تفسير سورة التوبة

تفسير الشافعي
تفسير سورة سورة التوبة من كتاب تفسير الشافعي .
لمؤلفه الشافعي . المتوفي سنة 204 هـ
٢٥٤- قال الشافعي رحمه الله تعالى : لما قوي أهل الإسلام أنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم مرجعَه من تبُوك :﴿ بَرَاءةٌ مِّنَ اَللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ فأرسل بهذه الآيات مع علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فقرأها على الناس في الموسم١، وكان فرضا أن لا يعطى لأحدٍ مدة بعد هذه الآيات إلا أربعة أشهر، لأنها الغاية التي فرضها الله عز وجل.
قال : وجعل النبي صلى الله عليه وسلم لصفوان بن أمية٢ بعد فتح مكة بسنين، أربعة أشهر٣، لم أعلمه زاد أحدا بعد أن قوي المسلمون على أربعة أشهر.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : فقيل : كان الذين عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم قوما موادعين إلى غير مدة معلومة، فجعلها الله عز وجل أربعة أشهر، ثم جعلها رسوله كذلك، وأمر الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في قوم عاهدوهم إلى مدة قبل نزول الآية أن يتم إليهم عهدهم إلى مدتهم ما استقاموا له، ومن خاف منه خيانة نبذ إليه، فلم يجز أن يستأنف مدة بعد نزول الآية وبالمسلمين قوة إلى أكثر من أربعة أشهر، لما وصفت من فرض الله عز وجل فيهم، وما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال : ولا أعرف كم كانت مدة النبي صلى الله عليه وسلم ومدة من أمر أن يتم إليه عهده إلى مدته.
قال : ويجعل الإمام المدة إلى أقل من أربعة أشهر إن رأى ذلك، وليس بلازم له أن يهادن بحال إلا على النظر للمسلمين ويبين لمن هادن، ويجوز له في النظر لمن رجا إسلامه، وإن تكن له شوكة أن يعطيه مدة أربعة أشهر إذا خاف إن لم يفعل أن يلحق بالمشركين، وإن ظهر على بلاده، فقد صنع النبي صلى الله عليه وسلم بصفوان حين خرج هاربا إلى اليمن من الإسلام، ثم أنعم الله عز وجل عليه بالإسلام من قبل أن تأتي مدته، ومدته أشهر. ( الأم : ٤/١٩٠-١٩١. ون الأم : ٧/٣٢٢ و ٤/١٨٣. وأحكام الشافعي : ٢/٦٣-٦٤. ومختصر المزني ص : ٢٧٩. )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٢٥٥- قال الشافعي : فأحب للإمام إذا نزلت بالمسلمين نازلة، وأرجو أن لا ينزلها الله عز وجل بهم ـ إن شاء الله تعالى ـ مهادنة يكون النظر لهم فيها، ولا يهادن إلا إلى مدة، ولا يجاوز بالمدة مدة أهل الحديبية كانت النازلة ما كانت.
فإن كانت للمسلمين قوة قاتلوا المشركين بعد انقضاء المدة، فإن لمن يقو الإمام فلا بأس أن يجدد مدة مثلها أو دونها، ولا يجاوزها من قبل أن القوة للمسلمين والضعف لعدوهم قد يحدث في أقل منها، وإن هادنهم إلى أكثر منها فمنتقضة، لأن أصل الفرض قتال المشركين حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية، فإن الله عز وجل أذن بالهدنة فقال :﴿ إِلَى اَلذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ اَلْمُشْرِكِينَ ﴾٤ وقال تبارك وتعالى :﴿ اِلا اَلذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ اَلْمُشْرِكِينَ ﴾٥ فلما لم يبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمدة أكثر من مدة الحديبيةلم يجز أن يهادن إلا على النظر للمسلمين ولا تجاوز.
قال : وليس للإمام أن يهادن القوم من المشركين على النظر إلى غير مدة هدنة مطلقة، فإن الهدنة المطلقة على الأبد وهي لا تجوز لما وصفتُ، ولكن يهادنهم على أن الخيار إليه حتى إن شاء أن ينبذ إليهم، فإن رأى نظر للمسلمين أن ينبذ فَعَل. ( الأم : ٤/١٨٩. )
ــــــــــــ
٢٥٦- قال الشافعي : قال الله عز وجل :﴿ فَإِذَا اَنسَلَخَ اَلاَشْهُرُ اَلْحُرُمُ فَاقْتُلُوا اَلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ﴾٦ الآية وقال الله جل ثناؤه :﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ اَلدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ ﴾٧. أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عمرو بن علقمة٨، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن النبي قال :« لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله »٩.
أخبرنا الثقة عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة : أن عمر قال لأبي بكر فيمن منع الصدقة : أليس قد قال رسول الله : لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله، فقال أبو بكر : هذا من حقها يعني منعهم الصدقة١٠، وقال الله :﴿ قَاتِلُوا اَلذِينَ لا يُومِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ اِلاَخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اَللَّهَ وَرَسُولُهُ ﴾١١ الآية.
أخبرنا الثقة، عن محمد بن أبان١٢، عن علقمة بن مرثد١٣، عن سليمان بن بريدة١٤، عن أبيه١٥ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيشا أمَّر عليهم أميرا وقال :« فإذا لقيت عددا من المشركين فادعهم إلى ثلاث خلال، أو ثلاث خصال ـ شك علقمة ـ ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، وادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم إن هم فعلوا أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما عليهم، فإن اختاروا المقام في دارهم فأخبرهم أنهم كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله كما يجري على المسلمين وليس لهم من الفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن لم يجيبوك إلى الإسلام فادعهم إلى أن يعطوا الجزية، فإن فعلوا فاقبل منهم ودعهم، وإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم »١٦.
قال الشافعي : وليست واحدة من الآيتين ناسخة للأخرى ولا واحد من الحديثين ناسخا للآخر ولا مخالفا له، ولكن أحد الحديثين والآيتين من الكلام الذي مخرجه عام يراد به الخاص ومن المجمل الذي يدل عليه المفسر.
فأمر الله بقتال المشركين حتى يؤمنوا، والله تعالى أعلم أمره بقتال المشركين من أهل الأوثان وهم أكثر من قاتل النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك حديث أبي هريرة عن النبي وذكر أبي بكر وعمر إياهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في المشركين من أهل الأوثان دون أهل الكتاب. وفرض الله قتال أهل الكتاب حتى يُعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون إن لم يؤمنوا، وكذلك حديث ابن بريدة في أهل الكتاب خاصة كما كان حديث أبي هريرة في أهل الأوثان خاصة.
قال : والفرض في قتال من دان وآباؤه دين أهل الأوثان من المشركين أن يقاتلوا إذا قُدر عليهم حتى يسلموا، ولا يحل أن تقبل منهم جزية بكتاب الله وسنة نبيه.
قال : والفرض في أهل الكتاب ومن دان قبل نزول القرآن كله دينهم أن يقاتلوا حتى يعطوا الجزية أو يسلموا، وسواء كانوا عربا أو عجما.
قال : ولله كتب نزلت قبل نزول القرآن المعروف منها عند العامة التوراة والإنجيل، وقد أخبر الله أنه أنزل غيرهما فقال :﴿ أَمْ لَمْ يُنَبَّا بِمَا فِى صُحُفِ مُوسى وَإِبْرَاهِيمَ اَلذِى وَفّى ﴾١٧ وليس تعرف تلاوة كتب إبراهيم. وذكر زابور داود فقال :﴿ وَإِنَّهُ لَفِى زُبُرِ اِلاَوَّلِينَ ﴾١٨ قال : والمجوس أهل كتاب غير التوراة والإنجيل، وقد نسوا كتابهم وبدلوه، فأذن رسول الله في أخذ الجزية منهم. أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع بجالة يقول : ولم يكن عمر بن الخطاب أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمان بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هَجَرَ١٩. ( اختلاف الحديث : ٥٠٩-٥١٠. ون اختلاف الحديث : ٤٨٣. والأم : ١/٢٥٧ و٤/١٧٢-١٧٣ و ٤/٢٣٨ و ٤/٢٤٠-٢٤١. وأحكام الشافعي : ٢/٥٠-٥٥. ومختصر المزني ص : ٢٧٠. )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٢٥٧- قال الشافعي رحمه الله تعالى : وأباح دماء أهل الكفر من خلقه فقال :﴿ اقْتُلُوا اَلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ﴾٢٠ وحرم دماءهم إن أظهروا الإسلام فقال :﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ اَلدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ ﴾٢١ وقال :﴿ وَمَا كَانَ لِمُومِنٍ اَنْ يَّقْتُلَ مُومِنًا اِلا خَطَأً ﴾٢٢ وقال :﴿ وَمَنْ يَّقْتُلْ مُومِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ ﴾٢٣ فجعل حينئذ دماء المشركين مباحة وقتالهم حتما وفرضا عليهم إن لم يظهروا الإيمان. ثم أظهره قوم من المنافقين، فأخبر الله نبيه عنهم أن ما يخفون خلاف ما يعلنون فقال :﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ اَلْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَـامِهِمْ ﴾٢٤ وقال :﴿ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمُ إِذَا اَنقَلَبْتُمُ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمُ ﴾٢٥ مع ما ذكر به المنافقين، فلم يجعل لنبيه قتلهم إذا أظهروا الإيمان، ولم يمنعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مناكحة المسلمين ولا موارثتهم.
قال الشافعي رحمه الله : ورأيت مثل هذا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله »٢٦. قال المقداد٢٧ : أرأيت يا رسول الله لو أن مشركا قاتلني فقطع يدي، ثم لاذ مني بشجرة فأسلم، أفأقتله ؟ قال :« لا تقتله »٢٨. ( الأم : ٧/٣٠٤. )
١ - أخرج البخاري في الصلاة في الثياب (٩) باب: ما يستر من العورة (٩)(ر٣٦٢) عن ابن شهاب، عن عمه قال: أخبرني حميد بن عبد الرحمن بن عوف: أن أبا هريرة قال: « بعتني أبو بكر في تلك الحجة، في مؤذنين يوم النحر، نؤذن بمنى: ألا لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. قال حميد ابن عبد الرحمن: ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا، فأمره أن يؤذن ب « براءة » قال أبو هريرة: فأذن معنا علي في أهل منى يوم النحر: لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ». وفي الحج (٣٢) باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك (٦٦)(ر١٥٤٣). وفي المغازي (٦٧) باب: حج أبي بكر بالناس في سنة تسع (٢٣)(ر٤١٠٥). وفي التفسير (٦٨) باب: قوله: ﴿ فَسِيحُوا فِى اِلاَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ﴾ (١٥٠)(ر٤٣٧٨ و ٤٣٨٠).
وأخرجه أبو داود في المناسك (٥) باب: يوم الحج الأكبر (٦٧)(ر١٩٤٦).
وأخرجه البيهقي عن ابن عباس في كتاب الجزية باب: مهادنة من يقوى على قتاله ٩/٢٢٤..

