تفسير سورة الحديد

الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور
تفسير سورة سورة الحديد من كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور .
لمؤلفه بشير ياسين . المتوفي سنة 2006 هـ

سورة الحديد
قوله تعالى﴿ سبح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ﴾
قال ابن كثير : يخبر الله تعالى أنه يسبح له ما في السموات والأرض، أي : من الحيوانات والنباتات، كما قال في الآية الأخرى :﴿ تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ﴾.
وانظر سورة الإسراء آية ( ٤٤ ) وتفسيرها.
قوله تعالى﴿ هو الأول والآخر والظاهر والباطن ﴾
قال مسلم : حدثني زهير بن حرب : حدثنا جرير، عن سهيل. قال : كان أبو صالح يأمرنا، إذا أراد أحدنا أن ينام، أن يضطجع على شقه الأيمن. ثم يقول :" اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شرّ كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقْض عنا الدين وأغننا من الفقر ". وكان يروي ذلك عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
( صحيح مسلم٤/٢٠٨٤-ك الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، ب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع ح ٢٧١٣ ).
قوله تعالى﴿ هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ﴾
انظر سورة الأعراف آية( ٥٤ )وسورة فصلت آية( ٩-١٢ )لبيان تفصيل الأيام لخلق السموات والأرض.
قوله تعالى﴿ يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير ﴾
انظر سورة الأنعام آية( ٥٩ ) وتفسيرها النبوي.
قال ابن كثير : وقوله﴿ وما يعرج فيها ﴾، أي : من الملائكة والأعمال، كما جاء في الصحيح :" يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل ".
قال ابن كثير : قوله تعالى﴿ وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير ﴾ أي : رقيب عليكم شهيد على أعمالكم حيث أنتم، وأين كنتم، من بر أو بحر ليل أو نهار، في البيوت أو القفار، الجميع في علمه على السواء، وتحت بصره وسمعه، فيسمع كلامكم ويرى مكانكم، ويعلم سركم ونجواكم، كما قال :﴿ ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور ﴾ وقال :﴿ سواء منكم من أسر القول ومن جهر به، ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ﴾.
قوله تعالى﴿ يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور ﴾
انظر سورة آل عمران آية( ٢٧ ) وتفسيرها.
قوله تعالى﴿ آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير ﴾
انظر سورة البقرة آية( ٢٧٤ ) وسورة الأنفال آية( ٦٠ ) لبيان ثواب الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله.
قوله تعالى﴿ وقد أخذ ميثاقكم ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله﴿ وقد أخذ ميثاقكم ﴾ قال : في ظهر آدم.
قوله تعالى﴿ هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرؤوف رحيم ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله﴿ من الظلمات إلى النور ﴾ قال : من الضلالة إلى الهدى.
قوله تعالى﴿ وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السموات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكل وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير ﴾
قال ابن كثير : ولما أمرهم أولا بالإيمان والإنفاق، ثم حثهم على الإيمان، وبين لهم أنه قد أنزل عنهم موانعه حثهم أيضا على الإنفاق فقال :﴿ وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السموات والأرض ﴾ أي : أنفقوا ولا تخشوا فقرا وإقلالا، فإن الذين أنفقتم في سبيله هو مالك السموات والأرض، وبيده مقاليدهما، وعنده خزائنهما، وهو مالك العرش بما حوى، وهو القائل :﴿ وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ﴾ وقال﴿ ما عندكم ينفذ وما عند الله باق ﴾.
قوله تعالى﴿ لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ﴾
قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير. قالا : حدثنا عبد الله ابن إدريس، عن ربيعة بن عثمان، عن محمد بن يحيى بن حبّان، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احْرصْ على ما ينفعك واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل : قدرا الله، وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان ".
( صحيح مسلم٤/٢٠٥٢-ك القدر، ب في الأمر بالقوة وترك العجز، والاستعانة بالله، وتفويض المقادير لله ).
قوله تعالى﴿ وكلا وعد الله الحسنى ﴾
قال ابن كثير : وقوله﴿ وكلا وعد الله الحسنى ﴾ يعني : المنفقين قبل الفتح وبعده، كلهم لهم ثواب على ما عملوا، وإن كان بينهم تفاوت في تفاضل الجزاء كما قال :﴿ لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ﴾... ثم ذكر الحديث السابق عن أبي هريرة.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قوله﴿ لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ﴾ قال : آمن فأنفق، يقول : من هاجر ليس كمن لم يهاجر.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله﴿ لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى ﴾ قال : كان قتالان، أحدهما أفضل من الآخر، وكانت نفقتان إحداهما أفضل من الأخرى، كانت النفقة والقتال من قبل الفتح ﴿ فتح مكة ﴾أفضل من النفقة والقتال بعد ذلك.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد﴿ من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى ﴾ قال : الجنة.
قوله تعالى﴿ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله اجر كريم ﴾
انظر سورة البقرة آية( ٢٤٥ ) لبيان فضل الإنفاق في سبيل الله.
