هي ثماني عشرة آية، وهي مدنية. قال القرطبي : بالإجماع. وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس وابن الزبير أنها نزلت بالمدينة.
ﰡ
هي ثماني عشرة آية وهي مَدَنِيَّةٌ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: بِالْإِجْمَاعِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ وَالنَّحَّاسُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الحجرات (٤٩) : الآيات ١ الى ٨]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٢) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٣) إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (٤)وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى مَا فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (٦) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٨)
قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ تُقَدِّمُوا بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ مَكْسُورَةً. وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَحُذِفَ مَفْعُولُهُ لِقَصْدِ التَّعْمِيمِ، أَوْ تُرِكَ الْمَفْعُولُ لِلْقَصْدِ إِلَى نَفْسِ الْفِعْلِ، كَقَوْلِهِمْ: هُوَ يُعْطِي وَيَمْنَعُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَازِمٌ نحو وجه توجه، وَيُعَضِّدُهُ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكِ وَيَعْقُوبَ «تَقَدَّمُوا» بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْقَافِ وَالدَّالِ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَدَّمَ ها هنا بِمَعْنَى تَقَدَّمَ، وَهُوَ لَازِمٌ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْعَرَبُ تَقُولُ: لَا تَقَدَّمْ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ وَبَيْنَ يَدَيِ الْأَبِ، أَيْ: لَا تُعَجِّلْ بِالْأَمْرِ دُونَهُ وَالنَّهْيِ لِأَنَّ الْمَعْنَى: لَا تَقَدَّمُوا قَبْلَ أمر هما وَنَهْيِهِمَا، وَبَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ عِبَارَةٌ عَنِ الْإِمَامِ لَا مَا بَيْنَ يَدَيِ الْإِنْسَانِ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: لَا تَقْطَعُوا أَمْرًا دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَا تَعْجَلُوا بِهِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ مَعْنَى بَيْنَ يَدَيْ فُلَانٍ: بِحَضْرَتِهِ لِأَنَّ مَا يَحْضُرُهُ الْإِنْسَانُ فَهُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ فِي كُلِّ أُمُورِكُمْ، وَيَدْخُلُ تَحْتَهَا التَّرْكُ لِلتَّقَدُّمِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ دُخُولًا أَوَّلِيًّا. ثُمَّ عَلَّلَ مَا أَمَرَ بِهِ مِنَ التَّقْوَى بِقَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لِكُلِّ مَسْمُوعٍ عَلِيمٌ بِكُلِّ مَعْلُومٍ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ حَقِيقَةُ رَفْعِ الصَّوْتِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ الِاحْتِشَامِ وَتَرْكِ الِاحْتِرَامِ لِأَنَّ خَفْضَ الصَّوْتِ وَعَدَمَ رَفْعِهِ مِنْ لَوَازِمِ التَّعْظِيمِ وَالتَّوْقِيرِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْمَنْعَ مِنْ كَثْرَةِ الْكَلَامِ وَمَزِيدِ اللَّغَطِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَالْمَعْنَى: لَا تَرْفَعُوا
أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ قَالَ الزَّجَّاجُ: «أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ» التَّقْدِيرُ لِأَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ، أَيْ: فَتَحْبَطَ، فَاللَّامُ الْمُقَدَّرَةُ لَامُ الصَّيْرُورَةِ كَذَا قَالَ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلنَّهْيِ، أَيْ: نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الْجَهْرِ خَشْيَةَ أَنْ تَحْبَطَ، أَوْ كَرَاهَةَ أَنْ تَحْبَطَ، أَوْ عِلَّةً لِلْمَنْهِيِّ، أَيْ: لَا تَفْعَلُوا الْجَهْرَ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الْحُبُوطِ، فَكَلَامُ الزَّجَّاجِ يَنْظُرُ إِلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَا إِلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَجُمْلَةُ: وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَفِيهِ تَحْذِيرٌ شَدِيدٌ وَوَعِيدٌ عَظِيمٌ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ يُوجِبُ أَنْ يَكْفُرَ الْإِنْسَانُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَكَمَا لَا يَكُونُ الْكَافِرُ مُؤْمِنًا إِلَّا بِاخْتِيَارِهِ الْإِيمَانَ عَلَى الْكُفْرِ، كَذَلِكَ لَا يَكُونُ الْكَافِرُ كَافِرًا مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ. ثُمَّ رَغَّبَ سُبْحَانَهُ فِي امْتِثَالِ مَا أَمَرَ بِهِ، فَقَالَ: إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أَصْلُ الْغَضِّ النَّقْصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَمِنْهُ نَقْصُ الصَّوْتِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى قَالَ الْفَرَّاءُ:
أَخْلَصَ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى كَمَا يُمْتَحَنُ الذَّهَبُ بِالنَّارِ، فَيَخْرُجُ جَيِّدُهُ مِنْ رَدِيئِهِ وَيَسْقُطُ خَبِيثُهُ. وَبِهِ قَالَ مُقَاتِلٌ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: اخْتَصَّهَا لِلتَّقْوَى، وَقِيلَ: طَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ قبيح، وقيل: وسّعها وسرّحها، من منحت الأديم إذا أوسعته. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: كُلُّ شَيْءٍ جَهَدْتَهُ فَقَدْ مَحَنْتَهُ، وَاللَّامُ فِي «لِلتَّقْوَى» مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ: صَالِحَةٌ لِلتَّقْوَى، كَقَوْلِكَ: أَنْتَ صَالِحٌ لِكَذَا، أَوْ لِلتَّعْلِيلِ الْجَارِي مَجْرَى بَيَانِ السَّبَبِ، كَقَوْلِكَ: جِئْتُكَ لِأَدَاءِ الْوَاجِبِ، أَيْ: لِيَكُونَ مَجِيئِي سَبَبًا لِأَدَاءِ الْوَاجِبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ أَيْ:
أُولَئِكَ لَهُمْ، فَهُوَ خَبَرٌ آخَرُ لِاسْمِ الْإِشَارَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا لِبَيَانٍ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ هُمْ جُفَاةُ بني تميم كما سيأتي بيانه، ووراء الْحُجُرَاتِ.
