تفسير سورة سورة الزخرف من كتاب الجامع لأحكام القرآن
.
لمؤلفه
القرطبي
.
المتوفي سنة 671 هـ
ﰡ
ﮀ
ﰀ
حم
مَكِّيَّة بِإِجْمَاعٍ.
وَقَالَ مُقَاتِل : إِلَّا قَوْله :" وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رُسُلنَا " [ الزُّخْرُف : ٤٥ ].
وَهِيَ تِسْع وَثَمَانُونَ آيَة.
اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ ; فَقَالَ عِكْرِمَة : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( " حم " اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى وَهِيَ مَفَاتِيح خَزَائِن رَبّك ) قَالَ اِبْن عَبَّاس :" حم " اِسْم اللَّه الْأَعْظَم.
وَعَنْهُ :" الر " و " حم " و " ن " حُرُوف الرَّحْمَن مُقَطَّعَة.
وَعَنْهُ أَيْضًا : اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى أَقْسَمَ بِهِ.
وَقَالَ قَتَادَة : إِنَّهُ اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن.
مُجَاهِد : فَوَاتِح السُّوَر.
وَقَالَ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ : الْحَاء اِفْتِتَاح اِسْمه حَمِيد وَحَنَّان وَحَلِيم وَحَكِيم، وَالْمِيم اِفْتِتَاح اِسْمه مَلِك وَمَجِيد وَمَنَّان وَمُتَكَبِّر وَمُصَوِّر ; يَدُلّ عَلَيْهِ مَا رَوَى أَنَس أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا " حم " فَإِنَّا لَا نَعْرِفهَا فِي لِسَاننَا ؟ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( بَدْء أَسْمَاء وَفَوَاتِح سُوَر ) وَقَالَ الضَّحَّاك وَالْكِسَائِيّ : مَعْنَاهُ قُضِيَ مَا هُوَ كَائِن.
كَأَنَّهُ أَرَادَ الْإِشَارَة إِلَى تَهَجِّي " حم " ; لِأَنَّهَا تَصِير حُمّ بِضَمِّ الْحَاء وَتَشْدِيد الْمِيم ; أَيْ قُضِيَ وَوَقَعَ.
وَقَالَ كَعْب بْن مَالِك :
وَعَنْهُ أَيْضًا : إِنَّ الْمَعْنَى حم أَمْر اللَّه أَيْ قَرُبَ ; كَمَا قَالَ الشَّاعِر :
وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْحُمَّى ; لِأَنَّهَا تُقَرِّب مِنْ الْمَنِيَّة.
وَالْمَعْنَى الْمُرَاد قُرْب نَصْره لِأَوْلِيَائِهِ، وَانْتِقَامه مِنْ أَعْدَائِهِ كَيَوْمِ بَدْر.
وَقِيلَ : حُرُوف هِجَاء ; قَالَ الْجَرْمِيّ : وَلِهَذَا تُقْرَأ سَاكِنَة الْحُرُوف فَخَرَجَتْ مَخْرَج التَّهَجِّي وَإِذَا سُمِّيَتْ سُورَة بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوف أُعْرِبَتْ ; فَتَقُول : قَرَأْت " حم " فَتُنْصَب ; قَالَ الشَّاعِر :
وَقَرَأَ عِيسَى بْن عُمَر الثَّقَفِيّ :" حم " بِفَتْحِ الْمِيم عَلَى مَعْنَى اِقْرَأْ حم أَوْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.
اِبْن أَبِي إِسْحَاق وَأَبُو السَّمَّال بِكَسْرِهَا.
وَالْإِمَالَة وَالْكَسْر لِلِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، أَوْ عَلَى وَجْه الْقَسَم.
وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر بِقَطْعِ الْحَاء مِنْ الْمِيم.
الْبَاقُونَ بِالْوَصْلِ.
وَكَذَلِكَ فِي " حم.
عسق ".
وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو وَأَبُو بَكْر وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ وَخَلَف وَابْن ذَكْوَان بِالْإِمَالَةِ فِي الْحَاء.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرو بَيْن اللَّفْظَيْنِ وَهِيَ قِرَاءَة نَافِع وَأَبِي جَعْفَر وَشَيْبَة.
الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ مُشْبَعًا.
وَقِيلَ :" حم " قَسَم.
" وَالْكِتَاب الْمُبِين " قَسَم ثَانٍ ; وَلِلَّهِ أَنْ يَقْسِم بِمَا شَاءَ.
وَالْجَوَاب " إِنَّا جَعَلْنَاهُ ".
وَقَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ : مَنْ جَعَلَ جَوَاب " وَالْكِتَاب " " حم " - كَمَا تَقُول نَزَلَ وَاَللَّه وَجَبَ وَاَللَّه - وَقَفَ عَلَى " الْكِتَاب الْمُبِين ".
مَكِّيَّة بِإِجْمَاعٍ.
وَقَالَ مُقَاتِل : إِلَّا قَوْله :" وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رُسُلنَا " [ الزُّخْرُف : ٤٥ ].
وَهِيَ تِسْع وَثَمَانُونَ آيَة.
اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ ; فَقَالَ عِكْرِمَة : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( " حم " اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى وَهِيَ مَفَاتِيح خَزَائِن رَبّك ) قَالَ اِبْن عَبَّاس :" حم " اِسْم اللَّه الْأَعْظَم.
وَعَنْهُ :" الر " و " حم " و " ن " حُرُوف الرَّحْمَن مُقَطَّعَة.
وَعَنْهُ أَيْضًا : اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى أَقْسَمَ بِهِ.
وَقَالَ قَتَادَة : إِنَّهُ اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن.
مُجَاهِد : فَوَاتِح السُّوَر.
وَقَالَ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ : الْحَاء اِفْتِتَاح اِسْمه حَمِيد وَحَنَّان وَحَلِيم وَحَكِيم، وَالْمِيم اِفْتِتَاح اِسْمه مَلِك وَمَجِيد وَمَنَّان وَمُتَكَبِّر وَمُصَوِّر ; يَدُلّ عَلَيْهِ مَا رَوَى أَنَس أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا " حم " فَإِنَّا لَا نَعْرِفهَا فِي لِسَاننَا ؟ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( بَدْء أَسْمَاء وَفَوَاتِح سُوَر ) وَقَالَ الضَّحَّاك وَالْكِسَائِيّ : مَعْنَاهُ قُضِيَ مَا هُوَ كَائِن.
كَأَنَّهُ أَرَادَ الْإِشَارَة إِلَى تَهَجِّي " حم " ; لِأَنَّهَا تَصِير حُمّ بِضَمِّ الْحَاء وَتَشْدِيد الْمِيم ; أَيْ قُضِيَ وَوَقَعَ.
وَقَالَ كَعْب بْن مَالِك :
فَلَمَّا تَلَاقَيْنَاهُمْ وَدَارَتْ بِنَا الرَّحَى | وَلَيْسَ لِأَمْرٍ حَمَّهُ اللَّه مَدْفَعُ |
قَدْ حُمَّ يَوْمِي فَسُرَّ قَوْم | قَوْم بِهِمْ غَفْلَة وَنَوْمُ |
وَالْمَعْنَى الْمُرَاد قُرْب نَصْره لِأَوْلِيَائِهِ، وَانْتِقَامه مِنْ أَعْدَائِهِ كَيَوْمِ بَدْر.
وَقِيلَ : حُرُوف هِجَاء ; قَالَ الْجَرْمِيّ : وَلِهَذَا تُقْرَأ سَاكِنَة الْحُرُوف فَخَرَجَتْ مَخْرَج التَّهَجِّي وَإِذَا سُمِّيَتْ سُورَة بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوف أُعْرِبَتْ ; فَتَقُول : قَرَأْت " حم " فَتُنْصَب ; قَالَ الشَّاعِر :
يُذَكِّرنِي حَامِيم وَالرُّمْح شَاجِر | فَهَلَّا تَلَا حَامِيم قَبْل التَّقَدُّم |
اِبْن أَبِي إِسْحَاق وَأَبُو السَّمَّال بِكَسْرِهَا.
وَالْإِمَالَة وَالْكَسْر لِلِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، أَوْ عَلَى وَجْه الْقَسَم.
وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر بِقَطْعِ الْحَاء مِنْ الْمِيم.
الْبَاقُونَ بِالْوَصْلِ.
وَكَذَلِكَ فِي " حم.
عسق ".
وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو وَأَبُو بَكْر وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ وَخَلَف وَابْن ذَكْوَان بِالْإِمَالَةِ فِي الْحَاء.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرو بَيْن اللَّفْظَيْنِ وَهِيَ قِرَاءَة نَافِع وَأَبِي جَعْفَر وَشَيْبَة.
الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ مُشْبَعًا.
وَقِيلَ :" حم " قَسَم.
" وَالْكِتَاب الْمُبِين " قَسَم ثَانٍ ; وَلِلَّهِ أَنْ يَقْسِم بِمَا شَاءَ.
وَالْجَوَاب " إِنَّا جَعَلْنَاهُ ".
وَقَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ : مَنْ جَعَلَ جَوَاب " وَالْكِتَاب " " حم " - كَمَا تَقُول نَزَلَ وَاَللَّه وَجَبَ وَاَللَّه - وَقَفَ عَلَى " الْكِتَاب الْمُبِين ".
وَمَنْ جَعَلَ جَوَاب الْقَسَم " إِنَّا جَعَلْنَاهُ " لَمْ يَقِف عَلَى " الْكِتَاب الْمُبِين ".
ﮂﮃ
ﰁ
وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ
وَقِيلَ :" حم " قَسَم.
" وَالْكِتَاب الْمُبِين " قَسَم ثَانٍ ; وَلِلَّهِ أَنْ يُقْسِم بِمَا شَاءَ.
وَالْجَوَاب " إِنَّا جَعَلْنَاهُ ".
وَقَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ : مَنْ جَعَلَ جَوَاب " وَالْكِتَاب " " حم " - كَمَا تَقُول نَزَلَ وَاَللَّه وَجَبَ وَاَللَّه - وَقَفَ عَلَى " الْكِتَاب الْمُبِين ".
وَمَنْ جَعَلَ جَوَاب الْقَسَم " إِنَّا جَعَلْنَاهُ " لَمْ يَقِف عَلَى " الْكِتَاب الْمُبِين ".
وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالْكِتَابِ جَمِيع الْكُتُب الْمُنَزَّلَة عَلَى الْأَنْبِيَاء ; لِأَنَّ الْكِتَاب اِسْم جِنْس فَكَأَنَّهُ أَقْسَمَ بِجَمِيعِ مَا أَنْزَلَ مِنْ الْكُتُب أَنَّهُ جَعَلَ الْقُرْآن عَرَبِيًّا.
وَنَعَتَ الْكِتَاب بِالْمُبِينِ لِأَنَّ اللَّه بَيَّنَ فِيهِ أَحْكَامه وَفَرَائِضه ; عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي غَيْر مَوْضِع.
وَقِيلَ :" حم " قَسَم.
" وَالْكِتَاب الْمُبِين " قَسَم ثَانٍ ; وَلِلَّهِ أَنْ يُقْسِم بِمَا شَاءَ.
وَالْجَوَاب " إِنَّا جَعَلْنَاهُ ".
وَقَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ : مَنْ جَعَلَ جَوَاب " وَالْكِتَاب " " حم " - كَمَا تَقُول نَزَلَ وَاَللَّه وَجَبَ وَاَللَّه - وَقَفَ عَلَى " الْكِتَاب الْمُبِين ".
وَمَنْ جَعَلَ جَوَاب الْقَسَم " إِنَّا جَعَلْنَاهُ " لَمْ يَقِف عَلَى " الْكِتَاب الْمُبِين ".
وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالْكِتَابِ جَمِيع الْكُتُب الْمُنَزَّلَة عَلَى الْأَنْبِيَاء ; لِأَنَّ الْكِتَاب اِسْم جِنْس فَكَأَنَّهُ أَقْسَمَ بِجَمِيعِ مَا أَنْزَلَ مِنْ الْكُتُب أَنَّهُ جَعَلَ الْقُرْآن عَرَبِيًّا.
وَنَعَتَ الْكِتَاب بِالْمُبِينِ لِأَنَّ اللَّه بَيَّنَ فِيهِ أَحْكَامه وَفَرَائِضه ; عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي غَيْر مَوْضِع.
إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا
وَمَعْنَى :" جَعَلْنَاهُ " أَيْ سَمَّيْنَاهُ وَوَصَفْنَاهُ ; وَلِذَلِكَ تَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :" مَا جَعَلَ اللَّه مِنْ بَحِيرَة " [ الْمَائِدَة : ١٠٣ ].
وَقَالَ السُّدِّيّ : أَيْ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا.
مُجَاهِد : قُلْنَاهُ الزَّجَّاج وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ : بَيَّنَّاهُ.
" عَرَبِيًّا " أَيْ أَنْزَلْنَاهُ بِلِسَانِ الْعَرَب ; لِأَنَّ كُلّ نَبِيّ أَنْزَلَ كِتَابه بِلِسَانِ قَوْمه ; قَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَغَيْره.
وَقَالَ مُقَاتِل : لِأَنَّ لِسَان أَهْل السَّمَاء عَرَبِيّ.
وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالْكِتَابِ جَمِيع الْكُتُب الْمُنَزَّلَة عَلَى الْأَنْبِيَاء ; لِأَنَّ الْكِتَاب اِسْم جِنْس فَكَأَنَّهُ أَقْسَمَ بِجَمِيعِ مَا أُنْزِلَ مِنْ الْكُتُب أَنَّهُ جَعَلَ الْقُرْآن عَرَبِيًّا.
وَالْكِنَايَة فِي قَوْله :" جَعَلْنَاهُ " تَرْجِع إِلَى الْقُرْآن وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْر فِي هَذِهِ السُّورَة ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :" إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقَدْر ".
[ الْقَدْر : ١ ].
وَمَعْنَى :" جَعَلْنَاهُ " أَيْ سَمَّيْنَاهُ وَوَصَفْنَاهُ ; وَلِذَلِكَ تَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :" مَا جَعَلَ اللَّه مِنْ بَحِيرَة " [ الْمَائِدَة : ١٠٣ ].
وَقَالَ السُّدِّيّ : أَيْ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا.
مُجَاهِد : قُلْنَاهُ الزَّجَّاج وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ : بَيَّنَّاهُ.
" عَرَبِيًّا " أَيْ أَنْزَلْنَاهُ بِلِسَانِ الْعَرَب ; لِأَنَّ كُلّ نَبِيّ أَنْزَلَ كِتَابه بِلِسَانِ قَوْمه ; قَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَغَيْره.
وَقَالَ مُقَاتِل : لِأَنَّ لِسَان أَهْل السَّمَاء عَرَبِيّ.
وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالْكِتَابِ جَمِيع الْكُتُب الْمُنَزَّلَة عَلَى الْأَنْبِيَاء ; لِأَنَّ الْكِتَاب اِسْم جِنْس فَكَأَنَّهُ أَقْسَمَ بِجَمِيعِ مَا أُنْزِلَ مِنْ الْكُتُب أَنَّهُ جَعَلَ الْقُرْآن عَرَبِيًّا.
وَالْكِنَايَة فِي قَوْله :" جَعَلْنَاهُ " تَرْجِع إِلَى الْقُرْآن وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْر فِي هَذِهِ السُّورَة ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :" إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقَدْر ".
[ الْقَدْر : ١ ].
لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
أَيْ تَفْهَمُونَ أَحْكَامه وَمَعَانِيه.
فَعَلَى هَذَا الْقَوْل يَكُون خَاصًّا لِلْعَرَبِ دُون الْعَجَم ; قَالَهُ اِبْن عِيسَى.
وَقَالَ اِبْن زَيْد : الْمَعْنَى لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ; فَعَلَى هَذَا يَكُون خِطَابًا عَامًّا لِلْعَرَبِ وَالْعَجَم.
وَنَعَتَ الْكِتَاب بِالْمُبِينِ لِأَنَّ اللَّه بَيَّنَ فِيهِ أَحْكَامه وَفَرَائِضه ; عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي غَيْر مَوْضِع
أَيْ تَفْهَمُونَ أَحْكَامه وَمَعَانِيه.
فَعَلَى هَذَا الْقَوْل يَكُون خَاصًّا لِلْعَرَبِ دُون الْعَجَم ; قَالَهُ اِبْن عِيسَى.
وَقَالَ اِبْن زَيْد : الْمَعْنَى لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ; فَعَلَى هَذَا يَكُون خِطَابًا عَامًّا لِلْعَرَبِ وَالْعَجَم.
وَنَعَتَ الْكِتَاب بِالْمُبِينِ لِأَنَّ اللَّه بَيَّنَ فِيهِ أَحْكَامه وَفَرَائِضه ; عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي غَيْر مَوْضِع
وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ
" وَإِنَّهُ فِي أُمّ الْكِتَاب " يَعْنِي الْقُرْآن فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ " لَدَيْنَا " عِنْدنَا
" لَعَلِيّ حَكِيم " أَيْ رَفِيع مُحْكَم لَا يُوجَد فِيهِ اِخْتِلَاف وَلَا تَنَاقُض ; قَالَ اللَّه تَعَالَى :" إِنَّهُ لَقُرْآن كَرِيم فِي كِتَاب مَكْنُون " [ الْوَاقِعَة :
٧٧ - ٧٨ ] وَقَالَ تَعَالَى :" بَلْ هُوَ قُرْآن مَجِيد.
فِي لَوْح مَحْفُوظ " [ الْبُرُوج :
٢١ - ٢٢ ].
وَقَالَ اِبْن جُرَيْج : الْمُرَاد بِقَوْلِهِ تَعَالَى :" وَإِنَّهُ " أَيْ أَعْمَال الْخَلْق مِنْ إِيمَان وَكُفْر وَطَاعَة وَمَعْصِيَة.
" لَعَلِيّ " أَيْ رَفِيع عَنْ أَنْ يُنَال فَيُبَدَّل " حَكِيم " أَيْ مَحْفُوظ مِنْ نَقْص أَوْ تَغْيِير.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَوَّل مَا خَلَقَ اللَّه الْقَلَم فَأَمَرَهُ أَنْ يَكْتُب مَا يُرِيد أَنْ يَخْلُق ; فَالْكِتَاب عِنْده ; ثُمَّ قَرَأَ " وَإِنَّهُ فِي أُمّ الْكِتَاب لَدَيْنَا لَعَلِيّ حَكِيم ".
وَكَسَرَ الْهَمْزَة مِنْ " أُمّ الْكِتَاب " حَمْزَة وَالْكِسَائِيّ.
وَضَمَّ الْبَاقُونَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
" وَإِنَّهُ فِي أُمّ الْكِتَاب " يَعْنِي الْقُرْآن فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ " لَدَيْنَا " عِنْدنَا
" لَعَلِيّ حَكِيم " أَيْ رَفِيع مُحْكَم لَا يُوجَد فِيهِ اِخْتِلَاف وَلَا تَنَاقُض ; قَالَ اللَّه تَعَالَى :" إِنَّهُ لَقُرْآن كَرِيم فِي كِتَاب مَكْنُون " [ الْوَاقِعَة :
٧٧ - ٧٨ ] وَقَالَ تَعَالَى :" بَلْ هُوَ قُرْآن مَجِيد.
فِي لَوْح مَحْفُوظ " [ الْبُرُوج :
٢١ - ٢٢ ].
وَقَالَ اِبْن جُرَيْج : الْمُرَاد بِقَوْلِهِ تَعَالَى :" وَإِنَّهُ " أَيْ أَعْمَال الْخَلْق مِنْ إِيمَان وَكُفْر وَطَاعَة وَمَعْصِيَة.
" لَعَلِيّ " أَيْ رَفِيع عَنْ أَنْ يُنَال فَيُبَدَّل " حَكِيم " أَيْ مَحْفُوظ مِنْ نَقْص أَوْ تَغْيِير.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أَوَّل مَا خَلَقَ اللَّه الْقَلَم فَأَمَرَهُ أَنْ يَكْتُب مَا يُرِيد أَنْ يَخْلُق ; فَالْكِتَاب عِنْده ; ثُمَّ قَرَأَ " وَإِنَّهُ فِي أُمّ الْكِتَاب لَدَيْنَا لَعَلِيّ حَكِيم ".
وَكَسَرَ الْهَمْزَة مِنْ " أُمّ الْكِتَاب " حَمْزَة وَالْكِسَائِيّ.
وَضَمَّ الْبَاقُونَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ
" أَفَنَضْرِب عَنْكُمْ الذِّكْر صَفْحًا " يَعْنِي : الْقُرْآن ; عَنْ الضَّحَّاك وَغَيْره.
وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالذِّكْرِ الْعَذَاب ; أَيْ أَفَنَضْرِب عَنْكُمْ الْعَذَاب وَلَا نُعَاقِبكُمْ عَلَى إِسْرَافكُمْ وَكُفْركُمْ ; قَالَهُ مُجَاهِد وَأَبُو صَالِح وَالسُّدِّيّ، وَرَوَاهُ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : الْمَعْنَى أَفَحَسِبْتُمْ أَنْ نَصْفَح عَنْكُمْ الْعَذَاب وَلِمَا تَفْعَلُوا مَا أُمِرْتُمْ بِهِ.
وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْمَعْنَى أَتُكَذِّبُونَ بِالْقُرْآنِ وَلَا تُعَاقَبُونَ.
وَقَالَ السُّدِّيّ أَيْضًا : الْمَعْنَى أَفَنَتْرُككُمْ سُدًى فَلَا نَأْمُركُمْ وَلَا نَنْهَاكُمْ.
وَقَالَ قَتَادَة : الْمَعْنَى أَفَنُهْلِككُمْ وَلَا نَأْمُركُمْ وَلَا نَنْهَاكُمْ.
وَعَنْهُ أَيْضًا : أَفَنُمْسِك عَنْ إِنْزَال الْقُرْآن مِنْ قِبَل أَنَّكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِهِ فَلَا نُنَزِّلهُ عَلَيْكُمْ.
وَقَالَهُ اِبْن زَيْد.
قَالَ قَتَادَة : وَاَللَّه لَوْ كَانَ هَذَا الْقُرْآن رَفَعَ حِين رَدَدْته أَوَائِل هَذِهِ الْأُمَّة لَهَلَكُوا، وَلَكِنَّ اللَّه رَدَّدَهُ وَكَرَّرَهُ عَلَيْهِمْ بِرَحْمَتِهِ.
وَقَالَ الْكِسَائِيّ : أَفَنَطْوِي عَنْكُمْ الذِّكْر طَيًّا فَلَا تُوعَظُونَ وَلَا تُؤْمَرُونَ.
وَقِيلَ : الذِّكْر التَّذَكُّر ; فَكَأَنَّهُ قَالَ : أَنَتْرُكُ تَذْكِيركُمْ لِأَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ ; فِي قِرَاءَة مَنْ فَتَحَ.
وَمَنْ كَسَرَ جَعَلَهَا لِلشَّرْطِ وَمَا قَبْلهَا جَوَابًا لَهَا ; لِأَنَّهَا لَمْ تَعْمَل فِي اللَّفْظ.
وَنَظِيره :" وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " [ الْبَقَرَة : ٢٧٨ ] وَقِيلَ : الْجَوَاب مَحْذُوف دَلَّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ ; كَمَا تَقُول : أَنْتَ ظَالِم إِنْ فَعَلْت.
وَمَعْنَى الْكَسْر عِنْد الزَّجَّاج الْحَال ; لِأَنَّ فِي الْكَلَام مَعْنَى التَّقْرِير وَالتَّوْبِيخ.
وَمَعْنَى " صَفْحًا " إِعْرَاضًا ; يُقَال صَفَحْت عَنْ فُلَان إِذَا أَعْرَضْت عَنْ ذَنْبه.
وَقَدْ ضَرَبْت عَنْهُ صَفْحًا إِذَا أَعْرَضْت عَنْهُ وَتَرَكْته.
وَالْأَصْل، فِيهِ صَفْحَة الْعُنُق ; يُقَال : أَعْرَضْت عَنْهُ أَيْ وَلَّيْته صَفْحَة عُنُقِي.
قَالَ الشَّاعِر :
وَانْتَصَبَ " صَفْحًا " عَلَى الْمَصْدَر لِأَنَّ مَعْنَى أَفَنَضْرِب " أَفَنَصْفَح.
وَقِيلَ : التَّقْدِير أَفَنَضْرِب عَنْكُمْ الذِّكْر صَافِحِينَ، كَمَا يُقَال : جَاءَ فُلَان مَشْيًا.
وَمَعْنَى :" مُسْرِفِينَ " مُشْرِكِينَ.
وَاخْتَارَ أَبُو عُبَيْدَة الْفَتْح فِي " أَنْ " وَهِيَ قِرَاءَة اِبْن كَثِير وَأَبِي عَمْرو وَعَاصِم وَابْن عَامِر، قَالَ : لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى عَاتَبَهُمْ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ، وَعَلِمَهُ قَبْل ذَلِكَ مِنْ فِعْلهمْ.
" أَفَنَضْرِب عَنْكُمْ الذِّكْر صَفْحًا " يَعْنِي : الْقُرْآن ; عَنْ الضَّحَّاك وَغَيْره.
وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالذِّكْرِ الْعَذَاب ; أَيْ أَفَنَضْرِب عَنْكُمْ الْعَذَاب وَلَا نُعَاقِبكُمْ عَلَى إِسْرَافكُمْ وَكُفْركُمْ ; قَالَهُ مُجَاهِد وَأَبُو صَالِح وَالسُّدِّيّ، وَرَوَاهُ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : الْمَعْنَى أَفَحَسِبْتُمْ أَنْ نَصْفَح عَنْكُمْ الْعَذَاب وَلِمَا تَفْعَلُوا مَا أُمِرْتُمْ بِهِ.
وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْمَعْنَى أَتُكَذِّبُونَ بِالْقُرْآنِ وَلَا تُعَاقَبُونَ.
وَقَالَ السُّدِّيّ أَيْضًا : الْمَعْنَى أَفَنَتْرُككُمْ سُدًى فَلَا نَأْمُركُمْ وَلَا نَنْهَاكُمْ.
وَقَالَ قَتَادَة : الْمَعْنَى أَفَنُهْلِككُمْ وَلَا نَأْمُركُمْ وَلَا نَنْهَاكُمْ.
وَعَنْهُ أَيْضًا : أَفَنُمْسِك عَنْ إِنْزَال الْقُرْآن مِنْ قِبَل أَنَّكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِهِ فَلَا نُنَزِّلهُ عَلَيْكُمْ.
وَقَالَهُ اِبْن زَيْد.
قَالَ قَتَادَة : وَاَللَّه لَوْ كَانَ هَذَا الْقُرْآن رَفَعَ حِين رَدَدْته أَوَائِل هَذِهِ الْأُمَّة لَهَلَكُوا، وَلَكِنَّ اللَّه رَدَّدَهُ وَكَرَّرَهُ عَلَيْهِمْ بِرَحْمَتِهِ.
وَقَالَ الْكِسَائِيّ : أَفَنَطْوِي عَنْكُمْ الذِّكْر طَيًّا فَلَا تُوعَظُونَ وَلَا تُؤْمَرُونَ.
وَقِيلَ : الذِّكْر التَّذَكُّر ; فَكَأَنَّهُ قَالَ : أَنَتْرُكُ تَذْكِيركُمْ لِأَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ ; فِي قِرَاءَة مَنْ فَتَحَ.
وَمَنْ كَسَرَ جَعَلَهَا لِلشَّرْطِ وَمَا قَبْلهَا جَوَابًا لَهَا ; لِأَنَّهَا لَمْ تَعْمَل فِي اللَّفْظ.
وَنَظِيره :" وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " [ الْبَقَرَة : ٢٧٨ ] وَقِيلَ : الْجَوَاب مَحْذُوف دَلَّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ ; كَمَا تَقُول : أَنْتَ ظَالِم إِنْ فَعَلْت.
وَمَعْنَى الْكَسْر عِنْد الزَّجَّاج الْحَال ; لِأَنَّ فِي الْكَلَام مَعْنَى التَّقْرِير وَالتَّوْبِيخ.
وَمَعْنَى " صَفْحًا " إِعْرَاضًا ; يُقَال صَفَحْت عَنْ فُلَان إِذَا أَعْرَضْت عَنْ ذَنْبه.
وَقَدْ ضَرَبْت عَنْهُ صَفْحًا إِذَا أَعْرَضْت عَنْهُ وَتَرَكْته.
وَالْأَصْل، فِيهِ صَفْحَة الْعُنُق ; يُقَال : أَعْرَضْت عَنْهُ أَيْ وَلَّيْته صَفْحَة عُنُقِي.
قَالَ الشَّاعِر :
صُفُوحًا فَمَا تَلْقَاك إِلَّا بَخِيلَة | فَمَنْ مَلَّ مِنْهَا ذَلِكَ الْوَصْل مَلَّتِ |
وَقِيلَ : التَّقْدِير أَفَنَضْرِب عَنْكُمْ الذِّكْر صَافِحِينَ، كَمَا يُقَال : جَاءَ فُلَان مَشْيًا.
وَمَعْنَى :" مُسْرِفِينَ " مُشْرِكِينَ.
وَاخْتَارَ أَبُو عُبَيْدَة الْفَتْح فِي " أَنْ " وَهِيَ قِرَاءَة اِبْن كَثِير وَأَبِي عَمْرو وَعَاصِم وَابْن عَامِر، قَالَ : لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى عَاتَبَهُمْ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ، وَعَلِمَهُ قَبْل ذَلِكَ مِنْ فِعْلهمْ.
وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ
" كَمْ " هُنَا خَبَرِيَّة وَالْمُرَاد بِهَا التَّكْثِير ; وَالْمَعْنَى مَا أَكْثَر مَا أَرْسَلْنَا مِنْ الْأَنْبِيَاء.
كَمَا قَالَ :" كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّات وَعُيُون " [ الدُّخَان : ٢٥ ] أَيْ مَا أَكْثَر مَا تَرَكُوا.
" كَمْ " هُنَا خَبَرِيَّة وَالْمُرَاد بِهَا التَّكْثِير ; وَالْمَعْنَى مَا أَكْثَر مَا أَرْسَلْنَا مِنْ الْأَنْبِيَاء.
كَمَا قَالَ :" كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّات وَعُيُون " [ الدُّخَان : ٢٥ ] أَيْ مَا أَكْثَر مَا تَرَكُوا.
وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
" وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيّ " أَيْ لَمْ يَكُنْ يَأْتِيهِمْ نَبِيّ " إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ " كَاسْتِهْزَاءِ قَوْمك بِك.
يُعَزِّي نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُسَلِّيه.
" وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيّ " أَيْ لَمْ يَكُنْ يَأْتِيهِمْ نَبِيّ " إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ " كَاسْتِهْزَاءِ قَوْمك بِك.
يُعَزِّي نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُسَلِّيه.
فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا
أَيْ قَوْمًا أَشَدّ مِنْهُمْ قُوَّة.
وَالْكِنَايَة فِي " مِنْهُمْ " تَرْجِع إِلَى الْمُشْرِكِينَ الْمُخَاطَبِينَ بِقَوْلِهِ :" أَفَنَضْرِب عَنْكُمْ الذِّكْر صَفْحًا " فَكَنَّى عَنْهُمْ بَعْد أَنْ خَاطَبَهُمْ.
و " أَشَدّ " نُصِبَ عَلَى الْحَال.
وَقِيلَ : هُوَ مَفْعُول ; أَيْ فَقَدْ أَهْلَكْنَا أَقْوَى مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ فِي أَبْدَانهمْ وَأَتْبَاعهمْ.
أَيْ قَوْمًا أَشَدّ مِنْهُمْ قُوَّة.
وَالْكِنَايَة فِي " مِنْهُمْ " تَرْجِع إِلَى الْمُشْرِكِينَ الْمُخَاطَبِينَ بِقَوْلِهِ :" أَفَنَضْرِب عَنْكُمْ الذِّكْر صَفْحًا " فَكَنَّى عَنْهُمْ بَعْد أَنْ خَاطَبَهُمْ.
و " أَشَدّ " نُصِبَ عَلَى الْحَال.
وَقِيلَ : هُوَ مَفْعُول ; أَيْ فَقَدْ أَهْلَكْنَا أَقْوَى مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ فِي أَبْدَانهمْ وَأَتْبَاعهمْ.
وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ
أَيْ عُقُوبَتهمْ ; عَنْ قَتَادَة وَقِيلَ : صَفْحَة الْأَوَّلِينَ ; فَخَبَّرَهُمْ بِأَنَّهُمْ أَهْلَكُوا عَلَى كُفْرهمْ ; حَكَاهُ النَّقَّاش وَالْمَهْدَوِيّ.
وَالْمَثَل : الْوَصْف وَالْخَبَر.
أَيْ عُقُوبَتهمْ ; عَنْ قَتَادَة وَقِيلَ : صَفْحَة الْأَوَّلِينَ ; فَخَبَّرَهُمْ بِأَنَّهُمْ أَهْلَكُوا عَلَى كُفْرهمْ ; حَكَاهُ النَّقَّاش وَالْمَهْدَوِيّ.
وَالْمَثَل : الْوَصْف وَالْخَبَر.
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ
قَوْله تَعَالَى " وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ " يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ.
" مَنْ خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيز الْعَلِيم " فَأَقَرُّوا لَهُ بِالْخَلْقِ وَالْإِيجَاد، ثُمَّ عَبَدُوا مَعَهُ غَيْره جَهْلًا مِنْهُمْ.
وَقَدْ مَضَى فِي غَيْر مَوْضِع
قَوْله تَعَالَى " وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ " يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ.
" مَنْ خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيز الْعَلِيم " فَأَقَرُّوا لَهُ بِالْخَلْقِ وَالْإِيجَاد، ثُمَّ عَبَدُوا مَعَهُ غَيْره جَهْلًا مِنْهُمْ.
وَقَدْ مَضَى فِي غَيْر مَوْضِع
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا
وَصَفَ نَفْسه سُبْحَانه بِكَمَالِ الْقُدْرَة.
وَهَذَا اِبْتِدَاء إِخْبَار مِنْهُ عَنْ نَفْسه، وَلَوْ كَانَ هَذَا إِخْبَارًا عَنْ قَوْل الْكُفَّار لَقَالَ الَّذِي جَعَلَ لَنَا الْأَرْض " مِهَادًا " فِرَاشًا وَبِسَاطًا.
وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ " مِهَادًا "
وَصَفَ نَفْسه سُبْحَانه بِكَمَالِ الْقُدْرَة.
وَهَذَا اِبْتِدَاء إِخْبَار مِنْهُ عَنْ نَفْسه، وَلَوْ كَانَ هَذَا إِخْبَارًا عَنْ قَوْل الْكُفَّار لَقَالَ الَّذِي جَعَلَ لَنَا الْأَرْض " مِهَادًا " فِرَاشًا وَبِسَاطًا.
وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ " مِهَادًا "
وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا
أَيْ مَعَايِش.
وَقِيلَ طُرُقًا، لِتَسْلُكُوا مِنْهَا إِلَى حَيْثُ أَرَدْتُمْ.
أَيْ مَعَايِش.
وَقِيلَ طُرُقًا، لِتَسْلُكُوا مِنْهَا إِلَى حَيْثُ أَرَدْتُمْ.
لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
فَتَسْتَدِلُّونَ بِمَقْدُورَاتِهِ عَلَى قُدْرَته.
وَقِيلَ :" لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ " فِي أَسْفَاركُمْ ; قَالَهُ اِبْن عِيسَى.
وَقِيلَ : لَعَلَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ ; قَالَهُ سَعِيد بْن جُبَيْر.
وَقِيلَ : تَهْتَدُونَ إِلَى مَعَايِشكُمْ.
فَتَسْتَدِلُّونَ بِمَقْدُورَاتِهِ عَلَى قُدْرَته.
وَقِيلَ :" لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ " فِي أَسْفَاركُمْ ; قَالَهُ اِبْن عِيسَى.
وَقِيلَ : لَعَلَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ ; قَالَهُ سَعِيد بْن جُبَيْر.
وَقِيلَ : تَهْتَدُونَ إِلَى مَعَايِشكُمْ.
وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ
قَوْله تَعَالَى " وَاَلَّذِي نَزَّلَ مِنْ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ " قَالَ اِبْن عَبَّاس : أَيْ لَا كَمَا أُنْزِلَ عَلَى قَوْم نُوح بِغَيْرِ قَدَر حَتَّى أَغْرَقَهُمْ، بَلْ هُوَ بِقَدَرٍ لَا طُوفَان مُغْرِق وَلَا قَاصِر عَنْ الْحَاجَة، حَتَّى يَكُون مَعَاشًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ.
" فَأَنْشَرْنَا " أَيْ أَحْيَيْنَا.
" بِهِ " أَيْ بِالْمَاءِ.
" بَلْدَة مَيِّتًا " أَيْ مُقْفِرَة مِنْ النَّبَات.
" كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ " أَيْ مِنْ قُبُوركُمْ ; لِأَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى هَذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَدْ مَضَى فِي " الْأَعْرَاف " مُجَوَّدًا.
وَقَرَأَ يَحْيَى بْن وَثَّاب وَالْأَعْمَش وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ وَابْن ذَكْوَان عَنْ اِبْن عَامِر " يَخْرُجُونَ " بِفَتْحِ الْيَاء وَضَمّ الرَّاء.
الْبَاقُونَ عَلَى الْفِعْل الْمَجْهُول.
قَوْله تَعَالَى " وَاَلَّذِي نَزَّلَ مِنْ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ " قَالَ اِبْن عَبَّاس : أَيْ لَا كَمَا أُنْزِلَ عَلَى قَوْم نُوح بِغَيْرِ قَدَر حَتَّى أَغْرَقَهُمْ، بَلْ هُوَ بِقَدَرٍ لَا طُوفَان مُغْرِق وَلَا قَاصِر عَنْ الْحَاجَة، حَتَّى يَكُون مَعَاشًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ.
" فَأَنْشَرْنَا " أَيْ أَحْيَيْنَا.
" بِهِ " أَيْ بِالْمَاءِ.
" بَلْدَة مَيِّتًا " أَيْ مُقْفِرَة مِنْ النَّبَات.
" كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ " أَيْ مِنْ قُبُوركُمْ ; لِأَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى هَذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَدْ مَضَى فِي " الْأَعْرَاف " مُجَوَّدًا.
وَقَرَأَ يَحْيَى بْن وَثَّاب وَالْأَعْمَش وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ وَابْن ذَكْوَان عَنْ اِبْن عَامِر " يَخْرُجُونَ " بِفَتْحِ الْيَاء وَضَمّ الرَّاء.
الْبَاقُونَ عَلَى الْفِعْل الْمَجْهُول.
وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ
قَوْله تَعَالَى " وَاَلَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاج " أَيْ وَاَللَّه الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاج.
قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : أَيْ الْأَصْنَاف كُلّهَا.
وَقَالَ الْحَسَن : الشِّتَاء وَالصَّيْف وَاللَّيْل وَالنَّهَار وَالسَّمَوَات وَالْأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَالْجَنَّة وَالنَّار.
وَقِيلَ : أَزْوَاج الْحَيَوَان مِنْ ذَكَر وَأُنْثَى ; قَالَهُ اِبْن عِيسَى.
وَقِيلَ : أَرَادَ أَزْوَاج النَّبَات ; كَمَا قَالَ تَعَالَى :" وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْج بَهِيج " [ ق : ٧ ] و " مِنْ كُلّ زَوْج كَرِيم " [ لُقْمَان : ١٠ ].
وَقِيلَ : مَا يَتَقَلَّب فِيهِ الْإِنْسَان مِنْ خَيْر وَشَرّ، وَإِيمَان وَكُفْر، وَنَفْع وَضُرّ، وَفَقْر وَغِنًى، وَصِحَّة وَسَقَم.
قُلْت : وَهَذَا الْقَوْل يَعُمّ الْأَقْوَال كُلّهَا وَيَجْمَعهَا بِعُمُومِهِ.
" وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ الْفُلْك " السُّفُن " وَالْأَنْعَام " الْإِبِل " مَا تَرْكَبُونَ " فِي الْبَرّ وَالْبَحْر.
قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : الْأَنْعَام هُنَا الْإِبِل وَالْبَقَر.
وَقَالَ أَبُو مُعَاذ : الْإِبِل وَحْدهَا ; وَهُوَ الصَّحِيح لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام : بَيْنَمَا رَجُل رَاكِب بَقَرَة إِذْ قَالَتْ لَهُ لَمْ أُخْلَق لِهَذَا إِنَّمَا خُلِقْت لِلْحَرْثِ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :[ آمَنْت بِذَلِكَ أَنَا وَأَبُو بَكْر وَعُمَر ].
وَمَا هُمَا فِي الْقَوْم.
قَوْله تَعَالَى " وَاَلَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاج " أَيْ وَاَللَّه الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاج.
قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : أَيْ الْأَصْنَاف كُلّهَا.
وَقَالَ الْحَسَن : الشِّتَاء وَالصَّيْف وَاللَّيْل وَالنَّهَار وَالسَّمَوَات وَالْأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَالْجَنَّة وَالنَّار.
وَقِيلَ : أَزْوَاج الْحَيَوَان مِنْ ذَكَر وَأُنْثَى ; قَالَهُ اِبْن عِيسَى.
وَقِيلَ : أَرَادَ أَزْوَاج النَّبَات ; كَمَا قَالَ تَعَالَى :" وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلّ زَوْج بَهِيج " [ ق : ٧ ] و " مِنْ كُلّ زَوْج كَرِيم " [ لُقْمَان : ١٠ ].
وَقِيلَ : مَا يَتَقَلَّب فِيهِ الْإِنْسَان مِنْ خَيْر وَشَرّ، وَإِيمَان وَكُفْر، وَنَفْع وَضُرّ، وَفَقْر وَغِنًى، وَصِحَّة وَسَقَم.
قُلْت : وَهَذَا الْقَوْل يَعُمّ الْأَقْوَال كُلّهَا وَيَجْمَعهَا بِعُمُومِهِ.
" وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ الْفُلْك " السُّفُن " وَالْأَنْعَام " الْإِبِل " مَا تَرْكَبُونَ " فِي الْبَرّ وَالْبَحْر.
قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : الْأَنْعَام هُنَا الْإِبِل وَالْبَقَر.
وَقَالَ أَبُو مُعَاذ : الْإِبِل وَحْدهَا ; وَهُوَ الصَّحِيح لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام : بَيْنَمَا رَجُل رَاكِب بَقَرَة إِذْ قَالَتْ لَهُ لَمْ أُخْلَق لِهَذَا إِنَّمَا خُلِقْت لِلْحَرْثِ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :[ آمَنْت بِذَلِكَ أَنَا وَأَبُو بَكْر وَعُمَر ].
وَمَا هُمَا فِي الْقَوْم.
لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ
يَعْنِي بِهِ الْإِبِل خَاصَّة بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا.
وَلِأَنَّ الْفُلْك إِنَّمَا تُرْكَب بُطُونهَا، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَهُمَا جَمِيعًا فِي أَوَّل الْآيَة وَعَطَفَ آخِرهَا عَلَى أَحَدهمَا.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَجْعَل ظَاهِرهَا بَاطِنهَا ; لِأَنَّ الْمَاء غَمَرَهُ وَسَتَرَهُ وَبَاطِنهَا ظَاهِرًا ; لِأَنَّهُ اِنْكَشَفَ لِلظَّاهِرِينَ وَظَهَرَ لِلْمُبْصِرِينَ.
" لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُوره " ذَكَرَ الْكِنَايَة لِأَنَّهُ رَدَّهُ إِلَى مَا فِي قَوْله :" مَا تَرْكَبُونَ " ; قَالَهُ أَبُو عُبَيْد.
وَقَالَ الْفَرَّاء : أَضَافَ الظُّهُور إِلَى وَاحِد لِأَنَّ الْمُرَاد بِهِ الْجِنْس، فَصَارَ الْوَاحِد فِي مَعْنَى الْجَمْع بِمَنْزِلَةِ الْجَيْش وَالْجُنْد ; فَلِذَلِكَ ذُكِّرَ، وَجَمَعَ الظُّهُور، أَيْ عَلَى ظُهُور هَذَا الْجِنْس.
يَعْنِي بِهِ الْإِبِل خَاصَّة بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا.
وَلِأَنَّ الْفُلْك إِنَّمَا تُرْكَب بُطُونهَا، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَهُمَا جَمِيعًا فِي أَوَّل الْآيَة وَعَطَفَ آخِرهَا عَلَى أَحَدهمَا.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَجْعَل ظَاهِرهَا بَاطِنهَا ; لِأَنَّ الْمَاء غَمَرَهُ وَسَتَرَهُ وَبَاطِنهَا ظَاهِرًا ; لِأَنَّهُ اِنْكَشَفَ لِلظَّاهِرِينَ وَظَهَرَ لِلْمُبْصِرِينَ.
" لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُوره " ذَكَرَ الْكِنَايَة لِأَنَّهُ رَدَّهُ إِلَى مَا فِي قَوْله :" مَا تَرْكَبُونَ " ; قَالَهُ أَبُو عُبَيْد.
وَقَالَ الْفَرَّاء : أَضَافَ الظُّهُور إِلَى وَاحِد لِأَنَّ الْمُرَاد بِهِ الْجِنْس، فَصَارَ الْوَاحِد فِي مَعْنَى الْجَمْع بِمَنْزِلَةِ الْجَيْش وَالْجُنْد ; فَلِذَلِكَ ذُكِّرَ، وَجَمَعَ الظُّهُور، أَيْ عَلَى ظُهُور هَذَا الْجِنْس.
ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ
أَيْ رَكِبْتُمْ عَلَيْهِ وَذِكْر النِّعْمَة هُوَ الْحَمْد لِلَّهِ عَلَى تَسْخِير ذَلِكَ لَنَا فِي الْبَرّ وَالْبَحْر.
أَيْ رَكِبْتُمْ عَلَيْهِ وَذِكْر النِّعْمَة هُوَ الْحَمْد لِلَّهِ عَلَى تَسْخِير ذَلِكَ لَنَا فِي الْبَرّ وَالْبَحْر.
وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ
" وَتَقُولُوا سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا " أَيْ ذَلَّلَ لَنَا هَذَا الْمَرْكَب.
وَفِي قِرَاءَة عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب " سُبْحَان مَنْ سَخَّرَ لَنَا هَذَا ".
" وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ " أَيْ مُطِيقِينَ ; فِي قَوْل اِبْن عَبَّاس وَالْكَلْبِيّ.
وَقَالَ الْأَخْفَش وَأَبُو عُبَيْدَة :" مُقْرِنِينَ " ضَابِطِينَ.
وَقِيلَ : مُمَاثِلِينَ فِي الْأَيْد وَالْقُوَّة ; مِنْ قَوْلهمْ : هُوَ قِرْن فُلَان إِذَا كَانَ مِثْله فِي الْقُوَّة.
وَيُقَال : فُلَان مُقْرِن لِفُلَانٍ أَيْ ضَابِط لَهُ.
وَأَقْرَنْت كَذَا أَيْ أَطَقْته.
وَأَقْرَنَ لَهُ أَيْ أَطَاقَهُ وَقَوِيَ عَلَيْهِ ; كَأَنَّهُ صَارَ لَهُ قِرْنًا.
قَالَ اللَّه تَعَالَى :" وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ " أَيْ مُطِيقِينَ.
وَأَنْشَدَ قُطْرُب قَوْل عَمْرو بْن مَعْدِي كَرِبَ :
وَقَالَ آخَر :
وَالْمُقْرِن أَيْضًا : الَّذِي غَلَبَتْهُ ضَيْعَته ; يَكُون لَهُ إِبِل أَوْ غَنَم وَلَا مُعِين لَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَكُون يَسْقِي إِبِله وَلَا ذَائِد لَهُ يَذُودهَا.
قَالَ اِبْن السِّكِّيت : وَفِي أَصْله قَوْلَانِ :
أَحَدهمَا : أَنَّهُ مَأْخُوذ مِنْ الْإِقْرَان ; يُقَال : أَقْرَنَ يُقْرِن إِقْرَانًا إِذَا أَطَاقَ.
وَأَقْرَنْت كَذَا إِذَا أَطَقْته وَحَكَمْته ; كَأَنَّهُ جَعَلَهُ فِي قِرْن - وَهُوَ الْحَبْل - فَأَوْثَقَهُ بِهِ وَشَدَّهُ.
وَالثَّانِي : أَنَّهُ مَأْخُوذ مِنْ الْمُقَارَنَة وَهُوَ أَنْ يُقْرَن بَعْضهَا بِبَعْضٍ فِي السَّيْر ; يُقَال : قَرَنْت كَذَا بِكَذَا إِذَا رَبَطْته بِهِ وَجَعَلْته قَرِينه.
عَلَّمَنَا اللَّه سُبْحَانه مَا نَقُول إِذَا رَكِبْنَا الدَّوَابّ، وَعَرَّفْنَا فِي آيَة أُخْرَى عَلَى لِسَان نُوح عَلَيْهِ السَّلَام مَا نَقُول إِذَا رَكِبْنَا السُّفُن ; وَهِيَ قَوْله تَعَالَى :" وَقَالَ اِرْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّه مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُور رَحِيم " [ هُود : ٤١ ] فَكَمْ مِنْ رَاكِب دَابَّة عَثَرَتْ بِهِ أَوْ شَمَسَتْ أَوْ تَقَحَّمَتْ أَوْ طَاحَ مِنْ ظَهْرهَا فَهَلَكَ.
وَكَمْ مِنْ رَاكِبِينَ فِي سَفِينَة اِنْكَسَرَتْ بِهِمْ فَغَرِقُوا.
فَلَمَّا كَانَ الرُّكُوب مُبَاشَرَة أَمْر مَحْظُور وَاتِّصَالًا بِأَسْبَابٍ مِنْ أَسْبَاب التَّلَف أُمِرَ أَلَّا يَنْسَى عِنْد اِتِّصَاله بِهِ يَوْمه، وَأَنَّهُ هَالِك لَا مَحَالَة فَمُنْقَلِب إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ غَيْر مُنْفَلِت مِنْ قَضَائِهِ.
وَلَا يَدَع ذِكْر ذَلِكَ بِقَلْبِهِ وَلِسَانه حَتَّى يَكُون مُسْتَعِدًّا لِلِقَاءِ اللَّه بِإِصْلَاحِهِ مِنْ نَفْسه.
وَالْحَذَر مِنْ أَنْ يَكُون رُكُوبه ذَلِكَ مِنْ أَسْبَاب مَوْته فِي عِلْم اللَّه وَهُوَ غَافِل عَنْهُ.
حَكَى سُلَيْمَان بْن يَسَار أَنَّ قَوْمًا كَانُوا فِي سَفَر فَكَانُوا إِذَا رَكِبُوا قَالُوا :" سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ " وَكَانَ فِيهِمْ رَجُل عَلَى نَاقَة لَهُ رَازِم - وَهِيَ الَّتِي لَا تَتَحَرَّك هُزَالًا، الرَّازِم مِنْ الْإِبِل : الثَّابِت عَلَى الْأَرْض لَا يَقُوم مِنْ الْهُزَال.
" وَتَقُولُوا سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا " أَيْ ذَلَّلَ لَنَا هَذَا الْمَرْكَب.
وَفِي قِرَاءَة عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب " سُبْحَان مَنْ سَخَّرَ لَنَا هَذَا ".
" وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ " أَيْ مُطِيقِينَ ; فِي قَوْل اِبْن عَبَّاس وَالْكَلْبِيّ.
وَقَالَ الْأَخْفَش وَأَبُو عُبَيْدَة :" مُقْرِنِينَ " ضَابِطِينَ.
وَقِيلَ : مُمَاثِلِينَ فِي الْأَيْد وَالْقُوَّة ; مِنْ قَوْلهمْ : هُوَ قِرْن فُلَان إِذَا كَانَ مِثْله فِي الْقُوَّة.
وَيُقَال : فُلَان مُقْرِن لِفُلَانٍ أَيْ ضَابِط لَهُ.
وَأَقْرَنْت كَذَا أَيْ أَطَقْته.
وَأَقْرَنَ لَهُ أَيْ أَطَاقَهُ وَقَوِيَ عَلَيْهِ ; كَأَنَّهُ صَارَ لَهُ قِرْنًا.
قَالَ اللَّه تَعَالَى :" وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ " أَيْ مُطِيقِينَ.
وَأَنْشَدَ قُطْرُب قَوْل عَمْرو بْن مَعْدِي كَرِبَ :
لَقَدْ عَلِمَ الْقَبَائِل مَا عُقَيْل | لَنَا فِي النَّائِبَات بِمُقْرِنِينَا |
رَكِبْتُمْ صَعْبَتِي أَشَرًا وَحَيْفًا | وَلَسْتُمْ لِلصِّعَابِ بِمُقْرِنِينَا |
قَالَ اِبْن السِّكِّيت : وَفِي أَصْله قَوْلَانِ :
أَحَدهمَا : أَنَّهُ مَأْخُوذ مِنْ الْإِقْرَان ; يُقَال : أَقْرَنَ يُقْرِن إِقْرَانًا إِذَا أَطَاقَ.
وَأَقْرَنْت كَذَا إِذَا أَطَقْته وَحَكَمْته ; كَأَنَّهُ جَعَلَهُ فِي قِرْن - وَهُوَ الْحَبْل - فَأَوْثَقَهُ بِهِ وَشَدَّهُ.
وَالثَّانِي : أَنَّهُ مَأْخُوذ مِنْ الْمُقَارَنَة وَهُوَ أَنْ يُقْرَن بَعْضهَا بِبَعْضٍ فِي السَّيْر ; يُقَال : قَرَنْت كَذَا بِكَذَا إِذَا رَبَطْته بِهِ وَجَعَلْته قَرِينه.
عَلَّمَنَا اللَّه سُبْحَانه مَا نَقُول إِذَا رَكِبْنَا الدَّوَابّ، وَعَرَّفْنَا فِي آيَة أُخْرَى عَلَى لِسَان نُوح عَلَيْهِ السَّلَام مَا نَقُول إِذَا رَكِبْنَا السُّفُن ; وَهِيَ قَوْله تَعَالَى :" وَقَالَ اِرْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّه مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُور رَحِيم " [ هُود : ٤١ ] فَكَمْ مِنْ رَاكِب دَابَّة عَثَرَتْ بِهِ أَوْ شَمَسَتْ أَوْ تَقَحَّمَتْ أَوْ طَاحَ مِنْ ظَهْرهَا فَهَلَكَ.
وَكَمْ مِنْ رَاكِبِينَ فِي سَفِينَة اِنْكَسَرَتْ بِهِمْ فَغَرِقُوا.
فَلَمَّا كَانَ الرُّكُوب مُبَاشَرَة أَمْر مَحْظُور وَاتِّصَالًا بِأَسْبَابٍ مِنْ أَسْبَاب التَّلَف أُمِرَ أَلَّا يَنْسَى عِنْد اِتِّصَاله بِهِ يَوْمه، وَأَنَّهُ هَالِك لَا مَحَالَة فَمُنْقَلِب إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ غَيْر مُنْفَلِت مِنْ قَضَائِهِ.
وَلَا يَدَع ذِكْر ذَلِكَ بِقَلْبِهِ وَلِسَانه حَتَّى يَكُون مُسْتَعِدًّا لِلِقَاءِ اللَّه بِإِصْلَاحِهِ مِنْ نَفْسه.
وَالْحَذَر مِنْ أَنْ يَكُون رُكُوبه ذَلِكَ مِنْ أَسْبَاب مَوْته فِي عِلْم اللَّه وَهُوَ غَافِل عَنْهُ.
حَكَى سُلَيْمَان بْن يَسَار أَنَّ قَوْمًا كَانُوا فِي سَفَر فَكَانُوا إِذَا رَكِبُوا قَالُوا :" سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ " وَكَانَ فِيهِمْ رَجُل عَلَى نَاقَة لَهُ رَازِم - وَهِيَ الَّتِي لَا تَتَحَرَّك هُزَالًا، الرَّازِم مِنْ الْإِبِل : الثَّابِت عَلَى الْأَرْض لَا يَقُوم مِنْ الْهُزَال.
أَوْ قَدْ رَزَمَتْ النَّاقَة تَرْزُم وَتَرْزِم رُزُومًا وَرُزَامًا : قَامَتْ مِنْ الْإِعْيَاء وَالْهُزَال فَلَمْ تَتَحَرَّك ; فَهِيَ رَازِم.
قَالَهُ الْجَوْهَرِيّ فِي الصِّحَاح.
فَقَالَ : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي لِهَذِهِ لَمُقْرِن، قَالَ : فَقَمَصَتْ بِهِ فَدُقَّتْ عُنُقه.
وَرُوِيَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا رَكِبَ قَعُودًا لَهُ وَقَالَ إِنِّي لَمُقْرِن لَهُ فَرَكَضَتْ بِهِ الْقَعُود حَتَّى صَرَعَتْهُ فَانْدَقَّتْ عُنُقه.
ذَكَرَ الْأَوَّل الْمَاوَرْدِيّ وَالثَّانِي اِبْن الْعَرَبِيّ.
قَالَ : وَمَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَدَع قَوْل هَذَا وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ ذَكَرَهُ بِاللِّسَانِ ; فَيَقُول مَتَى رَكِبَ وَخَاصَّة فِي السَّفَر إِذَا تَذَكَّرَ :" سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ بِمُقْرِنِينَ.
وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ " اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِب فِي السَّفَر، وَالْخَلِيفَة فِي الْأَهْل وَالْمَال، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذ بِك مِنْ وَعْثَاء السَّفَر، وَكَآبَة الْمُنْقَلَب، وَالْجَوْر بَعْد الْكَوْر، وَسُوء الْمَنْظَر فِي الْأَهْل وَالْمَال ; يَعْنِي ب " الْجَوْر بَعْد الْكَوْر " تَشَتُّتَ أَمْر الرَّجُل بَعْد اِجْتِمَاعه.
وَقَالَ عَمْرو بْن دِينَار : رَكِبْت مَعَ أَبِي جَعْفَر إِلَى أَرْض لَهُ نَحْو حَائِط يُقَال لَهَا مُدْرِكَة، فَرَكِبَ عَلَى جَمَل صَعْب فَقُلْت لَهُ : أَبَا جَعْفَر ! أَمَا تَخَاف أَنْ يَصْرَعك ؟ فَقَالَ : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( عَلَى سَنَام كُلّ بَعِير شَيْطَان إِذَا رَكِبْتُمُوهَا فَاذْكُرُوا اِسْم اللَّه كَمَا أَمَرَكُمْ ثُمَّ اِمْتَهِنُوهَا لِأَنْفُسِكُمْ فَإِنَّمَا يَحْمِل اللَّه ).
وَقَالَ عَلِيّ بْن رَبِيعَة : شَهِدْت عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَكِبَ دَابَّة يَوْمًا فَلَمَّا وَضَعَ رِجْله فِي الرِّكَاب قَالَ : بِاسْمِ اللَّه، فَلَمَّا اِسْتَوَى عَلَى الدَّابَّة قَالَ الْحَمْد لِلَّهِ، ثُمَّ قَالَ :" سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ.
وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ " ثُمَّ قَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ وَاَللَّه أَكْبَر - ثَلَاثًا - اللَّهُمَّ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ ظَلَمْت نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِر الذُّنُوب إِلَّا أَنْتَ ; ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْت لَهُ : مَا أَضْحَكَك ؟ قَالَ : رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ كَمَا صَنَعْت، وَقَالَ كَمَا قُلْت ; ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْت لَهُ مَا يُضْحِكك يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ :( الْعَبْد - أَوْ قَالَ - عَجَبًا لِعَبْدٍ أَنْ يَقُول اللَّهُمَّ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ ظَلَمْت نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِر الذُّنُوب إِلَّا أَنْتَ يَعْلَم أَنَّهُ لَا يَغْفِر الذُّنُوب غَيْره ).
خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَده، وَأَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن خُوَيْز مَنْدَاد فِي أَحْكَامه.
قَالَهُ الْجَوْهَرِيّ فِي الصِّحَاح.
فَقَالَ : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي لِهَذِهِ لَمُقْرِن، قَالَ : فَقَمَصَتْ بِهِ فَدُقَّتْ عُنُقه.
وَرُوِيَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا رَكِبَ قَعُودًا لَهُ وَقَالَ إِنِّي لَمُقْرِن لَهُ فَرَكَضَتْ بِهِ الْقَعُود حَتَّى صَرَعَتْهُ فَانْدَقَّتْ عُنُقه.
ذَكَرَ الْأَوَّل الْمَاوَرْدِيّ وَالثَّانِي اِبْن الْعَرَبِيّ.
قَالَ : وَمَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَدَع قَوْل هَذَا وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ ذَكَرَهُ بِاللِّسَانِ ; فَيَقُول مَتَى رَكِبَ وَخَاصَّة فِي السَّفَر إِذَا تَذَكَّرَ :" سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ بِمُقْرِنِينَ.
وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ " اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِب فِي السَّفَر، وَالْخَلِيفَة فِي الْأَهْل وَالْمَال، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذ بِك مِنْ وَعْثَاء السَّفَر، وَكَآبَة الْمُنْقَلَب، وَالْجَوْر بَعْد الْكَوْر، وَسُوء الْمَنْظَر فِي الْأَهْل وَالْمَال ; يَعْنِي ب " الْجَوْر بَعْد الْكَوْر " تَشَتُّتَ أَمْر الرَّجُل بَعْد اِجْتِمَاعه.
وَقَالَ عَمْرو بْن دِينَار : رَكِبْت مَعَ أَبِي جَعْفَر إِلَى أَرْض لَهُ نَحْو حَائِط يُقَال لَهَا مُدْرِكَة، فَرَكِبَ عَلَى جَمَل صَعْب فَقُلْت لَهُ : أَبَا جَعْفَر ! أَمَا تَخَاف أَنْ يَصْرَعك ؟ فَقَالَ : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( عَلَى سَنَام كُلّ بَعِير شَيْطَان إِذَا رَكِبْتُمُوهَا فَاذْكُرُوا اِسْم اللَّه كَمَا أَمَرَكُمْ ثُمَّ اِمْتَهِنُوهَا لِأَنْفُسِكُمْ فَإِنَّمَا يَحْمِل اللَّه ).
وَقَالَ عَلِيّ بْن رَبِيعَة : شَهِدْت عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَكِبَ دَابَّة يَوْمًا فَلَمَّا وَضَعَ رِجْله فِي الرِّكَاب قَالَ : بِاسْمِ اللَّه، فَلَمَّا اِسْتَوَى عَلَى الدَّابَّة قَالَ الْحَمْد لِلَّهِ، ثُمَّ قَالَ :" سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ.
وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ " ثُمَّ قَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ وَاَللَّه أَكْبَر - ثَلَاثًا - اللَّهُمَّ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ ظَلَمْت نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِر الذُّنُوب إِلَّا أَنْتَ ; ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْت لَهُ : مَا أَضْحَكَك ؟ قَالَ : رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ كَمَا صَنَعْت، وَقَالَ كَمَا قُلْت ; ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْت لَهُ مَا يُضْحِكك يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ :( الْعَبْد - أَوْ قَالَ - عَجَبًا لِعَبْدٍ أَنْ يَقُول اللَّهُمَّ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ ظَلَمْت نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِر الذُّنُوب إِلَّا أَنْتَ يَعْلَم أَنَّهُ لَا يَغْفِر الذُّنُوب غَيْره ).
خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَده، وَأَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن خُوَيْز مَنْدَاد فِي أَحْكَامه.
وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيّ نَحْوه مُخْتَصَرًا عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَلَفْظه عَنْهُ : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا وَضَعَ رِجْله فِي الرِّكَاب قَالَ :( بِاسْمِ اللَّه - فَإِذَا اِسْتَوَى قَالَ - الْحَمْد لِلَّهِ عَلَى كُلّ حَال سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ وَإِذَا نَزَلْتُمْ مِنْ الْفُلْك وَالْأَنْعَام فَقُولُوا اللَّهُمَّ أَنْزِلْنَا مَنْزِلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْر الْمُنْزِلِينَ ).
وَرَوَى اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد قَالَ : مَنْ رَكِبَ وَلَمْ يَقُلْ " سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ " قَالَ لَهُ الشَّيْطَان تَغَنَّهُ ; فَإِنْ لَمْ يُحْسِن قَالَ لَهُ تَمَنَّهُ ; ذَكَرَهُ النَّحَّاس.
وَيَسْتَعِيذ بِاَللَّهِ مِنْ مَقَام مَنْ يَقُول لِقُرَنَائِهِ : تَعَالَوْا نَتَنَزَّه عَلَى الْخَيْل أَوْ فِي بَعْض الزَّوَارِق ; فَيَرْكَبُونَ حَامِلِينَ مَعَ أَنْفُسهمْ أَوَانِي الْخَمْر وَالْمَعَازِف، فَلَا يَزَالُونَ يَسْتَقُونَ حَتَّى تَمَلّ طِلَاهُمْ وَهُمْ عَلَى ظُهُور الدَّوَابّ أَوْ فِي بُطُون السُّفُن وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ ; لَا يَذْكُرُونَ إِلَّا الشَّيْطَان، وَلَا يَمْتَثِلُونَ إِلَّا أَوَامِره.
الزَّمَخْشَرِيّ : وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْض السَّلَاطِين رَكِبَ وَهُوَ يَشْرَب الْخَمْر مِنْ بَلَد إِلَى بَلَد بَيْنهمَا مَسِيرَة شَهْر، فَلَمْ يَصِحّ إِلَّا بَعْد مَا اِطْمَأَنَّتْ بِهِ الدَّار، فَلَمْ يَشْعُر بِمَسِيرِهِ وَلَا أَحَسَّ بِهِ ; فَكَيْف بَيْن فِعْل أُولَئِكَ الرَّاكِبِينَ وَبَيْن مَا أُمِرَ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَة ! ؟
وَرَوَى اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد قَالَ : مَنْ رَكِبَ وَلَمْ يَقُلْ " سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ " قَالَ لَهُ الشَّيْطَان تَغَنَّهُ ; فَإِنْ لَمْ يُحْسِن قَالَ لَهُ تَمَنَّهُ ; ذَكَرَهُ النَّحَّاس.
وَيَسْتَعِيذ بِاَللَّهِ مِنْ مَقَام مَنْ يَقُول لِقُرَنَائِهِ : تَعَالَوْا نَتَنَزَّه عَلَى الْخَيْل أَوْ فِي بَعْض الزَّوَارِق ; فَيَرْكَبُونَ حَامِلِينَ مَعَ أَنْفُسهمْ أَوَانِي الْخَمْر وَالْمَعَازِف، فَلَا يَزَالُونَ يَسْتَقُونَ حَتَّى تَمَلّ طِلَاهُمْ وَهُمْ عَلَى ظُهُور الدَّوَابّ أَوْ فِي بُطُون السُّفُن وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ ; لَا يَذْكُرُونَ إِلَّا الشَّيْطَان، وَلَا يَمْتَثِلُونَ إِلَّا أَوَامِره.
الزَّمَخْشَرِيّ : وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْض السَّلَاطِين رَكِبَ وَهُوَ يَشْرَب الْخَمْر مِنْ بَلَد إِلَى بَلَد بَيْنهمَا مَسِيرَة شَهْر، فَلَمْ يَصِحّ إِلَّا بَعْد مَا اِطْمَأَنَّتْ بِهِ الدَّار، فَلَمْ يَشْعُر بِمَسِيرِهِ وَلَا أَحَسَّ بِهِ ; فَكَيْف بَيْن فِعْل أُولَئِكَ الرَّاكِبِينَ وَبَيْن مَا أُمِرَ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَة ! ؟
وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ
عَلَّمَنَا اللَّه سُبْحَانه مَا نَقُول إِذَا رَكِبْنَا الدَّوَابّ، وَعَرَفْنَا فِي آيَة أُخْرَى عَلَى لِسَان نُوح عَلَيْهِ السَّلَام مَا نَقُول إِذَا رَكِبْنَا السُّفُن ; وَهِيَ قَوْل تَعَالَى :" وَقَالَ اِرْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّه مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُور رَحِيم " [ هُود : ٤١ ] فَكَمْ مِنْ رَاكِب دَابَّة عَثَرَتْ بِهِ أَوْ شَمَسَتْ أَوْ تَقَحَّمَتْ أَوْ طَاحَ مِنْ ظَهْرهَا فَهَلَكَ.
وَكَمْ مِنْ رَاكِبِينَ فِي سَفِينَة اِنْكَسَرَتْ بِهِمْ فَغَرِقُوا.
فَلَمَّا كَانَ الرُّكُوب مُبَاشَرَة أَمْر مَحْظُور وَاتِّصَالًا بِأَسْبَابٍ مِنْ أَسْبَاب التَّلَف أُمِرَ أَلَّا يَنْسَى عِنْد اِتِّصَال بِهِ يَوْمه، وَأَنَّهُ هَالِك لَا مَحَالَة فَمُنْقَلِب إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ غَيْر مُنْفَلِت مِنْ قَضَائِهِ.
وَلَا يَدَع ذِكْر ذَلِكَ بِقَلْبِهِ وَلِسَانه حَتَّى يَكُون مُسْتَعِدًّا لِلِّقَاءِ اللَّه بِإِصْلَاحِهِ مِنْ نَفْسه.
وَالْحَذَر مِنْ أَنْ يَكُون وَرُكُوبه ذَلِكَ مِنْ أَسْبَاب مَوْته فِي عِلْم اللَّه وَهُوَ غَافِل عَنْهُ.
حَكَى سُلَيْمَان بْن يَسَار أَنَّ قَوْمًا فِي سَفَر فَكَانُوا إِذَا رَكِبُوا قَالُوا :" سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ " وَكَانَ فِيهِمْ رَجُل عَلَى نَاقَة لَهُ رَازِم - وَهِيَ الَّتِي لَا تَتَحَرَّك هُزَالًا، الرَّازِم مِنْ الْإِبِل : الثَّابِت عَلَى الْأَرْض لَا يَقُوم مِنْ الْهُزَال.
أَوْ قَدْ رَزَمَتْ النَّاقَة تَرْزُم وَتَرْزِم رُزُومًا وَرُزَامًا : قَامَتْ مِنْ الْإِعْيَاء وَالْهُزَال فَلَمْ تَتَحَرَّك ; فَهِيَ رَازِم.
قَالَ الْجَوْهَرِيّ فِي الصِّحَاح.
فَقَالَ : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي لِهَذِهِ لَمُقْرِن، قَالَ : فَقَمَصَتْ بِهِ فَدُقَّتْ عُنُقه.
وَرُوِيَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا رَكِبَ قَعُودًا لَهُ وَقَالَ إِنِّي لَمُقْرِن لَهُ فَرَكَضَتْ بِهِ الْقَعُود حَتَّى صَرَعَتْهُ فَانْدَقَّتْ عُنُقه.
ذَكَرَ الْأَوَّل الْمَاوَرْدِيّ وَالثَّانِي اِبْن الْعَرَبِيّ.
قَالَ : وَمَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَدَع قَوْل هَذَا وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ ذِكْره بِاللِّسَانِ ; فَيَقُول مَتَى رَكِبَ وَخَاصَّة فِي السَّفَر إِذَا تَذَكَّرَ :" سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ بِمُقْرِنِينَ.
وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ " اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِب فِي السَّفَر، وَالْخَلِيفَة فِي الْأَهْل وَالْمَال، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذ بِك مِنْ وَعْثَاء السَّفَر، وَكَآبَة الْمُنْقَلَب، وَالْجَوْر بَعْد الْكَوْر، وَسُوء الْمَنْظَر فِي الْأَهْل وَالْمَال ; يَعْنِي ب " الْجَوْر بَعْد الْكَوْر " تَشَتُّتَ أَمْر الرَّجُل بَعْد اِجْتِمَاعه.
وَقَالَ عَمْرو بْن دِينَار : رَكِبْت مَعَ أَبِي جَعْفَر إِلَى أَرْض لَهُ نَحْو حَائِط يُقَال لَهَا مُدْرِكَة، فَرَكِبَ عَلَى جَمَل صَعْب فَقُلْت لَهُ : أَبَا جَعْفَر ! أَمَا تَخَاف أَنْ يَصْرَعك ؟ فَقَالَ : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( عَلَى سَنَام كُلّ بَعِير شَيْطَان إِذَا رَكِبْتُمُوهَا فَاذْكُرُوا اِسْم اللَّه كَمَا أَمَرَكُمْ ثُمَّ اِمْتَهَنُوهَا لِأَنْفُسِكُمْ فَإِنَّمَا يَحْمِل اللَّه ).
عَلَّمَنَا اللَّه سُبْحَانه مَا نَقُول إِذَا رَكِبْنَا الدَّوَابّ، وَعَرَفْنَا فِي آيَة أُخْرَى عَلَى لِسَان نُوح عَلَيْهِ السَّلَام مَا نَقُول إِذَا رَكِبْنَا السُّفُن ; وَهِيَ قَوْل تَعَالَى :" وَقَالَ اِرْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّه مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُور رَحِيم " [ هُود : ٤١ ] فَكَمْ مِنْ رَاكِب دَابَّة عَثَرَتْ بِهِ أَوْ شَمَسَتْ أَوْ تَقَحَّمَتْ أَوْ طَاحَ مِنْ ظَهْرهَا فَهَلَكَ.
وَكَمْ مِنْ رَاكِبِينَ فِي سَفِينَة اِنْكَسَرَتْ بِهِمْ فَغَرِقُوا.
فَلَمَّا كَانَ الرُّكُوب مُبَاشَرَة أَمْر مَحْظُور وَاتِّصَالًا بِأَسْبَابٍ مِنْ أَسْبَاب التَّلَف أُمِرَ أَلَّا يَنْسَى عِنْد اِتِّصَال بِهِ يَوْمه، وَأَنَّهُ هَالِك لَا مَحَالَة فَمُنْقَلِب إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ غَيْر مُنْفَلِت مِنْ قَضَائِهِ.
وَلَا يَدَع ذِكْر ذَلِكَ بِقَلْبِهِ وَلِسَانه حَتَّى يَكُون مُسْتَعِدًّا لِلِّقَاءِ اللَّه بِإِصْلَاحِهِ مِنْ نَفْسه.
وَالْحَذَر مِنْ أَنْ يَكُون وَرُكُوبه ذَلِكَ مِنْ أَسْبَاب مَوْته فِي عِلْم اللَّه وَهُوَ غَافِل عَنْهُ.
حَكَى سُلَيْمَان بْن يَسَار أَنَّ قَوْمًا فِي سَفَر فَكَانُوا إِذَا رَكِبُوا قَالُوا :" سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ " وَكَانَ فِيهِمْ رَجُل عَلَى نَاقَة لَهُ رَازِم - وَهِيَ الَّتِي لَا تَتَحَرَّك هُزَالًا، الرَّازِم مِنْ الْإِبِل : الثَّابِت عَلَى الْأَرْض لَا يَقُوم مِنْ الْهُزَال.
أَوْ قَدْ رَزَمَتْ النَّاقَة تَرْزُم وَتَرْزِم رُزُومًا وَرُزَامًا : قَامَتْ مِنْ الْإِعْيَاء وَالْهُزَال فَلَمْ تَتَحَرَّك ; فَهِيَ رَازِم.
قَالَ الْجَوْهَرِيّ فِي الصِّحَاح.
فَقَالَ : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي لِهَذِهِ لَمُقْرِن، قَالَ : فَقَمَصَتْ بِهِ فَدُقَّتْ عُنُقه.
وَرُوِيَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا رَكِبَ قَعُودًا لَهُ وَقَالَ إِنِّي لَمُقْرِن لَهُ فَرَكَضَتْ بِهِ الْقَعُود حَتَّى صَرَعَتْهُ فَانْدَقَّتْ عُنُقه.
ذَكَرَ الْأَوَّل الْمَاوَرْدِيّ وَالثَّانِي اِبْن الْعَرَبِيّ.
قَالَ : وَمَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَدَع قَوْل هَذَا وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ ذِكْره بِاللِّسَانِ ; فَيَقُول مَتَى رَكِبَ وَخَاصَّة فِي السَّفَر إِذَا تَذَكَّرَ :" سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ بِمُقْرِنِينَ.
وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ " اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِب فِي السَّفَر، وَالْخَلِيفَة فِي الْأَهْل وَالْمَال، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذ بِك مِنْ وَعْثَاء السَّفَر، وَكَآبَة الْمُنْقَلَب، وَالْجَوْر بَعْد الْكَوْر، وَسُوء الْمَنْظَر فِي الْأَهْل وَالْمَال ; يَعْنِي ب " الْجَوْر بَعْد الْكَوْر " تَشَتُّتَ أَمْر الرَّجُل بَعْد اِجْتِمَاعه.
وَقَالَ عَمْرو بْن دِينَار : رَكِبْت مَعَ أَبِي جَعْفَر إِلَى أَرْض لَهُ نَحْو حَائِط يُقَال لَهَا مُدْرِكَة، فَرَكِبَ عَلَى جَمَل صَعْب فَقُلْت لَهُ : أَبَا جَعْفَر ! أَمَا تَخَاف أَنْ يَصْرَعك ؟ فَقَالَ : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( عَلَى سَنَام كُلّ بَعِير شَيْطَان إِذَا رَكِبْتُمُوهَا فَاذْكُرُوا اِسْم اللَّه كَمَا أَمَرَكُمْ ثُمَّ اِمْتَهَنُوهَا لِأَنْفُسِكُمْ فَإِنَّمَا يَحْمِل اللَّه ).
وَقَالَ عَلِيّ بْن رَبِيعَة : شَهِدْت عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَكِبَ دَابَّة يَوْمًا فَلَمَّا وَضَعَ رِجْله فِي الرِّكَاب قَالَ : بِاسْمِ اللَّه، فَلَمَّا اِسْتَوَى عَلَى الدَّابَّة قَالَ الْحَمْد لِلَّهِ، ثُمَّ قَالَ :" سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ.
وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ " ثُمَّ قَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ وَاَللَّه أَكْبَر - ثَلَاثًا - اللَّهُمَّ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ ظَلَمْت نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِر الذُّنُوب إِلَّا أَنْتَ ; ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْت لَهُ : مَا أَضْحَكَكَ ؟ قَالَ : رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ كَمَا صَنَعْت، وَقَالَ كَمَا قُلْت ; ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْت لَهُ مَا يُضْحِكك يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ :( الْعَبْد - أَوْ قَالَ - عَجَبًا لِعَبْدٍ أَنْ يَقُول اللَّهُمَّ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ ظَلَمْت نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِر الذُّنُوب إِلَّا أَنْتَ يَعْلَم أَنَّهُ لَا يَغْفِر الذُّنُوب غَيْره ).
خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَده، وَأَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن خُوَيْز مَنْدَاد فِي أَحْكَامه.
وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيّ لَهُ نَحْوه مُخْتَصَرًا عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَلَفْظه عَنْهُ : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا وَضَعَ رِجْله فِي الرِّكَاب قَالَ :( بِاسْمِ اللَّه - فَإِذَا اِسْتَوَى قَالَ - الْحَمْد لِلَّهِ عَلَى كُلّ حَال سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ وَإِذَا نَزَلْتُمْ مِنْ الْفُلْك وَالْأَنْعَام فَقُولُوا اللَّهُمَّ أَنْزِلْنَا مَنْزِلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْر الْمُنْزِلِينَ ).
وَرَوَى اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد قَالَ : مَنْ رَكِبَ وَلَمْ يَقُلْ " سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ " قَالَ لَهُ الشَّيْطَان تَغَنَّهُ ; فَإِنْ لَمْ يُحْسِن قَالَ لَهُ تَمَنَّهُ ; ذَكَرَهُ النَّحَّاس.
وَيَسْتَعِيذ بِاَللَّهِ مِنْ مَقَام مَنْ يَقُول لِقُرَنَائِهِ : تَعَالَوْا نَتَنَزَّه عَلَى الْخَيْل أَوْ فِي بَعْض الزَّوَارِق ; فَيَرْكَبُونَ حَامِلِينَ مَعَ أَنْفُسهمْ أَوَانِي الْخَمْر وَالْمَعَازِف، فَلَا يَزَالُونَ يَسْتَقُونَ حَتَّى تَمَلّ طِلَاهُمْ وَهُمْ عَلَى ظُهُور الدَّوَابّ أَوْ فِي بُطُون السُّفُن وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ ; لَا يَذْكُرُونَ إِلَّا الشَّيْطَان، وَلَا يَمْتَثِلُونَ إِلَّا أَوَامِره.
الزَّمَخْشَرِيّ : وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْض السَّلَاطِين رَكِبَ وَهُوَ يَشْرَب الْخَمْر مِنْ بَلَد إِلَى بَلَد بَيْنهمَا مَسِيرَة شَهْر، فَلَمْ يَصِحّ إِلَّا بَعْد مَا اِطْمَأَنَّتْ بِهِ الدَّار، فَلَمْ يَشْعُر بِمَسِيرِهِ وَلَا أَحَسَّ بِهِ ; فَكَيْف بَيَّنَ فِعْل أُولَئِكَ الرَّاكِبِينَ وَبَيَّنَ مَا أُمِرَ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَة ! ؟
وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ " ثُمَّ قَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ وَاَللَّه أَكْبَر - ثَلَاثًا - اللَّهُمَّ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ ظَلَمْت نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِر الذُّنُوب إِلَّا أَنْتَ ; ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْت لَهُ : مَا أَضْحَكَكَ ؟ قَالَ : رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ كَمَا صَنَعْت، وَقَالَ كَمَا قُلْت ; ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْت لَهُ مَا يُضْحِكك يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ :( الْعَبْد - أَوْ قَالَ - عَجَبًا لِعَبْدٍ أَنْ يَقُول اللَّهُمَّ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ ظَلَمْت نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِر الذُّنُوب إِلَّا أَنْتَ يَعْلَم أَنَّهُ لَا يَغْفِر الذُّنُوب غَيْره ).
خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَده، وَأَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن خُوَيْز مَنْدَاد فِي أَحْكَامه.
وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيّ لَهُ نَحْوه مُخْتَصَرًا عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَلَفْظه عَنْهُ : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا وَضَعَ رِجْله فِي الرِّكَاب قَالَ :( بِاسْمِ اللَّه - فَإِذَا اِسْتَوَى قَالَ - الْحَمْد لِلَّهِ عَلَى كُلّ حَال سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُونَ وَإِذَا نَزَلْتُمْ مِنْ الْفُلْك وَالْأَنْعَام فَقُولُوا اللَّهُمَّ أَنْزِلْنَا مَنْزِلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْر الْمُنْزِلِينَ ).
وَرَوَى اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد قَالَ : مَنْ رَكِبَ وَلَمْ يَقُلْ " سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ " قَالَ لَهُ الشَّيْطَان تَغَنَّهُ ; فَإِنْ لَمْ يُحْسِن قَالَ لَهُ تَمَنَّهُ ; ذَكَرَهُ النَّحَّاس.
وَيَسْتَعِيذ بِاَللَّهِ مِنْ مَقَام مَنْ يَقُول لِقُرَنَائِهِ : تَعَالَوْا نَتَنَزَّه عَلَى الْخَيْل أَوْ فِي بَعْض الزَّوَارِق ; فَيَرْكَبُونَ حَامِلِينَ مَعَ أَنْفُسهمْ أَوَانِي الْخَمْر وَالْمَعَازِف، فَلَا يَزَالُونَ يَسْتَقُونَ حَتَّى تَمَلّ طِلَاهُمْ وَهُمْ عَلَى ظُهُور الدَّوَابّ أَوْ فِي بُطُون السُّفُن وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ ; لَا يَذْكُرُونَ إِلَّا الشَّيْطَان، وَلَا يَمْتَثِلُونَ إِلَّا أَوَامِره.
الزَّمَخْشَرِيّ : وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْض السَّلَاطِين رَكِبَ وَهُوَ يَشْرَب الْخَمْر مِنْ بَلَد إِلَى بَلَد بَيْنهمَا مَسِيرَة شَهْر، فَلَمْ يَصِحّ إِلَّا بَعْد مَا اِطْمَأَنَّتْ بِهِ الدَّار، فَلَمْ يَشْعُر بِمَسِيرِهِ وَلَا أَحَسَّ بِهِ ; فَكَيْف بَيَّنَ فِعْل أُولَئِكَ الرَّاكِبِينَ وَبَيَّنَ مَا أُمِرَ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَة ! ؟
وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا
أَيْ عِدْلًا ; عَنْ قَتَادَة.
يَعْنِي مَا عُبِدَ مِنْ دُون اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
الزَّجَّاج وَالْمُبَرِّد : الْجُزْء هَاهُنَا الْبَنَات ; عَجِبَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ جَهْلهمْ إِذَا أَقَرُّوا بِأَنَّ خَالِق السَّمَوَات وَالْأَرْض هُوَ اللَّه ثُمَّ جَعَلُوا لَهُ شَرِيكًا أَوْ وَلَدًا، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى خَلْق السَّمَوَات وَالْأَرْض لَا يَحْتَاج إِلَى شَيْء يُعْتَضَد بِهِ أَوْ : يُسْتَأْنَس بِهِ ; لِأَنَّ هَذَا مِنْ صِفَات النَّقْص.
قَالَ الْمَاوَرْدِيّ : وَالْجُزْء عِنْد أَهْل الْعَرَبِيَّة الْبَنَات ; يُقَال : قَدْ أَجْزَأْت الْمَرْأَة إِذَا وَلَدَتْ الْبَنَات ; قَالَ الشَّاعِر :
الزَّمَخْشَرِيّ :
وَمِنْ بِدَع التَّفَاسِير تَفْسِير الْجُزْء بِالْإِنَاثِ، وَادِّعَاء أَنَّ الْجُزْء فِي لُغَة الْعَرَب اِسْم لِلْإِنَاثِ، وَمَا هُوَ إِلَّا كَذِب عَلَى الْعَرَب وَوَضْع مُسْتَحْدَث مُتَحَوِّل، وَلَمْ يُقْنِعهُمْ ذَلِكَ حَتَّى اِشْتَقُّوا مِنْهُ : أَجْزَأَتْ الْمَرْأَة، ثُمَّ صَنَعُوا بَيْتًا، وَبَيْتًا :
إِنْ أَجْزَأَتْ حُرَّة يَوْمًا فَلَا عَجَب
زُوِّجْتهَا مِنْ بَنَات الْأَوْس مُجْزِئَة
وَإِنَّمَا قَوْل :" وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَاده جُزْءًا " مُتَّصِل بِقَوْلِهِ :" وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ " أَيْ وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ عَنْ خَالِق السَّمَوَات وَالْأَرْض لَيَعْتَرِفُنَّ بِهِ ; وَقَدْ جَعَلُوا لَهُ مَعَ ذَلِكَ الِاعْتِرَاف مِنْ عِبَاده جُزْءًا فَوَصَفُوهُ بِصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ.
وَمَعْنَى " مِنْ عِبَاده جُزْءًا " أَنْ قَالُوا الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه ; فَجَعَلُوهُمْ جُزْءًا لَهُ وَبَعْضًا، كَمَا يَكُون الْوَلَد بِضْعَة مِنْ وَالِده وَجُزْءًا لَهُ.
وَقُرِئَ " جُزُءًا " بِضَمَّتَيْنِ.
أَيْ عِدْلًا ; عَنْ قَتَادَة.
يَعْنِي مَا عُبِدَ مِنْ دُون اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
الزَّجَّاج وَالْمُبَرِّد : الْجُزْء هَاهُنَا الْبَنَات ; عَجِبَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ جَهْلهمْ إِذَا أَقَرُّوا بِأَنَّ خَالِق السَّمَوَات وَالْأَرْض هُوَ اللَّه ثُمَّ جَعَلُوا لَهُ شَرِيكًا أَوْ وَلَدًا، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى خَلْق السَّمَوَات وَالْأَرْض لَا يَحْتَاج إِلَى شَيْء يُعْتَضَد بِهِ أَوْ : يُسْتَأْنَس بِهِ ; لِأَنَّ هَذَا مِنْ صِفَات النَّقْص.
قَالَ الْمَاوَرْدِيّ : وَالْجُزْء عِنْد أَهْل الْعَرَبِيَّة الْبَنَات ; يُقَال : قَدْ أَجْزَأْت الْمَرْأَة إِذَا وَلَدَتْ الْبَنَات ; قَالَ الشَّاعِر :
إِنْ أَجْزَأَتْ الْمَرْأَة يَوْمًا فَلَا عَجَب | قَدْ تُجْزِئ الْحُرَّة الْمِذْكَار أَحْيَانَا |
وَمِنْ بِدَع التَّفَاسِير تَفْسِير الْجُزْء بِالْإِنَاثِ، وَادِّعَاء أَنَّ الْجُزْء فِي لُغَة الْعَرَب اِسْم لِلْإِنَاثِ، وَمَا هُوَ إِلَّا كَذِب عَلَى الْعَرَب وَوَضْع مُسْتَحْدَث مُتَحَوِّل، وَلَمْ يُقْنِعهُمْ ذَلِكَ حَتَّى اِشْتَقُّوا مِنْهُ : أَجْزَأَتْ الْمَرْأَة، ثُمَّ صَنَعُوا بَيْتًا، وَبَيْتًا :
إِنْ أَجْزَأَتْ حُرَّة يَوْمًا فَلَا عَجَب
زُوِّجْتهَا مِنْ بَنَات الْأَوْس مُجْزِئَة
وَإِنَّمَا قَوْل :" وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَاده جُزْءًا " مُتَّصِل بِقَوْلِهِ :" وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ " أَيْ وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ عَنْ خَالِق السَّمَوَات وَالْأَرْض لَيَعْتَرِفُنَّ بِهِ ; وَقَدْ جَعَلُوا لَهُ مَعَ ذَلِكَ الِاعْتِرَاف مِنْ عِبَاده جُزْءًا فَوَصَفُوهُ بِصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ.
وَمَعْنَى " مِنْ عِبَاده جُزْءًا " أَنْ قَالُوا الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه ; فَجَعَلُوهُمْ جُزْءًا لَهُ وَبَعْضًا، كَمَا يَكُون الْوَلَد بِضْعَة مِنْ وَالِده وَجُزْءًا لَهُ.
وَقُرِئَ " جُزُءًا " بِضَمَّتَيْنِ.
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ
" إِنَّ الْإِنْسَان " يَعْنِي الْكَافِر.
" لَكَفُور مُبِين " قَالَ الْحَسَن : يَعُدّ الْمَصَائِب وَيَنْسَى النِّعَم.
" مُبِين " مُظْهِر الْكُفْر.
" إِنَّ الْإِنْسَان " يَعْنِي الْكَافِر.
" لَكَفُور مُبِين " قَالَ الْحَسَن : يَعُدّ الْمَصَائِب وَيَنْسَى النِّعَم.
" مُبِين " مُظْهِر الْكُفْر.
أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ
الْمِيم صِلَة ; تَقْدِيره اِتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُق بَنَات كَمَا زَعَمْتُمْ أَنَّ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه ; فَلَفْظه الِاسْتِفْهَام وَمَعْنَاهُ التَّوْبِيخ.
الْمِيم صِلَة ; تَقْدِيره اِتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُق بَنَات كَمَا زَعَمْتُمْ أَنَّ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه ; فَلَفْظه الِاسْتِفْهَام وَمَعْنَاهُ التَّوْبِيخ.
وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ
أَيْ اِخْتَصَّكُمْ وَأَخْلَصَكُمْ بِالْبَنِينَ ; يُقَال : أَصْفَيْته بِكَذَا ; أَيْ آثَرْته بِهِ.
وَأَصْفَيْته الْوُدّ أَخْلَصْته لَهُ.
وَتَصَافَيْنَا تَخَالَصْنَا.
عَجِبَ مِنْ إِضَافَتهمْ إِلَى اللَّه اِخْتِيَار الْبَنَات مَعَ اِخْتِيَارهمْ لِأَنْفُسِهِمْ الْبَنِينَ، وَهُوَ مُقَدَّس عَنْ أَنْ يَكُون لَهُ وَلَد إِنْ تَوَهَّمَ جَاهِل أَنَّهُ اِتَّخَذَ لِنَفْسِهِ وَلَدًا فَهَلَّا أَضَافَ إِلَيْهِ أَرْفَع الْجِنْسَيْنِ ! وَلِمَ جَعَلَ هَؤُلَاءِ لِأَنْفُسِهِمْ أَشْرَفَ الْجِنْسَيْنِ وَلَهُ الْأَخَسّ ؟ وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى :" أَلَكُمْ الذَّكَر وَلَهُ الْأُنْثَى تِلْكَ إِذَا قِسْمَة ضِيزَى " [ النَّجْم :
٢١ - ٢٢ ].
أَيْ اِخْتَصَّكُمْ وَأَخْلَصَكُمْ بِالْبَنِينَ ; يُقَال : أَصْفَيْته بِكَذَا ; أَيْ آثَرْته بِهِ.
وَأَصْفَيْته الْوُدّ أَخْلَصْته لَهُ.
وَتَصَافَيْنَا تَخَالَصْنَا.
عَجِبَ مِنْ إِضَافَتهمْ إِلَى اللَّه اِخْتِيَار الْبَنَات مَعَ اِخْتِيَارهمْ لِأَنْفُسِهِمْ الْبَنِينَ، وَهُوَ مُقَدَّس عَنْ أَنْ يَكُون لَهُ وَلَد إِنْ تَوَهَّمَ جَاهِل أَنَّهُ اِتَّخَذَ لِنَفْسِهِ وَلَدًا فَهَلَّا أَضَافَ إِلَيْهِ أَرْفَع الْجِنْسَيْنِ ! وَلِمَ جَعَلَ هَؤُلَاءِ لِأَنْفُسِهِمْ أَشْرَفَ الْجِنْسَيْنِ وَلَهُ الْأَخَسّ ؟ وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى :" أَلَكُمْ الذَّكَر وَلَهُ الْأُنْثَى تِلْكَ إِذَا قِسْمَة ضِيزَى " [ النَّجْم :
٢١ - ٢٢ ].
وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا
قَوْله تَعَالَى " وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدهمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا " أَيْ بِأَنَّهُ وُلِدَتْ لَهُ بِنْت " ظَلَّ وَجْهه " أَيْ صَارَ وَجْهه
" مُسْوَدًّا " قِيلَ بِبُطْلَانِ مَثَله الَّذِي ضَرَبَهُ.
وَقِيلَ : بِمَا بُشِّرَ بِهِ مِنْ الْأُنْثَى ; دَلِيله فِي سُورَة النَّحْل :" وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدهمْ بِالْأُنْثَى " [ النَّحْل : ٥٨ ].
وَمِنْ حَالهمْ أَنَّ أَحَدهمْ إِذَا قِيلَ لَهُ قَدْ وُلِدَتْ لَهُ أُنْثَى اِغْتَمَّ وَارْبَدَّ وَجْهه غَيْظًا وَتَأَسُّفًا وَهُوَ مَمْلُوء مِنْ الْكَرْب.
وَعَنْ بَعْض الْعَرَب أَنَّ اِمْرَأَته وَضَعَتْ أُنْثَى فَهَجَرَ الْبَيْت الَّذِي فِيهِ الْمَرْأَة فَقَالَتْ :
وَقُرِئَ " مُسْوَدّ، وَمُسْوَادّ ".
وَعَلَى قِرَاءَة الْجَمَاعَة يَكُون وَجْهه اِسْم " ظَلَّ " و " مُسْوَدًّا " خَبَر " ظَلَّ ".
وَيَجُوز أَنْ يَكُون فِي " ظَلَّ " ضَمِير عَائِد عَلَى أَحَد وَهُوَ اِسْمهَا، و " وَجْهه " بَدَل مِنْ الضَّمِير، و " مُسْوَدًّا " خَبَر " ظَلَّ ".
وَيَجُوز أَنْ يَكُون رُفِعَ " وَجْهه " بِالِابْتِدَاءِ وَيُرْفَع " مُسْوَدًّا " عَلَى أَنَّهُ خَبَره، وَفِي " ظَلَّ " اِسْمهَا وَالْجُمْلَة خَبَرهَا.
قَوْله تَعَالَى " وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدهمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا " أَيْ بِأَنَّهُ وُلِدَتْ لَهُ بِنْت " ظَلَّ وَجْهه " أَيْ صَارَ وَجْهه
" مُسْوَدًّا " قِيلَ بِبُطْلَانِ مَثَله الَّذِي ضَرَبَهُ.
وَقِيلَ : بِمَا بُشِّرَ بِهِ مِنْ الْأُنْثَى ; دَلِيله فِي سُورَة النَّحْل :" وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدهمْ بِالْأُنْثَى " [ النَّحْل : ٥٨ ].
وَمِنْ حَالهمْ أَنَّ أَحَدهمْ إِذَا قِيلَ لَهُ قَدْ وُلِدَتْ لَهُ أُنْثَى اِغْتَمَّ وَارْبَدَّ وَجْهه غَيْظًا وَتَأَسُّفًا وَهُوَ مَمْلُوء مِنْ الْكَرْب.
وَعَنْ بَعْض الْعَرَب أَنَّ اِمْرَأَته وَضَعَتْ أُنْثَى فَهَجَرَ الْبَيْت الَّذِي فِيهِ الْمَرْأَة فَقَالَتْ :
مَا لِأَبِي حَمْزَة لَا يَأْتِينَا | يَظَلّ فِي الْبَيْت الَّذِي يَلِينَا |
غَضْبَان أَلَّا نَلِد الْبَنِينَا | وَإِنَّمَا نَأْخُذ مَا أُعْطِينَا |
وَعَلَى قِرَاءَة الْجَمَاعَة يَكُون وَجْهه اِسْم " ظَلَّ " و " مُسْوَدًّا " خَبَر " ظَلَّ ".
وَيَجُوز أَنْ يَكُون فِي " ظَلَّ " ضَمِير عَائِد عَلَى أَحَد وَهُوَ اِسْمهَا، و " وَجْهه " بَدَل مِنْ الضَّمِير، و " مُسْوَدًّا " خَبَر " ظَلَّ ".
وَيَجُوز أَنْ يَكُون رُفِعَ " وَجْهه " بِالِابْتِدَاءِ وَيُرْفَع " مُسْوَدًّا " عَلَى أَنَّهُ خَبَره، وَفِي " ظَلَّ " اِسْمهَا وَالْجُمْلَة خَبَرهَا.
وَهُوَ كَظِيمٌ
أَيْ حَزِين ; قَالَهُ قَتَادَة.
وَقِيلَ مَكْرُوب ; قَالَهُ عِكْرِمَة وَقِيلَ سَاكِت ; قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم ; وَذَلِكَ لِفَسَادِ مَثَله وَبُطْلَان حُجَّته.
وَمَنْ أَجَازَ أَنْ تَكُون الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه فَقَدْ جَعَلَ الْمَلَائِكَة شِبْهًا لِلَّهِ ; لِأَنَّ الْوَلَد مِنْ جِنْس الْوَالِد وَشِبْهه.
وَمَنْ اِسْوَدَّ وَجْهه بِمَا يُضَاف إِلَيْهِ مِمَّا لَا يَرْضَى، أَوْلَى مِنْ أَنْ يَسْوَدّ وَجْهه بِإِضَافَةِ مِثْل ذَلِكَ إِلَى مَنْ هُوَ أَجَلّ مِنْهُ ; فَكَيْف إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ! وَقَدْ مَضَى فِي " النَّحْل " فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَة مَا فِيهِ كِفَايَة.
أَيْ حَزِين ; قَالَهُ قَتَادَة.
وَقِيلَ مَكْرُوب ; قَالَهُ عِكْرِمَة وَقِيلَ سَاكِت ; قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم ; وَذَلِكَ لِفَسَادِ مَثَله وَبُطْلَان حُجَّته.
وَمَنْ أَجَازَ أَنْ تَكُون الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه فَقَدْ جَعَلَ الْمَلَائِكَة شِبْهًا لِلَّهِ ; لِأَنَّ الْوَلَد مِنْ جِنْس الْوَالِد وَشِبْهه.
وَمَنْ اِسْوَدَّ وَجْهه بِمَا يُضَاف إِلَيْهِ مِمَّا لَا يَرْضَى، أَوْلَى مِنْ أَنْ يَسْوَدّ وَجْهه بِإِضَافَةِ مِثْل ذَلِكَ إِلَى مَنْ هُوَ أَجَلّ مِنْهُ ; فَكَيْف إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ! وَقَدْ مَضَى فِي " النَّحْل " فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَة مَا فِيهِ كِفَايَة.
أَوَمَنْ يُنَشَّأُ
أَيْ يُرَبَّى وَيَشِبّ.
وَالنُّشُوء : التَّرْبِيَة ; يُقَال : نَشَأْت فِي بَنِي فُلَان نَشْئًا وَنُشُوءًا إِذَا شَبَبْت فِيهِمْ.
وَنُشِّئَ وَأُنْشِئَ بِمَعْنًى.
وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس وَالضَّحَّاك وَابْن وَثَّاب وَحَفْص وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ وَخَلَف " يُنَشَّأ " بِضَمِّ الْيَاء وَفَتْح النُّون وَتَشْدِيد الشِّين ; أَيْ يُرَبَّى وَيُكَبِّر فِي الْحِلْيَة.
وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْد، لِأَنَّ الْإِسْنَاد فِيهَا أَعْلَى.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ " يَنْشَأ " بِفَتْحِ الْيَاء وَإِسْكَان النُّون، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَاتِم، أَيْ يُرَسَّخ وَيَنْبُت، وَأَصْله مِنْ نَشَأَ أَيْ اِرْتَفَعَ، قَالَهُ الْهَرَوِيّ.
ف " يُنَشَّأ " مُتَعَدٍّ، و " يَنْشَأ " لَازِم.
أَيْ يُرَبَّى وَيَشِبّ.
وَالنُّشُوء : التَّرْبِيَة ; يُقَال : نَشَأْت فِي بَنِي فُلَان نَشْئًا وَنُشُوءًا إِذَا شَبَبْت فِيهِمْ.
وَنُشِّئَ وَأُنْشِئَ بِمَعْنًى.
وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس وَالضَّحَّاك وَابْن وَثَّاب وَحَفْص وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ وَخَلَف " يُنَشَّأ " بِضَمِّ الْيَاء وَفَتْح النُّون وَتَشْدِيد الشِّين ; أَيْ يُرَبَّى وَيُكَبِّر فِي الْحِلْيَة.
وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْد، لِأَنَّ الْإِسْنَاد فِيهَا أَعْلَى.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ " يَنْشَأ " بِفَتْحِ الْيَاء وَإِسْكَان النُّون، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَاتِم، أَيْ يُرَسَّخ وَيَنْبُت، وَأَصْله مِنْ نَشَأَ أَيْ اِرْتَفَعَ، قَالَهُ الْهَرَوِيّ.
ف " يُنَشَّأ " مُتَعَدٍّ، و " يَنْشَأ " لَازِم.
فِي الْحِلْيَةِ
أَيْ فِي الزِّينَة.
قَالَ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره : هُنَّ الْجَوَارِي زِيّهنَّ غَيْر زِيّ الرِّجَال.
قَالَ مُجَاهِد : رُخِّصَ لِلنِّسَاءِ فِي الذَّهَب وَالْحَرِير ; وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَة.
قَالَ إِلْكِيَا : فِيهِ دَلَالَة عَلَى إِبَاحَة الْحُلِيّ لِلنِّسَاءِ، وَالْإِجْمَاع مُنْعَقِد عَلَيْهِ وَالْأَخْبَار فِيهِ لَا تُحْصَى.
قُلْت : رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ كَانَ يَقُول لِابْنَتِهِ : يَا بُنَيَّة، إِيَّاكَ وَالتَّحَلِّي بِالذَّهَبِ ! فَإِنِّي أَخَاف عَلَيْك اللَّهَب.
أَيْ فِي الزِّينَة.
قَالَ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره : هُنَّ الْجَوَارِي زِيّهنَّ غَيْر زِيّ الرِّجَال.
قَالَ مُجَاهِد : رُخِّصَ لِلنِّسَاءِ فِي الذَّهَب وَالْحَرِير ; وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَة.
قَالَ إِلْكِيَا : فِيهِ دَلَالَة عَلَى إِبَاحَة الْحُلِيّ لِلنِّسَاءِ، وَالْإِجْمَاع مُنْعَقِد عَلَيْهِ وَالْأَخْبَار فِيهِ لَا تُحْصَى.
قُلْت : رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ كَانَ يَقُول لِابْنَتِهِ : يَا بُنَيَّة، إِيَّاكَ وَالتَّحَلِّي بِالذَّهَبِ ! فَإِنِّي أَخَاف عَلَيْك اللَّهَب.
وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ
أَيْ فِي الْمُجَادَلَة وَالْإِدْلَاء بِالْحُجَّةِ.
قَالَ قَتَادَة، مَا تَكَلَّمَتْ اِمْرَأَة وَلَهَا حُجَّة إِلَّا جَعَلَتْهَا عَلَى نَفْسهَا.
وَفِي مُصْحَف عَبْد اللَّه " وَهُوَ فِي الْكَلَام غَيْر مُبِين ".
وَمَعْنَى الْآيَة : أَيُضَافُ إِلَى اللَّه مَنْ هَذَا وَصْفه ! أَيْ لَا يَجُوز ذَلِكَ.
وَقِيلَ : الْمُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة أَصْنَامهمْ الَّتِي صَاغُوهَا مِنْ ذَهَب وَفِضَّة وَحَلَّوْهَا ; قَالَ اِبْن زَيْد وَالضَّحَّاك.
وَيَكُون مَعْنَى " وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين " عَلَى هَذَا الْقَوْل : أَيْ سَاكِت عَنْ الْجَوَاب.
و " مَنْ " فِي مَحَلّ نَصْب، أَيْ اِتَّخَذُوا لِلَّهِ مَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة.
وَيَجُوز أَنْ يَكُون رَفْعًا عَلَى الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مُضْمَر ; قَالَهُ الْفَرَّاء.
وَتَقْدِيره : أَوَمَنْ كَانَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَة يَسْتَحِقّ الْعِبَادَة.
وَإِنْ شِئْت قُلْت خَفَضَ رَدًّا إِلَى أَوَّل الْكَلَام وَهُوَ قَوْله :" بِمَا ضُرِبَ " أَوْ عَلَى " مَا " فِي قَوْله :" مِمَّا يَخْلُق بَنَات ".
وَكَوْن الْبَدَل فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ ضَعِيف لِكَوْنِ أَلِف الِاسْتِفْهَام حَائِلَة بَيْن الْبَدَل وَالْمُبْدَل مِنْهُ.
أَيْ فِي الْمُجَادَلَة وَالْإِدْلَاء بِالْحُجَّةِ.
قَالَ قَتَادَة، مَا تَكَلَّمَتْ اِمْرَأَة وَلَهَا حُجَّة إِلَّا جَعَلَتْهَا عَلَى نَفْسهَا.
وَفِي مُصْحَف عَبْد اللَّه " وَهُوَ فِي الْكَلَام غَيْر مُبِين ".
وَمَعْنَى الْآيَة : أَيُضَافُ إِلَى اللَّه مَنْ هَذَا وَصْفه ! أَيْ لَا يَجُوز ذَلِكَ.
وَقِيلَ : الْمُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة أَصْنَامهمْ الَّتِي صَاغُوهَا مِنْ ذَهَب وَفِضَّة وَحَلَّوْهَا ; قَالَ اِبْن زَيْد وَالضَّحَّاك.
وَيَكُون مَعْنَى " وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين " عَلَى هَذَا الْقَوْل : أَيْ سَاكِت عَنْ الْجَوَاب.
و " مَنْ " فِي مَحَلّ نَصْب، أَيْ اِتَّخَذُوا لِلَّهِ مَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة.
وَيَجُوز أَنْ يَكُون رَفْعًا عَلَى الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مُضْمَر ; قَالَهُ الْفَرَّاء.
وَتَقْدِيره : أَوَمَنْ كَانَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَة يَسْتَحِقّ الْعِبَادَة.
وَإِنْ شِئْت قُلْت خَفَضَ رَدًّا إِلَى أَوَّل الْكَلَام وَهُوَ قَوْله :" بِمَا ضُرِبَ " أَوْ عَلَى " مَا " فِي قَوْله :" مِمَّا يَخْلُق بَنَات ".
وَكَوْن الْبَدَل فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ ضَعِيف لِكَوْنِ أَلِف الِاسْتِفْهَام حَائِلَة بَيْن الْبَدَل وَالْمُبْدَل مِنْهُ.
وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا
قَرَأَ الْكُوفِيُّونَ " عِبَاد " بِالْجَمْعِ.
وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْد ; لِأَنَّ الْإِسْنَاد فِيهَا أَعْلَى، وَلِأَنَّ اللَّه تَعَالَى إِنَّمَا كَذَّبَهُمْ فِي قَوْلهمْ إِنَّهُمْ بَنَات اللَّه، فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ عَبِيد وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِبَنَاتِهِ.
وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَرَأَ " عِبَاد الرَّحْمَن "، فَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : إِنَّ فِي مُصْحَفِي " عَبْد الرَّحْمَن " فَقَالَ : اُمْحُهَا وَاكْتُبْهَا " عِبَاد الرَّحْمَن ".
وَتَصْدِيق هَذِهِ الْقِرَاءَة قَوْله تَعَالَى :" بَلْ عِبَاد مُكْرَمُونَ " [ الْأَنْبِيَاء : ٢٦ ].
وَقَوْله تَعَالَى :" أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاء " [ الْكَهْف : ١٠٢ ].
وَقَوْله تَعَالَى :" إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه عِبَاد أَمْثَالكُمْ " [ الْأَعْرَاف : ١٩٤ ] وَقَرَأَ الْبَاقُونَ " عِنْد الرَّحْمَن " بِنُونٍ سَاكِنَة وَاخْتَارَهُ أَبُو حَاتِم.
وَتَصْدِيق هَذِهِ الْقِرَاءَة قَوْله تَعَالَى :" إِنَّ الَّذِينَ عِنْد رَبّك " وَقَوْله :" وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَنْ عِنْده " [ الْأَنْبِيَاء : ١٩ ].
وَالْمَقْصُود إِيضَاح كَذِبهمْ وَبَيَان جَهْلهمْ فِي نِسْبَة الْأَوْلَاد إِلَى اللَّه سُبْحَانه، ثُمَّ فِي تَحَكُّمهمْ بِأَنَّ الْمَلَائِكَة إِنَاث وَهُمْ بَنَات اللَّه.
وَذِكْر الْعِبَاد مَدْح لَهُمْ ; أَيْ كَيْف عَبَدُوا مَنْ هُوَ نِهَايَة الْعِبَادَة، ثُمَّ كَيْف حَكَمُوا بِأَنَّهُمْ إِنَاث مِنْ غَيْر دَلِيل.
وَالْجَعْل هُنَا بِمَعْنَى الْقَوْل وَالْحُكْم ; تَقُول : جَعَلْت زَيْدًا أَعْلَم النَّاس ; أَيْ حَكَمْت لَهُ بِذَلِكَ.
" أَشَهِدُوا خَلْقهمْ " أَيْ أَحَضَرُوا حَالَة خَلْقهمْ حَتَّى حَكَمُوا بِأَنَّهُمْ إِنَاث.
