تفسير سورة الإسراء

معاني القرآن
تفسير سورة سورة الإسراء من كتاب معاني القرآن .
لمؤلفه الأخفش . المتوفي سنة 215 هـ

[ ١٤٥ ء ] قال :﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى ﴾، ( ١ ) لأنك تقول " أَسْرَيْتُ " و " سَرَيْتُ ".
وقال :﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾، ( ١ ) فهو فيما ذكروا - و الله أعلم - : قُلْ يا مُحَمَّد، " سُبحانَ الذي أسْرى بِعَبْدِهِ "، وقل : " إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِير ".
وقال ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا ﴾ ( ٥ ) لأن " الأُوْلى " مثل " الكُبْرى " يتكلم بها بالألف واللام ولا يقال " هذهِ أُوْلى ". والإضافة تعاقب الألف واللام. فلذلك قال ﴿ أُولاهُما ﴾ كما تقول " هذهِ كُبْراهُمٌا " و " كُبْراهُنَّ " و " كُبْرَاهُمْ عِنْدَه ".
وقال ﴿ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ﴾ ( ١١ ) فنصب " الدعاءَ " على الفعل كما تقول : " إِنَّكَ مُنْطَلِقٌ انْطِلاقاً ".
وقال ﴿ فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ ﴾ ( ٢٣ ) قد قرئت ﴿ أُفِّ ﴾ و﴿ أُفّاً ﴾ لغة جعلوها مثل ﴿ تَعْساً ﴾ وَقرأ بعضهم ﴿ أُفَّ ﴾ وذلك أن بعض العرب يقول " أُفَّ لَكَ " على الحكاية : أي لا تَقُلْ لهما هذا القول، والرفعُ قبيح لأنَّه لم يجيء بعده باللام، والذين قالوا ﴿ أُفِّ ﴾ فسكروا كثير وهو أجود. وكسر بعضهم ونّون. وقال بعضهم ﴿ أُفِّي ﴾ كأنه أضاف هذا القول إلى نفسه فقال : " أُفّي هذا لكما " والمكسور هنا منون، وغير منون على انه اسم متمكن نحو " أَمْسِ " وما أشبهه. والمفتوح بغير نون كذلك.
وقال ﴿ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا ﴾ ( ٢٣ ) لأنه يقول : " نَهَرَه " " يَنْهَرَه " واِنْتَهَرُه " " يَنْتَهِرُهُ ".
وقال ﴿ إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً ﴾ ( ٣١ ) من " خَطِئ " [ ١٤٥ ب ] " يَخْطَأُ " تفسيره : " أَذْنَبَ " وليس في معنى " أَخْطَأَ " لأَنْ ما أخْطَأَْتَ [ فيه ] ما صنعته خَطَأً، و[ ما ] " خَطِئْتَ " [ فيه ] ما صنعته عمدا وهو الذنب. وقد يقول ناس من العرب : " خَطِئْتُ " في معنى " أَخْطَأْتُ ". وقال امرؤ القيس. [ من الرجز وهو الشاهد التاسع والثلاثون بعد المئتين ] :
يا لَهْفَ نَفْسي إِذْ خَطِئْنَ كَاهِلا القاتِلِينَ المَلِكَ الحُلاحِلا
تَالله لا يذهبُ شَيْخِي باطِلا ........
وقال آخر :[ من الكامل وهو الشاهد الأربعون بعد المئتين ] :
والناسُ يَلْحُونَ الأَمِيرَ إِذاَ هُمُ خَطِئُوا الصَّوابَ وَلاَ يُلامُ المُرْشَدُ
وقال ﴿ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ ﴾ ( ٣٥ ) " والقُسْطاس " مثل " القِرْطَاس " و " القُرْطاس " و " الفِسْطاط " و " الفُسْطاط ".
[ وقال ] ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولائِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾ ( ٣٦ ) قال ﴿ أُولائِكَ ﴾. هذا وأشباهه مذكّراً كان أَوْ مؤنَّثاً تقول فيه " أُولَئِكَ " قال الشاعر :[ من الكامل وهو الشاهد الحادي والسبعون ] :
ذُمِّي المنازِلَ بَعْدَ مَنْزِلَةِ اللِّوىَ وَالْعَيْشَ بَعْدَ أُولئِكِ الأَيامِ
وهذا كثير.
وقل ﴿ مَرَحاً ﴾ ( ٣٧ ) و﴿ مَرِحا ﴾ والمكسورة أحسَنُهما لأنَّكَ لو قلت : تَمِشي مَرِحا " كان أحسن من " تَمْشى مَرَحا " ونقرؤها مفتوحة.
وقال ﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً ﴾ ( ٤٣ ) فقال ﴿ عُلُوّاً ﴾ ولم يقل " تَعالِياً " كما قال ﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ﴾ قال الشاعر :[ من الكامل وهو الشاهد الحادي والأربعون بعد المئتين ] :
أَنْتَ الفِداءُ لِكَعْبَةٍ هَدَّمْتَها وَنَقَرْتَها بِيَدَيْكَ كُلَّ مُنَقَّر
مَنَعَ الحَمامَ مَقِيلَهُ من سَقْفِها ومِنَ الحَطِيمِ فَطَارَ كُلَّ مُطَيَّرِ
وقال الآخر :[ من الرجز وهو الشاهد الثاني والأربعون بعد المئتين ] :
يَجْرِي عَلَيْها أَيَّما إِجْراءِ ........
وقال الآخر :[ من الوافر وهو الشاهد الثالث والأربعون بعد المئتين ] :
وَخَيْرُ الأمْرِ ما اسْتَقْبَلْتَ مِنْهُ وَلَيْسَ بِأَنْ تَتَبَّعَه اتِّباعَا
وقال ﴿ حِجَاباً مَّسْتُوراً ﴾ ( ٤٥ ) لأن الفاعل قد يكون في لفظ المفعول [ ١٤٦ ء ] كما تقول : " إِنَّكَ مَشْؤومْ عَلَيْنا " و " مَيْمُون " وإِنَّما هو " شائِم " و " يامِن " لأنه من " شَأَمَهُم " و " يَمَنَهم " و " الحِجابُ " ها هنا هو الساتر، وقال ﴿ مَسْتُورا ﴾.
وقال ﴿ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى ﴾ ( ٤٧ ) وإِنما " النَّجْوَى " فِعْلُهُمْ كما تقول : " هُمْ قَوْمٌ رِضىً " وانما " الرِّضَى " فِعْلُهم.
وقال ﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ ( ٥٣ ) فجعله جوابا للأمر.
وقال ﴿ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا ﴾ ( ٥٩ ) يقول " بِهَا كانَ ظُلْمُهُم " و " المُبْصِرَةُ " : البَيِّنَةُ كما تقول : " المُوضِحَة " و " المُبَيِّنَةُ ".
وقال ﴿ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم ﴾ ( ٦٤ ) [ ١٤٦ ب ] فقوله ﴿ وَأَجْلِبْ ﴾ من " أَجْلَبْتَ " وهو في معنى " جَلَبَ " والموصولة من " جَلَبَ " " يَجْلُبُ ".
وقال ﴿ سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ ﴾ ( ٧٧ ) أي : سَنَنّاها سُنَّةَ. كما قال ﴿ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ﴾.
[ وقال ] ﴿ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ﴾ ( ٧٨ ) أي : وَعَلَيْكَ قرآن الفَجْر.
وقال ﴿ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ ﴾ ( ٧٩ ) و﴿ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ ﴾ فيقال " عَسَى " من الله واجبه والمعنى أنَّكَ لو علمت من رجل أنه لا يدع شيئا هو أحسن من شيء يأتيه فقال لك " عسى أنْ أُكَافِئَكَ " استنبت بعلمك به أنه سيفعل الذي يجب إذ كان لا يدع شيئا هو أحسن من شيء يأتيه.
وقال ﴿ يَئُوساً ﴾ ( ٨٣ ) لأَنَّه مِنْ " يَئِس ".
وقال ﴿ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ ﴾ ( ١١٠ ) كأنه قال " أَيَّا تَدْعُوا ".
وقال ﴿ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاءَ الْحُسْنَى ﴾ ( ١١٠ ) يقول : " أيَّ : الدُّعائَيْنِ تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْماءُ الحُسْنى ".
Icon