ﰡ
مكّيّة وهى أربعون اية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ قرأ قنبل لا قسم بغير الالف بعد اللام تأكيد القسم وكذا روى النقاش عن ابى ربيعة عن البزي والباقون بالألف بما بعد اللام فقيل لا زائدة كما فى قوله.
وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ والمعنى فيهما القسم وجواب القسم محذوف دل عليه ما بعده اى لتبعثن ولتحاسبن وليجزين كل نفس بما كسبت ان خير فخير وان شر فشر وقال ابو بكر بن عياش هو تأكيد للقسم قال البيضاوي إدخال لا النافية على فعل القسم للتاكيد شائع فى كلام العرب قلت وفيه اشعار بان هذا الأمر ظاهر مستغن عن التأكيد بالقسم وذلك لان من له عقل وفهم لو تأمل بعد ما يرى من الناس من هو كافر للمنعم ظالم على الخلق قاطع للرحم مرتكب الأمور بجزم العقل بقبحها وهو فى نعمة ورغد من العيش ومن هو شاكر لله تعالى راض عنه الخلق فى محبته وبلاء يحكم ان للجزاء دارا غير هذا الدار والا يلزم من الله تعالى ترجيح الشنيع على المليح وذلك شنيع يستحيل انصاف الصانع به تعالى عن ذلك علوا كبيرا والنفس اللوامة المراد بها اما الجنس قال الفراء ليس من نفس برة ولا فاجرة الا وهى تلوم نفسها يعنى فى الاخرة ان كانت عملت خيرا قالت هلازدت وان عملت سوءا قالت ليتنى لم افعل وقال الحسن هى النفس المؤمنة قال ان المؤمن والله ما تراه الا يلوم نفسه يعنى فى الدنيا ما أردت بكلامي وما أردت باكلى وان الفاجر لا يحاسب نفسه ولا يعاتبها وقال مقاتل النفس الكافرة تلوم نفسه فى الاخرة على ما فرط فى امر الله تعالى فى الدنيا وقيل المراد به الذي يقول لو فعلت كذا ولو لم افعل كذا لكان كذا ولا يرضى بالقضاء قائلا ما شاء الله ويقدر الله وقالت الصوفية النفس امارة بالسوء ثم إذا اجتهد فى الذكر وتداركه الجذب من الله تعالى يظهر له قبائح نفسه ويرى مشتغلا لغير الله سبحانه ولا يقدر على القطع عنه بالكلية فحينئذ تلوم نفسها ويقال لها النفس اللوامة ثم إذا حصل له الفناء والبقاء وانخلع عما سوى الله واطمئن بذكره
أَيَحْسَبُ استفهام انكار على التوبيخ الْإِنْسانُ المراد به الجنس لان فيهم من يحسب او المراد الذي نزل فيه واللام للعهد قال البغوي نزلت فى عدى بن ربيعة حليف بنى زهرة ختن الأخنس بن شريق الثقفي وكان النبي صلى الله عليه واله وسلم يقول اللهم اكفنى جارى السوء يعنى عديا والأخنس وذلك ان عديا اتى النبي صلى الله عليه واله وسلم فقال يا محمد حدثنى عن القيامة متى تكون وكيف أمرها وحالها فاخبره النبي صلى الله عليه واله وسلم لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك ولم أومن بك او يجمع الله العظام فانزل الله تعالى أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بعد التفريق والبلى وأنكر جمع العظام والغرض منه انكار البعث فان العظام قلب الروح وإعادة الروح متفرع على جمعها وان مخففة او مصدرية مفعول يحسب قائم مقام مفعوليه.
بَلى يجمعها فيحيه قادِرِينَ حال من فاعل الفاعل المقدر ذكرها للترقى على ما أنكر كما يقال أيحسب ان لن نقدر عليك بلى نقدر عليك قادرين على أقوى منك والمعنى بل نجمها ونقدر على جمعها قادرين عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ اى أنامله او أطراف أنامله لجمع سلامياته وضم بعضها الى بعض كما كانت مع صغرها ولطافتها فكيف بكبار العظام.
بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ عطف على يحسب فيجوز ان يكون استفهاما وان يكون إيجابا لجواز ان يكون الاضراب عن المستفهم او عن الاستفهام لِيَفْجُرَ أَمامَهُ يفجر منصوب بان مقدرة واللام زائدة قال مجاهد والحسن وعكرمه والسدى معناه لا يجهل ابن آدم ان ربه قادر على جمع عظامه لكنه يزيد ان يفجر ان يكفر امامه اى ما يأتي عليه من الزمان المستقبل فيدوم على الكفر لا ينزع عنه ولا يتوب وقال سعد بن جبير معناه يقدم الذنب ويوخر التوبة ويقول سوف أتقرب سوف اعمل حتى يأتيه الموت على شر حاله وقال الضحاك هو الأمل يقول اعيش فاصيب من الدنيا كذا وكذا ولا يذكر الموت وقال ابن عباس وابن زيد يكذب بما امامه من القيامة والبعث والحساب والفجور الميل سمى فاجرا لميله عن الحق.
