تفسير سورة الرعد

تفسير العز بن عبد السلام
تفسير سورة سورة الرعد من كتاب تفسير العز بن عبد السلام المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام .
لمؤلفه عز الدين بن عبد السلام . المتوفي سنة 660 هـ
سورة الرعد مكية، أو مدنية إلا آيتين نزلتا بمكة ﴿ ولو أن قرآناً سُيّرت به الجبال ﴾ [ ٣١ ] وما بعدها.

١ - ﴿آيات الْكِتَابِ﴾ الزبور، أو التوراة والإنجيل، أو القرآن.
٢ - ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ﴾ لها عمد لا ترى " ع "، أو لا عمد لها. {وهو الذى مدّ الأرض وجعل فيها رواسى وأنهاراً ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشى الّيل النهار إن فى ذلك لأيات لقوم يتفكرون وفى الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماءٍ واحدٍ ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون {
٣ - ﴿رَوَاسِىَ﴾ جبالاً ثوابت، واحدها راسية لأن الأرض ترسو بها
143
﴿وَأَنْهَاراً﴾ ينتفع بها شرباً وإنباتاً ومغيضاً للأمطار ومسالك للفلك ﴿زوجين اثنين﴾ / [٨٩ / ب] أحدهما ذكر وانثى كفحال النخل وإناثها، وكذلك كل النبات وإن خفي. والزواج الأخر حلو وحامض، أو عذب وملح، أو أبيض وأسود، أو أحمر وأصفر فإن كل جنس من الثمار نوعان فكل ثمرة ذات نوعين زوجين فصارت أربعة أنواع ﴿يُغشي﴾ ظلمة الليل ضوء النهار، ويغشي ضوء النهار ظلمة الليل.
144
٤ - ﴿مُّتَجَاوِرَاتٌ﴾ في المدى مختلفات عَذِية تنبت وسبخة لا تنبت ﴿صِنْوَانٌ﴾ مجتمع وغيره مفترق، أو صنوان نخلات أصلها واحد وغيرها أصولها شتى، أو الصنوان الأشكال وغيره المختلف، أو صنوان الفسيل يقطع من أمهاته فهو معروف وغيره ما ينبت من النوى فهو مجهول حتى يعرف، وأصل النخل الغريب من هذا. ﴿وَنُفَضِّلُ﴾ فمنه الحلو والحامض والأحمر والأصفر والقليل والكثير ﴿إِنَّ فِى﴾ اختلافها ﴿لأَيَاتٍ﴾ على عظم قدرته. أو ضربه مثلاُ لبني آدم أصلهم واحد واختلفوا في الخير والشر والإيمان والكفر كالثمار المسقية بماء واحد " ح ". {وَإن تَعْجَبْ فعجب قوّلهم أءذا كنّا تراباً لفى خلق جديد أولائك الذين كفروا بربهم وأولائك الأغلال فى أعماقهم وأولائك أصحاب النار هم فيها خالدون
٥ - ﴿وَإن تَعْجَبْ﴾ من تكذيبهم لك فأعجب منه تكذيبهم بالبعث، ذكر ذلك ليعجب رسوله [صلى الله عليه وسلم] والتعجب تغير النفس بما خفيت أسبابه ولا يجوز ذلك على الله عز وجل.
144
﴿ويستعجلونك بالسيّئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلاث وإنّ رّبك لذو مغفرة للنّاس على ظلمهمّ وإن ربّك لشديد العقاب ويقول الّذين كفروا لولا أنزل عليّه ءاية من رّبه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد﴾
145
٦ - ﴿بِالسَّيِّئَةِ﴾ بالعقوبة قبل العافية، أو الشر قبل الخير، أو الكفر قبل الإجابة ﴿الْمَثُلاتُ﴾ الأمثال المضروبة لمن تقدم، أو العقوبات التي مثل الله بها من مضى من الأمم. وهي جمع مثلة ﴿على ظلمهم﴾ يغفر الظلم السالف للتوبة في المستأنف، أو يعفو عن تعجيل العذاب مع ظلمهم بتعجيل العصيان، أو يغفر لهم بالإنظار توقعاً للتوبة، ولما نزلت قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحداً العيش، ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد ".
