بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الحجراتثماني عشرة آية وهي مدنية
قال القرطبي : بالإجماع قال ابن عباس وابن الزبير : أنها نزلت بالمدينة.
ﰡ
أحدهما: أنه متعد، وحذف مفعوله لقصد التعميم، أو ترك المفعول للقصد إلى نفس الفعل كقولهم: هو يعطي ويمنع.
والثاني: أنه لازم، نحو وجه وتوجه، ويعضده قراءة تقدموا بفتح التاء والقاف والدال، قال الواحدي: قدم ههنا بمعنى تقدم وهو لازم، قال أبو عبيدة العرب تقول: لا تقدم بين يدي الإمام وبين يدي الأب، أي: لا تعجل بالأمر دونه، والنهي لأن المعنى لا تقدموا قبل أمرهما ونهيهما، وبين يدي الإمام عبارة عن الأمام لا بين يدي الإنسان، وقرىء بضم التاء وكسر الدال من أقدم أي لا تقدموا على شيء ومعنى الآية لا تقطعوا أمراً دون الله ورسوله ولا تعجلوا به.
وقيل: معنى بين يدي فلان بحضرته، لأن ما يحضره الإنسان فهو بين
وقال الشهاب: في هذا الكلام تجوزان، أحدهما في: بين اليدين، فإن حقيقته ما بين العضوين، فتجوز بهما عن الجهتين المقابلتين لليمين والشمال القريبتين منه، بإطلاق اليدين على ما يجاورهما ويحاذيهما، فهو من المجاز المرسل، ثم استعيرت الجملة وهي التقدم بين اليدين استعارة تمثيلية للقطع بالحكم بلا اقتداء ومتابعة لمن تلزمه متابعته، والمعنى كما قال الخازن: لا تعجلوا بقول أو فعل قبل أن يقول رسول الله، أو قبل أن يفعل، وفي البيضاوي، المعنى: لا تقطعوا أمراً قبل أن يحكم الله ورسوله به انتهى؛ وقطع الأمر الجزم به، والجرأة على ارتكابه من غير إذن من له الإذن.
(واتقوا الله) في كل أموركم ويدخل تحتها الترك للتقدم بين يدي الله ورسوله دخولاً أولياً، ثم علل ما أمر به من التقوى بقوله: (إن الله سميع) لكل مسموع (عليم) بكل معلوم.
عن عبد الله بن الزبير قال: قدم ركب من بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أمر القعقاع بن معبد، وقال عمر أمر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي فقال عمر: ما أردت خلافك فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فأنزل الله (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله)، حتى انقضت الآية " (١)، أخرجه البخاري وغيره قال ابن عباس نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه، وهذا يشمل معارضة السنة والكتاب بالرأي، والتقليد أيضاًً.
_________
(١) البخاري ٨/ ٤٥٤.
وأخرج البخاري في تاريخه عنها قالت: " كان أناس يتقدمون بين يدي رمضان بصيام يعني يوماً أو يومين فأنزل الله هذه الآية "..
_________
(١) السيوطي في الدر ٦/ ٨٤.
(لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) يحتمل أن المراد حقيقة رفع الصوت، لأن ذلك يدل على قلة الإحتشام، وترك الاحترام، لأن خفض الصوت وعدم رفعه من لوازم التعظيم والتوقير، ويحتمل أن يكون المراد المنع من كثرة الكلام، ومزيد اللغط، والأول أولى، والمعنى: لا ترفعوا أصواتكم إلى حد يكون فوق ما يبلغه صوت النبي صلى الله عليه وسلم، قال المفسرون: المراد من الآية تعظيم النبي ﷺ وتوقيره، وأن لا ينادوه كما ينادي بعضهم بعضاً وهذا نهي عن قول، كما أن قوله: (لا تقدموا) نهي عن فعل.
عن أبي بكر الصديق قال: " لما أنزلت هذه الآية قلت: يا رسول الله، والله لا أكلمك إلا كأخي السرار " وفي سنده حصين بن عمر وهو ضعيف، ولكنه يؤيده.
