تفسير سورة سورة الحجر من كتاب الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
المعروف بـالوجيز للواحدي
.
لمؤلفه
الواحدي
.
المتوفي سنة 468 هـ
ﰡ
﴿الر﴾ أنا الله أرى ﴿تلك آيات﴾ هذه آيات ﴿الكتاب﴾ الذي هو قرآن مبين للأحكام
﴿ربما يودُّ﴾ الآية نزلت في تمنِّي الكفَّار الإِسلام عند خرةج مَنْ يخرج من النَّار
﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا﴾ يقول: دع الكفَّار يأخذوا حظوظهم من دنياهم ﴿ويلههم الأمل﴾ يشغلهم عن الأخذ بحظِّهم من الإِيمان والطَّاعة ﴿فسوف يعلمون﴾ إذا وردوا القيامة وبال ما صنعوا
﴿وما أهلكنا من قرية﴾ يعني: أهلها ﴿إِلا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ﴾ أجلٌ ينتهون إليه يعني: إنَّ لأهل كلِّ قرية أجلاً مؤقَّتاً لا يُهلكهم حتى يبلغوه
﴿ما تسبق من أمة أجلها﴾ أيْ: ما تتقدَّم الوقت الذي وُقَّت لها ﴿وما يستأخرون﴾ لا يتأخَّرون عنه
﴿وقالوا يا أيها الذي نُزِّل عليه الذكر﴾ أَي: القرآن قالوا هذا استهزاءً
﴿لو ما﴾ هلا ﴿تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين﴾ أنَّك نبيٌّ فقال الله عز وجل:
﴿ما ننزل الملائكة إلاَّ بالحق﴾ أَيْ: بالعذاب ﴿وما كانوا إذاً منظرين﴾ أَيْ: لو نزلت الملائكة لم يُنظروا ولم يُمهلوا
﴿إنا نحن نزلنا الذِّكر﴾ القرآن ﴿وإنا له لحافظون﴾ من أن يُزاد فيه أو يُنقص
﴿ولقد أرسلنا من قبلك﴾ أَيْ: رسلاً ﴿في شيع الأوَّلين﴾ أَيْ: فِرَقِهم
﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يستهزئون﴾ تعزية للنبي صلى الله عليه وسلم
﴿كذلك﴾ أَيْ: كما فعلوا ﴿نسلكه﴾ ندخل الاستهزاء والشِّرك والضَّلال ﴿في قلوب المجرمين﴾ ثمَّ بيَّن أَيَّ شيء الذي أدخل في قلوبهم فقال:
﴿لا يؤمنون به﴾ أَيْ: بالرَّسول ﴿وقد خلت﴾ مضت ﴿سنَّة الأولين﴾ بتكذيب الرُّسل فهؤلاء المشركون يقتفون آثارهم في الكفر
﴿ولو فتحنا عليهم﴾ على هؤلاء المشركين ﴿باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون﴾ فطفقوا فيه يصعدون لجحدوا ذلك وقالوا:
﴿إنما سكِّرت أبصارنا﴾ أَيْ: سُدَّت بالسِّحر فتتخايل لأبصارنا غير ما نرى ﴿بل نحن قوم مسحورون﴾ سحرنا محمد - ﷺ - فلا نبصر
﴿ولقد جعلنا في السماء بروجاً﴾ يعني: منازل الشَّمس والقمر ﴿وزيناها﴾ بالنُّجوم للمعتبرين والمستدلِّين على توحيد صانعها
﴿وحفظناها من كلّ شيطان رجيم﴾ مرميٍّ بالنُّجوم
﴿إلاَّ من استرق السمع﴾ يعني: الخطفة اليسيرة ﴿فأتبعه﴾ لحقه ﴿شهاب﴾ نارٌ ﴿مبين﴾ ظاهرٌ لأهل الأرض
﴿والأرض مددناها﴾ بسطناها على وجه الماء ﴿وَأَلْقَيْنَا فيها رواسي﴾ جبالاً ثوابت لئلا تتحرَّك بأهلها ﴿وأنبتنا فيها﴾ في الجبال ﴿من كلِّ شيء موزون﴾ كالذَّهب والفضَّة والجواهر
﴿وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ﴾ من الثِّمار والحبوب ﴿ومَنْ لستم له برازقين﴾ العبيد والدَّوابَّ والأنعام تقديره: وجعلنا لكم فيها معايش وعبيداً وإماءً ودوابَّ نرزقهم ولا ترزقوهم
﴿وإن من شيء﴾ يعني: من المطر ﴿إلاَّ عندنا خزائنه﴾ أَيْ: في حكمنا وأمرنا ﴿وما ننزله إلاَّ بقدر معلوم﴾ لا ننقصه ولا نزيده غير أنَّه يصرفه إلى مَنْ يشاء حيث شاء كما شاء