يَسْئَلُ حال من فاعل يفجر اى سائلا واستبعادا واستهزاء أَيَّانَ متى يَوْمُ الْقِيامَةِ ط اى لا يكون ذلك.
فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ قرأ نافع برق بفتح الراء والباقون بكسرها وهما لغتان قال فى القاموس برق كفرح ونصر برقا وبروقا تحير حتى لا يطرف
وَخَسَفَ الْقَمَرُ اى اظلم وذهب ضوءه.
وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ أسودين مكورين قيل معناه انهما يطلعان معا من المغرب اية للقيامة والخسوف مستعار للمحاق وقيل عطاء بن يسار يجمعان يوم القيامة ثم يقذفان فى البحر فتكون نار اله الكبرى وقيل يجمع بينهما فى ذهاب الضوء وعن جمل برق البصر إلخ على ما قيل الموت لفسر الخسوف بذهاب ضوء البصر والجميع باستتباع الروح الحاسة فى الذهاب او لوصوله الى مكان يقتبس منه نور العقل من سكان القدس وتذكير الفعل لتقدمه وتغليب المعطوف وإذا مضاف الى البرق والخسف والجمع ظرف لقوله.
يَقُولُ الْإِنْسانُ والجملة الكاملة معطوفة على مضمون قوله بلى قادرين اى بلى نجمع العظام فيقول الإنسان الكافر اين المفر يقول ذلك إذا برق البصر إلخ يَوْمَئِذٍ بدل من إذا برق إلخ أَيْنَ الْمَفَرُّ مقول ليقول.
كَلَّا ردع من طلب المفر بيانه لا وَزَرَ اى لا ملجأ ولا حصن مستعار من الجبل فانهم كانوا يلجؤن بالجبل واستقامة من أنوار بمعنى الثقل.
إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ
ط المصير والمرجع والى مشيته وحكمه موضع قرارهم.
يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ
قال ابن مسعود وابن عباس بما قدم قبل موته من عمل صالح او شىء وما اخر بعد موته من سنته حسنة او سيئة يعمل وقال قتادة بما قدم من طاعه الله وما اخر منه فضيعه وقال مجاهد باول عمله وآخره وقال زيد بن اسلم بما قدم من أمواله لنفسه وما اخر لورثته وقيل بما قدم واخر بمعنى بل قدم امور الدنيا على امور الاخرة او بالعكس.
بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
اى يبصر بتذكير ما عمل فى الدنيا لا يحتاج الى الانباء والهاء للمبالغة نظيره قوله تعالى كفى بنفسك اليوم حسيبا كذا قال ابو العالية وعطاء ورواه البغوي عن ابن عباس ويحتمل ان يكون بصيرة صفة لمحذوف تقديره بل الإنسان عين بصيرة على نفسه وعلى التقديرين على نفسه متعلق ببصيرة وهو خبر الإنسان والبصيرة بمعنى الحجة كما فى قوله تعالى قد جاءكم بصائر من ربكم اى الإنسان هو حجة بينة على نفسه شاهد عليها وحينئذ على نفسه ظرف مستقر خبره بصيرة والجملة خبر الإنسان ويحتمل ان يراد
وَلَوْ أَلْقى
الإنسان مَعاذِيرَهُ
ط قال الضحاك والسدى معناه ولو ارخى الستور واغلق الأبواب عند فعل المعصية ليخفى ما يعمل فلا ينفع فان نفسه عليه شاهد وكذا الموكل به والله على كل شىء شهيد واهل اليمن يسمون الستر معذارا وجمعه معاذيرة وقال مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير معناه يشهد عليه الشاهد من الجوارح والملائكة ولو اعتذر وجادل عن نفسه كما قال لا ينفع الظالمين معذرتهم قال الفراء ولو اعتذر فعليه من نفسه من يكذبه ومعنى إلقاء القول كما قال الله تعالى والقوا إليهم القول انكم لكاذبون وعلى هذا معاذير جمع معذار بمعنى العذر وجمع معذرة على غير قياس كمناكير فى المنكر والظاهر انه اسم جمع وجمعها معاذر وكذا المناكير والله تعالى اعلم- اخرج الشيخان فى الصحيحين عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إذا نزل جبرئيل بالوحى يحرك لسانه وشفتيه فيشتد عليه وكان يعرف عنه يريد ان يحفظ ما انزل الله فانزل الله تعالى.
