تفسير سورة الحجر

المنتخب
تفسير سورة سورة الحجر من كتاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم المعروف بـالمنتخب .
لمؤلفه مجموعة من المؤلفين .

١ - تلك آيات الكتاب المنزل المقروء المبين الواضح.
٢ - يود ويتمنى الذين جحدوا بأيات اللَّه - سبحانه وتعالى - كثيرا عندما يرون عذاب يوم القيامة، أن لو كانوا قد أسلموا فى الدنيا وأخلصوا دينهم لله.
٣ - ولكنهم الآن غافلون عما يستقبلهم فى الآخرة من عذاب، فدعهم بعد تبليغهم وإنذارهم، ليس لهم همٌّ إلا أن يأكلوا ويستمتعوا بملاذ الدنيا، ويصرفهم أملهم الكاذب، فمن المؤكد أنهم سيعلمون ما يستقبلهم عندما يرونه رأى العين يوم القيامة.
٤ - وإذا كانوا يطلبون إنزال العذاب الدنيوى كما أهلك اللَّه الذين من قبلهم، فليعلموا أن اللَّه لا يهلك مدينة أو أمة إلا لأجل معلوم عنده.
٥ - لا يتقدمون عليه ولا يتأخرون عنه.
٦ - وإن من قُبح حالهم وشدة غفلتهم أن ينادوا النبى متهكمين قائلين: - أيها الذى نُزِّل عليه الكتاب للذِّكر - إن بك جنونا مستمرا، فليس النداء بنزول الذكر عليه إلا للتهكم.
٧ - ولفرط جحودهم يقولون بعد ذلك الشتم والتهكم: هلا أتيتنا بدل الكتاب المنزل بملائكة تكون لك حجة إن كنت صادقاً معدوداً فى الصادقين.
٨ - وقد أجابهم اللَّه تعالت كلماته: ما نُنزل الملائكة إلا ومعهم الحق المؤكد الثابت الذى لا مجال لإنكاره، فإن كفروا به فإنهم لا يمهلون، بل ينزل بهم العذاب الدنيوى فوراً.
٩ - وإنه لأجل أن تكون دعوة النبى بالحق قائمة إلى يوم القيامة، لم ننزل الملائكة، بل أنزلنا القرآن المستمر تذكيره للناس، وإنا لحافظون له من كل تغيير وتبديل أو زيادة أو نقصان حتى تقوم القيامة.
١٠ - ولا تحزن - أيها الرسول الأمين - فقد أرسلنا قبلك رسلاً فى طوائف تتعصب للباطل مثل تعصبهم، ولقد مضوا مع الأولين الذين هلكوا لجحودهم.
١١ - وما كان شأن الذين سبقوهم فى تعصبهم للباطل إلا أن يستهزئوا برسلهم رسولا رسولا، كما يستهزئون بك، فتلك سنة المبطلين.
١٢ - كما أدخلنا القرآن فى قلوب المؤمنين فأضاءها، أدخلنا الباطل فى قلوب الذين اتسموا بالإجرام، فانقلبت الأوضاع فى قلوبهم، إذ تأصل الباطل فى نفوسهم.
١٣ - لا يؤمن المجرمون به وقد مضت طريقة اللَّه تعالى فى إمهالهم حتى يروا عذاب يوم القيامة المؤلم.
١٤ - إن هؤلاء يطلبون أن تنزل عليهم الملائكة، ولا تظن - أيها النبى - أنهم يؤمنون لو نزلت، بل لو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يصعدون، يرون العجائب ويرون الملائكة.
١٥ - ما آمنوا، ولقالوا: إنما حبست أبصارنا عن النظر، وغطيت، بل إن ما كان هو السحر، وقد سحرنا، فلا جدوى فى أى آية مع الجحود فى قلوبهم.
١٦ - وإننا قد جعلنا فى السماء نجوماً لتكون مجموعات متعددة مختلفة الأشكال والهيئات، وزيناها بذلك للذين ينظرون متأملين معتبرين مستدلين بها على قدرة مبدعها.
١٧ - ولكن حفظناها من كل شيطان جدير بالرجم والطرد من رحمة اللَّه تعالى.
١٨ - من يحاول من هؤلاء الشياطين أن يسترق الاستماع إلى الكلام الذى يجرى بين سكان هذه النجوم، فإنا نلحقه بجرم سماوى واضح بيِّن.
