تفسير سورة الإنشقاق

روح البيان
تفسير سورة سورة الإنشقاق من كتاب روح البيان المعروف بـروح البيان .
لمؤلفه إسماعيل حقي . المتوفي سنة 1127 هـ

تفسير سورة الانشقاق
خمس وعشرون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ إعرابه كأعراب إذا السماء انفطرت اى انفتحت بغمام أبيض يخرج منها كقوله تعالى ويوم تشقق السماء بالغمام والباء للآلة كما فى قولك انشقت الأرض بالنبات وفى ذلك الغمام الملائكة ينزلون وفى أيديهم صحائف الأعمال او فيه ملائكة العذاب وكان ذلك أشد وأفظع من حيث انه جاءه العذاب من موضع الخير فيكون انشقاق السماء لنزول الملائكة بالأوامر الالهية وقيل للسقوط والانتقاض وقيل لهول القيامة وكيف لا تنشق وهى فى قبضة قهر. اقل من خردلة ولا منع من جميع هذه الأقوال فانها تنشق لهيبة الله فتنزل الملائكة ثم يؤول أمرها الى الفساد والاختلال وعن على رضى الله عنه تنشق من المجرة وهى بفتح الميم باب السماء اى البياض المستطيل فى وسط السماء سميت بذلك لانها كأثر المجر ويقال لها بالفارسية راه حاجيان وكهكشان. تنشق السماء من ذلك الموضع كأنه مفصل ملتئم فتصدع منه وَأَذِنَتْ لِرَبِّها واستمعت اى انقادت وأذعنت لتأثير قدرته تعالى حين تعلقت قدرته وإرادته بانشقاقها انقياد المأمور المطواع إذا ورد عليه امر الآمر المطاع فهو استعارة تمثيلية متفرعة على المجاز المرسل يعنى إذا اطلق الاذن وهو الاستماع فى حق من له حاسة السمع والاستماع بها يراد بها الاجابة والانقياد مجازا وإذا اطلق فى حق نحو السماء مما ليس فى شأنه الاستماع والقبول يكون استعارة تمثيلية فقوله اتينا طائعين يدل على نفوذ القدرة فى الإيجاد والإبداع من غير ممانعة أصلا وقوله وأذنت لربها يدل على نفوذ القدرة فى التفريق والاعدام من غير ممانعة أصلا والتعرض لعنوان الربوبية مع الاضافة إليها للاشعار بعلة الحكم وهذا الانقياد عند ارباب الحقائق محمول على ان لها حياة وإدراكا كسائر الحيوانات إذ ما من شىء إلا وله نصيب من تجلى الاسم الحي وقد سبق مرارا وَحُقَّتْ من قولهم هو محقوق بكذا وحقيق به اى جعلت حقيقة بالاستماع والانقياد إذ هي مربوبة ومصنوعة له تعالى اى شأنها ذلك بالنسبة الى القدرة القاهرة الربانية التي يتأتى بها كل مقدور ولا يتخلف عنها امر من الأمور وبالفارسية وخود آنرا چنين سزد. فحق الجملة ان تكون اعتراضا مقررة لما قبلها لا معطوفة عليه وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ اى بسطت بازالة جبالها وآكامها عن مقارها وتسويتها بحيث صارت كالصحيفة الملساء او زيدت سعة وبسطة من أحد وعشرين جزأ الى تسعة وتسعين جزأ لوقوف الخلائق عليها للحساب والألم تسعهم من مده بمعنى امده اى زاده وفى الحديث إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم حتى لا يكون لبشر من الناس الا موضع قدميه يعنى لكثرة الخلائق فيها قوله مد الأديم لان الأديم إذا مد زال كل انثناء فيه واستوى وفى بعض الروايات مد الأديم العكاظي قال فى القاموس هو كغراب سوق بصحراء بين نخلة والطائف كانت تقدم هلاك ذى القعدة وتستمر عشرين يوما تجتمع قبائل العرب فيتعا كظون اى يتفاخرون ويتناشدون ومنه الأديم العكاظي
انتهى وَأَلْقَتْ ما فِيها اى رمت ما فى جوفها من الموتى والكنوز الى ظاهرها كقوله تعالى وأخرجت الأرض اثقالها وهو من الاسناد المجازى والا فالالقاء والإخراج لله تعالى حقيقة فان قلت إخراج الكنوز يكون وقت خروج الدجال لا يوم القيامة قلت يوم القيامة وقت متسع يجوز اعتباره من وقت خروجه ولو مجاز مجازا لانه الانه من أشراطه الكبرى فيكون إخراج الكنوز عند قرب الساعة وإخراج الموتى عند البعث وَتَخَلَّتْ وخلت عما فيها غاية الخلو حتى لم يبق فيها شىء منه كأنها تكلف فى ذلك أقصى جهدها كما يقال تكرم الكريم وترحم الرحيم إذا بلغا جهدهما فى الكرم والرحمة وتكلفا فوق ما فى طبعهما وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وانقادت له فى الإلقاء والتخلي وَحُقَّتْ اى وهى حقيقة بذلك اى شأنها ذلك بالنسبة الى القدرة الربانية ذكره مرتين لان الاول متصل بالسماء والثاني بالأرض وإذا اتصل كل واحد بغير ما اتصل به الآخر لم يكن تكرارا وجواب إذا محذوف اى إذا وقعت هذه الأمور كان من الأهوال ما تقصر عن بيانه العبارة وفى تفسير الكاشفى جواب إذا آنست كه به بيند انسان ثواب وعقاب را. وفيه اشارة الى انشقاق سماء الروح الحيوانية بانفراجها عن الروح الإنساني وزوالها وبسط ارض البدن بنزع الروح عنها وإلقاء ما فيها من الروح والقوى وتخليها عن كل ما فيها من الآثار والاعراض بالحياة والمزاج والتركيب والشكل بتبعية خلوها عن الروح وفى التأويلات النجمية يشير الى انشقاق سماء الروح عن ظلمة غيم النفس الامارة وانقيادها لفيض ربها بتهيئة الاستعداد بما يتصرف فيها من غير أباء وامتناع والى بسط ارض النفوس البشرية لاربابها وتخليها عن احكام البشرية يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ جنس الإنسان الشامل للمؤمن والكافر والعاصي فالخطاب عام لكل مكلف على سبيل البدل يقال هذا ابلغ من العموم لانه يقوم مقام التنصيص فى النداء على مخاطبة كل واحد بعينه كأنه قيل يا فلان ويا فلان الى غير ذلك إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً الكدح جهد النفس فى العمل والكد فيه بحيث يؤثر فيها والجهد بالفتح بمعنى المشقة والتعب والكد السعى الشديد فى العمل وطلب الكسب من كدح جلده إذا خدشه والمعنى انك جاهد ومجد اى ساع باجتهاد ومشقة الى لقاء ربك اى الى وقت لقائه وهو الموت وما بعده من الأحوال الممثلة باللقاء مبالغ فى ذلك وفى الخبر انهم قالوا يا رسول الله فيم نكدح وقد جفت الأقلام ومضت المقادير فقال اعملوا فكل ميسر لما خلق له فَمُلاقِيهِ فملاق له اى لجزآء عملك من خير وشر عقيب ذلك لا محالة من غير صارف يلويك عنه ولا مفر لك منه ويقال انك عامل لربك عملا فملاق عملك يوم القيامة يعنى ان جدك وسعيك الى مباشرة الأعمال فى الدنيا هو فى الحقيقة سعى الى لقاء جزائها فى العقبى فملاق ذلك الجزاء لا محالة فعليك ان تباشر فى الدنيا بما ينجيك فى العقبى واحذر عما يهلكك فيها ويوقعك فى الخجالة والافتضاح من سوء المعاملة وفى الحديث النادم ينتظر الرحمة والمعجب ينتظر المقت وكل عامل سيقدم الى ما أسلف وقال القاشاني انك ساع بالموت اى تسير مع أنفاسك سريعا كما قيل أنفاسك خطاك فملاقيه ضرورة فالضمير للرب وفى التأويلات النجمية يشير الى الإنسان