لا تُحَرِّكْ
يا محمد بِهِ
بالقران لِسانَكَ
قبل ان يتم وحيه لِتَعْجَلَ بِهِ
ط اى لتاخذه على عجلة فى الصحيحين عن ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يحرك شفتيه إذا نزل يخشى ان ينفلت-.
إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ
فى صدرك وَقُرْآنَهُ
ج اثبات قرأته على لسانك تعليل للنهى.
فَإِذا قَرَأْناهُ
اى القران بلسان جبرئيل أضاف قراءة جبريل الى نفسه مجازا لانه بامره ورسالته فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
ج قراءته يعنى فاقرأ بعد قراءة جبريل حتى يرسخك فى ذهنك كذلك لا بد للتلميذ ان يقرأ بعد قراءة الشيخ ولا يقرأ معه كيلا يقع المزاحمة والتشويش فى القراءة والحفظ.
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ ط اى القران اى اظهار المراد منه إذا أشكل شىء من معانيه قلت الاية على ان بيان القران محكمه ومتشابهه من الله تعالى للنبى صلى الله تعالى عليه واله وسلم لا يجوز ان يكون شىء منها غير مبين له عليه الصلاة والسلام والا يخلو الخطاب من الفائدة ويلزم الخلف فى الوعد كما ذكرنا هذه المسألة فى تفسير قوله تعالى وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وكلمة
كَلَّا ردع على انكار البعث او الفجور امامه او على الغاء المعاذير الباطلة بَلْ تُحِبُّونَ الضمير راجع الى الإنسان المذكور سابقا وجمع الضمير نظرا الى المعنى لان المراد به الجنس او الذي الكلام فيه ومن فى معناه الْعاجِلَةَ يعنى الدنيا وشهواتها.
وَتَذَرُونَ اى الإنسان على ما مر هذا على قراءة ابن كثير وابو عمرو وابن عامر بالياء للغيبة فيهما وقرأ الكوفيون ونافع بالتاء على الخطاب فيهما على طريقه الالتفات من الغيبة الى الخطاب الْآخِرَةَ ط وتعميمها يعنى انهم لا يعلمون ان الله تعالى لا يقدر على البعث والاعادة او ان معاذيره ينفعهم بل يحبون العاجلة ويتبعون الشهوات الدنيا فاعمى الشهوات بأبصارهم وأعمه قلوبهم ويذرون الاخرة ثم ذكر احوال الاخرة فقال.
وُجُوهٌ مبتداء اما معترضة بتقدير الاضافة اى وجوه المؤمنين المقربين واما نكرة مخصصة بصفة مقدرة اى وجوه كثير او وجوه منهم اى من جنس الإنسان الذي مر ذكره يَوْمَئِذٍ ظرف لما بعده يعنى يوم إذا كان ما سبق من برق البصر وغيره او يوم إذا كانت الاخرة ناضِرَةٌ خبر ناعمة حسنة متهللة.
إِلى رَبِّها متعلق بما بعده ناظِرَةٌ ج بروية البصر بلا كيف ولا جهة ولا ثبوت مسافة ولا بقياس الغائب على الشاهد خبر ثان لوجوه واخرج الآجري والبيهقي فى كتاب الروية من طريقين عن ابن عباس قال وجوه يومئذ ناضرة قال حسنة الى ربها ناظرة نظرة الى الخالق واخرجوا عن الحسن نحوه وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان ادنى اهل الجنة منزلة من ينظر ال جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة الف سنة وأكرمهم على الله من ينظر الى وجه غدوة وعشية ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة رواه احمد والترمذي والدار قطنى واللالكائى والآجري نحوه وفى لفظ الآجري ادنى اهل الجنة منزلة من ينظر فى ملكه مسيرة الفى عام يرى أقصاه كما يرى أدناه وفى الباب حديث انس رواه البزار والطبراني والبيهقي وابو يعلى بطوله وفيه يوم الجمعة يزداد فيها نظرا الى وجهه تعالى ولذلك دعى يوم المزيد رواه البزار والاصفهانى عن نحوه واخرج الآجري
