تفسير سورة الحجرات

المصحف المفسّر
تفسير سورة سورة الحجرات من كتاب المصحف المفسّر .
لمؤلفه فريد وجدي . المتوفي سنة 1373 هـ
سورة الحجرات مدنية وآياتها ثماني عشرة

تفسير الألفاظ :
﴿ لا تقدموا ﴾ أي لا تقدموا أمرا فحذف المفعول ليذهب الوهم إلى كل ما يمكن. ﴿ بين يدي الله ورسوله ﴾ مستعار مما بين الجهتين المسامتتين ليدي الإنسان تسويئا لما نهوا عنه، والمعنى لا تقطعوا أمرا قبل أن يحكما به. تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون لا تقطعوا أمرا بين يدي الله ورسوله حتى يحكما به، وخافوا الله عن الله سميع عليم.
تفسير الألفاظ :
﴿ أن تحبط أعمالكم ﴾ أي كراهة أن تحبط. وتحبط أي تبطل. يقال حبط عمله يحبط حبوطا أي بطل.
تفسير المعاني :
ويا أيها المؤمنون لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي وأنتم تكلمونه، بل اجعلوها أخفض من صوته تأدبا أمامه، ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض، وقيل معناه لا تخاطبوه باسمه وكنيته كما يخاطب بعضكم بعضا، وخاطبوه بيا نبي الله أو يا رسول الله كراهة أن تبطل أعمالكم من ارتكابكم هذا التسامح المعيب وأنتم لا تشعرون بحبوطها. نقول : ليس المقصود بهذا التأديب أن يلزموا أمامه ما يلزمه الناس أمام الملوك من الرسوم، وإنما نقول : المقصود إلزامهم حدودا لا بد منها لحفظ كرامة الوحي، والموحى إليه.
تفسير الألفاظ :
﴿ يغضون أصواتهم ﴾ أي يخفضونها. يقال غض صوته يغضه أي خفضه. ﴿ امتحن الله قلوبهم للتقوى ﴾ أي جربها للتقوى ومرنها عليها، أو عرفها أنها أهل للتقوى.
تفسير المعاني :
إن الذين يخفضون أصواتهم في حضرة رسول الله، أولئك الذين عرف الله أن قلوبهم أهل للتقوى، لهم منه مغفرة وأجر عظيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ ينادونك من وراء الحجرات ﴾ أي من خارج الحجرات. والحجرات جمع حجرة وهي القطعة من الأرض المحجورة بحائط.
تفسير المعاني :
إن الذين ينادونك من وراء حجراتك أكثرهم لا يعقلون. " ذلك أن عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وفدا عليه في سبعين رجلا من بني تميم وقت الظهيرة وهو راقد، فصاحا يا محمد اخرج إلينا، فتأذى من ذلك ".
تفسير المعاني :
ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان ذلك خيرا لهم، والله غفور رحيم حيث اقتصر على نصحهم دون معاقبتهم.
تفسير الألفاظ :
﴿ فتبينوا ﴾ أي فتعرفوا وتفحصوا. ﴿ أن تصيبوا ﴾ أي كراهة أن تصيبوا.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون إن جاءكم فاسق بخبر فتعرفوا حقيقته قبل أن تبنوا عليه عملا، كراهة أن تصيبوا قوما وأنتم جاهلون بحالهم فتصبحوا على ما فعلتم نادمين.
تفسير الألفاظ :
﴿ لعنتم ﴾ أي لوقعتم في العنت، وهو الجهد والمشقة.
تفسير المعاني :
واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لوقعتم في المشقة، ولكن الله حبب إليكم الإيمان، وكره إليكم الكفر والخروج والعصيان، وذلك من الله تفضل عليكم ونعمة منه لكم. " سبب نزول هذه الآية أنه أرسل رجلا إلى بني المصطلق ليتعرف أحوالهم، وكان بينهم وبينه عداء، فاستقبلوه فظنهم مقاتليه، فعاد وأخبره بأنهم ارتدوا فبعث إليهم بخالد بن الوليد فوجدهم مقيمين على الإسلام ".
تفسير الألفاظ :
﴿ فإن بغت ﴾ أي فإن تعدت. ﴿ تبغي ﴾ أي تتعدى. ﴿ حتى تفيء ﴾ أي حتى ترجع. وقد سمي الظل بالفيء لرجوعه بعد نسخ الشمس له، وسميت الغنيمة فيئا لرجوعها من الكفار إلى المسلمين. ﴿ وأقسطوا ﴾ أي وأعدلوا. يقال قسط يقسط، ويقسط قسطا وأقسط يقسط أي عدل.
