تفسير سورة التوبة

تفسير النسائي
تفسير سورة سورة التوبة من كتاب تفسير النسائي .
لمؤلفه النسائي . المتوفي سنة 303 هـ
قوله تعالى: ﴿ فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ﴾ [٢]٢٣٤- أنا محمد بن بشار، حدثني محمد، وعثمان بن عمر قالا: حدثنا شعبة، عن المغيرة، عن الشعبي، عن المُحرَّر ابن أبي هريرة، عن أبيه قال: كنت مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ببراءة. قال: ما كنتم تُنَادون؟ قال: كنا نُنَادي أنه لا يدخل الجنة إلا نفسٌ مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد، فأَجَلُه وأَمَدَه إلى أربعة أشهر، فإذا مضت الأربعة الأشهر فإن الله بريء من المشركين ورسوله، ولا يحُجُّ بعد العام مشرك، وكنت أُنادي حتى صَحِل صوتي. ذيل التفسيرقوله تعالى: [ ﴿ فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ﴾ [٢] ]١٣/ ٧٤٨- أخبرني محمد بن قُدامة الْمِصِّيصِيُّ، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، عن محرر بن أبي هريرة قال: قال أبو هريرة: كُنت أنادي (ومعي) عليٌّ حين أذًّن في المشركين، كنا نقول: لا يحُجَّنَّ بعد عامنا مشرك ولا يطوفنَّ بالبيت عُريان، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم مُدة، فإن أجله إلى أربعة أشهر، فإذا مضت أربعة أشهر فإن الله بريء من المشركين.
قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ ﴾ [٣]٢٣٣- أنا هنَّاد بن السَّري، عن أبي الأحوص، عن ابن غَرْقدة، عن سليمان بن عمرو، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجَّةِ الوداع يقول:" " يا أيها الناس " ثلاث مرات " أيُّ يوم هذا؟ " قالوا: يوم النَّحر يوم الحجِّ الأكبر. قال: " فإن دماءكم وأموالكم، وأعراضكم بينكم حرام كحُرمة يومكم هذا، ألا لا يجني جانٍ على ولده، ولا مولود على والده، ألا وإن الشيطان قد أَيس أن يُعبد في بلدكم هذا أبدا، ولكن سيكون له طاعة في بعض ما تحتقرون من أعمالكم فيرضى، ألا وإنَّ كل رِبا الجاهلية موضوع، لكم رُؤُسُ أموالكم لا تَظْلمون ولا تُظْلمون، ألا وإن كل دم من دماء الجاهلية موضوع، وأوَّل ما أضع منها دم الحارث ابن عبد المطلب "، كان مُسْتَرضعا في بني ليث فقتلت هُذيل، " ألا يا أمتاه هل بَلَّغت؟ " ثلاث مرات قالوا: نعم قال: " اللهمَّ اشهَدْ " ".
قوله تعالى: ﴿ فَقَاتِلُوۤاْ أَئِمَّةَ ٱلْكُفْرِ ﴾ [١٢]٢٣٥- أنا إسحاق بن إبراهيم، أنا المُعتمر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زيد بن وهب قال: سمعت حُذيفة، وهو يُقلب يده قال: / ما بقى من المنافقين إلا أربعة، إن أحدهم اليوم لَشَيخ كبير، لو شرب الماء البارد لما وجد بَرْده.
قوله تعالى: ﴿ وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ ﴾ [٣٤]٢٣٦- أنا عِمران بن بكَّار بن راشد، نا علي بن عياش، نا شعيب، حدثني أبو الزِّناد، مما حدثه عبد الرحمن الأعرج مما ذكر أنه سمع أبا هريرة يحدِّث به قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" يكون كنز أحدهم يوم القيامة شجاعا أقرع يفِرُّ منه صاحبه، ويُطْلُبُه أنا كنزك، فلا يزال به حتى يَلْقِمه أُصْبعه ". ٢٣٧- أنا قتيبة بن سعيد، أنا الليث، عن ابن عجلان، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعاً أقرع ذا زَبيبتَيْن، يتبع صاحبه، وهو يتعوذُّ منه، ولا يزال يتبعه حتى يَلْقِمه أُصبعه ". ٢٣٨- أنا أبو صالح المكي، نا فضيل - يعني ابن عياض - عن حُصين، عن زيد بن وهب قال: أتيت الرَّبذة فدخلت على أبي ذر، فقلت: ما أنزلك هذا؟ قال: كنت بالشام، فقرأت هذه الآية ﴿ وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا ﴾ إلى آخر الآية، فقال معاوية: ليست هذه الآية نزلت فينا، إنما هي في أهل الكتاب فقلت: إنها فينا وفي أهل الكتاب، إلى أن كان قول وتنازع، وكتب إلى عثمان يشكوني، كتب إليَّ عثمان رحمه الله (أن) اقْدُم، فقدمت المدينة، فكُثَر ورائي الناس كأنهم لم يروني قط، فدخلت على عثمان، فشكوت إليه ذلك، فقال: تَنَحَّ، وكن قريبا، فنزلت هذا المنزل، والله لو أمر علي حَبَشي ما عصيته، ولا أرجع عن قولي.
