ﰡ
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ألمر تلك آيات الكتاب ﴾، الكتب التي كانت قبل القرآن.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ والذي أنزل إليك من ربك الحق ﴾ أي : هذا القرآن.
قال ابن كثير : يخبر الله تعالى عن كمال قدرته وعظيم سلطانه أنه الذي بإذنه وأمره رفع السموات بغير عمد، بل بإذنه وأمره وتسخيره رفعها عن الأرض بعدا لا تنال ولا تدرك مداها، فالسماء الدنيا محيطة بجميع الأرض وما حولها من الماء والهواء من جميع نواحيها وجهاتها وأرجائها، مرتفعة عليها من كل جانب على السواء، وبعد ما بينها وبين الأرض من كل ناحية مسيرة خمسمائة عام، وسمكها في نفسها مسيرة خمسمائة عام، ثم السماء الثانية محيطة بالسماء الدنيا وما حوت، وبينها وبينها من البعد مسيرة خمسمائة عام، وسمكها خمسمائة عام ثم السماء الثالثة محيطة بالثانية، بما فيها، وبينها وبينها خمسمائة عام وسمكها خمسمائة عام وكذا الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة، كما قال تعالى :﴿ الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ﴾. وفي الحديث : " ما السموات السبع وما فيهن وما بينهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة والكرسي في العرش كتلك الحلقة في تلك الفلاة ".
وانظر سورة البقرة آية( ٢٩ ) وتفسيرها.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله :﴿ بغير عمد ترونها ﴾ قال : رفعها بغير عمد.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ﴾ قال : الدنيا -أي فناء الدنيا-.
قال ابن كثير : وقوله ﴿ وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ﴾ قيل : المراد أنهما يجريان إلى انقطاعهما بقيام الساعة، كقوله تعالى :﴿ والشمس تجري لمستقر لها ﴾.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :﴿ يدبر الأمر ﴾ يقضيه وحده.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ لعلكم بلقاء ربكم توقنون ﴾، وإن الله تبارك وتعالى إنما أنزل كتابه وأرسل رسله، لنؤمن بوعده، ونستيقن بلقائه.
انظر سورة فصلت آية ( ٩-١٢ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ يغشي الليل والنهار ﴾، أي : يلبس الليل والنهار.
وانظر سورة لقمان آية ( ١٠ ) لبيان رواسي أي : جبال.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ قطع متجاورات ﴾ طيبها وعذبها، وخبيثها والسباخ.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة :﴿ وفي الأرض قطع متجاورات ﴾ قال : قرى متجاورات.
قال الطبري حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم، قال : حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب ﴿ صنوان وغير صنوان ﴾، قال :﴿ الصنوان ﴾، النخلتان أصلهما واحد، ﴿ وغير صنوان ﴾، النخلة والنخلتان المتفرقتان.
وسنده صحيح. وأبو عاصم هو الضحاك بن مخلد، وأبو إسحاق هو السبيعي واسمه عمرو بن عبد الله.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ صنوان ﴾، يقول : مجتمع.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ يسقى بماء واحد ﴾ بماء السماء، كمثل صالح بني آدم وخبيثهم، أبوهم واحد.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ وإن تعجب فعجب ﴾، إن عجبت، يا محمد ﴿ فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد ﴾، عجب الرحمن تبارك وتعالى من تكذيبهم بالبعث بعد الموت.
قال ابن كثير : يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ وإن تعجب ﴾ من تكذيب هؤلاء المشركين بأمر المعاد، مع ما يشاهدونه من آيات الله سبحانه ودلائله في خلقه على أنه القادر على ما يشاء، وما يعترفون به من أنه ابتدأ خلق الأشياء فكونها بعد أن لم تكن شيئا مذكورا، ثم هم بعد هذا يكذبون خبره في أنه سيعيد العالمين خلقا جديدا، وقد اعترفوا وشاهدوا ما هو أعجب مما كذبوا به، فالعجب من قولهم ﴿ أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد ﴾، وقد علم كل عالم وعاقل أن خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس، وأن من بدأ الخلق فالإعادة عليه أسهل، كما قال تعالى :﴿ أو لم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير ﴾.
وانظر سورة سبأ آية ( ٣٣ ) لبيان الأغلال، وكذا في سورة غافر آية ( ٧١ ).
قال الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات ﴾ الآية. المراد بالسيئة هنا : العقوبة وإنزال العذاب قبل الحسنة أي قبل العافية، وقيل الإيمان، وقد بين تعالى في هذه الآية أن الكفار يطلبون منه صلى الله عليه وسلم أن يعجل لهم العذاب الذي يخوفهم به إن تمادوا على الكفر، وقد بين
هذا المعنى في آيات كثيرة، كقوله :﴿ ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده ﴾ وكقوله :﴿ ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون ﴾، وكقوله :﴿ يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ﴾، وقوله ﴿ سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ﴾، وقوله ﴿ وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ﴾ الآية.