ولطفه وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ تكرير كتابه بدون الاكتفاء بالاضمار لتغاير الكتابين وتخالفهما بالاشتمال والحكم فى المآل اى يؤتى كتاب عمله وَراءَ ظَهْرِهِ اى بشماله من ورلء ظهره وجانبه ظرف لاوتى مستعمل فى المكان وقال الكلبي يغل يمينه ثم تلوى يده اليسرى من ورائه فيعطى كتابه بشماله وهى خلف ظهره فلا مخالفة بين هذا وبين ما فى الحاقة حيث لم يذكر فيها الظهر بل اكتفى بالشمال قال الامام ويحتمل ان يكون بعضهم يعطى كتابه بشماله وبعضهم من ورلء ظهره وفى تفسير الفاتحة للفنارى رحمه الله واما من اوتى كتابه بشماله وهو المنافق فان الكافر لا كتاب له اى لان كفره يكفيه فى المؤاخذة فلا حاجة الى الكتاب من حيث انهم ليسوا بمكلفين بالفروع واما من أوتى كتابه ورلء ظهره فهم الذين أوتوا الكتاب فنبذوه ورلء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فاذا كان يوم القيامة قيل له خذه من راء ظهرك اى من الموضع الذي نبذته فيه فى حياتك الدنيا فهو كتابه المنزل عليه لا كتاب الأعمال فانه حين نبذه ورلء ظهره ظن أن لن يحور وقال أبو الليث فى البسنان اختلف الناس فى الكفار هل يكون عليهم حفظة اولا قال بعضهم لا يكون عليهم حفظة لان أمرهم ظاهر وعملهم واحد وقال الله تعالى يعرف المجرمون بسيماهم ولا نأخذ بهذا القول بل يكون للكفار حفظة والآية نزلت بذكر الحفظة فى شأن الكفار ألا ترى الى قوله تعالى بل تكذبون بالدين وان عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون وقال فى آية اخرى واما من أوتى كتابه بشماله واما من أوتى كتابه ورلء ظهره فأخبر أن الكفار يكون لهم كتاب وحفظة فان قيل فالذى يكتب عن يمينه إذا اى شىء يكتب ولم يكن لهم حسنة يقال له الذي عن شماله يكتب بإذن صاحبه ويكون شاهدا على ذلك وان لم يكتب فَسَوْفَ يَدْعُوا پس زود باشد كه بخواند. اى بعد مدة منتهية عذاب شديد لا يطاق عليه ثُبُوراً اى يتمنى لنفسه الثبور وهو الهلاك ويدعوه يا ثبوراه تعالى فهذا أوانك وأنى له ذلك يعنى لما كان إيتاء الكتاب من غير يمينه علامة كونه من أهل النار كان كلامه وا ثبوراه قال الفراء نقول العرب فلان يدعو لهفه إذا قال والهفاء قيل الثبور مشتق من المثابرة على الشيء وهو المواظبة عليه وسمى هلاك الآخرة ثبورا لانه لازم لا يزول كما قال تعالى لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعو ثبورا كثيرا قال فى كشف الاسرار پير بو على سياه وقتى در بازار ميرفت سائلى ميكفت بحق روز بزرك كه مرا چيزى بدهيد پير از هوش برفت چون بهوش باز آمد او را كفتند اى شيخ ترا اين ساعت چهـ روى نمود كفت هيبت وعظمت آن روز بزرگ آنكه گ فت وا حزناه على قلة الحزن وا حسرتاه على قلة التحسر يعنى وا اندوهاى آز بى اندوهى وا حسرتا آز بى حسرتى وَيَصْلى سَعِيراً اى يدخلها ويقاسى حرها وعذابها من غير حائل وهذا يدل على ان دعاءهم بالثبور قبل الصلى وبه صرح الامام واما قوله تعالى فاذا ألقوا منها مكانا ضيقا دعوا هنالك ثبورا فيدل على انه بعده ولا منافاة فى الجمع فانهم يدعونه اولا وآخرا بل دائما على ان الواو لمطلق الجمع لا للترتيب وفيه اشارة الى صاحب كتاب الاستعداد الفطري المكتوب فى ديوان الأزل بقلم كتبة الأسماء الجلالية فانه يتمنى أن يكون فى الدنيا فانيا فى الحق وهالكا عن إنيته ويصلى نار الرياضة