ما روي عن أبي هريرة قال: " لما أنزلت:
(ولا تجهروا له بالقول) إذا كلمتموه (كجهر بعضكم لبعض) أي كما تعتادونه من الجهر بالقول إذا كلم بعضكم بعضاً، قال الزجاج: أمرهم الله سبحانه بتجليل نبيه صلى الله عليه وسلم. وأن يغضوا أصواتهم ويخاطبوه بالسكينة والوقار. وقيل: المراد بقوله: ولا تجهروا له بالقول لا تقولوا: يا محمد، يا أحمد، ولكن يا نبي الله، ويا رسول الله، توقيراً له، وليس المراد برفع الصوت وبالجهر بالقول هو ما يقع على طريقة الإستخفاف، فإن ذلك كفر، وإنما المراد أن يكون الصوت في نفسه غير مناسب لما يقع في مواقف من يجب تعظيمه وتوقيره، والحاصل أن النهي هنا وقع عن أمور:
الأول: عن التقديم بين يديه، بما لم يأذن به من الكلام.
والثاني: عن رفع الصوت البالغ إلى حد يكون فوق صوته سواء كان في خطابه أو خطاب غيره.
والثالث: ترك الجفا في مخاطبته، ولزوم الأدب في محاورته، لأن المقاولة المجهورة إنما تكون بين الأكفاء، الذين ليس لبعضهم على بعض مزية توجب إحترامه وتوقيره.
_________
(١) البخاري ٨/ ٤٥٢.
(وأنتم لا تشعرون) في محل نصب على الحال، وفيه تحذير شديد. ووعيد عظيم، قال الزجاج: وليس المراد قوله: وأنتم لا تشعرون يوجب أن يكفر الإنسان وهو لا يعلم، فكما لا يكون الكافر مؤمناً إلا باختياره الإيمان على الكفر، كذلك لا يكون الكافر كافراً من حيث لا يعلمه.
ثم رغب الله سبحانه في امتثال أمره فقال:
(لهم مغفرة وأجر عظيم) خبر آخر لأولئك أو مستأنفة لبيان ما أعد الله لهم في الآخرة، وهو الظاهر.
(أكثرهم لا يعقلون) لغلبة الجهل عليهم، وكثرة الجفاء في طباعهم، والمراد بالأكثر الكل، لأن العرب قد تفعل هكذا.
عن الأقرع بن حابس أنه أتى النبي ﷺ فقال: " يا محمد أخرج إلينا فلم يجبه فقال: يا محمد إن حمدي زين، وإن ذمي شين، فقال: ذلك الله، فأنزل الله (إن الذين) الخ " (١) أخرجه أحمد وابن جرير والبغوي والطبراني وابن مردويه، قال السيوطي بسند صحيح، قال ابن منيع: لا أعلم روى الأقرع مسنداً غير هذا.
وعن البراء بن عازب في الآية، قال: جاء رجل فقال يا محمد إن حمدي زين وإن ذمي شين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ذاك الله أخرجه الترمذي وحسنه.
وعن زيد بن أرقم قال: " اجتمع ناس من العرب فقالوا: انطلقوا إلى هذا الرجل، فإن يك نبياً فنحن أسعد الناس به، وإن يك ملكاً نعش بجناحه، فأتيت النبي ﷺ فأخبرته بما قالوا فجاؤوا إلى حجرته فجعلوا ينادونه: يا محمد فأنزل الله هذه الآية فأخذ رسول الله صلى
_________
(١) رواه أحمد.
قال النسفي: وورود الآية على النمط الذي وردت عليه فيه ما لا يخفى من إجلال محل رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها التسجيل على الصائحين به السفه والجهل ومنها إيقاع لفظ الحجرات كناية عن موضع خلوته، ومقيله مع بعض نسائه ومنها التعريف باللام دون الإضافة.
ولو تأمل متأمل من أول هذه السورة إلى آخر هذه الآية لوجدها كذلك، فتأمل كيف ابتدأ بإيجاب أن تكون الأمور التي تنتمي إلى الله ورسوله متقدمة على الأمور كلها من غير تقييد، ثم أردف ذلك النهي عما هو من جنس التقديم من رفع الصوت والجهر. كأن الأول بساط للثاني، ثم أثنى على الغاضين أصواتهم ليدل على عظم موقعه عند الله، ثم عقبه بما هو أطم، وهجنته أتم، من الصياح برسول الله ﷺ في حال خلوته من وراء الجدر كما يصاح بأهون الناس قدراً لينبه على فظاعة ما جسروا عليه لأن من رفع الله قدره عن أن يجهر له بالقول كان صنيع هؤلاء من المنكر الذي بلغ من التفاحش مبلغاً انتهى.
