تفسير سورة سورة النمل من كتاب تفسير القرآن العزيز
المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين
.
لمؤلفه
ابن أبي زَمَنِين
.
المتوفي سنة 399 هـ
وهي مكية كلها.
ﰡ
قَوْله: ﴿طس تِلْكَ آيَات الْقُرْآن وَكتاب مُبين﴾ بَين
﴿ هدى وبشرى للمؤمنين( ٢ ) ﴾ يهتدون به، ويبشرون بالجنة.
﴿ الذين يقيمون الصلاة ﴾ يعني الصلوات الخمس يحافظون على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها ﴿ ويؤتون الزكاة ﴾ المفروضة.
﴿ وإنك لتلقى القرآن ﴾ أي : لتأخذه ﴿ من لدن ﴾ أي : من عند ﴿ حكيم ﴾ في أمره ﴿ عليم( ٦ ) ﴾ بخلقه، يعني : نفسه تبارك وتعالى.
﴿إِذْ قَالَ مُوسَى لأَهله﴾.
قَالَ مُحَمَّدٌ: قِيلَ: الْمَعْنَى: اذْكُرْ إِذْ قَالَ مُوسَى لأَهْلِهِ. ﴿إِنِّي آنست نَارا﴾ أَيْ: أَبْصَرْتُ ﴿سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ﴾ الطَّرِيقُ وَكَانَ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ ﴿أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تصطلون﴾ لِكَيْ تَصْطَلُوا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: كُلُّ ذِي نُورٍ فَهُوَ شِهَابٌ فِي اللُّغَةِ، وَالْقَبَسُ: النَّارُ تُقْتَبَسُ؛ تَقُولُ: قَبَسْتُ النَّارَ قَبْسًا، وَاسْمُ مَا قبست: قبس.
﴿فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ﴾ بِأَنْ بُورِكَ ﴿مَنْ فِي النَّارِ﴾ يَعْنِي: نَفْسَهُ، وَلَمْ تَكُنْ نَارًا، وَإِنَّمَا كَانَ ضَوْءُ نُورِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَكَانَ مُوسَى يَرَى أَنَّهَا نَار ﴿وَمن حولهَا﴾ يَعْنِي: الْمَلَائِكَةَ، وَهِيَ فِي مُصْحَفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: " نُودِيَ أَنْ بوركت النَّار وَمن حولهَا ".
﴿فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ ولى مُدبرا﴾ من الْفرق
﴿وَلم يعقب﴾ يَعْنِي: وَلَمْ يَرْجِعْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: قَالَ هَاهُنَا
﴿كَأَنَّهَا جَان﴾ وَالْجَانُ: الصَّغِيرُ مِنَ الْحَيَّاتِ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:
﴿فَإِذَا هِيَ ثعبان مُبين﴾ وَالثُّعْبَانُ: الْكَبِيرُ مِنَ الْحَيَّاتِ. قِيلَ: فَالْمَعْنَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ خَلْقَهَا خَلْقُ الثُّعْبَانِ الْعَظِيمِ
294
وَاهْتِزَازَهَا وَحَرَكَتَهَا كَاهْتِزَازِ الْجَانِّ؛ وَهَذَا مِنْ عَظِيمِ الْقُدْرَةِ.
﴿يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لدي المُرْسَلُونَ﴾ أَي: عِنْدِي
295
﴿إِلا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حسنا بعد سوء﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ فِي الْآخِرَةِ وَفِي الدُّنْيَا ﴿إِلا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيم﴾ أَيْ: فَإِنَّهُ لَا يَخَافُ عِنْدِي. وَكَانَ مُوسَى مِمَّنْ ظَلَمَ، ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوْءٍ، فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ؛ وَهُوَ قَتْلُ ذَلِكَ الْقِبْطِيِّ لَمْ يَتَعَمَّدْ قَتْلَهُ، وَلَكِنْ تَعَمَّدَ وَكْزَهُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: قَوْلُهُ: ﴿إِلَّا من ظلم﴾ قِيلَ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ؛ الْمَعْنَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -: لَكِنْ مَنْ ظَلَمَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ وَغَيْرِهِمْ، ثمَّ تَابَ.
﴿وَأدْخل يدك﴾ أَيْ: فِي جَيْبِكَ؛ أَيْ: فِي جَيْبِ قَمِيصِكَ ﴿تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غير سوء﴾ قَالَ الْحَسَنُ: أَخْرَجَهَا - وَاللَّهِ - كَأَنَّهَا مِصْبَاح ﴿فِي تسع آيَات﴾ يَعْنِي: يَدَهُ، وَعَصَاهُ، وَالطُّوفَانَ، وَالْجَرَادَ، وَالْقُمَّلَ، وَالضَّفَادِعَ، وَالدَّمَ، وَالسِّنِينَ، وَنَقْصَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقَوله: ﴿فِي تسع﴾ أَي: من تسع ﴿فِي﴾ بِمَعْنى (من).
﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُم آيَاتنَا مبصرة﴾ أَي: بَيِّنَة.
سُورَة النَّمْل (آيَة ١٤).
﴿وجحدوا بهَا واستيقنتها أنفسهم﴾ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، قَالَ قَتَادَةُ: وَالْجَحْدُ لَا يَكُونُ إِلَّا من بعد الْمعرفَة
﴿ظلما﴾ لأَنْفُسِهِمْ
﴿وعلوا﴾.