قَرَأَ الْكُوفِيُّونَ " عِبَاد " بِالْجَمْعِ.
وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْد ; لِأَنَّ الْإِسْنَاد فِيهَا أَعْلَى، وَلِأَنَّ اللَّه تَعَالَى إِنَّمَا كَذَّبَهُمْ فِي قَوْلهمْ إِنَّهُمْ بَنَات اللَّه، فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ عَبِيد وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِبَنَاتِهِ.
وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَرَأَ " عِبَاد الرَّحْمَن "، فَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : إِنَّ فِي مُصْحَفِي " عَبْد الرَّحْمَن " فَقَالَ : اُمْحُهَا وَاكْتُبْهَا " عِبَاد الرَّحْمَن ".
وَتَصْدِيق هَذِهِ الْقِرَاءَة قَوْله تَعَالَى :" بَلْ عِبَاد مُكْرَمُونَ " [ الْأَنْبِيَاء : ٢٦ ].
وَقَوْله تَعَالَى :" أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاء " [ الْكَهْف : ١٠٢ ].
وَقَوْله تَعَالَى :" إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه عِبَاد أَمْثَالكُمْ " [ الْأَعْرَاف : ١٩٤ ] وَقَرَأَ الْبَاقُونَ " عِنْد الرَّحْمَن " بِنُونٍ سَاكِنَة وَاخْتَارَهُ أَبُو حَاتِم.
وَتَصْدِيق هَذِهِ الْقِرَاءَة قَوْله تَعَالَى :" إِنَّ الَّذِينَ عِنْد رَبّك " وَقَوْله :" وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَنْ عِنْده " [ الْأَنْبِيَاء : ١٩ ].
وَالْمَقْصُود إِيضَاح كَذِبهمْ وَبَيَان جَهْلهمْ فِي نِسْبَة الْأَوْلَاد إِلَى اللَّه سُبْحَانه، ثُمَّ فِي تَحَكُّمهمْ بِأَنَّ الْمَلَائِكَة إِنَاث وَهُمْ بَنَات اللَّه.
وَذِكْر الْعِبَاد مَدْح لَهُمْ ; أَيْ كَيْف عَبَدُوا مَنْ هُوَ نِهَايَة الْعِبَادَة، ثُمَّ كَيْف حَكَمُوا بِأَنَّهُمْ إِنَاث مِنْ غَيْر دَلِيل.
وَالْجَعْل هُنَا بِمَعْنَى الْقَوْل وَالْحُكْم ; تَقُول : جَعَلْت زَيْدًا أَعْلَم النَّاس ; أَيْ حَكَمْت لَهُ بِذَلِكَ.
" أَشَهِدُوا خَلْقهمْ " أَيْ أَحَضَرُوا حَالَة خَلْقهمْ حَتَّى حَكَمُوا بِأَنَّهُمْ إِنَاث.
أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ
وَقِيلَ : إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُمْ وَقَالَ :[ فَمَا يُدْرِيكُمْ أَنَّهُمْ إِنَاث ] ؟ فَقَالُوا : سَمِعْنَا بِذَلِكَ مِنْ آبَائِنَا وَنَحْنُ نَشْهَد أَنَّهُمْ لَمْ يَكْذِبُوا فِي أَنَّهُمْ إِنَاث، فَقَالَ اللَّه تَعَالَى :" سَتُكْتَبُ شَهَادَتهمْ وَيُسْأَلُونَ " أَيْ يُسْأَلُونَ عَنْهَا فِي الْآخِرَة.
وَقَرَأَ نَافِع " أَوَشَهِدُوا " بِهَمْزَةِ اِسْتِفْهَام دَاخِلَة عَلَى هَمْزَة مَضْمُومَة مُسَهَّلَة، وَلَا يُمَدّ سِوَى مَا رَوَى الْمُسَيِّبِيّ عَنْهُ أَنَّهُ يُمَدّ.
وَرَوَى الْمُفَضَّل عَنْ عَاصِم مِثْل ذَلِكَ وَتَحَقُّق الْهَمْزَتَيْنِ.
وَالْبَاقُونَ " أَشَهِدُوا " بِهَمْزَةٍ وَاحِدَة لِلِاسْتِفْهَامِ.
وَرُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيّ " أَشَهِدُوا خَلْقهمْ " عَلَى الْخَبَر، " سَتُكْتَبُ " قِرَاءَة الْعَامَّة بِضَمِّ التَّاء عَلَى الْفِعْل الْمَجْهُول " شَهَادَتهمْ " رَفْعًا.
وَقَرَأَ السُّلَمِيّ وَابْن السَّمَيْقَع وَهُبَيْرَة عَنْ حَفْص " سَنَكْتُبُ " بِنُونٍ، " شَهَادَتهمْ " نَصْبًا بِتَسْمِيَةِ الْفَاعِل.
وَعَنْ أَبِي رَجَاء " سَتُكْتَبُ شَهَادَاتهمْ " بِالْجَمْعِ.
وَقِيلَ : إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُمْ وَقَالَ :[ فَمَا يُدْرِيكُمْ أَنَّهُمْ إِنَاث ] ؟ فَقَالُوا : سَمِعْنَا بِذَلِكَ مِنْ آبَائِنَا وَنَحْنُ نَشْهَد أَنَّهُمْ لَمْ يَكْذِبُوا فِي أَنَّهُمْ إِنَاث، فَقَالَ اللَّه تَعَالَى :" سَتُكْتَبُ شَهَادَتهمْ وَيُسْأَلُونَ " أَيْ يُسْأَلُونَ عَنْهَا فِي الْآخِرَة.
وَقَرَأَ نَافِع " أَوَشَهِدُوا " بِهَمْزَةِ اِسْتِفْهَام دَاخِلَة عَلَى هَمْزَة مَضْمُومَة مُسَهَّلَة، وَلَا يُمَدّ سِوَى مَا رَوَى الْمُسَيِّبِيّ عَنْهُ أَنَّهُ يُمَدّ.
وَرَوَى الْمُفَضَّل عَنْ عَاصِم مِثْل ذَلِكَ وَتَحَقُّق الْهَمْزَتَيْنِ.
وَالْبَاقُونَ " أَشَهِدُوا " بِهَمْزَةٍ وَاحِدَة لِلِاسْتِفْهَامِ.
وَرُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيّ " أَشَهِدُوا خَلْقهمْ " عَلَى الْخَبَر، " سَتُكْتَبُ " قِرَاءَة الْعَامَّة بِضَمِّ التَّاء عَلَى الْفِعْل الْمَجْهُول " شَهَادَتهمْ " رَفْعًا.
وَقَرَأَ السُّلَمِيّ وَابْن السَّمَيْقَع وَهُبَيْرَة عَنْ حَفْص " سَنَكْتُبُ " بِنُونٍ، " شَهَادَتهمْ " نَصْبًا بِتَسْمِيَةِ الْفَاعِل.
وَعَنْ أَبِي رَجَاء " سَتُكْتَبُ شَهَادَاتهمْ " بِالْجَمْعِ.
وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ
قَوْله تَعَالَى " وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَن " يَعْنِي قَالَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى طَرِيق الِاسْتِهْزَاء وَالسُّخْرِيَة : لَوْ شَاءَ الرَّحْمَن عَلَى زَعْمكُمْ مَا عَبَدْنَا هَذِهِ الْمَلَائِكَة.
وَهَذَا مِنْهُمْ كَلِمَة حَقّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِل.
وَكُلّ شَيْء بِإِرَادَةِ اللَّه، وَإِرَادَته تَجِب وَكَذَا عِلْمه فَلَا يُمْكِن الِاحْتِجَاج بِهَا ; وَخِلَاف الْمَعْلُوم وَالْمُرَاد مَقْدُور وَإِنْ لَمْ يَقَع.
وَلَوْ عَبَدُوا اللَّه بَدَل الْأَصْنَام لَعِلْمنَا أَنَّ اللَّه أَرَادَ مِنْهُمْ مَا حَصَلَ مِنْهُمْ.
وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي الْأَنْعَام عِنْد قَوْله :" سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّه مَا أَشْرَكْنَا " [ الْأَنْعَام : ١٤٨ ] وَفِي " يس " :" أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاء اللَّه أَطْعَمَهُ " [ يس : ٤٧ ].
قَوْله تَعَالَى " وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَن " يَعْنِي قَالَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى طَرِيق الِاسْتِهْزَاء وَالسُّخْرِيَة : لَوْ شَاءَ الرَّحْمَن عَلَى زَعْمكُمْ مَا عَبَدْنَا هَذِهِ الْمَلَائِكَة.
وَهَذَا مِنْهُمْ كَلِمَة حَقّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِل.
وَكُلّ شَيْء بِإِرَادَةِ اللَّه، وَإِرَادَته تَجِب وَكَذَا عِلْمه فَلَا يُمْكِن الِاحْتِجَاج بِهَا ; وَخِلَاف الْمَعْلُوم وَالْمُرَاد مَقْدُور وَإِنْ لَمْ يَقَع.
وَلَوْ عَبَدُوا اللَّه بَدَل الْأَصْنَام لَعِلْمنَا أَنَّ اللَّه أَرَادَ مِنْهُمْ مَا حَصَلَ مِنْهُمْ.
وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي الْأَنْعَام عِنْد قَوْله :" سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّه مَا أَشْرَكْنَا " [ الْأَنْعَام : ١٤٨ ] وَفِي " يس " :" أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاء اللَّه أَطْعَمَهُ " [ يس : ٤٧ ].
مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ
مَرْدُود إِلَى قَوْله " وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَة الَّذِينَ هُمْ عِبَاد الرَّحْمَن إِنَاثًا " [ الزُّخْرُف : ١٩ ] أَيْ مَا لَهُمْ بِقَوْلِهِمْ : الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه - مِنْ عِلْم قَالَهُ قَتَادَة وَمُقَاتِل وَالْكَلْبِيّ.
وَقَالَ مُجَاهِد وَابْن جُرَيْج : يَعْنِي الْأَوْثَان ; أَيْ مَا لَهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَان مِنْ عِلْم.
" مِنْ " صِلَة.
مَرْدُود إِلَى قَوْله " وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَة الَّذِينَ هُمْ عِبَاد الرَّحْمَن إِنَاثًا " [ الزُّخْرُف : ١٩ ] أَيْ مَا لَهُمْ بِقَوْلِهِمْ : الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه - مِنْ عِلْم قَالَهُ قَتَادَة وَمُقَاتِل وَالْكَلْبِيّ.
وَقَالَ مُجَاهِد وَابْن جُرَيْج : يَعْنِي الْأَوْثَان ; أَيْ مَا لَهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَان مِنْ عِلْم.
" مِنْ " صِلَة.
إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ
أَيْ يَحْدُسُونَ وَيَكْذِبُونَ ; فَلَا عُذْر لَهُمْ فِي عِبَادَة غَيْر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
وَكَانَ مِنْ ضِمْن كَلَامهمْ أَنَّ اللَّه أَمَرَنَا بِهَذَا أَوْ رَضِيَ ذَلِكَ مِنَّا، وَلِهَذَا لَمْ يَنْهَنَا وَلَمْ يُعَاجِلنَا بِالْعُقُوبَةِ.
أَيْ يَحْدُسُونَ وَيَكْذِبُونَ ; فَلَا عُذْر لَهُمْ فِي عِبَادَة غَيْر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
وَكَانَ مِنْ ضِمْن كَلَامهمْ أَنَّ اللَّه أَمَرَنَا بِهَذَا أَوْ رَضِيَ ذَلِكَ مِنَّا، وَلِهَذَا لَمْ يَنْهَنَا وَلَمْ يُعَاجِلنَا بِالْعُقُوبَةِ.
أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ
هَذَا مُعَادِل لِقَوْلِهِ :" أَشَهِدُوا خَلْقهمْ ".
وَالْمَعْنَى : أَحَضَرُوا خَلْقهمْ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْله ; أَيْ مِنْ قَبْل الْقُرْآن بِمَا اِدَّعَوْهُ ; فَهُمْ بِهِ مُتَمَسِّكُونَ يَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ.
هَذَا مُعَادِل لِقَوْلِهِ :" أَشَهِدُوا خَلْقهمْ ".
وَالْمَعْنَى : أَحَضَرُوا خَلْقهمْ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْله ; أَيْ مِنْ قَبْل الْقُرْآن بِمَا اِدَّعَوْهُ ; فَهُمْ بِهِ مُتَمَسِّكُونَ يَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ.
بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ
أَيْ عَلَى طَرِيقَة وَمَذْهَب ; قَالَهُ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز.
وَكَانَ يَقْرَأ هُوَ وَمُجَاهِد وَقَتَادَة " عَلَى إِمَّة " بِكَسْرِ الْأَلِف.
وَالْأُمَّة الطَّرِيقَة.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ : وَالْإِمَّة ( بِالْكَسْرِ ).
النِّعْمَة.
وَالْإِمَّة أَيْضًا لُغَة فِي الْأُمَّة، وَهِيَ الطَّرِيقَة وَالدِّين ; عَنْ أَبِي عُبَيْدَة.
قَالَ عَدِيّ بْن زَيْد فِي النِّعْمَة :
عَنْ غَيْر الْجَوْهَرِيّ.
وَقَالَ قَتَادَة وَعَطِيَّة :" عَلَى أُمَّة " عَلَى دِين ; وَمِنْهُ قَوْل قَيْس بْن الْخَطِيم :
قَالَ الْجَوْهَرِيّ : وَالْأُمَّة الطَّرِيقَة وَالدِّين، يُقَال : فُلَان لَا أُمَّة لَهُ ; أَيْ لَا دِين لَهُ وَلَا نِحْلَة.
قَالَ الشَّاعِر :
وَهَلْ يَسْتَوِي ذُو أُمَّة وَكَفُور
وَقَالَ مُجَاهِد وَقُطْرُب : عَلَى دِين عَلَى مِلَّة.
وَفِي بَعْض الْمَصَاحِف " قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى مِلَّة " وَهَذِهِ الْأَقْوَال مُتَقَارِبَة.
وَحُكِيَ عَنْ الْفَرَّاء عَلَى مِلَّة عَلَى قِبْلَة.
الْأَخْفَش : عَلَى اِسْتِقَامَة، وَأَنْشَدَ قَوْل النَّابِغَة :
أَيْ عَلَى طَرِيقَة وَمَذْهَب ; قَالَهُ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز.
وَكَانَ يَقْرَأ هُوَ وَمُجَاهِد وَقَتَادَة " عَلَى إِمَّة " بِكَسْرِ الْأَلِف.
وَالْأُمَّة الطَّرِيقَة.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ : وَالْإِمَّة ( بِالْكَسْرِ ).
النِّعْمَة.
وَالْإِمَّة أَيْضًا لُغَة فِي الْأُمَّة، وَهِيَ الطَّرِيقَة وَالدِّين ; عَنْ أَبِي عُبَيْدَة.
قَالَ عَدِيّ بْن زَيْد فِي النِّعْمَة :
ثُمَّ بَعْد الْفَلَاح وَالْمِلْك وَالْأُ | مَّةِ وَارَتْهُمْ هُنَاكَ الْقُبُور |
وَقَالَ قَتَادَة وَعَطِيَّة :" عَلَى أُمَّة " عَلَى دِين ; وَمِنْهُ قَوْل قَيْس بْن الْخَطِيم :
كُنَّا عَلَى أُمَّة أَبَائِنَا | وَيَقْتَدِي الْآخِر بِالْأَوَّلِ |
قَالَ الشَّاعِر :
وَهَلْ يَسْتَوِي ذُو أُمَّة وَكَفُور
وَقَالَ مُجَاهِد وَقُطْرُب : عَلَى دِين عَلَى مِلَّة.
وَفِي بَعْض الْمَصَاحِف " قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى مِلَّة " وَهَذِهِ الْأَقْوَال مُتَقَارِبَة.
وَحُكِيَ عَنْ الْفَرَّاء عَلَى مِلَّة عَلَى قِبْلَة.
الْأَخْفَش : عَلَى اِسْتِقَامَة، وَأَنْشَدَ قَوْل النَّابِغَة :