﴿وأرسلنا الرياح لواقح﴾ السَّحاب تَمُجُّ الماء فيه فهي لواقح بمعنى: ملقحاتٌ وقيل: لواقح: حوامل لأنَّها تحملُ الماء والتُّراب والسَّحاب ﴿فأسقيناكموه﴾ جعلناه سقياً لكم ﴿وَمَا أَنْتُمْ لَهُ﴾ لذلك الماء المنزل من السَّماء ﴿بخازنين﴾ بحافظين أَيْ: ليست خزائنه بأيديكم
﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ﴾ إذا مات جميع الخلائق
﴿ولقد علمنا المستقدمين﴾ الآية خص رسول الله ﷺ عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ فِي الصَّلاةِ فَازْدَحَمَ النَّاسُ عليه فأنزل الله سبحانه هذه الآية يقول: قد علمنا جميعهم وإنَّما نجزيهم على نياتهم
﴿وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾
﴿ولقد خلقنا الإنسان﴾ آدم ﴿من صلصال﴾ طينٍ منتنٍ ﴿من حمأ﴾ طينٍ أسود ﴿مسنون﴾ متغيِّر الرَّائحة
﴿والجانَّ﴾ أبا الجنِّ ﴿خلقناه من قبل﴾ خَلْقِ آدم ﴿مِنْ نَارِ السَّمُومِ﴾ وهي نارٌ لا دخان لها
﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾
﴿فإذا سويته﴾ عدَّلت صورته ﴿ونفخت فيه﴾ وأجريت فيه ﴿من روحي﴾ المخلوقة لي ﴿فقعوا﴾ فخرُّوا ﴿له ساجدين﴾ سجود تحية وقوله:
﴿فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾
﴿إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾
﴿قال يا إبليس ما لك أن لا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾
﴿قَالَ لَمْ أَكُنْ لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾
﴿قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾
﴿وإنَّ عليك اللعنة﴾ الآية يقول: يلعنك أهل السَّماء وأهل الأرض إلى يوم الجزاء فتحصل حينئذٍ من عذاب النار وقوله:
﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾
﴿قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾
﴿إلى يوم الوقت المعلوم﴾ يعني: النَّفخة الأولى حين يموت الخلائق
﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أغويتني﴾ أَيْ: بسبب إغوائك إيَّاي ﴿لأُزَيِّنَنَّ لهم﴾ لأولاد آدم الباطل حتى يقعوا فيه
﴿إلاَّ عبادك منهم المخلصين﴾ أَيْ: المُوحِّدين المؤمنين الذي أخلصوا دينهم عن الشِّرك
﴿قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عليّ﴾ هذا طريق عليَّ ﴿مستقيم﴾ مرجعه إليَّ فأجازي كلاً بأعمالهم يعني: طريق العبوديَّة
﴿إنَّ عبادي﴾ يعني: الذين هداهم واجتباهم ﴿ليس لك عليهم سلطانٌ﴾ قوَّةٌ وحجَّةٌ في إغوائهم ودعائهم إلى الشِّرك والضَّلال
﴿وإنًّ جهنم لموعدهم أجمعين﴾ يريد: إبليس ومَنْ تبعه من الغاوين
﴿لها﴾ لجهنم ﴿سبعة أبواب﴾ سبعة أطباقٍ طبقٌ فوق طبقٍ ﴿لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ﴾ من أتباع إبليس ﴿جزء مقسوم﴾
﴿إنَّ المتقين﴾ للفواحش والكبائر ﴿فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ يعني: عيون الماء والخمر يقال لهم:
﴿ادخلوها بسلامٍ﴾ بسلامةٍ ﴿آمنين﴾ من سخط الله سبحانه وعذابه
﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾ ذكرناه في سورة الأعراف ﴿إخواناً﴾ متآخين ﴿على سرر﴾ جمع سرير ﴿متقابلين﴾ لا يرى بعضهم قفا بعض
﴿لا يمسهم﴾ لا يصيبهم ﴿فيها نصب﴾ إعياء
﴿نبئ عبادي﴾ أخبر أوليائي ﴿أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ﴾ لأوليائي ﴿الرحيم﴾ بهم