قوله تعالى: ﴿ ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ ﴾ [٤٠]٢٣٩- أنا نصر بن علي، نا عبد الله بن داود قال سلمة بن نُبَيط: أنا نُعيم بن أبي هند، عن نُبَيط بن شَريط. سالم بن عُبيد أن رسول الله / صلى الله عليه وسلم لما قُبِض، قالت الأنصار: منا أمير، ومنكم أمير، فقال عمر: من له مثل هذه الثلاث؟ ﴿ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ ﴾ من هما؟ ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ ﴾ من هو؟ ﴿ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا ﴾ من هما؟ ثم بسط يده وبايعه الناس بيعة حسنة جميلة.
قوله تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ ﴾ [٥٨]٢٤٠- أنا محمد بن عبد الأعلى، نا محمد - يعني ابن ثور، عن مَعمر، عن الزُّهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي سعيد قال:" بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم قسماً، إذ جاء ابن أبي الخُوَيْصرة التَّميمي، فقال/ اعْدِل يا رسول الله قال: " ويحك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟ " فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي، فأضرب عنقه، قال: " دعه، فإن له أصحابا يَحْقِرُ أحدكم صلاتَه مع صلاتِه، وصيامَه مع صيامِه، يَمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّمية، فينظر في قُذّذه، فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في نَضيِّه، فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر في رِصافه، فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في نَضلِه، فلا يوجد فيه شيء، سبق الفَرثَ والدَّم، آيَتُهم رجل أسود في إحدى يده - أو إحدى يديه - مثل ثَدي المرأة، أو مثل البَضْعة تدَرْدَرُ، يخرجون على حين فترة من الناس ". قال: فنزلت فيهم ﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ ﴾ قال أبو سعيد: أشهد أني سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن عليا حين قتلهم جيء بالرجل على النَّعت الذي نعَتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
قوله تعالى: ﴿ وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ﴾ [٦٠]٢٤١- أنا هناد بن السَّري، عن أبي الأحوص، عن سعيد بن مسروق، عن عبد الرحمن بن أبي نُعْم، عن أبي سعيد الخُدري قال:" بعث علي عليه السلام، وهو باليمن بذُهيبة يهديها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمها بين أربعة، بين الأقرع بن / حابس الحنظلي، وعُيينة بن بدر الفَزَاري، وعلقمة بن عُلاثَة العامري، ثم أحد بني كلاب، وزيد الطَّائي، ثم أحد بني نبهان، فغضبت قريش، وقال مرَّة أخرى صناديدُ قريش، فقالوا: يُعْطي صناديد نجد، ويدعنا، فقال: " إني إنما فعلت ذلك لأتَأَلَّفهم " فجاء رجل كثُّ اللحية، مشرف الوجنتين، غائر العينين، ناتِيءُ الجبين، محلوق الرأس، فقال: اتق الله يا محمد، قال: " فمن يُطع الله إن عَصَيْتُه، يأْمَنني على أهل الأرض، ولا يَأْمَنوني؟ " قال: وأَدبر الرجل، فاستأذن رجل من القوم في قتله - يرون أنه خالد بن الوليد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا، إن من ضِئضئي هذا قوما يقرأون القرآن، لا يجاوز حناجرهم، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، يمرُقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّمية، لئن أدركتهم لأقتُلَهم قتل عاد ". ٢٤٢- أنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، نا عمي، نا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، حدثني أنس بن مالك أنه قال:" لما أفاء الله على رسوله ما أفاء من أموال يقولون - يوم حُنين - طفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعطي رجالا من قريش المائة من الإبل، فقال رجل من الأنصار: يغفر الله لرسول الله، يُعطي رجالاً من قريش، ويتركنا، وسيُوفنا تقطر من دمائهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لأُعطي رجالاً حديث عهدهم بالكفر، فأتَأَلفهم، أَوَلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال، وترجعون إلى رحالكم برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فوالله لما تنقلبون خَيْر، خيرٌ مما ينقلبون به " قالوا: بلى يا رسول الله قد رضينا ". مختصر
قوله تعالى: ﴿ ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ ٱلْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [٧٩]٢٤٣- أنا بشر بن خالد، نا غُندر، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن أبي مسعود قال: لما أمَرَنا رسول / الله صلى الله عليه وسلم بالصَّدقة، تصدَّق أبو عَقِيل بنصف صاع، وجاء إنسان بشيء أكثر منه، فقال المنافقون: إن الله لغنيٌّ عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخر إلا رياءً، فنزلت ﴿ ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ ٱلْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ ﴾.