قَالَ مُحَمَّدٌ: يَعْنِي: تَرَفُّعًا عَنْ أَنْ يُؤْمِنُوا بِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى.
295
﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ كَانَ عاقبتهم أَن دمر الله عَلَيْهِم ثمَّ صيرهم إِلَى النَّار.
سُورَة النَّمْل من (آيَة ١٥ - آيَة ١٩).
(ل ٢٤٨)
296
﴿وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِمَا من الْمُؤمنِينَ
﴿وَورث سُلَيْمَان دَاوُد﴾ قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي: وَرِثَ نُبُوَّتَهُ وَمُلْكَهُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ لِدَاوُدَ تِسْعَةَ عَشْرَ وَلَدًا، فَوَرِثَ سُلَيْمَانُ مَنْ بَيْنِهِمْ نُبُوَّتَهُ وَمُلْكَهُ. ﴿وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ يَعْنِي: كُلُّ شَيْءٍ أُوتِيَ مِنْهُ
﴿فهم يُوزعُونَ﴾ أَيْ:
يُدْفَعُونَ أَلَّا يَتَقَدَّمَهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ؛ فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ، قَالَ قَتَادَةُ: عَلَى كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمْ وَزَعَةٌ تَرُدُّ أُولَاهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ
﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْل﴾ قَالَ قَتَادَةُ: هُوَ وَادٍ بِالشَّام.
296
﴿قَالَت نملة يَا أَيهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَان وَجُنُوده﴾ قَالَ اللَّهُ:
﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أَنَّ سُلَيْمَانَ يَفْهَمُ كَلَامَهُمْ.
قَالَ مُحَمَّد: لفظ النَّمْل أجري هَاهُنَا مَجْرَى لَفْظِ الْآدَمِيِّينَ حِينَ نَطَقَ؛ كَمَا ينْطق الآدميون.
297
﴿فَتَبَسَّمَ﴾ سُلَيْمَانُ ﴿ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رب أوزعني﴾ أَلْهِمْنِي.
قَالَ مُحَمَّدٌ: تَأْوِيلُ (أَوْزِعْنِي): كُفَّنِي عَنِ الْأَشْيَاءَ إِلَّا عَنْ شكر نِعْمَتك.
سُورَة النَّمْل من (آيَة ٢٠ - آيَة ٢٢).
﴿وتفقد الطير﴾ قَالَ قَتَادَة: ذكر لنا أَن سُلَيْمَانَ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مَفَازَةً فَدَعَا بِالْهُدْهُدْ لَيَعْلَمَ لَهُ مَسَافَةَ الْمَاءِ، وَكَانَ قَدْ أُعْطِيَ مِنَ الْبَصَرِ بِذَلِكَ مَا لَمْ يُعْطَهُ غَيْرُهُ مِنَ الطَّيْرِ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَ يَدُلُّهُ عَلَى الْمَاءِ إِذَا نَزَلَ النَّاسُ، فَيُخْبِرُهُ كَمْ بَيْنَهُ وَبَين المَاء من قامة
﴿لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: وَعَذَابُهُ أَنْ يَنْتِفَ رِيشَهُ وَيَذَرُهُ فِي الْمَنْهِلِ؛ حَتَّى يَأْكُلَهُ الذَّرُّ وَالنَّمْلُ ﴿أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بسُلْطَان مُبين﴾ بِعُذْر بَين
﴿فَمَكثَ غير بعيد﴾ أَيْ: رَجَعَ مِنْ سَاعَتِهِ
﴿فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ: عَلِمْتُ مَا لَمْ تَعْلَمْ
﴿وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بنبإ يَقِين﴾ أَيْ: بِخَبَرٍ حَقٍّ. وَ (سَبَأٌ) فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ
297
وَقَتَادَةَ: أَرْضٌ بِالْيَمَنِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: " سُئِلَ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ سَبَإٍ، فَقَالَ: هُوَ رَجَلٌ ".
قَالَ مُحَمَّدٌ: ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ؛ أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَقْرَأُ:
﴿مِنْ سَبَأَ﴾ مَنْصُوبَةً غَيْرَ مُجْرَاةٍ: قَالَ: وَتَفْسِيرُهَا: اسْمٌ مُؤَنَّثٌ لِامْرَأَةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ، وَالَّذِي يُجْرِي يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ اسْمُ رَجُلٍ.
298
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَمَنْ قَالَ: هُوَ اسْمُ رَجُلٍ، فَالْمَعْنَى: أَنَّ الْقَبِيلَةَ أَوِ الْأَرْضَ سُمِّيَتْ بِاسْمِ ذَلِكَ الرجل.
سُورَة النَّمْل من (آيَة ٢٣ آيَة ٢٨).
299
﴿وَأُوتِيت من كل شَيْء﴾ أَيْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أُوْتِيَتْ مِنْهُ ﴿وَلها عرش عَظِيم﴾ أَيْ: سَرِيرٌ حَسَنٌ. قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ مِنْ ذَهَبٍ، وَقَوَائِمُهُ لُؤْلُؤٌ وَجَوْهَرٌ، وَكَانَ مُسَتَّرًا بِالْدِيبَاجِ وَالْحَرِيرِ، وَكَانَتْ عَلَيْهِ سَبْعُ مَغَالِيقَ، وَكَانَتْ دونه سَبْعَة أَبْيَات مغلقة.