﴿وأنَّ عذابي هو العذاب الأليم﴾ لأعدائي
﴿ونبئهم عن ضيف إبراهيم﴾ يعني: الملائكة الذين أتوه في صورة الأضياف
﴿إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فقالوا سلاماً﴾ سلَّموا سلاماً فـ ﴿قال﴾ إبراهيم: ﴿إنَّا منكم وجلون﴾ فَزِعُون
﴿قالوا لا توجل﴾ : لاتفزع وقوله:
﴿عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ﴾ أَيْ: على حالة الكبر ﴿فبم تبشرون﴾ استفهامُ تعجُّبٍ كأنَّه عجب من الولد على كبره
﴿قالوا بشرناك بالحق﴾ بما قضاه الله أن يكون ﴿فلا تكن من القانطين﴾ الآيسين
﴿قال ومَنْ يقنط﴾ ييئس ﴿من رحمة ربِّه إلاَّ الضالون﴾ المكذِّبون
﴿قال فما خطبكم﴾ ما شأنكم وما الذي جئتم له؟
﴿قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين﴾ يعني: قوم لوط
﴿إلاَّ آل لوط﴾ أتباعه الذين كانوا على دينه وقوله:
﴿قدَّرنا﴾ قضينا ودبَّرنا أنَّها تتخلَّف وتبقى مع مَنْ بقي حتى تهلك وقوله:
﴿فلما جاء آل لوط المرسلون﴾
﴿منكرون﴾ أَيْ: غير معروفين
﴿قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ بالعذاب الذي كانوا يشكُّون في نزوله
﴿وأتيناك بالحق﴾ بالأمر الثَّابت الذي لا شكَّ فيه من عذاب قومك
﴿فأسر بأهلك﴾ مُفسَّرٌ في سورة هود ﴿واتبع أدبارهم﴾ امش على آثارهم ببناتك وأهلك لئلا يتخلَّف منهم أحدٌ ﴿ولا يلتفت منكم أحد﴾ لئلا يرى عظيم ما ينزل بهم من العذاب ﴿وامضوا حيث تؤمرون﴾ حيث يقول لكم جبريل عليه السَّلام
﴿وقضينا إليه﴾ أوحينا إليه وأخبرناه ﴿ذلك الأمر﴾ الذي أخبرته الملائكة إبراهيم من عذاب قومه وهو ﴿أنَّ دابر هؤلاء﴾ أَيْ: أواخر مَنْ تبقَّى منهم ﴿مقطوع﴾ مُهلَكٌ ﴿مصبحين﴾ داخلين في وقت الصُّبح يريد: إنَّهم مهلكون هلاك الاستئصال في ذلك الوقت
﴿وجاء أهل المدينة﴾ مدينة قوم لوط وهي سذوم ﴿يستبشرون﴾ يفرحون طمعاً منهم في ركوب المعاصي والفاحشة حيث أُخبروا أنَّ في بيت لوطٍ مُرداً حساناً فقال لهم لوط:
﴿إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون﴾ عندهم بقصدكم إيَّاهم فيعلموا أنَّه ليس لي عندكم قدرٌ
﴿واتقوا الله ولا تخزون﴾ مذكورٌ في سورة هود
﴿قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عن العالمين﴾ عن ضيافتهم لأنَّا نريد منهم الفاحشة وكانوا يقصدون بفعلهم الغرباء
﴿قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين﴾ هذا الشَّأن يعني: اللَّذة وقضاء الوطر يقول: عليكم بتزويجهن أراد أن يقي أضيافه ببناته
﴿لعمرك﴾ بحياتك يا محمد ﴿إنهم﴾ إنَّ قومك ﴿لفي سكرتهم يعمهون﴾ في ضلالتهم يتمادون وقيل: يعني: قوم لوط
﴿فأخذتهم الصيحة﴾ صاح بهم جبريل عليه السَّلام صيحةً أهلكتهم ﴿مشرقين﴾ داخلين في وقت شروق الشَّمس وذلك أنَّ تمام الهلاك كان مع الإشراق وقوله:
﴿فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سجيل﴾
﴿للمتوسمين﴾ أَي: المُتفرِّسين المُتثبِّتين في النَّظر حتى يعرفوا حقيقة سمة الشَّيء
﴿وإنها﴾ يعني: مدينة قوم لوط ﴿لبسبيل مقيم﴾ على طريق قومك إلى الشَّام وهو طريقٌ لا يندرس ولا يخفى
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ لعبرةً للمصدِّقين يعني: إنَّ المؤمنين اعتبروا بها
﴿وإن كان أصحاب الأيكة﴾ قوم شعيب وكانوا أصحاب غياضٍ وأشجار