تفسير المعاني :
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن تعدت إحداهما على الأخرى فقاتلوها حتى ترجع لأمر الله. فإن رجعت إحدى الطائفتين، فأصلحوا بينهما بالعدل وأنصفوا، إن الله يحب المنصفين.
تفسير المعاني :
إنما المؤمنون إخوة لا يجوز لهم أن يقتتلوا، واتقوا الله لعلكم ترحمون. " نزلت هاتان الآيتان في طائفتين من بني الأوس وبني الخزرج من سكان المدينة، اقتتلوا بالجريد والنعال عقب نزاع، فكره الله منهم ذلك، ونصحهم هذه النصيحة ".
تفسير الألفاظ :
﴿ لا يسخر ﴾ أي لا يستهزئ. ﴿ ولا تلمزوا أنفسكم ﴾ أي ولا يعب بعضكم بعضا. يقال لمزه يلمزه لمزا أي طعنه بلسانه. ﴿ ولا تنابزوا بالألقاب ﴾ أي ولا يدع بعضكم بعضا بلقب السوء، والنبز مختص به.
تفسير المعاني :
يا أيها الذين آمنوا لا يستهزئ قوم بقوم عسى أن يكونوا عند الله خيرا منهم، ولا يستهزئ نساء بنساء، عسى أن يكن خيرا منهن، ولا يطعن بعضكم على بعض، ولا تتعايروا بألقاب السوء، بئس الاسم أن تسموا فاسقين بعد أن تكونوا مؤمنين، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون.
تفسير المعاني :
يا أيها المؤمنون ابتعدوا عن كثير من الظن فإن بعضه إثم، ولا يتجسس بعضكم على بعض، ولا يغتب بعضكم بعضا، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه وهو ميت ؟ واتقوا الله إن الله تواب رحيم.
تفسير المعاني :
يا أيها الناس إنا خلقناكم من أب وأم فكلكم متحدون في النسب، وجعلناكم شعوبا وقبائل لا لتتقاتلوا وتتعادوا ولكن لتتعارفوا وتتحابوا، فليس بعضكم أفضل من بعض بالانتساب لجنس أو قبيلة أو بلد بل بالأعمال الصالحة إن الله عليم خبير.
تفسير الألفاظ :
تفسير الألفاظ :
﴿ الأعراب ﴾ أي سكان البادية من العرب، جمع أعرابي وهو غير العربي الذي معناه من كان جنسه عربيا. ﴿ ولما ﴾ هي بمعنى ولم إلا أن نفيها يسري على الحال. ﴿ لا يلتكم ﴾ أي لا ينقصكم، من لاته يليته ليتا إذا نقصه.
تفسير المعاني :
قالت الأعراب : آمنا، قل لهم : إنكم لم تؤمنوا بعد ؛ إذ أن الإيمان تصديق مع ثقة وطمأنينة ولم يحصل لكم ذلك، ولكن قولوا : أسلمنا ؛ لأن الإسلام انقياد ودخول في السلم. وإن تطيعوا الله ورسوله بالإخلاص وترك النفاق لا ينقصكم من أجور أعمالكم شيئا، إن الله غفور رحيم.
تفسير الألفاظ :
﴿ لم يرتابوا ﴾ أي لم يشكوا. يقال ارتاب أي شك ورابه الأمر يريبه ريبا أي حدث له منه شك. والريبة هي الشك.
تفسير المعاني :
إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يشكوا في ذلك وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون.
تفسير المعاني :
قل : أتعلمون الله بدينكم بقولكم آمنا والله لا تخفى عليه خافية في السماوات والأرض وهو بكل شيء عليم.
تفسير المعاني :
إنهم ليعدون إسلامهم منة عليك، فقل لهم : لا تمنوا علي إسلامكم، بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين.
تفسير المعاني :
إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون. " نزلت هذه الآيات في نفر من بني أسد قدموا المدينة في سنة مجدبة وأظهروا الشهادتين، وكانوا يقولون لرسول الله : آتيناك بالأثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان.. يريدون الصدقة ويمنون ".
وهذه الآيات تشير إلى أن الإيمان أمر عظيم لا يكون باللسان، بل بالقلب، وهو يأتي بعد الإسلام، فكل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمن، ومن هنا يخطئ من يظن أن الإيمان والإسلام بمعنى واحد.
Icon