قوله تعالى: ﴿ ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾ [٨٠]٢٤٤- أنا عمرو بن علي، نا يحيى، نا عُبيد الله، حدثني نافع، عن عبد الله بن عمر قال:" لما مات عبد الله (بن) أُبَيٍّ، جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (فقال:) اعطني قميصك حتى أُكَفِّنه وَصَلِّ عليه، واستَعْفر له، فأعطاه قميصه، ثم قال: " إذا فَرَغتم فآذِنُوني أُصلي عليه " فجذبه عمر، وقال: قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين، قال: " أنا بين خِيرَتين، قال ﴿ ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾ " فصلى عليه، فأنزل الله عز وجل ﴿ وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ﴾ [٨٤] فترك الصلاة عليهم ". قوله تعالى ﴿ وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً ﴾ [٨٤]٢٤٥- أنا محمد بن رافع، ومحمد بن عبد الله بن المبارك قالا: حدثنا حُجَين بن المُثنى، نَا لَيث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن عبد الله بن عباس، عن عمر بن الخطاب رحمه الله قال:" لما مات عبد الله بن أُبَي بن سَلول، دُعي له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُصلي عليه، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثَبْت إليه، ثم قلت: يا رسول الله، أَتُصلي على ابن أُبيٍّ؟ وقد قال يوم كذا وكذا كذا وكذا، أُعَدِّدُ عليه قوله، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: " أَخِّر عني يا عمر " فلما أكثرت عليه، قال: " إني خُيِّرت، فاخترت، لو أعلم أني إن زدت على السَّبعين غُفر له لزِدت عليها، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يمْكُث إلا يسيراً حتى نزلت الآيتان من براءة ﴿ وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ / أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً ﴾ فعجِبْتُ من جُرْأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ورسُوله أعلم " ".
قوله تعالى: ﴿ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ﴾ [١٠٢]٢٤٦- أنا محمد بن بشار، نا يحيى، وابن أبي عدي، ومحمد بن جعفر، وعبد الوهاب، عن عوف، عن أبي رجاء، نا سَمُرة بن جُندب قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: " هل رأى أحدٌ منكم رؤيا؟ " فيقُصُّ من شاء أن يقُص، وإنه قال لنا ذات يوم " إنه أتاني آتيان الليلة، وإنهما ابتعثاني، فقالا لي: انطلق، وإني انطلقت معهما، فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب وفضة، فأتينا باب المدينة، فاستفتحنا، ففُتح لنا، فدخلنا، فتلقانا فيها رجال شطر من خَلْقِهم كأحسن ما أنت راءٍ، وشطرٌ كأقبح ما أنت راءٍ، فقال لهم: اذهبوا فقعوا في ذلك النَّهر، وإذا هو معرض يجري، كأن ماءه المحض في البياض، فذهبوا فوقعوا فيه، ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم وصاروا كأحسن صورة، فقالا لي: هذه جنة عدن، وذلك منزلك، فبينما بصري صَعْداً، فإذا قَصْر، قالا لي: هذا منزلك، قلت لهما: بارك الله فيكما، ذَرَاني أدخله، قالا: أما الآن فلا وأنت داخله، فقال: " القوم الذين كان شطراً منهم [حسن]، وشطراً منهم قبيح " فإنهم ﴿ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ﴾ فتجاوز الله عنهم ".
قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ﴾ [١٠٤]٢٤٧- أنا سويد بن نصر، أنا عبد الله، عن عبيد الله بن عُمر، عن سعيد المَقْبُري، عن أبي الحُبَاب، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ما من مؤمن يتصدق بصدقة من كسب طَيِّبٍ، ولا يقبل الله إلا طيِّباً، إلا كان الله يأخذها منه بيمينه، فيُرَبِّيها كما / يُربي أحدُكم فَلُوَّهُ أو فَصيله، حتى تبلغ الثَّمرة مثل أُحُدٍ ".