٢ - صفوان بن أمية بن خلف الجمحي. أحد أشراف الطلقاء، شهد اليرموك أميرا. وعنه: بنوه، وسعيد بن المسيب. ت سنة: ٤١. الكاشف: ٢/٢٩. ون الإصابة: ٣/٤٣٢. والتهذيب: ٤/٥٠. وقال في التقريب: صحابي، من المؤلفة..
٣ - أخرج مالك في النكاح (٢٨) باب: نكاح المشرك إذا أسلمت زوجه قبله (٢٠)(ر٤٤) عن ابن شهاب أنه بلغه: أن نساء كن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلمن بأرضهن، وهن غير مهاجرات، وأزواجهن حين أسلمن كفار، منهن بنت الوليد بن المغيرة، وكانت تحت صفوان بن أمية، فأسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام، فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمه وهب بن عمير برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لصفوان بن أمية، ودعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، وأن يقدم عليه، فإن رضي أمرا قبله، وإلا سَيَّرَهُ شهرين. فلما قدم صفوان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه، ناداه على رؤوس الناس فقال: يا محمد! إن هذا وهب بن عمير جاءني بردائك، وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك، فإن رضيت أمرا قبلته وإلا سيّرتني شهرين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « انزل أبا وهب» فقال: لا والله لا أنزل حتى تبين لي! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « بل لك تسير أربعة أشهر». فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبل هوازن بِحُنَيْنٍ، فأرسل إلى صفوان بن أمية يستعيره أداة وسلاحا عنده. فقال صفوان: أطوعا أم كرها؟ فقال: «بل طوعا». فأعاره الأداة والسلاح التي عنده. ثم خرج صفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كافر. فشهد حنينا، والطائف، وهو كافر، وامرأته مسلمة، ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين امرأته، حتى أسلم صفوان، واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح.
قال ابن عبد البر: لا أعلمه يتصل من وجه صحيح. وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير، وابن شهاب إمام أهلها، وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده، إن شاء الله. ن الموطا ص: ٤٧٣.
وأخرج مسلم جزءا منه في الفضائل (٤٣) باب: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم قط فقال: لا، وكثرة عطائه (١٤)(ر٢٣١٣)..

٤ - التوبة: ١..
٥ - التوبة: ٤..
٦ - التوبة: ٥..
٧ - الأنفال: ٣٩..
٨ - محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي. عن: أبيه، وأبي سلمة. وعنه: شعبة، ومالك، ومحمد الأنصاري. قال أبو حاتم: يكتب حديثه. وقال النسائي وغيره ليس به بأس. ت سنة: ١٤٤هـ. الكاشف: ٣/٦٧. ون التهذيب: ٧/٣٠٢. وقال في التقريب: صدوق له أوهام. وتعقبه صاحب التحرير ٣/٢٩٩ فقال: بل صدوق حسن الحديث كما قال الذهبي، فقد وثقه النسائي وابن معين في أكثر الروايات، وقال يحيى بن سعيد القطان: صالح ليس بأحفظ الناس للحديث، وقال أبو حاتم: صالح الحديث يكتب حديثه، وهو شيخ. وقال ابن عدي: له حديث صالح، وقد حدث عنه جماعة من الثقات.. وأرجو أنه لا بأس به. وقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه. وإنما روى له البخاري مقرونا بغيره، ومسلم في المتابعات..
٩ - سبق تخريجه..
١٠ - سبق تخريجه..
١١ - التوبة: ٢٩. وتمامها: ﴿ وَلا يَدِينُونَ دِينَ اَلْحَقِّ مِنَ اَلذِينَ أُوتُوا اَلْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا اَلْجِزْيَةَ عَنْ يَّدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾..
١٢ - محمد بن أبان بن وزير البلخي، أبو بكر مستملي وكيع. روى عنه: الجماعة سوى مسلم، وابن خزيمة، وخلق. حجة صنّف وجمع، مات سنة ٢٤٤. الكاشف: ٣/٣. ون التهذيب: ٧/٣. وقال في التقريب: ثقة حافظ..
١٣ - علقمة بن مرثد. عن أبي عبد الرحمن السلمي، وسويد بن غفلة. وعنه: سفيان، وشعبة، وآخرون. ثقة. الكاشف: ٢/٢٧٢. ون التهذيب: ٥/٦٤٤. وقال في التقريب: ثقة..
١٤ - سليمان بن بريدة الأسلمي. عن: أبيه، وعمران بن حصين. وعنه: علقمة بن مرثد، ومحمد بن جحادة. ثقة. ت سنة: ١٠٥. الكاشف: ١/٣٤٣. ون التهذيب: ٣/٤٦١. وقال في التقريب: ثقة..
١٥ - بريدة بن حصين الأسلمي. شهد خيبر. وعنه: ابناه، والشعبي، وعدة. ت سنة: ٦٢. الكاشف: ١/١٠٣. ون الإصابة: ١/٢٨٦. والتهذيب: ١/٤٥٢. وقال في التقريب: صحابي..
١٦ - سبق تخريجه في النص: ١٥٣ مختصرا..
١٧ - النجم: ٣٦..
١٨ - الشعراء: ١٩٦..
١٩ - أخرجه البخاري بتمامه في أول أبواب الجزية والموادعة (٦٢)(ر٢٩٨٧).
وأخرجه أبو داود في الخراج والإمارة والفيء (١٤) باب: في أخذ الجزية من المجوس (٣١)(ر٣٠٤٣).
وأخرجه الترمذي في السير (١٨) باب: ما جاء في أخذ الجزية من المجوس (٣١)(ر١٥٨٦).
وأخرجه أحمد، والدارمي، والبيهقي.
والمجوس: عبدة النار. وهجر: بلد معروفة في البحرين. ن معجم البلدان..