قوله تعالى﴿ يسعى نورهم بين أيديهم... ﴾
قال الحاكم : أخبرنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق أنبأ إسماعيل بن قتيبة : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة : ثنا عبد الله بن إدريس، عن أبيه، عن المنهال بن عمرو عن قيس بن السكن عن عبد الله رضي الله عنه في قوله عز وجل﴿ يسعى نورهم بين أيديهم ﴾ قال : يؤتون نورهم على قدر أعمالهم منهم من نوره مثل الجبل وأدناهم نورا من نوره على إبهامه يطفئ مرة ويوقد أخرى.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه( المستدرك٢/٤٧٨ ك التفسير ووافقه الذهبي وسنده حسن ).
قوله تعالى﴿ فضرب بينهم بسور له باب ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قوله﴿ بسور له باب ﴾ قال : كالحجاب في الأعراف.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله﴿ فضرب بينهم بسور له باب ﴾ السور : حائط بين الجنة والنار.
قوله تعالى﴿ وظاهره من قبله العذاب ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ وظاهره من قبله العذاب ﴾ أي : النار.
قوله تعالى﴿ ولكنكم فتنتم أنفسكم ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله﴿ فتنتم أنفسكم ﴾ قال : النفاق، وكان المنافقون مع المؤمنين أحياء يناكحونهم، ويغشونهم، ويعاشرونهم، وكانوا معهم أمواتا، ويعطون النور جميعا يوم القيامة، فيطفأ النور من المنافقين إذا بلغوا السور، ويماز بينهم حينئذ.
قوله تعالى﴿ وارتبتم ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ وارتبتم ﴾ كانوا في شك من الله.
قوله تعالى ﴿ وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله﴿ وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله ﴾ كانوا على خدعة من الشيطان، والله ما زالوا عليها حتى قذفهم الله في النار.
قوله تعالى﴿ فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا ﴾ يعني المنافقين، ولا من الذين كفروا.
قوله تعالى﴿ ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون ﴾
قال ابن ماجة : حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم : ثنا محمد بن أبي فديك عن موسى بن يعقوب الزمعي، عن أبي حازم، أن عامر بن عبد الله بن الزبير أخبره أن أباه أخبره أنه لم يكن بين إسلامهم وبين أن نزلت هذه الآية، يعاتبهم الله بها، إلا أربع سنين﴿ لا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم، وكثير منهم فاسقون ﴾.
( السنن٢/١٤٠٢- الزهد، ب الحزن والبكاء ح ٤١٩٢ )، قال البوصيري : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات( مصباح الزجاجة٣/٢٩١ )، وقال الألباني : حسن( صحيح ابن ماجة ٢/٤٠٨ )، ويشهد له ما رواه مسلم بسنده عن ابن مسعود بنحوه ( الصحيح-التفسير، ب في قوله تعالى :﴿ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ﴾ ٤/٢٣١٩ ح ٣٠٢٧ ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله﴿ الأمد ﴾ قال : الدهر.
قال ابن كثير :﴿ وكثير منهم فاسقون ﴾، أي في الأعمال، فقلوبهم فاسدة وأعمالهم باطلة. كما قال :﴿ فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه، ونسوا حضا مما ذكروا به ﴾، أي : فسدت قلوبهم فقست وصارت من سجيتهم تحريف الكلم عن مواضعه، وتركوا الأعمال التي أمروا بها وارتكبوا ما نهوا عنه، ولهذا نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بهم في شيء من الأمور الأصلية والفرعية.
قوله تعالى﴿ إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم ﴾
انظر سورة البقرة آية( ٢٦١ ) لبيان مضاعفة الأجر للذين ينفقون في سبيل الله.
قوله تعالى﴿ أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قوله﴿ الصديقون والشهداء عند ربهم ﴾ قال : بالإيمان على أنفسهم بالله.
قوله تعالى﴿ اعملوا إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما... ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة، قوله﴿ اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو ﴾... الآية، يقول : صار الناس إلى هذين الحرفين في الآخرة. ا. ه.
وهذا المثل ورد شبهه في سورة يونس آية( ٢٤ ).
قال ابن كثير : يقول تعالى : موهنا أمر الحياة الدنيا ومحقرا لها :﴿ إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد ﴾ أي : إنما حاصل أمرها عند أهلها هذا، كما قال :﴿ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الدنيا والله عنده حسن المئاب ﴾ ثم ضرب تعالى مثل الحياة الدنيا في أنها زهرة فانية ونعمة زائلة فقال :﴿ كمثل غيث ﴾، وهو المطر الذي يأتي بعد قنوط الناس، كما قال :﴿ وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا ﴾ وقوله :﴿ أعجب الكفار نباته ﴾ أي : يعجب الزراع نبات ذلك الزرع الذي نبت بالغيث، وكما يعجب الزراع ذلك تعجب الحياة الدنيا الكفار، فإنهم أحرص شيء عليها وأميل الناس إليها﴿ ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما ﴾ أي : يهيج ذلك الزرع فتراه مصفرا بعدما كان خضرا نضرا، ثم يكون بعد ذلك كله﴿ حطاما ﴾ أي : يصير يبسا متحطما، هكذا الحياة الدنيا أولا تكون شابة ثم تكتهل، ثم تكون عجوزا شوهاء، والإنسان كذلك يكون في أول عمره وعنفوان شبابه غضا طريا لين الأعطاف، بهي المنظر، ثم إنه يشرع في الكهولة فتتغير طباعه وينفذ بعض قواه، ثم يكبر فيصير شيخا كبيرا ضعيف القوى قليل الحركة، بعجزه الشيء اليسير، كما قال تعالى :﴿ الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير ﴾.
