تفسير سورة سورة الزمر من كتاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم
المعروف بـالمنتخب
.
لمؤلفه
مجموعة من المؤلفين
.
ﰡ
١ - تنزيل القرآن من الله الذى لا يغلبه أحد على مراده، الحكيم فى فعله وتشريعه.
٢ - إنا أنزلنا إليك - يا محمد - القرآن آمراً بالحق، فاعبد الله مخلصاً له - وحده - العبادة.
٣ - ألا لله - وحده - الدين البرئ من كل شائبة، والمشركون الذين اتخذوا من دونه نصراء يقولون: ما نعبد هؤلاء لأنهم خالقون، إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله - تقريباً - بشفاعتهم لنا عنده. إن الله يحكم بين هؤلاء المشركين وبين المؤمنين الموحِّدين فيما كانوا فيه يختلفون من أمر الشرك والتوحيد، إن الله لا يوفق لإدراك الحق من شأنه الكذب والإمعان فيه.
٤ - لو أراد الله أن يتخذ ولداً - كما قالت النصارى فى المسيح، والمشركون فى الملائكة - لاختار الولد من خلقه كما يشاء هو، لا كما تشاءون أنتم، تنزه الله عن أن يكون له ولد، هو الله الذى لا مثيل له، القهَّار الذى بلغ الغاية فى القهر.
٥ - خلق السموات والأرض متصفا دائماً بالحق والصواب على ناموس ثابت، يلف الليل على النهار ويلف النهار على الليل على صورة الكرة، وذلل الشمس والقمر لإرادته ومصلحة عباده، كل منهما يسير فى فلكه إلى وقت محدد عنده، وهو يوم القيامة، ألا هو - دون غيره - الغالب على كل شئ، فلا يخرج شئ عن إرادته، الذى بلغ الغاية فى الصفح عن المذنبين من عباده.
٦ - خلقكم - أيها الناس - من نفس واحدة - هو آدم أبو البشر - وخلق من هذه النفس زوجها حواء، وأنزل لصالحكم ثمانية أنواع من الأنعام ذكراً وأنثى: وهى الإبل والبقر والضأن والماعز، يخلقكم فى بطون أمهاتكم طوراً من بعد طور فى ظلمات ثلاث: هى ظلمة البطن والرحم والمشيمة، ذلكم المنعم بهذه النعم هو الله مربيكم ومالك أمركم، له - لا لغيره - الملك الخالص، لا معبود بحق إلا هو، فكيف يعدلون عن عبادته إلى عبادة غيره؟.
٧ - إن تكفروا بنعمه - أيها الناس - فإن الله غنى عن إيمانكم وشكركم، ولا يحب لعباده الكفر، لما فيه من ضرهم، وإن تشكروه على نعمه يرض هذا الشكر لكم، ولا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى، ثم إلى ربكم مآلكم فيخبركم بما كنتم تعملون فى الدنيا، إنه عليم بما تكتمه قلوبكم التى فى الصدور.
٨ - وإذا أصاب الإنسان مكروه - من مكاره الدنيا - دعا ربه راجعاً إليه بعد أن كان معرضاً عنه، ثم إذا أعطاه ربه نعمة عظيمة نسى الضر الذى كان يدعو ربه إلى إزالته وكشفه من قبل أن يمن عليه بهذه النعمة، وجعل لله شركاء متساوين معه فى العبادة، فعل هذا الإنسان ذلك ليضل نفسه وغيره عن طريق الله. قل - يا محمد - لمن هذه صفته متوعداً: تمتع بكفرك بنعم الله عليك زمناً قليلاً، إنك من أهل النار.
٩ - أَمَّن هو خاشع لله أثناء الليل يقضيه ساجداً وقائماً، يخشى الآخرة ويرجو رحمة ربه. كمن يدعو ربه فى الضراء وينساه فى السراء؟! قل لهم - يا محمد -: هل يستوى الذين يعلمون حقوق الله فيوحدونه، والذين لا يعلمون، لإهمالهم النظر فى الأدلة؟ إنما يتعظ أصحاب العقول السليمة.
