تفسير سورة سورة التوبة من كتاب جامع البيان في تأويل آي القرآن
المعروف بـالطبري
.
لمؤلفه
الطبري
.
المتوفي سنة 310 هـ
القول في تفسير السورة التي يذكر فيها التوبة.
(القول في تفسير السورة التي يذكر فيها التوبة)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الأرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (٢) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (براءة من الله ورسوله)، هذه براءة من الله ورسوله.
فـ "براءة"، مرفوعة بمحذوف، وهو "هذه"، كما قوله: (سُورَةٌ أَنزلْنَاهَا)، [سورة النور: ١]، مرفوعة بمحذوف هو "هذه". ولو قال قائل: "براءة" مرفوعة بالعائد من ذكرها في قوله: (إلى الذين عاهدتم)، وجعلها كالمعرفة ترفع ما بعدها، إذ كانت قد صارت بصلتها وهي قوله: (من الله ورسوله)، كالمعرفة، وصار معنى الكلام: البراءة من الله ورسوله، إلى الذين عاهدتم من المشركين (١) = كان مذهبًا غير مدفوعة صحته، وإن كان القول الأول أعجبَ إليّ، لأن من شأن العرب أن يضمروا لكلِّ معاين نكرةً كان أو معرفةً ذلك المعاين، "هذا" و"هذه"، فيقولون عند معاينتهم الشيء الحسنَ: "حسن والله"، والقبيحَ: "قبيح والله"، يريدون: هذا حسن والله، وهذا قبيح والله، فلذلك اخترت القول الأول.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الأرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (٢) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (براءة من الله ورسوله)، هذه براءة من الله ورسوله.
فـ "براءة"، مرفوعة بمحذوف، وهو "هذه"، كما قوله: (سُورَةٌ أَنزلْنَاهَا)، [سورة النور: ١]، مرفوعة بمحذوف هو "هذه". ولو قال قائل: "براءة" مرفوعة بالعائد من ذكرها في قوله: (إلى الذين عاهدتم)، وجعلها كالمعرفة ترفع ما بعدها، إذ كانت قد صارت بصلتها وهي قوله: (من الله ورسوله)، كالمعرفة، وصار معنى الكلام: البراءة من الله ورسوله، إلى الذين عاهدتم من المشركين (١) = كان مذهبًا غير مدفوعة صحته، وإن كان القول الأول أعجبَ إليّ، لأن من شأن العرب أن يضمروا لكلِّ معاين نكرةً كان أو معرفةً ذلك المعاين، "هذا" و"هذه"، فيقولون عند معاينتهم الشيء الحسنَ: "حسن والله"، والقبيحَ: "قبيح والله"، يريدون: هذا حسن والله، وهذا قبيح والله، فلذلك اخترت القول الأول.
(١) في المطبوعة والمخطوطة: " براءة " مكان " البراءة "، والسياق يقتضي ما أثبت إن شاء الله.
93
وقال: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم)، والمعنى: إلى الذين عاهد رسول الله ﷺ من المشركين، لأن العهود بين المسلمين والمشركين عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يكن يتولى عقدها إلا رسول الله ﷺ أو من يعقدها بأمره، ولكنه خاطب المؤمنين بذلك لعلمهم بمعناه، وأن عقودَ النبي ﷺ على أمته كانت عقودهم، لأنهم كانوا لكل أفعاله فيهم راضين، ولعقوده عليهم مسلِّمين، فصار عقده عليهم كعقودهم على أنفسهم، فلذلك قال: (إلى الذين عاهدتم من المشركين)، لما كان من عقد رسول الله ﷺ وعهده.
* * *
وقد اختلف أهل التأويل فيمن بَرِئَ الله ورسوله إليه من العهد الذي كان بينه وبين رسول الله من المشركين، فأذن له في السياحة في الأرض أربعة أشهر.
فقال بعضهم: هم صنفان من المشركين: أحدهما كانت مدة العهد بينه وبين رسول الله ﷺ أقلَّ من أربعة أشهر، وأمْهِل بالسياحة أربعة أشهر = والآخر منهما: كانت مدة عهده بغير أجل محدود، فقُصِر به على أربعة أشهر ليرتاد لنفسه، ثم هو حرب بعد ذلك لله ولرسوله وللمؤمنين، يقتل حيثما أدرك ويؤسَرُ، إلا أن يتوب.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٣٥٦- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال، بعث رسول الله ﷺ أبا بكر الصديق رضى الله عنه أميرًا على الحاجّ من سنة تسع، ليقيم للناس حجهم، والناسُ من أهل الشرك على منازلهم من حجهم. فخرج أبو بكر ومن معه من المسلمين، ونزلت "سورة براءة" في نقض ما بين رسول الله ﷺ وبين المشركين من العهد الذي كانوا عليه فيما بينه وبينهم: أن لا يُصَدَّ عن البيت أحد جاءه، وأن لا يُخَاف أحد في الشهر الحرام. وكان ذلك عهدًا عامًّا بينه وبين الناس من أهل الشرك. وكانت بين
* * *
وقد اختلف أهل التأويل فيمن بَرِئَ الله ورسوله إليه من العهد الذي كان بينه وبين رسول الله من المشركين، فأذن له في السياحة في الأرض أربعة أشهر.
فقال بعضهم: هم صنفان من المشركين: أحدهما كانت مدة العهد بينه وبين رسول الله ﷺ أقلَّ من أربعة أشهر، وأمْهِل بالسياحة أربعة أشهر = والآخر منهما: كانت مدة عهده بغير أجل محدود، فقُصِر به على أربعة أشهر ليرتاد لنفسه، ثم هو حرب بعد ذلك لله ولرسوله وللمؤمنين، يقتل حيثما أدرك ويؤسَرُ، إلا أن يتوب.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٣٥٦- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال، بعث رسول الله ﷺ أبا بكر الصديق رضى الله عنه أميرًا على الحاجّ من سنة تسع، ليقيم للناس حجهم، والناسُ من أهل الشرك على منازلهم من حجهم. فخرج أبو بكر ومن معه من المسلمين، ونزلت "سورة براءة" في نقض ما بين رسول الله ﷺ وبين المشركين من العهد الذي كانوا عليه فيما بينه وبينهم: أن لا يُصَدَّ عن البيت أحد جاءه، وأن لا يُخَاف أحد في الشهر الحرام. وكان ذلك عهدًا عامًّا بينه وبين الناس من أهل الشرك. وكانت بين
96
ذلك عهود بين رسول الله ﷺ وبين قبائل من العرب خصائصَ إلى أجل مسمًّى، (١) فنزلت فيه وفيمن تخلف عنه من المنافقين في تبوك، وفي قول من قال منهم، فكشف الله فيها سرائر أقوام كانوا يستخفون بغير ما يظهرون، منهم من سُمِّي لنا، ومنهم من لم يُسَمَّ لنا، فقال: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين)، أي: لأهل العهد العام من أهل الشرك من العرب = (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر)، إلى قوله: (أن الله بريء من المشركين ورسوله)، أي: بعد هذه الحجة. (٢)
* * *
وقال آخرون: بل كان إمهالُ الله عز وجل بسياحة أربعة أشهر، مَنْ كان من المشركين بينه وبين رسول الله ﷺ عهد، فأما من لم يكن له من رسول الله عهد، فإنما كان أجله خمسين ليلة، وذلك عشرون من ذي الحجة والمحرم كله. قالوا: وإنما كان ذلك كذلك، لأن أجَل الذين لا عهد لهم كان إلى انسلاخ الأشهر الحرم، كما قال الله: (فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)، الآية [سورة التوبة: ٥]. قالوا: والنداء ببراءة، كان يوم الحج الأكبر، وذلك يوم النحر في قول قوم، وفي قول آخرين يوم عرفة، وذلك خمسون يوما. قالوا: وأما تأجيل الأشهر الأربعة، فإنما كان لأهل العهد بينهم وبين رسول الله ﷺ من يوم نزلت "براءة". قالوا: ونزلت في أول شوّال، فكان انقضاء مدة أجلهم، انسلاخ الأشهر الحرم. وقد كان بعض من يقول هذه المقالة يقول: ابتداء التأجيل كان للفريقين واحدًا = أعني الذي له العهد، والذي لا عهد له = غير أن أجل الذي كان له عهد كان أربعة أشهر، والذي لا عهد له انسلاخ الأشهر الحرم، وذلك انقضاء المحرم.
* ذكر من قال ذلك:
* * *
وقال آخرون: بل كان إمهالُ الله عز وجل بسياحة أربعة أشهر، مَنْ كان من المشركين بينه وبين رسول الله ﷺ عهد، فأما من لم يكن له من رسول الله عهد، فإنما كان أجله خمسين ليلة، وذلك عشرون من ذي الحجة والمحرم كله. قالوا: وإنما كان ذلك كذلك، لأن أجَل الذين لا عهد لهم كان إلى انسلاخ الأشهر الحرم، كما قال الله: (فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)، الآية [سورة التوبة: ٥]. قالوا: والنداء ببراءة، كان يوم الحج الأكبر، وذلك يوم النحر في قول قوم، وفي قول آخرين يوم عرفة، وذلك خمسون يوما. قالوا: وأما تأجيل الأشهر الأربعة، فإنما كان لأهل العهد بينهم وبين رسول الله ﷺ من يوم نزلت "براءة". قالوا: ونزلت في أول شوّال، فكان انقضاء مدة أجلهم، انسلاخ الأشهر الحرم. وقد كان بعض من يقول هذه المقالة يقول: ابتداء التأجيل كان للفريقين واحدًا = أعني الذي له العهد، والذي لا عهد له = غير أن أجل الذي كان له عهد كان أربعة أشهر، والذي لا عهد له انسلاخ الأشهر الحرم، وذلك انقضاء المحرم.
* ذكر من قال ذلك:
(١) " خصائص " يعني لأنها لهم خاصة دون غيرهم.
(٢) الأثر: ١٦٣٥٦ - سيرة ابن هشام ٤: ١٨٨.
(٢) الأثر: ١٦٣٥٦ - سيرة ابن هشام ٤: ١٨٨.
97
١٦٣٥٧- حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر)، قال: حدّ الله للذين عاهدوا رسوله أربعة أشهر، يسيحون فيها حيثما شاؤوا، وحدّ أجل من ليس له عهد، انسلاخَ الأشهر الحرم من يوم النحر إلى انسلاخ المحرم، فذلك خمسون ليلة. فإذا انسلخ الأشهر الحرم، أمره بأن يضع السيف فيمن عاهد.
١٦٣٥٨- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: لما نزلت (براءة من الله)، إلى: (وأن الله مخزي الكافرين)، يقول: براءة من المشركين الذين كان لهم عهد يوم نزلت "براءة"، فجعل مدة من كان له عهد قبل أن تنزل "براءة"، أربعة أشهر، وأمرهم أن يسيحوا في الأرض أربعة أشهر. وجعل مدة المشركين الذين لم يكن لهم عهد قبل أن تنزل "براءة"، انسلاخ الأشهر الحرم، وانسلاخ الأشهر الحرم من يوم أذن ببراءة إلى انسلاخ المحرّم، وهي خمسون ليلة: عشرون من ذي الحجة، وثلاثون من المحرم = (فإذا انسلخ الأشهر الحرم) إلى قوله: (واقعدوا لهم كل مرصد)، يقول: لم يبق لأحد من المشركين عهد ولا ذمة منذ نزلت "براءة" وانسلخ الأشهر الحرم، ومدة من كان له عهد من المشركين قبل أن تنزل "براءة"، أربعة أشهر من يوم أذّن ببراءة، إلى عشر من أول ربيع الآخر، فذلك أربعة أشهر.
١٦٣٥٩- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين). قبل أن تنزل "براءة"، عاهد ناسًا من المشركين من أهل مكة وغيرهم، فنزلت: براءة من الله إلى كل أحد ممن كان عاهدك من المشركين، فإني أنقض العهد الذي بينك وبينهم، فأؤجلهم أربعة أشهر يسيحون
١٦٣٥٨- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: لما نزلت (براءة من الله)، إلى: (وأن الله مخزي الكافرين)، يقول: براءة من المشركين الذين كان لهم عهد يوم نزلت "براءة"، فجعل مدة من كان له عهد قبل أن تنزل "براءة"، أربعة أشهر، وأمرهم أن يسيحوا في الأرض أربعة أشهر. وجعل مدة المشركين الذين لم يكن لهم عهد قبل أن تنزل "براءة"، انسلاخ الأشهر الحرم، وانسلاخ الأشهر الحرم من يوم أذن ببراءة إلى انسلاخ المحرّم، وهي خمسون ليلة: عشرون من ذي الحجة، وثلاثون من المحرم = (فإذا انسلخ الأشهر الحرم) إلى قوله: (واقعدوا لهم كل مرصد)، يقول: لم يبق لأحد من المشركين عهد ولا ذمة منذ نزلت "براءة" وانسلخ الأشهر الحرم، ومدة من كان له عهد من المشركين قبل أن تنزل "براءة"، أربعة أشهر من يوم أذّن ببراءة، إلى عشر من أول ربيع الآخر، فذلك أربعة أشهر.
١٦٣٥٩- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين). قبل أن تنزل "براءة"، عاهد ناسًا من المشركين من أهل مكة وغيرهم، فنزلت: براءة من الله إلى كل أحد ممن كان عاهدك من المشركين، فإني أنقض العهد الذي بينك وبينهم، فأؤجلهم أربعة أشهر يسيحون
98
حيث شاؤوا من الأرض آمنين. وأجَّل من لم يكن بينه وبين النبي ﷺ عهد انسلاخَ الأشهر الحرم، من يوم أذِّن ببراءة، وأذن بها يوم النحر، فكان عشرين من ذي الحجة والمحرم ثلاثين، فذلك خمسون ليلة. فأمر الله نبيه إذا انسلخ المحرم أن يضع السيف فيمن لم يكن بينه وبين نبي الله ﷺ عهد، يقتلهم حتى يدخلوا في الإسلام. وأمر بمن كان له عهد إذا انسلخ أربعةٌ من يوم النحر، أن يضع فيهم السيف أيضًا، يقتلهم حتى يدخلوا في الإسلام. فكانت مدة من لا عهد بينه وبين رسول الله ﷺ خمسين ليلة من يوم النحر، ومدة من كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد، أربعة أشهر: من يوم النحر، إلى عشر يخلُون من شهر ربيع الآخر.
١٦٣٦٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (براءة من الله ورسوله)، إلى قوله: (وبشر الذين كفروا بعذاب أليم)، قال: ذكر لنا أن عليًّا نادى بالأذان، وأُمِّر على الحاجّ أبو بكر رحمة الله عليهما. وكان العامَ الذي حج فيه المسلمون والمشركون، ولم يحج المشركون بعد ذلك العام = قوله: (الذين عاهدتم من المشركين)، إلى قوله: (إلى مدتهم)، قال: هم مشركو قريش، الذين عاهدهم رسول الله ﷺ زمنَ الحديبية، وكان بقي من مدتهم أربعة أشهر بعد يوم النحر، وأمر الله نبيه أن يوفِّي بعهدهم إلى مدتهم، ومن لا عهد له انسلاخَ المحرّم، ونبذ إلى كل ذي عهد عهده، وأمر بقتالهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ولا يقبل منهم إلا ذلك.
* * *
وقال آخرون: كان ابتداء تأخير المشركين أربعة أشهر وانقضاء ذلك لجميعهم، وقتًا واحدًا. قالوا: وكان ابتداؤه يوم الحج الأكبر، وانقضاؤه انقضاء عشر من ربيع الآخر.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٣٦١- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين)،
١٦٣٦٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (براءة من الله ورسوله)، إلى قوله: (وبشر الذين كفروا بعذاب أليم)، قال: ذكر لنا أن عليًّا نادى بالأذان، وأُمِّر على الحاجّ أبو بكر رحمة الله عليهما. وكان العامَ الذي حج فيه المسلمون والمشركون، ولم يحج المشركون بعد ذلك العام = قوله: (الذين عاهدتم من المشركين)، إلى قوله: (إلى مدتهم)، قال: هم مشركو قريش، الذين عاهدهم رسول الله ﷺ زمنَ الحديبية، وكان بقي من مدتهم أربعة أشهر بعد يوم النحر، وأمر الله نبيه أن يوفِّي بعهدهم إلى مدتهم، ومن لا عهد له انسلاخَ المحرّم، ونبذ إلى كل ذي عهد عهده، وأمر بقتالهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ولا يقبل منهم إلا ذلك.
* * *
وقال آخرون: كان ابتداء تأخير المشركين أربعة أشهر وانقضاء ذلك لجميعهم، وقتًا واحدًا. قالوا: وكان ابتداؤه يوم الحج الأكبر، وانقضاؤه انقضاء عشر من ربيع الآخر.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٣٦١- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين)،
99
قال: لما نزلت هذه الآية. برئ من عهد كل مشرك، ولم يعاهد بعدها إلا من كان عاهد، وأجرى لكلّ مدتهم = (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر)، لمن دخل عهده فيها، من عشر ذي الحجة والمحرم، وصفر، وشهر ربيع الأول، وعشر من ربيع الآخر.
١٦٣٦٢- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو معشر قال، حدثنا محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا: بعث رسول الله ﷺ أبا بكر أميرًا على الموسم سنة تسع، وبعث عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنهما، بثلاثين أو أربعين آية من "براءة"، فقرأها على الناس، يؤجِّل المشركين أربعة أشهر يسيحون في الأرض، فقرأ عليهم "براءة" يوم عرفة، أجَّل المشركين عشرين من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وشهر ربيع الأول، وعشرًا من ربيع الآخر، وقرأها عليهم في منازلهم، وقال: لا يحجنّ بعد عامنا هذا مشرك، ولا يطوفنّ بالبيت عُريان.
١٦٣٦٣- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر)، عشرون من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وربيع الأول، وعشر من ربيع الآخر. كان ذلك عهدَهم الذي بينهم.
١٦٣٦٤- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (براءة من الله ورسوله)، إلى أهل العهد: خزاعة، ومُدْلج، ومن كان له عهد منهم أو غيرهم. (١) أقبل رسول الله ﷺ من تبوك حين فرغ، فأراد رسول الله ﷺ الحجَّ، ثم قال: إنه يحضر المشركون فيطوفون عُرَاةً، فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك. فأرسل أبا بكر وعليًّا رحمة الله عليهما فطافا بالناس بذي المجاز، وبأمكنتهم التي كانوا يتبايعون بها، وبالمواسم كلها، فآذنوا أصحابَ العهد بأن يأمنوا أربعة أشهر، فهي الأشهر المتواليات: عشرون من آخر ذي الحجة إلى عشر يخلون
١٦٣٦٢- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو معشر قال، حدثنا محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا: بعث رسول الله ﷺ أبا بكر أميرًا على الموسم سنة تسع، وبعث عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنهما، بثلاثين أو أربعين آية من "براءة"، فقرأها على الناس، يؤجِّل المشركين أربعة أشهر يسيحون في الأرض، فقرأ عليهم "براءة" يوم عرفة، أجَّل المشركين عشرين من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وشهر ربيع الأول، وعشرًا من ربيع الآخر، وقرأها عليهم في منازلهم، وقال: لا يحجنّ بعد عامنا هذا مشرك، ولا يطوفنّ بالبيت عُريان.
١٦٣٦٣- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر)، عشرون من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وربيع الأول، وعشر من ربيع الآخر. كان ذلك عهدَهم الذي بينهم.
١٦٣٦٤- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (براءة من الله ورسوله)، إلى أهل العهد: خزاعة، ومُدْلج، ومن كان له عهد منهم أو غيرهم. (١) أقبل رسول الله ﷺ من تبوك حين فرغ، فأراد رسول الله ﷺ الحجَّ، ثم قال: إنه يحضر المشركون فيطوفون عُرَاةً، فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك. فأرسل أبا بكر وعليًّا رحمة الله عليهما فطافا بالناس بذي المجاز، وبأمكنتهم التي كانوا يتبايعون بها، وبالمواسم كلها، فآذنوا أصحابَ العهد بأن يأمنوا أربعة أشهر، فهي الأشهر المتواليات: عشرون من آخر ذي الحجة إلى عشر يخلون
(١) في المخطوطة: " ومن كان له أو غيرهم "، والذي في المطبوعة: " ومن كان له عهد من غيرهم "، وصححتها كما ترى.
100
من شهر ربيع الآخر، ثم لا عهد لهم. وآذن الناس كلها بالقتال إلا أن يؤمنوا.
١٦٣٦٥- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين)، قال: أهل العهد: مدلج، والعرب الذين عاهدهم، ومن كان له عهد. قال: أقبل رسول الله ﷺ من تبوك حين فرغ منها وأراد الحج، ثم قال: إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك. فأرسل أبا بكر وعليًّا رحمة الله عليهما، فطافا بالناس بذي المجاز، وبأمكنتهم التي كانوا يتبايعون بها، وبالموسم كله، وآذنوا أصحابَ العهد بأن يأمنوا أربعة أشهر، فهي الأشهر الحرم المنسلخات المتواليات: عشرون من آخر ذي الحجة إلى عشر يخلون من شهر ربيع الآخر، ثم لا عهد لهم. وآذن الناس كلهم بالقتال إلا أن يؤمنوا. فآمن الناس أجمعون حينئذ، ولم يَسِحْ أحد. وقال: حين رجع من الطائف، مضى من فوره ذلك، فغزا تبوك، بعد إذ جاء إلى المدينة.
* * *
وقال آخرون ممن قال: "ابتداء الأجل لجميع المشركين وانقضاؤه كان واحدًا". كان ابتداؤه يوم نزلت "براءة"، وانقضاء الأشهر الحرم، وذلك انقضاء المحرم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٣٦٦- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر)، قال: نزلت في شوال، فهذه الأربعة الأشهر: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم.
* * *
وقال آخرون: إنما كان تأجيلُ الله الأشهرَ الأربعة المشركين في السياحة، لمن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد مدته أقل من أربعة أشهر. أما من كان له عهد مدته أكثر من أربعة أشهر، فإنه أمر ﷺ أن يُتمّ له عهده إلى مدته.
١٦٣٦٥- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين)، قال: أهل العهد: مدلج، والعرب الذين عاهدهم، ومن كان له عهد. قال: أقبل رسول الله ﷺ من تبوك حين فرغ منها وأراد الحج، ثم قال: إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك. فأرسل أبا بكر وعليًّا رحمة الله عليهما، فطافا بالناس بذي المجاز، وبأمكنتهم التي كانوا يتبايعون بها، وبالموسم كله، وآذنوا أصحابَ العهد بأن يأمنوا أربعة أشهر، فهي الأشهر الحرم المنسلخات المتواليات: عشرون من آخر ذي الحجة إلى عشر يخلون من شهر ربيع الآخر، ثم لا عهد لهم. وآذن الناس كلهم بالقتال إلا أن يؤمنوا. فآمن الناس أجمعون حينئذ، ولم يَسِحْ أحد. وقال: حين رجع من الطائف، مضى من فوره ذلك، فغزا تبوك، بعد إذ جاء إلى المدينة.
* * *
وقال آخرون ممن قال: "ابتداء الأجل لجميع المشركين وانقضاؤه كان واحدًا". كان ابتداؤه يوم نزلت "براءة"، وانقضاء الأشهر الحرم، وذلك انقضاء المحرم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٣٦٦- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر)، قال: نزلت في شوال، فهذه الأربعة الأشهر: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم.
* * *
وقال آخرون: إنما كان تأجيلُ الله الأشهرَ الأربعة المشركين في السياحة، لمن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد مدته أقل من أربعة أشهر. أما من كان له عهد مدته أكثر من أربعة أشهر، فإنه أمر ﷺ أن يُتمّ له عهده إلى مدته.
101
* ذكر من قال ذلك:
١٦٣٦٧- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال: قال الكلبي: إنما كان الأربعة الأشهر لمن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد دون الأربعة الأشهر، فأتم له الأربعة. ومن كان له عهد أكثر من أربعة أشهر، فهو الذي أمر أن يتم له عهده، وقال: (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ)، [سورة التوبة: ٤].
* * *
قال أبو جعفر رحمه الله: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قولُ من قال: الأجلُ الذي جعله الله لأهل العهد من المشركين، وأذن لهم بالسياحة فيه بقوله: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر)، إنما هو لأهل العهد الذين ظاهروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقضوا عهدهم قبل انقضاء مدته. فأما الذين لم ينقضوا عهدهم ولم يظاهروا عليه، فإن الله جل ثناؤه أمر نبيه ﷺ بإتمام العهد بينه وبينهم إلى مدته بقوله: (إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)، [سورة التوبة: ٤]
فإن ظنّ ظانٌّ أن قول الله تعالى ذكره: (فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)، [سورة التوبة: ٥]، يدلُّ على خلاف ما قلنا في ذلك، إذ كان ذلك ينبئ على أن الفرض على المؤمنين كان بعد انقضاء الأشهر الحرم، (١) قتْلَ كل مشرك، فإن الأمر في ذلك بخلاف ما ظن، وذلك أن الآية التي تتلو ذلك تبين عن صحة ما قلنا، (٢) وفسادِ ما ظنه من ظنّ أن انسلاخ الأشهر
١٦٣٦٧- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال: قال الكلبي: إنما كان الأربعة الأشهر لمن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد دون الأربعة الأشهر، فأتم له الأربعة. ومن كان له عهد أكثر من أربعة أشهر، فهو الذي أمر أن يتم له عهده، وقال: (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ)، [سورة التوبة: ٤].
* * *
قال أبو جعفر رحمه الله: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قولُ من قال: الأجلُ الذي جعله الله لأهل العهد من المشركين، وأذن لهم بالسياحة فيه بقوله: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر)، إنما هو لأهل العهد الذين ظاهروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقضوا عهدهم قبل انقضاء مدته. فأما الذين لم ينقضوا عهدهم ولم يظاهروا عليه، فإن الله جل ثناؤه أمر نبيه ﷺ بإتمام العهد بينه وبينهم إلى مدته بقوله: (إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)، [سورة التوبة: ٤]
فإن ظنّ ظانٌّ أن قول الله تعالى ذكره: (فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)، [سورة التوبة: ٥]، يدلُّ على خلاف ما قلنا في ذلك، إذ كان ذلك ينبئ على أن الفرض على المؤمنين كان بعد انقضاء الأشهر الحرم، (١) قتْلَ كل مشرك، فإن الأمر في ذلك بخلاف ما ظن، وذلك أن الآية التي تتلو ذلك تبين عن صحة ما قلنا، (٢) وفسادِ ما ظنه من ظنّ أن انسلاخ الأشهر
(١) في المطبوعة: " ينبئ عن أن... "، وقد سلف مرارا أن استعمل أبو جعفر " على " مع " ينبئ "، فأثبتها كما في المخطوطة، وهي جائزة لتضمنها معنى " يدل ".
(٢) في المطبوعة: " تنبئ عن صحة "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: " تنبئ عن صحة "، وأثبت ما في المخطوطة.
102
الحرم كان يبيح قتل كل مشرك، كان له عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو لم يكن له منه عهد، وذلك قوله: (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)، [سورة التوبة: ٧]، فهؤلاء مشركون، وقد أمر الله نبيه ﷺ والمؤمنين بالاستقامة لهم في عهدهم، ما استقاموا لهم بترك نقض صلحهم، وترك مظاهرة عدوهم عليهم.
وبعدُ، ففي الأخبار المتظاهرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه حين بعث عليًّا رحمة الله عليه ببراءة إلى أهل العهود بينه وبينهم، أمره فيما أمره أن ينادي به فيهم: "ومن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد فعهده إلى مدته"، أوضحُ الدليل على صحة ما قلنا. وذلك أن الله لم يأمر نبيه ﷺ بنقض عهد قوم كان عاهدهم إلى أجل فاستقاموا على عهدهم بترك نقضه، وأنه إنما أجل أربعة أشهر من كان قد نقض عهده قبل التأجيل، أو من كان له عهد إلى أجل غير محدود. فأما من كان أجل عهده محدودًا، ولم يجعل بنقضه على نفسه سبيلا فإن رسول الله ﷺ كان بإتمام عهده إلى غاية أجله مأمورًا. وبذلك بعث مناديه ينادي به في أهل الموسم من العرب.
١٦٣٦٨- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا قيس، عن مغيرة، عن الشعبي قال، حدثني محرّر بن أبي هريرة، عن أبي هريرة قال: كنت مع علي رحمة الله عليه، حين بعثه النبي ﷺ ينادي. فكان إذا صَحِل صوته ناديتُ، (١) قلت: بأي شيء كنتم تنادون؟ قال: بأربع: لا يطُفْ بالكعبة عُريان، ومن كان له عند رسول الله ﷺ عهدٌ
وبعدُ، ففي الأخبار المتظاهرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه حين بعث عليًّا رحمة الله عليه ببراءة إلى أهل العهود بينه وبينهم، أمره فيما أمره أن ينادي به فيهم: "ومن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد فعهده إلى مدته"، أوضحُ الدليل على صحة ما قلنا. وذلك أن الله لم يأمر نبيه ﷺ بنقض عهد قوم كان عاهدهم إلى أجل فاستقاموا على عهدهم بترك نقضه، وأنه إنما أجل أربعة أشهر من كان قد نقض عهده قبل التأجيل، أو من كان له عهد إلى أجل غير محدود. فأما من كان أجل عهده محدودًا، ولم يجعل بنقضه على نفسه سبيلا فإن رسول الله ﷺ كان بإتمام عهده إلى غاية أجله مأمورًا. وبذلك بعث مناديه ينادي به في أهل الموسم من العرب.
١٦٣٦٨- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا قيس، عن مغيرة، عن الشعبي قال، حدثني محرّر بن أبي هريرة، عن أبي هريرة قال: كنت مع علي رحمة الله عليه، حين بعثه النبي ﷺ ينادي. فكان إذا صَحِل صوته ناديتُ، (١) قلت: بأي شيء كنتم تنادون؟ قال: بأربع: لا يطُفْ بالكعبة عُريان، ومن كان له عند رسول الله ﷺ عهدٌ
(١) " صحل صوته "، هو البحح. وله معنى آخر شبيه به في حديث أم معبد، في صفة رسول الله، بأبي هو وأمي، ﷺ قالت: " وفي صوته صحل "، (بفتحتين)، وهو مثل البحة في الصوت. فلا يكون حادا رفيعا.
103
فعهده إلى مدته، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يحج بعد عامنا هذا مشرك. (١)
١٦٣٦٩- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا عفان قال، حدثنا قيس بن الربيع قال، حدثنا الشيباني، عن الشعبي قال: أخبرنا المحرّر بن أبي هريرة، عن أبيه قال: كنت مع علي رضي الله عنه، فذكر نحوه = إلا أنه قال: ومن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهدٌ فعهده إلى أجله. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: وقد حدث بهذا الحديث شعبة، فخالف قيسًا في الأجل.
١٦٣٧٠- فحدثني يعقوب بن إبراهيم ومحمد بن المثنى قالا حدثنا عثمان بن عمر قال، حدثنا شعبة، عن المغيرة، عن الشعبي، عن المحرّر بن أبي هريرة، عن أبيه قال: كنت مع علي حين بعثه رسول الله ﷺ ببراءة إلى أهل مكة، فكنت أنادي حتى صَحِل صوتي. فقلت: بأي شيء كنت تنادي؟ قال: أمرنا أن ننادي: أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، ومن كان بينه وبين رسول
١٦٣٦٩- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا عفان قال، حدثنا قيس بن الربيع قال، حدثنا الشيباني، عن الشعبي قال: أخبرنا المحرّر بن أبي هريرة، عن أبيه قال: كنت مع علي رضي الله عنه، فذكر نحوه = إلا أنه قال: ومن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهدٌ فعهده إلى أجله. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: وقد حدث بهذا الحديث شعبة، فخالف قيسًا في الأجل.
١٦٣٧٠- فحدثني يعقوب بن إبراهيم ومحمد بن المثنى قالا حدثنا عثمان بن عمر قال، حدثنا شعبة، عن المغيرة، عن الشعبي، عن المحرّر بن أبي هريرة، عن أبيه قال: كنت مع علي حين بعثه رسول الله ﷺ ببراءة إلى أهل مكة، فكنت أنادي حتى صَحِل صوتي. فقلت: بأي شيء كنت تنادي؟ قال: أمرنا أن ننادي: أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، ومن كان بينه وبين رسول
(١) الأثر: ١٦٣٦٨ - رواه أبو جعفر بثلاثة أسانيد، وسيأتي تخريجه فيما بعد. " قيس "، هو: " قيس بن الربيع الأسدي "، لينه أحمد وغيره، وقد سلف مرارا آخرها رقم: ١٢٨٠٢. و"مغيرة" هو: "مغيرة بن مقسم الضبي"، ثقة، روى له الجماعة. سلف مرارا، آخرها رقم: ١١٣٤٠. و " محرر بن أبي هريرة "، تابعي ثقة، قليل الحديث، سلف برقم: ٢٨٦٣. وهذا خبر ضعيف إسناده، لضعف " قيس بن الربيع ".
(٢) الأثر: ١٦٣٦٩ - هذا الإسناد الثاني من حديث المحرر بن أبي هريرة. " عفان "، هو: " عفان بن مسلم بن عبد الله الصفار "، روى له الجماعة، كان يروي عن قيس بن الربيع، ويقع فيه. مضت ترجمته برقم: ٥٣٩٢. و " الشيباني " هو " أبو إسحاق الشيباني "، " سليمان بن أبي سليمان "، الإمام، مضى مرارا، من آخرها رقم: ١٢٤٨٩. وعلة إسناده ضعف " قيس بن الربيع ". ولكن رواه الحاكم في المستدرك ٢: ٣٣١ من طريق شعبة، عن سليمان الشيباني، وقال: " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه "، ووافقه الذهبي. انظر التعليق التالي.
(٢) الأثر: ١٦٣٦٩ - هذا الإسناد الثاني من حديث المحرر بن أبي هريرة. " عفان "، هو: " عفان بن مسلم بن عبد الله الصفار "، روى له الجماعة، كان يروي عن قيس بن الربيع، ويقع فيه. مضت ترجمته برقم: ٥٣٩٢. و " الشيباني " هو " أبو إسحاق الشيباني "، " سليمان بن أبي سليمان "، الإمام، مضى مرارا، من آخرها رقم: ١٢٤٨٩. وعلة إسناده ضعف " قيس بن الربيع ". ولكن رواه الحاكم في المستدرك ٢: ٣٣١ من طريق شعبة، عن سليمان الشيباني، وقال: " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه "، ووافقه الذهبي. انظر التعليق التالي.
104
الله ﷺ عهد فأجله إلى أربعة أشهر، فإذا حلّ الأجل فإن الله بريء من المشركين ورسوله، ولا يطُفْ بالبيت عريان، ولا يحج بعد العام مشرك. (١)
* * *
قال أبو جعفر: وأخشى أن يكون هذا الخبر وهمًا من ناقله في الأجل، لأن الأخبار متظاهرة في الأجل بخلافه، مع خلاف قيس شعبة في نفس هذا الحديث على ما بينته.
١٦٣٧١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن الحارث الأعور، عن علي رحمة الله عليه قال: أمرت بأربع: أمرت أن لا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك، ولا يطف رجل بالبيت عريانًا، ولا يدخل الجنة إلا كل نفس مسلمة، وأن يتمّ إلى كل ذي عهد عهده. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: وأخشى أن يكون هذا الخبر وهمًا من ناقله في الأجل، لأن الأخبار متظاهرة في الأجل بخلافه، مع خلاف قيس شعبة في نفس هذا الحديث على ما بينته.
١٦٣٧١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن الحارث الأعور، عن علي رحمة الله عليه قال: أمرت بأربع: أمرت أن لا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك، ولا يطف رجل بالبيت عريانًا، ولا يدخل الجنة إلا كل نفس مسلمة، وأن يتمّ إلى كل ذي عهد عهده. (٢)
(١) الأثر: ١٦٣٧٠ - هذا هو الإسناد الثالث: " عثمان بن عمر بن فارس العبدي "، ثقة روى له الجماعة، مضى مرارا. منها رقم: ٥٤٥٨، وغيره. وهذا الخبر من طريق شعبة، عن المغيرة، رواه أحمد في مسنده رقم: ٧٩٦٤، ورواه النسائي في سننه ٥: ٢٣٤. ورواه الحاكم في المستدرك ٢: ٣٣١ من طريق أخرى، عن النضر بن شميل، عن شعبة، عن سليمان الشيباني وقال: " هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه "، ووافقه الذهبي. انظر التعليق السالف. واستوفى الكلام فيه ابن كثير في تفسيره ٤: ١١١، وفي التاريخ ٥: ٣٨، وقال في التاريخ: " وهذا إسناد جيد، ولكن فيه نكارة من جهة قول الراوي: إن من كان له عهد فأجله إلى أربعة أشهر. وقد ذهب إلى هذا ذاهبون، ولكن الصحيح: أن من كان له عهد فأجله إلى أمده بالغا ما بلغ، ولو زاد على أربعة أشهر. ومن ليس له أمد بالكلية، فله تأجيل أربعة أشهر. بقى قسم ثالث، وهو: من له أمد يتناهى إلى أقل من أربعة أشهر من يوم التأجيل، وهذا يحتمل أن يلتحق بالأول، فيكون أجله إلى مدته وإن قل. ويحتمل أن يقال إنه يؤجل إلى أربعة أشهر، لأنه أولى ممن ليس له عهد بالكلية ". وانظر شرح الخبر في مسند أحمد.
(٢) الأثر: ١٦٣٧١ - " الحارث الأعور "، هو " الحارث بن عبد الله الهمداني "، ضعيف جدا، سلف مرارا، انظر رقم: ١٧٤. فإسناده ضعيف. وسيأتي بإسناد آخر رقم: ١٦٣٧٤.
(٢) الأثر: ١٦٣٧١ - " الحارث الأعور "، هو " الحارث بن عبد الله الهمداني "، ضعيف جدا، سلف مرارا، انظر رقم: ١٧٤. فإسناده ضعيف. وسيأتي بإسناد آخر رقم: ١٦٣٧٤.
105
١٦٣٧٢- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع قال: نزلت "براءة"، فبعث بها رسول الله ﷺ أبا بكر، ثم أرسل عليًّا فأخذها منه. فلما رجع أبو بكر قال: هل نزل فيَّ شيء؟ قال: لا ولكني أمرت أن أبلغها أنا أو رجل من أهل بيتي. فانطلق إلى مكة، (١) فقام فيهم بأربع: أن لا يدخل مكة مشرك بعد عامه هذا، ولا يطف بالكعبة عريان، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ومن كان بينه وبين رسول الله عهدٌ فعهده إلى مدته. (٢)
١٦٣٧٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن زكريا، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع، عن علي قال: بعثني النبي ﷺ حين أنزلت: "براءة" بأربع: أن لا يطف بالبيت عريان، ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامهم هذا، ومن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد فهو إلى مدته، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة. (٣)
١٦٣٧٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عبد الأعلى، عن معمر،
١٦٣٧٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن زكريا، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع، عن علي قال: بعثني النبي ﷺ حين أنزلت: "براءة" بأربع: أن لا يطف بالبيت عريان، ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامهم هذا، ومن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد فهو إلى مدته، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة. (٣)
١٦٣٧٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عبد الأعلى، عن معمر،
(١) قوله: " فانطلق "، يعني عليا رحمه الله.
(٢) الأثران: ١٦٣٧٢، ١٦٣٧٣ - حديث زيد بن يثيع، سيرويه من ثلاث طرق، هذا، والذي يليه، ثم رقم: ١٦٣٧٩. و " زيد بن يثيع "، أو " أثيع " بالتصغير فيهما، تابعي ثقة قليل الحديث، مضى برقم: ١٥٧٣٧. وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده رقم: ٥٩٤، من طريق سفيان، عن أبي إسحاق السبيعي، وإسناده صحيح. ورواه الترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في كراهية الطواف عريانا، وقال: " وفي الباب عن أبي هريرة، قال أبو عيسى: حديث على حسن ". ويعني بحديث أبي هريرة ما سلف رقم: ١٦٣٦٨ - ١٦٣٧٠. ثم رواه أيضا في كتاب التفسير وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". وروى أحمد في مسند أبي بكر رقم: ٤، نحو هذا الحديث مطولا، من حديث زيد بن يثيع، عن أبي بكر.
(٣) الأثران: ١٦٣٧٢، ١٦٣٧٣ - حديث زيد بن يثيع، سيرويه من ثلاث طرق، هذا، والذي يليه، ثم رقم: ١٦٣٧٩. و " زيد بن يثيع "، أو " أثيع " بالتصغير فيهما، تابعي ثقة قليل الحديث، مضى برقم: ١٥٧٣٧. وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده رقم: ٥٩٤، من طريق سفيان، عن أبي إسحاق السبيعي، وإسناده صحيح. ورواه الترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في كراهية الطواف عريانا، وقال: " وفي الباب عن أبي هريرة، قال أبو عيسى: حديث على حسن ". ويعني بحديث أبي هريرة ما سلف رقم: ١٦٣٦٨ - ١٦٣٧٠. ثم رواه أيضا في كتاب التفسير وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". وروى أحمد في مسند أبي بكر رقم: ٤، نحو هذا الحديث مطولا، من حديث زيد بن يثيع، عن أبي بكر.
(٢) الأثران: ١٦٣٧٢، ١٦٣٧٣ - حديث زيد بن يثيع، سيرويه من ثلاث طرق، هذا، والذي يليه، ثم رقم: ١٦٣٧٩. و " زيد بن يثيع "، أو " أثيع " بالتصغير فيهما، تابعي ثقة قليل الحديث، مضى برقم: ١٥٧٣٧. وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده رقم: ٥٩٤، من طريق سفيان، عن أبي إسحاق السبيعي، وإسناده صحيح. ورواه الترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في كراهية الطواف عريانا، وقال: " وفي الباب عن أبي هريرة، قال أبو عيسى: حديث على حسن ". ويعني بحديث أبي هريرة ما سلف رقم: ١٦٣٦٨ - ١٦٣٧٠. ثم رواه أيضا في كتاب التفسير وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". وروى أحمد في مسند أبي بكر رقم: ٤، نحو هذا الحديث مطولا، من حديث زيد بن يثيع، عن أبي بكر.
(٣) الأثران: ١٦٣٧٢، ١٦٣٧٣ - حديث زيد بن يثيع، سيرويه من ثلاث طرق، هذا، والذي يليه، ثم رقم: ١٦٣٧٩. و " زيد بن يثيع "، أو " أثيع " بالتصغير فيهما، تابعي ثقة قليل الحديث، مضى برقم: ١٥٧٣٧. وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده رقم: ٥٩٤، من طريق سفيان، عن أبي إسحاق السبيعي، وإسناده صحيح. ورواه الترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في كراهية الطواف عريانا، وقال: " وفي الباب عن أبي هريرة، قال أبو عيسى: حديث على حسن ". ويعني بحديث أبي هريرة ما سلف رقم: ١٦٣٦٨ - ١٦٣٧٠. ثم رواه أيضا في كتاب التفسير وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". وروى أحمد في مسند أبي بكر رقم: ٤، نحو هذا الحديث مطولا، من حديث زيد بن يثيع، عن أبي بكر.
106
عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رحمة الله عليه، قال: بعثت إلى أهل مكة بأربع، ثم ذكر الحديث. (١)
١٦٣٧٥- حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال، حدثنا حسين بن محمد قال، حدثنا سليمان بن قرم، عن الأعمش، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: أن رسول الله ﷺ بعث أبا بكر ببراءة، ثم أتبعه عليًّا، فأخذها منه، فقال أبو بكر: يا رسول الله حدث فيّ شيء؟ قال: "لا أنت صاحبي في الغار وعلى الحوض، ولا يؤدِّي عني إلا أنا أو عليّ! وكان الذي بعث به عليًّا أربعا: لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ولا يحجّ بعد العام مشرك، ولا يطف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد فهو إلى مُدَّته. (٢)
١٦٣٧٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن ابن أبي خالد، عن عامر قال: بعث النبي ﷺ عليًّا رحمة الله عليه، فنادى: ألا لا يحجنَّ بعد العام مشرك، ولا يطف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ومن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد فأجله إلى مدته، والله بريء من المشركين ورسوله.
١٦٣٧٧- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثنا محمد بن إسحاق، عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، عن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين
١٦٣٧٥- حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال، حدثنا حسين بن محمد قال، حدثنا سليمان بن قرم، عن الأعمش، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: أن رسول الله ﷺ بعث أبا بكر ببراءة، ثم أتبعه عليًّا، فأخذها منه، فقال أبو بكر: يا رسول الله حدث فيّ شيء؟ قال: "لا أنت صاحبي في الغار وعلى الحوض، ولا يؤدِّي عني إلا أنا أو عليّ! وكان الذي بعث به عليًّا أربعا: لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ولا يحجّ بعد العام مشرك، ولا يطف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد فهو إلى مُدَّته. (٢)
١٦٣٧٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن ابن أبي خالد، عن عامر قال: بعث النبي ﷺ عليًّا رحمة الله عليه، فنادى: ألا لا يحجنَّ بعد العام مشرك، ولا يطف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ومن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد فأجله إلى مدته، والله بريء من المشركين ورسوله.
١٦٣٧٧- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثنا محمد بن إسحاق، عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، عن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين
(١) الأثر: ١٦٣٧٤ - انظر التعليق على الأثر رقم: ١٦٣٧١.
(٢) الأثر: ١٦٣٧٥ - " حسين بن محمد المروزي "، روى له الجماعة، مضى مرارا، آخرها رقم: ١٥٣٣٨. و"سليمان بن قرم بن معاذ التيمي"، ثقة، غمزوه بالغلو في التشيع. مضى برقم: ٩١٦٣. و " الحكم " هو " الحكم بن عتيبة "، مضى مرارا. وهذا الخبر رواه الترمذي في كتاب التفسير، من طريق أخرى، من طريق عباد بن العوام، عن سفيان بن الحسين، عن الحكم بن عتيبة، بنحوه، وقال: " هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، من حديث ابن عباس ".
(٢) الأثر: ١٦٣٧٥ - " حسين بن محمد المروزي "، روى له الجماعة، مضى مرارا، آخرها رقم: ١٥٣٣٨. و"سليمان بن قرم بن معاذ التيمي"، ثقة، غمزوه بالغلو في التشيع. مضى برقم: ٩١٦٣. و " الحكم " هو " الحكم بن عتيبة "، مضى مرارا. وهذا الخبر رواه الترمذي في كتاب التفسير، من طريق أخرى، من طريق عباد بن العوام، عن سفيان بن الحسين، عن الحكم بن عتيبة، بنحوه، وقال: " هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، من حديث ابن عباس ".
107
بن علي قال: لما نزلت براءة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان بعث أبا بكر الصديق رحمة الله عليه ليقيم الحج للناس; قيل له: يا رسول الله، لو بعثت إلى أبي بكر! فقال: لا يؤدِّي عني إلا رجل من أهل بيتي! ثم دعا علي بن أبي طالب رحمة الله عليه، فقال: اخرج بهذه القصة من صدر "براءة"، وأذِّن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنًى: أنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطف بالبيت عريان، ومن كان له عند رسول الله ﷺ عهد فهو إلى مدته. فخرج علي بن أبي طالب رحمة الله عليه على ناقة رسول الله ﷺ العضباء، حتى أدرك أبا بكر الصديق بالطريق. فلما رآه أبو بكر قال: أميرٌ أو مأمور؟ قال: مأمور، ثم مضيا رحمة الله عليهما، فأقام أبو بكر للناس الحج، والعرب إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحجّ التي كانوا عليها في الجاهلية. حتى إذا كان يوم النحر، قام علي بن أبي طالب رحمة الله عليه، فأذن في الناس بالذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أيها الناس، لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطف بالبيت عريان، ومن كان له عهد عند رسول الله ﷺ فهو له إلى مدته. فلم يحجّ بعد ذلك العام مشرك، ولم يطف بالبيت عريان. ثم قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان هذا من "براءة"، فيمن كان من أهل الشرك من أهل العهد العامّ، وأهل المدة إلى الأجل المسمى. (١)
١٦٣٧٨- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: لما نزلت هذه الآيات إلى رأس أربعين آية، بعث بهن رسول الله ﷺ مع أبي بكر وأمَّره على الحج. فلما سار فبلغ
١٦٣٧٨- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: لما نزلت هذه الآيات إلى رأس أربعين آية، بعث بهن رسول الله ﷺ مع أبي بكر وأمَّره على الحج. فلما سار فبلغ
(١) الأثر: ١٦٣٧٧ - سيرة ابن هشام ٤: ١٩٠، ١٩١. " حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف الأنصاري "، ثقة، تكلموا فيه، حتى قال ابن سعد: " كان قليل الحديث، ولا يحتجون بحديثه "، مضى برقم: ١١٧٤١.
108
الشجرة من ذي الحليفة، أتبعه بعليّ فأخذها منه. فرجع أبو بكر إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أنزل في شأني شيء؟ قال: لا ولكن لا يبلِّغ عني غيري، أو رجل مني، أما ترضى يا أبا بكر أنك كنت معي في الغار، وأنك صاحبي على الحوض؟ قال: بلى، يا رسول الله! فسار أبو بكر على الحاجّ، وعلي يؤذن ببراءة، فقام يوم الأضحى فقال: لا يقربنَّ المسجد الحرام مشرك بعد عامه هذا، ولا يطوفنّ بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد فله عهده إلى مدته، وإن هذه أيام أكل وشرب، وإن الله لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما. فقالوا: نحن نبرأ من عهدك وعهد ابن عمك إلا من الطعن والضرب! فرجع المشركون، فلام بعضهم بعضًا وقالوا: ما تصنعون، وقد أسلمت قريش؟ فأسلموا.
١٦٣٧٩- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع، عن علي قال: أمرت بأربع: أن لا يقربَ البيتَ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وأن يتم إلى كل ذي عهد عهده = قال معمر: وقاله قتادة. (١)
* * *
قال أبو جعفر: فقد أنبأت هذه الأخبار ونظائرها عن صحة ما قلنا، وأن أجل الأشهر الأربعة إنما كان لمن وصفنا. فأما من كان عهده إلى مدة معلومة، فلم يجعل لرسول الله ﷺ وللمؤمنين لنَقْضِه ومظاهرة أعدائهم عليهم سبيلا فإن رسول الله ﷺ قد وَفَى له بعهده إلى مدته، عن أمر الله إياه بذلك. وعلى ذلك دلّ ظاهرُ التنزيل، وتظاهرت به الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأما الأشهر الأربعة، فإنها كانت أجلَ من ذكرنا. وكان ابتداؤها يوم
١٦٣٧٩- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع، عن علي قال: أمرت بأربع: أن لا يقربَ البيتَ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وأن يتم إلى كل ذي عهد عهده = قال معمر: وقاله قتادة. (١)
* * *
قال أبو جعفر: فقد أنبأت هذه الأخبار ونظائرها عن صحة ما قلنا، وأن أجل الأشهر الأربعة إنما كان لمن وصفنا. فأما من كان عهده إلى مدة معلومة، فلم يجعل لرسول الله ﷺ وللمؤمنين لنَقْضِه ومظاهرة أعدائهم عليهم سبيلا فإن رسول الله ﷺ قد وَفَى له بعهده إلى مدته، عن أمر الله إياه بذلك. وعلى ذلك دلّ ظاهرُ التنزيل، وتظاهرت به الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأما الأشهر الأربعة، فإنها كانت أجلَ من ذكرنا. وكان ابتداؤها يوم
(١) الأثر: ١٦٣٧٩ - انظر التعليق على الأثرين رقم: ١٦٣٧٢، ١٦٣٧٣.
109
الحج الأكبر، وانقضاؤها انقضاء عشر من ربيع الآخر، فذلك أربعة أشهر متتابعة، جُعِل لأهل العهد الذين وصفنا أمرهم، فيها، السياحةُ في الأرض، يذهبون حيث شاؤوا، لا يعرض لهم فيها من المسلمين أحدٌ بحرب ولا قتل ولا سلب.
* * *
فإن قال قائل: فإذا كان الأمر في ذلك كما وصفت، فما وجه قوله: (فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)، [سورة التوبة: ٥]. وقد علمت أن انسلاخها انسلاخ المحرّم، وقد زعمت أن تأجيل القوم من الله ومن رسوله كان أربعة أشهر، وإنما بين يوم الحجّ الأكبر وانسلاخ الأشهر الحرم خمسون يومًا أكثرُه، فأين الخمسون يومًا من الأشهر الأربعة؟
قيل: إن انسلاخَ الأشهر الحرم، إنما كان أجل من لا عهد له من المشركين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأشهر الأربعة لمن له عهد، إما إلى أجل غير محدود، وإما إلى أجل محدود قد نقضه، فصار بنقضه إياه بمعنى من خِيف خيانته، فاستحقّ النبذ إليه على سواء، غير أنه جُعل له الاستعداد لنفسه والارتياد لها من الأجل الأربعة الأشهر. ألا ترى الله يقول لأصحاب الأشهر الأربعة، ويصفهم بأنهم أهل عهد: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله)، ووصف المجعول لهم انسلاخ الأشهر الحرم أجلا بأنهم أهل شرك لا أهل عهد فقال: (وأذانٌ من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله) الآية = (إلا الذين عاهدتم من المشركين) الآية؟ ثم قال: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم)، فأمر بقتل المشركين الذين لا عهد لهم بعد انسلاخ الأشهر الحرم، وبإتمام عهد الذين لهم عهد. إذا لم يكونوا نقضوا عهدهم بالمظاهرة على المؤمنين، وإدخال النقص فيه عليهم.
فإن قال قائل: وما الدليل على أن ابتداء التأجيل كان يوم الحج الأكبر،
* * *
فإن قال قائل: فإذا كان الأمر في ذلك كما وصفت، فما وجه قوله: (فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)، [سورة التوبة: ٥]. وقد علمت أن انسلاخها انسلاخ المحرّم، وقد زعمت أن تأجيل القوم من الله ومن رسوله كان أربعة أشهر، وإنما بين يوم الحجّ الأكبر وانسلاخ الأشهر الحرم خمسون يومًا أكثرُه، فأين الخمسون يومًا من الأشهر الأربعة؟
قيل: إن انسلاخَ الأشهر الحرم، إنما كان أجل من لا عهد له من المشركين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأشهر الأربعة لمن له عهد، إما إلى أجل غير محدود، وإما إلى أجل محدود قد نقضه، فصار بنقضه إياه بمعنى من خِيف خيانته، فاستحقّ النبذ إليه على سواء، غير أنه جُعل له الاستعداد لنفسه والارتياد لها من الأجل الأربعة الأشهر. ألا ترى الله يقول لأصحاب الأشهر الأربعة، ويصفهم بأنهم أهل عهد: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله)، ووصف المجعول لهم انسلاخ الأشهر الحرم أجلا بأنهم أهل شرك لا أهل عهد فقال: (وأذانٌ من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله) الآية = (إلا الذين عاهدتم من المشركين) الآية؟ ثم قال: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم)، فأمر بقتل المشركين الذين لا عهد لهم بعد انسلاخ الأشهر الحرم، وبإتمام عهد الذين لهم عهد. إذا لم يكونوا نقضوا عهدهم بالمظاهرة على المؤمنين، وإدخال النقص فيه عليهم.
فإن قال قائل: وما الدليل على أن ابتداء التأجيل كان يوم الحج الأكبر،
110
دون أن يكون كان من شوال على ما قاله قائلو ذلك؟
قيل له: إن قائلي ذلك زعموا أن التأجيل كان من وقت نزول "براءة"، وذلك غير جائز أن يكون صحيحًا، لأن المجعول له أجلُ السياحة إلى وقت محدود. إذا لم يعلم ما جُعل له، ولا سيما مع عهد له قد تقدم قبل ذلك بخلافه، فكمن لم يجعل له ذلك، لأنه إذا لم يعلم ما له في الأجل الذي جُعل له وما عليه بعد انقضائه، فهو كهيئته قبل الذي جُعل له من الأجل. ومعلوم أن القوم لم يعلموا بما جُعل لهم من ذلك، إلا حين نودي فيهم بالموسم. وإذا كان ذلك كذلك. صحَّ أن ابتداءه ما قلنا، وانقضاءه كان ما وصفنا.
وأما قوله: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر)، فإنه يعني: فسيروا فيها مقبلين ومدبرين، آمنين غير خائفين من رسول الله ﷺ وأتباعه.
* * *
يقال منه: "ساح فلان في الأرض يسيح، سياحة. وسُيُوحًا. وسَيَحانًا.
* * *
وأما قوله: (واعلموا أنكم غير معجزي الله)، فإنه يقول لأهل العهد من الذين كان بينهم وبين رسول الله ﷺ عهدٌ قبل نزول هذه الآية: اعلموا، أيها المشركون، أنكم إن سحتم في الأرض، واخترتم ذلك مع كفركم بالله. على الإقرار بتوحيد وتصديق رسوله = (غير معجزي الله)، يقول: غير مُفِيتيه بأنفسكم، لأنكم حيث ذهبتم وأين كنتم من الأرض، ففي قبضته وسلطانه، لا يمنعكم منه وزيرٌ، ولا يحول بينكم وبينه إذا أرادكم بعذاب معقلٌ ولا موئل. (١) إلا الإيمان به وبرسوله. والتوبة من معصيته. يقول: فبادروا عقوبته بتوبة، ودعوا السياحة التي لا تنفعكم.
قيل له: إن قائلي ذلك زعموا أن التأجيل كان من وقت نزول "براءة"، وذلك غير جائز أن يكون صحيحًا، لأن المجعول له أجلُ السياحة إلى وقت محدود. إذا لم يعلم ما جُعل له، ولا سيما مع عهد له قد تقدم قبل ذلك بخلافه، فكمن لم يجعل له ذلك، لأنه إذا لم يعلم ما له في الأجل الذي جُعل له وما عليه بعد انقضائه، فهو كهيئته قبل الذي جُعل له من الأجل. ومعلوم أن القوم لم يعلموا بما جُعل لهم من ذلك، إلا حين نودي فيهم بالموسم. وإذا كان ذلك كذلك. صحَّ أن ابتداءه ما قلنا، وانقضاءه كان ما وصفنا.
وأما قوله: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر)، فإنه يعني: فسيروا فيها مقبلين ومدبرين، آمنين غير خائفين من رسول الله ﷺ وأتباعه.
* * *
يقال منه: "ساح فلان في الأرض يسيح، سياحة. وسُيُوحًا. وسَيَحانًا.
* * *
وأما قوله: (واعلموا أنكم غير معجزي الله)، فإنه يقول لأهل العهد من الذين كان بينهم وبين رسول الله ﷺ عهدٌ قبل نزول هذه الآية: اعلموا، أيها المشركون، أنكم إن سحتم في الأرض، واخترتم ذلك مع كفركم بالله. على الإقرار بتوحيد وتصديق رسوله = (غير معجزي الله)، يقول: غير مُفِيتيه بأنفسكم، لأنكم حيث ذهبتم وأين كنتم من الأرض، ففي قبضته وسلطانه، لا يمنعكم منه وزيرٌ، ولا يحول بينكم وبينه إذا أرادكم بعذاب معقلٌ ولا موئل. (١) إلا الإيمان به وبرسوله. والتوبة من معصيته. يقول: فبادروا عقوبته بتوبة، ودعوا السياحة التي لا تنفعكم.
(١) انظر تفسير " الإعجاز" فيما سلف ١٢: ١٢٨ / ١٣: ٣١.
111
وأما قوله: (وأن الله مخزي الكافرين)، يقول: واعلموا أن الله مُذلُّ الكافرين، ومُورثهم العارَ في الدنيا، والنارَ في الآخرة. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإعلامٌ من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر.
* * *
وقد بينا معنى "الأذان"، فيما مضى من كتابنا هذا بشواهده. (٢)
* * *
وكان سليمان بن موسى يقول في ذلك ما:-
١٦٣٨٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: زعم سليمان بن موسى الشاميّ أن قوله: (وأذان من الله ورسوله)، قال: "الأذان"، القصص، فاتحة "براءة" حتى تختم: (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)، [سورة التوبة: ٢٨] فذلك ثمان وعشرون آية. (٣)
١٦٣٨١- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وأذان من الله ورسوله)، قال: إعلام من الله ورسوله.
* * *
ورفع قوله: (وأذان من الله)، عطفًا على قوله: (براءة من الله)، كأنه قال: هذه براءة من الله ورسوله، وأذانٌ من الله.
* * *
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإعلامٌ من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر.
* * *
وقد بينا معنى "الأذان"، فيما مضى من كتابنا هذا بشواهده. (٢)
* * *
وكان سليمان بن موسى يقول في ذلك ما:-
١٦٣٨٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: زعم سليمان بن موسى الشاميّ أن قوله: (وأذان من الله ورسوله)، قال: "الأذان"، القصص، فاتحة "براءة" حتى تختم: (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)، [سورة التوبة: ٢٨] فذلك ثمان وعشرون آية. (٣)
١٦٣٨١- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وأذان من الله ورسوله)، قال: إعلام من الله ورسوله.
* * *
ورفع قوله: (وأذان من الله)، عطفًا على قوله: (براءة من الله)، كأنه قال: هذه براءة من الله ورسوله، وأذانٌ من الله.
* * *
(١) انظر تفسير " الخزي " فيما سلف ١٠: ٣١٨، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " الأذان " فيما سلف... تعليق:... والمراجع هناك.
(٣) الأثر: ١٦٣٨٠ - " سليمان بن موسى الأموي الدمشقي "، الأشدق، فقيه أهل الشأم في زمانه. مضى برقم: ١٥٦٥٤، ١٥٦٥٥.
(٢) انظر تفسير " الأذان " فيما سلف... تعليق:... والمراجع هناك.
(٣) الأثر: ١٦٣٨٠ - " سليمان بن موسى الأموي الدمشقي "، الأشدق، فقيه أهل الشأم في زمانه. مضى برقم: ١٥٦٥٤، ١٥٦٥٥.
112
وأما قوله: (يوم الحج الأكبر)، فإنه فيه اختلافًا بين أهل العلم.
فقال بعضهم: هو يوم عرفة.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٣٨٢- حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، أخبرنا أبو زرعة وهب الله بن راشد قال، أخبرنا حيوة بن شريح قال، أخبرنا أبو صخر: أنه سمع أبا معاوية البجليّ من أهل الكوفة يقول: سمعت أبا الصهباء البكري وهو يقول: سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن "يوم الحج الأكبر" فقال: إن رسول الله ﷺ بعث أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه يقيم للناس الحج، وبعثني معه بأربعين آية من براءة، حتى أتى عرفة فخطب الناس يوم عرفة، فلما قضى خطبته التفت إليّ، فقال: قم، يا علي وأدِّ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقمت فقرأت عليهم أربعين آية من "براءة"، ثم صدرنا، (١) حتى أتينا مِنًى، فرميت الجمرة ونحرتُ البدنة، ثم حلقت رأسي، وعلمت أن أهل الجمع لم يكونوا حضروا خطبة أبي بكر يوم عرفة، فطفقت أتتبع بها الفساطيط أقرؤها عليهم. (٢) فمن ثَمَّ إخال حسبتم أنه يوم النحر، ألا وهو يوم عرفة. (٣)
فقال بعضهم: هو يوم عرفة.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٣٨٢- حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، أخبرنا أبو زرعة وهب الله بن راشد قال، أخبرنا حيوة بن شريح قال، أخبرنا أبو صخر: أنه سمع أبا معاوية البجليّ من أهل الكوفة يقول: سمعت أبا الصهباء البكري وهو يقول: سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن "يوم الحج الأكبر" فقال: إن رسول الله ﷺ بعث أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه يقيم للناس الحج، وبعثني معه بأربعين آية من براءة، حتى أتى عرفة فخطب الناس يوم عرفة، فلما قضى خطبته التفت إليّ، فقال: قم، يا علي وأدِّ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقمت فقرأت عليهم أربعين آية من "براءة"، ثم صدرنا، (١) حتى أتينا مِنًى، فرميت الجمرة ونحرتُ البدنة، ثم حلقت رأسي، وعلمت أن أهل الجمع لم يكونوا حضروا خطبة أبي بكر يوم عرفة، فطفقت أتتبع بها الفساطيط أقرؤها عليهم. (٢) فمن ثَمَّ إخال حسبتم أنه يوم النحر، ألا وهو يوم عرفة. (٣)
(١) " صدر عن الماء والبلاد "، رجع. و " الصدر "، (بفتحتين) ليلة رجوع الناس من عرفة إلى منى. و " صدار البيت " (بضم الصاد وتشديد الدال) : الحجاج الراجعون من حجهم.
(٢) " الفساطيط " جمع " فسطاط "، مثل السرادق، وهو أصغر منه، يتخذه المسافرون.
(٣) الأثر: ١٦٣٨٢ - سبق شرح هذا الإسناد برقم: ٥٣٨٦. " أبو زرعة "، " وهب الله بن راشد المصري "، مضى مرارا، آخرها برقم: ١١٥١٠، ومراجعه هناك. وكان في المطبوعة هنا: " أبو زرعة وهبة الله بن راشد قالا "، جعله رجلين! ومثله في المخطوطة مثله، إلا أنه كتب " قال " بالإفراد، قدم الكنية على الاسم. والصواب ما أثبت. و " حيوة بن شريح "، مضى مرارا، آخرها: ١١٥١٠. و " أبو صخر "، هو " حميد بن زياد الخراط "، قال أحمد: " ليس به بأس "، أخرج له مسلم. مضى برقم ٤٣٢٥، وغيرها كثير. و " أبو معاوية البجلي "، هو " عمار بن معاوية الدهني "، كما صرح به الطبري في رقم: ٤٣٢٥، وهو ثقة. مضى في مواضع. و" أبو الصهباء البكري "، سلف بيانه برقم: ٥٣٨٦. وهو إسناد صحيح.
(٢) " الفساطيط " جمع " فسطاط "، مثل السرادق، وهو أصغر منه، يتخذه المسافرون.
(٣) الأثر: ١٦٣٨٢ - سبق شرح هذا الإسناد برقم: ٥٣٨٦. " أبو زرعة "، " وهب الله بن راشد المصري "، مضى مرارا، آخرها برقم: ١١٥١٠، ومراجعه هناك. وكان في المطبوعة هنا: " أبو زرعة وهبة الله بن راشد قالا "، جعله رجلين! ومثله في المخطوطة مثله، إلا أنه كتب " قال " بالإفراد، قدم الكنية على الاسم. والصواب ما أثبت. و " حيوة بن شريح "، مضى مرارا، آخرها: ١١٥١٠. و " أبو صخر "، هو " حميد بن زياد الخراط "، قال أحمد: " ليس به بأس "، أخرج له مسلم. مضى برقم ٤٣٢٥، وغيرها كثير. و " أبو معاوية البجلي "، هو " عمار بن معاوية الدهني "، كما صرح به الطبري في رقم: ٤٣٢٥، وهو ثقة. مضى في مواضع. و" أبو الصهباء البكري "، سلف بيانه برقم: ٥٣٨٦. وهو إسناد صحيح.
113
١٦٣٨٣- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق قال: سألت أبا جُحَيفة عن "يوم الحج الأكبر" فقال: يوم عرفة. فقلت: أمن عندك، أو من أصحاب محمد؟ قال: كلُّ ذلك. (١)
١٦٣٨٤- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج، عن عطاء قال: الحج الأكبر، يوم عرفة.
١٦٣٨٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن عمر بن الوليد الشنّيّ، عن شهاب بن عبّاد العَصَريّ، عن أبيه قال: قال عمر رحمه الله: يوم الحج الأكبر، يوم عرفة = فذكرته لسعيد بن المسيب فقال: أخبرك عن ابن عمر: أن عمر قال: الحج الأكبر يومُ عرفة.
١٦٣٨٦- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا عمر بن الوليد الشني قال، حدثنا شهاب بن عباد العصري، عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب رحمة الله عليه يقول: هذا يوم عرفة، يوم الحج الأكبر فلا يصومَنَّه أحد. قال: فحججت بعد أبي فأتيت المدينة، فسألت عن أفضل أهلها، فقالوا: سعيد بن المسيب، فأتيته فقلت: إني سألت عن أفضل أهل المدينة فقالوا: سعيد بن المسيب، فأخبرني عن صوم يوم عرفة؟ فقال: أخبرك عمن هو أفضل مني مئة ضعف، (٢) عمر، أو: ابن عمر، كان ينهى عن صومه ويقول: هو يوم الحج الأكبر. (٣)
١٦٣٨٤- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج، عن عطاء قال: الحج الأكبر، يوم عرفة.
١٦٣٨٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن عمر بن الوليد الشنّيّ، عن شهاب بن عبّاد العَصَريّ، عن أبيه قال: قال عمر رحمه الله: يوم الحج الأكبر، يوم عرفة = فذكرته لسعيد بن المسيب فقال: أخبرك عن ابن عمر: أن عمر قال: الحج الأكبر يومُ عرفة.
١٦٣٨٦- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا عمر بن الوليد الشني قال، حدثنا شهاب بن عباد العصري، عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب رحمة الله عليه يقول: هذا يوم عرفة، يوم الحج الأكبر فلا يصومَنَّه أحد. قال: فحججت بعد أبي فأتيت المدينة، فسألت عن أفضل أهلها، فقالوا: سعيد بن المسيب، فأتيته فقلت: إني سألت عن أفضل أهل المدينة فقالوا: سعيد بن المسيب، فأخبرني عن صوم يوم عرفة؟ فقال: أخبرك عمن هو أفضل مني مئة ضعف، (٢) عمر، أو: ابن عمر، كان ينهى عن صومه ويقول: هو يوم الحج الأكبر. (٣)
(١) الأثر: ١٦٣٨٣ - " أبو جحيفة السوائي "، هو " وهب بن عبد الله " ويقال له " وهب الخير "، مات رسول الله قبل أن يبلغ الحلم. ثقة، روى له الجماعة. مترجم في التهذيب، والكبير ٤/٢/١٦٢، وابن أبي حاتم ٤/٢/٢٢.
(٢) في المخطوطة: " أفضل مني أضعافا "، وفي المخطوطة " أفضل مني ضعف "، والصواب من تفسير ابن كثير ٤: ١١٣.
(٣) الأثران: ١٦٣٨٥، ١٦٣٨٦ - " عمر بن الوليد الشني "، " أبو سلمة العبدي "، ثقة، مضى برقم ٤٣٥، ١١١٨٥. " شهاب بن عباد العصري العبدي "، روى عن أبيه، وهو غير " شهاب بن عباد العبدي "، شيخ البخاري ومسلم. ذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب، والكبير ٢ / ٢ / ٢٣٥، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٣٦١، ولم يذكر فيه جرحا. وذكر في التهذيب في ترجمته: " قال الدارقطني: صدوق زائغ "، وظني أنه أخطأ، ذاك " شهاب بن عباد " آخر، ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ١: ٤٥١. وأبوه " عباد العصري "، روى عن عمر، مترجم في ابن أبي حاتم ٣ / ١ / ٨٨.
(٢) في المخطوطة: " أفضل مني أضعافا "، وفي المخطوطة " أفضل مني ضعف "، والصواب من تفسير ابن كثير ٤: ١١٣.
(٣) الأثران: ١٦٣٨٥، ١٦٣٨٦ - " عمر بن الوليد الشني "، " أبو سلمة العبدي "، ثقة، مضى برقم ٤٣٥، ١١١٨٥. " شهاب بن عباد العصري العبدي "، روى عن أبيه، وهو غير " شهاب بن عباد العبدي "، شيخ البخاري ومسلم. ذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب، والكبير ٢ / ٢ / ٢٣٥، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٣٦١، ولم يذكر فيه جرحا. وذكر في التهذيب في ترجمته: " قال الدارقطني: صدوق زائغ "، وظني أنه أخطأ، ذاك " شهاب بن عباد " آخر، ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ١: ٤٥١. وأبوه " عباد العصري "، روى عن عمر، مترجم في ابن أبي حاتم ٣ / ١ / ٨٨.
114
١٦٣٨٧- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا عبد الصمد بن حبيب، عن معقل بن داود قال: سمعت ابن الزبير يقول: يوم عرفة هذا، يوم الحج الأكبر، فلا يصمه أحد. (١)
١٦٣٨٨- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا غالب بن عبيد الله قال: سألت عطاء عن يوم الحج الأكبر فقال: يوم عرفة، فأفِضْ منها قبل طلوع الفجر. (٢)
١٦٣٨٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج قال: أخبرني محمد بن قيس بن مخرمة قال: خطب النبي ﷺ عشية عرفة ثم قال: "أما بعد" = "وكان لا يخطب إلا قال: أما بعد = "فإن هذا يوم الحج الأكبر". (٣)
١٦٣٩٠- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا عبد الوهاب، عن مجاهد قال: يوم الحج الأكبر، يوم عرفة.
١٦٣٨٨- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا غالب بن عبيد الله قال: سألت عطاء عن يوم الحج الأكبر فقال: يوم عرفة، فأفِضْ منها قبل طلوع الفجر. (٢)
١٦٣٨٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج قال: أخبرني محمد بن قيس بن مخرمة قال: خطب النبي ﷺ عشية عرفة ثم قال: "أما بعد" = "وكان لا يخطب إلا قال: أما بعد = "فإن هذا يوم الحج الأكبر". (٣)
١٦٣٩٠- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا عبد الوهاب، عن مجاهد قال: يوم الحج الأكبر، يوم عرفة.
(١) الأثر: ١٦٣٨٧ - " عبد الصمد بن حبيب الأزدي العوذي "، ضعفه البخاري وأحمد. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣ / ١ / ٥١. و " معقل بن داود "، لم أجد له ترجمة، وفي ترجمة " عبد الصمد بن حبيب " أنه روى عن " معقل القسملي "، ولكني لم أجد لهذا " القسملي "، " الأزدي "، ذكرا في شيء من مراجعي.
(٢) الأثر: ١٦٣٨٨ - " غالب بن عبيد الله العقيلي الجزري "، منكر الحديث، مضى برقم: ١٢٢١٤.
(٣) الأثر: ١٦٣٨٩ - " محمد بن بكر العثماني البرساني "، ثقة، مضى مرارا. و " محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف "، تابعي ثقة، روى عن النبي ﷺ مرسلا، مضى برقم: ١٠٥٢٠.
(٢) الأثر: ١٦٣٨٨ - " غالب بن عبيد الله العقيلي الجزري "، منكر الحديث، مضى برقم: ١٢٢١٤.
(٣) الأثر: ١٦٣٨٩ - " محمد بن بكر العثماني البرساني "، ثقة، مضى مرارا. و " محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف "، تابعي ثقة، روى عن النبي ﷺ مرسلا، مضى برقم: ١٠٥٢٠.
115
١٦٣٩١- حدثني الحارث قال، حدثنا القاسم قال، حدثنا إسحاق بن سليمان، عن سلمة بن بُخْت، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: يوم الحج الأكبر، يوم عرفة. (١)
١٦٣٩٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، أخبرني طاوس، عن أبيه قال: قلنا: ما الحج الأكبر؟ قال: يوم عرفة.
١٦٣٩٣- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال: أخبرنا ابن جريج، عن محمد بن قيس بن مخرمة: أن رسول الله ﷺ خطب يوم عرفة فقال: هذا يوم الحج الأكبر.
* * *
وقال آخرون: هو يوم النحر.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٣٩٤- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٣٩٥- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مصعب بن سلام، عن الأجلح، عن أبي إسحاق، عن الحارث قال: سمعت عليًّا يقول: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٣٩٦- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام قال، حدثنا عنبسة، عن أبي إسحاق، عن الحارث قال: سألت عليًّا عن الحج الأكبر فقال: هو يوم النحر.
١٦٣٩٧- حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا عبد الواحد قال، حدثنا سليمان
١٦٣٩٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، أخبرني طاوس، عن أبيه قال: قلنا: ما الحج الأكبر؟ قال: يوم عرفة.
١٦٣٩٣- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال: أخبرنا ابن جريج، عن محمد بن قيس بن مخرمة: أن رسول الله ﷺ خطب يوم عرفة فقال: هذا يوم الحج الأكبر.
* * *
وقال آخرون: هو يوم النحر.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٣٩٤- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٣٩٥- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مصعب بن سلام، عن الأجلح، عن أبي إسحاق، عن الحارث قال: سمعت عليًّا يقول: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٣٩٦- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام قال، حدثنا عنبسة، عن أبي إسحاق، عن الحارث قال: سألت عليًّا عن الحج الأكبر فقال: هو يوم النحر.
١٦٣٩٧- حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا عبد الواحد قال، حدثنا سليمان
(١) الأثر: ١٦٣٩١ - " إسحاق بن سليمان الرازي "، سلف مرارا. و " سلمة بن بخت " مدني، مولى قريش، قال أحمد: " لا بأس به "، ووثقه ابن معين. مترجم في الكبير ٢ / ٢ / ٨٣، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ١٥٦. وكان في المطبوعة: " سلمة بن محب "، وهو خطأ محض، وهي في المخطوطة، غير منقوطة.
116
الشيباني قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى عن الحج الأكبر، قال: فقال: يوم النحر. (١)
١٦٣٩٨- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن عيّاش العامري، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر. (٢)
١٦٣٩٩-...... قال، حدثنا سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٠٠- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن عبد الملك قال: دخلت أنا وأبو سلمة على عبد الله بن أبي أوفى، قال: فسألته عن يوم الحج الأكبر، فقال: يوم النحر، يوم يُهَرَاقُ فيه الدم.
١٦٤٠١- حدثنا عبد الحميد بن بيان قال، أخبرنا إسحاق، عن سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الله قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٠٢- حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس، عن الشيباني قال: سألت ابن أبي أوفى عن يوم الحج الأكبر قال: هو يوم النحر.
١٦٤٠٣- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال: أخبرنا الشيباني، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٠٤-...... قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الملك بن عمير قال، سَمعت عبد الله بن أبي أوفى، وسُئل عن قوله: (يوم الحج الأكبر)، قال: هو اليوم الذي يُرَاق فيه الدم، ويُحلق فيه الشعر.
١٦٣٩٨- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن عيّاش العامري، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر. (٢)
١٦٣٩٩-...... قال، حدثنا سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٠٠- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن عبد الملك قال: دخلت أنا وأبو سلمة على عبد الله بن أبي أوفى، قال: فسألته عن يوم الحج الأكبر، فقال: يوم النحر، يوم يُهَرَاقُ فيه الدم.
١٦٤٠١- حدثنا عبد الحميد بن بيان قال، أخبرنا إسحاق، عن سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الله قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٠٢- حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس، عن الشيباني قال: سألت ابن أبي أوفى عن يوم الحج الأكبر قال: هو يوم النحر.
١٦٤٠٣- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال: أخبرنا الشيباني، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٠٤-...... قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الملك بن عمير قال، سَمعت عبد الله بن أبي أوفى، وسُئل عن قوله: (يوم الحج الأكبر)، قال: هو اليوم الذي يُرَاق فيه الدم، ويُحلق فيه الشعر.
(١) الأثر: ١٦٣٩٦ - " الحارث "، في هذا الإسناد وما قبله، هو " الحارث الأعور " وقد مضى بيان ضعفه مرارا.
(٢) الأثر: ١٦٣٩٨ - " عياش العامري "، هو " عياش بن عمرو العامري "، ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير ٤ / ١ / ٤٨، وابن أبي حاتم ٣ / ٢ / ٦. و " عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي "، صحابي شهد بيعة الرضوان. مضى برقم: ٧٧٥٨.
(٢) الأثر: ١٦٣٩٨ - " عياش العامري "، هو " عياش بن عمرو العامري "، ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير ٤ / ١ / ٤٨، وابن أبي حاتم ٣ / ٢ / ٦. و " عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي "، صحابي شهد بيعة الرضوان. مضى برقم: ٧٧٥٨.
117
١٦٤٠٥- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا شعبة، عن الحكم قال: سمعت يحيى بن الجزار يحدّث، عن علي: أنه خرج يوم النحر على بغلة بيضاء يريد الجبّانة، فجاءه رجل فأخذ بلجام بغلته، فسأله عن الحج الأكبر، فقال: هو يومك هذا، خَلِّ سبيلها. (١)
١٦٤٠٦- حدثنا عبد الحميد بن بيان قال، حدثنا إسحاق، عن مالك بن مغول، وشُتَير، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٠٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: سئل عن يوم الحج الأكبر قال: هو يوم النحر.
١٦٤٠٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن شعبة، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن علي: أنه لقيه رجل يوم النحر فأخذ بلجامه، فسأله عن يوم الحج الأكبر، قال: هو هذا اليوم. (٢)
١٦٤٠٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن قيس، عن عبد الملك بن عمير، وعياش العامري، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: هو اليوم الذي تُهَراق فيه الدماء. (٣)
١٦٤١٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن عبد الملك بن عمير، عن ابن أبي أوفى قال: الحج الأكبر، يوم تُهَرَاق فيه الدماء، ويحلق فيه الشعر، ويَحِلّ فيه الحرام.
١٦٤١١- حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي قال، حدثنا يحيى بن
١٦٤٠٦- حدثنا عبد الحميد بن بيان قال، حدثنا إسحاق، عن مالك بن مغول، وشُتَير، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٠٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: سئل عن يوم الحج الأكبر قال: هو يوم النحر.
١٦٤٠٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن شعبة، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن علي: أنه لقيه رجل يوم النحر فأخذ بلجامه، فسأله عن يوم الحج الأكبر، قال: هو هذا اليوم. (٢)
١٦٤٠٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن قيس، عن عبد الملك بن عمير، وعياش العامري، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: هو اليوم الذي تُهَراق فيه الدماء. (٣)
١٦٤١٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن عبد الملك بن عمير، عن ابن أبي أوفى قال: الحج الأكبر، يوم تُهَرَاق فيه الدماء، ويحلق فيه الشعر، ويَحِلّ فيه الحرام.
١٦٤١١- حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي قال، حدثنا يحيى بن
(١) الأثر: ١٦٤٠٥ - " يحيى بن الجزار "، ثقة، كان، كان يغلو في التشيع، لم يسمع من علي إلا ثلاثة أحاديث، هذا أحدها، والحديث الآخر، مضى برقم: ٥٤٢٥، ١٦١٠٦. وانظر الأثر التالي رقم: ١٦٤٠٨.
(٢) الأثر: ١٦٤٠٨ - هو مكرر الأثر. رقم: ١٦٤٠٥، مختصرا.
(٣) الأثر: ١٦٤٠٩ - انظر التعليق على رقم: ١٦٣٩٨.
(٢) الأثر: ١٦٤٠٨ - هو مكرر الأثر. رقم: ١٦٤٠٥، مختصرا.
(٣) الأثر: ١٦٤٠٩ - انظر التعليق على رقم: ١٦٣٩٨.
118
عيسى، عن الأعمش، عن عبد الله بن سنان قال: خطبنا المغيرة بن شعبة يوم الأضحى علي بعير فقال: هذا يوم الأضحى، وهذا يوم النحر، وهذا يوم الحج الأكبر.
١٦٤١٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن الأعمش، عن عبد الله بن سنان قال: خطبنا المغيرة بن شعبة يوم الأضحى على بعير وقال: هذا يوم الأضحى، وهذا يوم النحر، وهذا يوم الحج الأكبر.
١٦٤١٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن الأعمش، عن عبد الله بن سنان قال: خطبنا المغيرة بن شعبة، فذكر نحوه. (١)
١٦٤١٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن حماد بن سلمة، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤١٥- حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا عبد الواحد قال، حدثنا سليمان الشيباني قال، سمعت سعيد بن جبير يقول: الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤١٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة قال: الحج الأكبر، يوم النحر. (٢)
١٦٤١٧- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، قال: اختصم علي بن عبد الله بن عباس ورجل من آل شيبة في "يوم الحج الأكبر"، قال علي: هو يوم النحر. وقال الذي من آل شيبة:
١٦٤١٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن الأعمش، عن عبد الله بن سنان قال: خطبنا المغيرة بن شعبة يوم الأضحى على بعير وقال: هذا يوم الأضحى، وهذا يوم النحر، وهذا يوم الحج الأكبر.
١٦٤١٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن الأعمش، عن عبد الله بن سنان قال: خطبنا المغيرة بن شعبة، فذكر نحوه. (١)
١٦٤١٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن حماد بن سلمة، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤١٥- حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا عبد الواحد قال، حدثنا سليمان الشيباني قال، سمعت سعيد بن جبير يقول: الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤١٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة قال: الحج الأكبر، يوم النحر. (٢)
١٦٤١٧- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، قال: اختصم علي بن عبد الله بن عباس ورجل من آل شيبة في "يوم الحج الأكبر"، قال علي: هو يوم النحر. وقال الذي من آل شيبة:
(١) الآثار: ١٦٤١١ - ١٦٤١٣ " عبد الله بن سنان الأسدي "، " أبو سنان "، روى عن علي، وابن مسعود، وضرار بن الأزور، والمغيرة بن شعبة. روى عنه الأعمش، وأبو حصين. وهو ثقة له أحاديث. توفي أيام الحجاج، قبل يوم الجماجم. مترجم في ابن سعد ٦: ١٢٣، وابن أبي حاتم ٢ / ٢ / ٦٨، وتعجيل المنفعة ص: ٢٢٤. وكان في المطبوعة: " عبد الله بن يسار "، في المواضع كلها، خطأ محض، وهو في المخطوطة " سنان " غير منقوط كله.
(٢) الأثر: ١٦٤١٦ - " أبو جحيفة "، " وهب بن عبد الله "، سلف برقم: ١٦٣٨٣.
(٢) الأثر: ١٦٤١٦ - " أبو جحيفة "، " وهب بن عبد الله "، سلف برقم: ١٦٣٨٣.
119
هو يوم عرفة. فأرسل إلى سعيد بن جبير فسألوه، فقال: هو يوم النحر، ألا ترى أن من فاته يوم عرفة لم يفته الحج، فإذا فاته يوم النحر فقد فاته الحج؟
١٦٤١٨- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا يونس، عن سعيد بن جبير أنه قال: الحج الأكبر، يوم النحر. قال فقلت له: إن عبد الله بن شيبة، ومحمد بن علي بن عبد الله بن عباس اختلفا في ذلك، فقال محمد بن علي: هو يوم النحر. وقال عبد الله: هو يوم عرفة. فقال سعيد بن جبير: أرأيت لو أن رجلا فاته يوم عرفة، أكان يفوته الحج؟ وإذا فاته يوم النحر فاته الحج!
١٦٤١٩- حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس، عن الشيباني، عن سعيد بن جبير قال: الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٢٠- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال، حدثني رجل، عن أبيه، عن قيس بن عبادة قال: ذو الحجة العاشر النحرُ، وهو يوم الحج الأكبر.
١٦٤٢١- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن شداد قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر. والحج الأصغر، العمرة.
١٦٤٢٢- حدثنا عبد الحميد بن بيان قال، أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٢٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي، عن مسلم الحجبي قال: سألت نافع بن جبير بن مطعم عن يوم الحج الأكبر، قال: يوم النحر.
١٦٤٢٤- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن المغيرة، عن إبراهيم قال: كان يقال: الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٢٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر قال: يوم الحج الأكبر، يوم يُهَراق فيه الدم، ويحلّ فيه الحرام.
١٦٤١٨- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا يونس، عن سعيد بن جبير أنه قال: الحج الأكبر، يوم النحر. قال فقلت له: إن عبد الله بن شيبة، ومحمد بن علي بن عبد الله بن عباس اختلفا في ذلك، فقال محمد بن علي: هو يوم النحر. وقال عبد الله: هو يوم عرفة. فقال سعيد بن جبير: أرأيت لو أن رجلا فاته يوم عرفة، أكان يفوته الحج؟ وإذا فاته يوم النحر فاته الحج!
١٦٤١٩- حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس، عن الشيباني، عن سعيد بن جبير قال: الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٢٠- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال، حدثني رجل، عن أبيه، عن قيس بن عبادة قال: ذو الحجة العاشر النحرُ، وهو يوم الحج الأكبر.
١٦٤٢١- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن شداد قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر. والحج الأصغر، العمرة.
١٦٤٢٢- حدثنا عبد الحميد بن بيان قال، أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٢٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي، عن مسلم الحجبي قال: سألت نافع بن جبير بن مطعم عن يوم الحج الأكبر، قال: يوم النحر.
١٦٤٢٤- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن المغيرة، عن إبراهيم قال: كان يقال: الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٢٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر قال: يوم الحج الأكبر، يوم يُهَراق فيه الدم، ويحلّ فيه الحرام.
120
١٦٤٢٦- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم أنه قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر، الذي يحلّ فيه كل حرام.
١٦٤٢٧-...... قال حدثنا هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن علي، قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٢٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن ابن عون قال: سألت محمدًا عن يوم الحجّ الأكبر فقال: كان يومًا وافق فيه حج رسول الله ﷺ وحج أهل الوَبر.
١٦٤٢٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الحكم بن بشير قال، حدثنا عمر بن ذر قال: سألت مجاهدًا عن يوم الحج الأكبر فقال: هو يوم النحر.
١٦٤٣٠- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن مجاهد: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٣١- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن ثور، عن مجاهد: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٣٢- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن جابر، عن عامر قال: يوم الحجّ الأكبر، يوم النحر = وقال عكرمة: يوم الحج الأكبر: يوم النحر، يوم تهراق فيه الدماء، ويحلّ فيه الحرام = قال وقال مجاهد: يوم يجمع فيه الحج كله، وهو يوم الحج الأكبر.
١٦٤٣٣-...... قال حدثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن محمد بن علي: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٣٤-...... قال، حدثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله.
١٦٤٣٥-...... قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا حماد بن سلمة،
١٦٤٢٧-...... قال حدثنا هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن علي، قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٢٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن ابن عون قال: سألت محمدًا عن يوم الحجّ الأكبر فقال: كان يومًا وافق فيه حج رسول الله ﷺ وحج أهل الوَبر.
١٦٤٢٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الحكم بن بشير قال، حدثنا عمر بن ذر قال: سألت مجاهدًا عن يوم الحج الأكبر فقال: هو يوم النحر.
١٦٤٣٠- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن مجاهد: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٣١- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن ثور، عن مجاهد: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٣٢- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن جابر، عن عامر قال: يوم الحجّ الأكبر، يوم النحر = وقال عكرمة: يوم الحج الأكبر: يوم النحر، يوم تهراق فيه الدماء، ويحلّ فيه الحرام = قال وقال مجاهد: يوم يجمع فيه الحج كله، وهو يوم الحج الأكبر.
١٦٤٣٣-...... قال حدثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن محمد بن علي: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٣٤-...... قال، حدثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله.
١٦٤٣٥-...... قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا حماد بن سلمة،
121
عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، مثله.
١٦٤٣٦- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أبي إسحاق قال، قال علي: الحج الأكبر، يوم النحر = قال: وقال الزهري: يوم النحر، يوم الحج الأكبر.
١٦٤٣٧- حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال، حدثنا عمي عبد الله بن وهب قال، أخبرني يونس، وعمرو، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: بعثني رسول الله ﷺ مع أبي بكر في الحجة التي أمَّره رسول الله ﷺ عليها قبل حجة الوداع، في رَهْط يؤذِّنون في الناس يوم النحر: ألا لا يحجّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان = قال الزهري: فكان حميد يقول: يوم النحر، يوم الحح الأكبر. (١)
١٦٤٣٨- حدثنا الحسن بن يحيى قال، حدثنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الشعبي، عن أبي إسحاق قال: سألت عبد الله بن شداد عن الحج الأكبر، والحج الأصغر، فقال: الحج الأكبر يوم النحر، والحج الأصغر العمرة.
١٦٤٣٩-...... قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق قال، سألت عبد الله بن شداد، فذكر نحوه.
١٦٤٤٠-...... قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عبد الملك بن عمير قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول: يوم الحج الأكبر، يوم يوضع فيه الشعر، ويُهَراق فيه الدم، ويحلّ فيه الحرام. (٢)
١٦٤٣٦- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أبي إسحاق قال، قال علي: الحج الأكبر، يوم النحر = قال: وقال الزهري: يوم النحر، يوم الحج الأكبر.
١٦٤٣٧- حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال، حدثنا عمي عبد الله بن وهب قال، أخبرني يونس، وعمرو، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: بعثني رسول الله ﷺ مع أبي بكر في الحجة التي أمَّره رسول الله ﷺ عليها قبل حجة الوداع، في رَهْط يؤذِّنون في الناس يوم النحر: ألا لا يحجّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان = قال الزهري: فكان حميد يقول: يوم النحر، يوم الحح الأكبر. (١)
١٦٤٣٨- حدثنا الحسن بن يحيى قال، حدثنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الشعبي، عن أبي إسحاق قال: سألت عبد الله بن شداد عن الحج الأكبر، والحج الأصغر، فقال: الحج الأكبر يوم النحر، والحج الأصغر العمرة.