وسبب طلبهم لتعجيل العذاب هو العناد، وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كاذب فيما يخوفهم به من بأس الله وعقابه، كما قال تعالى ﴿ ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ﴾، وكقوله :﴿ يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين ﴾، وقوله ﴿ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ وقد خلت من قبلهم المثلات ﴾ وقائع الله في الأمم فيمن خلا قبلكم، وقوله :﴿ ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنه ﴾، وهم مشركو العرب، استعجلوا بالشر قبل الخير، وقالوا :﴿ اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ﴾ الأنفال : ٣٢.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ المثلات ﴾ قال : الأمثال.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ وإن ربك لذو مغفرة للناس ﴾ يقول : ولكن ربك.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه ﴾، هذا قول مشركي العرب. قال الله ﴿ إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ﴾، لكل قوم داع يدعوهم إلى الله.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ إنما أنت منذر ﴾، أي إنما عليك البلاغ والإنذار، أما هداهم وتوفيقهم فهو بيد الله تعالى، كما أن حسابهم عليه جل وعلا. وقد بين هذا المعنى في آيات كثيرة، كقوله :﴿ ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ﴾ وقوله ﴿ فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ﴾.
قوله تعالى ﴿ ولكل قوم هاد ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : أظهر الأقوال في هذه الآية الكريمة أن المراد بالقوم الأمة، والمراد بالهادي الرسول، كما يدل قوله تعالى :﴿ ولكل أمة رسول ﴾ الآية.
وقوله :﴿ وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ﴾، وقوله :﴿ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ﴾ الآية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ ولكل قوم هاد ﴾ قال : داع.
قال الشيخ الشنقيطي : لفظه في هذه الآية يحتمل أن تكون موصولة والعائد محذوف، أي يعلم الذي تحمله كل أنثى وعلى هذا فالمعنى : يعلم ما تحمله من الولد على أي حال هو من ذكورة وأنوثة، وخداج، وحسن وقبح، وطول وقصر، وسعادة وشقاوة إلى غير ذلك من الأحوال. وقد دلت على هذا المعنى آيات من كتاب الله كقوله :﴿ ويعلم ما في الأرحام ﴾، لأن ما فيه موصولة بلا نزاع، وكقوله :﴿ هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم ﴾ وقوله :﴿ هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ﴾ الآية.
ويحتمل أيضا أن تكون لفظة ما في هذه الآية الكريمة مصدرية، أي يعلم حمل كل أنثى بالمعنى المصدري، وقد جاءت آيات تدل أيضا على هذا المعنى كقوله ﴿ وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب ﴾، وقوله :﴿ إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ﴾ الآية.
قال البخاري : حدثني إبراهيم ابن المنذر، حدثنا معن قال : حدثني مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله لا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ولا تدري نفس بأي أرض تموت، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله ".
( الصحيح٨/٢٢٥-ك التفسير-سورة الرعد ح٤٦٩٧ ).
قال البخاري : حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك، حدثنا شعبة، أنبأني سليمان الأعمش قال : سمعت زيد بن وهب، عن عبد الله قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال : " إن أحدكم يُجمع في بطن أمه أربعين يوما، ثم علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع : برزقه وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح. فوالله إن أحدكم -أو الرجل- ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها غير باع أو ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع أو ذراعين، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها " قال آدم : إلا ذراع.
( الصحيح١١/٤٨٦ح٦٥٩٤-القدر )، وأخرجه مسلم ( الصحيح-ك القدر، ب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :﴿ وما تغيض الأرحام وما تزداد ﴾ قال : المرأة ترى الدم، وتحمل أكثر من تسعة أشهر.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد ﴾، قال : كان الحسن يقول : الغيضوضة، أن تضع المرأة لستة أشهر أو لسبعة أشهر، أو لما دون الحد، قال قتادة : وأما الزيادة فما زاد على تسعة أشهر.
قوله تعالى ﴿ وكل شيء عنده بمقدار ﴾
قال البخاري : حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا إسرائيل، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أسامة قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رسول إحدى بناته -وعنده سعد وأبيّ بن كعب ومعاذ- أن ابنها يجود بنفسه، فبعث إليها : " لله ما أخذ ولله ما أعطى، كل بأجل، فلتصبر ولتحتسب ".
( الصحيح١١/٥٠٣ ح٦٦٠٢-ك القدر، ب﴿ وكان أمر الله قدرا مقدورا ﴾، وأخرجه مسلم ( الصحيح٢/٦٣٥-٦٣٦ ح٩٢٣-ك الجنائز، ب البكاء على الميت ).
ورواية الطبري الآتية تبين مناسبة إيراد حديث البخاري عند الآية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ وكل شيء عنده بمقدار ﴾، إي والله، لقد حفظ عليهم رزقهم وآجالهم، وجعل لهم أجلا معلوما.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ﴾. بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن السر والجهر عنده سواء، وإن الاختفاء والظهور عنده أيضا سواء، لأنه يسمع السر كما يسمع الجهر، ويعلم الخفي كما يعلم الظاهر، وقد أوضح هذا المعنى في آيات أخر كقوله :﴿ وأسروا قولكم أو أجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ﴾ وقوله :﴿ وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ﴾ وقوله :﴿ ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور ﴾ وقوله ﴿ ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ﴾ الآية -إلى غير ذلك من الآيات. وأظهر القولين في المستخفي بالليل والسارب بالنهار : أن المستخفى هو المختفي المستتر عن الأعين، والسارب هو الظاهر البارز الذاهب حيث يشاء.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ﴾ كل ذلك عنده تبارك وتعالى سواء، السر عنده علانية قوله :﴿ ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ﴾ أي : في ظلمة الليل، و﴿ سارب ﴾ أي : ظاهر بالنهار.
قال البخاري : حدثنا إسماعيل حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، ثم يعرُج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم فيقول كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم وهو يصلون وأتيناهم وهم يُصلون ".
( الصحيح البخاري ١٣/٤٢٦ ح٧٤٢٩-ك التوحيد، ب قول الله تعالى ﴿ تعرج الملائكة والروح إليه ﴾ )، وأخرجه مسلم في صحيحه ( ١/٤٣٩-ك المساجد، ب فضل صلاتي الصبح والعصر ح٦٣٢ ).
قال مسلم : حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم، قال إسحاق : أخبرنا. وقال عثمان : حدثنا جرير، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما منكم من أحد إلا وقد وكّل به قرينه من الجن " قالوا : وإياك ؟ يا رسول الله ! قال : " وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير ".
وأخرجه بعده بمثله، لكن فيه : " وقد وكل به قرينه من الجن، وقرينه من الملائكة ".
( الصحيح٤/٢١٦٧-٢١٦٨ح٢٨١٤ وما بعده-ك صفات المنافقين، ب تحريش الشيطان... ).
قال الطبري : حدثنا أبو هاشم الرفاعي قال : حدثنا ابن يمان قال : حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس :﴿ له معقبات من بين يديه ومن خلفه ﴾، قال : ذلك ملك من ملوك الدنيا، له حرس من دونه حرس.
وصحح إسناده الحافظ ابن حجر، انظر( الفتح : ٨/٣٧٢ ).
ويريد بملوك أي الملائكة والدليل الرواية التالية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ يحفظونه من أمر الله ﴾، يقول : بإذن الله، فالمعقبات هي من أمر الله، وهي الملائكة.
قال الحافظ بن حجر : وروى الطبري بإسناد حسن عن ابن عباس في قوله تعالى ﴿ له معقبات من بين يديه ومن خلفه ﴾ قال : الملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه فإذا جاء قدره خلوا عنه.
( الفتح ٨/٣٧٢ ).
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ إن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من والٍ ﴾ بين تعالى في هذه الآية الكريمة : أنه لا يغير ما بقوم من النعمة والعافية حتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة الله جل وعلا. والمعنى : أنه لا يسلب قوما نعمة أنعمها عليهم حتى يغيروا ما كانوا عليه من الطاعة والعمل الصالح، وبين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله ﴿ ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ﴾ الآية.
وقوله ﴿ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ﴾. وقد بين في هذه الآية أيضا : أنه إذا أراد قوما بسوء فلا مرد له، وبين ذلك في مواضع أخر كقوله :﴿ ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين ﴾ ونحوها من الآيات. وقوله في هذه الآية الكريمة ﴿ حتى يغيروا ما بأنفسهم ﴾ يصدق بأن يكون التغيير من بعضهم كما وقع يوم أحد بتغيير الرماة ما بأنفسهم فعمت البلية الجميع، وقد سئل صلى الله عليه وسلم : " أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال نعم : إذا كثر الخبث " أ. ه.
وهذا الحديث صحيح.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة :﴿ خوفا وطمعا ﴾، خوفا للمسافر، وطمعا للمقيم.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله ﴿ وينشئ السحاب الثقال ﴾ قال : الذي فيه الماء.
انظر حديث ابن عباس عند الآية( ١٩ )من سورة البقرة.
قال أبو يعلى : حدثنا محمد بن أبي بكر وغيره قالوا : حدثنا ديلم بن غزوان، حدثنا ثابت، عن أنس قال : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من أصحابه إلى رأس من رؤوس المشركين يدعوه إلى الله. فقال : هذا الإله الذي تدعو إليه، أمن فضة هو أم من نحاس هو ؟ فتعاظم مقالته في صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : " ارجع إليه فادعه إلى الله ". فرجع فقال له مثل مقالته. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال : " ارجع فادعه إلى الله ". وأرسل الله عليه صاعقة ". فرجع فقال له مثل مقالته، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : " ارجع إليه فادعه إلى الله ". ورسول الله في الطريق لا يعلم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أن الله قد أهلك صاحبه. ونزلت على النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله ﴾.
( المسند٦/٨٧-٨٨ح٣٣٤١ )، قال محققه : إسناده صحيح. وأخرجه ابن أبي عاصم ( السنة١/٣٠٤ح٦٩٢ )عن محمد ابن أبي بكر به. قال الألباني في ظلال الجنة : إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير ديلم بن غزوان وهو ثقة، وأخرجه البزار من طريق ديلم به، وصححه الحافظ ابن حجر ( مختصر زوائد البزار ح١٤٧٤ )، ( وكشف الأستار ح٢٢٢١ ) قال الهيثمي : ورجال البزار رجال الصحيح غير ديلم بن غزوان وهو ثقة ( مجمع الزوائد٧/٤٢ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ وهو شديد المحال ﴾ أي القوة والحيلة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ له دعوة الحق ﴾، قال : شهادة أن لا إله إلا الله.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ كباسط كفيه إلى الماء ﴾ يدعو الماء بلسانه، ويشير إليه بيده، فلا يأتيه أبدا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه ﴾ فقال : هذا مثل المشرك مع الله غيره، فمثله كمثل الرجل العطشان الذي ينظر إلى خياله في الماء من بعيد، فهو يريد أن يتناوله ولا يقدر عليه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :﴿ ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها ﴾، فأما المؤمن فيسجد طائعا، وأما الكافر فيسجد كارها.
قال ابن كثير : يخبر تعالى عن عظمته وسلطانه، الذي قهر كل شيء، ودان له كل شيء، ولهذا يسجد له كل شيء طوعا من المؤمنين وكرها على الكافرين ﴿ وظلالهم بالغدوّ ﴾ أي البكر ﴿ والآصال ﴾ وهو جمع أصيل، وهو آخر النهار، كقوله تعالى ﴿ أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيؤ ظلاله ﴾ الآية.
وانظر تفسير الغدو والآصال في سورة الأعراف آية ( ٢٠٥ )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن مجاهد :﴿ قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور ﴾، أما ﴿ الأعمى والبصير ﴾ فالكافر والمؤمن، وأما ﴿ الظلمات والنور ﴾، فالهدى والضلالة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن مجاهد :﴿ أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه ﴾، حملهم ذلك على أن شكُوا في الأوثان.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها ﴾ فهذا مثل ضربه الله، احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكها. فأما الشك فلا ينفع معه العمل، وأما اليقين فينفع الله به أهله، وهو قوله :﴿ فأما الزبد فيذهب جفاء ﴾، وهو الشك، ﴿ وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ﴾، وهو اليقين، كما يجعل الحلي في النار فيؤخذ خالصه ويترك خبثه، فكذلك يقبل الله اليقين ويترك الشك.
قال ابن كثير : يخبر تعالى عن مآل السعداء والأشقياء فقال :﴿ للذين استجابوا لربهم ﴾ أي أطاعوا الله ورسوله، وانقادوا لأوامره، وصدقوا أخباره الماضية والآتية، فلهم ﴿ الحسنى ﴾ وهو الجزاء الحسن، كقوله تعالى مخبرا عن ذي القرنين أنه قال :﴿ أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا. وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا ﴾
وقال تعالى :﴿ للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ﴾ سورة يونس : ٢٦.
اخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ للذين استجابوا لربهم الحسنى ﴾ وهي الجنة.
وانظر سورة آل عمران ( ٩١ ).
قال ابن كثير : يقول تعالى لا يستوي من يعلم من الناس أن الذي ﴿ أنزل إليك ﴾ يا محمد ﴿ من ربك ﴾ هو الحق أي : الذي لا شك فيه، ولا مرية، ولا لبس فيه، ولا اختلاف فيه، بل هو كله حق يصدق بعضه بعضا، لا يضاد شيء منه شيئا آخر، فأخباره كلها حق، وأوامره ونواهيه عدل، كما قال تعالى :﴿ وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ﴾ أي : صدقا في الإخبار، وعدلا في الطلب، فلا يستوي من تحقق صدق ما جئت به يا محمد ومن هو أعمى لا يهتدي إلى خير ولا يفهمه، ولو فهمه ما انقاد له ولا صدقه ولا اتبعه كقوله تعالى ﴿ لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ وأقاموا الصلاة ﴾ يعني الصلوات الخمس ﴿ وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ﴾، يقول : الزكاة.