متردد است از أفقى بافقى. وقد سبق تحقيق المقام فى المزمل وهى احدى روايتين عن ابى حنيفة رضى الله عنه ويروى انه رجع عن هذا القول ومن ثمة كان يفتى بالأول الذي هو قول الإمامين وغيرهما سمى به يعنى على كل من المعنيين لرقته لكن مناسبته لمعنى البياض اكثر وهو من الشفقة التي هى عبارة عن رقة القلب ولا شك ان الشمس أعنى ضوءها يأخذ فى الرقة والضعف من غيبة الشمس الى ان يستولى سواد الليل على الآفاق كلها وعن عكرمة ومجاهد الشفق هو النهار بناء على ان الشفق هو اثر الشمس وهو كوكب نهارى واثره هو النهار فعلى هذا يقع القسم بالليل والنهار اللذين أحدهما معاش والآخر سكن وبهما قوام امور العالم وفى المفردات الشفق اختلاط ضوء النهار بسواد الليل عند غروب الشمس قال القاشاني فلا اقسم بالشفق اى النورية الباقية من الفطرة الانسانية بعد غروبها واحتجابها فى أفق البدن الممزوجة بظلمة النفس عظمها بالاقسام بها لامكان كسب الكمال والترقي فى الدرجات بها وفى التأويلات النجمية يشير الى أن الله تعالى أقسم بالشفق لكونه مظهر الوحدة الحقيقية الذاتية والكثرة النسبية الاسمائية وذلك لان الشفق حقيقة برزخية بين سواد ليل الوحدة وبياض نهار الكثرة والبرزخ بين الشيئين لا بد له من قوة كل واحد منهما فيكون جامعا لحكم الوحدة والكثرة فحق له أن يقسم به وانما جعل الليل مظهر الوجدة لاستهلاك الأشياء المحسوسة فيه استهلاك التعينات فى حقيقة الوحدة ويدل عليه قوله وجعلنا الليل لباسا لاستتار الأشياء بظلمته وجعلنا النهار معاشا مظهر الكثرة لظهور الأشياء فيه ولاشتمال المعاش على الأمور الكثيرة وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ قال الراغب الوسق جمع المتفرق اى وأقسم بالليل وما جمعه وما ضمه وستره بظلمته فما موصولة يقال وسقه فاتسق واستوسق يعنى ان كلا منهما مطاوع لوسق اى جمعه فاجتمع وما عبارة عما يجتمع بالليل ويأوى الى مكانه من الدواب والحشرات والهوام والسباع وذلك انه إذا اقبل الليل اقبل كل شىء الى مأواه مما كان منتشرا بالنهار وقيل يجوز ان يكون المراد بما جمعه الليل العباد المتهجدين بالليل لانه تعالى قد مدح المستغفرين بالأسحار فيجوز أن يقسم بهم قال القاشاني اى ليل ظلمة البدن وما جمعه من القوى والآلات والاستعدادات التي يمكن بها اكتساب العلوم والفضائل والترقي فى المقامات ونيل المواهب والكمالات وفى التأويلات النجمية يشير الى القسم بليل النفس المطمئنة المستترة بغلسية النفس الامارة بعد الوصول الى المقام المأمول وانما صارت مطمئنة من الرجوع الى حكم النفس الامارة وبقي لها التلوين فى التمكين من أوصاف الكمل من الذرية المحمديين ولهذا أمرت بالرجوع الى ربها بقوله يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك وليس المقصود الذاتي من الرجوع نفس الرجوع بل المقصود الكلى هو الاتصال بالمرجوع اليه قوله وما وسق اى وما جمع من القوى الروحانية المستخلصة من يد تصرف النفس الامارة وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ اى اجتمع وتم بدر الليلة اربع عشرة وفى فتح الرحمن امتلأ فى الليالى البيض يقال امور فلان متبسقة اى مجتمعة على الصلاح كما يقال منتظمة قال فى القاموس وسقه يسقه جمعه وحمله ومنه والليل وما وسق واتسق انتظم انتهى أقسم الله بهذه الأشياء لان
