تشتمل هذه السورة الكريمة على إحدى وعشرة آية ومائة، وهي سورة مكية إلا الآيات ٢٦، ٣٢، ٣٣، ٥٧، ومن آية إلى ٨٠، فمجوع الآيات المدنية اثنتا عشرة آية.
ابتدأت السورة بتسبيح الله تعالى، ثم ذكرت الإسراء، ثم رسالة موسى، وما كان من بني إسرائيل. ثم أشارت إلى منزلة القرآن الكريم في الهداية، وإلى الآيات الكونية في الليل والنهار، وما يكون للناس يوم القيامة من جزاء على ما يقدمون من أعمال في الدنيا. وبين سبحانه أسباب فساد الأمم، وحال الأفراد في مساعيهم ونتائج أعمالهم في الآخرة، وجاءت الآيات من بعد ذلك بإكرام الوالدين، وحال الناس بالنسبة لأموالهم، وجاءت بأوامر عشرة. فيها بناء المجتمع الفاضل، ثم رد سبحانه مفتريات المشركين بالنسبة للملائكة، ثم بين القرآن تصريفه في الحجج.
ثم أشار سبحانه إلى ما يستحق من تحميد، وإلى جحود المشركين، وقدم سبحانه وصايا للمؤمنين، وبين معاملته تعالى للكافرين في الدنيا وفي الآخرة. ثم بين سبحانه أصل الخليقة الإنسانية والشيطانية، وهدد سبحانه المشركين بآياته، وبين بعد هذا سبحانه الكرامة الإنسانية، وذكر سبحانه بعذاب يوم القيامة، ثم ذكر محاولة المشركين لصرف النبي عن دعوته، وتثبيت الله تعالى له، وقد أوصى الله سبحانه وتعالى بعد ذلك النبي بعدة وصايا هادية، وأدعية ضارعة، ثم أشار سبحانه وتعالى إلى منزلة القرآن الكريم، وتكلم سبحانه عن الروح، وأشار إلى أسرارها، ثم ذكر سبحانه قدرته على أن يأتي بآيات أخرى، ثم بين منزلة القرآن فيما اشتمل عليه من الحق، وحال المؤمنين الصادقين في إيمانهم، وما ينبغي من أن يحمدوا الله دائما ويكبروه.
ﰡ
١- تنزيهاً لله عما لا يليق به، وهو الذي سار بعبده محمداً في جزء من الليل من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس، الذي بارك الله حوله لسكانه في أقواتهم، لِنُريَه من أدلتنا ما فيه البرهان الكافي على وحدانيتنا وعظم قدرتنا، إن الله - وحده - هو السميع البصير.
٢- وأن بيت المقدس كان يسكنه بنو إسرائيل من بعد موسى، حتى أفسدوا فيه، فشُرِّدُوا منه من قبل، مع أننا أعطينا موسى التوراة، وجعلنا فيها هداية لهم، وقلنا لهم : لا تتخذوا غير الله معبوداً تفوضون إليه أموركم.
٣- أنتم - أيها الإسرائيليون - ذرية المخلصين الذين كانوا مع نوح في الفلك بعد إيمانهم، ونجيناهم من الغرق. اجعلوا نوحاً قدوتكم كما جعله أسلافكم، فإنه كان عبداً كثير الشكر لله على نعمته.
٤- وأنفذنا بقضائنا إلى بني إسرائيل فيما كتبناه في اللوح المكنون أنهم يُفْسدون في بيت المقدس لا محالة مرتين، في كل مرة منهما كان الظلم والطغيان، وترك أحكام التوراة، وقتل النبيين، والتعاون على الإثم. وأنه ليبسط سلطانكم وتعلون مستكبرين ظالمين.
٥- فإذا جاء وقت عقاب أولاهما سلَّطنا عليكم بسبب إفسادكم عباداً لنا أصحاب بطش شديد، فأخذوا يسيرون في داخل الديار، لم يتركوا جزءا منها ليقتلوكم، وكان وعد العقاب وعداً لا بد أن يكون.
٦- ثم لما استقام أمركم، واهتديتم، وجمعتم شملكم، ورجعتم عن الفساد، رددنا لكم الغلبة على الذين بعثوا عليكم، ورزقناكم أموالاً وبنين، وجعلناكم أكثر مما كنتم عددا.
٧- وقلنا لهم : إن أحسنتم فأطعتم الله كان إحسانكم لأنفسكم في الدنيا والآخرة، وإن أسأتم بالعصيان فإلى أنفسكم تسيئون. فإذا جاء وقت عقاب المرة الآخرة من مَرَّتي إفسادكم في الأرض، بعثنا عليكم أعداءكم، ليجعلوا آثار المساءة والذلة والكآبة بادية على وجوهكم، وتكون العاقبة أن يدخلوا مسجد بيت المقدس، فيخربوه كما دخلوه وخربوه أول مرة، وليهلكوا ما غلبوا عليه إهلاكاً شديداً.
