ﰡ
فإن قيل : أليس قد قال الله تعالى :﴿ اَلرَّحْمَانُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوى ﴾ ؟ يقال : إن هذه الآية من المتشابهات، والذي نختار من الجواب عنها وعن أمثالها لمن لا يريد التبحر في العلم أن يمر بها كما جاءت ولا يبحث عنها ولا يتكلم فيها، لأنه لا يأمن من الوقوع في ورطة التشبيه إذا لم يكن راسخا في العلم. ويجب أن يعتقد في صفات الباري تعالى ما ذكرناه وأنه لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان، منزه عن الحدود والنهايات، مستغن عن المكان والجهات، ويتخلص من المهالك والشبهات.
ولهذا المعنى زجر مالك رجلا حين سأله عن هذه الآية فقال : الاستواء مذكور، والكيفية مجهولة، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة١. ثم قال : وإن عدت إلى مثله أمرت بضرب رقبتك. أعاذنا الله وإياكم من التشبيه. ( الكوكب الأزهر شرح الفقه الأكبر ص : ١٣-١٤. )
وقد سئل عن الاستواء باقي الأئمة رضي الله عنهم:
فقال الإمام الشافعي: استوى بلا شبهة، وصدّقت بلا تمثيل، واتهمت نفسي في الإدراك، وأمسك عن الخوض في ذلك كل الإمساك.
وقال الإمام أحمد بن حنبل: استوى كما أخبر، لا كما يخطر للبشر.
وقال الإمام أبو حنيفة: من قال لا أعرف الله في السماء أم في الأرض كَفَرَ لأن هذا القول يوهم أن للحق مكانا، ومن توهم أن للحق مكانا فهو مشبه. ن الرائد في علم العقائد ص: ٨١..
قال الشافعي : فقال رسول الله :« فليصلها إذا ذكرها » فجعل ذلك وقتا لها، وأخبر به عن الله تبارك وتعالى، ولم يستثنى وقت من الأوقات يدعها فيه بعد ذكرها. ( الرسالة : ٣٢٤-٣٢٥. ون الأم : ١/١٤٩. واختلاف الحديث ص : ٥٠٣. وص : ٥٠٤. )
ورواه البخاري في مواقيت الصلاة (١٣) باب: من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها (٣٦)(ر٥٧٢) موصولا عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه مسلم كذلك في المساجد ومواضع الصلاة (٥) باب: قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها (٥٥)(ر٦٨٤).
ورواه أصحاب السنن، وأحمد، والدارمي..
٢ - رواه الشافعي في الأم ١/١٤٨. موصولا من حديث أنس بن مالك، وعمران بن حصين..