تفسير سورة سورة الأعراف من كتاب مجاز القرآن
.
لمؤلفه
أبو عبيدة
.
المتوفي سنة 210 هـ
ﰡ
﴿ آلمص ﴾ : ساكن لأنه جرى مَجرى سائر فواتح السور اللواتي جريْن مجرى حروف التّهجِّي، وموضعه ومعناه على تفسير سائر ابتداء السور.
﴿ كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ ﴾ رفع من موضعين ؛ أحدهما : أنزل إليك كتاب، والآخر على الاستئناف.
﴿ فَلاَ يَكُنْ ﴾ : ساكن لأنه نهىٌ ﴿ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ ﴾ أي ضيق.
﴿ بَيَاتاً ﴾ : أي ليلا ؛ بيّتهم بياتاً وهم نيام.
﴿ أَوَهُمْ قَائُلونَ ﴾ : أي نهاراً إذا قالوا.
﴿ فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ ﴾ : لها موضعان ؛ أحدهما قولهم ودعواهم، والآخر ادِّعاؤهم.
﴿ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ ﴾ مجازه : ما منعك أن تسجد، والعرب تضع لا في موضع الإيجاب وهي من حروف الزوائد، قال أبو النجم :
فما ألُوم البِيضَ ألاّ تَسْخرا | ممّا رأين الشَمطَ القفَنْدرا |
أي ما ألوم البيض أن يسخرن، القفندر : القبيح السَّمِج، وقال الأحْوَص :
ويَلْحَيْنَني في اللَّهْو أَلاَّ أحبّه | ولِلّهو داعٍ دائبٌ غير غافلِ |
أراد : في اللهو أن أُحبه، قال العجاج :
في بئر لا حورٍ سَرَى وما شَعَرْ ***
الحور : الهلكة، وقوله لا حور : أي في بئر حور، ولا في هذا الموضع فضل
﴿ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءومُاً ﴾ وهي من ذأمت الرجلَ، وهي أشد مبالغة من ذممت ومن ذِمت الرجل تذيم، وقالوا في المثل : لا تَعْدَم الحسناءُ ذَاماً، أي ذماً، وهي لغات.
﴿ مَدْحوراً ﴾ أي مُبعَداً مُقصىً، ومنه قولهم : ادحرْ عنك الشيطان، وقال العجّاج :
فأَنْكَرَتْ ذا جَمّةٍ نمَيراً | دَجْرَ عِراكٍ يَدْجَر المدحورا |
﴿ وَقَاسَمُهما ﴾ أي حالفهما، وله موضع آخر في موضع معنى القسمة.
﴿ سَوْءَاتُهُمَا ﴾ كناية عن فرجيهما.
﴿ وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا ﴾ يقال ؛ طفقت أَصْنع كذا وكذا كقولك : ما زلت أصنع ذا وظللت، ويخصفان الورق بعضه إلى بعض.
﴿ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾ إلى وقت يوم القيامة، وقال :
وما مزاحك بعد الحِلم والدِّين | وقد علاك مَشيبُ حينَ لاحين |
أي وقت لا وقت.
﴿ وَريشاً ﴾ الرياش والريش واحد، وهو ما ظهر من اللباس والشارة وبعضهم يقول : أعطاني رجلاً بريشه أي بكسوته وجهازه وكذلك السرج بريشه، والرياش أيضاً : الخِصْب والمعاش.
﴿ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وقَبِيلُه ﴾ أي وجيلُه الذي هو منه.
﴿ فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهم الضَّلالَةُ ﴾ نصبهما جميعاً على إعمال الفعل فيهما أي هَدَى فريقاً ثم أشرك الآخر في نصب الأول وإن لم يدخل في معناه ؛ والعرب تُدخل الآخر المشرَك بنصب ما قبله على الجوار وإن لم يكن في معناه، وفي آية أخرى ﴿ يُدْخِلُ مَنْ يشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ والظَالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴾ وخرج فعل الضلالة مذكراً والعرب تفعل ذلك إذا فرَّفوا بين الفعل وبين المؤنثة لقولهم : مضى من الشهر ليلة.
﴿ حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً ﴾ أي اجتمعوا فيها، ويقال تداركَ لي عليه شئ أي اجتمع لي عنده شئ، وهو مدغم التاء في الدال فثقّلت الدال.
﴿ عذَاباً ضِعْفاً ﴾ أي عذابين مضعف فصار شيئين.