٨- عسى ربكم أن يرحمكم بعد المرة الثانية إن تبتم، وإن عدتم إلى الفساد عدنا إلى العقوبة، وجعلنا جهنم للكافرين سجناً ومحبساً.
٩- إن هذا القرآن يرشد الناس للسبيل التي هي أقوم السبل وأسلمها في الوصول إلى السعادة الحقيقية في الدنيا، ويبشر المؤمنين بالله ورسوله الذين يُذعنون للحق ويعملون الأعمال الصالحات بالأجر العظيم يوم القيامة.
١٠- وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعددنا لهم في جهنم عذاباً شديد الألم.
١١- وأن في طبع الإنسان تعجلاً في الحكم على ما يقع من الناس، وفي أقواله وأفعاله، فهو يسارع بالدعوة إلى الشر مسارعته في الدعوة إلى الخير، ويسارع في دعاء الله - تعالى - بأن ينزل الشر على من يبادر بالغضب عليه مسارعته بالدعاء له بالخير.
١٢- وجعلنا الليل والنهار بهيئاتهما وتعاقبهما علامتين دالتين على وحدانيتنا وقدرتنا فأزلنا من الليل الضوء فلا يستبان فيه شيء، وكانت علامته ظلاماً لا تسرى فيه الشمس، تلك العلامة الكبرى، وجعلنا النهار مبصراً، وترى فيه الشمس الآية الكبرى لتتجهوا في ضوء النهار إلى التصرف في معاشكم، ولتعلموا باختلاف الليل والنهار عدد السنين وحساب الأشهر والأيام، وكل شيء لكم فيه مصلحة بيَّناه لكم بياناً واضحاً، لتقوم عليكم الحُجة بعد تمام النعمة.
١٣- وألزمنا كل إنسان عمله لزوم القلادة للعنق، ونخرج له يوم القيامة كتاباً فيه أعماله، يلقاه مفتوحاً، ليسرع في قراءته.
١٤- ويقال له : اقرأ بقدرة الله - ولو لم يكن في الدنيا قارئاً - كتاب أعمالك تكفيك نفسك اليوم حاسبة ومحصية عليك عملك.
١٥- من اتبع طريق الحق فإنما ينفع نفسه، ومن حاد عنه فإنما إثم ضلاله على نفسه، ولا تتحمل نفس مذنبة فوق ذنبها ذنب نفس أخرى، وما صح لنا أن نعذب أحداً على فعل شيء قبل أن نبعث إليه رسولاً من لدنا يهدى إلى الحق ويردع عن الباطل.
١٦- وإذا قدَّرنا في اللوح المحفوظ إهلاك أهل قرية حسب اقتضاء حكمتنا سلَّطنا المترفين فيها فأفسدوا فيها، وخرجوا عن جادة الحق، وأتبعهم غيرهم من غير أن يتبينوا، وبذلك يحق عليها كلها العقاب، فندمرها تدميراً شديداً.
١٧- وكثيراً من أهل القرون من بعد نوح أهلكناهم بتمردهم على أنبيائهم، ويكفيك بيان ربك وإعلامه، لأنه العالم بكل شيء علماً دقيقاً كعلم من يبصر، وهو الخبير بذنوب عباده البصير بها، فلا يخفى عليه أفعال أحد من العباد وسيجازيهم بما يستحقون.
١٨- مَنْ كان يطلب متاع الدنيا العاجلة ويعمل له متخذا الأسباب، ولا يوقن بميعاد، ولا ينتظر جزاء الدار الآخرة، عجَّلنا له في الدنيا ما نشاء تعجيله من البسط والسعة، وكان هذا لمن نريد التعجيل له، ثم أعددنا له في الآخرة جهنم يقاسي حرها، وهو مذموم بما قدم، هالك مطرود من رحمة الله.
١٩- ومن أراد بعمله الآخرة، ولها عمل، وهو مصدق بالله وجزائه، فأولئك كان عملهم مقبولاً عند الله ينالون الثواب عليه.
٢٠- وإنا نمد كلا الفريقين إذا اتخذوا الأسباب من عطاء ربك في الدنيا، وما كان عطاء ربك فيها ممنوعاً من أحد، مؤمناً كان أو كافراً، ما داموا قد اتخذوا الأسباب.
٢١- انظر بعين الاعتبار كيف فضَّلنا بعض عبادنا على بعض في المال والحياة والسعة، إذا اتخذوا أسباب ذلك في الدنيا لحكمة نعلمها، وأن تفاوتهم في الدار الآخرة أكبر درجات من تفاوتهم في الدنيا، فينبغي الاعتناء بها، فالآخرة هي التي تكون فيها الرفعة الحقيقية والتفاضل الحقيقي.
