تفسير سورة سورة الرعد من كتاب تفسير العز بن عبد السلام
المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام
.
لمؤلفه
عز الدين بن عبد السلام
.
المتوفي سنة 660 هـ
سورة الرعد مكية، أو مدنية إلا آيتين نزلتا بمكة ﴿ ولو أن قرآناً سُيّرت به الجبال ﴾ [ ٣١ ] وما بعدها.
ﰡ
١ - ﴿آيات الْكِتَابِ﴾ الزبور، أو التوراة والإنجيل، أو القرآن.
٢ - ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ﴾ لها عمد لا ترى " ع "، أو لا عمد لها. {وهو الذى مدّ الأرض وجعل فيها رواسى وأنهاراً ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشى الّيل النهار إن فى ذلك لأيات لقوم يتفكرون وفى الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماءٍ واحدٍ ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون {
٣ - ﴿رَوَاسِىَ﴾ جبالاً ثوابت، واحدها راسية لأن الأرض ترسو بها
143
﴿وَأَنْهَاراً﴾ ينتفع بها شرباً وإنباتاً ومغيضاً للأمطار ومسالك للفلك ﴿زوجين اثنين﴾ / [٨٩ / ب] أحدهما ذكر وانثى كفحال النخل وإناثها، وكذلك كل النبات وإن خفي. والزواج الأخر حلو وحامض، أو عذب وملح، أو أبيض وأسود، أو أحمر وأصفر فإن كل جنس من الثمار نوعان فكل ثمرة ذات نوعين زوجين فصارت أربعة أنواع ﴿يُغشي﴾ ظلمة الليل ضوء النهار، ويغشي ضوء النهار ظلمة الليل.
144
٤ - ﴿مُّتَجَاوِرَاتٌ﴾ في المدى مختلفات عَذِية تنبت وسبخة لا تنبت ﴿صِنْوَانٌ﴾ مجتمع وغيره مفترق، أو صنوان نخلات أصلها واحد وغيرها أصولها شتى، أو الصنوان الأشكال وغيره المختلف، أو صنوان الفسيل يقطع من أمهاته فهو معروف وغيره ما ينبت من النوى فهو مجهول حتى يعرف، وأصل النخل الغريب من هذا. ﴿وَنُفَضِّلُ﴾ فمنه الحلو والحامض والأحمر والأصفر والقليل والكثير ﴿إِنَّ فِى﴾ اختلافها ﴿لأَيَاتٍ﴾ على عظم قدرته. أو ضربه مثلاُ لبني آدم أصلهم واحد واختلفوا في الخير والشر والإيمان والكفر كالثمار المسقية بماء واحد " ح ". {وَإن تَعْجَبْ فعجب قوّلهم أءذا كنّا تراباً لفى خلق جديد أولائك الذين كفروا بربهم وأولائك الأغلال فى أعماقهم وأولائك أصحاب النار هم فيها خالدون
٥ - ﴿وَإن تَعْجَبْ﴾ من تكذيبهم لك فأعجب منه تكذيبهم بالبعث، ذكر ذلك ليعجب رسوله [صلى الله عليه وسلم] والتعجب تغير النفس بما خفيت أسبابه ولا يجوز ذلك على الله عز وجل.
144
﴿ويستعجلونك بالسيّئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلاث وإنّ رّبك لذو مغفرة للنّاس على ظلمهمّ وإن ربّك لشديد العقاب ويقول الّذين كفروا لولا أنزل عليّه ءاية من رّبه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد﴾
145
٦ - ﴿بِالسَّيِّئَةِ﴾ بالعقوبة قبل العافية، أو الشر قبل الخير، أو الكفر قبل الإجابة ﴿الْمَثُلاتُ﴾ الأمثال المضروبة لمن تقدم، أو العقوبات التي مثل الله بها من مضى من الأمم. وهي جمع مثلة ﴿على ظلمهم﴾ يغفر الظلم السالف للتوبة في المستأنف، أو يعفو عن تعجيل العذاب مع ظلمهم بتعجيل العصيان، أو يغفر لهم بالإنظار توقعاً للتوبة، ولما نزلت قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحداً العيش، ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد ".