﴿ في سَمِّ الخِيَاطِ ﴾ أي في ثقب الإبرة وكل ثقب من عين أو أنف أو أذن أو غير ذلك فهو سَمّ والجميع سموم.
﴿ لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ ﴾ أي فراش وبساط ولا تنصرف جهنم لأنه اسم مؤنثة على أربعة أحرف.
﴿ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ﴾ واحدتها غاشية وهي ما غشاهم فغطاهم من فوقهم ﴿ لاَ نُكلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ : طاقتها، يقال لا أسع ذلك.
﴿ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ ﴾ مجازها : على بناء سورٍ لأن كل مرتفع من الأرض عند العرب أعراف، قال :
كل كِناز لَحْمه نِياف | كالعَلَم المُوفِى على الأعرافِ |
وقال الشَّمَّاخ :وظَلَّتْ بأَعرافٍ تفالى كأنها | رِماحٌ نَحاها وِجْهَة الرِّيح راكزُ |
أي على نَشْزٍ :
﴿ بِسِيماهُمْ ﴾ منقوصة، والمعنى : بعلاماتهم.
﴿ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ ﴾ أي حيال أصحاب النار، وفي آية أخرى ﴿ تِلْقَاءِ مَدْيَن ﴾ أي حِيال مَدْيَن وتجاهه.
﴿ فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ ﴾ مجازه : نؤخرهم ونتركهم، ﴿ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا ﴾ أي كما تركوا أمر ربهم وجحدوا يوم القيامة.
﴿ هَل يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأوِيلَهُ ﴾ أي هل ينظرون إلاّ بيانه ومعانيه وتفسيره.
﴿ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾ مجازه : غبنوا أنفسهم وأهلكوا قال الأعشى :
لا يأخذ الرّشوة في حُكْمه | ولا يُبالِي غبنَ الخاسِرِ |
﴿ إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ هذا موضع يكون في المؤنثة والثنتين والجميع منها بلفظ واحد ولا يُدخلون فيها الهاء لأنه ليس بصفة ولكنه ظرف لهن وموضع، والعرب تفعل ذلك في قريب وبعيد قال :
فإن تمس ابنةُ السَّهمىّ منا | بعيداً لا نكلّمها كلاما |
وقال الشَّنْفَرَي :تؤرُقني وقد أَمست بعيداً | وأصحابي بِعَيْهَمَ أو تَبالهْ |
فإذا جعلوها صفة في معنى مقتربة قالوا : هي قريبة وهما قريبتان وهن قريبات.
﴿ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ نُشُراً ﴾ أي متفرقة من كل مهب وجانب وناحية.
﴿ أقَلَّتْ سحَاباً ﴾ أي ساقت.
﴿ لاَ يُخْرِجُ إِلاَّ نَكِداً ﴾ أي قليلاً عسراً في شدة قال :
لا تنجِز الوعَد إن وعدتَ وإن | أعطيتَ اعطيتَ تافِهاً نَكِدا |
تافِه : قليل.
﴿ آلاّءَ اللهِ ﴾ أي نعم الله، وواحدها في قول بعضهم ألى تقديرها قفاً، وفي قول بعضهم إلى تقديرها مِعَي.
جعل الأعشى واحدها إلى خفيف فقال :أبْيَضَ لا يَرْهَبُ الهذالَ ولا | يَقطُع رُحْماً ولا يخون إِلا |
﴿ وَبَوّأَكُمْ ﴾ أي أنزلكم قال ابن هَرْمَة :
وبُوّئِتْ في صَمِيم مَعْشَرها | فتَمَّ في قومها مبوَّؤُها |
وزوّجكم.
﴿ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ ﴾ أي تكبروا وتجبروا، يقال جبّار عاتٍ.