١٦٤٣٩-...... قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق قال، سألت عبد الله بن شداد، فذكر نحوه.
١٦٤٤٠-...... قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عبد الملك بن عمير قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول: يوم الحج الأكبر، يوم يوضع فيه الشعر، ويُهَراق فيه الدم، ويحلّ فيه الحرام. (٢)
(١) الأثر: ١٦٤٣٧ - " يونس "، هو " يونس بن يزيد الأيلي " ثقة، سلف مرارا. و " عمرو "، هو " عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري "، ثقة مضى مرارا. و " حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري "، الثقة، مضى مرارا. وهذا الخبر رواه البخاري في صحيحه (الفتح ٣: ٣٨٧ / ٨: ٢٣٨ - ٢٤١) من طرق، واستوفى الكلام عليه الحافظ بن حجر هناك. وبمثله في السنن لأبي داود ٢: ٢٦٤، رقم: ١٩٤٦.
(٢) الأثر: ١٦٤٤٠ - انظر ما سلف رقم: ١٦٣٩٩.
(٢) الأثر: ١٦٤٤٠ - انظر ما سلف رقم: ١٦٣٩٩.
122
١٦٤٤١-...... قال، حدثنا الثوري، عن أبي إسحاق، عن علي قال: الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٤٢- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا قيس، عن عياش العامري، عن عبد الله بن أبي أوفى: أنه سئل عن يوم الحج الأكبر فقال: سبحان الله، هو يوم تهراق فيه الدماء، ويحل فيه الحرام، ويوضع فيه الشعر، وهو يوم النحر. (١)
١٦٤٤٣-...... قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن عبد الله بن سنان، قال: خطبنا المغيرة بن شعبة على ناقة له فقال: هذا يوم النحر، وهذا يوم الحج الأكبر. (٢)
١٦٤٤٤-...... قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا حسن بن صالح، عن مغيرة، عن إبراهيم قال، يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٤٥- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز، عن إبراهيم بن طهمان، عن مغيرة، عن إبراهيم: يوم الحج الأكبر، يوم النحر، يحلّ فيه الحرام.
١٦٤٤٦- حدثني أحمد بن المقدام قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه قال: لما كان ذلك اليوم، قعد على بعير له، (٣) وأخذ إنسان بخطامه = أو: زمامه = فقال: أي يوم هذا؟ قال: فسكتنا حتى ظننا أنه سيسمِّيه غير اسمه فقال: أليس يوم الحج؟. (٤)
١٦٤٤٢- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا قيس، عن عياش العامري، عن عبد الله بن أبي أوفى: أنه سئل عن يوم الحج الأكبر فقال: سبحان الله، هو يوم تهراق فيه الدماء، ويحل فيه الحرام، ويوضع فيه الشعر، وهو يوم النحر. (١)
١٦٤٤٣-...... قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن عبد الله بن سنان، قال: خطبنا المغيرة بن شعبة على ناقة له فقال: هذا يوم النحر، وهذا يوم الحج الأكبر. (٢)
١٦٤٤٤-...... قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا حسن بن صالح، عن مغيرة، عن إبراهيم قال، يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٤٥- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز، عن إبراهيم بن طهمان، عن مغيرة، عن إبراهيم: يوم الحج الأكبر، يوم النحر، يحلّ فيه الحرام.
١٦٤٤٦- حدثني أحمد بن المقدام قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه قال: لما كان ذلك اليوم، قعد على بعير له، (٣) وأخذ إنسان بخطامه = أو: زمامه = فقال: أي يوم هذا؟ قال: فسكتنا حتى ظننا أنه سيسمِّيه غير اسمه فقال: أليس يوم الحج؟. (٤)
(١) الأثر: ١٦٤٤٢ - انظر ما سلف رقم: ١٦٣٩٨.
(٢) الأثر: ١٦٤٤٣ - انظر ما سلف رقم: ١٦٤١١ - ١٦٤١٣. ، وكان في المطبوعة هنا أيضا: " عبد الله بن يسار"، والصواب " ابن سنان "، كما في المخطوطة أيضا.
(٣) زاد في المطبوعة هنا فكتب: " قعد على بعير له النبي ".
(٤) الأثر: ١٦٤٤٦ - رواه البخاري في صحيحه (الفتح ٣: ٤٥٩) من طريق أبي عامر العقدي، عن قرة بن خالد، عن محمد بن سيرين، مطولا وفيه: " أليس يوم النحر ".
(٢) الأثر: ١٦٤٤٣ - انظر ما سلف رقم: ١٦٤١١ - ١٦٤١٣. ، وكان في المطبوعة هنا أيضا: " عبد الله بن يسار"، والصواب " ابن سنان "، كما في المخطوطة أيضا.
(٣) زاد في المطبوعة هنا فكتب: " قعد على بعير له النبي ".
(٤) الأثر: ١٦٤٤٦ - رواه البخاري في صحيحه (الفتح ٣: ٤٥٩) من طريق أبي عامر العقدي، عن قرة بن خالد، عن محمد بن سيرين، مطولا وفيه: " أليس يوم النحر ".
123
١٦٤٤٧- حدثنا سهل بن محمد السجستاني قال، حدثنا أبو جابر الحرمي قال، حدثنا هشام بن الغاز الجرشي، عن نافع، عن ابن عمر قال: وقف رسول الله ﷺ يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع فقال: هذا يوم الحج الأكبر. (١)
(١) الأثر: ١٦٤٤٧ - " سهل بن محمد بن عثمان السجستاني "، هو " أبو حاتم "، النحوي، المقرئ، البصري المشهور. ذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٢٠٤. وكان في المطبوعة والمخطوطة، وتفسير ابن كثير " سهل بن محمد الحساني ". وكان الصواب هو ما أثبته لما سترى بعد. و " أبو جابر الحرمي "، هو " محمد بن عبد الملك الأزدي البصري " نزيل مكة، مشهور بكنيته. روى عنه " أبو حاتم السجستاني "، فمن أجل ذلك صححت الاسم السالف " سهل بن محمد السجستاني ". ونسبته " الحرمي "، كانت في المخطوطة " الحربي "، تشبه أن تكون " باءا " أو " تاء " أو " ثاء "، أو " ميما "، فرجحت أنها " ميم " لأنه نزيل مكة، نسبة إلى " الحرم ". وكانت في المطبوعة: " الحرثي "، وفي تفسير ابن كثير " الحربي " ولم يوجد شيء من ذلك في ترجمته. و " أبو جابر "، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: " أدركته، مات قبلنا بيسير، وليس بقوي ". وهو مترجم في التهذيب، والكبير ١ / ١ / ١٦٥، ولم يذكر فيه جرحا، وابن أبي حاتم ٤ / ١ / ٥، وميزان الاعتدال ٣: ٩٥. و " هشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي "، ثقة صالح الحديث. مترجم في التهذيب، والكبير ٤ / ٢ / ١٩٩، وابن أبي حاتم ٤ / ٢ / ٦٧. وهذا الخبر، خرجه ابن كثير في تفسيره ٤: ١١٤، وقال: " هكذا رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه " من حديث أبي جابر - واسمه: محمد بن عبد الملك - به. ورواه ابن مردويه أيضا من حديث الوليد بن مسلم، عن هشام بن الغاز. ثم رواه من حديث سعيد بن عبد العزيز، عن نافع، به ". وفاته أن البخاري أخرجه في صحيحه تعليقا (الفتح ٣: ٤٥٩)، مطولا، وأخرجه أبو داود في سننه ٢: ٢٦٤ رقم: ١٩٤٥، من طريق مؤمل بن الفضل، عن الوليد بن مسلم، عن هشام بن الغاز "، بمثله مطولا. وأخرجه ابن ماجه في سننه: ١٠١٦ رقم ٣٠٥٨، من طريق هشام بن عمار، عن صدقة بن خالد، عن هشام بن الغاز، بمثله مطولا. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٥: ١٣٩. وقال الحافظ ابن حجر (الفتح ٣: ٤٥٩، ٤٦٠) :" وأخرجه الطبراني عن أحمد بن المعلي، والإسماعيلي عن جعفر الفريابي، كلاهما عن هشام بن عمار = وعن جعفر الفريابي، عن دحيم، عن الوليد بن مسلم، عن هشام بن الغاز، ومن هذا الوجه أخرجه أبو داود ". أما الحاكم، فقد أخرجه في المستدرك ٢: ٣٣١ من طريق سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، عن الوليد بن مسلم، عن هشام بن الغاز، ثم قال: " وهذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة. وأكثر هذا المتن مخرج في الصحيحين إلا قوله: إن يوم الحج الأكبر، يوم النحر سنة. فإن الأقاويل فيه عن الصحابة والتابعين رضى الله عنهم، على خلاف بينهم فيه، فمنهم من قال: يوم عرفة، ومنهم من قال: يوم النحر "، ووافقه الذهبي على صحته.
124
١٦٤٤٨- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة الهمداني، عن رجل من أصحاب النبي ﷺ قال: قام فينا رسول الله ﷺ على ناقة حمراء مخضرمة، (١) فقال: أتدرون أيَّ يوم يومكم؟ قالوا: يوم النحر! قال: صدقتم، يوم الحج الأكبر. (٢)
١٦٤٤٩- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا شعبة قال، أخبرني عمرو بن مرة قال، حدثنا مرة قال، حدثنا رجل من أصحاب النبي ﷺ قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه.
١٦٤٥٠- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبيه، عن...... قال: بعث رسول الله ﷺ عليًّا بأربع كلمات حين حج أبو بكر بالناس، فنادى ببراءة: إنه يوم الحج الأكبر، ألا إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ألا ولا يطوف بالبيت عريان، ألا ولا يحج بعد العام مشرك، ألا ومن كان بينه وبين محمد عهدٌ فأجله إلى مدته، والله بريء
١٦٤٤٩- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا شعبة قال، أخبرني عمرو بن مرة قال، حدثنا مرة قال، حدثنا رجل من أصحاب النبي ﷺ قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه.
١٦٤٥٠- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبيه، عن...... قال: بعث رسول الله ﷺ عليًّا بأربع كلمات حين حج أبو بكر بالناس، فنادى ببراءة: إنه يوم الحج الأكبر، ألا إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ألا ولا يطوف بالبيت عريان، ألا ولا يحج بعد العام مشرك، ألا ومن كان بينه وبين محمد عهدٌ فأجله إلى مدته، والله بريء
(١) " المخضرمة "، المقطوع طرف أذنها، وكان أهل الجاهلية يخضرمون نعمهم، فلما جاء الإسلام، أمرهم النبي ﷺ أن يخضرموا من غير الموضع الذي يخضرم منه أهل الجاهلية، فكانت خضرمة أهل الإسلام بائنة من خضرمة أهل الجاهلية.
(٢) الأثر: ١٦٤٤٨ - " رجل من أصحاب رسول الله ﷺ "، ربما كان: " عبد الله بن مسعود "، فقد روى الخبر مطولا ابن ماجه في السنن: ١٠١٦، رقم: ٣٠٥٧، من طريق إسماعيل بن توبة، عن زافر بن سليمان، عن أبي سنان، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن مسعود ". وسيأتي برقم: ١٦٤٥٤، من حديث شعبة، عن عمرو بن مرة، عن رجل من أصحاب رسول الله "، كمثل ما في رواية ابن ماجه، ليس فيه " مرة الطيب ".
(٢) الأثر: ١٦٤٤٨ - " رجل من أصحاب رسول الله ﷺ "، ربما كان: " عبد الله بن مسعود "، فقد روى الخبر مطولا ابن ماجه في السنن: ١٠١٦، رقم: ٣٠٥٧، من طريق إسماعيل بن توبة، عن زافر بن سليمان، عن أبي سنان، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن مسعود ". وسيأتي برقم: ١٦٤٥٤، من حديث شعبة، عن عمرو بن مرة، عن رجل من أصحاب رسول الله "، كمثل ما في رواية ابن ماجه، ليس فيه " مرة الطيب ".
125
من المشركين ورسوله. (١)
١٦٤٥١- حدثني يعقوب قال، حدثني هشيم، عن حجاج بن أرطأة، عن عطاء قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٥٢- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (يوم الحج الأكبر)، قال: يوم النحر، يوم يحلّ فيه المحرم، وينحر فيه البُدْن. وكان ابن عمر يقول: هو يوم النحر. وكان أبي يقوله. وكان ابن عباس يقول: هو يوم عرفة. ولم أسمع أحدًا يقول إنه يوم عرفة إلا ابن عباس. قال ابن زيد: والحج يفوت بفوت يوم النحر، ولا يفوت بفوت يوم عرفة، إن فاته اليوم لم يفته الليل، يقف ما بينه وبين طلوع الفجر.
١٦٤٥٣- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: يوم الأضحى، يوم الحج الأكبر.
١٦٤٥٤- حدثنا سفيان قال، حدثنا أبي، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، قال، حدثني رجل من أصحاب رسول الله ﷺ في غرفتي هذه، حسبته قال: خطبنا رسول الله ﷺ يوم النحر على ناقة حمراء مُخَضرَمة فقال: أتدرون أي يوم هذا؟ هذا يوم النحر، وهذا يوم الحج الأكبر. (٢)
* * *
وقال آخرون: معنى قوله: (يوم الحج الأكبر)، حين الحجّ الأكبر ووقته. قال: وذلك أيام الحج كلها، لا يوم بعينه.
١٦٤٥١- حدثني يعقوب قال، حدثني هشيم، عن حجاج بن أرطأة، عن عطاء قال: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
١٦٤٥٢- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (يوم الحج الأكبر)، قال: يوم النحر، يوم يحلّ فيه المحرم، وينحر فيه البُدْن. وكان ابن عمر يقول: هو يوم النحر. وكان أبي يقوله. وكان ابن عباس يقول: هو يوم عرفة. ولم أسمع أحدًا يقول إنه يوم عرفة إلا ابن عباس. قال ابن زيد: والحج يفوت بفوت يوم النحر، ولا يفوت بفوت يوم عرفة، إن فاته اليوم لم يفته الليل، يقف ما بينه وبين طلوع الفجر.
١٦٤٥٣- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: يوم الأضحى، يوم الحج الأكبر.
١٦٤٥٤- حدثنا سفيان قال، حدثنا أبي، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، قال، حدثني رجل من أصحاب رسول الله ﷺ في غرفتي هذه، حسبته قال: خطبنا رسول الله ﷺ يوم النحر على ناقة حمراء مُخَضرَمة فقال: أتدرون أي يوم هذا؟ هذا يوم النحر، وهذا يوم الحج الأكبر. (٢)
* * *
وقال آخرون: معنى قوله: (يوم الحج الأكبر)، حين الحجّ الأكبر ووقته. قال: وذلك أيام الحج كلها، لا يوم بعينه.
(١) الأثر: ١٦٤٥٠ - " إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي "، مضى مرارا. و " أبوه ": " أبو خالد الأحمسي البجلي "، مترجم في التهذيب، روى عن أبي هريرة، وجابر بن سمرة. ذكره ابن حبان في الثقات. وقد حذفت المطبوعة ما أثبت، وهو " عن... "، وبعدها بياض، سقط من المخطوطة اسم الصحابي الذي روى عنه أبو خالد هذا الخبر. ولم أجد الخبر في مكان آخر.
(٢) الأثر: ١٦٤٥٤ - انظر التعليق على رقم: ١٦٤٤٨.
(٢) الأثر: ١٦٤٥٤ - انظر التعليق على رقم: ١٦٤٤٨.
126
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٥٥- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (يوم الحج الأكبر)، حين الحجّ، أيامه كلها.
١٦٤٥٦- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا ابن عيينة، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: الحج الأكبر، أيام منى كلها، ومجامع المشركين حين كانوا بذي المجاز وعكاظ ومَجَنَّة، حين نودي فيهم: أن لا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم هذا، وأن لا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهدٌ فعهده إلى مدته.
١٦٤٥٧- حدثني الحارث قال، حدثنا أبو عبيد قال، كان سفيان يقول: "يوم الحج"، و"يوم الجمل"، و"يوم صفين"، أي: أيامه كلها.
١٦٤٥٨- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله: (يوم الحج الأكبر)، قال: حين الحجّ، أي: أيامه كلها.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصحة، قولُ من قال: "يوم الحج الأكبر، يوم النحر"، لتظاهر الأخبار عن جماعة من أصحاب رسول الله ﷺ أن عليًّا نادى بما أرسله به رسول الله ﷺ من الرسالة إلى المشركين، وتلا عليهم "براءة"، يوم النحر. هذا، مع الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله ﷺ أنه قال يوم النحر: أتدرون أيّ يوم هذا؟ هذا يوم الحج الأكبر.
وبعدُ، فإن "اليوم" إنما يضاف إلى المعنى الذي يكون فيه، كقول الناس: "يوم عرفة"، وذلك يوم وقوف الناس بعرفة = و"يوم الأضحى"، وذلك يوم
١٦٤٥٥- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (يوم الحج الأكبر)، حين الحجّ، أيامه كلها.
١٦٤٥٦- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا ابن عيينة، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: الحج الأكبر، أيام منى كلها، ومجامع المشركين حين كانوا بذي المجاز وعكاظ ومَجَنَّة، حين نودي فيهم: أن لا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم هذا، وأن لا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهدٌ فعهده إلى مدته.
١٦٤٥٧- حدثني الحارث قال، حدثنا أبو عبيد قال، كان سفيان يقول: "يوم الحج"، و"يوم الجمل"، و"يوم صفين"، أي: أيامه كلها.
١٦٤٥٨- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله: (يوم الحج الأكبر)، قال: حين الحجّ، أي: أيامه كلها.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصحة، قولُ من قال: "يوم الحج الأكبر، يوم النحر"، لتظاهر الأخبار عن جماعة من أصحاب رسول الله ﷺ أن عليًّا نادى بما أرسله به رسول الله ﷺ من الرسالة إلى المشركين، وتلا عليهم "براءة"، يوم النحر. هذا، مع الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله ﷺ أنه قال يوم النحر: أتدرون أيّ يوم هذا؟ هذا يوم الحج الأكبر.
وبعدُ، فإن "اليوم" إنما يضاف إلى المعنى الذي يكون فيه، كقول الناس: "يوم عرفة"، وذلك يوم وقوف الناس بعرفة = و"يوم الأضحى"، وذلك يوم
127
يضحون فيه = "ويوم الفطر"، وذلك يوم يفطرون فيه. وكذلك "يوم الحج"، يوم يحجون فيه، وإنما يحج الناس ويقضون مناسكهم يوم النحر، لأن في ليلة نهار يوم النحر الوقوفُ بعرفة غير فائت إلى طلوع الفجر، (١) وفي صبيحتها يعمل أعمال الحج. فأما يوم عرفة، فإنه وإن كان الوقوف بعرفة، فغير فائت الوقوف به إلى طلوع الفجر من ليلة النحر، والحج كله يوم النحر.
* * *
وأما ما قال مجاهد: من أن "يوم الحج"، إنما هو أيامه كلها، فإن ذلك وإن كان جائزًا في كلام العرب، فليس بالأشهر الأعرف في كلام العرب من معانيه، بل أغلبُ على معنى "اليوم" عندهم أنه من غروب الشمس إلى مثله من الغد. وإنما محمل تأويل كتاب الله على الأشهر الأعرف من كلام من نزل الكتابُ بلسانه.
* * *
واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله قيل لهذا اليوم: "يوم الحج الأكبر".
فقال بعضهم: سمي بذلك، لأن ذلك كان في سنة اجتمع فيها حجّ المسلمين والمشركين.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٥٩- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن قال: إنما سمي "الحج الأكبر"، من أجل أنه حج أبو بكر الحجة التي حجها، واجتمع فيها المسلمون والمشركون، فلذلك سمي "الحج الأكبر"، ووافق أيضًا عيدَ اليهود والنصارى.
١٦٤٦٠- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا
* * *
وأما ما قال مجاهد: من أن "يوم الحج"، إنما هو أيامه كلها، فإن ذلك وإن كان جائزًا في كلام العرب، فليس بالأشهر الأعرف في كلام العرب من معانيه، بل أغلبُ على معنى "اليوم" عندهم أنه من غروب الشمس إلى مثله من الغد. وإنما محمل تأويل كتاب الله على الأشهر الأعرف من كلام من نزل الكتابُ بلسانه.
* * *
واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله قيل لهذا اليوم: "يوم الحج الأكبر".
فقال بعضهم: سمي بذلك، لأن ذلك كان في سنة اجتمع فيها حجّ المسلمين والمشركين.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٥٩- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن قال: إنما سمي "الحج الأكبر"، من أجل أنه حج أبو بكر الحجة التي حجها، واجتمع فيها المسلمون والمشركون، فلذلك سمي "الحج الأكبر"، ووافق أيضًا عيدَ اليهود والنصارى.
١٦٤٦٠- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا
(١) في المطبوعة: " الوقوف بعرفة كان إلى طلوع الفجر "، غير ما في المخطوطة، وهو الصواب المحض.
128
حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: يوم الحج الأكبر، كانت حجة الوداع، اجتمع فيه حج المسلمين والنصارى واليهود، ولم يجتمع قبله ولا بعده.
١٦٤٦١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن الحسن قال: قوله: (يوم الحج الأكبر)، قال: إنما سمي "الحج الأكبر"، لأنه يوم حج فيه أبو بكر، ونُبذت فيه العهود.
* * *
وقال آخرون: "الحج الأكبر"، القِرآنُ، و"الحج الأصغر"، الإفراد.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٦٢- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا أبو بكر النهشلي، عن حماد، عن مجاهد قال: كان يقول: "الحج الأكبر" و"الحج الأصغر"، فالحج الأكبر، القِرآن = و"الحج الأصغر"، إفراد الحج.
* * *
وقال آخرون: "الحج الأكبر"، الحج = و"الحج الأصغر"، العمرة.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٦٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: "الحج الأكبر"، الحج، و"الحج الأصغر"، العمرة.
١٦٤٦٤-...... قال، حدثنا عبد الأعلى، عن داود، عن عامر قال: قلت له: هذا الحج الأكبر، فما "الحج الأصغر"، قال: العمرة.
١٦٤٦٥- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي قال: كان يقال: "الحج الأصغر"، العمرة في رمضان.
١٦٤٦٦-...... قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد قال: كان يقال: "الحج الأصغر"، العمرة.
١٦٤٦١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن الحسن قال: قوله: (يوم الحج الأكبر)، قال: إنما سمي "الحج الأكبر"، لأنه يوم حج فيه أبو بكر، ونُبذت فيه العهود.
* * *
وقال آخرون: "الحج الأكبر"، القِرآنُ، و"الحج الأصغر"، الإفراد.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٦٢- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا أبو بكر النهشلي، عن حماد، عن مجاهد قال: كان يقول: "الحج الأكبر" و"الحج الأصغر"، فالحج الأكبر، القِرآن = و"الحج الأصغر"، إفراد الحج.
* * *
وقال آخرون: "الحج الأكبر"، الحج = و"الحج الأصغر"، العمرة.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٦٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: "الحج الأكبر"، الحج، و"الحج الأصغر"، العمرة.
١٦٤٦٤-...... قال، حدثنا عبد الأعلى، عن داود، عن عامر قال: قلت له: هذا الحج الأكبر، فما "الحج الأصغر"، قال: العمرة.
١٦٤٦٥- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي قال: كان يقال: "الحج الأصغر"، العمرة في رمضان.
١٦٤٦٦-...... قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد قال: كان يقال: "الحج الأصغر"، العمرة.
129
١٦٤٦٧-...... قال، حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبي أسماء، عن عبد الله بن شداد قال: "يوم الحج الأكبر"، يوم النحر، و"الحج الأصغر"، العمرة.
١٦٤٦٨- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري: أن أهل الجاهلية كانوا يسمون "الحج الأصغر"، العمرة.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك عندي، قول من قال: "الحج الأكبر، الحج"، لأنه أكبر من العمرة بزيادة عمله على عملها، فقيل له: "الأكبر"، لذلك. وأما "الأصغر" فالعمرة، لأن عملها أقل من عمل الحج، فلذلك قيل لها: "الأصغر"، لنقصان عملها عن عمله.
* * *
وأما قوله: (أن الله بريء من المشركين ورسوله)، فإن معناه: أن الله بريء من عهد المشركين ورسوله، بعد هذه الحجة.
* * *
قال أبو جعفر: ومعنى الكلام: وإعلام من الله ورسوله إلى الناس في يوم الحج الأكبر: أن الله ورسوله من عهد المشركين بريئان، كما:-
١٦٤٦٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (أن الله بريء من المشركين ورسوله)، أي: بعد الحجة. (١)
* * *
١٦٤٦٨- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري: أن أهل الجاهلية كانوا يسمون "الحج الأصغر"، العمرة.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك عندي، قول من قال: "الحج الأكبر، الحج"، لأنه أكبر من العمرة بزيادة عمله على عملها، فقيل له: "الأكبر"، لذلك. وأما "الأصغر" فالعمرة، لأن عملها أقل من عمل الحج، فلذلك قيل لها: "الأصغر"، لنقصان عملها عن عمله.
* * *
وأما قوله: (أن الله بريء من المشركين ورسوله)، فإن معناه: أن الله بريء من عهد المشركين ورسوله، بعد هذه الحجة.
* * *
قال أبو جعفر: ومعنى الكلام: وإعلام من الله ورسوله إلى الناس في يوم الحج الأكبر: أن الله ورسوله من عهد المشركين بريئان، كما:-
١٦٤٦٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (أن الله بريء من المشركين ورسوله)، أي: بعد الحجة. (١)
* * *
(١) الأثر: ١٦٤٦٩ - سيرة ابن هشام ٤: ١٨٨، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٣٥٦.
130
القول في تأويل قوله: ﴿فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (فإن تبتم)، من كفركم، أيها المشركون، ورجعتم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له = دون الآلهة والأنداد (١) = فالرجوع إلى ذلك (خير لكم)، من الإقامة على الشرك في الدنيا والآخرة = (وإن توليتم)، يقول: وإن أدبرتم عن الإيمان بالله وأبيتم إلا الإقامة على شرككم = (فاعلموا أنكم غير معجزي الله)، يقول: فأيقنوا أنكم لا تُفِيتون الله بأنفسكم من أن يحلّ بكم عذابه الأليم وعقابه الشديد، على إقامتكم على الكفر، (٢) كما فعل بمن قبلكم من أهل الشرك من إنزال نقمه به، (٣) وإحلاله العذاب عاجلا بساحته = (وبشر الذين كفروا)، يقول: واعلم، يا محمد، الذين جحدوا نبوتك وخالفوا أمر ربهم (٤) = (بعذاب)، موجع يحلُّ بهم. (٥)
١٦٤٧٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قوله: (فإن تبتم)، قال: آمنتم.
* * *
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (فإن تبتم)، من كفركم، أيها المشركون، ورجعتم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له = دون الآلهة والأنداد (١) = فالرجوع إلى ذلك (خير لكم)، من الإقامة على الشرك في الدنيا والآخرة = (وإن توليتم)، يقول: وإن أدبرتم عن الإيمان بالله وأبيتم إلا الإقامة على شرككم = (فاعلموا أنكم غير معجزي الله)، يقول: فأيقنوا أنكم لا تُفِيتون الله بأنفسكم من أن يحلّ بكم عذابه الأليم وعقابه الشديد، على إقامتكم على الكفر، (٢) كما فعل بمن قبلكم من أهل الشرك من إنزال نقمه به، (٣) وإحلاله العذاب عاجلا بساحته = (وبشر الذين كفروا)، يقول: واعلم، يا محمد، الذين جحدوا نبوتك وخالفوا أمر ربهم (٤) = (بعذاب)، موجع يحلُّ بهم. (٥)
١٦٤٧٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قوله: (فإن تبتم)، قال: آمنتم.
* * *
(١) انظر تفسير " التوبة " فيما سلف من فهارس اللغة (توب).
(٢) انظر تفسير " الإعجاز " فيما سلف ص ١١١، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) في المطبوعة: " كما فعل بذويكم من أهل الشرك "، وفي المخطوطة: " كما فعل برونكم "، ولا أدري ما هو، فآثرت أن أجعلها " بمن قبلكم " لتستقيم الضمائر بعد ذلك.
(٤) انظر تفسير " بشر " فيما سلف ١٣: ٤١٨، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٥) انظر تفسير " أليم " فيما سلف من فهارس اللغة (ألم).
(٢) انظر تفسير " الإعجاز " فيما سلف ص ١١١، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) في المطبوعة: " كما فعل بذويكم من أهل الشرك "، وفي المخطوطة: " كما فعل برونكم "، ولا أدري ما هو، فآثرت أن أجعلها " بمن قبلكم " لتستقيم الضمائر بعد ذلك.
(٤) انظر تفسير " بشر " فيما سلف ١٣: ٤١٨، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٥) انظر تفسير " أليم " فيما سلف من فهارس اللغة (ألم).
131
القول في تأويل قوله: ﴿إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله)، ، إلا من عَهْدِ الذين عاهدتم من المشركين، أيها المؤمنون (١) = (ثم لم ينقصوكم شيئا)، من عهدكم الذي عاهدتموهم = (ولم يظاهروا عليكم أحدًا)، من عدوكم، فيعينوهم بأنفسهم وأبدانهم، ولا بسلاح ولا خيل ولا رجال (٢) = (فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم)، يقول: فَفُوا لهم بعهدهم الذي عاهدتموهم عليه، (٣) ولا تنصبوا لهم حربًا إلى انقضاء أجل عهدهم الذي بينكم وبينهم = (إن الله يحب المتقين)، يقول: إن الله يحب من اتقاه بطاعته، بأداء فرائضه واجتناب معاصيه. (٤)
١٦٤٧١- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم)، يقول: إلى أجلهم.
١٦٤٧٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (إلا الذين عاهدتم من المشركين)، : أي العهد الخاص إلى الأجل المسمى = (ثم لم ينقصوكم شيئا)، الآية. (٥)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله)، ، إلا من عَهْدِ الذين عاهدتم من المشركين، أيها المؤمنون (١) = (ثم لم ينقصوكم شيئا)، من عهدكم الذي عاهدتموهم = (ولم يظاهروا عليكم أحدًا)، من عدوكم، فيعينوهم بأنفسهم وأبدانهم، ولا بسلاح ولا خيل ولا رجال (٢) = (فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم)، يقول: فَفُوا لهم بعهدهم الذي عاهدتموهم عليه، (٣) ولا تنصبوا لهم حربًا إلى انقضاء أجل عهدهم الذي بينكم وبينهم = (إن الله يحب المتقين)، يقول: إن الله يحب من اتقاه بطاعته، بأداء فرائضه واجتناب معاصيه. (٤)
١٦٤٧١- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم)، يقول: إلى أجلهم.
١٦٤٧٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (إلا الذين عاهدتم من المشركين)، : أي العهد الخاص إلى الأجل المسمى = (ثم لم ينقصوكم شيئا)، الآية. (٥)
(١) انظر تفسير " المعاهدة " فيما سلف ص: ٢١، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير "المظاهرة" فيما سلف ٢: ٣٠٤.
(٣) انظر تفسير " الإتمام " فيما سلف ١٣: ٨٧، تعليق ١، والمراجع هناك.
(٤) انظر تفسير " التقوى " فيما سلف من فهارس اللغة (وقى).
(٥) الأثر: ١٦٤٧٢ - سيرة ابن هشام ٢: ١٨٨، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٤٦٩.
(٢) انظر تفسير "المظاهرة" فيما سلف ٢: ٣٠٤.
(٣) انظر تفسير " الإتمام " فيما سلف ١٣: ٨٧، تعليق ١، والمراجع هناك.
(٤) انظر تفسير " التقوى " فيما سلف من فهارس اللغة (وقى).
(٥) الأثر: ١٦٤٧٢ - سيرة ابن هشام ٢: ١٨٨، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٤٦٩.
١٦٤٧٣- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا)، الآية، قال: هم مشركو قريش، الذين عاهدهم رسول الله ﷺ زمن الحديبية، وكان بقي من مدتهم أربعة أشهر بعد يوم النحر. فأمر الله نبيه أن يوفي لهم بعهدهم إلى مدتهم، ومن لا عهد له إلى انسلاخ المحرم، ونبذ إلى كل ذي عهد عهده، وأمره بقتالهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأن لا يقبل منهم إلا ذلك.
١٦٤٧٤- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: مدة من كان له عهد من المشركين قبل أن تنزل "براءة" أربعة أشهر، من يوم أذن ببراءة إلى عشر من شهر ربيع الآخر، وذلك أربعة أشهر. فإن نقضَ المشركون عهدهم، وظاهروا عدوًّا فلا عهد لهم. وإن وفوْا بعهدهم الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يظاهروا عليه عدوًّا، فقد أمر أن يؤدِّي إليهم عهدهم ويفي به.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم)، فإذا انقضى ومضى وخرج.
* * *
١٦٤٧٤- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: مدة من كان له عهد من المشركين قبل أن تنزل "براءة" أربعة أشهر، من يوم أذن ببراءة إلى عشر من شهر ربيع الآخر، وذلك أربعة أشهر. فإن نقضَ المشركون عهدهم، وظاهروا عدوًّا فلا عهد لهم. وإن وفوْا بعهدهم الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يظاهروا عليه عدوًّا، فقد أمر أن يؤدِّي إليهم عهدهم ويفي به.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم)، فإذا انقضى ومضى وخرج.
* * *
133
يقال منه: سلخنا شهر كذا نسلَخه سَلْخًا وسُلُوخًا، بمعنى: خرجنا منه. ومنه قولهم: "شاة مسلوخة"، بمعنى: المنزوعة من جلدها، المخرجة منه. (١)
* * *
ويعني بـ "الأشهر الحرم"، ذا القعدة، وذا الحجة، والمحرم. (٢)
وإنما أريد في هذا الموضع انسلاخ المحرم وحده، لأن الأذان كان ببراءة يوم الحج الأكبر. فمعلوم أنهم لم يكونوا أجَّلوا الأشهرَ الحرم كلَّها = وقد دللنا على صحة ذلك فيما مضى = ولكنه لما كان متصلا بالشهرين الآخرين قبله الحرامين، وكان هو لهما ثالثًا، وهي كلها متصل بعضها ببعض، قيل: "فإذا انسلخ الأشهر الحرم"، ومعنى الكلام: فإذا انقضت الأشهر الحرم الثلاثة عن الذين لا عهد لهم، أو عن الذين كان لهم عهد فنقضوا عهدهم بمظاهرتهم الأعداءَ على رسول الله وعلى أصحابه، أو كان عهدهم إلى أجل غيره معلوم.
* * *
= (فاقتلوا المشركين)، يقول: فاقتلوهم = (حيث وجدتموهم)، يقول: حيث لقيتموهم من الأرض، في الحرم، وغير الحرم في الأشهر الحرم وغير الأشهر الحرم = (وخذوهم) يقول: وأسروهم = (واحصروهم)، يقول: وامنعوهم من التصرف في بلاد الإسلام ودخول مكة = (واقعدوا لهم كل مرصد)، يقول: واقعدوا لهم بالطلب لقتلهم أو أسرهم = "كل مرصد"، يعني: كل طريق ومرقَب.
* * *
وهو "مفعل"، من قول القائل: "رصدت فلانًا أرصُده رَصْدًا"، بمعنى: رقبته.
* * *
(فإن تابوا)، يقول: فإن رجعوا عما نهاهم عليه من الشرك بالله وجحود نبوة نبيه محمد
* * *
ويعني بـ "الأشهر الحرم"، ذا القعدة، وذا الحجة، والمحرم. (٢)
وإنما أريد في هذا الموضع انسلاخ المحرم وحده، لأن الأذان كان ببراءة يوم الحج الأكبر. فمعلوم أنهم لم يكونوا أجَّلوا الأشهرَ الحرم كلَّها = وقد دللنا على صحة ذلك فيما مضى = ولكنه لما كان متصلا بالشهرين الآخرين قبله الحرامين، وكان هو لهما ثالثًا، وهي كلها متصل بعضها ببعض، قيل: "فإذا انسلخ الأشهر الحرم"، ومعنى الكلام: فإذا انقضت الأشهر الحرم الثلاثة عن الذين لا عهد لهم، أو عن الذين كان لهم عهد فنقضوا عهدهم بمظاهرتهم الأعداءَ على رسول الله وعلى أصحابه، أو كان عهدهم إلى أجل غيره معلوم.
* * *
= (فاقتلوا المشركين)، يقول: فاقتلوهم = (حيث وجدتموهم)، يقول: حيث لقيتموهم من الأرض، في الحرم، وغير الحرم في الأشهر الحرم وغير الأشهر الحرم = (وخذوهم) يقول: وأسروهم = (واحصروهم)، يقول: وامنعوهم من التصرف في بلاد الإسلام ودخول مكة = (واقعدوا لهم كل مرصد)، يقول: واقعدوا لهم بالطلب لقتلهم أو أسرهم = "كل مرصد"، يعني: كل طريق ومرقَب.
* * *
وهو "مفعل"، من قول القائل: "رصدت فلانًا أرصُده رَصْدًا"، بمعنى: رقبته.
* * *
(فإن تابوا)، يقول: فإن رجعوا عما نهاهم عليه من الشرك بالله وجحود نبوة نبيه محمد
(١) انظر تفسير " الانسلاخ " فيما سلف ١٣: ٢٦٠.
(٢) انظر تفسير " الأشهر الحرم " فيما سلف ٣: ٥٧٥ - ٥٧٩ / ٩: ٤٥٦، ٤٦٦ / ١١: ٩١، ٩٤.
(٢) انظر تفسير " الأشهر الحرم " فيما سلف ٣: ٥٧٥ - ٥٧٩ / ٩: ٤٥٦، ٤٦٦ / ١١: ٩١، ٩٤.
134
صلى الله عليه وسلم، (١) إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأنداد، والإقرار بنبوة محمد ﷺ = (وأقاموا الصلاة)، يقول: وأدّوا ما فرض الله عليهم من الصلاة بحدودها = وأعطوا الزكاة التي أوجبها الله عليهم في أموالهم أهلها (٢) = (فخلوا سبيلهم)، يقول: فدعوهم يتصرفون في أمصاركم، ويدخلون البيت الحرام = (إن الله غفور رحيم)، لمن تاب من عباده = فأناب إلى طاعته، بعد الذي كان عليه من معصيته، ساتر على ذنبه، رحيم به، أن يعاقبه على ذنوبه السالفة قبل توبته، بعد التوبة. (٣)
* * *
وقد ذكرنا اختلاف المختلفين في الذين أجِّلوا إلى انسلاخ الأشهر الحرم.
* * *
وبنحو ما قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٧٥- حدثنا عبد الأعلى بن واصل الأسدي قال، حدثنا عبيد الله بن موسى قال، أخبرنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده، وعبادته لا يشرك له شيئًا، فارقها والله عنه راضٍ = قال: وقال أنس: هو دين الله الذي جاءت به الرسل وبلغوه عن ربهم، قبل هَرْج الأحاديث، (٤) واختلاف الأهواء. وتصديق ذلك في كتاب الله في آخر ما أنزل الله، قال الله: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم)، قال: توبتهم، خلع الأوثان، وعبادة ربهم، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، ثم قال في آية أخرى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ
* * *
وقد ذكرنا اختلاف المختلفين في الذين أجِّلوا إلى انسلاخ الأشهر الحرم.
* * *
وبنحو ما قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٧٥- حدثنا عبد الأعلى بن واصل الأسدي قال، حدثنا عبيد الله بن موسى قال، أخبرنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده، وعبادته لا يشرك له شيئًا، فارقها والله عنه راضٍ = قال: وقال أنس: هو دين الله الذي جاءت به الرسل وبلغوه عن ربهم، قبل هَرْج الأحاديث، (٤) واختلاف الأهواء. وتصديق ذلك في كتاب الله في آخر ما أنزل الله، قال الله: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم)، قال: توبتهم، خلع الأوثان، وعبادة ربهم، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، ثم قال في آية أخرى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ
(١) انظر تفسير " التوبة " فيما سلف من فهارس اللغة (تاب).
(٢) انظر تفسير " إقامة الصلاة "، و " إيتاء الزكاة " فيما سلف منم فهارس اللغة (قوم)، (أتى).
(٣) انظر تفسير " غفور " و"رحيم" فيما سلف من فهارس اللغة (غفر)، (رحم).
(٤) "هرج الأحاديث"، الإكثار فيها، واختلاف المختلفين، واختلاط أصواتهم.
(٢) انظر تفسير " إقامة الصلاة "، و " إيتاء الزكاة " فيما سلف منم فهارس اللغة (قوم)، (أتى).
(٣) انظر تفسير " غفور " و"رحيم" فيما سلف من فهارس اللغة (غفر)، (رحم).
(٤) "هرج الأحاديث"، الإكثار فيها، واختلاف المختلفين، واختلاط أصواتهم.
135
وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)، [سورة التوبة: ١١]. (١)
١٦٤٧٦- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم)، حتى ختم آخر الآية. وكان قتادة يقول: خلوا سبيل من أمركم الله أن تخلوا سبيله، فإنما الناس ثلاثة: رَهْط مسلم عليه الزكاة، ومشرك عليه الجزية، وصاحب حرب يأمن بتجارته في المسلمين إذا أعطى عُشُور ماله.
١٦٤٧٧- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم)، وهي الأربعة التي عددت لك = يعني: عشرين من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وربيعًا الأول، وعشرًا من شهر ربيع الآخر.
* * *
وقال قائلو هذه المقالة: قيل لهذه: "الأشهر الحرم"، لأن الله عز وجل حرّم على المؤمنين فيها دماءَ المشركين، والعَرْضَ لهم إلا بسبيلِ خيرٍ. (٢)
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٧٦- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم)، حتى ختم آخر الآية. وكان قتادة يقول: خلوا سبيل من أمركم الله أن تخلوا سبيله، فإنما الناس ثلاثة: رَهْط مسلم عليه الزكاة، ومشرك عليه الجزية، وصاحب حرب يأمن بتجارته في المسلمين إذا أعطى عُشُور ماله.
١٦٤٧٧- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم)، وهي الأربعة التي عددت لك = يعني: عشرين من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وربيعًا الأول، وعشرًا من شهر ربيع الآخر.
* * *
وقال قائلو هذه المقالة: قيل لهذه: "الأشهر الحرم"، لأن الله عز وجل حرّم على المؤمنين فيها دماءَ المشركين، والعَرْضَ لهم إلا بسبيلِ خيرٍ. (٢)
* ذكر من قال ذلك:
(١) الأثر: ١٦٤٧٥ - " عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى بن هلال الأسدي "، شيخ الطبري، ثقة، مضى برقم: ١١١٢٥.
و" عبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي "، روى له الجماعة، سلف مرارا، آخرها: ١٣١٧٧. وسائر رجال السند، ثقات، مضوا جميعا، إلا أبا جعفر الرازي، فقد تكلموا فيه، وهو ثقة إن شاء الله
وهذا الخبر رواه ابن ماجه في سننه: ٢٧، رقم: ٧٠، من طريقتين: من طريق نصر بن علي الجهضمي، عن أبي أحمد، عن أبي جعفر الرازي، ثم من طريق أبي حاتم، عن عبيد الله بن موسى العبسي، عن أبي جعفر، بمثله.
ورواه الحاكم في المستدرك ٢: ٣٣١، ٣٣٢ عن طريق إسحاق بن سليمان الرازي، عن أبي جعفر الرازي، ولم يقل فيه: " قال أنس: وهو دين الله... ، بل ساقه مدرجا في الحديث، ثم قال: " وهذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه "، وافقه الذهبي، إلا أنه استدرك عليه فقال: " صدر الخبر مرفوع، وسائره مدرج فيما أرى "، وصدق الذهبي.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: " والعرض لهم "، وهو بمعنى " التعرض ".
و" عبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي "، روى له الجماعة، سلف مرارا، آخرها: ١٣١٧٧. وسائر رجال السند، ثقات، مضوا جميعا، إلا أبا جعفر الرازي، فقد تكلموا فيه، وهو ثقة إن شاء الله
وهذا الخبر رواه ابن ماجه في سننه: ٢٧، رقم: ٧٠، من طريقتين: من طريق نصر بن علي الجهضمي، عن أبي أحمد، عن أبي جعفر الرازي، ثم من طريق أبي حاتم، عن عبيد الله بن موسى العبسي، عن أبي جعفر، بمثله.
ورواه الحاكم في المستدرك ٢: ٣٣١، ٣٣٢ عن طريق إسحاق بن سليمان الرازي، عن أبي جعفر الرازي، ولم يقل فيه: " قال أنس: وهو دين الله... ، بل ساقه مدرجا في الحديث، ثم قال: " وهذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه "، وافقه الذهبي، إلا أنه استدرك عليه فقال: " صدر الخبر مرفوع، وسائره مدرج فيما أرى "، وصدق الذهبي.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: " والعرض لهم "، وهو بمعنى " التعرض ".
136
١٦٤٧٨- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن إبراهيم بن أبي بكر: أنه أخبره عن مجاهد وعمرو بن شعيب في قوله: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم)، أنها الأربعة التي قال الله: (فسيحوا في الأرض)، قال: هي "الحُرم"، من أجل أنهم أومنوا فيها حتى يسيحوها. (١)
١٦٤٧٩- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر)، قال: ضُرِب لهم أجلُ أربعة أشهر، وتبرأ من كل مشرك. ثم أمر إذا انسلخت تلك الأشهر الحرم = (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد)، لا تتركوهم يضربون في البلاد، ولا يخرجوا لتجارة، (٢) ضَيِّقوا عليهم بعدها. ثم أمر بالعفو (٣) (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم)، .
١٦٤٨٠- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم)، يعني: الأربعة التي ضربَ الله لهم أجلا = لأهل العهد العامّ من المشركين = (فاقتلوهم حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد)، الآية. (٤)
* * *
١٦٤٧٩- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر)، قال: ضُرِب لهم أجلُ أربعة أشهر، وتبرأ من كل مشرك. ثم أمر إذا انسلخت تلك الأشهر الحرم = (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد)، لا تتركوهم يضربون في البلاد، ولا يخرجوا لتجارة، (٢) ضَيِّقوا عليهم بعدها. ثم أمر بالعفو (٣) (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم)، .
١٦٤٨٠- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم)، يعني: الأربعة التي ضربَ الله لهم أجلا = لأهل العهد العامّ من المشركين = (فاقتلوهم حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد)، الآية. (٤)
* * *
(١) الأثر: ١٦٤٧٨ - " إبراهيم بن أبي بكر الأخنسي "، ثقة، مضى برقم: ١٠٧٥٨.
(٢) في المطبوعة: " ولا يخرجون للتجارة "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) في المخطوطة: " بعد ما أمر بالعفو "، وفي المطبوعة: " بعدها أمر بالعفو "، وصواب السياق يقتضي ما أثبت، وزيادة " ثم ".
(٤) الأثر: ١٦٤٨٠ - سيرة ابن هشام ٣: ١٨٩، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٤٧٢، قوله: " لأهل العهد العام من المشركين "، من كلام أبي جعفر، استظهارا مما سلف قبله في السيرة، وفي رقم: ١٦٣٥٦.
(٢) في المطبوعة: " ولا يخرجون للتجارة "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) في المخطوطة: " بعد ما أمر بالعفو "، وفي المطبوعة: " بعدها أمر بالعفو "، وصواب السياق يقتضي ما أثبت، وزيادة " ثم ".
(٤) الأثر: ١٦٤٨٠ - سيرة ابن هشام ٣: ١٨٩، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٤٧٢، قوله: " لأهل العهد العام من المشركين "، من كلام أبي جعفر، استظهارا مما سلف قبله في السيرة، وفي رقم: ١٦٣٥٦.
137
القول في تأويل قوله: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه: وإن استأمنك، يا محمد، من المشركين، الذين أمرتك بقتالهم وقتلهم بعد انسلاخ الأشهر الحرم، أحدٌ ليسمع كلام الله منك = وهو القرآن الذي أنزله الله عليه = (فأجره)، يقول: فأمّنه حتى يسمع كلام الله وتتلوه عليه = (ثم أبلغه مأمنه)، يقول: ثم رُدَّه بعد سماعه كلام الله إن هو أبَي أن يسلم، ولم يتعظ لما تلوته عليه من كلام الله فيؤمن = "إلى مأمنه"، يقول: إلى حيث يأمن منك وممن في طاعتك، حتى يلحق بداره وقومه من المشركين (١) = (ذلك بأنهم قوم لا يعلمون)، يقول: تفعل ذلك بهم، من إعطائك إياهم الأمان ليسمعوا القرآن، وردِّك إياهم إذا أبوا الإسلام إلى مأمنهم، من أجل أنهم قوم جهلة لا يفقهون عن الله حجة، ولا يعلمون ما لهم بالإيمان بالله لو آمنوا، وما عليهم من الوِزْر والإثم بتركهم الإيمان بالله.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٨١- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (وإن أحد من المشركين استجارك)، أي: من هؤلاء الذين أمرتك بقتالهم، (فأجره). (٢)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه: وإن استأمنك، يا محمد، من المشركين، الذين أمرتك بقتالهم وقتلهم بعد انسلاخ الأشهر الحرم، أحدٌ ليسمع كلام الله منك = وهو القرآن الذي أنزله الله عليه = (فأجره)، يقول: فأمّنه حتى يسمع كلام الله وتتلوه عليه = (ثم أبلغه مأمنه)، يقول: ثم رُدَّه بعد سماعه كلام الله إن هو أبَي أن يسلم، ولم يتعظ لما تلوته عليه من كلام الله فيؤمن = "إلى مأمنه"، يقول: إلى حيث يأمن منك وممن في طاعتك، حتى يلحق بداره وقومه من المشركين (١) = (ذلك بأنهم قوم لا يعلمون)، يقول: تفعل ذلك بهم، من إعطائك إياهم الأمان ليسمعوا القرآن، وردِّك إياهم إذا أبوا الإسلام إلى مأمنهم، من أجل أنهم قوم جهلة لا يفقهون عن الله حجة، ولا يعلمون ما لهم بالإيمان بالله لو آمنوا، وما عليهم من الوِزْر والإثم بتركهم الإيمان بالله.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٨١- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (وإن أحد من المشركين استجارك)، أي: من هؤلاء الذين أمرتك بقتالهم، (فأجره). (٢)
(١) انظر تفسير " الأمن " فيما سلف ١٣: ٤٢٠، تعليق ١، والمراجع هناك.
(٢) الأثر: ١٦٤٨١ - سيرة ابن هشام ٤: ١٨٩، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٤٨٠.
(٢) الأثر: ١٦٤٨١ - سيرة ابن هشام ٤: ١٨٩، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٤٨٠.
138
١٦٤٨٢- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (فأجره حتى يسمع كلام الله)، أما "كلام الله"، فالقرآن.
١٦٤٨٣- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره)، قال: إنسان يأتيك فيسمع ما تقول، ويسمع ما أنزل عليك، فهو آمنٌ حتى يأتيك فيسمع كلام الله، وحتى يبلغ مأمنه، حيث جاءه. (١)
١٦٤٨٤- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.
١٦٤٨٥- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد قال: خرج رسوله الله ﷺ غازيًا، فلقي العدوَّ، وأخرج المسلمون رجلا من المشركين وأشرعوا فيه الأسنّة، فقال الرجل: ارفعوا عني سلاحكم، وأسمعوني كلام الله! فقالوا: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وتخلع الأنداد، وتتبرأ من اللات والعزى! فقال: فإنّي أشهدكم أني قد فعلت.
١٦٤٨٦- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (ثم أبلغه مأمنه)، قال: إن لم يوافقه ما تتلو عليه وتحدثه، (٢) فأبلغه. قال: وليس هذا بمنسوخ.
* * *
واختلفت في حكم هذه الآية، وهل هو منسوخ أو هو غير منسوخ؟
فقال بعضهم: هو غير منسوخ. وقد ذكرنا قول من قال ذلك.
* * *
وقال آخرون: هو منسوخ.
١٦٤٨٣- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره)، قال: إنسان يأتيك فيسمع ما تقول، ويسمع ما أنزل عليك، فهو آمنٌ حتى يأتيك فيسمع كلام الله، وحتى يبلغ مأمنه، حيث جاءه. (١)
١٦٤٨٤- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.
١٦٤٨٥- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد قال: خرج رسوله الله ﷺ غازيًا، فلقي العدوَّ، وأخرج المسلمون رجلا من المشركين وأشرعوا فيه الأسنّة، فقال الرجل: ارفعوا عني سلاحكم، وأسمعوني كلام الله! فقالوا: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وتخلع الأنداد، وتتبرأ من اللات والعزى! فقال: فإنّي أشهدكم أني قد فعلت.
١٦٤٨٦- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (ثم أبلغه مأمنه)، قال: إن لم يوافقه ما تتلو عليه وتحدثه، (٢) فأبلغه. قال: وليس هذا بمنسوخ.
* * *
واختلفت في حكم هذه الآية، وهل هو منسوخ أو هو غير منسوخ؟
فقال بعضهم: هو غير منسوخ. وقد ذكرنا قول من قال ذلك.
* * *
وقال آخرون: هو منسوخ.
(١) في المطبوعة: " حيث جاء "، والصواب من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: " ما تقول عليه وتحدثه "، وفي المخطوطة فوق " تقول " حرف (ط) دلالة على الخطأ، والصواب ما أثبت.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: " ما تقول عليه وتحدثه "، وفي المخطوطة فوق " تقول " حرف (ط) دلالة على الخطأ، والصواب ما أثبت.
139
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٨٧- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن جويبر، عن الضحاك: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم)، نسختها: (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً)، . [سورة محمد: ٤]
١٦٤٨٨-...... قال، حدثنا سفيان، عن السدي، مثله.
* * *
وقال آخرون: بل نسخ قوله: (فاقتلوا المشركين)، قوله: (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ).
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٨٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبدة بن سليمان، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة: (حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ)، [سورة محمد: ٤] نسخها قوله: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم)،
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، قولُ من قال: "ليس ذلك بمنسوخ". وقد دللنا على أن معنى "النسخ"، هو نفي حكم قد كان ثبت بحكم آخر غيره. (١) ولم تصحّ حجةٌ بوجوب حكم الله في المشركين بالقتل بكل حال، ثم نسخه بترك قتلهم على أخذ الفداء، ولا على وجه المنّ عليهم. فإذ كان ذلك كذلك، وكان الفداء والمنّ والقتل لم يزل من حكم رسول الله ﷺ فيهم من أول حرب حاربهم، (٢) وذلك من يوم بدر = كان معلومًا أن معنى الآية: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، وخذوهم للقتل أو المنِّ أو الفداء، واحصروهم. وإذا كان ذلك معناه، صحّ ما قلنا في ذلك دون غيره.
* * *
١٦٤٨٧- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن جويبر، عن الضحاك: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم)، نسختها: (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً)، . [سورة محمد: ٤]
١٦٤٨٨-...... قال، حدثنا سفيان، عن السدي، مثله.
* * *
وقال آخرون: بل نسخ قوله: (فاقتلوا المشركين)، قوله: (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ).
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٨٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبدة بن سليمان، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة: (حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ)، [سورة محمد: ٤] نسخها قوله: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم)،
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، قولُ من قال: "ليس ذلك بمنسوخ". وقد دللنا على أن معنى "النسخ"، هو نفي حكم قد كان ثبت بحكم آخر غيره. (١) ولم تصحّ حجةٌ بوجوب حكم الله في المشركين بالقتل بكل حال، ثم نسخه بترك قتلهم على أخذ الفداء، ولا على وجه المنّ عليهم. فإذ كان ذلك كذلك، وكان الفداء والمنّ والقتل لم يزل من حكم رسول الله ﷺ فيهم من أول حرب حاربهم، (٢) وذلك من يوم بدر = كان معلومًا أن معنى الآية: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، وخذوهم للقتل أو المنِّ أو الفداء، واحصروهم. وإذا كان ذلك معناه، صحّ ما قلنا في ذلك دون غيره.
* * *
(١) انظر ما قاله أبو جعفر في " النسخ " مرارا في فهارس الكتاب.
(٢) في المطبوعة: "فكان الفداء"، وهو خطأ، لم يحسن قراءة المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "فكان الفداء"، وهو خطأ، لم يحسن قراءة المخطوطة.
140
القول في تأويل قوله: ﴿كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أنّى يكون أيها المؤمنون بالله ورسوله، وبأيِّ معنى، يكون للمشركين بربهم عهدٌ وذمة عند الله وعند رسوله، يوفّى لهم به، ويتركوا من أجله آمنين يتصرفون في البلاد؟ (١) وإنما معناه: لا عهد لهم، وأن الواجب على المؤمنين قتلهم حيث وجدوهم، إلا الذين أعطوا العهد عند المسجد الحرام منهم، فإن الله جل ثناؤه أمرَ المؤمنين بالوفاء لهم بعهدهم، والاستقامة لهم عليه، ما داموا عليه للمؤمنين مستقيمين.
* * *
واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله: (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام).
فقال بعضهم: هم قوم من جذيمة بن الدُّئِل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٩٠- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم)، هم بنو جذيمة بن الدُّئِل. (٢)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أنّى يكون أيها المؤمنون بالله ورسوله، وبأيِّ معنى، يكون للمشركين بربهم عهدٌ وذمة عند الله وعند رسوله، يوفّى لهم به، ويتركوا من أجله آمنين يتصرفون في البلاد؟ (١) وإنما معناه: لا عهد لهم، وأن الواجب على المؤمنين قتلهم حيث وجدوهم، إلا الذين أعطوا العهد عند المسجد الحرام منهم، فإن الله جل ثناؤه أمرَ المؤمنين بالوفاء لهم بعهدهم، والاستقامة لهم عليه، ما داموا عليه للمؤمنين مستقيمين.
* * *
واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله: (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام).
فقال بعضهم: هم قوم من جذيمة بن الدُّئِل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٩٠- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم)، هم بنو جذيمة بن الدُّئِل. (٢)
(١) انظر تفسير "العهد" و"المعاهدة" فيما سلف ص: ١٣٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) هكذا جاء هنا " بنو جذيمة بن الدئل "، وفي رقم: ١٦٤٩١: " جذيمة بكر كنانة ". ولا أعلم في " الدئل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة "، " جذيمة " فإن " جذيمة كنانة " إنما هم: " بنو جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة "، أبناء عمومة " الدئل "، و " بكر بن عبد مناة ".
وبنو جذيمة بن عامر بن عبد مناة، هم أهل الغميصاء، الذين أوقع بهم خالد بن الوليد بعد الفتح، فأرسل رسول الله ﷺ عليا رضي الله عنه ليتلافى خطأ خالد بن الوليد، فودي لهم الدماء وما أصيب من الأموال، حتى إنه إنه ليدي لهم ميلغة الكلب.
(انظر سيرة ابن هشام ٤: ٧٠ - ٧٣).
(٢) هكذا جاء هنا " بنو جذيمة بن الدئل "، وفي رقم: ١٦٤٩١: " جذيمة بكر كنانة ". ولا أعلم في " الدئل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة "، " جذيمة " فإن " جذيمة كنانة " إنما هم: " بنو جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة "، أبناء عمومة " الدئل "، و " بكر بن عبد مناة ".
وبنو جذيمة بن عامر بن عبد مناة، هم أهل الغميصاء، الذين أوقع بهم خالد بن الوليد بعد الفتح، فأرسل رسول الله ﷺ عليا رضي الله عنه ليتلافى خطأ خالد بن الوليد، فودي لهم الدماء وما أصيب من الأموال، حتى إنه إنه ليدي لهم ميلغة الكلب.
(انظر سيرة ابن هشام ٤: ٧٠ - ٧٣).
141
١٦٤٩١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن محمد بن عباد بن جعفر قوله: (إلا الذين عاهدتم من المشركين)، قال: هم جذيمة بكر كنانة. (١)
١٦٤٩٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (كيف يكون للمشركين)، الذين كانوا هم وأنتم على العهد العام، (٢) بأن لا تخيفوهم ولا يخيفوكم في الحرمة ولا في الشهر الحرام (٣) = (عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام)، وهي قبائل بني بكر الذين كانوا دخلوا في عهد قريش وعقدهم يوم الحديبية، إلى المدة التي كانت بين رسول الله ﷺ وبين قريش، فلم يكن نَقَضَها إلا هذا الحيُّ من قريش، وبنو الدُّئِل من بكر. فأمر بإتمام العهد لمن لم يكن نقض عهده من بني بكر إلى مدته = (فما استقاموا لكم)، الآية. (٤)
* * *
وقال آخرون: هم قريش.
١٦٤٩٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (كيف يكون للمشركين)، الذين كانوا هم وأنتم على العهد العام، (٢) بأن لا تخيفوهم ولا يخيفوكم في الحرمة ولا في الشهر الحرام (٣) = (عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام)، وهي قبائل بني بكر الذين كانوا دخلوا في عهد قريش وعقدهم يوم الحديبية، إلى المدة التي كانت بين رسول الله ﷺ وبين قريش، فلم يكن نَقَضَها إلا هذا الحيُّ من قريش، وبنو الدُّئِل من بكر. فأمر بإتمام العهد لمن لم يكن نقض عهده من بني بكر إلى مدته = (فما استقاموا لكم)، الآية. (٤)
* * *
وقال آخرون: هم قريش.
(١) الأثر: ١٦٤٩١ - راجع التعليق السالف. وكان في المطبوعة: " بكر، من كنانة "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: " كانوا وأنتم "، واثبتت ما في سيرة ابن هشام.
(٣) في المطبوعة: " بأن لا تمنعوهم ولا يمنعوكم من الحرم "، غير ما في المخطوطة، لأنه لم يحسن قراءتها. والصواب ما في المخطوطة، مطابقا لما في السيرة.
وقوله: " في الحرمة "، يعني في مكة البلد الحرام، وسائر مناسك الحج، وهي بضم الحاء وسكون الراء. وهي من " الحرمة "، وهو ما لا يحل انتهاكه. وقد قصرت كتب اللغة في إثبات لفظ " الحرمة " بهذا المعنى الذي فسرته، وهو كثير في أخبارهم بالمعنى الذي ذكرت، فأثبته هناك. ومن أجل هذا ظن الناشر أنه حين كتب " من الحرم "، أن " الحرمة " لا تأتي بمعنى " الحرم ".
(٤) الأثر: ١٦٤٩٢ - سيرة ابن هشام ٤: ١٨٩، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٤٨١.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: " كانوا وأنتم "، واثبتت ما في سيرة ابن هشام.
(٣) في المطبوعة: " بأن لا تمنعوهم ولا يمنعوكم من الحرم "، غير ما في المخطوطة، لأنه لم يحسن قراءتها. والصواب ما في المخطوطة، مطابقا لما في السيرة.
وقوله: " في الحرمة "، يعني في مكة البلد الحرام، وسائر مناسك الحج، وهي بضم الحاء وسكون الراء. وهي من " الحرمة "، وهو ما لا يحل انتهاكه. وقد قصرت كتب اللغة في إثبات لفظ " الحرمة " بهذا المعنى الذي فسرته، وهو كثير في أخبارهم بالمعنى الذي ذكرت، فأثبته هناك. ومن أجل هذا ظن الناشر أنه حين كتب " من الحرم "، أن " الحرمة " لا تأتي بمعنى " الحرم ".
(٤) الأثر: ١٦٤٩٢ - سيرة ابن هشام ٤: ١٨٩، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٤٨١.
142
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٩٣- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس قوله: (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام)، هم قريش.
١٦٤٩٤- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام)، يعني: أهل مكة.
١٦٤٩٥- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام)، يقول: هم قوم كان بينهم وبين النبي ﷺ مدة، ولا ينبغي لمشرك أن يدخل المسجد الحرام ولا يعطي المسلمَ الجزيةَ. (فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم)، يعني: أهل العهد من المشركين.
١٦٤٩٦- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم)، قال: هؤلاء قريش. وقد نسخ هذا الأشهر التي ضربت لهم، وغدروا بهم فلم يستقيموا، كما قال الله. فضرب لهم بعد الفتح أربعة أشهر، يختارون من أمرهم: إما أن يسلموا، وإما أن يلحقوا بأيِّ بلاد شاؤوا. قال: فأسلموا قبل الأربعة الأشهر، وقبل قَتْلٍ. (١)
١٦٤٩٧- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم)، قال: هو يوم الحديبية، (٢) قال: فلم يستقيموا، نقضوا عهدهم،
١٦٤٩٣- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس قوله: (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام)، هم قريش.
١٦٤٩٤- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام)، يعني: أهل مكة.
١٦٤٩٥- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام)، يقول: هم قوم كان بينهم وبين النبي ﷺ مدة، ولا ينبغي لمشرك أن يدخل المسجد الحرام ولا يعطي المسلمَ الجزيةَ. (فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم)، يعني: أهل العهد من المشركين.
١٦٤٩٦- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم)، قال: هؤلاء قريش. وقد نسخ هذا الأشهر التي ضربت لهم، وغدروا بهم فلم يستقيموا، كما قال الله. فضرب لهم بعد الفتح أربعة أشهر، يختارون من أمرهم: إما أن يسلموا، وإما أن يلحقوا بأيِّ بلاد شاؤوا. قال: فأسلموا قبل الأربعة الأشهر، وقبل قَتْلٍ. (١)
١٦٤٩٧- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم)، قال: هو يوم الحديبية، (٢) قال: فلم يستقيموا، نقضوا عهدهم،
(١) في المطبوعة والمخطوطة: " وقبل وقبل "، ولا معنى له، ولكنه في المخطوطة غير منقوط والصواب إن شاء الله ما أثبت.
(٢) كان في المطبوعة: " هم قوم جذيمة "، وهذا كلام فاسد كل الفساد. وفي المخطوطة:
" هم يوم الحديبية "، وصواب قراءته ما أثبت. وذلك أن رسول الله ﷺ لما كتب الهدنة بينه وبين قريش عام الحديبية، تواثبت بنو بكر بن عبد مناة فقالت: " نحن في عقد قريش وعهدهم "، وتواثبت خزاعة فقالت: " نحن في عقد محمد وعهده " (سيرة ابن هشام ٣: ٣٣٢). ثم كان بعد ذلك بمدة أن تظاهرت بنو بكر وقريش على خزاعة، وهم حلف رسول الله، فكان ذلك أحد الأسباب الموجبة المسير إلى مكة وفتحها. وهذا ما دل عليه سائر الخبر.
(٢) كان في المطبوعة: " هم قوم جذيمة "، وهذا كلام فاسد كل الفساد. وفي المخطوطة:
" هم يوم الحديبية "، وصواب قراءته ما أثبت. وذلك أن رسول الله ﷺ لما كتب الهدنة بينه وبين قريش عام الحديبية، تواثبت بنو بكر بن عبد مناة فقالت: " نحن في عقد قريش وعهدهم "، وتواثبت خزاعة فقالت: " نحن في عقد محمد وعهده " (سيرة ابن هشام ٣: ٣٣٢). ثم كان بعد ذلك بمدة أن تظاهرت بنو بكر وقريش على خزاعة، وهم حلف رسول الله، فكان ذلك أحد الأسباب الموجبة المسير إلى مكة وفتحها. وهذا ما دل عليه سائر الخبر.
143
أي أعانوا بني بكرٍ حِلْفِ قريش، على خزاعة حِلْفِ النبي صلى الله عليه وسلم. (١)
* * *
وقال آخرون: هم قوم من خزاعة.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٩٨- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا ابن عيينة، عن ابن جريج، عن مجاهد: (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام)، قال: أهل العهد من خزاعة.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب عندي، قولُ من قال: هم بعضُ بني بكر من كنانة، ممن كان أقام على عهده، ولم يكن دخل في نقض ما كان بين رسول الله ﷺ وبين قريش يوم الحديبية من العهد مع قريش، حين نقضوه بمعونتهم حلفاءَهم من بني الدُّئِل، على حلفاء رسول الله ﷺ من خزاعة.
* * *
وإنما قلتُ: هذا القول أولى الأقوال في ذلك بالصواب، لأن الله أمر نبيه والمؤمنين بإتمام العهد لمن كانوا عاهدوه عند المسجد الحرام، ما استقاموا على عهدهم. وقد بينَّا أن هذه الآيات إنما نادى بها عليّ في سنة تسع من الهجرة، وذلك بعد فتح مكة بسنة، فلم يكن بمكة من قريش ولا خزاعة كافرٌ يومئذ بينه وبين رسول الله ﷺ عهدٌ، فيؤمر بالوفاء له بعهده ما استقام على عهده، لأنّ من كان منهم من ساكني مكة، كان قد نقض العهد وحورب قبل نزول هذه الآيات.
* * *
* * *
وقال آخرون: هم قوم من خزاعة.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٩٨- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا ابن عيينة، عن ابن جريج، عن مجاهد: (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام)، قال: أهل العهد من خزاعة.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب عندي، قولُ من قال: هم بعضُ بني بكر من كنانة، ممن كان أقام على عهده، ولم يكن دخل في نقض ما كان بين رسول الله ﷺ وبين قريش يوم الحديبية من العهد مع قريش، حين نقضوه بمعونتهم حلفاءَهم من بني الدُّئِل، على حلفاء رسول الله ﷺ من خزاعة.
* * *
وإنما قلتُ: هذا القول أولى الأقوال في ذلك بالصواب، لأن الله أمر نبيه والمؤمنين بإتمام العهد لمن كانوا عاهدوه عند المسجد الحرام، ما استقاموا على عهدهم. وقد بينَّا أن هذه الآيات إنما نادى بها عليّ في سنة تسع من الهجرة، وذلك بعد فتح مكة بسنة، فلم يكن بمكة من قريش ولا خزاعة كافرٌ يومئذ بينه وبين رسول الله ﷺ عهدٌ، فيؤمر بالوفاء له بعهده ما استقام على عهده، لأنّ من كان منهم من ساكني مكة، كان قد نقض العهد وحورب قبل نزول هذه الآيات.
* * *
(١) هو " حلفه "، أي: حليفة، وهو الذي بينه وبينه عهد.
144
وأما قوله: (إن الله يحب المتقين)، فإن معناه: إن الله يحب من اتقى الله وراقبه في أداء فرائضه، والوفاء بعهده لمن عاهده، واجتناب معاصيه، وترك الغدر بعهوده لمن عاهده.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (٨) ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: كيف يكون لهؤلاء المشركين الذين نقضوا عهدهم أو لمن لا عهد له منهم منكم، أيها المؤمنون، عهد وذمة، وهم = (إن يظهروا عليكم)، يغلبوكم = (لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة).
* * *
واكتفى بـ "كيف" دليلا على معنى الكلام، لتقدم ما يراد من المعني بها قبلها. وكذلك تفعل العرب، إذا أعادت الحرف بعد مضيّ معناه، استجازوا حذف الفعل، كما قال الشاعر: (١)
فحذف الفعل بعد "كيف"، لتقدم ما يراد بعدها قبلها. ومعنى الكلام: فكيف يكون الموت في القرى، وهذي هضبة وكثيب، لا ينجو فيهما منه أحد.
* * *
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (٨) ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: كيف يكون لهؤلاء المشركين الذين نقضوا عهدهم أو لمن لا عهد له منهم منكم، أيها المؤمنون، عهد وذمة، وهم = (إن يظهروا عليكم)، يغلبوكم = (لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة).
* * *
واكتفى بـ "كيف" دليلا على معنى الكلام، لتقدم ما يراد من المعني بها قبلها. وكذلك تفعل العرب، إذا أعادت الحرف بعد مضيّ معناه، استجازوا حذف الفعل، كما قال الشاعر: (١)
وَخَبَّرْتُمَانِي أَنَّمَا الْمَوْتُ فِي الْقُرَى | فَكَيْفَ وَهَذِي هَضْبَةٌ وَكَثِيبُ (٢) |
* * *
(١) هو كعب بن سعد الغنوي.
(٢) الأصمعيات: ٩٩، طبقات فحول الشعراء: ١٧٦، أمالي القالي: ١٥١، جمهرة أشعار العرب: ١٣٥، ومعاني القرآن للفراء: ١: ٤٢٤ وغيرها كثير. وهي من أشهر المرائي وأنبلها. وكان لكعب بن سعد أخ يقال له " أبو المغوار "، فأخذ المدينة وباء، فنصحوه بأن يفر بأخيه من الأرض الوبيئة، لينجو من طوارق الموت، فلما خرج به إلى البادية هلك أخوه، فتفجع عليه تفجع العربي النبيل.
(٢) الأصمعيات: ٩٩، طبقات فحول الشعراء: ١٧٦، أمالي القالي: ١٥١، جمهرة أشعار العرب: ١٣٥، ومعاني القرآن للفراء: ١: ٤٢٤ وغيرها كثير. وهي من أشهر المرائي وأنبلها. وكان لكعب بن سعد أخ يقال له " أبو المغوار "، فأخذ المدينة وباء، فنصحوه بأن يفر بأخيه من الأرض الوبيئة، لينجو من طوارق الموت، فلما خرج به إلى البادية هلك أخوه، فتفجع عليه تفجع العربي النبيل.
145
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة).
فقال بعضهم، معناه: لا يرقبوا الله فيكم ولا عهدًا.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٩٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (لا يرقبون في مؤمن إلا)، [سورة التوبة: ١٠]، قال: الله.
١٦٥٠٠- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن سليمان، عن أبي مجلز في قوله: (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً)، قال: مثل قوله: "جبرائيل"، "ميكائيل"، "إسرافيل"، كأنه يقول: يضيف "جَبْر" و "ميكا" و "إسراف"، إلى "إيل"، (١) يقول: عبد الله = (لا يرقبون في مؤمن إلا)، كأنه يقول: لا يرقبون الله.
١٦٥٠١- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثني محمد بن ثور، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إلا ولا ذمة)، لا يرقبون الله ولا غيره.
* * *
وقال آخرون: "الإلّ"، القرابة.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٠٢- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً)، يقول: قرابةً ولا عهدًا. وقوله: (وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة)، قال: "الإل"، يعني: القرابة، و"الذمة"، العهد.
١٦٥٠٣- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي
فقال بعضهم، معناه: لا يرقبوا الله فيكم ولا عهدًا.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٤٩٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (لا يرقبون في مؤمن إلا)، [سورة التوبة: ١٠]، قال: الله.
١٦٥٠٠- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن سليمان، عن أبي مجلز في قوله: (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً)، قال: مثل قوله: "جبرائيل"، "ميكائيل"، "إسرافيل"، كأنه يقول: يضيف "جَبْر" و "ميكا" و "إسراف"، إلى "إيل"، (١) يقول: عبد الله = (لا يرقبون في مؤمن إلا)، كأنه يقول: لا يرقبون الله.
١٦٥٠١- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثني محمد بن ثور، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إلا ولا ذمة)، لا يرقبون الله ولا غيره.
* * *
وقال آخرون: "الإلّ"، القرابة.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٠٢- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً)، يقول: قرابةً ولا عهدًا. وقوله: (وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة)، قال: "الإل"، يعني: القرابة، و"الذمة"، العهد.
١٦٥٠٣- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي
(١) في المخطوطة: " كأنه يقول: يضاف جبر "، وفي المخطوطة: " كأنه يقول جبر يضف جبر... ". وفي المخطوطة أيضا " سراف " بغير ألف.
146
قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة)، "الإلّ"، القرابة، و"الذمة"، العهد، يعني أهل العهد من المشركين، يقول: ذمتهم.
١٦٥٠٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية وعبدة، عن جويبر، عن الضحاك، "الإل"، القرابة. (١)
١٦٥٠٥- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا محمد بن عبد الله، عن سلمة بن كهيل، عن عكرمة، عن ابن عباس: (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً)، قال: "الإلّ"، القرابة، و"الذمة"، العهد.
١٦٥٠٦- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان، قال سمعت، الضحاك يقول في قوله: (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً)، "الإل"، القرابة، و"الذمة"، الميثاق.
١٦٥٠٧- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (كيف وإن يظهروا عليكم)، المشركون = (لا يرقبوا فيكم)، عهدًا ولا قرابة ولا ميثاقًا.
* * *
وقال آخرون: معناه: الحلف.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٠٨- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة)، قال: "الإل"، الحلف، و"الذمة"، العهد.
* * *
وقال آخرون: "الإلّ"، هو العهد، ولكنه كرِّر لما اختلف اللفظان، وإن كان معناهما واحدًا.
١٦٥٠٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية وعبدة، عن جويبر، عن الضحاك، "الإل"، القرابة. (١)
١٦٥٠٥- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا محمد بن عبد الله، عن سلمة بن كهيل، عن عكرمة، عن ابن عباس: (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً)، قال: "الإلّ"، القرابة، و"الذمة"، العهد.
١٦٥٠٦- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان، قال سمعت، الضحاك يقول في قوله: (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً)، "الإل"، القرابة، و"الذمة"، الميثاق.
١٦٥٠٧- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (كيف وإن يظهروا عليكم)، المشركون = (لا يرقبوا فيكم)، عهدًا ولا قرابة ولا ميثاقًا.
* * *
وقال آخرون: معناه: الحلف.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٠٨- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة)، قال: "الإل"، الحلف، و"الذمة"، العهد.
* * *
وقال آخرون: "الإلّ"، هو العهد، ولكنه كرِّر لما اختلف اللفظان، وإن كان معناهما واحدًا.
(١) الأثر: ١٦٥٠٤ - في المطبوعة: " عن حوشب، عن الضحاك "، غير ما في المخطوطة، وهو الصواب وهذا إسناد مضى مثله مرارا.
147
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٠٩- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إلا)، قال: عهدًا.
١٦٥١٠- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة)، قال: لا يرقبوا فيكم عهدًا ولا ذمة. قال: إحداهما من صاحبتها كهيئة "غفور"، "رحيم"، قال: فالكلمة واحدة، وهي تفترق. قال: والعهد هو "الذمة".
١٦٥١١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبيه، عن خصيف، عن مجاهد (ولا ذمة)، قال: العهد.
١٦٥١٢- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا قيس، عن خصيف، عن مجاهد: (ولا ذمة)، قال: "الذمة"، العهد.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء المشركين الذين أمر نبيَّه والمؤمنين بقتلهم بعد انسلاخ الأشهر الحرم، وحصرهم والقعود لهم على كل مرصد: أنهم لو ظهروا على المؤمنين لم يرقبوا فيهم "إلا".
و"الإلّ": اسم يشتمل على معان ثلاثة: وهي العهد، والعقد، والحلف، والقرابة، وهو أيضا بمعنى "الله". فإذْ كانت الكلمة تشمل هذه المعاني الثلاثة، ولم يكن الله خصّ من ذلك معنى دون معنى، فالصواب أن يُعَمّ ذلك كما عمّ بها جل ثناؤه معانيها الثلاثة، فيقال: لا يرقبون في مؤمنٍ اللهَ، ولا قرابةً، ولا عهدًا، ولا ميثاقًا.
ومن الدلالة على أنه يكون بمعنى "القرابة" قول ابن مقبل:
١٦٥٠٩- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إلا)، قال: عهدًا.
١٦٥١٠- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة)، قال: لا يرقبوا فيكم عهدًا ولا ذمة. قال: إحداهما من صاحبتها كهيئة "غفور"، "رحيم"، قال: فالكلمة واحدة، وهي تفترق. قال: والعهد هو "الذمة".
١٦٥١١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبيه، عن خصيف، عن مجاهد (ولا ذمة)، قال: العهد.
١٦٥١٢- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا قيس، عن خصيف، عن مجاهد: (ولا ذمة)، قال: "الذمة"، العهد.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء المشركين الذين أمر نبيَّه والمؤمنين بقتلهم بعد انسلاخ الأشهر الحرم، وحصرهم والقعود لهم على كل مرصد: أنهم لو ظهروا على المؤمنين لم يرقبوا فيهم "إلا".
و"الإلّ": اسم يشتمل على معان ثلاثة: وهي العهد، والعقد، والحلف، والقرابة، وهو أيضا بمعنى "الله". فإذْ كانت الكلمة تشمل هذه المعاني الثلاثة، ولم يكن الله خصّ من ذلك معنى دون معنى، فالصواب أن يُعَمّ ذلك كما عمّ بها جل ثناؤه معانيها الثلاثة، فيقال: لا يرقبون في مؤمنٍ اللهَ، ولا قرابةً، ولا عهدًا، ولا ميثاقًا.
ومن الدلالة على أنه يكون بمعنى "القرابة" قول ابن مقبل:
أَفْسَدَ النَّاسَ خُلُوفٌ خَلَفُوا | قَطَعُوا الإلَّ وَأَعْرَاقَ الرَّحِمْ (١) |
(١) من أبيات مفرقة، لم أجدها مجموعة في مكان، وهذا بيت لم أجده أيضا في مكان آخر.
و" خلوف " جمع " خلف " (بفتح فسكون)، وهو بقية السوء والأشرار تخلف من سبقها. وفي المخطوطة: " أخلفوا " بالألف، والصواب ما في المطبوعة. و " الأعراق " جمع " عرق " وعرق كل شيء: أصله الذي منه ثبت. ويقال منه: " تداركه أعراق خير، وأعراق شر ".
و" خلوف " جمع " خلف " (بفتح فسكون)، وهو بقية السوء والأشرار تخلف من سبقها. وفي المخطوطة: " أخلفوا " بالألف، والصواب ما في المطبوعة. و " الأعراق " جمع " عرق " وعرق كل شيء: أصله الذي منه ثبت. ويقال منه: " تداركه أعراق خير، وأعراق شر ".
148
بمعنى: قطعوا القرابة، وقول حسان بن ثابت:
وأما معناه إذا كان بمعنى "العهد"، فقول القائل: (٢)
* * *
وقد زعم بعض من ينسب إلى معرفة كلام العرب من البصريين: أن "الإلّ"، و"العهد"، و"الميثاق"، و"اليمين" واحد = وأن "الذمة" في هذا الموضع، التذمم ممن لا عهد له، والجمع: "ذِمَم". (٣)
* * *
وكان ابن إسحاق يقول: عنى بهذه الآية أهل العهد العام.
١٦٥١٣- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (كيف وإن يظهروا عليكم)، أي: المشركون الذين لا عهد لهم إلى مدة من أهل العهد
لَعَمْرُكَ إِنَّ إِلَّكَ مِنْ قُرَيْشٍ | كَإلِّ السَّقْبِ مِنْ رَأْلِ النَّعامِ (١) |
وَجَدْنَاهُمُ كَاذِبًا إلُّهُمْ | وَذُو الإلِّ وَالْعَهْدِ لا يَكْذِبُ |
وقد زعم بعض من ينسب إلى معرفة كلام العرب من البصريين: أن "الإلّ"، و"العهد"، و"الميثاق"، و"اليمين" واحد = وأن "الذمة" في هذا الموضع، التذمم ممن لا عهد له، والجمع: "ذِمَم". (٣)
* * *
وكان ابن إسحاق يقول: عنى بهذه الآية أهل العهد العام.
١٦٥١٣- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (كيف وإن يظهروا عليكم)، أي: المشركون الذين لا عهد لهم إلى مدة من أهل العهد
(١) ديوانه: ٤٠٧، واللسان (ألل)، من أبيات هجا بها أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة، وكان ممن يشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان أبو سفيان ممن يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، ويهجوه، ويؤذي المسلمين، فانبرى له حسان فأخذ منه كل ما أخذ. ثم أسلم في فتح مكة، وشهد حنينا، وثبت فيمن ثبت مع نبي الله، وظل آخذا بلجام بغلة رسول الله يكفها ورسول الله يركضها إلى الكفار. ثم ظل أبو سفيان بعد ذلك لا يرفع رأسه إلى رسول الله حياء منه.
ولكن كان من هجاء حسان له، بعد البيت:
" السقب "، ولد الناقة ساعة يولد. و " الرأل "، ولد النعام. يقول: ما قرابتك في قريش، إلا كقرابة الفصيل، من ولد النعام!.
(٢) لم أعرف قائله.
(٣) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ١: ٢٥٣.
ولكن كان من هجاء حسان له، بعد البيت:
فَإنَّكَ إِن تَمُتَّ إلى قُرَيْشٍ | كَذَاتِ البَوِّ جائِلَةَ المَرَامِ |
وَأَنْتَ مُنَوَّطٌ بِهِمُ هَجِينٌ | كما نِيطَ السَّرَائِحُ بالخِدَامِ |
فَلا تَفْخَر بِقَوْمٍ لَسْتَ مِنْهُمْ | ولا تَكُ كاللِّئَامِ بَنِي هِشامِ |
(٢) لم أعرف قائله.
(٣) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ١: ٢٥٣.
149
العام = (لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة). (١)
* * *
فأما قوله: (يرضونكم بأفواههم)، فإنه يقول: يعطونكم بألسنتهم من القول، خلاف ما يضمرونه لكم في نفوسهم من العداوة والبغضاء (٢) = (وتأبى قلوبهم)، أي: تأبَى عليهم قلوبهم أن يذعنوا لكم، بتصديق ما يبدونه لكم بألسنتهم. يحذِّر جل ثناؤه أمرَهم المؤمنين، ويشحذهم على قتلهم واجتياحهم حيث وجدوا من أرض الله، وأن لا يقصِّروا في مكروههم بكل ما قدروا عليه = (وأكثرهم فاسقون)، يقول: وأكثرهم مخالفون عهدَكم، ناقضون له، كافرون بربهم، خارجون عن طاعته. (٣)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩) ﴾
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: ابتاع هؤلاء المشركون الذين أمركم الله، أيها المؤمنون، بقتلهم حيث وجدتموهم، بتركهم اتباعَ ما احتج الله به عليهم من حججه، يسيرًا من العوض قليلا من عرض الدنيا. (٤)
* * *
وذلك أنهم، فيما ذُكر عنهم، كانوا نقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول
* * *
فأما قوله: (يرضونكم بأفواههم)، فإنه يقول: يعطونكم بألسنتهم من القول، خلاف ما يضمرونه لكم في نفوسهم من العداوة والبغضاء (٢) = (وتأبى قلوبهم)، أي: تأبَى عليهم قلوبهم أن يذعنوا لكم، بتصديق ما يبدونه لكم بألسنتهم. يحذِّر جل ثناؤه أمرَهم المؤمنين، ويشحذهم على قتلهم واجتياحهم حيث وجدوا من أرض الله، وأن لا يقصِّروا في مكروههم بكل ما قدروا عليه = (وأكثرهم فاسقون)، يقول: وأكثرهم مخالفون عهدَكم، ناقضون له، كافرون بربهم، خارجون عن طاعته. (٣)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩) ﴾
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: ابتاع هؤلاء المشركون الذين أمركم الله، أيها المؤمنون، بقتلهم حيث وجدتموهم، بتركهم اتباعَ ما احتج الله به عليهم من حججه، يسيرًا من العوض قليلا من عرض الدنيا. (٤)
* * *
وذلك أنهم، فيما ذُكر عنهم، كانوا نقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول
(١) الأثر: ١٦٥١٣ - سيرة ابن هشام ٤: ١٨٩، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٤٩٢.
(٢) انظر تفسير " بدت البغضاء من أفواههم " ٧: ١٤٥ - ١٤٧ / و " يقولون بأفواههم " ٧: ٣٧٨ / و " قالوا آمنا بأفواههم "، ١٠: ٣٠١ - ٣٠٨.
(٣) انظر تفسير " الفسق " فيما سلف من فهارس اللغة (فسق).
(٤) انظر تفسير " اشترى " فيما سلف ١٠: ٣٤٤، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
= وتفسير " الآيات" فيما سلف من فهارس اللغة " (أيي).
= وتفسير " الثمن القليل " فيما سلف ١٠: ٣٤٤، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " بدت البغضاء من أفواههم " ٧: ١٤٥ - ١٤٧ / و " يقولون بأفواههم " ٧: ٣٧٨ / و " قالوا آمنا بأفواههم "، ١٠: ٣٠١ - ٣٠٨.
(٣) انظر تفسير " الفسق " فيما سلف من فهارس اللغة (فسق).
(٤) انظر تفسير " اشترى " فيما سلف ١٠: ٣٤٤، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
= وتفسير " الآيات" فيما سلف من فهارس اللغة " (أيي).
= وتفسير " الثمن القليل " فيما سلف ١٠: ٣٤٤، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
الله ﷺ بأكلةٍ أطعمهموها أبو سفيان بن حرب.
١٦٥١٤- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (اشتروا بآيات الله ثمنًا قليلا)، قال: أبو سفيان بن حرب أطعم حلفاءه، وترك حلفاء محمد صلى الله عليه وسلم.
١٦٥١٥- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
* * *
وأما قوله: (فصدوا عن سبيله)، فإن معناه: فمنعوا الناس من الدخول في الإسلام، وحاولوا ردَّ المسلمين عن دينهم (١) = (إنهم ساء ما كانوا يعلمون)، يقول جل ثناؤه: إن هؤلاء المشركين الذين وصفت صفاتهم، ساء عملهم الذي كانوا يعملون، من اشترائهم الكفرَ بالإيمان، والضلالة بالهدى، وصدهم عن سبيل الله من آمن بالله ورسوله، أو من أراد أن يؤمن. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (١٠) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لا يتقي هؤلاء المشركون الذين أمرتكم، أيها المؤمنون، بقتلهم حيث وجدتموهم، في قتل مؤمن لو قدورا عليه = (إلا ولا ذمة)، يقول: فلا تبقوا عليهم، أيها المؤمنون، كما لا يبقون عليكم لو ظهروا عليكم (٣) = (وأولئك هم المعتدون)، يقول: المتجاوزون فيكم إلى ما ليس لهم بالظلم والاعتداء. (٤)
* * *
١٦٥١٤- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (اشتروا بآيات الله ثمنًا قليلا)، قال: أبو سفيان بن حرب أطعم حلفاءه، وترك حلفاء محمد صلى الله عليه وسلم.
١٦٥١٥- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
* * *
وأما قوله: (فصدوا عن سبيله)، فإن معناه: فمنعوا الناس من الدخول في الإسلام، وحاولوا ردَّ المسلمين عن دينهم (١) = (إنهم ساء ما كانوا يعلمون)، يقول جل ثناؤه: إن هؤلاء المشركين الذين وصفت صفاتهم، ساء عملهم الذي كانوا يعملون، من اشترائهم الكفرَ بالإيمان، والضلالة بالهدى، وصدهم عن سبيل الله من آمن بالله ورسوله، أو من أراد أن يؤمن. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (١٠) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لا يتقي هؤلاء المشركون الذين أمرتكم، أيها المؤمنون، بقتلهم حيث وجدتموهم، في قتل مؤمن لو قدورا عليه = (إلا ولا ذمة)، يقول: فلا تبقوا عليهم، أيها المؤمنون، كما لا يبقون عليكم لو ظهروا عليكم (٣) = (وأولئك هم المعتدون)، يقول: المتجاوزون فيكم إلى ما ليس لهم بالظلم والاعتداء. (٤)
* * *
(١) انظر تفسير " الصد " فيما سلف ١٣: ٥٨١، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
= وتفسير " سبيل الله " في سلف من فهارس اللغة (سبل).
(٢) انظر تفسير " ساء " فيما سلف ١٣: ٢٧٥، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير " الإل " و " الذمة " فيما سلف قريبا ص: ١٤٥ - ١٤٩.
(٤) انظر تفسير " الاعتداء " فيما سلف ١٣: ١٨٢، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
= وتفسير " سبيل الله " في سلف من فهارس اللغة (سبل).
(٢) انظر تفسير " ساء " فيما سلف ١٣: ٢٧٥، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير " الإل " و " الذمة " فيما سلف قريبا ص: ١٤٥ - ١٤٩.
(٤) انظر تفسير " الاعتداء " فيما سلف ١٣: ١٨٢، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
القول في تأويل قوله: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١١) ﴾
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: فإن رجع هؤلاء المشركون الذين أمرتكم، أيها المؤمنون، بقتلهم عن كفرهم وشركهم بالله، إلى الإيمان به وبرسوله، وأنابوا إلى طاعته = (وأقاموا الصلاة)، المكتوبة، فأدّوها بحدودها = (وآتوا الزكاة)، المفروضة أهلَها (١) = (فإخوانكم في الدين)، يقول: فهم إخوانكم في الدين الذي أمركم الله به، وهو الإسلام = (ونفصل الآيات)، يقول: ونبين حجج الله وأدلته على خلقه (٢) = (لقوم يعلمون)، ما بُيِّن لهم، فنشرحها لهم مفصلة، دون الجهال الذين لا يعقلون عن الله بيانه ومحكم آياته.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥١٦- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين)، يقول: إن تركوا اللات والعزّى، وشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله = (فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون).
١٦٥١٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حفص بن غياث، عن ليث،
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: فإن رجع هؤلاء المشركون الذين أمرتكم، أيها المؤمنون، بقتلهم عن كفرهم وشركهم بالله، إلى الإيمان به وبرسوله، وأنابوا إلى طاعته = (وأقاموا الصلاة)، المكتوبة، فأدّوها بحدودها = (وآتوا الزكاة)، المفروضة أهلَها (١) = (فإخوانكم في الدين)، يقول: فهم إخوانكم في الدين الذي أمركم الله به، وهو الإسلام = (ونفصل الآيات)، يقول: ونبين حجج الله وأدلته على خلقه (٢) = (لقوم يعلمون)، ما بُيِّن لهم، فنشرحها لهم مفصلة، دون الجهال الذين لا يعقلون عن الله بيانه ومحكم آياته.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥١٦- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين)، يقول: إن تركوا اللات والعزّى، وشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله = (فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون).