﴿وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دون الله﴾ قَالَ الْحَسَنُ: كَانُوا مَجُوسًا ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ﴾
﴿أَلا يسجدوا لله﴾ أَيْ: فَصَدَّهُمْ عَنِ الطَّرِيقِ بِتَرْكِهِمُ السُّجُودَ لِلَّهِ ﴿الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ﴾ يَعْنِي: الخبيئة ﴿فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ أَيْ: يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْض
﴿قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ:
﴿يرجعُونَ﴾ قَالَ قَتَادَة: ذكر لنا أَنَّهَا امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، كَانَتْ فِي بَيْتِ مَمْلَكَةٍ يُقَالُ لَهَا: بِلْقِيسُ ابْنَةُ
299
شُرُحْبِيلَ، فَهَلَكَ قَوْمُهَا فَمَلَكَتْ، وَأَنَّهَا كَانَتْ إِذَا رَقَدَتْ غَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ، فَلَمَّا غَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَأَوَتْ إِلَى فِرَاشِهَا، أَتَاهَا الْهُدْهُدُ حَتَّى دَخَلَ مِنْ كُوَّةِ بَيْتِهَا، فَقَذَفَ الصَّحِيفَةَ عَلَى بَطْنِهَا؛ فَأَخَذَتِ الصَّحِيفَةَ فَقَرَأَتْهَا فَقَالَت:
﴿يَا أَيهَا الْمَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كريم﴾ حَسَنٌ؛ أَيْ: حَسَنٌ مَا فِيهِ، الْآيَة.
﴿أَلا تعلوا عَليّ﴾ أَيْ: لَا تَتَخَلَّفُوا عَنِّي
﴿وَأْتُونِي مُسلمين﴾ قَالَ الْكَلْبِيُّ: أَيْ مُسْتَسْلِمِينَ؛ لَيْسَ يَعْنِي: الْإِسْلَام.
سُورَة النَّمْل من (آيَة ٢٩ آيَة ٣٥).
300
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٧:﴿ *قال سننظر أصدقت... ﴾ إلى قوله ﴿ يرجعون( ٢٨ ) ﴾ قال قتادة : ذكر لنا أنها امرأة من أهل اليمن، كانت في بيت مملكة يقال لها : بلقيس ابنة شرحبيل، فهلك قومها فملكت، وأنها كانت إذا رقدت غلقت الأبواب فلما غلقت الأبواب وأوت إلى فراشها، أتاها الهدهد حتى دخل من كوة بيتها، فقذف الصحيفة على بطنها، فأخذت الصحيفة فقرأتها.
﴿قَالَت يَا أَيهَا الْمَلأُ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿مَاذَا تَأْمُرِينَ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لِنَا أَنَّهُ كَانَ لَهَا ثَلَاثمِائَة (ل ٢٤٩) وَثَلَاثَةَ عَشْرَ رَجُلًا أَهْلُ مَشُورَتِهَا كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى عَشْرَةِ آلَافٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْقِرَاءَةُ فِي قَوْله: ﴿حَتَّى تَشْهَدُون﴾ بِكَسْرِ النُّونِ، وَأَصْلُهُ: (تَشْهَدُونَنِي) فَحُذِفَتِ النُّونُ الْأُولَى لِلنَّصْبِ، وَحُذِفَتِ الْيَاءُ؛ لِأَنَّهَا آخِرُ آيَةٍ، وَالْكَسْرَةُ تَدُلُّ عَلَيْهَا.
﴿ ألا تعلوا عليّ ﴾ أي : لا تتخلفوا عني ﴿ وأتوني مسلمين( ٣١ ) ﴾ قال الكلبي : أي مستسلمين، ليس يعني : الإسلام.
﴿ قالت يا أيها الملأ ﴾ إلى قوله :﴿ ماذا تأمرين( ٣٣ ) ﴾ قال قتادة : ذكر لنا أنه كان لها ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا أهل مشورتها كل رجل منهم على عشرة آلاف.
قال محمد : القراءة في قوله :﴿ حتى تشهدون( ٣٢ ) ﴾ بكسر النون، وأصله :( تشهدونني ) فحذفت النون الأولى للنصب، وحذفت الياء، لأنها آخر آية، والكسرة تدل عليها.
﴿قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّة﴾ قَالَ
300
اللَّهُ:
﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾.
301
﴿وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يرجع المُرْسَلُونَ﴾ تَقُولُ: إِنْ قَبِلَ هَدِيَّتَنَا فَهُوَ مِنَ الْمُلُوكِ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ النُّبُوَّةِ؛ كَمَا يَنْتَحِلُ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: بَعَثَتْ إِلَيْهِ بِجَوارٍ قَدْ لَبَّسَتْهُنَّ لُبْسَةَ الْغِلْمَانِ، وَبِغِلْمَانٍ قَدْ أَلْبَسَتْهُمْ لُبْسَةَ الْجَوَارِي؛ فَخَلَّصَ سُلَيْمَانُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَلَمْ يَقْبَلْ هَدِيَّتَهَا.
قَالَ مُحَمَّد: قَوْله (بِمَ) بِحَذْفِ الْأَلِفِ؛ لِأَنَّ حُرُوفَ الْجَرِّ مَعَ (مَا) فِي الِاسْتِفْهَامِ تُحْذَفُ مَعَهَا الْأَلِفُ مِنْ (مَا) لِيُفْصَلَ بَين الْخَبَر والاستفهام.
سُورَة النَّمْل من (آيَة ٣٦ آيَة ٤٠).