١٠ - قل - أيها النبى - مُبلغاً عن ربك: يا عبادى الذين آمنوا بى، اتخذوا وقاية من غضب ربكم، فإن لِمن أحسن العمل عاقبة حسنة فى الدنيا بالتأييد، وفى الآخرة بالجنة. ولا تقيموا فى ذل، فأرض الله واسعة، واصبروا على مفارقة الأوطان والأحباب، إنما يوفى الله الصابرين أجرهم مضاعفاً، لا يدخل تحت حساب الحاسبين.
١١ - قل: إنى أمرت أن أعبد الله مخلصاً له عبادتى من كل شرك ورياء.
١٢ - وأمرت منه تعالى - أمراً مؤكداً - أن أكون أول المنقادين لأوامره.
١٣ - قل: إنى أخشى إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم الهول.
١٤ -، ١٥ - قل لهم يا محمد: الله - وحده - أعبد، مبرئاً عبادتى من الشرك والرياء، فإذا عرفتم طريقتى ولم تطيعونى فاعبدوا ما شئتم من دونه. قل لهم: إن الخاسرين - كل الخسران - هم الذين أضاعوا أنفسهم بضلالهم، وأهليهم بإضلالهم يوم القيامة. ألا ذلك الضياع هو الخسران الكامل الواضح.
١٦ - لهؤلاء الخاسرين من فوقهم طبقات متراكمة من النار، ومن تحتهم مثلها، ذلك التصوير للعذاب يخوِّف الله به عباده، يا عباد: فاخشوا بأسى.
١٧ -، ١٨ - والذين اجتنبوا الأصنام والشياطين، ولم يتقربوا إليها، ورجعوا إلى الله فى كل أمورهم، لهم البشارة العظيمة فى جميع المواطن، فبشر - يا محمد - عبادى الذين يستمعون القول فيتبعون الأحسن والأهدى إلى الحق، أولئك - دون غيرهم - الذين يوفقهم الله إلى الهدى، وأولئك هم - دون غيرهم - أصحاب العقول النَّيِّرة.
١٩ - أتملك التصرف فى ملكى، فمن وجبت عليه كلمة العذاب تستطيع أن تمنعه؟ ألك هذه القوة، أفأنت تنقذ من فى النار بعد أن وجبت لهم؟.
٢٠ - لكن الذين خافوا ربهم لهم أعالى الجنة وقصورها، مبنية بعضها فوق بعض، تجرى من تحتها الأنهار، وعداً من الله، والله لا يخلف وعده.
٢١ - ألم تر - أيها المخاطب - أن الله أنزل من السماء ماء فأجراه فى ينابيع وعيون فى الأرض، ثم يُخرج به زرعاً مختلفاً أشكاله، ثم ييبس بعد نضارته فتراه مصفرا، ثم يجعله فتاتاً متكسراً؟ إن فى ذلك التنقل - من حال إلى حال - لتذكير لأولى العقول النَّيرة.
٢٢ - أكُلّ الناس سواء؟، فمن شرح الله صدره للإسلام بقبول تعاليمه، فهو على بصيرة من ربه، كمن أعرض عن النظر فى آياته؟. فعذاب شديد للذين قست قلوبهم عن ذكر الله، أولئك القاسية قلوبهم فى انحراف عن الحق واضح.
٢٣ - الله نزَّل أحسن الحديث كتاباً تشابهت معانيه وألفاظه فى بلوغ الغاية فى الإعجاز والإحكام، تتردد فيه المواعظ والأحكام، كما يكرر فى التلاوة، تنقبض عند تلاوته وسماع وعيده جلود الذين يخافون ربهم، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله، ذلك الكتاب الذى اشتمل على هذه الصفات نور الله يهدى به من يشاء، فيوفقه إلى الإيمان به، ومن يضله الله - لعلمه أنه سيُعرِض عن الحق - فليس له من مرشد ينقذه من الضلال.
٢٤ - لم يكون الناس متساوين يوم القيامة، فالذى يتقى بوجهه العذاب بعد أن تغل يداه، ليس كمن يأتى آمنا يوم القيامة؟ حيث يقال للظالمين: ذوقوا وبال عملكم.
٢٥ - كذَّب الذين من قبل هؤلاء المشركين فجاءهم العذاب من حيث لا يتوقعون.
٢٦ - فأذاقهم الله الصغار فى الحياة الدنيا، أقسم: لعذاب الآخرة أكبر من عذاب الدنيا، لو كانوا من أهل العلم والنظر.
٢٧ - ولقد بيَّنا للناس فى هذا القرآن من كل مثل يذكرهم بالحق، رجاء أن يتذكروا ويتعظوا.
٢٨ - ولقد أنزلنا قرآناً عربياً بلسانهم لا اختلال فيه، رجاء أن يتقوا ويخشوا ربهم.
٢٩ - ضرب الله مثلاً للمشرك: رجلاً مملوكاً لشركاء متنازعين فيه، وضرب مثلا للموحد: رجلاً خالص الملكية لواحد، هل يستويان مثلاً؟ لا يستويان. الحمد لله على إقامة الحُجة على الناس، لكن أكثر الناس لا يعلمون الحق.
٣٠ -، ٣١ - إنك - يا محمد - وإنهم جميعاً ميِّتون. ثم إنكم بعد الموت والبعث عند الله يخاصم بعضكم بعضاً.
٣٢ - فليس أحد أشد ظلماً ممن نسب إلى الله ما ليس له، وأنكر الحق حين جاءه على لسان الرسل من غير تفكير ولا تدبر، أليس فى جهنم مستقر للكافرين المغترين حتى يجترئوا على الله؟!
٣٣ - والذى جاء بالحق وصدَّق به إذ جاءه، أولئك هم المتقون لا غيرهم.
٣٤ - لهؤلاء المتقين عند ربهم ما يحبون، ذلك الفضل جزاء كل محسن فى عقيدته وعمله.
٣٥ - أكرم الله المتقين بما أكرمهم به ليغفر لهم أسوأ عملهم، ويوفيهم أجرهم بأحسن ما عملوا فى الدنيا.
٣٦ - الله - وحده - كاف عباده كل ما يهمهم، ويخوفك - يا محمد - كفار قريش بآلهتهم التى يدعونها من دون الله - وذلك من ضلالهم - ومن يضلل الله - لعلمه أنه يختار الضلالة على الهدى - فما له من مرشد يرشده.
٣٧ - ومن يرشده الله إلى الحق ويوفقه إليه - لعلمه أنه يختار الهدى على الضلالة - فما له من مضل ينحرف به عن سبيل الرشاد، أليس الله بمنيع الجناب، ذى انتقام شديد، فيحفظ أولياءه من أعدائه؟.
٣٨ - وأقسم: لئن سألت - يا محمد هؤلاء المشركين - من خلق السموات والأرض؟ ليقولن: الله هو الذى خلقهن. قل لهم - يا محمد -: أعقلتم فرأيتم الشركاء الذين تدعونهم من دون الله، إن شاء الله ضرى هل هن مزيلات عنى ضره، أو شاء لى رحمة هل هن مانعات عنى رحمته؟ قل لهم - يا محمد -: الذى يكفينى فى كل شئ وحده، عليه - لا على غيره - يعتمد المتوكلون المفوضون كل شئ إليه.
٣٩ -، ٤٠ - قل لهم - متوعداً -: يا قوم اثبتوا على طريقتكم من الكفر والتكذيب إنى ثابت على عمل ما أمرنى به ربى، فسوف تدركون من منا الذى يأتيه عذاب يذله، وينزل عليه عذاب دائم لا ينكشف عنه.
٤١ - إنا أنزلنا عليك - أيها النبى - القرآن الكريم لجميع الناس مشتملا على الحق الثابت. فمن استرشد به فنفْع ذلك لنفسه، ومن ضل عن طريقه فإنما يرجع وبال ضلاله على نفسه. وما أنت - يا محمد - بموكل بهدايتهم، فما عليك إلا البلاغ، وقد بلغت.
٤٢ - الله يقبض الأرواح حين موتها، ويقبض الأرواح التى لم تمت حين نومها، فيُمسك التى قضى عليها الموت لا يردها إلى بدنها، ويُرسل الأخرى التى لم يحن أجلها عند اليقظة إلى أجل محدد عنده. إن فى ذلك لأدلة واضحة لقوم يتدبرون.
٤٣ - بل اتخذ المشركون من دون الله شفعاء يتقربون بهم إليه. قل لهم - يا محمد -: أفعلتم هذا ولو كان هؤلاء الشفعاء لا يملكون شيئاً ولا يعقلون؟
٤٤ - قل لهم - يا محمد -: لله - وحده - الشفاعة كلها، فلا ينالها أحد إلا برضاه، له - وحده - ملك السموات والأرض، ثم إليه - وحده - ترجعون فيحاسبكم على أعمالكم.
٤٥ - وإذا ذكر الله - وحده - دون أن تذكر آلهتهم انقبضت ونفرت قلوب الذين لا يؤمنون بالحياة الآخرة، وإذا ذكرت آلهتهم التى يعبدونها من دون الله سارعوا إلى الفرح والاستبشار.
٤٦ - قل - يا محمد - متوجهاً إلى مولاك: يا الله، يا خالق السموات والأرض على غير مثال، يا عالم السر والعلن، أنت - وحدك - تفصل بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون من أمور الدنيا والآخرة، فاحكم بينى وبين هؤلاء المشركين.
٤٧ - ولو أن للذين ظلموا أنفسهم بالشرك كل ما فى الأرض جميعاً وضعفه معه لقدَّموه افتداء لأنفسهم من سوء العذاب الذى أُعد لهم يوم القيامة، وظهر لهم من الله ما لم يخطر على بالهم من العذاب.
٤٨ - وظهر لهم فى هذا اليوم سوء عملهم، وأحاط بهم من العذاب ما كانوا يستهزئون به فى الدنيا.
٤٩ - فإذا أصاب الإنسان ضر نادانا متضرعاً، ثم إذا أعطيناه - تفضلا منا - نعمة قال هذا الإنسان: ما أوتيت هذه النعم إلا لعلم منى بوجوه كسبه، وفات هذا الإنسان أن الأمر ليس كما قال، بل هذه النعمة التى أنعم الله بها عليه اختبار له ليبين له الطائع من العاصى، ولكن أكثر الناس لا يعلمون أنها اختبار وفتنة.
٥٠ - قد قال هذه المقالة الذين من قبل هؤلاء المشركين، فما دفع عنهم العذاب ما اكتسبوه من مال ومتاع.
٥١ - فأصاب الكفار السابقين جزاء سيئات عملهم، والظالمون من هؤلاء المخاطبين سيصيبهم جزاء سيئات عملهم، وما هؤلاء بمفلتين من العقاب.
٥٢ - أيقول هؤلاء ما قالوا، ولم يعلموا أن الله يوسع الرزق لمن يشاء من عباده، ويعطيه بقدر لمن يشاء على مقتضى حكمته؟ إن فى هذا لعبراً لقوم يؤمنون.
٥٣ - قل يا محمد - مبلغاً عن ربك: يا عبادى الذين أكثروا على أنفسهم من المعاصى، لا تيأسوا من رحمة الله، إن الله يتجاوز عن الذنوب جميعاً، إنه هو - وحده - العظيم فى مغفرته ورحمته.
٥٤ - وارجعوا - أيها المسرفون على أنفسهم - إلى مالك أمركم ومربيكم، وانقادوا له من قبل أن يجيئكم العذاب ثم لا ينصركم أحد من الله ويدفع عنكم عذابه.
٥٥ - واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم - وهو القرآن الكريم - من قبل أن يجيئكم العذاب فجأة وعلى غير استعداد، وأنتم لا تعلمون بمجيئه.
٥٦ - ارجعوا إلى ربكم، وأسلموا له، واتبعوا تعاليمه، لئلا تقول نفس مذنبة حينما ترى العذاب: يا أسفى على ما فرَّطت فى جنب الله وحقه، وإنى كنت فى الدنيا لمن المستهزئين بدينه.
٥٧ - أو تقول تلك النفس المذنبة - متحملة للعذر -: لو أن الله وفقنى للهدى لكنت فى الدنيا من الذين وقوا أنفسهم من عذاب الله بالإيمان والعمل الصالح.
٥٨ - أو تقول تلك النفس المذنبة - حين تشاهد العذاب -: ليت لى رجعة إلى الدنيا، فأكون فيها ممن يحسنون العقيدة والعمل.
٥٩ - بلى - أيها النادم - قد جاءتك تعاليمى على لسان الرسل، فكذبت بها وتعاليت عن اتباعها، وكنت فى دنياك من الثابتين على الكفر.
٦٠ - ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله - فنسبوا إليه ما ليس له - وجوههم مسودة من الحزن والكآبة، إن فى جهنم مقراً للمتكبرين المتعالين عن الحق.
٦١ - ويُنجِّى الله الذين جعلوا لهم وقاية من عذاب الله - بما سبق فى علمه من فوزهم - لاختيارهم الهدى على الضلال، لا يصيبهم فى هذا اليوم السوء، ولا هم يحزنون على فوت نعيم كانوا يؤملونه.
٦٢ - الله خالق كل شئ، وهو - وحده - على كل شئ وكيل، يتولى أمره بمقتضى حكمته.
٦٣ - لله - وحده - تصاريف أمور السموات والأرض، فلا يتصرف فيهن سواه، والكافرون بحجج الله وبراهينه هم وحدهم - الخاسرون أتم خسران.
٦٤ - قل - يا محمد - أفبعد وضوح الآيات على وجوب توحيد الله بالعبادة تأمرونى أن أخص غيره بالعبادة أيها الجاهلون؟!
٦٥ - وأقسم: لقد أوحى إليك - يا محمد - وإلى الرسل من قبلك: لئن أشركت بالله شيئاً ما، ليبطلن الله عملك، ولتكونن من القوم الخاسرين أتم خسران.
٦٦ - لا تجبهم - أيها الرسول - إلى ما طلبوه منك، بل اعبد الله - وحده - وكن من القوم الشاكرين له على نعمه.
٦٧ - وما عظَّم المشركون الله حق عظمته، وما عرفوه حق معرفته إذ أشركوا معه غيره، ودعوا الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى الشرك به، والأرض جميعها مملوكة له يوم القيامة، والسموات قد طويت - كما تطوى الثياب - بيمينه، تنزه الله عن كل نقص، وتعالى علواً كبيراً عما يشركونه من دونه.
٦٨ - وسينفخ - حتماً - فى الصور، فيموت من فى السموات ومن فى الأرض إلا من شاء الله أن يؤخرهم إلى وقت آخر، ثم نفخ فيه أخرى فإذا الجميع قائمون من قبورهم ينتظرون ما يُفعل بهم.
٦٩ - وأضاءت الأرض - يومئذ - بنور خالقها ومالكها، وأعد الكتاب الذى سجلت فيه أعمالهم، وأحضر الأنبياء والعدول ليشهدوا على الخلق، وفصل بين الخلق بالعدل، وهم لا يظلمون بنقص ثواب أو زيادة عقاب.
٧٠ - وأعطيت كل نفس جزاء عملها، والله أعلم بفعلهم.
٧١ - وحُثَّ الكافرون على السير - بعنف - إلى جهنم جماعات جماعات، حتى إذا بلغوها فتحت أبوابها، وقال لهم حراسها - موبخين -: ألم يأتكم سفراء عن الله من نوعكم، يقرأون عليكم آيات ربكم، ويُخوِّفونكم لقاء يومكم هذا؟ قال الكافرون مقرين: بلى جاءتنا الرسل، ولكن وجبت كلمة العذاب على الكافرين، لاختيارهم الكفر على الإيمان.
٧٢ - قيل لهم: ادخلوا أبواب جهنم مقدرا لكم فيها الخلود، فبئست جهنم مستقرا للمتعالين عن قبول الحق.
٧٣ - وحُثَّ المتقون على السير - مكرمين - إلى الجنة جماعات جماعات، حتى إذا بلغوها، وقد فتحت أبوابها، وقال لهم حفظتها: أمان عظيم عليكم، طبتم فى الدنيا من دنس المعاصى، وطبتم فى الآخرة - نفساً - بما نلتم من النعيم، فادخلوها مُقَدَّراً لكم الخلود، فإن لكم من النعيم ما لا يخطر على بال.
٧٤ - وقال المتقون: الثناء لله - وحده - الذى حقق لنا ما وعدنا به على لسان رسله، وملكنا أرض الجنة ننزل منها حيث نشاء، فنعم أجر العاملين المحسنين الجنة.
٧٥ - وترى - أيها الرائى - الملائكة محيطين بالعرش، يزهون الله عن كل نقص، تنزيهاً مقترناً بحمد خالقهم ومربيهم، وفصل بين جميع الخلائق بالعدل، ونطق الكون كله قائلا: الحمد لله رب الخلائق كلها.