تفسير سورة الأنبياء

جهود الإمام الغزالي في التفسير
تفسير سورة سورة الأنبياء من كتاب جهود الإمام الغزالي في التفسير .
لمؤلفه أبو حامد الغزالي . المتوفي سنة 505 هـ

﴿ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ﴾١.
١ - ن تفسير قوله تعالى : ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾ [النحل: ٤٣].
﴿ لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ﴾
٧١٩- الله عز وجل واحد لا شريك له، فرد لا ند له، انفرد بالخلق والإبداع واستند بالإيجاد والاختراع، لا مثل له يساهمه ويساويه، ولا ضد له فينازعه ويناويه، وبرهانه قوله تعالى :﴿ لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ﴾ وبيانه أنه لو كان اثنين وأراد أحدهما أمرا، فالثاني إن كان مضطرا إلى مساعدته كان هذا الثاني مقهورا عاجزا، ولم يكن إلها قادرا، وإن كان قادرا على مخالفته ومدافعته، كان الثاني قويا قاهرا، والأول قاصرا ولم يكن إلها قادرا. [ الإحياء : ١/١٢٩ ].
٧٢٠- لو كان للعالم إلهان لفسد، فهذا أصل، ومعلوم أنه لم يفسد، وهذا أصل آخر، فيلزم عنهما نتيجة ضرورة وهي نفي أحد الإلهين. [ القسطاس المستقيم ضمن المجموعة رقم ٣ ص : ٢٧ والمستصفى : ١/٢٣٩ ].
٧٢١- قوله :﴿ لفسدتا ﴾ لازم، وملزوم قوله :﴿ لو كان فيهما آلهة إلا الله ﴾ ولزمت النتيجة من نفي اللازم. [ القسطاس المستقيم ضمن المجموعة رقم ٣ ص٣٠ ].
٧٢٢- إن اجتماع المدبرين سبب إفساد التدبير... وإن التدبير لا ينتظم في دار واحدة بمدبرين، فكيف ينتظم في كل العالم ؟ [ إلجام العوام عن علم الكلام ضمن المجوعة : رقم ٤ ص : ٨٣-٨٧ ]
٧٢٣- عمدة أدلة المتكلمين في التوحيد قوله تعالى :﴿ لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ﴾ [ الإحياء : ١/١١٥ ].
﴿ لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ﴾.
٧٢٤- السؤال قد يطلق ويراد به الإلزام، يقال : ناظر فلان فلانا وتوجه عليه لسؤاله، وقد يطلق ويراد به الاستخبار، كما يسأل التلميذ أستاذه.
والله تعالى لا يتوجه عليه السؤال بمعنى الإلزام، وهو المعني بقوله :﴿ لا يسأل عما يفعل ﴾ إذ لا يقال له : لم ؟ قول إلزام. فأما أن لا يستخبر ولا يستفهم فليس كذلك، وهو المراد بقوله :﴿ لم حشرتني أعمى ﴾١. [ المضنون به على غير أهله ضمن المجموعة رقم ٤ ص : ١٣٩ ].
١ - طه: ١٢٣..
﴿ أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ﴾.
٧٢٥- الأول١ : انطباق فلك البروج على معدل النهار، والفتق بعد الرتق : ظهور الليل. [ نفسه : ص : ١٢٣ ].
١ - أي الرتق..
﴿ ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين ﴾.
٧٢٦- الرشد نعني به العناية الإلهية التي تعين الإنسان عند١ توجهه إلى مقاصده فتقويه على ما فيه صلاحه وتفتره عما فيه فساده، ويكون ذلك من٢ الباطن كما قال تعالى :﴿ ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين ﴾ فالرشد : عبارة عن هداية باعثة إلى جهة السعادة محركة إليها. [ الإحياء : ٤/١١٤ وميزان العمل : ٣٠٣ ].
١ - كذا في الإحياء، وفي ميزان العمل "على"..
٢ - كذا في الإحياء، وفي ميزان العمل : "في"..
﴿ ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما ﴾.
٧٢٧- سمى ما آتاهما علما وحكما، وخصص ما انفرد به سليمان بالتفطن له باسم الفهم وجعله مقدما على الحكم والعلم. [ الإحياء : ١/٣٤٢ ]
٧٢٨- ﴿ ففهمناها سليمان ﴾ خص ما انكشف باسم الفهم. [ نفسه : ٣/٢٦ ]
﴿ وعلمناه صنعة لبوس لكم ﴾.