١٦٥١٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حفص بن غياث، عن ليث،
(١) انظر تفسير " التوبة " و " إقامة الصلاة " و " إيتاء الزكاة " في فهارس اللغة (توب)، (قوم)، (أتى).
(٢) انظر تفسير " التفصيل " فيما سلف ١٣: ٢٥٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.
= وتفسير " الآيات " فيما سلف من فهارس اللغة (أيى).
(٢) انظر تفسير " التفصيل " فيما سلف ١٣: ٢٥٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.
= وتفسير " الآيات " فيما سلف من فهارس اللغة (أيى).
عن رجل، عن ابن عباس: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة)، قال: حرَّمت هذه الآية دماءَ أهل القِبْلة.
١٦٥١٨- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: افترضت الصلاة والزكاة جميعًا لم يفرَّق بينهما. وقرأ: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين)، وأبى أن يقبل الصلاة إلا بالزكاة. وقال: رحم الله أبا بكر، ما كان أفقهه.
١٦٥١٩- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: أمرتم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ومن لم يزك فلا صلاة له.
* * *
وقيل: (فإخوانكم)، فرفع بضمير: "فهم إخوانكم"، إذ كان قد جرى ذكرهم قبل، كما قال: (فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)، [سورة الأحزاب: ٥]، فهم إخوانكم في الدين. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فإن نقض هؤلاء المشركون الذين عاهدتموهم من قريش، عهودَهم من بعد ما عاقدوكم أن لا يقاتلوكم ولا يظاهروا عليكم أحدًا من أعدائكم (٢) = (وطعنوا في دينكم)، يقول: وقدَحوا في دينكم الإسلام،
١٦٥١٨- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: افترضت الصلاة والزكاة جميعًا لم يفرَّق بينهما. وقرأ: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين)، وأبى أن يقبل الصلاة إلا بالزكاة. وقال: رحم الله أبا بكر، ما كان أفقهه.
١٦٥١٩- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: أمرتم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ومن لم يزك فلا صلاة له.
* * *
وقيل: (فإخوانكم)، فرفع بضمير: "فهم إخوانكم"، إذ كان قد جرى ذكرهم قبل، كما قال: (فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)، [سورة الأحزاب: ٥]، فهم إخوانكم في الدين. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فإن نقض هؤلاء المشركون الذين عاهدتموهم من قريش، عهودَهم من بعد ما عاقدوكم أن لا يقاتلوكم ولا يظاهروا عليكم أحدًا من أعدائكم (٢) = (وطعنوا في دينكم)، يقول: وقدَحوا في دينكم الإسلام،
(١) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٢٥.
(٢) انظر تفسير " نكث " فيما سلف ١٣: ٧٣.
(٢) انظر تفسير " نكث " فيما سلف ١٣: ٧٣.
153
فثلبوه وعابوه (١) = (فقاتلوا أئمة الكفر)، يقول: فقاتلوا رؤساء الكفر بالله (٢) = (إنهم لا أيمان لهم)، يقول: إن رؤساء الكفر لا عهد لهم (٣) = (لعلهم ينتهون)، لكي ينتهوا عن الطعن في دينكم والمظاهرة عليكم. (٤)
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل، على اختلاف بينهم في المعنيِّين بأئمة الكفر.
فقال بعضهم: هم أبو جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وأبو سفيان بن حرب ونظراؤهم. وكان حذيفة يقول: لم يأت أهلها بعدُ.
* ذكر من قال: هم من سمَّيتُ:
١٦٥٢٠- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم)، إلى: (لعلهم ينتهون)، يعني أهل العهد من المشركين، سماهم "أئمة الكفر"، وهم كذلك. يقول الله لنبيه: وإن نكثوا العهد الذي بينك وبينهم، فقاتلهم، أئمةُ الكفر لا أيمان لهم (٥) = (لعلهم ينتهون).
١٦٥٢١- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم)، إلى: (ينتهون)، فكان من أئمة الكفر: أبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وأبو سفيان، وسهيل بن عمرو، وهم الذين همُّوا بإخراجه.
١٦٥٢٢- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر،
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل، على اختلاف بينهم في المعنيِّين بأئمة الكفر.
فقال بعضهم: هم أبو جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وأبو سفيان بن حرب ونظراؤهم. وكان حذيفة يقول: لم يأت أهلها بعدُ.
* ذكر من قال: هم من سمَّيتُ:
١٦٥٢٠- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم)، إلى: (لعلهم ينتهون)، يعني أهل العهد من المشركين، سماهم "أئمة الكفر"، وهم كذلك. يقول الله لنبيه: وإن نكثوا العهد الذي بينك وبينهم، فقاتلهم، أئمةُ الكفر لا أيمان لهم (٥) = (لعلهم ينتهون).
١٦٥٢١- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم)، إلى: (ينتهون)، فكان من أئمة الكفر: أبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وأبو سفيان، وسهيل بن عمرو، وهم الذين همُّوا بإخراجه.
١٦٥٢٢- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر،
(١) في المطبوعة: " فثلموه "، والصواب من المخطوطة.
(٢) انظر تفسير " الإمام " فيما سلف ٣: ١٨.
(٣) انظر تفسير " اليمين " فيما سلف ٨: ٢٧٢، ٢٧٣، ٢٨١.
(٤) انظر تفسير " الانتهاء " فيما سلف ١٣: ٥٤٣، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٥) أثبتت ما في المخطوطة، وهو صواب محض، وصححها في المطبوعة هكذا، كما ظن: " فقاتل أئمة الكفر لأنهم لا أيمان له " فزاد وغير! !.
(٢) انظر تفسير " الإمام " فيما سلف ٣: ١٨.
(٣) انظر تفسير " اليمين " فيما سلف ٨: ٢٧٢، ٢٧٣، ٢٨١.
(٤) انظر تفسير " الانتهاء " فيما سلف ١٣: ٥٤٣، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٥) أثبتت ما في المخطوطة، وهو صواب محض، وصححها في المطبوعة هكذا، كما ظن: " فقاتل أئمة الكفر لأنهم لا أيمان له " فزاد وغير! !.
154
عن قتادة: (أئمة الكفر)، أبو سفيان، وأبو جهل، وأمية بن خلف، وسهيل بن عمرو، وعتبة بن ربيعة.
١٦٥٢٣- حدثنا ابن وكيع وابن بشار = قال، ابن وكيع، حدثنا غندر = وقال ابن بشار، حدثنا محمد بن جعفر=، عن شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد: (فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم)، قال: أبو سفيان منهم.
١٦٥٢٤- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وإن نكثوا أيمانهم)، إلى: (ينتهون)، هؤلاء قريش. يقول: إن نكثوا عهدهم الذي عاهدوا على الإسلام، وطعنوا فيه، فقاتلهم. (١)
١٦٥٢٥- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (فقاتلوا أئمة الكفر)، يعني رؤوسَ المشركين، أهلَ مكة.
١٦٥٢٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (فقاتلوا أئمة الكفر)، أبو سفيان بن حرب، وأمية بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وسهيل بن عمرو، وهم الذين نكثوا عهد الله، وهمُّوا بإخراج الرسول. وليس والله كما تأوَّله أهل الشبهات والبدع والفِرَى على الله وعلى كتابه. (٢)
* * *
* ذكر الرواية عن حذيفة بالذي ذكرنا عنه:
١٦٥٢٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة: (فقاتلوا أئمة الكفر)، قال: ما قوتل أهلُ هذه الآية بعدُ. (٣)
١٦٥٢٣- حدثنا ابن وكيع وابن بشار = قال، ابن وكيع، حدثنا غندر = وقال ابن بشار، حدثنا محمد بن جعفر=، عن شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد: (فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم)، قال: أبو سفيان منهم.
١٦٥٢٤- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وإن نكثوا أيمانهم)، إلى: (ينتهون)، هؤلاء قريش. يقول: إن نكثوا عهدهم الذي عاهدوا على الإسلام، وطعنوا فيه، فقاتلهم. (١)
١٦٥٢٥- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (فقاتلوا أئمة الكفر)، يعني رؤوسَ المشركين، أهلَ مكة.
١٦٥٢٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (فقاتلوا أئمة الكفر)، أبو سفيان بن حرب، وأمية بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وسهيل بن عمرو، وهم الذين نكثوا عهد الله، وهمُّوا بإخراج الرسول. وليس والله كما تأوَّله أهل الشبهات والبدع والفِرَى على الله وعلى كتابه. (٢)
* * *
* ذكر الرواية عن حذيفة بالذي ذكرنا عنه:
١٦٥٢٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة: (فقاتلوا أئمة الكفر)، قال: ما قوتل أهلُ هذه الآية بعدُ. (٣)
(١) في المطبوعة: " فقاتلوهم "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) " الفرى " (بكسر ففتح) جمع " فرية "، وهي الكذب. ويعني بذلك الخوارج، فهم يستدلون بهذه الآية على قتال من خالفهم من أهل القبلة، ويستحلون بها دماءهم وأموالهم.
(٣) الأثر: ١٦٥٢٧ - " زيد بن وهب الهمداني الجهني "، تابعي مخضرم، سمع عمر، وعبد الله، وحذيفة، وأبا الدرداء. روى له الجماعة. مضى برقم: ٤٢٢٢.
وهذا الخبر رواه البخاري مطولا (الفتح ٨: ٢٤٣)، بغير هذا اللفظ، من طريق محمد بن المثني، عن يحيى بن سعيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زيد بن وهب قال، كنا عند حذيفة... "
وانظر الآثر التالي، والذي بعده.
(٢) " الفرى " (بكسر ففتح) جمع " فرية "، وهي الكذب. ويعني بذلك الخوارج، فهم يستدلون بهذه الآية على قتال من خالفهم من أهل القبلة، ويستحلون بها دماءهم وأموالهم.
(٣) الأثر: ١٦٥٢٧ - " زيد بن وهب الهمداني الجهني "، تابعي مخضرم، سمع عمر، وعبد الله، وحذيفة، وأبا الدرداء. روى له الجماعة. مضى برقم: ٤٢٢٢.
وهذا الخبر رواه البخاري مطولا (الفتح ٨: ٢٤٣)، بغير هذا اللفظ، من طريق محمد بن المثني، عن يحيى بن سعيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زيد بن وهب قال، كنا عند حذيفة... "
وانظر الآثر التالي، والذي بعده.
155
١٦٥٢٨- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا حبيب بن حسان، عن زيد بن وهب قال: كنت عند حذيفة، فقرأ هذه الآية: (فقاتلوا أئمة الكفر)، فقال: ما قوتل أهل هذه الآية بعدُ. (١)
١٦٥٢٩- حدثني أبو السائب قال، حدثنا الأعمش، عن زيد بن وهب قال: قرأ حذيفة: (فقاتلوا أئمة الكفر)، قال: ما قوتل أهل هذه الآية بعدُ. (٢)
١٦٥٣٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر: (إنهم لا أيمان لهم)، لا عهد لهم. (٣)
١٦٥٣١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (وإن نكثوا أيمانهم)، قال: عهدهم.
١٦٥٣٢- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وإن نكثوا أيمانهم)، عهدهم الذي عاهدوا على الإسلام.
١٦٥٣٣- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن صلة، عن عمار بن ياسر، في قوله: (لا أيمان لهم)، قال: لا عهد لهم. (٤)
١٦٥٢٩- حدثني أبو السائب قال، حدثنا الأعمش، عن زيد بن وهب قال: قرأ حذيفة: (فقاتلوا أئمة الكفر)، قال: ما قوتل أهل هذه الآية بعدُ. (٢)
١٦٥٣٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر: (إنهم لا أيمان لهم)، لا عهد لهم. (٣)
١٦٥٣١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (وإن نكثوا أيمانهم)، قال: عهدهم.
١٦٥٣٢- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وإن نكثوا أيمانهم)، عهدهم الذي عاهدوا على الإسلام.
١٦٥٣٣- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن صلة، عن عمار بن ياسر، في قوله: (لا أيمان لهم)، قال: لا عهد لهم. (٤)
(١) الأثر ١٦٥٢٨ - مكرر الأثر السالف، وانظر تخريجه هناك. و " حبيب بن حسان "، هو " حبيب بن أبي الأشرس "، وهو " حبيب بن أبي هلال "، منكر الحديث، متروك قال ابن حبان: " منكر الحديث جدا، وكان قد عشق نصرانية، فقيل إنه تنصر وتزوج بها. فأما اختلافه إلى البيعة من أجلها فصحيح ". وقال يحيى بن معين: " كانت له جاريتان نصرانيتان، فكان يذهب معهما إلى البيعة ".
مترجم في الكبير ١ / ٢ / ٣١١، وميزان الاعتدال ١: ٢٠٩، ٢١١، ولسان الميزان ٢: ١٦٧، ١٧٠.
(٢) الأثر: ١٦٥٢٩ - مكرر الأثرين السالفين.
(٣) الأثر: ١٦٥٣٠ - " صلة ابن زفر العبسي " تابعي ثقة. روى له الجماعة، مترجم في التهذيب، والكبير ٢ / ٢ / ٣٢٢، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٤٤٦.
وانظر رقم: ١٦٥٣٣، مرفوعا إلى عمار بن ياسر. ورقم: ١٦٥٣٤ مرفوعا إلى حذيفة.
(٤) الأثر: ١٦٥٣٣ - مكرر الأثر رقم ١٦٥٣٠، مرفوعا إلى عمار بن ياسر.
و" صلة "، هو " صلة بن زفر العبسي " كما سلف.
مترجم في الكبير ١ / ٢ / ٣١١، وميزان الاعتدال ١: ٢٠٩، ٢١١، ولسان الميزان ٢: ١٦٧، ١٧٠.
(٢) الأثر: ١٦٥٢٩ - مكرر الأثرين السالفين.
(٣) الأثر: ١٦٥٣٠ - " صلة ابن زفر العبسي " تابعي ثقة. روى له الجماعة، مترجم في التهذيب، والكبير ٢ / ٢ / ٣٢٢، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٤٤٦.
وانظر رقم: ١٦٥٣٣، مرفوعا إلى عمار بن ياسر. ورقم: ١٦٥٣٤ مرفوعا إلى حذيفة.
(٤) الأثر: ١٦٥٣٣ - مكرر الأثر رقم ١٦٥٣٠، مرفوعا إلى عمار بن ياسر.
و" صلة "، هو " صلة بن زفر العبسي " كما سلف.
156
١٦٥٣٤- حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن حذيفة في قوله: (فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم)، قال: لا عهد لهم. (١)
* * *
وأما "النكث" فإن أصله النقض، يقال منه: "نكث فلان قُوَى حبله"، إذا نقضها. (٢)
* * *
و"الأيمان": جمع "اليمين". (٣)
* * *
واختلفت القرأة في قراءة قوله: (إنهم لا أيمان لهم).
فقرأه قرأة الحجاز والعراق وغيرهم: (إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ)، بفتح الألف من "أيمان" بمعنى: لا عهود لهم، على ما قد ذكرنا من قول أهل التأويل فيه.
* * *
وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرأ ذلك: (إِنَّهُمْ لا إِيمَانَ لَهُمْ)، بكسر الألف، بمعنى: لا إسلام لهم.
* * *
وقد يتوجَّه لقراءته كذلك وجهٌ غير هذا. وذلك أن يكون أراد بقراءته ذلك كذلك: أنهم لا أمان لهم = أي: لا تؤمنوهم، ولكن اقتلوهم حيث وجدتموهم = كأنه أراد المصدر من قول القائل: "آمنته فأنا أومنه إيمانًا". (٤)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك، الذي لا أستجيز القراءة بغيره، قراءة من قرأ بفتح "الألف" دون كسرها، لإجماع الحجة من القرأة على
* * *
وأما "النكث" فإن أصله النقض، يقال منه: "نكث فلان قُوَى حبله"، إذا نقضها. (٢)
* * *
و"الأيمان": جمع "اليمين". (٣)
* * *
واختلفت القرأة في قراءة قوله: (إنهم لا أيمان لهم).
فقرأه قرأة الحجاز والعراق وغيرهم: (إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ)، بفتح الألف من "أيمان" بمعنى: لا عهود لهم، على ما قد ذكرنا من قول أهل التأويل فيه.
* * *
وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرأ ذلك: (إِنَّهُمْ لا إِيمَانَ لَهُمْ)، بكسر الألف، بمعنى: لا إسلام لهم.
* * *
وقد يتوجَّه لقراءته كذلك وجهٌ غير هذا. وذلك أن يكون أراد بقراءته ذلك كذلك: أنهم لا أمان لهم = أي: لا تؤمنوهم، ولكن اقتلوهم حيث وجدتموهم = كأنه أراد المصدر من قول القائل: "آمنته فأنا أومنه إيمانًا". (٤)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك، الذي لا أستجيز القراءة بغيره، قراءة من قرأ بفتح "الألف" دون كسرها، لإجماع الحجة من القرأة على
(١) الأثر: ١٦٥٣٤ - مكرر الأثرين السالفين مرفوعا إلى حذيفة.
(٢) انظر تفسير " النكث " فيما سلف ص: ١٥٣، وتعليق: ٢ والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير " اليمين " فيما سلف ص: ١٥٤، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٤) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٢٥.
(٢) انظر تفسير " النكث " فيما سلف ص: ١٥٣، وتعليق: ٢ والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير " اليمين " فيما سلف ص: ١٥٤، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٤) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٢٥.
157
القراءة به، ورفض خلافه، ولإجماع أهل التأويل على ما ذكرت من أن تأويله: لا عهد لهم = و"الأيمان" التي هي بمعنى العهد، لا تكون إلا بفتح "الألف"، لأنها جمع "يمين" كانت على عقدٍ كان بين المتوادعين.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين بالله ورسوله، حاضًّا لهم على جهاد أعدائهم من المشركين: (ألا تقاتلون)، أيها المؤمنون، هؤلاء المشركين الذين نقضوا العهد الذي بينكم وبينهم، وطعنوا في دينكم، وظاهروا عليكم أعداءكم، (١) = (وهموا بإخراج الرسول)، من بين أظهرهم فاخرجوه (٢) = (وهم بدءوكم أول مرة)، بالقتال، يعني فعلهم ذلك يوم بدر، وقيل: قتالهم حلفاء رسول الله ﷺ من خزاعة = (أتخشونهم)، يقول: أتخافونهم على أنفسكم فتتركوا قتالهم خوفًا على أنفسكم منهم (٣) = (فالله أحق أن تخشوه)، يقول: فالله أولى بكم أن تخافوا عقوبته بترككم جهادهم، وتحذروا سخطه عليكم، من هؤلاء المشركين الذين لا يملكون لكم ضرًّا ولا نفعًا إلا بإذن الله = (إن كنتم مؤمنين)، يقول: إن كنتم مقرِّين أن خشية الله لكم أولى من خشية هؤلاء المشركين على أنفسكم.
* * *
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين بالله ورسوله، حاضًّا لهم على جهاد أعدائهم من المشركين: (ألا تقاتلون)، أيها المؤمنون، هؤلاء المشركين الذين نقضوا العهد الذي بينكم وبينهم، وطعنوا في دينكم، وظاهروا عليكم أعداءكم، (١) = (وهموا بإخراج الرسول)، من بين أظهرهم فاخرجوه (٢) = (وهم بدءوكم أول مرة)، بالقتال، يعني فعلهم ذلك يوم بدر، وقيل: قتالهم حلفاء رسول الله ﷺ من خزاعة = (أتخشونهم)، يقول: أتخافونهم على أنفسكم فتتركوا قتالهم خوفًا على أنفسكم منهم (٣) = (فالله أحق أن تخشوه)، يقول: فالله أولى بكم أن تخافوا عقوبته بترككم جهادهم، وتحذروا سخطه عليكم، من هؤلاء المشركين الذين لا يملكون لكم ضرًّا ولا نفعًا إلا بإذن الله = (إن كنتم مؤمنين)، يقول: إن كنتم مقرِّين أن خشية الله لكم أولى من خشية هؤلاء المشركين على أنفسكم.
* * *
(١) انظر تفسير " النكث "، ص: ١٥٧، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " الهم " فيما سلف ٩: ١٩٩ / ١٠: ١٠٠.
(٣) انظر تفسير " الخشية " فيما سلف ١٠، ٣٤٤، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " الهم " فيما سلف ٩: ١٩٩ / ١٠: ١٠٠.
(٣) انظر تفسير " الخشية " فيما سلف ١٠، ٣٤٤، تعليق: ١، والمراجع هناك.
158
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٣٥- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: (ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم)، من بعد عهدهم = (وهموا بإخراج الرسول)، يقول: هموا بإخراجه فأخرجوه = (وهم بدأوكم أول مرة)، بالقتال.
١٦٥٣٦- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وهم بدأوكم أول مرة)، قال: قتال قريش حلفاءَ محمد صلى الله عليه وسلم.
١٦٥٣٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.
١٦٥٣٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١٦٥٣٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: أمر الله رسوله بجهاد أهل الشرك ممن نقض من أهل العهد الخاص، (١) ومن كان من أهل العهد العامّ، بعد الأربعة الأشهر التي ضرب لهم أجلا إلا أن يعدُوَ فيها عادٍ منهم، فيقتل بعدائه، (٢) ثم قال: (ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول)، إلى قوله: (والله خبير بما تعملون). (٣)
* * *
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٣٥- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: (ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم)، من بعد عهدهم = (وهموا بإخراج الرسول)، يقول: هموا بإخراجه فأخرجوه = (وهم بدأوكم أول مرة)، بالقتال.
١٦٥٣٦- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وهم بدأوكم أول مرة)، قال: قتال قريش حلفاءَ محمد صلى الله عليه وسلم.
١٦٥٣٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.
١٦٥٣٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١٦٥٣٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: أمر الله رسوله بجهاد أهل الشرك ممن نقض من أهل العهد الخاص، (١) ومن كان من أهل العهد العامّ، بعد الأربعة الأشهر التي ضرب لهم أجلا إلا أن يعدُوَ فيها عادٍ منهم، فيقتل بعدائه، (٢) ثم قال: (ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول)، إلى قوله: (والله خبير بما تعملون). (٣)
* * *
(١) في المطبوعة والمخطوطة أسقط " الخاص " وأثبتها من ابن هشام.
(٢) في المطبوعة: " إلا أن يعودوا فيها على دينهم فيقبل بعد ثم قال "، وهو كلام لا معنى له البتة وفي المخطوطة: " إلا أن يعودوا فيها على دينهم فيقتل بعدائه، فقال "، وقد دخلها تحريف شديد، فقوله: " يعودوا "، هو تحريف: " يعدو " و " على دينهم "، صوابها " عاد منهم "، فأساء كتابتها، والصواب من سيرة ابن هشام.
(٣) الأثر: ١٦٥٣٩ - سيرة ابن هشام ٤: ١٩١، وهو تابع الأثر السالف قديما رقم: ١٦٣٧٧.
(٢) في المطبوعة: " إلا أن يعودوا فيها على دينهم فيقبل بعد ثم قال "، وهو كلام لا معنى له البتة وفي المخطوطة: " إلا أن يعودوا فيها على دينهم فيقتل بعدائه، فقال "، وقد دخلها تحريف شديد، فقوله: " يعودوا "، هو تحريف: " يعدو " و " على دينهم "، صوابها " عاد منهم "، فأساء كتابتها، والصواب من سيرة ابن هشام.
(٣) الأثر: ١٦٥٣٩ - سيرة ابن هشام ٤: ١٩١، وهو تابع الأثر السالف قديما رقم: ١٦٣٧٧.
159
القول في تأويل قوله: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قاتلوا، أيها المؤمنون بالله ورسوله، هؤلاء المشركين الذين نكثوا أيمانهم، ونقضوا عهودهم بينكم وبينهم، وأخرجوا رسول الله ﷺ من بين أظهرهم = (يعذبهم الله بأيديكم)، يقول: يقتلهم الله بأيديكم = (ويخزهم)، يقول: ويذلهم بالأسر والقهر (١) = (وينصركم عليهم)، فيعطيكم الظفر عليهم والغلبة = (ويشف صدور قوم مؤمنين)، يقول: ويبرئ داء صدور قوم مؤمنين بالله ورسوله، بقتل هؤلاء المشركين بأيديكم، وإذلالكم وقهركم إياهم. وذلك الداء، هو ما كان في قلوبهم عليهم من الموْجِدة بما كانوا ينالونهم به من الأذى والمكروه.
* * *
وقيل: إن الله عنى بقوله: (ويشف صدور قوم مؤمنين)، : صدورَ خزاعة حلفاءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك أن قريشًا نقضوا العهد بينهم وبين رسول الله ﷺ بمعونتهم بكرًا عليهم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٤٠- حدثنا محمد بن المثنى وابن وكيع قالا حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد في هذه الآية: (ويشف صدور قوم مؤمنين)، قال: خزاعة.
١٦٥٤١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد العنقزي، عن أسباط، عن السدي: (ويشف صدور قوم مؤمنين)، قال: خزاعة، يشف صدورهم من بني بكر.
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قاتلوا، أيها المؤمنون بالله ورسوله، هؤلاء المشركين الذين نكثوا أيمانهم، ونقضوا عهودهم بينكم وبينهم، وأخرجوا رسول الله ﷺ من بين أظهرهم = (يعذبهم الله بأيديكم)، يقول: يقتلهم الله بأيديكم = (ويخزهم)، يقول: ويذلهم بالأسر والقهر (١) = (وينصركم عليهم)، فيعطيكم الظفر عليهم والغلبة = (ويشف صدور قوم مؤمنين)، يقول: ويبرئ داء صدور قوم مؤمنين بالله ورسوله، بقتل هؤلاء المشركين بأيديكم، وإذلالكم وقهركم إياهم. وذلك الداء، هو ما كان في قلوبهم عليهم من الموْجِدة بما كانوا ينالونهم به من الأذى والمكروه.
* * *
وقيل: إن الله عنى بقوله: (ويشف صدور قوم مؤمنين)، : صدورَ خزاعة حلفاءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك أن قريشًا نقضوا العهد بينهم وبين رسول الله ﷺ بمعونتهم بكرًا عليهم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٤٠- حدثنا محمد بن المثنى وابن وكيع قالا حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد في هذه الآية: (ويشف صدور قوم مؤمنين)، قال: خزاعة.
١٦٥٤١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد العنقزي، عن أسباط، عن السدي: (ويشف صدور قوم مؤمنين)، قال: خزاعة، يشف صدورهم من بني بكر.
(١) انظر تفسير " الإخزاء " فيما سلف ص: ١١٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.
١٦٥٤٢- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي، مثله.
١٦٥٤٣- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ويشف صدور قوم مؤمنين)، خزاعة حلفاء محمد صلى الله عليه وسلم.
١٦٥٤٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الله بن رجاء، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد: (ويشف صدور قوم مؤمنين)، قال: حلفاء رسول الله ﷺ من خزاعة.
١٦٥٤٥- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول الله تعالى ذكره: ويذهب وَجْدَ قلوب هؤلاء القوم المؤمنين من خزاعة، (١) على هؤلاء القوم الذين نكثوا أيمانهم من المشركين، وغمَّها وكربَها بما فيها من الوجد عليهم، بمعونتهم بكرًا عليهم، (٢) كما:-
١٦٥٤٦- حدثني ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد العنقزي، عن أسباط، عن السدي: (ويذهب غيظ قلوبهم)، حين قتلهم بنو بكر، وأعانتهم قريش.
١٦٥٤٣- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ويشف صدور قوم مؤمنين)، خزاعة حلفاء محمد صلى الله عليه وسلم.
١٦٥٤٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الله بن رجاء، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد: (ويشف صدور قوم مؤمنين)، قال: حلفاء رسول الله ﷺ من خزاعة.
١٦٥٤٥- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول الله تعالى ذكره: ويذهب وَجْدَ قلوب هؤلاء القوم المؤمنين من خزاعة، (١) على هؤلاء القوم الذين نكثوا أيمانهم من المشركين، وغمَّها وكربَها بما فيها من الوجد عليهم، بمعونتهم بكرًا عليهم، (٢) كما:-
١٦٥٤٦- حدثني ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد العنقزي، عن أسباط، عن السدي: (ويذهب غيظ قلوبهم)، حين قتلهم بنو بكر، وأعانتهم قريش.
(١) انظر تفسير " الإذهاب " فيما سلف ١٢: ١٢٦ تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " الغيظ " فيما سلف ٧: ٢١٥.
(٢) انظر تفسير " الغيظ " فيما سلف ٧: ٢١٥.
161
١٦٥٤٧- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي، مثله = إلا أنه قال: وأعانتهم عليهم قريش. (١)
* * *
وأما قوله: (ويتوب الله على من يشاء)، فإنه خبر مبتدأ، ولذلك رفع، وجُزِم الأحرفُ الثلاثة قبل ذلك على وجه المجازاة، كأنه قال: قاتلوهم، فإنكم إن تقاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم، ويخزهم، وينصركم عليهم = ثم ابتدأ فقال: (ويتوب الله على من يشاء)، لأن القتال غير موجب لهم التوبةَ من الله، وهو موجبٌ لهم العذابَ من الله، والخزيَ، وشفاءَ صدور المؤمنين، وذهابَ غيظ قلوبهم، فجزم ذلك شرطًا وجزاءً على القتال، ولم يكن موجبًا القتالُ التوبةَ، فابتُدِئ الخبرُ به ورُفع. (٢)
* * *
ومعنى الكلام: ويمنّ الله على من يشاء من عباده الكافرين، فيقبل به إلى التوبة بتوفيقه إياه = (والله عليم)، بسرائر عباده، ومَنْ هو للتوبة أهلٌ فيتوب عليه، ومَنْ منهم غير أهل لها فيخذله = (حكيم)، في تصريف عباده من حال كفر إلى حال إيمان بتوفيقه من وفَّقه لذلك (٣) = ومن حال إيمان إلى كفر، بخذلانه من خذل منهم عن طاعته وتوحيده، (٤) وغير ذلك من أمرهم. (٥)
* * *
* * *
وأما قوله: (ويتوب الله على من يشاء)، فإنه خبر مبتدأ، ولذلك رفع، وجُزِم الأحرفُ الثلاثة قبل ذلك على وجه المجازاة، كأنه قال: قاتلوهم، فإنكم إن تقاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم، ويخزهم، وينصركم عليهم = ثم ابتدأ فقال: (ويتوب الله على من يشاء)، لأن القتال غير موجب لهم التوبةَ من الله، وهو موجبٌ لهم العذابَ من الله، والخزيَ، وشفاءَ صدور المؤمنين، وذهابَ غيظ قلوبهم، فجزم ذلك شرطًا وجزاءً على القتال، ولم يكن موجبًا القتالُ التوبةَ، فابتُدِئ الخبرُ به ورُفع. (٢)
* * *
ومعنى الكلام: ويمنّ الله على من يشاء من عباده الكافرين، فيقبل به إلى التوبة بتوفيقه إياه = (والله عليم)، بسرائر عباده، ومَنْ هو للتوبة أهلٌ فيتوب عليه، ومَنْ منهم غير أهل لها فيخذله = (حكيم)، في تصريف عباده من حال كفر إلى حال إيمان بتوفيقه من وفَّقه لذلك (٣) = ومن حال إيمان إلى كفر، بخذلانه من خذل منهم عن طاعته وتوحيده، (٤) وغير ذلك من أمرهم. (٥)
* * *
(١) في المطبوعة: " وأعانهم "، وفي المخطوطة: " وأعلسهم، وصواب قراءتها ما أثبت. "
(٢) في المطبوعة: " فابتدأ الحكم به "، والصواب ما أثبت من المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: " بتوفيق "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٤) السياق: " في تصريف عباده من حال كفر... ومن حال إيمان ".
(٥) انظر تفسير " تاب "، و " عليم "، و " حكيم " فيما سلف من فهارس اللغة (توب)، (علم)، (حكم).
(٢) في المطبوعة: " فابتدأ الحكم به "، والصواب ما أثبت من المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: " بتوفيق "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٤) السياق: " في تصريف عباده من حال كفر... ومن حال إيمان ".
(٥) انظر تفسير " تاب "، و " عليم "، و " حكيم " فيما سلف من فهارس اللغة (توب)، (علم)، (حكم).
162
القول في تأويل قوله: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين الذين أمرهم بقتال هؤلاء المشركين، الذين نقضوا عهدهم الذي بينهم وبينه بقوله: (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم)، الآية، حاضًّا على جهادهم: (أم حسبتم)، أيها المؤمنون (١) = أن يترككم الله بغير محنة يمتحنكم بها، وبغير اختبار يختبركم به، فيعرف الصادقَ منكم في دينه من الكاذب فيه = (ولما يعلم الله الذين جاهدوا)، يقول: أحسبتم أن تتركوا بغير اختبار يعرف به أهل ولايته المجاهدين منكم في سبيله، من المضيِّعين أمرَ الله في ذلك المفرِّطين (٢) = (ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله)، يقول: ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم، والذين لم يتخذوا من دون الله ولا من دون رسوله ولا من دون المؤمنين = (وليجة).
* * *
= هو الشيء يدخل في آخر غيره، يقالُ منه: "ولج فلان في كذا يلجِه، فهو وليجة". (٣)
* * *
وإنما عنى بها في هذا الموضع: البطانة من المشركين. نهى الله المؤمنين أن يتخذوا من عدوهم من المشركين أولياء، يفشون إليهم أسرارهم = (والله خبير بما تعملون)، يقول: والله ذو خبرة بما تعملون، (٤) من اتخاذكم من دون الله
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين الذين أمرهم بقتال هؤلاء المشركين، الذين نقضوا عهدهم الذي بينهم وبينه بقوله: (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم)، الآية، حاضًّا على جهادهم: (أم حسبتم)، أيها المؤمنون (١) = أن يترككم الله بغير محنة يمتحنكم بها، وبغير اختبار يختبركم به، فيعرف الصادقَ منكم في دينه من الكاذب فيه = (ولما يعلم الله الذين جاهدوا)، يقول: أحسبتم أن تتركوا بغير اختبار يعرف به أهل ولايته المجاهدين منكم في سبيله، من المضيِّعين أمرَ الله في ذلك المفرِّطين (٢) = (ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله)، يقول: ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم، والذين لم يتخذوا من دون الله ولا من دون رسوله ولا من دون المؤمنين = (وليجة).
* * *
= هو الشيء يدخل في آخر غيره، يقالُ منه: "ولج فلان في كذا يلجِه، فهو وليجة". (٣)
* * *
وإنما عنى بها في هذا الموضع: البطانة من المشركين. نهى الله المؤمنين أن يتخذوا من عدوهم من المشركين أولياء، يفشون إليهم أسرارهم = (والله خبير بما تعملون)، يقول: والله ذو خبرة بما تعملون، (٤) من اتخاذكم من دون الله
(١) انظر تفسير " حسب " فيما سلف ١٢: ٣٨٨، تعليق ٣: والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " الجهاد " فيما سلف ص: ٧٧، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) في المخطوطة: " ولج في فلان كذا "، والذي في المطبوعة أجود.
(٤) انظر تفسير " خبير " فيما سلف من فهارس اللغة (خبر).
(٢) انظر تفسير " الجهاد " فيما سلف ص: ٧٧، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) في المخطوطة: " ولج في فلان كذا "، والذي في المطبوعة أجود.
(٤) انظر تفسير " خبير " فيما سلف من فهارس اللغة (خبر).
163
ودون رسوله والمؤمنين به أولياءَ وبطانةً، بعد ما قد نهاكم عنه، لا يخفى ذلك عليه، ولا غيره من أعمالكم، والله مجازيكم على ذلك، إن خيرًا فخيرًا، وإن شرًّا فشرًّا.
* * *
وبنحو الذي قلت في معنى "الوليجة"، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٤٨- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (ولا المؤمنين وليجة)، يتولّجها من الولاية للمشركين.
١٦٥٤٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن أبي جعفر، عن الربيع: (وليجة)، قال: دَخَلا.
١٦٥٥٠- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (أم حسبتم أن تتركوا)، إلى قوله: (وليجة)، قال: أبي أن يدعهم دون التمحيص. وقرأ: (" أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ "، وقرأ: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ)، [سورة آل عمران: ١٤٢]، (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم)، الآيات كلها، (١) [سورة البقرة ٢١٤] أخبرهم أن لا يتركهم حتى يمحِّصهم ويختبرهم. وقرأ: (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ)، لا يختبرون (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)، [سورة العنكبوت: ١ - ٣]، أبى الله إلا أن يمَحِّص.
١٦٥٥١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن: (وليجة)، قال: هو الكفر والنفاق = أو قال أحدَهما.
* * *
* * *
وبنحو الذي قلت في معنى "الوليجة"، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٤٨- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (ولا المؤمنين وليجة)، يتولّجها من الولاية للمشركين.
١٦٥٤٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن أبي جعفر، عن الربيع: (وليجة)، قال: دَخَلا.
١٦٥٥٠- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (أم حسبتم أن تتركوا)، إلى قوله: (وليجة)، قال: أبي أن يدعهم دون التمحيص. وقرأ: (" أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ "، وقرأ: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ)، [سورة آل عمران: ١٤٢]، (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم)، الآيات كلها، (١) [سورة البقرة ٢١٤] أخبرهم أن لا يتركهم حتى يمحِّصهم ويختبرهم. وقرأ: (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ)، لا يختبرون (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)، [سورة العنكبوت: ١ - ٣]، أبى الله إلا أن يمَحِّص.
١٦٥٥١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن: (وليجة)، قال: هو الكفر والنفاق = أو قال أحدَهما.
* * *
(١) صدر هذه الآية، لم يكن في المخطوطة ولا المطبوعة، كان بدؤها " ولم يأتكم... ".
164
وقيل: (أم حسبتم)، ولم يقل: "أحسبتم"، لأنه من الاستفهام المعترض في وسط الكلام، فأدخلت فيه "أم" ليفرَّق بينه وبين الاستفهام المبتدأ. وقد بينت نظائر ذلك في غير موضع من الكتاب. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (١٧) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما ينبغي للمشركين أن يعمروا مساجد الله وهم شاهدون على أنفسهم بالكفر. يقول: إن المساجد إنما تعمر لعبادة الله فيها، لا للكفر به، فمن كان بالله كافرًا، فليس من شأنه أن يعمُرَ مساجد الله.
* * *
وأما شهادتهم على أنفسهم بالكفر، فإنها كما:-
١٦٥٥٢- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر)، يقول: ما ينبغي لهم أن يعمروها. وأما (شاهدين على أنفسهم بالكفر)، فإن النصراني يسأل: ما أنت؟ فيقول: نصراني = واليهودي، فيقول: يهودي = والصابئ، فيقول: صابئ = والمشرك يقول إذا سألته: ما دينك؟ فيقول: مشرك! لم يكن ليقوله أحدٌ إلا العرب.
١٦٥٥٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو العنقزي، عن أسباط، عن
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (١٧) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما ينبغي للمشركين أن يعمروا مساجد الله وهم شاهدون على أنفسهم بالكفر. يقول: إن المساجد إنما تعمر لعبادة الله فيها، لا للكفر به، فمن كان بالله كافرًا، فليس من شأنه أن يعمُرَ مساجد الله.
* * *
وأما شهادتهم على أنفسهم بالكفر، فإنها كما:-
١٦٥٥٢- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر)، يقول: ما ينبغي لهم أن يعمروها. وأما (شاهدين على أنفسهم بالكفر)، فإن النصراني يسأل: ما أنت؟ فيقول: نصراني = واليهودي، فيقول: يهودي = والصابئ، فيقول: صابئ = والمشرك يقول إذا سألته: ما دينك؟ فيقول: مشرك! لم يكن ليقوله أحدٌ إلا العرب.
١٦٥٥٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو العنقزي، عن أسباط، عن
(١) انظر ما سلف في تفسير " أم " ٢: ٤٩٢ - ٤٩٤ / ٣: ٩٧ / ٤: ٢٨٧، ٢٨٨، ثم انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٢٦.
165
السدي: (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله)، قال: يقول: ما كان ينبغي لهم أن يعمروها.
١٦٥٥٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: (شاهدين على أنفسهم بالكفر)، قال: النصراني يقال له: ما أنت؟ فيقول: نصراني = واليهودي يقال له: ما أنت؟ فيقول: يهودي = والصابئ يقال له: ما أنت؟ فيقول: صابئ.
* * *
وقوله: (أولئك حبطت أعمالهم)، يقول: بطلت وذهبت أجورها، لأنها لم تكن لله بل كانت للشيطان (١) = (وفي النار هم خالدون)، يقول: ماكثون فيها أبدًا، لا أحياءً ولا أمواتًا. (٢)
* * *
واختلفت القرأة في قراءة قوله: (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله)، فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والكوفة: (مساجد الله)، على الجماع. (٣)
* * *
وقرأ ذلك بعض المكيين والبصريين: (مَسْجِدَ اللهِ)، على التوحيد، بمعنى المسجد الحرام.
* * *
قال أبو جعفر: وهم جميعًا مجمعون على قراءة قوله: (٤) (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ)، على الجماع، لأنه إذا قرئ كذلك، احتمل معنى الواحد والجماع، لأن العرب
١٦٥٥٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: (شاهدين على أنفسهم بالكفر)، قال: النصراني يقال له: ما أنت؟ فيقول: نصراني = واليهودي يقال له: ما أنت؟ فيقول: يهودي = والصابئ يقال له: ما أنت؟ فيقول: صابئ.
* * *
وقوله: (أولئك حبطت أعمالهم)، يقول: بطلت وذهبت أجورها، لأنها لم تكن لله بل كانت للشيطان (١) = (وفي النار هم خالدون)، يقول: ماكثون فيها أبدًا، لا أحياءً ولا أمواتًا. (٢)
* * *
واختلفت القرأة في قراءة قوله: (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله)، فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والكوفة: (مساجد الله)، على الجماع. (٣)
* * *
وقرأ ذلك بعض المكيين والبصريين: (مَسْجِدَ اللهِ)، على التوحيد، بمعنى المسجد الحرام.
* * *
قال أبو جعفر: وهم جميعًا مجمعون على قراءة قوله: (٤) (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ)، على الجماع، لأنه إذا قرئ كذلك، احتمل معنى الواحد والجماع، لأن العرب
(١) انظر تفسير " حبط " فيما سلف ١١٣: ١١٦، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " الخلود " فيما سلف من فهارس اللغة (خلد).
(٣) في المطبوعة: " على الجمع "، وأثبت ما في المخطوطة، في هذا الموضوع ما يليه جميعا.
(٤) يعني أبو جعفر أن جميع القرأة مجمعون على قراءة الآية التالية: " إنما يعمر مساجد الله "، على الجماع، بلا خلاف بينهم في ذلك ولذلك زدت تمام الآية، وكان في المطبوعة والمخطوطة: " مساجد الله "، دون: " إنما يعمر ".
(٢) انظر تفسير " الخلود " فيما سلف من فهارس اللغة (خلد).
(٣) في المطبوعة: " على الجمع "، وأثبت ما في المخطوطة، في هذا الموضوع ما يليه جميعا.
(٤) يعني أبو جعفر أن جميع القرأة مجمعون على قراءة الآية التالية: " إنما يعمر مساجد الله "، على الجماع، بلا خلاف بينهم في ذلك ولذلك زدت تمام الآية، وكان في المطبوعة والمخطوطة: " مساجد الله "، دون: " إنما يعمر ".
166
قد تذهب بالواحد إلى الجماع، وبالجماع إلى الواحد، كقولهم: "عليه ثوب أخلاق". (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (إنما يعمر مساجد الله)، المصدِّق بوحدانية الله، المخلص له العبادة = (واليوم الآخر)، يقول: الذي يصدق ببعث الله الموتى أحياءً من قبورهم يوم القيامة (٢) = (وأقام الصلاة)، المكتوبة، بحدودها = وأدَّى الزكاة الواجبة عليه في ماله إلى من أوجبها الله له (٣) = (ولم يخش إلا الله)، يقول: ولم يرهب عقوبة شيء على معصيته إياه، سوى الله (٤) = (فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)، يقول: فخليق بأولئك الذين هذه صفتهم، أن يكونوا عند الله ممن قد هداه الله للحق وإصابة الصواب. (٥)
١٦٥٥٥- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر)، يقول: من وحَّد الله، وآمن باليوم الآخر. يقول: أقرّ بما أنزل
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (إنما يعمر مساجد الله)، المصدِّق بوحدانية الله، المخلص له العبادة = (واليوم الآخر)، يقول: الذي يصدق ببعث الله الموتى أحياءً من قبورهم يوم القيامة (٢) = (وأقام الصلاة)، المكتوبة، بحدودها = وأدَّى الزكاة الواجبة عليه في ماله إلى من أوجبها الله له (٣) = (ولم يخش إلا الله)، يقول: ولم يرهب عقوبة شيء على معصيته إياه، سوى الله (٤) = (فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)، يقول: فخليق بأولئك الذين هذه صفتهم، أن يكونوا عند الله ممن قد هداه الله للحق وإصابة الصواب. (٥)
١٦٥٥٥- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر)، يقول: من وحَّد الله، وآمن باليوم الآخر. يقول: أقرّ بما أنزل
(١) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٢٦، ٤٢٧.
(٢) انظر تفسير " اليوم الآخر " فيما سلف من فهارس اللغة (آخر).
(٣) انظر تفسير " إقامة الصلاة " و " إيتاء الزكاة " فيما سلف من فهارس اللغة (قوم)، (أتى).
(٤) انظر تفسير " الخشية " فيما سلف ص: ١٥٨، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٥) انظر تفسير " عسى " فيما سلف ١٣: ٤٥، تعليق ١، والمراجع هناك.
= وتفسير " الاهتداء " فيما سلف من فهارس اللغة (هدى).
(٢) انظر تفسير " اليوم الآخر " فيما سلف من فهارس اللغة (آخر).
(٣) انظر تفسير " إقامة الصلاة " و " إيتاء الزكاة " فيما سلف من فهارس اللغة (قوم)، (أتى).
(٤) انظر تفسير " الخشية " فيما سلف ص: ١٥٨، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٥) انظر تفسير " عسى " فيما سلف ١٣: ٤٥، تعليق ١، والمراجع هناك.
= وتفسير " الاهتداء " فيما سلف من فهارس اللغة (هدى).
الله = (وأقام الصلاة)، يعني الصلوات الخمس = (ولم يخش إلا الله)، يقول: ثم لم يعبد إلا الله = قال: (فعسى أولئك)، يقول: إن أولئك هم المفلحون، كقوله لنبيه: (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)، [سورة الإسراء: ٧٩] : يقول: إن ربك سيبعثك مقامًا محمودًا، وهي الشفاعة، وكل "عسى"، في القرآن فهي واجبة.
١٦٥٥٦- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: ثم ذكر قول قريش: إنَّا أهلُ الحرم، وسُقاة الحاج، وعُمَّار هذا البيت، ولا أحد أفضل منا! فقال: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر)، أي: إن عمارتكم ليست على ذلك، (إنما يعمر مساجد الله)، أي: من عمرها بحقها = (من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله) = فأولئك عمارها = (فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)، و"عسى" من الله حق. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٩) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا توبيخ من الله تعالى ذكره لقوم افتخروا بالسقاية وسدانة البيت، فأعلمهم جل ثناؤه أن الفخر في الإيمان بالله واليوم الآخر والجهاد في سبيله، لا في الذي افتخروا به من السِّدانة والسقاية. (٢)
* * *
١٦٥٥٦- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: ثم ذكر قول قريش: إنَّا أهلُ الحرم، وسُقاة الحاج، وعُمَّار هذا البيت، ولا أحد أفضل منا! فقال: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر)، أي: إن عمارتكم ليست على ذلك، (إنما يعمر مساجد الله)، أي: من عمرها بحقها = (من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله) = فأولئك عمارها = (فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)، و"عسى" من الله حق. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٩) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا توبيخ من الله تعالى ذكره لقوم افتخروا بالسقاية وسدانة البيت، فأعلمهم جل ثناؤه أن الفخر في الإيمان بالله واليوم الآخر والجهاد في سبيله، لا في الذي افتخروا به من السِّدانة والسقاية. (٢)
* * *
(١) الأثر: ١٦٥٥٦ - سيرة ابن هشام ٤: ١٩٢، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٥٣٩.
(٢) انظر تفسير ألفاظ هذه الآية فيما سلف من فهارس اللغة.
(٢) انظر تفسير ألفاظ هذه الآية فيما سلف من فهارس اللغة.
168
وبذلك جاءت الآثار وتأويل أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٥٧- حدثنا أبو الوليد الدمشقي أحمد بن عبد الرحمن قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، حدثني معاوية بن سلام، عن جده أبي سلام الأسود، عن النعمان بن بشير الأنصاري قال: كنت عند منبر رسول الله ﷺ في نفر من أصحابه، فقال رجل منهم: ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام، إلا أن أسقي الحاج! وقال آخر: بل عمارة المسجد الحرام! وقال آخر: بل الجهاد في سبيل الله خير مما قلتم! فزجرهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله ﷺ = وذلك يوم الجمعة = ولكن إذا صليتُ الجمعة دخلت على رسول الله ﷺ فاستفتيته فيما اختلفتم فيه. قال: ففعل، فأنزل الله تبارك وتعالى: (أجعلتم سقاية الحاج) إلى قوله: (والله لا يهدي القوم الظالمين). (١)
١٦٥٥٨- حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٥٧- حدثنا أبو الوليد الدمشقي أحمد بن عبد الرحمن قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، حدثني معاوية بن سلام، عن جده أبي سلام الأسود، عن النعمان بن بشير الأنصاري قال: كنت عند منبر رسول الله ﷺ في نفر من أصحابه، فقال رجل منهم: ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام، إلا أن أسقي الحاج! وقال آخر: بل عمارة المسجد الحرام! وقال آخر: بل الجهاد في سبيل الله خير مما قلتم! فزجرهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله ﷺ = وذلك يوم الجمعة = ولكن إذا صليتُ الجمعة دخلت على رسول الله ﷺ فاستفتيته فيما اختلفتم فيه. قال: ففعل، فأنزل الله تبارك وتعالى: (أجعلتم سقاية الحاج) إلى قوله: (والله لا يهدي القوم الظالمين). (١)
١٦٥٥٨- حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني
(١) الأثر: ١٦٥٥٧ - " أحمد بن عبد الرحمن بن بكار القرشي، الدمشقي "، " أبو الوليد "، شيخ الطبري، مضى مرارا، آخرها رقم: ١١٤١٦.
و" الوليد بن مسلم القرشي الدمشقي "، سلف مرارا، آخرها رقم: ٩٠٧١ روى له الجماعة.
و" معاوية بن سلام بن أبي سلام ممطور الحبشي "، " أبو سلام الدمشقي "، روى له الجماعة، روى عن جده أبي سلام. مترجم في التهذيب، والكبير ٤ /١ / ٣٣٥، وابن أبي حاتم ٤ / ١ / ٣٨٣.
و" أبو سلام الأسود " واسمه " ممطور "، تابعي ثقة، مضى برقم: ١٥٦٥٤، ١٥٦٥٥.
وهذا الخبر رواه مسلم في صحيحه (١٣: ٢٥، ٢٦)، من طريق أبي توبة، عن معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، أنه سمع أبا سلام قال: حدثني النعمان بن بشير، ثم رواه من طريق يحيى بن حسان، عن معاوية، عن زيد، بمثله.
وذكره ابن كثير في تفسيره ٤: ١٣١، ونسبه لأبي داود، ولم استطع أن عليه في السنن.
وزاد السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢١٨ نسبته إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان، والطبراني، وأبي الشيخ، وابن مردويه.
وسيأتي بإسناد آخر رقم: ١٦٥٦٠، من طريق أخرى مرسلة.
و" الوليد بن مسلم القرشي الدمشقي "، سلف مرارا، آخرها رقم: ٩٠٧١ روى له الجماعة.
و" معاوية بن سلام بن أبي سلام ممطور الحبشي "، " أبو سلام الدمشقي "، روى له الجماعة، روى عن جده أبي سلام. مترجم في التهذيب، والكبير ٤ /١ / ٣٣٥، وابن أبي حاتم ٤ / ١ / ٣٨٣.
و" أبو سلام الأسود " واسمه " ممطور "، تابعي ثقة، مضى برقم: ١٥٦٥٤، ١٥٦٥٥.
وهذا الخبر رواه مسلم في صحيحه (١٣: ٢٥، ٢٦)، من طريق أبي توبة، عن معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، أنه سمع أبا سلام قال: حدثني النعمان بن بشير، ثم رواه من طريق يحيى بن حسان، عن معاوية، عن زيد، بمثله.
وذكره ابن كثير في تفسيره ٤: ١٣١، ونسبه لأبي داود، ولم استطع أن عليه في السنن.
وزاد السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢١٨ نسبته إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان، والطبراني، وأبي الشيخ، وابن مردويه.
وسيأتي بإسناد آخر رقم: ١٦٥٦٠، من طريق أخرى مرسلة.
169
معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر)، قال العباس بن عبد المطلب حين أسر يوم بدر: لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد، لقد كنا نعمر المسجد الحرام، ونسقي الحاج، ونفك العاني! (١) قال الله: (أجعلتم سقاية الحاج)، إلى قوله: (الظالمين)، يعني أن ذلك كان في الشرك، ولا أقبل ما كان في الشرك.
١٦٥٥٩- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (أجعلتم سقاية الحاج)، إلى قوله: (الظالمين)، وذلك أن المشركين قالوا: عمارة بيت الله، وقيام على السقاية، خير ممن آمن وجاهد، وكانوا يفخرون بالحرم ويستكبرون، (٢) من أجل أنهم أهله وعُمَّاره. فذكر الله استكبارهم وإعراضهم، فقال لأهل الحرم من المشركين: (قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ) [سورة المؤمنون: ٦٦، ٦٧]، يعني أنهم يستكبرون بالحرم. وقال: (به سامرًا)، لأنهم كانوا يسمرون، ويهجرون القرآن والنبيَّ صلى الله عليه وسلم. فخيَّر الإيمان بالله والجهاد مع نبي الله صلى الله عليه وسلم، على عمران المشركين البيتَ وقيامهم على السقاية. ولم يكن ينفعهم عند الله مع الشرك به، أن كانوا يعمرون بيته ويخدمونه. قال الله: (لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين)، يعني: الذين زعموا أنهم أهل العمارة، فسماهم الله "ظالمين"، بشركهم، فلم تغن عنهم العمارة شيئًا.
١٦٥٦٠- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير، عن النعمان بن بشير، أن رجلا قال: ما أبالي أن لا
١٦٥٥٩- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (أجعلتم سقاية الحاج)، إلى قوله: (الظالمين)، وذلك أن المشركين قالوا: عمارة بيت الله، وقيام على السقاية، خير ممن آمن وجاهد، وكانوا يفخرون بالحرم ويستكبرون، (٢) من أجل أنهم أهله وعُمَّاره. فذكر الله استكبارهم وإعراضهم، فقال لأهل الحرم من المشركين: (قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ) [سورة المؤمنون: ٦٦، ٦٧]، يعني أنهم يستكبرون بالحرم. وقال: (به سامرًا)، لأنهم كانوا يسمرون، ويهجرون القرآن والنبيَّ صلى الله عليه وسلم. فخيَّر الإيمان بالله والجهاد مع نبي الله صلى الله عليه وسلم، على عمران المشركين البيتَ وقيامهم على السقاية. ولم يكن ينفعهم عند الله مع الشرك به، أن كانوا يعمرون بيته ويخدمونه. قال الله: (لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين)، يعني: الذين زعموا أنهم أهل العمارة، فسماهم الله "ظالمين"، بشركهم، فلم تغن عنهم العمارة شيئًا.
١٦٥٦٠- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير، عن النعمان بن بشير، أن رجلا قال: ما أبالي أن لا
(١) " العاني "، الأسير.
(٢) في المطبوعة: " يستكبرون به "، بزيادة " به "، وليست في المخطوطة، وفيها " يستكثرون " وهو خطأ.
(٢) في المطبوعة: " يستكبرون به "، بزيادة " به "، وليست في المخطوطة، وفيها " يستكثرون " وهو خطأ.
170
أعمل عملا بعد الإسلام، إلا أن أسقي الحاج! وقال آخر: ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام، إلا أن أعمر المسجد الحرامَ! وقال آخر: الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم! فزجرهم عمر وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله ﷺ = وذلك يوم الجمعة = ولكن إذا صلى الجمعة دخلنا عليه! فنزلت: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام)، إلى قوله: (لا يستوون عند الله)، (١)
١٦٥٦١- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن عمرو، عن الحسن قال: نزلت في علي، وعباس، وعثمان، وشيبة، تكلموا في ذلك، فقال العباس: ما أراني إلا تارك سقايتنا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقيموا على سقايتكم، فإن لكم فيها خيرًا.
١٦٥٦٢-... قال: أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن إسماعيل، عن الشعبي قال: نزلت في علي، والعباس، تكلما في ذلك.
١٦٥٦٣- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرت عن أبي صخر قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدار، وعباس بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، فقال طلحة، أنا صاحب البيت، معي مفتاحه، لو أشاء بِتُّ فيه! وقال عباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها، ولو أشاء بِتُّ في المسجد! وقال علي: ما أدري ما تقولان، لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد! فأنزل الله: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام)، الآية كلها.
١٦٥٦٤- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن قال: لما نزلت (أجعلتم سقاية الحاج)، قال العباس:
١٦٥٦١- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن عمرو، عن الحسن قال: نزلت في علي، وعباس، وعثمان، وشيبة، تكلموا في ذلك، فقال العباس: ما أراني إلا تارك سقايتنا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقيموا على سقايتكم، فإن لكم فيها خيرًا.
١٦٥٦٢-... قال: أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن إسماعيل، عن الشعبي قال: نزلت في علي، والعباس، تكلما في ذلك.
١٦٥٦٣- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرت عن أبي صخر قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدار، وعباس بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، فقال طلحة، أنا صاحب البيت، معي مفتاحه، لو أشاء بِتُّ فيه! وقال عباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها، ولو أشاء بِتُّ في المسجد! وقال علي: ما أدري ما تقولان، لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد! فأنزل الله: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام)، الآية كلها.
١٦٥٦٤- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن قال: لما نزلت (أجعلتم سقاية الحاج)، قال العباس:
(١) الأثر ١٦٥٦٠ - " يحيى بن أبي كثير الطافي "، ثقة، روى له الجماعة، روى عن زيد بن سلام بن أبي سلام، وأرسل عن أبي سلام الحبشي وغيره وهذا من مرسله عن النعمان بن بشير، أو عن أبي سلام. وقد مضى برقم: ٩١٨٩، ١١٥٠٥ - ١١٥٠٧.
171
ما أراني إلا تارك سقايتنا! فقال النبي ﷺ "أقيموا على سقايتكم فإن لكم فيها خيرًا".
١٦٥٦٥- حدثني محمد بن الحسن قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدى: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله)، قال: افتخر علي، وعباس، وشيبة بن عثمان، فقال للعباس: أنا أفضلكم، أنا أسقي حُجَّاج بيت الله! وقال شيبة: أنا أعمُر مسجد الله! وقال علي: أنا هاجرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجاهد معه في سبيل الله! فأنزل الله: (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله)، إلى: (نعيم مقيم).
١٦٥٦٦- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (أجعلتم سقاية الحاج)، الآية، أقبل المسلمون على العباس وأصحابه الذين أسرُوا يوم بدر يعيِّرونهم بالشرك، فقال العباس: أما والله لقد كنَّا نَعمُر المسجدَ الحرام، ونفُكُّ العاني، ونحجب البيتَ، ونسقي الحاج! فأنزل الله: (أجعلتم سقاية الحاج)، الآية.
قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذًا: أجعلتم، أيها القوم، سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله = (لا يستوون) هؤلاء، وأولئك، ولا تعتدل أحوالهما عند الله ومنازلهما، لأن الله تعالى لا يقبل بغير الإيمان به وباليوم الآخر عملا = (والله لا يهدي القوم الظالمين)، يقول: والله لا يوفّق لصالح الأعمال من كان به كافرًا ولتوحيده جاحدا.
* * *
ووضع الاسم موضع المصدر في قوله: (كمن آمن بالله)، إذ كان معلومًا
١٦٥٦٥- حدثني محمد بن الحسن قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدى: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله)، قال: افتخر علي، وعباس، وشيبة بن عثمان، فقال للعباس: أنا أفضلكم، أنا أسقي حُجَّاج بيت الله! وقال شيبة: أنا أعمُر مسجد الله! وقال علي: أنا هاجرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجاهد معه في سبيل الله! فأنزل الله: (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله)، إلى: (نعيم مقيم).
١٦٥٦٦- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (أجعلتم سقاية الحاج)، الآية، أقبل المسلمون على العباس وأصحابه الذين أسرُوا يوم بدر يعيِّرونهم بالشرك، فقال العباس: أما والله لقد كنَّا نَعمُر المسجدَ الحرام، ونفُكُّ العاني، ونحجب البيتَ، ونسقي الحاج! فأنزل الله: (أجعلتم سقاية الحاج)، الآية.
قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذًا: أجعلتم، أيها القوم، سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله = (لا يستوون) هؤلاء، وأولئك، ولا تعتدل أحوالهما عند الله ومنازلهما، لأن الله تعالى لا يقبل بغير الإيمان به وباليوم الآخر عملا = (والله لا يهدي القوم الظالمين)، يقول: والله لا يوفّق لصالح الأعمال من كان به كافرًا ولتوحيده جاحدا.
* * *
ووضع الاسم موضع المصدر في قوله: (كمن آمن بالله)، إذ كان معلومًا
172
معناه، كما قال الشاعر: (١)
فجعل خبر "الفتيان"، "أن"، وهو كما يقال: "إنما السخاء حاتم، والشعر زهير".
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا قضاءٌ من الله بَيْن فِرَق المفتخرين الذين افتخرَ أحدهم بالسقاية، والآخرُ بالسِّدانة، والآخر بالإيمان بالله والجهاد في سبيله. يقول تعالى ذكره: (الذين أمنوا) بالله، وصدقوا بتوحيده من المشركين = (وهاجروا) دورَ قومهم (٣) = (وجاهدوا) المشركين في دين الله (٤) = (بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله)، وأرفع منزلة عنده، (٥) من سُقَاة الحاج وعُمَّار المسجد الحرام، وهم بالله مشركون = (وأولئك)، يقول: وهؤلاء الذين وصفنا صفتهم، أنهم آمنوا وهاجروا وجاهدوا = (هم الفائزون)، بالجنة، الناجون من النار. (٦)
* * *
لَعَمْرُكَ مَا الفِتْيَانُ أَنْ تَنْبُتَ اللِّحَى | وَلَكِنَّمَا الفِتْيَانُ كُلُّ فَتًى نَدِي (٢) |
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا قضاءٌ من الله بَيْن فِرَق المفتخرين الذين افتخرَ أحدهم بالسقاية، والآخرُ بالسِّدانة، والآخر بالإيمان بالله والجهاد في سبيله. يقول تعالى ذكره: (الذين أمنوا) بالله، وصدقوا بتوحيده من المشركين = (وهاجروا) دورَ قومهم (٣) = (وجاهدوا) المشركين في دين الله (٤) = (بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله)، وأرفع منزلة عنده، (٥) من سُقَاة الحاج وعُمَّار المسجد الحرام، وهم بالله مشركون = (وأولئك)، يقول: وهؤلاء الذين وصفنا صفتهم، أنهم آمنوا وهاجروا وجاهدوا = (هم الفائزون)، بالجنة، الناجون من النار. (٦)
* * *
(١) لم أعرف قائله.
(٢) معاني القرآن للفراء ١: ٤٢٧، شرح شواهد المغني: ٣٢٥. و " الندي "، السخي.
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٢٧.
(٤) انظر تفسير " هاجر " فيما سلف ص: ٨١، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٥) انظر تفسير " جاهد " فيما سلف ص: ١٦٣، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
= وتفسير " سبيل الله " فيما سلف من فهارس اللغة (سبل).
(٦) انظر تفسير " الدرجة " فيما سلف: ١٣: ٣٨٩، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) معاني القرآن للفراء ١: ٤٢٧، شرح شواهد المغني: ٣٢٥. و " الندي "، السخي.
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٢٧.
(٤) انظر تفسير " هاجر " فيما سلف ص: ٨١، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٥) انظر تفسير " جاهد " فيما سلف ص: ١٦٣، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
= وتفسير " سبيل الله " فيما سلف من فهارس اللغة (سبل).
(٦) انظر تفسير " الدرجة " فيما سلف: ١٣: ٣٨٩، تعليق: ١، والمراجع هناك.
القول في تأويل قوله: ﴿يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يبشر هؤلاء الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله (١) = (ربُّهم برحمة منه)، لهم، أنه قد رحمهم من أن يعذبهم = وبرضوان منه لهم، بأنه قد رضي عنهم بطاعتهم إياه، وأدائهم ما كلَّفهم (٢) = (وجنات)، يقول: وبساتين (٣) = (لهم فيها نعيم مقيم)، لا يزول ولا يبيد، ثابت دائمٌ أبدًا لهم. (٤)
١٦٥٦٧- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال الله سبحانه: أُعطيكم أفضل من هذا، فيقولون: ربَّنا، أيُّ شيء أفضل من هذا؟ قال: رِضْواني. (٥)
* * *
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يبشر هؤلاء الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله (١) = (ربُّهم برحمة منه)، لهم، أنه قد رحمهم من أن يعذبهم = وبرضوان منه لهم، بأنه قد رضي عنهم بطاعتهم إياه، وأدائهم ما كلَّفهم (٢) = (وجنات)، يقول: وبساتين (٣) = (لهم فيها نعيم مقيم)، لا يزول ولا يبيد، ثابت دائمٌ أبدًا لهم. (٤)
١٦٥٦٧- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال الله سبحانه: أُعطيكم أفضل من هذا، فيقولون: ربَّنا، أيُّ شيء أفضل من هذا؟ قال: رِضْواني. (٥)
* * *
(١) انظر تفسير " الفوز " فيما سلف ١١: ٢٨٦، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " التبشير " فيما سلف ص: ١٣١ تعليق: ٤، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير " الرضوان " فيما سلف ١١: ٢٤٥، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٤) انظر تفسير " النعيم " فيما سلف ١٠: ٤٦١، ٤٦٢.
= وتفسير " مقيم " فيما سلف ١٠: ٢٩٣.
(٥) الأثر: ١٦٥٦٧ - مضى هذا الخبر بإسناده ولفظه، وسلف تصحيحه برقم: ٦٥١ (ج ٦: ٢٦٢). وكان في المطبوعة: " أبو أحمد الموسوي "، خطأ محض، لم يحسن قراءة المخطوطة.
(٢) انظر تفسير " التبشير " فيما سلف ص: ١٣١ تعليق: ٤، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير " الرضوان " فيما سلف ١١: ٢٤٥، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٤) انظر تفسير " النعيم " فيما سلف ١٠: ٤٦١، ٤٦٢.
= وتفسير " مقيم " فيما سلف ١٠: ٢٩٣.
(٥) الأثر: ١٦٥٦٧ - مضى هذا الخبر بإسناده ولفظه، وسلف تصحيحه برقم: ٦٥١ (ج ٦: ٢٦٢). وكان في المطبوعة: " أبو أحمد الموسوي "، خطأ محض، لم يحسن قراءة المخطوطة.
القول في تأويل قوله: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره = (خالدين فيها)، ماكثين فيها، يعنى في الجنات (١) = (أبدا)، لا نهاية لذلك ولا حدَّ (٢) = (إن الله عنده أجر عظيم)، يقول: إن الله عنده لهؤلاء المؤمنين الذين نعتَهم جل ثناؤه النعتَ الذي ذكر في هذه الآية = (أجر)، ثواب على طاعتهم لربّهم، وأدائهم ما كلفهم من الأعمال (٣) = (عظيم)، وذلك النعيم الذي وعدَهم أن يعطيهم في الآخرة. (٤)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله: لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم بطانة وأصدقاء تفشون إليهم أسرارَكم، وتطلعونهم على عورة الإسلام وأهله، وتؤثرون المُكْثَ بين أظهرهم على الهجرة إلى دار الإسلام (٥) = (إن استحبُّوا الكفر على الإيمان)، يقول: إن اختاروا الكفر بالله، على التصديق به والإقرار
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره = (خالدين فيها)، ماكثين فيها، يعنى في الجنات (١) = (أبدا)، لا نهاية لذلك ولا حدَّ (٢) = (إن الله عنده أجر عظيم)، يقول: إن الله عنده لهؤلاء المؤمنين الذين نعتَهم جل ثناؤه النعتَ الذي ذكر في هذه الآية = (أجر)، ثواب على طاعتهم لربّهم، وأدائهم ما كلفهم من الأعمال (٣) = (عظيم)، وذلك النعيم الذي وعدَهم أن يعطيهم في الآخرة. (٤)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله: لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم بطانة وأصدقاء تفشون إليهم أسرارَكم، وتطلعونهم على عورة الإسلام وأهله، وتؤثرون المُكْثَ بين أظهرهم على الهجرة إلى دار الإسلام (٥) = (إن استحبُّوا الكفر على الإيمان)، يقول: إن اختاروا الكفر بالله، على التصديق به والإقرار
(١) انظر تفسير " الخلود " فيما سلف من فهارس اللغة (خلد).
(٢) انظر تفسير " أبدًا " فيما سلف ١١: ٢٤٤، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير " الأجر " فيما سلف من فهارس اللغة (أجر).
(٤) انظر تفسير " عظيم " فيما سلف من فهارس اللغة (عظم).
(٥) انظر تفسير " ولي " فيما سلف من فهارس اللغة (ولي).
(٢) انظر تفسير " أبدًا " فيما سلف ١١: ٢٤٤، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير " الأجر " فيما سلف من فهارس اللغة (أجر).
(٤) انظر تفسير " عظيم " فيما سلف من فهارس اللغة (عظم).
(٥) انظر تفسير " ولي " فيما سلف من فهارس اللغة (ولي).
175
بتوحيده = (ومن يتولهم منكم)، يقول: ومن يتخذهم منكم بطانة من دون المؤمنين، ويؤثر المقَام معهم على الهجرة إلى رسول الله ودار الإسلام (١) = (فأولئك هم الظالمون)، يقول: فالذين يفعلون ذلك منكم، هم الذين خالفوا أمرَ الله، فوضعوا الولاية في غير موضعها، وعصوا الله في أمره. (٢)
* * *
وقيل: إن ذلك نزل نهيًا من الله المؤمنين عن موالاة أقربائهم الذين لم يهاجروا من أرض الشرك إلى دار الإسلام.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٦٨- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام)، قال: أمروا بالهجرة، فقال العباس بن عبد المطلب: أنا أسقي الحاج! وقال طلحة أخو بني عبد الدار: أنا صاحب الكعبة، فلا نهاجر! فأنزلت: (لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء)، إلى قوله: (يأتي الله بأمره)، بالفتح، في أمره إياهم بالهجرة. هذا كله قبل فتح مكة.
* * *
* * *
وقيل: إن ذلك نزل نهيًا من الله المؤمنين عن موالاة أقربائهم الذين لم يهاجروا من أرض الشرك إلى دار الإسلام.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٦٨- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام)، قال: أمروا بالهجرة، فقال العباس بن عبد المطلب: أنا أسقي الحاج! وقال طلحة أخو بني عبد الدار: أنا صاحب الكعبة، فلا نهاجر! فأنزلت: (لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء)، إلى قوله: (يأتي الله بأمره)، بالفتح، في أمره إياهم بالهجرة. هذا كله قبل فتح مكة.
* * *
(١) انظر تفسير " التولي " فيما سلف من فهارس اللغة (ولي).
(٢) انظر تفسير " الظلم " فيما سلف من فهارس اللغة (ظلم).
(٢) انظر تفسير " الظلم " فيما سلف من فهارس اللغة (ظلم).
176
القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٢٤) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (قل) يا محمد، للمتخلفين عن الهجرة إلى دار الإسلام، المقيمين بدار الشرك: إن كان المقام مع آبائكم وأبنائكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم = وكانت (أموال اقترفتموها)، يقول: اكتسبتموها (١) = (وتجارة تخشون كسادها)، بفراقكم بلدَكم = (ومساكن ترضونها)، فسكنتموها = (أحب إليكم)، من الهجرة إلى الله ورسوله، من دار الشرك = ومن جهاد في سبيله، يعني: في نصرة دين الله الذي ارتضاه (٢) = (فتربصوا)، يقول: فتنظّروا (٣) = (حتى يأتي الله بأمره)، حتى يأتي الله بفتح مكة = (والله لا يهدي القوم الفاسقين)، يقول: والله لا يوفّق للخير الخارِجين عن طاعته وفي معصيته. (٤)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
قال أبو جعفر: يقول تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (قل) يا محمد، للمتخلفين عن الهجرة إلى دار الإسلام، المقيمين بدار الشرك: إن كان المقام مع آبائكم وأبنائكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم = وكانت (أموال اقترفتموها)، يقول: اكتسبتموها (١) = (وتجارة تخشون كسادها)، بفراقكم بلدَكم = (ومساكن ترضونها)، فسكنتموها = (أحب إليكم)، من الهجرة إلى الله ورسوله، من دار الشرك = ومن جهاد في سبيله، يعني: في نصرة دين الله الذي ارتضاه (٢) = (فتربصوا)، يقول: فتنظّروا (٣) = (حتى يأتي الله بأمره)، حتى يأتي الله بفتح مكة = (والله لا يهدي القوم الفاسقين)، يقول: والله لا يوفّق للخير الخارِجين عن طاعته وفي معصيته. (٤)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
(١) انظر تفسير " الاقتراف " فيما سلف ١٢: ٧٦: ١٧٣، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " الجهاد " فيما سلف من: ١٧٣، تعليق: ٥، والمراجع هناك.
= وتفسير " سبيل الله " فيما سلف من فهارس اللغة (سبل).
(٣) انظر تفسير " التربص " فيما سلف ٩؛ ٣٢٣: تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٤) انظر تفسير " الهدى " فيما سلف من فهارس اللغة (هدى).
= وتفسير " الفسق " فيما سلف من فهارس اللغة (فسق)
(٢) انظر تفسير " الجهاد " فيما سلف من: ١٧٣، تعليق: ٥، والمراجع هناك.
= وتفسير " سبيل الله " فيما سلف من فهارس اللغة (سبل).
(٣) انظر تفسير " التربص " فيما سلف ٩؛ ٣٢٣: تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٤) انظر تفسير " الهدى " فيما سلف من فهارس اللغة (هدى).
= وتفسير " الفسق " فيما سلف من فهارس اللغة (فسق)
١٦٥٦٩- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (حتى يأتي الله بأمره)، بالفتح.
١٦٥٧٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (فتربصوا حتى يأتي الله بأمره)، فتح مكة.
١٦٥٧١- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها)، يقول: تخشون أن تكسد فتبيعوها = (ومساكن ترضونها)، قال: هي القصور والمنازل.
١٦٥٧٢- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (وأموال اقترفتموها)، يقول: أصبتموها.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (لقد نصركم الله)، أيها المؤمنون = في أماكن حرب توطِّنون فيها أنفسكم على لقاء عدوّكم، ومشاهد تلتقون فيها أنتم وهم كثيرة = (ويوم حنين)، يقول: وفي يوم حنين أيضًا قد نصركم.
* * *
و (حنين) وادٍ، فيما ذكر، بين مكة والطائف. وأجرِيَ، لأنه مذكر اسم لمذكر. وقد يترك إجراؤه، ويراد به أن يجعل اسمًا للبلدة التي هو بها، (١) ومنه قول الشاعر: (٢)
١٦٥٧٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (فتربصوا حتى يأتي الله بأمره)، فتح مكة.
١٦٥٧١- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها)، يقول: تخشون أن تكسد فتبيعوها = (ومساكن ترضونها)، قال: هي القصور والمنازل.
١٦٥٧٢- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (وأموال اقترفتموها)، يقول: أصبتموها.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (لقد نصركم الله)، أيها المؤمنون = في أماكن حرب توطِّنون فيها أنفسكم على لقاء عدوّكم، ومشاهد تلتقون فيها أنتم وهم كثيرة = (ويوم حنين)، يقول: وفي يوم حنين أيضًا قد نصركم.
* * *
و (حنين) وادٍ، فيما ذكر، بين مكة والطائف. وأجرِيَ، لأنه مذكر اسم لمذكر. وقد يترك إجراؤه، ويراد به أن يجعل اسمًا للبلدة التي هو بها، (١) ومنه قول الشاعر: (٢)
نَصَرُوا نَبِيَّهُمْ وَشَدُّوا أَزْرَهُ | بِحُنَيْنَ يَوْمَ تَوَاكُلِ الأَبْطَالِ (٣) |
(١) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٢٩.
(٢) هو حسان بن ثابت.
(٣) ديوانه: ٣٣٤، ومعاني القرآن للفراء ١: ٤٢٩، واللسان (حنن)، وسيأتي في التفسير ١٦: ١١١ (بولاق)، وهو بيت مفرد.
وقوله: " تواكل الأبطال "، من قولهم: " تواكل القوم "، إذا اتكل بعضهم على بعض، ولم يعفه في مأزق الحرب. وفي الحديث أنه نهى عن المواكلة، وهو: أن يكل كل امرئ صاحبه إلى نفسه، فلا يعينه فيما ينويه، وهو مفض إلى الضعف والتقاطع وفساد الأمور، أعاذنا الله من كل ذلك.
(٢) هو حسان بن ثابت.
(٣) ديوانه: ٣٣٤، ومعاني القرآن للفراء ١: ٤٢٩، واللسان (حنن)، وسيأتي في التفسير ١٦: ١١١ (بولاق)، وهو بيت مفرد.
وقوله: " تواكل الأبطال "، من قولهم: " تواكل القوم "، إذا اتكل بعضهم على بعض، ولم يعفه في مأزق الحرب. وفي الحديث أنه نهى عن المواكلة، وهو: أن يكل كل امرئ صاحبه إلى نفسه، فلا يعينه فيما ينويه، وهو مفض إلى الضعف والتقاطع وفساد الأمور، أعاذنا الله من كل ذلك.
178
١٦٥٧٣- حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد قال، حدثني أبي قال، حدثنا أبان العطار قال، حدثنا هشام بن عروة، عن عروة قال: "حُنَين"، واد إلى جنب ذي المجاز. (١)
* * *
(إذ أعجبتكم كثرتكم)، وكانوا ذلك اليوم، فيما ذكر لنا، اثنى عشر ألفًا.
* * *
وروي أن النبي ﷺ قال ذلك اليوم: لن نغلب من قِلَّة.
* * *
وقيل: قال ذلك رجل من المسلمين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* * *
وهو قول الله: (إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئًا)، يقول: فلم تغن عنكم كثرتكم شيئا (٢) = (وضاقت عليكم الأرض بما رحبت)، يقول: وضاقت الأرض بسعتها عليكم.
* * *
و"الباء" ههنا في معنى "في"، ومعناه: وضاقت عليكم الأرض في رحبها، وبرحبها. (٣)
* * *
يقال منه: "مكان رحيب"، أي واسع. وإنما سميت الرِّحاب "رحابًا" لسَعَتَها.
* * *
= (ثم وليتم مدبرين)، عن عدوكم منهزمين = "مدبرين"، يقول: وليتموهم، الأدبار، وذلك الهزيمة. يخبرهم تبارك وتعالى أن النصر بيده ومن عنده، وأنه ليس
* * *
(إذ أعجبتكم كثرتكم)، وكانوا ذلك اليوم، فيما ذكر لنا، اثنى عشر ألفًا.
* * *
وروي أن النبي ﷺ قال ذلك اليوم: لن نغلب من قِلَّة.
* * *
وقيل: قال ذلك رجل من المسلمين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* * *
وهو قول الله: (إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئًا)، يقول: فلم تغن عنكم كثرتكم شيئا (٢) = (وضاقت عليكم الأرض بما رحبت)، يقول: وضاقت الأرض بسعتها عليكم.
* * *
و"الباء" ههنا في معنى "في"، ومعناه: وضاقت عليكم الأرض في رحبها، وبرحبها. (٣)
* * *
يقال منه: "مكان رحيب"، أي واسع. وإنما سميت الرِّحاب "رحابًا" لسَعَتَها.
* * *
= (ثم وليتم مدبرين)، عن عدوكم منهزمين = "مدبرين"، يقول: وليتموهم، الأدبار، وذلك الهزيمة. يخبرهم تبارك وتعالى أن النصر بيده ومن عنده، وأنه ليس
(١) الأثر: ١٦٥٧٢ - هو جزء من كتاب عروة، إلى عبد الملك بن مروان، الذي خرجته فيما سلف رقم: ١٦٠٨٣، ورواه الطبري في تاريخه، في أثناء خبر طويل ٢: ١٢٥.
(٢) انظر تفسير " أغنى " فيما سلف: ١٣: ٤٤٥، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٣٠.
(٢) انظر تفسير " أغنى " فيما سلف: ١٣: ٤٤٥، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٣٠.
179
بكثرة العدد وشدة البطش، وأنه ينصر القليلَ على الكثير إذا شاء، ويخلِّي الكثيرَ والقليلَ، فَيهْزِم الكثيرُ. (١)
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٧٤- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين)، حتى بلغ: (وذلك جزاء الكافرين)، قال: "حنين"، ماء بين مكة والطائف، قاتل عليها نبيُّ الله هوازن وثقيفَ، وعلى هوازن: مالك بن عوف أخو بني نصر، وعلى ثقيف: عبد يا ليل بن عمرو الثقفيّ. قال: وذُكر لنا أنه خرج يومئذ مع رسول الله ﷺ اثنا عشر ألفًا: عشرة آلافٍ من المهاجرين والأنصار، وألفان من الطُّلقَاء، وذكر لنا أنَّ رجلا قال يومئذٍ: "لن نغلب اليوم بكَثْرة"! قال: وذكر لنا أن الطُّلقَاء انجفَلوا يومئذ بالناس، (٢) وجلَوْا عن نبي الله ﷺ حتى نزل عن بغلته الشهباء. وذكر لنا أن نبيَّ الله قال: "أي رب، آتني ما وعدتني"! قال: والعباسُ آخذ بلجام بغلةِ رسول الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ناد يا معشر الأنصار، ويا معشر المهاجرين! "، فجعل ينادي الأنصار فَخِذًا فخِذًا، ثم قال: "نادِ بأصحاب سورة البقرة! ". (٣) قال: فجاء الناس عُنُقًا واحدًا. (٤) فالتفت نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم، وإذا عصابة من الأنصار، فقال: هل معكم غيركم؟ فقالوا: يا نبي الله، والله لو عمدت إلى بَرْك الغِمادِ من ذي يَمَنٍ
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٧٤- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين)، حتى بلغ: (وذلك جزاء الكافرين)، قال: "حنين"، ماء بين مكة والطائف، قاتل عليها نبيُّ الله هوازن وثقيفَ، وعلى هوازن: مالك بن عوف أخو بني نصر، وعلى ثقيف: عبد يا ليل بن عمرو الثقفيّ. قال: وذُكر لنا أنه خرج يومئذ مع رسول الله ﷺ اثنا عشر ألفًا: عشرة آلافٍ من المهاجرين والأنصار، وألفان من الطُّلقَاء، وذكر لنا أنَّ رجلا قال يومئذٍ: "لن نغلب اليوم بكَثْرة"! قال: وذكر لنا أن الطُّلقَاء انجفَلوا يومئذ بالناس، (٢) وجلَوْا عن نبي الله ﷺ حتى نزل عن بغلته الشهباء. وذكر لنا أن نبيَّ الله قال: "أي رب، آتني ما وعدتني"! قال: والعباسُ آخذ بلجام بغلةِ رسول الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ناد يا معشر الأنصار، ويا معشر المهاجرين! "، فجعل ينادي الأنصار فَخِذًا فخِذًا، ثم قال: "نادِ بأصحاب سورة البقرة! ". (٣) قال: فجاء الناس عُنُقًا واحدًا. (٤) فالتفت نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم، وإذا عصابة من الأنصار، فقال: هل معكم غيركم؟ فقالوا: يا نبي الله، والله لو عمدت إلى بَرْك الغِمادِ من ذي يَمَنٍ
(١) في المطبوعة: " ويخلي القليل فيهزم الكثير "؛ حذف بسوء رأيه فأفسد الكلام. وإنما أراد أن الله يخلي بين الكثير والقليل فلا ينصر القليل، فيهزم الكثير القليل، على ما جرت به العادة من غلبة الكثير على القليل.
(٢) " انجفل القوم عن رئيسهم "، ذعروا، فانقلعوا من حوله، ففروا مسرعين.
(٣) في المطبوعة: " ثم نادى بأصحاب سورة البقرة "، غير ما في المخطوطة عبثا.
(٤) قوله: " عنقا واحدا "، أي: جملة واحدة. ويقال: " جاء القوم عنقا عنقا "، أي: طائفة طائفة. ويقال: " هم عليه عنق "، أي: هم عليه إلب واحد.
(٢) " انجفل القوم عن رئيسهم "، ذعروا، فانقلعوا من حوله، ففروا مسرعين.
(٣) في المطبوعة: " ثم نادى بأصحاب سورة البقرة "، غير ما في المخطوطة عبثا.
(٤) قوله: " عنقا واحدا "، أي: جملة واحدة. ويقال: " جاء القوم عنقا عنقا "، أي: طائفة طائفة. ويقال: " هم عليه عنق "، أي: هم عليه إلب واحد.
180
لكنَّا مَعَك، (١) ثم أنزل الله نصره، وهزَمَ عدوّهم، وتراجع المسلمون. قال: وأخذ رسول الله كفًّا من تراب = أو: قبضةً من حَصْباء = فرمى بها وجوه الكفار، وقال: "شاهت الوجوه! "، فانهزموا. فلما جمع رسول الله ﷺ الغنائم، وأتى الجعرَّانة، فقسم بها مغانم حنين، وتألَّف أناسًا من الناس، فيهم أبو سفيان بن حرب، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، والأقرع بن حابس، فقالت الأنصار: "أمن الرجل وآثر قومه"! (٢) فبلغ ذلك رسول الله ﷺ وهو في قُبَّة له من أَدَم، فقال: "يا معشر الأنصار، ما هذا الذي بلغني؟ ألم تكونوا ضُلالا فهداكم الله، وكنتم أذلَّةً فأعزكم الله، وكنتم وكنتم! " قال: فقال سعد بن عبادة رحمه الله: ائذن لي فأتكلم! قال: تكلم. قال: أما قولك: "كنتم ضلالا فهداكم الله"، فكنا كذلك = "وكنتم أذلة فأعزكم الله"، فقد علمت العربُ ما كان حيٌّ من أحياء العرب أمنعَ لما وراء ظهورهم منَّا! فقال عمر: يا سعد أتدري من تُكلِّم! فقال: نعم أكلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، لو سلكَتِ الأنصارُ واديًا والناس واديًا لسكت وادي الأنصار، ولولا الهجرةُ لكنت امرءًا من الأنصار. وذكر لنا أن نبي الله ﷺ كان يقول: " الأنصار كَرِشي وَعَيْبتي، فاقبلوا من مُحِسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم". (٣) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الأنصار، أما ترضون أن ينقلب الناس بالإبل والشاء، وتنقلبون برسولِ الله إلى بيوتكم! فقالت الأنصار: رضينا عن الله ورسوله، والله ما قلنا ذلك إلا حرصا على رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ورسوله يصدِّقانكم ويعذِرَانكم". (٤)
١٦٥٧٥- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذكر لنا أن أمَّ رسول الله ﷺ التي أرضعته أو ظِئْره من بني سعد بن بكر، أتته فسألته سَبَايا يوم حنين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لا أملكهم، وإنما لي منهم نصيبي، ولكن ائتيني غدًا فسلِيني والناس عندي، فإني إذا أعطيتُك نصيبي أعطاك الناس. فجاءت الغد، فبسط لها ثوبًا، فقعدت عليه، ثم سألته، فأعطاها نصيبه. فلما رأى ذلك الناس أعطوْها أنصباءهم.
١٦٥٧٦- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة)، الآية: أن رجلا من أصحاب رسول الله ﷺ يوم حنين قال: يا رسول الله، لن نغلب اليوم من قِلّة! وأعجبته كثرة الناس، وكانوا اثني عشر ألفًا. فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوُكِلوا إلى كلمة الرجل، فانهزموا عن رسول الله، غير العباس، وأبي سفيان بن الحارث، وأيمن بن أم أيمن، قتل يومئذ بين يديه. فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين الأنصار؟ أين الذين بايعوا تحت الشجرة؟ فتراجع الناس، فأنزل الله الملائكة بالنصر، فهزموا المشركين يومئذٍ، وذلك قوله: (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودًا لم تروها)، الآية.
١٦٥٧٧- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن كثير بن عباس بن عبد المطلب، عن أبيه قال: لما كان يوم حنين، التقى المسلمون والمشركون، فولّى المسلمون يومئذٍ. قال: فلقد رأيتُ النبي ﷺ وما معه أحدٌ إلا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، آخذًا بغَرْزِ النبي صلى الله عليه وسلم، لا يألو ما أسرع نحو
١٦٥٧٥- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذكر لنا أن أمَّ رسول الله ﷺ التي أرضعته أو ظِئْره من بني سعد بن بكر، أتته فسألته سَبَايا يوم حنين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لا أملكهم، وإنما لي منهم نصيبي، ولكن ائتيني غدًا فسلِيني والناس عندي، فإني إذا أعطيتُك نصيبي أعطاك الناس. فجاءت الغد، فبسط لها ثوبًا، فقعدت عليه، ثم سألته، فأعطاها نصيبه. فلما رأى ذلك الناس أعطوْها أنصباءهم.
١٦٥٧٦- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة)، الآية: أن رجلا من أصحاب رسول الله ﷺ يوم حنين قال: يا رسول الله، لن نغلب اليوم من قِلّة! وأعجبته كثرة الناس، وكانوا اثني عشر ألفًا. فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوُكِلوا إلى كلمة الرجل، فانهزموا عن رسول الله، غير العباس، وأبي سفيان بن الحارث، وأيمن بن أم أيمن، قتل يومئذ بين يديه. فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين الأنصار؟ أين الذين بايعوا تحت الشجرة؟ فتراجع الناس، فأنزل الله الملائكة بالنصر، فهزموا المشركين يومئذٍ، وذلك قوله: (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودًا لم تروها)، الآية.
١٦٥٧٧- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن كثير بن عباس بن عبد المطلب، عن أبيه قال: لما كان يوم حنين، التقى المسلمون والمشركون، فولّى المسلمون يومئذٍ. قال: فلقد رأيتُ النبي ﷺ وما معه أحدٌ إلا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، آخذًا بغَرْزِ النبي صلى الله عليه وسلم، لا يألو ما أسرع نحو
(١) انظر ما سلف في تفسير " برك الغماد " رقم: ١٥٧٢٠.
(٢) في المطبوعة: " حن الرجل إلى قومه "، غير ما في المخطوطة بلا ورع.
(٣) " الكرش "، وعاء الطيب، و " العيبة " وعاء من أدم يكون فيه المتاع والثياب.
يقول: الأنصار خاصتي وموضع سري، أثق بهم، وأعتمد عليهم، وهم أنفس ما أحرز.
(٤) الأثر: ١٦٥٧٤ - رواه ابن سعد مختصرا في الطبقات ٤ / ١ / ١١، ١٢.
(٢) في المطبوعة: " حن الرجل إلى قومه "، غير ما في المخطوطة بلا ورع.
(٣) " الكرش "، وعاء الطيب، و " العيبة " وعاء من أدم يكون فيه المتاع والثياب.
يقول: الأنصار خاصتي وموضع سري، أثق بهم، وأعتمد عليهم، وهم أنفس ما أحرز.
(٤) الأثر: ١٦٥٧٤ - رواه ابن سعد مختصرا في الطبقات ٤ / ١ / ١١، ١٢.