٢٠ - التوبة: ٥ والصواب: ﴿ فَاقْتُلُوا ﴾..
٢١ - الأنفال: ٣٩..
٢٢ - النساء: ٩٢..
٢٣ - النساء: ٩٣..
٢٤ - التوبة: ٧٤..
٢٥ - التوبة: ٩٥..
٢٦ - سبق تخريجه..
٢٧ - المقداد بن عمرو الكندي، وهو ابن الأسود، لأن الأسود بن عبد يغوث تبناه أو تزوج بأمه. كان المقداد سادسا في الإسلام. وعنه: جبير بن نفير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى. ت سنة: ٣٣هـ. الكاشف: ٣/١٥٤. ون الإصابة: ٦/٢٠٢. والتهذيب: ٨/٣٢٧..
٢٨ - سبق تخريجه..
٢٥٨- قال الشافعي رحمه الله تعالى : ومن جاء من المشركين يريد الإسلام فحق على الإمام أن يؤمنه حتى يتلو عليه كتاب الله عز وجل، ويدعوه إلى الإسلام بالمعنى الذي يرجو أن يدخل الله عز وجل به عليه الإسلام، لقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم :﴿ وَإِنَ اَحَدٌ مِّنَ اَلْمُشْرِكِينَ اَسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَـامَ اَللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَامَنَهُ ﴾١ الآية.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : ومن قلت ينبذ إليه أبلغه مأمنه، وإبلاغه مأمنه أن يمنعه من المسلمين والمعاهدين ما كان في بلاد الإسلام، أو حيث يتصل ببلاد الإسلام، وسواء قرب ذلك أم بعد.
قال الشافعي :﴿ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَامَنَهُ ﴾٢ يعني ـ والله تعالى أعلم ـ منك أو ممن يقتله على دينك ممن يطيعك لا أمانة من غيرك من عدوك وعدوه الذي لا يأمنه ولا يطيعك ؛ فإذا أبلغه الإمام أدنى بلاد المشركين شيئا فقد أبلغه مأمنه الذي كلف إذا أخرجه سالما من أهل الإسلام، ومن يجري عليه حكم الإسلام من أهل عهدهم. ( الأم : ٤/١٩٠. ون أحكام الشافعي : ٢/٦٤-٦٥. )
ــــــــــــ
٢٥٩- قال الشافعي : وإنما أمر الله عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام فقال :﴿ وَإِنَ اَحَدٌ مِّنَ اَلْمُشْرِكِينَ اَسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَـامَ اَللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَامَنَهُ ﴾٣ ولم أعلم أمر بذلك في أحد من أهل الإسلام. فإن قال قائل : فلم لا تجعل ذلك في أهل الإسلام الممتنعين كما تجعله في المشركين الممتنعين ؟ قيل : لما وصفنا من سقوط ما أصاب المشرك في شركه، وامتناعه من دم أو مال عنه، وثبوت ما أصاب المسلم في امتناعه مع إسلامه ؛ فإن الحدود إنما هي على المؤمنين لا على المشركين. ( الأم : ٤/٢٩٣. )
١ - التوبة: ٦..
٢ - التوبة: ٦..
٣ - التوبة: ٦..
٢٦٠- قال الشافعي : قال الله تبارك وتعالى :﴿ إِنَّمَا اَلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ﴾ الآية. قال : فسمعت بعض أهل العلم يقول : المسجد الحرام : الحَرَم، قال الشافعي : وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :« لا ينبغي لمسلم أن يؤدي الخراج ولا لمشرك أن يدخل الحرم »١.
قال : وسمعت عددا من أهل العلم بالمغازي يروون أنه كان في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم :« لا يجتمع مسلم ومشرك في الحرم بعد عامهم هذا »٢. فإن سأل أحد ممن تؤخذ منه الجزية أن يعطيها ويجزي عليه الحكم على أن يترك يدخل الحرم بحال، فليس للإمام أن يقبل منه على ذلك شيئا، ولا أن يدع مشركا يطا الحرم بحال من الحالات طبيبا كان أو صانعا بنيانا، أو غيره، لتحريم الله عز وجل دخول المشركين المسجد الحرام، وبعده تحريم رسوله ذلك. ( الأم : ٤/١٧٧-١٧٨. ون أحكام الشافعي : ٢/٦١. )
١ - لم أقف عليه بهذا اللفظ، وهو طرف بصيغة الجمع من حديث رواه الترمذي في التفسير (٤٤) باب: (٧)(ر٣٠٩٢) قال: حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن زيد بن بثيع، قال: سألنا عليا بأي شيء بعثت في الحجة؟ قال: بعثت بأربع: أن لا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد فهو إلى مدته، ومن لم يكن له عهد فأجله أربعة أشهر، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يجتمع المشركون والمسلمون بعد عامهم هذا. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
ورواه أحمد في مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه. قال شاكر إسناده صحيح.
ورواه البيهقي في الدلائل، والحاكم في المستدرك، وابن كثير في التفسير..

٢ - ن النص رقم: ٢٥٤. هامش: ٢. وروى البيهقي في كتاب الجزية باب: لا يقرب الناس المسجد الحرام وهو الحرم كله مشرك ٩/٢٠٧ عن سفيان، عن أبي إسحاق الهمداني، عن زيد بن يشيع قال: سألنا عليا رضي الله عنه: بأي شيء بعثت؟ قال: بأربع، فذكرهن إلا أنه قال: ولا يجتمع مسلم ومشرك بعد عامهم هذا في الحج. وزاد: ومن لم يكن له عهد فأربعة أشهر..
٢٦١- قال الشافعي : قال الله تبارك وتعالى :﴿ قَاتِلُوا اَلذِينَ لا يُومِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ اِلاَخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اَللَّهَ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ اَلْحَقِّ مِنَ اَلذِينَ أُوتُوا اَلْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا اَلْجِزْيَةَ عَنْ يَّدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ قال : فكان بينا في الآية ـ والله تعالى أعلم ـ أن الذين فرض الله عز وجل قتالهم حتى يعطوا الجزية الذين قامت عليهم الحجة بالبلوغ، فتركوا دين الله عز وجل، وأقاموا على ما وجدوا عليه آباءهم من أهل الكتاب.
وكان بينا أن الذين أمر الله بقتالهم الذين فيهم القتال وهم الرجال البالغون.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : ثم أبان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل معنى كتاب الله عز وجل، فأخذ الجزية من المحتلمين دون من دونهم ودون النساء١. وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تقتل النساء من أهل الحرب ولا الولدان٢، وسباهم، فكان ذلك دليلا على خلاف بين النساء والصبيان والرجال، ولا جزية على من لم يبلغ من الرجال، ولا على امرأة، وكذلك لا جزية على مغلوب على عقله من قبل أنه لا دين له تمسك به ترك له الإسلام، وكذلك لا جزية على مملوك لأنه لا مال له يعطي منه الجزية. ( الأم : ٤/١٧٥. ون أحكام الشافعي : ٢/٦٠-٦١. )
ــــــــــــ
٢٦٢- قال الشافعي رحمه الله تعالى : قال الله عز وجل :﴿ حَتَّى يُعْطُوا اَلْجِزْيَةَ عَنْ يَّدٍ ﴾٣ وكان معقولا أن الجزية شيء يؤخذ في أوقات، وكانت الجزية محتملة للقليل و الكثير.
قال الشافعي : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم المبين عن الله عز وجل معنى ما أراد، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم جزية أهل اليمن دينارا في كل سنة أو قيمته من المعافري وهي الثياب٤. وكذلك روي أنه أخذ من أهل أيلة٥. ومن نصارى مكة دينارا عن كل إنسان٦.
قال : وأخذ الجزية من أهل نجران فيها كسوة٧، ولا أدري ما غاية ما أخذ منهم.
وقد سمعت بعض أهل العلم من المسلمين ومن أهل الذمة من أهل نجران يذكر أن قيمته ما أخذ من كل واحد أكثر من دينار، وأخذها من أُكَيْدَر٨، ومن مجوس البحرين٩، لا أدري كم غاية ما أخذ منهم، ولم أعلم أحدا قط حكي عنه أنه أخذ من أحد أقل من دينار. ( الأم : ٤/١٧٩. ون الأم : ٤/١٩٩. )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٢٦٣- قال الشافعي : ولو حاصرنا أهل مدينة من أهل الكتاب فعرضوا علينا أن يعطونا الجزية لم يكن لنا قتالهم إذا أعطوناها، وأن يجري عليهم حكمنا. وإن قالوا : نعطيكموها ولا يجري علينا حكمكم لم يلزمنا أن نقبلها منهم، لأن الله عز وجل قال :﴿ حَتَّى يُعْطُوا اَلْجِزْيَةَ عَنْ يَّدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾١٠ فلم أسمع مخالفا أن الصغَار : أن يعلو حكم الإسلام على حكم الشرك ويجري عليهم.
ولنا أن نأخذ منهم متطوعين وعلى النظر للإسلام وأهله، وإن لم يجر عليهم الحكم كما يكون لنا ترك قتالهم.
ولو عرضوا علينا أن يعطونا الجزية ويجري عليهم الحكم فاختلفنا نحن وهم في الجزية فقلنا : لا نقبل إلا كذا، وقالوا : لا نعطيكم إلا كذا، رأيت ـ والله تعالى أعلم ـ أن يلزمنا أن نقبل منهم دينارا دينارا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذه من نصراني بمكة مقهور، ومن ذمة اليمن وهم مقهورون، ولم يلزمنا أن نأخذ منهم أقل منه، والله تعالى أعلم. لأنا لم نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحدا من الأئمة أخذ منهم أقل منه. ( الأم : ٤/٢٧٩. ون الأم : ٤/١٧٦ و ٤/٢١٠ و ٤/٢٨٤. و أحكام الشافعي : ٢/٥٩-٦٠. )
١ - قال مالك في الزكاة (١٧) باب: جزية أهل الكتاب والمجوس (٢٤)(ر٤٥): مضت السنة أن لا جزية على نساء أهل الكتاب، ولا على صبيانهم، وأن الجزية لا تأخذ إلا من الرجال الذين قد بلغوا الحلم..
٢ - أخرج البخاري في الجهاد (٦٠) باب: قتل الصبيان في الحرب (١٤٥) و باب: قتل النساء في الحرب (١٤٦)(ر٢٨٥١) و (ر٢٨٥٢) عن نافع: أن عبد رضي الله عنه أخبره: أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم مقتولة، فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان.
وأخرجه مسلم في الجهاد والسير (٣٢) باب: تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب (٨)(ر١٧٤٤).
وأخرجه أبو داود في الجهاد، والترمذي في السير، وابن ماجة في الجهاد..

