ﰡ
﴿ مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ ﴾ يعني ما أنزلناه عليك.﴿ إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ ﴾ [آية: ٣] الله.﴿ تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَق ٱلأَرْضَ ﴾ كلها ﴿ وَٱلسَّمَاوَاتِ ﴾ السبع ﴿ ٱلْعُلَى ﴾ [آية: ٤] يعني الرفيع من الأرض.
﴿ إِذْ رَأَى نَاراً ﴾ ليلة الجمعة في الشتاء بأرض المقدسة.
﴿ فَقَالَ لأَهْلِهِ ﴾ يعني امرأته وولده ﴿ ٱمْكُثُوۤاْ ﴾ مكانكم ﴿ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً ﴾ يعني إنى رأيت ناراً، وهو نور رب العالمين، تبارك وتعالى: ﴿ لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ ﴾ فأقتبس النار لكى تصطلون من البرد ﴿ أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى ﴾ [آية: ١٠] يعني من يرشدني إلى الطريق، وكان موسى، عليه السلام، قد تحير ليلاً وضل الطريق، فلما انتهى إليها سمع تسبيح الملائكة، ورأى نوراً عظيماً فخاف، وألقى الله، عز وجل، عليه السكينة.﴿ فَلَمَّآ أَتَاهَا ﴾ انتهى إليها ﴿ نُودِيَ يٰمُوسَىٰ ﴾ [آية: ١١].
﴿ إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ ﴾ من قدميك وكانتا من جلد حمار ميت غير ذكى، فخلعهما موسى، عليه السلام، وألقاهما من وراء الوادى ﴿ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ ﴾ يعني بالوادى المطهر ﴿ طُوًى ﴾ [آية: ١٢] وهو اسم الوادى.﴿ وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ ﴾ يا موسى للرسالة ﴿ فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ ﴾ [آية: ١٣] يعني للذى يوحى إليك. والوحى ما ذكر الله، عز وجل: ﴿ إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ ﴾.
حدثنا عبيد الله، قال: حدثنى أبى، قال: حدثنا الهذيل، عن مقاتل، عن علقمة بن مرثد، عن كعب: أن موسى، عليه السلام، كلمه ربه مرتين، ورأى محمد، صلى الله عليه وسلم ربه، جل جلاله، مرتين، وعصى آدم، عليه السلام، ربه تعالى، مرتين. حدثنا عبيد الله، قال: وحدثنى أبى، عن الهذيل، عن حماد بن عمرو النصيبى، عن عبد الحميد بن يوسف، قال صياح الدراج: " الرحمن على العرش استوى ". حدثنا عبيد الله، قال: حدثنى أبى، عن الهذيل، عن صيفى بن سالم، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن، في قوله، عز وجل: ﴿ أَكَادُ أُخْفِيهَا ﴾ قال: أخفيها من نفسى، قال هذيل: ولم أسمع مقاتلا. قوله سبحانه: ﴿ فَٱعْبُدْنِي ﴾ يعني فوحدنى، فإنه ليس معى إله، ثم قال تعالى: ﴿ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ ﴾ [آية: ١٤] يقول: لتذكرنى بها، يا موسى. ثم استأنف ﴿ إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ ﴾ يقول: إن الساعة جائية لا بد ﴿ أَكَادُ أُخْفِيهَا ﴾ من نفسى في قراءة ابن مسعود، فكيف يعلمها أحد، وقد كدت أن أخفيها من نفسى، لئلا يعلمها مخلوق ﴿ لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ ﴾ يقول سبحانه: الساعة آتية لتجزى كل نفس بر وفاجر ﴿ بِمَا تَسْعَىٰ ﴾ [آية: ١٥] إذا جاءت الساعة يعني بما تعمل في الدنيا.﴿ فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا ﴾ يا محمد، يعني عن إيمان بالساعة ﴿ مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا ﴾ يعني من لا يصدق بها أنها كائنة ﴿ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾ ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَتَرْدَىٰ ﴾ [آية: ١٦] يعني فتهلك إن صدوك عن الإيمان بالساعة، فيها تقديم.