٢٢- لا تجعل - أيها المكلف - مع الله شريكاً فتصير موصوماً بالإهانة، ويكون الخذلان مكتوباً عليك.
٢٣- وحكم ربك بألا تعبدوا إلا إياه، وبأن تبروا الوالدين براً تاماً، وإذا بلغ الوالدان أو أحدهما عندك - أيها المخاطب - حال الضعف وصارا في آخر العمر فلا تتأفف لما يصدر منهما بصوت يدل على الضجر، ولا تزجرهما، وقل لهما قولا جميلا ليِّنا فيه إحسان وتكريم لهما.
٢٤- وَأَلِنْ لهما جانبك وتواضع لهما وكن شفيقاً عليهما، وقل في شأنهما : رب ارحمهما كما رحماني حين ربياني صغيرا.
٢٥- ربكم - أيها الناس - أعلم منكم بما في ضمائركم، ويحاسبكم عليه بالثواب أو العقاب، فإن تكونوا قاصدين الصلاح فاعلين له ثم كانت منكم هفوة ثم أنبتم إلى الله فإن الله - سبحانه - يغفر لكم، لأنه دائم المغفرة للراجعين إليه.
٢٦- وأعط ذا القربى حقه من البر والصلة، وذا الحاجة المسكين، والمسافر الذي انقطع عن ماله، حقهما من الزكاة والصدقة، ولا تبعثر مالك في غير المصلحة تبذيراً كثيراً.
٢٧- لأن المبذرين كانوا قرناء الشياطين، يقبلون وسوستهم حين يسخِّرونهم للفساد والإنفاق في الباطل، ودأب الشيطان أنه يكفر بنعمة ربه دائماً، وصاحبه مثله.
٢٨- وإن أرغمتك أحوالك المالية على الإعراض عن هؤلاء المذكورين، فلم تعطهم لعدم وجود ما تعطيهم في الحال مع رجاء أن يفتح الله عليك به، فقل لهم قولا حسناً يؤملهم فيك.
٢٩- ولا تمسك يدك عن الإنفاق في الخير، وتجعلها كأنها مربوطة في عنقك بِغِلٍّ من الحديد لا تقدر على مدها، ولا تبسطها كل البسط بالإسراف في الإنفاق، فتصير مذموماً على الإمساك نادماً أو منقطعاً لا شيء عندك بسبب التبذير والإسراف.
٣٠- إن ربك يوسع الرزق لمن يشاء من عباده ويضيقه على من يشاء منهم، لأنه خبير بطبائعهم بصير بحوائجهم، فهو يعطى كلا منهم ما يتفق مع الحكمة إن اتخذ الأسباب.
٣١- وإذا كان أمر الأرزاق بيد الله فلا يجوز أن تقتلوا أولادكم خوف فقر متوقع، لأنَّا نحن ضامنون رزقهم ورزقكم، إن قتلهم كان إثماً عظيماً.
٣٢- ولا تقربوا الزنا بمباشرة أسبابه ودواعيه، لأنه رذيلة واضحة القبح، وبئس طريقاً طريقه.
٣٣- ولا تقتلوا النفس التي حرَّم الله قتلها إلا قتلا يكون للحق، بأن تكون النفس مستحقة للقتل قصاصاً أو عقوبة، ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لأقرب قرابته سلطاناً على القاتل بطلب القصاص من القاضي، فلا يجاوز الحد في القتل، بأن يقتل غير القاتل، أو يقتل اثنين بواحد، فإن الله نصره وأوجب له القصاص والدية، فلا يصح أن يتجاوز الحد.
٣٤- ولا تتصرفوا في مال اليتيم إلا بالطريقة التي هي أحسن الطرق لتنميته وتثميره، واستمروا على ذلك حتى يبلغ رشده، وإذا بلغ فسلموه له، وحافظوا على كل عهد التزمتموه، فإن الله سيسأل ناقض العهد عن نقضه ويحاسبه عليه.
٣٥- وأوفوا الكيل إذا كلتم للمشترى، وزنوا له بالميزان العدل، فإن إيفاء الكيل والوزن خير لكم في الدنيا، لأنه يرغب الناس في معاملتكم، وأجمل عاقبة في الآخرة.
٣٦- ولا تتبع - أيها المرء - ما لا علم لك به من قول أو فعل، فلا تقل : سمعت، وأنت لم تسمع، أو علمت، وأنت لم تعلم، فإن نِعَمَ السمع والبصر والقلب يسأل صاحبها عما يفعل بكل منها يوم القيامة.
٣٧- ولا تمش في الأرض متكبراً مختالاً، فإنك مهما فعلت فلن تخرق الأرض بشدة وطأتك، ولن تبلغ مهما تطاولت أن تحاذى بطولك قمم الجبال.