٣ - التوبة. ٢٩..
٤ - أخرج أبو داود في الخراج والإمارة والفيء (١٤) باب: في أخذ الجزية (٣٠)(ر٣٠٣٨-٣٠٣٩) عن معاذ: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وجَّهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم ـ يعني محتلما ـ دينارا، أو عدله من المعافري، ثياب تكون باليمن».
وأخرجه الترمذي في الزكاة (٤) باب: ما جاء في زكاة البقر (٥)(ر٦٢٣) وقال: هذا حديث حسن.
وأخرجه النسائي في الزكاة (٢٣) باب: زكاة البقر (٨)(ر٢٤٤٩ و ٢٤٥٠ و ٢٤٥١).
وأخرجه ابن ماجة في الزكاة (٨)(ر١٨٠٣).
وأخرجه أحمد، ومالك، والدارمي، والبيهقي في كتاب الجزية..

٥ - روى البيهقي في كتاب الجزية باب: كم الجزية ٩/١٩٥ عن أبي الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب على نصراني بمكة يقال له موهب دينارا كل سنة. وأن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب على نصارى أيلة ثلاثمائة دينار كل سنة، وأن يضيفوا من مر بهم من المسلمين ثلاثا، وأن لا يغشوا مسلما..
٦ - روى البيهقي في كتاب الجزية باب: كم الجزية ٩/١٩٥ عن أبي الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب على نصراني بمكة يقال له موهب دينارا كل سنة. وأن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب على نصارى أيلة ثلاثمائة دينار كل سنة، وأن يضيفوا من مر بهم من المسلمين ثلاثا، وأن لا يغشوا مسلما..
٧ - روى أبو داود في الخراج والإمارة والفيء (١٤) باب: في أخذ الجزية (٣٠)(ر٣٠٤١) عن ابن عباس قال: صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل نجران على ألفي حلة، النصف في صفر والبقية في رجب، يؤدونها إلى المسلمين.. الحديث
ورواه البيهقي في كتاب الجزية باب: كم الجزية ٩/١٩٥..

٨ - روى أبو داود في الخراج والإمارة والفيء (١٤) باب: في أخذ الجزية (٣٠)(ر٣٠٣٧) عن أنس بن مالك، وعن عثمان بن أبي سليمان: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى أُكَيْدَرِ دُومَةَ، فأُخذ، فأتوه به، فحقن له دمه، وصالحه على الجزية. وأكيدر دومة: رجل من العرب يقال: هو من غسان..
٩ - سبق تخريجه..
١٠ - التوبة: ٢٩..
٢٦٤- قال الشافعي : قال الله تبارك وتعالى :﴿ هُوَ اَلذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ اِلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى اَلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ اَلْمُشْرِكُونَ ﴾ أخبرنا ابن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :« إذا هلك كسرى١ فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر٢ فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله »٣.
قال الشافعي : لما أُتِيَ كسرى بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مزقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« يمزق ملكه »٤.
قال الشافعي : وحفظنا أن قيصر أكرم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ووضعه في مسك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
« يثبت ملكه »٥.
قال الشافعي : ووعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فتح فارس والشام٦. فأغزى أبو بكر الشام على ثقة من فتحها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتح بعضها، وتم فتحها في زمان عمر وفتح العراق وفارس٧.
قال الشافعي : فقد أظهر الله عز وجل دينه الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم على الأديان، بأن أبان لكل من سمعه أنه الحق، وما خالفه من الأديان باطل، وأظهره بأن جماع الشرك دينان : دين أهل الكتاب، ودين الأميين. فقهر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأميين حتى دانوا بالإسلام طوعا وكرها، وقتل من أهل الكتاب وسبى حتى دان بعضهم بالإسلام وأعطى بعض الجزية صاغرين، وجرى عليهم حكمه صلى الله عليه وسلم وهذا ظهور الدين كله.
قال : وقد يقال : ليظهرن الله عز وجل دينه على الأديان حتى لا يدان لله عز وجل إلا به، وذلك متى شاء الله تبارك وتعالى.
قال الشافعي : وكانت قريش تنتاب٨ الشام انتيابا كثيرا مع معايشها منه، وتأتي العراق.
قال : فلما دخلت في الإسلام ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم خوفها من انقطاع معايشها بالتجارة من الشام والعراق إذا فارقت الكفر ودخلت في الإسلام مع خلاف ملك الشام والعراق لأهل الإسلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :« إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ».
قال الشافعي : لم يكن بأرض العراق كسرى بعده ثبت له أمر بعده، قال :« وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده » فلم يكن بأرض الشام قيصر بعده، وأجابهم على ما قالوا له، وكان كما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقطع الله الأكاسرة عن العراق وفارس، وقيصر ومن قام بالأمر بعده عن الشام.
قال الشافعي : قال النبي صلى الله عليه وسلم في كسرى :« يمزق ملكه » فلم يبق للأكاسرة ملك.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : وقال في قيصر :« يثبت ملكه » فثبت له ملك ببلاد الروم إلى اليوم، وتنحى ملكه عن الشام، وكل هذا أمر يصدقُ بعضه بعضا.
ـــــــــــــــــــــــــــ
٢٦٤- الأم : ٤/١٧١. ون أحكام الشافعي : ٢/٤٩-٥٠. ومختصر المزني ص : ٢٧٦. والسنن الكبرى : ٩/١٨١ و ٩/١٧٩.
١ - كسرى: لقب ملك الفرس..
٢ - قيصر: لقب ملك الروم..
٣ - رواه البخاري في بلفظ مغاير في الجهاد (٦٠) باب: الحرب خدعة (١٥٤)(ر٢٨٦٤). وفي الخمس (٦١) باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: « أحلت لكم الغنائم » (٨)(ر٢٩٥٢ و ٢٩٥٣). وفي المناقب: (٦٥) باب: علامات النبوة في الإسلام (٢٢)(ر٣٤٢٢ و ٣٤٢٣). وفي الأيمان والنذر (٨٦) باب: كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم (٢)(ر٦٢٥٤ و ٦٢٥٥).
ورواه مسلم بنحوه في الفتن وأشراط الساعة (٥٢) باب: لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل (١٨)(ر٢٩١٨).
ورواه الترمذي، وأحمد، والبيهقي، والشافعي في المسند (ر١٦٧٣)..

٤ - أخرج البخاري في العلم (٣) باب: ما يذكر في المناولة (٧)(ر٦٤) عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه رجلا، وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه مزقه، فحسبت أن ابن المسيب قال: فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق.
ورواه كذلك في الجهاد باب: دعوت اليهود والنصارى. وفي المغازي باب: كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر. وفي التمني باب: ما كان يبعث النبي صلى الله عليه وسلم من الأمراء والرسل.
ورواه البيهقي في كتاب السير باب: إظهار النبي صلى الله عليه وسلم على الأديان ٩/١٧٧ عن الشافعي..

٥ - رواه البيهقي في كتاب السير باب: إظهار دين النبي صلى الله عليه وسلم على الأديان ٩/١٧٧ عن الشافعي..
٦ - روى البيهقي في كتاب السير باب: بيان النية التي يقاتل عليها ٩/١٦٩ عن عبد الله بن حوالة رضي الله عنه قال: «... ليفتحن لكم الشام ثم لتقسمن كنوز فارس والروم... » الحديث. ورواه في باب: إظهار دين النبي صلى الله عليه وسلم على الأديان ٩/١٧٩.
وروى البخاري في فضائل المدينة (٣٥) باب: من رغب عن المدينة (٥)(ر١٧٧٦) عن سفيان ابن أبي زهير رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فتح اليمن والشام والعراق..

٧ - روى البيهقي في كتاب السير باب: إظهار دين النبي صلى الله عليه وسلم على الأديان ٩/١٧٩-١٨٠ عن محمد ابن إسحاق في قصة خالد بن الوليد حين فرغ من اليمامة قال: فكتب أبو بكر إلى خالد ابن الوليد والذين معه من المهاجرين والأنصار وهو باليمامة، وفيها: «... ألا وقد أمرت خالد بن الوليد بالمسير إلى العراق فلا يبرحها حتى يأتيه أمري، فسيروا معه ولا تثاقلوا عنه.. » قال البيهقي: ثم بين في التواريخ ورود كتابه عليه بالسير إلى الشام، وإمداد من بها من أمراء الأجناد وما كان من الظفر للمسلمين يوم أجنادين في أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وما كان من خروج هرقل متوجها نحو الروم، وما كان من الفتوح بها وبالعراق وبأرض فارس وهلاك كسرى وحمل كنوزه إلى المدينة في أيام عمر رضي الله عنه..
٨ - انتاب الرجل القوم انتيابا: إذا قصدهم وأتاهم مرة بعد مرة، وهو ينتابهم. اللسان: نوب..
٢٦٥- قال الشافعي رحمه الله : أكره أن يقال للمحرَّم : صفر، ولكن يقال له : المحرم. وإنما كرهت أن يقال للمحرم صفر، من قبل أن أهل الجاهلية كانوا يعدون، فيقولون : صَفَرَان، للمحرم وصفر، وينسئون، فيحجون عاما في شهر وعاما في غيره. ويقولون : إن أخطأنا موضع المحرم في عام أصبناه في غيره، فأنزل الله عز وجل :﴿ إِنَّمَا اَلنَّسِىُّ زِيَادَةٌ فِى اِلْكُفْرِ ﴾. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السَّنَةُ : إثنا عشر شهرا منها أربع حُرُم : ثلاثة متواليات : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب شهر مُضَر١ الذي بين جمادى وشعبان »٢.
قال الشافعي : فلا شهر ينسأ. وسمَّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم المحرَّم. ( أحكام الشافعي : ٢/١٩٥-١٩٧. ون السنن الكبرى : ٥/١٦٥. )
١ - إذ كانت قبيلة ربيعة تخالف فيه قبيلة مضر فتجعله في رمضان. ونسب رجب إلى مضر لأنها كانت تحافظ على تحريمه أشد من غيرها. اللسان: رجب..
٢ - رواه البخاري عن أبي بكرة في بدء الخلق (٦٣) باب: ما جاء في سبع أرضين (٢)(ر٣٠٢٥).
ورواه مسلم في القسامة (٢٨) باب: تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال (٩)(ر١٦٧٩)..