قال ابن كثير :﴿ ويدرءون بالحسنة السيئة ﴾ أي : يدفعون القبيح بالحسن، فإذا آذاهم أحد قابلوه بالجميل صبرا واحتمالا وصفحا وعفوا، كقوله تعالى ﴿ ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ﴾.
قال ابن كثير : وقوله ﴿ ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ﴾ أي يجمع بينهم وبين أحبابهم فيها من الآباء والأهلين والأبناء، ممن هو صالح لدخول الجنة من المؤمنين، لتقر أعينهم بهم حتى إنه ترفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى من غير تنقيص لذلك الأعلى على درجته بل امتنانا من الله وإحسانا، كما قال تعالى :﴿ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ﴾ الآية، سورة الطور : ٢١.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ ومن صلح من آبائهم ﴾ قال : من آمن في الدنيا.
قال ابن حبان : أخبرنا أبو يعلى، قال : حدثنا هارون بن معروف، قال : حدثنا المقرئ، قال : حدثنا سعيد بن أبي أيوب، قال : حدثني معروف بن سُويد الجذامي، عن أبي عٌشّانة المعافري، عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " هل تدرون من أول من يدخل الجنة من خَلْق الله ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم، قال : أول من يدخل الجنة من خلق الله الفقراء المهاجرون الذين يُسدّ بهم الثغور، وتُتّقى بهم المكاره، ويموت أحدُهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء، فيقول الله لمن يشاء من ملائكته : اِيتُوهم فحيّوهم، فيقول الملائكة : ربّنا نحن سكان سماواتك وخيرتك من خلقك، أفتأمرنا أن نأتي هؤلاء، فنسلّم عليهم ؟ قال : إنهم كانوا عبادا يعبدوني لا يشركون بي شيئا، وتسدّ بهم الثغور، وتتّقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء، قال : فتأتيهم الملائكة عند ذلك، فيدخلون عليهم من كل باب :﴿ سلام عليكم بما صبرتم فنعم عُقبى الدار ﴾.
( الإحسان١٦/٤٣٨-٤٣٩-ك إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة، ب وصف الجنة وأهلها. ح١/٧٤٢١أخرجه أحمد من طريق أبي عشانه به ( المسند١٠/٧٧ح٦٥٧١ ) وصححه أحمد شاكر ومحققو المسند بإشراف أ. د عبد الله التركي ح٦٥٧١ ) إسناده جيد وعزاه الهيثمي لأحمد والطبراني وقال : ورجال الطبراني رجال الصحيح غير أبي عثانة وهو ثقة ( مجمع الزوائد ١٠/٢٥٩أخرجه الحاكم في المستدرك٢/٧١-٧٢من طريق عمرو بن الحارث عن أبي عشانة به. قال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي ).
انظر حديث البخاري عن أبي هريرة تحت الآية رقم ( ٧٧ ) من سورة التوبة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : أكبر الكبائر الإشراك بالله، لأن الله يقول :﴿ ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير ﴾ سورة الحج : ٣١، ونقض العهد وقطيعة الرحم، لأن الله تعالى يقول :﴿ أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ﴾، يعني : سوء العاقبة.
قال ابن كثير : يذكر تعالى أنه هو الذي يوسع الرزق على من يشاء، ويقتره على من يشاء، لما له في ذلك من الحكمة والعدل، وفرح هؤلاء الكفار بما أوتوا من الحياة الدنيا استدراجا لهم وإمهالا، كما قال تعالى :﴿ أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ﴾ ثم حقر الحياة الدنيا بالنسبة إلى ما ادخره تعالى لعباده المؤمنين في الدار الآخرة، فقال :﴿ وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع ﴾، كما قال :﴿ قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا ﴾ وقال ﴿ بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى ﴾ سورة الأعلى١٦-١٧.
وانظر سورة الشورى ( ٢٧ ) والزخرف ( ٣٢ ) والفجر( ١٥-١٦ ).
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ إلا متاع ﴾ قال : قليلا ذاهبا.
قال الشيخ الشنقيطي : بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن الكفار اقترحوا عليه صلى الله عليه وسلم الإتيان بآية ينزلها عليه ربه وبين هذا المعنى في مواضع متعددة كقوله ﴿ فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ﴾ إلى غير ذلك من الآيات وبين تعالى في موضع آخر أن في القرآن العظيم كفاية عن جميع الآيات في قوله :﴿ أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ﴾ وبين في موضع آخر حكمة عدم إنزال آية كناقة صالح ونحوها بقوله ﴿ وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة ﴾ الآية كما تقدمت الإشارة إليه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ويهدي إليه من أناب ﴾ أي : من تاب وأقبل.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ وتطمئن قلوبهم بذكر الله ﴾ يقول : سكنت إلى ذكر الله واستأنست به.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ طوبى لهم ﴾ يقول فرح وقرة عين.