٣٨- كل ذلك المذكور من الوصايا، كان القبيح منه من المنهيات مكروهاً مبغوضاً عند ربك.
٣٩- وهو مما أوحاه إليك ربك من معرفة الحق بذاته، والخير للعمل به، ولا تجعل مع الله إلهاً غيره فتلقى في جهنم ملوماً عند نفسك، وعند غيرك هالكاً مطروداً من رحمة ربك.
٤٠- أنكر - سبحانه - على من قالوا : الملائكة بنات الله، فقال : أفضَّلكم ربكم على نفسه، فخصكم بأقوى الأولاد، وهم البنون، واتخذ هو لنفسه من الملائكة بنات بزعمكم ؟ إنكم في قولكم هذا تفترون بهتاناً عظيماً.
٤١- لقد بيَّنا في هذا القرآن أحسن بيان ضروباً من الأمثال والمواعظ والأحكام، ليتعظ هؤلاء المشركون، ولكنهم لتحجر قلوبهم لا يزيدهم ذلك التَّبيين إلا شروداً عن الحق.
٤٢- قل - أيها النبي - إظهاراً لإبطال زعمهم الشركاء لله : لو كان مع الله آلهة في الوجود كما يقولون لطلب هؤلاء الآلهة طريقاً يصلون منه إلى صاحب الملك المطلق لينازعوه عليه.
٤٣- تنزه الله تنزهاً لائقاً به، وتعالى جل شأنه عما يزعمون من أنه معه آلهة.
٤٤- إن السماوات السبع والأرض ومن فيهن من المخلوقات تنزهه وتقدسه، وتدل بإتقان صنعها على تنزه الله - سبحانه - عن كل نقص وكمال ملكه، وأنه لا شريك له، وما من شيء من المخلوقات في ملكه الواسع إلا ينزهه كذلك مع الثناء عليه، ولكن الكافرين لا يفهمون هذه الأدلة لاستيلاء الغفلة على قلوبهم، وكان الله حليماً عليهم غفوراً لمن تاب فلم يعاجلهم بالعقوبة.
٤٥- وإذا قرأت - أيها النبي - القرآن الناطق بدلائل الحق جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالبعث والجزاء حين إرادة الفتك بك حجاباً ساتراً لك عنهم، فلا يرونك.
٤٦- وجعلنا بمقتضى حكمتك في الإضلال والهداية على قلوبهم أغطية، كراهة أن يفهموا القرآن على حقيقته، وفي آذانهم صمماً فلا يسمعونه سماع انتفاع، لأنهم أسرفوا في العناد والمكابرة، وإذا ذكرت ربك في القرآن منفرداً عن ذكر آلهتهم رجعوا على أعقابهم نافرين عن استماعه.
٤٧- نحن أعلم بما يستمعون القرآن متلبسين به من الاستهزاء والسخرية حين استماعهم إليك، وهم ذوو مسارة بما ذكر، وذلك قول الظالمين لغيرهم في مسارتهم : إن اتبعتم فأنتم لا تتبعون إلا رجلا مغلوباً على عقله.
٤٨- انظر كيف ذكر لك الأشباه فشبهوك بالمسحور، والكاهن، والشاعر، فضَلُّوا بذلك عن منهاج الحجة فلا يستطيعون طريقاً إلى الطعن يمكن قبوله، أو فضلوا بذلك عن الهدى فلا يجدون طريقاً إليه.
٤٩- قال المنكرون للبعث : أنبعث إذا صرنا عظاماً نخرة، وقطعاً متفرقة، فنكون خلْقاً جديداً فيه حياة ؟ إن هذا ما لا يدخل العقول.
٥٠- فقل لهم - أيها النبي - : لو كنتم حجارة لا تقبل الحياة بحال، أو حديداً وهو أصلب من الحجارة.
٥١- أو خلقاً آخر غيرهما مما تنكر قلوبكم قبوله الحياة لبعثتم، فسيقولون - مستبعدين - : من يعيدنا ؟ فقل لهم : يعيدكم الله الذي أوجدكم أول مرة، فسيحركون إليك رؤوسهم تعجباً ويقولون استهزاء : متى البعث الذي تعدُنا به ؟ فقل لهم : أرجو أن يكون قريباً.
٥٢- وسيكون يوم يبعثكم الله فيه من قبوركم فتبعثون حامدين ربكم على كمال قدرته وتظنون أنكم ما لبثتم في قبوركم إلا زمناً قليلا، تستقصرون المدة الطويلة في جنب ما أنتم قادمون عليه.
٥٣- وقل - يا أيها النبي - لعبادي المؤمنين : أن يقولوا عند محاربتهم المشركين العبارات التي هي أحسن للإقناع، ويتركوا الكلام الخشن الذي يتسبب عنه الشر والفساد، فإن الشيطان يفسد بين المؤمنين والكافرين، لأنه دائماً عدو للإنسان بيِّن العداوة.