﴿فانتقمنا منهم﴾ بالعذاب أخذهم الحرُّ أيَّاماً ثمَّ اضطرم عليهم المكان ناراً فهلكوا ﴿وإنَّهما﴾ يعني: الأيكة ومدينة قوم لوطٍ ﴿لبإمامٍ مبين﴾ لبطريقٍ واضحٍ
﴿ولقد كذَّب أصحاب الحجر﴾ يعني: قوم ثمود والحِجر اسم واديهم ﴿المرسلين﴾ يعني: صالحاً وذلك أنَّ مَنْ كذَّب نبيَّاً فقد كذَّب جميع الرُّسل
﴿وآتيناهم آياتنا﴾ يعني: ما أظهر لهم من الآيات في النَّاقة
﴿وكانوا ينحتون من الجبال بيوتاً﴾ لطول عمرهم كان لا يبقى معهم السُّقوف فاتَّخذوا كهوفاً من الجبال بيوتاً ﴿آمنين﴾ من أن يقع عليهم
﴿فأخذتهم الصيحة﴾ صيحة العذاب ﴿مصبحين﴾ حين دخلوا في وقت الصُّبح
﴿فما أغنى عنهم﴾ ما دفع العذاب ﴿مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ من الأموال والأنعام
﴿وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلاَّ بالحق﴾ أي: للثَّواب والعقاب أُثيب مَنْ آمن بي وصدَّق رسلي وأعاقب مَنْ كفر بي والموعد لذلك السَّاعة وهو قوله تعالى: ﴿وإنَّ الساعة لآتية﴾ أَيْ: إنَّ القيامة تأتي فيجازى المشركون بقبيح أعمالهم ﴿فاصفح﴾ عنهم ﴿الصفح الجميل﴾ أَيْ: أعرض إعراضاً بغير فحشٍ ولا جزعٍ
﴿إن ربك هو الخلاق العليم﴾ بما خلق
﴿ولقد آتيناك سبعاً من المثاني﴾ يعني: الفاتحة وهي سبع آيات وتثنى في كلِّ صلاةٍ امتنَّ الله على رسوله ﷺ بهذه السُّورة كما امتنَّ عليه بجميع القرآن حين قال: ﴿والقرآن العظيم﴾ أي: العظيم القدر
﴿لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ﴾ نُهي رسول الله ﷺ عن الرَّغبة في الدُّنيا فخظر عليه أن يمدَّ عينيه إليها رغبةً فيها وقوله: ﴿أزواجاً منهم﴾ أَيْ: أصنافاً من الكفَّار كالمشركين واليهود وغيرهم يقول: لا تنظر إلى ما متَّعناهم به في الدُّنيا ﴿ولا تحزن عليهم﴾ إن لم يؤمنوا ﴿واخفض جَناحَكَ للمؤمنين﴾ ليِّن جانبك وارفق بهم
﴿وقل إني أنا النذير المبين﴾ أنذركم عذاب الله سبحانه وأُبيِّن لكم ما يقرِّبكم إليه
﴿كما أنزلنا﴾ أَيْ: عذابنا ﴿على المقتسمين﴾ وهم الذين اقتسموا طرق مكة يصدُّون الناس عَنْ الإيمان بمحمد ﷺ فأنزل الله تعالى بهم خزياً فماتوا شرَّ ميتةٍ
﴿الذين جعلوا القرآن عضين﴾ جزَّؤوه أجزاءً فقالوا: سحرٌ وقالوا: أساطير الأولين وقالوا: مفترى
﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾
﴿عما كانوا يعملون﴾ أَيْ: يفترون من القول في القرآن يريد: لنسألنَّهم سؤال توبيخٍ وتقريعٍ
﴿فاصدع بما تؤمر﴾ يقول: أَظهرْ ما تؤمر واجهر بأمرك ﴿وأعرض عن المشركين﴾ لا تُبالِ بهم ولم يزل النبي ﷺ مستخفياً حتى نزلت هذه الآية
﴿إنا كفيناك المستهزئين﴾ وكانوا خمسة نفرٍ: الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وعدي بن قيس والأسود بن المطلب والأسود بن عبد يغوث سلَّط الله سبحانه عليهم جبريل عليه السَّلام حتى قتل كلَّ واحدٍ منهم بآفةٍ وكفى نبيه عليه السَّلام شرَّهم
﴿الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ فَسَوْفَ يعلمون﴾
﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ﴾
﴿فسبح بحمد ربك﴾ قل: سبحان الله وبحمده ﴿وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾ المصلِّين
﴿واعبد ربك حتى يأتيك اليقين﴾ أَي: الموت