تفسير سورة الإسراء

مجاز القرآن
تفسير سورة سورة الإسراء من كتاب مجاز القرآن .
لمؤلفه أبو عبيدة . المتوفي سنة 210 هـ

﴿ وَقَضيْنَا ﴾ مجازه : أخبرنا.
﴿ فَجَاسُوا ﴾ قتلوا.
﴿ خِلاَلَ الدِّيَارِ ﴾ بين الديار.
﴿ رَدَدْنَا لَكُمُ الكَرَّةَ ﴾ أعقبنا لكم الدولة.
﴿ أَكْثَر نَفِيراً ﴾ مجازه : من الذين نفروا معه.
﴿ وَلِيُتَبِّرُوا ﴾ وليدمروا، ﴿ جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً ﴾ من الحصر والحبس فكان معناه محبساً، ويقال : للملك حصير لأنه محجوب، قال لبيد :
ومَقامةٍ غُلْب الرِّقَاب كأَنَّهم جِنٌّ لدَى بابِ الحَصير قِيامُ
والحصير أيضاً : البساط الصغير، فيجوز أن تكون جهنم لهم مهاداً بمنزلة الحصير، ويقال للجنبين : حصيران، يقال : لاضربن حصيريك وصُقْلَيك.
﴿ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ ﴾ أي حظّه.
﴿ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ أي ولا تأثم آثمة إثم أخرى أثمته ولم تَأثَمْه الأُولى منهما، ومجاز وزرَت تَزِر : مجاز أثمت، فالمعنى أنه : لا تحمل آثمة إثم أخرى، يقال : وزر هو، ووزِّرته أنا.
﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً آمَرْنَا مُتْفَرفِيهَا ﴾ أي أكثرنا مترفيها وهي من قولهم : قد أمر بنو فلان، أي كثروا فخرج على تقدير قولهم : علم فلان، وأعلمته أنا ذلك، قال لبيد :
كُلّ بني حُرّةٍ قُصارُهمُ قُلٌّ وإن أَكْثَرَتْ من العَدَدِ
إن يغبطوا يهبْطوا وإن أَمِروا يوماً يَصِيروا للهُلْك والنَّفَدِ
وبعضهم يقرؤها : أَمَرنَا مُتْرَفيها على تقدير أخذنا وهي في معنى أكثرنا وآمرنا غير ا، ها لغة ؛ أمرنا : أكثرنا ترك المد ومعناه أمرنا، ثم قالوا : مأمورة من هذا، فإن احتج محتج فقال هي منأمرت فقل كان ينبغي أن يكون آمرة ولكنهم يتركون إحدى الهمزتين، وكان ينبغي أن يكون آمرة ثم طولوا ثم حذفوا ﴿ وَلأَمُرَنَّهُمْ ﴾ فلم يمدوها قال الأثرم : وقول أبي عبيدة في مأمورة لغة وقول أصحابنا قياس وزعم يونس عن أبي عمرو أنه قال : لا يكون هذا وقد قالت العرب : خير المال نخلة مأبورة ومهرة مأمورة أي كثيرة الولد. وله موضع آخر مجازه : أمرنا ونهينا في قول بعضهم وثقله بعضهم فجعل معناه أنهم جعلوا أمراء.
﴿ فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ ﴾ أي فوجب عليها العذاب.
﴿ مَدحُوراً ﴾ أي مقصى مبعداً. يقال : ادْحَر الشيطانَ عنك، ومصدره الدُّحور.
﴿ وَقَضى رَبُّكَ أَنْ لا تَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ ﴾ مجازه : وأَمر ربُّك.
﴿ فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفّ ﴾ تُكسَر وتُضَمّ وتفتح بغير تنوين، وموضعه في معناه ما غلظ وقبح من الكلام.
﴿ فَإنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً ﴾ أي للتَّوابين من الذنوب.
﴿ المُبَذِّرِينَ ﴾ المبذِّر هو المُسرف المُفسد العائث.
﴿ قَوْلاً مَيْسُوراً ﴾ أي ليِّناً هيِّناً، وهو من اليُسْر.
﴿ وَلاَ تجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ ﴾ مجازه في موضع قولهم : لا تُمسك عما ينبغي لك أن تَبْذل من الحق وهو مثل وتشبيه.
﴿ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ ﴾ أي لا تسرفْ كل السرف، وتبذِّرْ كل التبذير.
﴿ مَلُوماً محْسُوراً ﴾ أي مُنْضىً قد أعيا، يقال : حسرت البعيرَ، وحسرته بالمسئلة ؛ والبصر أيضاً إذا رجع محسوراً، وقال الهذلي :
إنّ العَسِير بها داءً مُخامُرها فشَطْرَها نَظَرُ العَيْنَيْنِ مَحْسورُ
أي فَنَحْوَها.
﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ ﴾ كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الفقر وهو الإملاق.
﴿ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً ﴾ إثما وهو اسم من خطأت، وإذا فتحته فهو مصدر كقول أوس بن عَلْفاء الهُجَيْميّ.
دَعِيني إنّما خَطَأي وصَوْبي علىَّ وإن ما أَهلكتُ مالُ
يريد إصابتي، وخطأت لغتان، زعم يونس عن أبي إسحاق قال : أصل الكلام بناؤه على فعل ثم يبنى آخره على عدد من له الفعل من المؤنث والمذكر من الواحد والإثنين والجميع كقولك : فعلت وفعلنا وفعلن وفعلا وفعلوا، ويزاد في أوله ما ليس من بنائه فيزيدون الألف، كقولك : أعطيت إنما أصلها عطوت، ثم يقولون معطى فيزيدون الميم بدلاً من الألف وإنما أصلها عاطي، ويزيدون في أوساط فعل افتعل وانفعل واستفعل ونحو هذا، والأصل فعل وإنما أعادوا هذه الزوائد إلى الأصل فمن ذلك في القرآن ﴿ وأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ ﴾ وإنما يريد الريح ملقحة فأعادوه إلى الأصل ومنه قولهم :
طَوَّحتْنِي الطَّوائحُ ***
وإنما هي المطَاوحُ لأنها المُطَوِّحة، ومن ذلك قول العَجَّاج :
يَكشِفُ عن جمّاتهِ دَلْوُ الدالْ ***
وهي مِن أَدْلَى دَلْوهَ، وكذلك قول رُؤبة :
يَخْرُجن مِن أجواز ليلٍ غاضِي ***
وهي من أَغضَى الليلُ أي سكن
﴿ وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنى ﴾ مقصور وقد يُمدّ في كلام أهل نجد، قال الفَرَزْدَق :
أبا حاضرٍ مَن يَزن يُعرف زناؤه ومَن يشرب الخُرطومَ يُصْبِحْ مُسَكَّرا
وقال الفرزدق :
أخضبت عَرْدَك للزناء ولم تكن يوم اللقاء لتَخضِبَ الأبطالا
وقال الجعدي :
كانت فريضةُ ما تقول كما كان الزناء فريضةَ الرَّجمِ
﴿ فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي القَتْلِ ﴾ جزمه بعضهم على مجاز النهى، كقولك : فلا يسرفن في القتل أي يمثل به ويطول عليه العذاب، ويقول بعضهم ﴿ فَلا يُسْرِفُ فِي القَتْلِ ﴾ فيرفعه على مجاز الخبر كقولك : إنه ليس في قتل ولي المقتول الذي قتل ثم قتل هو به سَرَفٌ.
﴿ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً ﴾ مجازه من النصر، أي يُعان ويُدفَع إليه حتى يقتله بمقتوله.
﴿ مَالَ اليَتِيمِ إِلا بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ مجازه : بالقوت إذا قام به وعمرَه من غير أن يتأثَل منه مالاً.
﴿ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ﴾ مجازه : مُنتهاه من بُلوغه، ولا واحد له منه فإن أكرهوا على ذلك قالوا : أشَدَّ، بمنزلة صَبّ والجميع أضُبّ.
﴿ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً ﴾ أي مطلوباً، يقال : وليسألن فلان عهد فلان.
﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ مجازه : ولا تتبع ما لا تعلمه ولا يعنيك. وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :﴿ نحن بنو النَضْر بن كِنانة لا نَقذِف أمَّنا ولا نَقْفوا آباءنا " ؛ وروى في الحديث :{ ولا نقتفي من أبينا ﴾ وقال النَّابِغة الجَعْديّ :
ومِثلُ الدُّمى شُمُّ العَرانِينِ ساكنٌ بِهن الحياءُ لا بُشعِن التَّقافِيا
يعني التقاذف.
﴿ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ﴾ خرج مخرج ما جعلوا الخبر عنه والعدد كالخبر عن الآدميّين وعلى لفظ عددهم إذا جمعوا وهو في الكلام : كل تلك، ومجاز عنه كقولهم : كل أولئك ذاهب، لأنه يرجع الخبر إلى كل ولفظه لفظ الواحد والمعنى يقع على الجميع، وبعضهم يقول : كل أولئك ذاهبوا، لأنه يجعل الخبر للجميع الذي بعد كل.
﴿ إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ ﴾ مجازه : لن تقطع الأرض، وقال رؤبة :
وقاتم الأعْماقِ خاوِي المُخترَقْ
أي المقطَّع وقال آخرون : إنك لن تَنْقٌب الأرض، وليس بشئ.
﴿ أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالبَنِينَ ﴾ أي اختصكم.
﴿ وَفِي آذَانِهمْ وَقْراً ﴾ أي صَمماً واستكاكاً وثِقلاً وأوله مفتوح والوِقْر من الحِمل مكسور الأول.
