ﰡ
﴿ لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ﴾ لا تقطعوا أمرا، وتجترئوا على ارتكابه قبل أن يحكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم به ويأذنا فيه. وهو إرشاد عام في كل شيء. ومنع من الافتئات على الله ورسوله في أي أمر. و﴿ تقدموا ﴾ من قدم المتعدي. تقول : قدمت فلان على فلان، جعلته متقدما عليه وحذف مفعوله قصدا إلى التعميم. و " بين يدي الله ورسوله " تمثيل للتعجل في الإقدام على قطع الحكم في أمر من أمور الدين بغير إذن من الله ورسوله – بحالة من تقدم بين يدي متبوعه إذا سار في طريق ؛ فإنه في العادة مستهجن. أو المراد : بين يدي رسول الله ؛ وذكر لفظ الجلالة تعظيما للرسول، وإشعارا بأنه من الله تعالى بمكان يوجب إجلاله.
والخطاب لأولى الأمر. ﴿ فإن بغت إحداهما على الأخرى ﴾ تعدت عليها بغير حق، وأبت الصلح والإجابة إلى حكم الله﴿ فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله ﴾ أي ترجع إلى حكمه﴿ فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل ﴾ بفصل ما بينهما على حكم الله، ولا تكتفوا بمجرد متاركتهما ؛ عسى أن يكون بينهما قتال فيما بعد﴿ وأقسطوا ﴾ اعدلوا في كل أمر ؛ وهو تأكيد ؛ وهو تأكيد لقوله " بالعدل ". ﴿ إن الله يحب المقسطين ﴾ العادلين ؛ فيجازيهم أحسن الجزاء.
بالحاء ؛ من الحس الذي هو أثر الجس وغايته. وقيل : التجسس والتحسس بمعنى، وهو تعرف الأخبار. ﴿ ولا يغتب بعضكم بعضا ﴾ نهوا عن الغيبة، وهي ذكر العيب بظهر الغيب. يقال : اغتابه اغتيابا، إذا وقع فيه. والاسم الغيبة، وهي من الكبائر. ﴿ أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ﴾ تمثيل لما يناله المغتاب من عرض المغتاب على أفحش وجه. ﴿ فكرهتموه ﴾ تقرير لذلك، أي فقد كرهتموه فلا تفعلوه. أو عرض عليكم ذلك فكرهتموه.
﴿ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾ أي إن أرفعكم منزلة لديه عز وجل في الدنيا والآخرة هو الأتقى ؛ فإن فاخرتم ففاخروا بالتقوى. وفي الحديث :( يأيها الناس ألا إن ربكم واحد، لا فضل لعربي على عجمي، ولا عجمي على عربي، ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى، ألا هل بلغت – قالوا بلى يا رسول الله ! قال :- فليبلغ الشاهد الغائب ).
أي لم يدخل فيها، ولكنه متوقع منكم ؛ وقد آمنوا كلهم أو بعضهم. ﴿ لا يلتكم من أعمالكم شيئا ﴾ لا ينقصكم من أجور أعمالكم شيئا من النقص. يقال : لاته حقه – كباعه – نقصه.
والله أعلم.