181
المشركين. (١) قال: فأتيت حتى أخذتُ بلجامه، وهو على بغلةٍ له شهباء، فقال: يا عباس. ناد أصحابَ السمرة! وكنت رجلا صَيِّتًا، (٢) فأذَّنت بصوتي الأعلى: أين أصحاب السمرة! فالتفتوا كأنها الإبل إذا حُشِرت إلى أولادها، (٣) يقولون: "يا لبيك، يا لبَّيك، يا لبيك"، وأقبل المشركون. فالتقوا هم والمسلمون، وتنادت الأنصار: "يا معشر الأنصار"، ثم قُصرت الدعوة في بني الحارث بن الخزرج، فتنادوا: "يا بني الحارث بن الخزرج"، فنظر رسول الله ﷺ وهو على بغلته كالمتطاوِل، إلى قتالهم فقال: "هذا حين حَمِي الوَطِيس"! (٤) ثم أخذ بيده من الحصباء فرماهم بها، ثم قال: "انهزموا وربِّ الكعبة، انهزموا ورب الكعبة! " قال: فوالله ما زال أمرُهم مدبرًا، وحدُّهم كليلا حتى هزمهم الله، قال: فلكأنّي أنظر إلى رسول الله ﷺ يركُضُ خلفهم على بَغْلَتِه. (٥)
١٦٥٧٨- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب: أنهم أصابوا يومئذٍ ستة آلاف سَبْيٍ، ثم جاء قومهم مسلمين بعد ذلك، فقالوا: يا رسول الله: أنت خيرُ الناس، وأبرُّ الناس، وقد أخذت أبناءنا ونساءنا وأموالَنا! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن عندي من ترونَ! وإن خير القولِ أصدقُه، اختاروا: إما ذَراريكم ونساءكم، وإمّا أموالكم. قالوا: ما كنا نعدِل بالأحساب شيئًا! فقام رسول الله ﷺ فقال: إن هؤلاء جاءوني مسلمين، وإنا خيَّرناهم بين الذَّراريّ والأموال، فلم يعدلوا بالأحساب شيئًا، فمن كان بيده منهم شيء فطابت نفسُه أن يردَّه فليفعل ذلك، ومن لا فليُعْطِنا، وليكن قَرْضًا علينا حتى نصيب شيئًا، فنعطيه مكانه. فقالوا: يا نبي الله، رضينا وسلَّمنا! فقال: "إني لا أدري لعلَّ منكم من لا يرضَى، فَمُروا عرفاءكم فليرفعوا ذلك إلينا. فرفعتْ إليه العُرَفاء أن قد رضوا وسلموا. (٦)
١٦٥٧٩- حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا حماد بن سلمة قال، حدثنا يعلى بن عطاء، عن أبي همام، عن أبي عبد الرحمن = يعني الفهريّ = قال: كنت مع النبي ﷺ في غزوة حنين، فلما رَكَدت الشمس، (٧) لبستُ لأمَتي، (٨) وركبت فرسي، حتى أتيت النبي ﷺ وهو في ظِلّ شجرة، فقلت: يا رسول الله، قد حان الرَّواح، فقال: أجل! فنادى: "يا بِلال! يا بلال! " فقام بلال من تحت سمرة، فأقبل كأن ظله ظلُّ طير، فقال: لبيك وسعديك، ونفسي فداؤك، يا رسول الله! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أسرج فرسي! فأخرج سَرْجًا دَفَّتَاه حشْوهما ليفٌ، ليس فيهما أَشَرٌ
١٦٥٧٨- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب: أنهم أصابوا يومئذٍ ستة آلاف سَبْيٍ، ثم جاء قومهم مسلمين بعد ذلك، فقالوا: يا رسول الله: أنت خيرُ الناس، وأبرُّ الناس، وقد أخذت أبناءنا ونساءنا وأموالَنا! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن عندي من ترونَ! وإن خير القولِ أصدقُه، اختاروا: إما ذَراريكم ونساءكم، وإمّا أموالكم. قالوا: ما كنا نعدِل بالأحساب شيئًا! فقام رسول الله ﷺ فقال: إن هؤلاء جاءوني مسلمين، وإنا خيَّرناهم بين الذَّراريّ والأموال، فلم يعدلوا بالأحساب شيئًا، فمن كان بيده منهم شيء فطابت نفسُه أن يردَّه فليفعل ذلك، ومن لا فليُعْطِنا، وليكن قَرْضًا علينا حتى نصيب شيئًا، فنعطيه مكانه. فقالوا: يا نبي الله، رضينا وسلَّمنا! فقال: "إني لا أدري لعلَّ منكم من لا يرضَى، فَمُروا عرفاءكم فليرفعوا ذلك إلينا. فرفعتْ إليه العُرَفاء أن قد رضوا وسلموا. (٦)
١٦٥٧٩- حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا حماد بن سلمة قال، حدثنا يعلى بن عطاء، عن أبي همام، عن أبي عبد الرحمن = يعني الفهريّ = قال: كنت مع النبي ﷺ في غزوة حنين، فلما رَكَدت الشمس، (٧) لبستُ لأمَتي، (٨) وركبت فرسي، حتى أتيت النبي ﷺ وهو في ظِلّ شجرة، فقلت: يا رسول الله، قد حان الرَّواح، فقال: أجل! فنادى: "يا بِلال! يا بلال! " فقام بلال من تحت سمرة، فأقبل كأن ظله ظلُّ طير، فقال: لبيك وسعديك، ونفسي فداؤك، يا رسول الله! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أسرج فرسي! فأخرج سَرْجًا دَفَّتَاه حشْوهما ليفٌ، ليس فيهما أَشَرٌ
(١) " الغرز "، ركاب الدابة. و " لا يألو " لا يقصر.
(٢) " الصيت " (على وزن جيد) : البعيد الصوت العاليه.
(٣) في المطبوعة: " إذا حنت إلى أولادها "، غير ما في المخطوطة، و " الحشر "، الجمع.
وفي المراجع الأخرى: " لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها ". والذي في طبقات ابن سعد، موافق لما في المطبوعة.
(٤) " الوطيس ": حفرة تحتفر، فتوقد فيها النار، فإذا حميت يختبز فيها ويشوى، ويقال لها " الإرة " وهذا من بليغ الكلام، ولم تسمع هذه الكلمة من أحد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٥) الأثر: ١٦٥٧٧ - " كثير بن العباس بن عبد المطلب "، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد على عهد رسول الله، ولم يسمع منه، تابعي ثقة قليل الحديث. مترجم في التهذيب، والكبير ٤ / ١ / ٢٠٧، وابن أبي حاتم ٣ / ٢ / ١٥٣.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده رقم: ١٧٧٥ من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري. وفصل أخي السيد أحمد تخريجه هناك، ثم رقم: ١٧٧٦.
ورواه مسلم في صحيحه ١٢: ١١٣، من طريق يونس، عن الزهري. ثم رواه أيضا (١٢: ١١٧) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، ومن طريق سفيان بن عيينه عن الزهري.
ورواه الحاكم في المستدرك ٣: ٣٢٧، من طريق يونس، عن الزهري.
ورواه ابن سعد في الطبقات ٢ / ١ / ١١٢ = ٤ / ١ / ١١، الثاني طريق محمد بن عبد الله، عن عمه، عن ابن شهاب الزهري، والأول من طريق محمد بن حميد العبدي، عن معمر، عن الزهري.
ثم انظر تاريخ الطبري ٣: ١٢٨، حديث ابن إسحاق، في سيرة ابن هشام ٤: ٨٧، ٨٨.
(٦) الأثر: ١٦٥٧٨ - رواه ابن سعد في الطبقات ٢ / ١ / ١١٢. ٨٧، ٨٨.
(٧) " ركدت الشمس "، ثبتت، وذلك حين يقوم قائم الظهيرة.
(٨) " اللأمة " الدرع، وسلاح الحرب كله.
(٢) " الصيت " (على وزن جيد) : البعيد الصوت العاليه.
(٣) في المطبوعة: " إذا حنت إلى أولادها "، غير ما في المخطوطة، و " الحشر "، الجمع.
وفي المراجع الأخرى: " لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها ". والذي في طبقات ابن سعد، موافق لما في المطبوعة.
(٤) " الوطيس ": حفرة تحتفر، فتوقد فيها النار، فإذا حميت يختبز فيها ويشوى، ويقال لها " الإرة " وهذا من بليغ الكلام، ولم تسمع هذه الكلمة من أحد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٥) الأثر: ١٦٥٧٧ - " كثير بن العباس بن عبد المطلب "، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد على عهد رسول الله، ولم يسمع منه، تابعي ثقة قليل الحديث. مترجم في التهذيب، والكبير ٤ / ١ / ٢٠٧، وابن أبي حاتم ٣ / ٢ / ١٥٣.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده رقم: ١٧٧٥ من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري. وفصل أخي السيد أحمد تخريجه هناك، ثم رقم: ١٧٧٦.
ورواه مسلم في صحيحه ١٢: ١١٣، من طريق يونس، عن الزهري. ثم رواه أيضا (١٢: ١١٧) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، ومن طريق سفيان بن عيينه عن الزهري.
ورواه الحاكم في المستدرك ٣: ٣٢٧، من طريق يونس، عن الزهري.
ورواه ابن سعد في الطبقات ٢ / ١ / ١١٢ = ٤ / ١ / ١١، الثاني طريق محمد بن عبد الله، عن عمه، عن ابن شهاب الزهري، والأول من طريق محمد بن حميد العبدي، عن معمر، عن الزهري.
ثم انظر تاريخ الطبري ٣: ١٢٨، حديث ابن إسحاق، في سيرة ابن هشام ٤: ٨٧، ٨٨.
(٦) الأثر: ١٦٥٧٨ - رواه ابن سعد في الطبقات ٢ / ١ / ١١٢. ٨٧، ٨٨.
(٧) " ركدت الشمس "، ثبتت، وذلك حين يقوم قائم الظهيرة.
(٨) " اللأمة " الدرع، وسلاح الحرب كله.
183
ولا بَطَرٌ (١) قال: فركب النبي صلى الله عليه وسلم، فصافَفْناهم يومَنا وليلتنا، فلما التقى الخيلان ولَّى المسلمون مدبرين، كما قال الله. فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عباد الله، يا معشر المهاجرين! ". قال: ومال النبي ﷺ عن فرسه، فأخذ حَفْنَةً من تراب فرمى بها وجوههم، فولوا مدبرين = قال يعلى بن عطاء: فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا: ما بقي مِنَّا أحد إلا وقد امتلأت عيناه من ذلك التراب. (٢)
١٦٥٨٠- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء وسأله رجل من قيس: فَرَرتم عن رسول الله ﷺ يوم حنين؟ فقال البراء: لكن رسول الله لم يفرَّ، وكانت هَوازن يومئذ رُماةً، وإنَّا لما حملنا عليهم انكشَفُوا فأكبَبْنا على الغنائم، فاستقبلونا بالسِّهام، ولقد رأيتُ رسول الله ﷺ على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذٌ بلجامها وهو يقول:
١٦٥٨٠- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء وسأله رجل من قيس: فَرَرتم عن رسول الله ﷺ يوم حنين؟ فقال البراء: لكن رسول الله لم يفرَّ، وكانت هَوازن يومئذ رُماةً، وإنَّا لما حملنا عليهم انكشَفُوا فأكبَبْنا على الغنائم، فاستقبلونا بالسِّهام، ولقد رأيتُ رسول الله ﷺ على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذٌ بلجامها وهو يقول:
أَنَا النَّبِيُّ لا كَذِبْ | أَنَا ابْنُ عبدِ المُطَّلِبْ (٣) |
(١) " الأشر "، المرح والخيلاء. و " البطر "، الطغيان في النعمة من قلة احتمالها.
(٢) الأثر: ١٦٥٧٩ - " يعلى بن عطاء العامري الطائفي "، ثقة مضى برقم: ٢٨٥٨، ١١٥٢٧، ١١٥٢٩.
و" أبو همام " هو " عبد الله بن يسار "، روى عن عمرو بن حريث. وأبي عبد الرحمن الفهري. ثقة، مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٢ / ٢ / ٢٠٢.
و" أبو عبد الرحمن الفهري "، صحابي مختلف في اسمه، مترجم في الإصابة، والتهذيب، وأسد الغابة ٥: ٢٤٥، ٢٤٦، والاستيعاب: ٦٧٦.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٥: ٢٨٦ من طريق بهز عن حماد بن سلمة، ومن طريق عفان، عن حماد.
ورواه ابن سعد في الطبقات ٢ / ١ / ١١٢، ١١٣، من طريق عفان، عن حماد بن سلمة.
ورواه أبو داود في سننه ٤: ٤٨٥، ٤٨٦، برقم: ٥٢٣٣ من طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد مختصرا.
ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب ٦٧٦، بغير إسناد.
ورواه ابن الأثير في أسد الغابة من طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد.
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٦: ١٨١، ١٨٢، وقال: " رواه البزار، والطبراني، ورجالها ثقات ".
(٣) الأثران: ١٦٥٨٠، ١٦٥٨١ - خبر البراء بن عازب، رواه مسلم من طرق كثيرة في صحيحه ١٢: ١١٧ - ١٢١، ورواه من طريق شعبة، عن أبي إسحاق في ١٢: ١٢١.
ورواه البخاري في صحيحه (الفتح ٨: ٢٤) من طرق.
(٢) الأثر: ١٦٥٧٩ - " يعلى بن عطاء العامري الطائفي "، ثقة مضى برقم: ٢٨٥٨، ١١٥٢٧، ١١٥٢٩.
و" أبو همام " هو " عبد الله بن يسار "، روى عن عمرو بن حريث. وأبي عبد الرحمن الفهري. ثقة، مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٢ / ٢ / ٢٠٢.
و" أبو عبد الرحمن الفهري "، صحابي مختلف في اسمه، مترجم في الإصابة، والتهذيب، وأسد الغابة ٥: ٢٤٥، ٢٤٦، والاستيعاب: ٦٧٦.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٥: ٢٨٦ من طريق بهز عن حماد بن سلمة، ومن طريق عفان، عن حماد.
ورواه ابن سعد في الطبقات ٢ / ١ / ١١٢، ١١٣، من طريق عفان، عن حماد بن سلمة.
ورواه أبو داود في سننه ٤: ٤٨٥، ٤٨٦، برقم: ٥٢٣٣ من طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد مختصرا.
ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب ٦٧٦، بغير إسناد.
ورواه ابن الأثير في أسد الغابة من طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد.
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٦: ١٨١، ١٨٢، وقال: " رواه البزار، والطبراني، ورجالها ثقات ".
(٣) الأثران: ١٦٥٨٠، ١٦٥٨١ - خبر البراء بن عازب، رواه مسلم من طرق كثيرة في صحيحه ١٢: ١١٧ - ١٢١، ورواه من طريق شعبة، عن أبي إسحاق في ١٢: ١٢١.
ورواه البخاري في صحيحه (الفتح ٨: ٢٤) من طرق.
185
١٦٥٨١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: سأله رجل: يا أبا عُمارة، وليتم يوم حنين؟ فقال البراء وأنا أسمع: أشهد أن رسول الله لم يولِّ يومئذ دُبُره، وأبو سفيان يقود بغلته. فلما غشيه المشركون نزل فجعل يقول:
فما رُؤي يومئذ أحد من الناس كان أشدَّ منه.
١٦٥٨٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني جعفر بن سليمان، عن عوف الأعرابي، عن عبد الرحمن مولى أم برثن قال، حدثني رجل كان من المشركين يوم حنين قال: لما التقينا نحن وأصحابَ محمد عليه السلام، لم يقفوا لنا حَلَبَ شاةٍ أن كشفناهم، فبينا نحن نسوقهم، إذ انتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء، فتلقانا رجالٌ بيضٌ حسانُ الوجوه، فقالوا لنا: شاهت الوجوه، ارجعوا"! فرجعنا، وركبنا القوم، فكانت إياها. (١)
أَنَا النَّبِيُّ لا كَذِبْ | أَنَا ابْنُ عبدِ المُطَّلِبْ |
١٦٥٨٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني جعفر بن سليمان، عن عوف الأعرابي، عن عبد الرحمن مولى أم برثن قال، حدثني رجل كان من المشركين يوم حنين قال: لما التقينا نحن وأصحابَ محمد عليه السلام، لم يقفوا لنا حَلَبَ شاةٍ أن كشفناهم، فبينا نحن نسوقهم، إذ انتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء، فتلقانا رجالٌ بيضٌ حسانُ الوجوه، فقالوا لنا: شاهت الوجوه، ارجعوا"! فرجعنا، وركبنا القوم، فكانت إياها. (١)
(١) الأثر: ١٦٥٨٢ - " عبد الرحمن، مولى أم برثن "، هو " عبد الرحمن بن آدم، صاحب السقاية ". وكانت أم برثن تعالج الطيب، فأصابت غلاما لقطة، فربته حتى أدرك، وسمته عبد الرحمن، فكان مما يقال له " عبد الرحمن بن أم برثن "، وإنما قيل له: " عبد الرحمن بن آدم، نسب إلى أبي البشر جميعا، " آدم " عليه السلام، لم يكن يعرف له أب، وهو ثقة، مضى برقم: ٧١٤٥.
وكان في المخطوطة: " مولى برثن "، وهو خطأ، وانظر الخبر التالي رقم: ١٩٥٨٧ من طريق أخرى.
وقوله: " لم يقفوا لنا حلب شاة "، يعني: إلا قدر ما تحلب شاة، كناية من قلة الزمن، كما يقال: " فواق ناقة "، و " الفواق " ما بين الحلبتين إذا قبض الجانب على الضرع ثم أرسله.
قوله: " فكانت إياها "، يعني، فكانت الهزيمة التي تعلم. وفي حديث معاوية بن عطاء:
" كان معاوية رضي الله عنه إذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة كانت إياها ". قالوا: اسم " كان " ضمير " السجدة "، و " إياها " الخبر، أي: كانت هي هي، أي: كان يرفع منها وينهض قائما إلى الركعة الأخرى من غير أن يقعد قعدة الاستراحة.
وكان في المخطوطة: " مولى برثن "، وهو خطأ، وانظر الخبر التالي رقم: ١٩٥٨٧ من طريق أخرى.
وقوله: " لم يقفوا لنا حلب شاة "، يعني: إلا قدر ما تحلب شاة، كناية من قلة الزمن، كما يقال: " فواق ناقة "، و " الفواق " ما بين الحلبتين إذا قبض الجانب على الضرع ثم أرسله.
قوله: " فكانت إياها "، يعني، فكانت الهزيمة التي تعلم. وفي حديث معاوية بن عطاء:
" كان معاوية رضي الله عنه إذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة كانت إياها ". قالوا: اسم " كان " ضمير " السجدة "، و " إياها " الخبر، أي: كانت هي هي، أي: كان يرفع منها وينهض قائما إلى الركعة الأخرى من غير أن يقعد قعدة الاستراحة.
186
١٦٥٨٣- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد قال: أمدَّ الله نبيه ﷺ يوم حنين بخمسة آلاف من الملائكة مسوِّمين. قال: ويومئذ سمَّى الله الأنصار "مؤمنين". قال: (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم يَروها).
١٦٥٨٤- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا)، قال: كانوا اثني عشر ألفًا.
١٦٥٨٥- حدثنا محمد بن يزيد الأدَميّ قال، حدثنا معن بن عيسى، عن سعيد بن السائب الطائفي، عن أبيه، عن يزيد بن عامر قال: لما كانت انكشافةُ المسلمين حين انكشفوا يوم حنين، ضَرَب النبي ﷺ يَده إلى الأرض، فأخذ منها قبضة من تراب، فأقبل بها على المشركين وهم يتْبعون المسلمين، فحثَاها في وجوهم وقال: "ارجعوا: شاهت الوجوه! ". قال: فانصرفنا، ما يلقى أحدٌ أحدًا إلا وهو يمسَحُ القَذَى عن عينيه. (١)
١٦٥٨٤- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا)، قال: كانوا اثني عشر ألفًا.
١٦٥٨٥- حدثنا محمد بن يزيد الأدَميّ قال، حدثنا معن بن عيسى، عن سعيد بن السائب الطائفي، عن أبيه، عن يزيد بن عامر قال: لما كانت انكشافةُ المسلمين حين انكشفوا يوم حنين، ضَرَب النبي ﷺ يَده إلى الأرض، فأخذ منها قبضة من تراب، فأقبل بها على المشركين وهم يتْبعون المسلمين، فحثَاها في وجوهم وقال: "ارجعوا: شاهت الوجوه! ". قال: فانصرفنا، ما يلقى أحدٌ أحدًا إلا وهو يمسَحُ القَذَى عن عينيه. (١)
(١) الأثر: ١٦٥٨٥ - " محمد بن يزيد الأدمي الخراز "، شيخ الطبري، ثقة زاهد، مضى برقم: ٤٨٩٤.
و" معن بن عيسى الأشجعي، القزاز "، أحد أئمة الحديث، روى له الجماعة. مترجم في التهذيب، والكبير ٤ / ١ / ٣٩٠، وابن أبي حاتم ٤ / ١ / ٢٧٧.
و" سعيد بن السائب الطائفي "، ثقة، مضى برقم: ١٥٤٠٢.
وأبوه " السائب بن أبي حفص الطائفي "، ثقة، مترجم في الكبير ٢ / ٢ / ١٥٦، وابن أبي حاتم ٣ / ١ / ٢٤٥.
و" يزيد بن عامر السوائي " " أبو حاجز " صحابي، مترجم في التهذيب، والكبير ٤ / ٢ / ٣١٦، وابن أبي حاتم ٤ / ٢ / ٢٨١.
وهذا الخبر، رواه البخاري في تاريخه ٤ / ٢ / ٣١٦ من طريق إبراهيم بن المنذر، عن معن بن عيسى.
ورواه ابن الأثير في أسد الغابة ٥: ١١٥، ١١٦.
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد (٦: ١٨٢، ١٨٣)، حديثان، كما جاء هنا في التفسير، وقال في الأول والثاني " رواه الطبراني، ورجاله ثقات ".
و" معن بن عيسى الأشجعي، القزاز "، أحد أئمة الحديث، روى له الجماعة. مترجم في التهذيب، والكبير ٤ / ١ / ٣٩٠، وابن أبي حاتم ٤ / ١ / ٢٧٧.
و" سعيد بن السائب الطائفي "، ثقة، مضى برقم: ١٥٤٠٢.
وأبوه " السائب بن أبي حفص الطائفي "، ثقة، مترجم في الكبير ٢ / ٢ / ١٥٦، وابن أبي حاتم ٣ / ١ / ٢٤٥.
و" يزيد بن عامر السوائي " " أبو حاجز " صحابي، مترجم في التهذيب، والكبير ٤ / ٢ / ٣١٦، وابن أبي حاتم ٤ / ٢ / ٢٨١.
وهذا الخبر، رواه البخاري في تاريخه ٤ / ٢ / ٣١٦ من طريق إبراهيم بن المنذر، عن معن بن عيسى.
ورواه ابن الأثير في أسد الغابة ٥: ١١٥، ١١٦.
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد (٦: ١٨٢، ١٨٣)، حديثان، كما جاء هنا في التفسير، وقال في الأول والثاني " رواه الطبراني، ورجاله ثقات ".
187
١٦٥٨٦- وبه، عن يزيد بن عامر السُّوائي قال: قيل له: يا أبا حاجز، الرعب الذي ألقى الله في قلوب المشركين، ماذا وجدتم؟ قال: وكان أبو حاجز مع المشركين يوم حنين، فكان يأخذ الحصاة فيرمي بها في الطَّستِ فيطنُّ، ثم يقول: كان في أجوافِنَا مثل هذا! (١)
١٦٥٨٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسن بن عرفة قال، حدثني المعتمر بن سليمان، عن عوف قال، سمعت عبد الرحمن مولى أم برثن = أو: أم برثم = قال، حدثني رجل كان في المشركين يوم حنين، قال: لما التقينا نحن وأصحابَ رسول الله ﷺ يوم حنين، لم يقوموا لنا حَلَب شاة. قال: فلما كشفناهم جعلنا نسُوقهم في أدبارهم، حتى انتهينا إلى صاحب البغلة البيضاء، فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فتلقانا عندَه رجالٌ بيضٌ حسانُ الوجوه فقالوا لنا: "شاهت الوجوه، ارجعوا! "، قال: فانهزمنا، وركِبُوا أكتافنا، فكانت إيَّاهَا. (٢)
* * *
١٦٥٨٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسن بن عرفة قال، حدثني المعتمر بن سليمان، عن عوف قال، سمعت عبد الرحمن مولى أم برثن = أو: أم برثم = قال، حدثني رجل كان في المشركين يوم حنين، قال: لما التقينا نحن وأصحابَ رسول الله ﷺ يوم حنين، لم يقوموا لنا حَلَب شاة. قال: فلما كشفناهم جعلنا نسُوقهم في أدبارهم، حتى انتهينا إلى صاحب البغلة البيضاء، فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فتلقانا عندَه رجالٌ بيضٌ حسانُ الوجوه فقالوا لنا: "شاهت الوجوه، ارجعوا! "، قال: فانهزمنا، وركِبُوا أكتافنا، فكانت إيَّاهَا. (٢)
* * *
(١) ١٦٥٨٦ - مكرر الأثر السالف، وتخريجه هناك.
(٢) الأثر: ١٦٥٨٧ - " عبد الرحمن، مولى أم برثن، أو: أم برثم "، بإبدال النون ميما، مضى في الأثر رقم: ١٦٥٨٢، وكان في المطبوعة هنا: " أو: أم مريم "، وهو خطأ محض، وتصرف في رسم المخطوطة، وهي غير منقوطة.
(٢) الأثر: ١٦٥٨٧ - " عبد الرحمن، مولى أم برثن، أو: أم برثم "، بإبدال النون ميما، مضى في الأثر رقم: ١٦٥٨٢، وكان في المطبوعة هنا: " أو: أم مريم "، وهو خطأ محض، وتصرف في رسم المخطوطة، وهي غير منقوطة.
188
القول في تأويل قوله: ﴿ثُمَّ أَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (٢٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ثم من بعد ما ضاقت عليكم الأرض بما رحبت، وتوليتكم الأعداءَ أدباركم، كشف الله نازل البلاء عنكم، بإنزاله السكينة = وهي الأمنة والطمأنينة = عليكم.
* * *
= وقد بينا أنها "فعيلة"، من "السكون"، فيما مضى من كتابنا هذا قبل، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (١)
* * *
= (وأنزل جنودًا لم تروها)، وهي الملائكة التي ذكرتُ في الأخبار التي قد مضى ذكرها = (وعذب الذين كفروا)، يقول: وعذب الله الذين جحدوا وحدانيّته ورسالةَ رسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم، بالقتل وسَبْي الأهلين والذراريّ، وسلب الأموال والذلة = (وذلك جزاء الكافرين)، يقول: هذا الذي فعلنا بهم من القتل والسبي = (جزاء الكافرين)، يقول: هو ثواب أهل جحود وحدانيته ورسالة رسوله. (٢)
١٦٥٨٨- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وعذب الذين كفروا)، يقول: قتلهم بالسيف.
١٦٥٨٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو داود الحفري، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد: (وعذب الذين كفروا)، قال: بالهزيمة والقتل.
١٦٥٩٠- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين)، قال: من بَقي منهم.
* * *
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ثم من بعد ما ضاقت عليكم الأرض بما رحبت، وتوليتكم الأعداءَ أدباركم، كشف الله نازل البلاء عنكم، بإنزاله السكينة = وهي الأمنة والطمأنينة = عليكم.
* * *
= وقد بينا أنها "فعيلة"، من "السكون"، فيما مضى من كتابنا هذا قبل، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (١)
* * *
= (وأنزل جنودًا لم تروها)، وهي الملائكة التي ذكرتُ في الأخبار التي قد مضى ذكرها = (وعذب الذين كفروا)، يقول: وعذب الله الذين جحدوا وحدانيّته ورسالةَ رسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم، بالقتل وسَبْي الأهلين والذراريّ، وسلب الأموال والذلة = (وذلك جزاء الكافرين)، يقول: هذا الذي فعلنا بهم من القتل والسبي = (جزاء الكافرين)، يقول: هو ثواب أهل جحود وحدانيته ورسالة رسوله. (٢)
١٦٥٨٨- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وعذب الذين كفروا)، يقول: قتلهم بالسيف.
١٦٥٨٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو داود الحفري، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد: (وعذب الذين كفروا)، قال: بالهزيمة والقتل.
١٦٥٩٠- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين)، قال: من بَقي منهم.
* * *
(١) انظر تفسير " السكينة " فيما سلف ٣: ٦٦، ٧٠ /٥: ٣٢٦ - ٣٣٠.
(٢) انظر تفسير " الجزاء " فيما سلف من فهارس اللغة (جزى).
(٢) انظر تفسير " الجزاء " فيما سلف من فهارس اللغة (جزى).
القول في تأويل قوله: ﴿ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٧) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ثم يتفضل الله بتوفيقه للتوبة والإنابة إليه، من بعد عذابه الذي به عذَّب من هلك منهم قتلا بالسيف = (على من يشاء)، أي يتوب الله على من يشاء من الأحياء، يُقْبِل به إلى طاعته = (والله غفور)، لذنوب من أناب وتاب إليه منهم ومن غيرهم منها = (رحيم)، بهم، فلا يعذبهم بعد توبتهم، ولا يؤاخذهم بها بعد إنابتهم. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله وأقرُّوا بوحدانيته: ما المشركون إلا نَجَس.
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى "النجس"، وما السبب الذي من أجله سمَّاهم بذلك.
فقال بعضهم: سماهم بذلك، لأنهم يجنبون فلا يغتسلون، فقال: هم نجس،
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ثم يتفضل الله بتوفيقه للتوبة والإنابة إليه، من بعد عذابه الذي به عذَّب من هلك منهم قتلا بالسيف = (على من يشاء)، أي يتوب الله على من يشاء من الأحياء، يُقْبِل به إلى طاعته = (والله غفور)، لذنوب من أناب وتاب إليه منهم ومن غيرهم منها = (رحيم)، بهم، فلا يعذبهم بعد توبتهم، ولا يؤاخذهم بها بعد إنابتهم. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله وأقرُّوا بوحدانيته: ما المشركون إلا نَجَس.
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى "النجس"، وما السبب الذي من أجله سمَّاهم بذلك.
فقال بعضهم: سماهم بذلك، لأنهم يجنبون فلا يغتسلون، فقال: هم نجس،
(١) انظر تفسير " التوبة "، و " غفور " و " رحيم " فيما سلف من فهارس اللغة (توب)، (غفر)، (رحم).
190
ولا يقربوا المسجد الحرام = لأن الجنب لا ينبغي له أن يدخل المسجد.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٩١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، في قوله: (إنما المشركون نجس)، : لا أعلم قتادة إلا قال: "النجس"، الجنابة.
١٦٥٩٢- وبه، عن معمر قال: وبلغني أن النبي ﷺ لقي حذيفة، وأخذ النبيُّ ﷺ بيده، فقال حذيفة: يا رسول الله، إني جُنُب! فقال: إنّ المؤمن لا ينجُس.
١٦٥٩٣- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس)، أي: أجْنَابٌ.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ما المشركون إلا رِجْسُ خنزير أو كلب.
وهذا قولٌ رُوِي عن ابن عباس من وجه غير حميد، فكرهنا ذكرَه.
* * *
وقوله: (فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، يقول للمؤمنين: فلا تدعوهم أن يقربوا المسجد الحرام بدخولهم الحرَم. وإنما عنى بذلك منعَهم من دخول الحرم، لأنهم إذا دخلوا الحرم فقد قربوا المسجد الحرام.
* * *
وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك.
فقال بعضهم فيه نحو الذي قلناه.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٩٤- حدثنا بشر، وابن المثنى قالا حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال: قال عطاء: الحرمُ كله قبلةٌ ومسجد. قال: (فلا يقربوا المسجد الحرام)، لم يعن المسجدَ وحده، إنما عنى مكة والحرم. قال ذلك غير مرَّةٍ.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٩١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، في قوله: (إنما المشركون نجس)، : لا أعلم قتادة إلا قال: "النجس"، الجنابة.
١٦٥٩٢- وبه، عن معمر قال: وبلغني أن النبي ﷺ لقي حذيفة، وأخذ النبيُّ ﷺ بيده، فقال حذيفة: يا رسول الله، إني جُنُب! فقال: إنّ المؤمن لا ينجُس.
١٦٥٩٣- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس)، أي: أجْنَابٌ.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ما المشركون إلا رِجْسُ خنزير أو كلب.
وهذا قولٌ رُوِي عن ابن عباس من وجه غير حميد، فكرهنا ذكرَه.
* * *
وقوله: (فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، يقول للمؤمنين: فلا تدعوهم أن يقربوا المسجد الحرام بدخولهم الحرَم. وإنما عنى بذلك منعَهم من دخول الحرم، لأنهم إذا دخلوا الحرم فقد قربوا المسجد الحرام.
* * *
وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك.
فقال بعضهم فيه نحو الذي قلناه.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٩٤- حدثنا بشر، وابن المثنى قالا حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال: قال عطاء: الحرمُ كله قبلةٌ ومسجد. قال: (فلا يقربوا المسجد الحرام)، لم يعن المسجدَ وحده، إنما عنى مكة والحرم. قال ذلك غير مرَّةٍ.
191
وذكر عن عمر بن عبد العزيز في ذلك ما:-
١٦٥٩٥- حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير قال، حدثني الوليد بن مسلم قال، حدثنا أبو عمرو: أن عمر بن عبد العزيز كتب: "أنِ آمنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين"، وأَتْبَعَ في نهيه قولَ الله: (إنما المشركون نجس).
١٦٥٩٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن الحسن: (إنما المشركون نجس)، قال: لا تصافحوهم، فمن صافحَهم فليتوضَّأ.
* * *
وأما قوله: (بعد عامهم هذا)، فإنه يعني: بعد العام الذي نادَى فيه علي رحمة الله عليه ببراءة، وذلك عام حجَّ بالناس أبو بكر، وهي سنة تسع من الهجرة، كما:-
١٦٥٩٧- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، وهو العام الذي حجّ فيه أبو بكر، ونادى عليّ رحمة الله عليهما بالأذان، وذلك لتسع سنين مضين من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحجَّ نبيُّ الله ﷺ من العام المقبل حجّة الوداع، لم يحجَّ قبلها ولا بعدها.
* * *
وقوله: (وإن خفتم عيلة)، يقول للمؤمنين: وإن خفتم فاقَةً وفقرًا، بمنع المشركين من أن يقربوا المسجد الحرام = (فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء).
* * *
يقال منه: عال يَعِيلُ عَيْلَةً وعُيُولا ومنه قول الشاعر: (١)
١٦٥٩٥- حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير قال، حدثني الوليد بن مسلم قال، حدثنا أبو عمرو: أن عمر بن عبد العزيز كتب: "أنِ آمنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين"، وأَتْبَعَ في نهيه قولَ الله: (إنما المشركون نجس).
١٦٥٩٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن الحسن: (إنما المشركون نجس)، قال: لا تصافحوهم، فمن صافحَهم فليتوضَّأ.
* * *
وأما قوله: (بعد عامهم هذا)، فإنه يعني: بعد العام الذي نادَى فيه علي رحمة الله عليه ببراءة، وذلك عام حجَّ بالناس أبو بكر، وهي سنة تسع من الهجرة، كما:-
١٦٥٩٧- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، وهو العام الذي حجّ فيه أبو بكر، ونادى عليّ رحمة الله عليهما بالأذان، وذلك لتسع سنين مضين من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحجَّ نبيُّ الله ﷺ من العام المقبل حجّة الوداع، لم يحجَّ قبلها ولا بعدها.
* * *
وقوله: (وإن خفتم عيلة)، يقول للمؤمنين: وإن خفتم فاقَةً وفقرًا، بمنع المشركين من أن يقربوا المسجد الحرام = (فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء).
* * *
يقال منه: عال يَعِيلُ عَيْلَةً وعُيُولا ومنه قول الشاعر: (١)
وَمَا يَدْرِي الفَقِيرُ مَتَى غِنَاه | وَمَا يَدْرِي الغَنِيُّ مَتَى يَعِيلُ (٢) |
(١) هو أحيحة بن الجلاح.
(٢) سلف البيت وتخريجه وشرحه، فيما سلف ٧: ٤٥٩، وانظر مجاز القرآن ١: ٢٥٥.
(٢) سلف البيت وتخريجه وشرحه، فيما سلف ٧: ٤٥٩، وانظر مجاز القرآن ١: ٢٥٥.
192
وقد حكي عن بعضهم أنّ من العرب من يقولُ في الفاقة: "عال يعول" بالواو. (١)
* * *
وذكر عن عمرو بن فائد أنه كان تأوّل قوله (٢) (وإن خفتم عيلة)، بمعنى: وإذ خفتم. ويقول: كان القوم قد خافُوا، وذلك نحو قول القائل لأبيه: "إن كنت أبي فأكرمني"، بمعنى: إذ كنت أبي.
* * *
وإنما قيل ذلك لهم، لأن المؤمنين خافوا بانقطاع المشركين عن دخول الحرم، انقطاع تجاراتهم، ودخول ضرر عليهم بانقطاع ذلك. وأمَّنهم الله من العيلة، وعوَّضهم مما كانوا يكرهون انقطاعه عنهم، ما هو خير لهم منه، وهو الجزية، فقال لهم: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ)، إلى: (صَاغِرُون).
* * *
وقال قوم: بإدرار المطر عليهم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٩٨- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثنى معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، قال: لما نَفَى الله المشركين عن المسجد الحرام، ألقى الشيطان في قلوب المؤمنين الحَزَن، قال: من أين تأكلون، وقد نُفِيَ المشركون وانقطعت عنهم العيرُ! (٣) فقال الله: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من
* * *
وذكر عن عمرو بن فائد أنه كان تأوّل قوله (٢) (وإن خفتم عيلة)، بمعنى: وإذ خفتم. ويقول: كان القوم قد خافُوا، وذلك نحو قول القائل لأبيه: "إن كنت أبي فأكرمني"، بمعنى: إذ كنت أبي.
* * *
وإنما قيل ذلك لهم، لأن المؤمنين خافوا بانقطاع المشركين عن دخول الحرم، انقطاع تجاراتهم، ودخول ضرر عليهم بانقطاع ذلك. وأمَّنهم الله من العيلة، وعوَّضهم مما كانوا يكرهون انقطاعه عنهم، ما هو خير لهم منه، وهو الجزية، فقال لهم: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ)، إلى: (صَاغِرُون).
* * *
وقال قوم: بإدرار المطر عليهم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٩٨- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثنى معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، قال: لما نَفَى الله المشركين عن المسجد الحرام، ألقى الشيطان في قلوب المؤمنين الحَزَن، قال: من أين تأكلون، وقد نُفِيَ المشركون وانقطعت عنهم العيرُ! (٣) فقال الله: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من
(١) انظر تفسير " عال " فيما سلف ٧: ٥٤٨، ٥٤٩.
(٢) " عمرو بن فائد "، أبو علي الأسواري، وردت عنه الرواية في حروف من القرآن.
مترجم في طبقات القراء ١: ٦٠٢ رقم: ٢٤٦٢، وابن أبي حاتم ٣ / ١ / ٢٥٣، ولسان الميزان ٤: ٣٧٢، وميزان الاعتدال، ٢: ٢٩٨، وهو في الحديث ليس بشيء، بل هو منكر الحديث، متروك.
(٣) في المطبوعة: " وانقطعت عنكم " وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب.
(٢) " عمرو بن فائد "، أبو علي الأسواري، وردت عنه الرواية في حروف من القرآن.
مترجم في طبقات القراء ١: ٦٠٢ رقم: ٢٤٦٢، وابن أبي حاتم ٣ / ١ / ٢٥٣، ولسان الميزان ٤: ٣٧٢، وميزان الاعتدال، ٢: ٢٩٨، وهو في الحديث ليس بشيء، بل هو منكر الحديث، متروك.
(٣) في المطبوعة: " وانقطعت عنكم " وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب.
193
فضله إن شاء)، فأمرهم بقتال أهل الكتاب، وأغناهم من فضله.
١٦٥٩٩- حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة في قوله: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، قال: كان المشركون يجيئون إلى البيت، ويجيئون معهم بالطعام، وَيتَّجرون فيه. فلما نُهُوا أن يأتوا البيت، قال المسلمون: من أين لنا طعام؟ فأنزل الله: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء)، فأنزل عليهم المطر، وكثر خيرهم، حتى ذهب عنهم المشركون.
١٦٦٠٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن علي بن صالح، عن سماك، عن عكرمة: (إنما المشركون نجس)، الآية = ثم ذكر نحو حديث هنّاد، عن أبي الأحوص.
١٦٦٠١- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن واقد، عن سعيد بن جبير قال: لما نزلت: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: مَنْ يأتينا بطعامنا، ومن يأتينا بالمتاع؟ فنزلت: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء). (١)
١٦٦٠٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن واقد مولى زيد بن خليدة، عن سعيد بن جبير، قال: كان المشركون يقدَمون عليهم بالتجارة، فنزلت هذه الآية: (إنما المشركون نجس)، إلى قوله: (عيلة)، قال: الفقر = (فسوف يغنيكم الله من فضله).
١٦٦٠٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن عطية العوفي قال: قال المسلمون: قد كنّا نصيب من تجارتهم وبِياعاتهم،
١٦٥٩٩- حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة في قوله: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، قال: كان المشركون يجيئون إلى البيت، ويجيئون معهم بالطعام، وَيتَّجرون فيه. فلما نُهُوا أن يأتوا البيت، قال المسلمون: من أين لنا طعام؟ فأنزل الله: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء)، فأنزل عليهم المطر، وكثر خيرهم، حتى ذهب عنهم المشركون.
١٦٦٠٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن علي بن صالح، عن سماك، عن عكرمة: (إنما المشركون نجس)، الآية = ثم ذكر نحو حديث هنّاد، عن أبي الأحوص.
١٦٦٠١- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن واقد، عن سعيد بن جبير قال: لما نزلت: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: مَنْ يأتينا بطعامنا، ومن يأتينا بالمتاع؟ فنزلت: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء). (١)
١٦٦٠٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن واقد مولى زيد بن خليدة، عن سعيد بن جبير، قال: كان المشركون يقدَمون عليهم بالتجارة، فنزلت هذه الآية: (إنما المشركون نجس)، إلى قوله: (عيلة)، قال: الفقر = (فسوف يغنيكم الله من فضله).
١٦٦٠٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن عطية العوفي قال: قال المسلمون: قد كنّا نصيب من تجارتهم وبِياعاتهم،
(١) الأثران: ١٦٦٠١، ١٦٦٠٢ - " واقد، ولي زيد بن خليدة "، ثقة، سلف برقم: ١١٤٥٠.
194
فنزلت: (إنما المشركون نجس)، إلى قوله: (من فضله).
١٦٦٠٤- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت أبي =أحسِبه قال: أنبأنا أبو جعفر، عن عطية، قال: لما قيل: ولا يحج بعد العام مشرك! قالوا: قد كنا نصيب من بياعاتهم في الموسم. قال: فنزلت: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، يعني: بما فاتهم من بياعاتهم.
١٦٦٠٥- حدثنا أبو كريب وابن وكيع، قالا حدثنا ابن يمان، عن أبي سنان، عن ثابت، عن الضحاك: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، قال: الجزية.
١٦٦٠٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن يمان وأبو معاوية، عن أبي سنان، عن ثابت، عن الضحاك، قال: أخرج المشركون من مكة، فشقَّ ذلك على المسلمين وقالوا: كنا نُصيب منهم التجارة والميرة. فأنزل الله: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر)،
١٦٦٠٧- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، كان ناس من المسلمين يتألَّفون العير; فلما نزلت "براءة" بقتال المشركين حيثما ثقفوا، وأن يقعدُوا لهم كل مرصد، قذف الشيطان في قلوب المؤمنين: فمن أين تعيشون وقد أمرتم بقتال أهل العير؟ فعلم الله من ذلك ما علم، فقال: أطيعوني، وامضوا لأمري، وأطيعوا رسولي، فإني سوف أغنيكم من فضلي. فتوكل لهم الله بذلك.
١٦٦٠٨- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (إنما المشركون نجس)، إلى قوله: (فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء)، قال: قال المؤمنون: كنا نصيب
١٦٦٠٤- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت أبي =أحسِبه قال: أنبأنا أبو جعفر، عن عطية، قال: لما قيل: ولا يحج بعد العام مشرك! قالوا: قد كنا نصيب من بياعاتهم في الموسم. قال: فنزلت: (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، يعني: بما فاتهم من بياعاتهم.
١٦٦٠٥- حدثنا أبو كريب وابن وكيع، قالا حدثنا ابن يمان، عن أبي سنان، عن ثابت، عن الضحاك: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، قال: الجزية.
١٦٦٠٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن يمان وأبو معاوية، عن أبي سنان، عن ثابت، عن الضحاك، قال: أخرج المشركون من مكة، فشقَّ ذلك على المسلمين وقالوا: كنا نُصيب منهم التجارة والميرة. فأنزل الله: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر)،
١٦٦٠٧- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، كان ناس من المسلمين يتألَّفون العير; فلما نزلت "براءة" بقتال المشركين حيثما ثقفوا، وأن يقعدُوا لهم كل مرصد، قذف الشيطان في قلوب المؤمنين: فمن أين تعيشون وقد أمرتم بقتال أهل العير؟ فعلم الله من ذلك ما علم، فقال: أطيعوني، وامضوا لأمري، وأطيعوا رسولي، فإني سوف أغنيكم من فضلي. فتوكل لهم الله بذلك.
١٦٦٠٨- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (إنما المشركون نجس)، إلى قوله: (فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء)، قال: قال المؤمنون: كنا نصيب
195
من متاجر المشركين! فوعدهم الله أن يغنيهم من فضله، عوضًا لهم بأن لا يقربوهم المسجد الحرام. فهذه الآية مع أول "براءة" في القراءة، ومع آخرها في التأويل (١) (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر)، إلى قوله: (عن يد وهم صاغرون)، حين أمر محمد وأصحابه بغزْوة تبوك.
١٦٦٠٩- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.
١٦٦٠٩م- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: لما نفى الله المشركين عن المسجد الحرام، شقَّ ذلك على المسلمين، وكانوا يأتون بِبَيْعَات ينتفع بذلك المسلمون. (٢) فأنزل الله تعالى ذكره: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، فأغناهم بهذا الخراج، الجزيةَ الجاريةَ عليهم، يأخذونها شهرًا شهرًا، عامًا عامًا، فليس لأحد من المشركين أن يقرب المسجد الحرام بعد عامهم بحالٍ، إلا صاحب الجزية، أو عبد رجلٍ من المسلمين.
١٦٦١٠- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرنا أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في قوله: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، إلا أن يكون عبدًا أو أحدًا من أهل الذمّة.
١٦٦١١-...... قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، قال: إلا صاحب جزية، أو عبد لرجلٍ من المسلمين.
١٦٦١٢- حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال، حدثنا حجاج، عن
١٦٦٠٩- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.
١٦٦٠٩م- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: لما نفى الله المشركين عن المسجد الحرام، شقَّ ذلك على المسلمين، وكانوا يأتون بِبَيْعَات ينتفع بذلك المسلمون. (٢) فأنزل الله تعالى ذكره: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، فأغناهم بهذا الخراج، الجزيةَ الجاريةَ عليهم، يأخذونها شهرًا شهرًا، عامًا عامًا، فليس لأحد من المشركين أن يقرب المسجد الحرام بعد عامهم بحالٍ، إلا صاحب الجزية، أو عبد رجلٍ من المسلمين.
١٦٦١٠- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرنا أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في قوله: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، إلا أن يكون عبدًا أو أحدًا من أهل الذمّة.
١٦٦١١-...... قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، قال: إلا صاحب جزية، أو عبد لرجلٍ من المسلمين.
١٦٦١٢- حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال، حدثنا حجاج، عن
(١) في المطبوعة: " من أول براءة... ومن آخرها "، وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب محض.
(٢) في المطبوعة: " ببياعات "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: " ببياعات "، وأثبت ما في المخطوطة.
196
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. قال، أخبرني أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في هذه الآية: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام)، إلا أن يكون عبدًا، أو أحدًا من أهل الجزية.
١٦٦١٣- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، قال: أغناهم الله بالجزية الجارية شهرًا فشهرًا، وعامًا فعامًا.
١٦٦١٤- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا عباد بن العوام، عن الحجاج، عن أبي الزبير، عن جابر: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، قال: لا يقرب المسجد الحرام بعد عامه هذا مشركٌ ولا ذميٌّ.
١٦٦١٥- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة)، وذلك أن الناس قالوا: لتقطعنَّ عنا الأسواق، ولتهلكن التجارة، وليذهبنّ ما كنا نصيب فيها من المَرافق! (١) فقال الله عز وجل: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، من وجه غير ذلك = (إن شاء)، إلى قوله: (وهم صاغرون)، ففي هذا عوَض مما تخوَّفتم من قطع تلك الأسواق، فعوَّضهم الله بما قطع عنهم من أمر الشرك، ما أعطَاهم من أعْناق أهلِ الكتاب من الجزية. (٢)
* * *
وأما قوله: (إن الله عليم حكيم)، فإن معناه: (إن الله عليم)، بما حدثتكم به أنفسكم، أيها المؤمنون، من خوف العيلة عليها بمنع المشركين من أن يقربوا
١٦٦١٣- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، قال: أغناهم الله بالجزية الجارية شهرًا فشهرًا، وعامًا فعامًا.
١٦٦١٤- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا عباد بن العوام، عن الحجاج، عن أبي الزبير، عن جابر: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، قال: لا يقرب المسجد الحرام بعد عامه هذا مشركٌ ولا ذميٌّ.
١٦٦١٥- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة)، وذلك أن الناس قالوا: لتقطعنَّ عنا الأسواق، ولتهلكن التجارة، وليذهبنّ ما كنا نصيب فيها من المَرافق! (١) فقال الله عز وجل: (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله)، من وجه غير ذلك = (إن شاء)، إلى قوله: (وهم صاغرون)، ففي هذا عوَض مما تخوَّفتم من قطع تلك الأسواق، فعوَّضهم الله بما قطع عنهم من أمر الشرك، ما أعطَاهم من أعْناق أهلِ الكتاب من الجزية. (٢)
* * *
وأما قوله: (إن الله عليم حكيم)، فإن معناه: (إن الله عليم)، بما حدثتكم به أنفسكم، أيها المؤمنون، من خوف العيلة عليها بمنع المشركين من أن يقربوا
(١) في المطبوعة: " فنزل: وإن خفتم "، ولم تكن " فنزل " في المخطوطة، سها الكاتب وتجاوز ما كان ينقل منه، وأثبته من نص ابن إسحاق في سيرة ابن هشام.
(٢) الأثر: ١٦٦١٥ - سيرة ابن هشام ٤: ١٩٢، ١٩٣، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٥٥٦.
(٢) الأثر: ١٦٦١٥ - سيرة ابن هشام ٤: ١٩٢، ١٩٣، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٥٥٦.
197
المسجد الحرام، وغير ذلك من مصالح عباده = (حكيم)، في تدبيره إياهم، وتدبير جميع خلقه. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم: (قاتلوا)، أيها المؤمنون، القومَ = (الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر)، يقول: ولا يصدّقون بجنة ولا نار (٢) = (ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق)، يقول: ولا يطيعون الله طاعة الحقِّ، يعني: أنهم لا يطيعون طاعةَ أهل الإسلام (٣) = (من الذين أوتوا الكتاب)، وهم اليهود والنصارَى.
* * *
وكل مطيع ملكًا وذا سلطانٍ، فهو دائنٌ له. يقال منه: دان فلان لفلان فهو يدين له، دينًا"، قال زهير:
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم: (قاتلوا)، أيها المؤمنون، القومَ = (الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر)، يقول: ولا يصدّقون بجنة ولا نار (٢) = (ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق)، يقول: ولا يطيعون الله طاعة الحقِّ، يعني: أنهم لا يطيعون طاعةَ أهل الإسلام (٣) = (من الذين أوتوا الكتاب)، وهم اليهود والنصارَى.
* * *
وكل مطيع ملكًا وذا سلطانٍ، فهو دائنٌ له. يقال منه: دان فلان لفلان فهو يدين له، دينًا"، قال زهير:
لَئِنَ حَلَلْتَ بِجَوٍّ فِي بَنِي أَسَدٍ | فِي دِينِ عَمْرٍو وَحَالَتْ بَيْنَنا فَدَكُ (٤) |
(١) انظر تفسير " عليم " و " حكيم " فيما سلف من فهارس اللغة (علم)، (حكم).
(٢) انظر تفسير " اليوم الآخر " فيما سلف من فهارس اللغة (أخر).
(٣) انظر تفسير " الدين " فيما سلف ١: ١٥٥ /٣: ٥٧١ / ٩: ٥٢٢.
(٤) ديوانه: ١٨٣، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٨٦، من قصيدة من جيد الكلام، أنذر بها الحارث بن ورقاء الصيداوي، من بني أسد، وكان أغار على بني عبد الله بن غطفان، فغنم، واستاق إبل زهير، وراعيه يسارا:
و" جو " اسم لمواضع كثيرة في الجزيرة، وهذا " الجو " هنا في ديار بني أسد. و " عمرو "، هو: " عمرو بن هند بن المنذر بن ماء السماء "، و " فدك " قرية مشهورة بالحجاز، لها ذكر في السير كثير.
(٢) انظر تفسير " اليوم الآخر " فيما سلف من فهارس اللغة (أخر).
(٣) انظر تفسير " الدين " فيما سلف ١: ١٥٥ /٣: ٥٧١ / ٩: ٥٢٢.
(٤) ديوانه: ١٨٣، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٨٦، من قصيدة من جيد الكلام، أنذر بها الحارث بن ورقاء الصيداوي، من بني أسد، وكان أغار على بني عبد الله بن غطفان، فغنم، واستاق إبل زهير، وراعيه يسارا:
يا حَارِ، لا أُرْمَيَنْ مِنْكُمْ بِدَاهِيَةٍ | لَمْ يَلْقَهَا سُوقَةٌ قَبْلِي ولا مَلِكُ |
فَارْدُدْ يَسَارًا، وَلا تَعْنُفْ عَلَيَّ وَلا | تَمْعَكْ بِعِرْضِكَ إِن الغَادِرَ المَعِكَ |
وَلا تَكُونَنْ كَأَقْوَامٍ عَلِمْتَهُمُ | يَلْوُونَ مَا عَنْدَهُمْ حَتَّى إذَا نَهِكُوا |
طَابْتْ نُفُوسُهُمُ عَنْ حَقِّ خَصْمِهِمْ | مَخَافَهُ الشَّرِّ، فَارْتَدُّوا لِمَا تَرَكُوا |
هَا، لَعَمْرُ اللهِ ذَا ; قَسَمًا | فَاقْصِدْ بِذَرْعِكَ، وانْظُرْ أَيْنَ تَنْسَلِكَ |
لَئِنْ حَلَلْتَ............ | ................... |
لَيَأتِيَنَّكَ مِنِّي مَنْطِقٌ قَذَعٌ | بَاقٍ، كَمَا دَنَّسَ القُبْطِيَّةَ الوَدَكُ |
198
وقوله: (من الذين أوتوا الكتاب)، يعني: الذين أعطوا كتاب الله، (١) وهم أهل التوراة والإنجيل = (حتى يعطوا الجزية).
* * *
و"الجزية": الفِعْلة من: "جزى فلان فلانًا ما عليه"، إذا قضاه، "يجزيه"، و"الجِزْية" مثل "القِعْدة" و"الجِلْسة".
* * *
ومعنى الكلام: حتى يعطوا الخراجَ عن رقابهم، الذي يبذلونه للمسلمين دَفْعًا عنها.
* * *
وأما قوله: (عن يد)، فإنه يعني: من يده إلى يد من يدفعه إليه.
* * *
وكذلك تقول العرب لكل معطٍ قاهرًا له، شيئًا طائعًا له أو كارهًا: "أعطاه عن يده، وعن يد". وذلك نظير قولهم: "كلمته فمًا لفمٍ"، و"لقيته كَفَّةً
* * *
و"الجزية": الفِعْلة من: "جزى فلان فلانًا ما عليه"، إذا قضاه، "يجزيه"، و"الجِزْية" مثل "القِعْدة" و"الجِلْسة".
* * *
ومعنى الكلام: حتى يعطوا الخراجَ عن رقابهم، الذي يبذلونه للمسلمين دَفْعًا عنها.
* * *
وأما قوله: (عن يد)، فإنه يعني: من يده إلى يد من يدفعه إليه.
* * *
وكذلك تقول العرب لكل معطٍ قاهرًا له، شيئًا طائعًا له أو كارهًا: "أعطاه عن يده، وعن يد". وذلك نظير قولهم: "كلمته فمًا لفمٍ"، و"لقيته كَفَّةً
(١) انظر تفسير " الإيتاء " فيما سلف من فهارس اللغة (أتى).
199
لكَفَّةٍ، (١) وكذلك: "أعطيته عن يدٍ ليد".
* * *
وأما قوله: (وهم صاغرون)، فإن معناه: وهم أذلاء مقهورون.
* * *
يقال للذليل الحقير: "صاغر". (٢)
* * *
وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله ﷺ في أمره بحرب الروم، فغزا رسول الله ﷺ بعد نزولها غزوة تبوك.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦١٦- حدثني محمد بن عروة قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)، حين أمر محمدٌ وأصحابه بغزوة تبوك.
١٦٦١٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه.
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى "الصغار"، الذي عناه الله في هذا الموضع.
فقال بعضهم: أن يعطيها وهو قائمٌ، والآخذ جالسٌ.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦١٨- حدثني عبد الرحمن بن بشر النيسابوري قال، حدثنا سفيان، عن أبي سعد، عن عكرمة: (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)، قال:
* * *
وأما قوله: (وهم صاغرون)، فإن معناه: وهم أذلاء مقهورون.
* * *
يقال للذليل الحقير: "صاغر". (٢)
* * *
وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله ﷺ في أمره بحرب الروم، فغزا رسول الله ﷺ بعد نزولها غزوة تبوك.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦١٦- حدثني محمد بن عروة قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)، حين أمر محمدٌ وأصحابه بغزوة تبوك.
١٦٦١٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه.
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى "الصغار"، الذي عناه الله في هذا الموضع.
فقال بعضهم: أن يعطيها وهو قائمٌ، والآخذ جالسٌ.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦١٨- حدثني عبد الرحمن بن بشر النيسابوري قال، حدثنا سفيان، عن أبي سعد، عن عكرمة: (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)، قال:
(١) يقال: " لقيته كفة كفة " (بفتح الكاف، ونصب التاء)، إذا استقبلته مواجهته، كأن كل واحد منهما قد كف صاحبه عن مجاوزته إلى غيره ومنعه. وانظر تفصيل ذلك في مادته في لسان العرب (كفف).
(٢) انظر تفسير " الصغار " فيما سلف ١٣: ٢٢، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " الصغار " فيما سلف ١٣: ٢٢، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
200
أي تأخذها وأنت جالس، وهو قائم. (١)
* * *
وقال آخرون: معنى قوله: (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)، عن أنفسهم، بأيديهم يمشون بها، وهم كارهون، وذلك قولٌ رُوي عن ابن عباس، من وجهٍ فيه نظر.
* * *
وقال آخرون: إعطاؤهم إياها، هو الصغار.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠) ﴾
قال أبو جعفر: واختلف أهل التأويل في القائل: (عزير ابن الله).
فقال بعضهم: كان ذلك رجلا واحدًا، هو فِنْحاص.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦١٩- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير قوله: (وقالت اليهود عزير ابن الله)، قال: قالها رجل واحد، قالوا: إن اسمه فنحاص. وقالوا: هو الذي قال: (إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ)، [سورة آل عمران: ١٨١].
* * *
وقال آخرون: معنى قوله: (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)، عن أنفسهم، بأيديهم يمشون بها، وهم كارهون، وذلك قولٌ رُوي عن ابن عباس، من وجهٍ فيه نظر.
* * *
وقال آخرون: إعطاؤهم إياها، هو الصغار.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠) ﴾
قال أبو جعفر: واختلف أهل التأويل في القائل: (عزير ابن الله).
فقال بعضهم: كان ذلك رجلا واحدًا، هو فِنْحاص.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦١٩- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير قوله: (وقالت اليهود عزير ابن الله)، قال: قالها رجل واحد، قالوا: إن اسمه فنحاص. وقالوا: هو الذي قال: (إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ)، [سورة آل عمران: ١٨١].
(١) الأثر: ١٦٦١٨ - " عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري "، شيخ الطبري، ثقة، من شيوخ البخاري، مضى برقم: ١٣٨٠٥.
وفي المطبوعة: " عن ابن سعد "، وهو خطأ، خالف ما في المخطوطة وانظر " أبا سعد " في فهرس الرجال.
وفي المطبوعة: " عن ابن سعد "، وهو خطأ، خالف ما في المخطوطة وانظر " أبا سعد " في فهرس الرجال.
201
وقال آخرون: بل كان ذلك قول جماعة منهم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٢٠- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس قال: أتى رسولَ الله ﷺ سَلامُ بن مشكم، ونعمانُ بن أوفى، (١) وشأسُ بن قيس، ومالك بن الصِّيف، فقالوا: كيف نتّبعك وقد تركت قِبْلتنا، وأنت لا تزعم أنّ عزيرًا ابن الله؟ فأنزل في ذلك من قولهم: (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله)، إلى: (أنى يؤفكون). (٢)
١٦٦٢١- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (وقالت اليهود عزير ابن الله)، وإنما قالوا: هو ابن الله من أجل أن عُزَيرًا كان في أهل الكتاب، وكانت التوراة عندهم، فعملوا بها ما شاء الله أن يعملوا، (٣) ثم أضاعوها وعملوا بغير الحق، وكان التّابوت فيهم. فلما رأى الله أنهم قد أضاعوا التوراة وعملوا بالأهواء، رفع الله عنهم التابوت، وأنساهُم التوراة، ونسخها من صدورهم، وأرسل الله عليهم مرضًا، فاستطلقت بطونهم حتى جعل الرجل يمشي كبدُه، حتى نسوا التوراة، ونسخت من صدورهم، وفيهم عزير. فمكثوا ما شاء الله أن يمكثُوا بعد ما نسخت التوراة من صدورهم، وكان عزير قبلُ من علمائهم، فدعا عزيرٌ الله، وابتهل إليه أن يردّ إليه الذي نسخَ من صدره من التوراة. فبينما هو يصلي مبتهلا إلى الله، نزل نور من الله فدخل جَوْفه، فعاد إليه الذي كان ذهب من جوفه من
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٢٠- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس قال: أتى رسولَ الله ﷺ سَلامُ بن مشكم، ونعمانُ بن أوفى، (١) وشأسُ بن قيس، ومالك بن الصِّيف، فقالوا: كيف نتّبعك وقد تركت قِبْلتنا، وأنت لا تزعم أنّ عزيرًا ابن الله؟ فأنزل في ذلك من قولهم: (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله)، إلى: (أنى يؤفكون). (٢)
١٦٦٢١- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (وقالت اليهود عزير ابن الله)، وإنما قالوا: هو ابن الله من أجل أن عُزَيرًا كان في أهل الكتاب، وكانت التوراة عندهم، فعملوا بها ما شاء الله أن يعملوا، (٣) ثم أضاعوها وعملوا بغير الحق، وكان التّابوت فيهم. فلما رأى الله أنهم قد أضاعوا التوراة وعملوا بالأهواء، رفع الله عنهم التابوت، وأنساهُم التوراة، ونسخها من صدورهم، وأرسل الله عليهم مرضًا، فاستطلقت بطونهم حتى جعل الرجل يمشي كبدُه، حتى نسوا التوراة، ونسخت من صدورهم، وفيهم عزير. فمكثوا ما شاء الله أن يمكثُوا بعد ما نسخت التوراة من صدورهم، وكان عزير قبلُ من علمائهم، فدعا عزيرٌ الله، وابتهل إليه أن يردّ إليه الذي نسخَ من صدره من التوراة. فبينما هو يصلي مبتهلا إلى الله، نزل نور من الله فدخل جَوْفه، فعاد إليه الذي كان ذهب من جوفه من
(١) في سيرة ابن هشام: " ونعمان بن أوفى أبو أنس، ومحمود بن دحية، وشاس... ".
(٢) الأثر: ١٦٦٢٠ - سيرة ابن هشام ٢: ٢١٩.
(٣) في المطبوعة: " يعملون بها ما شاء الله "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) الأثر: ١٦٦٢٠ - سيرة ابن هشام ٢: ٢١٩.
(٣) في المطبوعة: " يعملون بها ما شاء الله "، وأثبت ما في المخطوطة.
202
التوراة، فأذّن في قومه فقال: يا قوم، قد آتاني الله التوراةَ وردَّها إليَّ! فعلقَ بهم يعلمهم، (١) فمكثوا ما شاء الله وهو يعلمهم. ثم إنَّ التابوت نزل بعد ذلك وبعد ذهابه منهم، فلما رأوا التابوت عرَضوا ما كان فيه على الذي كان عزير يعلِّمهم، فوجدوه مثله، فقالوا: والله ما أوتي عزير هذا إلا أنه ابن الله.
١٦٦٢٢- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وقالت اليهود عزير ابن الله)، إنما قالت ذلك، لأنهم ظهرت عليهم العمالقة فقتلوهم، وأخذوا التوراة، وذهب علماؤهم الذين بقُوا، وقد دفنوا كتب التوراة في الجبال. (٢) وكان عزير غلامًا يتعبَّد في رءوس الجبال، لا ينزل إلا يوم عيد. فجعل الغلام يبكي ويقول: "ربِّ تركتَ بني إسرائيل بغير عالم"! فلم يزل يبكي حتى سقطت أشفارُ عينيه، فنزل مرة إلى العيد، فلما رجع إذا هو بامرأة قد مثلتْ له عند قبر من تلك القبور تبكي وتقول: يا مطعماه، ويا كاسِياه! فقال لها: ويحك، من كان يطعمك أو يكسوك أو يسقيك أو ينفعك قبل هذا الرجل؟ (٣) قالت: الله! قال: فإن الله حي لم يمت! قالت: يا عزير، فمن كان يعلِّم العلماء قبلَ بني إسرائيل؟ قال: الله! قالت: فلم تبكي عليهم؟ فلما عرف أنه قد خُصِم، (٤) ولَّى مدبرًا، فدعته فقالت: يا عزير، إذا أصبحت غدًا فأت نهر كذا وكذا فاغتسل فيه، ثم اخرج فصلِّ ركعتين،
١٦٦٢٢- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وقالت اليهود عزير ابن الله)، إنما قالت ذلك، لأنهم ظهرت عليهم العمالقة فقتلوهم، وأخذوا التوراة، وذهب علماؤهم الذين بقُوا، وقد دفنوا كتب التوراة في الجبال. (٢) وكان عزير غلامًا يتعبَّد في رءوس الجبال، لا ينزل إلا يوم عيد. فجعل الغلام يبكي ويقول: "ربِّ تركتَ بني إسرائيل بغير عالم"! فلم يزل يبكي حتى سقطت أشفارُ عينيه، فنزل مرة إلى العيد، فلما رجع إذا هو بامرأة قد مثلتْ له عند قبر من تلك القبور تبكي وتقول: يا مطعماه، ويا كاسِياه! فقال لها: ويحك، من كان يطعمك أو يكسوك أو يسقيك أو ينفعك قبل هذا الرجل؟ (٣) قالت: الله! قال: فإن الله حي لم يمت! قالت: يا عزير، فمن كان يعلِّم العلماء قبلَ بني إسرائيل؟ قال: الله! قالت: فلم تبكي عليهم؟ فلما عرف أنه قد خُصِم، (٤) ولَّى مدبرًا، فدعته فقالت: يا عزير، إذا أصبحت غدًا فأت نهر كذا وكذا فاغتسل فيه، ثم اخرج فصلِّ ركعتين،
(١) في المطبوعة: " فعلق يعلمهم "، وفي المخطوطة "فعلق به يعلمهم، ورجحت صواب ما أثبت. يقال: " علقت أفعل كذا " بمعنى: طفقت. من قولهم: " علق بالشيء "، إذا لزمه، قال يزيد بن الطثرية:
بمعنى: طفقن (انظر طبقات فحول الشعراء: ٥٨٧، تعليق: ٤).
(٢) في المطبوعة: " فدفنوا "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) في المطبوعة، جعلها جميعًا بالواو على العطف، وأثبت ما في المخطوطة.
(٤) " خصم "، أي: غلب في الخصام والحجاج.
عَلِقْنَ حَوْلِي يَسْأَلْنَ القِرَى أُصُلا | وليسَ يَرْضَيْنَ مِنِّي بالمعَاذِيرِ |
(٢) في المطبوعة: " فدفنوا "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) في المطبوعة، جعلها جميعًا بالواو على العطف، وأثبت ما في المخطوطة.
(٤) " خصم "، أي: غلب في الخصام والحجاج.
203
فإنه يأتيك شيخٌ، فما أعطاك فخُذْه. فلما أصبح انطلق عزير إلى ذلك النهر، فاغتسل فيه، ثم خرج فصلى ركعتين. فجاءه الشيخُ فقال: افتح فمك! ففتح فمه، فألقى فيه شيئا كهيئة الجمرة العظيمة، مجتمع كهيئة القوارير، ثلاث مرار. (١) فرجع عزير وهو من أعلم الناس بالتوراة، فقال: يا بني إسرائيل، إني قد جئتكم بالتوراة! فقالوا: يا عزير، ما كنت كذَّابًا! فعمد فربط على كل إصبع له قلمًا، وكتب بأصابعه كلها، فكتب التوراة كلّها. فلما رجعَ العلماء، أخبروا بشأن عزير، فاستخرج أولئك العلماء كُتبهم التي كانوا دفنوها من التوراة في الجبال، وكانت في خوابٍ مدفونة، (٢) فعارضوها بتوراة عزير، فوجدوها مثلها، فقالوا: ما أعطاك الله هذا إلا أنك ابنه!
* * *
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة أهل المدينة وبعض المكيين والكوفيين: " وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرُ ابْنُ اللَّهِ "، لا ينونون "عزيرًا".
* * *
وقرأه بعض المكيين والكوفيين: (عُزَيْرٌ ابْنُ الله)، بتنوين "عزير" قال: هو اسم مجْرًى وإن كان أعجميًّا، لخفته. وهو مع ذلك غير منسوب إلى الله، فيكون بمنزلة قول القائل: "زيدٌ بن عبد الله"، وأوقع "الابن" موقع الخبر. ولو كان منسوبًا إلى الله لكان الوجه فيه، إذا كان الابن خبرًا، الإجراء، والتنوين، فكيف وهو منسوب إلى غير أبيه.
وأما من ترك تنوين "عزير"، فإنه لما كانت الباء من "ابن" ساكنة مع التنوين الساكن، والتقى ساكنان، فحذف الأول منهما استثقالا لتحريكه، قال الراجز: (٣)
* * *
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة أهل المدينة وبعض المكيين والكوفيين: " وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرُ ابْنُ اللَّهِ "، لا ينونون "عزيرًا".
* * *
وقرأه بعض المكيين والكوفيين: (عُزَيْرٌ ابْنُ الله)، بتنوين "عزير" قال: هو اسم مجْرًى وإن كان أعجميًّا، لخفته. وهو مع ذلك غير منسوب إلى الله، فيكون بمنزلة قول القائل: "زيدٌ بن عبد الله"، وأوقع "الابن" موقع الخبر. ولو كان منسوبًا إلى الله لكان الوجه فيه، إذا كان الابن خبرًا، الإجراء، والتنوين، فكيف وهو منسوب إلى غير أبيه.
وأما من ترك تنوين "عزير"، فإنه لما كانت الباء من "ابن" ساكنة مع التنوين الساكن، والتقى ساكنان، فحذف الأول منهما استثقالا لتحريكه، قال الراجز: (٣)
(١) في المطبوعة: " مجتمعا "، وأثبت ما في المخطوطة، والدر المنثور. وهذا الموضع من الخبر، يحتاج إلى نظر في صحته ومعناه.
(٢) " خوابي " جمع " خابية "، وهي الجرة الكبيرة.
(٣) لم أعرف قائله.
(٢) " خوابي " جمع " خابية "، وهي الجرة الكبيرة.
(٣) لم أعرف قائله.
204
لَتَجدَنِّي بِالأمِيرِ بَرًّا | وَبِالقَنَاةِ مِدْعَسًا مِكَرَّا |
فحذف النون للساكن الذي استقبلها.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب في ذلك، قراءةُ من قرأ: (عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ)، بتنوين "عزير"، لأن العرب لا تنون الأسماء إذا كان "الابن" نعتًا للاسم، [وتنونه إذا كان خبرًا]، كقولهم: "هذا زيدٌ بن عبد الله"، فأرادوا الخبر عن "زيد" بأنه "ابن الله"، (٢) ولم يريدوا أن يجعلوا "الابن" له نعتًا و"الابن" في هذا الموضع خبر لـ "عزير"، لأن الذين ذكر الله عنهم أنهم قالوا ذلك، إنما أخبروا عن "عزير"، أنه كذلك، وإن كانوا بقيلهم ذلك كانوا كاذبين على الله مفترين.
* * *
= (وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل)، يعني قول اليهود: (عزير ابن الله). يقول: يُشْبه قول هؤلاء في الكذب على الله والفرية عليه ونسبتهم المسيح إلى أنه لله ابنٌ، كذِبَ اليهود وفريتهم على الله في نسبتهم عزيرًا إلى أنه لله ابن، (٣) ولا ينبغي أن يكون لله ولدٌ سبحانه،
(١) نوادر أبي زيد: ٩١، معاني القرآن للفراء ١: ٤٣١. اللسان (صهب)، (دعس)، (دعص)، وغيرها، وقبله في النوادر:
في النوادر: " يجرون السود "، وهذه رواية غيره.
(٢) هذه الجملة كانت في المخطوطة هكذا: " لأن النون العرب من الأسماء إذا كان الابن نعتا للاسم، كقولهم: هذا زيد بن عبد الله، فأرادوا الخبر عن زيد بأنه ابن الله ". وهو كلام مضطرب غاية الاضطراب.
وصححها في المطبوعة هكذا: " لأن العرب لا تنون الأسماء، إذا كان الابن نعتا للاسم، كقولهم: هذا زيد بن عبد الله، فأرادوا الخبر عن عزير بأنه ابن الله "، وهو أيضا مضطرب.
فأبقيت تصحيح الناشر الأول في صدر الجملة، ثم صححت سائر الكلام بما يوافق المخطوطة، ثم زدت فيه ما بين القوسين، حتى يستقيم الكلام على وجه مرضي بعض الرضى. ولا أشك أن الناسخ قد أسقط قدرا من كلام أبي جعفر.
(٣) في المطبوعة: " نسبة قول هؤلاء... ككذب اليهود وفريتهم "، أخطأ في قراءة " يشبه "، فجعلها " نسبة "، ثم زاد في " كذب " كافًا أخرى في أولها، ليستقيم الكلام، فلم يستقم. وقوله: " كذب " مفعول قوله: " يشبه ". وذلك معنى " المضاهأة " كما سيأتي.
جاءُوا يجرُّون الحدِيدَ جَرًّا | صُهْبَ السِّبالِ يَبتغونَ الشرَّا |
(٢) هذه الجملة كانت في المخطوطة هكذا: " لأن النون العرب من الأسماء إذا كان الابن نعتا للاسم، كقولهم: هذا زيد بن عبد الله، فأرادوا الخبر عن زيد بأنه ابن الله ". وهو كلام مضطرب غاية الاضطراب.
وصححها في المطبوعة هكذا: " لأن العرب لا تنون الأسماء، إذا كان الابن نعتا للاسم، كقولهم: هذا زيد بن عبد الله، فأرادوا الخبر عن عزير بأنه ابن الله "، وهو أيضا مضطرب.
فأبقيت تصحيح الناشر الأول في صدر الجملة، ثم صححت سائر الكلام بما يوافق المخطوطة، ثم زدت فيه ما بين القوسين، حتى يستقيم الكلام على وجه مرضي بعض الرضى. ولا أشك أن الناسخ قد أسقط قدرا من كلام أبي جعفر.
(٣) في المطبوعة: " نسبة قول هؤلاء... ككذب اليهود وفريتهم "، أخطأ في قراءة " يشبه "، فجعلها " نسبة "، ثم زاد في " كذب " كافًا أخرى في أولها، ليستقيم الكلام، فلم يستقم. وقوله: " كذب " مفعول قوله: " يشبه ". وذلك معنى " المضاهأة " كما سيأتي.
205
بل له ما في السماوات والأرض، كل له قانتون.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٢٣- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل)، يقول: يُشبِّهون.
١٦٦٢٤- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل)، ضاهت النصارى قول اليهود قبلهم.
١٦٦٢٥- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدّي: (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل)، النصارى يضاهئون قول اليهود في "عزيز".
١٦٦٢٦- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج: (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل)، يقول: النصارى، يضاهئون قول اليهود.
١٦٦٢٧- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل)، يقول: قالوا مثل ما قال أهل الأوثان.
* * *
وقد قيل: إن معنى ذلك: يحكون بقولهم قولَ أهل الأوثان، (١) الذين قالوا: "اللات، والعزَّى، ومناة الثالثة الأخرى". (٢)
* * *
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٢٣- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل)، يقول: يُشبِّهون.
١٦٦٢٤- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل)، ضاهت النصارى قول اليهود قبلهم.
١٦٦٢٥- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدّي: (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل)، النصارى يضاهئون قول اليهود في "عزيز".
١٦٦٢٦- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج: (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل)، يقول: النصارى، يضاهئون قول اليهود.
١٦٦٢٧- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل)، يقول: قالوا مثل ما قال أهل الأوثان.
* * *
وقد قيل: إن معنى ذلك: يحكون بقولهم قولَ أهل الأوثان، (١) الذين قالوا: "اللات، والعزَّى، ومناة الثالثة الأخرى". (٢)
* * *
(١) في المطبوعة: " أهل الأديان "، والصواب ما أثبت من المخطوطة.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٣٣.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٣٣.
206
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة الحجاز والعراق: (يُضَاهُونَ)، بغير همز.
* * *
وقرأه عاصم: (يُضَاهِئُونَ)، بالهمز، وهي لغة لثقيف.
* * *
وهما لغتان، يقال: "ضاهيته على كذا أضَاهيه مضاهاة" و"ضاهأته عليه مُضَأهاة"، إذا مالأته عليه وأعنته.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءَة في ذلك ترك الهمز، لأنها القراءة المستفيضة في قرأة الأمصار، واللغة الفصحى.
* * *
وأما قوله: (قاتلهم الله)، فإن معناه، فيما ذكر عن ابن عباس، ما:-
١٦٦٢٨- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (قاتلهم الله)، يقول: لعنهم الله. وكل شيء في القرآن "قتل"، فهو لعن.
* * *
وقال ابن جريج في ذلك ما:-
١٦٦٢٩- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: (قاتلهم الله)، يعني النصارى، كلمةٌ من كلام العرب. (١)
* * *
فأما أهل المعرفة بكلام العرب فإنهم يقولون: معناه: قتلهم الله. والعرب تقول: "قاتعك الله"، و"قاتعها الله"، بمعنى: قاتلك الله. قالوا: و"قاتعك الله" أهون من "قاتله الله".
وقد ذكروا أنهم يقولون: "شاقاه الله ما تاقاه"، يريدون: أشقاه الله ما أبقاه.
فقرأته عامة قرأة الحجاز والعراق: (يُضَاهُونَ)، بغير همز.
* * *
وقرأه عاصم: (يُضَاهِئُونَ)، بالهمز، وهي لغة لثقيف.
* * *
وهما لغتان، يقال: "ضاهيته على كذا أضَاهيه مضاهاة" و"ضاهأته عليه مُضَأهاة"، إذا مالأته عليه وأعنته.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءَة في ذلك ترك الهمز، لأنها القراءة المستفيضة في قرأة الأمصار، واللغة الفصحى.
* * *
وأما قوله: (قاتلهم الله)، فإن معناه، فيما ذكر عن ابن عباس، ما:-
١٦٦٢٨- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (قاتلهم الله)، يقول: لعنهم الله. وكل شيء في القرآن "قتل"، فهو لعن.
* * *
وقال ابن جريج في ذلك ما:-
١٦٦٢٩- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: (قاتلهم الله)، يعني النصارى، كلمةٌ من كلام العرب. (١)
* * *
فأما أهل المعرفة بكلام العرب فإنهم يقولون: معناه: قتلهم الله. والعرب تقول: "قاتعك الله"، و"قاتعها الله"، بمعنى: قاتلك الله. قالوا: و"قاتعك الله" أهون من "قاتله الله".
وقد ذكروا أنهم يقولون: "شاقاه الله ما تاقاه"، يريدون: أشقاه الله ما أبقاه.
(١) يعني أنها كلمة تقولها العرب، لا تريد بها معنى " القتل "، كقولهم: " تربت يداك "، لا يراد بها وقوع الأمر.
207
قالوا: ومعنى قوله: (قاتلهم الله)، كقوله: (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ)، [سورة الذاريات: ١٠]، و (قُتِلَ أَصْحَابُ الأخْدُودِ)، [سورة البروج: ٤]، واحدٌ هو بمعنى التعجب.
* * *
فإن كان الذي قالوا كما قالوا، فهو من نادر الكلام الذي جاء على غير القياس، لأنّ "فاعلت" لا تكاد أن تجيء فعلا إلا من اثنين، كقولهم: "خاصمت فلانًا"، و"قاتلته"، وما أشبه ذلك. وقد زعموا أن قولهم: "عافاك الله" منه، وأن معناه: أعفاك الله، بمعنى الدعاء لمن دعا له بأن يُعْفيه من السوء.
* * *
وقوله: (أنى يؤفكون)، يقول: أيَّ وجه يُذْهبُ بهم، ويحيدون؟ وكيف يصدُّون عن الحق؟ وقد بينا ذلك بشواهده فيما مضى قبل. (١)
القول في تأويل قوله: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١) ﴾
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: اتخذ اليهود أحبارهم، وهم العلماء.
* * *
وقد بينت تأويل ذلك بشواهده فيما مضى من كتابنا هذا قبل. واحدهم "حَبْرٌ"، و"حِبْرٌ" بكسر الحاء منه وفتحها. (٢)
وكان يونس الجرمي، (٣) فيما ذكر عنه، يزعم أنه لم يسمع ذلك إلا "حِبر"
* * *
فإن كان الذي قالوا كما قالوا، فهو من نادر الكلام الذي جاء على غير القياس، لأنّ "فاعلت" لا تكاد أن تجيء فعلا إلا من اثنين، كقولهم: "خاصمت فلانًا"، و"قاتلته"، وما أشبه ذلك. وقد زعموا أن قولهم: "عافاك الله" منه، وأن معناه: أعفاك الله، بمعنى الدعاء لمن دعا له بأن يُعْفيه من السوء.
* * *
وقوله: (أنى يؤفكون)، يقول: أيَّ وجه يُذْهبُ بهم، ويحيدون؟ وكيف يصدُّون عن الحق؟ وقد بينا ذلك بشواهده فيما مضى قبل. (١)
القول في تأويل قوله: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١) ﴾
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: اتخذ اليهود أحبارهم، وهم العلماء.
* * *
وقد بينت تأويل ذلك بشواهده فيما مضى من كتابنا هذا قبل. واحدهم "حَبْرٌ"، و"حِبْرٌ" بكسر الحاء منه وفتحها. (٢)
وكان يونس الجرمي، (٣) فيما ذكر عنه، يزعم أنه لم يسمع ذلك إلا "حِبر"
(١) انظر تفسير " الإفك " فيما سلف ١٠: ٤٨٦ / ١١: ٥٥٤.
(٢) انظر تفسير " الحبر " فيما سلف ٦: ٥٤٣، ٥٤٤ / ١٠: ٣٤١، ٤٤٨.
(٣) " يونس الجرمي "، انظر ما سلف ١٠: ١٢٠، تعليق: ١ / ١١: ٥٤٤، تعليق: ٣ / ١٣: ١٢٩، تعليق: ٣ = ١٣٨، تعليق: ٤.
(٢) انظر تفسير " الحبر " فيما سلف ٦: ٥٤٣، ٥٤٤ / ١٠: ٣٤١، ٤٤٨.
(٣) " يونس الجرمي "، انظر ما سلف ١٠: ١٢٠، تعليق: ١ / ١١: ٥٤٤، تعليق: ٣ / ١٣: ١٢٩، تعليق: ٣ = ١٣٨، تعليق: ٤.
208
بكسر الحاء، ويحتج بقول الناس: "هذا مِدَادُ حِبْرٍ"، يراد به: مدادُ عالم.
وذكر الفرَّاء أنه سمعه "حِبْرًا"، و"حَبْرًا" بكسر الحاء وفتحها.
* * *
= والنصارى "رهبانهم"، (١) وهم أصحاب الصوامع وأهل الاجتهاد في دينهم منهم، (٢) كما:-
١٦٦٣٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سلمة، عن الضحاك: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم)، قال: قُرَّاءهم وعلماءهم.
* * *
= (أربابا من دون الله)، يعني: سادةً لهم من دون الله، (٣) يطيعونهم في معاصي الله، فيحلون ما أحلُّوه لهم مما قد حرَّمه الله عليهم، ويحرِّمون ما يحرِّمونه عليهم مما قد أحلَّه الله لهم، كما:-
١٦٦٣١- حدثني الحسين بن يزيد الطحّان قال، حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي، عن غطيف بن أعين، عن مصعب بن سعد، عن عدي بن حاتم قال: انتهيتُ إلى النبي ﷺ وهو يقرأ في "سورة براءة": (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)، فقال: "أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكن كانوا يحلّون لهم فيُحلُّون". (٤)
وذكر الفرَّاء أنه سمعه "حِبْرًا"، و"حَبْرًا" بكسر الحاء وفتحها.
* * *
= والنصارى "رهبانهم"، (١) وهم أصحاب الصوامع وأهل الاجتهاد في دينهم منهم، (٢) كما:-
١٦٦٣٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سلمة، عن الضحاك: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم)، قال: قُرَّاءهم وعلماءهم.
* * *
= (أربابا من دون الله)، يعني: سادةً لهم من دون الله، (٣) يطيعونهم في معاصي الله، فيحلون ما أحلُّوه لهم مما قد حرَّمه الله عليهم، ويحرِّمون ما يحرِّمونه عليهم مما قد أحلَّه الله لهم، كما:-
١٦٦٣١- حدثني الحسين بن يزيد الطحّان قال، حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي، عن غطيف بن أعين، عن مصعب بن سعد، عن عدي بن حاتم قال: انتهيتُ إلى النبي ﷺ وهو يقرأ في "سورة براءة": (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)، فقال: "أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكن كانوا يحلّون لهم فيُحلُّون". (٤)
(١) قوله: " والنصارى، ورهبانهم " هذا معطوف على قوله آنفا: " اتخذ اليهود أحبارهم ".
(٢) انظر تفسير " الرهبان " فيما سلف ١٠: ٥٠٢، ٥٠٣.
(٣) انظر تفسير " الرب " فيما سلف ١: ١٤٢ / ١٢: ٢٨٦، ٤٨٢.
(٤) الأثر: ١٦٦٣١ - حديث (عدي بن حاتم الطائي)، رواه أبو جعفر من ثلاث طرق متابعة، كلها من طريق عبد السلام بن حرب، عن غطيف بن أعين، من ١٦٦٣١ - ١٦٦٣٣.
" الحسين بن يزيد السبيعي الطحان "، شيخ الطبري، وثقه ابن حبان، ولين حديثه أبو حاتم، مضى برقم: ٢٨٩٢، ٧٨٦٣، ٩١٥٣. وكان في المطبوعة والمخطوطة: " الحسن بن يزيد "، وهو خطأ "
و" عبد السلام بن حرب الملائي النهدي "، الحافظ الثقة، مضى برقم: ١١٨٤، ٥٤٧١، ١٢٤٧٨.
و" غطيف بن أعين الشيباني الجزري " أو " غصيف " وثقه ابن حبان، وقال الترمذي: " ليس بمعروف في الحديث " وضعفه الدارقطني، مترجم التهذيب، والكبير ٤ / ١ / ١٠٦، ولم يذكر فيه جرحا، وترجمه ابن أبي حاتم في " غضيف " بالضاد، ٣ / ٢ / ٥٥، ولم يذكر فيه جرحا. وسيأتي " غضيف " في رقم: ١٦٦٣٣.
و (مصعب بن سعد بن أبي وقاص)، روى عن أبيه، وعلي، وعكرمة بن أبي جهل، وعدي بن حاتم، وابن عمر. وغيرهم، وروي عن غطيف بن أعين، وهو ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ٩٨٤١، ١١٤٥٠.
وهذا الخبر مختصر الذي يليه، فراجع التخريج التالي.
ورواه الترمذي من هذه الطريق نفسها عن الحسين بن يزيد الكوفي الطحان في كتاب التفسير، وقال: " هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب. وغطيف بن أعين، ليس بمعروف في الحديث ".
وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢٣٠، وزاد نسبته إلى ابن سعد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في سننه. ولم أجده في المطبوع من طبقات ابن سعد، وضل عني مكانه في سنن البيهقي.
(٢) انظر تفسير " الرهبان " فيما سلف ١٠: ٥٠٢، ٥٠٣.
(٣) انظر تفسير " الرب " فيما سلف ١: ١٤٢ / ١٢: ٢٨٦، ٤٨٢.
(٤) الأثر: ١٦٦٣١ - حديث (عدي بن حاتم الطائي)، رواه أبو جعفر من ثلاث طرق متابعة، كلها من طريق عبد السلام بن حرب، عن غطيف بن أعين، من ١٦٦٣١ - ١٦٦٣٣.
" الحسين بن يزيد السبيعي الطحان "، شيخ الطبري، وثقه ابن حبان، ولين حديثه أبو حاتم، مضى برقم: ٢٨٩٢، ٧٨٦٣، ٩١٥٣. وكان في المطبوعة والمخطوطة: " الحسن بن يزيد "، وهو خطأ "
و" عبد السلام بن حرب الملائي النهدي "، الحافظ الثقة، مضى برقم: ١١٨٤، ٥٤٧١، ١٢٤٧٨.
و" غطيف بن أعين الشيباني الجزري " أو " غصيف " وثقه ابن حبان، وقال الترمذي: " ليس بمعروف في الحديث " وضعفه الدارقطني، مترجم التهذيب، والكبير ٤ / ١ / ١٠٦، ولم يذكر فيه جرحا، وترجمه ابن أبي حاتم في " غضيف " بالضاد، ٣ / ٢ / ٥٥، ولم يذكر فيه جرحا. وسيأتي " غضيف " في رقم: ١٦٦٣٣.
و (مصعب بن سعد بن أبي وقاص)، روى عن أبيه، وعلي، وعكرمة بن أبي جهل، وعدي بن حاتم، وابن عمر. وغيرهم، وروي عن غطيف بن أعين، وهو ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ٩٨٤١، ١١٤٥٠.
وهذا الخبر مختصر الذي يليه، فراجع التخريج التالي.
ورواه الترمذي من هذه الطريق نفسها عن الحسين بن يزيد الكوفي الطحان في كتاب التفسير، وقال: " هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب. وغطيف بن أعين، ليس بمعروف في الحديث ".
وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢٣٠، وزاد نسبته إلى ابن سعد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في سننه. ولم أجده في المطبوع من طبقات ابن سعد، وضل عني مكانه في سنن البيهقي.
209
١٦٦٣٢- حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا مالك بن إسماعيل = وحدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد = جميعًا، عن عبد السلام بن حرب قال، حدثنا غطيف بن أعين، عن مصعب بن سعد، عن عدي بن حاتم قال: أتيت رسولَ الله ﷺ وفي عُنُقي صليبٌ من ذهب، فقال: يا عديّ، اطرح هذا الوثنَ من عنقك! قال: فطرحته، وانتهيت إليه وهو يقرأ في "سورة براءة"، فقرأ هذه الآية: (اتخذوا أحبارهم ورُهبانهم أربابًا من دون الله)، قال قلت: يا رسول الله، إنا لسنا نعبدُهم! فقال: أليس يحرِّمون ما أحلَّ الله فتحرِّمونه، ويحلُّون ما حرَّم الله فتحلُّونه؟ قال: قلت: بلى! قال: فتلك عبادتهم! = واللفظ لحديث أبي كريب. (١)
١٦٦٣٣- حدثني سعيد بن عمرو السكوني قال: حدثنا بقية، عن قيس
١٦٦٣٣- حدثني سعيد بن عمرو السكوني قال: حدثنا بقية، عن قيس
(١) الأثر: ١٦٦٣٢ - رواه من طريق مالك بن إسماعيل، عن عبد السلام بن حرب، بلفظه، البخاري في الكبير ٤ / ١ / ١٠٦. وانظر التخريج السالف.
210
بن الربيع، عن عبد السلام بن حرب النهدي، عن غضيف، عن مصعب بن سعد، عن عدي بن حاتم قال: سمعت رسول الله ﷺ يقرأ "سورة براءة"، فلما قرأ: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله)، قلت: يا رسول الله، إما إنهم لم يكونوا يصلون لهم! قال: صدقت، ولكن كانوا يُحلُّون لهم ما حرَّم الله فيستحلُّونه، ويحرّمون ما أحلّ الله لهم فيحرِّمونه. (١)
١٦٦٣٤- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري، عن حذيفة: أنه سئل عن قوله: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله)، أكانوا يعبدونهم؟ قال: لا كانوا إذا أحلُّوا لهم شيئًا استحلوه، وإذا حرَّموا عليهم شيئًا حرَّموه.