القرآن كما روى انه عليه السلام قرأ ذات يوم واسجد واقترب فسجد هو ومن معه المؤمنين وقريش تصفق فوق رؤسهم وتصفر استهزاء وبه احتج أبو حنيفة على وجوب السجدة فان الذم على ترك الشيء يدل على وجوب ذلك وعن أبى هريرة رضى الله عنه ان رسول الله عليه السلام سجد فيها وكذا الخلفاء وهى الثالثة عشرة من اربع عشرة سجدة تجب عندها السجدة عند أئمتنا على التالي والسامع سوآء قصده أم لا وعن ابن عباس رضى الله عنهما ليس فى مفصل سجدة وكذا قال الحسن هى غير واجبة ثم ان الائمة الثلاثة يسجدون عند قوله لا يسجدون والامام مالك عند آخر السورة وفى التأويلات النجمية وإذا قرئ على النفس والهوى والقوى البشرية الطبيعية المواعظ الالهية القرآنية المنزلة على رسول القلب لا يخضعون ولا ينقادون لاستماعها وامتثال اوامرها وائتمار أحكامها بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ بالقرءان الناطق بما ذكر من احوال القيامة وأهوالها مع تحقق موجبات تصديقه ولذلك لا يخضعون عند تلاوته وهذا من وضع الظاهر موضع الضمير للتسجيل عليهم بالكفر والاشعار بما هو العلة فى عدم خضوعهم للقرءآن وفى البروج فى تكذيب لانه راعى فى السورتين فواصل الآي مع صحة اللفظ وجودة المعنى وفى بعض التفاسير الظاهر ان المرأة التكذيب بالقلب بمعنى عدم التصديق وهو إضراب ترق فان عدم الايمان يكون بالشك ايضا والتكذيب من شدة الكفر وقوة الإنكار الحاملة على الاضراب وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ بما يضمرونه فى قلوبهم ويجمعونه فى صدورهم من الفر والحسد والبغي والبغضاء فيجازيهم على ذلك فى الدنيا والآخرة فما موصولة يقال أوعيت الشيء اى جعلته فى وعاء اى ظرف ثم استعير هو والوعى لمعنى الحفظ او بما يجمعونه فى صحفهم من اعمال السوء ويدخرونه لانفسهم من أنواع العذاب علما فعليا تفصيليا قال القاشاني بما يوعونه فى وعاء أنفسهم وبواطنهم من الاعتقادات الفاسدة والهيئات الفاسقة وقال نجم الدين من إغراقهم فى بحر الشهوات الدنيوية وإحراقهم بنيران العذاب الاخروية فَبَشِّرْهُمْ اى الذين كفروا بِعَذابٍ أَلِيمٍ مؤلم غاية الإيلام لان علمه تعالى بذلك على الوجه المذكور موجب لتعذيبهم حتما وهو استهزاء بهم وتهكم كما قال تعالى الله يستهزئ بهم لان البشارة هى الاخبار بالخبر السار وقد استعملت فى الخبر المؤلم (قال الكاشفى) يعنى خبر كن ايشانرا بعذاب دردناك وفيه رمز الى تبشير المؤمنين بالثواب المريح راحة جسمانية وروحانية لان التخصيص ليس بضائع ولذلك قال تعالى إِلَّا الَّذِينَ استثناء منقطع من الضمير المنصوب فى فبشرهم الراجع الى الذين كفروا والمستثنى وهم المؤمنون خارج عنهم اى لكن الذين آمَنُوا ايمانا صادقا وايضا الايمان العلمي بتصفية قلوبهم عن كدر صفات النفس وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ من الطاعات المأمور بها وايضا باكتساب الفضائل لَهُمْ فى الآخرة أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ اى غير مقطوع بل متصل دائم من منه منا بمعنى قطعه قطعا او ممنون به عليهم فان المنة تكدر النعمة من من عليه منة والاول هو الظاهر ولعل المراد من الثاني تحقيق الأجر وان
Icon