خَارِجَهَا وَخَلْفَهَا، وَالْحُجُرَاتُ: جَمْعُ حُجْرَةٍ، كَالْغُرُفَاتِ جَمْعُ غُرْفَةٍ، وَالظُّلُمَاتِ: جَمْعُ ظُلْمَةٍ، وَقِيلَ:
الْحُجُرَاتُ جَمْعُ حُجَرٍ، وَالْحُجَرُ جَمْعُ حُجْرَةٍ، فَهُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ. وَالْحُجْرَةُ: الرُّقْعَةُ مِنَ الْأَرْضِ الْمَحْجُورَةُ بِحَائِطٍ يحوّط عليها، وهي فعلة بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: الْحُجُرَاتِ بِضَمِّ الْجِيمِ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْقَعْقَاعِ وَشَيْبَةُ
متلبسين بِجَهَالَةٍ بِحَالِهِمْ فَتُصْبِحُوا عَلى مَا فَعَلْتُمْ بِهِمْ مِنْ إِصَابَتِهِمْ بِالْخَطَأِ نادِمِينَ عَلَى ذَلِكَ مُغْتَمِّينَ لَهُ مُهْتَمِّينَ بِهِ. ثُمَّ وَعَظَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فَقَالَ: وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ فَلَا تَقُولُوا قَوْلًا بَاطِلًا وَلَا تَتَسَرَّعُوا عِنْدَ وُصُولِ الْخَبَرِ إِلَيْكُمْ مِنْ غَيْرِ تَبَيُّنٍ، وَ «أَنَّ» وَمَا فِي حَيِّزِهَا سَادَّةٌ مَسَدَّ مَفْعُولَيِ «اعْلَمُوا»، وَجُمْلَةُ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ فِيكُمْ أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ، وَالْمَعْنَى:
لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِمَّا تُخْبِرُونَهُ بِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ الْبَاطِلَةِ، وَتُشِيرُونَ بِهِ عَلَيْهِ مِنَ الْآرَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ بِصَوَابٍ لَوَقَعْتُمْ فِي الْعَنَتِ وَهُوَ التَّعَبُ، وَالْجَهْدُ، وَالْإِثْمُ، وَالْهَلَاكُ، وَلَكِنَّهُ لَا يُطِيعُكُمْ فِي غَالِبِ مَا تُرِيدُونَ قَبْلَ وُضُوحِ وَجْهِهِ لَهُ، وَلَا يُسَارِعُ إِلَى الْعَمَلِ بِمَا يَبْلُغُهُ قَبْلَ النَّظَرِ فِيهِ وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ أَيْ: جَعَلَهُ أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إِلَيْكُمْ، أَوْ مَحْبُوبًا لَدَيْكُمْ، فَلَا يَقَعُ مِنْكُمْ إِلَّا مَا يُوَافِقُهُ وَيَقْتَضِيهِ مِنَ الْأُمُورِ الصَّالِحَةِ، وَتَرْكِ التَّسَرُّعِ فِي الْأَخْبَارِ، وَعَدَمِ التَّثَبُّتِ فِيهَا، قِيلَ: وَالْمُرَادُ بِهَؤُلَاءِ مَنْ عَدَا الْأَوَّلِينَ لِبَيَانِ بَرَاءَتِهِمْ عَنْ أَوْصَافِ الْأَوَّلِينَ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ تَذْكِيرٌ لِلْكُلِّ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْإِيمَانُ وَتُوجِبُهُ مَحَبَّتُهُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ أَيْ: حَسَّنَهُ بِتَوْفِيقِهِ حَتَّى جَرَوْا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أَيْ:
جَعَلَ كُلَّ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْفُسُوقِ وَمِنْ جِنْسِ الْعِصْيَانِ مَكْرُوهًا عِنْدَكُمْ. وَأَصْلُ الْفِسْقِ الخروج على الطَّاعَةِ، وَالْعِصْيَانُ جِنْسُ مَا يُعْصَى اللَّهُ بِهِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِذَلِكَ الْكَذِبَ خَاصَّةً، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ أَيِ: الْمَوْصُوفُونَ بِمَا ذَكَرَهُمُ الرَّاشِدُونَ. وَالرُّشْدُ: الِاسْتِقَامَةُ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ مَعَ تَصَلُّبٍ، مِنَ الرَّشَادَةِ: وَهِيَ الصَّخْرَةُ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً أَيْ: لِأَجْلِ فَضْلِهِ وَإِنْعَامِهِ، وَالْمَعْنَى: أنه حبّب إليكم ما حبّب، وكرّه لِأَجْلِ فَضْلِهِ وَإِنْعَامِهِ، أَوْ جَعَلَكُمْ رَاشِدِينَ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَقِيلَ: النَّصْبُ بِتَقْدِيرِ فِعْلٍ: أَيْ تَبْتَغُونَ فَضْلًا وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِكُلِّ مَعْلُومٍ حَكِيمٌ فِي كُلِّ مَا يَقْضِي بِهِ بَيْنَ عِبَادِهِ ويقدّره لهم.
يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ إِلَّا كَأَخِي السِّرَارِ، وَفِي إِسْنَادِهِ حُصَيْنُ بْنُ عُمَرَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَكِنَّهُ يُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ إِلَّا كَأَخِي السِّرَارِ حَتَّى أَلْقَى الله. وأخرج البخاري ومسلم وغير هما عن أنس قال: «لما نزلت يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ إِلَى قَوْلِهِ: وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ وَكَانَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ رَفِيعَ الصَّوْتِ، فَقَالَ: أَنَا الَّذِي كُنْتُ أَرْفَعُ صَوْتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَبِطَ عَمَلِي، أَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ حَزِينًا، فَفَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ بَعْضُ الْقَوْمِ إِلَيْهِ فَقَالُوا: فَقَدَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا لَكَ؟ قَالَ: أَنَا الَّذِي أَرْفَعُ صَوْتِي فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَأَجْهَرُ لَهُ بِالْقَوْلِ، حَبِطَ عَمَلِي، أَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: «لَا، بَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْيَمَامَةِ قتل. وفي الباب أحاديث بمعناه.
أخرج ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: لَا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ الْآيَةَ: قَالَ:
نَزَلَتْ فِي ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى: «مِنْهُمْ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ». وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، قَالَ السُّيُوطِيُّ: بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ:
«أَنَّهُ أَتَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اخْرُجْ إِلَيْنَا، فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ حَمْدِي زَيْنٌ وَإِنَّ ذَمِّي شَيْنٌ، فَقَالَ: ذَاكَ اللَّهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ قَالَ ابْنُ مَنِيعٍ: لَا أَعْلَمُ رَوَى الْأَقْرَعُ مُسْنَدًا غَيْرَ هَذَا. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنْ حَمْدِي زَيْنٌ وَإِنَّ ذَمِّي شَيْنٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: «ذَاكَ اللَّهُ». وَأَخْرَجَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ وَمُسَدَّدٌ وَأَبُو يَعْلَى وَابْنُ
ثم علل سبحانه ما ذكره بقوله :﴿ أَن تَحْبَطَ أعمالكم ﴾ قال الزجاج : أن تحبط أعمالكم التقدير لأن تحبط أعمالكم أي فتحبط، فاللام المقدرة لام الصيرورة كذا قال، وهذه العلة يصح أن تكون للنهي : أي نهاكم الله عن الجهر خشية أن تحبط، أو كراهة أن تحبط، أو علة للمنهي : أي لا تفعلوا الجهر فإنه يؤدّي إلى الحبوط، فكلام الزجاج ينظر إلى الوجه الثاني لا إلى الوجه الأوّل، وجملة ﴿ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ ﴾ في محل نصب على الحال، وفيه تحذير شديد ووعيد عظيم. قال الزجاج : وليس المراد وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ يوجب أن يكفر الإنسان وهو لا يعلم، فكما لا يكون الكافر مؤمناً إلاّ باختياره الإيمان على الكفر، كذلك لا يكون الكافر كافراً من حيث لا يعلم.