﴿ فَأَلْقَاهَا ﴾ من يده اليمنى ﴿ فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ ﴾ [آية: ٢٠] على بطنها ذكراً أشعر، له عرف، فخاف موسى، عليه السلام، أن يأخذها. فـ ﴿ قَالَ ﴾ له ربه عز وجل: ﴿ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ ﴾ منها ﴿ سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا ٱلأُولَىٰ ﴾ [آية: ٢١] يعنى سنعيدها عصا كهيئتها الأولى عصا، كما كانت أول مرة، فأهوى موسى بيده إلى ذنبها فقبض عليها، فصارت عصا كما كانت.﴿ وَٱضْمُمْ يَدَكَ ﴾ يعنى كفك ﴿ إِلَىٰ جَنَاحِكَ ﴾ يعنى عضدك ﴿ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ ﴾ يعنى من غير برص، فأخرج يده من مدرعته وكانت مضربة، فخرجت بيضاء لها شعاع كشعاع الشمس يغشى البصر، ثم قال: ﴿ آيَةً أُخْرَىٰ ﴾ [آية: ٢٢] يعنى اليد آية أخرى سوى العصا.﴿ لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ ﴾ [آية: ٢٣] يعنى اليد، كانت أكبر وأعجب أمراً من العصا، فذلك قوله سبحانه: ﴿ فَأَرَاهُ ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ ﴾ [النازعات: ٢٠] يعنى اليد.﴿ ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ ﴾ [آية: ٢٤] يقول: إنه عصى، فادعوه إلى عبادتى، واعلم أنى قد ربطت على قلبه؛ فلم يؤمن فأتاه ملك خازن من خزان الريح، فقال له: انطلق لما أمرت.﴿ قَالَ ﴾ موسى: ﴿ رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِى ﴾ [آية: ٢٥] يقول: أوسع لى قلبى، قال له الملك: انطلق لما أمرت به، فإن هذا قد عجز عنه جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، عليهم السلام. ثم قال موسى: ﴿ وَيَسِّرْ لِيۤ أَمْرِى ﴾ [آية: ٢٦] يقول: وهو علىَّ ما أمرتنى به من البلاغ إلى فرعون وقومه، ولا تعسره على.﴿ وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ﴾ [آية: ٢٧] وكان فى لسانه رته يعنى الثقل، هذا الحرف عن محمد بن هانىء. ﴿ يَفْقَهُواْ قَوْلِي ﴾ [آية: ٢٨] يعنى كلامى.﴿ وَٱجْعَل لِّي وَزِيراً ﴾ يقول: بالدخول إلى فرعون، يعنى عوناً ﴿ مِّنْ أَهْلِي ﴾ [آية: ٢٩] لكى يصدقنى فرعون.﴿ هَارُونَ أَخِي ﴾ [آية: ٣٠] ﴿ ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ﴾ [آية: ٣١] يقول: اشدد به ظهرى وليكون عوناً لى. ﴿ وَأَشْرِكْهُ فِيۤ أَمْرِي ﴾ [آية: ٣٢] الذى أمرتنى به، يتعظون لأمرنا ونتعاون كلانا جميعاً.﴿ كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً ﴾ [آية: ٣٣] فى الصلاة ﴿ وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً ﴾ [آية: ٣٤] باللسان ﴿ إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً ﴾ [آية: ٣٥] يقول: ما أبصرك بنا.﴿ قَالَ ﴾ عز وجل: ﴿ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ ﴾ [آية: ٣٦] ومسألتك لنفسك خيراً، عن العقدة فى اللسان ولأخيك.﴿ وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ ﴾ يعنى أنعمنا عليك مع النبوة ﴿ مَرَّةً أُخْرَىٰ ﴾ [آية: ٣٧].
﴿ فَلَبِثْتَ سِنِينَ ﴾ يعنى عشر سنين ﴿ فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ ﴾ حين كان مع شعيب، عليهما السلام ﴿ ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ ﴾ يعنى ميقات ﴿ يٰمُوسَىٰ ﴾ [آية: ٤٠].
﴿ وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ﴾ [آية: ٤١] وهو ابن أربعين سنة، يقول: واخترتك لنفسى رسولاً ﴿ ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ ﴾ هارون ﴿ بِآيَاتِي ﴾ يعنى اليد والعصا، وهارون يومئذ غائب بمصر، فالتقيا موسى وهارون، عليهما السلام، من قبل أن يصلا إلى فرعون.
