ﰡ
وقال أبو إسحاق في قصة بني المصطلق :« فبينا رسول الله ﷺ مقيم هناك اقتتل على الماء ( جهجاه بن سعيد الغفاري ) وكان أجيراً لعمر بن الخطاب و ( سنان بن يزيد )، فقال سنان : يا معشر الأنصار، وقال الجهجاه : يا معشر المهاجرين، وزيد بن أرقم ونفر من الأنصار عند ( عبد الله بن أُبي ) فلما سمعها قال : قد ثاورونا في بلادنا والله ما مثلنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال قائل : سمّن كلبك يأكلك، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، ثم أقبل على من عنده من قومه، وقال : هذا ما صنعتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو كففتم عنهم لتحولوا عنكم من بلادكم إلى غيرها، فسمعها ( زيد بن أرقم ) رضي الله عنه فذهب بها إلى رسول الله ﷺ، وهو غليم عنده عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأخبره الخبر، فقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله! مر عباد من بشر فليضرب عنقه، فقال رسول الله ﷺ :» فكيف إذا تحدث الناس يا عمر أن محمداً يقتل أصحابه، لا، ولكن ناد يا عمر : الرحيل «، فلما بلغ عبد الله بن أُبي أن ذلك قد بلغ رسول الله ﷺ، أتاه فاعتذر إليه، وحلف بالله ما قال، ما قال عليه ( زيد بن أرقم ) وكان عند قومه بمكان، فقالوا : يا رسول الله عسى أن يكون هذا الغلام أوهم ولم يثبت ما قال الرجل، وراح رسول الله ﷺ مهجراً في ساعة كان لا يروح فيها، فلقيه ( أسيد بن الحضير ) رضي الله عنه، فسلم عليه بتحية النبوة، ثم قال : والله لقد رحت في ساعة مبكرة ما كنت تروح فيها، فقال رسول الله ﷺ :» أما بلغك ما قال صاحبك ابن أُبي؟ زعم أنه إذا قدم المدينة سيخرج الأعز منها الأذل «، قال : فأنت يا رسول الله العزيز وهو الذليل، ثم قال : ارفق به يا رسول الله، فوالله لقد جاء الله بك، وإنا لننظم له الخرز لنتوجه، فإنه ليرى أن قد سلبته ملكاً، سار رسول الله ﷺ بالناس حتى أمسوا وليلته حتى أصبحوا، وصدر يومه حتى اشتد الضحى، ثم نزل بالناس ليشغلهم عما كان من الحديث، فلم يأمن الناس أن وجدوا مس الأرض فناموا »
طريق أُخْرَى : قال الإمام أحمد رحمه الله، عن زيد بن أرقم قال :« خرجت مع عمي في غزاة فسمعت عبد الله بن أُبي بن سلول يقول لأصحابه : لا تنفقوا على من عند رسول الله، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت ذلك لعمي، فذكره عمي لرسول الله ﷺ، فأرسل إليَّ رسول الله ﷺ فحدثته، فأرسل إلى عبد الله بن أُبي بن سلول وأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا، فكذّبني رسول الله ﷺ وصدَّقه، فأصابني هم لم يصبني مثله قط، وجلست في البيت، فقال عمي : ما أردت إلا أن كذلك رسول الله ﷺ ومقتك! قال : حتى أنزل الله :﴿ إِذَا جَآءَكَ المنافقون ﴾ [ المنافقون : ١ ]، قال : فبعث إليَّ رسول الله ﷺ فقرأها رسول الله ﷺ عليَّ، ثم قال :» إن الله قد صدقك « »