قوله تعالى: ﴿ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ﴾ [١٠٨]٢٤٨- أنا قُتيبة بن سعيد، نا الليث، عن عمران بن أبي أنس، عن ابن أبي سعيد الخُدري، عن أبي سعيد الخُدري أنه قال:" تَمَارى رجلان في المسجد الذي أُسِّس على التقوى من أول يوم، فقال رجل: هو مسجد قُبَاء، وقال الآخر، هو مسجد رسول الله صلى الله عيه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هو مسجدي هذا ". ٢٤٩- أخبرني زكريا بن يحيى، نا ابن أبي عمر، نا سفيان عن أبي الزِّناد، عن خارجة بن زيد، عن أبيه قال: المسجدُ الذي أُسِّس على التقوى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ ﴾ [١١٣]٢٥٠- أنا محمد بن عبد الأعلى قال: نا محمد - يعني ابن ثور - عن مَعْمَر، عن الزُّهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه، قال:" لما حَضَرَت أبا طالب الوَفاة، دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو جهل، وعبد الله بن (أَبي) أُمية فقال: " أيْ عمِّ، قل لا إله إلا الله كلمةً أحاجُّ لك بها عند الله " فقال له أبو جهل، وعبد الله بن أبي أُمية، يا أبا طالب، أترغب عن مِلَّة عبد المُطَّلب، فلم يزالا يُكلِّمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به، على مِلَّة عبد المُطَّلب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لأَستغْفِرنَّ لك ما لم أُنْه عنك " "فنزلت ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ ﴾ ونزلت﴿ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾[القصص: ٥٦].
٢٥١- أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، أنا المَخْزومي، أخبرني مهديُّ بن مَيمُون، عن غَيْلان بن جرير قال: قُلتُ لأنس: أرأيتم معشر الأنصار، أهذا الاسم كُنتم تُسمون به أم سمَّاكم الله تبارك وتعالى؟ قال: بل سمَّانا الله به.
قوله تعالى: ﴿ يَـٰأيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّادِقِينَ ﴾ [١١٩]/ ٢٥٢- أنا يوسف بن سعيد، حدثنا حجَّاج بن محمد، نا ليث بن سعد، حدثني عُقَيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب بن مالك - وكان قائد كعب من بنيه حين عَمِيَ قال: سمعت كعب بن مالك يُحدث حديثه حين تخلَّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، قال:" فبينما أنا جالس على الحال التي ذكر الله منَّا قد ضاقت عليَّ نفسي، وضاقت عليَّ الأرض بما رَحُبت، سمعت صارِخاً أوفَى على أعلى جبل بأعلى صوت: يا كعب بن مالك أَبْشِر، قال: فَخَررت ساجداً وعرفت أن قد جاء فرج، وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر، فَدَهم الناس يُبشرونا، وذهب قِبَل صاحبيَّ مبشرون، وركض رجل إليَّ فرَسا وسعى ساع من أسلم، فأَوفى على جبل، فكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته، بشرني، نزعت ثوبي فكسوته إيَّاهما بشارة، والله ما أملك غيرهما، واستعرت ثوبين، فلبستهما وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئوني بالتوبة يقولون: لِتَهْنِئك توبة الله عليك، قال كعب: حتى دخلت المسجد، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً حوله الناس، فقام إليَّ طلحة بن عُبيد الله يُهرول حتى صافحني وهنَّأني، ووالله ما قام إليَّ رجل من المهاجرين غيره، ولا أنساها لطلحة، قال كعب: فلما سلَّمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - وهو يَبْرُق وجهُه من السرور: " أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك " فقلت: من عِندك يا رسول الله أو من عند الله؟ قال: " لا، بل من عند الله " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرَّ استَنَارَ وجهُه كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه، / فلما جلست بين يديه، قلت: يا رسول الله، إنَّ من تَوبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله تبارك وتعالى وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمسك عليك بعض مالك، فهو خير لك " قلت: فإني أُمسك سهمي الذي بخَيبر، قلت: يا رسول الله، إن الله تعالى إنَّما أنجاني بالصدق، وإن من توبتي ألا أُحدِّث إلا صدقا ما بَقِيت، فوالله ما أحد من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم كذبا وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي، فأنزل الله عز وجل ﴿ لَقَدْ تَابَ الله عَلَىٰ ٱلنَّبِيِّ وَٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنصَارِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ ٱلْعُسْرَةِ ﴾ [١١٧] تلا إلى ﴿ ٱلصَّادِقِينَ ﴾ [١١٩] فوالله ما أنعم الله عليَّ من نعمة قطُّ بعد أن هداني للإسلام بأعظم في نفسي من صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ألاَّ أكون كَذَبْته فأَهْلِك كما هَلَكَ الذين كذبوه حتى أنزل الوحي حتى بِشَرِّ ما قال لأحد ﴿ سَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ إِذَا ٱنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ ﴾ [التوبة: ٩٥] إلى ﴿ ٱلْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: ٩٦] قال كعب: وكنا تُخُلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له فبايعهم، واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله فيه، فلذلك قال الله عز وجل ﴿ وَعَلَى ٱلثَّلاَثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ ﴾ [١١٨] وليس الذي ذكر الله تخَلُّفنا عن الغزو، وإنما هو تخليفة إِيَّانا، وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه ". مختصر.
Icon