١٩ - وخلقنا لكم الأرض ومهدناها حتى صارت كالبساط الممدود، ووضعنا فيها جبالاً ثابتة، وأنبتنا لكم فيها من كل أنواع النبات ما يحفظ حياتكم، وجعلناه مُقدرا بأزمان معينة فى نموه وغذائه، ومُقدَّراً بمقدار حاجتكم ومقدار كميته، وفى أشكاله فى الخلق والطبيعة.
٢٠ - وجعلنا فى الأرض أسباب المعيشة الطيبة لكم، ففيها الحجارة التى تبنون منها المساكن، والحيوان الذى تنتفعون بلحمه أو جلده أو ريشه، والمعادن التى تخرج من بطنها، وغير ذلك، وكما أن فيها أسباب المعيشة الطيبة، ففيها المعيشة أيضا لمن يكونون فى ولايتكم من عيال وأتباع، فالله - وحده - هو يرزقهم وإياكم.
٢١ - وما من شئ من الخير إلا عندنا كالخزائن المملوءة، من حيث تهيئته وتقديمه فى وقته، وما ننزله إلى العباد إلا بقدر معلوم حددته حكمتنا فى الكون.
٢٢ - وقد أرسلنا الرياح حاملة بالأمطار وحاملة بذور الإنبات، وأنزلنا منها الماء وجعلناه سقيا لكم، وأن ذلك خاضع لإرادتنا، ولا يتمكن أحد من التحكم فيه حتى يصير عنده كالخزائن.
٢٣ - وإنا - وحدنا - نُمد الأشياء بالحياة، ثم ننقلها إلى الموت إذ الوجود كله لنا.
٢٤ - وكل منكم له أجل محدود، نعلمه نحن، فنعلم الذين يتقدمون فى الموت والحياة، والذين يتأخرون.
٢٥ - وأن المتقدمين والمتأخرين سيجمعون فى وقت واحد، وسيحاسبهم ويجازيهم اللَّه، وإن ذلك مقتضى حكمته وعلمه، وهو الذى يسمى الحكيم العليم.
٢٦ - وإننا فى خلقنا للعاملين فى هذه الأرض خلقنا طبيعتين: خلقنا الإنسان من طين يابس يصوت إذا نقر عليه.
٢٧ - وعالم الجن خلقناه من قبل حين خلق أصله إبليس من النار ذات الحرارة الشديدة النافذة فى مسام الجسم الإنسانى.
٢٨ - واذكر - أيها النبى - أصل الخلق، إذ قال خالقك رب العالمين للملائكة: إنى مبدع بشراً خلقته من طين يابس، له صوت إذا نقر عليه، هو متغير اللون له صورة.
٢٩ - فإذا أكملته خلقاً ونفخت فيه الروح التى هى ملكى، فانزلوا بوجوهكم ساجدين له تحية وإكراما.
٣٠ - فسجدوا جميعاً خاضعين لأمر الله.
٣١ - لكن إبليس أبى واستكبر أن يكون مع الملائكة الذين خضعوا لأمر الله.
٣٢ - عند إذ قال اللَّه تعالى: يا إبليس، ما الذى سوَّغ لك أن تعصى ولا تكون مع الخاضعين الساجدين.
٣٣ - قال إبليس: ما كان من شأنى أن أسجد لإنسان خلقته من طين يابس له صوت إذا نقر عليه، وهو متغير اللون مصور.
٣٤ - قال الله تعالى: إذا كنت متمردا خارجا على طاعتى، فاخرج من الجنة فإنك مطرود من رحمتى ومن مكان الكرامة.
٣٥ - وإنى قد كتبت عليك الطرد من الرحمة والكرامة إلى يوم القيامة، يوم الحساب والجزاء، وفيه يكون لك ولمن اتبعك العقاب.
٣٦ - قال إبليس - وهو المتمرد على طاعة الله: يا خالقى، أمهلنى ولا تقبضنى إلى يوم القيامة، يوم يبعث الناس أحياء بعد موتهم.
٣٧ - قال الله تعالى: إنك من المؤجلين الممهلين.
٣٨ - إلى وقت قدرته وهو معلوم لى، ومهما يطل فهو محدود.
