ﰡ
قال ابن أبي زيد : " الله تعالى فوق سماواته على عرشه دون أرضه، وإنه في كل مكان بعمله ".
وقال في الرسالة : " استوى على عرشه المجيد بذاته " ٢ وهذا أقرب للتأويل من الأول، أي بغير معين، بل بذاته استوى على العرش وغيره، وخص الله تعالى العرش بالاستواء لأنه أعظم أجزاء العالم، فيبقى غيره بطريق الأولى، فقال جماعة عن ابن أبي زيد وعن ابن عبد البر وجماعة من المجتهدين : إنهم يعتقدون الجهة لأجل هذه الإطلاقات. وقال بعض الفضلاء : هذا إنما يلزمهم إذا لم يصرحوا بأنه ليس كمثله شيء٣ وبغير ذلك من النصوص النافية للجهة، وإنما قصدهم إجراء النصوص كما جاءت من غير تأويل، ويقولون : لها معان لا ندركها، ويقولون : هذا الاستواء لا يشبه الاستواءات، كما أن ذاته لا تشبه الذوات، وكذلك يكون فوق سماواته دون أرضه فوقية لا تشبه الفوقيات، وهذا أقرب لمناصب العلماء من القول بالجهة.
ومعنى قول مالك : " الاستواء غير مجهول " أن عقولنا دلتنا على الاستواء اللائق لله وجلاله وعظمته، وهو الاستيلاء دون الجلوس ونحوه مما لا يكون إلا في الأجسام.
وقوله : " والكيف غير معقول " معناه : أن ذات الله تعالى لا توصف بما وضعت العرب له كيف، وهو الأحوال المتنقلة والهيئة الجسمية من التربع وغيره، فلا يعقل ذلك في حقه تعالى لاستحالته في جهة الربوبية.
وقوله : " والسؤال عنه بدعة " معناه : لم تجرم العادة في سيرة السلف بالسؤال عن هذه الأمور المثيرة للأهواء الفاسدة، فهو بدعة.
ورأيت لأبي حنيفة- رضي الله عنه- جوابا لكلام كتب به إليه مالك : إنك تتحدث في أصول الدين، وإن السلف لم يكونوا يتحدثون فيه. فأجاب بأن السلف –رضي الله عنهم- لم تكن البدع ظهرت في زمانهم. فكان تحريك الجواب عنها داعية لإظهارها فهو سعي في منكر عظيم فلذلك ترك. قال : " وفي زماننا ظهرت البدع فلو سكتنا كنا مقربين للبدع، فافترق الحال ". وهذا جواب سديد يدل على أن البدع ظهرت ببلاده بالعراق، ومالك لم يظهر ذلك ببلده، فلذلك أنكر، فهذا وجه الجمع بين كلام الإمامين. ( الذخيرة : ١٣/٢٤٢-٢٤٣ ).
٢ - جاء في الرسالة: "وأنه فوق عرشه المجيد بذاته وهو في كل مكان بعلمه" ٢٦..
٣ - قال الله تعالى: ﴿ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾ سورة الشورى: ١١..
فائدتان :
الأولى : إن معنى الآية : " أقم الصلاة لذكر صلاتي " فيكون من مجاز الحذف، أو من مجاز الملازمة، لأنه إذا أقام الصلاة، فقد ذكر الله تعالى فيها.
الثانية : إن الشرع إنما خصص النائم والغافل بالذكر لذهاب الإثم في حقهما الذي هو من لوازم الوجوب. فتوهم المتوهم انتفاء القضاء٣ لانتفاء الوجوب، فأمر الشرع بالقضاء من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى الذي هو المعتمد. ( الذخيرة : ٢/٣٨٠ ).
٢ - في الأصل المطبوع: "في مسلم: عليه السلام: إذ رقد..."..
٣ - في الأصل المطبوع: انتفاء قضاء..
- أو من الأزر، لقوله تعالى :﴿ اشدد به أزري ﴾.
- أو من الوزر، وهو الظهر لأنه٢ يقوى بالوزير كقوة البدن بالظهر. ( نفسه : ١٠/٣١ ).