١٦٦٣٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن حبيب، عن أبي البختري قال: قيل لأبي حذيفة، فذكر نحوه = غير أنه قال: ولكن كانوا يحلُّون لهم الحرام فيستحلُّونه، ويحرِّمون عليهم الحلال فيحرِّمونه.
١٦٦٣٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب، عن حبيب عن أبي البختري قال: قيل لحذيفة: أرأيت قول الله: (اتخذوا أحبارهم) ؟ قال: أمَا إنهم لم يكونوا يصومون لهم ولا يصلون لهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئًا استحلُّوه، وإذا حرّموا عليهم شيئًا أحله الله لهم حرَّموه، فتلك كانت رُبوبيَّتهم.
١٦٦٣٧-...... قال، حدثنا جرير وابن فضيل، عن عطاء، عن أبي البختري: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله)، قال: انطلقوا
١٦٦٣٤- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري، عن حذيفة: أنه سئل عن قوله: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله)، أكانوا يعبدونهم؟ قال: لا كانوا إذا أحلُّوا لهم شيئًا استحلوه، وإذا حرَّموا عليهم شيئًا حرَّموه.
١٦٦٣٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن حبيب، عن أبي البختري قال: قيل لأبي حذيفة، فذكر نحوه = غير أنه قال: ولكن كانوا يحلُّون لهم الحرام فيستحلُّونه، ويحرِّمون عليهم الحلال فيحرِّمونه.
١٦٦٣٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب، عن حبيب عن أبي البختري قال: قيل لحذيفة: أرأيت قول الله: (اتخذوا أحبارهم) ؟ قال: أمَا إنهم لم يكونوا يصومون لهم ولا يصلون لهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئًا استحلُّوه، وإذا حرّموا عليهم شيئًا أحله الله لهم حرَّموه، فتلك كانت رُبوبيَّتهم.
١٦٦٣٧-...... قال، حدثنا جرير وابن فضيل، عن عطاء، عن أبي البختري: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله)، قال: انطلقوا
(١) الأثر: ١٦٦٣٣ - " غضيف "، هو " غضيف بن أعين "، و " غطيف "، كما مر في تخريج الأثر: ١٦٦٣١. وكان في المخطوطة: " حصف " وجعلها في المطبوعة: " غطيف "، والصواب ما أثبت. كما أشرت إليه في التعليق المذكور.
211
إلى حلال الله فجعلوه حرامًا، وانطلقوا إلى حرام الله فجعلوه حلالا فأطاعوهم في ذلك. فجعل الله طاعتهم عبادتهم. ولو قالوا لهم: "اعبدونا"، لم يفعلوا.
١٦٦٣٨- حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري قال: سأل رجل حذيفة فقال: يا أبا عبد الله، أرأيت قوله: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله)، أكانوا يعبدونهم؟ قال: لا كانوا إذا أحلُّوا لهم شيئًا استحلُّوه، وإذا حرَّموا عليهم شيئًا حرَّموه.
١٦٦٣٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن أبي عديّ، عن أشعث، عن الحسن: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا)، قال: في الطاعة.
١٦٦٤٠- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله)، يقول: زيَّنُوا لهم طاعتهم.
١٦٦٤١- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله)، قال عبد الله بن عباس: لم يأمروهم أن يسجُدوا لهم، ولكن أمروهم بمعصية الله، فأطاعوهم، فسمَّاهم الله بذلك أربابًا.
١٦٦٤٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا)، قال: قلت لأبي العالية: كيف كانت الرُّبوبية التي كانت في بني إسرائيل؟ قال: [لم يسبوا أحبارنا بشيء مضى] (١) "ما أمرونا به ائتمرنا، وما نهونا عنه انتهينا لقولهم"، وهم يجدون في كتاب الله ما أمروا به وما نهوا عنه، فاستنصحوا الرجالَ، ونبذُوا كتاب الله وراء ظهورهم.
١٦٦٣٨- حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري قال: سأل رجل حذيفة فقال: يا أبا عبد الله، أرأيت قوله: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله)، أكانوا يعبدونهم؟ قال: لا كانوا إذا أحلُّوا لهم شيئًا استحلُّوه، وإذا حرَّموا عليهم شيئًا حرَّموه.
١٦٦٣٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن أبي عديّ، عن أشعث، عن الحسن: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا)، قال: في الطاعة.
١٦٦٤٠- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله)، يقول: زيَّنُوا لهم طاعتهم.
١٦٦٤١- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله)، قال عبد الله بن عباس: لم يأمروهم أن يسجُدوا لهم، ولكن أمروهم بمعصية الله، فأطاعوهم، فسمَّاهم الله بذلك أربابًا.
١٦٦٤٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا)، قال: قلت لأبي العالية: كيف كانت الرُّبوبية التي كانت في بني إسرائيل؟ قال: [لم يسبوا أحبارنا بشيء مضى] (١) "ما أمرونا به ائتمرنا، وما نهونا عنه انتهينا لقولهم"، وهم يجدون في كتاب الله ما أمروا به وما نهوا عنه، فاستنصحوا الرجالَ، ونبذُوا كتاب الله وراء ظهورهم.
(١) هذه الجملة التي وضعتها بين قوسين من المخطوطة، ولا أدري ما هي، ولكني أثبتها كما جاءت، فلعل أحدا يجد الخبر في مكان آخر فيصححه.
212
١٦٦٤٣- حدثني بشر بن سويد قال، حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، عن حذيفة: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله)، قال: لم يعبدوهم، ولكنهم أطاعوهم في المعاصي. (١)
* * *
وأما قوله: (والمسيح ابن مريم)، فإن معناه: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم والمسيحَ ابن مريم أربابًا من دون الله.
* * *
وأما قوله: (وما أمروا إلا ليعبدوا إلهًا واحدًا)، فإنه يعني به: وما أمر هؤلاء اليهود والنصارى الذين اتخذوا الأحبارَ والرهبان والمسيحَ أربابًا، إلا أن يعبدوا معبودًا واحدًا، وأن يطيعوا إلا ربًّا واحدًا دون أرباب شتَّى، وهو الله الذي له عبادة كل شيء، وطاعةُ كل خلق، المستحقُّ على جميع خلقه الدينونة له بالوحدانية والربوبية = "لا إله إلا هو"، يقول تعالى ذكره: لا تنبغي الألوهية إلا للواحد الذي أمر الخلقُ بعبادته، ولزمت جميع العباد طاعته = (سبحانه عما يشركون)، يقول: تنزيهًا وتطهيرًا لله عما يُشرك في طاعته وربوبيته، القائلون: (عزير ابن الله)، والقائلون: (المسيح ابن الله)، المتخذون أحبارهم أربابًا من دون الله. (٢)
* * *
* * *
وأما قوله: (والمسيح ابن مريم)، فإن معناه: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم والمسيحَ ابن مريم أربابًا من دون الله.
* * *
وأما قوله: (وما أمروا إلا ليعبدوا إلهًا واحدًا)، فإنه يعني به: وما أمر هؤلاء اليهود والنصارى الذين اتخذوا الأحبارَ والرهبان والمسيحَ أربابًا، إلا أن يعبدوا معبودًا واحدًا، وأن يطيعوا إلا ربًّا واحدًا دون أرباب شتَّى، وهو الله الذي له عبادة كل شيء، وطاعةُ كل خلق، المستحقُّ على جميع خلقه الدينونة له بالوحدانية والربوبية = "لا إله إلا هو"، يقول تعالى ذكره: لا تنبغي الألوهية إلا للواحد الذي أمر الخلقُ بعبادته، ولزمت جميع العباد طاعته = (سبحانه عما يشركون)، يقول: تنزيهًا وتطهيرًا لله عما يُشرك في طاعته وربوبيته، القائلون: (عزير ابن الله)، والقائلون: (المسيح ابن الله)، المتخذون أحبارهم أربابًا من دون الله. (٢)
* * *
(١) الأثر: ١٦٦٤٣ - " بشر بن سويد "، لم أجد من يسمى بهذا الاسم، أخشى أن يكون: " بشر بن معاذ " شيخ الطبري، عن " سويد بن نصر المروزي ".
(٢) انظر تفسير " سبحان " فيما سلف ١٣: ١٠٢، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " سبحان " فيما سلف ١٣: ١٠٢، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
213
القول في تأويل قوله: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٣٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يريد هؤلاء المتخذون أحبارَهم ورهبانهم والمسيحَ ابن مريم أربابًا = (أن يطفئوا نور الله بأفواههم)، يعني: أنهم يحاولون
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يريد هؤلاء المتخذون أحبارَهم ورهبانهم والمسيحَ ابن مريم أربابًا = (أن يطفئوا نور الله بأفواههم)، يعني: أنهم يحاولون
بتكذيبهم بدين الله الذي ابتعثَ به رسوله، وصدِّهم الناسَ عنه بألسنتهم، أن يبطلوه، وهو النُّور الذي جعله الله لخلقه ضياءً (١) = (ويأبى الله إلا أن يتم نوره)، يعلو دينُه، وتظهر كلمته، ويتم الحقّ الذي بعث به رسوله محمدًا ﷺ = (ولو كره) إتمامَ الله إياه = (الكافرون)، يعني: جاحديه المكذِّبين به.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٤٤- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم)، يقول: يريدون أن يطفئوا الإسلام بكلامهم.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الله الذي يأبى إلا إتمام دينه ولو كره ذلك جاحدوه ومنكروه = (الذي أرسل رسوله)، محمدًا ﷺ = (بالهدى)، يعني: ببيان فرائض الله على خلقه، وجميع اللازم لهم (٢) = وبدين الحق، وهو الإسلام = (ليظهره على الدين كله)، يقول: ليعلي الإسلام على الملل كلها = (ولو كره المشركون)، بالله ظهورَه عليها.
* * *
وقد اختلف أهل التأويل في معنى قوله: (ليظهره على الدين كله).
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٤٤- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم)، يقول: يريدون أن يطفئوا الإسلام بكلامهم.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الله الذي يأبى إلا إتمام دينه ولو كره ذلك جاحدوه ومنكروه = (الذي أرسل رسوله)، محمدًا ﷺ = (بالهدى)، يعني: ببيان فرائض الله على خلقه، وجميع اللازم لهم (٢) = وبدين الحق، وهو الإسلام = (ليظهره على الدين كله)، يقول: ليعلي الإسلام على الملل كلها = (ولو كره المشركون)، بالله ظهورَه عليها.
* * *
وقد اختلف أهل التأويل في معنى قوله: (ليظهره على الدين كله).
(١) انظر تفسير " الإطفاء " فيما سلف ١٠: ٤٥٨.
(٢) انظر تفسير " الهدى " فيما سلف من فهارس اللغة (هدى).
(٢) انظر تفسير " الهدى " فيما سلف من فهارس اللغة (هدى).
214
فقال بعضهم: ذلك عند خروج عيسى، حين تصير المللُ كلُّها واحدةً.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٤٥- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال، حدثنا شقيق قال، حدثني ثابت الحدّاد أبو المقدام، عن شيخ، عن أبي هريرة في قوله: (ليظهره على الدين كله)، قال: حين خروج عيسى ابن مريم. (١)
١٦٦٤٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن فضيل بن مرزوق قال، حدثني من سمع أبا جعفر: (ليظهره على الدين كله)، قال: إذا خرج عيسى عليه السلام، اتبعه أهل كل دين.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ليعلمه شرائعَ الدين كلها، فيطلعه عليها.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٤٧- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (ليظهره على الدين كله)، قال: ليظهر الله نبيّه على أمر الدين كله، فيعطيه إيّاه كله، ولا يخفى عليه منه شيء. وكان المشركون واليهود يكرهون ذلك.
* * *
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٤٥- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال، حدثنا شقيق قال، حدثني ثابت الحدّاد أبو المقدام، عن شيخ، عن أبي هريرة في قوله: (ليظهره على الدين كله)، قال: حين خروج عيسى ابن مريم. (١)
١٦٦٤٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن فضيل بن مرزوق قال، حدثني من سمع أبا جعفر: (ليظهره على الدين كله)، قال: إذا خرج عيسى عليه السلام، اتبعه أهل كل دين.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ليعلمه شرائعَ الدين كلها، فيطلعه عليها.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٤٧- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (ليظهره على الدين كله)، قال: ليظهر الله نبيّه على أمر الدين كله، فيعطيه إيّاه كله، ولا يخفى عليه منه شيء. وكان المشركون واليهود يكرهون ذلك.
* * *
(١) الأثر: ١٦٦٤٥ - " ثابت الحداد "، " أبو المقدام " هو: " ثابت بن هرمر الكوفي " مضى برقم: ٥٩٦٩.
215
القول في تأويل قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ (٣٤) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله، وأقروا بوحدانية ربهم، إن كثيرًا من العلماء والقُرَّاء من بني إسرائيل من اليهود والنصارى (١) = (ليأكلون أموال الناس بالباطل)، يقول: يأخذون الرشى في أحكامهم، ويحرّفون كتاب الله، ويكتبون بأيديهم كتبًا ثم يقولون: "هذه من عند الله"، ويأخذون بها ثمنًا قليلا من سِفلتهم (٢) = (ويصدُّون عن سبيل الله)، يقول: ويمنعون من أرادَ الدخول في الإسلام الدخولَ فيه، بنهيهم إياهم عنه. (٣)
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٤٨- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (يا أيها الذين آمنوا إن كثيرًا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل)، أما "الأحبار"، فمن اليهود. وأما "الرهبان"، فمن النصارى. وأما "سبيل الله"، فمحمد صلى الله عليه وسلم.
* * *
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله، وأقروا بوحدانية ربهم، إن كثيرًا من العلماء والقُرَّاء من بني إسرائيل من اليهود والنصارى (١) = (ليأكلون أموال الناس بالباطل)، يقول: يأخذون الرشى في أحكامهم، ويحرّفون كتاب الله، ويكتبون بأيديهم كتبًا ثم يقولون: "هذه من عند الله"، ويأخذون بها ثمنًا قليلا من سِفلتهم (٢) = (ويصدُّون عن سبيل الله)، يقول: ويمنعون من أرادَ الدخول في الإسلام الدخولَ فيه، بنهيهم إياهم عنه. (٣)
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٤٨- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (يا أيها الذين آمنوا إن كثيرًا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل)، أما "الأحبار"، فمن اليهود. وأما "الرهبان"، فمن النصارى. وأما "سبيل الله"، فمحمد صلى الله عليه وسلم.
* * *
(١) انظر تفسير " الأحبار "، و " الرهبان " فيما سلف ص: ٢٠٩، تعليق: ٢، وص: ٢٠٨، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " أكل الأموال بالباطل " فيما سلف ٩: ٣٩٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير " الصمد " فيما سلف ص: ١٥١، تعليق: ١، والمراجع هناك.
= وتفسير " سبيل الله " في فهارس اللغة (سبل).
(٢) انظر تفسير " أكل الأموال بالباطل " فيما سلف ٩: ٣٩٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير " الصمد " فيما سلف ص: ١٥١، تعليق: ١، والمراجع هناك.
= وتفسير " سبيل الله " في فهارس اللغة (سبل).
216
القول في تأويل قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنزونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ).
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل)، ويأكلها أيضًا معهم (الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم)، يقول: بشّر الكثيرَ من الأحبار والرهبان الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، بعذابٍ أليم لهم يوم القيامة، مُوجع من الله. (١)
* * *
واختلف أهل العلم في معنى "الكنز".
فقال بعضهم: هو كل مال وجبت فيه الزكاة، فلم تؤدَّ زكاته. قالوا: وعنى بقوله: (ولا ينفقونها في سبيل الله)، ولا يؤدُّون زكاتها.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٤٩- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: كل مال أدَّيت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونًا. وكل مالٍ لم تؤدَّ زكاته، فهو الكنز الذي ذكره الله في القرآن، يكوى به صاحبه، وإن لم يكن مدفونًا. (٢)
١٦٦٥٠- حدثنا الحسن بن الجنيد قال، حدثنا سعيد بن مسلمة قال، حدثنا إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر، أنه قال: كل مالٍ أدَّيت منه الزكاة فليس بكنز وإن كان مدفونًا. وكل مال لم تودَّ منه الزكاة، وإن لم
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل)، ويأكلها أيضًا معهم (الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم)، يقول: بشّر الكثيرَ من الأحبار والرهبان الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، بعذابٍ أليم لهم يوم القيامة، مُوجع من الله. (١)
* * *
واختلف أهل العلم في معنى "الكنز".
فقال بعضهم: هو كل مال وجبت فيه الزكاة، فلم تؤدَّ زكاته. قالوا: وعنى بقوله: (ولا ينفقونها في سبيل الله)، ولا يؤدُّون زكاتها.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٤٩- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: كل مال أدَّيت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونًا. وكل مالٍ لم تؤدَّ زكاته، فهو الكنز الذي ذكره الله في القرآن، يكوى به صاحبه، وإن لم يكن مدفونًا. (٢)
١٦٦٥٠- حدثنا الحسن بن الجنيد قال، حدثنا سعيد بن مسلمة قال، حدثنا إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر، أنه قال: كل مالٍ أدَّيت منه الزكاة فليس بكنز وإن كان مدفونًا. وكل مال لم تودَّ منه الزكاة، وإن لم
(١) انظر تفسير " أليم " فينا سلف من فهارس اللغة (ألم).
(٢) الأثر: ١٦٦٤٩ - حديث ابن عمرو في الكنز، رواه أبوه جعفر من طرق، بألفاظ مختلفة، موقوفا على ابن عمر، وهو الصواب، وإسناد هذا الخبر صحيح إلى ابن عمرو.
رواه مالك بمعناه من طريق عبد الله بن دينار. عن عبد الله بن عمرو في الموطأ: ٢٥٦.
(٢) الأثر: ١٦٦٤٩ - حديث ابن عمرو في الكنز، رواه أبوه جعفر من طرق، بألفاظ مختلفة، موقوفا على ابن عمر، وهو الصواب، وإسناد هذا الخبر صحيح إلى ابن عمرو.
رواه مالك بمعناه من طريق عبد الله بن دينار. عن عبد الله بن عمرو في الموطأ: ٢٥٦.
217
يكن مدفونًا، فهو كنز. (١)
١٦٦٥١- حدثني أبو السائب قال، حدثنا ابن فضيل، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر قال: أيُّما مالٍ أدّيت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونًا في الأرض. وأيُّما مالٍ لم تودِّ زكاته، فهو كنز يكوى به صاحبه، وإن كان على وجه الأرض. (٢)
١٦٦٥٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي وجرير، عن الأعمش، عن عطية، عن ابن عمر قال: ما أدَّيت زكاته فليس بكنز. (٣)
١٦٦٥٣-...... قال، حدثنا أبي، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر قال: ما أدّيت زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرَضِين. وما لم تؤدِّ زكاته فهو كنز وإن كان ظاهرًا. (٤)
١٦٦٥٤-...... قال، حدثنا جرير، عن الشيباني، عن عكرمة قال: ما أدَّيت زكاته فليس بكنز.
١٦٦٥١- حدثني أبو السائب قال، حدثنا ابن فضيل، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر قال: أيُّما مالٍ أدّيت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونًا في الأرض. وأيُّما مالٍ لم تودِّ زكاته، فهو كنز يكوى به صاحبه، وإن كان على وجه الأرض. (٢)
١٦٦٥٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي وجرير، عن الأعمش، عن عطية، عن ابن عمر قال: ما أدَّيت زكاته فليس بكنز. (٣)
١٦٦٥٣-...... قال، حدثنا أبي، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر قال: ما أدّيت زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرَضِين. وما لم تؤدِّ زكاته فهو كنز وإن كان ظاهرًا. (٤)
١٦٦٥٤-...... قال، حدثنا جرير، عن الشيباني، عن عكرمة قال: ما أدَّيت زكاته فليس بكنز.
(١) الأثر: ١٦٦٥٠ - " الحسن بن الجنيد البلخي "، شيخ الطبري، ويقال " الحسين "، مضى برقم: ٨٤٥٨. وكان في المخطوطة: " الحسين " وأثبت ما في المخطوطة.
و" سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك بن مروان "، ضعيف الحديث، مضى برقم: ٨٤٥٨.
و" إسماعيل بن أمية الأموي "، مضى برقم: ٢٦١٥، ٨٤٥٨.
وهذا إسناد ضعيف لضعف " سعيد بن مسلمة ".
(٢) الأثر: ١٦٦٥١ - رواه البيهقي في السنن ٤: ٨٢، بنحو هذا اللفظ من طريق ابن نمير، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، وقال: " هذا هو الصحيح، موقوف. وكذلك رواه جماعة عن نافع، وجماعة عن عبيد الله بن عمر. وقد رواه سويد بن عبد العزيز، وليس بالقوي، مرفوعا إلى رسول الله ﷺ ".
(٣) الأثر: ١٦٦٥٢ - "عطية"، هو "عطية بن سعد العوفي"، ضعيف الحديث، مضى تضعيفه في رقم: ٣٠٥.
(٤) الأثر: ١٦٦٥٣ - " العمري " وهو " عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب "، سلف مرارا وهذا الإسناد هو الذي أشار إليه البيهقي فيما سلف رقم ١٦٥٥١، في التعليق.
و" سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك بن مروان "، ضعيف الحديث، مضى برقم: ٨٤٥٨.
و" إسماعيل بن أمية الأموي "، مضى برقم: ٢٦١٥، ٨٤٥٨.
وهذا إسناد ضعيف لضعف " سعيد بن مسلمة ".
(٢) الأثر: ١٦٦٥١ - رواه البيهقي في السنن ٤: ٨٢، بنحو هذا اللفظ من طريق ابن نمير، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، وقال: " هذا هو الصحيح، موقوف. وكذلك رواه جماعة عن نافع، وجماعة عن عبيد الله بن عمر. وقد رواه سويد بن عبد العزيز، وليس بالقوي، مرفوعا إلى رسول الله ﷺ ".
(٣) الأثر: ١٦٦٥٢ - "عطية"، هو "عطية بن سعد العوفي"، ضعيف الحديث، مضى تضعيفه في رقم: ٣٠٥.
(٤) الأثر: ١٦٦٥٣ - " العمري " وهو " عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب "، سلف مرارا وهذا الإسناد هو الذي أشار إليه البيهقي فيما سلف رقم ١٦٥٥١، في التعليق.
218
١٦٦٥٥- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: أما (الذين يكنزون الذهب والفضة)، فهؤلاء أهل القبلة، و"الكنز"، ما لم تؤدِّ زكاته وإن كان على ظهر الأرض، وإن قلّ. وإن كان كثيرًا قد أدّيت زكاته، فليس بكنز.
١٦٦٥٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر قال: قلت لعامر: مالٌ على رَفٍّ بين السماء والأرض لا تؤدَّى زكاته، أكنز هو؟ قال: يُكْوَى به يوم القيامة.
* * *
وقال آخرون: كل مال زاد على أربعة آلاف درهم فهو كنز أدَّيت منه الزكاة أو لم تؤدِّ.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٥٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي الضحى، عن جعدة بن هبيرة، عن علي رحمة الله عليه قال: أربعة آلاف درهم فما دونها "نفقة"، فما كان أكثر من ذلك فهو "كنز"، (١)
١٦٦٥٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبي حصين، عن أبي الضحى، عن جعدة بن هبيرة، عن علي مثله.
١٦٦٥٩- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الشعبي قال، أخبرني أبو حصين، عن أبي الضحى، عن جعدة بن هبيرة، عن علي رحمة الله عليه في قوله: (والذين يكنزون الذهب والفضة)، قال: أربعة آلاف درهم فما دونها نفقة، وما فوقها كنز.
* * *
١٦٦٥٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر قال: قلت لعامر: مالٌ على رَفٍّ بين السماء والأرض لا تؤدَّى زكاته، أكنز هو؟ قال: يُكْوَى به يوم القيامة.
* * *
وقال آخرون: كل مال زاد على أربعة آلاف درهم فهو كنز أدَّيت منه الزكاة أو لم تؤدِّ.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٥٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي الضحى، عن جعدة بن هبيرة، عن علي رحمة الله عليه قال: أربعة آلاف درهم فما دونها "نفقة"، فما كان أكثر من ذلك فهو "كنز"، (١)
١٦٦٥٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبي حصين، عن أبي الضحى، عن جعدة بن هبيرة، عن علي مثله.
١٦٦٥٩- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الشعبي قال، أخبرني أبو حصين، عن أبي الضحى، عن جعدة بن هبيرة، عن علي رحمة الله عليه في قوله: (والذين يكنزون الذهب والفضة)، قال: أربعة آلاف درهم فما دونها نفقة، وما فوقها كنز.
* * *
(١) الأثر: ١٦٦٥٧ - " جعدة بن هبيرة المخزومي "، تابعي ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ابن أم هانئ بنت أبي طالب. خاله علي رضي الله عنهم. مترجم في التهذيب، والكبير ١ / ٢ / ٢٣٨، وابن أبي حاتم ١ / ١ / ٥٢٦.
وسيأتي بعد من طريقين.
وسيأتي بعد من طريقين.
219
وقال آخرون: "الكنز" كل ما فضل من المال عن حاجة صاحبه إليه.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٦٠- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الله بن معاذ قال، حدثنا أبي قال، حدثنا شعبة، عن عبد الواحد: أنه سمع أبا مجيب قال: كان نعل سيف أبي هريرة من فضة، فنهاه عنها أبو ذر وقال: إن رسول الله ﷺ قال: "من ترك صَفْرَاء أو بيضاء كُوِي بها. (١)
١٦٦٦١- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن الأعمش وعمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد قال: لما نزلت: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله)، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تبًّا للذهب! تبًّا للفضة! يقولها ثلاثًا، قال: فشق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: فأيَّ مال نتخذ؟! فقال عمر: أنا أعلم لكم
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٦٠- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الله بن معاذ قال، حدثنا أبي قال، حدثنا شعبة، عن عبد الواحد: أنه سمع أبا مجيب قال: كان نعل سيف أبي هريرة من فضة، فنهاه عنها أبو ذر وقال: إن رسول الله ﷺ قال: "من ترك صَفْرَاء أو بيضاء كُوِي بها. (١)
١٦٦٦١- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن الأعمش وعمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد قال: لما نزلت: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله)، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تبًّا للذهب! تبًّا للفضة! يقولها ثلاثًا، قال: فشق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: فأيَّ مال نتخذ؟! فقال عمر: أنا أعلم لكم
(١) الأثر: ١٦٦٦٠ - " ابن عبد الواحد "، يقال: " عبد الله بن عبد الواحد الثقفي "، ويقال: " فلان بن عبد الواحد، رجل من ثقيف "، ويقال: " يحيى بن عبد الواحد " ويقال: " عبد الواحد ". مجهول، وكان في المطبوعة: " عن أنس، عن عبد الواحد "، غير فيها وزاد ما لم يكن في المخطوطة.
و" أبو مجيب "، الشاشي. مجهول.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٥: ١٦٨ من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن رجل من ثقيف يقال له فلان بن عبد الواحد قال: سمعت أبا مجيب.
وذكره الحافظ في تعجيل المنفعة: ٥١٨، في ترجمة " أبو محمد ". وذكر نص حديث أحمد ثم قال: " وهذا الحديث أخرجه البخاري في كتاب الكنى، فيما حكاه الحاكم أبو أحمد عنه، من طريق ابن أبي عدي، عن شعبة، عن عبد الله بن عبد الواحد الثقفي، عن أبي مجيب الشاشي، فذكره. وحكى الحاكم أنه قيل في اسم هذا الثقفي: يحيى، وقيل: عبد الواحد. وقال: الاختلاف فيه على شعبة ".
وفي رواية أحمد: " لقي أبو ذر أبا هريرة، وجعل = أراه قال = قبيعة سيفه فضة ".
و" قبيعة السيف "، هي التي تكون على رأس قائم السيف. وقيل: هي ما تحت شاربي السيف، مما يكون فوق الغمد، فيجيء مع قائم السيف. والشاربان: أنفان طويلان أسفل القائم، أحدهما من هذا الجانب، والآخر من هذا الجانب.
وأما " نعل السيف "، فهو ما يكون في أسفل جفنه من حديدة أو فضة.
و" أبو مجيب "، الشاشي. مجهول.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٥: ١٦٨ من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن رجل من ثقيف يقال له فلان بن عبد الواحد قال: سمعت أبا مجيب.
وذكره الحافظ في تعجيل المنفعة: ٥١٨، في ترجمة " أبو محمد ". وذكر نص حديث أحمد ثم قال: " وهذا الحديث أخرجه البخاري في كتاب الكنى، فيما حكاه الحاكم أبو أحمد عنه، من طريق ابن أبي عدي، عن شعبة، عن عبد الله بن عبد الواحد الثقفي، عن أبي مجيب الشاشي، فذكره. وحكى الحاكم أنه قيل في اسم هذا الثقفي: يحيى، وقيل: عبد الواحد. وقال: الاختلاف فيه على شعبة ".
وفي رواية أحمد: " لقي أبو ذر أبا هريرة، وجعل = أراه قال = قبيعة سيفه فضة ".
و" قبيعة السيف "، هي التي تكون على رأس قائم السيف. وقيل: هي ما تحت شاربي السيف، مما يكون فوق الغمد، فيجيء مع قائم السيف. والشاربان: أنفان طويلان أسفل القائم، أحدهما من هذا الجانب، والآخر من هذا الجانب.
وأما " نعل السيف "، فهو ما يكون في أسفل جفنه من حديدة أو فضة.
220
ذلك! فقال: يا رسول الله، إن أصحابك قد شق عليهم، وقالوا: فأيَّ المال نتخذ؟ فقال: لسانًا ذاكرًا، وقلبًا شاكرًا، وزوجةً تُعين أحدكم على دينه. (١)
١٦٦٦٢- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا إسرائيل، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان، بمثله. (٢)
١٦٦٦٣- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن منصور، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد قال: لما نزلت هذه الآية: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله)، قال المهاجرون: وأيَّ المال نتّخذ؟ فقال عمر: اسأل النبي ﷺ عنه. قال: فأدركته على بعيرٍ فقلت: يا رسول الله، إن المهاجرين قالوا: فأيَّ المال نتخذه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لسانًا ذاكرًا، وقلبًا
١٦٦٦٢- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا إسرائيل، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان، بمثله. (٢)
١٦٦٦٣- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن منصور، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد قال: لما نزلت هذه الآية: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله)، قال المهاجرون: وأيَّ المال نتّخذ؟ فقال عمر: اسأل النبي ﷺ عنه. قال: فأدركته على بعيرٍ فقلت: يا رسول الله، إن المهاجرين قالوا: فأيَّ المال نتخذه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لسانًا ذاكرًا، وقلبًا
(١) الأثر: ١٦٦٦١ - خبر عمر هذا رواه أبو جعفر من طرق. أولها هذا، ثم رقم: ١٦٦٦٢، ١٦٦٦٣، ١٦٦٦٦.
و" سالم بن أبي الجعد الأشجعي، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارا. روى عن عمر، ولم يدركه. ومن هذا، هذا الخبر، ورقم: ١٦٦٦٣.
فهذا خبر ضعيف، لانقطاعه. وانظر تخريج الخبر التالي، وروايته في المسند من طريق عبد الله بن عمرو بن مرة، عن عمرو بن مرة، عن سالم، عن ثوبان.
(٢) الأثر: ١٦٦٦٢ - " سالم بن أبي الجعد "، عن " ثوبان "، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، اشتراه ثم أعتقه.
و" سالم بن أبي الجعد " لم يسمع من ثوبان، قال أحمد: " لم يسمع سالم من ثوبان، ولم يلقه. بينهما: معدان بن أبي طلحة. وليست هذه الأحاديث بصحاح ".
وهذا الخبر رواه أحمد في المسند ٥: ٢٧٨ من طريق إسرائيل، عن منصور، عن سالم.
ثم رواه أيضا ٥: ٢٨٢، من طريق وكيع، عن عبد الله بن عمرو بن مرة، عن عمرو بن مرة، عن سالم، عن ثوبان.
ورواه الترمذي في كتاب التفسير، من طريق عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن منصور، بنحوه، وقال: " هذا حديث حسن. سألت محمد بن إسماعيل (البخاري) فقلت له: سالم بن أبي الجعد سمع ثوبان؟ فقال! لا؛ قلت له، ممن سمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمع من جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وذكر غير واحد من أصحاب النبي ﷺ ".
وسيأتي من طريق سالم عن ثوبان برقم: ١٦٦٦٦.
وانظر تفسير ابن كثير ٤: ١٥٥.
و" سالم بن أبي الجعد الأشجعي، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارا. روى عن عمر، ولم يدركه. ومن هذا، هذا الخبر، ورقم: ١٦٦٦٣.
فهذا خبر ضعيف، لانقطاعه. وانظر تخريج الخبر التالي، وروايته في المسند من طريق عبد الله بن عمرو بن مرة، عن عمرو بن مرة، عن سالم، عن ثوبان.
(٢) الأثر: ١٦٦٦٢ - " سالم بن أبي الجعد "، عن " ثوبان "، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، اشتراه ثم أعتقه.
و" سالم بن أبي الجعد " لم يسمع من ثوبان، قال أحمد: " لم يسمع سالم من ثوبان، ولم يلقه. بينهما: معدان بن أبي طلحة. وليست هذه الأحاديث بصحاح ".
وهذا الخبر رواه أحمد في المسند ٥: ٢٧٨ من طريق إسرائيل، عن منصور، عن سالم.
ثم رواه أيضا ٥: ٢٨٢، من طريق وكيع، عن عبد الله بن عمرو بن مرة، عن عمرو بن مرة، عن سالم، عن ثوبان.
ورواه الترمذي في كتاب التفسير، من طريق عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن منصور، بنحوه، وقال: " هذا حديث حسن. سألت محمد بن إسماعيل (البخاري) فقلت له: سالم بن أبي الجعد سمع ثوبان؟ فقال! لا؛ قلت له، ممن سمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمع من جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وذكر غير واحد من أصحاب النبي ﷺ ".
وسيأتي من طريق سالم عن ثوبان برقم: ١٦٦٦٦.
وانظر تفسير ابن كثير ٤: ١٥٥.
221
شاكرًا، وزوجةً مؤمنةً، تعين أحدكم على دينه. (١)
١٦٦٦٤- حدثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة قال: توفي رجل من أهل الصُّفة، فوُجد في مئزرِه دينارٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيَّةٌ! ثم توفي آخر فوُجد في مئزره ديناران، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كيَّتان! (٢)
١٦٦٦٥- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن صديّ بن عجلان أبي أمامة قال: مات رجل: من أهل الصُّفة، فوجد في مئزره دينارٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيّةٌ! ثم توفيّ آخر، فوجد في مئزره ديناران، فقال نبي الله: كيّتان! (٣)
١٦٦٦٦- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن سالم، عن ثوبان قال: كنا في سفر، ونحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال المهاجرون: لوددنا أنَّا علمنا أيُّ المال خيرٌ فنتخذه؟ إذ نزل في الذهب والفضة ما نزل! فقال عمر: إن شئتم سألتُ رسول الله ﷺ عن ذلك! فقالوا: أجل!
١٦٦٦٤- حدثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة قال: توفي رجل من أهل الصُّفة، فوُجد في مئزرِه دينارٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيَّةٌ! ثم توفي آخر فوُجد في مئزره ديناران، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كيَّتان! (٢)
١٦٦٦٥- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن صديّ بن عجلان أبي أمامة قال: مات رجل: من أهل الصُّفة، فوجد في مئزره دينارٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيّةٌ! ثم توفيّ آخر، فوجد في مئزره ديناران، فقال نبي الله: كيّتان! (٣)
١٦٦٦٦- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن سالم، عن ثوبان قال: كنا في سفر، ونحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال المهاجرون: لوددنا أنَّا علمنا أيُّ المال خيرٌ فنتخذه؟ إذ نزل في الذهب والفضة ما نزل! فقال عمر: إن شئتم سألتُ رسول الله ﷺ عن ذلك! فقالوا: أجل!
(١) الأثر: ١٦٦٦٣ - انظر تخريج الآثار السالفة.
(٢) الأثران: ١٦٦٦٤، ١٦٦٦٥ - " شهر بن حوشب "، مضى توثيقه مرارا.
فهذا خبر صحيح الإسناد، رواه أحمد في المسند ٥: ٢٥٣، من طرق، من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن شهر. ورواه من طريق روح، عن معمر، عن قتادة، ومن طريق حسين، عن شيبان، عن قتادة.
ورواه أيضا ٥: ٢٥٢ عن حجاج قال: سمعت شعبة يحدث عن قتادة وهاشم = قال حدثني شعبة أنبأنا قتادة قال: سمعت أبا الحسن يحدث = قال هاشم في حديثه: أبو الجعد مولى لبني ضبيعة، عن أبي أمامة.
ثم رواه أيضا ٥: ٢٥٣، من حجاج، عن شعبة، عن عبد الرحمن، من أهل حمص، من بني العداء، من كندة، مختصرا.
وروى أحمد نحوه في حديث علي بن أبي طالب، بإسناد ضعيف رقم: ٧٨٨، ١١٥٥، ١١٥٦، ١١٥٧.
وانظر تفسير ابن كثير ٤: ١٥٨، ١٥٩.
(٣) الأثران: ١٦٦٦٤، ١٦٦٦٥ - " شهر بن حوشب "، مضى توثيقه مرارا.
فهذا خبر صحيح الإسناد، رواه أحمد في المسند ٥: ٢٥٣، من طرق، من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن شهر. ورواه من طريق روح، عن معمر، عن قتادة، ومن طريق حسين، عن شيبان، عن قتادة.
ورواه أيضا ٥: ٢٥٢ عن حجاج قال: سمعت شعبة يحدث عن قتادة وهاشم = قال حدثني شعبة أنبأنا قتادة قال: سمعت أبا الحسن يحدث = قال هاشم في حديثه: أبو الجعد مولى لبني ضبيعة، عن أبي أمامة.
ثم رواه أيضا ٥: ٢٥٣، من حجاج، عن شعبة، عن عبد الرحمن، من أهل حمص، من بني العداء، من كندة، مختصرا.
وروى أحمد نحوه في حديث علي بن أبي طالب، بإسناد ضعيف رقم: ٧٨٨، ١١٥٥، ١١٥٦، ١١٥٧.
وانظر تفسير ابن كثير ٤: ١٥٨، ١٥٩.
(٢) الأثران: ١٦٦٦٤، ١٦٦٦٥ - " شهر بن حوشب "، مضى توثيقه مرارا.
فهذا خبر صحيح الإسناد، رواه أحمد في المسند ٥: ٢٥٣، من طرق، من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن شهر. ورواه من طريق روح، عن معمر، عن قتادة، ومن طريق حسين، عن شيبان، عن قتادة.
ورواه أيضا ٥: ٢٥٢ عن حجاج قال: سمعت شعبة يحدث عن قتادة وهاشم = قال حدثني شعبة أنبأنا قتادة قال: سمعت أبا الحسن يحدث = قال هاشم في حديثه: أبو الجعد مولى لبني ضبيعة، عن أبي أمامة.
ثم رواه أيضا ٥: ٢٥٣، من حجاج، عن شعبة، عن عبد الرحمن، من أهل حمص، من بني العداء، من كندة، مختصرا.
وروى أحمد نحوه في حديث علي بن أبي طالب، بإسناد ضعيف رقم: ٧٨٨، ١١٥٥، ١١٥٦، ١١٥٧.
وانظر تفسير ابن كثير ٤: ١٥٨، ١٥٩.
(٣) الأثران: ١٦٦٦٤، ١٦٦٦٥ - " شهر بن حوشب "، مضى توثيقه مرارا.
فهذا خبر صحيح الإسناد، رواه أحمد في المسند ٥: ٢٥٣، من طرق، من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن شهر. ورواه من طريق روح، عن معمر، عن قتادة، ومن طريق حسين، عن شيبان، عن قتادة.
ورواه أيضا ٥: ٢٥٢ عن حجاج قال: سمعت شعبة يحدث عن قتادة وهاشم = قال حدثني شعبة أنبأنا قتادة قال: سمعت أبا الحسن يحدث = قال هاشم في حديثه: أبو الجعد مولى لبني ضبيعة، عن أبي أمامة.
ثم رواه أيضا ٥: ٢٥٣، من حجاج، عن شعبة، عن عبد الرحمن، من أهل حمص، من بني العداء، من كندة، مختصرا.
وروى أحمد نحوه في حديث علي بن أبي طالب، بإسناد ضعيف رقم: ٧٨٨، ١١٥٥، ١١٥٦، ١١٥٧.
وانظر تفسير ابن كثير ٤: ١٥٨، ١٥٩.
222
فانطلق، فتبعته أوضع على بعيري، (١) فقال: يا رسول الله إن المهاجرين لما أنزل الله في الذهب والفضة ما أنزل قالوا: وددنا أنّا علمنا أيّ المال خير فنتخذه؟ قال: نعم! فيتخذ أحدكم لسانًا ذاكرًا، وقلبًا شاكرًا، وزوجةٌ تعين أحدَكم على إيمانه. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصحة، القولُ الذي ذكر عن ابن عمر: من أن كل مالٍ أدّيت زكاته فليس بكنز يحرُم على صاحبه اكتنازُه وإن كثر = وأنّ كل مالٍ لم تُؤَّد زكاته فصاحبه مُعاقب مستحقٌّ وعيدَ الله، إلا أن يتفضل الله عليه بعفوه وإن قلّ، إذا كان مما يجبُ فيه الزكاة.
وذلك أن الله أوجب في خمس أواقٍ من الوَرِق على لسان رسوله رُبع عُشْرها، (٣) وفي عشرين مثقالا من الذهب مثل ذلك، رُبْع عشرها. فإذ كان ذلك فرضَ الله في الذهب والفضَّة على لسان رسوله، فمعلومٌ أن الكثير من المال وإن بلغ في الكثرة ألوفَ ألوفٍ، لو كان = وإن أدِّيت زكاته = من الكنوز التي أوعدَ الله أهلَها عليها العقاب، لم يكن فيه الزكاة التي ذكرنا من رُبْع العُشْر. لأن ما كان فرضًا إخراجُ جميعِه من المال، وحرامٌ اتخاذه، فزكاته الخروجُ من جميعه إلى أهله، لا رُبع عُشره. وذلك مثلُ المال المغصوب الذي هو حرامٌ على الغاصب إمساكُه، وفرضٌ عليه إخراجه من يده إلى يده، التطهّر منه: ردُّه إلى صاحبه. فلو كان ما زادَ من المال على أربعة آلاف درهم، أو ما فضل عن حاجة ربِّه التي لا بد منها، مما يستحق صاحبُه باقتنائه = إذا أدَّى إلى أهل السُّهْمان حقوقهم منها من الصدقة = وعيدَ الله، لم يكن اللازمُ ربَّه فيه رُبْع عشره، بل كان اللازم له الخروج من جميعه إلى أهله، وصرفه فيما يجب عليه صرفه، كالذي ذكرنا
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصحة، القولُ الذي ذكر عن ابن عمر: من أن كل مالٍ أدّيت زكاته فليس بكنز يحرُم على صاحبه اكتنازُه وإن كثر = وأنّ كل مالٍ لم تُؤَّد زكاته فصاحبه مُعاقب مستحقٌّ وعيدَ الله، إلا أن يتفضل الله عليه بعفوه وإن قلّ، إذا كان مما يجبُ فيه الزكاة.
وذلك أن الله أوجب في خمس أواقٍ من الوَرِق على لسان رسوله رُبع عُشْرها، (٣) وفي عشرين مثقالا من الذهب مثل ذلك، رُبْع عشرها. فإذ كان ذلك فرضَ الله في الذهب والفضَّة على لسان رسوله، فمعلومٌ أن الكثير من المال وإن بلغ في الكثرة ألوفَ ألوفٍ، لو كان = وإن أدِّيت زكاته = من الكنوز التي أوعدَ الله أهلَها عليها العقاب، لم يكن فيه الزكاة التي ذكرنا من رُبْع العُشْر. لأن ما كان فرضًا إخراجُ جميعِه من المال، وحرامٌ اتخاذه، فزكاته الخروجُ من جميعه إلى أهله، لا رُبع عُشره. وذلك مثلُ المال المغصوب الذي هو حرامٌ على الغاصب إمساكُه، وفرضٌ عليه إخراجه من يده إلى يده، التطهّر منه: ردُّه إلى صاحبه. فلو كان ما زادَ من المال على أربعة آلاف درهم، أو ما فضل عن حاجة ربِّه التي لا بد منها، مما يستحق صاحبُه باقتنائه = إذا أدَّى إلى أهل السُّهْمان حقوقهم منها من الصدقة = وعيدَ الله، لم يكن اللازمُ ربَّه فيه رُبْع عشره، بل كان اللازم له الخروج من جميعه إلى أهله، وصرفه فيما يجب عليه صرفه، كالذي ذكرنا
(١) " أوضع الراكب "، أسرع بدابته إسراعا دون العدو الشديد.
(٢) الأثر: ١٦٦٦٦ - مكرر الخبر رقم: ١٦٦٦٢، وانظر تخريج الأخبار السالفة.
(٣) " الورق " (بكسر الراء)، الفضة.
(٢) الأثر: ١٦٦٦٦ - مكرر الخبر رقم: ١٦٦٦٢، وانظر تخريج الأخبار السالفة.
(٣) " الورق " (بكسر الراء)، الفضة.
223
من أن الواجب على غاصِبِ رجلٍ مالَه، رَدُّه على ربِّه.
* * *
وبعدُ، فإن فيما:-
١٦٦٦٧- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور قال، قال معمر، أخبرني سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال: ما من رجل لا يؤدِّي زكاةَ ماله إلا جُعل يوم القيامة صفائحَ من نار يُكْوَى بها جبينه وجبهته وظهره، (١) في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي بين الناس، ثم يرى سبيله، وإن كانت إبلا إلا بُطِحَ لها بقاع قرقرٍ، (٢) تطؤه بأخفافها = حسبته قال: وتعضه بأفواهها = يردّ أولاها على أخراها، حتى يقضي بين الناس، ثم يرى سبيله. وإن كانت غنمًا فمثل ذلك، إلا أنها تنطحه بقُرُونها، وتطؤُه بأظلافها. (٣)
* * *
= وفي نظائر ذلك من الأخبار التي كرهنا الإطالة بذكرها، الدلالةُ الواضحة على أن الوعيد إنما هو من الله على الأموال التي لم تُؤَدَّ الوظائفُ المفروضةُ فيها لأهلها من الصدقة، لا على اقتنائها واكتنازها. وفيما بيّنا من ذلك البيانُ الواضح على أن الآية لخاصٍّ، كما قال ابن عباس، وذلك ما:-
١٦٦٦٨- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي،
* * *
وبعدُ، فإن فيما:-
١٦٦٦٧- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور قال، قال معمر، أخبرني سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال: ما من رجل لا يؤدِّي زكاةَ ماله إلا جُعل يوم القيامة صفائحَ من نار يُكْوَى بها جبينه وجبهته وظهره، (١) في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي بين الناس، ثم يرى سبيله، وإن كانت إبلا إلا بُطِحَ لها بقاع قرقرٍ، (٢) تطؤه بأخفافها = حسبته قال: وتعضه بأفواهها = يردّ أولاها على أخراها، حتى يقضي بين الناس، ثم يرى سبيله. وإن كانت غنمًا فمثل ذلك، إلا أنها تنطحه بقُرُونها، وتطؤُه بأظلافها. (٣)
* * *
= وفي نظائر ذلك من الأخبار التي كرهنا الإطالة بذكرها، الدلالةُ الواضحة على أن الوعيد إنما هو من الله على الأموال التي لم تُؤَدَّ الوظائفُ المفروضةُ فيها لأهلها من الصدقة، لا على اقتنائها واكتنازها. وفيما بيّنا من ذلك البيانُ الواضح على أن الآية لخاصٍّ، كما قال ابن عباس، وذلك ما:-
١٦٦٦٨- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي،
(١) في المخطوطة: " جسه " غير منقوطة، والذي في مسلم: " جنباه وجبينه " والاختلاف في هذه الأحرف ذكره مسلم في صحيحه، وأثبت ما في المخطوطة لموافقته لما في مسند أحمد رقم: ٧٧٠٦.
(٢) " بطح " (بالبناء للمجهول)، ألقي على وجهه. و " القاع ": الأرض المستوية الفسيحة. و " قرقر "، هي الصحراء البارزة الملساء.
(٣) الأثر: ١٦٦٦٧ - حديث صحيح. رواه مسلم مطولا في صحيحه ٧: ٦٧، من طريق محمد بن عبد الملك الأموي، عن عبد العزيز بن المختار، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبي صالح. ورواه من طرق أخرى عن أبي صالح، ومن طرق عن أبي هريرة.
ورواه أحمد في مسنده رقم: ٧٥٥٣، مطولا، وقد استوفى أخي السيد أحمد تخريجه هناك. ثم رواه أيضا رقم: ٧٧٠٦، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن سهيل بن أبي صالح، مختصرا، وفيه: " جبينه وجبهته وظهره " فمن أجل ذلك أثبت ما كان في المخطوطة (تعليق: ١).
(٢) " بطح " (بالبناء للمجهول)، ألقي على وجهه. و " القاع ": الأرض المستوية الفسيحة. و " قرقر "، هي الصحراء البارزة الملساء.
(٣) الأثر: ١٦٦٦٧ - حديث صحيح. رواه مسلم مطولا في صحيحه ٧: ٦٧، من طريق محمد بن عبد الملك الأموي، عن عبد العزيز بن المختار، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبي صالح. ورواه من طرق أخرى عن أبي صالح، ومن طرق عن أبي هريرة.
ورواه أحمد في مسنده رقم: ٧٥٥٣، مطولا، وقد استوفى أخي السيد أحمد تخريجه هناك. ثم رواه أيضا رقم: ٧٧٠٦، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن سهيل بن أبي صالح، مختصرا، وفيه: " جبينه وجبهته وظهره " فمن أجل ذلك أثبت ما كان في المخطوطة (تعليق: ١).
224
قال حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم)، يقول: هم أهل الكتاب. وقال: هي خاصَّة وعامةٌ.
* * *
قال أبو جعفر: يعني بقوله: "هي خاصة وعامة"، هي خاصة من المسلمين فيمن لم يؤدِّ زكاة ماله منهم، وعامة في أهل الكتاب، لأنهم كفار لا تقبل منهم نفقاتهم إن أنفقوا. يدلُّ على صحة ما قلنا في تأويل قول ابن عباس هذا، ما:-
١٦٦٦٩- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها)، إلى قوله: (هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)، قال: هم الذين لا يؤدُّون زكاة أموالهم. قال: وكل مالٍ لا تؤدَّى زكاته، كان على ظهر الأرض أو في بطنها، فهو كنز وكل مالٍ تؤدَّى زكاته فليس بكنز كان على ظهر الأرض أو في بطنها.
١٦٦٧٠- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (والذين يكنزون الذهب والفضة)، قال: "الكنز"، ما كنز عن طاعة الله وفريضته، وذلك "الكنز". وقال: افترضت الزكاة والصلاة جميعًا لم يفرَّق بينهما.
* * *
قال أبو جعفر: وإنما قلنا: "ذلك على الخصوص"، لأن "الكنز" في كلام العرب: كل شيء مجموع بعضُه على بعضٍ، في بطن الأرض كان أو على ظهرها، يدلُّ على ذلك قول الشاعر: (١)
* * *
قال أبو جعفر: يعني بقوله: "هي خاصة وعامة"، هي خاصة من المسلمين فيمن لم يؤدِّ زكاة ماله منهم، وعامة في أهل الكتاب، لأنهم كفار لا تقبل منهم نفقاتهم إن أنفقوا. يدلُّ على صحة ما قلنا في تأويل قول ابن عباس هذا، ما:-
١٦٦٦٩- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها)، إلى قوله: (هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)، قال: هم الذين لا يؤدُّون زكاة أموالهم. قال: وكل مالٍ لا تؤدَّى زكاته، كان على ظهر الأرض أو في بطنها، فهو كنز وكل مالٍ تؤدَّى زكاته فليس بكنز كان على ظهر الأرض أو في بطنها.
١٦٦٧٠- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (والذين يكنزون الذهب والفضة)، قال: "الكنز"، ما كنز عن طاعة الله وفريضته، وذلك "الكنز". وقال: افترضت الزكاة والصلاة جميعًا لم يفرَّق بينهما.
* * *
قال أبو جعفر: وإنما قلنا: "ذلك على الخصوص"، لأن "الكنز" في كلام العرب: كل شيء مجموع بعضُه على بعضٍ، في بطن الأرض كان أو على ظهرها، يدلُّ على ذلك قول الشاعر: (١)
لا دَرَّ دَرِّيَ إنْ أَطْعَمْتُ نَازِلَهُمْ | قَرْفَ الْحَتِيِّ وعِنْدِي الْبُرُّ مَكْنُوزُ (٢) |
(١) هو المتنخل الهذلي.
(٢) ديوان الهذليين ٢: ١٥، اللسان (كنز)، وغيرهما كثير، وهي أبيات جياد، وصف فيها جوع الجائع وصفا لا يبارى، يقول بعده، ووصف رجلا ضاعت نعمه، وشردته البيد:
" القرف "، ما يقرف عن الشيء، وهي قشره. و " الحتى " الدوم. يقول: لا أطعمه الخسيس، والبر عندي مخزون بعضه على بعض.
ثم يقول: ضاعت إبله، فتقاذفته البيد، فهو من قلقه يصعد على الروابي يتنور نارا يقصدها.
ثم قال: يدفعه سواد الليل ومخاوفه، وقد أضناه السير، فوقع في أرض ذات شوك، فعلق به، لا يكاد ينقشه من شدة ضعفه. ثم يقول: اشتدت ريح الشمال الباردة بالليل = وهي المؤوبة، والشمال، هي النسع = فطيرت عنه ثوبيه الباليين، فأخذه الجوع والبرد، فحمي جوفه من شدة الجوع، وذلك هو " الجيار "، واصطكت أسنانه، وذلك هو " الإرزيز ". ثم يقول: لو جاءني هذا الجائع المشرد، لكان بين أهله، فهو عندي بمنزلة حجاج وإخوته، وهم أولاد المتنخل، في ساعة العسرة، بل لكان له فضل عليهم = وهو " الشف " =، ولكان له زيادة وتمييز = وهو " التمزيز ".
(٢) ديوان الهذليين ٢: ١٥، اللسان (كنز)، وغيرهما كثير، وهي أبيات جياد، وصف فيها جوع الجائع وصفا لا يبارى، يقول بعده، ووصف رجلا ضاعت نعمه، وشردته البيد:
* * *لَوْ أنَّهُ جَاءَني جَوْعَانُ مُهْتَلِكٌ | مِنْ بُؤسِ النَّاسِ، عَنْهُ الخيْرُ مَحْجُوزُ |
أعْيَى وقَصَّرَ لَمَّا فَاتَهُ نَعَمٌ | يُبَادِرُ اللَّيْلَ بالعَلْيَاء مَحْفُوزُ |
حَتَّى يَجِيءَ، وَجِنُّ اللَّيْلِ يُوغِلُهُ | والشَّوْكُ فِي وَضَحِ الرِّجْلَيْنِ مَرْكُوزُ |
قَدْ حَالَ دُونَ دَرِيسَيْهِ مُؤَوِّبَةٌ | نِسْعٌ، لَهَا بِعِضَاهِ الأرْضِ تَهْرِيزُ |
كَأنَّمَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَلبَّتِهِ | مِنْ جُلْبَةِ الجُوعِ جَيَّارٌ وإرْزِيزُ |
لَبَاتَ أُسْوَةَ حَجَّاجٍ وَإخْوَتِهِ | فِي جَهْدِنا، أوْ لَهُ شَفٌّ وَتْمرِيزُ |
ثم يقول: ضاعت إبله، فتقاذفته البيد، فهو من قلقه يصعد على الروابي يتنور نارا يقصدها.
ثم قال: يدفعه سواد الليل ومخاوفه، وقد أضناه السير، فوقع في أرض ذات شوك، فعلق به، لا يكاد ينقشه من شدة ضعفه. ثم يقول: اشتدت ريح الشمال الباردة بالليل = وهي المؤوبة، والشمال، هي النسع = فطيرت عنه ثوبيه الباليين، فأخذه الجوع والبرد، فحمي جوفه من شدة الجوع، وذلك هو " الجيار "، واصطكت أسنانه، وذلك هو " الإرزيز ". ثم يقول: لو جاءني هذا الجائع المشرد، لكان بين أهله، فهو عندي بمنزلة حجاج وإخوته، وهم أولاد المتنخل، في ساعة العسرة، بل لكان له فضل عليهم = وهو " الشف " =، ولكان له زيادة وتمييز = وهو " التمزيز ".
225
يعني بذلك: وعندي البرُّ مجموع بعضه على بعض. وكذلك تقول العرب للبدن المجتمع: "مكتنز"، لانضمام بعضه إلى بعض.
وإذا كان ذلك معنى "الكنز"، عندهم، وكان قوله: (والذين يكنزون الذهب والفضة)، معناه: والذين يجمعون الذهب والفضة بعضَها إلى بعض ولا ينفقونها في سبيل الله، وهو عامٌّ في التلاوة، ولم يكن في الآية بيانُ كم ذلك القدر من الذهب والفضّة الذي إذا جمع بعضُه إلى بعض، (١) استحقَّ الوعيدَ = (٢) كان معلومًا أن خصوص ذلك إنما أدرك، لوقْف الرسول عليه، وذلك كما بينا من أنه المال الذي لم يودَّ حق الله منه من الزكاة دون غيره، لما قد أوضحنا من الدلالة على صحته.
وإذا كان ذلك معنى "الكنز"، عندهم، وكان قوله: (والذين يكنزون الذهب والفضة)، معناه: والذين يجمعون الذهب والفضة بعضَها إلى بعض ولا ينفقونها في سبيل الله، وهو عامٌّ في التلاوة، ولم يكن في الآية بيانُ كم ذلك القدر من الذهب والفضّة الذي إذا جمع بعضُه إلى بعض، (١) استحقَّ الوعيدَ = (٢) كان معلومًا أن خصوص ذلك إنما أدرك، لوقْف الرسول عليه، وذلك كما بينا من أنه المال الذي لم يودَّ حق الله منه من الزكاة دون غيره، لما قد أوضحنا من الدلالة على صحته.
(١) في المخطوطة والمطبوعة: " لم يكن في الآية "، بغير واو، والصواب إثباتها.
(٢) السياق: " وإ ذا كان ذلك معنى الكنز عندهم... كان معلوما... ".
(٢) السياق: " وإ ذا كان ذلك معنى الكنز عندهم... كان معلوما... ".
226
وقد كان بعض الصحابة يقول: هي عامة في كل كنز غير أنها خاصّة في أهل الكتاب، وإياهم عَنَى الله بها.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٧١- حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا حصين، عن زيد بن وهب قال: مررت بالرَّبَذَة، فلقيت أبا ذَرّ، فقلت: يا أبا ذرّ، ما أنزلك هذه البلاد؟ قال: كنت بالشأم، فقرأت هذه الآية: (والذين يكنزون الذهب والفضة)، الآية، فقال معاوية: ليست هذه الآية فينَا، إنما هذه الآية في أهل الكتاب! قال: فقلت: إنها لفينا وفيهم! قال: فارتَفَع في ذلك بيني وبينه القولُ، فكتب إلى عثمان يشكُوني، فكتب إليَّ عثمان أنْ أقبل إليّ! قال: فأقبلت، فلما قدمت المدينة ركِبني الناسُ كأنهم لم يروني قبل يومئذ، فشكوت ذلك إلى عثمان، فقال لي: تَنَحَّ قريبًا. قلت: والله لن أدعَ ما كنت أقول! (١)
١٦٦٧٢- حدثنا أبو كريب وأبو السائب وابن وكيع قالوا، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا حصين، عن زيد بن وهب قال: مررنا بالربذة، ثم ذكر عن أبي ذر نحوه. (٢)
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٧١- حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا حصين، عن زيد بن وهب قال: مررت بالرَّبَذَة، فلقيت أبا ذَرّ، فقلت: يا أبا ذرّ، ما أنزلك هذه البلاد؟ قال: كنت بالشأم، فقرأت هذه الآية: (والذين يكنزون الذهب والفضة)، الآية، فقال معاوية: ليست هذه الآية فينَا، إنما هذه الآية في أهل الكتاب! قال: فقلت: إنها لفينا وفيهم! قال: فارتَفَع في ذلك بيني وبينه القولُ، فكتب إلى عثمان يشكُوني، فكتب إليَّ عثمان أنْ أقبل إليّ! قال: فأقبلت، فلما قدمت المدينة ركِبني الناسُ كأنهم لم يروني قبل يومئذ، فشكوت ذلك إلى عثمان، فقال لي: تَنَحَّ قريبًا. قلت: والله لن أدعَ ما كنت أقول! (١)
١٦٦٧٢- حدثنا أبو كريب وأبو السائب وابن وكيع قالوا، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا حصين، عن زيد بن وهب قال: مررنا بالربذة، ثم ذكر عن أبي ذر نحوه. (٢)
(١) الأثر: ١٦٦٧١ - " أبو حصين "، " عبد الله بن أحمد بن يونس اليربوعي "، شيخ الطبري، ثقة. مضى برقم: ١٢٣٣٦.
و" حصين "، هو " حصين بن عبد الرحمن الهذلي "، ثقة سلف مرارا، آخرها رقم: ١٢١٩٣، ١٢٣٠٤.
و" زيد بن وهب الجهني" تابعي كبير، هاجر إلى رسول الله، ولم يدركه. مضى برقم: ٤٢٢٢، ١٦٥٢٧، ١٦٥٢٨.
وهذا الخبر رواه البخاري في صحيحه (الفتح ٣: ٢١٧ / ٨: ٢٤٤)، أولهما من طريق هشيم، عن حصين، والثاني من طريق جرير، عن حصين.
ورواه ابن سعد في الطبقات ٤ / ١ / ١٦٦، من طريق هشيم، عن حصين.
وسيرويه أبو جعفر من طريق هشيم أيضا برقم: ١٦٦٧٤.
(٢) الأثر: ١٦٦٧٢ - هذا مكرر الذي قبله.
و" حصين "، هو " حصين بن عبد الرحمن الهذلي "، ثقة سلف مرارا، آخرها رقم: ١٢١٩٣، ١٢٣٠٤.
و" زيد بن وهب الجهني" تابعي كبير، هاجر إلى رسول الله، ولم يدركه. مضى برقم: ٤٢٢٢، ١٦٥٢٧، ١٦٥٢٨.
وهذا الخبر رواه البخاري في صحيحه (الفتح ٣: ٢١٧ / ٨: ٢٤٤)، أولهما من طريق هشيم، عن حصين، والثاني من طريق جرير، عن حصين.
ورواه ابن سعد في الطبقات ٤ / ١ / ١٦٦، من طريق هشيم، عن حصين.
وسيرويه أبو جعفر من طريق هشيم أيضا برقم: ١٦٦٧٤.
(٢) الأثر: ١٦٦٧٢ - هذا مكرر الذي قبله.
227
١٦٦٧٣- حدثني أبو السائب قال، حدثنا ابن إدريس، عن أشعث وهشام، عن أبي بشر قال، قال أبو ذر: خرجت إلى الشأم، فقرأت هذه الآية: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله)، فقال معاوية: إنما هي في أهل الكتاب! قال فقلت: إنها لفينا وفيهم. (١)
١٦٦٧٤- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين، عن زيد بن وهب قال: مررت بالرَّبَذة، فإذا أنا بأبي ذر قال قلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشأم، فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله)، قال: فقال: نزلت في أهل الكتاب. فقلت: نزلت فينا وفيهم = ثم ذكر نحو حديث هشيم، عن حصين. (٢)
* * *
فإن قال قائل: فكيف قيل: (ولا ينفقونها في سبيل الله)، فأخرجت "الهاء" و"الألف" مخرج الكناية عن أحدِ النوعين.
قيل: يحتمل ذلك وجهين:
أحدهما: أن يكون "الذهب والفضة" مرادًا بها الكنوز، كأنه قيل: والذين يكنزون الكنوز ولا ينفقونَها في سبيل الله، لأن الذهب والفضة هي "الكنوز"، في هذا الموضع.
والأخر أن يكون استغنى بالخبر عن إحداهما في عائد ذكرهما، من الخبر عن الأخرى، لدلالة الكلام على الخبر عن الأخرى مثل الخبر عنها، وذلك كثير موجود في كلام العرب وأشعارها، ومنه قول الشاعر: (٣)
١٦٦٧٤- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين، عن زيد بن وهب قال: مررت بالرَّبَذة، فإذا أنا بأبي ذر قال قلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشأم، فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله)، قال: فقال: نزلت في أهل الكتاب. فقلت: نزلت فينا وفيهم = ثم ذكر نحو حديث هشيم، عن حصين. (٢)
* * *
فإن قال قائل: فكيف قيل: (ولا ينفقونها في سبيل الله)، فأخرجت "الهاء" و"الألف" مخرج الكناية عن أحدِ النوعين.
قيل: يحتمل ذلك وجهين:
أحدهما: أن يكون "الذهب والفضة" مرادًا بها الكنوز، كأنه قيل: والذين يكنزون الكنوز ولا ينفقونَها في سبيل الله، لأن الذهب والفضة هي "الكنوز"، في هذا الموضع.
والأخر أن يكون استغنى بالخبر عن إحداهما في عائد ذكرهما، من الخبر عن الأخرى، لدلالة الكلام على الخبر عن الأخرى مثل الخبر عنها، وذلك كثير موجود في كلام العرب وأشعارها، ومنه قول الشاعر: (٣)
(١) الأثر: ١٦٦٧٣ - " أبو بشر "، هو: " جعفر بن أبي وحشية "، مضى مرارا. وهو إسناد منقطع.
(٢) الأثر: ١٦٦٧٤ - هو مكرر الأثر السالف رقم: ١٦٦٧١، انظر تخريجه هناك.
(٣) هو عمرو بن امرئ القيس، من بني الحارث بن الخزرج، جد عبد الله بن رواحة، جاهلي قديم.
(٢) الأثر: ١٦٦٧٤ - هو مكرر الأثر السالف رقم: ١٦٦٧١، انظر تخريجه هناك.
(٣) هو عمرو بن امرئ القيس، من بني الحارث بن الخزرج، جد عبد الله بن رواحة، جاهلي قديم.
228
نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وأَنْتَ بِمَا | عِنْدَكَ رَاض، وَالرَّأْيُ مُخْتَلِفُ (١) |
إِنَّ شَرْخَ الشَّبَابِ والشَّعَرَ الأسْ | وَدَ مَا لَمْ يُعَاصَ كانَ جُنُونَا (٣) |
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنزتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنزونَ (٣٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فبشر هؤلاء الذين يكنزون الذهب والفضة، ولا يخرجون حقوق الله منها، يا محمد، بعذاب أليم = (يوم يحمى عليها في نار جهنم)، فـ "اليوم" من صلة "العذاب الأليم"، كأنه قيل: يبشرهم بعذاب أليم، يعذبهم الله به في يوم يحمى عليها.
(١) جمهرة أشعار العرب: ١٢٧، سيبويه ١: ٣٧، ٣٨ (منسوبا لقيس بن الخطيم، وهو خطأ)، ومعاني القرآن للفراء ١: ٤٣٤، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٥٨، الخزانة ٢: ١٩٠، وغيرها، ومضى بيت منها ٢: ٢١، وسيأتي في التفسير ٢٢: ٦٨ / ٢٦: ٩٩ (بولاق) من قصيدة قالها لمالك بن العجلان النجاري، في خبر طويل، يقول له:
(٢) هو حسان بن ثابت.
(٣) ديوانه: ٤١٣، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٥٨، والكامل ٢: ٧٩، واللسان (شرخ)، و " الشرخ ": الحد، أي غاية ارتفاعه، يعني بذلك: أقصى قوته ونضارته وعنفوانه.
يا مَالِ، والسَّيِّدُ المُعَمَّمُ قَدْ | يَطْرَأُ فِي بَعْضِ رأيِهِ السَّرَفُ |
خالَفْتَ فِي الرأيِ كُلَّ ذِي فَخَرٍ | وَالحقُّ، يا مَالِ، غيرُ مَا تَصِفُ. |
(٣) ديوانه: ٤١٣، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٥٨، والكامل ٢: ٧٩، واللسان (شرخ)، و " الشرخ ": الحد، أي غاية ارتفاعه، يعني بذلك: أقصى قوته ونضارته وعنفوانه.
229
ويعني بقوله: (يحمي عليها)، تدخل النار فيوقد عليها، أي: على الذهب والفضة التي كنزوها = (في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم).
* * *
وكل شيء أدخل النار فقد أحمي إحماءً، يقال منه: "أحمَيت الحديدة في النار أحميها إحماءً".
* * *
وقوله: (فتكوى بها جباههم)، يعني بالذهب والفضة المكنوزة، يحمى عليها في نار جهنم، يكوي الله بها. يقول: يحرق الله جباهَ كانزيها وجنوبَهم وظهورهم = (هذا ما كنزتم)، ومعناه: ويقال لهم: هذا ما كنزتم في الدنيا، أيها الكافرون الذين منعوا كنوزهم من فرائض الله الواجبة فيها لأنفسكم = (فذوقوا ما كنتم تكنزون)، يقول: فيقال لهم: فاطعَمُوا عذاب الله بما كنتم تمنعون من أموالكم حقوقَ الله وتكنزونها مكاثرةً ومباهاةً. (١)
وحذف من قوله: (هذا ما كنزتم) و "يقال لهم"، لدلالة الكلام عليه.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٧٥- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، قال: أخبرنا أيوب، عن حميد بن هلال قال: كان أبو ذر يقول: بشّر الكنّازين بكيّ في الجباه، وكيّ في الجنوب، وكيٍّ في الظهور، حتى يلتقي الحرُّ في أجوافهم. (٢)
* * *
وكل شيء أدخل النار فقد أحمي إحماءً، يقال منه: "أحمَيت الحديدة في النار أحميها إحماءً".
* * *
وقوله: (فتكوى بها جباههم)، يعني بالذهب والفضة المكنوزة، يحمى عليها في نار جهنم، يكوي الله بها. يقول: يحرق الله جباهَ كانزيها وجنوبَهم وظهورهم = (هذا ما كنزتم)، ومعناه: ويقال لهم: هذا ما كنزتم في الدنيا، أيها الكافرون الذين منعوا كنوزهم من فرائض الله الواجبة فيها لأنفسكم = (فذوقوا ما كنتم تكنزون)، يقول: فيقال لهم: فاطعَمُوا عذاب الله بما كنتم تمنعون من أموالكم حقوقَ الله وتكنزونها مكاثرةً ومباهاةً. (١)
وحذف من قوله: (هذا ما كنزتم) و "يقال لهم"، لدلالة الكلام عليه.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٧٥- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، قال: أخبرنا أيوب، عن حميد بن هلال قال: كان أبو ذر يقول: بشّر الكنّازين بكيّ في الجباه، وكيّ في الجنوب، وكيٍّ في الظهور، حتى يلتقي الحرُّ في أجوافهم. (٢)
(١) انظر تفسير " ذاق " فيما سلف ص: ١٥، تعليق: ٤، والمراجع هناك.
(٢) الأثر: ١٦٦٧٥ - " حميد بن هلال العدوي "، ثقة، متكلم فيه، لأنه دخل في عمل السلطان. وقال البزار في مسنده: لم يسمع من أبي ذر. ومات حميد في ولاية خالد بن عبد الله القسري على العراق. مضى برقم: ١٣٧٦٨.
(٢) الأثر: ١٦٦٧٥ - " حميد بن هلال العدوي "، ثقة، متكلم فيه، لأنه دخل في عمل السلطان. وقال البزار في مسنده: لم يسمع من أبي ذر. ومات حميد في ولاية خالد بن عبد الله القسري على العراق. مضى برقم: ١٣٧٦٨.
230
١٦٦٧٦-...... قال: حدثنا ابن علية، عن الجريري، عن أبي العلاء بن الشخير، عن الأحنف بن قيس قال: قدمت المدينة، فبينا أنا في حَلْقَة فيها ملأ من قريش، إذ جاء رجل أخشن الثياب، أخشن الجسد، أخشن الوجه، (١) فقام عليهم فقال: بشِّر الكنازين برضْفٍ يحمى عليه في نار جهنم، (٢) فيوضع على حَلَمة ثدْي أحدهم حتى يخرج من نُغْضِ كتفه، ويوضع على نُغْضِ كتفه، (٣) حتى يخرج من حَلَمة ثدييه، يتزلزل، (٤) قال: فوضع القوم رءوسهم، فما رأيت أحدًا منهم رجع إليه شيئًا. قال: وأدبر، فاتبعته، حتى جلس إلى ساريةٍ، فقلت: ما رأيت هؤلاء إلا كرهوا ما قُلْت! فقال: إن هؤلاء لا يعقلون شيئًا. (٥)
١٦٦٧٧- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الحكم قال، حدثني عمرو بن قيس، عن عمرو بن مرة الجملي، عن أبي نصر، عن الأحنف بن قيس، قال: رأيت في مسجد المدينة رجلا غليظ الثياب، رثَّ الهيئة، يطوف في الحِلَق وهو يقول: بشر أصحاب الكنوز بكيٍّ في جنوبهم، وكي في جباههم، وكيٍّ في
١٦٦٧٧- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الحكم قال، حدثني عمرو بن قيس، عن عمرو بن مرة الجملي، عن أبي نصر، عن الأحنف بن قيس، قال: رأيت في مسجد المدينة رجلا غليظ الثياب، رثَّ الهيئة، يطوف في الحِلَق وهو يقول: بشر أصحاب الكنوز بكيٍّ في جنوبهم، وكي في جباههم، وكيٍّ في
(١) في المطبوعة " خشن " في المواضع الثلاث. وأثبت ما في المخطوطة. وهو المطابق لرواية مسلم. " الخشن " و " الأخشن "، والأنثى " خشنة " و " خشناء ". من الخشونة. وهو الأحرش من كل شيء. ويقال. " رجل أخشن، خشن ".
(٢) " الرضف " (بفتح فسكون) : الحجارة المحماة على النار، والعرب يوغرون بها اللبن، ويشوون عليها اللحم.
(٣) " نغض الكتف " (بضم فسكون، أو فتح فسكون) و " ناغض الكتف "، هو عند أعلى الكتف، عظم رقيق على طرفه، ينغض إذا مشى الماشي، أي يتحرك.
(٤) " يتزلزل "، أي يتحرك ويضطرب، كأنه يزل مرة بعد أخرى، يقول: يضطرب الرضف المحمي نازلا من نغض الكتف حتى يخرج من حلمة الثدي.
(٥) الأثر ١٦٦٧٦ - " الجريري "، هو " سعيد بن إياس الجريري " الحافظ المشهور، روى له الجماعة، مضى برقم: ١٩٦، ١٢٢٧٤.
و" أبو العلاء بن الشخير "، هو " يزيد بن عبد الله بن الشخير " ثقة وروى له الجماعة. مضى برقم ١٥٥١٤، ١٥٥١٥.
وهذا الخبر رواه البخاري بنحوه مطولا في صحيحه (الفتح ٣: ١٢٨) - ورواه مسلم في صحيحه ٧ / ٧٧ بلفظه من هذا الطريق مطولا أيضا.
(٢) " الرضف " (بفتح فسكون) : الحجارة المحماة على النار، والعرب يوغرون بها اللبن، ويشوون عليها اللحم.
(٣) " نغض الكتف " (بضم فسكون، أو فتح فسكون) و " ناغض الكتف "، هو عند أعلى الكتف، عظم رقيق على طرفه، ينغض إذا مشى الماشي، أي يتحرك.
(٤) " يتزلزل "، أي يتحرك ويضطرب، كأنه يزل مرة بعد أخرى، يقول: يضطرب الرضف المحمي نازلا من نغض الكتف حتى يخرج من حلمة الثدي.
(٥) الأثر ١٦٦٧٦ - " الجريري "، هو " سعيد بن إياس الجريري " الحافظ المشهور، روى له الجماعة، مضى برقم: ١٩٦، ١٢٢٧٤.
و" أبو العلاء بن الشخير "، هو " يزيد بن عبد الله بن الشخير " ثقة وروى له الجماعة. مضى برقم ١٥٥١٤، ١٥٥١٥.
وهذا الخبر رواه البخاري بنحوه مطولا في صحيحه (الفتح ٣: ١٢٨) - ورواه مسلم في صحيحه ٧ / ٧٧ بلفظه من هذا الطريق مطولا أيضا.
231
ظهورهم! ثم انطلق وهو يتذمَّر يقول (١) ما عسى تصنعُ بي قريش!! (٢)
١٦٦٧٨- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: قال أبو ذر: بشر أصحاب الكنوز بكيٍّ في الجباه، وكيٍّ في الجنوب، وكيٍّ في الظهور.
١٦٦٧٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس: (يوم يحمى عليها في نار جهنم)، قال: حية تنطوي على جبينه وجبهته تقول: أنا مالُك الذي بخلت به! (٣)
١٦٦٨٠- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن ثوبان: أن نبيّ الله ﷺ كان يقول: من ترك بعدَه كنزا مثَلَ له يوم القيامة شُجَاعًا أقرعَ له زبيبتان، (٤) يتبعه يقول: ويلك ما أنت؟ فيقول: أنا كنزك الذي تركته بعدك! فلا يزال يتبعه حتى يُلْقِمه يده فيقضمها، ثم يتبعه سائر جسده. (٥)
١٦٦٧٨- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: قال أبو ذر: بشر أصحاب الكنوز بكيٍّ في الجباه، وكيٍّ في الجنوب، وكيٍّ في الظهور.
١٦٦٧٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس: (يوم يحمى عليها في نار جهنم)، قال: حية تنطوي على جبينه وجبهته تقول: أنا مالُك الذي بخلت به! (٣)
١٦٦٨٠- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن ثوبان: أن نبيّ الله ﷺ كان يقول: من ترك بعدَه كنزا مثَلَ له يوم القيامة شُجَاعًا أقرعَ له زبيبتان، (٤) يتبعه يقول: ويلك ما أنت؟ فيقول: أنا كنزك الذي تركته بعدك! فلا يزال يتبعه حتى يُلْقِمه يده فيقضمها، ثم يتبعه سائر جسده. (٥)
(١) " يتذمر "، أي: يصخب من الغضب، كأنه يعاتب نفسه.
(٢) الأثر: ١٦٦٧٧ - " عمرو بن قيس الملائي، ثقة، مضى مرارا.
و" عمرو بن مرة الجملي "، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارا.
و" أبو نصر "، لم أعرف من هو؟
(٣) الأثر: ١٦٦٧٩ - " قابوس بن أبي ظبيان الجنبي "، ضعيف، لا يحتج به، مضى برقم: ٩٧٤٥، ١٠٦٨٣.
وأبوه: " أبو ظبيان الجنبي "، هو " حصين بن جندب "، ثقة، روى له الجماعة، مضى أيضا برقم: ٩٧٤٥، ١٠٦٨٣.
وانظر ما سلف في حديث ابن مسعود رقم: ٨٢٨٥ - ٨٢٨٩.
(٤) " الشجاع "، ضرب من الحيات مارد خبيث. " والأقرع "، هو الذي لا شعر له على رأسه، قد تمعط عليه رأسه لكثرة سمه، وطول عمره. و " الزبيبتان ": نكتتان سوداوان تكونان فوق عينيه، وهو أوحش ما يكون من الحيات وأخبثه.
(٥) الأثر: ١٦٦٨٠ - " سالم بن أبي الجعد الأشجعي "، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ٤٢٤٤، ١١٥٤٦، ١٦٦٦١ - ١٦٦٦٦.
و" معدان بن أبي طلحة الكناني "، تابعي ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير ٤ / ٢ / ٣٨، وابن أبي حاتم ٤ / ١ / ٤٠٤.
وهذا الخبر، ذكره ابن كثير في تفسيره ٤: ١٥٧، وقال: " رواه ابن حبان في صحيحه من حديث يزيد بن سعيد، به. وأصل هذا الحديث في الصحيحين، من رواية أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، رضي الله عنه = وفي صحيح مسلم من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة "، وذكر الخبر.
(٢) الأثر: ١٦٦٧٧ - " عمرو بن قيس الملائي، ثقة، مضى مرارا.
و" عمرو بن مرة الجملي "، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارا.
و" أبو نصر "، لم أعرف من هو؟
(٣) الأثر: ١٦٦٧٩ - " قابوس بن أبي ظبيان الجنبي "، ضعيف، لا يحتج به، مضى برقم: ٩٧٤٥، ١٠٦٨٣.
وأبوه: " أبو ظبيان الجنبي "، هو " حصين بن جندب "، ثقة، روى له الجماعة، مضى أيضا برقم: ٩٧٤٥، ١٠٦٨٣.
وانظر ما سلف في حديث ابن مسعود رقم: ٨٢٨٥ - ٨٢٨٩.
(٤) " الشجاع "، ضرب من الحيات مارد خبيث. " والأقرع "، هو الذي لا شعر له على رأسه، قد تمعط عليه رأسه لكثرة سمه، وطول عمره. و " الزبيبتان ": نكتتان سوداوان تكونان فوق عينيه، وهو أوحش ما يكون من الحيات وأخبثه.
(٥) الأثر: ١٦٦٨٠ - " سالم بن أبي الجعد الأشجعي "، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ٤٢٤٤، ١١٥٤٦، ١٦٦٦١ - ١٦٦٦٦.
و" معدان بن أبي طلحة الكناني "، تابعي ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير ٤ / ٢ / ٣٨، وابن أبي حاتم ٤ / ١ / ٤٠٤.
وهذا الخبر، ذكره ابن كثير في تفسيره ٤: ١٥٧، وقال: " رواه ابن حبان في صحيحه من حديث يزيد بن سعيد، به. وأصل هذا الحديث في الصحيحين، من رواية أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، رضي الله عنه = وفي صحيح مسلم من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة "، وذكر الخبر.
232
١٦٦٨١- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: بلغني أن الكنوز تتحوَّل يوم القيامة شجاعًا يتبع صاحبه وهو يفرُّ منه، ويقول: أنا كنزك! لا يدرك منه شيئًا إلا أخذه.
١٦٦٨٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله قال: والذي لا إله غيره، لا يكوى عبد بكنز فيمسُّ دينارٌ دينارًا ولا درهم درهمًا، ولكن يوسع جلده، فيوضع كل دينار ودرهم على حِدَته. (١)
١٦٦٨٣-...... قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله قال: ما من رجل يكوَى بكنز فيوضع دينار على دينارٍ ولا درهم على درهم، ولكن يوسَّع جلده. (٢)
* * *
١٦٦٨٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله قال: والذي لا إله غيره، لا يكوى عبد بكنز فيمسُّ دينارٌ دينارًا ولا درهم درهمًا، ولكن يوسع جلده، فيوضع كل دينار ودرهم على حِدَته. (١)
١٦٦٨٣-...... قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله قال: ما من رجل يكوَى بكنز فيوضع دينار على دينارٍ ولا درهم على درهم، ولكن يوسَّع جلده. (٢)
* * *
(١) الأثر: ١٦٦٨٢ - هذا الخبر، ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد ٧: ٢٩، ٣٠، وقال: " رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح ".
وذكره ابن كثير في تفسيره ٤: ١٥٦، وقال: " وقد رواه ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعا، ولا يصح رفعه، والله أعلم ".
وذكره السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢٣٣، ونسبه إلى ابن أبي حاتم، والطبراني، وأبي الشيخ، لم يذكر ابن جرير.
(٢) الأثر: ١٦٦٨٣ - هو مكرر الأثر السالف، بإسناد آخر، مختصرا.
وذكره ابن كثير في تفسيره ٤: ١٥٦، وقال: " وقد رواه ابن مردويه، عن أبي هريرة مرفوعا، ولا يصح رفعه، والله أعلم ".
وذكره السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢٣٣، ونسبه إلى ابن أبي حاتم، والطبراني، وأبي الشيخ، لم يذكر ابن جرير.
(٢) الأثر: ١٦٦٨٣ - هو مكرر الأثر السالف، بإسناد آخر، مختصرا.
233
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (٣٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن عدة شهور السنة اثنا عشر شهرًا في كتاب الله، الذي كتبَ فيه كل ما هو كائن في قضائه الذي قضى = (يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم)، يقول: هذه الشهور الاثنا عشر منها أربعة أشهر حرم كانت الجاهلية تعظمهن، وتحرِّمهن، وتحرِّم القتال فيهن، حتى لو لقي الرجل منهم فيهن قاتل أبيه لم يَهِجْهُ، وهن: رجب مُضر وثلاثة متواليات، ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم. وبذلك تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
١٦٦٨٤- حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا زيد بن حباب قال، حدثنا موسى بن عبيدة الربذي قال: حدثني صدقة بن يسار، عن ابن عمر قال: خطب رسول الله ﷺ في حجة الوداع بمنًى في أوسط أيام التشريق، فقال: يا أيها الناس، إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، أوّلهن رجبُ مُضَر بين جمادى وشعبان، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم. (١)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن عدة شهور السنة اثنا عشر شهرًا في كتاب الله، الذي كتبَ فيه كل ما هو كائن في قضائه الذي قضى = (يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم)، يقول: هذه الشهور الاثنا عشر منها أربعة أشهر حرم كانت الجاهلية تعظمهن، وتحرِّمهن، وتحرِّم القتال فيهن، حتى لو لقي الرجل منهم فيهن قاتل أبيه لم يَهِجْهُ، وهن: رجب مُضر وثلاثة متواليات، ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم. وبذلك تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
١٦٦٨٤- حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا زيد بن حباب قال، حدثنا موسى بن عبيدة الربذي قال: حدثني صدقة بن يسار، عن ابن عمر قال: خطب رسول الله ﷺ في حجة الوداع بمنًى في أوسط أيام التشريق، فقال: يا أيها الناس، إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، أوّلهن رجبُ مُضَر بين جمادى وشعبان، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم. (١)
(١) الأثر: ١٦٦٨٤ - " موسى بن عبد الرحمن المسروقي "، شيخ الطبري، مضى مرارا، آخرها رقم ٨٩٠٦.
و" زيد بن حباب العكلي "، مضى مرارا، منها رقم: ١١١٣٤.
و" موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي "، ضعيف جدا، منكر الحديث مضى مرارا، منها رقم: ١١١٣٤.
و" صدقة بن يسار الجزري "، مكي ثقة، روى عن ابن عمر. مترجم في التهذيب والكبير ٢ / ٢/ ٢٩٤، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٤٢٨.
وهذا إسناد ضعيف، لضعف موسى بن عبيدة الربذي.
و" زيد بن حباب العكلي "، مضى مرارا، منها رقم: ١١١٣٤.
و" موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي "، ضعيف جدا، منكر الحديث مضى مرارا، منها رقم: ١١١٣٤.
و" صدقة بن يسار الجزري "، مكي ثقة، روى عن ابن عمر. مترجم في التهذيب والكبير ٢ / ٢/ ٢٩٤، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٤٢٨.
وهذا إسناد ضعيف، لضعف موسى بن عبيدة الربذي.
234
١٦٦٨٥- حدثنا محمد بن معمر قال، حدثنا روح قال، حدثنا أشعث عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات، ورجبُ مُضَر بين جمادى وشعبان. (١)
١٦٦٨٦- حدثنا يعقوب قال، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال، حدثنا أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي بكرة: أن النبي ﷺ خطب في حجة الوداع فقال: ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجبُ مضر الذي بين جمادى وشعبان. (٢)
١٦٦٨٦- حدثنا يعقوب قال، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال، حدثنا أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي بكرة: أن النبي ﷺ خطب في حجة الوداع فقال: ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجبُ مضر الذي بين جمادى وشعبان. (٢)
(١) الأثر: ١٦٦٨٥ - "محمد بن معمر بن ربعي البحراني"، شيخ الطبري، ثقة من شيوخ البخاري ومسلم، مضى برقم: ٢٤١، ٣٠٥٦، ٥٣٩٣.
و"روح"، هو "روح بن عبادة القيسي"، ثقة، مضى مرارًا كثيرة.
و"أشعث"، هو "أشعث بن عبد الملك الحمراني"، ثقة مأمون، مترجم في التهذيب، والكبير ١ ١ ٤٣١، وابن أبي حاتم ١ ١ ٢٧٥.
وهذا الخبر، نقله ابن كثير في تفسيره ٤: ١٦٠، عن هذا الوضع، ثم قال: "رواه البزار، عن محمد بن معمر، به، ثم قال: لا يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه".
(٢) الأثر: ١٦٦٨٦ - هذا خبر منقطع الإسناد، لأن محمد بن سيرين لم يسمع من أبي بكرة، ووصله البخاري في مواضع صحيحه، من طريق "أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة" (الفتح ١: ١٤٥، ١٧٧، ١٧٨ ٣: ٤٥٩ ٦: ٢١٠، ٢١١ ٨: ٨٣، ٢٤٤)، مطولا.
ووصله مسلم أيضًا في صحيحه ١١: ١٦٧.
ورواه أحمد في مسنده ٥: ٣٧، منقطعا، كما رواه الطبري، وقد استوفى الحافظ ابن حجر، تفصيل القول في ذلك في الفتح، في المواضع التي ذكرتها آنفًا.
والحديث صحيح متفق عليه.
و"روح"، هو "روح بن عبادة القيسي"، ثقة، مضى مرارًا كثيرة.
و"أشعث"، هو "أشعث بن عبد الملك الحمراني"، ثقة مأمون، مترجم في التهذيب، والكبير ١ ١ ٤٣١، وابن أبي حاتم ١ ١ ٢٧٥.
وهذا الخبر، نقله ابن كثير في تفسيره ٤: ١٦٠، عن هذا الوضع، ثم قال: "رواه البزار، عن محمد بن معمر، به، ثم قال: لا يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه".
(٢) الأثر: ١٦٦٨٦ - هذا خبر منقطع الإسناد، لأن محمد بن سيرين لم يسمع من أبي بكرة، ووصله البخاري في مواضع صحيحه، من طريق "أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة" (الفتح ١: ١٤٥، ١٧٧، ١٧٨ ٣: ٤٥٩ ٦: ٢١٠، ٢١١ ٨: ٨٣، ٢٤٤)، مطولا.
ووصله مسلم أيضًا في صحيحه ١١: ١٦٧.
ورواه أحمد في مسنده ٥: ٣٧، منقطعا، كما رواه الطبري، وقد استوفى الحافظ ابن حجر، تفصيل القول في ذلك في الفتح، في المواضع التي ذكرتها آنفًا.
والحديث صحيح متفق عليه.
235
١٦٦٨٧- حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سليمان التيمي قال، حدثني رجل بالبحرين: أن رسول الله ﷺ قال في خطبته في حجة الوداع: ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا، ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجبُ الذي بين جمادى وشعبان".
١٦٦٨٨- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن ابن أبي نجيح قوله: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم)، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب الذي بين جمادى وشعبان.
١٦٦٨٩- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذكر لنا أن نبي الله ﷺ قال في خطبته يوم منًى: ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان".
* * *
وهو قول عامة أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٩٠- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم)، أما (أربعة حرم)، فذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب. وأما (كتاب الله)، فالذي عنده.
١٦٦٩١- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (إن عدة الشهور عند الله
١٦٦٨٨- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن ابن أبي نجيح قوله: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم)، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب الذي بين جمادى وشعبان.
١٦٦٨٩- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذكر لنا أن نبي الله ﷺ قال في خطبته يوم منًى: ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان".
* * *
وهو قول عامة أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٩٠- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم)، أما (أربعة حرم)، فذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب. وأما (كتاب الله)، فالذي عنده.
١٦٦٩١- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (إن عدة الشهور عند الله
236
اثنا عشر شهرًا)، قال: يعرف بها شأن النسيء ما نقص من السنة.
١٦٦٩٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد في قول الله: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله)، قال: يذكر بها شأن النسيء.
* * *
وأما قوله: (ذلك الدين القيم)، فإن معناه: هذا الذي أخبرتكم به، من أن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله، وأن منها أربعة حرمًا: هو الدين المستقيم، كما:-
١٦٦٩٣- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (ذلك الدين القيم)، يقول: المستقيم.
١٦٦٩٤- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، ابن زيد في قوله: (ذلك الدين القيم)، قال: الأمر القيم. يقول: قال تعالى: واعلموا، أيها الناس، أن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله الذي كتب فيه كل ما هو كائن، وأن من هذه الاثنى عشر شهرًا أربعةُ أشهرٍ حرمًا، ذلك دين الله المستقيم، لا ما يفعله النسيء من تحليله ما يحلل من شهور السنة، وتحريمه ما يحرِّمه منها. (١)
وأما قوله: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، فإن معناه: فلا تعصوا الله فيها، ولا تحلُّوا فيهن ما حرَّم الله عليكم، فتكسبوا أنفسكم ما لا قِبَل لها به من سخط الله وعقابه. كما:-
١٦٦٩٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد في قول الله: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله)، قال: يذكر بها شأن النسيء.