٣٩ - قال إبليس المتمرد العاصى: يا خالقى الذى يبقينى، لقد أردت لى الضلال فوقعت فيه، وبسبب ذلك لأزينن لبنى آدم السوء، ولأعملن على ضلالهم أجمعين.
٤٠ - ولن ينجو من إضلالى إلا الذين أخلصوا لك من العباد، ولم أتمكن من الاستيلاء على نفوسهم لعمرانها بذكرك.
٤١ - إن خلوص العباد الذين أخلصوا دينهم هو طريق مستقيم بحق علىَّ لا أتعداه، لأنى لا أستطيع إضلالهم.
٤٢ - قال اللَّه تعالى: إن عبادى الذين أخلصوا لى دينهم ليس لك قدرة على إضلالهم، لكن من اتبعك من الضالين الموغلين فى الضلال لك سلطان على نفوسهم.
٤٣ - وإن النار الشديدة العميقة هى ما يوعدون به أجمعين من عذاب أليم.
٤٤ - وليس للنار الشديدة باب واحد، بل لها أبواب سبعة لكثرة المستحقين لها، لكل باب طائفة مختصة به، ولكل طائفة مرتبة معلومة تتكافأ مع شرهم.
٤٥ - هذا جزاء الذين يتبعون الشيطان، أما الذين عجز الشيطان عن إغوائهم لأنهم يجعلون بينه وبين نفوسهم حجابا، فلهم حدائق عظيمة وعيون جارية.
٤٦ - يقول لهم ربهم: ادخلوا هذه الجنات باطمئنان آمنين فلا خوف عليكم، ولا تحزنون على أوقاتكم.
٤٧ - وإن أهل الإيمان يعيشون فى هذا النعيم طيبة نفوسهم، فقد أخرجنا ما فيها من حقد، فهم جميعاً يكونون إخوانا يجلسون على أسِرَّةٍ تتقابل وجوههم بالبشر والمحبة، ولا يتدابرون كل ينقب عما وراء الآخر.
٤٨ - لا يمسهم فيها تعب، وهى نعيم دائم لا يخرجون منها أبدا.
٤٩ - أخبر - أيها النبى الأمين - عبادى جميعاً: أنى كثير الغفران والعفو لمن تاب وآمن وعمل صالحاً، وأنى كثير الرحمة بهم.
٥٠ - وأخبرهم أن العذاب الذى أنزله بالعصاة الجاحدين هو العذاب المؤلم حقا، وكل عذاب غيره لا يعد إلى جواره.
٥١ - ونبئهم - أيها النبى - فى بيان رحمتى الخاصة فى الدنيا، وعذابى للعصاة فيها، عن الضيف من الملائكة الذين نزلوا على إبراهيم.
٥٢ - اذكر - أيها الأمين - إذ دخلوا عليه فخاف منهم، فقالوا له: أمنا واطمئنانا. فقال لهم: إنا خائفون منكم إذ فاجأتمونا وجئتم فى غير وقت للضيف عادة، ولا نعلم ما وراءكم.
٥٣ - قالوا: لا تخف واطمئن، فإنا نبشرك بمولود لك يؤتيه الله - تعالى - فى مستقبل حياته علما عظيما.
٥٤ - قال: كيف تبشرونى بمولود يولد لى مع أنه قد أصابتنى الشيخوخة بضعفها، فعلى أى وجه تبشروننى بهذا الأمر الغريب؟!.
٥٥ - قالوا: بشرناك بالأمر الثابت الذى لا شك فيه، فلا تكن ممن ييأسون من رحمة الله.
٥٦ - قال إبراهيم: إنى لا أيأس من رحمة الله، فإنه لا ييأس من رحمة الله إلا الضالون الذين لا يدركون عظمته وقدرته.
٥٧ - قال، وقد استأنس بهم: إذا كنتم قد بشرتمونى بهذه البشرى، فماذا يكون من شأنكم بعدها، أيها الذين أرسلكم الله.
٥٨ - قالوا: إنا أرْسَلَنَا الله - تعالى - إلى قوم أجرموا فى حق الله وحق نبيهم وحق أنفسهم، من شأنهم الإجرام - هم قوم لوط - فسنهلكهم.
٥٩ - ولم يسلم من الإجرام وعذابه إلا أهل لوط، فإن الله - تعالى - قد أمرنا بأن ننجيهم أجمعين.