﴿ وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي ﴾ [آية: ٤٢] يقول: ولا تضعفا فى أمرى، فى قراءة ابن مسعود: " ولا تهنا فى ذكرى فى البلاغ إلى فرعون " يجرئهما على فرعون.﴿ ٱذْهَبَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ ﴾ [آية: ٤٣] يقول: عصى الله، عز وجل، أربعمائة سنة ﴿ فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً ﴾ يقول: ادعواه الكنية، يعنى بالقول اللين، هل لك إلى أن تزكى، وأهديك إلى ربك فتخشى ﴿ لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ ﴾ [آية: ٤٤].
﴿ قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ ﴾ يعنى أن يعجل علينا بالقتل ﴿ أَوْ أَن يَطْغَىٰ ﴾ [آية: ٤٥] يعنى يستعصى.﴿ قَالَ لاَ تَخَافَآ ﴾ القتل ﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَآ ﴾ فى الدفع عنكما، فذلك قوله سبحانه:﴿ فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ﴾[القصص: ٣٥] ثم قال: ﴿ أَسْمَعُ ﴾ جواب فرعون ﴿ وَأََرَىٰ ﴾ [آية: ٤٦] يقول: وأعلم ما يقول، كقوله: ﴿... لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ... ﴾ يعنى بما أعلمك الله، عز وجل.﴿ فَأْتِيَاهُ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ ﴾ فانقطع كلام الله عز وجل لموسى، عليه السلام، فلما أتيا فرعون، قال موسى لفرعون: ﴿ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ ﴾ يقول: ولا تسعبدهم بالعمل، يعنى بقوله: معنا، يعنى نفسه وأخاه ﴿ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ ﴾ يعني بعلامة ﴿ مِّن رَّبِّكَ ﴾ وهي اليد والعصا ﴿ وَٱلسَّلاَمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ ﴾ [آية: ٤٧] يقول: والسلام على من آمن بالله، عز وجل.
﴿ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ ﴾ بتوحيد الله، عز وجل ﴿ وَتَوَلَّىٰ ﴾ [آية: ٤٨] يعنى وأعرض عنه.﴿ قَالَ ﴾ فرعون: ﴿ فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ ﴾ [آية: ٤٩] ﴿ قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ ﴾ من الدواب ﴿ خَلْقَهُ ﴾ يعنى صورته التى تصلح له ﴿ ثُمَّ هَدَىٰ ﴾ [آية: ٥٠] يقول: هداه إلى معيشته ومرعاه، فمنها ما يأكل الحب، ومنها ما يأكل اللحم.﴿ قَالَ ﴾ فرعون: يا موسى ﴿ فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ ﴾ [آية: ٥١] يقول: مؤمن آل فرعون فى حم المؤمن:﴿ يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ ﴾[غافر: ٣٠، ٣١] فى الهلاك، فلما سمع ذلك فرعون من المؤمن، قال لموسى: ﴿ فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ ﴾ فلم يعلم موسى ما أمرهم؟ لأن التوراة إنما أزلت على موسى، عليه السلام، بعد هلاك فرعون وقومه. فمن ثم رد عليه موسى: فـ ﴿ قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ ﴾ يعنى اللوح المحفوظ ﴿ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي ﴾ يعنى لا يخطئ ذلك الكتاب ربى ﴿ وَلاَ يَنسَى ﴾ [آية: ٥٢] ما فيه، فلما أنزل الله، عز وجل، عليه التوراة أعلمه، وبين له فيها القرون، الأولى. ثم ذكر موسى، عليه السلام، صنع الله، عز وجل، ليعتبر به فرعون، فقال: ﴿ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً ﴾ يعنى فراشاً ﴿ وَسَلَكَ لَكُمْ ﴾ يعنى وجعل لكم ﴿ فِيهَا سُبُلاً ﴾ يعنى طرقاً فى الأرض ﴿ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ﴾ يعنى بالمطر ﴿ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ ﴾ [آية: ٥٣] من الأرض يعنى مختلفاً من كل لون من النبت منها للدواب، ومنها للناس.﴿ كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ ﴾ يعنى فيما ذكر من هذه الآية ﴿ لآيَاتٍ ﴾ يعنى لعبرة ﴿ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ ﴾ [آية: ٥٤] يعنى لذوى العقول فى توحيد الله، عز وجل، هذا قول موسى، عليه السلام، لفرعون. ثم قال الله عز وجل: ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ ﴾ يعنى أول مرة خلقكم من الأرض، من التراب الذى ذكر فى هذه الآية التى قبلها ﴿ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ ﴾ إذا متم ﴿ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ ﴾ يوم القيامة أحياء بعد الموت ﴿ تَارَةً أُخْرَىٰ ﴾ [آية: ٥٥] يعنى مرة أخرى.﴿ وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا ﴾ يعنى فرعون، الآيات السبع: الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والطمس، والسنين، والعصا، واليد.
﴿ فَكَذَّبَ ﴾ بها، بأنها ليست من الله، عز وجل.
﴿ وَأَبَىٰ ﴾ [آية: ٥٦] أن يصدق بها، وزعم أنها سحر.﴿ قَالَ ﴾ فرعون لموسى: ﴿ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ ﴾ [آية: ٥٧] اليد والعصا ﴿ فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ ﴾ يعنى بمثل سحرك ﴿ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً ﴾ يعنى وقتاً ﴿ لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى ﴾ [آية: ٥٨] يعنى ميقاتاً، يعنى عدلاً كقوله سبحانه:﴿ أَصْحَابُ ٱلصِّرَاطِ ٱلسَّوِيِّ ﴾[طه: ١٣٥] يعنى العدل.﴿ قَالَ ﴾ موسى لفرعون: ﴿ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ ﴾ يعنى يوم عيد لهم فى كل سنة واحد، وهو يوم النيروز ﴿ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى ﴾ [آية: ٥٩] يعنى نهاراً فى اليوم الذى فيه العيد، مثل قوله:﴿ بَأْسُنَا ضُحًى ﴾[الأعراف: ٩٨] يعنى نهاراً، وبعث فرعون شرطة فحشرهم للميعاد.
﴿ وإنها سحر { فَيُسْحِتَكُم ﴾ يعنى فهلككم جميعاً ﴿ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ ﴾ يعنى وقد خسر ﴿ مَنِ ٱفْتَرَىٰ ﴾ [آية: ٦١] وقال الكذب على الله عز وجل.﴿ فَتَنَازَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ ﴾ يعنى اختلفوا فى قولهم بينهم نظيرها فى الكهف:﴿ إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ﴾[الكهف: ٢١].
﴿ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ ﴾ [آية: ٦٢] من موسى وهارون، عليهما السلام. فنجواهم أن ﴿ قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ ﴾ يعنى أرض مصر ﴿ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ ﴾ [آية: ٦٣] يقول: يغلبانكم على الرجال والأمثال، جمع أمثل، وهو الممتاز من الرجال، من أهل العقول والشرف، فيتبعون موسى وهارون، ويتركون فرعون.﴿ فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ﴾ يعنى سحركم، هذا قول فرعون لوجوه سحرة قومه ﴿ ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً ﴾ يعنى جميعاً ﴿ وَقَدْ أَفْلَحَ ﴾ يعنى وقد سعد ﴿ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ ﴾ [آية: ٦٤] يعنى من غلب.﴿ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ ﴾ عصاك من يدك ﴿ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ ﴾ نحن ﴿ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ ﴾ [آية: ٦٥].