* * *
وأما قوله: (ذلك الدين القيم)، فإن معناه: هذا الذي أخبرتكم به، من أن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله، وأن منها أربعة حرمًا: هو الدين المستقيم، كما:-
١٦٦٩٣- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (ذلك الدين القيم)، يقول: المستقيم.
١٦٦٩٤- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، ابن زيد في قوله: (ذلك الدين القيم)، قال: الأمر القيم. يقول: قال تعالى: واعلموا، أيها الناس، أن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله الذي كتب فيه كل ما هو كائن، وأن من هذه الاثنى عشر شهرًا أربعةُ أشهرٍ حرمًا، ذلك دين الله المستقيم، لا ما يفعله النسيء من تحليله ما يحلل من شهور السنة، وتحريمه ما يحرِّمه منها. (١)
وأما قوله: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، فإن معناه: فلا تعصوا الله فيها، ولا تحلُّوا فيهن ما حرَّم الله عليكم، فتكسبوا أنفسكم ما لا قِبَل لها به من سخط الله وعقابه. كما:-
(١) "النسئ"، هكذا جاءت في المخطوطة أيضًا، بمعنى "الناسئ"، وهو الذي كان يحلل لهم الشهر ويحرمه. وأخشى أن يكون وهمًا من الناسخ، فإن "النسئ" على وزن "فعيل"، وهو بمعنى "مفعول"، أو مصدر "نسأ الشهر"، ولم أرهم قالوا في الرجل إلا "ناسئ"، وجمعه "نسأة"، مثل "فاسق" و "فسقة".
وانظر ما سيأتي في تفسير "النسئ" ص: ٣٤٣، والخبر رقم: ١٦٧٠٨، ١٦٧٠٩، والتعليق هناك.
وانظر ما سيأتي في تفسير "النسئ" ص: ٣٤٣، والخبر رقم: ١٦٧٠٨، ١٦٧٠٩، والتعليق هناك.
237
١٦٦٩٥- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، قال: الظلم العمل بمعاصي الله، والترك لطاعته.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في الذي عادت عليه "الهاء"، و"النون" في قوله: (فيهن).
فقال بعضهم: عاد ذلك على "الاثنى العشر الشهر"، (١) وقال: معناه: فلا تظلموا في الأشهر كلِّها أنفسكم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٩٦- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، في كلِّهن. ثم خصَّ من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حُرُمًا، وعظّم حُرُماتهن، وجعل الذنبَ فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم.
١٦٦٩٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا سويد بن عمرو، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، قال: في الشهور كلها.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فلا تظلموا في الأربعة الأشهر الحرُم أنفسكم = و"الهاء والنون" عائدة على "الأشهر الأربعة".
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٩٨- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أما قوله: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، فإن الظلم في الأشهر الحرم
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في الذي عادت عليه "الهاء"، و"النون" في قوله: (فيهن).
فقال بعضهم: عاد ذلك على "الاثنى العشر الشهر"، (١) وقال: معناه: فلا تظلموا في الأشهر كلِّها أنفسكم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٩٦- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، في كلِّهن. ثم خصَّ من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حُرُمًا، وعظّم حُرُماتهن، وجعل الذنبَ فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم.
١٦٦٩٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا سويد بن عمرو، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، قال: في الشهور كلها.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فلا تظلموا في الأربعة الأشهر الحرُم أنفسكم = و"الهاء والنون" عائدة على "الأشهر الأربعة".
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٩٨- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أما قوله: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، فإن الظلم في الأشهر الحرم
(١) في المطبوعة: "على الاثنى عشر شهرًا"، وأثبت ما في المخطوطة.
238
أعظم خطيئةً ووِزْرًا، من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا، ولكن الله يعظِّم من أمره ما شاء. وقال: إن الله اصطفى صَفَايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رسُلا ومن الناس رسلا واصطفى من الكلام ذكرَه، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضانَ والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلةَ القدر، فعظِّموا ما عظم الله، فإنما تعظم الأمور بما عظَّمها الله عند أهل الفهم وأهل العقل.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فلا تظلموا في تصييركم حرامَ الأشهر الأربعة حلالا وحلالها حرامًا = أنفسَكم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٩٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا)، إلى قوله: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، : أي: لا تجعلوا حرامها حلالا ولا حلالها حرامًا، كما فعل أهل الشرك، فإنما النسيء، الذي كانوا يصنعون من ذلك، (زيادة في الكفر يُضَل به الذين كفروا)، الآية. (١)
١٦٦٧٠٠- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن الحسن: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، قال: "ظلم أنفسكم"، أن لا تحرِّموهن كحرمتهن.
١٦٧٠١- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن الحسن بن محمد بن علي: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، قال: "ظلم أنفسكم"، أن لا تحرِّموهن كحرمتهن.
١٦٧٠٢- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فلا تظلموا في تصييركم حرامَ الأشهر الأربعة حلالا وحلالها حرامًا = أنفسَكم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦٩٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا)، إلى قوله: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، : أي: لا تجعلوا حرامها حلالا ولا حلالها حرامًا، كما فعل أهل الشرك، فإنما النسيء، الذي كانوا يصنعون من ذلك، (زيادة في الكفر يُضَل به الذين كفروا)، الآية. (١)
١٦٦٧٠٠- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن الحسن: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، قال: "ظلم أنفسكم"، أن لا تحرِّموهن كحرمتهن.
١٦٧٠١- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن الحسن بن محمد بن علي: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، قال: "ظلم أنفسكم"، أن لا تحرِّموهن كحرمتهن.
١٦٧٠٢- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا
(١) الأثر: ١٦٦٩٩ - سيرة ابن هشام ٤: ١٩٣، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٦١٥.
239
سفيان، عن قيس بن مسلم، عن الحسن بن محمد، بنحوه.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال: فلا تظلموا في الأشهر الأربعة أنفسَكم، باستحلال حرامها، فإن الله عظمها وعظَّم حرمتها.
وإنما قلنا: ذلك أولى بالصواب في تأويله، لقوله: (فلا تظلموا فيهن)، فأخرج الكناية عنه مُخْرَج الكناية عن جمع ما بين الثلاثة إلى العشرة. وذلك أن العرب تقول فيما بين الثلاثة إلى العشرة، إذا كَنَتْ عنه: "فعلنا ذلك لثلاث ليال خلون، ولأربعة أيام بقين" وإذا أخبرت عما فوق العشرة إلى العشرين قالت: "فعلنا ذلك لثلاث عشرة خلت، ولأربع عشرة مضت" = فكان في قوله جل ثناؤه: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، وإخراجِه كناية عدد الشهور التي نهى المؤمنين عن ظلم أنفسهم فيهن مخرج عدد الجمع القليل من الثلاثة إلى العشرة، الدليلُ الواضح على أن "الهاء والنون"، من ذكر الأشهر الأربعة، دون الاثنى العشر. لأن ذلك لو كان كناية عن "الاثنى عشر شهرًا"، لكان: فلا تظلموا فيها أنفُسكم. (١)
* * *
فإن قال قائل: فما أنكرت أن يكون ذلك كنايةً عن "الاثنى عشر"، وإن كان الذي ذكرت هو المعروف في كلام العرب؟ فقد علمت أن [من] المعروف من كلامها، (٢) إخراجُ كناية ما بين الثلاث إلى العشر، بالهاء دون النون، وقد قال الشاعر: (٣)
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال: فلا تظلموا في الأشهر الأربعة أنفسَكم، باستحلال حرامها، فإن الله عظمها وعظَّم حرمتها.
وإنما قلنا: ذلك أولى بالصواب في تأويله، لقوله: (فلا تظلموا فيهن)، فأخرج الكناية عنه مُخْرَج الكناية عن جمع ما بين الثلاثة إلى العشرة. وذلك أن العرب تقول فيما بين الثلاثة إلى العشرة، إذا كَنَتْ عنه: "فعلنا ذلك لثلاث ليال خلون، ولأربعة أيام بقين" وإذا أخبرت عما فوق العشرة إلى العشرين قالت: "فعلنا ذلك لثلاث عشرة خلت، ولأربع عشرة مضت" = فكان في قوله جل ثناؤه: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، وإخراجِه كناية عدد الشهور التي نهى المؤمنين عن ظلم أنفسهم فيهن مخرج عدد الجمع القليل من الثلاثة إلى العشرة، الدليلُ الواضح على أن "الهاء والنون"، من ذكر الأشهر الأربعة، دون الاثنى العشر. لأن ذلك لو كان كناية عن "الاثنى عشر شهرًا"، لكان: فلا تظلموا فيها أنفُسكم. (١)
* * *
فإن قال قائل: فما أنكرت أن يكون ذلك كنايةً عن "الاثنى عشر"، وإن كان الذي ذكرت هو المعروف في كلام العرب؟ فقد علمت أن [من] المعروف من كلامها، (٢) إخراجُ كناية ما بين الثلاث إلى العشر، بالهاء دون النون، وقد قال الشاعر: (٣)
(١) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٣٥.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "أن المعروف من كلامها"، والسياق يقتضي إثبات ما أثبت بين القوسين، لأن هذا القائل، أقر أولا بأن ما قاله الطبري هو "المعروف من كلامها"، أي المشهور المتفق عليه. فالجيد أن يعترض عليه بشيء آخر، هو "الجائز في كلامها"، فمن أجل هذا المعنى زدت " من " بين القوسين، ليستقيم منطق الكلام.
(٣) هو عمر بن لجأ التيمي.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "أن المعروف من كلامها"، والسياق يقتضي إثبات ما أثبت بين القوسين، لأن هذا القائل، أقر أولا بأن ما قاله الطبري هو "المعروف من كلامها"، أي المشهور المتفق عليه. فالجيد أن يعترض عليه بشيء آخر، هو "الجائز في كلامها"، فمن أجل هذا المعنى زدت " من " بين القوسين، ليستقيم منطق الكلام.
(٣) هو عمر بن لجأ التيمي.
240
أَصْبَحْنَ فِي قُرْحٍ وَفِي دَارَاتِها | سَبْعَ لَيَالٍ غَيْرَ مَعْلُوفَاتِهَا (١) |
قيل: إن ذلك وإن كان جائزًا، فليس الأفصحَ الأعرفَ في كلامها. وتوجيهُ كلام الله إلى الأفصح الأعرف، أولى من توجيهه إلى الأنكر.
* * *
فإن قال قائل: فإن كان الأمر على ما وصفت، فقد يجب أن يكون مباحًا لنا ظُلْم أنفسنا في غيرهن من سائر شهور السنة؟
قيل: ليس ذلك كذلك، بل ذلك حرام علينا في كل وقتٍ وزمانٍ، ولكن الله عظَّم حرمة هؤلاء الأشهر وشرَّفهن على سائر شهور السنة، فخصّ الذنب فيهن بالتعظيم، كما خصّهن بالتشريف، وذلك نظير قوله: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى) [سورة البقرة: ٢٣٨]، ولا شك أن الله قد أمرنا بالمحافظة على الصلوات المفروضات كلها بقوله: (حافظوا على الصلوات)، ولم يبح ترك المحافظة عليهن، بأمره بالمحافظة على الصلاة الوسطى، ولكنه تعالى ذكره زادَها تعظيمًا، وعلى المحافظة عليها توكيدًا وفي تضييعها تشديدًا. فكذلك ذلك في قوله: (منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، .
* * *
وأما قوله: (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة)، فإنه يقول جل ثناؤه: وقاتلوا المشركين بالله، أيها المؤمنون، جميعًا غير مختلفين، مؤتلفين غير مفترقين، كما يقاتلكم المشركون جميعًا، مجتمعين غير متفرقين، كما:-
١٦٧٠٣- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال،
(١) حماسة أبي تمام ٤: ١٥٧، ومعاني القرآن للفراء ١: ٤٣٥. واللسان (قرح)، غير منسوبة ودل على أنها لعمر بن لجأ، أبيات رواها الأصمعي في الأصمعيات ص: ٢٥، ٢٦ و " قرح " (بضم القاف وسكون الراء)، هو سوق وادي القرى، صلى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبنى به مسجدا، ورواية الحماسة واللسان، " حبسن في قرح ".
241
حدثنا أسباط، عن السدي: (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة)، أما "كافة"، فجميع، وأمركم مجتمع.
١٦٧٠٤- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (وقاتلوا المشركين كافة)، يقول: جميعًا.
* * *
١٦٧٠٥- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وقاتلوا المشركين كافة)، : أي: جميعا.
* * *
و"الكافة" في كل حال على صورة واحدة، لا تذكّر ولا تجمع، لأنها وإن كانت بلفظ "فاعلة"، فإنها في معنى المصدر، ك"العافية" و"العاقبة"، ولا تدخل العربُ فيها "الألف واللام"، لكونها آخر الكلام، مع الذي فيها من معنى المصدر، كما لم يدخلوها إذا قاتلوا: "قاموا معًا"، و"قاموا جميعا". (١)
* * *
وأما قوله: (واعلموا أن الله مع المتقين)، فإن معناه: واعلموا، أيها المؤمنون بالله، أنكم إن قاتلتم المشركين كافة، واتقيتم الله فأطعتموه فيما أمركم ونهاكم، ولم تخالفوا أمره فتعصوه، كان الله معكم على عدوكم وعدوه من المشركين، ومن كان الله معه لم يغلبه شيء، (٢) لأن الله مع من اتقاه فخافه وأطاعه فيما كلفه من أمره ونهيه.
* * *
١٦٧٠٤- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (وقاتلوا المشركين كافة)، يقول: جميعًا.
* * *
١٦٧٠٥- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وقاتلوا المشركين كافة)، : أي: جميعا.
* * *
و"الكافة" في كل حال على صورة واحدة، لا تذكّر ولا تجمع، لأنها وإن كانت بلفظ "فاعلة"، فإنها في معنى المصدر، ك"العافية" و"العاقبة"، ولا تدخل العربُ فيها "الألف واللام"، لكونها آخر الكلام، مع الذي فيها من معنى المصدر، كما لم يدخلوها إذا قاتلوا: "قاموا معًا"، و"قاموا جميعا". (١)
* * *
وأما قوله: (واعلموا أن الله مع المتقين)، فإن معناه: واعلموا، أيها المؤمنون بالله، أنكم إن قاتلتم المشركين كافة، واتقيتم الله فأطعتموه فيما أمركم ونهاكم، ولم تخالفوا أمره فتعصوه، كان الله معكم على عدوكم وعدوه من المشركين، ومن كان الله معه لم يغلبه شيء، (٢) لأن الله مع من اتقاه فخافه وأطاعه فيما كلفه من أمره ونهيه.
* * *
(١) انظر تفسير " كافة " فيما سلف ٤: ٢٥٧، ٢٥٨، وانظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٣٦.
(٢) انظر تفسير " مع " فيما سلف ١٣: ٥٧٦ تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " مع " فيما سلف ١٣: ٥٧٦ تعليق: ٢، والمراجع هناك.
242
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (٣٧) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما النّسيء إلا زيادة في الكفر.
* * *
و"النسيء" مصدر من قول القائل: "نسأت في أيامك، ونسأ الله في أجلك"، أي: زاد الله في أيام عمرك ومدة حياتك، حتى تبقى فيها حيًّا. وكل زيادة حدثت في شيء، فالشيء الحادث فيه تلك الزيادة بسبب ما حدث فيه: "نسيء". ولذلك قيل للبن إذا كُثِّر بالماء: "نسيء"، وقيل للمرأة الحبلى: "نَسُوء"، و"نُسِئت المرأة"، لزيادة الولد فيها، وقيل: "نسأتُ الناقة وأنسأتها"، إذا زجرتها ليزداد سيرها.
وقد يحتمل أن: "النسيء"، "فعيل" صرف إليه من "مفعول"، كما قيل: "لعينٌ" و"قتيل"، بمعنى: ملعون ومقتول. ويكون معناه: إنما الشهر المؤخَّر زيادة في الكفر.
وكأنّ القول الأوّل أشبه بمعنى الكلام، وهو أن يكون معناه: إنما التأخير الذي يؤخِّره أهل الشرك بالله من شهور الحرم الأربعة، وتصييرهم الحرام منهن حلالا والحلال منهن حرامًا، زيادة في كفرهم وجحودهم أحكامَ الله وآياته.
* * *
وقد كان بعض القرأة يقرأ ذلك: (إِنَّمَا النَّسْيُ) بترك الهمز، وترك مدِّه: (يضل به الذين كفروا)، .
* * *
واختلف القرأة في قراءة ذلك.
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما النّسيء إلا زيادة في الكفر.
* * *
و"النسيء" مصدر من قول القائل: "نسأت في أيامك، ونسأ الله في أجلك"، أي: زاد الله في أيام عمرك ومدة حياتك، حتى تبقى فيها حيًّا. وكل زيادة حدثت في شيء، فالشيء الحادث فيه تلك الزيادة بسبب ما حدث فيه: "نسيء". ولذلك قيل للبن إذا كُثِّر بالماء: "نسيء"، وقيل للمرأة الحبلى: "نَسُوء"، و"نُسِئت المرأة"، لزيادة الولد فيها، وقيل: "نسأتُ الناقة وأنسأتها"، إذا زجرتها ليزداد سيرها.
وقد يحتمل أن: "النسيء"، "فعيل" صرف إليه من "مفعول"، كما قيل: "لعينٌ" و"قتيل"، بمعنى: ملعون ومقتول. ويكون معناه: إنما الشهر المؤخَّر زيادة في الكفر.
وكأنّ القول الأوّل أشبه بمعنى الكلام، وهو أن يكون معناه: إنما التأخير الذي يؤخِّره أهل الشرك بالله من شهور الحرم الأربعة، وتصييرهم الحرام منهن حلالا والحلال منهن حرامًا، زيادة في كفرهم وجحودهم أحكامَ الله وآياته.
* * *
وقد كان بعض القرأة يقرأ ذلك: (إِنَّمَا النَّسْيُ) بترك الهمز، وترك مدِّه: (يضل به الذين كفروا)، .
* * *
واختلف القرأة في قراءة ذلك.
243
فقرأته عامة الكوفيين: (يَضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) بمعنى: يضل الله بالنسيء الذي ابتدعوه وأحدثوه، الذين كفروا.
* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: (يُضِلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفُرُوا)، بمعنى: يزول عن محجة الله التي جعلها لعباده طريقًا يسلكونه إلى مرضاته، الذين كفروا.
* * *
وقد حكي عن الحسن البصري: (يُضِلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفُرُوا)، بمعنى: يضل بالنسيء الذي سنه الذين كفروا، الناسَ.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: هما قراءتان مشهورتان، قد قرأت بكل واحدةٍ القرأة أهل العلم بالقرآن والمعرفة به، وهما متقاربتا المعنى. لأن من أضله الله فهو "ضال"، ومن ضل فبإضلال الله إياه وخذلانه له ضلّ. فبأيتهما قرأ القارئ فهو للصواب في ذلك مصيبٌ.
* * *
وأما الصواب من القراءة في "النسيء"، فالهمزة، وقراءته على تقدير "فعيل" لأنها القراءة المستفيضة في قرأة الأمصار التي لا يجوز خلافها فيما أجمعت عليه.
* * *
وأما قوله: (يحلونه عامًا)، فإن معناه: يُحلُّ الذين كفروا النسيء = و"الهاء" في قوله: (يحلونه)، عائدة عليه.
ومعنى الكلام: يحلُّون الذي أخَّروا تحريمه من الأشهر الأربعة الحرم، عامًا = (ويحرمونه عامًا ليواطئوا عدة ما حرم الله)، يقول: ليوافقوا بتحليلهم ما حلَّلوا من الشهور، وتحريمهم ما حرموا منها، عدّة ما حرّم الله (١) = (فيحلوا ما حرّم الله زُيِّن لهم سوء أعمالهم)، يقول: حُسِّن لهم وحُبِّب إليهم سيئ أعمالهم وقبيحها،
* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: (يُضِلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفُرُوا)، بمعنى: يزول عن محجة الله التي جعلها لعباده طريقًا يسلكونه إلى مرضاته، الذين كفروا.
* * *
وقد حكي عن الحسن البصري: (يُضِلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفُرُوا)، بمعنى: يضل بالنسيء الذي سنه الذين كفروا، الناسَ.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: هما قراءتان مشهورتان، قد قرأت بكل واحدةٍ القرأة أهل العلم بالقرآن والمعرفة به، وهما متقاربتا المعنى. لأن من أضله الله فهو "ضال"، ومن ضل فبإضلال الله إياه وخذلانه له ضلّ. فبأيتهما قرأ القارئ فهو للصواب في ذلك مصيبٌ.
* * *
وأما الصواب من القراءة في "النسيء"، فالهمزة، وقراءته على تقدير "فعيل" لأنها القراءة المستفيضة في قرأة الأمصار التي لا يجوز خلافها فيما أجمعت عليه.
* * *
وأما قوله: (يحلونه عامًا)، فإن معناه: يُحلُّ الذين كفروا النسيء = و"الهاء" في قوله: (يحلونه)، عائدة عليه.
ومعنى الكلام: يحلُّون الذي أخَّروا تحريمه من الأشهر الأربعة الحرم، عامًا = (ويحرمونه عامًا ليواطئوا عدة ما حرم الله)، يقول: ليوافقوا بتحليلهم ما حلَّلوا من الشهور، وتحريمهم ما حرموا منها، عدّة ما حرّم الله (١) = (فيحلوا ما حرّم الله زُيِّن لهم سوء أعمالهم)، يقول: حُسِّن لهم وحُبِّب إليهم سيئ أعمالهم وقبيحها،
(١) انظر تفسير " عدة " فيما سلف ٣: ٤٥٩ ١٤: ٢٣٤.
244
وما خولف به أمرُ الله وطاعته (١) = (والله لا يهدي القوم الكافرين)، يقول: والله لا يوفق لمحاسن الأفعال وجميلها، (٢) وما لله فيه رضًى، القومَ الجاحدين توحيدَه، والمنكرين نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنه يخذّلهم عن الهُدى، كما خذَّل هؤلاء الناس عن الأشهر الحرم. (٣)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٠٦- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، قال: "النسيء"، هو أن "جُنَادة بن عوف بن أمية الكناني"، كان يوافي الموسم كلَّ عام، وكان يُكنى "أبا ثُمَامة"، (٤) فينادي: "ألا إنّ أبا ثمامة لا يُحَابُ ولا يُعَابُ، (٥) ألا وإن صَفَر العامِ الأوَّلِ العامَ حلالٌ"، (٦) فيحله الناس، فيحرم صَفَر عامًا، ويحرِّم المحرم عامًا، فذلك قوله تعالى: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، إلى قوله: (الكافرين). وقوله: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، يقول: يتركون المحرم عامًا، وعامًا يحرِّمونه.
* * *
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٠٦- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، قال: "النسيء"، هو أن "جُنَادة بن عوف بن أمية الكناني"، كان يوافي الموسم كلَّ عام، وكان يُكنى "أبا ثُمَامة"، (٤) فينادي: "ألا إنّ أبا ثمامة لا يُحَابُ ولا يُعَابُ، (٥) ألا وإن صَفَر العامِ الأوَّلِ العامَ حلالٌ"، (٦) فيحله الناس، فيحرم صَفَر عامًا، ويحرِّم المحرم عامًا، فذلك قوله تعالى: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، إلى قوله: (الكافرين). وقوله: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، يقول: يتركون المحرم عامًا، وعامًا يحرِّمونه.
* * *
(١) انظر تفسير " زين " فيما سلف ص: ٧: تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) في المطبوعة: " لمحاسن الأفعال وحلها "، لم يحسن قراءة المخطوطة، وصوابه ما أثبت.
(٣) انظر تفسير " هدى " فيما سلف من فهارس اللغة (هدى).
(٤) انظر أخبار " النسأة "، وخبر " جنادة بن عوف بن أمية " في سيرة ابن هشام ١: ٤٤ - ٤٧، والمحبر: ١٥٦، ١٥٧، وغيرهما. و " جنادة بن عوف "، هو الذي قام عليه الإسلام من النسأة.
(٥) كان في المطبوعة: " لا يجاب " بالجيم، ووردت بالجيم في كثير من الكتب، منها لسان العرب (نسأ)، ولكنه ورد في المحبر: ١٥٧، بالحاء المهملة، وهو من " الحوب "، أي: الإثم، أي: لا ينسب إلى الإثم. وانظر الخبر التالي رقم: ١٦٧١٠.
(٦) في المطبوعة: " صفر العام الأول حلال"، حذف " العام " الثانية، وهي ثابتة في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: " لمحاسن الأفعال وحلها "، لم يحسن قراءة المخطوطة، وصوابه ما أثبت.
(٣) انظر تفسير " هدى " فيما سلف من فهارس اللغة (هدى).
(٤) انظر أخبار " النسأة "، وخبر " جنادة بن عوف بن أمية " في سيرة ابن هشام ١: ٤٤ - ٤٧، والمحبر: ١٥٦، ١٥٧، وغيرهما. و " جنادة بن عوف "، هو الذي قام عليه الإسلام من النسأة.
(٥) كان في المطبوعة: " لا يجاب " بالجيم، ووردت بالجيم في كثير من الكتب، منها لسان العرب (نسأ)، ولكنه ورد في المحبر: ١٥٧، بالحاء المهملة، وهو من " الحوب "، أي: الإثم، أي: لا ينسب إلى الإثم. وانظر الخبر التالي رقم: ١٦٧١٠.
(٦) في المطبوعة: " صفر العام الأول حلال"، حذف " العام " الثانية، وهي ثابتة في المخطوطة.
245
قال أبو جعفر: وهذا التأويلُ من تأويل ابن عباس، يدل على صحة قراءة من قرأ (النَّسْيُ)، بترك الهمزة وترك المدّ، وتوجيهه معنى الكلام إلى أنه "فَعْلٌ"، من قول القائل: "نسيت الشيء أنساه"، ومن قول الله: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)، [سورة التوبة: ٦٧]، بمعنى: تركوا الله فتركهم.
١٦٧٠٧- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، قال: فهو المحرَّم، كان يحرَّم عامًا، وصفرُ عامًا، وزيد صفرٌ آخر في الأشهر الحُرُم، وكانوا يحرمون صفرًا مرة، ويحلُّونه مرة، فعاب الله ذلك. وكانت هوازن وغطفان وبنو سُلَيْم تفعله.
١٦٧٠٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي وائل: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، قال: كان "النسيء" رجلا من بني كنانة، (١) وكان ذا رأي فيهم، وكان يجعل سنةً المحرمَ صفرًا، فيغزون فيه، فيغنمون فيه، ويصيبون، ويحرِّمه سنة.
١٦٧٠٩-...... قال حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن أبي وائل: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، الآية، وكان رجل من بني كنانة يُسَمَّى "النسيء"، فكان يجعل المحرَّم صفرًا، ويستحل فيه الغنائم، فنزلت هذه الآية.
١٦٧١٠- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا إدريس قال، سمعت ليثًا، عن مجاهد قال، كان رجل من بني كنانة يأتي كلَّ عام في الموسم على حمار له، فيقول: "أيها الناس، إني لا أعاب ولا أحَابُ، (٢) ولا مَرَدَّ لما أقول، إنَّا قد
١٦٧٠٧- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، قال: فهو المحرَّم، كان يحرَّم عامًا، وصفرُ عامًا، وزيد صفرٌ آخر في الأشهر الحُرُم، وكانوا يحرمون صفرًا مرة، ويحلُّونه مرة، فعاب الله ذلك. وكانت هوازن وغطفان وبنو سُلَيْم تفعله.
١٦٧٠٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي وائل: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، قال: كان "النسيء" رجلا من بني كنانة، (١) وكان ذا رأي فيهم، وكان يجعل سنةً المحرمَ صفرًا، فيغزون فيه، فيغنمون فيه، ويصيبون، ويحرِّمه سنة.
١٦٧٠٩-...... قال حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن أبي وائل: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، الآية، وكان رجل من بني كنانة يُسَمَّى "النسيء"، فكان يجعل المحرَّم صفرًا، ويستحل فيه الغنائم، فنزلت هذه الآية.
١٦٧١٠- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا إدريس قال، سمعت ليثًا، عن مجاهد قال، كان رجل من بني كنانة يأتي كلَّ عام في الموسم على حمار له، فيقول: "أيها الناس، إني لا أعاب ولا أحَابُ، (٢) ولا مَرَدَّ لما أقول، إنَّا قد
(١) قوله: " كان النسيء رجلا "، دال على صواب قوله هناك ص: ٢٣٧، تعليق ١: ، على أن " النسيء " في ذلك الموضع صواب أيضًا، وانظر الأثر التالي، قوله: "وكان رجل من بني كنانة يسمى النسيء"، وهذا كله لم تذكره كتب اللغة التي بين يدي.
(٢) " أحاب " مضى تفسيرها ص: ٢٤٣، تعليق: ٢، وكانت هنا في المطبوعة أيضًا "أجاب" بالجيم.
(٢) " أحاب " مضى تفسيرها ص: ٢٤٣، تعليق: ٢، وكانت هنا في المطبوعة أيضًا "أجاب" بالجيم.
246
حرمنا المحرَّم، وأخَّرنا صفر". ثم يجيء العام المقبل بعده فيقول مثل مقالته، ويقول: "إنا قد حرَّمنا صفر وأخَّرنا المحرَّم"، فهو قوله: (ليواطئوا عدة ما حرم الله)، قال: يعني الأربعة = (فيحلوا ما حرم الله)، لتأخير هذا الشهر الحرام.
١٦٧١١- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، "النسيء"، المحرّم، وكان يحرم المحرَّم عامًا ويحرِّم صفر عامًا، فالزيادة "صفر"، وكانوا يؤخرون الشهور حتى يجعلون صفر المحرم، فيحلوا ما حرم الله. وكانت هوازن وغطفان وبنو سليم يعظمونه، هم الذين كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية.
١٦٧١٢- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، إلى قوله: (الكافرين)، عمد أناسٌ من أهل الضلالة فزادوا صفرًا في الأشهر الحرم، فكان يقوم قائمهم في الموسم فيقول: "ألا إن آلهتكم قد حرمت العام المحرَّم"، فيحرمونه ذلك العام. ثم يقول في العام المقبل فيقول: "ألا إن آلهتكم قد حرمت صفر"، فيحرمونه ذلك العام. وكان يقال لهما "الصفران". قال: فكان أول من نَسَأ النسيء: بنو مالك بن كنانة، وكانوا ثلاثة: أبو ثمامة صفوان بني أمية أحد بني فقيم بن الحارث، ثم أحد بني كنانة. (١)
١٦٧١١- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، "النسيء"، المحرّم، وكان يحرم المحرَّم عامًا ويحرِّم صفر عامًا، فالزيادة "صفر"، وكانوا يؤخرون الشهور حتى يجعلون صفر المحرم، فيحلوا ما حرم الله. وكانت هوازن وغطفان وبنو سليم يعظمونه، هم الذين كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية.
١٦٧١٢- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، إلى قوله: (الكافرين)، عمد أناسٌ من أهل الضلالة فزادوا صفرًا في الأشهر الحرم، فكان يقوم قائمهم في الموسم فيقول: "ألا إن آلهتكم قد حرمت العام المحرَّم"، فيحرمونه ذلك العام. ثم يقول في العام المقبل فيقول: "ألا إن آلهتكم قد حرمت صفر"، فيحرمونه ذلك العام. وكان يقال لهما "الصفران". قال: فكان أول من نَسَأ النسيء: بنو مالك بن كنانة، وكانوا ثلاثة: أبو ثمامة صفوان بني أمية أحد بني فقيم بن الحارث، ثم أحد بني كنانة. (١)
(١) هكذا جاء في المخطوطة: " وكانوا ثلاثة "، ثم لم يذكر غير واحد. وقوله: " أبو ثمامة، صفوان بن أمية "، مضى قبل في الأثر رقم: ١٦٧٠٦ أن "أبا ثمامة" هو "جنادة بن عوف بن أمية"، أما صفوان هذا فقد ذكره أبو عبيد البكري في شرح الأمالي: ١٠، وقال: قال الليثي: كان الذي انبرى للنسئ، القلمس، وهو: صفوان بن محرث، أحد بني مالك بن كنانة، وكان له بذلك ملكة وأكل، وتوارثه بنوه إلى الإسلام ". ولكن الذي ذكره ابن حبيب في المحبر، وابن هشام في سيرته ١: ٤٤. قال ابن إسحاق: " وكان أول من نسأ الشهور على العرب، فأحلت ما أحل، وحرمت منها ما حرم: القلمس، وهو حذيفة بن عبد بن فقيم ابن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة. ثم قام بعده على ذلك، ابنه: عباد بن حذيفة. ثم قام بعد عباد: قلع بن عباد. ثم قام بعد قلع: أمية بن قلع. ثم قلم بعد أمية: عوف بن أمية. ثم قام بعد عوف: أبو ثمامة جنادة بن عوف، وكان آخرهم، وعليه قام الإسلام ". وذلك ما قاله ابن حبيب، وما قاله ابن حزم في الجمهرة: ١٧٨، والمصعب الزبيري في نسب قريش: ١٢.
ولم أجد هذا الخبر في مكان آخر، فأعرف مقالة قتادة في أمر النسئ والنسأة.
و" صفوان بن محرث " الذي ذكره البكري، هو " صفوان بن أمية " المذكور في هذا الخبر، وهو: " صفوان بن أمية بن محرث بن بن خمل بن شق بن رقبة بن مخدج بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة "، وكان أحد حكام العرب في الجاهلية، وأحد من حرم الخمر على نفسه في الجاهلية (انظر المحبر: ١٣٣، ٢٣٧ أمالي القالي ١: ٢٤٠ وذكر شعره في تحريم الخمر). وبين من هذا كله أن " صفوان بن أمية "، ليس من " بني فقيم بن الحارث بن مالك ". بل من بني " مخدج بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك ".
ثم انظر ص: ٢٥٠، تعليق: ١، وذكر " القلمس " للناسئ في شعر عبد الرحمن بن الحكم، وأمه هي: " آمنة بنت علقمة بن صفوان بن أمية بن محرث ".
ولم أجد هذا الخبر في مكان آخر، فأعرف مقالة قتادة في أمر النسئ والنسأة.
و" صفوان بن محرث " الذي ذكره البكري، هو " صفوان بن أمية " المذكور في هذا الخبر، وهو: " صفوان بن أمية بن محرث بن بن خمل بن شق بن رقبة بن مخدج بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة "، وكان أحد حكام العرب في الجاهلية، وأحد من حرم الخمر على نفسه في الجاهلية (انظر المحبر: ١٣٣، ٢٣٧ أمالي القالي ١: ٢٤٠ وذكر شعره في تحريم الخمر). وبين من هذا كله أن " صفوان بن أمية "، ليس من " بني فقيم بن الحارث بن مالك ". بل من بني " مخدج بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك ".
ثم انظر ص: ٢٥٠، تعليق: ١، وذكر " القلمس " للناسئ في شعر عبد الرحمن بن الحكم، وأمه هي: " آمنة بنت علقمة بن صفوان بن أمية بن محرث ".
247
١٦٧١٣- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، قال: فرض الله الحج في ذي الحجة. قال: وكان المشركون يسمون الأشهر: ذو الحجة، والمحرم، وصفر، وربيع، وربيع، وجمادى، وجمادى، ورجب، وشعبان، ورمضان، وشوال، وذو القعدة، وذو الحجة، يحجون فيه مرة، ثم يسكتون عن المحرم فلا يذكرونه، ثم يعودون فيسمُّون صفر صفر. ثم يسمون رجب جمادى الآخرة، ثم يسمون شعبان ورمضان، ثم يسمون رمضانَ شوالا ثم يسمُّون ذا القعدة شوالا ثم يسمون ذا الحجة ذا القعدة، ثم يسمون المحرم ذا الحجة، فيحجون فيه، واسمه عندهم ذو الحجة. ثم عادوا بمثل هذه القصة، فكانوا يحجون في كل شهر عامين، حتى وافق حجةُ أبي بكر رضي الله عنه الآخرَ من العامين في ذي القعدة. ثم حج النبي ﷺ حجَّته التي حجَّ، فوافق ذا الحجة، فذلك حين يقول النبي ﷺ في خطبته: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض".
١٦٧١٤- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن
١٦٧١٤- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن
248
معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، قال: حجوا في ذي الحجة عامين، ثم حجوا في المحرم عامين، ثم حجُّوا في صفر عامين، فكانوا يحجون في كل سنة في كل شهر عامين، حتى وافقت حجة أبي بكر الآخرَ من العامين في ذي القعدة، قبل حجة النبي ﷺ بسنة. ثم حج النبي ﷺ من قابلٍ في ذي الحجة، فذلك حين يقول النبي ﷺ في خطبته: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض".
١٦٧١٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمران بن عيينة، عن حصين، عن أبي مالك: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، قال: كانوا يجعلون السنة ثلاثةَ عشرا شهرًا، فيجعلون المحرَّم صفرًا، فيستحلُّون فيه الحرمات. فأنزل الله: (إنما النسيء زيادة في الكفر).
١٦٧١٦- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا)، الآية. قال: هذا رجل من بني كنانة يقال له: "القَلَمَّس"، كان في الجاهلية. وكانوا في الجاهلية لا يغير بعضهم على بعض في الشهر الحرام، يلقى الرجل قاتل أبيه فلا يمُدّ إليه يده. فلما كان هو، قال: "أخرجوا بنا"، قالوا له: "هذا المحرَّم"! فقال: "ننسئه العام، هما العام صفران، فإذا كان عام قابلٍ قضينا، فجعلناهما محرَّمَين". قال: ففعل ذلك. فلما كان عام قابل قال: "لا تغزوا في صفر، حرِّموه مع المحرم، هما محرَّمان، المحرَّم أنسأناه عامًا أوَّلُ ونقضيه. ذلك "الإنساء"، وقال منافرهم: (١)
١٦٧١٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمران بن عيينة، عن حصين، عن أبي مالك: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، قال: كانوا يجعلون السنة ثلاثةَ عشرا شهرًا، فيجعلون المحرَّم صفرًا، فيستحلُّون فيه الحرمات. فأنزل الله: (إنما النسيء زيادة في الكفر).
١٦٧١٦- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا)، الآية. قال: هذا رجل من بني كنانة يقال له: "القَلَمَّس"، كان في الجاهلية. وكانوا في الجاهلية لا يغير بعضهم على بعض في الشهر الحرام، يلقى الرجل قاتل أبيه فلا يمُدّ إليه يده. فلما كان هو، قال: "أخرجوا بنا"، قالوا له: "هذا المحرَّم"! فقال: "ننسئه العام، هما العام صفران، فإذا كان عام قابلٍ قضينا، فجعلناهما محرَّمَين". قال: ففعل ذلك. فلما كان عام قابل قال: "لا تغزوا في صفر، حرِّموه مع المحرم، هما محرَّمان، المحرَّم أنسأناه عامًا أوَّلُ ونقضيه. ذلك "الإنساء"، وقال منافرهم: (١)
(١) في المطبوعة: " وقال شاعرهم "، وأثبت ما في المخطوطة. و " المنافر "، هو المفاخر في المنافرة. قال ابن سيده: " وكأنما جاءت المنافرة، في أول ما استعملت، أنهم كانوا يسألون الحاكم: أينا أعز نفرا؟ ". و " المنافرة ": هي أن يفتخر الرجلان كل واحد منهما على صاحبه، ثم يحكما بينهما رجلا.
249
وَمِنَّا مُنْسِي الشُّهُورِ القَلَمَّسُ (١)
وأنزل الله: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، إلى آخر الآية.
* * *
وأما قوله: (زيادة في الكفر)، فإن معناه زيادة كُفْر بالنسيء، إلى كفرهم بالله قبلَ ابتداعهم النسيء، (٢) كما:-
١٦٧١٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، يقول: ازدادوا به كفرًا إلى كفرهم.
* * *
وأما قوله: (ليواطئوا)، فإنه من قول القائل: "واطأت فلانا على كذا أواطئه مُواطأة"، إذا وافقته عليه، معينًا له، غير مخالف عليه.
* * *
وروي عن ابن عباس في ذلك ما:-
١٦٧١٨- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (ليواطئوا عدة ما حرم الله)، يقول: يشبهون.
* * *
وأنزل الله: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، إلى آخر الآية.
* * *
وأما قوله: (زيادة في الكفر)، فإن معناه زيادة كُفْر بالنسيء، إلى كفرهم بالله قبلَ ابتداعهم النسيء، (٢) كما:-
١٦٧١٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (إنما النسيء زيادة في الكفر)، يقول: ازدادوا به كفرًا إلى كفرهم.
* * *
وأما قوله: (ليواطئوا)، فإنه من قول القائل: "واطأت فلانا على كذا أواطئه مُواطأة"، إذا وافقته عليه، معينًا له، غير مخالف عليه.
* * *
وروي عن ابن عباس في ذلك ما:-
١٦٧١٨- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (ليواطئوا عدة ما حرم الله)، يقول: يشبهون.
* * *
(١) هكذا جاء في المخطوطة مضطرب الميزان، وذكره القرطبي في تفسيره ٨: ١٣٨. ومنا ناسئ الشهر القلمس
وهو أيضًا غير مستقيم، والذي وجدته، هو ما قاله عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، قال:
وأم عبد الرحمن بن الحكم، ومروان بن الحكم، هي: " آمنة بنت علقمة بن صفوان بن أمية بن محرث بن خمل بن شق"، و "صفوان" هذا هو الذي جاء ذكره في الخبر رقم: ١٦٧١٢، وأنه كان من " النسأة "، وكل ناسئ كان يقال له: "القلمس"، فهذا البيت يؤيد ما قاله قتادة بعض التأييد. وانظر البيت الذي ذكرته في نسب قريش للمصعب الزبيري ص: ٩٨.
(٢) في المطبوعة: " وقيل: ابتداعهم النسئ "، غير ما في المخطوطة، فأفسد الكلام كله.
وهو أيضًا غير مستقيم، والذي وجدته، هو ما قاله عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، قال:
نمَانِي أبُو العَاصِي الأمِينُ وَهَاشِمٌ | وعُثْمانُ، والنَّاسِي الشُّهُورَ القَلَمَّسُ |
(٢) في المطبوعة: " وقيل: ابتداعهم النسئ "، غير ما في المخطوطة، فأفسد الكلام كله.
250
قال أبو جعفر: وذلك قريب المعنى مما بَيَّنَّا، وذلك أن ما شابه الشيء، فقد وافقه من الوجه الذي شابهه.
وإنما معنى الكلام: أنهم يوافقون بعدة الشهور التي يحرِّمونها، عدة الأشهر الأربعة التي حرَّمها الله، لا يزيدون عليها ولا ينقصون منها، وإن قدَّموا وأخَّروا. فذلك مواطأة عِدتهم عدَّةَ ما حرّم الله.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ (٣٨) ﴾
قال أبو جعفر: وهذه الآية حثٌّ من الله جل ثناؤه المؤمنين به من أصحاب رسوله على غزو الروم، وذلك غزوة رسول الله ﷺ تبوك.
يقول جل ثناؤه: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله = (ما لكم)، أيّ شيء أمرُكم = (إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله)، يقول: إذا قال لكم رسولُ الله محمدٌ = (انفروا)، أي: اخرجوا من منازلكم إلى مغزاكم.
* * *
وأصل "النفر"، مفارقة مكان إلى مكان لأمرٍ هاجه على ذلك. ومنه: "نفورًا الدابة". غير أنه يقال: من النفر إلى الغزو: "نَفَر فلان إلى ثغر كذا ينْفِر نَفْرًا ونَفِيرًا"، وأحسب أن هذا من الفروق التي يفرِّقون بها بين اختلاف المخبر عنه، (١)
وإنما معنى الكلام: أنهم يوافقون بعدة الشهور التي يحرِّمونها، عدة الأشهر الأربعة التي حرَّمها الله، لا يزيدون عليها ولا ينقصون منها، وإن قدَّموا وأخَّروا. فذلك مواطأة عِدتهم عدَّةَ ما حرّم الله.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ (٣٨) ﴾
قال أبو جعفر: وهذه الآية حثٌّ من الله جل ثناؤه المؤمنين به من أصحاب رسوله على غزو الروم، وذلك غزوة رسول الله ﷺ تبوك.
يقول جل ثناؤه: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله = (ما لكم)، أيّ شيء أمرُكم = (إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله)، يقول: إذا قال لكم رسولُ الله محمدٌ = (انفروا)، أي: اخرجوا من منازلكم إلى مغزاكم.
* * *
وأصل "النفر"، مفارقة مكان إلى مكان لأمرٍ هاجه على ذلك. ومنه: "نفورًا الدابة". غير أنه يقال: من النفر إلى الغزو: "نَفَر فلان إلى ثغر كذا ينْفِر نَفْرًا ونَفِيرًا"، وأحسب أن هذا من الفروق التي يفرِّقون بها بين اختلاف المخبر عنه، (١)
(١) يعني أبو جعفر، أنهم لم يقولوا في النفر إلى الغزو " نفورا " في مصدره، وقد أثبتت كتب اللغة أنه يقال في مصدره "نفر إلى الغزو نفورا".
251
وإن اتفقت معاني الخبر. (١)
* * *
فمعنى الكلام: ما لكم أيها المؤمنون، إذا قيل لكم: اخرجُوا غزاة = "في سبيل الله"، أي: في جهاد أعداء الله (٢) = (اثَّاقلتم إلى الأرض)، يقول: تثاقلتم إلى لزوم أرضكم ومساكنكم والجلوس فيها.
* * *
وقيل: "اثّاقلتم" لإدغام "التاء" في "الثاء" فأحدثتْ لها ألف. (٣) ليُتَوصَّل إلى الكلام بها، لأن "التاء" مدغمة في "الثاء". ولو أسقطت الألف، وابتدئ بها، لم تكن إلا متحركة، فأحدثت الألف لتقع الحركة بها، كما قال جل ثناؤه: (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا)، [سورة الأعراف: ٣٨]، وكما قال الشاعر: (٤)
[فهو من "الثقل"، ومجازه مجاز "افتعلتم"]، من "التثاقل". (٦)
وقوله: (أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة)، يقول جل ثناؤه، أرضيتم بحظ الدنيا والدّعة فيها، عوضًا من نعيم الآخرة، وما عند الله للمتقين في جنانه = (فما
* * *
فمعنى الكلام: ما لكم أيها المؤمنون، إذا قيل لكم: اخرجُوا غزاة = "في سبيل الله"، أي: في جهاد أعداء الله (٢) = (اثَّاقلتم إلى الأرض)، يقول: تثاقلتم إلى لزوم أرضكم ومساكنكم والجلوس فيها.
* * *
وقيل: "اثّاقلتم" لإدغام "التاء" في "الثاء" فأحدثتْ لها ألف. (٣) ليُتَوصَّل إلى الكلام بها، لأن "التاء" مدغمة في "الثاء". ولو أسقطت الألف، وابتدئ بها، لم تكن إلا متحركة، فأحدثت الألف لتقع الحركة بها، كما قال جل ثناؤه: (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا)، [سورة الأعراف: ٣٨]، وكما قال الشاعر: (٤)
تُولِي الضَّجِيعَ إذَا مَا اسْتَافَهَا خَصِرًا | عَذْبَ المَذَاقِ، إذَا مَا أتَّابَعَ القُبَلُ (٥) |
وقوله: (أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة)، يقول جل ثناؤه، أرضيتم بحظ الدنيا والدّعة فيها، عوضًا من نعيم الآخرة، وما عند الله للمتقين في جنانه = (فما
(١) انظر "النفر" فيما سلف ٨: ٥٣٦، ولم يفسره هناك.
(٢) انظر تفسير "سبيل الله" فيما سلف من فهارس اللغة (سبل).
(٣) في المطبوعة: "لأنه أدغم التاء في الثاء فأحدث لها ألف"، وكان في المخطوطة: "لأنه غام"، فلم يحسن قراءتها، فغير الكلام، فأثبته على الصواب من المخطوطة. وانظر ما سلف في الإدغام ٢: ٢٢٤.
(٤) لم أعرف قائله
(٥) مضى شرحه وتفسيره آنفًا ٢: ٢٢٣، ومعاني القرآن للفراء ١: ٤٣٨.
(٦) مكان هذه الجملة في المطبوعة: "فهو بنى الفعل افتعلتم من التثاقل"، وهو كلام غث جدا. وفي المخطوطة: " فهو بين الفعل افتعلتم من التثاقل "، غير منقوط، وصححت هذه العبارة اجتهادا، مؤتنسًا بما قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ١: ٢٦٠، قال: " ومجاز: اثاقلتم، مجاز: افتعلتم، من التثاقل، فأدغمت التاء في الثاء، فثقلت وشددت ". يعني أبو عبيدة: أنك لو بنيت " افتعل " من " الثقل "، كان واجبا إدغام التاء في الثاء. وانظر أيضًا معاني القرآن للفراء ١: ٤٣٧، ٤٣٨.
(٢) انظر تفسير "سبيل الله" فيما سلف من فهارس اللغة (سبل).
(٣) في المطبوعة: "لأنه أدغم التاء في الثاء فأحدث لها ألف"، وكان في المخطوطة: "لأنه غام"، فلم يحسن قراءتها، فغير الكلام، فأثبته على الصواب من المخطوطة. وانظر ما سلف في الإدغام ٢: ٢٢٤.
(٤) لم أعرف قائله
(٥) مضى شرحه وتفسيره آنفًا ٢: ٢٢٣، ومعاني القرآن للفراء ١: ٤٣٨.
(٦) مكان هذه الجملة في المطبوعة: "فهو بنى الفعل افتعلتم من التثاقل"، وهو كلام غث جدا. وفي المخطوطة: " فهو بين الفعل افتعلتم من التثاقل "، غير منقوط، وصححت هذه العبارة اجتهادا، مؤتنسًا بما قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ١: ٢٦٠، قال: " ومجاز: اثاقلتم، مجاز: افتعلتم، من التثاقل، فأدغمت التاء في الثاء، فثقلت وشددت ". يعني أبو عبيدة: أنك لو بنيت " افتعل " من " الثقل "، كان واجبا إدغام التاء في الثاء. وانظر أيضًا معاني القرآن للفراء ١: ٤٣٧، ٤٣٨.
252
متاع الحياة الدنيا في الآخرة)، يقول: فما الذي يستمتع به المتمتعون في الدنيا من عيشها ولذَّاتها في نعيم الآخرة والكرامة التي أعدَّها الله لأوليائه وأهل طاعته (١) = (إلا قليل)، يسير. يقول لهم: فاطلبوا، أيها المؤمنون، نعيم الآخرة، وشرف الكرامة التي عند الله لأوليائه، (٢) بطاعتِه والمسارعة إلى الإجابة إلى أمره في النفير لجهاد عدوِّه.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧١٩- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض)، أمروا بغزوة تبوك بعد الفتح، وبعد الطائف، وبعد حنين. أمروا بالنَّفير في الصيف، حين خُرِفت النخل، (٣) وطابت الثمار، واشتَهُوا الظلال، وشقّ عليهم المخرج.
١٦٧٢٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض) الآية، قال: هذا حين أمروا بغزوة تبوك بعد الفتح وحنين وبعد الطائف. أمرهم بالنَّفير في الصيف، حين اختُرِفت النخل، وطابت الثمار، واشتهوا الظلال، وشقَّ عليهم المخرج. قال: فقالوا: "الثقيل"، ذو الحاجة، والضَّيْعة، والشغل، (٤) والمنتشرُ به أمره في ذلك كله. فأنزل الله: (انفروا خفافا وثقالا)، [سورة التوبة: ٤١]
* * *
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧١٩- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض)، أمروا بغزوة تبوك بعد الفتح، وبعد الطائف، وبعد حنين. أمروا بالنَّفير في الصيف، حين خُرِفت النخل، (٣) وطابت الثمار، واشتَهُوا الظلال، وشقّ عليهم المخرج.
١٦٧٢٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض) الآية، قال: هذا حين أمروا بغزوة تبوك بعد الفتح وحنين وبعد الطائف. أمرهم بالنَّفير في الصيف، حين اختُرِفت النخل، وطابت الثمار، واشتهوا الظلال، وشقَّ عليهم المخرج. قال: فقالوا: "الثقيل"، ذو الحاجة، والضَّيْعة، والشغل، (٤) والمنتشرُ به أمره في ذلك كله. فأنزل الله: (انفروا خفافا وثقالا)، [سورة التوبة: ٤١]
* * *
(١) انظر تفسير "متاع" فيما سلف من فهارس اللغة (متع).
(٢) في المطبوعة: "وترف الكرامة"، والصواب ما في المخطوطة.
(٣) "خرف النخل يخرفه خرفًا، واخترفه اخترافًا"، صرم ثمره واجتناه بعد أن يطيب.
(٤) في المطبوعة: "فقالوا: منا الثقيل وذو الحاجة والضيعة... "، غير ما في المخطوطة، وكان في المخطوطة ما أثبت. وهو مقبول، مع شكي في أن يكون سقط من الكلام شيء. وقوله: " الثقيل: ذو الحاجة والضيعة " هو تفسير قوله تعالى: (انفروا خفافًا وثقالا)، جمع " ثقيل "، كما سترى في تفسير الآية ص: ٢٦٢ وما بعدها.
(٢) في المطبوعة: "وترف الكرامة"، والصواب ما في المخطوطة.
(٣) "خرف النخل يخرفه خرفًا، واخترفه اخترافًا"، صرم ثمره واجتناه بعد أن يطيب.
(٤) في المطبوعة: "فقالوا: منا الثقيل وذو الحاجة والضيعة... "، غير ما في المخطوطة، وكان في المخطوطة ما أثبت. وهو مقبول، مع شكي في أن يكون سقط من الكلام شيء. وقوله: " الثقيل: ذو الحاجة والضيعة " هو تفسير قوله تعالى: (انفروا خفافًا وثقالا)، جمع " ثقيل "، كما سترى في تفسير الآية ص: ٢٦٢ وما بعدها.
253
القول في تأويل قوله: ﴿إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسوله، متوعِّدَهم على ترك النَّفْر إلى عدوّهم من الروم: إن لم تنفروا، أيها المؤمنون، إلى من استنفركم رسول الله، يعذّبكم الله عاجلا في الدنيا، بترككم النَّفْر إليهم، عذابًا مُوجعًا (١) = (ويستبدل قومًا غيركم)، يقول: يستبدل الله بكم نبيَّه قومًا غيرَكم، ينفرون إذا استنفروا، ويجيبونه إذا دعوا، ويطيعون الله ورسوله (٢) = (ولا تضروه شيئا)، يقول: ولا تضروا الله، بترككم النّفير ومعصيتكم إياه شيئًا، لأنه لا حاجة به إليكم، بل أنتم أهل الحاجة إليه، وهو الغني عنكم وأنتم الفقراء = (والله على كل شيء قدير)، يقول جل ثناؤه: والله على إهلاككم واستبدال قوم غيركم بكم، وعلى كل ما يشاء من الأشياء، قدير. (٣)
* * *
وقد ذكر أن "العذاب الأليم" في هذا الموضع، كان احتباسَ القَطْر عنهم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٢١- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا زيد بن الحباب قال، حدثني عبد المؤمن بن خالد الحنفي قال، حدثني نجدة الخراساني قال: سمعت ابن عباس، سئل عن قوله: (إلا تنفروا يعذبكم عذابًا أليمًا)، قال: إن رسول الله
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسوله، متوعِّدَهم على ترك النَّفْر إلى عدوّهم من الروم: إن لم تنفروا، أيها المؤمنون، إلى من استنفركم رسول الله، يعذّبكم الله عاجلا في الدنيا، بترككم النَّفْر إليهم، عذابًا مُوجعًا (١) = (ويستبدل قومًا غيركم)، يقول: يستبدل الله بكم نبيَّه قومًا غيرَكم، ينفرون إذا استنفروا، ويجيبونه إذا دعوا، ويطيعون الله ورسوله (٢) = (ولا تضروه شيئا)، يقول: ولا تضروا الله، بترككم النّفير ومعصيتكم إياه شيئًا، لأنه لا حاجة به إليكم، بل أنتم أهل الحاجة إليه، وهو الغني عنكم وأنتم الفقراء = (والله على كل شيء قدير)، يقول جل ثناؤه: والله على إهلاككم واستبدال قوم غيركم بكم، وعلى كل ما يشاء من الأشياء، قدير. (٣)
* * *
وقد ذكر أن "العذاب الأليم" في هذا الموضع، كان احتباسَ القَطْر عنهم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٢١- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا زيد بن الحباب قال، حدثني عبد المؤمن بن خالد الحنفي قال، حدثني نجدة الخراساني قال: سمعت ابن عباس، سئل عن قوله: (إلا تنفروا يعذبكم عذابًا أليمًا)، قال: إن رسول الله
(١) انظر تفسير "النفر" فيما سلف قريبا ص: ٢٤٩.
(٢) انظر تفسير "الاستبدال" فيما سلف ٨: ١٢٣، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير " قدير " فيما سلف من فهارس اللغة (قدر)
(٢) انظر تفسير "الاستبدال" فيما سلف ٨: ١٢٣، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير " قدير " فيما سلف من فهارس اللغة (قدر)
254
صلى الله عليه وسلم استنفر حيًّا من أحياء العرب فتثاقلوا عنه، فأمسك عنهم المطر، فكان ذلك عذابَهم، فذلك قوله: (إلا تنفروا يعذبكم عذابًا أليما). (١)
١٦٧٢٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا عبد المؤمن، عن نجدة قال: سألت ابن عباس، فذكر نحوه = إلا أنه قال: فكان عذابهم أنْ أمسك عنهم المطر. (٢)
١٦٧٢٣- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (إلا تنفروا يعذبكم عذابًا أليمًا)، استنفر الله المؤمنين في لَهَبَان الحرِّ في غزوة تبوك قِبَل الشأم، (٣) على ما يعلم الله من الجَهْد.
* * *
وقد زعم بعضهم أن هذه الآية منسوخة.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٢٤- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة والحسن البصري قالا قال: (إلا تنفروا يعذبكم عذابًا أليمًا)، وقال: (مَا كَانَ لأهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا
١٦٧٢٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا عبد المؤمن، عن نجدة قال: سألت ابن عباس، فذكر نحوه = إلا أنه قال: فكان عذابهم أنْ أمسك عنهم المطر. (٢)
١٦٧٢٣- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (إلا تنفروا يعذبكم عذابًا أليمًا)، استنفر الله المؤمنين في لَهَبَان الحرِّ في غزوة تبوك قِبَل الشأم، (٣) على ما يعلم الله من الجَهْد.
* * *
وقد زعم بعضهم أن هذه الآية منسوخة.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٢٤- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة والحسن البصري قالا قال: (إلا تنفروا يعذبكم عذابًا أليمًا)، وقال: (مَا كَانَ لأهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا
(١) الأثر: ١٦٧٢١ - "زيد بن الحباب العكلي"، سلف مرارًا، آخرها رقم: ١٦٦٨٤.
و"عبد المؤمن بن خالد الحنفي"، ثقة، مضى برقم ١١٩١٤.
و" نجدة الخراساني " هو: " نجدة بن نفيع الحنفي "، ثقة، مضى أيضًا برقم: ١١٩١٤.
وهذا الخبر، رواه الطبري فيما يلي برقم: ١٦٧٢٢، من طريق يحيى بن واضح، عن عبد المؤمن.
ورواه أبو داود في سننه ٣: ١٦، رقم: ٢٥٠٦، من طريق زيد بن الحباب، مختصرًا، ورواه البيهقي في السنن ٩: ٤٨، بنحوه. وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢٣٩، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والحاكم، وصححه الحاكم.
(٢) الأثر: ١٦٧٢٢ - هو مكرر الأثر السالف، وهذا أيضا لفظ أبي داود والبيهقي: "المطر"، من طريق زيد بن الحباب السالف.
(٣) "لهبان الحر"، (بفتح اللام والهاء)، شدته في الرمضاء. ويقال: " يوم لهبان "، صفة، أي شديد الحر. و " اللهبان " مصدر مثل: اللهب، واللهيب، واللهاب (بضم اللام)، وهو اشتعال النار إذا خلصت من الدخان.
و"عبد المؤمن بن خالد الحنفي"، ثقة، مضى برقم ١١٩١٤.
و" نجدة الخراساني " هو: " نجدة بن نفيع الحنفي "، ثقة، مضى أيضًا برقم: ١١٩١٤.
وهذا الخبر، رواه الطبري فيما يلي برقم: ١٦٧٢٢، من طريق يحيى بن واضح، عن عبد المؤمن.
ورواه أبو داود في سننه ٣: ١٦، رقم: ٢٥٠٦، من طريق زيد بن الحباب، مختصرًا، ورواه البيهقي في السنن ٩: ٤٨، بنحوه. وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢٣٩، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والحاكم، وصححه الحاكم.
(٢) الأثر: ١٦٧٢٢ - هو مكرر الأثر السالف، وهذا أيضا لفظ أبي داود والبيهقي: "المطر"، من طريق زيد بن الحباب السالف.
(٣) "لهبان الحر"، (بفتح اللام والهاء)، شدته في الرمضاء. ويقال: " يوم لهبان "، صفة، أي شديد الحر. و " اللهبان " مصدر مثل: اللهب، واللهيب، واللهاب (بضم اللام)، وهو اشتعال النار إذا خلصت من الدخان.
255
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ)، إلى قوله: (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، فنسختها الآية التي تلتها: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً)، إلى قوله: (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)، [سورة التوبة: ١٢٠ - ١٢٢].
* * *
قال أبو جعفر: ولا خبرَ بالذي قال عكرمة والحسن، من نسخ حكم هذه الآية التي ذكَرا، (١) يجب التسليم له، ولا حجةَ نافٍ لصحة ذلك. (٢) وقد رأى ثبوت الحكم بذلك عددٌ من الصحابة والتابعين سنذكرهم بعدُ، وجائزٌ أن يكون قوله: (إلا تنفروا يعذبكم عذابًا أليمًا)، الخاص من الناس، ويكون المراد به من استنفرَه رسول الله ﷺ فلم ينفر، على ما ذكرنا من الرواية عن ابن عباس.
وإذا كان ذلك كذلك، كان قوله: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة)، نهيًا من الله المؤمنين عن إخلاء بلاد الإسلام بغير مؤمنٍ مقيم فيها، وإعلامًا من الله لهم أن الواجب النَّفرُ على بعضهم دون بعض، وذلك على من استُنْفِرَ منهم دون من لم يُسْتَنْفَر. وإذا كان ذلك كذلك، لم يكن في إحدى الآيتين نسخ للأخرى، وكان حكم كل واحدة منهما ماضيًا فيما عُنِيَتْ به.
* * *
* * *
قال أبو جعفر: ولا خبرَ بالذي قال عكرمة والحسن، من نسخ حكم هذه الآية التي ذكَرا، (١) يجب التسليم له، ولا حجةَ نافٍ لصحة ذلك. (٢) وقد رأى ثبوت الحكم بذلك عددٌ من الصحابة والتابعين سنذكرهم بعدُ، وجائزٌ أن يكون قوله: (إلا تنفروا يعذبكم عذابًا أليمًا)، الخاص من الناس، ويكون المراد به من استنفرَه رسول الله ﷺ فلم ينفر، على ما ذكرنا من الرواية عن ابن عباس.
وإذا كان ذلك كذلك، كان قوله: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة)، نهيًا من الله المؤمنين عن إخلاء بلاد الإسلام بغير مؤمنٍ مقيم فيها، وإعلامًا من الله لهم أن الواجب النَّفرُ على بعضهم دون بعض، وذلك على من استُنْفِرَ منهم دون من لم يُسْتَنْفَر. وإذا كان ذلك كذلك، لم يكن في إحدى الآيتين نسخ للأخرى، وكان حكم كل واحدة منهما ماضيًا فيما عُنِيَتْ به.
* * *
(١) في المطبوعة: "التي ذكروا"، والصواب من المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "ولا حجة تأتي بصحة ذلك" وفي المخطوطة: "ولا حجة بات بصحة ذلك"، غير منقوطة، وصواب قراءتها ما أثبت.
(٢) في المطبوعة: "ولا حجة تأتي بصحة ذلك" وفي المخطوطة: "ولا حجة بات بصحة ذلك"، غير منقوطة، وصواب قراءتها ما أثبت.
256
القول في تأويل قوله: ﴿إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾
قال أبو جعفر: وهذا إعلامٌ من الله أصحابَ رسوله ﷺ أنّه المتوكّل بنصر رسوله على أعداء دينه وإظهاره عليهم دونهم، أعانوه أو لم يعينوه، = وتذكيرٌ منه لهم فعلَ ذلك به، وهو من العدد في قلة، والعدوُّ في كثرة، فكيف به وهو من العدد في كثرة، والعدو في قلة؟
يقول لهم جل ثناؤه: إلا تنفروا، أيها المؤمنون، مع رسولي إذا استنفركم فتنصروه، فالله ناصره ومعينه على عدوّه ومغنيه عنكم وعن معونتكم ونصرتكم; كما نصره = (إذ أخرجه الذين كفروا)، بالله من قريش من وطنه وداره = (ثاني اثنين)، يقول: أخرجوه وهو أحد الاثنين، أي: واحد من الاثنين.
* * *
وكذلك تقول العرب: "هو ثاني اثنين" يعني: أحد الاثنين، و"ثالث ثلاثة، ورابع أربعة"، يعني: أحد الثلاثة، وأحد الأربعة. وذلك خلاف قولهم: "هو أخو ستة، وغلام سبعة"، لأن "الأخ"، و"الغلام" غير الستة والسبعة، "وثالث الثلاثة"، أحد الثلاثة.
* * *
وإنما عنى جل ثناؤه بقوله: (ثاني اثنين)، رسولَ الله ﷺ وأبا بكر رضي الله عنه، لأنهما كانا اللذين خرجَا هاربين من قريش إذ همُّوا بقتل رسول الله ﷺ واختفيا في الغار.
* * *
وقوله: (إذ هما في الغار)، يقول: إذ رسول الله ﷺ وأبو بكر
قال أبو جعفر: وهذا إعلامٌ من الله أصحابَ رسوله ﷺ أنّه المتوكّل بنصر رسوله على أعداء دينه وإظهاره عليهم دونهم، أعانوه أو لم يعينوه، = وتذكيرٌ منه لهم فعلَ ذلك به، وهو من العدد في قلة، والعدوُّ في كثرة، فكيف به وهو من العدد في كثرة، والعدو في قلة؟
يقول لهم جل ثناؤه: إلا تنفروا، أيها المؤمنون، مع رسولي إذا استنفركم فتنصروه، فالله ناصره ومعينه على عدوّه ومغنيه عنكم وعن معونتكم ونصرتكم; كما نصره = (إذ أخرجه الذين كفروا)، بالله من قريش من وطنه وداره = (ثاني اثنين)، يقول: أخرجوه وهو أحد الاثنين، أي: واحد من الاثنين.
* * *
وكذلك تقول العرب: "هو ثاني اثنين" يعني: أحد الاثنين، و"ثالث ثلاثة، ورابع أربعة"، يعني: أحد الثلاثة، وأحد الأربعة. وذلك خلاف قولهم: "هو أخو ستة، وغلام سبعة"، لأن "الأخ"، و"الغلام" غير الستة والسبعة، "وثالث الثلاثة"، أحد الثلاثة.
* * *
وإنما عنى جل ثناؤه بقوله: (ثاني اثنين)، رسولَ الله ﷺ وأبا بكر رضي الله عنه، لأنهما كانا اللذين خرجَا هاربين من قريش إذ همُّوا بقتل رسول الله ﷺ واختفيا في الغار.
* * *
وقوله: (إذ هما في الغار)، يقول: إذ رسول الله ﷺ وأبو بكر
257
رحمة الله عليه، في الغار.
* * *
و"الغار"، النقب العظيم يكون في الجبل.
* * *
= (إذ يقول لصاحبه)، يقول: إذ يقول رسول الله لصاحبه أبي بكر، (لا تحزن)، وذلك أنه خافَ من الطَّلَب أن يعلموا بمكانهما، فجزع من ذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحزن"، لأن الله معنا والله ناصرنا، (١)
فلن يعلم المشركون بنا ولن يصلوا إلينا.
يقول جل ثناؤه: فقد نصره الله على عدوه وهو بهذه الحال من الخوف وقلة العدد، فكيف يخذله ويُحْوِجه إليكم، وقد كثَّر الله أنصاره، وعدد جنودِه؟
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٢٥- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إلا تنصروه)، ذكر ما كان في أول شأنه حين بعثَه. يقول الله: فأنا فاعلٌ ذلك به وناصره، كما نصرته إذ ذاك وهو ثاني اثنين.
١٦٧٢٦- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (إلا تنصروه فقد نصره الله)، قال: ذكر ما كان في أول شأنه حين بُعثَ، فالله فاعلٌ به كذلك، ناصره كما نصره إذ ذاك (ثانيَ اثنين إذ هما في الغار).
١٦٧٢٧- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (إلا تنصروه فقد نصره الله)، الآية، قال: فكان صاحبَه أبو بكر، وأما
* * *
و"الغار"، النقب العظيم يكون في الجبل.
* * *
= (إذ يقول لصاحبه)، يقول: إذ يقول رسول الله لصاحبه أبي بكر، (لا تحزن)، وذلك أنه خافَ من الطَّلَب أن يعلموا بمكانهما، فجزع من ذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحزن"، لأن الله معنا والله ناصرنا، (١)
فلن يعلم المشركون بنا ولن يصلوا إلينا.
يقول جل ثناؤه: فقد نصره الله على عدوه وهو بهذه الحال من الخوف وقلة العدد، فكيف يخذله ويُحْوِجه إليكم، وقد كثَّر الله أنصاره، وعدد جنودِه؟
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٢٥- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إلا تنصروه)، ذكر ما كان في أول شأنه حين بعثَه. يقول الله: فأنا فاعلٌ ذلك به وناصره، كما نصرته إذ ذاك وهو ثاني اثنين.
١٦٧٢٦- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (إلا تنصروه فقد نصره الله)، قال: ذكر ما كان في أول شأنه حين بُعثَ، فالله فاعلٌ به كذلك، ناصره كما نصره إذ ذاك (ثانيَ اثنين إذ هما في الغار).
١٦٧٢٧- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (إلا تنصروه فقد نصره الله)، الآية، قال: فكان صاحبَه أبو بكر، وأما
(١) انظر تفسير "مع" فيما سلف ص: ٢٤٠، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
258
"الغار"، فجبل بمكة يقال له: "ثَوْر".
١٦٧٢٨- حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد قال، حدثني أبي قال، حدثنا أبان العطار قال، حدثنا هشام بن عروة، عن عروة قال: لما خرج النبي ﷺ وأبو بكر رضي الله عنه، وكان لأبي بكر مَنِيحةٌ من غَنَم تروح على أهله، (١) فأرسل أبو بكر عامر بن فهيرة في الغنم إلى ثور. وكان عامر بن فهيرةَ يروح بتلك الغنم على النبي ﷺ بالغار في ثور، وهو "الغار" الذي سماه الله في القرآن. (٢)
١٦٧٢٩- حدثني يعقوب بن إبراهيم بن جبير الواسطي قال، حدثنا عفان وحَبَّان قالا حدثنا همام، عن ثابت، عن أنس، أن أبا بكر رضي الله عنه حدَّثهم قال: بينا أنا مع رسول الله ﷺ في الغار وأقدامُ المشركين فوق رؤوسنا، فقلت: يا رسول الله، لو أن أحدهم رفع قَدَمَه أبصرنا! فقال: يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ (٣)
١٦٧٢٨- حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد قال، حدثني أبي قال، حدثنا أبان العطار قال، حدثنا هشام بن عروة، عن عروة قال: لما خرج النبي ﷺ وأبو بكر رضي الله عنه، وكان لأبي بكر مَنِيحةٌ من غَنَم تروح على أهله، (١) فأرسل أبو بكر عامر بن فهيرة في الغنم إلى ثور. وكان عامر بن فهيرةَ يروح بتلك الغنم على النبي ﷺ بالغار في ثور، وهو "الغار" الذي سماه الله في القرآن. (٢)
١٦٧٢٩- حدثني يعقوب بن إبراهيم بن جبير الواسطي قال، حدثنا عفان وحَبَّان قالا حدثنا همام، عن ثابت، عن أنس، أن أبا بكر رضي الله عنه حدَّثهم قال: بينا أنا مع رسول الله ﷺ في الغار وأقدامُ المشركين فوق رؤوسنا، فقلت: يا رسول الله، لو أن أحدهم رفع قَدَمَه أبصرنا! فقال: يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ (٣)
(١) " المنيحة"، شاة أو ناقة يعيرها الرجل أخاه، يحتلبها وينتفع بلبنها سنة، ثم يردها إليه.
(٢) الأثر: ١٦٧٢٨ - هذا جزء من كتاب عروة بن الزبير إلى عبد الملك بن مروان، والذي خرجته فيما سلف برقم: ١٦٠٨٣، ومواضع أخرى كثيرة. وهذا الجزء من الكتاب في تاريخ الطبري ٢: ٢٤٦.
(٣) الأثر: ١٦٧٢٩ - " يعقوب بن إبراهيم بن جبير الواسطي"، شيخ الطبري، لم أجد له ترجمة في غير الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٤ ٢ ٣٠٢.
و"عفان" هو "عفان بن مسلم بن عبد الله الصفار"، ثقة، من شيوخ أحمد والبخاري، مضى برقم: ٥٣٩٢.
و"حبان"، هو "حبان بن هلال الباهلي"، ثقة، روى له الجماعة. مضى برقم: ٥٤٧٢. " حبان " بفتح الحاء لا بكسرها.
و"همام" هو "همام بن يحيى بن دينار الأزدي"، ثقة روى له الجماعة، مضى مرارًا، آخرها: ١٦٣٠٦.
و"ثابت" هو "ثابت بن أسلم البناني"، ثقة روى له الجماعة، مضى برقم: ٢٩٤٢، ٧٠٣٠.
وهذا الخبر رواه من طريق عفان بن مسلم، ابن سعد في الطبقات ٣ ١ ١٢٣، وأحمد في مسنده رقم: ١١، والترمذي في تفسير الآية.
ورواه من طريق حبان بن هلال، البخاري في صحيحه (الفتح ٨: ٢٤٥)، ومسلم في صحيحه ١٥: ١٤٩.
ورواه البخاري من طريق محمد بن سنان، عن هلال في صحيحه (الفتح ٧: ٩).
وقال الترمذي: "هذا حديث صحيح غريب، إنما يروى من حديث همام. وقد روى هذا الحديث حبان بن هلال، وغير واحد، عن همام، نحو هذا ".
وخرجه السيوطي في الدر ٣: ٢٤٢، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، وأبي عوانة، وابن حبان، وابن المنذر، وابن مردويه.
(٢) الأثر: ١٦٧٢٨ - هذا جزء من كتاب عروة بن الزبير إلى عبد الملك بن مروان، والذي خرجته فيما سلف برقم: ١٦٠٨٣، ومواضع أخرى كثيرة. وهذا الجزء من الكتاب في تاريخ الطبري ٢: ٢٤٦.
(٣) الأثر: ١٦٧٢٩ - " يعقوب بن إبراهيم بن جبير الواسطي"، شيخ الطبري، لم أجد له ترجمة في غير الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٤ ٢ ٣٠٢.
و"عفان" هو "عفان بن مسلم بن عبد الله الصفار"، ثقة، من شيوخ أحمد والبخاري، مضى برقم: ٥٣٩٢.
و"حبان"، هو "حبان بن هلال الباهلي"، ثقة، روى له الجماعة. مضى برقم: ٥٤٧٢. " حبان " بفتح الحاء لا بكسرها.
و"همام" هو "همام بن يحيى بن دينار الأزدي"، ثقة روى له الجماعة، مضى مرارًا، آخرها: ١٦٣٠٦.
و"ثابت" هو "ثابت بن أسلم البناني"، ثقة روى له الجماعة، مضى برقم: ٢٩٤٢، ٧٠٣٠.
وهذا الخبر رواه من طريق عفان بن مسلم، ابن سعد في الطبقات ٣ ١ ١٢٣، وأحمد في مسنده رقم: ١١، والترمذي في تفسير الآية.
ورواه من طريق حبان بن هلال، البخاري في صحيحه (الفتح ٨: ٢٤٥)، ومسلم في صحيحه ١٥: ١٤٩.
ورواه البخاري من طريق محمد بن سنان، عن هلال في صحيحه (الفتح ٧: ٩).
وقال الترمذي: "هذا حديث صحيح غريب، إنما يروى من حديث همام. وقد روى هذا الحديث حبان بن هلال، وغير واحد، عن همام، نحو هذا ".
وخرجه السيوطي في الدر ٣: ٢٤٢، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، وأبي عوانة، وابن حبان، وابن المنذر، وابن مردويه.
259
١٦٧٣٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن شريك، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد قال: مكث أبو بكر مع النبي ﷺ في الغار ثلاثًا.
١٦٧٣١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري: (إذ هما في الغار)، قال: في الجبل الذي يسمَّى ثورًا، مكث فيه رسول الله ﷺ وأبو بكر ثلاث ليالٍ.
١٦٧٣٢- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبيه: أن أبا بكر الصديق رحمة الله تعالى عليه حين خطب قال: أيُّكم يقرأ "سورة التوبة"؟ (١) قال رجل: أنا. قال: اقرأ. فلما بلغ: (إذ يقول لصاحبه لا تحزن)، بكى أبو بكر وقال: أنا والله صاحبُه. (٢)
* * *
١٦٧٣١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري: (إذ هما في الغار)، قال: في الجبل الذي يسمَّى ثورًا، مكث فيه رسول الله ﷺ وأبو بكر ثلاث ليالٍ.
١٦٧٣٢- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبيه: أن أبا بكر الصديق رحمة الله تعالى عليه حين خطب قال: أيُّكم يقرأ "سورة التوبة"؟ (١) قال رجل: أنا. قال: اقرأ. فلما بلغ: (إذ يقول لصاحبه لا تحزن)، بكى أبو بكر وقال: أنا والله صاحبُه. (٢)
* * *
(١) في المخطوطة: "سورة البقرة"، وهو خطأ أبين من أن يدل على تصحيحه.
(٢) الأثر: ١٦٧٣٢ - " عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري المصري"، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ٥٩٧٣.
وأبوه "الحارث بن يعقوب بن ثعلبة، أو: ابن عبد الله، الأنصاري المصري". ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ١ ٢ ٢٨٢، وابن أبي حاتم ١ ٢ ٩٣.
(٢) الأثر: ١٦٧٣٢ - " عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري المصري"، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ٥٩٧٣.
وأبوه "الحارث بن يعقوب بن ثعلبة، أو: ابن عبد الله، الأنصاري المصري". ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ١ ٢ ٢٨٢، وابن أبي حاتم ١ ٢ ٩٣.
260
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فأنزل الله طمأنينته وسكونه على رسوله (١) = وقد قيل: على أبي بكر = (وأيده بجنود لم تروها)، يقول: وقوّاه بجنودٍ من عنده من الملائكة، لم تروها أنتم (٢) = (وجعل كلمة الذين كفروا)، وهي كلمة الشرك = (السُّفْلى)، لأنها قُهِرَت وأذِلَّت، وأبطلها الله تعالى، ومحق أهلها، وكل مقهور ومغلوب فهو أسفل من الغالب، والغالب هو الأعلى = (وكلمة الله هي العليا)، يقول: ودين الله وتوحيده وقولُ لا إله إلا الله، وهي كلمتُه = (العليا)، على الشرك وأهله، الغالبةُ، (٣) كما:-
١٦٧٣٣- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى)، وهي: الشرك بالله = (وكلمة الله هي العليا)، وهي: لا إله إلا الله.
* * *
وقوله: (وكلمة الله هي العليا)، خبر مبتدأ، غيرُ مردودٍ على قوله: (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى)، لأن ذلك لو كان معطوفًا على "الكلمة" الأولى، لكان نصبًا. (٤)
* * *
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فأنزل الله طمأنينته وسكونه على رسوله (١) = وقد قيل: على أبي بكر = (وأيده بجنود لم تروها)، يقول: وقوّاه بجنودٍ من عنده من الملائكة، لم تروها أنتم (٢) = (وجعل كلمة الذين كفروا)، وهي كلمة الشرك = (السُّفْلى)، لأنها قُهِرَت وأذِلَّت، وأبطلها الله تعالى، ومحق أهلها، وكل مقهور ومغلوب فهو أسفل من الغالب، والغالب هو الأعلى = (وكلمة الله هي العليا)، يقول: ودين الله وتوحيده وقولُ لا إله إلا الله، وهي كلمتُه = (العليا)، على الشرك وأهله، الغالبةُ، (٣) كما:-
١٦٧٣٣- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى)، وهي: الشرك بالله = (وكلمة الله هي العليا)، وهي: لا إله إلا الله.
* * *
وقوله: (وكلمة الله هي العليا)، خبر مبتدأ، غيرُ مردودٍ على قوله: (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى)، لأن ذلك لو كان معطوفًا على "الكلمة" الأولى، لكان نصبًا. (٤)
* * *
(١) انظر تفسير "السكينة" فيما سلف ص: ١٨٩، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " التأييد " فيما سلف ص: ٤٤، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير "الأعلى" فيما سلف ٧: ٢٣٤.
(٤) انظر تفصيل ذلك في معاني القرآن للفراء ١: ٤٣٨، وهو فصل جيد واضح.
(٢) انظر تفسير " التأييد " فيما سلف ص: ٤٤، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير "الأعلى" فيما سلف ٧: ٢٣٤.
(٤) انظر تفصيل ذلك في معاني القرآن للفراء ١: ٤٣٨، وهو فصل جيد واضح.
261
وأما قوله: (والله عزير حكيم)، فإنه يعني: (والله عزيز)، في انتقامه من أهل الكفر به، لا يقهره قاهر، ولا يغلبه غالب، ولا ينصر من عاقبه ناصر = (حكيم)، في تدبيره خلقَه، وتصريفه إياهم في مشيئته. (١)
* * *
* * *
(١) انظر تفسير "عزيز" و "حكيم"، فيما سلف من فهارس اللغة (عزز)، (حكم).
262
القول في تأويل قوله: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤١) ﴾
قال أبو جعفر: واختلف أهل التأويل في معنى "الخفة" و"الثقل"، اللذين أمر الله من كان به أحدهما بالنفر معه.
فقال بعضهم: معنى "الخفة"، التي عناها الله في هذا الموضع، الشباب = ومعنى "الثقل"، الشيخوخة.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٣٤- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن رجل، عن الحسن في قوله: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: شيبًا وشبّانًا.
١٦٧٣٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حفص، عن عمرو، عن الحسن قال: شيوخًا وشبانًا.
١٦٧٣٦-...... قال، حدثنا ابن عيينة، عن علي بن زيد، عن أنس، عن أبي طلحة: (انفروا خفافا وثقالا)، قال: كهولا وشبانًا، ما أسمع الله عَذَر واحدًا!! (١) فخرج إلى الشأم، فجاهد حتى مات. (٢)
قال أبو جعفر: واختلف أهل التأويل في معنى "الخفة" و"الثقل"، اللذين أمر الله من كان به أحدهما بالنفر معه.
فقال بعضهم: معنى "الخفة"، التي عناها الله في هذا الموضع، الشباب = ومعنى "الثقل"، الشيخوخة.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٣٤- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن رجل، عن الحسن في قوله: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: شيبًا وشبّانًا.
١٦٧٣٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حفص، عن عمرو، عن الحسن قال: شيوخًا وشبانًا.
١٦٧٣٦-...... قال، حدثنا ابن عيينة، عن علي بن زيد، عن أنس، عن أبي طلحة: (انفروا خفافا وثقالا)، قال: كهولا وشبانًا، ما أسمع الله عَذَر واحدًا!! (١) فخرج إلى الشأم، فجاهد حتى مات. (٢)
(١) في المطبوعة: "عذر أحدًا"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) الأثر: ١٦٧٣٦ - " علي بن زيد بن عبد الله بن أبي مليكة"، مضى مرارًا، وثقة.
أخي السيد أحمد فيما سلف رقم: ٤٨٩٧، وقد تكلم فيه أحمد وغيره قال: "ضعيف الحديث". و "أنس" هو "أنس بن مالك" خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
و"أبو طلحة"، هو "زيد بن سهل الأنصاري"، صاحب رسول الله، شهد العقبة، وبدرا، المشاهد كلها.
وهذا الخبر، رواه ابن سعد في الطبقات ٣ ٢ ٦٦ من طريق عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، وعلي بن يزيد، عن أنس، مطولا، بغير هذا اللفظ. ورواه الحاكم في المستدرك ٣: ٣٥٣، من هذه الطريق نفسها وقال: " هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه ".
وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢٤٦، وزاد نسبته إلى ابن أبي عمر العدني في مسنده، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد، وأبي يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وأبي الشيخ، وابن مردويه.
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٩: ٣١٢، بغير هذا اللفظ، وقال: " رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح".
(٢) الأثر: ١٦٧٣٦ - " علي بن زيد بن عبد الله بن أبي مليكة"، مضى مرارًا، وثقة.
أخي السيد أحمد فيما سلف رقم: ٤٨٩٧، وقد تكلم فيه أحمد وغيره قال: "ضعيف الحديث". و "أنس" هو "أنس بن مالك" خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
و"أبو طلحة"، هو "زيد بن سهل الأنصاري"، صاحب رسول الله، شهد العقبة، وبدرا، المشاهد كلها.
وهذا الخبر، رواه ابن سعد في الطبقات ٣ ٢ ٦٦ من طريق عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، وعلي بن يزيد، عن أنس، مطولا، بغير هذا اللفظ. ورواه الحاكم في المستدرك ٣: ٣٥٣، من هذه الطريق نفسها وقال: " هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه ".
وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢٤٦، وزاد نسبته إلى ابن أبي عمر العدني في مسنده، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد، وأبي يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وأبي الشيخ، وابن مردويه.
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٩: ٣١٢، بغير هذا اللفظ، وقال: " رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح".
262
١٦٧٣٧- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن المغيرة بن النعمان قال: كان رجل من النَّخع، وكان شيخًا بادنًا، فأراد الغزوَ، فمنعه سعد بن أبي وقاص فقال: إن الله يقول: (انفروا خفافًا وثقالا)، فأذن له سعد، فقتل الشيخ، فسأل عنه بعدُ عُمَرُ، فقال: ما فعل الشيخ الذي كأنّه من بني هاشم؟ (١) فقالوا: قتل يا أمير المؤمنين! (٢)
١٦٧٣٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن إسماعيل، عن أبي صالح قال: الشابُّ والشيخ.
١٦٧٣٩-...... قال، حدثنا أبو أسامة، عن مالك بن مغول، عن إسماعيل، عن عكرمة، قال: الشاب والشيخ.
١٦٧٤٠-...... قال، حدثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: كهولا وشبَّانًا.
١٦٧٤١-...... قال، حدثنا حبويه أبو يزيد، عن يعقوب القمي، عن جعفر بن حميد، عن بشر بن عطية: كهولا وشبانًا (٣)
١٦٧٣٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن إسماعيل، عن أبي صالح قال: الشابُّ والشيخ.
١٦٧٣٩-...... قال، حدثنا أبو أسامة، عن مالك بن مغول، عن إسماعيل، عن عكرمة، قال: الشاب والشيخ.
١٦٧٤٠-...... قال، حدثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: كهولا وشبَّانًا.
١٦٧٤١-...... قال، حدثنا حبويه أبو يزيد، عن يعقوب القمي، عن جعفر بن حميد، عن بشر بن عطية: كهولا وشبانًا (٣)
(١) في المطبوعة: "كان من بني هاشم"، وهو خطأ لا شك فيه، فإن الرجل "من النخع"، كما ذكر قبل، والصواب ما في المخطوطة.
(٢) الأثر: ١٦٧٣٧ - "المغيرة بن النعمان النخعي"، ثقة، مضى برقم: ١٣٦٢٢.
(٣) الأثر: ١٦٧٤١ - " حبويه، أبو يزيد "، هو " إسحاق بن إسماعيل الرازي "، مضى مرارًا، منها رقم: ١٥٩٩٣، وكتب في المطبوعة: "حيوة"، وغير ما في المخطوطة، وهو خطأ محض.
وأما "جعفر بن حميد"، فلم أجد له ذكرًا في شيء من مراجعي، والذي يروي عنه يعقوب بن عبد الله القمي، هو: " جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي القمي"، والذي نقله ابن حجر في التهذيب في ترجمته عن أبي نعيم أن اسم "أبي المغيرة" هو: "دينار" لا "حميد".
وأما " بشر بن عطية "، فلم أجد من يسمى بهذا إلا "بشر بن عطية"، رجل روى عنه مكحول، يقال هو صحابي، ويقال هو: "بشر بن عصمة المزني"، انظر لسان الميزان ٢: ٢٦، ٢٧، في الترجمتين، والإصابة في ترجمة الاسمين. وهذا كله مضطرب.
(٢) الأثر: ١٦٧٣٧ - "المغيرة بن النعمان النخعي"، ثقة، مضى برقم: ١٣٦٢٢.
(٣) الأثر: ١٦٧٤١ - " حبويه، أبو يزيد "، هو " إسحاق بن إسماعيل الرازي "، مضى مرارًا، منها رقم: ١٥٩٩٣، وكتب في المطبوعة: "حيوة"، وغير ما في المخطوطة، وهو خطأ محض.
وأما "جعفر بن حميد"، فلم أجد له ذكرًا في شيء من مراجعي، والذي يروي عنه يعقوب بن عبد الله القمي، هو: " جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي القمي"، والذي نقله ابن حجر في التهذيب في ترجمته عن أبي نعيم أن اسم "أبي المغيرة" هو: "دينار" لا "حميد".
وأما " بشر بن عطية "، فلم أجد من يسمى بهذا إلا "بشر بن عطية"، رجل روى عنه مكحول، يقال هو صحابي، ويقال هو: "بشر بن عصمة المزني"، انظر لسان الميزان ٢: ٢٦، ٢٧، في الترجمتين، والإصابة في ترجمة الاسمين. وهذا كله مضطرب.
263
١٦٧٤٢- حدثنا الوليد قال، حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد بن مسلم، عن بكير بن معروف، عن مقاتل بن حيان، في قوله: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: شبانًا وكهولا.
١٦٧٤٣- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: شبابًا وشيوخًا، وأغنياء ومساكين.
١٦٧٤٤- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال، قال الحسن: شيوخًا وشبّانًا.
١٦٧٤٥- حدثني سعيد بن عمرو قال، حدثنا بقية قال، حدثنا حَرِيز قال، حدثني حبان بن زيد الشرعبيّ قال: نفرنا مع صَفْوان بن عمرو، وكان واليًا على حمص قِبَلَ الأفْسوس، إلى الجَرَاجمة، (١) فلقيت شيخًا كبيرًا هِمًّا، (٢) قد سقط حاجباه على عينيه، من أهل دمشق، على راحلته، فيمن أغار. (٣) فأقبلت عليه فقلت: يا عمِّ، لقد أعذر الله إليك! قال: فرفع حاجبيه، فقال: يا ابن
١٦٧٤٣- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: شبابًا وشيوخًا، وأغنياء ومساكين.
١٦٧٤٤- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال، قال الحسن: شيوخًا وشبّانًا.
١٦٧٤٥- حدثني سعيد بن عمرو قال، حدثنا بقية قال، حدثنا حَرِيز قال، حدثني حبان بن زيد الشرعبيّ قال: نفرنا مع صَفْوان بن عمرو، وكان واليًا على حمص قِبَلَ الأفْسوس، إلى الجَرَاجمة، (١) فلقيت شيخًا كبيرًا هِمًّا، (٢) قد سقط حاجباه على عينيه، من أهل دمشق، على راحلته، فيمن أغار. (٣) فأقبلت عليه فقلت: يا عمِّ، لقد أعذر الله إليك! قال: فرفع حاجبيه، فقال: يا ابن
(١) "الأفسوس"، بلد بثغور طرسوس، و "طرسوس" مدينة بثغور الشأم بين أنطاكية وحلب وبلاد الروم.
و" الجراجمة "، نبط الشأم، ويقال: هم قوم من العجم بالجزيرة.
وكان في المخطوطة: " قبل الأفسون إلى الحراصه"، والصواب في المطبوعة وهو مطابق لما في تفسير ابن كثير ٤: ١٧٦، نقلا عن هذا الموضع من الطبري.
(٢) " الهم " (بكسر الهاء) : الشيخ الكبير الفاني البالي.
(٣) في المخطوطة: "أعات"، والصواب ما في المطبوعة، وهو موافق لما في ابن كثير.
و" الجراجمة "، نبط الشأم، ويقال: هم قوم من العجم بالجزيرة.
وكان في المخطوطة: " قبل الأفسون إلى الحراصه"، والصواب في المطبوعة وهو مطابق لما في تفسير ابن كثير ٤: ١٧٦، نقلا عن هذا الموضع من الطبري.
(٢) " الهم " (بكسر الهاء) : الشيخ الكبير الفاني البالي.
(٣) في المخطوطة: "أعات"، والصواب ما في المطبوعة، وهو موافق لما في ابن كثير.