﴿ جَاثمينَ ﴾ أي بعضهم على بعض جثوم، وله موضع آخر جثوم على الرُّكَب، قال جرير :
عرفتُ المُنتَأى وعرفتُ منها | مَطايا القِدر كالحدأ الجثومِ |
﴿ امْرَأَتهُ كانَتْ مِنَ الغَابِرينَ ﴾ أي كانت قد غبرت من كبرها في الغابرين، في الباقين حتى هرَموا وهَرِمت وهي قد أُهلكت مع قومها فلم تغْبر بعدهم فتَبقَى ولكنها كانت قبل ذلك من الغابرين، وجعلها من الرجال والنساء وقال : من الغابرين، لأن صفة النساء مع صفة الرجال تُذكَّر إذا أشرك بينهما وقال العجاج :
فما وَنَى محمدٌ مُذْ أنْ غَفَرْ***
له الإلهُ ما مَضَى وما غَبَرْ ***
أي ما بقى وقال الأعشى :
عَض بما أبقَى الموَاسِي له **** مِن أمّه في الزّمَن الغابِرِ
ولم يخْتَّنْ فيما مضى فبقى من الزمن الغابر أي الباقي ألا ترى أنه قد قال :
وكنَّ قد أَبقين منها أذَىً | عند الملاقِى وافر الشافِرِ |
﴿ وَلا تّبخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُم ﴾ مجازه : لا تظلموا الناس حقوقهم ولا تنقصوها وقالوا في المثل :﴿ نحسبها حمقاء وهي باخسة ﴾ أي ظالمة.
﴿ تَبْغُونَهَا عِوَجاً ﴾ مكسورة الأول مفتوح ثاني الحروف وهو الإعوجاج في الدين وفي الأرض، وفي آية أخرى :﴿ لاَ تَرَى فِيهَا عِوَجاً ولا أمْتاً ﴾ والعِوج إذا فتحوا أوله والحرف الثاني فهو الميل فيما كان قائماً نحو الحائط والقناة والسِّن ونحو ذلك.
﴿ افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالَحْقِّ ﴾ أي احكم بيننا. قال : والقاضي يقال له الفتاح، قال :
ألا أبلغْ بنى عُصْمٍ رسولا | بأني عن فتاحتكم غَنِىُّ |
وهو لبعض مُراد.
﴿ الرَّجْفَةُ ﴾ : مِن رجفت بهم الأرض أي تحركت بهم.
﴿ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا ﴾ أي لم ينزلوا فيها ولم يعيشوا فيها، قال مُهَلْهل
غَنِيتْ دارنا تِهَامَة في الده *** ر وفيها بنو مَعدٍّ حُلُولا
وقولهم مغاني الديار منها، واحدها مَغنىً قال :
أتعرف مَغنَى دِمْنةٍ ورُسُومِ ***
﴿ فَكَيْفَ آسَى ﴾ أي أحزن وأتندم وأتوجع، ومصدره الأسى، وقال :
وانحلبتْ عيناه من فَرْط الأسَى
﴿ حَتَّى عَفَوْا ﴾ مجازه : حتى كثروا، وكذلك كل نبات وقوم وغيره إذا كثروا : فقد عَفَوا، قال لبيد :
فلا تتجاوزُ العَطِلاتِ منها | إِلى البكرِ المُقارِبِ والكَرُومِ |
ولكنّا نُعِضُّ السَّيفَ منها | بأَسْوُقِ عافِياتِ اللَّحْمِ كُومِ |
أي كثيرات اللحم
﴿ الضَّرَّاءُ والسَّرَّاءُ ﴾ أي الضُّرّ، والسُّرّ وهو السرور.
﴿ لَفَتَحْنَا عَليْهِمْ ﴾ أي لأنزلنا عليهم.
يقال : قد فتح الله على فلان ولفلان، وذلك إذا رُزق وأصاب الخير وأقبلت عليه الدنيا ؛ وإذا ارتج على القارئ فتحت عليه فلقنته.
﴿ أَوْ لَمْ نَهْدِ لِلَّذِينِ ﴾ مجازه : أو لم نبين لهم ونوضح لهم.
﴿ وَنَطْبَعُ على قُلُوبِهِمْ ﴾ مجازه : مجاز نختم.
﴿ وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ ﴾ مجازه وما وجدنا لأكثرهم عهداً أي وفاء ولا حفيظة ؛ ومن من حروف الزوائد وقد فسرناها في غير هذا الموضع.
﴿ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُم لَفَاسِقِينَ ﴾ : أي لكافرين، ومجازه : إنْ وجدنا اكثرهم إلاّ فاسقين، أي ما وجدنا، وله موضع آخر أن العرب نؤكد باللام كقوله :
أُمُّ الحُلَيْسِ لعجوز شَهْرَ بْه
﴿ فَظَلمُوا بِهَا ﴾ مجازه : فكفروا بها.