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَنْدَهْ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، قَالَ السُّيُوطِيُّ: بِسَنَدٍ جَيِّدٍ- عَنْ الْحَارِثِ بْنِ ضِرَارٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَانِي إِلَى الْإِسْلَامِ، فَدَخَلْتُ فِيهِ وَأَقْرَرْتُ بِهِ، وَدَعَانِي إِلَى الزَّكَاةِ فَأَقْرَرْتُ بِهَا، وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْجِعُ إِلَى قَوْمِي فَأَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ، فَمَنِ اسْتَجَابَ لِي جَمَعْتُ زَكَاتَهُ، وَتُرْسِلُ إِلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَسُولًا لِإِبَّانِ كَذَا وَكَذَا لِيَأْتِيَكَ مَا جَمَعْتُ مِنَ الزَّكَاةِ، فَلَمَّا جَمَعَ الْحَارِثُ الزَّكَاةَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لَهُ وَبَلَغَ الْإِبَّانَ الَّذِي أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يَبْعَثَ إِلَيْهِ احْتُبِسَ الرَّسُولُ فَلَمْ يَأْتِ، فَظَنَّ الْحَارِثُ أَنْ قَدْ حَدَثَ فِيهِ سخط مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَدَعَا سَرَوَاتِ «١» قَوْمِهِ فَقَالَ لَهُمْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ وَقَّتَ لِي وَقْتًا يُرْسِلُ إِلَيَّ رَسُولَهُ لِيَقْبِضَ مَا كَانَ عِنْدِي مِنَ الزَّكَاةِ وَلَيْسَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ الْخُلْفُ، وَلَا أَرَى حَبْسَ رَسُولِهِ إِلَّا مِنْ سَخْطَةٍ، فَانْطَلِقُوا فَنَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ. وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم الوليد ابن عُقْبَةَ إِلَى الْحَارِثِ لِيَقْبِضَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِمَّا جَمَعَ مِنَ الزَّكَاةِ، فَلَمَّا أَنْ سَارَ الْوَلِيدُ حَتَّى بَلَغَ بَعْضَ الطَّرِيقِ فَرِقَ «٢» فَرَجَعَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ الْحَارِثَ مَنَعَنِي الزَّكَاةَ وَأَرَادَ قَتْلِي، فضرب رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ الْبَعْثَ إِلَى الْحَارِثِ، فَأَقْبَلَ الْحَارِثُ بِأَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا اسْتَقَلَّ الْبَعْثُ وَفَصَلَ عَنِ الْمَدِينَةِ لَقِيَهُمُ الْحَارِثُ، فَقَالُوا:
هَذَا الْحَارِثُ؟ فَلَمَّا غَشِيَهُمْ قَالَ لَهُمْ: إِلَى مَنْ بُعِثْتُمْ؟ قَالُوا: إِلَيْكَ. قَالَ: وَلِمَ؟ قَالُوا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَيْكَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ، فَزَعَمَ أَنَّكَ مَنَعْتَهُ الزَّكَاةَ وَأَرَدْتَ قَتْلَهُ، قَالَ: لَا والّذي بعث محمدا بالحقّ ما رأيته وَلَا أَتَانِي، فَلَمَّا دَخَلَ الْحَارِثُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنَعْتَ الزَّكَاةَ وَأَرَدْتَ قَتْلَ رَسُولِي؟» قَالَ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُهُ وَلَا رَآنِي، وَمَا أَقْبَلْتُ إِلَّا حِينَ احْتُبِسَ عَلَيَّ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم خشيت أن تكون سخطة من الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، فنزل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ إِلَى قَوْلِهِ: حَكِيمٌ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: هَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا رُوِيَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ. وَقَدْ رُوِيَتْ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهُ سَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ، وَأَنَّهُ الْمُرَادُ بِهَا وَإِنِ اختلفت القصص.
[سورة الحجرات (٤٩) : الآيات ٩ الى ١٢]
وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (١١) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (١٢)
(٢). أي خاف.
الدِّينُ يَجْمَعُهُمْ، فَهُمْ إِخْوَةٌ إِذَا كَانُوا مُتَّفِقِينَ فِي دِينِهِمْ، فَرَجَعُوا بِالِاتِّفَاقِ فِي الدِّينِ إِلَى أَصْلِ النَّسَبِ لِأَنَّهُمْ لِآدَمَ وَحَوَّاءَ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ يَعْنِي كُلَّ مُسْلِمَيْنِ تَخَاصَمَا وَتَقَاتَلَا، وَتَخْصِيصُ الِاثْنَيْنِ بِالذِّكْرِ لِإِثْبَاتِ وُجُوبِ الْإِصْلَاحِ فِيمَا فَوْقَهُمَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ عَلَى التَّثْنِيَةِ، وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَابْنُ سيرين «إخوانكم» بالجمع، وروي عن أبي عمرو وَنَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَالْجَحْدَرِيِّ وَيَعْقُوبَ أَنَّهُمْ قَرَءُوا: «بَيْنَ إِخْوَتِكُمْ» بِالْفَوْقِيَّةِ عَلَى الْجَمْعِ أَيْضًا.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ فِي تَوْجِيهِ قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ: أَرَادَ بِالْأَخَوَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ لِأَنَّ لَفْظَ التَّثْنِيَةِ قَدْ يَرِدُ وَيُرَادُ بِهِ الْكَثْرَةُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَيْ: أَصْلِحُوا بَيْنَ كُلِّ أَخَوَيْنِ وَاتَّقُوا اللَّهَ فِي كُلِّ أُمُورِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
«قِتَالُ الْمُسْلِمِ كُفْرٌ» فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ قِتَالُ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَمْ يَبْغِ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ:
لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ فِي كُلِّ اخْتِلَافٍ يَكُونُ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْهَرَبَ مِنْهُ وَلُزُومَ الْمَنَازِلِ لَمَا أُقِيمَ حَقٌّ، وَلَا أُبْطِلَ بَاطِلٌ وَلَوَجَدَ أَهْلُ النِّفَاقِ وَالْفُجُورِ سَبَبًا إِلَى اسْتِحْلَالِ كُلِّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَسَبْيِ نِسَائِهِمْ، وَسَفْكِ دِمَائِهِمْ بِأَنْ يَتَحَزَّبُوا عَلَيْهِمْ، وَلِكَفِّ الْمُسْلِمِينَ أَيْدِيَهُمْ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ:
«خُذُوا عَلَى أَيْدِي سُفَهَائِكُمْ». قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: هَذِهِ الْآيَةُ أَصْلٌ فِي قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَعُمْدَةٌ فِي حَرْبِ الْمُتَأَوِّلِينَ، وَعَلَيْهَا عَوَّلَ الصَّحَابَةُ، وَإِلَيْهَا لَجَأَ الْأَعْيَانُ مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ، وَإِيَّاهَا عنى النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ»، وَقَوْلُهُ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ الْخَوَارِجِ: «يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ، تَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ». يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ السُّخْرِيَةُ: الِاسْتِهْزَاءُ.
وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ: سَخِرْتُ بِهِ وَضَحِكْتُ بِهِ وَهَزَأْتُ بِهِ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: سَخِرْتُ مِنْهُ وَسَخِرْتُ بِهِ، وَضَحِكْتُ مِنْهُ وَضَحِكْتُ بِهِ، وهزئت منه وهزئت بِهِ، كُلُّ ذَلِكَ يُقَالُ: وَالِاسْمُ السُّخْرِيَةُ وَالسُّخْرَى، وَقُرِئَ بِهِمَا فِي: لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا «١»، وَمَعْنَى الْآيَةِ: النَّهْيُ لِلْمُؤْمِنِينَ عَنْ أَنْ يَسْتَهْزِئَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَعَلَّلَ هَذَا النَّهْيَ بِقَوْلِهِ: عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ أَيْ: أَنْ يَكُونَ الْمَسْخُورُ بِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا مِنَ السَّاخِرِينَ بِهِمْ، وَلَمَّا كَانَ لَفْظُ قَوْمٌ مُخْتَصًّا بِالرِّجَالِ، لِأَنَّهُمُ الْقُوَّمُ عَلَى النِّسَاءِ أَفْرَدَ النِّسَاءَ بِالذِّكْرِ فَقَالَ: وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ أَيْ: وَلَا يَسْخَرْ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ الْمَسْخُورُ بِهِنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ يَعْنِي خَيْرًا مِنَ السَّاخِرَاتِ مِنْهُنَّ، وَقِيلَ: أَفْرَدَ النِّسَاءَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ السُّخْرِيَةَ مِنْهُنَّ أَكْثَرُ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ اللَّمْزُ: الْعَيْبُ، وَقَدْ مَضَى تَحْقِيقُهُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ «٢» قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: اللَّمْزُ بِالْيَدِ وَالْعَيْنِ وَاللِّسَانِ وَالْإِشَارَةِ، وَالْهَمْزُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِاللِّسَانِ، وَمَعْنَى: لا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ لَا يَلْمِزْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَمَا في قوله: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ «٣» وقوله: فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ «٤» قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَا يَطْعَنْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَا يَلْعَنْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ التَّنَابُزُ: التَّفَاعُلُ مِنَ النَّبْزِ بِالتَّسْكِينِ وَهُوَ الْمَصْدَرُ، وَالنَّبَزُ بِالتَّحْرِيكِ اللَّقَبُ، وَالْجَمْعُ أَنْبَازٌ، وَالْأَلْقَابُ جَمْعُ لَقَبٍ، وَهُوَ اسْمٌ غَيْرُ الَّذِي سُمِّيَ بِهِ الْإِنْسَانُ، والمراد هنا لقب السوء، والتنابز بالألقاب بأن يُلَقِّبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هُوَ أَنْ يَقُولَ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ: يَا فَاسِقُ، يَا مُنَافِقُ. أَوْ يَقُولَ لِمَنْ أَسْلَمَ: يَا يَهُودِيُّ، يَا نَصْرَانِيُّ، قَالَ عَطَاءٌ: هُوَ كُلُّ شَيْءٍ أَخْرَجْتَ بِهِ أَخَاكَ مِنَ الْإِسْلَامِ، كَقَوْلِكَ يَا كَلْبُ، يَا حِمَارُ، يَا خِنْزِيرُ. قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: كَانَ الرَّجُلُ يُعَيَّرُ بِكُفْرِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا يَهُودِيُّ يَا نَصْرَانِيُّ، فَنَزَلَتْ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَعِكْرِمَةُ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ أَيْ: بِئْسَ الِاسْمُ الَّذِي
(٢). التوبة: ٥٨.
