بسم الله الرحمن الرحيم
سورة القدر( ١ ) مدنية( ٢ ) وقيل : مكية( ٣ ).٢ على قول الضحاك في تفسير الماوردي ٤/٤٨٩ وعزاه أبو حيان في البحر ٨/٤٩٦ إلى الأكثرين، وفيه عن الواحدي أنها أول سورة نزلت بالمدينة، حكاه الماوردي بهذا اللفظ عن الواقدي..
٣ عزاه الماوردي في تفسيره ٤/٤٨٩ إلى الأكثرين، وكذا هو عند السيوطي في الإتقان ١/١٤..
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة القدرمدنية
وقيل مكية
قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر﴾ إلى آخرها.
أي: إنا أنزلنا القرآن إلى السماء الدنيا جملة [واحدة] في ليلة القدر. فهذا إضمار لم يتقدم له ذكر في السورة، لأنه قد (عرف)، وقيل: إنما جاز ذلك، لأن القرآن كله كالسورة الواحدة.
وليلة القدر [ليلة] الحكم التي يقضي الله جل وعز فيها قضاء (السنة)، والقدر: مصدر [قدر] الله خيرا فهو يقدره قدراً.
يقال: ليلة القدر والقدر، والتقى القوم على قدر وعلى قدر، وهذا قدر الله وقدَره. وسميت ليلة القدر لتقدير الله فيها ما شاء من أمره.
قال ابن عباس: نزل القرآن كله جملة واحدة في ليلة القدر في رمضان على السماء الدنيا، فكان الله - جل وعز - إذا أراد أن يحدث في الأرض شيئاً أنزل منه حتى جمعه، وقال الشعبي وابن جبير.
(قال مجاهد: ﴿لَيْلَةِ القدر﴾: ليلة الحكم ".
قال رجل للحسن: أرأيت ليلة القدر، أفي كل رمضان؟ فقال: نعم، والذي لا إله إلا هو، إنها لفي كل رمضان، وإنها لللية يفرق فيها كل أمر حكيم، فيها يقتضي الله تعالى كل أجل وكل عمل ورزق وخلق إلى مثلها.
وقيل: إنما سميت " ليلة القدر " على معنى ليلة الجلالة والتعظيم، من قولهم: لفلان قدر.
وقد [تواترت] الأخبار أنها في العشر الأواخر من رمضان، أخفاها الله تعالى في العشر [ولم يعينها النبي ﷺ] لئلا يفرط الناس من العمل في غيرها والاجتهاد ويتكلوا على فضل العمل فيها. فهي أبداً في ليلة من العشر الأواخر من رمضان.
روى أبو هريرة أن النبي ﷺ قال: " رأيت ليلة القدر، ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر ".
(وعنه ﷺ: " فالتموسها في العشر الأواخر)، وفي الوتر منها، أو في السبع البواقي " شك الراوي.
وروى ابن عباس عنه ﷺ أنه قال: " إلتَمِسُوها فِي العَشْرِ الأَوَاخِِرِ مِنْ رَمَضَانَ، في تَاسِعَةٍ تَبْقَى، أَوْ سَابِعَةٍ تَبْقَى، أَو خَامِسَةٍ تَبْقَى ".
وقال عبادة بن الصامت: خرج علينا رسول الله ﷺ وهو يريد أن يخبرنا
وقال أبو سعيد الخدري: " كان رسول الله ﷺ يعتكف العشر الوسط من رمضان، فاعتكف عاماً حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين، وهي التي يخرج فيها من اعتكافه، قال: من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر، فقد رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها. وقد [رأيتني] أسجد من صبيحتها في ماء/ وطين، فالتمسوها
وروى عبد الله بن عمر أن النبي ﷺ قال: " من كان متحريها [فليتحرها] في ليلة سبع وعشرين ".
وقال كعب: والذي أنزل الكتاب على محمد ﷺ أنها ليلة سبع وعشرين، وذكر أن النبي ﷺ ( أخبر) [لها] بآية فقال: " إن الشمس تطلع غداً تئذ كأنها طست ليس لها شعاع ".
" وأمر النبي ﷺ عائشة [أن] تدعوا إذا وافقت ليلة القدر فتقول: " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ".
ثم قال تعالى: ﴿لَيْلَةُ القدر خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾.
أي: العمل فيها أفضل من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر قاله مجاهد وغيره. وهو قول قتادة. وهو اختيار الطبري.
وقال مجاهد: كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح، ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسي. يفعل ذلك ألف شهر، فأنزل الله في هذه الأمة ليلة القدر خير من ألف شهر، أي: قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل.
وقال الحسن بن علي بن أبي طالب: هي ألف شهر، وليت فيها بنو أمية، وكان النبي ﷺ قد أريهم على المنابر [فهاله] ذلك، فأحصيت ولا يتهم بعد ذلك فكانت كذلك.
وقال: [قم] ليالي رمضان رجاء إصابة ليلة القدر، فإنها خير من ألف شهر رمضان تصومها.
ثم قال: ﴿تَنَزَّلُ الملائكة والروح فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم﴾.
(الروح: جبرائيل عليه السلام، أي تتنزل الملائكة وجبرائيل معهم فيها بأمر بهم) من كل أمر، فيه الآجال [والأرزاق] والأعمال إلى السماء الدنيا. وهذا هو التمام عند كثؤر من النحويين. [وهو] قول الفراء. وقاله نافع.
وقال ابن عباس: معنى [ذلك]: تنزل الملائكة وجبرائيل معهم في ليلة القدر بإذن ربهم، أي: [نزولهم] بإذن ربهم.
قال ابن عباس: لا يلقون مؤمناً ولا مؤمنة إلا سلموا عليه.
وكان ابن عباس: (يقرأ " من) كل امرئ " فيكون معناه: إنهم يتنزلون في ليلة القدر بإذن ربهم من كل ملك لتسلم على المؤمنين والمؤمنات.
(وقال الشعبي: من كل امرئ من الملائكة سلام على المؤمنين والمؤمنات)،
وقيل: " من " بمعنى الباء، أي: تنزل الملائكة والروح فيها بكل أمر بإذن ربهم.
ومعنى: ﴿سَلاَمٌ هِيَ﴾ - على قراءة الجماعة - سلام من الشر كله ليلة القدر إلى طلوع الشمس.
وقال قتادة: ﴿سَلاَمٌ هِيَ﴾ أي خير هي حتى مطلع الفجر.
قال ابن زيد: " ليس: فيها شر، هي خير كلها] حتى مطلع الفجر. وسلام - على قراءة الجماعة -: خير. هي، على معنى: هي ذات سلامة.
و" سلام " على قراءة ابن عباس مرفوع بالابتداء، وما قبله الخبر.
و" المطلع " بالفتح: المصدر، أي إلى طلوع الفجر.
هذه الأحد عشر [تقال] بالفتح والكسر في المصدر، والفتح الأصل، [لأن ما] كان (على) " فعل يفعل " بالضم، فالمصدر منه واسم المكان " مفعل " (بالفتح).
والدليل على أن أصل أسم المكان عنه الضم: أن اسم المكان من فعل يفعل بكسر العين مفعل بالكسر، نحو المجلس، إلا أن العرب قد قالت: " مطلع " بالكسر للمكان الذي تطلع فيه الشمس، سماعاً بغير قياس.
وقال بعضهم: " مطل " أيضاً في المصدر بالكسر، والأصل الفتح في ذلك.