٧ - ﴿هَادٍ﴾ الله " ع "، أو نبي، أو قادة، أو دعاة، أو عمل، أو سابق يسبقهم إلى الهدى. {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شىء عنده
145
بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال}
146
٨ - ﴿ما تحمل) {من ذكر أو أنثى﴾ (ما تَغِيَضُ} بالسقط الناقص. ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ بالولد التام " ع "، أو بالوضع لأقل من تسعة أشهر ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ بالوضع لأكثر من التسعة، قال الضحاك: حملتني أمي سنتين ووضعتني وقد خرجت سني، أو بانقطاع الحيض مدة الحمل غذاء للولد ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ بدم النفاس بعد الوضع، أو بظهور الحيض على الحمل، لأنه ينقص الولد ﴿وَمَا تَزْدَادُ﴾ في مقابلة أيام الحيض من أيام الحمل، لأنها كلما حاضت على حملها يوماً زادت في طهرها يوماً حتى يستكمل حملها تسعة أشهر طهراً قاله عكرمة وقتادة ﴿وَكُلُّ شَىْءٍ﴾ من الرزق والأجل ﴿عِندَهُ بمقدار﴾. ﴿سوآءٌ منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالّيل وسارب بالنّهار له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مردّله وما لهم من دونه من والٍ﴾
١٠ - ﴿سَوَآءٌ مِّنكُم﴾ في علمه ﴿مَّنْ أَسَرَّ﴾ خيراً أو شراً، أو جهر بهما ﴿مُسْتَخْفِ﴾ بعمله في ظلمة الليل ومن أظهره بضوء النهار، أو يرى ما أخفاه المرعى وهو بالعشي، والرواح بالغداة.
١١ - ﴿معقبات﴾ / ملائكة الليل والنهار يتعاقبون صعوداً ونزولاً، اثنان بالنهار واثنان بالليل يجتمعون عند صلاة الفجر، أو حراس الأمراء يتعاقبون
146
الحرس " ع " أو ما يتعاقب من أوامر الله وقضائه في عبادة. ﴿مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ أمامه وورائه، أو هداه وضلاله. ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ بأمر الله، أو تقدبره معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، أو معقباته من الحرس يحفظونه عند نفسه من أمر الله ولا راد لأمره ولا دافع لقضائه " ع "، أو يحفظونه حتى يأتي أمر الله فيكفوا " ع "، أو أمر الله: الجن والهوام المؤذي تحفظه الملائكة منه ما لم يأتِ قدر، أو يحفظونه من أمر الله وهو الموت ما لم يأتِ أجل وهي عامة في جميع الخلائق عند الجمهور، أو خاصة في الرسول [صلى الله عليه وسلم] لما أزمع عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة على قتله فمنعه الله - تعالى - ونزلت ﴿سوءا﴾ عذاباً ﴿وال﴾ ملجأ، أو ناصر.
147
﴿هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال﴾
148
١٢ - ﴿خَوْفاً﴾ من صواعقه ﴿وَطَمَعاً﴾ في نزول غيثه، أو خوفاً للمسافر من أذيته وطمعاً للمقيم في بركته. ﴿الثِّقَالَ﴾ بالماء.