٢ - الضمير يعود على الملك..
- أو من الأزر، لقوله تعالى :﴿ اشدد به أزري ﴾.
- أو من الوزر، وهو الظهر لأنه٢ يقوى بالوزير كقوة البدن بالظهر. ( نفسه : ١٠/٣١ ).
٢ - الضمير يعود على الملك..
- أو من الأزر، لقوله تعالى :﴿ اشدد به أزري ﴾.
- أو من الوزر، وهو الظهر لأنه٢ يقوى بالوزير كقوة البدن بالظهر. ( نفسه : ١٠/٣١ ).
٢ - الضمير يعود على الملك..
والجواب : أنه تعالى أثبت السحر، وإنما لم ينهض بالخيال إلى السعي، ونحن لا ندعي أن كل سحر ينهض إلى كل المقاصد. ( الفروق : ٤/١٥٠ ).
٨٤٣- قوله تعالى :﴿ لا يموت فيها ولا يحيا ﴾ : أي : لا موت له ولا حياة. ( شرح التنقيح : ١٨٤ ).
٨٤٤- أي : في جميع الأزمنة المستقبلة لا يحصل له موت ولا حياة. ( الفروق : ٣/٧ ).
٨٤٦- عكف، يعكف- بضم الكاف وكسرها-، وهو في الشرع : الاحتباس في المساجد للعبادة على وجه مخصوص. ( الذخيرة : ٢/٥٣٤ ).
و " عشر " هاهنا صفة لليالي دون الأيام، والمراد الأيام. ويدل على أن المراد بها الأيام قول تعالى بعد ذلك :﴿ إلا يوما ﴾ فدل ذلك على أن المحاورة إنما وقعت بين الفريقين في الأيام فقللها أحدهما وكثرها الآخر. ولكن لما كان المراد الأيام – والعرب شأنها أن تغلب الليالي على الأيام، فيقولون :" سافرنا لعشر خلون " والمراد عشرة أيام – جاءت الآية بتغليب الليالي حتى قال جماعة من أرباب اللغة وعلم البيان : لو قال عشرة لكان لحنا مخالفا للسان العرب. بل هذا متعين لا رخصة فيه، ولذلك قال الله تعالى في آية العدة :﴿ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ﴾٢ والمراد عشرة أيام، ولم يقل : أربعة أشهر وعشرة. كذلك قال عليه السلام : " من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر " ٣، ولم يقل " بستة من شوال " مع أن الصوم قطعا لا يقع في الليل، فهو متعين للأيام بخلاف آية العدة. فإن العلماء اختلفوا : هل إذا طلع الفجر من اليوم العاشر تنقضي العدة أم لا بناء على أن المراد الليالي، وقد انقضت الليلة العاشرة، أو الأيام، فيمكن إلى آخر النهار وغروب الشمس ؟ وحكى هذا الخلاف صاحب البيان والتحصيل٤. وهذا الخلاف لا يمكن جريانه في حديث الصوم.
وعلى كل تقدير، يكون الاستثناء من الأزمنة. غير أن بين المواضع غموضا أردت التنبيه عليه.
فإن قلت : في الآية إشكال من جهة أن الله تعالى حكى عنهم فقال :﴿ نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما ﴾ فحصل من ذلك أن الأعقل والأفضل أكثر غلطا، فإن اللبث أكثر في نفس الأمر مما قاله الفريقان. غير أن الثاني أكثر غلطا، فكيف يكون الأعقل أكثر غلطا، وذلك يناسب أن يكون الأعقل أقل غلطا، فيكون الأمثل طريقة هو الفريق الأول دون الثاني ؟
قلت : نظم الآية هو المستقيم، وعكسه باطل، لأن القاعدة التي جرت عادة الله تعالى في خلقه أنه كلما كبر العقل كان الهم أكثر وأعظم، ولذلك قالوا : " على قدر الهم تكون الهوم٥.
وقال أبو الطيب :
أفاضل الناس أغراض لدى الزمن*** يخلو من الهم أخلاهم من الفطن.
ومتى كان الهم لوقوع المصائب أكثر، كان الدهش أكثر، لأن القلب مغموم بالهم، بخلاف الخللي فإنه متفرغ لذكر ما هو يفكر فيه فيقل غلطه. ( الاستغناء : ٥٢٧ إلى ٥٢٩ ).
٢ - سورة البقرة: ٢٣٤..
٣ - خرجه ابن ماجة في سننه: كتاب الصيام، الباب: ٣٣. ومسلم في صحيحه، كتاب الصوم، باب: استحباب صوم ستة أيام من شوال..
٤ - لم أعثر على هذا الخلاف في هذا الكتاب..
٥ - الهوم والتهوم والتهويم: النوم الخفيف. ن: الصحاح: ٥/٢٠٦٢. اللسان: ١٢/٦٢٤..
و " عشر " هاهنا صفة لليالي دون الأيام، والمراد الأيام. ويدل على أن المراد بها الأيام قول تعالى بعد ذلك :﴿ إلا يوما ﴾ فدل ذلك على أن المحاورة إنما وقعت بين الفريقين في الأيام فقللها أحدهما وكثرها الآخر. ولكن لما كان المراد الأيام – والعرب شأنها أن تغلب الليالي على الأيام، فيقولون :" سافرنا لعشر خلون " والمراد عشرة أيام – جاءت الآية بتغليب الليالي حتى قال جماعة من أرباب اللغة وعلم البيان : لو قال عشرة لكان لحنا مخالفا للسان العرب. بل هذا متعين لا رخصة فيه، ولذلك قال الله تعالى في آية العدة :﴿ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ﴾٢ والمراد عشرة أيام، ولم يقل : أربعة أشهر وعشرة. كذلك قال عليه السلام :" من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر " ٣، ولم يقل " بستة من شوال " مع أن الصوم قطعا لا يقع في الليل، فهو متعين للأيام بخلاف آية العدة. فإن العلماء اختلفوا : هل إذا طلع الفجر من اليوم العاشر تنقضي العدة أم لا بناء على أن المراد الليالي، وقد انقضت الليلة العاشرة، أو الأيام، فيمكن إلى آخر النهار وغروب الشمس ؟ وحكى هذا الخلاف صاحب البيان والتحصيل٤. وهذا الخلاف لا يمكن جريانه في حديث الصوم.
وعلى كل تقدير، يكون الاستثناء من الأزمنة. غير أن بين المواضع غموضا أردت التنبيه عليه.
فإن قلت : في الآية إشكال من جهة أن الله تعالى حكى عنهم فقال :﴿ نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما ﴾ فحصل من ذلك أن الأعقل والأفضل أكثر غلطا، فإن اللبث أكثر في نفس الأمر مما قاله الفريقان. غير أن الثاني أكثر غلطا، فكيف يكون الأعقل أكثر غلطا، وذلك يناسب أن يكون الأعقل أقل غلطا، فيكون الأمثل طريقة هو الفريق الأول دون الثاني ؟
قلت : نظم الآية هو المستقيم، وعكسه باطل، لأن القاعدة التي جرت عادة الله تعالى في خلقه أنه كلما كبر العقل كان الهم أكثر وأعظم، ولذلك قالوا :" على قدر الهم تكون الهوم٥.
وقال أبو الطيب :
أفاضل الناس أغراض لدى الزمن*** يخلو من الهم أخلاهم من الفطن.
ومتى كان الهم لوقوع المصائب أكثر، كان الدهش أكثر، لأن القلب مغموم بالهم، بخلاف الخللي فإنه متفرغ لذكر ما هو يفكر فيه فيقل غلطه. ( الاستغناء : ٥٢٧ إلى ٥٢٩ ).
٢ - سورة البقرة: ٢٣٤..
٣ - خرجه ابن ماجة في سننه: كتاب الصيام، الباب: ٣٣. ومسلم في صحيحه، كتاب الصوم، باب: استحباب صوم ستة أيام من شوال..
٤ - لم أعثر على هذا الخلاف في هذا الكتاب..
٥ - الهوم والتهوم والتهويم: النوم الخفيف. ن: الصحاح: ٥/٢٠٦٢. اللسان: ١٢/٦٢٤..