﴿ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً ﴾ أي أعقابهم، نفور : جمع نافر بمنزلة قاعد وقُعُود وجالس وجلوس.
﴿ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى ﴾ وهي مصدر من ناجيت أواسم منها فوصف القوم بها والعرب تفعل ذلك، كقولهم : إنما هم عذاب وأنتم غم، فجاءت في موضع متناجين.
﴿ إِنْ تَتَّبعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً ﴾ أي ما تتبعون كقولك ما تتبعون إلا رجلاً مسحوراً، أي له سحر وهو أيضاً مسحر وكذلك كل دابة أو طائر أو بشر يأكل فهو مسحور لأن له سحراً، والسحر الرِّئة، قال لبيد :
فإن تسألينا فيم نحن فإننا عصافيرُ من هذا الأنام المُسحَّرِ
وقال :
ونُسْحَر بالشراب وبالطَّعامِ ***
أي نُغذي لأن أهل السماء لا يأَكلون فأَرادوا أن يكون مَلكاً.
﴿ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً ﴾ عظاماً لم تُحطَم، ورُفاتاً أي حُطاماً.
﴿ يُكْبُرُ فِي صُدُورِكِمْ ﴾ أي يعظم.
﴿ فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ أي خَلَقكم.
﴿ فَسَنُغْضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ ﴾ مجازه : فسيرفعون ويحركون استهزاء منهم، ويقال : قد نغضب سِنُّ فلان إذا تحركت وارتفعت من أصلها قال :
ونغضَت مِن هَرَمٍ أَسْنانُها ***
وقال :
لما رأتني أنغضتْ لِي الرأسا ***
قال ذو الرمة :
ظعائنُ لم يسكنّ أكنافَ قَرْية بسِيْفٍ ولم تَنْغُضْ بهن القَناطرُ
﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ﴾ أي يفسد ويهيج، وبعضهم يكسر زاي ينزع.
﴿ كَانَ ذَلكَ فِي الكتَابِ مَسْطُوراً ﴾ أي مثبتاً، مكتوباً، قال العَجّاج :
واعلم بأنّ ذا الجلال قد قدرْ في الصُّحف الأولى التي كان سَطَرْ
أمُرك هذا فاحتفظْ فيه النَّتَرْ ***
النَّتر : الخديعة، قال يونس لما أنشد العجاج هذا البيت قال : لا قوة إلا بالله.
﴿ فَظَلَمُوا بِهَا ﴾ مجازه : فكفروا بها.
﴿ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتِهُ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ مجازه : لأستميلنّهم ولأستأصلنهم، يقال : احتك فلان ما عند فلان أجمع من مال أو علم أو حديث أو غيره أخذه كله واستقصاء، قال :
نشكو إليك سَنة قد اجحفت جهداً إلى جَهدٍ بنا فأَضعفتْ
واحتنكتْ أموالنا وجلفّتْ ***
﴿ وأَسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ ﴾ أي استخفف واستجهل.
﴿ بِخَيْلِكَ وَرَجْلِكَ ﴾ جميع راجل، بمنزلة تاجر والجميع تجر وصاحب والجميع صحب.
﴿ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكمْ حَاصِباً ﴾ ريحاً عاصفاً، تحصب قال الفَرَزْدَق :
مستقبِلين شَمالَ الشام تضربنا بحاصبٍ كنَديف القُطْن منثورُ
أي بصقيع.
﴿ تَارَةً أُخْرَى ﴾ مرّة أخرى والجميع تارات وتِيرَ.
﴿ فَيُرْسِلَ عَليْكُم قَاصِفاً مِنَ الرِّيحِ ﴾ أي تقصف كل شئ أي تحطم، يقال : بعث الله عليهم ريحاً عاصفاً قاصفاً لم تبق لهم ثاغيةً ولا راغية.
﴿ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً ﴾ أي من يتبعنا لكم تبيعة ولا طالباً لنا بها.
﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ أي أَكرمنا إلا أنها أشدّ مبالغةً في الكرامة.
﴿ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإمَامِهِمْ ﴾ أي بالذي اقتدوا به وجعلوه إماماً، ويجوز أن يكون بكتابهم :﴿ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ﴾ وهو المتفتّل الذي في شق بطن النواة.
﴿ فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمِى ﴾ أشدّ عَمىً.
﴿ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً ﴾ أي تميل وتعدل وتطمئن.
﴿ إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَياةِ ﴾ مختصر، كقولك ضعفَ عذاب الحياة وعذاب الممات فهما عذابان عذاب الممات به ضوعف عذاب الحياة.