(٣). النساء: ٢٩.
(٤). النور: ٦١.
أَنَّ الظَّنَّ الْقَبِيحَ بِمَنْ ظَاهِرُهُ الْخَيْرُ لَا يَجُوزُ، وَأَنَّهُ لَا حَرَجَ فِي الظَّنِّ الْقَبِيحِ بِمَنْ ظَاهِرُهُ الْقَبِيحُ، وَجُمْلَةُ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الْأَمْرِ بِاجْتِنَابِ كَثِيرٍ مِنَ الظَّنِّ، وَهَذَا الْبَعْضُ هُوَ ظَنُّ السُّوءِ بِأَهْلِ الْخَيْرِ، وَالْإِثْمُ:
هُوَ مَا يَسْتَحِقُّهُ الظَّانُّ مِنَ الْعُقُوبَةِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَقْيِيدِ هَذَا الظَّنِّ الْمَأْمُورِ بِاجْتِنَابِهِ بِظَنِّ السُّوءِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً «١» فَلَا يَدْخُلُ فِي الظَّنِّ الْمَأْمُورِ بِاجْتِنَابِهِ شَيْءٌ مِنَ الظَّنِّ الْمَأْمُورِ بِاتِّبَاعِهِ فِي مَسَائِلِ الدِّينِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَعَبَّدَ عِبَادَهُ بِاتِّبَاعِهِ، وَأَوْجَبَ الْعَمَلَ بِهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ إِلَّا بَعْضُ طَوَائِفِ الْمُبْتَدِعَةِ كِيَادًا لِلدِّينِ، وَشُذُوذًا عَنْ جُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ جَاءَ التَّعَبُّدُ بِالظَّنِّ فِي كَثِيرٍ مِنَ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ بَلْ فِي أَكْثَرِهَا. ثُمَّ لَمَّا أَمَرَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِاجْتِنَابِ كَثِيرٍ مِنَ الظَّنِّ نَهَاهُمْ عَنِ التَّجَسُّسِ فَقَالَ: وَلا تَجَسَّسُوا التَّجَسُّسُ: الْبَحْثُ عَمَّا يَنْكَتِمُ عَنْكَ مِنْ عُيُوبِ الْمُسْلِمِينَ وَعَوْرَاتِهِمْ، نَهَاهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنِ الْبَحْثِ عَنْ مَعَايِبِ النَّاسِ وَمَثَالِبِهِمْ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ تَجَسَّسُوا بِالْجِيمِ، وَمَعْنَاهُ مَا ذَكَرْنَا. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَأَبُو رَجَاءٍ وَابْنُ سِيرِينَ بِالْحَاءِ. قال الأخفش: ليس يبعد أحد هما مِنَ الْآخَرِ لِأَنَّ التَّجَسُّسَ بِالْجِيمِ: الْبَحْثُ عَمَّا يُكْتَمُ عَنْكَ، وَالتَّحَسُّسُ بِالْحَاءِ: طَلَبُ الْأَخْبَارِ وَالْبَحْثُ عَنْهَا. وَقِيلَ: إِنَّ التَّجَسُّسَ بِالْجِيمِ هُوَ الْبَحْثُ، وَمِنْهُ قِيلُ رَجُلٌ جَاسُوسٌ إِذَا كَانَ يَبْحَثُ عَنِ الْأُمُورِ، وَبِالْحَاءِ مَا أَدْرَكَهُ الْإِنْسَانُ بِبَعْضِ حَوَاسِّهِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ بِالْحَاءِ فِيمَا يَطْلُبُهُ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ، وَبِالْجِيمِ أَنْ يَكُونَ رَسُولًا لِغَيْرِهِ، قَالَهُ ثَعْلَبٌ. وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيْ:
لَا يَتَنَاوَلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِظَهْرِ الْغَيْبِ بِمَا يَسُوءُهُ، وَالْغِيبِةُ: أَنْ تَذْكُرَ الرَّجُلَ بِمَا يَكْرَهُهُ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبِةُ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أعلم، قال: ذكرك
عُرِضَ عَلَيْكُمْ ذَلِكَ فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ بِتَرْكِ مَا أَمَرَكُمْ بِاجْتِنَابِهِ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ لمن اتقاه وتاب عَمَّا فَرَطَ مِنْهُ مِنَ الذَّنْبِ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ.
وقد أخرج البخاري ومسلم وغير هما عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: «لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ وَرَكِبَ حِمَارًا، وَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ يَمْشُونَ وَهِيَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ «٢»، فَلَمَّا انْطَلَقَ إِلَيْهِ قَالَ: إليك عني، فو الله لَقَدْ آذَانِي رِيحُ حِمَارِكَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ، فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَغَضِبَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ، فَكَانَ بَيْنَهُمْ ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ «٣» وَالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا الْآيَةَ». وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ.
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا وَجَدْتُ فِي نَفْسِي مِنْ شَيْءٍ مَا وَجَدْتُ فِي نَفْسِي مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، إِنِّي لَمْ أُقَاتِلْ هَذِهِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ كَمَا أَمَرَنِي اللَّهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ إِذَا اقْتَتَلَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِلَى حُكْمِ اللَّهِ وَيُنْصِفَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا أَجَابُوا حَكَمَ فِيهِمْ بِحُكْمِ كِتَابِ اللَّهِ حَتَّى يُنْصِفَ الْمَظْلُومَ، فَمَنْ أَبَى مِنْهُمْ أَنْ يُجِيبَ فَهُوَ بَاغٍ، وَحَقَّ عَلَى إِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ حَتَّى يَفِيئُوا إِلَى أَمْرِ اللَّهِ، وَيُقِرُّوا بِحُكْمِ اللَّهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا الْآيَةَ. قَالَ: كَانَ قِتَالٌ بِالنِّعَالِ وَالْعِصِيِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُصْلِحُوا بَيْنَهُمَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَا رَغِبَتْ عَنْهُ هَذِهِ الْأُمَّةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُقَاتِلٍ فِي قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ قَالَ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ بني تميم استهزءوا مِنْ بِلَالٍ وَسَلْمَانَ وَعَمَّارٍ وَخَبَّابٍ وَصُهَيْبٍ وَابْنِ فُهَيْرَةَ وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ
(٢). «أرض سبخة» : أي لا تنبت.