قال ابن كثير : يقول تعالى وكما أرسلناك يا محمد في هذه الأمة ﴿ لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك ﴾ أي تبلغهم رسالة الله إليهم، كذلك أرسلنا في الأمم الماضية الكافرة بالله، وقد كذب الرسل من قبلك فلك فيهم أسوة، وكما أوقعنا بأسنا ونقمتنا بأولئك، فليحذر هؤلاء من حلول النقم بهم، فإن تكذيبهم لك أشد من تكذيب غيرك من المرسلين، قال الله تعال :﴿ تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك ﴾ الآية، وقال تعالى :﴿ ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين ﴾ سورة الأنعام ٣٤.
قال الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى ﴾ الآية جواب لو في هذه الآية محذوف قال بعض العلماء تقديره : لكان هذا القرآن. وقال بعضهم : تقديره لكفرتم بالرحمن ويدل لهذا الأخير قوله قبله ﴿ وهم يكفرون بالرحمن ﴾.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى ﴾، قول كفار قريش لمحمد : سير جبالنا تتسع لنا أرضنا فإنها ضيقة، أو قرب لنا الشأم فإنا نتجر بها، أو أخرج لنا آباءنا من القبور نكلمهم ! فقال الله تعالى ﴿ ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى ﴾.
وأخرجه الطبري بسنده الحسن عن قتادة بنحوه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ أفلم ييأس الذين آمنوا ﴾ يقول : يعلم.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ تصيبهم بما صنعوا قارعة ﴾، تصاب منهم سرية، أو تصاب فيهم مصيبة، أو تحل يا محمد قريبا من دارهم، وقوله :﴿ حتى يأتي وعد الله ﴾، قال : فتح مكة.
وأخرجه الطبري بسنده عن ابن عباس بنحوه وحسنه الحافظ ابن حجر( الفتح٨/٣٧٣ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة ﴾ أي : بأعمالهم أعمال السوء، وقوله ﴿ أو تحل قريبا من دارهم ﴾ أنت يا محمد، ﴿ حتى يأتي وعد الله ﴾ ووعد الله، فتح مكة.
قال ابن كثير : وقوله ﴿ إن الله لا يخلف الميعاد ﴾ أي لا ينقض وعده لرسله بالنصرة لهم ولأتباعهم في الدنيا والآخرة ﴿ فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام ﴾.
قال ابن كثير : يقول تعالى مسليا لرسوله صلى الله عليه وسلم في تكذيب من كذبه من قومه :﴿ ولقد استهزئ برسل من قبلك ﴾ أي فلك فيهم أسوة ﴿ فأمليت للذين كفروا ﴾ أي أنظرتهم وأجلتهم، ﴿ ثم أخذتهم ﴾ أخذة رابية، فكيف بلغك ما صنعت بهم وعاقبتهم ؟ كما قال تعالى ﴿ وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير ﴾ وفي الصحيحين ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ﴾، ذلكم ربكم تبارك وتعالى، قام على بني آدم بأرزاقهم وآجالهم، وحفظ عليهم والله أعمالهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ وجعلوا لله شركاء قل سموهم ﴾، والله خلقهم.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ بظاهر من القول ﴾، بظن من القول.
قوله تعالى ﴿ بل زُيّن للذين كفروا مكرهم وصدّوا عن السّبيل ومن يُضلل الله فما له من هاد ﴾
قال ابن كثير : أي ما هم عليه من الضلال والدعوة إليه آناء الليل وأطراف النهار كقوله تعالى :﴿ وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ﴾ الآية... ﴿ ومن يضلل الله فما له من هاد ﴾ كما قال ﴿ ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا ﴾.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ بل زين للذين كفروا مكرهم ﴾، قال : قولهم.
قال ابن كثير : ذكر تعالى عقاب الكفار وثواب الأبرار، فقال بعد إخباره عن حال المشركين وما هم عليه من الكفر والشرك ﴿ لهم عذاب في الحياة الدنيا ﴾ أي بأيدي المؤمنين قتلا وأسرا، ﴿ ولعذاب الآخرة ﴾ أي المدخر مع هذا الخزي في الدنيا ﴿ أشق ﴾ أي من هذا بكثير، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين : " إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة " وهو كما قال صلوات الله وسلامه عليه، فإن عذاب الدنيا له انقضاء، وذاك دائم أبدا في نار هي بالنسبة إلى هذه سبعون ضعفا، ووثاق لا يتصور كثافته وشدته، كما قال تعالى ﴿ فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد ﴾.
والحديث في صحيح مسلم في كتاب اللعان وانظر سورة طه آية ( ١٢٧ ) وتفسيرها.