٥٤- ربكم أعلم بعاقبة أمركم إن يشأ يرحمكم بالتوفيق للإيمان، أو إن يشأ يعذبكم بعدمه، وما أرسلناك موكولا إليك أمرهم فتجبرهم على الإيمان، وإنما أرسلناك بشيراً للمصدقين ونذيراً للمكذبين، فدارهم، ومُرْ أصحابك بالاحتمال منهم.
٥٥- وربك أعلم بكل من في السماوات والأرض وبأحوالهم فيختار منهم لنبوته من يشاء، وقد اختارك لرسالته فلا يصح أن يستكثروا عليك النبوة، وهؤلاء الأنبياء ليسوا سواء في الفضل عنده - جل شأنه - بل بعضهم أفضل من بعض، ولقد فضل بعض النبيين على بعض بالمعجزات وكثرة التابعين، لا بالملك، فَفَضَّل داود أنه أوتى الزبور، لا لأنه أوتى الملك. فلا عجب أن تنال الفضل العظيم بما أوتيت من القرآن.
٥٦- قل لهؤلاء الذين يعبدون المخلوقين، ويزعمونهم آلهة من دون الله : ادعوا من تعبدونه إذا نزلت بكم شدة، أو خفتم نزولها، وسلوهم في شأنها، فلن تجدوا منهم كشفاً لضركم، ولا تحويلا له عنكم.
٥٧- وإن هؤلاء المخلوقين الذين يدعوهم من يعبدهم يعبدون الله، ويطلبون الدرجة والمنزلة عنده بالطاعة، ويحرص كل منهم أن يكون أقرب إلى الله، ويطمعون في رحمته، ويرهبون عذابه، إن عذاب الله ينبغى أن يحذر ويخاف ! !.
٥٨- وقد جرت سنتنا أن نهلك كل قرية ظالمة بمن فيها، أو نعذب أهلها عذاباً شديداً بالقتل وغيره، فليحذر ذلك قومك، فقد جرى بذلك قضاؤنا، وسُطِّر في كتابنا.
٥٩- لقد اقترح عليك قومك أن تأتيهم بالآيات والمعجزات، ولم يقنعوا بما آتاهم مما يقنع ذوى الألباب، وقد جرت سنتنا مع من يقترح الآيات ثم يجاب إليها ولا يؤمن بها أن نستأصله بالعذاب كما فعلنا بالأولين. ومنهم ثمود، إذ اقترحوا آيات، فكانت الناقة معجزة مضيئة نيرة واضحة مجلية للشك والريب فكفروا بها، فكان ما كان من أمرهم، وكان من حكمة الله ألا يجيب قومك إلى ما طلبوا خشية أن يكفروا بها، ويرجى منهم مَنْ يؤمن أو يلد مَنْ يؤمن. والآيات إنما نرسل بها إلى الناس تخويفاً وإرهاباً.
٦٠- واذكر - أيها النبي - حين قلنا لك : إن ربك أحاط بالناس، فهم في قبضة قدرته، فبلِّغهم ولا تخف أحداً فهو يعصمك منهم، وما جعلنا ما عاينته ليلة الإسراء من العجائب إلا امتحاناً واختباراً للناس، يزداد به إيمان المؤمن وكفر الكافر، وما جعلنا الشجرة المذمومة في القرآن - وهي شجرة الزَّقوم التي تنبت في أصل الجحيم - إلا اختباراً لهم أيضاً، إذ قالوا : النار تحرق الشجر، فكيف تنبته ؟ ونخوفهم بها، فما يزيدهم تخويفنا إلا تجاوزا للحد الكبير.
٦١- وأن الله ليذكر بأصل الخلق والعداوة بين آدم وإبليس، إذ قال للملائكة : اسجدوا لآدم سجود تحية وتكريم بالانحناء، فسجدوا على الفور، إلا إبليس امتنع وقال منكراً : كيف أسجد لمن خلقته من طين، وأنا من نار، فأنا خير منه.
٦٢- قال إبليس : أخبرني يا رب عن هذا الذي كرمته علىَّ، بأن أمرتني بالسجود له. لِمَ كرَّمته عليّ وأنا خير منه ؟ وعزتك لئن أخرتني حياً إلى يوم القيامة لأهلكن ذريته بالإغواء، إلا قليلا منهم ممن عصمته وحفظته.
٦٣- قال له المولى - تهديداً واستدراجاً - : امض لشأنك الذي اخترته لنفسك، فمن أطاعك من ذرية آدم فإن جهنم جزاؤك وجزاؤهم جزاء وافراً كاملا.