(٣). «الجريد» : سعف النخل، أي أغصانه.
وقد روي نحو هذا من وجوه أخر. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عمر قال : ما وجدت في نفسي من شيء ما وجدت في نفسي من هذه الآية، إني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : إن الله أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إذا اقتتلت طائفة من المؤمنين أن يدعوهم إلى حكم الله وينصف بعضهم من بعض، فإذا أجابوا حكم فيهم بحكم كتاب الله حتى ينصف المظلوم، فمن أبى منهم أن يجيب فهو باغ، وحقّ على إمام المؤمنين والمؤمنين أن يقاتلوهم حتى يفيئوا إلى أمر الله ويقرّوا بحكم الله. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس :﴿ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا ﴾ الآية. قال : كان قتال بالنعال والعصيّ، فأمرهم أن يصلحوا بينهما. وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن عائشة قالت : ما رأيت مثل ما رغبت عنه هذه الأمة في هذه الآية :﴿ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله :﴿ ياأيُّها الذين ءامَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ ﴾ قال : نزلت في قوم من بني تميم استهزءوا من بلال وسلمان وعمار وخباب وصهيب وابن فهيرة وسالم مولى أبي حذيفة. وأخرج عبد بن حميد والبخاريّ في الأدب، وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة، وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله :﴿ وَلاَ تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ ﴾ قال : لا يطعن بعضكم على بعض. وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاريّ في الأدب، وأهل السنن الأربع وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن حبان والشيرازي في الألقاب، والطبراني وابن السني في عمل يوم وليلة، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي جبيرة بن الضحاك قال : فينا نزلت في بني سلمة :﴿ وَلاَ تَنَابَزُواْ بالألقاب ﴾ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وليس فينا رجل إلاّ وله اسمان أو ثلاثة، فكان إذا دعا واحداً منهم باسم من تلك الأسماء قالوا : يا رسول الله إنه يكرهه، فنزلت :﴿ وَلاَ تَنَابَزُواْ بالألقاب ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس نحوه. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : التنابز بالألقاب : أن يكون الرجل عمل السيئات ثم تاب منها وراجع الحقّ، فنهى الله أن يعير بما سلف من عمله. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في الآية قال : إذا كان الرجل يهودياً فأسلم فيقول : يا يهوديّ يا نصرانيّ يا مجوسيّ، ويقول للرجل المسلم : يا فاسق. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله :﴿ ياأيُّها الذين ءامَنُواْ اجتنبوا كَثِيراً مّنَ الظن ﴾ قال : نهى الله المؤمن أن يظنّ بالمؤمن سوءًا. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إياكم والظنّ فإن الظنّ أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك». وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله :﴿ وَلاَ تَجَسَّسُواْ ﴾ قال : نهى الله المؤمن أن يتتبع عورات المؤمن. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن زيد بن وهب قال : أتى ابن مسعود، فقيل : هذا فلان تقطر لحيته خمراً، فقال ابن مسعود : إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذه. وقد وردت أحاديث في النهي عن تتبع عورات المسلمين والتجسس عن عيوبهم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله :﴿ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً ﴾ الآية. قال : حرم الله أن يغتاب المؤمن بشيء كما حرّم الميتة. والأحاديث في تحريم الغيبة كثيرة جداً معروفة في كتب الحديث.
وقد روي نحو هذا من وجوه أخر. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عمر قال : ما وجدت في نفسي من شيء ما وجدت في نفسي من هذه الآية، إني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : إن الله أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إذا اقتتلت طائفة من المؤمنين أن يدعوهم إلى حكم الله وينصف بعضهم من بعض، فإذا أجابوا حكم فيهم بحكم كتاب الله حتى ينصف المظلوم، فمن أبى منهم أن يجيب فهو باغ، وحقّ على إمام المؤمنين والمؤمنين أن يقاتلوهم حتى يفيئوا إلى أمر الله ويقرّوا بحكم الله. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس :﴿ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا ﴾ الآية. قال : كان قتال بالنعال والعصيّ، فأمرهم أن يصلحوا بينهما. وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن عائشة قالت : ما رأيت مثل ما رغبت عنه هذه الأمة في هذه الآية :﴿ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله :﴿ ياأيُّها الذين ءامَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ ﴾ قال : نزلت في قوم من بني تميم استهزءوا من بلال وسلمان وعمار وخباب وصهيب وابن فهيرة وسالم مولى أبي حذيفة. وأخرج عبد بن حميد والبخاريّ في الأدب، وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة، وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله :﴿ وَلاَ تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ ﴾ قال : لا يطعن بعضكم على بعض. وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاريّ في الأدب، وأهل السنن الأربع وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن حبان والشيرازي في الألقاب، والطبراني وابن السني في عمل يوم وليلة، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي جبيرة بن الضحاك قال : فينا نزلت في بني سلمة :﴿ وَلاَ تَنَابَزُواْ بالألقاب ﴾ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وليس فينا رجل إلاّ وله اسمان أو ثلاثة، فكان إذا دعا واحداً منهم باسم من تلك الأسماء قالوا : يا رسول الله إنه يكرهه، فنزلت :﴿ وَلاَ تَنَابَزُواْ بالألقاب ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس نحوه. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : التنابز بالألقاب : أن يكون الرجل عمل السيئات ثم تاب منها وراجع الحقّ، فنهى الله أن يعير بما سلف من عمله. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في الآية قال : إذا كان الرجل يهودياً فأسلم فيقول : يا يهوديّ يا نصرانيّ يا مجوسيّ، ويقول للرجل المسلم : يا فاسق. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله :﴿ ياأيُّها الذين ءامَنُواْ اجتنبوا كَثِيراً مّنَ الظن ﴾ قال : نهى الله المؤمن أن يظنّ بالمؤمن سوءًا. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إياكم والظنّ فإن الظنّ أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك». وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله :﴿ وَلاَ تَجَسَّسُواْ ﴾ قال : نهى الله المؤمن أن يتتبع عورات المؤمن. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن زيد بن وهب قال : أتى ابن مسعود، فقيل : هذا فلان تقطر لحيته خمراً، فقال ابن مسعود : إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذه. وقد وردت أحاديث في النهي عن تتبع عورات المسلمين والتجسس عن عيوبهم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله :﴿ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً ﴾ الآية. قال : حرم الله أن يغتاب المؤمن بشيء كما حرّم الميتة. والأحاديث في تحريم الغيبة كثيرة جداً معروفة في كتب الحديث.