﴿ قَالَ بَلْ أَلْقُواْ ﴾ فلما ألقوا ﴿ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ ﴾ يعنى إلى موسى ﴿ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ ﴾ [آية: ٦٦] وكانت حبالاً وهى لا تتحرك.﴿ فَأَوْجَسَ ﴾ يعنى فوقع ﴿ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ ﴾ [آية: ٦٧] يعنى خاف موسى إن صنع القوم مثل صنعه أن يشكوا فيه فلا يتبعوه، ويشك فيه من تابعه ﴿ قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ ﴾ [آية: ٦٨] يعنى الغالب نظيرها﴿ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ ﴾[آل عمران: ١٣٩، محمد: ٣٥] الغالبون، هذا قول جبريل لموسى، عليه السلام، عن أمر ربه، عز وجل، وهو على يمينه تلك الساعة.﴿ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ ﴾ يعنى عصاه، ففعل، فإذا هى حية ﴿ تَلْقَفْ ﴾ يقول: تلقم ﴿ مَا صَنَعُوۤاْ ﴾ من السحر حتى تلقمت الحبال والعصى ﴿ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ ﴾ يقول: إن الذى عملوا هو عمل ساحر، يعنى كبيرهم، وما صنع موسى فليس بسحر ﴿ وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ ﴾ [آية: ٦٩] أينما كان الساحر فلا يفلح.﴿ فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً ﴾ لله تبارك وتعالى، وكانوا ثلاثة وسبعين ساحراً أكبرهم اسمه شمعون، فلما التقمت الحبال والعصى ألقاهم الله، عز وجل، على وجوههم سجداً ﴿ قَالُوۤاْ آمَنَّا ﴾ يعنى صدقنا ﴿ بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ ﴾ [آية: ٧٠].
﴿ قَالَ ﴾ فرعون: ﴿ آمَنتُمْ لَهُ ﴾ يعنى صدقتم لموسى ﴿ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ ﴾ يقول: قبل أن آمركم بالإيمان لموسى ﴿ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ﴾ يعنى لعظيمكم فى السحر، هو ﴿ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ ﴾ يعنى اليد اليمنى والرجل اليسرى ﴿ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ ﴾ مثل قوله تعالى:﴿ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ... ﴾[الطور: ٣٨] يعنى عليه ﴿ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ ﴾ [آية: ٧١] أنا أو ورب موسى وهارون ﴿ وَأَبْقَىٰ ﴾ وأدوم عذاباً.﴿ قَالُواْ ﴾ يعنى قالت السحرة: ﴿ لَن نُّؤْثِرَكَ ﴾ يعن لن نختارك ﴿ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ ﴾ يعنون اليد والعصا ﴿ وَ ﴾ لا على ﴿ وَٱلَّذِي فَطَرَنَا ﴾ يعنى خلقنا، يعنون ربهم، عز وجل، الذى خلقهم ﴿ فَٱقْضِ ﴾ يعنى فاحكم فينا ﴿ مَآ أَنتَ قَاضٍ ﴾ يعنى حاكم من القطع والصلب ﴿ إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَآ ﴾ [آية: ٧٢].
﴿ إِنَّآ آمَنَّا بِرَبِّنَا ﴾ يقول: إنا صدقنا بتوحيد الله، عز وجل.
﴿ لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا ﴾ يقول: سحرنا ﴿ وَ ﴾ يغفر لنا ﴿ وَمَآ ﴾ الذى ﴿ أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ ﴾ يعنى ما جبرتناعليه ﴿ مِنَ ٱلسِّحْرِ وَٱللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ﴾ [آية: ٧٣] يقول الله جل جلاله أفضل منك وأدوم منك يا فرعون، فإنك تموت ويبقى الرب وحده تعالى جده؛ لقول فرعون: ﴿... أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ ﴾ [طه: ٧١].
﴿ وَمَن يَأْتِهِ ﴾ فى الآخرة ﴿ مُؤْمِناً ﴾ يعنى مصدقاً بتوحيد الله، عز وجل.
﴿ قَدْ عَمِلَ ٱلصَّالِحَاتِ ﴾ من الأعمال ﴿ فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلدَّرَجَاتُ ٱلْعُلَىٰ ﴾ [آية: ٧٥] يعنى الفضائل الرفيعة فى الجنة من الأعمال ﴿ فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلدَّرَجَاتُ ٱلْعُلَىٰ ﴾ [آية: ٧٥] يعنى الفضائل الرفيعة فى الجنة من الأعمال.﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ ﴾ يعنى تحت البساتين الأنهار ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ لا يموتون ﴿ وَذٰلِكَ جَزَآءُ ﴾ يعنى الخلود جزاء ﴿ مَن تَزَكَّىٰ ﴾ [آية: ٧٦].