٦٤- واستخفَّ واستنزل بدعائك إلى معصية الله من استعطت منهم، وأفرغ جهدك في جميع أنواع الإغراء، وشاركهم في كسب الأموال من الحرام وصرفها في الحرام، وتكفير الأولاد وإغرائهم على الإفساد، وعِدْهم المواعيد الباطلة كشفاعة آلهتهم، والكرامة عند الله بأنسابهم، وما يعد الشيطان أتباعه إلا بالتغرير والتمويه.
٦٥- أما عبادي المخلصون لي فليس لك على إغوائهم قدرة، لتوكلهم على ربهم، وكفى به ناصراً يستمدون منه العون في الخلاص منك.
٦٦- ربكم هو - وحده - الذي يجرى لكم السفن في البحر، لتطلبوا من فضله الأرباح بالتجارة وغيرها. إنه دائم الرحمة بكم.
٦٧- وإذا أصابكم الأذى وتعرَّضتم للمخاطر في البحر، غاب عنكم كل من تدعونه في حوائجكم من الأصنام، إلا الله - وحده - فإنكم لا تذكرون سواه، فلما نجَّاكم من الغرق، وأخرجكم إلى البر، أعرضتم عن توحيده وكفرتم النعمة، وشأن الإنسان دائماً جحد النعمة.
٦٨- وإذا نجَّوتكم بخروجكم إلى البر أفأمنتم من عذاب الله ؟ كلا إن شاء قلب بكم جانباً من البر فهلكتم تحته، وإن شاء أرسل عليكم ريحاً شديدة ترميكم بالحصى والحجر، فلا تجدون حافظاً مما يصيبكم.
٦٩- أم أمنتم أن يعيدكم ربكم في البحر مرة أخرى، فيرسل عليكم قاصفاً من الريح يكسر فلككم ؟ فيغرقكم بسبب جحودكم نعمته حين أنجاكم أولا، ثم لا تجدوا لكم علينا من يطالبنا بما فعلنا انتصاراً لكم.
٧٠- ولقد كرمنا أولاد آدم بحسن القوام والنطق وتخير الأشياء، وأعطيناهم الكرامة والعزة إن أطاعوا، وحملناهم في البر على الدواب، وفي البحر على السفن، ورزقناهم من المستلذات، وفضلناهم على كثير من المخلوقات بالعقل والتفكير تفضيلا عظيماً.
٧١- واذكر - أيها النبي - لقومك يوم ندعو كل جماعة بشعارهم الذي يعرفون به، أو زعيمهم من رئيس اتبعوه، أو نبي، أو كتاب، فيقال : يا أهل موسى، يا أهل القرآن، وهكذا ليتسلموا كتب أعمالهم، فمن أعطى كتاب أعماله بيمينه - وهم السعداء - فأولئك يقرأون كتابهم مبتهجين ولا ينقصون من أجورهم أدنى شيء.
٧٢- وأما الفريق الآخر فيغمه ما يرى، وتسد عليه مسالك النجاة، ويعمى عن كشف ضره، كما كان أعمى في الدنيا عن طريق الحق والرشاد، ومن كان في الدنيا أعمى فهو أشد في الآخرة وأبعد عن سبيل الخير.
٧٣- وإن المشركين يتفننون في محاولة صرفك عن القرآن لتطلب غيره من المعجزات، وتكون كالمفترى علينا، وحينئذ يتخذونك صاحباً لهم، وإن هذه المحاولات قد تكررت وكثرت، وكان من شأنها أن تقربك مما يريدون ولكنك رسولنا الأمين.
٧٤- وقد شملك لطفنا فصرفناك عن الاستجابة لهم، وثبتناك على الحق، ولولا ذلك لأوشكت أن تميل إلى استجابتهم طمعاً في أن يكمل إيمانهم يوماً إذا دخلوا في أوائل الإسلام.
٧٥- ولو قاربت الركون إليهم لجمعنا عليك عذاب الدنيا وضاعفناه، وعذاب الآخرة وضاعفناه، ثم لا تجد لك نصيراً علينا يمنع عنك العذاب، ولكن لا يكون ذلك أبدا لأنه ممتنع على رسولنا الأمين.
٧٦- ولقد حاول كفار مكة - وكادوا أن يزعجوك من أرض مكة بعداوتهم ومكرهم - ليخرجوك منها، ولو تحقق منهم ذلك لا يبقون بعد خروجك منها إلا زمناً قليلا، ثم يغلبون على أمرهم وتكون الكلمة لله.
٧٧- وذلك كطريقنا في الرسل قبلك من إهلاك من أخرجوا نبيهم، ولن تجد لطريقنا تبديلا.
٧٨- أقم الصلاة المفروضة من أول زوال الشمس من وسط السماء نحو الغرب إلى ظلمة الليل، وهي صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وأقم صلاة الفجر التي تشهدها الملائكة.