٧٢٩- روي أن داود صلى الله عليه وسلم كان يخرج متنكرا يطوف في الآفاق يسأل عن سيرة داود فيهم، فتعرض له جبريل- صلى الله عليه وسلم- على صورة آدمي فسأله عن سيرته، فقال جبريل : نعم الرجل داود ونعم السيرة سيرته غير أنه يأكل من بيت مال المسلمين ولا يأكل من كد يده.
فرجع باكيا متضرعا إلى محرابه يسأل ربه تعالى أن يعلمه صنعة يأكل منها فعلمه صنعة الدروع، وألان له الحديد، فذلك قوله تعالى :﴿ وعلمناه صنعة لبوس لكم ﴾. [ فضائح الباطنية : ٢١١ ].
﴿ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ﴾.
٧٣٠- يونس عليه الصلاة والسلام غضب غضبة واحدة في غيرموضعها، فسجنه في بطن الحوت تحت قعر البحار أربعين يوما وهو ينادي :﴿ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ﴾ وسمعت الملائكة صوته فقالوا : إلهنا وسيدنا، صوت معروف في موضع مجهول، قال تعالى : ذلك عبدي يونس. فشفعت الملائكة فيه. [ منهاج العابدين : ٢٦٠ ].
٧٣١- لما نزل قوله تعالى :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ﴾ قال بعض اليهود : أنا أخصم لكم محمدا فجاءه وقال : قد عبدت الملائكة وعبد المسيح، فيجب أن يكونوا من حصب جهنم، فأنزل الله عز وجل :﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ﴾١. [ المستصفى : ٢/٤٤ ].
١ - عن ابن عباس قال : جاء عبد الله بن الزبعري إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تزعم أن الله أنزل عليك هذه الآية: ﴿إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون﴾ فقال: ابن الزبعري قد عبدت الشمس والقمر والملائكة وعزير وعيسى بن مريم كل هؤلاء في النار مع آلهتنا؟ فنزلت ﴿ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون وقالوا أألهتنا خير أم هو؟ ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون﴾ ثم نزلت ﴿إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون﴾ رواه الحافظ أبو عبد الله في كتابه الأحاديث المختارة. ن تفسير ابن كثير ٣/٢٤٢..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٨:٧٣١- لما نزل قوله تعالى :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ﴾ قال بعض اليهود : أنا أخصم لكم محمدا فجاءه وقال : قد عبدت الملائكة وعبد المسيح، فيجب أن يكونوا من حصب جهنم، فأنزل الله عز وجل :﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ﴾١. [ المستصفى : ٢/٤٤ ].
١ - عن ابن عباس قال : جاء عبد الله بن الزبعري إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تزعم أن الله أنزل عليك هذه الآية: ﴿إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون﴾ فقال: ابن الزبعري قد عبدت الشمس والقمر والملائكة وعزير وعيسى بن مريم كل هؤلاء في النار مع آلهتنا؟ فنزلت ﴿ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون وقالوا أألهتنا خير أم هو؟ ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون﴾ ثم نزلت ﴿إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون﴾ رواه الحافظ أبو عبد الله في كتابه الأحاديث المختارة. ن تفسير ابن كثير ٣/٢٤٢..

﴿ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ﴾.
٧٣٢- من قبل شرعه، واتبع دينه، وأطاع أمره، فهو في الدنيا مرحوم وفي الآخرة مسعود، منعم مكرم أبد الآبدين برحمة رب العالمين.
وما كان محمد بذاته رحمة بل كان بنبوته وشريعته رحمة.
ونبوته ما كانت مختصة بل كانت شاملة لجميع الأنبياء صلوات الله عليهم كما قال سبحانه :﴿ لا نفرق بين أحد من رسله ﴾١ وهو خاتم النبيين وأفضلهم. [ المعارف العقلية : ٨٤ ].
١ - البقرة : ٢٨٥..
Icon