﴿ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ ﴾ القبط ﴿ وَمَا هَدَىٰ ﴾ [آية: ٧٩] يقول: وما هداهم، وذلك أن فرعون قال لقومه فى حم المؤمن:﴿ ... مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ ﴾[غافر: ٢٩]، فأضلهم ولم يهدهم، فذلك قوله عز وجل: ﴿ وَمَا هَدَىٰ ﴾.
﴿ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ ﴾ [آية: ٨٢] يعنى عرف أن لعمله ثواباً يجازى به كقوله سبحانه:﴿ وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴾[النحل: ١٦] يعنى يعرفون الطريق.
﴿ مِن بَعْدِكَ ﴾ بالعجل ﴿ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ ﴾ [آية: ٨٥] حين أمرهم بعبادة العجل وكانوا اثنى عشر ألفاً.﴿ فَرَجَعَ مُوسَىٰ ﴾ من الجبل ﴿ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ ﴾ عليهم ﴿ أَسِفاً ﴾ حزيناً لعبادتهم العجل ﴿ قَالَ ﴾ لهم ﴿ يٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً ﴾ يعنى حقاً كقوله سبحانه فى البقرة:﴿ ... وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً... ﴾[البقرة: ٨٠] يعنى حقاً فى محمد صلى الله عليه وسلم، أن يعطيكم التوراة فيها بيان كل شىء، والوعد حين قال عز وجل:﴿ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنَ ﴾[طه: ٨٠] حين سار موسى مع السبعين ليأخذوا التوراة فطال عليهم العهد، يعنى ميعاده إياهم أربعين يوماً، فذلك قوله تعالى: ﴿ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ ﴾ يعنى أن يجب عليكم عذاب، كقوله تعالى:﴿ ... قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ.. ﴾[الأعراف: ٧١] يعنى عذاب ﴿ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي ﴾ [آية: ٨٦] يعنى الأربعين، يوماً، وذلك أنهم عدوا الأيام والليالى، فعدوا عشرين يوماً وعشرين ليلة، ثم قالوا لهارون: قد تم الأجل الذى كان بيننا وبين موسى، فعند ذلك أضلهم السامرى.﴿ قَالُواْ مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا ﴾ ونحن نملك أمرنا ﴿ وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً ﴾ يعنى خطايا؛ لأن ذلك حملهم على صنع العجل وعبادته ﴿ مِّن زِينَةِ ٱلْقَوْمِ ﴾ يقول: من حلى آل فرعون الذهب والفضة، وذلك أنه لما مضى خمسة وثلاثون يوماً، قال لهم السامرى وهو من بنى إسرائيل: يا أهل مصر، إن موسى لا يأتيكم، فانظروا هذا الوزر، وهو الرجس الذى على نسائكم وأولادكم من حلى آل فرعون الذى أخذتموه منهم غصباً، فتطهروا منه، واقذفوه فى النار. ففعلوا ذلك وجمعوه فعمد السامرى؛ فأخذه ثم صاغه عجلاً لست وثلاثين يوماً، وسبعة وثلاثين يوماً، وثمانية وثلاثين يوماً، فصاغة فى ثلاثة أيام، ثم قذف القبضة التى أخذها من أثر حافر فرس جبريل، عليه السلام، فخار العجل خورة واحدة، ولم يثن، فأمرهم السامرى بعبادة العجل لتسعة وثلاثين يوماً، ثم أتاهم موسى، عليه السلام، من الغد لتمام أربعين يوماً، فذلك قوله سبحانه: ﴿ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ ﴾ يعنى هكذا ﴿ أَلْقَى ٱلسَّامِرِيُّ ﴾ [آية: ٨٧] الحلى فى النار.﴿ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً ﴾ يعنى بالجسد أنه لا روح فيه ﴿ لَّهُ خُوَارٌ ﴾ يعنى له صوت ﴿ فَقَالُواْ ﴾ قال السامرى وحده: ﴿ هَـٰذَآ إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ ﴾ معشر بنى إسرائيل، وذلك أن بنى إسرائيل لما عبروا البحر مروا على العمالقة وهم عكوف على أصنام لهم، قالوا لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، فاغتنمها السامرى، فلما اتخذه قال: هذا إلهكم وإله موسى معشر بنى إسرائيل.