١٣ - ﴿الرَّعْدُ﴾ الصوت المسموع، أو ملك والصوت المسموع تسبيحه ﴿خِيفَتِهِ﴾ الضمير لله - تعالى -، أو للرعد، ﴿الصَّوَاعِقَ﴾ نزلت في رجل أنكر القرآن وكذب الرسول [صلى الله عليه وسلم] فأخذته صاعقة، أو في أربد لما هم بقتل الرسول [صلى الله عليه وسلم] مع عامر بن الطفيل فيبست يده على سيفه ثم انصرف فأحرقته صاعقة فقال أخوه لبيد:
148
(أخشى على أربد الحتوف ولا أرهب نوء السِّماكِ والأسد)
(فجعني البرق والصواعق بالفا رس يوم الكريهة النَجُد)
أو نزلت في يهودي قال للرسول [صلى الله عليه وسلم] أخبرني عن ربك من أي شيء هو من لؤلؤ أو ياقوت فجاءت صاعقة فأحرقته " ع "، ﴿يُجَادِلُونَ﴾ قول اليهودي، أو جدال أربد لما هم بقتل الرسول [صلى الله عليه وسلم] ﴿الْمِحَالِ﴾ العداوة " ع "، أو الحقد " ح " أو القوة " م " أو الغضب أو الحيلة أو الحول " ع "، أو الهلاك بالمَحْل وهو القحط " ح "، أو الأخذ أوالانتقام. ﴿له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً ولظلالهم بالغذو والأصال﴾
149
١٤ - ﴿دَعْوَةُ الْحَقِّ﴾ لا إله إلا الله " ع "، أو الله هو الحق فدعاؤه دعوة الحق، أو الإخلاص في الدعاء ﴿لا يَسْتَجِيبُونَ﴾ لا يجيبون دعاءهم ولا يسمعون
149
نداءهم والعرب يمثلون كل من سعى فيما لا يدركه بالقابض على الماء قال:
(فأصبحت مما كان بيني وبينها من الود مثل القابض الماء باليد)
﴿كَبَاسِطِ﴾ الظمآن يدعو الماء ليبلغ إلى فيه، أو يرى خياله في الماء وقد بسط كفيه فيه ﴿لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ﴾ لكذب ظنه وسوء توهمه " ع "، أو كباسط كفيه ليقبض عليه فلا يحصل في كفه منه شيء.
150
١٥ - ﴿طَوْعاً﴾ المؤمن ﴿وَكَرْهاً﴾ الكافر، أو طوعاً من أسلم راغباً وكرهاً من أسلم بالسيف راهباً / [٩٠ / ب] ﴿وَظِلالُهُم﴾ يسجد ظل المؤمن معه طائعاً وظل الكافر كارهاً. ﴿وَالأَصَالِ﴾ جمع أُصُل وأُصُل جمع أصيل وهو العشي ما بين العصر والمغرب. ﴿قل من رب السموات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لايملكون لإنفسهم نفعاً ولا ضراً قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيءٍ وهو الواحد القهار﴾
١٦ - ﴿لا يَمْلِكُونَ﴾ إذ لم يملكوا لأنفسهم جلب نفع ولا دفع ضر فأولى أن لا يملكوا ذلك لغيرهم. ﴿الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾ المؤمن والكافر ﴿والظلمات وَالْنُّورُ﴾ الضلالة والهدى ﴿فَتَشَابَهَ﴾ لما لم تخلق آلهتهم خلقاً يشتبه عليهم بخلق الله فلِمَ اشتبه عليهم حتى عبدوها كعبادة الله؟ {أنزل من السماء ماءً فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبداً رابياً ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حليةٍ أو متاعٍ زبدٌ مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأمّا الزبد فيذهب جفاء
150
وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال}
151
١٧ - ﴿بِقَدَرِهَا﴾ الكبير بقدره والصغير بقدره ﴿رَّابِياً﴾ مرتفعاً ﴿حِلْيَةٍ) {الذهب والفضة﴾ (أو مَتَاعٍ} الصفر والنحاس. ﴿زَبَدٌ﴾ خبث كزبد الماء الذي لا ينتفع به ﴿جُفَآءً﴾ منتشفاً، أو جافياً على وجه الأرض، أو ممحقاً ومن قرأ ﴿جُفالاً﴾ أخذه من قولهم: انجفلت القدر إذا قذفت بزبدها. شبه الله - تعالى - الحق بالماء وما خلص من المعادن فإنهما يبقيان للانتفاع بهما، وشبه الباطل بزبد الماء وخبث الحديد الذاهبين غير منتفع بهما. ﴿للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد﴾
١٨ - ﴿الْحُسْنَى﴾ الحياة والرزق، أو الجنة مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] ﴿سُوءُ الْحِسَابِ﴾ المؤاخذة بكل ذنب فلا يعفى عن شيء من ذنوبهم، أو المناقشة بالأعمال، أو التقريع والتوبيخ عند الحساب.