٢٦٦- قال الشافعي رحمه الله تعالى : فلما فرض الله تعالى الجهاد دلَّ في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أنه لم يفرض الخروج إلى الجهاد على مملوك١، أو أنثى بالغ٢، ولا حرٍّ لم يبلغ٣، لقول الله عز وجل :﴿ اِنفِرُوا خِفَافا وَثِقَالا وَجَاهِدُواْ ﴾ وقرا الربيع الآية.
فكأن الله عز وجل حكم أن لا مال للمملوك، ولم يكن مجاهد إلا ويكون عليه للجهاد مؤنة من المال ولم يكن للمملوك مال. وقد قال لنبيه صلى الله عليه وسلم :﴿ حَرِّضِ اِلْمُومِنِينَ عَلَى اَلْقِتَالِ ﴾٤ فدل على أنه أراد بذلك الذكور دون الإناث، لأن الإناث : المؤمنات. وقال عز وجل :﴿ وَمَا كَانَ اَلْمُومِنُونَ لِيَنفِرُوا كَآفَّةً ﴾٥ وقال :﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ اَلْقِتَالُ ﴾٦ وكل هذا يدل على أنه أراد به الذكور دون الإناث. وقال عز وجل ـ إذ أمر بالاستئذان ـ :﴿ وَإِذَا بَلَغَ اَلاَطْفَالُ مِنكُمُ اَلْحُلُمَ فَلْيَسْتَاذِنُوا كَمَا اَسْتَاذَنَ اَلذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾٧ فأعلم أن فرض الاستئذان إنما هو على البالغين.
وقال :﴿ وَابْتَلُوا اَلْيَتَامى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا اَلنِّكَاحَ فَإِنَ ـانَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا ﴾٨ فلم يجعل لرشدهم حكما تصير به أموالهم إليهم إلا بعد البلوغ، فدل على أن الفرض في العمل إنما هو على البالغين، ودلت السنة، ثم ما لم أعلم فيه مخالفا من أهل العلم على مثل ما وصفت.
قال الشافعي رحمه الله تعال : أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عبد الله أبو عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر ـ شك الربيع ـ قال : عُرضتُ على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فردَّني، وعُرضْتُ عليه عام الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني٩.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم القتال عبيد ونساء وغير بالغين فرضخ لهم ولم يُسْهم١٠. وأسهم لضعفاء أحرار بالغين شهدوا معه، فدل ذلك على أن السهمان إنما تكون فيمن شهد القتال من الرجال الأحرار، ودلَّ ذلك على أن لا فرض في الجهاد على غيرهم. ( الأم : ٤/١٦٢. ون مناقب الإمام الشافعي ص : ٢٣٨. )
١ - أخرج مسلم في الجهاد والسير (٣٢) باب: النساء الغازيات يرضخ لهن ولا يسهم (٤٨)(ر١٨١٢) عن يزيد بن هرمز قال: كتب نجدة بن عامر الحروري إلى ابن عباس يسأله عن العبد والمرأة يحضران المغنم هل يقسم لهما؟.. فقال ابن عباس: إنك كتبت تسألني عن المرأة والعبد يحضران المغنم، هل يقسم لهما شيء؟ وأنه ليس لهما شيء إلا أن يُحذَيا.. الحديث.
ويحذيا من الْحُذْوَةِ: وهي العطية وتسمى الرضخ، والرضخ: العطية القليلة. إذ لو كان الجهاد فرضا على النساء والعبيد، لكان يسهم لهما من الغنائم.
وأخرجه أبو داود في الجهاد (٩) باب: في المرأة والعبد يحذيان من الغنيمة (١٥٢)(ر٢٧٢٧ و ٢٧٢٨).
وأخرجه الترمذي في السير (١٨) باب: من يعطي الفيء (٨) وباب: هل يسهم للعبد (٩)(ر ١٥٥٦ و ١٥٥٧).
وأخرجه البخاري في الجهاد (٦٠) باب: جهاد النساء (٦١)(ر٢٧٢٠ و ٢٧٢١) عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد، فقال: « جهادكن الحج »..

٢ - أخرج مسلم في الجهاد والسير (٣٢) باب: النساء الغازيات يرضخ لهن ولا يسهم (٤٨)(ر١٨١٢) عن يزيد بن هرمز قال: كتب نجدة بن عامر الحروري إلى ابن عباس يسأله عن العبد والمرأة يحضران المغنم هل يقسم لهما؟.. فقال ابن عباس: إنك كتبت تسألني عن المرأة والعبد يحضران المغنم، هل يقسم لهما شيء؟ وأنه ليس لهما شيء إلا أن يُحذَيا.. الحديث.
ويحذيا من الْحُذْوَةِ: وهي العطية وتسمى الرضخ، والرضخ: العطية القليلة. إذ لو كان الجهاد فرضا على النساء والعبيد، لكان يسهم لهما من الغنائم.
وأخرجه أبو داود في الجهاد (٩) باب: في المرأة والعبد يحذيان من الغنيمة (١٥٢)(ر٢٧٢٧ و ٢٧٢٨).
وأخرجه الترمذي في السير (١٨) باب: من يعطي الفيء (٨) وباب: هل يسهم للعبد (٩)(ر ١٥٥٦ و ١٥٥٧).
وأخرجه البخاري في الجهاد (٦٠) باب: جهاد النساء (٦١)(ر٢٧٢٠ و ٢٧٢١) عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد، فقال: « جهادكن الحج »..

٣ - إشارة إلى حديث ابن عمر كما سيأتي..
٤ - الأنفال: ٦٥..
٥ - التوبة: ١٢٢..
٦ - البقرة: ٢١٦..
٧ - النور: ٥٩..
٨ - النساء: ٦..
٩ - سبق تخريجه..
١٠ - سبق تخريجه..
٢٦٧- قال الشافعي : قال الله تبارك وتعالى :﴿ إِنَّمَا اَلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ ﴾ الآية. فبين الله عز وجل لمن الصدقات، ثم وكَّدَها وشددها فقال :﴿ فَرِيضَةً مِّنَ اَللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ فقسم كل ما أخذ من مسلم، على قسم الله عز وجل، وهي سهمان ثمانية لا يصرف منهم سهم، ولا شيء منه عن أهله ما كان من أهله أحد يستحقه. ولا تخرج صدقت قوم منهم عن بلدهم وفي بلدهم من يستحقها.
أخبرنا وكيع١، عن زكريا بن إسحاق٢، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي٣، عن أبي معبد٤، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل حين بعثه :
« فإن أجابوك فأعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم »٥.
أخبرنا يحيى بن حسان الثقة من أصحابنا، عن الليث بن سعد، عن سعيد المقبري، عن شريك بن أبي نمر٦، عن أنس بن مالك : أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : نشدتك الله آلله أمرك أن تأخذ الصدقة من أغنيائنا فتردها على فقرائنا ؟ قال :« نعم »٧.
قال الشافعي : والفقراء ههنا كل من لزمه اسم حاجة ممن سمى الله تعالى من الأصناف الثمانية، وذلك أن كلهم إنما يعطى بموضع الحاجة لا بالاسم.
فلو أن ابن السبيل كان غنيا لم يعط، وإنما يعطى ابن السبيل المحتاج إلى السلاح في وقته الذي يعطى فيه. فإن لم يوجد من أهل الصدقات الذين يوجد منهم أحد من أهل السهمان الذين سمى الله عز وجل، ردت حصة من لم يوجد على من وجد، كأن وجد فيهم فقراء، ومساكين، وغارمون، ولم يوجد غيرهم، فقسم الثمانية الأسهم على ثلاثة أسهم، وبيان هذا في أسفل الكتاب٨.
فأهل السهمان يجمعهم أنهم أهل حاجة إلى مالهم منها كلهم، وأسباب حاجاتهم مختلفة، وكذلك أسباب استحقاقهم بمعَانٍ مختلفة، يجمعها الحَاجَةُ، ويفرق بينها صفاتها. ( الأم : ٢/٨٣. ون الأم : ٢/٧١ و ٤/١٢٦ و ٧/٢٣. ومختصر المزني ص : ١٥٥. وأحكام الشافعي : ١/١٦٠-١٦١. )
١ - وكيع بن الجراح، أبو سفيان الرؤاسي أحد الأعلام. عن: العمش، وهشام بن عروة. وعنه: أحمد، وإسحاق، وإبراهيم بن عبد الله القصار. ولد سنة: ١٢٨. قال أحمد: ما رأيت أوعى للعلم منه ولا أحفظ، كان أحفظ من ابن مهدي. وقال حماد بن زيد: لو شئت لقلت: إنه أرجح من سفيان. وقال أحمد: لما ولي حفص بن غياث القضاء هجره وكيع. مات بفيد يوم عاشوراء سنة: ١٩٧. الكاشف: ٣/١٢٥. ون التهذيب: ٩/١٣٩. وقال في التقريب: ثقة حافظ عابد..
٢ - زكريا بن إسحاق. عن: عطاء، وأبي الزبير. وعنه: روح، وعبد الرزاق. ثقة. الكاشف: ١/٢٧٦. ون التهذيب: ٣/١٥٥. وقال في التقريب: ثقة رمي بالقدر..
٣ - يحيى بن عبد الله بن محمد بن صيفي، ويقال: يحيى بن محمد. عن أبي معبد، وعكرمة. وعنه: ابن جريج، وعبد الله بن المؤمل. ثقة. الكاشف: ٣/٢٤٧. ون التهذيب: ٩/٢٥٨. وقال في التقريب: ثقة..
٤ - نافذ، أبو معبد. عن: مولاه ابن عباس. وعنه: أبو الزبير، وسليمان الحول. مات سنة: ١٠٤. الكاشف: ٣/١٨٠. ون التهذيب: ٨/٤٦٤. وقال في التقريب: ثقة..
٥ - أخرجه البخاري في الزكاة (٣٠) باب: وجوب الزكاة (١)(ر١٣٣١) وفي باب: لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة
(٤٠)(ر١٣٨٩). وفي باب: أخذالصدقة من الأغنياء (٦٢)(ر١٤٢٥). وفي المغازي (٦٧) باب: بعث أبي موسى ومعاذ بن جبل
(٥٧)(ر٤٠٩٠). وفي أول التوحيد (١٠٠)(ر٦٩٣٧).
وأخرجه مسلم في الإيمان (١) باب: الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (٧)(ر١٩). وأخرجه أصحاب السنن..