٦٠ - ولا يستثنى من أهله إلا امرأته، فإنها لم تتبع زوجها، بل كانت مع المجرمين الذين استحقوا العذاب.
٦١ - ولما نزل أولئك الملائكة الذين أرسلهم الله - تعالى - لإنزال ما توعد به، بأرض لوط وآله.
٦٢ - قال لهم لوط: إنكم قوم تنكركم نفسى وتنفر منكم، مخافة أن تمسونا بشر.
٦٣ - قالوا: لا تخف منا، فما جئناك بما تخاف، بل جئناك بما يسرك، وهو إنزال العذاب بقومك الذين كذبوك، وكانوا يشكون فى صدقه أو ينكرونه.
٦٤ - وجئناك بالأمر الثابت الذى لا شك فيه وهو إنزال العذاب، وإن صدق الوعد من صفاتنا بأمر الله.
٦٥ - وما دام العذاب نازلاً بهم، فسر ليلاً مع أهلك الذين كتبت نجاتهم، بعد مرور قطع من الليل.
٦٦ - وقد أوحى الله - سبحانه وتعالى - إلى لوط: أنا حكمنا وقدرنا أن هؤلاء المجرمين هالكون، يستأصلون عند دخول الصباح، ولا يبقى منهم أحد.
٦٧ - ولما أصبح رأوا الملائكة فى صورة جميلة من صور البشر، ففرحوا بهم رجاء أن يفعلوا معهم جريمتهم الشنيعة، وهى إتيان الرجال.
٦٨ - خشى لوط أن يفعلوا فعلتهم الشنيعة فقال: إن هؤلاء ضيوفى فلا تفضحونى بفعلتكم القبيحة.
٦٩ - وخافوا الله تعالى، فلا ترتكبوا فاحشتكم، ولا توقعونى فى الخزى والذل أمامهم.
٧٠ - قال أولئك المجرمون: أو لم ننهك أن تستضيف أحدا من الناس ثم تمنعنا من أن نفعل معهم ما نشتهى؟!.
٧١ - قال نبى الله لوط - ينبههم إلى الطريق الطبيعى الشرعى: هؤلاء بنات القرية وهم بناتى، تزوجوهن إن كنتم راغبين فى قضاء الشهوة.
٧٢ - بحق حياتك - أيها النبى - الأمين، إنهم لفى غفلة عما سينزل بهم، جعلتهم كالسكارى، إنهم لضالون متحيرون لا يعرفون ما يسلكون.
٧٣ - وبينما هم فى هذه السكرة الغافلة، استولى على ألبابهم صوت شديد الإزعاج وقد أشرقت الشمس.
٧٤ - ولقد نفذ اللَّه - سبحانه - حكمه فقال: جعلنا عالى مدائنهم سافلها بانقضاضها، وأنزلنا عليه طينا متحجرا كان ينزل كالمطر، فدورهم تهدمت، وإن خرجوا إلى العراء استقبلتهم تلك الأمطار من الحجارة، وبذلك أحيط بهم.
٧٥ - إن فى هذا الذى نزل بقوم لوط لعلامة بينة تدل على تنفيذ اللَّه وعيده، يعرفها الذين يتعرفون الأمور ويدركون نتائجها من سماتها. فكل عمل موصوف بالإجرام متسم به، له مثل هذه النتيجة فى الدنيا وفى الآخرة.
٧٦ - وأن هذه المدينة آثارها قائمة ثابتة، وهى واقعة على طريق ثابت يسلكه الناس ويعرفونه ويعتبر بها من أراد الاعتبار.
٧٧ - وأن فى بقائها قائمة على طريق واضح لدليلا على تنفيذ اللَّه - تعالى - وعيده، يدركه المؤمنون المذعنون للحق.
٧٨ - ومثل تكذيب قوم لوط، كذَّب أصحاب الغيضة العظيمة ذات الثمرات رسولهم، وكانوا ظالمين شديدى الظلم فى عقائدهم ومعاملاتهم.
٧٩ - فأنزلنا نقمتنا عليهم، وإن أثارهم بطريق واضح بَين يعتبر بهم من يمر بديارهم، إن كان من أهل الإيمان.
٨٠ - ولقد كذَّب - مثل السابقين - أصحاب الحجر رسولهم الذى أرسل إليهم، وكانوا لهذا مكذبين كل المرسلين، لأن رسالة الله واحدة.