(أن) أي كراهة أن أو لئلا (تصيبوا) بالقتل والأسر (قوماً بجهالة) لأن الخطأ ممن لم يتبين الأمر ولم يتثبت فيه هو الغالب، وهو جهالة،
عن الحارث بن ضرار الخزاعي قال: " قدمت على رسول الله ﷺ فدعاني إلى الإسلام فدخلت فيه، وأقررت به، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها وقلت: يا رسول الله أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام، وأداء الزكاة فمن استجاب لي جمعت زكاته، وترسل إلي يا رسول الله رسولاً إبان كذا وكذا ليأتيك ما جمعت من الزكاة، فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له وبلغ الإبان الذي أراد رسول الله ﷺ أن يبعث إليه احتبس الرسول فلم يأت فظن الحارث أن قد حدث فيه سخط من الله ورسوله، فدعا سروات قومه فقال لهم: إن رسول الله ﷺ وقت لي وقتاً يرسل إليّ رسوله، ليقبض ما كان عندي من الزكاة، وليس من رسول الله الخلف، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطه فانطلقوا فنأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبعث رسول الله ﷺ الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما عنده مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق فرجع، فأتى رسول الله ﷺ فقال: إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي فضرب رسول الله ﷺ البعث إلى الحارث فأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقل البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث فقالوا: هذا الحارث فلما غشيهم قال لهم: إلى من بعثتم؟ قالوا: إليك قال: ولم؟ قالوا: إن رسول الله ﷺ بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله، قال: لا والذي بعث محمداً بالحق ما رأيته بتة، ولا أتاني، فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: منعت
وقد رويت روايات كثيرة متفقة على أنه سبب نزول الآية، وأنه المراد بها وإن اختلفت القصص ثم وعظهم الله سبحانه فقال:
_________
(١) رواه أحمد.
عن أبي سعيد الخدري أنه قرأ هذه الآية وقال: " هذا نبيكم يُوحى إليه، وخيار أئمتكم لو أطاعهم في كثير من الأمر لعنتوا، فكيف بكم اليوم؟ " أخرجه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح غريب.
(ولكن الله حبب إليكم الإيمان) أي جعله أحب الأشياء إليكم أو محبوباً لديكم، فلا يقع منكم إلا ما يوافقه ويقتضيه من الأمور الصالحة،
(وزينَّه) أي حسنه بتوفيقه وقربه منكم وأدخله (في قلوبكم) حتى جريتم على ما يقتضيه في الأقوال والأفعال (وكرَّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان) أي: جعل كل ما هو من جنس هذه الثلاثة مكروهاً عندكم وأصل الفسق الخروج عن الطاعة، والعصيان جنس ما يعصى الله به، وقيل: أراد بذلك الكذب خاصة والأول أولى وفي هذه الآية لطيفة وهو أن الله سبحانه وتعالى ذكر هذه الثلاثة الأشياء في مقابلة الإيمان الكامل وهو ما اجتمع فيه ثلاثة أمور، إقرار باللسان، وتصديق بالجنان وعمل بالأركان، فكراهة الكفر في مقابلة محبة الإيمان وتزيينه في القلوب هو التصديق بالجنان، والفسوق وهو الكذب، في مقابلة الإقرار باللسان، والعصيان في مقابلة العمل بالأركان.
(أولئك) الموصوفون بما ذكر (هم الراشدون) يعني أصابوا طرق الحق، ولم يميلوا عن الاستقامة، والرشد الاستقامة على طريق الحق مع تصلب، من الرشادة وهي الصخرة وفيه التفات عن الخطاب
وقد روي نحو هذا من وجوه أخر، قال ابن عباس كان قتال بالنعال والعصي، فأمرهم أن يصلحوا بينهما وعن عائشة قالت: ما رأيت مثل ما رغبت عنه هذه الأمة في هذه الآية، وقيل المراد من الطائفتين الأوس والخزرج.
(فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) البغي التعدي بغير حق، والامتناع من الصلح الموافق للصواب، والاستطالة والظلم، والفيء الرجوع، وقد سمي به الظل والغنيمة، لأن الظل يرجع بعد نسخ الشمس، والغنيمة ما يرجع من أموال الكفار إلى المسلمين، والمعنى أنه إذا تقاتل فريقان من المسلمين، فعلى المسلمين أن يسعوا بالصلح بينهم، ويدعوهم إلى حكم الله. فإن حصل بعد ذلك التعدي من إحدى الطائفتين على الأخرى، ولم تقبل الصلح ولا دخلت فيه، ولم تتأثر بالنصيحة وأبت الإجابة إلى حكم الله تعالى، كان على المسلمين أن يقاتلوا هذه الطائفة الباغية، حتى ترجع إلى أمر الله وحكمه وكتابه، وقيل: إلى طاعته في الصلح الذي أمر به، وحتى للغاية، وقيل بمعنى كي، فتكون للتعليل، والأول كما قال بعضهم هو الظاهر المناسب لسياق الآية.