﴿ارْجع إِلَيْهِم﴾ قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي: الرُّسُلَ ﴿فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا﴾ أَي: لَا طَاقَة.
﴿قَالَ يَا أَيهَا الْمَلأ أَيّكُم يأتيني بِعَرْشِهَا﴾ يَعْنِي: سَرِيرِهَا ﴿قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسلمين﴾ أَيْ: مُقِرِّينَ بِالطَّاعَةِ؛ فِي تَفْسِيرِ الْكَلْبِيّ
﴿قَالَ عفريت من الْجِنّ﴾ أَيْ: مَارِدٌ.
301
قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقَالُ: عِفْرٌ وَعِفْرِيتٌ، وَعِفْرِيَّةٌ وَعِفَارِيَّةٌ؛ إِذَا كَانَ شَدِيدًا وَثِيقًا.
﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تقوم من مقامك﴾ قَالَ قَتَادَةُ: وَمَقَامُهُ: مَجْلِسُهُ الَّذِي كَانَ يَقْضِي فِيهِ، فَأَرَادَ مَا هُوَ أعجل من ذَلِك
302
﴿قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكتاب﴾ وَكَانَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ يُقَالُ لَهُ: آصِفُ، يَعْلَمُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ ﴿قَالَ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طرفك﴾ وَطَرْفُهُ: أَنْ يَبْعَثَ رَسُولًا إِلَى مُنْتَهَى طَرْفِهِ، فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ، حَتَّى يُؤْتَى بِهِ، فَدَعَا الرَّجُلُ بِاسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ ﴿فَلَمَّا رَآهُ﴾ رَأَى سُلَيْمَانُ السَّرِيرَ ﴿مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أم أكفر﴾ أَيْ: أَشْكُرُ النِّعْمَةَ أَمْ أَكْفُرُهَا؟ ﴿وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾.
يَحْيَى: عَنِ الْمُعَلَّى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " إِنَّ صَاحِبَ سُلَيْمَانَ الَّذِي قَالَ: أَنَا آتِيكَ بِهِ كَانَ يُحْسِنُ الِاسْمَ الْأَكْبَرَ، فَدَعَا بِهِ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَسِيرَةُ شَهْرَيْنِ، وَهِيَ مِنْهُ عَلَى فَرْسَخٍ، فَلَمَّا جَاءَهُ الْعَرْشُ كَأَنَّ سُلَيْمَانَ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ مِثْلَ الْحَسَدِ لَهُ ثُمَّ فَكَّرَ، فَقَالَ: أَلَيْسَ هَذَا الَّذِي قَدِرَ عَلَى مَا لَمْ أَقْدِرُ عَلَيْهِ مُسَخَّرًا لِي؟! هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أم أكفر ".
سُورَة النَّمْل من (آيَة ٤١ آيَة ٤٤).
﴿قَالَ نكروا لَهَا عرشها﴾ قَالَ قَتَادَةُ: وَتَنْكِيرُهُ: أَنْ يُزَادَ فِيهِ، وَيُنْقَصَ مِنْهُ ﴿نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي﴾ أَيْ: أَتَعْرِفُهُ ﴿أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذين لَا يَهْتَدُونَ﴾ أَي: أم لَا تعرفه
﴿فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَت كَأَنَّهُ هُوَ﴾ قَالَ قَتَادَةَ: شَبَّهَتْهُ بِهِ، وَكَانَتْ قَدْ تَرَكَتْهُ خَلْفَهَا، فَوَجَدَتْهُ أَمَامَهَا. ﴿وأوتينا الْعلم من قبلهَا﴾ سُلَيْمَان يَقُوله؛ يَعْنِي: النُّبُوَّة
﴿وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دون الله﴾ صَدَّهَا أَنْ تَهْتَدِيَ لِلْحَقِّ ﴿إِنَّهَا كَانَت من قوم كَافِرين﴾.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَنْ قَرَأَ (إِنَّهَا) بِكَسْرِ الْأَلِفِ، فَهُوَ عَلَى (الِاسْتِئْنَافِ).
﴿قيل لَهَا ادخلي الصرح﴾ تَفْسِيرُ الْكَلْبِيِّ: إِنَّ الْجِنَّ اسْتَأْذَنُوا سُلَيْمَانَ، فَقَالُوا: ذَرْنَا فَلْنَبْنِ لَهَا صَرْحًا أَيْ: قَصْرًا مِنْ قَوَارِيرَ فَنَنْظُرُ كَيْفَ عَقْلُهَا، وَخَافَتِ الْجِنُّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا سُلَيْمَانُ فَتُطْلِعَهُ عَلَى أَشْيَاءَ كَانَتِ الْجِنُّ تُخْفِيهَا مِنْهُ.
قَالَ يَحْيَى: بَلَغَنِي أَنَّ أَحَدَ أَبَوَيْهَا كَانَ جِنِيًّا، فَلِذَلِكُ تَخَوَّفُوا ذَلِكَ مِنْهَا.