264
أخي استنفرنا الله خفافًا وثقالا من يحبَّه الله يبتَليه، ثم يعيده فيبْتليه، (١) إنما يبتلي الله من عباده من شكر وصبر وذكر ولم يعبد إلا الله. (٢)
١٦٧٤٦- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسماعيل، عن أبي صالح: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: كل شيخ وشابّ.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: مشاغيل وغير مشاغيل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٤٧- حدثنا ابن بشار وابن وكيع قالا حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن الحكم في قوله: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: مشاغيل وغير مشاغيل.
* * *
وقال آخرون: معناه: انفروا أغنياء وفقراء.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٤٦- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسماعيل، عن أبي صالح: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: كل شيخ وشابّ.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: مشاغيل وغير مشاغيل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٤٧- حدثنا ابن بشار وابن وكيع قالا حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن الحكم في قوله: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: مشاغيل وغير مشاغيل.
* * *
وقال آخرون: معناه: انفروا أغنياء وفقراء.
* ذكر من قال ذلك:
(١) في المطبوعة: " من يحبه الله يبتليه، ثم يعيده فيبقيه "، وأثبت ما في المخطوطة، فهو الصواب وحده.
(٢) الأثر: ١٦٧٤٥ - "بقية" هو "بقية بن الوليد"، سلف مرارًا كثيرة.
و" حريز" هو " حريز بن عثمان بن جبر الرحبي "، ثقة مأمون، ثبت في الحديث، وإنما وضع منه من وضع، لأنه كان ينال من علي رضي الله عنه، ثم ترك ذلك. و " حريز " (بفتح الحاء، وكسر الراء). وقال أبو داود: " شيوخ حريز، كلهم ثقات ". مترجم في التهذيب، والكبير ٢ ١ ٩٦، وابن أبي حاتم ١ ٢ ٢٨٩.
وكان في المطبوعة: " جرير "، وهو في المخطوطة غير منقوط.
و" حبان بن زيد الشرعبي (بكسر الحاء من: حبان)، أبو خداش الحمصي، ذكره ابن حبان في الثقات، وسلف قبل أن أبا داود، وثق جميع شيوخ حريز بن عثمان. مترجم في التهذيب، والكبير ٢ ١ ٧٨، وابن أبي حاتم ١ ٢ ٢٦٩.
و" صفوان بن عمرو "، كأنه هو " صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي "، ثقة. والذي حملني على هذا الظن، أني رأيت في ترجمته في التهذيب عن أبي اليمان، عن صفوان: " أدركت من خلافة عبد الملك، وخرجنا في بعث سنة ٩٤ "، ولكني لم أجد ذكرًا لولايته على حمص.
وقد سلف " صفوان بن عمرو السكسكي " مرارًا، منها رقم: ٧٠٠٩، ١٢٨٠٧، ١٣١٠٨.
(٢) الأثر: ١٦٧٤٥ - "بقية" هو "بقية بن الوليد"، سلف مرارًا كثيرة.
و" حريز" هو " حريز بن عثمان بن جبر الرحبي "، ثقة مأمون، ثبت في الحديث، وإنما وضع منه من وضع، لأنه كان ينال من علي رضي الله عنه، ثم ترك ذلك. و " حريز " (بفتح الحاء، وكسر الراء). وقال أبو داود: " شيوخ حريز، كلهم ثقات ". مترجم في التهذيب، والكبير ٢ ١ ٩٦، وابن أبي حاتم ١ ٢ ٢٨٩.
وكان في المطبوعة: " جرير "، وهو في المخطوطة غير منقوط.
و" حبان بن زيد الشرعبي (بكسر الحاء من: حبان)، أبو خداش الحمصي، ذكره ابن حبان في الثقات، وسلف قبل أن أبا داود، وثق جميع شيوخ حريز بن عثمان. مترجم في التهذيب، والكبير ٢ ١ ٧٨، وابن أبي حاتم ١ ٢ ٢٦٩.
و" صفوان بن عمرو "، كأنه هو " صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي "، ثقة. والذي حملني على هذا الظن، أني رأيت في ترجمته في التهذيب عن أبي اليمان، عن صفوان: " أدركت من خلافة عبد الملك، وخرجنا في بعث سنة ٩٤ "، ولكني لم أجد ذكرًا لولايته على حمص.
وقد سلف " صفوان بن عمرو السكسكي " مرارًا، منها رقم: ٧٠٠٩، ١٢٨٠٧، ١٣١٠٨.
265
١٦٧٤٨- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عمن ذكره، عن أبي صالح: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: أغنياء وفقراء.
* * *
وقال آخرون: معناه: نِشاطًا وغير نِشاط.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٤٩- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (انفروا خفافًا وثقالا)، يقول: انفروا نِشاطًا وغير نِشاط.
* * *
١٦٧٥٠- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر عن قتادة: (خفافًا وثقالا)، قال: نِشاطًا وغير نِشاط.
* * *
وقال آخرون: معناه: ركبانًا ومشاةَ.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٥١- حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد قال، قال أبو عمرو: إذا كان النَّفْر إلى دروب الشأم، نفر الناس إليها "خفافًا"، ركبانًا. وإذا كان النَّفْر إلى هذه السواحل، نفروا إليها "خفافًا وثقالا"، ركبانًا ومشاة.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ذا ضَيْعَة، وغير ذي ضَيْعة.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٥٢- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: "الثقيل"، الذي له الضيعة، فهو ثقيل يكره أن يُضيع ضَيْعته ويخرج = و"الخفيف" الذي لا ضيعة له، فقال الله: (انفروا خفافًا وثقالا).
١٦٧٥٣- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر، عن أبيه قال:
* * *
وقال آخرون: معناه: نِشاطًا وغير نِشاط.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٤٩- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (انفروا خفافًا وثقالا)، يقول: انفروا نِشاطًا وغير نِشاط.
* * *
١٦٧٥٠- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر عن قتادة: (خفافًا وثقالا)، قال: نِشاطًا وغير نِشاط.
* * *
وقال آخرون: معناه: ركبانًا ومشاةَ.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٥١- حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد قال، قال أبو عمرو: إذا كان النَّفْر إلى دروب الشأم، نفر الناس إليها "خفافًا"، ركبانًا. وإذا كان النَّفْر إلى هذه السواحل، نفروا إليها "خفافًا وثقالا"، ركبانًا ومشاة.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ذا ضَيْعَة، وغير ذي ضَيْعة.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٥٢- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (انفروا خفافًا وثقالا)، قال: "الثقيل"، الذي له الضيعة، فهو ثقيل يكره أن يُضيع ضَيْعته ويخرج = و"الخفيف" الذي لا ضيعة له، فقال الله: (انفروا خفافًا وثقالا).
١٦٧٥٣- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر، عن أبيه قال:
266
زعم حضرميّ أنه ذُكر له أن ناسًا كانوا عسى أن يكون أحدهم عليلا أو كبيرًا فيقول: إن أجتنبْه إباءً، فإني آثم! (١) فأنزل الله: (انفروا خفافًا وثقالا).
١٦٧٥٤- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا أيوب، عن محمد قال: شهد أبو أيوب مع رسول الله ﷺ بدرًا، ثم لم يتخلف عن غَزاة للمسلمين إلا وهو في أخرى، (٢) إلا عامًا واحدًا. وكان أيوب يقول: (انفروا خفافًا وثقالا)، فلا أجدني إلا خفيفًا أو ثقيلا. (٣)
١٦٧٥٥- حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، حدثنا حَرِيز بن عثمان، عن راشد بن سعد، عمن رأى المقداد بن الأسود فارسَ رسول الله ﷺ على تابوتٍ من توابيت الصَّيارفة بحمص، وقد فَضَل عنها من عِظَمِه، فقلت له: لقد أعذر الله إليك! فقال: أبتْ علينا "سورة البعوث"، (٤) (انفروا خفافًا وثقالا). (٥)
١٦٧٥٤- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا أيوب، عن محمد قال: شهد أبو أيوب مع رسول الله ﷺ بدرًا، ثم لم يتخلف عن غَزاة للمسلمين إلا وهو في أخرى، (٢) إلا عامًا واحدًا. وكان أيوب يقول: (انفروا خفافًا وثقالا)، فلا أجدني إلا خفيفًا أو ثقيلا. (٣)
١٦٧٥٥- حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، حدثنا حَرِيز بن عثمان، عن راشد بن سعد، عمن رأى المقداد بن الأسود فارسَ رسول الله ﷺ على تابوتٍ من توابيت الصَّيارفة بحمص، وقد فَضَل عنها من عِظَمِه، فقلت له: لقد أعذر الله إليك! فقال: أبتْ علينا "سورة البعوث"، (٤) (انفروا خفافًا وثقالا). (٥)
(١) في المطبوعة مكان: " إن أحتنبه إباء، فإني آثم " ما نصه: " فيقول: إني أحسبه قال: أنا لا آثم "، وهو مضطرب جدًا، وفي تفسير ابن كثير ٤: ١٧٤، ١٧٥، اختصر الكلام وكتب: " فيقول: إني لا آثم "، وفي الدر المنثور ٣: ٢٤٦، مثله مختصرًا.
وأما المخطوطة فكان رسمها هكذا: "فيقول: إن أحسبه أبًا قال آثم"، فآثرت قراءتها كما أثبتها، ومعناه: إن أجتنب النفر إباء للغزو، فإني آثم، ولكن علتي أو كبرى عذر يدفع عنى إثم التخلف. هذا ما رجحته، والله أعلم.
(٢) في المطبوعة: "إلا وهو في أخرى "، وفي المخطوطة: "في آخرين"، وحذف هذه العبارة ابن كثير في تفسيره، والسيوطي في الدر المنثور. وهي صحيحة المعنى، رواها ابن سعد " في أخرى " كما في المطبوعة: ورواها الحاكم: " إلا هو فيها ".
(٣) الأثر: ١٦٧٥٤ - رواه ابن سعد في الطبقات ٣ ٢ ٤٩ من طريق إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، وهو " ابن عطية "، مطولا مفصلا.
ورواه الحاكم في المستدرك ٣: ٤٥٨، من هذه الطريق نفسها، مطولا.
(٤) هكذا جاء هنا في المخطوطة: " البعوث "، وأنا في شك منه شديد، لأني لم أجد من سمى " سورة التوبة "، " سورة البعوث "، بل أجمعوا على تسميتها " سورة البحوث "، كما سأفسره بعد ص: ٢٦٥، تعليق: ٦. ثم انظر آخر التعليق على الخبر رقم: ١٦٧٥٦.
(٥) الأثر: ١٦٧٥٥. " حريز بن عثمان بن جبر الرحبي "، مضى آنفا برقم ١٦٧٤٥. وكان في المطبوعة: " جرير "، وهو خطأ، وفي المخطوطة غير منقوط.
و" راشد بن سعد المقرائي الحبراني الحمصي "، ثقة، لا بأس به إذا لم يحدث عنه متروك، وشيوخ " حريز بن عثمان " ثقات جميعًا، كما أسلفت في رقم: ١٦٧٤٥، و " حريز " ثقة في نفسه. وهذا الخبر سيأتي بعد هذا، ليس فيه مجهول.
وأما المخطوطة فكان رسمها هكذا: "فيقول: إن أحسبه أبًا قال آثم"، فآثرت قراءتها كما أثبتها، ومعناه: إن أجتنب النفر إباء للغزو، فإني آثم، ولكن علتي أو كبرى عذر يدفع عنى إثم التخلف. هذا ما رجحته، والله أعلم.
(٢) في المطبوعة: "إلا وهو في أخرى "، وفي المخطوطة: "في آخرين"، وحذف هذه العبارة ابن كثير في تفسيره، والسيوطي في الدر المنثور. وهي صحيحة المعنى، رواها ابن سعد " في أخرى " كما في المطبوعة: ورواها الحاكم: " إلا هو فيها ".
(٣) الأثر: ١٦٧٥٤ - رواه ابن سعد في الطبقات ٣ ٢ ٤٩ من طريق إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، وهو " ابن عطية "، مطولا مفصلا.
ورواه الحاكم في المستدرك ٣: ٤٥٨، من هذه الطريق نفسها، مطولا.
(٤) هكذا جاء هنا في المخطوطة: " البعوث "، وأنا في شك منه شديد، لأني لم أجد من سمى " سورة التوبة "، " سورة البعوث "، بل أجمعوا على تسميتها " سورة البحوث "، كما سأفسره بعد ص: ٢٦٥، تعليق: ٦. ثم انظر آخر التعليق على الخبر رقم: ١٦٧٥٦.
(٥) الأثر: ١٦٧٥٥. " حريز بن عثمان بن جبر الرحبي "، مضى آنفا برقم ١٦٧٤٥. وكان في المطبوعة: " جرير "، وهو خطأ، وفي المخطوطة غير منقوط.
و" راشد بن سعد المقرائي الحبراني الحمصي "، ثقة، لا بأس به إذا لم يحدث عنه متروك، وشيوخ " حريز بن عثمان " ثقات جميعًا، كما أسلفت في رقم: ١٦٧٤٥، و " حريز " ثقة في نفسه. وهذا الخبر سيأتي بعد هذا، ليس فيه مجهول.
267
١٦٧٥٦- حدثنا سعيد بن عمرو السكوني قال، حدثنا بقية بن الوليد قال: حدثنا حريز قال، حدثني عبد الرحمن بن ميسرة قال، حدثني أبو راشد الحبراني قال: وافيت المقداد بن الأسود فارسَ رسول الله ﷺ جالسًا على تابوت من توابيت الصيارفة بحمص، قد فَضَل عنها من عِظَمه، (١) يريد الغزو، فقلت له: لقد أعذر الله إليك! فقال: أبَتْ علينا "سورة البُحُوث": (٢) (انفروا خفافًا وثقالا). (٣)
* * *
* * *
(١) في المطبوعة: " فضل عنه "، وأثبت ما في المخطوطة، لأنه صواب محض، فالتابوت، يذكر، وقد يؤنث.
(٢) في المطبوعة: " البعوث "، وأثبت ما في المخطوطة، وهو الموافق لرواية هذا الأثر في المراجع التي سأذكرها. و " البحوث ": منهم من يقولها بضم الباء، جمع " بحث "، سميت بذلك لأنها بحثت عن المنافقين وأسرارهم، أي: استثارتها وفتشت عنها.
وقد قال ابن الأثير إنه رأى في "الفائق" للزمخشري "البحوث" بفتح الباء، ومطبوعة الفائق، لا ضبط فيها. ثم قال ابن الأثير: " فإن صحت، فهي فعول، من أبنية المبالغة، أما الزمخشري فقال: " سورة البحوث: هي سورة التوبة، لما فيها من البحث عن المنافقين وكشف أسرارهم، وتسمى المبعثرة ".
وهذا كله يؤيد ما ذهبت إليه في ص، ٢٦٥، التعليق رقم: ٣.
(٣) الأثر: ١٦٧٥٦ - انظر التعليق على الأثر السالف رقم: ١٦٧٥٥.
" سعيد بن عمرو السكوني"، شيخ الطبري، ثقة، مضى برقم: ٥٥٦٣، ٦٥٢١، وغيرهما.
و" بقية بن الوليد "، مضى توثيقه، ومن تكلم فيه قريبًا رقم: ١٦٧٤٥.
و" حريز " هو " حريز بن عثمان "، سلف في الأثر السالف، ومراجعه هناك، وكان في المطبوعة هنا " جرير " أيضًا، والمخطوطة غير منقوطة.
و" عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي "، أبو سلمة الحمصي، ثقة، لأن أبا داود قال: و "أبو راشد الحبراني الحميري الحمصي"، تابعي ثقة. لم يرو عنه غير "حريز". مترجم في التهذيب، والكنى للبخاري: ٣٠.
وهذا الخبر رواه ابن سعد في الطبقات ٣ ١ ١١٥، من طريق يزيد بن هارون، عن حريز بن عثمان (وفي الطبقات: جرير، وهو خطأ كما بينت).
ورواه الحاكم في المستدرك من طريق: بقية بن الوليد، عن حريز بن عثمان (وفيه: جرير، وهو خطأ).
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٧: ٣٠، وقال: " رواه الطبراني، وفيه بقية بن الوليد، وفيه ضعف، وقد وثق. وبقية رجاله ثقات ".
قلت: قد تبين من التخريج أنه رواه عن " حريز"، " يزيد بن هارون "، وهو ثقة روى له الجماعة، كما سلف مرارًا.
هذا، وقد جاء في مجمع الزوائد "سورة البعوث"، وانظر ما كتبته آنفا في ص: ٢٦٥، تعليق: ٣، وص: ٢٦٥، تعليق: ٦.
(٢) في المطبوعة: " البعوث "، وأثبت ما في المخطوطة، وهو الموافق لرواية هذا الأثر في المراجع التي سأذكرها. و " البحوث ": منهم من يقولها بضم الباء، جمع " بحث "، سميت بذلك لأنها بحثت عن المنافقين وأسرارهم، أي: استثارتها وفتشت عنها.
وقد قال ابن الأثير إنه رأى في "الفائق" للزمخشري "البحوث" بفتح الباء، ومطبوعة الفائق، لا ضبط فيها. ثم قال ابن الأثير: " فإن صحت، فهي فعول، من أبنية المبالغة، أما الزمخشري فقال: " سورة البحوث: هي سورة التوبة، لما فيها من البحث عن المنافقين وكشف أسرارهم، وتسمى المبعثرة ".
وهذا كله يؤيد ما ذهبت إليه في ص، ٢٦٥، التعليق رقم: ٣.
(٣) الأثر: ١٦٧٥٦ - انظر التعليق على الأثر السالف رقم: ١٦٧٥٥.
" سعيد بن عمرو السكوني"، شيخ الطبري، ثقة، مضى برقم: ٥٥٦٣، ٦٥٢١، وغيرهما.
و" بقية بن الوليد "، مضى توثيقه، ومن تكلم فيه قريبًا رقم: ١٦٧٤٥.
و" حريز " هو " حريز بن عثمان "، سلف في الأثر السالف، ومراجعه هناك، وكان في المطبوعة هنا " جرير " أيضًا، والمخطوطة غير منقوطة.
و" عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي "، أبو سلمة الحمصي، ثقة، لأن أبا داود قال: و "أبو راشد الحبراني الحميري الحمصي"، تابعي ثقة. لم يرو عنه غير "حريز". مترجم في التهذيب، والكنى للبخاري: ٣٠.
وهذا الخبر رواه ابن سعد في الطبقات ٣ ١ ١١٥، من طريق يزيد بن هارون، عن حريز بن عثمان (وفي الطبقات: جرير، وهو خطأ كما بينت).
ورواه الحاكم في المستدرك من طريق: بقية بن الوليد، عن حريز بن عثمان (وفيه: جرير، وهو خطأ).
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٧: ٣٠، وقال: " رواه الطبراني، وفيه بقية بن الوليد، وفيه ضعف، وقد وثق. وبقية رجاله ثقات ".
قلت: قد تبين من التخريج أنه رواه عن " حريز"، " يزيد بن هارون "، وهو ثقة روى له الجماعة، كما سلف مرارًا.
هذا، وقد جاء في مجمع الزوائد "سورة البعوث"، وانظر ما كتبته آنفا في ص: ٢٦٥، تعليق: ٣، وص: ٢٦٥، تعليق: ٦.
268
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أمر المؤمنين بالنَّفر لجهاد أعدائه في سبيله، خفافًا وثقالا. وقد يدخل في "الخفاف" كل من كان سهلا عليه النفر لقوة بدنه على ذلك، وصحة جسمه وشبابه، ومن كان ذا يُسْرٍ بمالٍ وفراغ من الاشتغال، (١) وقادرًا على الظهر والركاب.
ويدخل في "الثقال"، كل من كان بخلاف ذلك، من ضعيف الجسم وعليله وسقيمه، ومن مُعسِرٍ من المال، ومشتغل بضيعة ومعاش، ومن كان لا ظهرَ له ولا ركاب، والشيخ وذو السِّن والعِيَال.
فإذ كان قد يدخل في "الخفاف" و"الثقال" من وصفنا من أهل الصفات التي ذكرنا، ولم يكن الله جل ثناؤه خصَّ من ذلك صنفًا دون صنف في الكتاب، ولا على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا نَصَب على خصوصه دليلا وجب أن يقال: إن الله جل ثناؤه أمر المؤمنين من أصحاب رسوله بالنفر للجهاد في سبيله خفافًا وثقالا مع رسوله صلى الله عليه وسلم، على كل حال من أحوال الخفّة والثقل.
* * *
١٦٧٥٧- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن سعيد بن مسروق، عن مسلم بن صبيح قال: أول ما نزل من "براءة": (انفروا خفافًا وثقالا).
ويدخل في "الثقال"، كل من كان بخلاف ذلك، من ضعيف الجسم وعليله وسقيمه، ومن مُعسِرٍ من المال، ومشتغل بضيعة ومعاش، ومن كان لا ظهرَ له ولا ركاب، والشيخ وذو السِّن والعِيَال.
فإذ كان قد يدخل في "الخفاف" و"الثقال" من وصفنا من أهل الصفات التي ذكرنا، ولم يكن الله جل ثناؤه خصَّ من ذلك صنفًا دون صنف في الكتاب، ولا على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا نَصَب على خصوصه دليلا وجب أن يقال: إن الله جل ثناؤه أمر المؤمنين من أصحاب رسوله بالنفر للجهاد في سبيله خفافًا وثقالا مع رسوله صلى الله عليه وسلم، على كل حال من أحوال الخفّة والثقل.
* * *
١٦٧٥٧- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن سعيد بن مسروق، عن مسلم بن صبيح قال: أول ما نزل من "براءة": (انفروا خفافًا وثقالا).
(١) في المطبوعة: "ذا تيسر"، والذي في المخطوطة محض الصواب.
269
١٦٧٥٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، مثله.
١٦٧٥٩- حدثنا الحارث قال، حدثنا القاسم قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: إن أول ما نزل من "براءة": (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة)، قال: يعرِّفهم نصره، ويوطِّنهم لغزوة تَبُوك.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: (وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جاهدوا)، أيها المؤمنون، الكفارَ = (بأموالكم)، فأنفقوها في مجاهدتهم على دين الله الذي شرعه لكم، حتى ينقادوا لكم فيدخلوا فيه طوعًا أو كرهًا، أو يعطوكم الجزية عن يدٍ صَغَارًا، إن كانوا أهل كتابٍ، أو تقتلوهم (١) = (وأنفسكم)، يقول: وبأنفسكم، فقاتلوهم بأيديكم، يخزهم الله وينصركم عليهم = (ذلكم خير لكم)، يقول: هذا الذي آمركم به من النفر في سبيل الله تعالى خفافًا وثقالا وجهادِ أعدائه بأموالكم وأنفسكم، خيرٌ لكم من التثاقل إلى الأرض إذا استنفرتم، والخلودِ إليها، والرضا بالقليل من متاع الحياة الدنيا عِوضًا من الآخرة = إن كنتم من أهل العلم بحقيقة ما بُيِّن لكم من فضل الجهاد في سبيل الله على القعود عنه.
* * *
١٦٧٥٩- حدثنا الحارث قال، حدثنا القاسم قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: إن أول ما نزل من "براءة": (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة)، قال: يعرِّفهم نصره، ويوطِّنهم لغزوة تَبُوك.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: (وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جاهدوا)، أيها المؤمنون، الكفارَ = (بأموالكم)، فأنفقوها في مجاهدتهم على دين الله الذي شرعه لكم، حتى ينقادوا لكم فيدخلوا فيه طوعًا أو كرهًا، أو يعطوكم الجزية عن يدٍ صَغَارًا، إن كانوا أهل كتابٍ، أو تقتلوهم (١) = (وأنفسكم)، يقول: وبأنفسكم، فقاتلوهم بأيديكم، يخزهم الله وينصركم عليهم = (ذلكم خير لكم)، يقول: هذا الذي آمركم به من النفر في سبيل الله تعالى خفافًا وثقالا وجهادِ أعدائه بأموالكم وأنفسكم، خيرٌ لكم من التثاقل إلى الأرض إذا استنفرتم، والخلودِ إليها، والرضا بالقليل من متاع الحياة الدنيا عِوضًا من الآخرة = إن كنتم من أهل العلم بحقيقة ما بُيِّن لكم من فضل الجهاد في سبيل الله على القعود عنه.
* * *
(١) انظر تفسير " الجهاد " فيما سلف ص: ١٧٣، تعليق: ٥، والمراجع هناك.
= وتفسير " سبيل الله " فيما سلف من فهارس اللغة (سبل).
= وتفسير " سبيل الله " فيما سلف من فهارس اللغة (سبل).
270
القول في تأويل قوله: ﴿لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٤٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه للنبي صلى الله عليه وسلم، وكانت جماعة من أصحابه قد استأذنوه في التخلُّف عنه حين خرج إلى تبوك، فأذن لهم: لو كان ما تدعو إليه المتخلفين عنك والمستأذنيك في ترك الخروج معك إلى مغزاك الذي استنفرتهم إليه = (عرضا قريبا)، يقول: غنيمة حاضرة (١) = (وسفرًا قاصدًا)، يقول: وموضعًا قريبًا سهلا = (لاتبعوك)، ونفروا معك إليهما، ولكنك استنفرتهم إلى موضع بعيد، وكلفتهم سفرًا شاقًّا عليهم، لأنك استنهضتهم في وقت الحرّ، وزمان القَيْظ وحين الحاجة إلى الكِنِّ = (وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم)، يقول تعالى ذكره: وسيحلف لك، يا محمد، هؤلاء المستأذنوك في ترك الخروج معك، اعتذارًا منهم إليك بالباطل، لتقبل منهم عذرهم، وتأذن لهم في التخلُّف عنك، بالله كاذبين = "لو استطعنا لخرجنا معكم"، يقول: لو أطقنا الخروجَ معكم بوجود السَّعة والمراكب والظهور وما لا بُدَّ للمسافر والغازي منه، وصحة البدن والقوى، لخرجنا معكم إلى عدوّكم = (يهلكون أنفسهم)،
يقول: يوجبون لأنفسهم، بحلفهم بالله كاذبين، الهلاك والعطب، (٢) لأنهم يورثونها سَخَط الله، ويكسبونها أليم عقابه = (والله يعلم إنهم لكاذبون)، في حلفهم بالله: (لو استطعنا لخرجنا معكم)، لأنهم كانوا للخروج مطيقين، بوجود السبيل إلى ذلك بالذي كان عندهم من الأموال، مما يحتاج إليه الغازي في غزوه، والمسافر في سفره،
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه للنبي صلى الله عليه وسلم، وكانت جماعة من أصحابه قد استأذنوه في التخلُّف عنه حين خرج إلى تبوك، فأذن لهم: لو كان ما تدعو إليه المتخلفين عنك والمستأذنيك في ترك الخروج معك إلى مغزاك الذي استنفرتهم إليه = (عرضا قريبا)، يقول: غنيمة حاضرة (١) = (وسفرًا قاصدًا)، يقول: وموضعًا قريبًا سهلا = (لاتبعوك)، ونفروا معك إليهما، ولكنك استنفرتهم إلى موضع بعيد، وكلفتهم سفرًا شاقًّا عليهم، لأنك استنهضتهم في وقت الحرّ، وزمان القَيْظ وحين الحاجة إلى الكِنِّ = (وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم)، يقول تعالى ذكره: وسيحلف لك، يا محمد، هؤلاء المستأذنوك في ترك الخروج معك، اعتذارًا منهم إليك بالباطل، لتقبل منهم عذرهم، وتأذن لهم في التخلُّف عنك، بالله كاذبين = "لو استطعنا لخرجنا معكم"، يقول: لو أطقنا الخروجَ معكم بوجود السَّعة والمراكب والظهور وما لا بُدَّ للمسافر والغازي منه، وصحة البدن والقوى، لخرجنا معكم إلى عدوّكم = (يهلكون أنفسهم)،
يقول: يوجبون لأنفسهم، بحلفهم بالله كاذبين، الهلاك والعطب، (٢) لأنهم يورثونها سَخَط الله، ويكسبونها أليم عقابه = (والله يعلم إنهم لكاذبون)، في حلفهم بالله: (لو استطعنا لخرجنا معكم)، لأنهم كانوا للخروج مطيقين، بوجود السبيل إلى ذلك بالذي كان عندهم من الأموال، مما يحتاج إليه الغازي في غزوه، والمسافر في سفره،
(١) انظر تفسير " العرض " فيما سلف ص: ٥٩، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " الهلاك " فيما سلف ١٣: ١٥٠. تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " الهلاك " فيما سلف ١٣: ١٥٠. تعليق: ٢، والمراجع هناك.
وصحة الأبدان وقوَى الأجسام.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٦٠- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (لو كان عرضًا قريبًا)، إلى قوله (لكاذبون)، إنهم يستطيعون الخروج، ولكن كان تَبْطِئَةً من عند أنفسهم والشيطان، وزَهَادة في الخير.
١٦٧٦١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (لو كان عرضًا قريبًا)، قال: هي غزوة تبوك.
١٦٧٦٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (والله يعلم إنهم لكاذبون)، أي: إنهم يستطيعون. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (٤٣) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا عتاب من الله تعالى ذكره، عاتبٌ به نبيَّه ﷺ في إذنه لمن أذن له في التخلف عنه، حين شخص إلى تبوك لغزو الروم، من المنافقين.
يقول جل ثناؤه: (عفا الله عنك)، يا محمد، ما كان منك في إذنك لهؤلاء المنافقين الذي استأذنوك في ترك الخروج معك، وفي التخلف عنك، من قبل أن تعلم صدقه من كذبه (٢)
= (لم أذنت لهم)، لأي شيء أذنت لهم؟ =
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٦٠- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (لو كان عرضًا قريبًا)، إلى قوله (لكاذبون)، إنهم يستطيعون الخروج، ولكن كان تَبْطِئَةً من عند أنفسهم والشيطان، وزَهَادة في الخير.
١٦٧٦١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (لو كان عرضًا قريبًا)، قال: هي غزوة تبوك.
١٦٧٦٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (والله يعلم إنهم لكاذبون)، أي: إنهم يستطيعون. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (٤٣) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا عتاب من الله تعالى ذكره، عاتبٌ به نبيَّه ﷺ في إذنه لمن أذن له في التخلف عنه، حين شخص إلى تبوك لغزو الروم، من المنافقين.
يقول جل ثناؤه: (عفا الله عنك)، يا محمد، ما كان منك في إذنك لهؤلاء المنافقين الذي استأذنوك في ترك الخروج معك، وفي التخلف عنك، من قبل أن تعلم صدقه من كذبه (٢)
= (لم أذنت لهم)، لأي شيء أذنت لهم؟ =
(١) الأثر: ١٦٧٦٢ - سيرة ابن هشام ٤: ١٩٤، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٦٩٩.
(٢) انظر تفسير " العفو " فيما سلف من فهارس اللغة (عفا).
(٢) انظر تفسير " العفو " فيما سلف من فهارس اللغة (عفا).
272
(حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين)، يقول: ما كان ينبغي لك أن تأذن لهم في التخلف عنك إذ قالوا لك: (لو استطعنا لخرجنا معك)، حتى تعرف مَن له العذر منهم في تخلفه، ومن لا عذر له منهم، فيكون إذنك لمن أذنتَ له منهم على علم منك بعذره، وتعلمَ مَنِ الكاذبُ منهم المتخلفُ نفاقًا وشكًّا في دين الله.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٦٣- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (عفا الله عنك لم أذنت لهم)، قال: ناسٌ قالوا: استأذِنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أذن لكم فاقعدوا وإن لم يأذن لكم فاقعدوا.
١٦٧٦٤- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا)، الآية، عاتبه كما تسمعون، ثم أنزل الله التي في "سورة النور"، فرخص له في أن يأذن لهم إن شاء، فقال: (فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ)، [سورة النور: ٦٢]، فجعله الله رخصةً في ذلك من ذلك.
١٦٧٦٥- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن ميمون الأودي قال: اثنتان فعلهما رسول الله ﷺ لم يؤمر فيهما بشيء: إذنه للمنافقين، وأخذه من الأسارى، فأنزل الله: (عفا الله عنك لم أذنت لهم)، الآية.
١٦٧٦٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، قرأت على سعيد بن أبي عروبة، قال: هكذا سمعته من قتادة، قوله: (عفا الله عنك لم
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٦٣- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (عفا الله عنك لم أذنت لهم)، قال: ناسٌ قالوا: استأذِنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أذن لكم فاقعدوا وإن لم يأذن لكم فاقعدوا.
١٦٧٦٤- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا)، الآية، عاتبه كما تسمعون، ثم أنزل الله التي في "سورة النور"، فرخص له في أن يأذن لهم إن شاء، فقال: (فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ)، [سورة النور: ٦٢]، فجعله الله رخصةً في ذلك من ذلك.
١٦٧٦٥- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن ميمون الأودي قال: اثنتان فعلهما رسول الله ﷺ لم يؤمر فيهما بشيء: إذنه للمنافقين، وأخذه من الأسارى، فأنزل الله: (عفا الله عنك لم أذنت لهم)، الآية.
١٦٧٦٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، قرأت على سعيد بن أبي عروبة، قال: هكذا سمعته من قتادة، قوله: (عفا الله عنك لم
273
أذنت لهم)، الآية، ثم أنزل الله بعد ذلك في "سورة النور": (فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ)، الآية.
١٦٧٦٧- حدثنا صالح بن مسمار قال، حدثنا النضر بن شميل قال، أخبرنا موسى بن سَرْوان، قال: سألت مورِّقًا عن قوله: (عفا الله عنك)، قال: عاتبه ربه. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا إعلامٌ من الله نبيَّه ﷺ سِيمَا المنافقين: أن من علاماتهم التي يُعرفون بها تخلُّفهم عن الجهاد في سبيل الله، باستئذانهم رسول الله ﷺ في تركهم الخروجَ معه إذا استنفروا بالمعاذير الكاذبة.
يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد، لا تأذننَّ في التخلُّف عنك إذا خرجت لغزو عدوّك، لمن استأذنك في التخلف من غير عذر، فإنه لا يستأذنك في ذلك إلا منافق لا يؤمن بالله واليوم الآخر. فأمَّا الذي يصدّق بالله، ويقرُّ بوحدانيته وبالبعث والدار الآخرة والثواب والعقاب، فإنه لا يستأذنك في
١٦٧٦٧- حدثنا صالح بن مسمار قال، حدثنا النضر بن شميل قال، أخبرنا موسى بن سَرْوان، قال: سألت مورِّقًا عن قوله: (عفا الله عنك)، قال: عاتبه ربه. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا إعلامٌ من الله نبيَّه ﷺ سِيمَا المنافقين: أن من علاماتهم التي يُعرفون بها تخلُّفهم عن الجهاد في سبيل الله، باستئذانهم رسول الله ﷺ في تركهم الخروجَ معه إذا استنفروا بالمعاذير الكاذبة.
يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد، لا تأذننَّ في التخلُّف عنك إذا خرجت لغزو عدوّك، لمن استأذنك في التخلف من غير عذر، فإنه لا يستأذنك في ذلك إلا منافق لا يؤمن بالله واليوم الآخر. فأمَّا الذي يصدّق بالله، ويقرُّ بوحدانيته وبالبعث والدار الآخرة والثواب والعقاب، فإنه لا يستأذنك في
(١) الأثر: ١٦٧٦٧ - "صالح بن مسمار المروزي السلمي"، شيخ الطبري، مضى برقم: ٢٢٤.
و"النضر بن شميل المازني" الإمام النحوي، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ١١٥١٢.
و" موسى بن سروان العجلي "، ويقال: " ثروان " و " فروان " مضى برقم: ١١٤١١، وكان في المطبوعة هنا " موسى بن مروان "، وهو خطأ، وأثبت ما في المخطوطة.
و" مورق "، هو " مورق بن مشمرج العجلي "، ثقة عابد من العباد الخشن. مترجم في التهذيب، والكبير ٤ ٢ ٥١، وابن أبي حاتم ٤ ١ ٤٠٣.
و"النضر بن شميل المازني" الإمام النحوي، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ١١٥١٢.
و" موسى بن سروان العجلي "، ويقال: " ثروان " و " فروان " مضى برقم: ١١٤١١، وكان في المطبوعة هنا " موسى بن مروان "، وهو خطأ، وأثبت ما في المخطوطة.
و" مورق "، هو " مورق بن مشمرج العجلي "، ثقة عابد من العباد الخشن. مترجم في التهذيب، والكبير ٤ ٢ ٥١، وابن أبي حاتم ٤ ١ ٤٠٣.
ترك الغزو وجهاد أعداء الله بماله ونفسه (١) = (والله عليم بالمتقين)، يقول: والله ذو علم بمن خافه، فاتقاه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه، والمسارعة إلى طاعته في غزو عدوّه وجهادهم بماله ونفسه، وغير ذلك من أمره ونهيه. (٢)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٦٨- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله)، فهذا تعييرٌ للمنافقين حين استأذنوا في القُعود عن الجهاد من غير عُذْر، وعَذَر الله المؤمنين، فقال: (لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ)، [سورة النور: ٦٢].
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: إنما يستأذنك، يا محمد، في التخلف خِلافكَ، وترك الجهاد معك، من غير عذر بيِّنٍ، الذين لا يصدّقون بالله، ولا يقرّون بتوحيده = (وارتابت قلوبهم)، يقول: وشكت قلوبهم في حقيقة وحدانية الله، وفي ثواب أهل طاعته، وعقابه أهل معاصيه (٣) = (فهم في ريبهم يترددون)، يقول: في شكهم متحيِّرون، وفي ظلمة الحيرة متردِّدون، لا يعرفون حقًّا من باطل، فيعملون على بصيرة. وهذه صفة المنافقين.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٦٨- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله)، فهذا تعييرٌ للمنافقين حين استأذنوا في القُعود عن الجهاد من غير عُذْر، وعَذَر الله المؤمنين، فقال: (لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ)، [سورة النور: ٦٢].
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: إنما يستأذنك، يا محمد، في التخلف خِلافكَ، وترك الجهاد معك، من غير عذر بيِّنٍ، الذين لا يصدّقون بالله، ولا يقرّون بتوحيده = (وارتابت قلوبهم)، يقول: وشكت قلوبهم في حقيقة وحدانية الله، وفي ثواب أهل طاعته، وعقابه أهل معاصيه (٣) = (فهم في ريبهم يترددون)، يقول: في شكهم متحيِّرون، وفي ظلمة الحيرة متردِّدون، لا يعرفون حقًّا من باطل، فيعملون على بصيرة. وهذه صفة المنافقين.
(١) انظر تفسير "جاهد" فيما سلف ص: ٢٧٠، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " التقوى " فيما سلف من فهارس اللغة (وقى).
(٣) انظر تفسير "الارتياب" و "الريب" فيما سلف ١١: ١٧٢، تعليق: ٣، والمراجع هناك = ثم ١١: ٢٨٠، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " التقوى " فيما سلف من فهارس اللغة (وقى).
(٣) انظر تفسير "الارتياب" و "الريب" فيما سلف ١١: ١٧٢، تعليق: ٣، والمراجع هناك = ثم ١١: ٢٨٠، تعليق: ١، والمراجع هناك.
وكان جماعة من أهل العلم يرون أن هاتين الآيتين منسوختان بالآية التي ذكرت في "سورة النور".
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٦٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة والحسن البصري قالا قوله: (لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله)، إلى قوله: (فهم في ريبهم يترددون)، نسختهما الآية التي في "النور": (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ)، إلى: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، [سورة النور: ٦٢].
* * *
وقد بيَّنَّا "الناسخ والمنسوخ" بما أغنى عن إعادته ههنا. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (٤٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولو أراد هؤلاء المستأذنوك، يا محمد، في ترك الخروج معك لجهاد عدوّك، الخروجَ معك = (لأعدوا له عدة)، يقول: لأعدوا للخروج عدة، ولتأهّبوا للسفر والعدوِّ أهْبَتهما (٢) = (ولكن كره الله انبعاثهم)، يعني: خروجهم لذلك (٣) (فثبطهم)، يقول: فثقَّل عليهم الخروجَ حتى استخفُّوا القعودَ في منازلهم خِلافك، واستثقلوا السفر والخروج معك، فتركوا
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٦٩- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة والحسن البصري قالا قوله: (لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله)، إلى قوله: (فهم في ريبهم يترددون)، نسختهما الآية التي في "النور": (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ)، إلى: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، [سورة النور: ٦٢].
* * *
وقد بيَّنَّا "الناسخ والمنسوخ" بما أغنى عن إعادته ههنا. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (٤٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولو أراد هؤلاء المستأذنوك، يا محمد، في ترك الخروج معك لجهاد عدوّك، الخروجَ معك = (لأعدوا له عدة)، يقول: لأعدوا للخروج عدة، ولتأهّبوا للسفر والعدوِّ أهْبَتهما (٢) = (ولكن كره الله انبعاثهم)، يعني: خروجهم لذلك (٣) (فثبطهم)، يقول: فثقَّل عليهم الخروجَ حتى استخفُّوا القعودَ في منازلهم خِلافك، واستثقلوا السفر والخروج معك، فتركوا
(١) انظر مقالته في " الناسخ والمنسوخ " فيما سلف ص ٤٢، تعليق: ٢، والمراجع هناك. وانظر الفهارس العامة، وفهارس النحو والعربية وغيرهما.
(٢) انظر تفسير " أعد "، فيما سلف ص: ٣١.
(٣) انظر تفسير "الكره" فيما سلف ٨: ١٠٤، تعليق: ١، والمراجع هناك. - وتفسير "البعث" فيما سلف ١١: ٤٠٧، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " أعد "، فيما سلف ص: ٣١.
(٣) انظر تفسير "الكره" فيما سلف ٨: ١٠٤، تعليق: ١، والمراجع هناك. - وتفسير "البعث" فيما سلف ١١: ٤٠٧، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
276
لذلك الخروج = (وقيل اقعدوا مع القاعدين)، يعني: اقعدوا مع المرضى والضعفاء الذين لا يجدون ما ينفقون، ومع النساء والصبيان، واتركوا الخروج مع رسول الله ﷺ والمجاهدين في سبيل الله. (١)
* * *
وكان تثبيط الله إياهم عن الخروج مع رسوله ﷺ والمؤمنين به، لعلمه بنفاقهم وغشهم للإسلام وأهله، وأنهم لو خرجوا معهم ضرُّوهم ولم ينفعوا. وذكر أن الذين استأذنوا رسول الله ﷺ في القعود كانوا: "عبد الله بن أبيٍّ ابن سلول"، و"الجد بن قيس"، ومن كانا على مثل الذي كانا عليه. كذلك:-
١٦٧٧٠- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: كان الذين استأذنوه فيما بلغني، من ذوي الشرف، منهم: عبد الله بن أبيّ ابن سلول، والجدّ بن قيس، وكانوا أشرافًا في قومهم، فثبطهم الله، لعلمه بهم، أن يخرجوا معهم، (٢) فيفسدوا عليه جنده. (٣)
* * *
* * *
وكان تثبيط الله إياهم عن الخروج مع رسوله ﷺ والمؤمنين به، لعلمه بنفاقهم وغشهم للإسلام وأهله، وأنهم لو خرجوا معهم ضرُّوهم ولم ينفعوا. وذكر أن الذين استأذنوا رسول الله ﷺ في القعود كانوا: "عبد الله بن أبيٍّ ابن سلول"، و"الجد بن قيس"، ومن كانا على مثل الذي كانا عليه. كذلك:-
١٦٧٧٠- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: كان الذين استأذنوه فيما بلغني، من ذوي الشرف، منهم: عبد الله بن أبيّ ابن سلول، والجدّ بن قيس، وكانوا أشرافًا في قومهم، فثبطهم الله، لعلمه بهم، أن يخرجوا معهم، (٢) فيفسدوا عليه جنده. (٣)
* * *
(١) انظر تفسير " القعود " فيما سلف ٩: ٨٥.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "يخرجوا معهم" وفي سيرة ابن هشام: "معه".
(٣) الأثر: ١٦٧٧٠ - سيرة ابن هشام ٤: ١٩٤، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٧٦٢. وكان في المخطوطة: "فيفسدوا عليه حسه" غير منقوطة، فاسدة الكتابة. والذي في المطبوعة مطابق لما في سيرة ابن هشام، وهو الصواب.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "يخرجوا معهم" وفي سيرة ابن هشام: "معه".
(٣) الأثر: ١٦٧٧٠ - سيرة ابن هشام ٤: ١٩٤، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٧٦٢. وكان في المخطوطة: "فيفسدوا عليه حسه" غير منقوطة، فاسدة الكتابة. والذي في المطبوعة مطابق لما في سيرة ابن هشام، وهو الصواب.
277
القول في تأويل قوله: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٤٧) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لو خرج، أيها المؤمنون، فيكم هؤلاء المنافقون = (ما زادوكم إلا خبالا)، يقول: لم يزيدوكم بخروجهم فيكم إلا فسادًا وضرًّا، ولذلك ثبَّطتُهم عن الخروج معكم.
* * *
وقد بينا معنى "الخبال"، بشواهده فيما مضى قبل. (١)
* * *
(ولأوضعوا خلالكم)، يقول: ولأسرعوا بركائبهم السَّير بينكم.
* * *
وأصله من "إيضاع الخيل والركاب"، وهو الإسراع بها في السير، يقال للناقة إذا أسرعت السير: "وضعت الناقة تَضَع وَضعًا ومَوْضوعًا"، و"أوضعها صاحبها"، إذا جدّ بها وأسرع، "يوضعها إيضاعًا"، ومنه قول الراجز: (٢)
* * *
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لو خرج، أيها المؤمنون، فيكم هؤلاء المنافقون = (ما زادوكم إلا خبالا)، يقول: لم يزيدوكم بخروجهم فيكم إلا فسادًا وضرًّا، ولذلك ثبَّطتُهم عن الخروج معكم.
* * *
وقد بينا معنى "الخبال"، بشواهده فيما مضى قبل. (١)
* * *
(ولأوضعوا خلالكم)، يقول: ولأسرعوا بركائبهم السَّير بينكم.
* * *
وأصله من "إيضاع الخيل والركاب"، وهو الإسراع بها في السير، يقال للناقة إذا أسرعت السير: "وضعت الناقة تَضَع وَضعًا ومَوْضوعًا"، و"أوضعها صاحبها"، إذا جدّ بها وأسرع، "يوضعها إيضاعًا"، ومنه قول الراجز: (٢)
يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعْ | أَخُبُّ فِيهَا وَأَضَعْ (٣) |
(١) انظر تفسير "الخبال" فيما سلف ٧: ١٣٩، ١٤٠.
(٢) هو دريد بن الصمة.
(٣) سيرة ابن هشام ٤: ٨٢، واللسان (وضع)، وغيرهما، وهذا رجز قاله دريد في يوم غزوة حنين، وكان خرج مع هوزان، عليهم مالك بن عوف النصري، ودريد بن الصمة يومئذ شيخ كبير، ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه ومعرفته بالحرب، وكان شيخًا مجربًا. وكان مالك بن عوف كره أن يكون لدريد بن الصمة رأي في حربهم هذه أو ذكر، فقال دريد:
"الجذع"، الصغير الشاب. و "الخبب"، ضرب من السير كالوضع. ثم وصف فرسه فيما تمنى. "وطفاء"، طويلة الشعر، و "الزمعة" الهنة الزائدة الناتئة فوق ظلف الشاة. و "الشاة" هنا: الوعل وهو شاة الجبل. و "صدع" الفتى القوي من الأوعال.
(٢) هو دريد بن الصمة.
(٣) سيرة ابن هشام ٤: ٨٢، واللسان (وضع)، وغيرهما، وهذا رجز قاله دريد في يوم غزوة حنين، وكان خرج مع هوزان، عليهم مالك بن عوف النصري، ودريد بن الصمة يومئذ شيخ كبير، ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه ومعرفته بالحرب، وكان شيخًا مجربًا. وكان مالك بن عوف كره أن يكون لدريد بن الصمة رأي في حربهم هذه أو ذكر، فقال دريد:
"هذا يوم لم أشهده ولم يفتني". يَا لَيْتنِي فِيها جَذَعْ | أَخُبُّ فيها وأَضَعْ |
أَقُودُ وَطْفَاء الزَّمَعْ | كَأَنَّهَا شَاةٌ صَدَعْ |
278
وأما أصل "الخلال"، فهو من "الخَلَل"، وهي الفُرَج تكون بين القوم، في الصفوف وغيرها. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "تَرَاصُّوا فِي الصُّفُوفِ لا يَتَخَلَّلكُمْ [الشَّيَاطين، كأنها] أَوْلادُ الحذَفِ". (١)
* * *
وأما قوله: (يبغونكم الفتنة)، فإن معنى: "يبغونكم الفتنة"، يطلبون لكم ما تفتنون به، عن مخرجكم في مغزاكم، بتثبيطهم إياكم عنه. (٢)
* * *
يقال منه: "بغيتُه الشر"، و"بغيتُه الخير" "أبغيه بُغاء"، إذا التمسته له، بمعنى: "بغيت له"، وكذلك "عكمتك" و"حلبتك"، بمعنى: "حلبت لك"، و"عكمت لك"، (٣) وإذا أرادوا: أعنتك على التماسه وطلبه، قالوا: "أبْغَيتُك كذا"، و"أحلبتك"، و"أعكمتك"، أي: أعنتك عليه. (٤)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٧١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن
* * *
وأما قوله: (يبغونكم الفتنة)، فإن معنى: "يبغونكم الفتنة"، يطلبون لكم ما تفتنون به، عن مخرجكم في مغزاكم، بتثبيطهم إياكم عنه. (٢)
* * *
يقال منه: "بغيتُه الشر"، و"بغيتُه الخير" "أبغيه بُغاء"، إذا التمسته له، بمعنى: "بغيت له"، وكذلك "عكمتك" و"حلبتك"، بمعنى: "حلبت لك"، و"عكمت لك"، (٣) وإذا أرادوا: أعنتك على التماسه وطلبه، قالوا: "أبْغَيتُك كذا"، و"أحلبتك"، و"أعكمتك"، أي: أعنتك عليه. (٤)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٧١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن
(١) لم يذكر إسناده، وهو حديث مشهور، رواه أبو داود في سننه ١: ٢٥٢، رقم: ٦٦٧، بغير هذا اللفظ، والنسائي في السنن ٢: ٩٢. والذي وضعته بين القوسين فيما رواه صاحب اللسان، لأنه في السنن: " كأنها الحذف "، وفي اللسان أيضًا " كأنها بنات حذف ". أما المطبوعة فقد ضم الكلام بعضه إلى بعض، مع أنه كان في المخطوطة، بياض بين "لا يتخللكم"، وبين "أولاد الحذف"، وفي الهامش حرف (ط) دلالة على الخطأ.
و" الحذف " ضأن سود جرد صغار، ليس لها آذان ولا أذناب، يجاء بها إلى الحجاز من جرش اليمن، واحدتها " حذفة " (بفتحتين)، شبه الشياطين بها.
(٢) انظر تفسير " الفتنة " فيما سلف ص: ٨٦، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) "عكمه" و "عكم له"، هو أن يسوي له الأعدال على الدابة ويشدها.
(٤) انظر تفسير "بغى" فيما سلف ١٣: ٨٤، تعليق: ١، والمراجع هناك.
ثم انظر مثل هذا التفصيل فيما سلف ٧: ٥٣.
و" الحذف " ضأن سود جرد صغار، ليس لها آذان ولا أذناب، يجاء بها إلى الحجاز من جرش اليمن، واحدتها " حذفة " (بفتحتين)، شبه الشياطين بها.
(٢) انظر تفسير " الفتنة " فيما سلف ص: ٨٦، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) "عكمه" و "عكم له"، هو أن يسوي له الأعدال على الدابة ويشدها.
(٤) انظر تفسير "بغى" فيما سلف ١٣: ٨٤، تعليق: ١، والمراجع هناك.
ثم انظر مثل هذا التفصيل فيما سلف ٧: ٥٣.
279
معمر، عن قتادة: (ولأوضعوا خلالكم)، بينكم = (يبغونكم الفتنة)، بذلك.
١٦٧٧٢- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ولأوضعوا خلالكم)، يقول: [ولأوضعوا بينكم]، خلالكم، بالفتنة. (١)
١٦٧٧٣- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة)، يبطئونكم قال: رفاعة بن التابوت، وعبد الله بن أبيّ ابن سلول، وأوس بن قيظيّ.
١٦٧٧٤- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (ولأوضعوا خلالكم)، قال: لأسرعوا الأزقة (٢) = (خلالكم يبغونكم الفتنة)، يبطِّئونكم = عبد الله بن نبتل، ورفاعة بن تابوت، وعبد الله بن أبي ابن سلول.
١٦٧٧٥-...... قال حدثنا الحسين قال، حدثني أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة: (ولأوضعوا خلالكم)، قال: لأسرعوا خلالكم يبغونكم الفتنة بذلك.
١٦٧٧٦- حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا)، قال: هؤلاء المنافقون في غزوة تبوك. يسلِّي الله عنه نبيه ﷺ والمؤمنين فقال: وما يُحزنكم؟ (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا)، ! يقولون: "قد جُمع لكم، وفُعِل وفُعِل، يخذِّلونكم" = (ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة)، الكفر.
* * *
١٦٧٧٢- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ولأوضعوا خلالكم)، يقول: [ولأوضعوا بينكم]، خلالكم، بالفتنة. (١)
١٦٧٧٣- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة)، يبطئونكم قال: رفاعة بن التابوت، وعبد الله بن أبيّ ابن سلول، وأوس بن قيظيّ.
١٦٧٧٤- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (ولأوضعوا خلالكم)، قال: لأسرعوا الأزقة (٢) = (خلالكم يبغونكم الفتنة)، يبطِّئونكم = عبد الله بن نبتل، ورفاعة بن تابوت، وعبد الله بن أبي ابن سلول.
١٦٧٧٥-...... قال حدثنا الحسين قال، حدثني أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة: (ولأوضعوا خلالكم)، قال: لأسرعوا خلالكم يبغونكم الفتنة بذلك.
١٦٧٧٦- حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا)، قال: هؤلاء المنافقون في غزوة تبوك. يسلِّي الله عنه نبيه ﷺ والمؤمنين فقال: وما يُحزنكم؟ (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا)، ! يقولون: "قد جُمع لكم، وفُعِل وفُعِل، يخذِّلونكم" = (ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة)، الكفر.
* * *
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "ولأضعوا أسلحتهم خلالكم بالفتنة"، وهو لا يفيد معنى، وظني أن "أسلحتهم" هي "بينكم" وهو تفسير "خلالكم" كما مر في أثر قتادة السالف، ولكنه أخر اللفظ الذي فسره وهو "خلالكم".
(٢) هكذا في المطبوعة والمخطوطة: "الأزقة"، وهو جمع "زقاق" "بضم الزاي"، وهو الطريق الضيق، دون السكة، وجعل "الأزقة" مفعولا لقوله: "أسرعوا"، غريب، وأخشى أن يكون في الكلام خلل أو تصحيف.
(٢) هكذا في المطبوعة والمخطوطة: "الأزقة"، وهو جمع "زقاق" "بضم الزاي"، وهو الطريق الضيق، دون السكة، وجعل "الأزقة" مفعولا لقوله: "أسرعوا"، غريب، وأخشى أن يكون في الكلام خلل أو تصحيف.
280
وأما قوله: (وفيكم سَمَّاعون لهم)، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.
فقال بعضهم: معنى ذلك: وفيكم سماعون لحديثكم لهم، يؤدُّونه إليهم، عيون لهم عليكم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٧٧- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وفيكم سماعون لهم)، يحدِّثون أحاديثكم، عيونٌ غير منافقين.
١٦٧٧٨- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (وفيكم سماعون لهم)، قال: محدِّثون، عيون، غير المنافقين. (١)
١٦٧٧٩- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وفيكم سماعون لهم)، يسمعون ما يؤدُّونه لعدوِّكم.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وفيكم من يسمع كلامهم ويُطيع لهم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٨٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وفيكم سماعون لهم)، وفيكم من يسمع كلامهم.
١٦٧٨١- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: كان الذين استأذنوا، فيما بلغني من ذوي الشرف، منهم عبد الله بن أبي ابن سلول، والجدُّ بن قيس، وكانوا أشرافًا في قومهم، فثبطهم الله، لعلمه بهم: أن يخرجوا معهم، فيفسدوا عليه جُنده. وكان في جنده قوم أهلُ محبةٍ لهم وطاعةٍ فيما يدعونهم إليه، لشرفهم فيهم، فقال: (وفيكم سمَّاعون لهم). (٢)
فقال بعضهم: معنى ذلك: وفيكم سماعون لحديثكم لهم، يؤدُّونه إليهم، عيون لهم عليكم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٧٧- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وفيكم سماعون لهم)، يحدِّثون أحاديثكم، عيونٌ غير منافقين.
١٦٧٧٨- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (وفيكم سماعون لهم)، قال: محدِّثون، عيون، غير المنافقين. (١)
١٦٧٧٩- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وفيكم سماعون لهم)، يسمعون ما يؤدُّونه لعدوِّكم.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وفيكم من يسمع كلامهم ويُطيع لهم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٨٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وفيكم سماعون لهم)، وفيكم من يسمع كلامهم.
١٦٧٨١- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: كان الذين استأذنوا، فيما بلغني من ذوي الشرف، منهم عبد الله بن أبي ابن سلول، والجدُّ بن قيس، وكانوا أشرافًا في قومهم، فثبطهم الله، لعلمه بهم: أن يخرجوا معهم، فيفسدوا عليه جُنده. وكان في جنده قوم أهلُ محبةٍ لهم وطاعةٍ فيما يدعونهم إليه، لشرفهم فيهم، فقال: (وفيكم سمَّاعون لهم). (٢)
(١) في المطبوعة: "غير منافقين"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) الأثر: ١٦٧٨١ - صدر هذا الخبر مضى برقم: ١٦٧٧٠، وساقه هنا فيما بعد، وهو في سيرة ابن هشام ٤: ١٩٤، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٧٦٢.
(٢) الأثر: ١٦٧٨١ - صدر هذا الخبر مضى برقم: ١٦٧٧٠، وساقه هنا فيما بعد، وهو في سيرة ابن هشام ٤: ١٩٤، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٧٦٢.
281
قال أبو جعفر: فعلى هذا التأويل: وفيكم أهلُ سمع وطاعة منكم، لو صحبوكم أفسدوهم عليكم، بتثبيطهم إياهم عن السير معكم.
وأما على التأويل الأول، فإن معناه: وفيكم منهم سمَّاعون يسمعون حديثكم لهم، فيبلغونهم ويؤدونه إليهم، عيون لهم عليكم.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين عندي في ذلك بالصواب، تأويلُ من قال: معناه: "وفيكم سماعون لحديثكم لهم، يبلغونه عنكم، عيون لهم"، لأن الأغلب من كلام العرب في قولهم: "سمَّاع"، وصف من وصف به أنه سماع للكلام، كما قال الله جل ثناؤه في غير موضع من كتابه: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) [سورة المائدة: ٤١]، واصفًا بذلك قومًا بسماع الكذب من الحديث. وأما إذا وصفوا الرجل بسماع كلام الرجل وأمره ونهيه وقبوله منه وانتهائه إليه فإنما تصفه بأنه: "له سامع ومطيع"، ولا تكاد تقول: = "هو له سماع مطيع". (١)
* * *
وأما قوله: (والله عليم بالظالمين)، فإن معناه: والله ذو علم بمن يوجّه أفعاله إلى غير وجوهها، ويضعها في غير مواضعها، ومن يستأذن رسول الله ﷺ لعذر، ومن يستأذنه شكًّا في الإسلام ونفاقًا، ومن يسمع حديث المؤمنين ليخبر به المنافقين، ومن يسمعه ليسرَّ بما سُرَّ به المؤمنون، (٢) ويساء بما ساءهم، لا يخفى عليه شيء من سرائر خلقه وعلانيتهم. (٣)
* * *
وقد بينا معنى "الظلم" في غير موضع من كتابنا هذا، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٤)
* * *
وأما على التأويل الأول، فإن معناه: وفيكم منهم سمَّاعون يسمعون حديثكم لهم، فيبلغونهم ويؤدونه إليهم، عيون لهم عليكم.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين عندي في ذلك بالصواب، تأويلُ من قال: معناه: "وفيكم سماعون لحديثكم لهم، يبلغونه عنكم، عيون لهم"، لأن الأغلب من كلام العرب في قولهم: "سمَّاع"، وصف من وصف به أنه سماع للكلام، كما قال الله جل ثناؤه في غير موضع من كتابه: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) [سورة المائدة: ٤١]، واصفًا بذلك قومًا بسماع الكذب من الحديث. وأما إذا وصفوا الرجل بسماع كلام الرجل وأمره ونهيه وقبوله منه وانتهائه إليه فإنما تصفه بأنه: "له سامع ومطيع"، ولا تكاد تقول: = "هو له سماع مطيع". (١)
* * *
وأما قوله: (والله عليم بالظالمين)، فإن معناه: والله ذو علم بمن يوجّه أفعاله إلى غير وجوهها، ويضعها في غير مواضعها، ومن يستأذن رسول الله ﷺ لعذر، ومن يستأذنه شكًّا في الإسلام ونفاقًا، ومن يسمع حديث المؤمنين ليخبر به المنافقين، ومن يسمعه ليسرَّ بما سُرَّ به المؤمنون، (٢) ويساء بما ساءهم، لا يخفى عليه شيء من سرائر خلقه وعلانيتهم. (٣)
* * *
وقد بينا معنى "الظلم" في غير موضع من كتابنا هذا، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (٤)
* * *
(١) انظر تفسير " سماع " فيما سلف ١٠: ٣٠٩.
(٢) في المطبوعة: "بما سر المؤمنين"، وفي المخطوطة: "بما سر المؤمنون"، وصوابها ما أثبت.
(٣) انظر تفسير "عليم" فيما سلف من فهارس اللغة (علم).
(٤) انظر تفسير "الظلم" فيما سلف من فهارس اللغة (ظلم).
(٢) في المطبوعة: "بما سر المؤمنين"، وفي المخطوطة: "بما سر المؤمنون"، وصوابها ما أثبت.
(٣) انظر تفسير "عليم" فيما سلف من فهارس اللغة (علم).
(٤) انظر تفسير "الظلم" فيما سلف من فهارس اللغة (ظلم).
282
القول في تأويل قوله: ﴿لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ (٤٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لقد التمس هؤلاء المنافقون الفتنة لأصحابك، يا محمد، التمسوا صدَّهم عن دينهم (١) وحرصوا على ردّهم إلى الكفرِ بالتخذيل عنه، (٢) كفعل عبد الله بن أبيّ بك وبأصحابك يوم أحدٍ، حين انصرف عنك بمن تبعه من قومه. وذلك كان ابتغاءهم ما كانوا ابتغوا لأصحاب وسول الله ﷺ من الفتنة من قبل. ويعني بقوله: (من قبل)، من قبل هذا = (وقلبوا لك الأمور)، يقول: وأجالوا فيك وفي إبطال الدين الذي بعثك به الله الرأيَ بالتخذيل عنك، (٣) وإنكار ما تأتيهم به، وردّه عليك = (حتى جاء الحق)، يقول: حتى جاء نصر الله = (وظهر أمر الله)، يقول: وظهر دين الله الذي أمرَ به وافترضه على خلقه، وهو الإسلام (٤) = (وهم كارهون)، يقول: والمنافقون بظهور أمر الله ونصره إياك كارهون. (٥) وكذلك الآن، يظهرك الله ويظهر دينه على الذين كفروا من الروم وغيرهم من أهل الكفر به، وهم كارهون.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٨٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (وقلبوا
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لقد التمس هؤلاء المنافقون الفتنة لأصحابك، يا محمد، التمسوا صدَّهم عن دينهم (١) وحرصوا على ردّهم إلى الكفرِ بالتخذيل عنه، (٢) كفعل عبد الله بن أبيّ بك وبأصحابك يوم أحدٍ، حين انصرف عنك بمن تبعه من قومه. وذلك كان ابتغاءهم ما كانوا ابتغوا لأصحاب وسول الله ﷺ من الفتنة من قبل. ويعني بقوله: (من قبل)، من قبل هذا = (وقلبوا لك الأمور)، يقول: وأجالوا فيك وفي إبطال الدين الذي بعثك به الله الرأيَ بالتخذيل عنك، (٣) وإنكار ما تأتيهم به، وردّه عليك = (حتى جاء الحق)، يقول: حتى جاء نصر الله = (وظهر أمر الله)، يقول: وظهر دين الله الذي أمرَ به وافترضه على خلقه، وهو الإسلام (٤) = (وهم كارهون)، يقول: والمنافقون بظهور أمر الله ونصره إياك كارهون. (٥) وكذلك الآن، يظهرك الله ويظهر دينه على الذين كفروا من الروم وغيرهم من أهل الكفر به، وهم كارهون.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٨٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (وقلبوا
(١) انظر تفسير "ابتغى" فيما سلف قريبا ص: ٢٧٩، تعليق: ٤، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " الفتنة " فيما سلف ص: ، ٢٧٩ تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير "التقليب" فيما سلف ١٢: ٤٤، ٤٥، ومادة (قلب) في فهارس اللغة.
(٤) انظر تفسير "الظهور" فيما سلف ص: ٢١٤، ٢١٥.
(٥) انظر تفسير " الكره " فيما سلف ص: ٢٧٦، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " الفتنة " فيما سلف ص: ، ٢٧٩ تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير "التقليب" فيما سلف ١٢: ٤٤، ٤٥، ومادة (قلب) في فهارس اللغة.
(٤) انظر تفسير "الظهور" فيما سلف ص: ٢١٤، ٢١٥.
(٥) انظر تفسير " الكره " فيما سلف ص: ٢٧٦، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
283
لك الأمور)، أي: ليخذِّلوا عنك أصحابك، ويردُّوا عليك أمرك = (حتى جاء الحق وظهر أمر الله). (١)
* * *
وذكر أن هذه الآية نزلت في نفرٍ مسمَّين بأعيانهم.
١٦٧٨٣- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عمرو، عن الحسن قوله: (وقلبوا لك الأمور)، قال: منهم عبد الله بن أبيّ ابن سلول، وعبد الله بن نبتل أخو بني عمرو بن عوف، ورفاعة بن رافع، وزيد بن التابوت القينقاعي. (٢)
* * *
وكان تخذيل عبد الله بن أبيٍّ أصحابَه عن رسول الله ﷺ في هذه الغزاة، كالذي:
١٦٧٨٤- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الزهري، ويزيد بن رومان، وعبد الله بن أبي بكر، وعاصم بن عمر بن قتادة، وغيرهم، كلُّ قد حدَّث في غزوة تبوك ما بلغَه عنها، وبعض القوم يحدِّث ما لم يحدِّث بعضٌ، وكلٌّ قد اجتمع حديثه في هذا الحديث: أن رسول الله ﷺ أمر أصحابه بالتهيؤ لغزو الروم، وذلك في زمان عُسْرةٍ من الناس، (٣) وشدة من الحرّ، وجَدْبٍ من البلاد، وحين طاب الثمار، وأحِبَّتِ الظلال، (٤) فالناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم، ويكرهون الشخوص عنها، على الحال من الزمان الذي هم عليه. وكان رسول الله ﷺ قلَّما يخرج في غزوةٍ
* * *
وذكر أن هذه الآية نزلت في نفرٍ مسمَّين بأعيانهم.
١٦٧٨٣- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عمرو، عن الحسن قوله: (وقلبوا لك الأمور)، قال: منهم عبد الله بن أبيّ ابن سلول، وعبد الله بن نبتل أخو بني عمرو بن عوف، ورفاعة بن رافع، وزيد بن التابوت القينقاعي. (٢)
* * *
وكان تخذيل عبد الله بن أبيٍّ أصحابَه عن رسول الله ﷺ في هذه الغزاة، كالذي:
١٦٧٨٤- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الزهري، ويزيد بن رومان، وعبد الله بن أبي بكر، وعاصم بن عمر بن قتادة، وغيرهم، كلُّ قد حدَّث في غزوة تبوك ما بلغَه عنها، وبعض القوم يحدِّث ما لم يحدِّث بعضٌ، وكلٌّ قد اجتمع حديثه في هذا الحديث: أن رسول الله ﷺ أمر أصحابه بالتهيؤ لغزو الروم، وذلك في زمان عُسْرةٍ من الناس، (٣) وشدة من الحرّ، وجَدْبٍ من البلاد، وحين طاب الثمار، وأحِبَّتِ الظلال، (٤) فالناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم، ويكرهون الشخوص عنها، على الحال من الزمان الذي هم عليه. وكان رسول الله ﷺ قلَّما يخرج في غزوةٍ
(١) الأثر: ١٦٧٨٢ - سيرة ابن هشام ٤: ١٩٤، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٦٧٨١.
(٢) الأثر: ١٦٧٨٢ - لم أجده في سيرة ابن هشام. ولكنه في تاريخ الطبري ٣: ١٤٣، بمثله.
(٣) في السيرة: "في زمان من عسرة الناس".
(٤) "وأحبت الظلال" ليس في سيرة ابن هشام، وهو ثابت في رواية أبي جعفر في التاريخ ٣: ١٤٢. وكذلك في المطبوعة: "والناس يحبون" وأثبت ما في المخطوطة، فهو مطلب السياق.
(٢) الأثر: ١٦٧٨٢ - لم أجده في سيرة ابن هشام. ولكنه في تاريخ الطبري ٣: ١٤٣، بمثله.
(٣) في السيرة: "في زمان من عسرة الناس".
(٤) "وأحبت الظلال" ليس في سيرة ابن هشام، وهو ثابت في رواية أبي جعفر في التاريخ ٣: ١٤٢. وكذلك في المطبوعة: "والناس يحبون" وأثبت ما في المخطوطة، فهو مطلب السياق.
284
إلا كَنَى عنها، وأخبر أنه يريد غير الذي يَصْمِدُ له، (١) إلا ما كان من غزوة تبوك، فإنه بيَّنها للناس، لبعد الشُّقَّة، وشدة الزمان وكثرة العدوّ الذي صَمَد له، ليتأهَّب الناس لذلك أُهْبَتَه. فأمر الناس بالجهاد، وأخبرهم أنه يريد الروم. فتجهز الناسُ على ما في أنفسهم من الكره لذلك الوجه، لما فيه، مع ما عظَّموا من ذكر الروم وغزوهم. (٢)
= ثم إن رسول الله ﷺ جَدَّ في سفره، فأمر الناس بالجهازِ والانكماش، (٣) وحضَّ أهل الغنى على النفقة والحُمْلان في سبيل الله. (٤)
= فلما خرج رسول الله ﷺ ضرب عسكره على ثنية الوداع، (٥) وضرب عبد الله بن أبي ابن سلول عسكره على حِدَةٍ أسفلَ منه بحذاء "ذباب" (٦) = جبل بالجبانة أسفل من ثنية الوداع = وكان فيما يزعمون، ليس بأقل العسكرين. فلما سار رَسول الله صلى الله عليه وسلم، تخلف عنه عبد الله بن أبي فيمن تخلَّف
= ثم إن رسول الله ﷺ جَدَّ في سفره، فأمر الناس بالجهازِ والانكماش، (٣) وحضَّ أهل الغنى على النفقة والحُمْلان في سبيل الله. (٤)
= فلما خرج رسول الله ﷺ ضرب عسكره على ثنية الوداع، (٥) وضرب عبد الله بن أبي ابن سلول عسكره على حِدَةٍ أسفلَ منه بحذاء "ذباب" (٦) = جبل بالجبانة أسفل من ثنية الوداع = وكان فيما يزعمون، ليس بأقل العسكرين. فلما سار رَسول الله صلى الله عليه وسلم، تخلف عنه عبد الله بن أبي فيمن تخلَّف
(١) "صمد للأمر يصمد"، قصده قصدًا.
(٢) هذه الجملة الأخيرة من أول قوله: "فتجهز الناس"، لم أجدها في هذا الموضع من سيرة ابن هشام ٤: ١٥٩، وسأذكر موضع ما يليه في التخريج، فإنه قد أسقط ما بعد ذلك، حتى بلغ ما بعده.
(٣) "الانكماش" الإسراع والجد في العمل والطلب.
(٤) "الحملان" (بضم فسكون) مصدر مثل "الحمل"، يريد: حمل من لا دابة له على دابة يركبها في وجهه هذا.
وهذه الجملة من أول قوله: "ثم إن رسول الله"، إلى هذا الموضع، في سيرة ابن هشام ٤: ١٦١، والذي يليه من موضع آخر سأبينه.
(٥) وهذه الجملة مفردة في سيرة ابن هشام ٤: ١٦٢، بعدها كلام حذفه أبو جعفر، ووصله بما بعده.
(٦) في المطبوعة والمخطوطة: "على ذي حدة"، وكان في المخطوطة كتب قبل "ذي" "دين" ثم ضرب عليها. ولم أجدهم قالوا: "على ذي حدة"، يؤيد صواب ذلك أن ابن هشام قال: "على حدة"، وذكر أبو جعفر هذا الخبر في تاريخه ٣: ١٤٣، فيه أيضًا "على حدة"، فمن أجل ذلك أغفلت ما كان في المطبوعة والمخطوطة = وكان في المطبوعة، وفي سيرة ابن هشام " نحو ذباب "، وفي المخطوطة: " نحوا "، والألف مطموسة قصيرة، والذي في التاريخ ما أثبته " بحذاء "، وهو الصواب الذي لا شك فيه. وبيان موضع الجبل، ليس مذكورًا في السيرة، وهو مذكور في التاريخ.
(٢) هذه الجملة الأخيرة من أول قوله: "فتجهز الناس"، لم أجدها في هذا الموضع من سيرة ابن هشام ٤: ١٥٩، وسأذكر موضع ما يليه في التخريج، فإنه قد أسقط ما بعد ذلك، حتى بلغ ما بعده.
(٣) "الانكماش" الإسراع والجد في العمل والطلب.
(٤) "الحملان" (بضم فسكون) مصدر مثل "الحمل"، يريد: حمل من لا دابة له على دابة يركبها في وجهه هذا.
وهذه الجملة من أول قوله: "ثم إن رسول الله"، إلى هذا الموضع، في سيرة ابن هشام ٤: ١٦١، والذي يليه من موضع آخر سأبينه.
(٥) وهذه الجملة مفردة في سيرة ابن هشام ٤: ١٦٢، بعدها كلام حذفه أبو جعفر، ووصله بما بعده.
(٦) في المطبوعة والمخطوطة: "على ذي حدة"، وكان في المخطوطة كتب قبل "ذي" "دين" ثم ضرب عليها. ولم أجدهم قالوا: "على ذي حدة"، يؤيد صواب ذلك أن ابن هشام قال: "على حدة"، وذكر أبو جعفر هذا الخبر في تاريخه ٣: ١٤٣، فيه أيضًا "على حدة"، فمن أجل ذلك أغفلت ما كان في المطبوعة والمخطوطة = وكان في المطبوعة، وفي سيرة ابن هشام " نحو ذباب "، وفي المخطوطة: " نحوا "، والألف مطموسة قصيرة، والذي في التاريخ ما أثبته " بحذاء "، وهو الصواب الذي لا شك فيه. وبيان موضع الجبل، ليس مذكورًا في السيرة، وهو مذكور في التاريخ.
285
من المنافقين وأهل الريب. وكان عبد الله بن أبي، أخا بني عوف بن الخزرج، وعبد الله بن نبتل، أخا بني عمرو بن عوف، ورفاعة بن زيد بن التابوت، (١) أخا بني قينقاع، وكانوا من عظماء المنافقين، وكانوا ممن يكيد للإسلام وأهله.
= قال: وفيهم، فيما حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن البصري، أنزل الله: (لقد ابتغوا الفتنة من قبل)، الآية. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (٤٩) ﴾
قال أبو جعفر: وذكر أن هذه الآية نزلت في الجدّ بن قيس.
* * *
ويعني جل ثناؤه بقوله: (ومنهم)، ومن المنافقين = (من يقول ائذن لي)، أقم فلا أشخَصُ معك = (ولا تفتني)، يقول: ولا تبتلني برؤية نساء بني الأصفر وبناتِهم، فإنّي بالنساء مغرمٌ، فأخرج وآثَمُ بذلك. (٣)
* * *
وبذلك من التأويل تظاهرت الأخبار عن أهل التأويل.
* ذكر الرواية بذلك عمن قاله:
١٦٧٨٥- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا
= قال: وفيهم، فيما حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن البصري، أنزل الله: (لقد ابتغوا الفتنة من قبل)، الآية. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (٤٩) ﴾
قال أبو جعفر: وذكر أن هذه الآية نزلت في الجدّ بن قيس.
* * *
ويعني جل ثناؤه بقوله: (ومنهم)، ومن المنافقين = (من يقول ائذن لي)، أقم فلا أشخَصُ معك = (ولا تفتني)، يقول: ولا تبتلني برؤية نساء بني الأصفر وبناتِهم، فإنّي بالنساء مغرمٌ، فأخرج وآثَمُ بذلك. (٣)
* * *
وبذلك من التأويل تظاهرت الأخبار عن أهل التأويل.
* ذكر الرواية بذلك عمن قاله:
١٦٧٨٥- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا
(١) في المطبوعة: "رفاعة بن يزيد"، وهو خطأ، صوابه من المخطوطة، والتاريخ.
(٢) الأثر: ١٦٧٨٤ - هذا خبر مفرق، ذكرت مواضعه فيما سلف، وهو في سيرة ابن هشام ٤: ١٥٩ ثم ٤: ١٦١ ثم ٤: ١٦٢، وهو بتمامه في تاريخ الطبري ٣: ١٤٢، ١٤٣. والجزء الأخير من هذا الخبر، مضى برقم: ١٦٨٧٣.
(٣) انظر تفسير "الفتنة" فيما سلف ص: ٢٨٣، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) الأثر: ١٦٧٨٤ - هذا خبر مفرق، ذكرت مواضعه فيما سلف، وهو في سيرة ابن هشام ٤: ١٥٩ ثم ٤: ١٦١ ثم ٤: ١٦٢، وهو بتمامه في تاريخ الطبري ٣: ١٤٢، ١٤٣. والجزء الأخير من هذا الخبر، مضى برقم: ١٦٨٧٣.
(٣) انظر تفسير "الفتنة" فيما سلف ص: ٢٨٣، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
286
عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (ائذن لي ولا تفتني)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغزُوا تبوك، تغنموا بنات الأصفر ونساء الروم! فقال الجدّ: ائذن لنا، ولا تفتنَّا بالنساء.
١٦٧٨٦- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغزوا تغنَموا بنات الأصفر = يعني نساء الروم، ثم ذكر مثله.
١٦٧٨٧-...... قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس قوله: (ائذن لي ولا تفتني)، قال: هو الجدّ بن قيس قال: قد علمت الأنصار أني إذا رأيت النساء لم أصبر حتى أفتتن، ولكن أعينك بمالي.
١٦٧٨٨- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، ويزيد بن رومان، وعبد الله بن أبي بكر، وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم قال: قال رسول الله ﷺ ذات يوم وهو في جهازه، للجد بن قيس أخي بني سلمة: هل لك يا جدُّ العامَ في جلاد بني الأصفر؟ فقال: يا رسول الله، أوْ تأذن لي ولا تفتني، فوالله لقد عرف قومي ما رَجل أشدّ عُجْبًا بالنساء منِّي، وإني أخشى إن رأيت نساءَ بني الأصفر أن لا أصبر عنهن! فأعرض عنه رسول الله ﷺ وقال: قد أذنت لك، ففي الجد بن قيس نزلت هذه الآية: (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني)، الآية، أي: إن كان إنما يخشى الفتنة من نساء بني الأصفر وليس ذلك به، فما سقط فيه من الفتنة بتخلفه عن رسول الله ﷺ والرغبة بنفسه عن نفسه، أعظم. (١)
١٦٧٨٩- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في
١٦٧٨٦- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغزوا تغنَموا بنات الأصفر = يعني نساء الروم، ثم ذكر مثله.
١٦٧٨٧-...... قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس قوله: (ائذن لي ولا تفتني)، قال: هو الجدّ بن قيس قال: قد علمت الأنصار أني إذا رأيت النساء لم أصبر حتى أفتتن، ولكن أعينك بمالي.
١٦٧٨٨- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، ويزيد بن رومان، وعبد الله بن أبي بكر، وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم قال: قال رسول الله ﷺ ذات يوم وهو في جهازه، للجد بن قيس أخي بني سلمة: هل لك يا جدُّ العامَ في جلاد بني الأصفر؟ فقال: يا رسول الله، أوْ تأذن لي ولا تفتني، فوالله لقد عرف قومي ما رَجل أشدّ عُجْبًا بالنساء منِّي، وإني أخشى إن رأيت نساءَ بني الأصفر أن لا أصبر عنهن! فأعرض عنه رسول الله ﷺ وقال: قد أذنت لك، ففي الجد بن قيس نزلت هذه الآية: (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني)، الآية، أي: إن كان إنما يخشى الفتنة من نساء بني الأصفر وليس ذلك به، فما سقط فيه من الفتنة بتخلفه عن رسول الله ﷺ والرغبة بنفسه عن نفسه، أعظم. (١)
١٦٧٨٩- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في
(١) الأثر: ١٦٧٨٨ - سيرة ابن هشام ٤: ١٥٩، ١٦٠، وهو تابع صدر الأثر السالف رقم: ١٦٧٨٤، بعد قوله هناك: "وأخبرهم أنه يريد الروم"، وبين الذي رواه أبو جعفر، وما في السيرة خلاف يسير في ختام الخبر.
287
قوله: (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني)، قال: هو رجل من المنافقين يقال له جَدُّ بن قيس، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: العامَ نغزو بني الأصفر ونتَّخذ منهم سراريّ ووُصفاءَ (١) = فقال: أي رسول الله، ائذن لي ولا تفتني، إن لم تأذن لي افتتنت وقعدت! (٢) وغضب [رسول الله صلى الله عليه وسلم]، (٣) فقال الله: (ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين)، وكان من بني سلمة، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: من سيدكم يا بني سَلِمة؟ فقالوا: جدُّ بن قيس، غير أنه بخيلٌ جبان! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وأيُّ داءٍ أدْوَى من البخل، ولكن سيِّدكم الفتى الأبيض، الجعد: بشر بن البراء بن مَعْرُور. (٤)
١٦٧٩٠- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني)، يقول: ائذن لي ولا تحرجني = (ألا في الفتنة سقطوا)، يعني: في الحرج سقطوا.
١٦٧٩١- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني)، ولا تؤثمني، ألا في الإثم سقطوا.
* * *
١٦٧٩٠- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني)، يقول: ائذن لي ولا تحرجني = (ألا في الفتنة سقطوا)، يعني: في الحرج سقطوا.
١٦٧٩١- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني)، ولا تؤثمني، ألا في الإثم سقطوا.
* * *
(١) في المطبوعة: "سراري ووصفانًا"، والصواب من المخطوطة. و "الوصفاء" جمع "وصيف"، والأنثى "وصيفة"، وجمعها "وصائف"، وهو الخادم الغلام الشاب، ومثله الخادمة.
(٢) في المطبوعة: "ووقعت"، مكان "وقعدت"، وأثبت ما في المخطوطة، وأراد القعود عن الخروج إلى الغزوة خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٣) في المطبوعة: "فغضب"، وفي المخطوطة: "وغضب"، وظاهر أنه سقط من الخبر ما أثبته بين القوسين.
(٤) في المطبوعة: "الجعد الشعر البراء بن معرور"، غير ما كان في المخطوطة، وهو الصواب المحض، فإن الخبر هو خبر "بشر بن البراء بن معرور" في تسويده على بني سلمة. وأما أبوه "البراء بن معرور"، فهو من أول من بايع بيعة العقبة الأولى، وأول من استقبل القبلة، وأول من أوصى بثلث ماله، وهو أحد النقباء، ومات قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل مقدم رسول الله المدينة بشهر، ولما دفنوه، وجهوا قبره إلى القبلة.
ويقال: "رجل جعد"، يراد به أنه مدمج الخلق، معصوب الجوارح، شديد الأسر، غير مسترخ ولا مضطرب، وهو من حلية الكريم. ويراد به أيضا: جعودة الشعر، وهو مدح العرب، لأن سبوطة الشعر إنما هي في الروم وفي الفرس. وإنما أراد في الخبر المعنى الأول.
(٢) في المطبوعة: "ووقعت"، مكان "وقعدت"، وأثبت ما في المخطوطة، وأراد القعود عن الخروج إلى الغزوة خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٣) في المطبوعة: "فغضب"، وفي المخطوطة: "وغضب"، وظاهر أنه سقط من الخبر ما أثبته بين القوسين.
(٤) في المطبوعة: "الجعد الشعر البراء بن معرور"، غير ما كان في المخطوطة، وهو الصواب المحض، فإن الخبر هو خبر "بشر بن البراء بن معرور" في تسويده على بني سلمة. وأما أبوه "البراء بن معرور"، فهو من أول من بايع بيعة العقبة الأولى، وأول من استقبل القبلة، وأول من أوصى بثلث ماله، وهو أحد النقباء، ومات قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل مقدم رسول الله المدينة بشهر، ولما دفنوه، وجهوا قبره إلى القبلة.
ويقال: "رجل جعد"، يراد به أنه مدمج الخلق، معصوب الجوارح، شديد الأسر، غير مسترخ ولا مضطرب، وهو من حلية الكريم. ويراد به أيضا: جعودة الشعر، وهو مدح العرب، لأن سبوطة الشعر إنما هي في الروم وفي الفرس. وإنما أراد في الخبر المعنى الأول.
288
وقوله: (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين)، يقول: وإن النار لمطيفة بمن كفر بالله وجحد آياته وكذَّب رسله، محدقة بهم، جامعة لهم جميعًا يوم القيامة. (١)
يقول: فكفى للجدّ بن قيس وأشكاله من المنافقين بِصِلِيِّها خزيًا.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (٥٠) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد، إن يصبك سرورٌ بفتح الله عليك أرضَ الروم في غَزاتك هذه، (٢) يسؤ الجدَّ بن قيس ونظراءه وأشياعهم من المنافقين، وإن تصبك مصيبة بفلول جيشك فيها، (٣) يقول الجد ونظراؤه: (قد أخذنا أمرنا من قبل)، أي: قد أخذنا حذرَنا بتخلّفنا عن محمد، وترك أتباعه إلى عدوّه = (من قبل)، يقول: من قبل أن تصيبه هذه المصيبة = (ويتولوا وهم فرحون)، يقول: ويرتدُّوا عن محمد وهم فرحون بما أصاب محمدًا وأصحابه من المصيبة، (٤) بفلول أصحابه وانهزامهم عنه، (٥) وقتل من قُتِل منهم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
يقول: فكفى للجدّ بن قيس وأشكاله من المنافقين بِصِلِيِّها خزيًا.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (٥٠) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد، إن يصبك سرورٌ بفتح الله عليك أرضَ الروم في غَزاتك هذه، (٢) يسؤ الجدَّ بن قيس ونظراءه وأشياعهم من المنافقين، وإن تصبك مصيبة بفلول جيشك فيها، (٣) يقول الجد ونظراؤه: (قد أخذنا أمرنا من قبل)، أي: قد أخذنا حذرَنا بتخلّفنا عن محمد، وترك أتباعه إلى عدوّه = (من قبل)، يقول: من قبل أن تصيبه هذه المصيبة = (ويتولوا وهم فرحون)، يقول: ويرتدُّوا عن محمد وهم فرحون بما أصاب محمدًا وأصحابه من المصيبة، (٤) بفلول أصحابه وانهزامهم عنه، (٥) وقتل من قُتِل منهم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
(١) انظر تفسير " الإحاطة " فيما سلف ١٣: ٥٨١، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " الإصابة " فيما سلف: ١٣: ٤٧٣، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
= وتفسير "الحسنة" فيما سلف من فهارس اللغة (حسن).
(٣) "الفلول"، مصدر "فل"، لازمًا، بمعنى: انهزم. وقد مر آنفًا في كلام الطبري أيضًا، ولم أجد له ذكرًا في كتب اللغة. انظر ما سلف ٧: ٣١٣، تعليق: ٣، وما قلته في تصحيح ذلك استظهارًا من قولهم: "من فل ذل"، أي: من انهزم وفر عن عدوه، ذل.
(٤) انظر تفسير "التولي" فيما سلف من فهارس اللغة (ولى).
(٥) "الفلول"، مصدر "فل"، لازمًا، بمعنى: انهزم. وقد مر آنفًا في كلام الطبري أيضًا، ولم أجد له ذكرًا في كتب اللغة. انظر ما سلف ٧: ٣١٣، تعليق: ٣، وما قلته في تصحيح ذلك استظهارًا من قولهم: "من فل ذل"، أي: من انهزم وفر عن عدوه، ذل.
(٢) انظر تفسير " الإصابة " فيما سلف: ١٣: ٤٧٣، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
= وتفسير "الحسنة" فيما سلف من فهارس اللغة (حسن).
(٣) "الفلول"، مصدر "فل"، لازمًا، بمعنى: انهزم. وقد مر آنفًا في كلام الطبري أيضًا، ولم أجد له ذكرًا في كتب اللغة. انظر ما سلف ٧: ٣١٣، تعليق: ٣، وما قلته في تصحيح ذلك استظهارًا من قولهم: "من فل ذل"، أي: من انهزم وفر عن عدوه، ذل.
(٤) انظر تفسير "التولي" فيما سلف من فهارس اللغة (ولى).
(٥) "الفلول"، مصدر "فل"، لازمًا، بمعنى: انهزم. وقد مر آنفًا في كلام الطبري أيضًا، ولم أجد له ذكرًا في كتب اللغة. انظر ما سلف ٧: ٣١٣، تعليق: ٣، وما قلته في تصحيح ذلك استظهارًا من قولهم: "من فل ذل"، أي: من انهزم وفر عن عدوه، ذل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٩٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: (إن تصبك حسنة تسؤهم)، يقول: إن تصبك في سفرك هذه الغزوة تبوك = (حسنة تسؤهم)، قال: الجدُّ وأصحابه.
١٦٧٩٣- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (قد أخذنا أمرنا من قبل)، حِذْرنا.
١٦٧٩٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (قد أخذنا أمرنا من قبل)، قال: حِذْرنا.
١٦٧٩٥- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (إن تصبك حسنة تسؤهم)، إن كان فتح للمسلمين كبر ذلك عليهم وساءَهم.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٥١) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره مؤدِّبًا نبيّه محمدًا صلى الله عليه وسلم: (قل)، يا محمد، لهؤلاء المنافقين الذين تخلفوا عنك: (لن يصيبنا)، أيها المرتابون في دينهم = (إلا ما كتب الله لنا)، في اللوح المحفوظ، وقضاه علينا (١) = (هو مولانا)، يقول: هو ناصرنا على أعدائه (٢) = (وعلى الله فليتوكل المؤمنون)،
١٦٧٩٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: (إن تصبك حسنة تسؤهم)، يقول: إن تصبك في سفرك هذه الغزوة تبوك = (حسنة تسؤهم)، قال: الجدُّ وأصحابه.
١٦٧٩٣- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (قد أخذنا أمرنا من قبل)، حِذْرنا.
١٦٧٩٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (قد أخذنا أمرنا من قبل)، قال: حِذْرنا.
١٦٧٩٥- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (إن تصبك حسنة تسؤهم)، إن كان فتح للمسلمين كبر ذلك عليهم وساءَهم.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٥١) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره مؤدِّبًا نبيّه محمدًا صلى الله عليه وسلم: (قل)، يا محمد، لهؤلاء المنافقين الذين تخلفوا عنك: (لن يصيبنا)، أيها المرتابون في دينهم = (إلا ما كتب الله لنا)، في اللوح المحفوظ، وقضاه علينا (١) = (هو مولانا)، يقول: هو ناصرنا على أعدائه (٢) = (وعلى الله فليتوكل المؤمنون)،
(١) انظر تفسير "كتب" فيما سلف من فهارس اللغة (كتب).
(٢) انظر تفسير "المولى" فيما سلف من فهارس اللغة (ولى).
(٢) انظر تفسير "المولى" فيما سلف من فهارس اللغة (ولى).