_________
(١) رواه البخاري.
(فإن فاءت) أي فإن رجعت تلك الطائفة الباغية عن بغيها إلى الحق، وأجابت الدعوات إلى كتاب الله وحكمه والرضا بما فيه (فأصلحوا بينهما بالعدل) أي بالنصح والدعاء إلى حكم الله، ولا تكتفوا بمجرد متاركتهما عسى أن يكون بينهما قتال في وقت آخر، يعني فعلى المسلمين أن يعدلوا بين الطائفتين في الحكم، ويتحروا الصواب المطابق لحكم الله. ويأخذوا على يد الطائفة الظالمة حتى تخرج من الظلم. وتؤدي ما يجب عليها للأخرى. ثم أمر الله سبحانه المسلمين أن يعدلوا في كل أمورهم بعد أمرهم بهذا العدل الخاص بالطائفتين المتقاتلين فقال:
(وأقسطوا) أي: اعدلوا وهو أمر باستعمال القسط على طريق العموم بعد ما أمر به في إصلاح ذات البين والقسط الجور، والقسط العدل، والفعل منه أقسط الرباعي وهمزته للسلب أي أزال القسط، وهو الجور بخلاف قسط الثلاثي فمعناه الجور، يقال: قسط الرجل إذا جار، وأقسط إذا عدل، وهذا هو المشمهور خلافاً للزجاج في جعلهما سواء (إن الله يحب المقسطين) أي: العادلين، ومحبته لهم تستلزم مجازاتهم بأحسن الجزاء.
وجملة
أبي الإسلام لا أب لي سواه | إذا افتخروا بقيس أو تميم |
القوم إخوان صدق بينهم سبب | من المودة لم يعدل به نسب |
(فأصلحوا بين أخويكم) يعني بين كل مسلمين تخاصما وتقاتلا، وفيه وضع الظاهر موضع المضمر مضافاً إلى المأمورين بالإصلاح، للمبالغة في التقرير والفاء للإيذان بأن الأخوة الدينية موجبة للإصلاح أو تخصيص الاثنين بالذكر لإثبات وجوب الإصلاح فيما فرقهما بطريق الأولى لأنهما أقل من يقع بينهما الشقاق، فإذا لزمت المصالحة بين الأقل كانت بين الأكثر ألزم لأن الفساد في شقاق الجمع أكثر منه في شقاق الاثنين، قرأ الجمهور على التثنية، قال أبو علي الفارسي في توجيهها: أراد بالأخوين الطائفتين، لأن لفظ التثنية قد يرد ويراد به الكثرة، وقال أبو عبيدة: أي أصلحوا بين كل أخوين، وقرىء إخوانكم بالجمع وقرىء أخوتكم بالفوقية على الجمع أيضاًً.
(واتقوا الله) في كل أموركم (لعلكم ترحمون) بسبب التقوى، والترجي باعتبار المخاطبين أي راجين أن يرحموا، أو لعل من الله في هذا المقام
قال ابن العربي: هذه الآية أصل في قتال المسلمين وعمدة في حرب المتأولين، وعليها عول الصحابة، وإليها لجأ الأعيان من أهل الملة، وإياها عنى النبي ﷺ بقوله: " تقتل عمار الفئة الباغية " وقوله ﷺ في شأن الخوارج " يخرجون على حين فرقة من الناس تقتلهم أولى الطائفتين بالحق " والآية تدل أيضاً على أن البغي لا يزيل اسم الإيمان لأنه سماهم مؤمنين مع وجود البغي.
وعن علي وقد سئل عن أهل الجمل، وصفين، أمشركون؟ قال: لا، إنهم من الشرك فروا، فقيل: أمنافقون هم؟ قال: لا، إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً قيل: فما حالهم؟ قال إخواننا بغوا علينا، وهو رضي الله تعالى عنه قدوة في قتال أهل البغي، وعنه أنه سمع رجلاً يقول في ناحية المسجد: لا حكم إلا لله فقال: كلمة حق أراد بها باطل لكم، علينا ثلاثة: لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا، ولا نبدأكم بقتال.