﴿ حَقِيقٌ عَلَىَّ أَنْ لا أَقُولَ ﴾ : مجازه : حق علىّ أن لا أقول إلاَّ الحقَّ، ومن قرأها { حَقِيقُ عَلَى أنْ لاَ أَقُولُ ولم يضف على إليه فإنه يجعل مجازه مجاز حريص على أن لا أقول، أو فحق أن لا أقول.
﴿ ثُعْبَانٌ مُبِين ﴾ أي حية ظاهرة.
﴿ ونَزَعَ يَدَهُ ﴾ أخرج يده ﴿ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ ﴾ من غير سوء، ولكنها كانت آية لأنه كان آدَمَ.
﴿ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ ﴾ مجازه : أخِّره.
﴿ إنَّ لَنَا لأَجْراً ﴾ ثواباً وجزاءً، واللام المفتوحة تزاد توكيداً.
﴿ سَحَرُوا أَعْيُنَ الناسِ ﴾ أي غَشّوا أعين الناس وأخذوها.
﴿ واسْتَرْهَبُوهُمْ ﴾ وهو من الرهبة مجازه : خوفوهم.
﴿ تَلْقفُ ما يَأفِكُونَ ﴾ أي تَلْهمُ ما يسحرون ويكذبون أي تَلْقُمه.
﴿ أَفْرِعْ عَلَيْنَا ﴾ أنزل علينا
﴿ قَالَ عَسى رَبُّكُمْ ﴾ وعسى من الله عز وجل في كل القرآن أجمع واجبة.
﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِين ﴾ مجازه ابتليناهم بالجدوب في آل فرعون أهل دين فرعون وقومه.
﴿ أَلاَ إنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ ﴾ مجازه : إنما طائرهم، وتزاد ألا للتنبيه والتوكيد، ومجاز طائرهم : حظهم ونصيبهم.
﴿ الطُّوفَانَ ﴾ مجازه من السيل : البُعاقُ والدُّباش وهو دُباش شديد سيله، ومن الموت الذريع المبالغ السريع.
﴿ والقُمَّلَ ﴾ عند العرب هو الحَمنان، والحمنان : ضرب من الفِردان واحدتها حمنانة.
﴿ الرَّجْزُ ﴾ مجازه : العذاب.
﴿ بِمَا عَهِدَ عِنْدكَ ﴾ مجازه : أَوصاك وأَعلمك.
﴿ فِي الْيَمِّ ﴾ أي في البحر، قال :
كباذِخِ اليَمِّ سَقاه اليَمُّ ***
﴿ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ ومَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾ مجازه : يبنون وبَعِرش ويَعُرش لغتان، وعَريش مكَّة : خِيامها.
﴿ وَجَاوَزْنَا بِبنَي إسْرَائِيلَ البَحْرَ ﴾ مجازه : قطعنا.
﴿ يَعْكُفُونَ ﴾ أي يقيمون، ويَعكفِون لغتان.
﴿ مُتَبَّرٌ مَنُهمْ فيه ﴾ أي مبيَّتٌ ومُهَلك.
﴿ أَبْغِيكُمْ إلها ﴾ أي أَجعل لكم.
﴿ جَعَلَهُ دَكّاً ﴾ أي مستوياً مع وجه الأرض، وهو مصدرٌ جعله صفة، ويقال : ناقة دكَّاء أي ذاهبةُ السَّنام مستوٍ ظهرها أملسُ، وكذلك أرض دكَّاء، قال الأغْلَب :
هل غير غارٍ دَكَّ غاراً فانهدمْ ***
﴿ لَهُ خُوَارٌ ﴾ أي صوت كخوار البقر إذا خار، وهو يخور.
﴿ وَلَّمَا سُقِطَ في أَيْدِيهِمْ ﴾ يقال لكل من ندم وعجز عن شئ ونحو ذلك : سُقط في يد فلان.
﴿ غَضْبَانَ أَسِفاً ﴾ من شدة، يقال : أسِفَ وعَنَد وأَضِمَ، ومن شدّة الغضب يتأسف عليه أي يتغيظ.
﴿ وَلَّمَا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ ﴾ أي سكن لأن كل كافٍ عن شئ فقد سكت عنه أي كف عنه وسكن، ومنه : سكت فلم ينطق.
﴿ واخْتَارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً ﴾ مجازه : اختار موسى من قومه. ولكن بعض العرب يجتازون فيحذفون من، قال العجاج :
تحت التي اختار له اللهُ الشَّجَرْ
أي تحت الشجرة التي اختار له الله من الشجر.