قَالَ الْكَلْبِيُّ: فَأَذِنَ لَهُمْ فَعَمَدُوا إِلَى الْمَاءِ فَفَجَّرُوهُ فِي أَرْضٍ فَضَاءٍ، ثُمَّ أَكْثَرُوا فِيهِ مِنَ الْحِيتَانِ وَالضَّفَادِعِ، ثُمَّ بَنُوا عَلَيْهِ سُتْرَةً مِنْ زُجَاجٍ، ثُمَّ بَنُوا حَوْلَهُ صَرْحًا مُمَرَّدًا مِنْ قَوَارِيرَ، وَالْمُمَرَّدُ: الْأَمْلَسُ، ثُمَّ أَدْخَلُوا [عَرْشَ سُلَيْمَانَ
303
وَعَرْشَهَا وَكَرَاسِيَّ عُظَمَاءِ الْمُلُوكِ، ثُمَّ دَخَلَ سُلَيْمَانُ، وَدَخَلَ مَعَهُ عُظَمَاءُ جُنُوده] ثمَّ (ل ٢٥٠) قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الصَّرْحَ وَفُتِحَ الْبَابُ؛ فَلَمَّا أَرَادَتِ الدُّخُولَ إِذَا هِيَ بِالْحِيتَانِ وَالضَّفَادِعِ، فَظَنَّتْ أَنَّهُ مَكْرٌ بِهَا لِتَغْرَقَ، ثُمَّ نَظَرَتْ فَإِذَا هِيَ بِسُلَيْمَانَ عَلَى سَرِيرِهِ، وَالنَّاسُ عِنْدَهُ عَلَى الْكَرَاسِيِّ؛ فَظَنَّتْ أَنَّهَا بمخاضة، فَكشفت عَن سَاقيهَا وَكَانَ بِهَا بَرَصٌ؛ فَلَمَّا رَآهَا سُلَيْمَانُ كَرِهَهَا، فَلَمَّا عَرِفَتِ الْجِنُّ أَنَّ سُلَيْمَانَ قَدْ رَأَى مِنْهَا مَا كَانَتْ تَكْتُمُ مِنَ النَّاسِ، قَالَتْ لَهَا الْجِنُّ: لَا تَكْشِفِي عَنْ سَاقَيْكِ، وَلَا عَنْ قَدَمَيْكِ؛ فَإِنَّمَا هُوَ صَرْحٌ مِنْ قَوَارِيرَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: كُلُّ بِنَاءٍ مُطُوَّلٍ: صَرْحٌ، وَالْمُمَرَّدِ يُقَالُ مِنْهُ: مَرَدْتُ الشَّيْءَ إِذَا بَلَطْتُهُ أَوْ مَلَسْتُهُ، وَمِنْ ذَلِكَ الْأَمْرَدُ الَّذِي لَا شَعْرَ فِي وَجْهِهِ.
﴿قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظلمت نَفسِي﴾ أَي: تقصتها؛ يَعْنِي: مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْكفْر.
سُورَة النَّمْل من (آيَة ٤٥ آيَة ٥٣).
304
﴿فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: يَقُولُ: إِذَا الْقَوْمُ بَيْنَ مُصَدِّقٍ وَمُكَذِّبٍ؛ هَذِهِ كَانَتْ خُصُومَتُهُمْ
﴿قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قبل الْحَسَنَة﴾ والسيئة: الْعَذَاب؛ لقَولهم: ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ من الْمُرْسلين﴾ والحسنة: الرَّحْمَة
﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ﴾ قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ قَدْ أَصَابَهُمْ جُوعٌ، فَقَالُوا: بِشُؤْمِكَ، وَبِشُؤْمِ الَّذِينَ مَعَكَ أَصَابَنَا هَذَا ﴿قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْد الله﴾ يَعْنِي: عَمَلَكُمْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْمَعْنَى: لَيْسَ ذَلِكَ مِنِّي، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ اللَّهِ ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تفتنون﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي: تُصْرَفُونَ عَنْ دِينِكُمُ الَّذِي أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ
﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: كَانُوا مِنْ قَوْمِ صَالح
﴿قَالُوا تقاسموا بِاللَّه﴾ أَي: تحالفوا ﴿لنبيتنه﴾ لَنُبَيِّتَنَّ صَالِحًا وَأَهْلَهُ؛ يَعْنِي: الَّذِينَ عَلَى دِينِهِ ﴿ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ﴾ أَيْ: لِرَهْطِهِ ﴿مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهله﴾
﴿ومكروا مكرا﴾ يَعْنِي: الَّذِي أَرَادوا بِصَالح ﴿ومكروا مكرا﴾ قَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لِنَا أَنَّهُ بَيْنَا هُمْ مُعَايِنُونَ إِلَى صَالِحٍ لِيَفْتِكُوا بِهِ؛ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِم صَخْرَة فأهمدتهم
﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنا دمرناهم﴾ بالصخرة
﴿وقومهم أَجْمَعِينَ﴾ بَعْدَ ذَلِكَ بِالصَّيْحَةِ.
305
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَنْ قَرَأَ (إِنَّا) بِكَسْرِ الْأَلِفِ، فَالْمَعْنَى: فَانْظُرْ أَيُّ شَيْءٍ كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِمْ، ثُمَّ فَسَّرَ فَقَالَ:
﴿أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ﴾.
306
﴿فَتلك بُيُوتهم خاوية﴾ يَقُولُ: لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، وَكَانُوا بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ: الْحِجْرُ.
قَالَ مُحَمَّد: من قَرَأَ ﴿خاوية﴾ بِالنّصب فَهُوَ على الْحَال.
سُورَة النَّمْل من (آيَة ٥٤ آيَة ٥٨).
﴿أتأتون الْفَاحِشَة وَأَنْتُم تبصرون﴾ أَنَّهَا الْفَاحِشَة.
﴿أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُم أنَاس يتطهرون﴾ أَيْ: يَتَنَزَّهُونَ عَنْ أَعْمَالِ قَوْمِ لوط.