﴿ وَإِذا لاّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ ﴾ رُفع يلبثون على التقديم والتأخير كقولك : ولا يلبثون خلافك إذاً، أي بعدك، قال :
عفَتِ الديارُ خلافَها فكأنما ***بسَط الشواطبُ بينهن حصيرا
أي بعدهن ويقرؤه آخرون خلفك والمعنى واحد.
﴿ لِدُلُوكِ الشَّمْس إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ﴾ ودلوك الشمس من عند زوالها إلى أن تغيب وقال :
هذا مُقامُ قدَمْى رَباحِ غُدْوَة حتى دَلَكَتْ بَراحِ
ألا ترى أنها تُدفَع بالراح، يضع كفه على حاجبيه من شعاعها لينظر ما بقي من غيابها والدلوك دنوها من غيبوبتها، قال العجاج :
والشمسُ قد كادت تكون دَنَفاً أدفَعُها بالراح كي تَزَحْلَفا
﴿ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ﴾، أي ظَلامه قال : ابن قَيْس الرُّقَيّات :
إنّ هذا الليل قد غَسَقا واشتكيْت الهَمَّ والأرْقَا
﴿ وَقُرْآنَ الفَجْرِ ﴾ أي ما يقرأ به في صلاة الفجر.
﴿ إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً ﴾ مجازه : إن ملائكة الليل تشهده وإذا صليت الغداة أعقبتها ملائكة النهار.
﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ ﴾ أي اسهر بصلاة أو بذكر الله، وهجدت : نمت أيضاً وهو الهُجود، قال لَبِيد بن رَبِيعة.
قال هجّدِنا فقد طال السُّرَى ***
يقول : نوَّمنا ﴿ نَافِلَةً لَكَ ﴾ أي نَفْلاً وغَنيمة لك.
﴿ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ ﴾ مِن أدخلت ومن جعله من دخلت قال : مَدْخَل صِدْقٍ بفتح الميم.
﴿ نَأَي بِجَانِبِهِ ﴾ أي تباعد بناحيته وقُربه.
﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَان يَئُوساً ﴾ أي قنوطاً، أي شديد اليأس لا يرجو.
﴿ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ ﴾ أي على ناحيته وخليقته ومنها قولهم : هذا مِن شِكل هذا.
﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ في هذا القُرْآن ﴾ أي وجّهنا وبيّنا.
﴿ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً ﴾ وهي يفعول من تَبَع الماء، أي ظَهر وفاضَ.
﴿ عَلَيْنَا كِسَفاً ﴾ من القطعَ فيجوز أن يكون واحداً أي قطعة، ويجوز أن يكون جميع كسفة فيخرج مخرج سدرة والجميع سدر، ويجوز أن تفتح ثاني حروفه فيخرج مخرج كسرة والجميع كسر، يقال : جاءنا بثريد كف، أي قطع خبز لم تُثرَد.
﴿ وَالمَلائكَةِ قَبِيلاً ﴾ مجازه : مقابلة، أي معاينة وقال :
نصالحكم حتى تبوؤا بمثلها*** كَصَرْخة حُبْلَى بشَّرتْها قبيلُها
أي قابلتُها ؛ فإذا وصفوا بتقدير فعيل من قولهم : قابلت ونحوها جعلوا لفظ صفة الأثنين والجميع من المذكر والمؤنث على لفظ واحد، نحو قولك : هي قبيلي وهما قبيلي وهم قبيلي وكذلك هن قَبِيلي.
﴿ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ ﴾ وهو مصدر المُزَخرف وهو المزيَّن.
﴿ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً ﴾ أي تأججا، وخبت سكنت قال الكُمَيْت :
ومنّا ضِرارٌ وأبْنَماه وحاجبٌ مُؤجِّجُ نيران المَكارمِ لا المُخْبى
قال : ولا تكون لزيادة إلا على أقل منها قبل الزيادة قال القُطامِىُّ :
وتخبو ساعةَ وتَشُبّ ساعا
ولم يذكر ها هنا جلودهم فيكون الخُبوُّ لها.
﴿ قُلْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ ﴾ معناه : لو تملكون أنتم.
﴿ وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُوراً ﴾ أي مُقتِراً.
﴿ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً ﴾ أي مهلكاًز قال ابن الزبعري :
إذا أُجارى الشيطانَ في سَنَن الغَ يّ ومَن مال ميْلَه مَثْبورُ
الزِّبَعْريَ الرجل الغليظ الأزبُّ، وكذلك الناقة زِبَعرَي.
﴿ وَيَخِرُّونِ لِلأَذْقَانِ ﴾ واحدها ذَقَن وهو مجمع اللَّحْيَيْنِ.
﴿ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا ﴾ مجازه : لا تخفُتْ بها، ولاتَفَوة بها، ولكن أسمعها نفسك ولا نجهر بها فترفع صوتك، وهذه في صلاة النهار العجما ؛ كذلك تسميها العرب ولم نسمع في صلاة الليل شيئاً.
Icon