعر:
٤٥٩٢ وثُمَّ وَدَعْنا آلَ عمروٍ وعامرٍ... فرائِسَ أَطْرافِ المُثَقَّفةِ السُّمْرِ
قيل: والتوديعُ مبالغةٌ في الوَدْع؛ لأن مَنْ وَدَّعك مفارقاً فقد بالغ في تَرْكِك.
قوله: ﴿وَمَا قلى﴾ أي: ما أَبْغَضَك، قلاه يَقْليه بكسر العين في المضارع، وطيِّىء تقول: قلاه يقلاه بالفتح قال الشاعر:
٤٥٩٣ أيا مَنْ لَسْتُ أَنْساه... ولا واللَّهِ أَقْلاه
لكَ اللَّهُ على ذاكَ... لكَ اللَّهُ [لكَ اللَّهُ]
وحُذِفَ مفعولُ «قَلَى» مراعاةً للفواصلِ مع العِلْم به وكذا بعدَ «فآوى» وما بعدَه.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).
إلى القرآن وشرائع الإسلام، ودليل ذلك قوله: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ)
وقال قوم: كان على أَمْرِ قَوْمِهِ أربعين سنة (١).
* * *
وقوله: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (٩)
أي لا تقهره على ماله.
* * *
(وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (١٠)
أي لا تنهرهُ، إما أعطيته، وإما رددته ردًّا لَيِّناً.
* * *
(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)
أي بلِّغ ما أرسلت به وحَدِّثْ بالنبوة التي آتاك الله وهي أجَلُّ النِّعمِ.
(١) كلام في غاية الفساد والبطلان، ويكفي في رده قوله تعالى (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢).
Icon