_________
(١) رواه مسلم.
(عسى أن يكونوا خيراً منهم) علل النهي بأن يكون المسخور بهم عند الله خيراً من الساخرين بهم، فينبغي أن لا يجترىء أحد على الاستهزاء بمن تقتحمه عينه إذا رآه رث الحال، أو ذا عاهة في بدنه؛ أو غير لبق في محادثته، فلعله أخلص ضميراً وأتقى قلباً ممن هو على ضد صفته، فيظلم
(ولا) يسخر (نساء من نساء عسى أن يكن) المسخور بهن (خيراً منهن) يعني من الساخرات منهن وقيل أفرد النساء بالذكر لأن السخرية منهن أكثر، عن مقاتل قال: نزلت في قوم من بني تميم استهزأوا من فقراء المسلمين كبلال وسلمان وعمار وخباب وصهيب وابن فهيرة وسالم مولى أبي حذيفة، وعن أنس نزلت في نساء النبي ﷺ عيرن أم سلمة بالقصر، وعن ابن عباس نزلت في صفية بنت حيي، قال لها بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم: يهودية بنت يهودي.
(ولا تلمزوا أنفسكم) أي: لا تطعنوا أهل دينكم. واللمز العيب والطعن وقد مضى تحقيقه في سورة براءة عند قوله ومنهم من يلمزك في الصدقات قال ابن جرير: اللمز باليد والعين واللسان والإشارة، والهمز لا يكون إلا باللسان، والمعنى لا يلمز بعضكم بعضاً، كما في قوله: (ولا تقتلوا أنفسكم) وقوله (فسلموا على أنفسكم)، والمؤمنون كنفس واحدة، فإذا عاب المؤمنُ المؤمنَ فكأنما عاب نفسه، وقيل: لا تفعلوا ما تلمزون به، لأن فعل ما استحق به اللمز فقد لمز نفسه حقيقة، قال مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير: لا يطعن بعضكم على بعض، وبه قال ابن عباس، وقال الضحاك: لا يلعن بعضكم بعضاً.
(ولا تنابزوا بالألقاب) أي لا تدعوا الإنسان بغير ما سمي به والتنابز التفاعل من النبز بالتسكين، وهو المصدر والنبز بالتحريك اللعب مطلقاً، أي حسناً كان أو قبيحاً، خص في العرف بالقبيح، والجمع أنباز، والألقاب جمع لقب، وهو اسم غير الذي سمي به الإنسان، والمراد هنا لقب السوء والتنابز بالألقاب أن يلقب بعضهم بعضاً، والتداعي بها قال الواحدي: قال
عن أبي جبيرة بن الضحاك قال: فينا نزلت في بني سلمة، " قدم رسول الله ﷺ المدينة وليس فينا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة، فكان إذا دعا واحداً منهم باسم من تلك الأسماء قالوا: يا رسول الله إنه يكرهه، فنزلت (ولا تنابزوا بالألقاب) " (١) أخرجه البخاري في الأدب، وأهل السنن الأربع، وغيرهم، وعن ابن عباس نحوه، وعنه قال التنابز أن يكون الرجل عمل السيئات ثم تاب منها وراجع الحق، فنهى الله أن يعير بما سلف من عمله.
وعن ابن مسعود في الآية قال: إذا كان الرجل يهودياً فأسلم فيقول: يا يهودي يا مجوسي، ويقول للرجل المسلم يا فاسق، قيل والتلقيب المنهي عنه هو ما يتداخل المدعو به كراهة لكونه تقصيراً به، فأما ما يحبه فلا بأس به، ومنه الألقاب التي صارت كالأعلام لأصحابها نحو الأخفش والأعمش وما أشبه ذلك قال القرطبي: إنه يستثنى من هذا من غلب عليه الاستعمال، كالأعرج والأحدب؛ ولم يكن له سبب يجد في نفسه منه عليه فجوزته الأئمة واتفق أهل اللغة على قوله انتهى، وأما الألقاب التي تكسب حمداً أو مدحاً وتكون حقاً وصدقاً فلا تكره، كما قيل لأبي بكر عتيق ولعمر الفاروق ولعثمان ذو النورين ولعلي أبو تراب، ولخالد سيف الله.
(بئس الاسم الفسوق) أي بئس الاسم أن يذكر بالفسق، والإسم هنا ليس المراد به ما يقابل اللقب والكنية، ولا ما يقابل الفعل والحرف، بل
_________
(١) رواه البخاري.
(ومن لم يتب) عما نهى الله عنه (فأولئك هم الظالمون) لإرتكابهم ما نهى الله عنه، وامتناعهم من التوبة، وظلموا من لقبوه، وظلموا أنفسهم بما لزمها من الإثم.
قال الزجاج: وهو أن يظن بأهل الخير سوءاً فأما أهل السوء والفسوق فلنا أن نظن بهم مثل الذي ظهر منهم، قال مقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان: هو أن يظن بأخيه المسلم سوءاً، ولا بأس به ما لم يتكلم به، فإن تكلم بذلك الظن وأبداه [أثم]، وحكى القرطبي عن أكثر العلماء أن الظن القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز، وأنه لا حرج في الظن القبيح بمن ظاهره القبيح.
وقيل: الظن أنواع فمنه واجب ومأمور به، وهو الظن الحسن بالله عز وجل، ومنه مندوب إليه، وهو الظن الحسن بالأخ المسلم الظاهر العدالة، ومنه حرام محظور، وهو سوء الظن بالله عز وجل، وسوء الظن بالأخ المسلم، قال ابن عباس في الآية: نهى الله المؤمن أن يظن بالمؤمن سوءاً.
وعن أبي هريرة قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخواناً " (١) الحديث أخرجه الشيخان.
ثم لما أمرهم الله سبحانه باجتناب كثير من الظن نهاهم عن التجسس فقال:
(ولا تجسسوا) التجسس البحث عما ينكتم عنك من عيوب المسلمين وعوراتهم، نهاهم الله سبحانه عن البحث عن معائب الناس ومثالبهم، حتى يطلع عليها بعد أن سترها الله تعالى، وقرأ الجمهور بالجيم، ومعناه ما ذكرنا
_________
(١) رواه مسلم.
قال ابن عباس: نهى الله المؤمنين عن تتبع عورات المؤمن وعن زيد بن وهب قال: أتى ابن مسعود فقيل هذا فلان يقطر لحيته خمراً، فقال ابن مسعود إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذه قال مجاهد: خذوا ما ظهر ودعوا ما ستره الله.
وعن عقبة بن عامر " أن رسول الله ﷺ قال من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موؤودة " أخرجه أبو داود.
وعن أبي هريرة " أن النبي ﷺ قال: لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة " (١) رواه مسلم.
وفي كتاب أبي داود عن معاوية قال: " سمعت رسول الله ﷺ يقول: إنك إن اتبعت عورات المسلمين أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم "، فقال أبو الدرداء كلمة سمعها معاوية من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنفعه الله بها. وقد وردت أحاديث في النهي عن تتبع عورات المسلمين والتجسس عن عيوبهم.
(ولا يغتب بعضكم بعضاً) أي لا يتناول بعضكم بعضاً بظهر الغيب بما يسوءه، يقال اغتابه اغتياباً إذا وقع فيه والاسم الغيبة، وهي ذكر العيب بظهر الغيب يعني: أن تذكر الرجل بما يكرهه.
_________
(١) رواه مسلم.
(أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً)؟ مثل سبحانه الغيبة بأكل الميتة لأن الميت لا يعلم بأكل لحمه، كما أن الحي لا يعلم بغيبة من اغتابه، ذكر معناه الزجاج، وفيه إشارة إلى أن عرض الإنسان كلحمه وأنه كما يحرم أكل لحمه تحرم الاستطالة في عرضه، وفي هذا من التنفير عن الغيبة والتقبيح لها والتوبيخ لفاعلها والتشنيع عليه ما لا يخفى، فإن لحم الإنسان مما تنفر عنه الطباع الإنسانية، وتستكرهه الجبلة البشرية فضلاً عن كونه محرماً شرعاً، وفيه مبالغات، منها الاستفهام الذي معناه التقرير، ومنها جعل ما هو في الغاية من الكراهة موصولاً بالمحبة، ومنها إسناد الفعل إلى أحدكم للتعميم، والإشعار بأن أحداً من الأحدين لا يحب ذلك، ومنها أنه لم يقتصر على تمثيل الاغتياب بأكل لحم الإنسان حتى جعل الإنسان أخاً، ومنها أنه لم يقتصر على لحم الأخ حتى جعله ميتاً، فهذا تمثيل على أفحش وجه.
(فكرهتموه) أي فاغتيابه في حياته كأكل لحمه بعد مماته، فالكلام من
_________
(١) رواه مسلم.
(واتقوا الله) بترك ما أمركم باجتنابه (إن الله تواب رحيم) لمن اتقاه وتاب عما فرط منه من الذنب، ومخالفة الأمر، والمبالغة في (التواب) للدلالة على كثرة من يتوب عليه من عباده، أو لأنه ما من ذنب يقترفه العبد إلا كان معفواً عنه بالتوبة، أو لأنه لما بولغ في قبول التوبة نزل صاحبها منزلة من لم يذنب قط لسعة كرمه.
عن ابن أبي مليكة قال: " لما كان يوم الفتح رقى بلال فأذن على الكعبة، فقال بعض الناس: أهذا العبد الأسود يؤذن على ظهر الكعبة؟ وقال بعضهم: إن سخط الله هذا يغيره، فنزلت هذه الآية " أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل.
وعن الزهري قال: " أمر رسول الله ﷺ بني بياضة أن يزوجوا أبا هند امرأة منهم، فقالوا: يا رسول الله أنزوج بناتنا موالينا؟ فنزلت
(وجعلناكم شعوباً وقبائل) الشعوب جمع شعب بفتح الشين، وهو الحي العظيم مثل مضر وربيعة، والقبائل دونها كبني بكر من ربيعة، وبني تميم من مضر، قال الواحدي: هذا قول جماعة من المفسرين سموا شعباً لتشعبهم واجتماعهم، كشعب أغصان الشجرة، والشعب من أسماء الأضداد يقال شعبته إذا جمعته، وشعبته إذا فرقته ومنه سميت المنية شعوباً لأنها مفرقة فأما الشعب بالكسر فهو الطريق في الجبل، قال الجوهري: الشعب ما تشعب من قبائل العرب والعجم، والجمع الشعوب وقال مجاهد: الشعوب البعيد من النسب والقبائل دون ذلك وقال قتادة: الشعوب النسب الأقرب وقيل: أعلى طبقات النسب، وقيل: إن الشعوب عرب اليمن من قحطان والقبائل من ربيعة ومضر، وسائر عدنان وقيل: الشعوب بطون العجم والقبائل بطون العرب.
وحكى أبو عبيدة أن الشعب أكثر من القبيلة، ثم القبيلة، ثم العمارة ثم البطن. ثم الفخذ، ثم الفصيلة، ثم العشيرة، وكل واحدة تدخل فيما قبلها فالقبائل تحت الشعوب، والعمائر تحت القبائل، والبطون تحت العمائر، والأفخاذ تحت البطون، والفصائل تحت الأفخاذ " والعشائر تحت الفصائل، فخزيمة شعب، وكنانة قبيلة، وقريش عمارة، وقصي بطن، وعبد مناف فخذ، وبنو هاشم فصيلة، والعباس عشيرة، وليس بعد العشيرة حي يوصف، ومما يؤيد ما قاله الجمهور من أن الشعب أكثر من القبيلة قول الشاعر:
قبائل من شعوب ليس فيهم | كريم قد يعد ولا نجيب |
(لتعارفوا) أي: خلقناكم كذلك ليعرف بعضكم بعضاً. والفائدة في
(إن أكرمكم عند الله أتقاكم) أي إن التفاضل بينكم إنما هو بالتقوى فمن تلبس بها فهو المستحق لأن يكون أكرم ممن لم يتلبس بها، وأشرف وأفضل فدعوا ما أنتم فيه من التفاخر بالأنساب فإن ذلك لا يوجب كرماً، ولا يثبت شرفاً، ولا يقتضي فضلاً، قرأ الجمهور بكسر إن وقرىء بفتحها أي لأن أكرمكم.
عن أبي هريرة قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أكرم؟ قال: أكرمهم عند الله أتقاهم، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فأكرم الناس يوسف نبي الله بن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فعن معادن العرب تسألوني؟ قالوا: نعم، قال: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا (١) " أخرجه البخاري وغيره، وقال عمر بن الخطاب: أتقاكم للشرك، وقد وردت أحاديث في الصحيح وغيره أن التقوى هي التي تتفاضل بها العباد.
(إن الله عليم) بكل معلوم، ومن ذلك أعمالكم (خبير) بما تسرون وما تعلنون، ولا تخفى عليه من ذلك خافية، ولما ذكر سبحانه أن أكرم الناس عند الله أتقاهم له وكان أصل التقوى الإيمان ذكر ما كانت تقوله العرب من دعوى الإيمان ليثبت لهم الشرف والفضل فقال:
_________
(١) رواه مسلم.
(ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) أي لم يكن ما أظهرتموه بألسنتكم عن مواطأة قلوبكم، بل مجرد قول باللسان من دون اعتقاد صحيح، ولا نية خالصة، وفي لما معنى التوقع، وهذا تكرار، لكنه مستقل بفائدة زائدة، لأنه علم من الأول نفي الإيمان عنهم، ومن الثاني نفيه مع توقع حصوله، قال الزجاج: الإسلام إظهار الخضوع وقبول ما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم، وبذلك يحقن الدم، فإن كان مع ذلك الإظهار اعتقاد وتصديق بالقلب فذلك الإيمان وصاحبه المؤمن، وقد أخرج هؤلاء من الإيمان بقوله: ولما يدخل الإيمان في قلوبكم، أي: لم تصدقوا، وإنما أسلمتم تعوذاً من القتل، وهذه الآية تنقض على الكرامية مذهبهم أن الإيمان لا يكون بالقلب ولكن باللسان.
(وإن تطيعوا الله ورسوله) طاعة صحيحة، صادرة عن نيات خالصة وقلوب مصدقة غير منافقة (لا يلتكم) أي لا ينقصكم (من أعمالكم شيئاً) يقال: لات يليت إذا نقص، ولأنه يليته ويلوته إذا نقصه، قرأ الجمهور يلتكم من لاته يليته كباعه يبيعه، وقرىء لا يألتكم بالهمز من ألته يألته بالفتح في الماضي والكسر في المضارع، واختار الثانية أبو حاتم لقوله (وما ألتناهم من عملهم من شيء) وهما لغتان فصيحتان (إن الله غفور) أي بليغ المغفرة لمن فرط منه ذنب (رحيم) بليغ الرحمة لهم.
ثم لما ذكر سبحانه أن أولئك الذين قالوا آمنا لم يؤمنوا، ولا دخل الإيمان في قلوبهم، بيّن المؤمنين المستحقين لإطلاق اسم الإيمان عليهم فقال:
(أولئك) أي: الجامعون بين الأمور المذكورة (هم الصادقون) في الاتصاف بصفة الإيمان والدخول في عداد أهله، لا من عداهم ممن أظهر الإسلام بلسانه، وادّعى أنه مؤمن ولم يطمئن بالإيمان قلبه، ولا وصل إليه معناه، ولا عمل بأعمال أهله، وهم الأعراب الذين تقدم ذكرهم وسائر أهل النفاق ثم أمر الله سبحانه رسوله ﷺ أن يقول لأولئك الأعراب وأمثالهم قولاً آخر لما ادعوا أنهم مؤمنون فقال:
(قل لا تمنوا عليّ إسلامكم) أي لا تعدوه منة علي، فإن الإسلام هو المنة التي لا يطلب موليها ثواباً لمن أنعم بها عليه، ولهذا قال (بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان) أي: أرشدكم إليه وأراكم طريقه سواء وصلتم إلى المطلوب أم لم تصلوا إليه، قرأ الجمهور بفتح أن وقرىء بكسرها (إن كنتم صادقين) فيما تدعونه، والجواب محذوف يدل عليه ما قبله أي إن كنتم صادقين فلله المنة عليكم.
(هي خمس وأربعون آية، وهي مكية كلها)
في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، وعن ابن عباس وقتادة أنها مكيّة إلا آية، وهي قوله: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ) وهي أول المفصل على الصحيح. وقيل: من الحجرات.
وقد أخرج مسلم وغيره عن قطبة بن مالك قال: " كان النبي - ﷺ - يقرأ في الفجر في الركعة الأولى (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) ".
وعن أبي واقد الليثي قال: " كان رسول الله - ﷺ - يقرأ في العيد بقاف واقتربت " (١) أخرجه أحمد ومسلم وأهل السنن.
وعن أم هشام ابنة حارثة قالت: " ما أخذت (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) إلا من في رسول الله - ﷺ - كان يقرأ بها في كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس " (٢) أخرجه ابن أبي شيبة وأبو داود وابن ماجة والبيهقي، وهو في صحيح مسلم.
_________
(١) رواه مسلم.
(٢) رواه مسلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (٣) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (٤) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥) أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (٩)