يقول: وعلى الله فليتوكل المؤمنون، فإنهم إن يتوكلوا عليه، ولم يرجُوا النصر من عند غيره، ولم يخافوا شيئًا غيره، يكفهم أمورهم، وينصرهم على من بغاهم وكادهم. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (٥٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (قل)، يا محمد، لهؤلاء المنافقين الذين وصفتُ لك صفتهم وبينت لك أمرهم: هل تنتظرون بنا إلا إحدى الخَلَّتين اللتين هما أحسن من غيرهما، (٢) إما ظفرًا بالعدو وفتحًا لنا بِغَلَبَتِناهم، ففيها الأجر والغنيمة والسلامة = وإما قتلا من عدوِّنا لنا، ففيه الشهادة، والفوز بالجنة، والنجاة من النار. وكلتاهما مما نُحبُّ ولا نكره = (ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده)، يقول: ونحن ننتظر بكم أن يصيبكم الله بعقوبة من عنده عاجلة، تهلككم = (أو بأيدينا)، فنقتلكم = (فتربصوا إنا معكم متربصون)، يقول: فانتظروا إنا معكم منتظرون ما الله فاعل بنا، وما إليه صائرٌ أمر كلِّ فريقٍ منَّا ومنكم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (٥٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (قل)، يا محمد، لهؤلاء المنافقين الذين وصفتُ لك صفتهم وبينت لك أمرهم: هل تنتظرون بنا إلا إحدى الخَلَّتين اللتين هما أحسن من غيرهما، (٢) إما ظفرًا بالعدو وفتحًا لنا بِغَلَبَتِناهم، ففيها الأجر والغنيمة والسلامة = وإما قتلا من عدوِّنا لنا، ففيه الشهادة، والفوز بالجنة، والنجاة من النار. وكلتاهما مما نُحبُّ ولا نكره = (ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده)، يقول: ونحن ننتظر بكم أن يصيبكم الله بعقوبة من عنده عاجلة، تهلككم = (أو بأيدينا)، فنقتلكم = (فتربصوا إنا معكم متربصون)، يقول: فانتظروا إنا معكم منتظرون ما الله فاعل بنا، وما إليه صائرٌ أمر كلِّ فريقٍ منَّا ومنكم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
(١) انظر تفسير "التوكل" فيما سلف ص: ٤٣، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير "التربص" فيما سلف ص: ١٧٧، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
= وتفسير " الحسنى " فيما سلف ٩: ٩٦، ٩٧.
(٢) انظر تفسير "التربص" فيما سلف ص: ١٧٧، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
= وتفسير " الحسنى " فيما سلف ٩: ٩٦، ٩٧.
291
* ذكر من قال ذلك:
١٦٧٩٦- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (هل تربصون لنا إلا إحدى الحسنيين)، يقول: فتح أو شهادة = وقال مرة أخرى: يقول القتل، فهي الشهادة والحياة والرزق. وإما يخزيكم بأيدينا.
١٦٧٩٧- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين)، يقول: قتل فيه الحياة والرزق، وإما أن يغلب فيؤتيه الله أجرًا عظيمًا، وهو مثل قوله: (وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)، إلى (فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [سورة النساء: ٧٤].
١٦٧٩٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (إلا إحدى الحسنيين)، قال: القتل في سبيل الله، والظهور على أعدائه.
١٦٧٩٩-...... قال، حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج قال: بلغني عن مجاهد قال: القتل في سبيل الله، والظهور.
١٦٨٠٠- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إحدى الحسنيين)، القتل في سبيل الله، والظهور على أعداء الله.
١٦٨٠١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه = قال ابن جريج، قال ابن عباس: (بعذاب من عنده)، بالموت = (أو بأيدينا)، قال: القتل.
١٦٨٠٢- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين)، إلا فتحًا أو قتلا في سبيل
١٦٧٩٦- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (هل تربصون لنا إلا إحدى الحسنيين)، يقول: فتح أو شهادة = وقال مرة أخرى: يقول القتل، فهي الشهادة والحياة والرزق. وإما يخزيكم بأيدينا.
١٦٧٩٧- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين)، يقول: قتل فيه الحياة والرزق، وإما أن يغلب فيؤتيه الله أجرًا عظيمًا، وهو مثل قوله: (وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)، إلى (فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [سورة النساء: ٧٤].
١٦٧٩٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (إلا إحدى الحسنيين)، قال: القتل في سبيل الله، والظهور على أعدائه.
١٦٧٩٩-...... قال، حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج قال: بلغني عن مجاهد قال: القتل في سبيل الله، والظهور.
١٦٨٠٠- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إحدى الحسنيين)، القتل في سبيل الله، والظهور على أعداء الله.
١٦٨٠١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه = قال ابن جريج، قال ابن عباس: (بعذاب من عنده)، بالموت = (أو بأيدينا)، قال: القتل.
١٦٨٠٢- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين)، إلا فتحًا أو قتلا في سبيل
292
الله = (ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا)، أي: قتل.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (٥٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (قل)، يا محمد، لهؤلاء المنافقين: أنفقوا كيف شئتم أموالكم في سفركم هذا وغيره، وعلى أي حال شئتم، من حال الطوع والكره، (١) فإنكم إن تنفقوها لن يتقبَّل الله منكم نفقاتكم، وأنتم في شك من دينكم، وجهلٍ منكم بنبوة نبيكم، وسوء معرفة منكم بثواب الله وعقابه = (إنكم كنتم قومًا فاسقين)، يقول: خارجين عن الإيمان بربكم. (٢)
* * *
وخرج قوله: (أنفقوا طوعا أو كرها)، مخرج الأمر، ومعناه الجزاء، (٣) والعرب تفعل ذلك في الأماكن التي يحسن فيها "إن"، التي تأتي بمعنى الجزاء، كما قال جل ثناؤه: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) [سورة التوبة: ٨٠]، فهو في لفظ الأمر، ومعناه الجزاء، (٤) ومنه قول الشاعر: (٥)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (٥٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (قل)، يا محمد، لهؤلاء المنافقين: أنفقوا كيف شئتم أموالكم في سفركم هذا وغيره، وعلى أي حال شئتم، من حال الطوع والكره، (١) فإنكم إن تنفقوها لن يتقبَّل الله منكم نفقاتكم، وأنتم في شك من دينكم، وجهلٍ منكم بنبوة نبيكم، وسوء معرفة منكم بثواب الله وعقابه = (إنكم كنتم قومًا فاسقين)، يقول: خارجين عن الإيمان بربكم. (٢)
* * *
وخرج قوله: (أنفقوا طوعا أو كرها)، مخرج الأمر، ومعناه الجزاء، (٣) والعرب تفعل ذلك في الأماكن التي يحسن فيها "إن"، التي تأتي بمعنى الجزاء، كما قال جل ثناؤه: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) [سورة التوبة: ٨٠]، فهو في لفظ الأمر، ومعناه الجزاء، (٤) ومنه قول الشاعر: (٥)
أَسِيئي بِنَا أَوْ أَحْسِنِي لا مَلُومَةً | لَدَيْنَا، ولا مَقْلِيَّةً إِنْ تَقَلَّتِ (٦) |
(١) انظر تفسير "الطوع" فيما سلف ٦: ٥٦٤، ٥٦٥.
= وتفسير " الكره " فيما سلف ص: ٢٨٣، تعليق: ٥، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير "الفسق" فيما سلف ١٣: ١١٠، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) في المطبوعة في الموضعين: "ومعناه الخبر"، وهو خطأ، والصواب من المخطوطة، وانظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٤١.
(٤) في المطبوعة في الموضعين: "ومعناه الخبر"، وهو خطأ، والصواب من المخطوطة، وانظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٤١.
(٥) هو كثير عزة.
(٦) سلف تخريجه وبيانه في التفسير ٢: ٢٩٤، ولم أشر هناك إلى هذا الموضع، ومعاني القرآن للفراء ١: ٤٤١.
= وتفسير " الكره " فيما سلف ص: ٢٨٣، تعليق: ٥، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير "الفسق" فيما سلف ١٣: ١١٠، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) في المطبوعة في الموضعين: "ومعناه الخبر"، وهو خطأ، والصواب من المخطوطة، وانظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٤١.
(٤) في المطبوعة في الموضعين: "ومعناه الخبر"، وهو خطأ، والصواب من المخطوطة، وانظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٤١.
(٥) هو كثير عزة.
(٦) سلف تخريجه وبيانه في التفسير ٢: ٢٩٤، ولم أشر هناك إلى هذا الموضع، ومعاني القرآن للفراء ١: ٤٤١.
فكذلك قوله: (أنفقوا طوعًا أو كرهًا)، إنما معناه: إن تنفقوا طوعًا أو كرهًا لن يُتَقَبَّل منكم.
* * *
وقيل: إن هذه الآية نزلت في الجدّ بن قيس، حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم، لما عرض عليه النبي ﷺ الخروج معه لغزو الروم: "هذا مالي أعينك به".
١٦٨٠٣- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: قال، الجدّ بن قيس: إني إذا رأيت النساء لم أصبر حتى أفتتن، ولكن أعينك بمالي! قال: ففيه نزلت (أنفقوا طوعًا أو كرهًا لن يتقبل منكم)، قال: لقوله "أعينك بمالي".
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلا وَهُمْ كَارِهُونَ (٥٤) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما منع هؤلاء المنافقين، يا محمد، أن تقبل منهم نفقاتهم التي ينفقونها في سفرهم معك، وفي غير ذلك من السبل، إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله، فـ "أن" الأولى في موضع نصب، والثانية في موضع رفع، (١) لان معنى الكلام: ما منع قبول نفقاتهم إلا كفرهم بالله = (ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى)،
* * *
وقيل: إن هذه الآية نزلت في الجدّ بن قيس، حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم، لما عرض عليه النبي ﷺ الخروج معه لغزو الروم: "هذا مالي أعينك به".
١٦٨٠٣- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: قال، الجدّ بن قيس: إني إذا رأيت النساء لم أصبر حتى أفتتن، ولكن أعينك بمالي! قال: ففيه نزلت (أنفقوا طوعًا أو كرهًا لن يتقبل منكم)، قال: لقوله "أعينك بمالي".
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلا وَهُمْ كَارِهُونَ (٥٤) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما منع هؤلاء المنافقين، يا محمد، أن تقبل منهم نفقاتهم التي ينفقونها في سفرهم معك، وفي غير ذلك من السبل، إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله، فـ "أن" الأولى في موضع نصب، والثانية في موضع رفع، (١) لان معنى الكلام: ما منع قبول نفقاتهم إلا كفرهم بالله = (ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى)،
(١) يعني بالثانية "أن" المشددة في "أنهم"، وأما الأولى فهي "أن" الخفيفة.
294
يقول: لا يأتونها إلا متثاقلين بها. (١) لأنهم لا يرجون بأدائها ثوابًا، ولا يخافون بتركها عقابًا، وإنما يقيمونها مخافةً على أنفسهم بتركها من المؤمنين، فإذا أمنوهم لم يقيموها = (ولا ينفقون)، يقول: ولا ينفقون من أموالهم شيئًا = (إلا وهم كارهون)، أن ينفقونه في الوجه الذي ينفقونه فيه، مما فيه تقوية للإسلام وأهله. (٢)
* * *
* * *
(١) انظر تفسير "كسالى" فيما سلف ٩: ٣٣٠، ٣٣١.
(٢) انظر تفسير "الكره" فيما سلف ص: ٢٩٣. تعليق: ١ والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير "الكره" فيما سلف ص: ٢٩٣. تعليق: ١ والمراجع هناك.
295
القول في تأويل قوله: ﴿فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٥٥) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معناه: فلا تعجبك، يا محمد، أموال هؤلاء المنافقين ولا أولادهم في الحياة الدنيا، إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة. وقال: معنى ذلك التقديمُ، وهو مؤخر.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٠٤- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم)، قال: هذه من تقاديم الكلام، (١)
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معناه: فلا تعجبك، يا محمد، أموال هؤلاء المنافقين ولا أولادهم في الحياة الدنيا، إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة. وقال: معنى ذلك التقديمُ، وهو مؤخر.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٠٤- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم)، قال: هذه من تقاديم الكلام، (١)
(١) هذه أول مرّة أجد استعمال "تقاديم" جمعًا في هذا التفسير. وهي جمع "تقديم" كأمثاله من قولهم "التكاذيب"، "والتكاليف"، و "التحاسين"، و "التقاصيب"، وما أشبهها.
وكان في المخطوطة: "هذه من تقاديم الله، ليعذبهم بها في الآخرة"، ولكن ناشر المطبوعة نقل هذا النص الثابت في المطبوعة، من الدر المنثور ٣: ٢٤٩، وكأنه الصواب، إن شاء الله، ولذلك تركته على حاله.
وانظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٤٢.
وكان في المخطوطة: "هذه من تقاديم الله، ليعذبهم بها في الآخرة"، ولكن ناشر المطبوعة نقل هذا النص الثابت في المطبوعة، من الدر المنثور ٣: ٢٤٩، وكأنه الصواب، إن شاء الله، ولذلك تركته على حاله.
وانظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٤٢.
295
يقول: لا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا، إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة.
١٦٨٠٥- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا، بما ألزمهم فيها من فرائضه.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٠٦- حدثت عن المسيّب بن شريك، عن سلمان الأنصري، عن الحسن: (إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا)، قال: بأخذ الزكاة والنفقة في سبيل الله. (١)
١٦٨٠٧- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا)، بالمصائب فيها، هي لهم عذابٌ، وهي للمؤمنين أجرٌ.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالصواب في ذلك عندنا، التأويلُ الذي ذكرنا عن الحسن. لأن ذلك هو الظاهر من التنزيل، فصرْفُ تأويله إلى ما دلَّ عليه ظاهره، أولى من صرفه إلى باطنٍ لا دلالةَ على صحته.
وإنما وجَّه من وجَّه ذلك إلى التقديم وهو مؤخر، لأنه لم يعرف لتعذيب الله المنافقين بأموالهم وأولادهم في الحياة الدنيا، وجهًا يوجِّهه إليه، وقال: كيف يعذِّبهم
١٦٨٠٥- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا، بما ألزمهم فيها من فرائضه.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٠٦- حدثت عن المسيّب بن شريك، عن سلمان الأنصري، عن الحسن: (إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا)، قال: بأخذ الزكاة والنفقة في سبيل الله. (١)
١٦٨٠٧- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا)، بالمصائب فيها، هي لهم عذابٌ، وهي للمؤمنين أجرٌ.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالصواب في ذلك عندنا، التأويلُ الذي ذكرنا عن الحسن. لأن ذلك هو الظاهر من التنزيل، فصرْفُ تأويله إلى ما دلَّ عليه ظاهره، أولى من صرفه إلى باطنٍ لا دلالةَ على صحته.
وإنما وجَّه من وجَّه ذلك إلى التقديم وهو مؤخر، لأنه لم يعرف لتعذيب الله المنافقين بأموالهم وأولادهم في الحياة الدنيا، وجهًا يوجِّهه إليه، وقال: كيف يعذِّبهم
(١) الأثر: ١٦٨٠٦ - " المسيب بن شريك التميمي، أبو سعيد "، ترك الناس حديثه، وقال البخاري: " سكتوا عنه ". مترجم في الكبير ٤ ١ ٤٠٨، وإن أبي حاتم ٤ ١ ٢٩٤، وميزان الاعتدال ٣: ١٧١، ولسان الميزان ٦: ٣٨.
و"سلمان الأنصري"، هكذا في المخطوطة، وفي المطبوعة " الأقصري "، ولم أستطع أن أعرف شيئًا عن هذا الاسم.
و"سلمان الأنصري"، هكذا في المخطوطة، وفي المطبوعة " الأقصري "، ولم أستطع أن أعرف شيئًا عن هذا الاسم.
296
بذلك في الدنيا، وهي لهم فيها سرور؟ وذهبَ عنه توجيهه إلى أنه من عظيم العذاب عليه إلزامُه ما أوجب الله عليه فيها من حقوقه وفرائضه، إذ كان يلزمه ويؤخذ منه وهو غير طيِّب النفس، ولا راجٍ من الله جزاءً، ولا من الآخذ منه حمدًا ولا شكرًا، على ضجرٍ منه وكُرْهٍ.
* * *
وأما قوله: (وتزهق أنفسهم وهم كافرون)، فإنه يعني وتخرج أنفسهم، فيموتوا على كفرهم بالله، وجحودهم نبوّةَ نبيّ الله محمد صلى الله عليه وسلم.
* * *
يقال منه: "زَهَقَت نفس فلان، وزَهِقَت"، فمن قال: "زَهَقت" قال: "تَزْهَق"، ومن قال: "زَهِقت"، قال: "تزهق"، "زهوقًا"، ومنه قيل: "زَهَق فلان بين أيدي القوم يَزْهَق زُهُوقا" إذا سبقهم فتقدمهم. ويقال: "زهق الباطل"، إذا ذهب ودرس. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (٥٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ويحلف بالله لكم، أيها المؤمنون، هؤلاء المنافقون كذبًا وباطلا خوفًا منكم: (إنهم لمنكم) في الدين والملة. يقول الله تعالى، مكذّبًا لهم: (وما هم منكم)، أي ليسوا من أهل دينكم وملتكم، بل هم أهل
* * *
وأما قوله: (وتزهق أنفسهم وهم كافرون)، فإنه يعني وتخرج أنفسهم، فيموتوا على كفرهم بالله، وجحودهم نبوّةَ نبيّ الله محمد صلى الله عليه وسلم.
* * *
يقال منه: "زَهَقَت نفس فلان، وزَهِقَت"، فمن قال: "زَهَقت" قال: "تَزْهَق"، ومن قال: "زَهِقت"، قال: "تزهق"، "زهوقًا"، ومنه قيل: "زَهَق فلان بين أيدي القوم يَزْهَق زُهُوقا" إذا سبقهم فتقدمهم. ويقال: "زهق الباطل"، إذا ذهب ودرس. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (٥٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ويحلف بالله لكم، أيها المؤمنون، هؤلاء المنافقون كذبًا وباطلا خوفًا منكم: (إنهم لمنكم) في الدين والملة. يقول الله تعالى، مكذّبًا لهم: (وما هم منكم)، أي ليسوا من أهل دينكم وملتكم، بل هم أهل
(١) لا أدري ما هذا، فإن أصحاب اللغة لم يذكروا في مضارع اللغتين إلا "تزهق" بفتح الهاء، أما الأخرى فلا أدري ما تكون، ولا أجد لها عندي وجهًا، فتركتها على حالها لم أضبطها.
شكٍّ ونفاقٍ = (ولكنهم قوم يفرقون)، يقول: ولكنهم قوم يخَافونكم، فهم خوفًا منكم يقولون بألسنتهم: "إنا منكم"، ليأمنوا فيكم فلا يُقْتَلوا.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (٥٧) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لو يجد هؤلاء المنافقون "ملجأ"، يقول: عَصَرًا يعتصِرون به من حِصْن، ومَعْقِلا يعتقِلون فيه منكم = (أو مغارات)،
* * *
= وهي الغيران في الجبال، واحدتها: "مغارة"، وهي "مفعلة"، من: "غار الرجل في الشيء، يغور فيه"، إذا دخل، ومنه قيل، "غارت العين"، إذا دخلت في الحدقة.
* * *
(أو مدَّخلا)، يقول: سَرَبًا في الأرض يدخلون فيه.
* * *
وقال: "أو مدّخلا"، الآية، لأنه "من ادَّخَل يَدَّخِل". (١)
* * *
وقوله: (لولَّوا إليه)، يقول: لأدبروا إليه، هربًا منكم (٢) = (وهم يجمحون). يقول: وهم يسرعون في مَشْيِهم.
* * *
وقيل: إن "الجماح" مشيٌ بين المشيين، (٣) ومنه قول مهلهل:
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (٥٧) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لو يجد هؤلاء المنافقون "ملجأ"، يقول: عَصَرًا يعتصِرون به من حِصْن، ومَعْقِلا يعتقِلون فيه منكم = (أو مغارات)،
* * *
= وهي الغيران في الجبال، واحدتها: "مغارة"، وهي "مفعلة"، من: "غار الرجل في الشيء، يغور فيه"، إذا دخل، ومنه قيل، "غارت العين"، إذا دخلت في الحدقة.
* * *
(أو مدَّخلا)، يقول: سَرَبًا في الأرض يدخلون فيه.
* * *
وقال: "أو مدّخلا"، الآية، لأنه "من ادَّخَل يَدَّخِل". (١)
* * *
وقوله: (لولَّوا إليه)، يقول: لأدبروا إليه، هربًا منكم (٢) = (وهم يجمحون). يقول: وهم يسرعون في مَشْيِهم.
* * *
وقيل: إن "الجماح" مشيٌ بين المشيين، (٣) ومنه قول مهلهل:
(١) في المطبوعة: " أو مدخلا الآية، لأنه "، وهو خطأ في الطباعة فيما أرجح، زاد " الآية لشبهه بقوله: " لأنه " بعده، وخالف الطابع المصحح، فأثبت له ما صححه! !
(٢) انظر تفسير "التولي" فيما سلف من فهارس اللغة (ولى).
(٣) هذا نص نادر لا تجده في كتاب اللغة، فليقيد فيها هو وشاهده.
(٢) انظر تفسير "التولي" فيما سلف من فهارس اللغة (ولى).
(٣) هذا نص نادر لا تجده في كتاب اللغة، فليقيد فيها هو وشاهده.
298
لَقَدْ جَمَحْتُ جِمَاحًا فِي دِمَائِهِمُ | حَتَّى رَأَيْتُ ذَوِي أَحْسَابِهِمْ خَمَدُوا (١) |
وإنما وصفهم الله بما وصفهم به من هذه الصفة، لأنهم إنما أقاموا بين أَظْهُرِ أصحاب رسول الله ﷺ على كفرهم ونفاقهم وعداوتهم لهم ولما هم عليه من الإيمان بالله وبرسوله، لأنهم كانوا في قومهم وعشيرتهم وفي دورهم وأموالهم، فلم يقدروا على ترك ذلك وفراقه، فصانعوا القوم بالنفاق، ودافعوا عن أنفسهم وأموالهم وأولادهم بالكفر ودعوى الإيمان، وفي أنفسهم ما فيها من البغض لرسول الله ﷺ وأهل الإيمان به والعداوة لهم. فقال الله واصِفَهم بما في ضمائرهم: (لو يجدون ملجأ أو مغاراتٍ)، الآية.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٠٨- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (لو يجدون ملجأ)، "الملجأ" الحِرْز في الجبال، "والمغارات"، الغِيران في الجبال. وقوله: (أو مدَّخلا)، و"المدّخل"، السَّرَب.
١٦٨٠٩- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدّخلا لولّوا إليه وهم يجمحون)، "ملجأ"، يقول: حرزًا = (أو مغارات)، يعني الغيران = (أو مدخلا)، يقول: ذهابًا في الأرض، وهو النفق في الأرض، وهو السَّرَب.
١٦٨١٠- وحدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا
(١) لم أجد هذا البيت فيما وقفت عليه من شعر مهلهل. وقوله: " خمدا "، أي: سكنوا فماتوا، كما تنطفئ الجمرة.
299
عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدّخلا)، قال: حرزًا لهم يفرُّون إليه منكم.
١٦٨١١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا)، قال: محرزًا لهم، لفرُّوا إليه منكم = وقال ابن عباس: قوله: (لو يجدون ملجأ)، حرزًا = (أو مغارات)، قال: الغيران = (أو مدّخلا)، قال: نفقًا في الأرض.
١٦٨١٢- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة: (لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدّخلا)، يقول: "لو يجدون ملجأ"، حصونًا = (أو مغارات)، غِيرانًا = (أو مدخلا)، أسرابًا = (لولوا إليه وهم يجمحون).
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ومن المنافقين الذين وصفت لك، يا محمد، صفتهم في هذه الآيات = (من يلمزك في الصدقات)، يقول: يعيبك في أمرها، ويطعُنُ عليك فيها.
* * *
يقال منه: "لمز فلان فلانًا يَلْمِزُه، ويَلْمُزُه" إذا عابه وقرصه، وكذلك "همزه"، ومنه قيل: "فلان هُمَزَةً لُمَزَة، ومنه قول رؤبة:
١٦٨١١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا)، قال: محرزًا لهم، لفرُّوا إليه منكم = وقال ابن عباس: قوله: (لو يجدون ملجأ)، حرزًا = (أو مغارات)، قال: الغيران = (أو مدّخلا)، قال: نفقًا في الأرض.
١٦٨١٢- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة: (لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدّخلا)، يقول: "لو يجدون ملجأ"، حصونًا = (أو مغارات)، غِيرانًا = (أو مدخلا)، أسرابًا = (لولوا إليه وهم يجمحون).
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ومن المنافقين الذين وصفت لك، يا محمد، صفتهم في هذه الآيات = (من يلمزك في الصدقات)، يقول: يعيبك في أمرها، ويطعُنُ عليك فيها.
* * *
يقال منه: "لمز فلان فلانًا يَلْمِزُه، ويَلْمُزُه" إذا عابه وقرصه، وكذلك "همزه"، ومنه قيل: "فلان هُمَزَةً لُمَزَة، ومنه قول رؤبة:
قَارَبْتُ بَيْنَ عَنَقِي وَجَمْزِي | فِي ظِلِّ عَصْرَيْ بَاطِلي وَلَمْزِي (١) |
(١) ديوانه: ٦٤، من رجزه في أبان بن الوليد البجلي، ثم ذكر فيها نفسه، فقال:
"أم حمز"، يعني "أم حمزة". و "العنق" ضرب من العدو، و "الجمز" فوق العنق، ودون الحضر، وهو العدو الشديد. يعني ما تقارب من جريه لما كبر، "تقماص الشباب"، من "القمص"، "قمص الفرس"، إذا نفر واستن، وهو أن يرفع يديه ويطرحهما معًا، ويعجن برجليه. و "التقماص" مصدر لم تذكره كتب اللغة. و "الأبز": الشديد الوثب، المتطلق في عدوه، يقال: "ظبي أبوز، وأباز"، ولم يذكروا في الصفات "الأبز"، وهو هنا صفة بالمصدر. و "البدء": السيد الشاب المقدم المستجاد الرأي. و "النقز" (بكسرالنون) : الخسيس الرذال من الناس.
فَإن ترَيْنِي الْيَوْمَ أُمَّ حَمْزِ | قَارَبْتُ بَيْنَ عَنَقِي وجَمْزِي |
مِنْ بَعْدِ تَقْمَاص الشَّبَابِ الأَبْزِ | فِي ظِلِّ عَصْرَيْ باطِلِي وَلَمْزِي |
فَكُلُّ بَدْءِ صَالحٍ أَوْ نِقْزِ | لاقٍ حِمَامَ الأَجَلِ المُجْتَزِّ |
300
ومنه قول الآخر: (١)
= (فإن أعطوا منها رضوا)، يقول: ليس بهم في عيبهم إياك فيها، وطعنهم عليك بسببها، الدِّينُ، ولكن الغضب لأنفسهم، فإن أنت أعطيتهم منها ما يرضيهم رضوا عنك، وإن أنت لم تعطهم منهم سخطوا عليك وعابوك.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
إِذَا لَقَيْتُكَ تُبْدِي لِي مُكَاشَرَةً | وَإِنْ أُغَيَّبْ، فَأَنْتَ العَائِبُ اللُّمَزَهْ (٢) |
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
(١) هو زياد الأعجم.
(٢) مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٦٣، إصلاح المنطق: ٤٧٥، والجمهرة لابن دريد ٣: ١٨، والمقاييس ٦: ٦٦، واللسان (همز)، وسيأتي في التفسير ٣٠: ١٨٨ (بولاق) بغير هذه الرواية، وهي:
وهي رواية ابن السكيت، وابن فارس، والطبري بعد، ورواية ابن دريد، وصاحب اللسان، وابن دريد. إذَا لَقِيتُكَ عن شَحْطٍ تُكَاشِرُني
وقوله: "وإن أغيب" بالبناء للمجهول، لا كما ضبط في مجاز القرآن.
(٢) مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٦٣، إصلاح المنطق: ٤٧٥، والجمهرة لابن دريد ٣: ١٨، والمقاييس ٦: ٦٦، واللسان (همز)، وسيأتي في التفسير ٣٠: ١٨٨ (بولاق) بغير هذه الرواية، وهي:
تُدْلِي بِوُدٍّ إذَا لاقَيْتَنِي كَذِبًا | وَإِنْ أُغَيِّبْ فأنت الهَامِزُ اللُّمَزَهْ |
وقوله: "وإن أغيب" بالبناء للمجهول، لا كما ضبط في مجاز القرآن.
301
١٦٨١٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (ومنهم من يلمزك في الصدقات)، قال: يروزك. (١)
١٦٨١٤- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (ومنهم من يلمزك في الصدقات)، يروزك ويسألك، (٢) قال ابن جريج: وأخبرني داود بن أبي عاصم قال: قال أتي النبي ﷺ بصدقة فقسمها ههنا وههنا حتى ذهبت. قال: ورآه رجل من الأنصار فقال: ما هذا بالعدل؟ فنزلت هذه الآية.
١٦٨١٥- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (ومنهم من يلمزك في الصدقات)، يقول: ومنهم من يطعُنُ عليك في الصدقات. وذكر لنا أن رجلا من أهل البادية حديثَ عهدٍ بأعرابيّةٍ، أتى نبي الله ﷺ وهو يقسم ذهبًا وفضة، فقال: يا محمد، والله لئن كان الله أمرك أن تعدل، ما عدلت! فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ويلك! فمن ذا يعدل عليك بعدي! ثم قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: احذروا هذا وأشباهه فإن في أمتي أشباه هذا، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، فإذا خرجوا فاقتلوهم، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم. وذكر لنا أن نبي الله ﷺ كان يقول: "والذي نفسي بيده ما أعطيكم شيئا ولا أمنعكموه، إنما أنا خازن.
١٦٨١٦- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (ومنهم من يلمزك في الصدقات)، قال: يطعن.
١٦٨١٧-...... قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري
١٦٨١٤- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (ومنهم من يلمزك في الصدقات)، يروزك ويسألك، (٢) قال ابن جريج: وأخبرني داود بن أبي عاصم قال: قال أتي النبي ﷺ بصدقة فقسمها ههنا وههنا حتى ذهبت. قال: ورآه رجل من الأنصار فقال: ما هذا بالعدل؟ فنزلت هذه الآية.
١٦٨١٥- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (ومنهم من يلمزك في الصدقات)، يقول: ومنهم من يطعُنُ عليك في الصدقات. وذكر لنا أن رجلا من أهل البادية حديثَ عهدٍ بأعرابيّةٍ، أتى نبي الله ﷺ وهو يقسم ذهبًا وفضة، فقال: يا محمد، والله لئن كان الله أمرك أن تعدل، ما عدلت! فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ويلك! فمن ذا يعدل عليك بعدي! ثم قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: احذروا هذا وأشباهه فإن في أمتي أشباه هذا، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، فإذا خرجوا فاقتلوهم، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم. وذكر لنا أن نبي الله ﷺ كان يقول: "والذي نفسي بيده ما أعطيكم شيئا ولا أمنعكموه، إنما أنا خازن.
١٦٨١٦- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (ومنهم من يلمزك في الصدقات)، قال: يطعن.
١٦٨١٧-...... قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري
(١) "رازه يروزه روزًا"، اختبره وامتحنه، وقد ذكر هذا الخبر في المعاجم من كلام مجاهد، وفسروه فقالوا: "يقال: رزت ما عند فلان، إذا اختبرته وامتحنته. والمعنى: يمتحنك ويذوق أمرك، هل تخاف لائمته أم لا".
(٢) "رازه يروزه روزًا"، اختبره وامتحنه، وقد ذكر هذا الخبر في المعاجم من كلام مجاهد، وفسروه فقالوا: "يقال: رزت ما عند فلان، إذا اختبرته وامتحنته. والمعنى: يمتحنك ويذوق أمرك، هل تخاف لائمته أم لا".
(٢) "رازه يروزه روزًا"، اختبره وامتحنه، وقد ذكر هذا الخبر في المعاجم من كلام مجاهد، وفسروه فقالوا: "يقال: رزت ما عند فلان، إذا اختبرته وامتحنته. والمعنى: يمتحنك ويذوق أمرك، هل تخاف لائمته أم لا".
302
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد قال: بينما رسول الله ﷺ يقسم قَسْمًا، إذ جاءه ابن ذي الخُوَيْصِرَة التميمي، (١) فقال: اعدل، يا رسول الله! فقال: ويلك، ومن يعدل إن لم أعدل! فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقه! قال: دَعْه، فإن له أصحابًا يحتقر أحدكم صلاته مع صَلاتهم، (٢) وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميَّة، (٣) فينظر في قُذَذَه فلا ينظر شيئًا، (٤) ثم ينظر في نَصْله، فلا يجد شيئًا، ثم ينظر في رِصَافه فلا يجد شيئًا، (٥) قد سبق الفَرْثَ والدم، (٦) آيتهم رجل، أسود، (٧) إحدى يده = أو قال: يديه = مثل ثدي المرأة، أو مثل البَضْعَة تَدَرْدَرُ، (٨) يخرجون على حين فترة من الناس. قال: فنزلت: (ومنهم من يلمزك في الصدقات) = قال أبو سعيد: أشهد أني سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن عليًّا رحمة الله عليه حين، قتلهم جيء بالرجل على النعت الذي نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. (٩)
١٦٨١٧م- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في
١٦٨١٧م- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في
(١) في مسلم والبخاري "ذو الخويصرة"، ليس فيها (ابن)، وهذا هو المعروف المشهور.
(٢) في المطبوعة: " يحقر "، وهي كذلك في رواية الخبر في الصحيحين، ولكن هكذا جاءت في المخطوطة.
(٣) "مرق السهم من الرمية"، خرج من الجانب الآخر خروجًا سريعًا. و "الرمية"، المرمية، يعني الصيد المرمي بالسهم ونحوه.
(٤) "القذذ" جمع "قذة" (بضم القاف)، وهي ريش السهم.
(٥) "الرصاف" جمع "رصفة" (بفتحات)، وهي العقبة التي تلوى على موضع الفوق من السهم.
(٦) "الفرث"، سرجين الدابة، ما دام في كرشها.
(٧) "الآية"، العلامة.
(٨) "البضعة" القطعة من اللحم. "تدردر"، "تتدردر"، أي: تضطرب.
(٩) الأثر: ١٦٨١٧ - هذا حديث صحيح الإسناد، رواه البخاري في صحيحه (الفتح ٦: ٤٥٥) ومسلم في صحيحه ٧: ١٦٥، من طريق الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن.
وجاء الخبر من طرق صحاح كثيرة، انظر شرح البخاري، وصحيح مسلم.
(٢) في المطبوعة: " يحقر "، وهي كذلك في رواية الخبر في الصحيحين، ولكن هكذا جاءت في المخطوطة.
(٣) "مرق السهم من الرمية"، خرج من الجانب الآخر خروجًا سريعًا. و "الرمية"، المرمية، يعني الصيد المرمي بالسهم ونحوه.
(٤) "القذذ" جمع "قذة" (بضم القاف)، وهي ريش السهم.
(٥) "الرصاف" جمع "رصفة" (بفتحات)، وهي العقبة التي تلوى على موضع الفوق من السهم.
(٦) "الفرث"، سرجين الدابة، ما دام في كرشها.
(٧) "الآية"، العلامة.
(٨) "البضعة" القطعة من اللحم. "تدردر"، "تتدردر"، أي: تضطرب.
(٩) الأثر: ١٦٨١٧ - هذا حديث صحيح الإسناد، رواه البخاري في صحيحه (الفتح ٦: ٤٥٥) ومسلم في صحيحه ٧: ١٦٥، من طريق الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن.
وجاء الخبر من طرق صحاح كثيرة، انظر شرح البخاري، وصحيح مسلم.
303
قوله: (ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون)، قال: هؤلاء المنافقون، قالوا: والله ما يعطيها محمد إلا من أحبَّ، ولا يؤثر بها إلا هواه! فأخبر الله نبيه، وأخبرهم أنه إنما جاءت من الله، وإن هذا أمر من الله ليس من محمد: (إنما الصدقات للفقراء)، الآية.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (٥٩) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولو أنّ هؤلاء الذين يلمزونك، يا محمد، في الصدقات، رضَوا ما أعطاهم الله ورسوله من عطاء، وقسم لهم من قسم = (وقالوا حسبنا الله)، يقول: وقالوا: كافينا الله، (١) = (سيؤتينا الله من فضله ورسوله)، يقول: سيعطينا الله من فضل خزائنه، ورسوله من الصدقة وغيرها (٢) = (إنا إلى الله راغبون)، يقول: وقالوا: إنا إلى الله نرغب في أن يوسع علينا من فضله، فيغنينا عن الصدقة وغيرها من صلات الناس والحاجة إليهم.
* * *
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (٥٩) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولو أنّ هؤلاء الذين يلمزونك، يا محمد، في الصدقات، رضَوا ما أعطاهم الله ورسوله من عطاء، وقسم لهم من قسم = (وقالوا حسبنا الله)، يقول: وقالوا: كافينا الله، (١) = (سيؤتينا الله من فضله ورسوله)، يقول: سيعطينا الله من فضل خزائنه، ورسوله من الصدقة وغيرها (٢) = (إنا إلى الله راغبون)، يقول: وقالوا: إنا إلى الله نرغب في أن يوسع علينا من فضله، فيغنينا عن الصدقة وغيرها من صلات الناس والحاجة إليهم.
* * *
(١) انظر تفسير " حسب " فيما سلف ص: ٤٩، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير "آتى" و "فضل" في فهارس اللغة (آتى)، (فضل).
(٢) انظر تفسير "آتى" و "فضل" في فهارس اللغة (آتى)، (فضل).
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما الصدقات إلا للفقراء والمساكين، (١) ومن سماهم الله جل ثناؤه.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في صفة "الفقير" و"المسكين".
فقال بعضهم: "الفقير"، المحتاج المتعفف عن المسألة، و"المسكين"، المحتاج السائل. (٢)
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨١٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن أشعث، عن الحسن: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين)، قال: "الفقير"، الجالس في بيته = "والمسكين"، الذي يسعى.
١٦٨١٩- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين)، = قال: "المساكين"، الطوافون، و"الفقراء"، فقراء المسلمين.
١٦٨٢٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن جرير بن حازم قال، حدثني رجل، عن جابر بن زيد: أنه سئل عن "الفقراء"، قال: "الفقراء"، المتعففون، و"المساكين"، الذين يسألون.
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما الصدقات إلا للفقراء والمساكين، (١) ومن سماهم الله جل ثناؤه.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في صفة "الفقير" و"المسكين".
فقال بعضهم: "الفقير"، المحتاج المتعفف عن المسألة، و"المسكين"، المحتاج السائل. (٢)
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨١٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن أشعث، عن الحسن: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين)، قال: "الفقير"، الجالس في بيته = "والمسكين"، الذي يسعى.
١٦٨١٩- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين)، = قال: "المساكين"، الطوافون، و"الفقراء"، فقراء المسلمين.
١٦٨٢٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن جرير بن حازم قال، حدثني رجل، عن جابر بن زيد: أنه سئل عن "الفقراء"، قال: "الفقراء"، المتعففون، و"المساكين"، الذين يسألون.
(١) في المطبوعة: "لا ينال الصدقات"، وهو كلام غير مستقيم، والصواب ما كان في المخطوطة، ولكنه لم يحسن قراءته.
(٢) انظر تفسير "المسكين" فيما سلف ١٣: ٥٦٠، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير "المسكين" فيما سلف ١٣: ٥٦٠، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
305
١٦٨٢١- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا معقل بن عبيد الله الجزريّ قال: سألت الزهري عن قوله: (إنما الصدقات للفقراء)، قال: الذين في بيوتهم لا يسألون، و"المساكين"، الذين يخرجون فيسألون. (١)
١٦٨٢٢- حدثنا الحارث قال، حدثنا القاسم قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الوارث بن سعيد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: "الفقير" الذي لا يسأل، و"المسكين"، الذي يسأل.
١٦٨٢٣- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين)، قال: "الفقراء"، الذين لا يسألون الناس، أهلُ حاجة (٢) = و"المساكين"، الذين يسألون الناس.
١٦٨٢٤- حدثنا الحارث قال، حدثني عبد العزيز قال، حدثنا عبد الوارث، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: "الفقراء"، الذين لا يسألون، و"المساكين" الذين يسألون.
* * *
وقال آخرون: "الفقير"، هو ذو الزمانة من أهل الحاجة، و"المسكين"، هو الصحيح الجسم منهم. (٣)
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٢٥- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين)، قال: "الفقير"، من به زَمانة = و"المسكين"، الصحيح المحتاج.
١٦٨٢٢- حدثنا الحارث قال، حدثنا القاسم قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الوارث بن سعيد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: "الفقير" الذي لا يسأل، و"المسكين"، الذي يسأل.
١٦٨٢٣- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين)، قال: "الفقراء"، الذين لا يسألون الناس، أهلُ حاجة (٢) = و"المساكين"، الذين يسألون الناس.
١٦٨٢٤- حدثنا الحارث قال، حدثني عبد العزيز قال، حدثنا عبد الوارث، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: "الفقراء"، الذين لا يسألون، و"المساكين" الذين يسألون.
* * *
وقال آخرون: "الفقير"، هو ذو الزمانة من أهل الحاجة، و"المسكين"، هو الصحيح الجسم منهم. (٣)
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٢٥- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين)، قال: "الفقير"، من به زَمانة = و"المسكين"، الصحيح المحتاج.
(١) الأثر: ١٦٨٢١ - "معقل بن عبيد الله الجزري العبسي، الحراني"، ثقة، ليس به بأس. مترجم في التهذيب، والكبير ٤ ١ ٣٩٣، وابن أبي حاتم ٤ ١ ٢٨٦.
وكان في المطبوعة: "الحراني"، مكان "الجزري"، وهو صواب، ولكني أثبت ما كان في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "وهو أهل حاجة"، زاد ما ليس في المخطوطة.
(٣) في المطبوعة، أسقط "منهم".
وكان في المطبوعة: "الحراني"، مكان "الجزري"، وهو صواب، ولكني أثبت ما كان في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "وهو أهل حاجة"، زاد ما ليس في المخطوطة.
(٣) في المطبوعة، أسقط "منهم".
306
١٦٨٢٦- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين)، أما "الفقير"، فالزَّمِن الذي به زَمانة، وأما "المسكين"، فهو الذي ليست به زمانة.
* * *
وقال آخرون: "الفقراء"، فقراء المهاجرين، و"المساكين"، من لم يهاجر من المسلمين، وهو محتاج.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٢٧- حدثنا الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا جرير بن حازم، عن علي بن الحكم، عن الضحاك بن مزاحم: (إنما الصدقات للفقراء)، قال: فقراء المهاجرين = و"المساكين"، الذين لم يهاجروا. (١)
١٦٨٢٨-...... قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم: (إنما الصدقات للفقراء)، المهاجرين، قال: سفيان: يعني: ولا يعطى الأعراب منها شيئًا.
١٦٨٢٩- حدثنا ابن وكيع قال: حدثني أبي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، قال: كان يقال: إنما الصدقة لفقراء المهاجرين.
١٦٨٣٠-...... قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم قال: كانت تجعل الصدقة في فقراء المهاجرين، وفي سبيل الله.
١٦٨٣١- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزي قالا (٢) كان ناس من المهاجرين لأحدهم الدار، والزوجة، والعبد، والناقة يحج عليها ويغزو، فنسبهم الله إلى أنهم فقراء، وجعل لهم سهمًا في الزكاة.
١٦٨٣٢- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا
* * *
وقال آخرون: "الفقراء"، فقراء المهاجرين، و"المساكين"، من لم يهاجر من المسلمين، وهو محتاج.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٢٧- حدثنا الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا جرير بن حازم، عن علي بن الحكم، عن الضحاك بن مزاحم: (إنما الصدقات للفقراء)، قال: فقراء المهاجرين = و"المساكين"، الذين لم يهاجروا. (١)
١٦٨٢٨-...... قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم: (إنما الصدقات للفقراء)، المهاجرين، قال: سفيان: يعني: ولا يعطى الأعراب منها شيئًا.
١٦٨٢٩- حدثنا ابن وكيع قال: حدثني أبي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، قال: كان يقال: إنما الصدقة لفقراء المهاجرين.
١٦٨٣٠-...... قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم قال: كانت تجعل الصدقة في فقراء المهاجرين، وفي سبيل الله.
١٦٨٣١- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزي قالا (٢) كان ناس من المهاجرين لأحدهم الدار، والزوجة، والعبد، والناقة يحج عليها ويغزو، فنسبهم الله إلى أنهم فقراء، وجعل لهم سهمًا في الزكاة.
١٦٨٣٢- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا
(١) الأثر: ١٦٨٢٧ - "علي بن الحكم البناني"، ثقة، له أحاديث. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣ ١ ١٨١.
(٢) في المطبوعة: "قال"، والصواب من المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: "قال"، والصواب من المخطوطة.
307
سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قال: كان يقال: إنما الصدقات في فقراء المهاجرين، وفي سبيل الله.
* * *
وقال آخرون: "المسكين"، الضعيف الكسب. (١)
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٣٣- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا ابن عون، عن محمد قال: قال عمر: ليس الفقير بالذي لا مال له، ولكن الفقير الأخلقُ الكسْب = قال يعقوب: قال ابن علية: "الأخلق"، المحارَفُ، عندنا. (٢)
١٦٨٣٤- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أيوب عن ابن سيرين: أن عمر بن الخطاب رحمه الله قال: ليس المسكين بالذي لا مال له، ولكن المسكين الأخلقُ الكسْبِ.
* * *
وقال بعضهم: "الفقير"، من المسلمين، و"المسكين" من أهل الكتاب.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٣٥- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا عمر بن نافع قال: سمعت عكرمة في قوله: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين)، قال: لا تقولوا لفقراء المسلمين "مساكين"، إنما "المساكين"، مساكين أهل الكتاب.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قول من قال: "الفقير"،
* * *
وقال آخرون: "المسكين"، الضعيف الكسب. (١)
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٣٣- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا ابن عون، عن محمد قال: قال عمر: ليس الفقير بالذي لا مال له، ولكن الفقير الأخلقُ الكسْب = قال يعقوب: قال ابن علية: "الأخلق"، المحارَفُ، عندنا. (٢)
١٦٨٣٤- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أيوب عن ابن سيرين: أن عمر بن الخطاب رحمه الله قال: ليس المسكين بالذي لا مال له، ولكن المسكين الأخلقُ الكسْبِ.
* * *
وقال بعضهم: "الفقير"، من المسلمين، و"المسكين" من أهل الكتاب.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٣٥- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا عمر بن نافع قال: سمعت عكرمة في قوله: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين)، قال: لا تقولوا لفقراء المسلمين "مساكين"، إنما "المساكين"، مساكين أهل الكتاب.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قول من قال: "الفقير"،
(١) في المطبوعة: "الضعيف البئيس"، لم يحسن قراءة المخطوطة، وكان فيها: " النسب "، وهو تحريف، دل على صوابه الآثار التالية.
(٢) أراد عمر: أن الفقير، هو الذي لم يقدم لآخرته شيئًا يثاب عليه، وأن الفقر الأكبر إنما هو فقر الآخرة، وأن فقر الدنيا أهون الفقرين. و "الأخلق" من قولهم: "هضبة خلقاء"، ملساء لا نبات بها. وللجبل المصمت الذي لا يؤثر فيه شيء "أخلق". وفي حديث فاطمة بنت قيس: "أما معاوية، فرجل أخلق من المال"، أي: خلو عار منه.
وأما "المحارف"، كما فسره ابن علية، فهو المنقوص الحظ، فهو محدود محروم، إذا طلب الرزق لم يرزق، ضد " المبارك ".
(٢) أراد عمر: أن الفقير، هو الذي لم يقدم لآخرته شيئًا يثاب عليه، وأن الفقر الأكبر إنما هو فقر الآخرة، وأن فقر الدنيا أهون الفقرين. و "الأخلق" من قولهم: "هضبة خلقاء"، ملساء لا نبات بها. وللجبل المصمت الذي لا يؤثر فيه شيء "أخلق". وفي حديث فاطمة بنت قيس: "أما معاوية، فرجل أخلق من المال"، أي: خلو عار منه.
وأما "المحارف"، كما فسره ابن علية، فهو المنقوص الحظ، فهو محدود محروم، إذا طلب الرزق لم يرزق، ضد " المبارك ".
308
هو ذو الفقر أو الحاجة، ومع حاجته يتعفّف عن مسألة الناس والتذلل لهم، في هذا الموضع = و"المسكين" هو المحتاج المتذلل للناس بمسألتهم.
وإنما قلنا إن ذلك كذلك، وإن كان الفريقان لم يُعْطَيا إلا بالفقر والحاجة، دون الذلة والمسألة، (١) لإجماع الجميع من أهل العلم أن "المسكين"، إنما يعطى من الصدقة المفروضة بالفقر، وأن معنى "المسكنة"، عند العرب، الذلة، كما قال الله جل ثناؤه: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ)، [سورة البقرة: ٦١]، يعني بذلك: الهون والذلة، لا الفقر. فإذا كان الله جل ثناؤه قد صنَّف من قسم له من الصدقة المفروضة قسمًا بالفقر، فجعلهم صنفين، كان معلومًا أن كل صنف منهم غير الآخر. وإذ كان ذلك كذلك، كان لا شك أن المقسوم له باسم "الفقير"، غير المقسوم له باسم الفقر و"المسكنة"، والفقير المعطَى ذلك باسم الفقير المطلق، هو الذي لا مسكنة فيه. والمعطى باسم المسكنة والفقر، هو الجامع إلى فقره المسكنة، وهي الذلّ بالطلب والمسألة.
= فتأويل الكلام، إذ كان ذلك معناه: إنما الصدقات للفقراء: المتعفِّف منهم الذي لا يسأل، والمتذلل منهم الذي يسأل.
* * *
وقد روي عن رسول الله ﷺ بنحو الذي قلنا في ذلك خبَرٌ.
١٦٨٣٦- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس المسكين بالذي تردّه اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، إنما المسكين المتعفف! اقرءوا إن شئتم: (لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا)، (٢) [سورة البقرة: ٢٧٣].
وإنما قلنا إن ذلك كذلك، وإن كان الفريقان لم يُعْطَيا إلا بالفقر والحاجة، دون الذلة والمسألة، (١) لإجماع الجميع من أهل العلم أن "المسكين"، إنما يعطى من الصدقة المفروضة بالفقر، وأن معنى "المسكنة"، عند العرب، الذلة، كما قال الله جل ثناؤه: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ)، [سورة البقرة: ٦١]، يعني بذلك: الهون والذلة، لا الفقر. فإذا كان الله جل ثناؤه قد صنَّف من قسم له من الصدقة المفروضة قسمًا بالفقر، فجعلهم صنفين، كان معلومًا أن كل صنف منهم غير الآخر. وإذ كان ذلك كذلك، كان لا شك أن المقسوم له باسم "الفقير"، غير المقسوم له باسم الفقر و"المسكنة"، والفقير المعطَى ذلك باسم الفقير المطلق، هو الذي لا مسكنة فيه. والمعطى باسم المسكنة والفقر، هو الجامع إلى فقره المسكنة، وهي الذلّ بالطلب والمسألة.
= فتأويل الكلام، إذ كان ذلك معناه: إنما الصدقات للفقراء: المتعفِّف منهم الذي لا يسأل، والمتذلل منهم الذي يسأل.
* * *
وقد روي عن رسول الله ﷺ بنحو الذي قلنا في ذلك خبَرٌ.
١٦٨٣٦- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس المسكين بالذي تردّه اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، إنما المسكين المتعفف! اقرءوا إن شئتم: (لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا)، (٢) [سورة البقرة: ٢٧٣].
(١) في المطبوعة: "الذل والمسكنة"، والصواب ما في المخطوطة، ولم يحسن قراءتها.
(٢) الأثر: ١٦٨٣٦ - "إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري" روى له الجماعة، مضى برقم: ٦٨٨٤، ٨٣٩٨.
و" شريك بن أبي نمر "، هو " شريك بن عبد الله بن أبي نمر القرشي " ثقة، روى له البخاري ومسلم، مترجم في التهذيب، والكبير ٢ ٢ ٢٣٧، وابن أبي حاتم ٢ ١ ٣٦٣.
وهذا الخبر رواه البخاري من طريق محمد بن جعفر عن شريك بن أبي نمر (الفتح ٨: ١٥٢)، ورواه مسلم في الصحيح من طريق إسماعيل بن جعفر، عن شريك، ومن طريق محمد بن جعفر، عن شريك، عن عطاء بن يسار، وعبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة (٧: ١٢٩).
(٢) الأثر: ١٦٨٣٦ - "إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري" روى له الجماعة، مضى برقم: ٦٨٨٤، ٨٣٩٨.
و" شريك بن أبي نمر "، هو " شريك بن عبد الله بن أبي نمر القرشي " ثقة، روى له البخاري ومسلم، مترجم في التهذيب، والكبير ٢ ٢ ٢٣٧، وابن أبي حاتم ٢ ١ ٣٦٣.
وهذا الخبر رواه البخاري من طريق محمد بن جعفر عن شريك بن أبي نمر (الفتح ٨: ١٥٢)، ورواه مسلم في الصحيح من طريق إسماعيل بن جعفر، عن شريك، ومن طريق محمد بن جعفر، عن شريك، عن عطاء بن يسار، وعبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة (٧: ١٢٩).
309
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما المسكين المتعفف" على نحو ما قد جرى به استعمال الناس من تسميتهم أهل الفقر "مساكين"، لا على تفصيل المسكين من الفقير.
ومما ينبئ عن أن ذلك كذلك، انتزاعه ﷺ بقول الله: (١) اقرءوا إن شئم: (لا يسألون الناس إلحافًا)، وذلك في صفة من ابتدأ الله ذكره ووصفه بالفقر فقال: (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا)، [سورة البقرة: ٢٧٣].
* * *
وقوله: (والعاملين عليها)، وهم السعاة في قبضها من أهلها، ووضعها في مستحقِّيها، يعطون ذلك بالسعاية، أغنياء كانوا أو فقراء.
* * *
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٣٧- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا معقل بن عبيد الله قال: سألت الزهري: عن "العاملين عليها"، فقال: السعاة.
١٦٨٣٨- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (والعاملين عليها)، قال: جُباتها الذين يجمعونها ويسعون فيها.
١٦٨٣٩- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد:
ومما ينبئ عن أن ذلك كذلك، انتزاعه ﷺ بقول الله: (١) اقرءوا إن شئم: (لا يسألون الناس إلحافًا)، وذلك في صفة من ابتدأ الله ذكره ووصفه بالفقر فقال: (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا)، [سورة البقرة: ٢٧٣].
* * *
وقوله: (والعاملين عليها)، وهم السعاة في قبضها من أهلها، ووضعها في مستحقِّيها، يعطون ذلك بالسعاية، أغنياء كانوا أو فقراء.
* * *
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٣٧- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا معقل بن عبيد الله قال: سألت الزهري: عن "العاملين عليها"، فقال: السعاة.
١٦٨٣٨- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (والعاملين عليها)، قال: جُباتها الذين يجمعونها ويسعون فيها.
١٦٨٣٩- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد:
(١) في المطبوعة: "انتزاعًا لقول الله"، وهو خطأ، صوابه في المخطوطة. يقال: "انتزع بالآية، وبالشعر"، إذا تمثل به.
310
(والعاملين عليها)، الذي يعمل عليها.
* * *
ثُمّ اختلف أهل التأويل في قدر ما يعطى العامل من ذلك.
فقال بعضهم: يعطى منه الثُّمُن.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٤٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن حسن بن صالح، عن جويبر، عن الضحاك قال: للعاملين عليها الثمن من الصدقة.
١٦٨٤١- حدثت عن مسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (والعاملين عليها)، قال: يأكل العمال من السهم الثامن.
* * *
وقال آخرون: بل يعطى على قدر عُمالته.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٤٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن الأخضر بن عجلان قال، حدثنا عطاء بن زهير العامري، عن أبيه: أنه لقي عبد الله بن عمرو بن العاص فسأله عن الصدقة: أيُّ مالٍ هي؟ فقال: مالُ العُرْجان والعُوران والعميان، وكل مُنْقَطَع به. (١) فقال له: إن للعاملين حقًّا والمجاهدين! قال: إن المجاهدين قوم أحل لهم، والعاملين عليها على قدر عُمالتهم. (٢) ثم قال: لا تحل الصدقة لغنيّ، ولا لذي مِرَّة سويّ (٣)
* * *
ثُمّ اختلف أهل التأويل في قدر ما يعطى العامل من ذلك.
فقال بعضهم: يعطى منه الثُّمُن.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٤٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن حسن بن صالح، عن جويبر، عن الضحاك قال: للعاملين عليها الثمن من الصدقة.
١٦٨٤١- حدثت عن مسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (والعاملين عليها)، قال: يأكل العمال من السهم الثامن.
* * *
وقال آخرون: بل يعطى على قدر عُمالته.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٤٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن الأخضر بن عجلان قال، حدثنا عطاء بن زهير العامري، عن أبيه: أنه لقي عبد الله بن عمرو بن العاص فسأله عن الصدقة: أيُّ مالٍ هي؟ فقال: مالُ العُرْجان والعُوران والعميان، وكل مُنْقَطَع به. (١) فقال له: إن للعاملين حقًّا والمجاهدين! قال: إن المجاهدين قوم أحل لهم، والعاملين عليها على قدر عُمالتهم. (٢) ثم قال: لا تحل الصدقة لغنيّ، ولا لذي مِرَّة سويّ (٣)
(١) "منقطع به" (بالبناء للمجهول)، هو الرجل إذا عجز عن سفره من نفقة ذهبت، أو قامت عليه راحلته، أو أتاه أمر لا يقدر على أن يتحرك معه. يقال: "قطع به"، و "انقطع به".
(٢) في المطبوعة: " وللعاملين "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) الأثر: ١٦٨٤٢ - " عبد الوهاب بن عطاء الخفاف "، ثقة، مضى برقم: ٥٤٢٩، ٥٤٣٢، ١٠٥٢٢.
و"الأخضر بن عجلان الشيباني"، ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ١ ٢ ٦٧.
و" عطاء بن زهير بن الأصبغ العامري "، روى عن أبيه، روى عنه شميط، والأخضر بن عجلان، هكذا ذكره ابن أبي حاتم ٣ ١ ٣٣٢، ولم أجد له ترجمة في غيره.
وأبوه: " زهير بن الأصبغ العامري "، روى عن عبد الله بن عمرو، روى عنه ابنه عطاء. مترجم في الكبير ٢ ١ ٣٩٢، وابن حاتم ١ ٢ ٥٨٧، ولم يذكرا فيه جرحًا.
وهذا الخبر، خرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢٥٢، ولم ينسبه إلا إلى أبي الشيخ، وفيه "عبد الله بن عمر"، وهو خطأ.
(٢) في المطبوعة: " وللعاملين "، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) الأثر: ١٦٨٤٢ - " عبد الوهاب بن عطاء الخفاف "، ثقة، مضى برقم: ٥٤٢٩، ٥٤٣٢، ١٠٥٢٢.
و"الأخضر بن عجلان الشيباني"، ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ١ ٢ ٦٧.
و" عطاء بن زهير بن الأصبغ العامري "، روى عن أبيه، روى عنه شميط، والأخضر بن عجلان، هكذا ذكره ابن أبي حاتم ٣ ١ ٣٣٢، ولم أجد له ترجمة في غيره.
وأبوه: " زهير بن الأصبغ العامري "، روى عن عبد الله بن عمرو، روى عنه ابنه عطاء. مترجم في الكبير ٢ ١ ٣٩٢، وابن حاتم ١ ٢ ٥٨٧، ولم يذكرا فيه جرحًا.
وهذا الخبر، خرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢٥٢، ولم ينسبه إلا إلى أبي الشيخ، وفيه "عبد الله بن عمر"، وهو خطأ.
311
١٦٨٤٣- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: يكون للعامل عليها إن عمل بالحق، ولم يكن عمر رحمه الله تعالى ولا أولئك يعطون العامل الثمن، إنما يفرضون له بقدر عُمالته.
١٦٨٤٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن أشعث، عن الحسن: (والعاملين عليها)، قال: كان يعطى العاملون.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قولُ من قال: يعطى العامل عليها على قدر عُمالته وأجر مثله.
وإنما قلنا: ذلك أولى بالصواب، لأن الله جل ثناؤه لم يقسم صدقة الأموال بين الأصناف الثمانية على ثمانية أسهم، وإنما عرّف خلقه أن الصدقات لن تجاوز هؤلاء الأصناف الثمانية إلى غيرهم، وإذ كان كذلك، بما سنوضح بعدُ، وبما قد أوضحناه في موضع آخر، كان معلومًا أن من أعطي منها حقًّا، فإنما يعطى على قدر اجتهاد المعطى فيه. وإذا كان ذلك كذلك، وكان العامل عليها إنما يعطى على عمله، لا على الحاجة التي تزول بالعطية، كان معلومًا أن الذي أعطاه من ذلك إنما هو عِوَض من سعيه وعمله، وأن ذلك إنما هو قدر يستحقه عوضًا من عمله الذي لا يزول بالعطية، وإنما يزول بالعزل.
* * *
وأما "المؤلفة قلوبهم"، فإنهم قوم كانوا يُتَألَّفون على الإسلام، ممن لم تصحّ نصرته، استصلاحًا به نفسَه وعشيرتَه، كأبي سفيان بن حرب، وعيينة بن بدر،
١٦٨٤٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن أشعث، عن الحسن: (والعاملين عليها)، قال: كان يعطى العاملون.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قولُ من قال: يعطى العامل عليها على قدر عُمالته وأجر مثله.
وإنما قلنا: ذلك أولى بالصواب، لأن الله جل ثناؤه لم يقسم صدقة الأموال بين الأصناف الثمانية على ثمانية أسهم، وإنما عرّف خلقه أن الصدقات لن تجاوز هؤلاء الأصناف الثمانية إلى غيرهم، وإذ كان كذلك، بما سنوضح بعدُ، وبما قد أوضحناه في موضع آخر، كان معلومًا أن من أعطي منها حقًّا، فإنما يعطى على قدر اجتهاد المعطى فيه. وإذا كان ذلك كذلك، وكان العامل عليها إنما يعطى على عمله، لا على الحاجة التي تزول بالعطية، كان معلومًا أن الذي أعطاه من ذلك إنما هو عِوَض من سعيه وعمله، وأن ذلك إنما هو قدر يستحقه عوضًا من عمله الذي لا يزول بالعطية، وإنما يزول بالعزل.
* * *
وأما "المؤلفة قلوبهم"، فإنهم قوم كانوا يُتَألَّفون على الإسلام، ممن لم تصحّ نصرته، استصلاحًا به نفسَه وعشيرتَه، كأبي سفيان بن حرب، وعيينة بن بدر،
312
والأقرع بن حابس، ونظرائهم من رؤساء القبائل.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٤٥- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (والمؤلفة قلوبهم)، وهم قوم كانوا يأتون رسول الله ﷺ قد أسلموا، وكان رسول الله ﷺ يرضَخ لهم من الصدقات، (١) فإذا أعطاهم من الصدقات فأصابوا منها خيرًا قالوا: هذا دين صالح! وإن كان غير ذلك، عابوه وتركوه.
١٦٨٤٦- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، (٢) حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير: أن المؤلفة قلوبهم من بني أمية: أبو سفيان بن حرب = ومن بني مخزوم: الحارث بن هشام، وعبد الرحمن بن يربوع = ومن بني جُمَح: صفوان بن أمية = ومن بني عامر بن لؤي: سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى = ومن بني أسد بن عبد العزى: حكيم بن حزام = ومن بني هاشم: سفيان بن الحارث بن عبد المطلب = ومن بني فزارة: عيينة بن حصن بن بدر = ومن بني تميم: الأقرع بن حابس = ومن بني نصر: مالك بن عوف = ومن بني سليم: العباس بن مرداس = ومن ثقيف: العلاء بن حارثة = أعطى النبي ﷺ كل رجل منهم مئة ناقة، إلا عبد الرحمن بن يربوع، وحويطب بن عبد العزى، فإنه أعطى كلَّ رجل منهم خمسين.
١٦٨٤٧- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٤٥- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (والمؤلفة قلوبهم)، وهم قوم كانوا يأتون رسول الله ﷺ قد أسلموا، وكان رسول الله ﷺ يرضَخ لهم من الصدقات، (١) فإذا أعطاهم من الصدقات فأصابوا منها خيرًا قالوا: هذا دين صالح! وإن كان غير ذلك، عابوه وتركوه.
١٦٨٤٦- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، (٢) حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير: أن المؤلفة قلوبهم من بني أمية: أبو سفيان بن حرب = ومن بني مخزوم: الحارث بن هشام، وعبد الرحمن بن يربوع = ومن بني جُمَح: صفوان بن أمية = ومن بني عامر بن لؤي: سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى = ومن بني أسد بن عبد العزى: حكيم بن حزام = ومن بني هاشم: سفيان بن الحارث بن عبد المطلب = ومن بني فزارة: عيينة بن حصن بن بدر = ومن بني تميم: الأقرع بن حابس = ومن بني نصر: مالك بن عوف = ومن بني سليم: العباس بن مرداس = ومن ثقيف: العلاء بن حارثة = أعطى النبي ﷺ كل رجل منهم مئة ناقة، إلا عبد الرحمن بن يربوع، وحويطب بن عبد العزى، فإنه أعطى كلَّ رجل منهم خمسين.
١٦٨٤٧- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا
(١) "رضخ له من ماله رضيخة"، أعطاه عطية مقاربة، ليست بالكثيرة، وأصله من "الرضخ"، وهو كسر النوى وغيره، كأنه كسر له من ماله شيئا.
(٢) في المطبوعة: "حدثنا عبد الأعلى"، وهو خطأ، صوابه من المخطوطة، وهذا إسناد دائر في التفسير وشيخ الطبري "محمد بن عبد الأعلى".
(٢) في المطبوعة: "حدثنا عبد الأعلى"، وهو خطأ، صوابه من المخطوطة، وهذا إسناد دائر في التفسير وشيخ الطبري "محمد بن عبد الأعلى".
313
عيسى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري قال، قال صفوان بن أمية: لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه لأبغض الناس إليّ، فما بَرِح يعطيني حتى إنه لأحبُّ الناس إليّ. (١)
١٦٨٤٨- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: ناس كان يتألفهم بالعطية، عيينة بن بدر ومن كان معه.
١٦٨٤٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن حماد بن سلمة، عن يونس، عن الحسن: (والمؤلفة قلوبهم)، : الذين يُؤَلَّفون على الإسلام.
١٦٨٥٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: وأما "المؤلفة قلوبهم"، فأناس من الأعراب ومن غيرهم، كان نبي الله ﷺ يتألفهم بالعطية كيما يؤمنوا.
١٦٨٥١- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا معقل بن عبيد الله قال: سألت الزهري عن قوله: (والمؤلفة قلوبهم)، فقال: من أسلم من يهوديّ أو نصراني. قلت: وإن كان غنيًّا؟ قال: وإن كان غنيًّا.
١٦٨٥٢- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا معقل بن عبيد الله الجزري، عن الزهري: (والمؤلفة قلوبهم)، قال: من هو يهوديّ أو نصرانيّ. (٢)
١٦٨٤٨- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: ناس كان يتألفهم بالعطية، عيينة بن بدر ومن كان معه.
١٦٨٤٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن حماد بن سلمة، عن يونس، عن الحسن: (والمؤلفة قلوبهم)، : الذين يُؤَلَّفون على الإسلام.
١٦٨٥٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: وأما "المؤلفة قلوبهم"، فأناس من الأعراب ومن غيرهم، كان نبي الله ﷺ يتألفهم بالعطية كيما يؤمنوا.
١٦٨٥١- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا معقل بن عبيد الله قال: سألت الزهري عن قوله: (والمؤلفة قلوبهم)، فقال: من أسلم من يهوديّ أو نصراني. قلت: وإن كان غنيًّا؟ قال: وإن كان غنيًّا.
١٦٨٥٢- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا معقل بن عبيد الله الجزري، عن الزهري: (والمؤلفة قلوبهم)، قال: من هو يهوديّ أو نصرانيّ. (٢)
(١) الأثر: ١٦٨٤٧ - رواه مسلم في صحيحه ١٥: ٧٢، ٧٣، مطولا من طريق عبد الله بن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن صفوان بن أمية.
ورواه أحمد في مسنده ٣: ٤٠١ من طريق زكريا بن عدي، عن سعيد بن المسيب، عن صفوان، (هكذا جاء هنا في المسند)، والصواب ما سيأتي في المسند ٦: ٤٦٥، من طريق زكريا بن عدي، عن ابن المبارك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب.
(٢) الأثر: ١٦٨٥٢ - " معقل بن عبيد الله الجزري "، مضى قريبًا برقم: ١٦٨٢١، وكان في المطبوعة هنا أيضًا "الحراني"، مكان "الجزري"، وهو صواب، ولكني أثبت ما في المخطوطة.
ورواه أحمد في مسنده ٣: ٤٠١ من طريق زكريا بن عدي، عن سعيد بن المسيب، عن صفوان، (هكذا جاء هنا في المسند)، والصواب ما سيأتي في المسند ٦: ٤٦٥، من طريق زكريا بن عدي، عن ابن المبارك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب.
(٢) الأثر: ١٦٨٥٢ - " معقل بن عبيد الله الجزري "، مضى قريبًا برقم: ١٦٨٢١، وكان في المطبوعة هنا أيضًا "الحراني"، مكان "الجزري"، وهو صواب، ولكني أثبت ما في المخطوطة.
314
ثم اختلف أهل العلم في وجود المؤلفة اليوم وعدمها، وهل يعطى اليوم أحدٌ على التألف على الإسلام من الصدقة؟
فقال بعضهم: قد بطلت المؤلفة قلوبهم اليوم، ولا سهم لأحد في الصدقة المفروضة إلا لذي حاجة إليها، وفي سبيل الله، أو لعامل عليها.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٥٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن أشعث، عن الحسن: (والمؤلفة قلوبهم)، قال: أما "المؤلفة قلوبهم" فليس اليوم.
١٦٨٥٤- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن جابر، عن عامر قال: لم يبق في الناس اليوم من المؤلفة قلوبهم، إنما كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
١٦٨٥٥- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا عبد الرحمن بن يحيى، عن حبان بن أبي جبلة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: وأتاه عيينة بن حصن: (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)، [سورة الكهف: ٢٩]، أي: ليس اليوم مؤلفة.
١٦٨٨٥٦- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا مبارك، عن الحسن قال: ليس اليوم مؤلفة.
١٦٨٥٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر قال: إنما كانت المؤلفة قلوبهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ولي أبو بكر رحمة الله تعالى عليه، انقطعت الرشى.
* * *
وقال آخرون: "المؤلفة قلوبهم"، في كل زمان، وحقهم في الصدقات.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٥٨- حدثنا أحمد بن إسحاق قال حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا
فقال بعضهم: قد بطلت المؤلفة قلوبهم اليوم، ولا سهم لأحد في الصدقة المفروضة إلا لذي حاجة إليها، وفي سبيل الله، أو لعامل عليها.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٥٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن أشعث، عن الحسن: (والمؤلفة قلوبهم)، قال: أما "المؤلفة قلوبهم" فليس اليوم.
١٦٨٥٤- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن جابر، عن عامر قال: لم يبق في الناس اليوم من المؤلفة قلوبهم، إنما كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
١٦٨٥٥- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، حدثنا عبد الرحمن بن يحيى، عن حبان بن أبي جبلة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: وأتاه عيينة بن حصن: (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)، [سورة الكهف: ٢٩]، أي: ليس اليوم مؤلفة.
١٦٨٨٥٦- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا مبارك، عن الحسن قال: ليس اليوم مؤلفة.
١٦٨٥٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر قال: إنما كانت المؤلفة قلوبهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ولي أبو بكر رحمة الله تعالى عليه، انقطعت الرشى.
* * *
وقال آخرون: "المؤلفة قلوبهم"، في كل زمان، وحقهم في الصدقات.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٥٨- حدثنا أحمد بن إسحاق قال حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا
315
إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر قال: في الناس اليوم، المؤلفة قلوبهم.
١٦٨٥٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر، مثله.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي: أن الله جعل الصدقة في معنيين أحدهما: سدُّ خَلَّة المسلمين، والآخر: معونة الإسلام وتقويته. فما كان في معونة الإسلام وتقوية أسبابه، فإنه يُعطاه الغني والفقير، لأنه لا يعطاه من يعطاه بالحاجة منه إليه، وإنما يعطاه معونةً للدين. وذلك كما يعطى الذي يُعطاه بالجهاد في سبيل الله، فإنه يعطى ذلك غنيًّا كان أو فقيرًا، للغزو، لا لسدّ خلته. وكذلك المؤلفة قلوبهم، يعطون ذلك وإن كانوا أغنياء، استصلاحًا بإعطائهموه أمرَ الإسلام وطلبَ تقويته وتأييده. وقد أعطى النبي ﷺ من أعطى من المؤلفة قلوبهم، بعد أن فتح الله عليه الفتوح، وفشا الإسلام وعز أهله. فلا حجة لمحتجّ بأن يقول: "لا يتألف اليوم على الإسلام أحد، لامتناع أهله بكثرة العدد ممن أرادهم"، وقد أعطى النبي ﷺ من أعطى منهم في الحال التي وصفت.
* * *
وأما قوله: (وفي الرقاب)، فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه.
فقال بعضهم، وهم الجمهور الأعظم: هم المكاتبون، يعطون منها في فك رقابهم. (١)
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٦٠- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن بن دينار، عن الحسين: أن مكاتبًا قام إلى أبي موسى الأشعري رحمه الله تعالى وهو يخطب الناسَ يوم الجمعة، فقال له: أيها الأمير، حُثَّ الناس عليَّ! فحثَّ
١٦٨٥٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر، مثله.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي: أن الله جعل الصدقة في معنيين أحدهما: سدُّ خَلَّة المسلمين، والآخر: معونة الإسلام وتقويته. فما كان في معونة الإسلام وتقوية أسبابه، فإنه يُعطاه الغني والفقير، لأنه لا يعطاه من يعطاه بالحاجة منه إليه، وإنما يعطاه معونةً للدين. وذلك كما يعطى الذي يُعطاه بالجهاد في سبيل الله، فإنه يعطى ذلك غنيًّا كان أو فقيرًا، للغزو، لا لسدّ خلته. وكذلك المؤلفة قلوبهم، يعطون ذلك وإن كانوا أغنياء، استصلاحًا بإعطائهموه أمرَ الإسلام وطلبَ تقويته وتأييده. وقد أعطى النبي ﷺ من أعطى من المؤلفة قلوبهم، بعد أن فتح الله عليه الفتوح، وفشا الإسلام وعز أهله. فلا حجة لمحتجّ بأن يقول: "لا يتألف اليوم على الإسلام أحد، لامتناع أهله بكثرة العدد ممن أرادهم"، وقد أعطى النبي ﷺ من أعطى منهم في الحال التي وصفت.
* * *
وأما قوله: (وفي الرقاب)، فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه.
فقال بعضهم، وهم الجمهور الأعظم: هم المكاتبون، يعطون منها في فك رقابهم. (١)
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٦٠- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن بن دينار، عن الحسين: أن مكاتبًا قام إلى أبي موسى الأشعري رحمه الله تعالى وهو يخطب الناسَ يوم الجمعة، فقال له: أيها الأمير، حُثَّ الناس عليَّ! فحثَّ
(١) انظر تفسير " الرقاب " فيما سلف ٣: ٣٤٧ ٩: ٣٥، ٣٦ ١٠: ٥٥٢ - ٥٥٧.
316
عليه أبو موسى، فألقى الناسُ عليه عمامة وملاءة وخاتمًا، حتى ألقوا سَوادًا كثيرًا، فلما رأى أبو موسى ما ألقي عليه قال: اجمعوه! فجمع، ثم أمر به فبيع. فأعطى المكاتب مكاتبته، ثم أعطى الفضل في الرقاب، ولم يرده على الناس، وقال: إنما أعطي الناسُ في الرقاب.
١٦٨٦١- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا معقل بن عبيد الله قال، سألت الزهري عن قوله: (وفي الرقاب)، قال: المكاتَبون.
١٦٨٦٢- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وفي الرقاب)، قال: المكاتَب.
١٦٨٦٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا سهل بن يوسف، عن عمرو، عن الحسن: (وفي الرقاب)، قال: هم المكاتبون.
* * *
وروي عن ابن عباس أنه قال: لا بأس أن تُعْتَقَ الرقبة من الزكاة.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، قولُ من قال: "عنى بالرقاب، في هذا الموضع، المكاتبون"، لإجماع الحجة على ذلك، فإن الله جعل الزكاة حقًّا واجبًا على من أوجبها عليه في ماله، يخرجها منه، لا يرجع إليه منها نفعٌ من عرض الدنيا، ولا عِوَض. والمعتق رقبةً منها، راجع إليه ولاء من أعتقه، وذلك نفع يعود إليه منها.
* * *
وأما "الغارمون"، فالذين استدانوا في غير معصية الله، ثم لم يجدوا قضاء في عين ولا عَرَض.
* * *
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٦١- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا معقل بن عبيد الله قال، سألت الزهري عن قوله: (وفي الرقاب)، قال: المكاتَبون.
١٦٨٦٢- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وفي الرقاب)، قال: المكاتَب.
١٦٨٦٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا سهل بن يوسف، عن عمرو، عن الحسن: (وفي الرقاب)، قال: هم المكاتبون.
* * *
وروي عن ابن عباس أنه قال: لا بأس أن تُعْتَقَ الرقبة من الزكاة.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، قولُ من قال: "عنى بالرقاب، في هذا الموضع، المكاتبون"، لإجماع الحجة على ذلك، فإن الله جعل الزكاة حقًّا واجبًا على من أوجبها عليه في ماله، يخرجها منه، لا يرجع إليه منها نفعٌ من عرض الدنيا، ولا عِوَض. والمعتق رقبةً منها، راجع إليه ولاء من أعتقه، وذلك نفع يعود إليه منها.
* * *
وأما "الغارمون"، فالذين استدانوا في غير معصية الله، ثم لم يجدوا قضاء في عين ولا عَرَض.
* * *
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
317
١٦٨٦٤- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد قال: "الغارمون"، من احترق بيته، أو يصيبه السيل فيذهب متاعه، ويدَّانُ على عياله، فهذا من الغارمين.
١٦٨٦٥- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد في قوله: (والغارمين)، قال: من احترق بيته، وذهب السيل بماله، وادَّان على عياله.
١٦٨٦٦- حدثنا أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر قال: "الغارمين"، المستدين في غير سَرَف، ينبغي للإمام أن يقضي عنهم من بيت المال.
١٦٨٦٧-...... قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا معقل بن عبيد الله قال: سألنا الزهري عن "الغارمين"، قال: أصحاب الدين.
١٦٨٦٨-...... قال، حدثنا معقل، عن عبد الكريم قال، حدثني خادم لعمر بن عبد العزيز خدمه عشرين سنة قال: كتب عمر بن عبد العزيز: أن يُعْطى الغارمون = قال أحمد: أكثر ظني: من الصدقات.
١٦٨٦٩-...... قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن جابر، عن أبي جعفر قال: "الغارمون"، المستدين في غير سرف.
١٦٨٧٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أما "الغارمون"، فقوم غرَّقتهم الديون في غير إملاق، (١) ولا تبذير ولا فساد.
١٦٨٧١- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: "الغارم"، الذي يدخل عليه الغُرْم.
١٦٨٧٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد: (والغارمين)، قال: هو الذي يذهب السيل والحريق بماله، ويدَّان على عياله.
١٦٨٦٥- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد في قوله: (والغارمين)، قال: من احترق بيته، وذهب السيل بماله، وادَّان على عياله.
١٦٨٦٦- حدثنا أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر قال: "الغارمين"، المستدين في غير سَرَف، ينبغي للإمام أن يقضي عنهم من بيت المال.
١٦٨٦٧-...... قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا معقل بن عبيد الله قال: سألنا الزهري عن "الغارمين"، قال: أصحاب الدين.
١٦٨٦٨-...... قال، حدثنا معقل، عن عبد الكريم قال، حدثني خادم لعمر بن عبد العزيز خدمه عشرين سنة قال: كتب عمر بن عبد العزيز: أن يُعْطى الغارمون = قال أحمد: أكثر ظني: من الصدقات.
١٦٨٦٩-...... قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن جابر، عن أبي جعفر قال: "الغارمون"، المستدين في غير سرف.
١٦٨٧٠- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أما "الغارمون"، فقوم غرَّقتهم الديون في غير إملاق، (١) ولا تبذير ولا فساد.
١٦٨٧١- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: "الغارم"، الذي يدخل عليه الغُرْم.
١٦٨٧٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد: (والغارمين)، قال: هو الذي يذهب السيل والحريق بماله، ويدَّان على عياله.
(١) " الإملاق " هنا هو: إنفاق المال وتبذيره حتى يورث حاجة، و " الإملاق " أيضًا: الإفساد. وانظر ما سلف في الخبر رقم: ٦٢٣٣، ج ٥: ٦٠٢، تعليق: ٢.
318
١٦٨٧٣-...... قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن جابر، عن أبي جعفر قال: المستدين في غير فساد.
١٦٨٧٤-...... قال، حدثني أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر، قال: "الغارمون"، الذين يستدينون في غير فساد، ينبغي للإمام أن يقضي عنهم.
١٦٨٧٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد: هم قوم ركبتهم الديون في غير فساد ولا تبذير، فجعل الله لهم في هذه الآية سهمًا.
* * *
وأما قوله: (وفي سبيل الله)، فإنه يعني: وفي النفقة في نصرة دين الله وطريقه وشريعته التي شرعها لعباده، بقتال أعدائه، وذلك هو غزو الكفار. (١)
* * *
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٧٦- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وفي سبيل الله)، قال: الغازي في سبيل الله.
١٦٨٧٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: رجل عمل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو في سبيل الله، أو ابن السبيل، أو رجل كان له جار تصدَّق عليه فأهداها له. (٢)
١٦٨٧٤-...... قال، حدثني أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر، قال: "الغارمون"، الذين يستدينون في غير فساد، ينبغي للإمام أن يقضي عنهم.
١٦٨٧٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد: هم قوم ركبتهم الديون في غير فساد ولا تبذير، فجعل الله لهم في هذه الآية سهمًا.
* * *
وأما قوله: (وفي سبيل الله)، فإنه يعني: وفي النفقة في نصرة دين الله وطريقه وشريعته التي شرعها لعباده، بقتال أعدائه، وذلك هو غزو الكفار. (١)
* * *
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٧٦- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وفي سبيل الله)، قال: الغازي في سبيل الله.
١٦٨٧٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: رجل عمل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو في سبيل الله، أو ابن السبيل، أو رجل كان له جار تصدَّق عليه فأهداها له. (٢)
(١) انظر تفسير " سبيل الله" فيما سلف من فهارس اللغة (سبل).
(٢) الأثر: ١٦٨٧٧ - رواه أبو داود في سننه ٢: ١٥٨، رقم: ١٦٣٥ من طريق مالك، عن زيد بن أسلم، موقوفًا، ثم رواه برقم: ١٦٣٦، من طريق معمر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، عن النبي ﷺ مرفوعًا.
ورواه ابن ماجه في سننه: ٥٨٩، رقم: ١٨٤١، مرفوعًا، بنحوه.
(٢) الأثر: ١٦٨٧٧ - رواه أبو داود في سننه ٢: ١٥٨، رقم: ١٦٣٥ من طريق مالك، عن زيد بن أسلم، موقوفًا، ثم رواه برقم: ١٦٣٦، من طريق معمر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، عن النبي ﷺ مرفوعًا.
ورواه ابن ماجه في سننه: ٥٨٩، رقم: ١٨٤١، مرفوعًا، بنحوه.
319
١٦٨٧٨-...... قال، حدثنا أبي، عن ابن أبي ليلى، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي ﷺ قال: لا تحل الصدقة لغني إلا لثلاثة: في سبيل الله، أو ابن السبيل، أو رجل كان له جار فتصدق عليه، فأهداها له. (١)
* * *
وأما قوله: (وابن السبيل)، فالمسافر الذي يجتاز من بلد إلى بلد.
* * *
و"السبيل": الطريق، (٢) وقيل للضارب فيه: "ابن السبيل"، للزومه إياه، كما قال الشاعر: (٣)
وكذلك تفعل العرب، تسمي اللازم للشيء يعرف به: "ابنه". (٤)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٧٩- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان، عن جابر، عن أبي جعفر قال: "ابن السبيل"، المجتاز من أرض إلى أرض.
١٦٨٨٠- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا
* * *
وأما قوله: (وابن السبيل)، فالمسافر الذي يجتاز من بلد إلى بلد.
* * *
و"السبيل": الطريق، (٢) وقيل للضارب فيه: "ابن السبيل"، للزومه إياه، كما قال الشاعر: (٣)
أنَا ابنُ الحَرْبِ رَبَّتْنِي وَلِيدًا | إلَى أنْ شِبْتُ واكْتَهَلَتْ لِدَاتِي |
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٧٩- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان، عن جابر، عن أبي جعفر قال: "ابن السبيل"، المجتاز من أرض إلى أرض.
١٦٨٨٠- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا
(١) الأثر: ١٦٨٧٨ - "عطية" هو "عطية بن سعد بن جنادة العوفي"، ضعيف، مضى مرارًا.
وهذا الخبر رواه أبو داود في سننه ٢: ١٦٠، رقم: ١٦٣٧، من طريق سفيان، عن عمران البارقي، عن عطية، بنحوه، ثم قال أبو داود: "ورواه فراس، وابن أبي ليلى، عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله".
وهو حديث ضعيف لضعف "عطية العوفي".
(٢) انظر تفسير "السبيل" فيما سلف من فهارس اللغة (سبل).
= وتفسير " ابن السبيل " فيما سلف ٣: ٣٤٥ ٤: ٢٩٥ ٨: ٣٤٦ - ٣٤٧.
(٣) لم أعرف قائله.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "يعرف بابنه"، وهو لا يستقيم، صوابه ما أثبت.
وهذا الخبر رواه أبو داود في سننه ٢: ١٦٠، رقم: ١٦٣٧، من طريق سفيان، عن عمران البارقي، عن عطية، بنحوه، ثم قال أبو داود: "ورواه فراس، وابن أبي ليلى، عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله".
وهو حديث ضعيف لضعف "عطية العوفي".
(٢) انظر تفسير "السبيل" فيما سلف من فهارس اللغة (سبل).
= وتفسير " ابن السبيل " فيما سلف ٣: ٣٤٥ ٤: ٢٩٥ ٨: ٣٤٦ - ٣٤٧.
(٣) لم أعرف قائله.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "يعرف بابنه"، وهو لا يستقيم، صوابه ما أثبت.
320
مندل، عن ليث، عن مجاهد: (وابن السبيل)، قال: لابن السبيل حق من الزكاة وإن كان غنيًّا، إذا كان مُنْقَطَعًا به.
١٦٨٨١- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا معقل بن عبيد الله قال: سألت الزهري عن "ابن السبيل"، قال: يأتي عليَّ ابن السبيل، وهو محتاج. قلت: فإن كان غنيًّا؟ قال: وإن كان غنيًا.
١٦٨٨٢- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وابن السبيل)، الضيف، جعل له فيها حق.
١٦٨٨٣- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال [ابن زيد] :"ابن السبيل"، المسافر من كان غنيًّا أو فقيرًا، إذا أصيبت نفقته، أو فقدت، أو أصابها شيء، أو لم يكن معه شيء، فحقه واجب. (١)
١٦٨٨٤- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، أنه قال: في الغني إذا سافر فاحتاج في سفره. قال: يأخذ من الزكاة.
١٦٨٨٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن جابر، عن أبي جعفر قال: "ابن السبيل"، المجتاز من الأرض إلى الأرض.
* * *
وقوله: (فريضة من الله))، يقول جل ثناؤه: قَسْمٌ قسمه الله لهم، فأوجبه في أموال أهل الأموال لهم (٢) = (والله عليم)، بمصالح خلقه فيما فرض لهم، وفي غير ذلك، لا يخفى عليه شيء. فعلى علم منه فرض ما فرض من الصدقة وبما فيها من المصلحة = (حكيم)، في تدبيره خلقه، لا يدخل في تدبيره خلل. (٣)
١٦٨٨١- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا معقل بن عبيد الله قال: سألت الزهري عن "ابن السبيل"، قال: يأتي عليَّ ابن السبيل، وهو محتاج. قلت: فإن كان غنيًّا؟ قال: وإن كان غنيًا.
١٦٨٨٢- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وابن السبيل)، الضيف، جعل له فيها حق.
١٦٨٨٣- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال [ابن زيد] :"ابن السبيل"، المسافر من كان غنيًّا أو فقيرًا، إذا أصيبت نفقته، أو فقدت، أو أصابها شيء، أو لم يكن معه شيء، فحقه واجب. (١)
١٦٨٨٤- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، أنه قال: في الغني إذا سافر فاحتاج في سفره. قال: يأخذ من الزكاة.
١٦٨٨٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن جابر، عن أبي جعفر قال: "ابن السبيل"، المجتاز من الأرض إلى الأرض.
* * *
وقوله: (فريضة من الله))، يقول جل ثناؤه: قَسْمٌ قسمه الله لهم، فأوجبه في أموال أهل الأموال لهم (٢) = (والله عليم)، بمصالح خلقه فيما فرض لهم، وفي غير ذلك، لا يخفى عليه شيء. فعلى علم منه فرض ما فرض من الصدقة وبما فيها من المصلحة = (حكيم)، في تدبيره خلقه، لا يدخل في تدبيره خلل. (٣)
(١) الأثر: ١٦٨٨٣ - في المطبوعة والمخطوطة: " قال قال ابن السبيل ". والزيادة بين القوسين من إسناده قبل، وهو إسناد دائر في التفسير، أقربه رقم ١٦٨٧٦.
(٢) انظر تفسير " الفريضة " فيما سلف ٩: ٢١٢، تعليق: ، والمرجع هناك.
(٣) انظر تفسير "عليم" و "حكيم" فيما سلف من فهارس اللغة (علم)، (حكم).
(٢) انظر تفسير " الفريضة " فيما سلف ٩: ٢١٢، تعليق: ، والمرجع هناك.
(٣) انظر تفسير "عليم" و "حكيم" فيما سلف من فهارس اللغة (علم)، (حكم).
321
واختلف أهل العلم في كيفية قسم الصدقات التي ذكرها الله في هذه الآية، وهل يجب لكل صنف من الأصناف الثمانية فيها حق، أو ذلك إلى رب المال؟ ومن يتولى قسمها، في أن له أن يعطي جميعَ ذلك من شاء من الأصناف الثمانية.
فقال عامة أهل العلم: للمتولي قسمُها ووضعُها في أيِّ الأصناف الثمانية شاء. وإنما سمَّى الله الأصناف الثمانية في الآية، إعلامًا منه خلقَه أن الصدقة لا تخرج من هذه الأصناف الثمانية إلى غيرها، لا إيجابًا لقسمها بين الأصناف الثمانية الذين ذكرهم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٨٦- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون، عن الحجاج بن أرطاة، عن المنهال بن عمرو، عن زرّ بن حبيش، عن حذيفة في قوله: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها)، قال: إن شئت جعلته في صنف واحد، أو صنفين، أو لثلاثة.
١٦٨٨٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية، عن الحجاج، عن المنهال، عن زر، عن حذيفة قال: إذا وضعتها في صنف واحد أجزأ عنك.
١٦٨٨٨-...... قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن عطاء، عن عمر: (إنما الصدقات للفقراء)، قال: أيُّما صنف أعطيته من هذا أجزأك.
١٦٨٨٩-...... قال، حدثنا ابن نمير، عن عبد المطلب، عن عطاء: (إنما الصدقات للفقراء)، الآية، قال: لو وضعتها في صنف واحد من هذه الأصناف أجزأك. ولو نظرت إلى أهل بيت من المسلمين فقراء متعفِّفين فجبرتهم بها، كان أحبَّ إليَّ.
١٦٨٩٠-...... قال أخبرنا جرير، عن عطاء، عن سعيد بن جبير:
فقال عامة أهل العلم: للمتولي قسمُها ووضعُها في أيِّ الأصناف الثمانية شاء. وإنما سمَّى الله الأصناف الثمانية في الآية، إعلامًا منه خلقَه أن الصدقة لا تخرج من هذه الأصناف الثمانية إلى غيرها، لا إيجابًا لقسمها بين الأصناف الثمانية الذين ذكرهم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٨٦- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون، عن الحجاج بن أرطاة، عن المنهال بن عمرو، عن زرّ بن حبيش، عن حذيفة في قوله: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها)، قال: إن شئت جعلته في صنف واحد، أو صنفين، أو لثلاثة.
١٦٨٨٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية، عن الحجاج، عن المنهال، عن زر، عن حذيفة قال: إذا وضعتها في صنف واحد أجزأ عنك.
١٦٨٨٨-...... قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن عطاء، عن عمر: (إنما الصدقات للفقراء)، قال: أيُّما صنف أعطيته من هذا أجزأك.
١٦٨٨٩-...... قال، حدثنا ابن نمير، عن عبد المطلب، عن عطاء: (إنما الصدقات للفقراء)، الآية، قال: لو وضعتها في صنف واحد من هذه الأصناف أجزأك. ولو نظرت إلى أهل بيت من المسلمين فقراء متعفِّفين فجبرتهم بها، كان أحبَّ إليَّ.
١٦٨٩٠-...... قال أخبرنا جرير، عن عطاء، عن سعيد بن جبير: