تفسير سورة التحريم

تفسير غريب القرآن للكواري
تفسير سورة سورة التحريم من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري .
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ﴾ هَذَا عِتَابٌ من اللهِ تعالى لِنَبِيِّهِ حِينَ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ سُرِّيَّتَهُ «مَارِيَةَ» أَوْ شُرْبَ العَسَلِ؛ مراعاةً لِخَاطِرِ بَعْضِ زَوْجَاتِهِ في قِصَّةٍ مَعْرُوفَةٍ.
﴿قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ هذا عَامٌّ في جميعِ أَيْمَانِ المؤمنين، أي: قَدْ شَرَعَ لَكُمْ، وقَدَّرَ ما به تَتَحَلَّلُ أَيْمَانُكُمْ قَبْلَ الحِنْثِ، وما به تَتَكَفَّرُ بَعْدَ الحِنْثِ.
﴿أَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ﴾ أَخْبَرَهُ اللهُ بذلك الخبرِ الَّذِي أَذَاعَتْهُ.
﴿عَرَّفَ بَعْضَهُ﴾ عَرَّفَهَا ببعضِ ما قالت وَأَعْرَضَ عن بَعْضِهِ كَرَمًا مِنْهُ - ﷺ - وَحِلْمًا.
﴿الْعَلِيمُ الخَبِيرُ﴾ العَلِيمُ بِعِبَادِهِ والخبيرُ بِأُمُورِهِمْ، الَّذِي لا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ.
﴿صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ مَالَتْ قُلُوبُكُمَا إلى التوبةِ من التَّظَاهُرِ عَلَى النبيِّ - ﷺ -، والخطابُ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
﴿تَظَاهَرَا عَلَيْهِ﴾ تَتَعَاوَنَا وَتَتَّفِقَا.
﴿فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ﴾ أَيْ: نَاصِرُهُ.
﴿وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ﴾ مَنْ صَلَحَ مِنْ عِبَادِهِ المؤمنين كأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَنْ يَعْدَمَ نَاصِرًا يَنْصُرُهُ.
﴿وَالمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ أي: ظُهَرَاءُ وَأَعْوَانٌ لَهُ.
﴿مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ﴾ جَامِعَاتٌ بَيْنَ الإِسْلَامِ وَهُوَ القِيَامُ بالشَّرَائِعِ الظاهرةِ، والإيمانِ وهو القيامُ بالشرائعِ الباطنةِ مِنَ العَقَائِدِ وأعمالِ القلوبِ.
﴿قَانِتَاتٍ﴾ القُنُوتُ: دَوَامُ الطَّاعَةِ وَاسْتِمْرَارُهَا.
﴿تَائِبَاتٍ﴾ عَمَّا يَكْرَهُهُ اللهُ، فَوَصَفَهُنَّ بالقيامِ بما يُحِبُّهُ اللهُ، والتوبةُ عمَّا يَكْرَهُهُ اللهُ.
﴿عَابِدَاتٍ﴾ مُتَذَلِّلَاتٌ لله بِطَاعَتِهِ.
﴿سَائِحَاتٍ﴾ صَائِمَاتٌ أَوْ مُهَاجِرَاتٌ.
﴿ثَيِّبَاتٍ﴾ جَمْعُ ثَيِّبٍ، وهي التي تَزَوَّجَتْ ثُمَّ بَانَتْ من زَوْجِهَا بِوَجْهٍ من الوُجُوهِ.
﴿وَأَبْكَارًا﴾ جَمْعُ بِكْرٍ وهي المرأةُ العذراءُ.
﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ جَنِّبُوا أَنْفُسَكُمْ وَجَنِّبُوا أَهْلِيكُمْ الوقوعَ في النارِ، وذلك بِتَرْكِ المَعَاصِي، وَفِعْلِ الطَّاعَاتِ، وَحَمْلِ الأَهْلِ وَتَوْجِيهِهِمْ إلى ما يُرْضِي اللهَ، وَيُجَنِّبَهُمْ سَخَطَهُ.
﴿تَوْبَةً نَّصُوحًا﴾ التوبةُ العامَّةُ الشاملةُ لجميعِ الذنوبِ وتكون صادقةً بأن لا يُعَادَ إلى الذَّنْبِ ولا يُرَادُ العودةُ إليه، وقيل: هي الصادقةُ الخالصةُ من شَائِبَةِ الهَوَى والتَّرَدُّدِ.
﴿اغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ أي: اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى الفَرِيقَيْنِ، عَلَى المنافقين باللسانِ، وعلى الكافرين بالسِّنَانِ.
﴿فَخَانَتَاهُمَا﴾ في الدينِ بأن كَانَتَا عَلَى غَيْرِ دِينِ زَوْجَيْهِمَا، وهذا هُوَ المرادُ بالخيانةِ لا خيانةِ النَّسَبِ وَالْفِرَاشِ؛ فَإِنَّهُ ما بَغَتِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطّ، وما كَانَ اللهُ ليجعلَ امرأةَ أَحَدٍ مِنْ أَنْبِيَائِهِ بَغِيًّا.
﴿أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ حَفِظَتْهُ وَصَانَتْهُ عَنِ الفَاحِشَةِ.
﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ﴾ أَيْ: فَنَفَخَ جِبْرِيلُ بِأَمْرِنَا في فَرْجِهَا، وقيل: في جَيْبِ دِرْعِهَا.
﴿مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ مِنَ المُدَاوِمِينَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ بِخَشْيَةٍ وَخُشُوعٍ.
12
سُورة المُلكِ
Icon