151
﴿أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانيةً ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار جنات عدن يدخلونها ومن صلح من ءابائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار﴾
152
٢١ - ﴿مَآ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ﴾ الرحم ﴿وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ في قطعها ﴿وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾ في المعاقبة عليها. أو الإيمان بالنبيين والكتب كلها ﴿وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ فيما أمرهم بوصله ﴿وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾ في تركه، أو صلة محمد [صلى الله عليه وسلم] قاله " ح ".
٢٢ - ﴿بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ يدفعون المنكر بالمعروف، أو الشر بالخير، أو سفاهة الجاهل بالحلم، أو الذنب بالتوبة، أو المعصية بالطاعة.
٢٤ - ﴿بِمَا صَبَرْتُمْ﴾ على الفقر، أو الجهاد في سبيل الله، أو على ملازمة الطاعة وترك المعصية، أو عن فضول الدنيا، أو عما تحبونه حين فقدتموه ﴿فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ الجنة عن الدنيا، أو الجنة من النار. ﴿الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع ٢٦﴾
٢٦ - ﴿متاع﴾ قليل ذاهب، أو كزاد الراكب.
152
﴿ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه ءايةٌ من ربه قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب الذين ءامنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مئابٍ﴾
153
٢٨ - ﴿بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ بأفواههم، أو بنعمه عليهم، أو بوعده لهم، أو بالقرآن.
٢٩ - ﴿طُوبَى﴾ اسم للجنة، أو لشجرة فيها، أو اسم الجنة بالحبشية، أو حسنى لهم، أو نعم مالهم، أو خير، أو غبطة، أو فرح وقرة عين " ع "، أو العيش الطيب، أو طوبى فعلى من الطيب كالفضلى من الأفضل. ﴿كذلك أرسلناك في أمةٍ قد خلت من قبلها أممٌ لتتلوا عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب﴾
٣٠ - ﴿بالرحمن﴾ لما قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] بالحديبية للكاتب: " اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم "، قالوا ما ندري ما الرحمن، ولكن اكتب باسمك اللهم، أو قالوا بلغنا أن الذي يعلمك ما تقول رجل من أهل اليمامة يقال له الرحمن وإنا والله لن نؤمن به أبداً فنزلت ﴿لآ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾ وإن اختلفت أسماؤه فهو واحد ﴿مَتَابِ﴾ توبتي. {ولو أنّ قرءاناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر
153
جميعاً أفلم يائس الذين ءامنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريباً من دارهم حتى يأتى وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب}
154
٣١ - ﴿ولو أن قرآنا﴾ لما قالوا للرسول [صلى الله عليه وسلم] إن سرك أن نتبعك فسير جبالنا / [٩١ / أ] تتسع أرضنا فإنها ضيقة، وقرب لنا الشام فإنا نتجر إليها، وأخرج لنا الموتى من القبور نكلمهم، أنزلها الله - تعالى - ﴿سُيّرَتْ) {أخرت﴾ (قُطِّعَتْ} قربت ﴿كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾ أحيوا، جوابه: " لكان هذا القرآن " فحذف للعلم به ﴿ييأس الذين آمنوا﴾ من إيمان هؤلاء المشركين، أو من حصول ما سألوه لأنهم لما طلبوا ذلك اشرأب المسلمون إليه " ع "، أو بيأس: يعلم، قال:
(ألم بيأس الأقوام أني أنا ابنه وإن كنت عن أرض العشيرة نائياً)
أو ييأس قيل هي لغة جرهم. ﴿لَهَدَى النَّاسَ﴾ إلى الإيمان، أو الجنة ﴿قَارِعَةٌ﴾ تقرعهم من العذاب والبلاء، أو سريا الرسول [صلى الله عليه وسلم] ﴿أَوْ تَحُلُّ﴾ أنت يا محمد " ع "، أو القارعة ﴿وَعْدُ اللَّهِ﴾ القيامة، أو فتح مكة " ع ".
154
﴿أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سمّوهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدّوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد لهم عذابٌ في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واقٍ مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائمٌ وظلها تلك عقبى الذين أتقوا وعقبى الكافرين النار﴾
155
٣٣ - ﴿بِظَاهِرِ﴾ بباطل، أو ظن، أو كذب، أو بالقرآن قاله السدي.
