تفسير سورة الأنفال

تفسير النسائي
تفسير سورة سورة الأنفال من كتاب تفسير النسائي .
لمؤلفه النسائي . المتوفي سنة 303 هـ

٢١٦- أنا هناد بن السَّري في حديثه، عن أبي بكر، عن عاصم، عن مُصعب بن سعد، عن أبيه قال:" جئت يوم بدر بسيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن الله قد شفا صدري اليوم من العدو، فهب لي هذا السيف، فقال: " إن هذا السيف ليس لي ولا لك " فذهبت وأنا أقول: يُعطي اليوم من لم يُبْلِ بلائي، فبينما أنا إذ جاءني الرسول فقال: " أجب " فظننت أنه نزل فيَّ شيء لكلامي، فجئت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنك سألتني هذا السيف، وليس هو لي، ولا لك، وإن الله قد جعله لي وهو لك " ثم قرأ ﴿ يَسْأَلُونَكَ / عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ ﴾ [١] إلى آخر الآية ". ٢١٧- أنا الهيثم بن أيوب، نا المُعتمر بن سليمان قال: سمعت داود بن أبي هند يحدِّث، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من أتى مكان كذا وكذا أو فعل كذا وكذا فله كذا وكذا " فسارع إليه الشُّبان، وثبت الشيوخ تحت الرايات، فلما فتح الله لهم، جاء الشَّباب يطلبون ما جُعل لهم، فقال الأشياخ: لا تذهبوا به دوننا، فإنما كنا ردءاً لكم "، فأنزل الله عز وجل ﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ ﴾ [١].
قوله تعالى: ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً ﴾ [١١]٢١٨- أنا عمرو بن علي، نا عبد الرحمن، نا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، عن أبي طلحة قال: رفعت رأسي يوم أُحُد، فجعلت لا أرى أحداً من القوم إلا تحت حجفته يميل من النُّعاس. ٢١٩- أنا قتيبة بن سعيد، نا ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس، عن أبي طلحة قال: كنت ممن أُنزل عليه النُّعاس أَمَنة يوم أُحد حتى سقط سيفي من يدي مراراً.
قوله تعالى: ﴿ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً ﴾ [١٥]٢٢٠- أنا أبو بكر بن إسحاق، نا حسان بن عبد الله، نا خلاَّد بن سليمان، حدثني نافع أنه سأل عبد الله بن عمر قال: قلت: إنا قوم لا نثبت عند قتال عدونا ولا ندري من الفِئَة؟ قال لي: الفِئَة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن الله يقول في كتابه ﴿ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ ﴾ قال: إنما أُنزلت هذه لأهل بدر، لا لِقََبْلها، ولا لِبَعدها.
قوله تعالى: ﴿ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ ﴾ [١٦]٢٢٣- أنا أبو داود قال: أنا أبو زيد الهَرَوي، نا شعبة، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد ﴿ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ ﴾ قال: نزلت في أهل بدر. ٢٢٤- أنا حميد بن مسعدة، عن بشر، نا داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: أُنزلت فِي يوم بدر ﴿ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ ﴾.
قوله تعالى: ﴿ إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ ﴾ [١٩]٢٢١- أنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد، نا عمي، نا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب قال: حدثني عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْر قال: كان المُسْتَفْتِحَ / يوم بدر أبو جهل، وإنه قال حين التقى القوم: اللهم أيُّنا كان أقطع للرحم، وآتى لما لا نعرف فافتح الغد، وكان ذلك استِفتاحه، فأنزل الله ﴿ إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ ﴾.
قوله تعالى: ﴿ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ ﴾ [١٩]٢٢٢- أنا بشر بن خالد، أنا غُندر، عن شعبة، عن سليمان، ومنصور، عن أبي الضُّحى، عن مسروق قال: قال عبد الله:" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى قريشا قد اسْتَعصوا قال: اللهم أعني بسبعٍ كسبع يوسف، فأخذتهم السَّنَة حتى حصت كلَّ شي حتى أكلوا الجلود، وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان، فأتاه أبو سفيان، فقال: أي محمد، إن قومك قد هلكوا، فادعُ الله أن يكشف عنهم فدعا وقال: تعُودُ نَعُدْ - هذا في حديث منصور - ثم قرأ هذه الآية ﴿ فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ﴾ "قال: عذاب الآخرة فقد مضى الدخان والبطشة واللِّزام، وقال أحدهما: القمر، وقال الآخر: والرُّوم.