٧٩- وتيقظ من نومك في بعض الليل فتهجد بالصلاة عبادة زائدة على الصلوات الخمس خاصة بك، رجاء أن يقيمك ربك يوم القيامة مقاماً يحمدك فيه الخلائق.
٨٠- وقل : يا رب أدخلني إدخالا مرضياً كريماً في كل ما أدخل فيه من أمر أو مكان، وأخرجني منه إخراجاً مرضياً كريماً، واجعل من فضلك قوة تنصرني بها على أعدائي.
٨١- وقل منذراً قومك - المشركين - : جاء الحق من التوحيد والدين الصحيح والعدل، وذهب الباطل والشرك والدين الفاسد، إن الباطل مضمحل زائل دائماً.
٨٢- وكيف لا يقوى الحق ونحن ننزل من القرآن ما هو شفاء لما في الصدور من الشك والريب، وسبب رحمة لمن آمن به، ولا يزيد الظالمين إلا خسارا لكفرهم به.
٨٣- وإن في طبع الإنسان الغرور والقنوط، فإذا أنعمنا عليه بالصحة والسعة، أعرض عن ذكرنا ودعائنا، وبَعُدَ عنا بنفسه تكبراً وتعاظماً، وإذا مسه الشر كالمرض والفقر، كان شديد القنوط من رحمة الله.
٨٤- قل - أيها النبي - لكفار قريش - رغبة عن إثارة الشر والجدال - : كل منا ومنكم يعمل ويسير على طريقته، فربكم عليم علماً ليس فوقه علم بمن هو أوضح طريقاً واتباعاً للحق فيؤتيه أجره موفوراً، ومن هو أضل سبيلا فيعاقبه بما يستحق.
٨٥- ويسألك - يا محمد - قومك - بإيعاز من اليهود - عن حقيقة الروح، قل : الروح من علم ربى الذي استأثر به، وما أوتيتم من العلم إلا شيئاً قليلاً في جانب علم الله تعالى.
٨٦- ولئن أردنا أن نمحو من صدرك القرآن الذي أوحينا إليك لفعلنا ثم لا تجد من يقوم لك وينصرك.
٨٧- ولكن أبقيناه رحمة من ربك لأن فضله في هذه المعجزة كان عليك عظيماً.
٨٨- قل لهم متحدياً : أن يأتوا بمثله وإنهم ليعجزون، ولئن اجتمعت الإنس والجن وتعاونوا على أن يأتوا بمثل هذا القرآن في نظمه ومعانيه، لا يستطيعون، ولو كانوا متعاونين بعضهم يظاهر بعضا.
٨٩- ولقد نوعنا مناهج البيان بوجوه مختلفة للناس في هذا القرآن من كل معنى هو كالمثل في غرابته فأبى أكثر الناس إلا الجحود والإنكار.
٩٠- ولما ظهر إعجاز القرآن ولزمتهم الحُجة، اقترحوا الآيات والمعجزات، فعل المحجوج المبهوت المتحير، فقالوا : لن نؤمن حتى تفجر لنا من أرض مكة عيْناً لا ينقطع ماؤها.
٩١- أو يكون لك بمكة بستان من نخيل وعنب فتفجر الأنهار وسطه تفجيراً كثيراً.
٩٢- أو تسقط السماء فوق رؤوسنا قطعاً كما زعمت أن الله توعدنا بذلك، أو تأتى بالله والملائكة نقابلهم معاينة ومواجهة.
٩٣- أو يكون لك بيت من زخرف من ذهب، أو تصعد في السماء ولن نصدقك في هذه الحال إلا إذا جئتنا بكتاب من الله يقرر فيه صدقك نقرؤه، قل لهم : أنزه ربى عن أن يتحكم فيه أحد، أو يشاركه في قدرته، ما كنت إلا بشراً كسائر الرسل، ولم يأتوا قومهم بآية إلا بإذن الله.
٩٤- وما منع مشركي مكة أن يذعنوا للحق حين جاءهم الوحي مقروناً بالمعجزات إلا زعمهم جهلا منهم أن الله تعالى لا يبعث رسله من البشر بل من الملائكة.
٩٥- قل - يا محمد - رداً عليهم : لو كان في الأرض بدل البشر ملائكة يمشون فيها كالآدميين مستقرين فيها، لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا من جنسهم، ولكن الملائكة لا يكونون كالبشر، ولو كانوا لجاءوا في صورة البشر.
٩٦- وقل : إن أنكرتم رسالتي فكفي بالله حاكماً بيني وبينكم مقرراً صدق رسالتي إليكم، إنه كان بعباده عالماً بأحوالهم بصيراً بأفعالهم وهو مجازيهم عليها.