٣٥ - ﴿مَّثَلُ الْجَنَّةِ﴾ شبهها أو نعتها إذ لا مثل لها ﴿أُكُلُهَا دَآئِمٌ﴾ ثمرتها لا تنقطع، أو لذتها في الأفواه باقية قاله إبراهيم التيمي. ﴿والذين ءاتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعوا وإليه مئاب وكذلك أنزلناه حكماً عربياً ولئن اتّبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولىٍ ولا واقٍ﴾
٣٦ - ﴿الذين آتيناهم الْكِتَابَ﴾ الصحابة، أو مؤمنو أهل الكتاب، أو اليهود والنصارى فرحوا بما في القرآن من تصديق كتبهم. ﴿مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ﴾
155
قريش، أو اليهود والنصارى والمجوس ﴿بَعْضَهُ﴾ عرفوا صدق الرسول [صلى الله عليه وسلم] وأنكروا تصديقه، أو عرفوا نعته وأنكروا نبوته. ﴿ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذريةً وما كان لرسول أن يأتى بئايةٍ إلا بإذن الله لكل أجلٍ كتابٌ يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب﴾
156
٣٨ - ﴿أَزْوَاجاً وذريةٍ﴾ أي هم كسائر البشر فلِمَ أنكروا نبوتك وأنت كمن تقدم، أو نهاه بذلك عن التبتل، أو عاب اليهود الرسول [صلى الله عليه وسلم] بكثرة الأزواج فأخبرهم بأن ذلك سنة الرسل - عليهم الصلاة والسلام - ﴿أَن يَأَتِىَ بِآيَةٍ﴾ لما سألت قريش تسيير الجبال وغير ذلك نزلت. ﴿لكل أجل﴾ لك قضاء قضاه الله تعالى ﴿كِتَابٌ﴾ كتبه فيه، أولكل أجل من آجال الخلق كتاب عن الله، أو لكل كتاب نزل من السماء أجل على التقديم والتأخير.
٣٩ - ﴿يمحو اللَّهُ مَا يَشَآءُ﴾ من أمور الخلق فيغيرها إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا يغيران " ع "، أو له كتابان أحدهما أم الكتاب لا يمحو منه شيئاً، والثاني يمحو منه ما يشاء ويثبت كلما أراد أن ينسخ ما يشاء من أحكام كتابه ويثبت ما يشاء فلا ينسخه، أو يمحو ما جاء أجله ويثبت من لم يأت أجله، أو يمحو مايشاء من الذنوب بالمغفرة ويثبت ما يشاء فلا يغفره، أو يختم للرجل بالشقاء فيمحو ما سلف من طاعته أو يمحو بخاتمته من السعادة ما تقدم من معصيته " ع " ﴿أم الكتاب﴾ حلاله وحرامه، أو جملة الكتاب، أو علم الله - تعالى - بما خلق وما هو خالق، أو الذكر " ع " أو الكتاب الذي لا يبدل، أو أصل الكتاب في اللوح المحفوظ.
156
﴿وإن مانرينّك بعض الذي نعدهم أو نتوفّينّك فإنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب أو لم يروا أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقّب لحكمه وهو سريع الحساب وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعاً يعلم ما تكسب كل نفسٍ وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار ويقول الذين كفروا لست مرسلاً قل كفى بالله شهيداً بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب﴾
157
٤١ - ﴿نَنقُصُهَا﴾ بالفتوح على المسلمين من بلاد المشركين، أو بخرابها بعد عمارتها، أو بنقصان بركتها وبمحيق ثمرتها، أو بموت فقهائها وخيارها [٩١ / ب] " ع ".
٤٣ - ﴿شَهِيداً﴾ بصدقي وكذبكم. ﴿وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ ابن سلام وسلمان وتميم الداري، أو جبريل - عليه السلام -، أو الله - عز وجل - عن الحسن - رضي الله تعالى عنه - وكان يقرأ ﴿وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ ويقول: " هذه السورة مكية وهؤلاء أسلموا بالمدينة ".
157
سورة إبراهيم
مكية، أو إلا آيتين مدنية، ﴿ألم تر إلى الذين بدلوا﴾ [٢٨] والتي بعدها.

بسم الله الرحمن الرحيم

} ﴿الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد﴾
158
Icon