﴿ إِنَّا هُدْنَا إلَيْكَ ﴾ مجازه : إنا تبنا إليك هو من التهويد في السير تَرُفقُ به وتعرجُ وتَمْكُثُ.
﴿ الْمَنَّ ﴾ شئ يسقط على الشجر.
﴿ والسَّلْوَى ﴾ طائر يظنون أنه السُّمَّاني، والسَماني أيضاً مخفف، وله موضع آخر لكل شئ سلا عن غيره، ومنه السلوان قال :
لو أَشرَبُ السُّلوانَ ما سَلِيتُ ***
وعلى التخفيف : " سُمانَي لُبادَي "، تقول الصبيان إذا نصبوا له يستدرجونه : سُماني لُبادَي أي يلبد بالأرض أي لا يبرح.
﴿ أَسْبَاطاً ﴾ الأسباط قبائل بنى إسرائيل واحدهم سَبْط يقال : من أي سبط أنت، أي من أي قبيلة وجنس.
قال أبو عبيدة :﴿ فَانْبَجَسَتْ ﴾ أي انفجرت.
﴿ إذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ ﴾ إذ يتعدّون فيه عما أمروا به ويتجاوزونه ﴿ شُرَّعاً ﴾ أي شوارع.
﴿ بِعَذَابٍ بَئيسٍ ﴾ أي شديد. قال ذو الإصْبَع العَدْوانيّ
أان رأيت بني أبي *** ك مجمَّحين إليكِ شُوسا
حَنَقاً علىّ وما ترى *** لي فيهم أثَراً بئِيسا
﴿ قِرَدَة خَاسِئِينَ ﴾ أي قاصين مُبْعَدِين، يقال : خسأته عنى وخسأ هو عني.
﴿ وَإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ ﴾ مجازه : وتأذن ربك، مجازه : أمر وهو من الإذن وأَحلّ وحرّم ونَهَى.
﴿ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً ﴾ أي فرَّقناهم فِرَقاً.
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ﴾ ساكن ثاني الحروف، وإن شئت حركت الحرف الثاني وهما في المعنى واحد كما قالوا : أثْر وأثَر، وقوم يجعلونه إذا سكَّنوا ثاني حروفه إذا كانوا مشركين، وإذا حركوه جعلوه خَلفاً صالحاً.
﴿ عَرَضَ هذا الأَدْنَى ﴾ أي طمع هذا القريب الذي يعرض لهم في الدنيا.
﴿ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ ﴾ مجازه : من دراسة الكتب ويقال : قد درست إمامي أي حفظته وقرأته، يقال : ادْرُسْ على فلان أي اقرأ عليه.
﴿ وإِذْ نَتَقْنَا الجَبَلَ فَوْقَهُمْ ﴾ أي رفعنا فوقهم، وقال العجّاج :
يَنُتق أقتاد الشّليل نَتْقا ***
أي يرفعه عن ظهره، وقال رؤبة :
ونَتَقوا أحلامنا الأثاقِلا ***
﴿ أَخْلدَ إِلَى الأرْضِ ﴾ لزم وتقاعَس وأبطأ ؛ يقال فلان مُخِلد أي بطئ الشَّيب، والمخلد الذي تبقى ثنيتاه حتى تخرج رباعيتاه، وهو من ذاك أيضاً.
﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَنَهَّمَ ﴾ أي خلقنا.
﴿ وَذَرُوا الذَّينَ يُلْحِدُونَ في أَسْمَائِهِ ﴾ يجورون ولا يستقيمون ومنه سُمِّى اللحد لأنه في ناحية القبر.
﴿ سَنَسْتَدْرِجُهُم ﴾ : والاستدراج أن تأتيه من حيث لا يعلم ومن حيث تلطُف له حتى تغترّه.
﴿ وَأُمْلِى لَهُمْ ﴾ أي أؤخرهم، ومنه قوله : مضى مَلِىٌّ من الدهر عليه ؛ ومُلاوة ومِلاوة ومَلاوة فيها ثلاث لغات : ضمة وكسرة وفتحة. ويقال : ملاّك الله ولدك، وتمليت حبيباً، أي مدّ الله لك في عمره.
﴿ واهْجُرْني مَلِيّاً ﴾ منها قال العجّاج :
مَلاوَةً مُلِّيتُها كَأَني | صاحبُ صَنْجِ نَشْوةٍ مُغَنِّى |
﴿ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾ أي شديد.
﴿ مَا بِصَاحِبِهمْ مِنْ جِنَّةٍ ﴾ أي ما به جنون.
﴿ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ﴾ أي متى، وقال :
أَيَّان تقضِى حاجتي أيّانا | أَما ترى لنجْحِها إِبَّانا |
أي متى خروجها.
﴿ لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إلاَّ هُوَ ﴾ مجازها : لا يُظهرها ولا يُخرجها إلاّ هو يقال جَلَّى لي الخبرَ وقال بعضهم : جله لي الخبر، والجَلاء جَلاء الرأس إذا ذهب الشعر قال طَرَفة :
سأَحُلب عَيْساً صَحْن سَمٍّ فأَبتغى | به جِيرتي إنْ لم يجلّوا لي الخَبَرْ |
أي يوضحون لي الأمر وهذا يهجوهم، يقال : عاسها يعيسها، والعيس ماء الفَحل
﴿ ثَقُلَتْ في السَّموَاتِ والأرْضِ ﴾ مجازها : خفيت، وإذا خفى عليك شئ ثقل
﴿ كأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ﴾ أي حَفّي بها، ومنه قولهم : تحفيت به في المسئلة.
﴿ حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً ﴾ مفتوح الأول إذا كان في البطن وإذا كان على العنق فهو مكسور الأول وكذلك اختلفوا في حمل النخلة فجعله بعضهم من الجوف ففتحه وجعله بعضهم على العنق فكسره.
﴿ فَمَرَّتْ بِهِ ﴾ مجازه : استمرّ بها الحمل فأَتمتَّه.
﴿ خُذِ العَفْوَ ﴾ أي الفضل وما لا يجهده، يقال خذ من أخيك ما عفالك.
﴿ بِالعُرْفِ ﴾ مجازه : المعروف.
﴿ وإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ ﴾ مجازه : وإما يستخفنك منه خفة وغضب وعجلة، ومنه قولهم : نَزَغَ الشَّيْطَانُ بينهم أي أفسد وحمل بعضهم على بعض.
﴿ طَيْفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ ﴾ مجازه : لَمَمٌ قال الأعشَى :
وتُصِبح عن غِب السُّرَى وكأنّما | ألمَّ بها من طائف الجنّ أوْلقُ |
وهو من طفتُ به أطِيف طَيْفاً، قال :أَنَّي ألمّ بك الخيالُ يَطِيفُ | ومَطافُه لكِ ذِكرةٌ وشُعُوفُ |
﴿ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيّ ﴾ مجازه : يزّينوه لهم الغى والكفر، ويقال : مدّ له في غيِّة زيّنه له وحسَّنه وتابعه عليه.
﴿ هذَا بَصَائِر من رَبِّكُمْ ﴾ هذا القرآن ما يتلى عليكم، فلذلك ذكَّره، والعرب تفعل ذلك، قال :
قبائلنا سبعٌ وأنتم ثلاثة ***وللسبعُ أَركَى مِن ثَلاث وأكثر
ذكرَّ ثلاثة ذهب به إلى بطن ثم أنثه لأنه ذهب به إلى قبيلة ومجاز بصائر أي حجج وبيان وبرهان.
واحدتها بصيرة وقال الجُعْفِيّ :حمَلوا بَصائِرهم على أكتفاهم | وبصيرتي يعدو بها عَتَدٌ وَأمي |
البصيرة الترس، والبصيرة الحلقة من حلق الدرع، فيجوز أن يقال للدرع كلها بصيرة والبصيرة من الدم الذي بمنزلة الورق الرشاس منه والجدية أوسع من البصيرة والبصيرة مثل فرسن البعير فهو بصيرة والجدية أعظم من ذلك، والإسبأة والأسابي في طول، قال :
والعادياتِ أسابيُّ الدَّماء بها | كأَنَّ أَعناقها أنصاب تَرْجِيبِ |
﴿ تَضَرُّعاً وَخِيْفَةً ﴾ أي خوفاً وذهبت الواو بكسرة الخاء.
﴿ وَالآصَالِ ﴾ واحدتها أصل وواحد الأصل أصيل ومجازه : ما بين العصر إلى المغرب، وقال أبُو ذُؤَيب :
لَعمري لأنت البيت أكرِم أَهله | وأقصدُ في أفيائه بالأصائِلِ |
يقال : آخر النهار.