قوله تعالى ﴿ أكلها دائم وظلها ﴾
قال البخاري : حدثنا إسماعيل، قال : حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : " خَسَفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلّى. قالوا : يا رسول الله رأيناك تناول شيئا في مقامك، ثم رأيناك تكعكعت. قال : إني أُريت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا ".
( صحيح البخاري٢/٢٧١-ك الأذان، ب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة ح/٧٤٨ ). وأخرجه مسلم { ٢/٦٢٦-ك الكسوف، ب ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف.. ح/٩٠٧ بأطول منه ).
قال مسلم : وحدثني الحسن بن علي الحلواني وحجاج بن الشاعر، كلاهما عن أبي عاصم قال حسن : حدثنا أبو عاصم عن بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ولا يتغوطون ولا يتمخطون ولا يبولون ولكن طعامهم ذاك جشاء كرشح المسك يلهمون التسبيح والحمد، كما يلهمون النفس ".
قال : وفي حديث حجاج " طعامهم ذلك ".
( الصحيح٤/٢١٨١-بعد رقم٢٨٣٥-ك الجنة وصفة نعيمها، ب في صفات الجنة وأهلها وتسبيحهم ).
قال ابن كثير : وكثيرا ما يقرن الله تعالى بين صفة الجنة وصفة النار ليرغب في الجنة ويحذر من النار، ولهذا لما ذكر صفة الجنة بما ذكر قال بعده :﴿ تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار ﴾. كما قال تعالى :﴿ لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله ﴿ والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ﴾ أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فرحوا بكتاب الله وبرسوله وصدقوا به.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ ومن الأحزاب من ينكر بعضه ﴾، قال : من أهل الكتاب.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة :﴿ وإليه مآب ﴾، وإليه مصير كل عبد.
قال ابن كثير : يقول تعالى :﴿ والذين آتيناهم الكتاب ﴾ وهم قائمون بمقتضاه ﴿ يفرحون بما أنزل إليك ﴾ أي من القرآن لما في كتبهم من الشواهد على صدقه والبشارة به، كما قال تعالى :﴿ الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته ﴾ الآية.
قال ابن كثير : وقوله ﴿ وكذلك أنزلناه حكما عربيا ﴾ أي وكما أرسلنا قبلك المرسلين، وأنزلنا عليهم الكتب من السماء، كذلك أنزلنا عليك القرآن محكما معربا شرفناك به، وفضلناك على من سواك بهذا الكتاب المبين الواضح الجلي الذي ﴿ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ﴾.
وانظر سورة فصلت آية ( ٣ ).
قوله تعالى ﴿ ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية ﴾ الآية بين في هذه الآية الكريمة أن الرسل قبله صلى الله عليه وسلم من جنس البشر يتزوجون ويلدون وليسوا ملائكة وذلك أن الكفار استغربوا بعث آدمي من البشر كما قال تعالى ﴿ وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا ﴾ فأخبره أنه يرسل البشر الذين يتزوجون ويأكلون كقوله :﴿ وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ﴾ وقوله ﴿ وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام ﴾ الآية.
( السنن٦/٦٠-ك النكاح، ب النهي عن التبتل )، وأخرجه أيضا أحمد في مسنده ( ٦/٩٧ ) عن أبي سعيد مولى بني هاشم بإسناده، فذكر في جزء من حديث، وقال الألباني في صحيح سنن النسائي ٢/٦٧٦-٦٧٧ )رقم( ٣٠١٥ ) : صحيح إن كان الحسن سمعه من سعد، موقوف. وأخرجه أحمد( ١٢٥/٦و١٥٧ )، والترمذي في ( العلل الكبير١/٤٢٤ )، والنسائي في( المجتبي٦/٥٨-٥٩ ) من طريق أشعث بن عبد الملك الحمراني، وأحمد( ٦/٩١و١١٣ ) من طريق المبارك بن فضالة كلاهما عن الحسن بهذا الإسناد، إلا أنه ليس عندهم ذكر آية الرعد ورواه قتادة عن الحسن فقال : عن سمرة بن جندب : أخرجه الترمذي ( ٣/٣٨٤-ح١٠٨٢ )، والنسائي ( ٦/٥٩ )، وابن ماجة ( ح١٨٤٩ )، ولفظه : " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التبتل "، زاد في رواية عند الترمذي وابن ماجة : وقرأ قتادة ﴿ ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية ﴾ وقال الترمذي : حديث حسن غريب. وصححه الألباني لوجود شاهد له في الصحيح من رواية سعد بن أبي وقاص. ( صحيح ابن ماجة١/٣١١ رقم١٤٩٩ ) وليس في رواية الصحيح ذكر الآية. وقد اختلف في المحفوظ عن الحسن : قال النسائي : قتادة أثبت وأحفظ من أشعث، وحديث أشعث أشبه بالصواب. وكأنه رجحه لمتابعة حصين بن نافع والمبارك لأشعث أما الترمذي فقال : ويقال كلا الحديثين صحيح ( السنن٣/٣٨٤ ).
قوله تعالى ﴿ لكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ﴾
قال ابن ماجة : حدثنا علي ابن محمد، ثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد الله ابن عيسى، عن عبد الله بن أبي الجعد، عن ثوبان، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء ".
( السنن١/٣٥ح٩٠ )المقدمة. وأخرجه أحمد ( المسند٥/٢٧٧، ٢٨٠، ٢٨٢ ) عن وكيع به، والطبراني ( المعجم الكبير ح١٤٤٢ )، وابن حبان في صحيحه ( الإحسان٣/١٥٣ح٨٧٢ )، والحاكم ( المستدرك١/٤٩٣ ) من طرق عن سفيان به. قال الحاكم : حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. ونقل البوصيري في زوائده على ابن ماجة عن شيخه العراقي قوله : حديث حسن ). وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة رقم ٧٣.
وانظر تفسير الآية ( ٨ ) من السورة نفسها.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :﴿ يمحو الله ما يشاء ﴾ قال : من القرآن، يقول : يبدل الله ما يشاء فينسخه، ويثبت ما يشاء فلا يبدله، ﴿ وعنده أم الكتاب، ﴾ يقول : وجملة ذلك عنده في أم الكتاب، الناسخ والمنسوخ، وما يبدل وما يثبت، كل ذلك في كتاب.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ يمحو الله ما يشاء ويثبت ﴾ هي مثل قوله :﴿ ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ﴾ وقوله :﴿ وعنده أم الكتاب ﴾ أي جملة الكتاب وأصله.
انظر سورة يونس آية ( ٤٦ )، وسورة البقرة آية ( ١١٩ ) لبيان البلاغ.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ ننقصها من أطرافها ﴾، يقول : نقصان أهلها وبركتها.
وانظر سورة الأنبياء آية ( ٤٤ ).
قال ابن كثير : يقول تعالى ﴿ قد مكر الذين من قبلهم ﴾ برسلهم، وأرادوا إخراجهم من بلادهم، فمكر الله بهم، وجعل العاقبة للمتقين، كقوله :﴿ وإذا يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين ﴾ وقوله تعالى :﴿ ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ﴾ الآية.
قال أحمد : حدثنا يحيى قال أملاه على سفيان إلى شعبة قال : سمعت عمرو بن مرة، حدثني عبد الله بن الحارث المعلم، حدثني طليق بن قيس الحنفي أخو أبى صالح عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه سلم كان يدعو : " ربّ أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر الهدى إلي وانصرني على من بغى علي، رب اجعلني لك شكارا لك ذكارا، لك رهابا، لك مطواعا إليك مخبتا، لك أواها منيبا، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي وثبت حجتي واهد قلبي، وسدد لساني واسلل سخيمة قلبي ".
( المسند٣/٣٠٩-٣١٠ح١٩٩٧ )، وأخرجه أيضا أبو داوود ( ك الصلاة، ب ما يقول الرجل إذا سلم، ح١٥١٠و١٥١١ ) والترمذي ( ك الدعوات، ب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ح٣٥٥١ ) والنسائي في عمل اليوم والليلة ( ح٦٠٧ ) وابن ماجة ( ك الدعاء، ب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ح٣٨٣٠ ) وابن حبان في صحيحه ( ٣/٢٢٧-٢٢٨ و٢٢٨ رقم٩٤٧ و٩٤٨ ) والحاكم في المستدرك ( ١/٥١٩-٥٢٠ ) من طرق عن سفيان به، إلا أن عند ابن ماجة " قيس بن طلق " وهو خطأ. وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد، وأقره الذهبي، وصحح إسناده أيضا أحمد شاكر في تحقيق المسند والألباني في ظلال الجنة ( السنة لابن أبي عاصم رقم٣٨٤ ) وصحح إسناد أحمد محققوه له بإشراف أ. د عبد الله التركي ( المسند ح١٩٩٧ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ويقول الذين كفروا لست مرسلا ﴾، قال : قول مشركي قريش، ﴿ قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ﴾، أناس من أهل الكتاب كانوا يشهدون بالحق ويقرون به، ويعلمون أن محمدا رسول الله، كما يُحَدََّثُ أن منهم عبد الله بن سلام.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى :﴿ قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ﴾ الظاهر أن قوله ومن عنده علم الكتاب عطف على لفظ الجلالة وأن المراد به أهل العلم بالتوراة والإنجيل ويدل له قوله تعالى ﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم ﴾ الآية وقوله ﴿ فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك ﴾ الآية وقوله ﴿ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ﴾ إلى غير ذلك من الآيات.