وقد روي نحو هذا من وجوه أخر. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عمر قال : ما وجدت في نفسي من شيء ما وجدت في نفسي من هذه الآية، إني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : إن الله أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إذا اقتتلت طائفة من المؤمنين أن يدعوهم إلى حكم الله وينصف بعضهم من بعض، فإذا أجابوا حكم فيهم بحكم كتاب الله حتى ينصف المظلوم، فمن أبى منهم أن يجيب فهو باغ، وحقّ على إمام المؤمنين والمؤمنين أن يقاتلوهم حتى يفيئوا إلى أمر الله ويقرّوا بحكم الله. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس :﴿ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا ﴾ الآية. قال : كان قتال بالنعال والعصيّ، فأمرهم أن يصلحوا بينهما. وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن عائشة قالت : ما رأيت مثل ما رغبت عنه هذه الأمة في هذه الآية :﴿ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله :﴿ ياأيُّها الذين ءامَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ ﴾ قال : نزلت في قوم من بني تميم استهزءوا من بلال وسلمان وعمار وخباب وصهيب وابن فهيرة وسالم مولى أبي حذيفة. وأخرج عبد بن حميد والبخاريّ في الأدب، وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة، وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله :﴿ وَلاَ تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ ﴾ قال : لا يطعن بعضكم على بعض. وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاريّ في الأدب، وأهل السنن الأربع وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن حبان والشيرازي في الألقاب، والطبراني وابن السني في عمل يوم وليلة، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي جبيرة بن الضحاك قال : فينا نزلت في بني سلمة :﴿ وَلاَ تَنَابَزُواْ بالألقاب ﴾ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وليس فينا رجل إلاّ وله اسمان أو ثلاثة، فكان إذا دعا واحداً منهم باسم من تلك الأسماء قالوا : يا رسول الله إنه يكرهه، فنزلت :﴿ وَلاَ تَنَابَزُواْ بالألقاب ﴾. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس نحوه. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : التنابز بالألقاب : أن يكون الرجل عمل السيئات ثم تاب منها وراجع الحقّ، فنهى الله أن يعير بما سلف من عمله. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في الآية قال : إذا كان الرجل يهودياً فأسلم فيقول : يا يهوديّ يا نصرانيّ يا مجوسيّ، ويقول للرجل المسلم : يا فاسق. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله :﴿ ياأيُّها الذين ءامَنُواْ اجتنبوا كَثِيراً مّنَ الظن ﴾ قال : نهى الله المؤمن أن يظنّ بالمؤمن سوءًا. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إياكم والظنّ فإن الظنّ أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك». وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله :﴿ وَلاَ تَجَسَّسُواْ ﴾ قال : نهى الله المؤمن أن يتتبع عورات المؤمن. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن زيد بن وهب قال : أتى ابن مسعود، فقيل : هذا فلان تقطر لحيته خمراً، فقال ابن مسعود : إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذه. وقد وردت أحاديث في النهي عن تتبع عورات المسلمين والتجسس عن عيوبهم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله :﴿ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً ﴾ الآية. قال : حرم الله أن يغتاب المؤمن بشيء كما حرّم الميتة. والأحاديث في تحريم الغيبة كثيرة جداً معروفة في كتب الحديث.
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ، وَأَهْلُ السُّنَنِ الْأَرْبَعِ وَأَبُو يَعْلَى وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ حبان، والشيرازي في الألقاب، والطبراني، وابن السنّي في عمل يوم وليلة، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، عَنْ أَبِي جَبِيرَةَ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: فِينَا نَزَلَتْ فِي بَنِي سَلَمَةَ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة وَلَيْسَ فِينَا رَجُلٌ إِلَّا وَلَهُ اسْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، فَكَانَ إِذَا دَعَا وَاحِدًا مِنْهُمْ بِاسْمٍ مِنْ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَكْرَهُهُ، فَنَزَلَتْ: وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: التَّنَابُزُ بِالْأَلْقَابِ: أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ عَمِلَ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابَ مِنْهَا وَرَاجَعَ الْحَقَّ، فَنَهَى اللَّهُ أَنْ يُعَيَّرَ بِمَا سَلَفَ مِنْ عَمَلِهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ فَيَقُولُ: يَا يَهُودِيُّ، يَا نَصْرَانِيُّ، يَا مَجُوسِيُّ، وَيَقُولُ لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ: يَا فَاسِقُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ قَالَ: نَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنَ أَنْ يَظُنَّ بالمؤمن سوءا.
وأخرج البخاري ومسلم وغير هما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَنَافَسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَخْطُبِ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ». وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَلا تَجَسَّسُوا قَالَ: نَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنَ أَنْ يَتَتَبَّعَ عَوْرَاتِ الْمُؤْمِنِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: أُتِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقِيلَ: هَذَا فُلَانٌ تَقْطُرُ لِحْيَتُهُ خَمْرًا، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ:
إِنَّا قَدْ نُهِينَا عَنِ التَّجَسُّسِ، وَلَكِنْ إِنْ يَظْهَرْ لَنَا شَيْءٌ نَأْخُذْهُ. وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ فِي النَّهْيِ عَنْ تَتَبُّعِ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ والتجسس على عُيُوبِهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً الْآيَةَ قَالَ: حَرَّمَ اللَّهُ أَنْ يُغْتَابَ الْمُؤْمِنُ بِشَيْءٍ كَمَا حَرَّمَ الْمَيْتَةَ.
وَالْأَحَادِيثُ فِي تَحْرِيمِ الْغِيبَةِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، مَعْرُوفَةٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ.
[سورة الحجرات (٤٩) : الآيات ١٣ الى ١٨]
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣) قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٦) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٧)
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨)
أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ، فَالْكُلُّ سَوَاءٌ وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ الشُّعُوبُ جَمْعُ شَعْبٍ بِفَتْحِ الشِّينِ، وَهُوَ الْحَيُّ الْعَظِيمُ، مِثْلُ مُضَرَ وَرَبِيعَةَ، وَالْقَبَائِلُ دُونَهَا كَبَنِي بَكْرٍ مِنْ رَبِيعَةَ، وَبَنِي تَمِيمٍ مِنْ مُضَرَ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ:
هَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، سُمُّوا شَعْبًا لِتَشَعُّبِهِمْ وَاجْتِمَاعِهِمْ كَشُعَبِ أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ، وَالشَّعْبُ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ. يُقَالُ شَعَبْتُهُ: إِذَا جَمَعْتَهُ، وَشَعَبْتُهُ إِذَا فَرَّقْتَهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْمَنِيَّةُ شَعُوبًا لِأَنَّهَا مُفَرِّقَةٌ، فَأَمَّا الشِّعْبُ بِالْكَسْرِ فَهُوَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الشَّعْبُ مَا تَشَعَّبَ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، وَالْجَمْعُ الشُّعُوبُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الشُّعُوبُ: الْبَعِيدُ مِنَ النَّسَبِ، وَالْقَبَائِلُ دُونَ ذَلِكَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الشُّعُوبُ: النَّسَبُ الأقرب.
وَقِيلَ: إِنَّ الشُّعُوبَ: عَرَبُ الْيَمَنِ مِنْ قَحْطَانَ، وَالْقَبَائِلَ مِنْ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ وَسَائِرِ عَدْنَانَ. وَقِيلَ: الشُّعُوبُ بُطُونُ الْعَجَمِ، وَالْقَبَائِلُ بُطُونِ الْعَرَبِ. وَحَكَى أبو عبيدة أَنَّ الشَّعْبَ أَكْثَرُ مِنَ الْقَبِيلَةِ، ثُمَّ الْقَبِيلَةُ ثُمَّ الْعِمَارَةُ ثُمَّ الْبَطْنُ ثُمَّ الْفَخِذُ ثُمَّ الْفَصِيلَةُ ثُمَّ الْعَشِيرَةُ. وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّ الشَّعْبَ أَكْثَرُ مِنَ الْقَبِيلَةِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَبَائِلُ مِنْ شُعُوبٍ لَيْسَ فِيهِمْ | كَرِيمٌ قَدْ يُعَدُّ وَلَا نَجِيبُ |
قَرَأَ الْجُمْهُورُ: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ بِكَسْرِ إِنَّ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِفَتْحِهَا، أَيْ: لِأَنَّ أَكْرَمَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِكُلِّ مَعْلُومٍ وَمِنْ ذَلِكَ أَعْمَالُكُمْ خَبِيرٌ بِمَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ خَافِيَةٌ. وَلَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ أَكْرَمَ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ لَهُ، وَكَانَ أَصْلُ التَّقْوَى الْإِيمَانَ ذَكَرَ مَا كَانَتْ تَقُولُهُ الْعَرَبُ مِنْ دَعْوَى الْإِيمَانِ لِيُثْبِتَ لَهُمُ الشَّرَفَ وَالْفَضْلَ، فَقَالَ: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا وَهُمْ بَنُو أَسَدٍ أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ فِي سَنَةٍ مُجْدِبَةٍ يُرِيدُونَ الصَّدَقَةَ، فَأَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَيْ: لَمْ تُصَدِّقُوا تَصْدِيقًا صَحِيحًا عَنِ اعْتِقَادِ قَلْبٍ وَخُلُوصِ نِيَّةٍ وَطُمَأْنِينَةٍ وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا أَيِ: اسْتَسْلَمْنَا خَوْفَ
وَقَدْ أَخْرَجَ هَؤُلَاءِ مِنَ الْإِيمَانِ بِقَوْلِهِ: وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ أَيْ: لَمْ تُصَدِّقُوا وَإِنَّمَا أَسْلَمْتُمْ تَعُوُّذًا مِنَ الْقَتْلِ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ طَاعَةً صَحِيحَةً صَادِرَةً عَنْ نِيَّاتٍ خَالِصَةٍ، وَقُلُوبٍ مُصَدِّقَةٍ غَيْرِ مُنَافِقَةٍ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً يُقَالُ: لَاتَ يَلِتُ: إِذَا نَقَصَ، وَلَاتَهُ يَلِيتُهُ وَيَلُوتُهُ إِذَا نَقَصَهُ، وَالْمَعْنَى:
لَا يَنْقُصُكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا. قَرَأَ الْجُمْهُورُ يَلِتْكُمْ مِنْ لَاتَهُ يَلِيتُهُ، كَبَاعَ يَبِيعُهُ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو لَا يَأْلِتْكُمْ بِالْهَمْزِ مِنْ أَلَتَهُ يَأْلِتُهُ بِالْفَتْحِ فِي الْمَاضِي وَالْكَسْرِ فِي الْمُضَارِعِ، وَاخْتَارَ قِرَاءَةَ أَبِي عَمْرٍو أَبُو حَاتِمٍ لِقَوْلِهِ:
وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ «١» وَعَلَيْهَا قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَبْلِغْ بَنِي أَسَدٍ «٢» عَنِّي مُغَلْغَلَةً | جَهْرَ الرِّسَالَةِ لَا أَلْتًا وَلَا كَذِبَا |
وَلَيْلَةٍ ذَاتِ نَدًى سَرَيْتُ | وَلَمْ يَلِتْنِي عَنْ سُرَاهَا لَيْتُ |
(٢). في تفسير القرطبي (١٦/ ٣٤٩) : ثعل.
يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا أَيْ: يَعُدُّونَ إِسْلَامَهُمْ مِنَّةً عَلَيْكَ، حَيْثُ قَالُوا: جِئْنَاكَ بِالْأَثْقَالِ وَالْعِيَالِ، وَلَمْ نُقَاتِلْكَ كَمَا قَاتَلَكَ بَنُو فُلَانٍ وَبَنُو فُلَانٍ قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ أَيْ: لَا تَعُدُّوهُ عَلَيَّ، فَإِنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الْمِنَّةُ الَّتِي لَا يطلب موليها ثَوَابًا لِمَنْ أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِ، وَلِهَذَا قَالَ: بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ أَيْ: أَرْشَدَكُمْ إِلَيْهِ وَأَرَاكُمْ طَرِيقَهُ، سَوَاءً وَصَلْتُمْ إِلَى الْمَطْلُوبِ أَمْ لَمْ تَصِلُوا إِلَيْهِ، وَانْتِصَابُ إِسْلَامَكُمْ إِمَّا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ عَلَى تَضْمِينِ يَمُنُّونَ مَعْنَى يَعُدُّونَ، أَوْ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ: لِأَنْ أَسْلَمُوا، وَهَكَذَا قَوْلُهُ: أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فِيمَا تَدَّعُونَهُ، وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ أَيْ:
إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَلِلَّهِ الْمِنَّةُ عَلَيْكُمْ، قَرَأَ الْجُمْهُورُ: أَنْ هَداكُمْ بِفَتْحِ أَنْ، وَقَرَأَ عَاصِمٌ بِكَسْرِهَا. إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَيْ: مَا غَابَ فِيهِمَا وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَهُوَ مُجَازِيكُمْ بِالْخَيْرِ خَيْرًا وَبِالشَّرِّ شَرًّا. قَرَأَ الْجُمْهُورُ تَعْمَلُونَ عَلَى الْخِطَابِ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ عَلَى الْغَيْبَةِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ رَقِيَ بِلَالٌ فَأَذَّنَ عَلَى الْكَعْبَةِ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: أَهَذَا الْعَبْدُ الْأَسْوَدُ يُؤَذِّنُ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ؟! وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
إِنْ يَسْخَطِ اللَّهُ هَذَا يُغَيِّرْهُ، فَنَزَلَتْ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي بَيَاضَةَ أَنْ يُزَوِّجُوا أَبَا هِنْدٍ امْرَأَةً مِنْهُمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنُزَوِّجُ بَنَاتِنَا مُوَالِيَنَا؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ هَذِهِ الآية يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى هِيَ مَكِّيَّةٌ، وَهِيَ لِلْعَرَبِ خَاصَّةً الْمَوَالِيَ، أَيُّ قَبِيلَةٍ لَهُمْ، وَأَيُّ شِعَابٍ، وَقَوْلُهُ: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ قال: أَتْقَاكُمْ لِلشِّرْكِ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الشُّعُوبُ: الْقَبَائِلُ الْعِظَامُ، وَالْقَبَائِلُ: الْبُطُونُ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ قَالَ: الشُّعُوبُ: الْجُمَّاعُ، وَالْقَبَائِلُ:
الْأَفْخَاذُ الَّتِي يَتَعَارَفُونَ بِهَا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: الْقَبَائِلُ الْأَفْخَاذُ، وَالشُّعُوبُ:
الْجُمْهُورُ مِثْلُ مُضَرَ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ؟
قَالَ: أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ. قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قَالَ: فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ. قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ: فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي؟
قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا» وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ التَّقْوَى هِيَ الَّتِي يَتَفَاضَلُ بِهَا الْعِبَادُ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قَالَ: أَعْرَابُ
أبلغ بني أسد عني مغلغلة *** جهر الرسالة لا ألتا ولا كذبا
واختار أبو عبيدة قراءة الجمهور، وعليها قول رؤبة بن العجاج :
وليلة ذات ندى سريت *** ولم يلتني عن سراها ليت
وهما لغتان فصيحتان ﴿ إنَّ الله غَفُورٌ ﴾ أي بليغ المغفرة لمن فرط منه ذنب ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ بليغ الرحمة لهم.
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب أن هذه الآية :﴿ يأَيُّهَا الناس إِنَّا خلقناكم مّن ذَكَرٍ وأنثى ﴾ هي مكية، وهي للعرب خاصة الموالي : أي قبيلة لهم، وأي شعاب، وقوله :﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أتقاكم ﴾ فقال : أتقاكم للشرك. وأخرج البخاري وابن جرير عن ابن عباس قال : الشعوب القبائل العظام، والقبائل : البطون. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال : الشعوب الجماع، والقبائل الأفخاذ التي يتعارفون بها. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عنه أيضا قال : القبائل : الأفخاذ، والشعوب : الجمهور مثل مضر. وأخرج البخاري وغيره عن أبي هريرة قال :«سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيّ الناس أكرم ؟ قال :«أكرمهم عند الله أتقاهم» قالوا : ليس عن هذا نسألك، قال :«فأكرم الناس يوسف نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن خليل الله» قالوا : ليس عن هذا نسألك، قال :«فعن معادن العرب تسألوني» ؟ قالوا : نعم. قال :«خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» وقد وردت أحاديث في الصحيح وغيره أن التقوى هي التي يتفاضل بها العباد. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ قَالَتِ الأعراب ءامَنَّا ﴾ قال : أعراب بني أسد وخزيمة، وفي قوله :﴿ ولكن قُولُواْ أَسْلَمْنَا ﴾ مخافة القتل والسبي. وأخرج ابن جرير عن قتادة أنها نزلت في بني أسد. وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه قال السيوطي : بسند حسن عن عبد الله بن أبي أوفى : أن ناساً من العرب قالوا : يا رسول الله، أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان، فأنزل الله :﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ ﴾. وأخرج النسائي، والبزار، وابن مردويه عن ابن عباس نحوه، وذكر أنهم بنو أسد.
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب أن هذه الآية :﴿ يأَيُّهَا الناس إِنَّا خلقناكم مّن ذَكَرٍ وأنثى ﴾ هي مكية، وهي للعرب خاصة الموالي : أي قبيلة لهم، وأي شعاب، وقوله :﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أتقاكم ﴾ فقال : أتقاكم للشرك. وأخرج البخاري وابن جرير عن ابن عباس قال : الشعوب القبائل العظام، والقبائل : البطون. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال : الشعوب الجماع، والقبائل الأفخاذ التي يتعارفون بها. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عنه أيضا قال : القبائل : الأفخاذ، والشعوب : الجمهور مثل مضر. وأخرج البخاري وغيره عن أبي هريرة قال :«سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيّ الناس أكرم ؟ قال :«أكرمهم عند الله أتقاهم» قالوا : ليس عن هذا نسألك، قال :«فأكرم الناس يوسف نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن خليل الله» قالوا : ليس عن هذا نسألك، قال :«فعن معادن العرب تسألوني» ؟ قالوا : نعم. قال :«خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» وقد وردت أحاديث في الصحيح وغيره أن التقوى هي التي يتفاضل بها العباد. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ قَالَتِ الأعراب ءامَنَّا ﴾ قال : أعراب بني أسد وخزيمة، وفي قوله :﴿ ولكن قُولُواْ أَسْلَمْنَا ﴾ مخافة القتل والسبي. وأخرج ابن جرير عن قتادة أنها نزلت في بني أسد. وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه قال السيوطي : بسند حسن عن عبد الله بن أبي أوفى : أن ناساً من العرب قالوا : يا رسول الله، أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان، فأنزل الله :﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ ﴾. وأخرج النسائي، والبزار، وابن مردويه عن ابن عباس نحوه، وذكر أنهم بنو أسد.
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب أن هذه الآية :﴿ يأَيُّهَا الناس إِنَّا خلقناكم مّن ذَكَرٍ وأنثى ﴾ هي مكية، وهي للعرب خاصة الموالي : أي قبيلة لهم، وأي شعاب، وقوله :﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أتقاكم ﴾ فقال : أتقاكم للشرك. وأخرج البخاري وابن جرير عن ابن عباس قال : الشعوب القبائل العظام، والقبائل : البطون. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال : الشعوب الجماع، والقبائل الأفخاذ التي يتعارفون بها. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عنه أيضا قال : القبائل : الأفخاذ، والشعوب : الجمهور مثل مضر. وأخرج البخاري وغيره عن أبي هريرة قال :«سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيّ الناس أكرم ؟ قال :«أكرمهم عند الله أتقاهم» قالوا : ليس عن هذا نسألك، قال :«فأكرم الناس يوسف نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن خليل الله» قالوا : ليس عن هذا نسألك، قال :«فعن معادن العرب تسألوني» ؟ قالوا : نعم. قال :«خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» وقد وردت أحاديث في الصحيح وغيره أن التقوى هي التي يتفاضل بها العباد. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ قَالَتِ الأعراب ءامَنَّا ﴾ قال : أعراب بني أسد وخزيمة، وفي قوله :﴿ ولكن قُولُواْ أَسْلَمْنَا ﴾ مخافة القتل والسبي. وأخرج ابن جرير عن قتادة أنها نزلت في بني أسد. وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه قال السيوطي : بسند حسن عن عبد الله بن أبي أوفى : أن ناساً من العرب قالوا : يا رسول الله، أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان، فأنزل الله :﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ ﴾. وأخرج النسائي، والبزار، وابن مردويه عن ابن عباس نحوه، وذكر أنهم بنو أسد.
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب أن هذه الآية :﴿ يأَيُّهَا الناس إِنَّا خلقناكم مّن ذَكَرٍ وأنثى ﴾ هي مكية، وهي للعرب خاصة الموالي : أي قبيلة لهم، وأي شعاب، وقوله :﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أتقاكم ﴾ فقال : أتقاكم للشرك. وأخرج البخاري وابن جرير عن ابن عباس قال : الشعوب القبائل العظام، والقبائل : البطون. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال : الشعوب الجماع، والقبائل الأفخاذ التي يتعارفون بها. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عنه أيضا قال : القبائل : الأفخاذ، والشعوب : الجمهور مثل مضر. وأخرج البخاري وغيره عن أبي هريرة قال :«سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيّ الناس أكرم ؟ قال :«أكرمهم عند الله أتقاهم» قالوا : ليس عن هذا نسألك، قال :«فأكرم الناس يوسف نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن خليل الله» قالوا : ليس عن هذا نسألك، قال :«فعن معادن العرب تسألوني» ؟ قالوا : نعم. قال :«خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» وقد وردت أحاديث في الصحيح وغيره أن التقوى هي التي يتفاضل بها العباد. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ قَالَتِ الأعراب ءامَنَّا ﴾ قال : أعراب بني أسد وخزيمة، وفي قوله :﴿ ولكن قُولُواْ أَسْلَمْنَا ﴾ مخافة القتل والسبي. وأخرج ابن جرير عن قتادة أنها نزلت في بني أسد. وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه قال السيوطي : بسند حسن عن عبد الله بن أبي أوفى : أن ناساً من العرب قالوا : يا رسول الله، أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان، فأنزل الله :﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ ﴾. وأخرج النسائي، والبزار، وابن مردويه عن ابن عباس نحوه، وذكر أنهم بنو أسد.
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب أن هذه الآية :﴿ يأَيُّهَا الناس إِنَّا خلقناكم مّن ذَكَرٍ وأنثى ﴾ هي مكية، وهي للعرب خاصة الموالي : أي قبيلة لهم، وأي شعاب، وقوله :﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أتقاكم ﴾ فقال : أتقاكم للشرك. وأخرج البخاري وابن جرير عن ابن عباس قال : الشعوب القبائل العظام، والقبائل : البطون. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال : الشعوب الجماع، والقبائل الأفخاذ التي يتعارفون بها. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عنه أيضا قال : القبائل : الأفخاذ، والشعوب : الجمهور مثل مضر. وأخرج البخاري وغيره عن أبي هريرة قال :«سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيّ الناس أكرم ؟ قال :«أكرمهم عند الله أتقاهم» قالوا : ليس عن هذا نسألك، قال :«فأكرم الناس يوسف نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن خليل الله» قالوا : ليس عن هذا نسألك، قال :«فعن معادن العرب تسألوني» ؟ قالوا : نعم. قال :«خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» وقد وردت أحاديث في الصحيح وغيره أن التقوى هي التي يتفاضل بها العباد. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ قَالَتِ الأعراب ءامَنَّا ﴾ قال : أعراب بني أسد وخزيمة، وفي قوله :﴿ ولكن قُولُواْ أَسْلَمْنَا ﴾ مخافة القتل والسبي. وأخرج ابن جرير عن قتادة أنها نزلت في بني أسد. وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه قال السيوطي : بسند حسن عن عبد الله بن أبي أوفى : أن ناساً من العرب قالوا : يا رسول الله، أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان، فأنزل الله :﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ ﴾. وأخرج النسائي، والبزار، وابن مردويه عن ابن عباس نحوه، وذكر أنهم بنو أسد.