٧ - ﴿هَادٍ﴾ الله " ع "، أو نبي، أو قادة، أو دعاة، أو عمل، أو سابق يسبقهم إلى الهدى. {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شىء عنده
145
بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال}
146
٨ - ﴿ما تحمل) {من ذكر أو أنثى﴾ (ما تَغِيَضُ} بالسقط الناقص. ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ بالولد التام " ع "، أو بالوضع لأقل من تسعة أشهر ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ بالوضع لأكثر من التسعة، قال الضحاك: حملتني أمي سنتين ووضعتني وقد خرجت سني، أو بانقطاع الحيض مدة الحمل غذاء للولد ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ بدم النفاس بعد الوضع، أو بظهور الحيض على الحمل، لأنه ينقص الولد ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ في مقابلة أيام الحيض من أيام الحمل، لأنها كلما حاضت على حملها يوماً زادت في طهرها يوماً حتى يستكمل حملها تسعة أشهر طهراً قاله عكرمة وقتادة ﴿وَكُلُّ شَىْءٍ﴾ من الرزق والأجل ﴿عِندَهُ بمقدار﴾. ﴿سوآءٌ منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالّيل وسارب بالنّهار له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مردّله وما لهم من دونه من والٍ﴾
١٠ - ﴿سَوَآءٌ مِّنكُم﴾ في علمه ﴿مَّنْ أَسَرَّ﴾ خيراً أو شراً، أو جهر بهما ﴿مُسْتَخْفِ﴾ بعمله في ظلمة الليل ومن أظهره بضوء النهار، أو يرى ما أخفاه المرعى وهو بالعشي، والرواح بالغداة.
١١ - ﴿معقبات﴾ / ملائكة الليل والنهار يتعاقبون صعوداً ونزولاً، اثنان بالنهار واثنان بالليل يجتمعون عند صلاة الفجر، أو حراس الأمراء يتعاقبون
146
الحرس " ع " أو ما يتعاقب من أوامر الله وقضائه في عبادة. ﴿مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ أمامه وورائه، أو هداه وضلاله. ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ بأمر الله، أو تقدبره معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، أو معقباته من الحرس يحفظونه عند نفسه من أمر الله ولا راد لأمره ولا دافع لقضائه " ع "، أو يحفظونه حتى يأتي أمر الله فيكفوا " ع "، أو أمر الله: الجن والهوام المؤذي تحفظه الملائكة منه ما لم يأتِ قدر، أو يحفظونه من أمر الله وهو الموت ما لم يأتِ أجل وهي عامة في جميع الخلائق عند الجمهور، أو خاصة في الرسول [صلى الله عليه وسلم] لما أزمع عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة على قتله فمنعه الله - تعالى - ونزلت ﴿سوءا﴾ عذاباً ﴿وال﴾ ملجأ، أو ناصر.
147
﴿هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال﴾
148
١٢ - ﴿خَوْفاً﴾ من صواعقه ﴿وَطَمَعاً﴾ في نزول غيثه، أو خوفاً للمسافر من أذيته وطمعاً للمقيم في بركته. ﴿الثِّقَالَ﴾ بالماء.
١٣ - ﴿الرَّعْدُ﴾ الصوت المسموع، أو ملك والصوت المسموع تسبيحه ﴿خِيفَتِهِ﴾ الضمير لله - تعالى -، أو للرعد، ﴿الصَّوَاعِقَ﴾ نزلت في رجل أنكر القرآن وكذب الرسول [صلى الله عليه وسلم] فأخذته صاعقة، أو في أربد لما هم بقتل الرسول [صلى الله عليه وسلم] مع عامر بن الطفيل فيبست يده على سيفه ثم انصرف فأحرقته صاعقة فقال أخوه لبيد: