ﰡ
إن قلتَ : كيف وصفوه بالجنون، مع قولهم :﴿ نُزّل عليه الذكر ﴾ أي القرآن، المستلزم ذلك لاعترافهم بنبوّته ؟ !
قلتُ : إنما قالو ذلك ( استهزاء وسخرية )، لا اعترافا، كما قال فرعون لقومه :﴿ إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ﴾ [ الشعراء : ٢٧ ].
أو فيه حذف : أي يا أيها الذي تدّعي أنك نزل عليك الذّكر.
إن قلتَ : كيف قال ذلك، والوارث من يتجدّد له الملك، بعد فناء المورِّث، والله تعالى لم يتجدّد له ملك، لأنه لم يزل مالكا للعالم ؟ !
قلتَ : الوارث لغة هو الباقي بعد فناء غيره، وإن لم يتجدّد له ملك، فمعنى الآية : ونحن الباقون بعد فناء الخلائق، أو إنّ الخلائق لما كانوا يعتقدون أنهم مالكون، ويسمون بذلك أيضا مجازا ثم ماتوا، خلُصت الأملاك كلّها لله تعالى، عن ذلك التعلق، فبهذا الاعتبار سُمّي ( وارثا ).
ونظير ذلك قوله تعالى :﴿ لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ﴾ [ غافر : ١٦ ]، والملك له أزليّ وأبديّ.
قال ذلك هنا بتعريف الجنس، ليناسب ما قبله من التعبير بالجنس، في قوله تعالى ﴿ ولقد خلقنا الإنسان ﴾ [ الحجر : ٢٦ ] ﴿ والجان خلقناه ﴾ [ الحجر : ٢٧ ] ﴿ فسجد الملائكة ﴾ [ الحجر : ٣٠ ].
وقال في ( ص ) :﴿ وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين ﴾ [ ص : ٧٨ ]. بالإضافة، ليناسب ما قبله من قوله :﴿ ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ ﴾ ؟ [ ص : ٧٥ ].
قاله هنا بزيادة " إخوانا " لأنه نزل في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقاله في غير هذه السورة( ١ ) بدونهم، لأنه نزل في عامّة المؤمنين.
حذف منه قبل " قال " اختصاراً، قوله في هود ﴿ قال سلام ﴾ وفي هود( ١ ) ﴿ قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة ﴾ [ هود : ٦٩، ٧٠ ] فحُذف للدلالة عليه.
" لا توجل " أي لا تخف، وبه عبّر في هود( ١ ) توسعة في التعبير عن الشيء الواحد بمتساويين، وخصّ ما هنا بالأول موافقته قوله :﴿ إنا منكم وجلون ﴾ [ الحجر : ٥٢ ] وما في هود بالثاني لموافقته قولَه : " خيفة ".
إسناد التقدير إلى الملائكة مجاز، إذ المقدّر حقيقة هو الله تعالى، وهذا كما يقول خواصّ الملك : دبّرنا كذا، وأمرنا بكذا، والمدبّر، والآمر هو الملك، وفي ذلك إظهار لمزيد قربهم بالملك.
إن قلتَ : كيف جمع الآية أولا، ووحّدها ثانيا، والقصة واحدة ؟ !
قلت : جمع أولا باعتبار تعدّد ما قصّ من حديث لوط، وضيف إبراهيم، وتعرّض أهل لوط لهم، وما كان من إهلاكهم، وقلب المدينة على من فيها، وإمطار الحجارة على من غاب عنها.
ووحّد( ١ ) ثانيا : باعتبار وحدة قرية قوم لوط، المشار إليها بقوله :﴿ وإنها لبسبيل مقيم ﴾.
إن قلتَ : كيف جمع الآية أولا، ووحّدها ثانيا، والقصة واحدة ؟ !
قلت : جمع أولا باعتبار تعدّد ما قصّ من حديث لوط، وضيف إبراهيم، وتعرّض أهل لوط لهم، وما كان من إهلاكهم، وقلب المدينة على من فيها، وإمطار الحجارة على من غاب عنها.
ووحّد( ١ ) ثانيا : باعتبار وحدة قرية قوم لوط، المشار إليها بقوله :﴿ وإنها لبسبيل مقيم ﴾.
إن قلتَ : كيف جمع الآية أولا، ووحّدها ثانيا، والقصة واحدة ؟ !
قلت : جمع أولا باعتبار تعدّد ما قصّ من حديث لوط، وضيف إبراهيم، وتعرّض أهل لوط لهم، وما كان من إهلاكهم، وقلب المدينة على من فيها، وإمطار الحجارة على من غاب عنها.
ووحّد( ١ ) ثانيا : باعتبار وحدة قرية قوم لوط، المشار إليها بقوله :﴿ وإنها لبسبيل مقيم ﴾.
" الحجر " اسم واديهم أو مدينتهم.
فإن قلتَ : أصحابُه وهم قوم صالح، إنما كذّبوا صالحا، لأنه المرسل إليهم، لا المرسلين كلّهم ؟ !
قلتُ : من كذّب رسولا واحدا، كذّب جميع الرسل، لاتفاقهم في دعوة الناس إلى توحيد الله تعالى.
إن قلتَ : كيف قال ذلك هنا، وقال في الرحمن :﴿ فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان ﴾ ؟ [ الرحمن : ٣٩ ].
قلتُ : لأن في يوم القيامة مواقف، ففي بعضها يُسألون، وتقدّم نظيره في هود.
أو لأن المراد هنا أنهم يُسألون سؤال توبيخ، وهو : لم فعلتم، أو نحوه ؟ وثم لا يُسألون سؤال استعلام واستخبار.
إن قلتَ : كيف قال ذلك هنا، وقال في الرحمن :﴿ فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان ﴾ ؟ [ الرحمن : ٣٩ ].
قلتُ : لأن في يوم القيامة مواقف، ففي بعضها يُسألون، وتقدّم نظيره في هود.
أو لأن المراد هنا أنهم يُسألون سؤال توبيخ، وهو : لم فعلتم، أو نحوه ؟ وثم لا يُسألون سؤال استعلام واستخبار.