٦ - شريك بن عبد الله بن أبي نمر المدني. عن: أنس، وابن المسيب. وعنه: مالك، وأنس ابن عياض. قال ابن معين: لا بأس به. وقال النسائي: ليس بالقوي. الكاشف: ٢/١٠. ون التهذيب: ٣/٦٢٦. وقال في التقريب: صدوق يخطئ. وتعقبه صاحب التحرير
٢/١١٤ فقال: بل صدوق حسن الحديث، فقد وثقه أبو داود، وابن سعد، والعجلي، وقال ابن معين والنسائي: ليس به بأس، وقال ابن الجارود: ليس به بأس وليس بالقوي، وكان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه، وقال ابن عدي: وشريك رجل مشهور من أهل المدينة، حدث عنه مالك، وغير مالك من الثقات، وحديثه إذا روى عنه ثقة فلا بأس بروايته إلا أن يروي عنه ضعيف. قلنا: وإنما أنزل إلى مرتبة «صدوق» بسبب خطئه في حديث المعراج، قال المؤلف في مقدمة «الفتح»: احتج به الجماعة، إلا أن في روايته عن أنس لحديث الإسراء مواضع شاذة. قلنا: مجموع هذه المواضع تزيد على عشرة ذكرها في «الفتح»..

٧ - أخرجه البخاري مطولا في العلم (٣) باب: ما جاء في العلم (٦)(ر٦٣).
وأخرجه مسلم في الإيمان (١) باب: السؤال عن أركان الإسلام (٣)(ر١٢). وأخرجه أصحاب السنن..

٨ - قوله: وبيان هذا في أسفل الكتاب، كذا في جميع النسخ التي بيدنا، وليس لهذا البيان أثر في شيء منها، فلعله كان في أصل الأم الذي كتبه الربيع أو كتب من نسخته. كتبه مصححه..
٢٦٨- قال الشافعي رحمه الله تعالى : قال الله عز وجل في الجهاد :﴿ لَّيْسَ عَلَى اَلضُّعَفَاء وَلا عَلَى اَلْمَرْضى وَلا عَلَى اَلذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ اِذَا نَصَحُوا لِلهِ وَرَسُولِهِ ﴾الآية، وقال :﴿ لَّيْسَ عَلَى اَلاَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى اَلاَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى اَلْمَرِيضِ حَرَجٌ ﴾١.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : وقيل : الأعرج : المقعد، والأغلب أنه الأعرج في الرِّجلِ الواحدة، وقيل : نزلت في أن لا حرج أن لا يجاهدوا، وهو أشبه ما قالوا وغير محتمل غيره، وهم داخلون في حد الضعفاء وغير خارجين من فرض الحج ولا الصلاة ولا الصوم ولا الحدود، ولا يحتمل ـ والله تعالى أعلم ـ أن يكون أريد بهذه الآية إلا وضع الحرج في الجهاد دون غيره من الفرائض.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : الغزو غزوان : غزو يبعد عن المغازي وهو ما بلغ مسيرة ليلتين قاصدتين حيث تقصر الصلاة وتقدم مواقيت الحج من مكة، وغزو يقرب وهو ما كان دون ليلتين مما لا تقصر فيه الصلاة وما هو أقرب من المواقيت إلى مكة.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : وإذا كان الغزو البعيد لم يلزم القوي السالم البدن كله إذا لم يجد مركبا وسلاحا ونفقة، ويدع لمن تلزمه نفقته قوته إذن قدر ما يرى أنه يلبث، وإن وجد بعض هذا دون بعض فهو ممن لا يجد ما ينفق٢.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : نزلت :﴿ وَلا عَلَى اَلذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ اَلدَّمْعِ حَزَناً ﴾٣ الآية.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : وإذا وجد هذا كله دخل في جملة من يلزمه فرض الجهاد، فإن تهيا للغزو ولم يخرج، أو خرج ولم يبلغ موضع الغزو، أو بلغه ثم أصابه مرض، أو صار ممن لا يجد في أي هذه المواضيع كان، فله أن يرجع وقد صار من أهل العذر، فإن ثبت كان أحبَّ إليَّ ووسعه الثبوت. وإذا كان ممن لم يكن لهم قُوتهم لم يحل له أن يغزو على الابتداء، ولا يثبت في الغزو إن غزا، ولا يكون له أن يضيع فرضا ويتطوع لأنه إذا لم يجد فهو متطوع بالغزو، ومن قلت له : أن لا يغزو فله أن يرجع إذا غزا بالعذر، وكان ذلك له ما لم يلتق الزحفان، فإذا التقيا لم يكن له ذلك حتى يتفرقا. ( الأم : ٤/١٦٢-١٦٣. ون أحكام الشافعي : ٢/٢٣-٢٥. ومختصر المزني ص : ٢٦٩. )
١ - النور: ٦١. و الفتح: ١٧..
٢ - أخرج البخاري في الجهاد (٦٠) باب: تمني الشهادة (٧)(ر٢٦٤٤) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « والذي نفسي بيده، لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني، ولا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا، ثم أقتل ثم أحيا، ثم أقتل ثم أحيا، ثم أقتل ».
وأخرجه مسلم في الإمارة (٣٣) باب: فضل الجهاد والخروج في سبيل الله (٢٨)(ر١٨٧٦)..