٨١ - بينا لهم الحجج الدالة على قدرتنا ورسالة رسولنا، فكانوا معرضين عنها لا يفكرون فيها.
٨٢ - وكانوا قوما ذوى منعة وعمران، فكانوا يصنعون بيوتهم فى الجبال ومن الجبال، كانوا بها مطمئنين على أنفسهم وأموالهم.
٨٣ - فلما كفروا وجحدوا أتتهم أصوات مزعجة منذرة بالهلاك، فأهلكوا فى وقت الصباح.
٨٤ - وما دفع عنهم الهلاك الذى نزل بهم ما كانوا يكسبون من أموال، ويتحصنون به من حصون.
٨٥ - ما أنشأنا السموات والأرض وما بينهما - من فضاء، وما فيهما من أناس وحيوان ونبات وجماد، وغيرها مما لا يعلمه البشر - إلا بالعدل والحكمة والصلاح والذى لا يتفق معه استمرار الفساد وعدم نهايته، ولذا كان اليوم الذى يكون فيه انتهاء الشر آتيا لا محالة، واصفح - أيها النبى - الكريم عن المشركين بالنسبة للعقاب الدنيوى، وعاملهم بالصبر على أذاهم، والدعوة بالحكمة معاملة الصفوح الحليم.
٨٦ - إن اللَّه الذى خلقك - أيها النبى - ورباك هو الكثير الخلق، العليم بحالك وحالهم، فهو حقيق بأن تكل إليه أمرك وأمرهم، وهو الذى يعلم الأصلح لك ولهم.
٨٧ - ولقد آتيناك - أيها النبى الأمين - سبع آيات من القرآن، هى الفاتحة التى تكررها فى كل صلاة، وفيها الضراعة لنا، وكمال طلب الهداية، وأعطيناك القرآن العظيم كله، وفيه الحجة والإعجاز، فأنت بهذا القوى الذى يجدر منه الصفح.
٨٨ - لا تنظر - أيها الرسول - نظرة تمن ورغبة إلى ما أعطيناه من مُتَع الدنيا أصنافاً من الكفار المشركين واليهود والنصارى والمجوس، فإنه مستصغر بالنسبة لما أوتيته من كمال الاتصال بنا ومن القرآن العظيم، ولا تحزن عليهم بسبب استمرارهم على غيهم، وَأَلِنْ جانبك وتواضع وارفق بالذين معك من المؤمنين، فإنهم قوة الحق وأهل اللَّه.
٨٩ - وقل - أيها النبى - للجاحدين جميعاً: إنى أنا المنذر لكم بعذابى الشديد، والمبين إنذارى بالأدلة القاطعة المعجزة.
٩٠ - وإن هذا مثل إنذار أولئك الذين قسموا القرآن إلى شعر وكهانة وأساطير وغيرها، ولم يؤمنوا به مع قيام الحجة عليهم.
٩١ - الذين جعلوا القرآن بهذا التقسيم قطعاً متفرقة، وهو كل لا يقبل التجزئة فى إعجازه وصدقه.
٩٢ - وإذا كانت تلك حالهم، فوالذى خلقك وحفظك ورباك لنحاسبنهم أجمعين يوم القيامة.
٩٣ - على أعمالهم من إيذاء وجحود واستهزاء.
٩٤ - فاجهر بدعوة الحق ولا تلتفت إلى ما يفعله المشركون ويقولونه.
٩٥ - وإن أولئك المشركين - الذين يسخرون من دعوتك - لن يتمكنوا منك ولن يستطيعوا أن يحولوا بينك وبين دعوتك.
٩٦ - أولئك المشركون قد ضعفت مداركهم فجعلوا مع اللَّه آلهة أخرى من الأوثان، وسوف يعلمون نتائج شركهم حين ينزل بهم العذاب الأليم.
٩٧ - وإنا لنعلم ما يصيبك من ضيق وألم نفسى بما يقولونه من ألفاظ الشرك والاستهزاء والاستهانة.
٩٨ - فإذا أصابك ذلك الضيق فافزع إلى الله - تعالى - واتجه إليه، وكن من الخاضعين الضارعين إليه، واستعن بالصلاة فإن فيها الشفاء.
٩٩ - والتزم عبادة الله الذى خلقك وهو حافظك حتى ينتهى أجلك وتلحق بالرفيق الأعلى.
Icon