الغائب على الشاهد ولا شك ان الله سبحانه تعالى يرى خلقه من الماديات والمجردات من غير مسافة بينهما ولا خروج شعاع وهو السميع البصير كيف ينكر كونه مرئيا بعد ما نطق به البشير النذير وقوله تعالى لا تدركه الابصار انما ينفى الدرك وهو يقتضى الإحاطة وحصول العلم بكنهه وذلك محال واما العلم الحضوري بالكنه بمعنى حضور كنه المعلوم عند العالم فليس بمحال لكنه متعال عن درك الابصار والله تعالى اعلم- (فائدة) هذه الاية تدل على انهم يرون الله تعالى دائما مستمرا لا ينقطع رويتهم كما يدل على دوام النضرة لهم ابدا فان الجملة الاسمية للدوام والاستمرار ولا منافاة بينها وبين ما ثبت بالأحاديث ان من الناس من يرى الله تعالى كل جمعة ومنهم من يرى الله تعالى فى كل جمعة اى أسبوع مرتين كذا احرج ابن ابى الدنيا عن ابى امامة ومنهم من يرى ربه فى مقدار كل عيد لهم فى الدنيا يعنى فى كل سنة مرتين كذا روى يحى بن سلام عن ابى بكر بن عبد الله المزني ومنهم من يرى فى كل يوم مرتين غدوة وعشية كما مر من حديث ابن عمر لان ثبوت دوام الروية انما هو لجمع منكر وهى لا تدل على العموم او بقدر ما هو أخص من المؤمنين فيقدر المقربين فتقديره وجوه المقربين يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة دائما ابدا اخرج ابو نعيم عن ابى يزيد البسطامي قال ان لله تعالى خواص من عباده لو حجبهم فى الجنة عن روية لاستغاثوا كما يستغيث اهل النار بالخروج من النار فظهر ان الناس فى الروية على درجات لا تكاد تحصى وليس المقصود من الأحاديث استيفاء درجاتهم ومعنى قوله صلى الله عليه واله وسلم أكرمهم على الله من ينظر الى وجهه غدوة وعشية انهم من أكرمهم وهذا لا يقتضى ان لا يكون أحد أكرم منهم وإذا تقرر هذا فاعلم ان الذين يدومون النظر الى الله سبحانه والله تعالى اعلم بهم هم الأنبياء والمقربون من العباد الواصلين الى الذات المجرد عن الشيون والاعتبارات الذين كان حظهم فى دار الدنيا من الذات التجلي الدائمى لا كالبرق الخاطف لان من كان حظه فى دار الدنيا دوام التجلي ولم يكن له الروية فى الدنيا لعدم صلاحيته تعين هذه النشأة الروية كما أشير اليه فى حديث ابن عباس عند ابى نعيم فى الحلية فاذا زال المانع فلا جرم ينظر ذلك الرجل الى الله
الجار والمجرور فى قوله تعالى الى ربها ناظرة يقتضى الحصر ويفيد انهم إذا أراد ربهم يستغرقون فى رويته تعالى لا ينظرون حينئذ الى غيره ويؤيده حديث جابر رض قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اهل الجنة فى نعيمهم إذ سطع عليهم نور فرفعوا رؤسهم فاذ الرب تبارك وتعالى قد اشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا اهل الجنة وذلك قوله تعالى سلام قولا من رب رحيم قال فينظر إليهم وينظرون اليه فلا يلتفتون الى شىء من النعيم ما داموا ينظرون اليه حتى يحجب عنهم ويبقى نوره وبركته فى ديارهم رواه ابن ماجة وابن ابى الدنيا والدار قطنى فحينئذ لو كان لبعض الناس دوام الروية فكيف يتصور الحصر وعدم الالتفات الى النعيم
وَوُجُوهٌ اى وجوه الكافرين او وجوه كثيرة يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ كالحة عابسة شديد العبوس.
تَظُنُّ تستيقن أربابها خبر ثان أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ واهية عظيمة فقال الظهر قال ابن زيد هى دخول النار وقال الكلبي هى ان يحجب عن روية الرب عز وجل.
كَلَّا روع عن إيثار الدنيا على الاخرة كانه قيل ارتدعوا عن ذلك واذكروا الموت الذي عنده ينقطع الدنيا وتقبل الاخرة مخلدة إِذا بَلَغَتِ النفس كناية عن غير مذكور دل عليه الكلام وإذا شرطية جزاءه الى ربك يومئذ المساق او ظرف متعلق بفعل دل عليه المساق اى يساقون الى ربكم إذا بلغت التَّراقِيَ العظام المكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال ويكنى ببلوغ النفس التراقى عن الاشراف على الموت.
وَقِيلَ مَنْ راقٍ
وَظَنَّ المحتضر أَنَّهُ اى الذي نزل به الْفِراقُ اى سبب للفراق من الدنيا ومما يحبه.
وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ اى التوت ساقه بساقه فلا يقدر تحريكهما كذا قال الشعبي والحسن ونحوه وقال ابن عباس التوت امر الدنيا بامر الاخرة فكان اخر يوم من ايام الدنيا وأول يوم من ايام الاخرة فيجتمع عليه شدة فراق الدنيا بشدة اقبال الاخرة وقال الضحاك معناه ان الناس يجهزون جسده والملائكة يجهزون روحه.
إِلى رَبِّكَ لا الى غيره يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ ط اى سوق ومرجعه يحكم فيه ما يشاء.
فَلا صَدَّقَ الرسول والقران او لا صدق ماله اى لم يزك وَلا صَلَّى لله ما فرض عليه قوله فلا صدق عطف على مضمون أيحسب الإنسان فان التوبيخ يستلزم الوقوع تقديره حسب الإنسان ان لن نجمع عظامه ولا نبعثه فلا صدق ولا صلى والضمير فيهما راجع الى الإنسان فالسياق يقتضى ان يكون ذلك حكاية عن عدى بن ربيعة المذكور وقال البغوي المراد ابو جهل ولو حمل الإنسان على الجنس لكان شاملا لهما.
وَلكِنْ كَذَّبَ النبي صلى الله عليه واله وسلم وَتَوَلَّى عن الايمان به.
ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ط اى يسرع فى سيره فى القاموس مطى جد فى السير والسرع فى الصحاح معناه يمد مطاه اى ظهره ومنه يقال لا يركب ظهره مطيه كالبعير وقيل أصله يتمطط أبدلت الطاء ياء اجتماع ثلثة أحرف مماثلة والطا هو المد وحاصل المعنى يتبختر لان المتبختر يمد عنقه ويمد خطاياه.
أَوْلى لَكَ جملة دعائية بمعنى ويل لك او تهديد ووعيد وفيه التفات من الغيبة الى الخطاب فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ط كرره للتاكيد ويحتمل ان يراد به ويل لك فى الدنيا بالقتل واللعن وذكر السوء والتعذيب وويل لك يوم الموت وويل لك إذ بعثت ويل لك إذا دخلت النار فهو نقيض ما قيل فى يحى عليه السلام والسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا فهو افعل من الويل بعد القلب كاونى من دون وقيل أصله أولاك الله ما تكريهه واللام مزيدة كما فى قوله ردف لكم اى ردفكم وقيل أصله اولى لك الهلاك وقيل
أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً ط امال حمزة والكسائي مهملا لا يومر ولا ينهى ولا يبعث ولا يجازى حيث ينكر البعث فان انكار البعث يقتضى كونه مهملا مع ان الحكمة فى خلقه ليس الا التكليف قال الله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون وقال قل لا يعبأ بكم ربى لولا دعاءكم وكيف ينكر الإنسان البعث ويستحيله.
أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى يصب فى الرحم قرأ حفص بالياء على التذكير راجعا الى المنى والباقون بالتاء ردا الى النطفة.
ثُمَّ كانَ الإنسان بعد كونه نطفة عَلَقَةً بعد أربعين يوما ثم مضغة كذلك ثم عظاما فكسبت لحما فَخَلَقَ الله تعالى إياه وإيانا بنفخ روحه فيه فَسَوَّى وعدل خلقه بلا نقصان.
فَجَعَلَ الله سبحانه مِنْهُ اى من المنى الذي صار علقة ثم مضغة ثم عظاما ولحما الزَّوْجَيْنِ الصنفين يجتمعان فى الرحم تارة وينفرد كل منهما عن الاخر اخرى الذَّكَرَ وَالْأُنْثى أَلَيْسَ ذلِكَ الله الذي يفعل ذلك ويوجد بلا سبق وجود بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ع انكار جواز البعث مع مشاهدة ما هو اعجب منه يقتضى كمال الحمق او العناد عن ابى هريرة قال قال رسول الله - ﷺ - من قرأ منكم بالتين فانتهى الى آخرها أليس الله ما حكم الحكمين فليقل بلى وانا على ذلك من الشاهدين ومن قرأ لا اقسم بيوم القيمة فانتهى الى أليس ذلك بقادر على ان يحيى الموتى فليقل بلى وانا على ذلك من الشاهدين ومن قرأ والمرسلات فبلغ فباى حديث بعده يومنون فليقل أمنا بالله وعن موسى بن عائشة قال كان رجل يصلى فوق بيته فكان إذا قرأ أليس ذلك ويقدر على ان يحيى الموتى قال سبحانك بلى فسالوه عن ذلك فقال سمعته من رسول الله - ﷺ - روى الحديثين ابو داود.