قوله تعالى﴿ سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسوله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ﴾
انظر سورة آل عمران آية( ١٣٣ ) وتفسيرها لبيان فضل الاستغفار والحث عليه.
قوله تعالى﴿ ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كاتب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، في قوله﴿ ما أصاب من مصيبة في الأرض ﴾ أما مصيبة الأرض : فالسنون. وأما في أنفسكم : فهذه الأمراض والأوصاب﴿ من قبل أن نبرأها ﴾ : من قبل أن نخلقها.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، في قوله :﴿ ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ﴾ يقول : في الدين والدنيا إلا في كتاب من قبل أن نخلقها.
قوله تعالى﴿ لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس﴿ لكيلا تأسوا على ما فاتكم ﴾ من الدنيا﴿ ولا تفرحوا بما آتاكم ﴾ منها.
قوله تعالى﴿ والله لا يحب كل مختال فخور ﴾
انظر سورة لقمان آية( ١٨ ).
قوله تعالى﴿ الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد ﴾
انظر سورة النساء آية( ٣٧ ) وتفسيرها، في ذم البخل وخطره.
قوله تعالى﴿ ... الكتاب والميزان ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة﴿ الكتاب والميزان ﴾ قال الميزان : العدل.
قوله تعالى﴿ وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز ﴾
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله﴿ وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ﴾ وجنة وسلاح، وأنزله ليعلم الله من ينصره.
قوله تعالى﴿ وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة... ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة﴿ وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ﴾ فهاتان من الله والرهبانية ابتدعها قوم من أنفسهم، ولم تكتب عليهم، ولكن ابتغوا بذلك وأرادوا رضوان الله، فما رعوها حق رعايتها.
قوله تعالى﴿ ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم... ﴾
قال أبو داود : حدثنا أحمد بن صالح : ثنا عبد الله بن وهب، قال : أخبرني سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء، أن سهل بن أبي أمامة حدثه، أنه دخل هو وأبوه على أنس بن مالك بالمدينة، ( في زمان عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة، فإذا هو يصلي صلاة خفية دقيقة كأنها صلاة مسافر أو قريبا منها، فلما سلم قال أبي : يرحمك الله، أرأيت هذه الصلاة المكتوبة أو شيئا تنفلته، قال : إنها المكتوبة، وإنها لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخطأت إلا شيئا سهوت عنه ) فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول :" لا تشدّدوا على أنفسكم فيشدّد عليكم، فإن قوما شدّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار﴿ ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ﴾...
( السنن ٤/٢٧٦-٢٧٧-ك الأدب، ب في الجسد ح٤٩٠٤ )، وأخرجه الضياء المقدسي في( المختارة ٦/١٧٣-ح ٢١٧٨ ) من طريق أحمد بن عيسى، عن عبد الله بن وهب به. قال محققه : إسناده حسن.
قوله تعالى﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتيكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم ﴾
قال ابن كثير : قد تقدم في رواية النسائي عن ابن عباس : أنه حمل هذه الآية على مؤمني أهل الكتاب وأنهم يؤتون أجرهم مرتين كما في الآية التي في القصص. ا. ه.
والآية التي في القصص هي آية ٥٤ وانظر سورة القصص أية( ٥٢-٥٤ ) وفيها حديث مسلم عن أبي موسى الأشعري :" ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين... ".
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله﴿ يؤتكم كفلين من رحمته ﴾ قال : ضعفين.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله﴿ تمشون به ﴾ قال : هدى.
قال تعالى﴿ لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ﴾
أي ليعلم أو لكي يعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله الذي أتاكم وخصكم به كما ذكره الطبري وقال : لأن العرب تجعل( لا ) صلة في كل كلام دخل في أوله أو آخره جحد غير مصرح فالسابق كقوله﴿ ما منعك ألا تسجد ﴾... وقوله﴿ وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ﴾.
انظر( تفسير الطبري ٢٧/٢٤٥-٢٤٦ )، وانظر( تفسير ابن كثير٨/٥٩ ) فإنه نقل عن الطبري أيضا ولكن فيها زيادات على النسخة التي بين أيدينا. وهذه فائدة لمعرفة القيمة العلمية للمصادر التي رجع إليها الحافظ ابن كثير.
Icon