٣ - التوبة: ٩٢..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩١:٢٦٨- قال الشافعي رحمه الله تعالى : قال الله عز وجل في الجهاد :﴿ لَّيْسَ عَلَى اَلضُّعَفَاء وَلا عَلَى اَلْمَرْضى وَلا عَلَى اَلذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ اِذَا نَصَحُوا لِلهِ وَرَسُولِهِ ﴾الآية، وقال :﴿ لَّيْسَ عَلَى اَلاَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى اَلاَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى اَلْمَرِيضِ حَرَجٌ ﴾١.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : وقيل : الأعرج : المقعد، والأغلب أنه الأعرج في الرِّجلِ الواحدة، وقيل : نزلت في أن لا حرج أن لا يجاهدوا، وهو أشبه ما قالوا وغير محتمل غيره، وهم داخلون في حد الضعفاء وغير خارجين من فرض الحج ولا الصلاة ولا الصوم ولا الحدود، ولا يحتمل ـ والله تعالى أعلم ـ أن يكون أريد بهذه الآية إلا وضع الحرج في الجهاد دون غيره من الفرائض.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : الغزو غزوان : غزو يبعد عن المغازي وهو ما بلغ مسيرة ليلتين قاصدتين حيث تقصر الصلاة وتقدم مواقيت الحج من مكة، وغزو يقرب وهو ما كان دون ليلتين مما لا تقصر فيه الصلاة وما هو أقرب من المواقيت إلى مكة.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : وإذا كان الغزو البعيد لم يلزم القوي السالم البدن كله إذا لم يجد مركبا وسلاحا ونفقة، ويدع لمن تلزمه نفقته قوته إذن قدر ما يرى أنه يلبث، وإن وجد بعض هذا دون بعض فهو ممن لا يجد ما ينفق٢.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : نزلت :﴿ وَلا عَلَى اَلذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ اَلدَّمْعِ حَزَناً ﴾٣ الآية.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : وإذا وجد هذا كله دخل في جملة من يلزمه فرض الجهاد، فإن تهيا للغزو ولم يخرج، أو خرج ولم يبلغ موضع الغزو، أو بلغه ثم أصابه مرض، أو صار ممن لا يجد في أي هذه المواضيع كان، فله أن يرجع وقد صار من أهل العذر، فإن ثبت كان أحبَّ إليَّ ووسعه الثبوت. وإذا كان ممن لم يكن لهم قُوتهم لم يحل له أن يغزو على الابتداء، ولا يثبت في الغزو إن غزا، ولا يكون له أن يضيع فرضا ويتطوع لأنه إذا لم يجد فهو متطوع بالغزو، ومن قلت له : أن لا يغزو فله أن يرجع إذا غزا بالعذر، وكان ذلك له ما لم يلتق الزحفان، فإذا التقيا لم يكن له ذلك حتى يتفرقا. ( الأم : ٤/١٦٢-١٦٣. ون أحكام الشافعي : ٢/٢٣-٢٥. ومختصر المزني ص : ٢٦٩. )
١ - النور: ٦١. و الفتح: ١٧..
٢ - أخرج البخاري في الجهاد (٦٠) باب: تمني الشهادة (٧)(ر٢٦٤٤) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « والذي نفسي بيده، لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني، ولا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا، ثم أقتل ثم أحيا، ثم أقتل ثم أحيا، ثم أقتل ».
وأخرجه مسلم في الإمارة (٣٣) باب: فضل الجهاد والخروج في سبيل الله (٢٨)(ر١٨٧٦)..

٣ - التوبة: ٩٢..


٢٦٩- قال الشافعي : فرض الله عز وجل على أهل دينه المسلمين في أموالهم حقا لغيرهم من أهل دينه المسلمين المحتاجين إليه، لا يسع أهل الأموال حبسه عمن أمروا بدفعه إليه من أهله، أو وُلاته، ولا يسع الولاة تركه لأهل الأموال لأنهم أمناء على أخذه لأهله منهم، قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم :﴿ خُذْ مِنَ اَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمُ إِنَّ صَلَوَاتِكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ﴾ ففي هذه الآية دلالة على ما وصفت من أن ليس لأهل الأموال منع ما جعل الله عز وجل عليهم ولا لمن وليهم ترك ذلك لهم، ولا عليهم.
أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب قال : لم يبلغنا أن أبا بكر وعمر أخذا الصدقة مثناة، ولكن كانا يبعثان عليهما في الخصب، والجدب، والسمن، والعجف، ولا يضمنانها أهلها، ولا يؤخرانها عن كل عام، لأن أخذها في كل عام سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم١.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : ولم نعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرها عاما لا يؤخذها فيه، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : لو منعوني عناقا مما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها، لا تفرقوا بين ما جمع الله٢.
قال الشافعي : هذا إنما هو فيما أخذ من المسلمين خاصة لأن الزكاة والطهور إنما هو للمسلمين والدعاء بالأجر والبركة.
قال الشافعي : وإذا أخذ صدقة مسلم دعا له بالأجر والبركة كما قال الله عز وجل :﴿ وَصَلِّ عَلَيْهِمُ ﴾٣ أي ادْعُ لهم، فما أخذ من مسلم فهو زكاة، والزكاة صدقة، والصدقة زكاة وطهور، أمرُهُما واحد ومعناهما واحد وإن سميت مرة زكاة ومرة صدقة هما اسمان لها بمعنى واحد، وقد تسمي العرب الشيء الواحد بالأسماء الكثيرة، وهذا بين في كتاب الله عز وجل، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي لسان العرب.
قال الله عز وجل :﴿ وَأَقِيمُوا اَلصَّلَواةَ وَءَاتُوا اَلزَّكَواةَ ﴾٤ قال أبو بكر :« لو منعوني عناقا مما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه، لا تفرقوا بين ما جمع الله »٥ يعني ـ والله أعلم ـ قول الله عز وجل :﴿ وَأَقِيمُوا اَلصَّلَواةَ وَءَاتُوا اَلزَّكَواةَ ﴾٦ واسم ما أخذ من الزكاة صدقة، وقد سماها الله تعالى في القسم صدقة فقال :﴿ إِنَّمَا اَلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ ﴾٧ الآية ؛ تقول : إذا جاء المصدق يعني الذي يأخذ الماشية، وتقول : إذا جاء الساعي، وإذا جاء العامل.
قال الشافعي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« ليس فيما دون خمس ذود صدقة، ولا فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة، ولا فيما دون خمس أواق من الورق صدقة »٨.
قال الشافعي : والأغلب على أفواه العامة أن في التمر العُشر، وفي الماشية الصدقة، وفي الورق الزكاة، وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا كله صدقة، والعرب تقول له : صدقة وزكاة، ومعناهما عندهم معنى واحد ؛ فما أخذ من مسلم من صدقة ماله ناضا كان أو ماشية أو زرعا أو زكاة فطر، أو خمس ركاز، أو صدقة معدن، أو غيره مما وجب عليه في ماله، في كتاب أو سنة أو أمرٍ أجمع عليه عوام المسلمين، فمعناه واحد أنه زكاة. والزكاة صدقة وقسمة واحد لا يختلف كما قسمه الله.
الصدقات ما فرض الله عز وجل على المسلمين في طهور. ( الأم : ٢/٨٢-٨٣. ون الأم : ٢/٦٠. ومختصر المزني ص : ٥٣ و ص : ١٥٥. )
ــــــــــــ
٢٧٠- قال الشافعي : أما أهل الامتناع فقالوا : قد فرض الله علينا أن نؤديها إلى رسوله، كأنهم ذهبوا إلى قول الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم :﴿ خُذْ مِنَ اَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ ﴾٩ وقالوا : لا نعلمه يجب علينا أن نؤديها إلى غير رسول الله صلى الله عليه وسلم. ( الأم : ٤/٢١٦. )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٢٧١- قال الشافعي : ونجد الزكاة فرضا تجامع الصلاة وتخالفها، ولا نجد الزكاة تكون إلا ثابتة أو ساقطة، فإذا ثبتت لم يكن فيها إلا أداؤها مما وجبت في جميع الحالات مستويا، ليست تختلف بعذرٍ كما اختلفت تأدية الصلاة قائما أو قاعدا.
ونجد المرء إذا كان له مال حاضر تجب فيه الزكاة، وكان عليه دين مثله زالت عنه الزكاة حتى لا يكون عليه منها شيء في تلك الحال١٠. والصلاة لا تزول في حال، يؤديها كما أطاقها. قال الربيع : وللشافعي قول آخر : إذا كان عليه دين عشرين دينارا وله مثلها، فعليه الزكاة يؤديها من قبل أن الله عز وجل قال :{ خُذْ مِنَ اَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم
بِهَا }١١ فلما كانت هذه العشرون لو وهبها جازت هبته، ولو تصدق بها جازت صدقته، ولو تلفت كانت منه، فلما كانت أحكامها كلها تدل على أنها مال من ماله وجبت عليه فيها الزكاة لقول الله تبارك وتعالى :﴿ خُذْ مِنَ اَمْوَالِهِمْ ﴾١٢ الآية.
قال الشافعي رحمه الله تعالى : ونجد المرأة ذات المال تزول عنها الصلاة في أيام حيضها ولا تزول عنها الزكاة، وكذلك الصبي والمغلوب على عقله. ( الأم : ٧/٢٨٧. )
١ - رواه البيهقي في كتاب الزكاة باب: ما على الإمام من بعث السعاة على الصدقة ٤/١١٠.
وروى مالك في الزكاة (١٧)باب: الزكاة في العين من الذهب والورق (٢)(ر٤)، قال القاسم: إن أبا بكر الصديق لم يكن يأخذ من مال زكاة حتى يحول عليه الحول. وفي نفس الباب (ر٦) عن نافع، عن ابن عمر كان يقول: لا تجب في مال زكاة حتى يحول عليه الحول.
وروى البيهقي في كتاب الزكاة باب: الوقت الذي تجب فيه الصدقة ٤/١٠٩ عن عاصم بن ضمرة والحارث عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم: « ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول»..

٢ - سبق تخريجه..
٣ - التوبة: ١٠٣..
٤ - البقرة: ٤٣..
٥ - سبق تخريجه..
٦ - البقرة: ٤٣..
٧ - التوبة: ٦٠. والآية بتمامها: ﴿إِنَّمَا اَلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى اِلرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اِللَّهِ وَابْنِ اِلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اَللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾..
٨ - سبق تخريجه..
٩ - التوبة: ١٠٣..
١٠ - أخرج مالك في الزكاة (١٧) باب: الزكاة في الدين (٨)(ر١٧) عن ابن شهاب، عن السائب بن يزيدة: أن عثمان بن عفان كان يقول: هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤد دينه، حتى تحصل أموالكم، فتؤدون منه الزكاة.
وأخرجه البيهقي في كتاب الزكاة باب: الدين مع الصدقة ٤/١٤٨.
وأخرجه الشافعي في الأم: ٢/٥٠ وفي المسند (ر٦٢٠).
وروى مالك في الزكاة (١٧) باب: الزكاة في الدين (٨)(ر١٩) عن يزيد بن خصيفة: أنه سأل سليمان بن يسار عن رجل له مال وعليه دين مثله: أعليه زكاة؟ فقال: لا..

١١ - التوبة: ١٠٣..
١٢ - التوبة: ١٠٣..
٢٧٢- قال الشافعي : أخبرنا سفيان، عن ابن عجلان، عن سعيد بن يسار١، عن أبي هريرة قال : سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول :« والذي نفسي بيده ما من عبد يتصدق من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا ولا يصعد إلى السماء إلا طيب، إلا كان كأنما يضعها في يد الرحمن فيربيها له كما يربي أحدكم فُلُوَّهُ، حتى إن اللقمة لتأتي يوم القيامة وإنها لمثل الجبل العظيم » ثم قرأ :﴿ اَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اَللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ اَلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَاخُذُ الصَّدَقَاتِ ﴾. ٢ ( الأم : ٢/٦٠. )
١ - سعيد بن يسار أبو الحباب، من علماء المدينة. عن: عائشة، وأبي هريرة. وعنه: ربيعة، ويحيى بن سعيد. ت سنة: ١١٧هـ. الكاشف: ١/٣٢٩. ون التهذيب: ٣/٣٨٧. وقال في التقريب: ثقة متقن..
٢ - سبق تخريجه..
قوله عز وجل ﴿ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَّتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ اَلْمُطَّهِّرِينَ { ١٠٨ ﴾ }
٢٧٣- قال الشافعي : وإذا استنجى رجل بشيء غير الماء لم يجزه أقل من ثلاثة أحجار وإن أنقى والاستنجاء كان، ولو جمعه رجل ثم غسل بالماء كان أحب إلي، ويقال إن قوما من الأنصار استنجوا بالماء، فنزلت فيهم :﴿ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَّتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ اَلْمُطَّهِّرِينَ ﴾. ( الأم : ١/٢٢. ون أحكام الشافعي : ١/٤٥. )
٢٧٤- قال الشافعي : قال الله عز وجل :﴿ قَاتِلُوا اَلذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ اَلْكُفّارِ ﴾ قال : ففرض الله جهاد المشركين ثم أبان من الذين نبدا بجهادهم من المشركين، فأعلمهم أنهم الذين يلون المسلمين، وكان معقولا في فرض الله جهادهم أن أولاهم بأن يجاهد أقربهم بالمسلمين دارا، لأنهم إذا قووا على جهادهم وجهاد غيرهم كانوا على جهاد من قرب منهم أقوى، وكان من قرب أولى أن يجاهد من قربه من عورات المسلمين، وأن نكاية من قرب أكثر من نكاية من بعد.
قال : فيجب على الخليفة إذا استوت حال العدو، أو كانت بالمسلمين عليهم قوة، أن يبدا بأقرب العدو من ديار المسلمين لأنهم الذين يلونهم، ولا يتناول من خلفهم من طريق المسلمين على عدو دونه حتى يحكم أمر العدو دونه بأن يسلموا، أو يعطوا الجزية إن كانوا أهل كتاب.
وأحب له إن لم يرد تناول عدو وراءهم، ولم يطل على المسلمين عدو، أن يبدا بأقربهم من المسلمين لأنهم أولى باسم الذين يلون المسلمين. وإن كان كل يلي طائفة من المسلمين فلا أحب أن يبدا بقتال طائفة تلي قوما من المسلمين دون آخرين، وإن كانت أقرب منهم من الأخرى إلى قوم غيرهم.
فإن اختلف حال العدو، فكان بعضهم أنكى من بعض، أو أخوف من بعض، فليبدا الإمام بالعدو الأخوف أو الأنكى، ولا بأس أن يفعل وإن كانت داره أبعد إن شاء الله تعالى حتى يخاف ممن بدا به مما لا يخاف من غيره مثله، وتكون هذه بمنزلة ضرورة، لأنه يجوز في الضرورة ما لا يجوز في غيرها.
وقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم عن الحرث بن أبي ضرار أنه يجمع له، فأغار النبي صلى الله عليه وسلم عليه وقربه عدو أقرب منه١.
وبلغه أن خالد بن سفيان بن شح يجمع له، فأرسل ابن أنيس٢ فقتله، وقربه عدو أقرب٣. ( الأم : ٤/١٦٨. ون أحكام الشافعي : ٢/٢٩-٣٠. )
١ - روى البيهقي في كتاب السير باب: من يبدا بجهاده من المشركين ٩/٣٨ عن محمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بالمريسيع ماء من مياه بني المصطلق فأعدوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتزاحم الناس فاقتتلوا، فهزم الله بني المصطلق، وقتل من قتل منهم، ونفل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم وأموالهم ونساءهم، وأقام عليه من ناحية قديد إلى الساحل. قال ابن إسحاق: غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة ستين..
٢ - عبد الله بن أنيس الجهني، حليف الأنصار، عقبي بطل شجاع. وعنه: بنوه، وجابر، وبسر بن سعيد. ت سنة: ٥٤هـ. الكاشف: ٢/٦٨. ون الإصابة: ٤/١٥. والتهذيب: ٤/٢٣٧..
٣ - أخرج أبو داود في الصلاة (٢) باب: صلاة الطالب (٢٨٩)(ر١٢٤٩) عن ابن عبد الله بن أنيس، عن أبيه قال: بعتني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن سفيان الهذلي، وكان نحو عُرنة وعرفات، فقال: اذهب فاقتله، قال: فرأيته وحضرت صلاة العصر، فقلت: إني أخاف أن يكون بيني وبينه ما إن أؤخر الصلاة، فانطلقت أمشي وأنا أصلي أومئ إيماء نحوه، فلما دنوت منه قال لي: من أنت؟ قلت: رجل من العرب، بلغني أنك تجمع لهذا الرجل، فجئتك في ذاك، قال: إني لفي ذاك، فمشيت معه ساعة، حتى إذا أمكنني علوته بسيفي حتى برد.
وهذا الحديث تفرد به أبو داود من بين أصحاب الكتب الستة.
ورواه البيهقي في كتاب السير باب: من يبدا بجهاده من المشركين ٩/٣٨.
وعُرَنَةُ: واد بإزاء عرفات. ن معجم البلدان..

٢٧٥- قال الشافعي : قال الله جل ذكره :﴿ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّنْ يَّقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَاذِهِ إِيـمَانا فَأَمَّا اَلذِينَ ءَامَنُوا فَزَادَتْهُمُ إِيـمَانا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا اَلذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسا اِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ وقال :﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ـامَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾١. قال الشافعي : ولو كان هذا الإيمان كله واحدا لا نقصان فيه ولا زيادة، لم يكن لأحد فيه فضل، واستوى الناس، وبطل التفضيل. ولكن بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنة، وبالزيادة في الإيمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله في الجنة، وبالنقصان من الإيمان دخل المفرطون النار.
قال الشافعي : إن الله عز وجل سابق بين عباده كما سوبق بين الخيل يوم الرهان. ثم إنهم على درجاتهم من سبق عليه، فجعل كل امرئ على درجة سبقه، لا ينقصه فيها حقه، ولا يقدم مسبوق على سابق، ولا مفضول على فاضل. وبذلك فضل أول هذه الأمة على آخرها.
ولو لم يكن لمن سبق إلى الإيمان فضل على من أبطا عنه، للحق أخر هذه الأمة بأولها. ( مناقب الشافعي : ١/٣٩٣. )
١ - الكهف: ١٣..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢٤:٢٧٥- قال الشافعي : قال الله جل ذكره :﴿ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّنْ يَّقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَاذِهِ إِيـمَانا فَأَمَّا اَلذِينَ ءَامَنُوا فَزَادَتْهُمُ إِيـمَانا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا اَلذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسا اِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ وقال :﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ـامَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾١. قال الشافعي : ولو كان هذا الإيمان كله واحدا لا نقصان فيه ولا زيادة، لم يكن لأحد فيه فضل، واستوى الناس، وبطل التفضيل. ولكن بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنة، وبالزيادة في الإيمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله في الجنة، وبالنقصان من الإيمان دخل المفرطون النار.
قال الشافعي : إن الله عز وجل سابق بين عباده كما سوبق بين الخيل يوم الرهان. ثم إنهم على درجاتهم من سبق عليه، فجعل كل امرئ على درجة سبقه، لا ينقصه فيها حقه، ولا يقدم مسبوق على سابق، ولا مفضول على فاضل. وبذلك فضل أول هذه الأمة على آخرها.
ولو لم يكن لمن سبق إلى الإيمان فضل على من أبطا عنه، للحق أخر هذه الأمة بأولها. ( مناقب الشافعي : ١/٣٩٣. )
١ - الكهف: ١٣..

Icon