﴿إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ يَعْنِي: الْبَاقِينَ فِي عَذَابِ اللَّهِ
﴿وأمطرنا عَلَيْهِم مَطَرا﴾ قد مضى تَفْسِيره.
306
سُورَة النَّمْل من (آيَة ٥٩ آيَة ٦٣).
307
﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عباده الَّذين اصطفىءآلله خير﴾ على الِاسْتِفْهَام ﴿أما تشركون﴾ أَيْ: أَنَّ اللَّهَ خَيْرٌ مِنْ أوثانهم الَّتِي يعْبدُونَ
﴿فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ﴾ أَيْ: حَسَنَةٌ. قَالَ الْحَسَنُ: وَالْحَدَائِقُ: النَّخْلُ ﴿مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تنبتوا شَجَرهَا﴾ أَيْ: أَنَّ اللَّهَ هُوَ أَنْبَتَهَا ﴿أإله مَعَ الله﴾ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ؛ أَيْ: لَيْسَ مَعَهُ إِلَهٌ ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ﴾ يَقُولُ: يَعْدِلُونَ الْأَوْثَانَ بِاللَّهِ، فَيَعْبُدُونَهَا.
﴿وَجعل بَين الْبَحْرين حاجزا﴾ تَفْسِيرُ الْكَلْبِيِّ: يَعْنِي: بَحْرَ فَارِسَ وَالرُّومِ، وَالْحَاجِزُ: الْخَلْقُ الَّذِي بَيْنَهُمَا فَلَا يَبْغِي أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ﴿بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ﴾ يَعْنِي: جَمَاعَتهمْ.
﴿ويجعلكم خلفاء الأَرْض﴾ يَعْنِي: خَلَفًا مِنْ بَعْدِ خَلَفٍ (قَلِيلا مَا
307
تذكرُونَ} يَقُولُ: أَقَلُّهُمُ الْمُتَذَكِّرُ؛ يَعْنِي: مَنْ يُؤمن.
308
﴿أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْر﴾ يَعْنِي: فِي أَهْوَالِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴿وَمن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ نَشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحمته﴾ يَعْنِي: الْمَطَر.
سُورَة النَّمْل من (آيَة ٦٤ آيَة ٧٠).
﴿أَمن يبدؤ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ﴾ يَعْنِي: الْبَعْث. ﴿قل هاتوا برهانكم﴾ أَمر الله النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنْ يَقُولَ لِلْمُشْرِكِينَ: هَاتُوا حُجَّتَكُمْ ﴿إِن كُنْتُم صَادِقين﴾ أَنَّ هَذِهِ الْأَوْثَانَ خَلَقَتْ خَلْقًا أَوْ صَنَعَتْ شَيْئًا مِنْ هَذَا، وَهَذَا كُله (ل ٢٥١) تبع للْكَلَام الأول ﴿آللَّهُ خير أما يشركُونَ﴾ أَيْ: أَنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ هَذَا كُلَّهُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ أَوْثَانِهِمْ.
﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ﴾ والغيب هَاهُنَا: الْقِيَامَةُ؛ لَا يَعْلَمُ مَجِيئَهَا إِلَّا الله ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ وَمَا يَشْعُرُ جَمِيعُ الْخَلْقِ ﴿أَيَّانَ يبعثون﴾ مَتى يبعثون
﴿بل ادارك﴾ أَيْ: تَدَارَكَ
﴿عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ﴾ ﴿يَقُولُ عَلِمُوا فِي الْآخِرَةِ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَ اللَّهُ، فَآمَنُوا حِينَ لَمْ يَنْفَعُهْمُ عِلْمُهُمْ﴾.
308
أَيْ: إِيمَانُهُمْ
﴿بَلْ هُمْ فِي شكّ مِنْهَا﴾ يَعْنِي: الْآخِرَةَ
﴿بَلْ هُمْ مِنْهَا عمون﴾ أَيْ: عَمُوا عَنْهَا لَا يَدْرُونَ مَا الْحِسَابُ فِيهَا وَمَا الْعَذَابُ.
309
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابا وآباؤنا﴾ على الِاسْتِفْهَام ﴿أئنا لمخرجون﴾ لَمَبْعُوثُونَ؛ أَيْ: لَا نُبْعَثُ. وَهَذَا اسْتِفْهَامٌ مِنْهُ عَلَى إِنْكَارٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: قِرَاءَةُ نَافِعٍ (إِذَا كُنَّا) بِكَسْرِ الْأَلِفِ عَلَى الْخَبَرِ، وَفِيهَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْقُرَّاءِ. وَمَنْ قَرَأَ: (أئذا) اخْتَلَسَ الْيَاءَ، وَلَمْ يُخْلِصْ لَفْظَهَا.
﴿لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا من قبل﴾ هَذَا قَوْلُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، أَيْ: قَدْ وُعِدَتْ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ بِالْبَعْثِ كَمَا وَعَدَنَا مُحَمَّدٌ، فَلَمْ نَرَهَا بُعِثَتْ؛ يَعْنِي: مَنْ كَانَ مِنَ الْعَرَبِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى. ﴿إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ﴾ أَي: كذب الْأَوَّلين وباطلهم.
﴿قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُجْرمين﴾ الْمُشْرِكِينَ كَانَ عَاقِبَتُهُمْ أَنْ دَمَّرَ الله عَلَيْهِم، ثمَّ صيرهم إِلَى النَّارِ؛ يُحَذِّرُهُمْ أَنْ يُنَزِّلَ بِهِمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مَا نَزَلَ بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
﴿وَلَا تحزن عَلَيْهِم﴾ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا ﴿وَلا تَكُنْ فِي ضيق مِمَّا يمكرون﴾ أَيْ: لَا يَضِيقُ عَلَيْكَ أَمْرُكَ بِمَا يَمْكُرُونَ بِكَ وَبِدِينِكَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَيَنْصُرُكَ عَلَيْهِمْ وَيُذِلُّهُمْ لَكَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: أَكْثَرُ الْقِرَاءَةِ: (فِي ضيق) بِفَتْح الضَّاد.
سُورَة النَّمْل من (آيَة ٧١ آيَة ٨١).
﴿وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْوَعْد﴾ الَّذِي تَعِدُنَا بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
قَالَ اللَّهُ للنَّبِيِّ: ﴿قُلْ عَسَى أَن يكون ردف لكم﴾ قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي: اقْتَرَبَ مِنْكُمْ.
قَالَ مُحَمَّد: (ردف لكم) اللَّامُ فِيهِ زَائِدَةٌ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ؛ الْمَعْنَى: رَدِفَكُمْ؛ كَمَا تَقُولُ: رَكِبَكُمْ، وَجَاءَ بَعْدَكُمْ. ﴿بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُون﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي: قِيَامَ السَّاعَةِ الَّذِي يُهْلَكُ بِهِ آخِرُ كُفَّارِ هَذِه الآمة
﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاس﴾ فَبِفَضْلِ اللَّهِ يَتَقَلَّبُ الْكَافِرُ فِي الدُّنْيَا، وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يشكرون﴾ يَعْنِي: من لَا يُؤمن
﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورهمْ﴾ يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ مِنْ عَدَاوَةِ رَسُولِ الله ﴿وَمَا يعلنون﴾ من الْكفْر.
﴿وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ بَين؛ يَعْنِي: اللَّوْح
310
﴿إِن هَذَا الْقُرْآن يقص على بني إِسْرَائِيل﴾ يَعْنِي: الَّذين أدركوا النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام ﴿أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ يَعْنِي: مَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَوَائِلُهُمْ، وَمَا حَرَّفُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَمَا كَتَبُوا بِأَيْدِيهِمْ، ثُمَّ قَالُوا: هَذَا من عِنْد الله.
﴿إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ﴾ فَيُدْخِلُ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ، وَيُدْخِلُ الْكَافِرِينَ النَّار
﴿إِنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى﴾ يَعْنِي: الَّذِينَ يَلْقَوْنَ اللَّهَ بِكُفْرِهِمْ ﴿وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا ولوا مُدبرين﴾ يَقُولُ: إِنَّ الْأَصَمَّ لَا يَسْمَعُ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّى مُدْبِرًا.
قَالَ قَتَادَةَ: هَذَا مَثَلُ ضَرَبَهُ اللَّهُ، فَالْكَافِرُ لَا يَسْمَعُ الْهُدَى وَلَا يَفْهَمُهُ؛ كَمَا لَا يَسْمَعُ الْمَيِّتَ، وَلَا يَسْمَعُ الْأَصَمُّ الدُّعَاءَ إِذَا ولى مُدبرا.
﴿وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضلالتهم﴾ يَعْنِي: الَّذِينَ يَمُوتُونَ عَلَى كُفْرِهِمْ ﴿إِنْ تُسْمِعُ إِلا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا﴾ يَعْنِي: من أَرَادَ الله أَن يُؤْمِنُ؛ وَهَذَا سَمَعُ الْقَبُولِ، فَأَمَّا الْكَافِر تسمع أذنَاهُ وَلَا يعقله قلبه.
سُورَة النَّمْل (آيَة ٨٢).
﴿وَإِذا وَقع القَوْل عَلَيْهِم﴾ أَيْ: وَجَبَ الْغَضَبُ
﴿أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّة من الأَرْض تكلمهم﴾ وَفِي بَعْضِ الْقِرَاءَةِ: (تُحَدِّثُهُمْ)
﴿أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَقُولُ: إِنَّ النَّاسَ كَانُوا بِي لَا يُوقِنُونَ.
يَحْيَى: عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ؛ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: " هِيَ دَابَّةٌ ذَاتُ
311
زَغَبٌ وَرِيشٍ، وَلَهَا أَرْبَعُ قَوَائِمَ، تَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَوْدِيَةِ تِهَامَةَ ".
سعيد (ل ٢٥٢) عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ (زِيَادٍ) أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو، قَالَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ؛ حَتَّى يَجْتَمِعُ أَهْلُ الْبَيْتِ عَلَى الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ، فَيَعْرِفُوا مُؤْمِنِيهِمْ مِنْ كَافِرِيهِمْ. قَالُوا: كَيْفَ ذَلِكَ؟! قَالَ: إِنَّ الدَّابَّةَ تَخْرُجُ حِينَ تَخْرُجَ وَهِيَ دَابَّةُ الْأَرْضِ؛ فَتَمْسَحُ كُلَّ إِنْسَانٍ عَلَى مَسْجِدِهِ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنَ فَتكون نُكْتَة بَيْضَاء؛ فتفشو فِي وَجْهِهِ حَتَّى يَبْيَضَّ لَهَا وَجْهُهُ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَتَكُونُ نُكْتَةً سَوْدَاء؛ فتفشو فِي وَجهه حَتَّى يسوء لَهَا وَجْهُهُ؛ حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَتَبَايَعُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ يَقُولُ هَذَا: كَيْفَ تَبِيعُ هَذَا يَا مُؤْمِنُ؟ وَيَقُولُ هَذَا: كَيْفَ تَبِيعُ هَذَا يَا كَافِرُ؟ فَمَا يَرُدُّ بَعْضُهُمْ عَلَى بعض ".
سُورَة النَّمْل من (آيَة ٨٣ آيَة ٨٦).
312
﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فوجا﴾ يَعْنِي: كُفَّارَ كُلِّ أُمَّةٍ ﴿فَهُمْ يُوزعُونَ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: لَهُمْ وَزَعَةٌ تَرُدُّ أولاهم على أخراهم
﴿حَتَّى إِذا جَاءُوا قَالَ﴾ اللَّهُ ﴿أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بهَا علما﴾ أَيْ: لَمْ تُحِيطُوا عِلْمًا بِأَنَّ مَا عَبَدْتُمْ مِنْ دُونِي خَلَقُوا مَعِي شَيْئًا، وَلَا رَزَقُوا مَعِي شَيْئًا، وَإِنَّ عِبَادَتَكُمْ إِيَّاهُمْ لَمْ تَكُنْ مِنْكُمْ بِإِحَاطَةِ عِلْمٍ عَلِمْتُمُوهُ، إِنَّمَا ذَلِكَ كَانَ مِنْكُمْ عَلَى الظَّن ﴿أماذا كُنْتُم تَعْمَلُونَ﴾ يَسْتَفْهِمُهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْهُمْ؛ يحْتَج عَلَيْهِم
﴿وَوَقع القَوْل عَلَيْهِم﴾ أَيْ: حَقَّ الْغَضَبُ ﴿بِمَا ظَلَمُوا﴾ أشركوا.
سُورَة النَّمْل من (آيَة ٨٧ آيَة ٨٨).
﴿يَوْم يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا من شَاءَ الله﴾ وَهَذِهِ النَّفْخَةُ الْأُولَى.
يَحْيَى: عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ غُرَابٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَام: "
﴿إِلَّا من شَاءَ الله﴾: الشُّهَدَاءُ؛ يَقُولُونَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا الصَّوْت ".
﴿وكل أَتَوْهُ داخرين﴾ أَيْ: صَاغِرِينَ؛ يَعْنِي: النَّفْخَةَ الْآخِرَةَ.
يَحْيَى: عَنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَام: " بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ
313
أَرْبَعُونَ سَنَةً؛ الْأُولَى يُمِيتُ اللَّهُ بِهَا كُلَّ حَيٍّ، وَالْأُخْرَى يُحْيِي الله بهَا كل ميت ".
314
﴿وَترى الْجبَال تحسبها جامدة﴾ سَاكِنَةً
﴿وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ﴾ تَكُونُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ وُتَكُونَ كَثِيبًا مَهِيلًا، وَتُبَسُّ بَسًّا؛ كَمَا يُبَسُّ السويق. وَتَكون سرابا، تمّ تَكُونُ هَبَاءً مُنْبَثًّا؛ وَذَلِكَ حِينَ تَذْهَبُ مِنْ أُصُولِهَا، فَلَا يُرَى مِنْهَا شَيْءٌ؛ فَتَصِيرُ الْأَرْضُ كُلُّهَا مُسْتَوِيَةً
﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كل شَيْء﴾.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْقِرَاءَةُ (صُنْعَ اللَّهِ) بِالنَّصْبِ؛ عَلَى مَعْنَى: الْمَصْدَرِ؛ كَأَنَّهُ قَالَ: صَنَعَ اللَّهُ ذَلِكَ صُنْعًا.
314
سُورَة النَّمْل من (آيَة ٨٩ - آيَة ٩٣).
315
﴿من جَاءَ بِالْحَسَنَة﴾ ب " لَا إِلَه إِلَّا اللَّه " مخلصا ﴿فَلهُ خير مِنْهَا﴾ فِيهَا تَقْدِيمٌ: فَلَهُ مِنْهَا خَيْرٌ؛ أَي: حَظّ؛ يَعْنِي الْجنَّة
﴿وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ يَعْنِي: الشِّرْكَ ﴿فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّار﴾ أَيْ: أُلْقُوا فِيهَا عَلَى وُجُوهِهِمْ ﴿هَلْ تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ فِي الدُّنْيَا؛ يُقَال لَهُم ذَلِك فِي الْآخِرَة
﴿إِنَّمَا أمرت﴾ أَيْ: قُلْ: يَا مُحَمَّدُ: إِنَّمَا أُمِرْتُ ﴿أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلدة﴾ يَعْنِي: مَكَّةَ ﴿الَّذِي حَرَّمَهَا﴾.
﴿فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ أَيْ: لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُكْرِهَكُمْ
﴿سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فتعرفونها﴾ فِي الْآخِرَةِ عَلَى مَا قَالَ فِي الدُّنْيَا مِنْ وَعْدِهِ؛ فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ
﴿وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾.
315
تَفْسِيرُ سُورَةِ الْقَصَصِ وَهِيَ مَكِيَّةٌ كلهَا
بِسم الله الحمن الرَّحِيم
سُورَة الْقَصَص من (آيَة ١ - آيَة ٦).
316