قوله تعالى: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ﴾ [٢٤]٢٢٥- أنا عمران بن موسى، نا يزيد، نا روح بن القاسم، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة قال:" خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أُبيِّ بن كعب، وهو يصلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِيه أُبَي " فالتفت أُبَي ولم يُجبه، ثم صلى أُبي فخفف، ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: / سلام عليك يا رسول الله قال: " ويحك، ما منعك أُبي أن دعوتك أن لا تُجيبني؟ " قال: يا رسول الله، كنت في صلاة. قال: " فليس تجد فيما أَوحَى الله إليَّ أن ﴿ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ " قال: بلى، يا رسول الله لا أعود فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أتحب أن أُعلمك سورة لم ينزل في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفُرقان مثلها؟ " قال: نعم أي رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لأرجو ألا تخرج من هذا الباب حتى تعلمها " أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي يحدثني، وأنا أَتباطأُ مخافة أن نبلغ الباب قبل أن ينقضي الحديث، فلما دنونا من الباب قلت: يا رسول الله، ما السورة التي وعدتني؟ قال: " كيف تقرأ في الصلاة؟ " فقرأت عليه أُمَّ القرآن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده، ما أُنزل في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزَّبور، ولا في الفرقان مثلها، إنها السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أُعطيت " ".
قوله تعالى: ﴿ وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً ﴾ [٢٥]٢٢٦- أنا إسحاق بن إبراهيم، أنا عبد الرحمن بن مهدي، نا جرير بن حازم قال: سمعت الحسن، عن الزبير بن العوام قال: لما نزلت هذه الآية ﴿ وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً ﴾ الآية قال: ونحن يومئذ متوافرون، قال: فجعلت أتعجب من هذه الآية، أيُّ فتنة تصيبنا؟ ما هذه الفتنة؟ حتى رأيناها.
قوله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾ [٣٩]٢٢٧- أنا عبدة بن عبد الله، أنا سويد، عن زهير، نابيان، أن وَبَرة حدثه سعيد بن جبير أن رجلا قال لعبد الله بن عمر: يا أبا عبد الرحمن، كيف ترى في القتال في الفتنة؟ قال: وهل تدري ما الفتنة؟ ثَكلتك أُمُّك، كان محمد صلى الله عليه وسلم يُقاتل المشركين، وكان / الدُّخول فيهم فتنة، وليس قتالكم إلا على المُلْك.
قوله تعالى: ﴿ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ﴾ [٦٣]٢٣٠- أخبرني محمد بن آدم بن سليمان، عن حفص - وهو ابن غِياث، عن فُضيل بن غزوان قال: ضمَّني إليه أبو إسحاق، فقال: إني لأُحبك في الله، حدثني أبو الأحوص، عن عبد الله قال: لمَّا أُنزلت هذه الآية ﴿ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ﴾ قال: هم المتحابُّون في الله.
قوله تعالى: ﴿ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ ﴾ [٦٨]٢٣١- أنا الرَّبيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن يوسف، نا عبد الله بن سالم، نا علي بن أبي طلحة عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله تعالى ﴿ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ قال: سبقت لهم من الله الرحمة قبل أن يعملوا بالمعصية.
قوله تعالى: ﴿ حَلاَلاً طَيِّباً ﴾ [٦٩]٢٢٨- أنا عبيد الله بن سعيد، نا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن سعيد بن المُسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله أطعمنا الغنائم رحمة رَحِمَنا بها، وتخفيفا، وخفف عنا لِمَا عَلِم من ضعفنا ". ٢٢٩- أنا محمد بن عبد الله بن المبارك، نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لم تحِلَّ الغنائم لقوم سُود الرُّؤُس قبلكم، كانت تنزل نارٌ من السماء فتأكلها، فلما كان يوم بدر أسرع الناس في الغنائم، فأنزل الله عزَّ وجل ﴿ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ ﴾ [٦٨] إلى آخر الآية ﴿ فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً ﴾ ".
Icon