٩٧- وقل لهم : من يهده الله لحسن استعداده فهو المهتدى، ومن يضلله لفساد طبعه فلن تجد له أنصاراً غيره يهدونهم في الدنيا، ونحشرهم في الآخرة مسحوبين على وجوههم لا ينظرون ولا ينطقون ولا يسمعون، ومكانهم الذي يأوون إليه جهنم كلما ضعف لهيبها زادها الله تَلَهُّباً واشتعالاً.
٩٨- ذلك العذاب جزاؤهم بسبب كفرهم بالأدلة التي أقمناها لهم على الحق، وقولهم : أنبعث خَلْقاً جديداً بعد أن نصير عظاماً ورفاتاً ؟.
٩٩- أغفلوا ولم يعلموا أن الله الذي خلق السماوات والأرض - مع عظمهما - قادر على أن يخلق مثلهم من الإنس والجن، ومن هو قادر على ذلك كيف لا يقدر على إعادتهم، وهي أهون عليه، وقد جعل - سبحانه - لإعادتهم بعد الموت أجلا محددا لا شك في حصوله وهو يوم القيامة، ومع ذلك أبى الذين ظلموا أنفسهم بالكفر، بعد إقامة هذه الحُجة إلا جحودا.
١٠٠- قل لهؤلاء المشركين : لو كنتم تملكون خزائن رزق ربى لبخلتم خشية الفقر، لأن الإنسان مطبوع على شدة الحرص والبخل، والله هو الغنى الجواد، يمنح ما شاء لمن يشاء، وينزل من المعجزات ما شاء لا ما شاء الناس، وهو في ذلك كله حكيم عليم.
١٠١- ولو أوتى هؤلاء من الآيات ما اقترحوا لصرفوها عن وجهها، ولم يؤمنوا بها، ولقد آتينا موسى تسع آيات واضحات ومع ذلك كفروا، وقال فرعون : أني لأظنك مسحورا يا موسى.
١٠٢- قال موسى : لقد علمت يا فرعون أن الذي أنزل هذه الآيات هو رب السماوات والأرض، لأنه هو الذي يقدر عليها وهي واضحات تبصرك بصدقي، ولكنك تكابر وتعاند، وأني لأظنك يا فرعون هالكاً إذا لم ترجع عن عنادك.
١٠٣- فتمادى فرعون في طغيانه، فأراد أن يخرج موسى وبني إسرائيل من أرض مصر، فأغرقناه مع جنوده جميعاً.
١٠٤- ونجَّينا موسى وقومه، وقلنا من بعد إغراق فرعون لبنى إسرائيل : اسكنوا الأرض المقدسة بالشام، فإذا جاء وقت الحياة الأخرى جئنا بكم من قبوركم مختلطين ثم نحكم بينكم بالعدل.
١٠٥- وما أنزلنا القرآن إلا مؤيداً بالحكمة الإلهية التي اقتضت إنزاله، وهو في ذاته وما نزل إلا مشتملا على الحق كله، فعقائده هي الصحيحة، وأحكامه هي المستقيمة، وما أرسلناك - أيها النبي - إلا مبشراً لمن آمن بالجنة، ونذيراً لمن كفر بالنار. فليس عليك شيء إذا لم يؤمنوا.
١٠٦- وقد فرَّقنا هذا القرآن ونزَّلناه منجما على مدة طويلة لتقرأه على الناس على مهل ليفهموه، نزلناه شيئاً بعد شيء تنزيلا مؤكداً لا شبهة فيه.
١٠٧- قل لكفار مكة تهديداً لهم : اختاروا لأنفسكم ما تحبون من الإيمان بالقرآن أو عدمه، فإن الذين أوتوا العلم الصحيح والإدراك السليم من قبل نزوله، إذا يتلى عليهم يقعون على الوجوه سجداً، شكراً لله على نعمته.
١٠٨- ويقولون : تنزه ربنا عن خلف الوعد الذي وعد به من نعيم وعذاب، إن وعده كان حاصلا لا محالة.
١٠٩- ويقعون ثانيا على الوجوه سجداً باكين من خوف الله، ويزيدهم القرآن تواضعاً لله.
١١٠- قل لهؤلاء المشركين : سموا الله باسم الله أو اسم الرحمن فأى اسم تسمونه فهو حسن، وهو تعالى له الأسماء الحسنى، ولا شبهة لكم في أن تعدد الأسماء يستوجب تعدد المسمى. وإذا قرأت القرآن في صلاتك فلا ترفع صوتك به، لئلا يسمع المشركون فيسبوك ويؤذوك، ولا تسر به فلا يسمع المؤمنون، وكن وسطا في قراءتك.
١١١- وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا لعدم حاجته إليه، ولم يكن له شريك في الملك، لأنه - وحده - منشئه، ولم يكن له ناصر يعطيه عزة من ذُلٍّ لحقه، وعظِّم ربك تعظيماً يليق به.