﴿ فَنَسِيَ ﴾ [آية: ٨٨] يقول: فترك موسى ربه وهو هذا، وقد ذهب موسى يزعم خطاب ربه، يقول الله جل جلاله.
فلما رجع موسى ﴿ قَالَ ﴾ لهارون: ﴿ يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ ﴾ [آية: ٩٢] يعنى أشركوا ﴿ أَلاَّ تَتَّبِعَنِ ﴾ يقول ألا اتبعت أمرى فأنكرت عليهم ﴿ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ﴾ [آية: ٩٣] يقول افتركت قولى، كقوله سبحانه:﴿ وَلاَ تُطِيعُوۤاْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ ﴾[الشعراء: ١٥١].
﴿ قَالَ ﴾ هارون لموسى عليهما السلام: ﴿ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي ﴾ فإنى لو أنكرت لصاروا حزبين يقتل بعضهم بعضا و ﴿ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ﴾ [آية: ٩٤] يقول: ولم تحفظ وصيتى فى الأعراف قوله سبحانه لهارون:﴿ ٱخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ ﴾[الأعراف: ١٤٢] وكان هارون أحب بنى إسرائيل من موسى، صلى الله عليهما، ولقد سمت بنو إسرائيل على اسم هارون سبعين ألفاً من حبه، عليه السلام.﴿ قَالَ فَمَا خَطْبُكَ ﴾ يعنى فما أمرك؟ ﴿ يٰسَامِرِيُّ ﴾ [آية: ٩٥] يقول: فما حملك على ما أرى ﴿ قَالَ ﴾ السامرى: ﴿ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ ﴾ يقول: بما لم يفطنوا به يقول: عرفت ما لم يعرفوه من أمر فرس جبريل، عليه السلام.
﴿ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ﴾ فرس ﴿ ٱلرَّسُولِ ﴾ يعنى تحت فرس جبريل، عليه السلام.
﴿ فَنَبَذْتُهَا ﴾ فى النار على أثر الحلى ﴿ وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ﴾ [آية: ٩٦] يقول: هكذا زينت لى نفسى أن أفعل ذلك ﴿ قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ ﴾ إلى أن تموت ﴿ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ ﴾ يعنى لا تخالط الناس ﴿ وَإِنَّ لَكَ ﴾ فى الآخرة ﴿ مَوْعِداً ﴾ يعنى يوم القيامة ﴿ لَّن تُخْلَفَهُ ﴾ يقول: لن تغيب عنه ﴿ وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ﴾ يعنى العجل ﴿ ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً ﴾ يقول: أقمت عليه عابداً له ﴿ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ﴾ بالنار وبالمبرد ﴿ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً ﴾ [آية: ٩٧] يقول: لننبذنه فى اليم نبذاً.
﴿ إِن ﴾ يعنى ما ﴿ لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً ﴾ [آية: ١٠٣] يعنى عشر ليال.﴿ نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً ﴾ يعنى أمثلهم نجوى ورأيا ﴿ إِن لَّبِثْتُمْ ﴾ فى القبور ﴿ إِلاَّ يَوْماً ﴾ [آية: ١٠٤] واحداً.
﴿ وَكَذٰلِكَ ﴾ يعنى وهكذا ﴿ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً ﴾ ليفقهوه ﴿ وَصَرَّفْنَا ﴾ يعنى وصنفنا ﴿ فِيهِ ﴾ يعنى لوَّنا فيه، يعنى فى القرآن ﴿ مِنَ ﴾ ألوان ﴿ ٱلْوَعِيدِ ﴾ للأمم الخالية فى الدنيا من الحصب، والخسف والغرق، والصيحة، فهذا الوعيد لهم ﴿ لَعَلَّهُمْ ﴾ يعنى لكى ﴿ يَتَّقُونَ ﴾ يعنى لكي يخلصوا التوحيد بوعيدنا فى القرآن ﴿ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ﴾ يعنى الوعيد ﴿ ذِكْراً ﴾ [آية: ١١٣] عظة فيخافون فيؤمنون.﴿ فَتَعَالَىٰ ٱللَّهُ ﴾ يعنى ارتفع الله ﴿ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ ﴾ لأن غيره، عز وجل، وما سواه من الآلهة باطل ﴿ وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْآنِ ﴾ وذلك أن جبريل، عليه السلام، كان إذا أخبر النبى صلى الله عليه وسلم، بالوحى لم يفرغ جبريل، عليه السلام، من آخر الكلام، حتى يتكلم النبى صلى الله عليه وسلم، بأوله، فقال الله عز وجل: ﴿ وَلاَ تَعْجَلْ ﴾ بقراءة القرآن ﴿ مِن قَبْلِ إَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ﴾ يقول: من قبل أن يتمه لك جبريل، عليه السلام.
﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾ [آية: ١١٤] يعنى قرآنا.
﴿ وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا ﴾ يعنى لا تعطش فى الجنة ﴿ وَلاَ تَضْحَىٰ ﴾ [آية: ١١٩] يقول: لا يصيبك حر الشمس، فيؤذيك فتفرق.﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَانُ ﴾ يعنى إبليس وحده فـ ﴿ قَالَ يٰآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ ﴾ يقول: ألا أدلك ﴿ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ ﴾ من أكل منها خلد فى الجنة فلا يموت ﴿ وَ ﴾ على ﴿ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ ﴾ [آية: ١٢٠] يقول: لا يفنى.﴿ فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا ﴾ يقول: ظهرت لهما عوراتهما ﴿ وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا ﴾ يقول: وجعلا يخصفان، يقول: يلزقان الورق بعضه على بعض ﴿ مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ ﴾ ورق التين ليستتروا به فى الجنة ﴿ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ ﴾ [آية: ١٢١] يعنى فضل وتولى عن طاعة ربه، عز وجل.﴿ ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ ﴾ يعنى استخلصه ربه عز وجل ﴿ فَتَابَ عَلَيْهِ ﴾ من ذنبه ﴿ وَهَدَىٰ ﴾ [آية: ١٢٢] يعنى وهداه للتوبة.﴿ قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً ﴾ يعنى آدم وإبليس ﴿ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ﴾ يقول: إبليس وذريته عدو لآدم وذريته ﴿ فَإِمَّا ﴾ يعنى فإن ﴿ يَأْتِيَنَّكُم ﴾ يعنى ذرية آدم ﴿ مِّنِّي هُدًى ﴾ يعنى رسلاً معهم كتب فيها البيان ﴿ فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ ﴾ يعنى رسلى وكتابى ﴿ فَلاَ يَضِلُّ ﴾ فى الدنيا ﴿ وَلاَ يَشْقَىٰ ﴾ [آية: ١٢٣] فى الآخرة.﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي ﴾ يعنى عن إيمان بالقرآن نزلت فى الأسود بن عبد الأسود المخزومى، قتله حمزة بن عبد المطلب يوم بدر على الحوض ﴿ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ﴾ يعنى معيشة سوء لأنها فى معاصى الله عز وجل الضنك والضيق ﴿ وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ أَعْمَىٰ ﴾ [آية: ١٢٤] عن حجته.﴿ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِيۤ أَعْمَىٰ ﴾ عن حجتى ﴿ وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً ﴾ [آية: ١٢٥] فى النيا عليماً بها، وهذا مثل قوله سبحانه:﴿ هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴾[الحاقة: ٢٩] يعنى ضلت عنى حجتى، وهذا قوله حين شهدت عليه الجوارح بالشرك والكفر.﴿ قَالَ ﴾ الله تعالى: ﴿ كَذٰلِكَ ﴾ يعنى هكذا ﴿ أَتَتْكَ آيَاتُنَا ﴾ يعنى آيات القرآن ﴿ فَنَسِيتَهَا ﴾ يعنى فتركت إيماناً بآيات القرآن ﴿ وَكَذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ تُنْسَىٰ ﴾ [آية: ١٢٦] فى الآخرة تترك فى النار، ولا تخرج منها، ولا نذكرك.﴿ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ ﴾ يعنى وهكذا نجزى من أشرك فى الدنيا بالنار فى الآخرة ﴿ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ ﴾ يقول: ولم يؤمن بالقرآن ﴿ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ ﴾ مما أصابه فى الدنيا من القتل ببدر ﴿ وَأَبْقَىٰ ﴾ [آية: ١٢٧] يعنى وأدوم من عذاب الدنيا، ثم خوف كفار مكة.