تفسير سورة البقرة

آراء ابن حزم الظاهري في التفسير
تفسير سورة سورة البقرة من كتاب آراء ابن حزم الظاهري في التفسير .
لمؤلفه ابن حزم . المتوفي سنة 456 هـ

قوله تعالى :﴿ الم١ ﴾
[ ٨ ] مسألة : في معاني الحروف المقطعة في أوائل بعض السور.
قال ابن حزم :
الحروف المقطعة التي في أوائل بعض السور : من المتشابه الذي نهينا عن اتباعه، وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من المتبعين له، فحرام على كل مسلم أن يطلب معاني الحروف المقطعة التي في أوائل السور، مثل ﴿ كهيعص ﴾١، و﴿ حم عسق ﴾٢، و﴿ ن ﴾٣، و ﴿ الم ﴾٤، و﴿ ص ﴾٥، و﴿ طسم ﴾٦.
يبين صحة قولنا :
ما حدثناه عبد الله بن يوسف، عن أحمد بن فتح، عن عبد الوهاب بن عيسى، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن علي، عن مسلم، حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب ﴾٧ قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم " ٨.
فقد حذر عليه السلام ممن اتبع ما تشابه من القرآن، وقد علمنا أن اتباع أحكامه كلها فرض، فصح أن المتشابه هو غير ما أمرنا بتدبره والتفقه فيه٩.
١ الكهف: ١.
٢ الشورى: ١.
٣ القلم: ١.
٤ البقرة: ١، آل عمران: ١، العنكبوت: ١، الروم: ١، لقمان: ١، السجدة: ١.
٥ ص: ١.
٦ الشعراء: ١، القصص: ١.
٧ آل عمران: ٧.
٨ رجال الإسناد:
عبد الله بن مسلمة بن قعنب، القعني الحارثي، أبو عبد الرحمن البصري، أصله من المدينة، وسكنها مدة، ثقة عابد، كان ابن معين وابن المديني لا يقدمان عليه في الموطأ أحدا، روى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. مات في أول سنة ٢٢١ هـ بمكة. التقريب (٤٢٣/١)
ـ يزيد: بن إبراهيم التستري، نزيل البصرة، أبو سعيد، ثقة ثبت؛ إلا في روايته عن قتادة، ففيها لين، روى له الجماعة، مات سنة ١٦٣هـ التقريب (٣٧٠/٢)
ـ عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة بن عبد الله بن جدعان، يقال: اسم أبي مليكة: زهير التيمي، المدني، أدرك ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثقة فقيه، روى له الجماعة، مات سنة ١١٧ هـ التقريب (٤٠٧/١)
ـ القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، التيمي، ثقة، أحد الفقهاء في المدينة، قال أيوب: ما رأيت أفضل منه. مات سنة ١٠٦ هـ التقريب (١٢٧/٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه مسلم، في كتاب العلم باب النهي عن اتباع متشابه القرآن حديث (٢٦٦٥)
وأخرجه البخاري ـ من طريق عبد الله بن مسلمة ـ في كتاب التفسير باب ﴿منه آيات محكمات﴾ حديث (٤٥٤٧) بلفظ: "إذا رأيت".

٩ الإحكام في أصول الأحكام (٥٣٤/١ـ ٥٣٦) باختصار وتصرف يسير.
قوله تعالى :﴿ ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ( ٧ ) ﴾
[ ٩ ] : مسألة في قوله تعالى :﴿ وعلى سمعهم ﴾ هل هو داخل في حكم الختم فيكون معطوفا على القلوب، أو في حكم التغشية ؟
رأي ابن حزم : أن الله تعالى ختم على قلوبهم، وجعل الغشاوة على سمعهم، وأبصارهم.
قال ابن حزم :
نص على أنه ختم على قلوب الكافرين، وأن على سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة حائلة بينهم وبين قبول الحق.
وهذا نص جلي على أنهم لا يستطيعون الإيمان ما دام ذلك الختم على قلوبهم، والغشاوة على سمعهم وأبصارهم١.
١ الفصل (٧٣/٢).
قوله تعالى :﴿ وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ١٣ ﴾.
[ ١٠ ] : مسألة : في معنى السفه في الآية، واستعمالاته في القرآن واللغة.
قال ابن حزم :
السفه في لغة العرب التي نزل بها القرآن، وبها خوطبنا، لا يقع إلا على ثلاثة معان لا رابع لها أصلا :
أحدها : البذاء والسب باللسان.
والوجه الثاني : الكفر، قال الله عز وجل :﴿ وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ﴾
وقال تعالى حاكيا عن موسى عليه السلام : أنه قال لله تعالى :﴿ أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ﴾١.
يعني كفرة بني إسرائيل.
وقال تعالى :﴿ سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ﴾٢، وقال تعالى :﴿ ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ﴾٣، وقال تعالى حاكيا عن مؤمني الجن الذين صدقهم ورضي عنهم قولهم :﴿ وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا ﴾٤.
والمعنى الثالث : هو عدم العقل الرافع للمخاطبة كالمجانين والصبيان فقط، وهؤلاء هم الذين أراد الله تعالى في قوله :﴿ ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ﴾٥، وقوله تعالى :﴿ فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا ﴾٦ ولم يرد به تعالى قط الكفار، ولا ذوي البذاء في ألسنتهم٧.
١ الأعراف: ١٥٥.
٢ البقرة: ١٤٢.
٣ البقرة: ١٣٠.
٤ الجن: ٤.
٥ النساء: ٥.
٦ البقرة: ٢٨٢.
٧ المحلى: (١٥١/٧) باختصار وتصرف يسير.
قوله تعالى :﴿ وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين ( ٢٣ ) ﴾.
[ ١١ ] : مسألة : في معنى لفظة ﴿ دون ﴾ في القرآن، واللغة.
قال ابن حزم :
لفظة " دون " في اللغة العربية تقع على معنيين وقوعا مستويا، ليس أحدهما أولى من الآخر، وهما بمعنى : أقل، وبمعنى : غير.
قال عز وجل :﴿ ألا تتخذوا من دوني وكيلا ﴾١ أي : من غيري.
وقال عز وجل :﴿ وآخرين من دونهم لا تعلمونهم ﴾٢ أي : من غيرهم.
وحيثما وقعت لفظة " دون " في القرآن فهي بمعنى : غير٣.
١ الإسراء: ٢.
٢ الأنفال: ٦٠.
٣ المحلى (٢٣/٣).
قوله تعالى :﴿ كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ( ٢٨ ) ﴾
وفيه مسألتان :
[ ١٢ ] : المسألة الأولى : في تفسير الموتتين والحياتين في الآية.
يرى ابن حزم أن الموتة الأولى : هي حينما كانت الأرواح متفرقة عن الأجساد قبل خلقها، ثم اجتمعتا فكانت الحياة الأولى، ثم افترقنا فكانت الموتة الثانية، وهي فراق الأنفس للأجساد، ثم يكون الإحياء الثاني : وهو اجتماعهما يوم القيامة.
قال ابن حزم :
الموت إنما هو أن يكون الجسد مفارقا للنفس، فإن الحياة اجتماع النفس والجسد، فكانا مفترقين فكنا أمواتا، ثم اجتمعنا فحيينا، ثم تفرقنا فمتنا، ثم يجتمعان فنحيا١.
وقال في موضع آخر :
الموتة الأولى : هي افتراق الأرواح عن الأجساد أول خلق الله عز وجل، إذ أخذ العهد عليها. قال الله عز وجل :﴿ وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالو ابلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ١٧٢ ﴾٢.
فصح يقينا أن الأرواح كلها كانت من حينئذ مخلوقة، أجساما، موجودة، عاقلة، عالمة، مميزة، ملزمة عهد الله عز وجل والإيمان به.
ثم كانت الحياة الأولى : وهي جمع الأرواح والأجساد في الدنيا، ثم كانت الموتة الثانية التي لا بد منها، وترجع الأرواح إلى حيث رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء٣ عند سماء الدنيا ؛ أرواح أهل السعادة عن يمين آدم عليه السلام، وأرواح أهل الشقاوة عن يساره٤.
ثم يكون الإحياء الثاني : وهو جمع الأرواح والأجساد ثانية يوم القيامة، ثم خلود لا موت فيه أبد الأبد بلا نهاية إلا عيسى عليه السلام٥ ومن أحياه الله تعالى علامة لنبوة نبي٦، أو آية٧، ثم أماتهم، فإن هؤلاء خصوا بنص القرآن بحياة ثالثة، وموتة ثالثة فقط
* دليله :
١ قوله تعالى :﴿ كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ﴾٨
٢ وقوله تعالى :﴿ ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ﴾٩ ١٠
[ ١٣ ] : المسألة الثانية : هل ترد الروح للجسد عند المساءلة في القبر
يرى ابن حزم أن الروح لا ترد للجسد عند المساءلة في القبر، والمساءلة إنما هي الروح فقط ؛ لأنها لو ردت للبدن، للزم من ذلك أن الله أحيانا ثلاثا، وأماتنا ثلاثا، وهذا مخالف للآية
وابن حزم يثبت عذاب القبر ونعيمه، لكن للروح فقط، دون الجسد
قال ابن حزم :
فتنة القبر وعذابه والمساءلة إنما هي للروح فقط، بعد فراقه للجسد إثر ذلك، قبر أو لم يقبر
برهان ذلك :
١ قول الله تعالى :﴿ ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم ﴾١١
وهذا قبل يوم القيامة بلا شك، وإثر الموت، وهذا هو عذاب القبر
٢ وقال تعالى :﴿ وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ﴾١٢
٣ وقال الله تعالى :﴿ النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ٤٦ ﴾١٣
فهذا العرض المذكور هو عذاب القبر، وإنما قيل عذاب القبر فأضيف إلى القبر لأن المعهود في أكثر الموتى أنهم يقبرون
٤ وأما من ظن أن الميت يحيي في قبره فخطأ ؛ لأن الآيات التي ذكرنا١٤ تمنع من ذلك، ولو كان ذلك لكان الله تعالى قد أماتنا وأحيانا ثلاثا، وهذا باطل، وخلاف القرآن
٥ وقوله تعالى :﴿ الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون٤٢ ﴾١٥
فصح بنص القرآن أن روح من مات لا ترجع إلى جسده إلا إلى الأجل المسمى، وهو يوم القيامة
٦ وكذلك أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى الأرواح ليلة أسري به عند سماء الدنيا، عن يمين آدم عليه السلام : أرواح أهل السعادة، وعن شماله : أرواح أهل الشقاء١٦
٧ وأخبر عليه السلام يوم بدر١٧، إذ خاطب القتلى وأخبر أنهم وجدوا ما توعدهم به حقا قبل أن يكون لهم قبور، فقال المسلمون : يا رسول الله : أتخاطب قوما قد جيفوا فقال عليه السلام : " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم " ١٨
فلم ينكر عليه السلام على المسلمين قولهم : إنهم قد جيفوا وأعلمهم أنهم سامعون
فصح أن ذلك لأرواحهم فقط بلا شك، وأما الجسد فلا حس له
٨ ولم يأت قط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خبر يصح أن أرواح الموتى ترد إلى أجسادهم عند المساءلة، ولو صح ذلك عنه عليه السلام لقلنا به، فإذ لا يصح فلا يحل لأحد أن يقوله
وإنما انفرد بهذه الزيادة من رد الأرواح المنهال بن عمرو١٩ ٢٠ وحده، وليس بالقوي، تركه شعبة٢١ وغيره، وسائر الأخبار الثابتة على خلاف ذلك٢٢.
وهذا الذي قلنا هو الذي صح أيضا عن الصحابة رضي الله عنهم لم يصح عن أحد منهم غير ما قلنا.
كما حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا عيسى بن حبيب، حدثنا [ عبد الرحمن بن عبد الله ] ٢٣ بن محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن جده محمد بن عبد الله، عن سفيان بن عيينة، عن منصور بن صفية، عن أمه صفية بنت شيبة قالت : دخل ابن عمر المسجد فأبصر ابن الزبير مطروحا قبل أن يصلب، فقيل له : هذه أسماء بنت أبي بكر الصديق، فمال إليها فعزاها وقال : " إن هذه الجثث ليست بشيء، وإن الأرواح عند الله. فقالت : وما يمنعني وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل " ٢٤.
١٠ وحدثنا محمد بن نبات، ثنا أحمد بن عون الله، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني، ثنا أبو موسى محمد بن المثنى الزمن، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص عن ابن مسعود، في قول الله عز وجل :﴿ ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ﴾٢٥ قال ابن مسعود : هي التي في البقرة :﴿ وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ﴾٢٦ ٢٧.
١١ فهذا ابن مسعود وأسماء بنت أبي بكر الصديق، وابن عمر رضي الله عنهم، ولا مخالف لهم من الصحابة رضي الله عنهم تقطع أسماء وابن عمر أن الأرواح باقية عند الله، وأن الجثت ليست بشيء، ويقطع ابن مسعود بأن الحياة مرتان، والوفاة كذلك وهذا قولنا وبالله التوفيق.
١٢ وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى موسى عليه السلام قائما في قبره يصلي ليلة الإسراء٢٨ وأخبر أنه رآه في السماء السادسة، أو السابعة٢٩، وبلا شك إنما رأى روحه، وأما جسده فموارى بالتراب بلا شك.
فعلى هذا أن موضع كل روح يسمى قبرا له، فتعذب الأرواح حينئذ، وتسأل حيث كانت، وبالله تعالى التوفيق٣٠.
١ الأصول والفروع ١٧.
٢ الأعراف: ١٧٢.
٣ حديث الإسراء، أخرجه البخاري من حديث أنس بن مالك في كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء حديث (٣٤٩) وفي كتاب أحاديث الأنبياء باب ذكر إدريس عليه السلام حديث (٣٣٤٢) وأخرجه مسلم، في كتاب الإيمان، باب الإسراء، برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات، حديث ١٦٣.
٤ وقال في موضع آخر: ثم ينقلنا بالموت الثاني ـ الذي هو فراق الأنفس الأجساد ثانية ـ إلى البرزخ الذي تقيم فيه الأنفس إلى يوم القيامة، وتعود أجسامنا ترابا. الفصل (١٥٨/٢)
وقال في بيان دار البرزخ: هي التي ترجع إليها النفوس عند خروجها من هذه الدار وفراقها أجسادها وهي عند سماء الدنيا الفصل (١٦٠/٢) بتصرف يسير..

٥ يرى ابن حزم أن عيسى عليه السلام أماته الله عز وجل ثم رفعه إليه وأنه ينزل في آخر الزمان، وهذا إحياء ثلاث والذي عليه الجمهور أن الله تعالى رفعه إليه، ولم يمت بعد انظر رأي ابن حزم في: الدرة (١٩٨ـ ١٩٩) والمحلى (٤٣/١) ورأي الجمهور في: تفسير القرطبي (٦٥/٤) وتفسير ابن كثير (٣٧٤/١) وشرح العقيدة الواسطية (٣٢٨) ومجموع الفتاوى (٣٢٢/٤).
٦ كإحياء عيسى الموتى بإذن الله قال تعالى: ﴿ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ٤٩﴾ [آل عمران ٤٩]
وكإحياه سبحانه الموتى أية لموسى عليه السلام، قال تعالى: ﴿وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون ٧٢ فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون٧٣﴾ [البقرة الآيتان: ٧٣، ٧٢].

٧ كقوله تعالى: ﴿ألم ترى إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف ح١ر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ٢٤٣﴾ [البقرة: ٢٤٣] وقوله تعالى: ﴿أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير٢٥٩﴾ [البقرة: ٢٥٩].
٨ البقرة: ٢٨.
٩ غافر: ١١.
١٠ الدر فيما يجب اعتقاده (٢٠٩ـ ٢١١) وانظر: الفصل (١٥٨/٢) (٢٦٩/٣)، والمحلى (٤٢/١ـ٤٤).
١١ الأنعام: ٩٣.
١٢ أل عمران: ١٨٥.
١٣ غافر: ٤٦.
١٤ هي قوله تعالى: ﴿كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ٢٨﴾ [البقرة: ٢٨]
وقوله تعالى: ﴿ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين﴾ [غافر: ١١].

١٥ الزمر: ٤٢.
١٦ سبق تخريجه ص ٦٣.
١٧ بدر: قريةصغيرة قرب "المدينة المنورة" على طريق القوافل بين مكة والشام، يتزود المسافرون من بئرها بالماء، وقعت فيها غزوة بدر الكبرى في ١٧ من رمضان في السنة الثانية من الهجرة وانتصر فيها المسلمون على المشركين انظر: معجم البلدان (٣٥٧/١ ـ ٣٥٨) وتهذيب الأسماء واللغات (٣٧/١).
١٨ أخرجه البخاري من حديث ابن عمر في كتاب الجنائز باب ما جاء في عذاب القبر، حديث (١٣٧٠) ومن حديث أبي طلحة في كتاب المغازي، باب قتل أبي جهل حديث (٣٩٧٦) ومن حديث ابن عمر في كتاب المغازي الباب الثاني عشر، حديث (٤٠٢٦)
وأخرجه مسلم في من حديث أنس بن مالك عن عمر، في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، حديث (٢٨٧٣) وحديث (٢٨٧٥).

١٩ هو المنهال بن عمرو الأسدي مولاهم الكوفي، توفي سنة بضع عشرة ومائة، وثقه ابن معين والنسائي والعجلي وابن حبان، وقال ابن حجر: صدوق ربما وهم. انظر: الجرح والتعديل (٣٥٦/٨) تهذيب التهذيب (٢٨٣/١٠) التقريب (٢٨٣/٢).
٢٠ مراد ابن حزم بالزيادة هي قوله صلى الله عليه وسلم: "فتعاد روحه إلى جسده"
وقد جاءت هذه الزيادة من طريق المنهال بن عمرو، عن زاذان عن البراء بن عازب رضي الله عنه. والحديث بطوله: "عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض، فرفع رأسه فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر، مرتين، أو ثلاثا، ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة؛ نزل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت ـ عليه السلام ـ حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الطيبة. اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان. قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، قال: فيصعدون بها، فلا يمرون ـ يعني بها ـ على ملإ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان. بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون، له فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي به إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى. قال: فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله. فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام. فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيقولا ن له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت فينادي مناد في السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة. قال: فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره، قال: ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول: أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير. فيقول: أنا علمك الصالح فيقول: رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي. قال: وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب. قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملإ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط﴾ فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى. فتطرح روحه طرحا، ثم قرأ: ﴿ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق﴾ فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري. فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري. فيقولا له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أدري. فينادي مناد من السماء أن كذب فافرشوا له من النار وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول: أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول: من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر. فيقول: أنا عملك الخبيث. فيقول: رب لا تقم الساعة" أهـ من مسند الإمام أحمد حديث (١٨٤٩١)
والحديث أخرجه:
ابن المبارك في الزهد (٤٣٠ـ ٤٣١) وأبو داود الطيالسي في مسنده حديث (٧٥٣) ص (١٠٢) وابن أبي شيبة في المصنف (٢٥٦/٣) والإمام أحمد في مسنده حديث (١٨٤٩١) و(١٨٤٩٢) و (١٨٤٩٣) و (٣٨٩/٤ـ٣٩٠) وهناد بن السري في الزهد (٢٠٥/١) وأبو داود في كتاب السنة، باب المسألة في القبر وعذاب القبر، حديث (٤٧٥٣) و (٤٧٥٤) والروياني في مسنده (٢٦٣/ ١ـ ٢٦٤) والطبري في تفسيره (٤٤٨/٧) والحاكم في المستدرك حديث (١٠٧) (٩٣/١) وقال: "صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي" والبيهقي في إثبات عذاب القبر (٣٧/١) وفي شعب الإيمان (٣٥٦/١)
درجة الحديث: صحيح.
قال أبو نعيم [كما في مجموع الفتاوى (٤٣٩/٥)]: وأما حديث البراء فحديث مشهور. رواه عن المنهال بن عمرو الجمم الغفير، وهو حديث أجمع رواة الأثر على شهرته واستفاضته.
وقال ابن تيمية: هذا حديث معروف جيد الإسناد مجموع الفتاوى (٢٧١/٤)
وصححه البيهقي [في إثبات عذاب القبر (٣٩/١) وفي شعب الإيمان (٣٥٧/١)] وابن القيم [في إعلام الموقعين (١٣٧/١) والروح (١٤٦/١٤٢) والسيوطي [في شرح الصدور (٦٢)] والهيثمي [في مجمع الزوائد (٥٠/٣)] والألباني [في صحيح سنن أبي داود (١٦٦/٣) وأحكام الجنائز (٢٠٢)]
ولم يقدح بهذه الرواية إلا الذهبي في السير (١٨٤/٥) حيث قال: حديثه [يريد المنهال بن عمرو] في شأن القبر بطوله، فيه نكارة وغرابة أ. هـ
ويبدو أن الذهبي رجع عن ذلك لأنه وافق الحاكم في تصحيحه لهذا الحديث كما تقدم.
وما ذكره ابن حزم ـ رحمه الله ـ من تفرد المنهال بن عمرو بهذه الزيادة فغير صحيح إذ قد رواه عن البراء بن عازب جماعة غير زاذان منهم عدي بن ثابت ومحمد بن عقبة، ومجاهد [انظر: مجموع الفتاوى ٤٤٢/٥، والروح لابن القيم ص ١٤٢]
وقد أخرجه من طريق عدي بن ثابت الحافظ ابن منده في كتاب "الروح والنفس" [كما في مجموع الفتاوى (٤٤٢/٥ـ ٤٤٤) والروح لابن القيم ١٤٢ـ ١٤٥] والبيهقي في شعب الإيمان (٣٥٨/١) وفيه: "فترد روحه إلى مضجعه"
وأخرجه ابن منده [في الموضع السابق] من طريق مجاهد فذكره بنحوه وفيه: "ردوا روح عبدي إلى الأرض"
قال ابن منده: هذا الحديث إسناده متصل مشهور رواه جماعة عن البراء [مجموع الفتاوى ٤٣٩/٥]
وقال ابن القيم: وأما قوله [أي ابن حزم] إن هذا الحديث لا يصح لتفرد المنهال بن عمرو وحده به، وليس بالقوي، فهذا من مجازفته ـ رحمه الله تعالى ـ فالحديث صحيح لا شك فيه وقد رواه عن البراء بن عازب جماعة غير زاذان منهم عدي بن ثابت ومحمد بن عقبة، ومجاهد.
وقال: هذا حديث ثابت مشهور مستفيض، صححه جماعة من الحفاظ، ولا نعلم أحدا من أئمة الحديث طعن فيه، بل رووه في كتبهم وتلقوه بالقبول، [الروح ص ١٤٢ ـ ١٤٦] باختصار وانظر: [مجموع الفتاوى ٤٤٦/٥].

٢١ هو شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي، مولاهم، أبو بسطام الواسطي، ثم البصري، ثقة حافظ متقن، أمير المؤمنين في الحديث وهو أول من جرح وعدل، توفي سنة ١٦٠ هـ انظر: سير أعلام النبلاء (٢٠٢/٧) التقريب (٣٣٨/١)
قال الإمام أحمد: ترك شعبة المنهال بن عمرو على عمد.
قال ابن أبي حاتم: لأنه سمع من داره صوت قراءة بالتطريب
قال الذهبي: وهذا لا يوجب غمز الشيخ.
وحكى الحاكم أن يحيى القطان غمز المنهال بن عمرو
وقال الجوزجاني فيه: سيء المذهب.
انظر: الجرح والتعديل (٣٥٦/٨) وميزان الاعتدال (٥٢٧/٦) وتهذيب التهذيب (٢٨٣/١٠).

٢٢ روي حديث البراء بن عازب من طرق أخرى غير طريق المنهال بن عمرو ـ وليس فيها ذكر لفظة "فتعاد روحه إلى جسده".
ومن هذه الطرق:
١ـ طريق خثيمة عن البراء.
أخرجه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه، حديث (٢٨٧١) ولفظه: عن البراء بن عازب: ﴿يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة﴾ [إبراهيم: ٢٧] قال: نزلت في عذاب القبر.
٢ـ طريق سعد بن عبيدة عن البراء.
أخرجه البخاري، في كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر، حديث (١٣٦٩) ولفظه: عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أقعد المؤمن في قبره أتي ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فذلك قوله: ﴿يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت﴾ [إبراهيم: ٢٧}
وأخرجه بنحوه: مسلم، في كتاب صفة الجنة ونعيمها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، حديث (٢٨٧١).

٢٣ في الأصل [عبد الله بن عبد الرحمن] والصواب ما أثبته.
٢٤ رجال الإسناد:
إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم القرطبي، المعروف بابن الطحان عالما بالآثار والسنن، حافظا للحديث وأسماء الرجال والمحدثين، توفي سنة ٣٨٤ هـ انظر: تاريخ علماء الأندلس (٦٥) سير أعلام النبلاء (٥٠٢/١٦)
١ـ عيسى ابن عبد الرحمن بن حبيب بن واقف بن يعيش بن عبد الرحمن بن مروان بن سكثان من أهل شذونة، يكنى: أبا الأصبغ، رحل إلى المشرق فلقي بمكة ابن المقرئ عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يزيد، فسمع منه حديث سفيان بن عيينة، مات سنة ٣٦٦ هـ تاريخ علماء الأندلس (٢٦٥) بغية الملتمس (٣٥٣)
٢ـ عبد الرحمن بن عبد الله: لم أقف على ترجمته.
٣ـ محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، أبو يحيى المكي ثقة، مات سنة ٢٥٦هـ التقريب (١٩٠/٢)
٤ـ سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي، أبو محمد الكوفي ثم المكي، ثقة حافظ إمام فقيه إمام حجة إلا أنه تغير حفظه بآخره، وكان ربما دلس لكن عن الثقات، أخرج له الجماعة، مات سنة ١٩٨ هـ التقريب (٣٠٣/١)
٥ـ منصور بن عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث العبدري، الحجي، المكي، وهو: ابن صفية بنت شيبة، ثقة، أخطأ ابن حزم في تضعيفه، روى له/ البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، مات سنة ١٣٨هـ التقريب (٢٨١/٢)
٦ـ صفية بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدرية لها رؤية وحدثت عن عائشة، وغيرها من الصحابة روى لها الجماعة. التقريب (٥٢٥/٢)
٧ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا:
تخريج الأثر:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٤٥، ٢٠٢/٦) والفاكهي في أخبار مكة (٢٧٥/٢ـ ٢٧٦) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة به وإسناده صحيح.
وخبر إهداء رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل رواه إسحاق بن بشر في كتابه "المبتدأ" [كما في (البداية والنهاية ٤٩/٢)] عن ابن عباس مرفوعا قال فيه ابن كثير: هذا سياق غريب جدا وحديث عجيب ورفعه منكر. البداية والنهاية (٥٠/٢).

٢٥ غافر: ١١.
٢٦ البقرة: ٢٨.
٢٧ رجال الإسناد:
ـ محمد بن عبد السلام بن ثعلبة الخشني الأندلسي القرطبي، كان ثقة مأمونا، سمع من أبي موسى الزمن، وحدث عنه قاسم بن أصبغ توفي سنة ٢٨٦ هـ انظر: تاريخ علماء الأندلس (٣٠٤) بغية الملتمس (٨٨) سير أعلام النبلاء (٤٥٩/١٣)
ـ محمد بن المثنى بن عبيد، العنزي، أبو موسى البصري، المعروف بالزمن، ثقة ثبت توفي سنة ٢٥٢ هـ التقريب (٢١٣/٢)
ـ محمد بن عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري، مولاهم أبو سعيد البصري، ثقة ثبت توفي سنة ١٩٨ هـ التقريب (٤٦٣/١)
ـ سفيان بن سعيد بن مسروق بن حمزة بن حبيب الثوري، أبو عبد الله من الحفاظ المتقنين والفقهاء في الدين توفي سنة ١٢٤ هـ
انظر: مشاهير علماء الأمصار (١٦٩/١) تاريخ بغداد (١٥١/٩)
ـ عمرو بن عبد الله الهمداني أبو إسحاق السبيعي مكثر، ثقة، عابد اختلط بآخره روى له الجماعة مات سنة ١٢٩ هـ التقريب (٧٩/٢)
ـ أبو الأحوص: هو عوف بن مالك بن نضلة، الجشمي، مشهور بكنيته، ثقة، قتل في ولاية الحجاج على العراق، روى له/ البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود والترمذي، والنسائي، وابن ماجه التقريب (٩٦/٢)
وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
أخرجه ابن جرير في تفسيره (٢٢٣/١) (٤٥/١١) من طريق محمد بن بشار وابن أبي حاتم في تفسيره (١٠١/١) محقق، من طريق محمد بن سنان، كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي به
وأخرجه الحاكم في المستدرك (٤٧٥/٢) وقال: "صحيح الإسناد" من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق به.
وأخرجه الطبراني في الكبير (٢١٤/٩) عن عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، عن الفريابي عن إسرائيل عن أبي الضحى عن ابن مسعود به.
درجة الأثر: إسناده صحيح.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠٢/٧) رواه الطبراني عن عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف.
قلت: لكن صح من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، كما هو عند ابن أبي حاتم والحاكم..

٢٨ عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتيت (وفي رواية: مررت) على موسى ليلة أسري بي، عند الكثيب الأحمر، وهو قائم يصلي في قبره.
أخرجه مسلم في كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم حديث (٢٣٧٥).

٢٩ حديث الإسراء أخرجه الشيخان من حديث أنس رضي الله عنه وقد اختلفت الرواية في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم لموسى عليه السلام هل كانت في السماء السادسة أو السابعة؟
أما رواية السادسة.
فقد أخرجها البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة حديث (٣٢٠٧) ومسلم في كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات حديث (١٦٢) (١٦٤)
أما رواية السابعة:
فقد أخرجها البخاري، في كتاب التوحيد، باب قوله: ﴿وكلم الله موسى تكليما ١٦٤﴾ [النساء: ١٦٤] حديث (١٥١٧)
ورجح ابن حجر رواية السادسة لأنها رواية الأكثر انظر: فتح الباري (٥٥٠/١).

٣٠ الفصل (٣٧٢/٢ـ ٣٧٤) وانظر: المحلى (٤١/١ـ٤٢) والدرة (٢٨٤ـ ٢٨٧).
قوله تعالى :﴿ هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم ٢٩ ﴾
وفيه مسألتان :
[ ١٤ ] : المسألة الأولى : في الجمع بين الآية وبين قوله تعالى :﴿ أم السماء بناها ( ٢٧ ) رفع سمكها فسواها ( ٢٨ ) وأغطش ليلها وأخرج ضحاها ( ٢٩ ) والأرض بعد ذلك دحاها( ٣٠ ) ﴾١.
يرى ابن حزم رحمه الله أن تسوية السماء جملة واختراعها كان قبل دحو الأرض وأن دحو الأرض كان قبل أن تقسم السماء إلى طرائق الكواكب السبع.
قال ابن حزم :
وكان مما اعترض به أيضا ( ٢ ) أن ذكر قول الله تعالى :﴿ أم السماء بناها( ٢٧ ) رفع سمكها فسواها ( ٢٨ ) وأغطش ليلها وأخرج ضحاها ( ٢٩ ) والأرض بعد ذلك دحاها ( ٣٠ ) ﴾ ٢ قال : فذكر في هذه الآية أن دحو الأرض، وإخراج الماء والمرعى منها كان بعد رفع سمك السماء، وبعد بنائها وتسويتها وإحكام ليلها ونهارها، ثم قال في آية أخرى :﴿ هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم( ٢٩ ) ﴾ ٣ قال : فذكر في هذه الآية ضد ما في الأولى وذلك أن التسوية للسماء كانت بعد خلق ما في الأرض.
قال ابن حزم : والقول في هذا أن بظاهر هاتين الآيتين يكتفي عن طلب تأويل أو تكلف مخرج، وهو : أنه تعالى ذكر في الآية التي تلونا أولا : أنه عز وجل بنى السماء ورفع سمكها، وأحكم الدور الذي به يظهر الليل والنهار، وأنه بعد ذلك أخرج ماء الأرض ومرعاها وأرسى الجبال فيها.
وذكر تعالى في الآية الأخرى : أن تسويته تعالى السماوات سبعا، وتفريقه بين تلك الطرائق السبع التي هي مدار الكواكب المتحيرة والقمر والشمس كان بعد خلقه كل ما في الأرض.
فلم يفرق هذا الجاهل المائق بين قوله تعالى : إنه سوى السماء ورفع سمكها وبين قوله تعالى : إنه سواهن سبع سماوات.
وإنما أخبر أن تسوية السماء جملة واختراعها كان قبل دحو الأرض، وأن دحو الأرض كان قبل أن قسم السماء على طرائق الكوكب السبع، فلاح أن الآيتين متفقتان يصدق بعضهما بعضا٤.
١ النازعات الآيات: ٢٧ ـ ٣٠.
٢ البقرة: ٢٥٥.
٣ البقرة: ٢٥٥.
٤ البقرة: ٢٥٥
(٢) يريد اليهودي ابن النغريلة
(٢) يونس: ٣
(٢) يونس: ٣
(٢) يونس: ٣.

قوله تعالى :﴿ وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون ٣٠ ﴾
[ ١٦ ] : مسألة : في توجيه ما وقع من الملائكة من تزكيتهم لأنفسهم في الآية.
يرى ابن حزم أن قول الملائكة :﴿ أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ﴾ ليس هو من التزكية المذمومة التي يقصد بها الافتخار وانتقاص الآخرين وإنما خرج قولهم مخرج الإخبار بالحق، والحض على الخير.
قال ابن حزم :
فإن قال قائل : إن الله عز وجل ذكر أنهم [ أي الملائكة ] قالوا :﴿ أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ﴾١ هذه تزكية لأنفسهم وقد قال تعالى :﴿ فلا تزكوا أنفسكم ﴾٢.
قلنا وبالله تعالى التوفيق :
مدح المرء لنفسه ينقسم قسمين :
أحدهما : ما قصد به المرء الافتخار بغيا وانتقاصا لغيره، فهذه هي التزكية وهو مذموم جدا.
والآخر : ما خرج مخرج الإخبار بالحق، كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " ٣ و " فضلت على الأنبياء بست " ٤ وكقول يوسف عليه السلام ﴿ قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ٥٥ ﴾٥، ولا يسمى هذا تزكية. ومن هذا الباب قول الملائكة هاهنا.
برهان هذا : أنه لو كان قولهم مذموما لأنكره الله عز وجل عليهم، فإذ لم ينكره الله تعالى فهو صدق. ومن هذا الباب قولنا : نحن المسلمون ونحن خير أمة أخرجت للناس.
وكقول الحواريين :﴿ نحن أنصار الله ﴾٦.
فكل هذا إذا قصد به الحض على الخير لا الفخر، فهو خير.
فإن قال قائل : إن الله تعالى قال لهم :﴿ إني أعلم ما لا تعلمون ﴾٧.
قلنا : نعم، وما شك الملائكة قط أن الله تعالى يعلم ما لا يعلمون، وليس هذا إنكارا٨.
١ البقرة: ٣٠.
٢ النجم: ٢٣.
٣ أخرجه مسلم في كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق حديث (٢٢٧٨) (١٤٢٣/٤).
٤ أخرجه من حديث أبي هريرة مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، حديث (٥٢٣) (٣١١/١).
٥ يوسف: ٥٥.
٦ الصف: ١٤.
٧ البقرة: ٣٠.
٨ الفصل (٣٢٦/٢).
قوله تعالى :﴿ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ٣٤ ﴾
وفيه مسألتان :
[ ١٧ ] المسألة الأولى : في نوع سجود الملائكة لآدم عليه السلام.
قال ابن حزم :
لا خلاف بين أحد من أهل الإسلام في أن سجود الملائكة لله تعالى سجود عبادة ولآدم سجود تحية وإكرام.
ومن قال : إن الملائكة عبدت آدم كما عبدت الله عز وجل فقد أشرك١.
[ ١٨ ] : المسألة الثانية : هل إبليس من الملائكة أو من الجن ؟
قال ابن حزم :
وقد ادعى قوم أن إبليس كان ملكا فعصى، وحاشا لله من هذا، لأن الله تعالى قد أكذب هذا بقوله تعالى ﴿ إلا إبليس كان من الجن ﴾٢ وبقوله :﴿ أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني ﴾٣ ولا ذرية للملائكة، وبقوله تعالى :﴿ إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ﴾٤، وبإخباره أنه خلق إبليس من نار السموم٥، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خلقت الملائكة من نور " ٦ والنور غير النار بلا شك، فصح أن الجن غير الملائكة٧.
وقال ابن حزم : الجن قبيل إبليس٨.
١ الفصل (٦/٢) بتصرف يسير.
٢ الكهف: ٥٠.
٣ الكهف: ٥٠.
٤ الأعراف ٢٧.
٥ قال تعالى: ﴿والجان خلقناه من قبل من نار السموم ٢٧﴾ [الحجر: ٢٧]
وقال تعالى عن إبليس: ﴿قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين١٢﴾ [الأعراف: ١٢].

٦ أخرجه من حديث عائشة مسلم في كتاب الزهد والرقائق باب في أحاديث متفرقة حديث (٢٩٩٦).
٧ الفصل (٣٢٥/٢ـ ٣٢٦).
٨ الفصل (١٧٩/٣).
قوله تعالى :﴿ وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين٣٥ ﴾
[ ١٩ ] : مسألة : في الجنة التي أخرج منها آدم عليه السلام.
يرى ابن حزم أن الجنة التي أخرج منها آدم عليه السلام هي جنة الخلد التي هي دار ثواب المتقين.
قال ابن حزم :
وكان القاضي منذر بن سعيد١ يذهب إلى أن الجنة والنار مخلوقتان إلا أنه كان يقول : إنها ليست التي كان فيها آدم عليه السلام وامرأته، واحتج في ذلك بأشياء منها :
أنها لو كانت جنة الخلد لما كان أكل من الشجرة رجاء أن يكون من الخالدين.
واحتج أيضا بأن جنة الخلد لا كذب فيها، وقد كذب فيها إبليس.
وقال من دخل الجنة لم يخرج منها، وآدم وامرأته عليهما السلام قد خرجا منها.
قال ابن حزم : كل هذا لا دليل له فيه.
أما قوله : إن آدم عليه السلام أكل من الشجرة رجاء أن يكون من الخالدين فقد علمنا أن أكله من الشجرة لم يكن ظنه فيه صوابا، ولا أكله لها صوابا، وإنما كان ظنا، ولا حجة فيما كان هذه صفته، والله عز وجل لم يخبره بأنه مخلد في الجنة ؛ بل قد كان في علم الله تعالى أنه سيخرجه منها، فأكل عليه السلام من الشجرة رجاء الخلد الذي لم يضمن له، ولا يتيقن به لنفسه.
أما قوله : إن الجنة لا كذب فيها وأن من دخلها لم يخرج منها وقد كذب فيها إبليس، وقد خرج منها آدم وامرأته، فهذا لا حجة له فيه، وإنما تكون كذلك إذا كانت جزاء لأهلها كما أخبر عز وجل عنها حيث يقول :﴿ لا تسمع فيها لاغية ﴾٢.
فإنما هذا على المستأنف لا على ما سلف، ولا نص معه على ما ادعى ولا إجماع.
واحتج أيضا بقول الله عز وجل لآدم عليه السلام :﴿ ألا تجوع فيها ولا تعرى١١٨ ﴾٣.
قال : وقد عري فيها آدم عليه السلام.
قال ابن حزم : وهذا لا حجة له فيه، بل حجة عليه، لأن الله عز وجل وصف الجنة التي أسكن فيها آدم عليه السلام بأنها لا يجاع فيها ولا يعرى، ولا يظمأ فيها ولا يضحى، وهذه صفة الجنة بلا شك، وليس في شيء مما دون السماء مكان هذه صفته بلا شك، بل كل موضع دون السماء لا بد وأن يجاع فيه ويعرى، ويظمأ ويضحى، ولا بد من ذلك ضرورة، فصح أنه إنما سكن المكان الذي هذه صفته وليس هو غير الجنة ألبته، وإنما عري آدم حين أكل من الشجرة فأهبط عقوبة له.
وقال أيضا٤ : قال الله عز وجل :﴿ لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا١٣ ﴾٥ وأخبر آدم أنه لا يضحى.
قال ابن حزم : وهذا أعظم حجة عليه ؛ لأنه لو كان في المكان الذي هو فيه شمس ؛ لأضحى فيه ولا بد.
فصح أن الجنة التي أسكن فيها آدم كانت لا شمس فيها فهي جنة الخلد بلا شك.
وأيضا فإن قوله عز وجل :﴿ اسكن أنت وزوجك الجنة ﴾٦ إشارة بالألف واللام ولا يكون ذلك إلا على معهود، ولا تطلق الجنة هكذا إلا على جنة الخلد، ولا يطلق هذا الاسم على غيرها إلا بالإضافة.
وأيضا فلو أسكن آدم عليه السلام جنة في الأرض، لما كان في إخراجه منها إلى غيرها من الأرض عقوبة، بل قد بين تعالى أنها ليست في الأرض بقوله تعالى :﴿ اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين ٢٤ ﴾٧ فصح يقينا بالنص أنه قد أهبط من الجنة إلى الأرض فصح أنها لم تكن في الأرض ألبته، وبالله التوفيق٨.
١ هو منذر بن سعيد البلوطي، أبو الحكم الأندلسي، قاضي الجماعة بقرطبة، ينسب إلى قبيلة يقال لها: كزنه، وهو من موضع قريب من قرطبة، يقال له: فحص البلوط، قال ابن بشكوال، منذر بن سعيد خطيب بليغ مصقع، لم يكن بالأندلس أخطب منه مع العلم البارع، والمعرفة الكاملة واليقين في العلوم، والدين والورع، وكثرة الصيام والتهجد، والصدع بالحق، كان لا تأخذه في الله لومة لائم، وقد استسقى غير مرة فسقي أ هـ مات سنة ٣٥٥ هـ سير أعلام النبلاء (١٧٣/١٦ ـ ١٧٨).
٢ الغاشية: ٢١.
٣ طه: ١١٨.
٤ أي القاضي منذر بن سعيد.
٥ الإنسان: ١٣.
٦ البقرة: ٥٣.
٧ الأعراف: ٢٤، وفي الأصل المطبوع: ﴿اهبطوا منها جميعا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين﴾، بزيادة "منها جميعا" وهو تصحيف.
٨ الفصل (٢٩٣/٢ـ ٢٩٤) والدرة (٢١٥ـ ٢١٦).
قوله تعالى :﴿ فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين٣٦ ﴾.
[ ٢٠ ] : مسألة : في عصمة الأنبياء عليهم السلام وتوجيه ما وقع فيه آدم عليه السلام من الأكل من الشجرة التي نهاه الله عنها.
يرى ابن حزم أن آدم عليه السلام إنما أكل من الشجرة التي نهاه الله عنها ناسيا، ومتأولا النهي على أنه للكراهة، ولم يكن ذلك منه عن عمد، لأنه لا يجوز أن يقع من نبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصية بعمد أبدا لا صغيرة ولا كبيرة.
قال ابن حزم : لا يجوز ألبتة أن يقع من نبي أصلا معصية بعمد، لا صغيرة ولا كبيرة.
وقال : إنه يقع من الأنبياء السهو عن غير قصد، ويقع منهم أيضا قصد الشيء يريدون به وجه الله تعالى، والتقرب به منه، فيوافق خلاف مراد الله تعالى، إلا أنه تعالى لا يقر على شيء من هذين الوجهين أصلا، بل ينبههم على ذلك ولا بد إثر وقوعه منهم.
قال : ومعنى قوله تعالى :﴿ فتكونا من الظالمين ﴾ أي ظالمين لأنفسكما.
والظلم في اللغة : وضع الشيء في غير موضعه، فمن وضع الأمر أو النهي في موضع الندب، أو الكراهة، فقد وضع الشيء في غير موضعه.
وهذا الظلم [ الذي في الآية ] من هذا النوع من الظلم الذي يقع بغير قصد وليس معصية، لا الظلم الذي هو القصد إلى المعصية، وهو يدري أنها معصية.
برهان ذلك :
١ ما قد نصه الله تعالى من أن آدم عليه السلام لم يأكل من الشجرة إلا بعد أن أقسم له إبليس أن نهي الله عز وجل لهما عن أكل الشجرة ليس على التحريم، وأنهما لا يستحقان بذلك عقوبة أصلا، بل يستحقان بذلك الجزاء الحسن، وفوز الأبد، قال تعالى حاكيا عن إبليس أنه قال لهما :﴿ ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور ﴾١.
٢ وقال عز وجل :﴿ ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ١١٥ ﴾٢ فلما نسي آدم عليه السلام عهد الله إليه في أن إبليس عدو له، أحسن الظن بيمينه.
ولا سلامة ولا براءة من القصد إلى المعصية ولا أبعد من الجراءة على الذنوب أعظم من حال من ظن أحدا لا يحلف حانثا، وهكذا فعل آدم عليه السلام فإنه إنما أكل من الشجرة التي نهاه الله عنها ناسيا، بنص القرآن، ومتأولا وقاصدا إلى الخير، لأنه قدر أنه يزداد حظوة عند الله تعالى فيكون ملكا مقربا، أو خالدا فيما هو فيه أبدا، فأداه ذلك إلى خلاف ما أمره الله عز وجل به، وكان الواجب أن يحمل أمر ربه عز وجل على ظاهره، ولكن تأول وأراد الخير فلم يصبه. ولو فعل هذا عالم من علماء المسلمين لكان مأجورا، ولكن آدم عليه السلام لما فعله وأخذ به بإخراجه عن الجنة إلى نكد الدنيا، كان بذلك ظالما لنفسه٣.
١ الأعراف: ٢٠ـ٢٢.
٢ طه: ١١٥.
٣ الفصل (٢٨٥/ ٢ـ ٢٨٨) باختصار وانظر: الدرة (٢٢٩).
قوله تعالى :﴿ يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين٤٧ ﴾
[ ٢١ ] : مسألة : في الجمع بين قوله تعالى في الآية :﴿ وأني فضلتكم على العالمين ﴾ وقوله :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾١
قال ابن حزم :
لا خلاف بين أحد من المسلمين في أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الأمم لقول الله عز وجل :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾٢ وأن هذه قاضية على قوله تعالى لبني إسرائيل :﴿ وأني فضلتكم على العالمين ﴾٣، وأنها مبنية بأن مراد الله تعالى من ذلك عالم الأمم حاشا هذه الأمة٤.
١ آل عمران: ١١٠.
٢ آل عمران: ١١٠.
٣ البقرة: ٤٧.
٤ الفصل (٣٣/٣) وانظر: الإحكام (١٦٨/١) والأصول والفروع (١٠٤).
قوله تعالى :﴿ واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون٤٨ ﴾
[ ٢٢ ] : مسألة : في المراد بنفي الشفاعة في الآية
يرى ابن حزم أن الشفاعة التي أبطلها الله عز وجل في الآية، هي الشفاعة للكفار الذين هم مخلدون في النار، أما أهل الكبائر من المؤمنين ؛ فإنهم لا يدخلون في الآية.
قال ابن حزم :
اختلف الناس في الشفاعة فأنكرها قوم، وهم : المعتزلة، والخوارج، وكل من منع أن يخرج أحد من النار بعد دخوله فيها.
وذهب أهل السنة، والأشعرية١، والكرامية٢ وبعض الرافضة إلى القول بالشفاعة.
واحتج المانعون بقوله تعالى :﴿ واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ﴾٣. وبقوله تعالى :﴿ ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون ﴾٤.
وبقوله تعالى :﴿ من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة ﴾٥.
وبقوله تعالى :﴿ فما لنا من شافعين ولا صديق حميم ﴾٦.
وبقوله تعالى :﴿ قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا ﴾٧
وبقوله تعالى :﴿ يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله ﴾٨.
قال ابن حزم :
لا يجوز الاقتصار على بعض القرآن دون بعض، ولا على بعض السنن دون بعض، ولا على القرآن دون بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال له ربه عز وجل :﴿ لتبين للناس ما نزل إليهم ﴾٩.
وقد نص الله تعالى على صحة الشفاعة في القرآن، فقال تعالى :﴿ لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا ٨٧ ﴾١٠، فأوجب عز وجل الشفاعة إلا من اتخذ عنده عهدا بالشفاعة ونفاها عن سواه، فقد اتخذ محمد صلى الله عليه وسلم عند الله عهدا بالشفاعة، وصحت بذلك الأخبار المتواترة والمتناصرة بنقل الكواف لها.
وقال تعالى :﴿ يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا ﴾١١.
وقال تعالى :﴿ ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ﴾١٢.
فنص تعالى على أن الشفاعة يوم القيامة تنفع عنده عز وجل، ممن أذن له فيها، ورضي قوله، ولا أحد من الناس أولى بذلك من محمد صلى الله عليه وسلم لأنه أفضل ولد آدم عليه السلام.
وقال تعالى :﴿ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ﴾١٣ وقال تعالى :﴿ وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى٢٦ ﴾١٤، وقال تعالى :﴿ ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون٨٦ ﴾١٥ وقال تعالى :﴿ ما من شفيع إلا من بعد إذنه ﴾١٦.
فقد صحت الشفاعة بنص القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فصح يقينا أن الشفاعة التي أبطلها الله عز وجل، هي غير الشفاعة التي أثبتها الله عز وجل، وإذ لا شك في ذلك ؛ فالشفاعة التي أبطل عز وجل هي الشفاعة للكفار، والذين هم مخلدون في النار.
قال تعالى :﴿ لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها ﴾١٧.
نعوذ بالله منها، فإذ لا شك فيه، فقد صح يقينا أن الشفاعة التي أوجب الله عز وجل لمن أذن له، واتخذ عنده عهدا، ورضي قوله، فإنما هي لمذنبي أهل الإسلام، وهكذا جاء الخبر الثابت١٨ ١٩.
١ هم أتباع أبي الحسن الأشعري، وهم من أهل السنة، إلا أنهم يخالفونهم في الصفات فهم لا يثبتون منها إلا سبع، وهي الحياة، والكلام، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، انظر: الملل والنحل (١٠٦/١).
٢ الكرامية: فرقة إسلامية، تنسب إلى محمد بن كرام، وهم من الصفاتية الذين غلوا في الإثبات حتى انتهى بهم إلى التجسيم والتشبيه.
انظر: الملل والنحل (١٢٤/١).

٣ البقرة: ٤٨.
٤ البقرة: ١٢٣.
٥ البقرة: ٢٥٤.
٦ الشعراء: ١٠٠ـ ١٠١.
٧ الجن: ٢١.
٨ الانفطار: ١٩.
٩ النحل: ٤٤.
١٠ مريم: ٨٧.
١١ طه: ١٠٩.
١٢ سبأ: ٢٣.
١٣ البقرة: ٢٥٥.
١٤ النجم: ٢٦.
١٥ الزخرف: ٨٦.
١٦ يونس: ٣.
١٧ فاطر: ٣٦.
١٨ الخبر في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "شفاعتي لأهل الكبائر لأمتي" أخرجه من حديث أنس: الإمام أحمد في مسنده (٢٦٩/٣) حديث (١٣٢٠٧) والبخاري في التاريخ الكبير (١٧٠/١) و (١٢٦/٢) و (١٢٥/٧)، وأبو داود في كتاب السنة، باب في الشفاعة حديث (٤٧٣٩) والترمذي في كتاب صفة القيامة، باب ما جاء في الشفاعة، حديث (٢٤٣٥) وابن أبي عاصم في السنة (٣٩٩/٢) والقضاعي في مسند الشهاب (١٦٦/١) وابن خزيمة في التوحيد (٢٧٠) وأبو يعلى في مسنده (٤٠/٦) حديث (٣٢٨٤)، و (١٣٩/٧) حديث (٤١٠٥)، و (١٤٧/٧) حديث (٤١١٥) وابن حبان في صحيحه (٣٨٦/١٤) حديث (٦٤٦٨) والطبراني في المعجم الكبير (٢٥٨/١) حديث (٧٤٩) وفي الصغير (٢٧٢/١) حديث (٤٤٨) وابن عدي في الكامل (٣٤٨/١)، (٤٣٢/١)، (٨٠/٢)، (١٤٣/٣) والحاكم في المستدرك (١٣٩/١) حديث (٢٢٨) والبيهقي في السنن الكبرى (١٧/٨) حديث (١٥٦١٦)، (١٩٠/١٠) وحديث (٢٠٥٦٣) وأبو نعيم في الحلية (٢٦١/٧)
وأخرجه من حديث جابر بن عبد الله:
أبو داود الطيالسي حديث (١٦٦٩) ص (٢٣٣) وابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر الشفاعة، حديث (٤٣١٠) وابن خزيمة في التوحيد (٢٧١) والترمذي في كتاب صفة القيامة باب ما جاء في الشفاعة حديث (٢٤٣٦) وابن حبان في صحيحه (٣٨٦/١٤) حديث (٦٤٦٧) والحاكم في المستدرك (١٤٠/١) حديث (٢٣٠)، (٤١٤/٢) وحديث (٣٤٤٠) وابن عبد البر في التمهيد (٦٩/١٩) وأبو نعيم في الحلية (٢٠١/٣)
وأخرجه من حديث ابن عمر:
ابن أبي عاصم في السنة (٣٩٨/٢)
وأخرجه من حديث ابن عباس:
الطبراني في الكبير (١٨٩/١١) حديث (١١٤٥٤) وابن عدي في الكامل (٣٤٩/٦)
درجة الحديث:
صححه الترمذي في سننه (٥٣٩/ ٤ ـ ٥٤٠) وابن حبان في صحيحه (٣٨٦/ ١٤) وابن أبي عاصم في السنة (٣٩٩/٢) والحاكم في المستدرك (١٣٩/١ـ ١٤٠)، (٤١٤/٢) والمقدسي في الأحاديث المختارة (٣٨٣/٤) (١٧١، ٢١/٥) وابن كثير في تفسيره (٤٩٨/١) والهيثمي في مجمع الزوائد (٥/٧) والألباني في صحيح سنن أبي داود (١٦٠/٣).

١٩ الفصل (٣٦٦/ ٢ـ ٣٦٧).
قوله تعالى :﴿ ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون ٥٢ ﴾
[ ٢٣ ] : مسألة : في معنى ﴿ لعل ﴾ في الآية، وفي سائر القرآن.
قال ابن حزم :
الآيات التي في القرآن مثل ﴿ لعله يتذكر أو يخشى ٤٤ ﴾١، ﴿ لعلكم تؤمنون ﴾٢، ﴿ لعلكم تشكرون ﴾٣، ﴿ لعلكم تذكرون ﴾٤، ونحو ذلك إنما هي كلها بمعنى لام العاقبة، أي ليتذكر، ولتؤمنوا، وليشكروا، وليتذكروا، وليخشى٥.
١ طه: ٤٤.
٢ لا يوجد آية بهذا اللفظ وقد وردت في الأنعام: ١٥٤ بلفظ ﴿لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون﴾.
٣ البقرة: ٥٢، ٥٦، ١٨٥، آل عمران: ١٢٣، المائدة: ٨٩، الأنفال: ٢٦، النحل: ١٤، ٧٨، الحج: ٣٦، القصص: ٧٣، الروم: ٤٦، فاطر: ٤٦، الجاثية: ١٢.
٤ الأنعام: ١٥٢، الأعراف: ٥٧، النحل: ٩٠، النور: ٢٧، ١، الذاريات: ٤٩.
٥ الفصل (٣٩٠/١) بتصرف يسير.
قوله تعالى :﴿ وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ٦٧ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمروا ٦٨ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ٦٩ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون ٧٠ قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون ٧١ وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون ٧٢ فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون٧٣ ﴾.
[ ٢٥ ] : مسألة : في موقف ابن حزم من الإسرائيليات المروية في تفسير هذه الآيات.
قال ابن حزم :
ليس في نص القرآن أن المقتول من بني إسرائيل لما ضرب ببعض البقرة حيي وقال فلان قتلني. وإنما فيه ذكر قتل النفس، والتداريء فيها، وذبح البقرة وضربه ببعضها، وكذلك يحي الله الموتى، فمن زاد على ما ذكرناه في تفسير هذه الآية فقد كذب وادعى ما لا علم لديه.
فمن أعجب ممن يحتج بخرافات بني إسرائيل، التي لم تأت في نص، ولا في نقل كافة، ولا في خبر مسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأعلى ما روي في حديث بقرة بني إسرائيل :
١ فحديث حدثناه أحمد بن عمر، ثنا عبد الله بن حسين بن عقال، نا إبراهيم بن محمد الدينوري، نا محمد بن الجهم [ هو أبو بكر الوراق ] ١ نا علي بن عبد الله هو ابن المديني وعياش بن الوليد، قال علي : نا يحيى بن سعيد، وسفيان بن عيينة، قال يحيى : نا ربيعة بن كلثوم، حدثني أبي، عن سعيد بن جبير، أن ابن عباس قال : إن أهل المدينة من بني إسرائيل وجدوا شيخا قتيلا في أصل مدينتهم، فأقبل أهل مدينة أخرى فقالوا : قتلتم صاحبنا وابن أخ له شاب يبكي. فأتوا موسى عليه السلام فأوحى الله إليه :﴿ إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ﴾٢ فذكر حديث البقرة بطوله وفي آخره : فأقبلوا بالبقرة التي انتهوا بها إلى قبر الشيخ، وابن أخيه قائم عند قبره، فذبحوها، فضرب ببضعة من لحمها القبر، فقام الشيخ ينفض رأسه ويقول : قتلني ابن أخي، طال عليه عمري وأراد أكل مالي ومات٣.
٢ وقال سفيان : ثنا ابن سوقة، سمعت عكرمة يقول : كان لبني إسرائيل مسجد له اثنا عشر بابا، فوجدوا قتيلا قد قتل على باب، فجروه إلى باب آخر، فتحاكموا إلى موسى عليه السلام فقال :﴿ إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ﴾٤ فذبحوها فضربوه بفخذها، فقام فقال : قتلني فلان. وكان رجلا له مال كثير وكان ابن أخيه قتله٥.
٣ وقال عياش بن الوليد : ثنا يزيد بن زريع، نا سعيد، عن قتادة قال : كان قتيل في بني إسرائيل، فأوحى الله عز وجل إلى موسى : أن أذبح بقرة، فاضربوه ببعضها، فذكر لنا أنهم ضربوه بفخذها، فأحياه الله عز وجل، فأنبأ بقاتله، وتكلم ثم مات. وذكر لنا أن وليه الذي يطلب بدمه هو قتله، من أجل ميراث كان بينهم فلا يورث قاتل بعده٦.
٤ وبه إلى ابن الجهم، ثنا محمد بن مسلمة، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ هشام، عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني قال : كان في بني إسرائيل رجل عقيم لا يولد، وكان له مال كثير، وكان ابن أخيه وارثه فقتله، ثم احتمله ليلا حتى أتى به في آخرين، فوضعه على باب رجل منهم، ثم أصبح يدعيه عليهم.
فأتوا موسى عليه السلام فقال :﴿ إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ﴾٧، فذبحوها فضربوه ببعضها، فقام، فقالوا : من قتلك ؟ فقال : هذا، لابن أخيه، ثم مال ميتا، فلم يعط ابن أخيه من ماله شيئا، ولم يورث قاتل بعده٨.
٥ وبه إلى ابن جهم، حدثنا محمد بن الفرج، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، قال محمد واللفظ له : ثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قال : صاحب البقرة، رجل من بني إسرائيل قتله رجل. ثم ذكر معناه٩.
٦ وقال الحربي : نا حسين بن الأسود، نا عمرو بن محمد، نا أسباط عن السدي، نحوه١٠.
٧ وروينا أيضا نحوه من طريق إسماعيل بن إسحاق، عن عبد الله بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم١١.
قال ابن حزم : هذه مرسلات، وموقوف، لو أتت فيما أنزل علينا ما جاز الاحتجاج بها أصلا، فكيف فيما أنزل في غيرنا. وليس في القرآن نص بشيء مما ذكر في هذه الأخبار أكثر من أنهم تدارؤوا في نفس مقتولة منهم، فأمرهم الله أن يذبحوا بقرة فيضربوه ببعضها، ﴿ كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون ٧٣ ﴾١٢ ولم يقل تعالى في القرآن : إن الميت قال : فلان قتلني، ولا أنه صدق بذلك، ولا أنه أقيد به، وكل من زاد على ما في القرآن شيئا بغير نص من الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أتى عظيمة١٣.
قوله تعالى :﴿ ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون٧٤ ﴾
[ ٢٦ ] : مسألة : هل للحجارة تمييز ؟ وموقف ابن حزم من قوله تعالى :﴿ وإن منها لما يهبط من خشية الله ﴾.
يرى ابن حزم أن الحجارة ليس لها نطق ولا تمييز ولا خشية، وأن الآيات الدالة على أن لها سجود وتسبيح وخشية ؛ ليس شيء منها على الصفة المعهودة بيننا، وإنما له معنى آخر.
قال ابن حزم :
فإن اعترضوا١٤ بقول الله تعالى يصف الحجارة ﴿ وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله ﴾١٥.
فقد علمنا بالضرورة أن الحجارة لم تؤمر بشريعة ولا بعقل ولا بعث إليها نبي قال تعالى :﴿ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ﴾١٦.
فإذ لا شك في هذا فإن القول المذكور منه تعالى يخرج على أحد ثلاثة أوجه :
إحداها : أن يكون الضمير في قوله تعالى :﴿ وإن منها لما يهبط ﴾ راجع إلى القلوب المذكورة في أول الآية، في قوله تعالى :﴿ ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة ﴾ الآية.
فذكر تعالى : أن من القلوب القاسية ما يقبل الإيمان يوما ما فيهبط عن القسوة إلى اللين من خشية الله تعالى. وهذا أمر يشاهد بالعيان فقد تلين القلوب القاسية بلطف الله تعالى ويخشى العاصي.
وقد أخبر عز وجل : أن من أهل الكتاب من يؤمن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليهم١٧.
وكما أخبر تعالى : أن من الأعراب من يؤمن بالله١٨ من بعد أن أخبر تعالى أن ﴿ الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ﴾١٩.
فهذا وجه ظاهر متيقن الصحة.
والوجه الثاني : أن الخشية المذكورة في الآية إنما هي التصرف بحكم الله تعالى وجرى أقداره كما قلنا٢٠ في قوله عز وجل حاكيا عن السماء والأرض :﴿ قالتا أتينا طائعين ﴾٢١، وقد بين جل وعز ذلك موصولا بهذا اللفظ فقال جل وعز :﴿ فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها ﴾٢٢، فبين الله تعالى بيانا رفع كل إشكال : أن تلك الطاعة من السماوات والأرض إنما هي تصرفه لها، وقضاؤه تعالى إياهن سبع سماوات، ووحيه في كل سماء أمرها، فصح قولنا نصا جليا ببيان الله تعالى لذلك والحمد لله رب العالمين.
وصح بهذا أن إبانة السماوات والأرض والجبال من قبول الأمانة ؛ إنما هو لما ركبها الله تعالى عليه من الجمادية وعدم التمييز، وقد علم كل ذي عقل امتناع قبول ما هذه صفته من الشرائع والأوامر والنواهي، وقد ذم الله تعالى من " ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء " ٢٣.
ولا يحل لمسلم أن ينسب إلى الله تعالى فعلا ذمه.
والوجه الثالث : أن يكون الله تعالى عني بقوله :﴿ وإن منها لما يهبط من خشية الله ﴾ الجبل الذي صار دكا إذ تجلى الله تعالى له يوم سأله كليمه عليه السلام الرؤية٢٤ فذلك الجبل من جملة الحجارة، وقد هبط عن مكانه من خشية الله تعالى. وهذه معجزة وآية وإحالة طبيعة في ذلك الجبل خاصة. ويكون " يهبط " بمعنى " هبط " كما قال عز وجل : " وإذ يمكر بك الذين كفروا }٢٥ ومعناه بلا شك وإذ مكر.
وبين قوله تعالى مصدقا إبراهيم خليله صلى الله عليه وسلم في إنكاره على أبيه عبادة الحجارة :﴿ إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ﴾٢٦.
وقوله تعالى :﴿ أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون ٤٣ ﴾٢٧ ما هي عليه من الجمادية وعدم التمييز.
فصح بهذا صحة لا مجال للشك فيها أن الحجارة لا تعقل، لأنها التي كانوا يعبدون مما يعقل.
وأما سائر ما كانوا يعبدون من الملائكة، والمسيح وأمه عليهما السلام، ومن الجن، فكل هؤلاء عاقلون مميزون، فلم يبق إلا الحجارة، فصح بالنص أنها لا تعقل، وإذ تيقن ذلك بالنص وبالضرورة وبالمشاهدة فقد انتفى عنها النطق والتمييز والخشية المعهود كل ذلك عندنا، وصح أن هذه الألفاظ واقعة على معان غير المعهودة عندنا، وهذا نص قولنا، والحمد لله رب العالمين.
وأما الأحاديث المأثورة في أن الحجر له لسان وشفتان٢٨، والكعبة كذلك٢٩، وأن الجبال تطاولت، وخشع جبل كذا٣٠، فخرافات موضوعة، نقلها كل كذاب وضعيف، لا يصح شيء منها من طريق الإسناد ولا يصح شيء من ذلك أصلا.
ويكفي من التطويل في ذلك أنه لم يدخل شيئا منها من انتدب من الأئمة لتصنيف الصحيح من الحديث.
أو ما يستجاز روايته مما يقارب الصحة.
وكل من يخالفنا في هذا ؛ فإنه إذا أقر لنا أن القول المذكور في الآيات التي تلونا، والسجود والتسبيح والخشية ليس شيء منه على الصفة المعهودة بيننا، قد وافقنا أحب أو أكره، وهم كلهم مقرون بذلك، وقد جاء ذلك في أشعار العرب :
قال الشاعر : شكى إلي جملي طول السرى٣١.
وقال آخر : فقالت له العينان سمعا وطاعة٣٢.
وقال الراعي٣٣ : قلق الفئوس إذا أردن نصولا٣٤.
ومن هذا الباب قوله تعالى :﴿ جدارا يريد أن ينقض فأقامه ﴾٣٥.
وهذا بلا شك غير الإرادة المعهودة من الحيوان فصح قولنا بالنص والضرورة، والحمد لله العالمين٣٦.
١ في الأصل: ثنا أبو بكر الوراق. ولكن بعد الرجوع إلى مصادر الترجمة له، تبين لي أن أبا بكر الوراق هو نفسه ابن الجهم، وأيضا هذا الإسناد في جميع مواضع المحلى بلفظ: محمد بن الجهم، عن ابن المديني..
٢ البقرة: ٦٩.
٣ رجال الإسناد:
ـ أحمد بن عمر بن أنس بن دلهات بن أنس العذري، أبو العباس المري، من المرية، وهي مدينة على ساحل من سواحل الأندلس، رحل إلى المشرق، وجاور في بيت الله الحرام أعوما جمة، وله سماعات كثيرة، وكان معتنيا بالحديث ونقله وروايته وضبطه مع ثقته وجلالة قدره وعلو إسناده، حدث عنه أبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بن حزم، وغيرهم، توفي سنة ٤٧٨ هـ جذوة المقتبس (١٢٧) والصلة لابن بشكوال (٦٩/١) وبغية الملتمس (١٦٧)
ـ عبد الله بن حسين بن عقال: لم أقف على ترجمته.
ـ إبراهيم بن محمد بن أحمد بن عثمان، أبو إسحاق الدينوري، فقيه مالكي، وكان عنده حديث، من جلة العلماء، ثقة قال أبو عبد الله بن الحذاء: لقيته بمكة سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة، وتركته حيا وقد نيف على الثمانين سنة. الديباج المذهب (٢٦٧/١).
ـ محمد بن أحمد بن الجهم أبو بكر الوراق، حدث عن أحمد بن عبيد الله النرسي، وأبي الوليد بن برد الأنطاكي، ومحمد بن هشام بن أبي الدميك المستملي، وموسى بن إسحاق الأنصاري، روى عنه أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري المالكي، وكان فقيها مالكيا وله مصنفات حسان محشوة بالآثار يحتج فيها لمالك وينصر مذهبه ويرد على من خالفه تاريخ بغداد (٢٨٧/١)
ـ علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح بن بكر بن سعد السعدي، مولاهم البصري، المعروف بابن المديني، أبو الحسن الشيخ الإمام الحجة، أمير المؤمنين في الحديث، قال أبو حاتم الرازي: "كان ابن المديني علما في الناس في معرفة الحديث والعلل" وقال يحيى بن معين: "علي من أروى الناس عن يحيى القطان" توفي رحمه الله سنة ٢٣٤ هـ سير أعلام النبلاء (٤١/١١) تهذيب التهذيب (٣٠٦/٧)
ـ يحيى بن سعيد فروخ التميمي، أبو سعيد القطان البصري، ثقة متقن، حافظ، إمام قدوة، أخرج له الجماعة مات سنة ١٩٨ هـ التقريب (٣٥٥/٢)
ـ ربيعة بن كلثوم بن جبر، صدوق يهم، أخرج له البخاري في كتاب الأدب المفرد ومسلم والنسائي التقريب (٢٤٣/١)
ـ أبو ربيعة: هو كلثوم بن جبر الخزاعي، الكوفي، مقبول، وذكره ابن حبان في الثقات (٣٣٦/٥) وانظر: التقريب (١٤٤/٢)
ـ سعيد بن جبير بن هشام، الأسدي الوالي، مولاهم الكوفي، إمام في القراءة والتفسير، من أكابر أصحاب ابن عباس، قتله الحجاج سنة ٩٤هـ انظر: سير أعلام النبلاء (٣٢١/٤) غاية النهاية في طبقات القراء (٣٠٥/١)
تخريج الحديث:
أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب "من عاش بعد الموت" ص: ٤٨ من طريق يحيى بن سعيد عن ربيعة بن كلثوم عن أبيه به.
وإسناده ضعيف فيه كلثوم بن جبر، لم يوثقه إلا ابن حبان.

٤ البقرة: ٦٧.
٥ رجال الإسناد:
ـ سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي، أبو محمد الكوفي، ثم المكي، ثقة حافظ فقيه إمام حجة، إلا أنه تغير في حفظه بآخره، وكان ربما دلس لكن عن الثقات روى له الجماعة مات سنة ١٩٨ هـ التقريب (٣٠٣/١)
ـ ابن سوقة، هو محمد بن سوقة الغنوي، أبو بكر الكوفي العابد، ثقة مرضي عابد روى له الجماعة، التقريب (١٧٨/٢)
تخريج الأثر:
أخرجه سفيان بن عيينة في تفسيره (٢٠٩) ومن طريقه ابن جرير في تفسيره (٤٠٣/١) وإسناده صحيح..

٦ رجال الإسناد:
ـ عياش بن الوليد الرقام، أبو الوليد البصري، ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي، مات سنة ٢٢٦ هـ التقريب (١٠١/٢)
ـ يزيد بن زريع البصري، أبو معاوية، ثقة ثبت، روى له الجماعة، مات سنة ١٨٢ هـ التقريب (٣٧٣/٢)
ـ سعيد بن أبي عروبة، مهران: اليشكري، مولاهم، أبو النضر البصري، ثقة حافظ، له تصانيف لكنه كثير التدليس، واختلط وكان من أثبت الناس في قتادة، روى له الجماعة مات سنة ١٥٧هـ التقريب (٢٩٤/١)
تخريج الأثر:
أخرجه ابن جرير في تفسيره (٤٠٠/١) من طريق بن زريع عن سعيد به. وإسناده صحيح..

٧ البقرة: ٦٧.
٨ رجال الإسناد:
ـ محمد بن مسلمة بن الوليد بن دينار الطيالسي، أبو جعفر، يروي عن يزيد بن هارون قال الدارقطني: "لا بأس به" وقال الخطيب البغدادي: "في حديثه مناكير بأسانيد واضحة" توفي سنة ٢٨٢ هـ انظر: الكامل، لابن عدي (٢٩٢/٦) وتاريخ بغداد (٣٠٥/٣) ولسان الميزان (٣٨١/٥)
ـ يزيد بن هارون بن زاذان، السلمي مولاهم، أبو خالد الواسطي، ثقة متقن عابد، روى عن هشام بن حسان، روى له الجماعة، مات سنة ٢٠٦ هـ التقريب (٣٨١/٢) وتهذيب التهذيب (٣٢١/ ١١).
ـ هشام بن حسان الأزدي القردوسي، أبو عبد الله البصري، ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، روى له الجماعة، مات سنة ١٤٧هـ أو ١٤٨ هـ التقريب (٣٢٣/٢)
ـ محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر بن أبي عمرة، البصري، ثقة ثبت عابد، كبير القدر، كان لا يرى الرواية بالمعنى روى له الجماعة، مات سنة ١١٠ هـ التقريب (١٧٨/٢)
ـ عبيدة بن عمرو السلماني، المرادي، أبو عمرو الكوفي، تابعي كبير مخضوم، ثقة ثبت، كان شريح إذا أشكل عليه شيء سأله، روى له الجماعة، مات قبل سنة سبعين التقريب (٥٠٩/١)
تخريج الحديث:
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٢١٤/١) محقق، وعبد بن حميد [كما في تفسير ابن كثير (٤٩٢/٢) محقق] والبيهقي في السنن الكبرى (٢٢٠/ ٦) كلاهما من طريق يزيد بن هارون عن هشام، به
وأخرجه عبد الرزاق (٤٨/١) وابن جرير (٣٧٩/١) في تفسيريهما، كلاهما من طريق أيوب، عن ابن سيرين به.
وأخرجه آدم بن إياس [كما في تفسير ابن كثير (٤٩٢/٢ محقق] وابن جرير في تفسيره (٣٧٩/١)، كلاهما من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين به.
درجة الأثر: صحيح..

٩ رجال الإسناد:
ـ محمد بن الفرج بن محمود البغدادي، أبو بكر الأزرق، صدوق ربما وهم، روى عن حجاج بن محمد، مات سنة ٢٨٢ هـ تهذيب التهذيب (٣٥٤/٩) والتقريب (٢٠٨/٢)
ـ إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشير البغدادي، الحربي، الشيخ الإمام الحافظ العلامة، قال الخطيب البغدادي: "كان إماما في العلم رأسا في الزهد، عارفا بالفقه، بصيرا بالأحكام، حافظا للحديث مميزا لعلله" توفي سنة ٢٨٥ هـ تاريخ بغداد (٢٧/٦) وسير أعلام النبلاء (٣٥٦/١٣)
ـ حجاج بن محمد المصيصي الأعور، أبو محمد الترمذي الأصل، نزل بغداد ثم المصيصة، ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره، لما قدم بغداد قبل موته، روى عن ابن جريج، روى له الجماعة، مات سنة ٢٠٦ هـ تهذيب التهذيب (١٨٠/٢) والتقريب (١٥٦/١)
وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه ابن جرير في تفسيره (٣٨١/١) من طريق حجاج بن الفرج، عن ابن جريج، به.
وأخرجه ابن جرير في تفسيره (٤٠٠/١) وابن أبي حاتم في تفسيره (٢٢٨/١) محقق كلاهما من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، به.
درجة الأثر: إسناده حسن..

١٠ رجال الإسناد:
ـ الحسين بن علي بن الأسود العجلي، أبو عبد الله الكوفي، نزيل بغداد صدوق، يخطئ كثيرا، روى له الترمذي التقريب (١٧٧/١)
ـ عمرو بن محمد العنقزي، أبو سعيد الكوفي، ثقة روى له البخاري تعليقا، ومسلم، والأربعة، مات سنة ١٩٩ هـ التقريب (٨٣/٢)
ـ أسباط بن نصر الهمداني أبو يوسف، ويقال: أبو نصر صدوق كثير الخطأ، يغرب، روى له البخاري تعليقا، ومسلم، والأربعة. التقريب (٦٦/١)
تخريج الأثر:
أخرجه ابن جرير في تفسيره (٣٨٠/١) من طريق عمرو بن محمد عن أسباط به. وإسناده حسن..

١١ رجال الإسناد
ـ إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد الأزدي، سمع من حجاج بن منهال، وسليمان بن حرب، وعلي بن المديني، قال الخطيب البغدادي: كان عالما متقنا فقيها. له كتاب "أحكام القرآن" و "معاني القرآن" وكتاب في القراءات مات سنة ٢٨٢ هـ تاريخ بغداد (٢٨٤/٦ـ ٢٨٦)سير أعلام النبلاء (٣٣٩/١٣)
ـ عبد الله بن إسماعيل: لم أستطع تمييزه.
تخريج الأثر:
أخرجه ابن جرير في تفسيره (٤٠٢/١).

١٢ البقرة: ٧٣.
١٣ الإحكام (١٥٦/٢ـ١٥٨) بتصرف يسير وانظر: المحلى (٣٠٩/١١ـ ٣١٠).
١٤ يريد القائلين بأن للجماد تمييزا انظر: (٩٧/١ فما بعدها) من كتاب الفصل..
١٥ البقرة: ٧٤.
١٦ الإسراء: ١٥.
١٧ الآية التي تشير إلى ذلك هي قوله تعالى: ﴿وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب﴾ [آل عمران: ١٩٩].
١٨ الآية التي تشير إلى ذلك هي قوله تعالى: ﴿ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم﴾ [التوبة: ٩٩].
١٩ التوبة: ٩٧.
٢٠ قال ابن حزم: وأما قوله تعالى: ﴿قالتا أتينا طائعين﴾ [فصلت: ١١] فقد علمنا بالضرورة والمشاهدة أن القول في اللغة التي نزل بها القرآن؛ إنما هو دفع آلات الكلام من أنابيب الصدر والحلق والحنك، واللسان والشفتين، والأضراس، بهواء يصل إلى أذن السامع فيفهم به مرادات القائل، فإذ لا شك في هذا فكل من لا لسان له ولا شفتين ولا أضراس ولا حنك ولا حلق، فلا يكون منه القول المعهود منا. هذا ما لا يشك فيه ذو عقل، فإذ هذا هكذا كما قلنا بالعيان. فكل قول ورد به نص ولفظ مخبر به عمن ليست هذه صفته فإنه ليس هو القول المعهود عندنا، لكنه في معنى آخر، فإذ هذا كما ذكرنا فبالضرورة قد صح أن معنى قوله تعالى: ﴿قالتا أتينا طائعين ١١﴾ إنما هو الجري على نفاد حكمه عز وجل فيها وتصريفه لهما أ. هـ [الفصل: ١٠٢/١].
٢١ فصلت: ١١.
٢٢ فصلت: ١٢.
٢٣ قال تعالى: ﴿ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون﴾ [البقرة: ١٧١].
٢٤ الآية التي تشير إلى ذلك هي قوله تعالى: ﴿ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين﴾ [الأعراف: ١٤٣].
٢٥ الأنفال: ٣٠.
٢٦ مريم: ٤٢.
٢٧ الزمر: ٤٣.
٢٨ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجر: "والله ليبعثنه الله يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به، يشهد على من استلمه بحق"
أخرجه الإمام أحمد في مسنده حديث (٢٢١٤) (٣٠٧/١) وحديث (٢٦٤٢) (٣٦١/١) وحديث (٢٧٩٦) (٣١٨/١) وحديث (٣٥١٠) (٤٦٣/١) والدارمي في سننه حديث (١٨٣٩) وابن ماجه في كتاب المناسك باب استلام الحجر، حديث (٢٩٤٤) والترمذي في كتاب الحج باب ما جاء في الحجر الأسود حديث (٩٦١) وابن خزيمة في صحيحه، حديث (٢٧٣٥) (٢٢٠/٤) وابن حبان في صحيحه حديث (٣٧١٢) (٢٥/٩) والطبراني في الكبير حديث (١١٤٣٢) (١٨٢/١١) والبيهقي في السنن الكبرى (٩٠١٤) (٧٥/٥)
وأخرجه الطبراني في الأوسط (٣٣٧/١) من حديث ابن عمر
درجة الحديث: حسنه الترمذي في جامعه.

٢٩ لم أقف على حديث بهذا المعنى.
٣٠ لم أقف على حديث بهذا المعنى.
٣١ هذا البيت للملبد بن حرملة، وعجزه: صبر جميل فكلانا مبتلى.
انظر: شرح أبيات سيبويه (٣١٧/١) وشرح الأشموني (١٠٦/١) وكتاب سيبويه (٣٢١/١) ولسان العرب (١٨١/٧).

٣٢ انظر: تفسير القرطبي (٢٣٨/٢).
٣٣ هو عبيد بن حصين بن معاوية بن جندل النميري شاعر من فحول المحدثين لقب بالراعي لكثرة وصفه للإبل، مات سنة ٩٠ هـ الأعلام (١٨٨/٤).
٣٤ ديوان الراعي (٢٢٢).
٣٥ الكهف: ٧٧.
٣٦ الفصل (١٠٣/١ـ١٠٥) وانظر: الإحكام (٤٥٢/١) والأصول والفروع (١٥٠ـ ١٥١).
قوله تعالى :﴿ قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون٧١ ﴾.
[ ٢٤ ] : مسألة : في معنى قوله تعالى :﴿ تثير الأرض ﴾.
يرى ابن حزم أن البقرة المثيرة هي التي تستعمل في حرث الأرض، مستدلا بقوله تعالى :﴿ لا ذلول تثير الأرض ﴾.
واستدلاله بالآية يدل على أنه يرى أن معنى الإثارة : هو قلب الأرض للحرث والزراعة.
قال ابن حزم :
المثيرة : بقر الحرث : قال تعالى :﴿ لا ذلول تثير الأرض ﴾١.
١ المحلى (١٤٥/٤).
قوله تعالى :﴿ وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين٩٣ ﴾.
[ ٢٧ ] : مسألة : في معنى قوله تعالى :﴿ وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم ﴾.
قال ابن حزم :
وأما قوله تعالى :﴿ وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم ﴾ فإنما عني تعالى حب العجل، [ وهذا ] من الحذف الذي أقيم لفظ غيره مقامه١.
١ الإحكام (٤٥٠/١) بتصرف يسير.
قوله تعالى :﴿ واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ١٠٣ ﴾.
وفيه ثلاث مسائل :
[ ٢٨ ] : المسألة الأولى : في المراد بهاروت وماروت المذكورين في الآية.
يرى ابن حزم أن " هاروت وماروت " إما أن يكونا جنيين من أحياء الجن، وإما أن يكونا ملكين نزلا بشريعة حق ثم نسخها الله فصارت كفرا، وهو يرد بشدة على من زعم أنهما ملكين نزلا بعلم السحر، أو أنهما شربا الخمر، وزنيا، لأن في ذلك قدح بعصمة الملائكة عليهم السلام١.
قال ابن حزم :
[ نسب قوم ] إلى الله تعالى ما لم يأت به قط أثر يجب أن يشتغل به، وإنما هو كذب مفترى من أنه تعالى أنزل إلى الأرض ملكين وهما هاروت وماروت وأنهما عصيا الله تعالى وشربا الخمر، وحكما بالزور وقتلا النفس المحرمة، وزنيا وعلما زانية اسم الله الأعظم فطارت به إلى السماء فمسخت كوكبا وهي الزهرة، وأنهما عذبا في غار ببابل، وأنهما يعلمان الناس السحر...
وحجتهم على ما في هذا الباب خبر رويناه من طريق عمير بن سعيد٢، وهو مجهول مرة يقال له النخعي، ومرة يقال له الحنفي، ما نعلم له رواية إلا هذه الكذبة، وليست أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه أوقفها على علي بن أبي طالب رضي الله عنه٣.
وكذبة أخرى في أن حد الخمر لم يسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو شيء فعلوه، وحاشا لهم رضي الله عنهم من هذا٤.
قال أبو محمد : ومن البرهان على بطلان هذا كله قول الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد :﴿ ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين٨ ﴾٥ فقطع الله عز وجل أن الملائكة لا تنزل إلا بالحق وليس شرب الخمر ولا الزنا ولا قتل النفس المحرمة، ولا تعليم العواهر أسماءه عز وجل، والتي يرتفع بها إلى السماء ولا السحر من الحق، بل كل ذلك من الباطل، ونحن نشهد أن الملائكة ما نزلت بشيء من هذه الفواحش والباطل. وإذ لم تنزل به فقد بطل أن تفعله، لأنها لو فعلته في الأرض لنزلت به، هذا باطل، وشهد عز وجل أنه لو أنزل علينا الملائكة لما أنظرنا، فصح أنه لم ينزل قط ملك ظاهر إلا لنبي بالوحي فقط، وبالله التوفيق.
قال ابن حزم : وكذلك قوله تعالى :﴿ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا ﴾٦.
فأبطل عز وجل أنه يمكن ظهور ملك إلى الناس وقال تعالى :﴿ ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون ﴾٧.
فكذب الله عز وجل كل من قال : إن ملكا نزل قط من السماء ظاهرا إلا إلى الأنبياء بالحق، من عند الله عز وجل فقط.
وقال عز وجل :﴿ وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبير ٢١ يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا ﴾٨.
فرفع الله تعالى الإشكال بهذا النص في هذه المسألة، وقرن عز وجل نزول الملائكة في الدنيا برؤيته عز وجل فيهما، فصح ضرورة أن نزولهم في الدنيا إلى غير الأنبياء ممتنع ألبته لا يجوز.
وأن من قال ذلك فقد قال حجرا محجورا أي ممتنعا، وظهر بها كذب من ادعى أن ملكين نزلا إلى الناس فعلماهم السحر، وقد استعظم الله عز وجل ذلك من رغبة من رغب نزول الملائكة إلى الناس، وسمى هذا الفعل استكبارا وعتوا، وأخبر عز وجل أننا لا نرى الملائكة أبدا إلا يوم القيامة فقط، وأنه لا بشرى يومئذ للمجرمين٩.
فصح أن هاروت وماروت المذكورين في القرآن لا يخلو أمرهما من أحد وجهين لا ثالث لهما : إما أن يكونا جنيين من أحياء الجن، كما روينا عن خالد بن أبي عمران١٠، وغيره وموضعهما حينئذ في النحو بدل من الشياطين، كأنه قال : ولكن الشياطين كفروا هاروت وماروت. ويكون قوله :﴿ وما أنزل على الملكين ﴾ نعتا بمعنى لم ينزل على الملكين ببابل ويتم الكلام هنا.
وإما أن يكونا ملكين أنزل الله عز وجل عليهما شريعة حق، ثم نسخها فصارت كفرا، كما فعل بشريعة موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام فتمادى الشياطين على تعليمهما وهي بعد كفر١١ كأنه قال تعالى : ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر الذي أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت. ثم ذكر عز وجل ما كان يفعله ذلك الملكان فقال تعالى :﴿ وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ﴾١٢.
فقول الملكين إنما نحن فتنة فلا تكفر قول صحيح، ونهي عن المنكر، وأما الفتنة، فقد تكون ضلالا، وتكون هدى. قال الله عز وجل حاكيا عن موسى عليه السلام أنه قال لربه :﴿ أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء ﴾١٣ فصدق الله عز وجل في قوله، وصح أنه يهدي بالفتنة من يشاء، ويضل بها من يشاء.
وقال تعالى :﴿ أنما أموالكم وأولادكم فتنة ﴾١٤.
وليس كل أحد يضل بماله وولده، فقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم أولاد ومال، وكذلك لكثير من الرسل عليهم السلام، وقال تعالى :﴿ وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ﴾١٥. وقال تعالى :﴿ وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا، لنفتنهم فيه ﴾١٦، فهذه سقيا الماء التي هي جزاء على الاستقامة قد سماها الله تعالى فتنة، فصح أن من الفتنة خيرا وهدى، ومنها ضلالا وكفرا، والملكان المذكوران كذلك كانا فتنة يهتدي من اتبع أمرهما في أن لا يكفر، ويضل من عصاهما في ذلك.
وقوله تعالى :﴿ فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ﴾١٧ حق لأن أتباع رسل الله عليهم الصلاة والسلام هذه صفته، يؤمن الزوج فيفرق إيمانه بينه وبين امرأته التي لم تؤمن، وتؤمن هي فيفرق إيمانها بينها وبين زوجها الذي لم يؤمن في الدنيا والآخرة، وفي الولاية.
ثم رجع تعالى إلى الخبر عن الشياطين فقال عز وجل :﴿ وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ﴾١٨، وهذا حق ؛ لأن الشياطين في تعليمهم ما قد نسخه الله عز وجل وأبطله ضارون من أذن الله تعالى باستضراره به، وهكذا إلى آخر الآية. وما قال عز وجل قط إن هاروت وماروت علما سحرا ولا كفرا، ولا أنهما عصيا، وإنما ذكر ذلك في خرافة موضوعة، لا تصح عن طريق الإسناد أصلا، ولا هي أيضا مع ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هي موقوفة على من دونه صلى الله عليه وسلم، فسقط التعلق بها، وصح ما قلناه، والحمد لله رب العالمين.
وهذا التفسير الأخير، هو نص الآية دون تكلف تأويل، ولا تقديم ولا تأخير، ولا زيادة في الآية، ولا نقص منها، بل هو ظاهرها، والحق المقطوع به عند الله تعالى يقينا، وبالله تعالى التوفيق١٩.
[ ٢٩ ] المسألة الثانية : حقيقة السحر.
يرى ابن حزم أن السحر لا حقيقة له، وهو عبارة عن حيل، وتخييلات، وحجته في ذلك أنه لو كان له حقيقة لكان من جنس معجزات الأنبياء، وهذا كفر ممن يقوله ؛ لأنه لا يجوز وجود معجزة وإحالة طبيعية لغير الأنبياء أصلا، ولأنه لو كان حقيقة لما كان هناك فرق بين النبي وغير النبي.
قال ابن حزم :
السحر تخييل وتحيل، لا حقيقة له، ولا يقلب عينا، ولا يحيل طبيعة.
برهان ذلك :
١ قول الله عز وجل :﴿ فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ٦٦ ﴾٢٠.
فأخبر الله تعالى أن عمل أولئك السحرة إنما كان تخييلا لا حقيقة له.
٢ وقال تعالى :﴿ إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى ﴾٢١.
فأخبر تعالى أنه كيد لا حقيقة له.
٣ حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، حدثنا أحمد بن عبد البصير، قال : ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا محمد بن عبد السلام الخشني، ثنا محمد بن المثني، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق الشيباني، عن بشير عن عمرو قال : ذكر الغيلان٢٢ عند عمر بن الخطاب فقالوا : إنهم يتحولون. فقال عمر : " إنه ليس أحد يتحول عن خلقه الذي خلق له، لكن لهم سحرة كسحرتكم، فإذا خشيتم شيئا من ذلك فأذنوا " ٢٣.
فهذا عمر رضي الله عنه يبطل إحالة الطبائع، ويقول : إن السحر ليس فيه إحالة طبع. وهذا نص قولنا، والحمد لله رب العالمين كثيرا٢٤.
ولو كان السحر يحيل طبيعة ؛ لكان من جنس أعلام النبوة، التي هي شهادة الله عز وجل للأنبياء بحقهم وصدقهم، وهذا خروج عن الإسلام ممن ساوى بين الأمرين، وخروج عن المعقول أيضا، ومكابرة للضرورة، ولا يجوز وجود معجزة، وإحالة طبيعة لغير نبي أصلا، ولو كان ذلك لما كان بين النبي وغير النبي فرق٢٥.
فإن قيل : قد قال الله عز وجل :﴿ سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم ﴾٢٦.
قلنا : نعم. إنها حيل عظيمة وإثم عظيم، إذ قصدوا بها معارضة معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم كادوا عيون الناس، إذ أوهموهم أن تلك الحبال والعصي تسعى، واتفقت الآيات كلها، والحمد لله رب العالمين.
وكان الذي قدر أن من لا يدري حيلهم من أنها تسعى ظنا أصله اليقين، وذلك لأنهم رأوا صفات حيات رقط طوال تضطرب فسارعوا إلى الظن، وقدروا أنها ذات حياة، ولو أمنعوا النظر وفتشوها لوقفوا على الحيلة فيها، وأنها ملئت زئبقا ولد فيها تلك الحركات، كما يفعل العجائبي الذي يضرب بسكينة في جسم إنسان، فيظن من رآه ممن لا يدري حيلة أن السكين غاصت في جسم المضروب، وليس كذلك بل كان نصاب السكين مثقوبا فقط، فغاصت السكين في النصاب... ، وكذلك سائر حيلهم، وقد وقفنا على جميعها ؛ فهذا هو معنى قوله تعالى :﴿ سحروا أعين الناس واسترهبوهم ﴾٢٧ أي : أنهم أوهموا الناس فيما رأوه ظنونا متوهمة لا حقيقة لها، ولو فتشوها للاح لهم الحق.
وكذلك قول الله عز وجل :﴿ فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ﴾٢٨ فهذا أمره ممكن كما يفعل النمام، وكذلك ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سحره لبيد بن الأعصم فولد ذلك عليه مرضا حتى كان يظن أنه فعل الشيء وهو لم يفعله٢٩، فليس في هذا أيضا إحالة طبيعية ولا قلب عين، وإنما هو تأثير بقوة لتلك الصناعة، ونحن نجد الإنسان يسب أو يقابل بحركة يغضب منها، فيستحيل من الحلم إلى الطيش، وعن السكون إلى الحركة والنزق حتى يقارب حال المجانين، وربما أمرضه ذلك، وقد قال عليه السلام : " إن من البيان لسحرا " ٣٠ لأن من البيان ما يؤثر في النفس، فيثيرها أو يسكنها عن ثورتها، ويحيلها عن عزماتها، وعلى هذا المعنى استعملت الشعراء ذكر سحر العيون، لاستمالتها للنفوس فقط٣١.
[ ٣٠ ] : المسألة الثالثة : في حكم السحر، وهل يقتل فاعله ؟
يرى ابن حزم أن السحر كبيرة من كبائر الذنوب وليس كفرا، وإذا لم يكن كفرا فلا يحل قتل فاعله، وقد أورد ابن حزم الخلاف في المسألة فقال :
اختلف الناس في السح
١ انظر تحرير القول في عصمة الملائكة ص (٨٧).
٢ هو عمير بن سعيد النخعي الصهباني، أبو يحيى الكوفي روى عن علي، وأبي موسى وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود، والحسن بن علي، وغيرهم وأخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وثقه يحيى بن معين، وابن سعد، والعجلي، وابن حبان، مات سنة ١٠٧هـ وقيل: ١١٥هـ
وقد رد ابن حجر على ابن حزم في تجهيله له فقال بعد ترجمته: "وأفرط أبو محمد ابن حزم في الكلام على الملائكة من كتاب "الملل والنحل" فقال: إنه مجهول، وإنه روى حديثين عن علي لم نعلم له غيرهما، أحدهما في ذكر شارب الخمر، يعني الذي أخرجه البخاري، والآخر في قصة هاروت وماروت وقال: كلاهما كذب. كذا قال، ولقد استعظمت هذا القول ولولا شرطي في كتابي هذا ما عرجت عليه فإنه من أشنع ما وقع لابن حزم سامحه الله، وقد وقفنا له عن علي على حديث آخر أنه كبر على يزيد بن المكفف أربعا، وله روايات عن غير علي، فما أدري هذا الجزم من ابن حزم" أ هـ من تهذيب التهذيب (١٢٩/٨)
وانظر: العجاب (٣٣٨/١) الطبقات الكبرى لابن سعد (١٧٠/٦) ومعرفة الثقات للعجلي (١٩٢/٢) والجرح والتعديل (٣٧٦/٦) والثقات لابن حبان (٢٥٢/٥) ولسان الميزان (٣٧٩/٤).

٣ عن عمير بن سعيد قال: سمعت عليا يقول: "كانت الزهرة امرأة جميلة من أهل فارس، وأنها خاصمت الملكين هاروت وماروت فراوداها عن نفسها، فأبت إلا أن يعلماها الكلام الذي إذا تكلم به يعرج به إلى السماء فعلماها، فتكلمت به، فعرجت إلى السماء فمسخت كوكبا".
وهذا الأثر أخرجه ابن جرير في تفسيره ـ واللفظ له ـ (٥٠٢/١) من طريق حماد بن زيد، عن خالد الحذاء عن عمير به.
وأخرجه عبد بن حميد [كما في العجاب ٣٢٢/١] والحاكم في المستدرك وصححه (٢٩١/٢) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن عمير به. وفي سياقه بعض الاختلاف.
وأخرجه أبو الشيخ في العظمة(١٢٢٣/٤) من طريق إسماعيل بن خالد عن عمير به.
وذكره السيوطي في الدر (١٨٦/١) وزاد في نسبته لإسحاق بن راهويه، وابن أبي الدنيا في العقوبات.
قال ابن كثير في تفسيره (١٤٣/١): "رجال إسناده ثقات وهو غريب جدا"
وقال الحافظ ابن حجر في (العجاب ٣٢٢/١) :"هذا سند صحيح، وحكمه أن يكون مرفوعا لأنه لا مجال للرأي فيه، وما كان علي رضي الله عنه يأخذ عن أهل الكتاب " أ هـ
وروي عن علي مرفوعا بلفظ: "لعن الله الزهرة، فإنها هي التي فتنت الملكين هاروت وماروت".
رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة [كما في سلسلة الأحاديث الضعيفة، للألباني (٣١٥/٢) وابن مردويه في تفسيره [كما في تفسير ابن كثير ١٤٣/١]
وذكر ه السيوطي في الدر (١٨٦/١) ونسبه لإسحاق بن راهويه وابن المنذر.
قال عنه ابن كثير في تفسيره (١٤٣/١): "لا يصح وهو منكر جدا" وحكم عليه بالوضع الألباني، في سلسلة الأحاديث الضعيفة (٣١٥/٢).

٤ عن عمير بن سعيد النخعي قال: سمعت علي بن أبي طالب قال: "ما كنت لأقيم حدا على أحد فيموت فأجد في نفسي إلا صاحب الخمر فإنه لو مات وديته وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه".
أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الحدود باب الضرب بالنعال، حديث (٦٧٧٨) ومسلم في كتاب الحدود باب حد الخمر حديث (١٧٠٧)
قال الحافظ بن حجر في الفتح (٦٩/١٢): "وقد أعل ابن حزم الخبر بالاختلاف في اسم عمير واسم أبيه وليست بعلة تقدح بروايته وقد عرفه ووثقه من صحيح حديثه"
وقال في العجاب (٣٣٨/١): "ولا نعرف أحدا قدح في سنده قبله [يريد ابن حزم] ولا جرح في عمير بن سعيد ولا قال إنه مجهول" وانظر: التهذيب (١٢٩/٨).

٥ الحجر: ٨.
٦ الأنعام: ٩.
٧ الأنعام: ٩.
٨ الفرقان: ٢١، ٢٢.
٩ الفصل (٣٢٣/ ٢ـ ٣٢٤) بتصرف يسير.
١٠ هو خالد بن أبي عمران التجيي مولى عمرو بن حارثة الإمام القدوة قاضي أفريقية أبو عمرو وقيل: أبو محمد التونسي كان فقيه أهل المغرب، ثقة ثبتا صالحا ربانيا، يقال: كان مجاب الدعوة توفي سنة ١٢٥ هـ، وقيل: ١٢٧ هـ سير أعلام النبلاء (٣٧٨/٥) تهذيب التهذيب (٩٥/٣)
وخبره ذكره القاضي عياض في الشفا (١٨٢/٢).

١١ وقال في موضع آخر: "وإما أن يكون هاروت وماروت ملكين نزلا بشريعة حق وبعلم ما، على أنبياء فعلماهم الدين... ثم نسخ ذلك الذي أنزل على الملكين فصار كفرا بعد أن صار إيمانا..." الفصل (٣٢٥/٢).
١٢ البقرة: ١٠٢.
١٣ الأعراف: ١٥٥.
١٤ الأنفال: ٢٨.
١٥ المدثر: ٣١.
١٦ الجن: ١٧.
١٧ البقرة: ١٠٢.
١٨ البقرة: ١٠٢.
١٩ الفصل (٢٩٧/٢ـ ٢٨١) وانظر: الكتاب نفسه (٣٢٤/٢ـ ٣٢٥) والأصول والفروع (١٠٥ـ ١٠٧).
٢٠ طه: ٦٦.
٢١ طه: ٦٩.
٢٢ الغيلان: جمع غول، وهي جنس من الجن والشياطين
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٥٥/٣) لسان العرب (١٤٦/١٠ـ ١٤٧).

٢٣ رجال الإسناد:
ـ أحمد بن عبد البصير، روى عن قاسم بن أصبغ، وروى عنه أبو عبد الله محمد بن سعيد بن نبات جذوة المقتبس (١٢٢) بغية الملتمس (١٦٢)
ـ محمد بن المثنى بن عبيد العنزي، أبو موسى البصري، المعروف بالزمن، ثقة ثبت، مات سنة ٢٥٢ هـ التقريب (٢١٣/٢)
ـ عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري مولاهم، أبو سعيد البصري، ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث، قال ابن المديني: ما رأيت أعلم منه، روى له الجماعة مات سنة ١٩٨ هـ التقريب (٤٦٣/١)
ـ أبو إسحاق الشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان الكوفي، ثقة، روى له الجماعة، مات في حدود ١٤٠ هـ التقريب (٣١٤/٢)
ـ بشير بن عمرو ولد في عام الهجرة، من بني مالك بن النجار، مدني له صحبة، مات سنة ٨٥هـ وقد اختلف في اسمه فقيل: بشير بن عمرو وقيل: أسير بن عمرو، وقيل: أسير بن جابر، ورجح ابن حجر الأول. انظر: الجرح والتعديل (٣٧٥/٢) والإصابة (٣٦١/١)
وبقية رجال الإسناد تقدموا:
* تخريج الأثر:
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١٦٢/٥) من طريق سفيان الثوري به. ورجال إسناده ثقات، ووقع فيه عن أسير بن عمرو، وقد تقدم الاختلاف في اسمه.

٢٤ الدرة (١٩٢ ـ ١٩٤) وانظر: الفصل (١٧١/ ٣ـ ١٧٢).
٢٥ الدرة (١٩٤).
٢٦ الأعراف: ١١٦.
٢٧ الأعراف: ١١٦.
٢٨ البقرة: ١٠٢.
٢٩ عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي لكنه دعا ودعا ثم قال يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال أحدهما لصاحبه ما وجع الرجل فقال مطبوب قال ومن طبه قال لبيد بن الأعصم قال في أي شيء قال في مشط ومشاطة وجف طلع نخلة ذكر قال وأين هو قال في بئر ذروان فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه فقال يا عائشة كأن ماءها نقاعة الحناء أو كأن رؤوس نخلها رؤوش الشياطين قلت يا رسول الله أفلا استخرجته قال قد عافاني الله فكرهت أن أثور على الناس فيه شرا فأمر بها فدفنت تابعه أبو أسامة وأبو ضمرة وابن أبي الزناد عن هشام وقال الليث وابن عيينة عن هشام في مشط ومشاقة يقال المشاطة ما يخرج من الشعر إذا مشط والمشاقة من مشاقة الكتان
أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب الطب، باب السحر حديث (٥٧٦٣) ومسلم في كتاب السلام، باب السحر حديث (٢١٨٩)
.

٣٠ أخرجه البخاري من حديث ابن عمر في كتاب النكاح، باب الخطبة حديث (٥١٤٦) وفي الكتاب نفسه باب إن من البيان سحر حديث (٥٧٦٧).
٣١ الفصل (١٧٢/ ٣ـ ١٧٣) باختصار وانظر: المحلى (٥٨/١) والأصول والفروع (١٣٤/١٣٥).
قوله تعالى :﴿ ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير١٠٦ ﴾ وفيه مسألتان :
[ ٣١ ] المسألة الأولى : في نسخ القرآن بالسنة، والسنة بالقرآن.
يرى ابن حزم جواز نسخ القرآن بالسنة، والسنة بالقرآن، سواء كانت السنة منقولة بالتواتر أو بأخبار الآحاد.
قال ابن حزم : اختلف الناس في هذا بعد أن اتفقوا على جواز نسخ القرآن بالقرآن، وجواز نسخ السنة بالسنة، فقالت طائفة : لا تنسخ السنة بالقرآن ولا القرآن بالسنة.
وقالت طائفة : جائز كل ذلك، والقرآن ينسخ بالقرآن وبالسنة، والسنة تنسخ بالقرآن وبالسنة.
قال ابن حزم : وبهذا نقول وهو الصحيح، وسواء عندنا السنة المنقولة بالتواتر والسنة المنقولة بأخبار الآحاد، كل ذلك ينسخ بعضه بعضا، وينسخ الآيات من القرآن، وينسخه الآيات من القرآن.
برهان ذلك : ما بيناه من وجوب الطاعة لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كوجوب الطاعة لما جاء في القرآن ولا فرق، وأن ذلك من عند الله تعالى :﴿ وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى ﴾١، فإذا كان كلامه وحيا من عند الله عز وجل، والقرآن وحي، فنسخ الوحي بالوحي جائز، لأن ذلك كل سواء في أنه وحي. وقال تعالى :﴿ ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ﴾.
والمعنى : نأت بخير منها لكم، أو مثلها لكم، ولا شك أن العمل بالناسخ خير من العمل بالمنسوخ قبل أن ينسخ، وقد يكون الأجر على العمل بالناسخ مثل الأجر على العمل بالمنسوخ قبل أن ينسخ، وقد يكون أكثر منه، إلا أن فائدة الآية أننا قد أمنا أن يكون العمل بالناسخ أقل أجرا من العمل بالمنسوخ قبل أن ينسخ، لكن إنما يكون أكثر منه أو مثله، ولا بد من أحد الوجهين، تفضلا من الله تعالى لا إله إلا هو علينا.
وأيضا فإن السنة مثل القرآن في وجهين :
أحدهما : أن كلاهما من عند الله عز وجل قال تعالى :﴿ وما ينطق عن الهوى ٣ إن هو إلا وحي يوحى٤ ﴾٢.
والثاني : استواؤهما بوجوب الطاعة بقوله تعالى :﴿ من يطع الرسول فقد أطاع الله ﴾٣
وبقوله تعالى :﴿ أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ﴾٤.
وإنما افترقا في ألا يكتب في المصحف غير القرآن ويتلى معه غيره مخلوطا به، وفي الإعجاز فقط.
وليس في العالم شيئان إلا وهما يشتبهان من وجه، ويختلفان من آخر لابد من ذلك ضرورة ولا سبيل إلى أن يختلفا من كل وجه، ولا أن يتماثلا من كل وجه، وإذ قد صح هذا كله، فالعمل بالحديث الناسخ أفضل وخير من العمل بالآية المنسوخة، وأعظم أجرا، كما قلنا قبل ولا فرق، وقد قال تعالى :﴿ ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ﴾٥ وقد تكون المشركة خير منها في الجمال وفي أشياء من الأخلاق ونحوها، وإن كانت المؤمنة خيرا عند الله تعالى، وهذا شيء يعلم حسا ومشاهدة، وبالله تعالى التوفيق٦.
[ ٣٢ ] المسألة الثانية : في توجيه القراءات في الآية.
قال ابن حزم :
قال تعالى :﴿ ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ﴾ وقد قرئ ﴿ أو ننسأها ﴾٧، ومعنى اللفظين مختلف، فالنسخ قد بينا معناه وهو رفع الحكم٨، وأما ننسها فمعناه من النسيان، وهو رفع اللفظ جملة، وأما ننسأها فهو من التأخير، ومعناه أن يؤخر العمل بها إلى مدة معلومة، ويفعل الله من كل ذلك ما شاء لا معقب لحكمه٩.
١ النجم: ٣، ٤.
٢ النجم: ٣، ٤.
٣ النساء: ٨٠.
٤ النساء: ٥٩.
٥ البقرة: ٢٢١.
٦ الإحكام (٥١٨/ ١ـ ٥٢٠) باختصار وانظر: المحلى (٧٤/١) والنبذ في أصول الفقه (٦٧).
٧ قرأ ابن كثير وأبو عمرو ﴿ننسأها﴾ بفتح النون والسين والهمز وقرأ الباقون ﴿ننسها﴾ بضم النون وكسر السين، انظر: المبسوط في القراءات العشر (١٢١) والتيسير في القراءات السبع (٦٥) والنشر في القراءات العشر (٢٢٠).
٨ عرف ابن حزم النسخ فقال: حد النسخ بيان انتهاء زمان الأمر الأول فيما لا يتكرر [الإحكام (٤٧٥/١)].
٩ الإحكام (٤٨٠/١).
قوله تعالى :﴿ ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم ١١٥ ﴾ وفيه مسألتان :
[ ٣٣ ] المسألة الأولى : في معنى قوله تعالى :﴿ فثم وجه الله ﴾.
قال ابن حزم :
قوله تعالى :﴿ فأينما تولوا فثم وجه الله ﴾ إنما معناها : فثم الله تعالى بعلمه، وقبوله لمن توجه إليه.
وقال : وجه الله تعالى إنما يراد به الله عز وجل، وليس هو غير الله تعالى، ولا نرجع منه إلى شيء سوى الله تعالى١.
[ ٣٤ ]المسألة الثانية : فيمن صلى إلى غير القبلة ناسيا أو جاهلا.
قال ابن حزم :
من صلى إلى غير القبلة ممن يقدر على معرفة جهتها عامدا أو ناسيا بطلت صلاته، ويعيد ما كان في الوقت إن كان عامدا، ويعيد أبدا إن كان ناسيا.
برهان ذلك :
أن هذين مخاطبان بالتوجه إلى المسجد الحرام في الصلاة، فصليا بخلاف ما أمرا به، ولا يجزئ ما نهى الله تعالى عنه عما أمر عز وجل به، فقد ذكرنا الحجة في أمر الناسي قبل.
فإن ذكر ذاكر : حديث أهل قباء رضي الله عنهم، وأنهم ابتدءوا الصلاة إلى بيت المقدس فأتاهم الخبر : بأن القبلة قد حولت إلى الكعبة فاستداروا كما كانوا في صلاتهم إلى الكعبة، واجترؤوا بما صلوا إلى بيت المقدس من تلك الصلاة بعينها٢.
قلنا : هذا خبر صحيح، ولا حجة فيه علينا ؛ ولا نخالفه ولله الحمد :
أول ذلك : أنه ليس فيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم ذلك فأقره، ولا حجة إلا في القرآن، أو في كلامه عليه السلام. أو في عمله أو فيما علم عليه السلام من عمل غيره فلم ينكره.
قال ابن حزم : أهل قباء رضي الله عنهم كان الفرض عليهم أن يصلوا إلى بيت المقدس فلو أنهم صلوا إلى الكعبة : لبطلت صلاتهم بلا خلاف. ولا تلزم الشريعة إلا من بلغته، لا من لم تبلغه قال الله تعالى :﴿ لأنذركم به ومن بلغ ﴾٣.
ولا شك عند أحد من الجن والإنس، ولا الملائكة : أن من كان من المسلمين بأرض الحبشة، أو بمكة من المستضعفين فإنهم تمادوا على الصلاة إلى بيت المقدس مدة طويلة.
أما أهل مكة فأياما كثيرة بعد نزول تحويل القبلة. وأما من بالحبشة : فلعلهم صلوا عاما أو أعواما حتى بلغهم تحويل القبلة، فحينئذ لزمهم الفرض، لا قبل ذلك، فإنما لزم أهل قباء التحول حين بلغهم لا قبل ذلك فانتقلوا عن فرضهم إلى فرض ناسخ لما كانوا عليه، وهذا هو الحق الذي لا يحل لأحد غيره، وأما من بلغه فرض تحويل الكعبة وعلمه وكان مخاطبا به ولم يسقط تكليفه عنه لعذر مانع، فلم يصل كما أمر ومن لم يصل كما أمر فلم يصل، لأنه لا يجزئ ما نهى الله عنه عما أمر الله تعالى به.
فإن قال قائل : قد روي عن عبد الله بن عامر بن ربيعة٤ : " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا حياله، فأصبحنا : فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى :﴿ فأينما تولوا فثم وجه الله ﴾٥ ٦.
وعن عطاء عن جابر بن عبد الله : " كنا في سرية فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة... فذكر : أنهم خطوا خطوطهم في جهات اختلافهم ؛ فلما أصبحوا أصبنا تلك الخطوط لغير القبلة، فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى :﴿ فأينما تولوا فثم وجه الله ﴾٧ ٨.
فإن هذين الخبرين لا يصحان ؛ لأن حديث عبد الله بن عامر لم يروه إلا عاصم بن عبيد الله٩، ولم يرو حديث جابر إلا عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي١٠ عن عطاء وعاصم وعبد الملك ساقطان.
ثم لو صحا لكانا حجة لنا، لأن هؤلاء جهلوا، وصلاة الجاهل تامة، وليس الناسي كذلك وبالله تعالى التوفيق١١.
١ الفصل (٣/٢) باختصار وانظر: المحلى (٥٥/١).
٢ عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه إلى الكعبة فأنزل الله ﴿قد نرى تقلب وجهك في السماء﴾ فتوجه نحو الكعبة وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ﴿ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم﴾ فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم رجل ثم خرج بعد ما صلى فمر على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال هو يشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه توجه نحو الكعبة فتحرف القوم حتى توجهوا نحو الكعبة" أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان حديث (٣٩٩) ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة حديث (٥٢٥).
٣ الأنعام: ١٩.
٤ هو عبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي، حليف بن عدي أبو محمد المدني، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولأبيه صحية مشهورة، وثقه العجلي، روى له الجماعة، مات سنة بضع وثمانين التقريب (٤٠١/١).
٥ البقرة: ١١٥.
٦ أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (١٥٦) والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الرجل يصلي لغير القبلة حديث (٣٤٥) وفي كتاب التفسير باب ومن سورة البقرة حديث (٢٩٥٧) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب من يصلي لغير القبلة وهو لا يعلم، حديث (١٠٢٠) وابن جرير في تفسيره (٥٥٠/١) وابن أبي حاتم في تفسيره (٣٤٤/١) محقق والدارقطني في سننه (٢٧٢/١) وأبو نعيم في الحلية (١٧٩/١) والبيهقي في السنن الكبرى (١١/٢)
والواحدي في أسباب النزول (٣٧/١)
جميعهم من طريق أشعث بن سعيد السمان عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه مرفوعا.
وقد ذكره بن حزم عن عبد الله بن ربيعة مرفوعا، ولعله أراد الاختصار إذ هو عن أبيه مرفوعا.
وهذا الحديث فيه أشعث بن سعيد السمان متفق على ضعفه، وكذا شيخه عاصم بن عبيد الله [انظر: الجرح والتعديل (٢٧٢/٢) (٣٤٧/٦) والمجروحين (١٧٢/١) (١٢٧/٢) والميزان (٤٢٦/١) (٨/٤) والتاريخ الكبير (٤٣٠/١) (٦٨٤/٦) والتهذيب (٣٠٧/١) (٤٢/٥)]
قال الترمذي في كتاب الصلاة الموضع السابقـ :"هذا حديث ليس إسناده بذاك لا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان، وأشعث بن سعيد أبو الربيع السمان يضعف في الحديث" وقال في الموضع الثاني: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان أبي الربيع، عن عاصم بن عبيد الله، وأشعث يضعف في الحديث" أ هـ
وقد نقل ابن كثير في تفسيره (١٦٣/١ـ ١٦٤) كلام الترمذي ثم قال: "قلت: وشيخه عاصم أيضا ضعيف، قال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن معين: ضعيف لا يحتج به، وقال ابن حبان: متروك والله أعلم. وقد روي من طريق جابر... فذكره ثم قال: ورواه ابن مردويه من حديث الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس... فذكره حتى قال: وهذه الأسانيد فيها ضعف، ولعله يشد بعضها بعضا" أ هـ
وقد أخرجه أبو داود الطيالسي (١٥٦) من طريق عمرو بن قيس الملائي عن عاصم بن عبيد الله به.
وعمرو بن قيس: ثقة متقن مخرج له في صحيح مسلم [انظر: التقريب (٨٣/٢)]
وحكم الألباني على الحديث بالحسن وجعل حديث جابر الآتي شاهدا له، وسيأتي الحكم عليهما معا إن شاء الله تعالى. [انظر: إرواء الغليل (٣٢٣/١ـ ٣٢٤)].

٧ البقرة: ١١٥.
٨ روي هذا الحديث عن جابر رضي الله عنه من ثلاث طرق:
الأول: طريق احمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري، قال: وجدت في كتاب أبي حدثنا عبد الملك العرزمي عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية كنت فيها، فأصابتنا ظلمة، فلم نعرف القبلة. فقالت طائفة منا: قد عرفنا القبلة، هي ها هنا قبل الشمال، فصلوا وخطوا خطا، وقال بعضنا: القبلة هاهنا قبل الجنوب، وخطوا خطا فلما أصبحوا وطلعت الشمس، أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة فلما قفلنا من سفرنا، سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فسكت وأنزل الله: ﴿ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله﴾ أي: حيث كنتم أ هـ
أخرجه الدارقطني في سننه (٢٧١/١) واللفظ له. والبيهقي في السنن الكبرى (١١/٢) وابن مردويه [كما في تفسير ابن كثير (١٦٣/١] والواحدي في أسباب النزول(٣٧/١)
قال البيهقي: "والطريق إلى عبد الملك العرزمي غير واضح لما فيه من الوجادة وغيرها"
وقال ابن القطان: "وعلة هذا [يعني هذا الطريق] الانقطاع فيما بين أحمد بن عبيد الله وأبيه، والجهل بحال أحمد المذكور، وما مس به أيضا عبيد الله بن الحسن العنبري من المذهب على ما ذكره ابن خثيمة وغيره" أ هـ من [نصب الراية (٤٢٠/١)]
أما الألباني فقد حسن هذا الطريق فقال بعد سياقه له ـ: "وعبد الملك هذا ثقة من رجال مسلم، لكن أحمد بن عبيد الله العنبري ليس بالمشهور قال الذهبي: قال ابن القطان: مجهول قال الحافظ في اللسان (٢١٨/١): "وذكره ابن حبان في الثقات (٣١/٨) فقال: روى عن ابن عتبة، وعنه ابن الباغندي، لم يثبت عدالته، وابن القطان تبع ابن حزم في إطلاق التجهيل على من لا يطلعون على حاله. وهذا الرجل بصري شهير. وهو ولد عبيد الله القاضي المشهور" أهـ كلام ابن حجر قال الألباني: وأعله البيهقي مما فيه الوجادة وليس بشيء" [إرواء الغليل (٣٢٤/١)]
الثاني: طريق داود بن عمرو الضبي، عن محمد بن يزيد الواسطي، عن محمد بن سالم، عن عطاء عن جابر به. وفيه أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سير أو سفر، ولم يذكر أنها سرية، وفيه قولهم :"فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يأمرنا بالإعادة وقال: قد أجزأت صلاتكم"
أخرجه الحارث في مسنده كما في بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث (٢٥٨/١) والدارقطني في سننه (٢٧١/١) والحاكم في المستدرك (٣٢٤/١) والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/٢) وهذا الطريق فيه علتان:
الأولى: محمد بن سالم، وهو الهمداني، أبو سهل الكوفي، متفق على تضعيفه [انظر الجرح والتعديل (٢٧٢/٧) وتهذيب التهذيب (١٥٥/٩)] وضعف الحديث به: الدارقطني والبيهقي.
الثانية ـ كما قال الدارقطني والبيهقي ـ : الاختلاف فيه على محمد بن يزيد الواسطي فقد أخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق موسى بن مروان الرقي، عن محمد بن يزيد الواسطي، عن محمد بن عبيد الله العزرمي، عن عطاء، به.
وأخرجه أيضا من هذا الطريق ابن مردويه كما في تفسير ابن كثير (١٦٤/١) ومحمد بن عبيد الله العزرمي أيضا ضعيف كما سيأتي.
وأما الحاكم فإنه ـ بعد أن أخرج الحديث ـ قال: "هذا حديث محتج براوته كلهم غير محمد بن سالم فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح:.
وتعقبه الذهبي في التلخيص فقال: "قلت: هو أبو سهل واه"
الثالث: طريق محمد بن عبيد الله العزرمي، عن عطاء، به.
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١٠/٢) عن محمد بن عبيد الله من طريقين.
طريق موسى بن مروان الرقي، عن محمد بن يزيد الواسطي به. وقد تقدم حكم الدارقطني والبيهقي على هذا الطريق بالاضطراب.
ـ طريق الحارث بن نبهان، عن محمد بن عبيد الله العزرمي به.
وأخرجه ابن مردويه [كما في تفسير ابن كثير ١٦٤/١)] من طريق محمد بن عبيد الله العزرمي به.
وآفة هذا الطريق محمد بن عبيد الله العزرمي، فإنه متروك باتفاق. [انظر: المجروحين لابن حبان (٢٤٦/٢) والجرح والتعديل (١/٨) وتهذيب التهذيب (٢٨٧/٩)]
وقد ضعف هذا الطريق به: الدارقطني في سننه (٢٧١/١) والبيهقي في الموضع السابق.
وفي الحديث علة أخرى ذكرها ابن القطان [كما في نصب الراية (٤٢٠/١) وهي الاضطراب في المتن، فمرة قال: في غزوة كان فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم والرواية الأخرى: سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكن للحديث شاهدان آخران يتقوى بهما:
الأول: أخرجه ابن مردويه [كما في تفسير ابن كثير (١٦٤/١)] من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس بنحوه.
والثاني: أخرجه الطبراني في الأوسط (١٨٤/١) من حديث معاذ بنحوه.
النتيجة:
أن الحديث بمجموع طرقه وشواهده يرتقي لدرجة الحسن لغيره، كما قرر ذلك الترمذي وابن كثير والألباني. [انظر: تفسير ابن كثير (١٦٤/١) إرواء الغليل (٣٢٣/١ـ ٣٢٤)].

٩ هو عاصم بين عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي المدني، مات سنة ١٣٢ هـ
قال ابن معين: ضعيف وقال أبو حاتم والبخاري: منكر الحديث، وقال ابن حبان: كان سيء الحفظ كثير الوهم، وقال ابن حجر: ضعيف انظر: الجرح والتعديل (٣٤٧/٦) والتاريخ الكبير (٤٨٤/٦) والمجروحين (١٢٧/٢) والتقريب (٣٦٦/١) والتهذيب (٤٢/٥).

١٠ هو عبد الملك بن أبي سليمان ميسرة، العرزمي روى له البخاري تعليقا، ومسلم والأربعة، مات سنة ١٤٥ هـ
قال ابن سعد: كان ثقة مأمونا، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر: صدوق له أوهام انظر: طبقات ابن سعد (٣٥٠/٦) والثقات لابن حبان (٩٧/٧) التقريب (٤٨١/١).

١١ المحلى (٢٥٨/٢ ـ ٢٦١) باختصار.
وللحديث شاهد من رواية ابن عمر مرفوعا:
أخرجه الدارقطني في سننه (٢٧١/١) والحاكم في المستدرك (٣٢٣/١) والبيهقي في السنن الكبرى (٩/٢) عن يزيد بن هارون أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المجبر، عن نافع عن ابن عمر به.
وأخرجه الدارقطني في سننه (٢٧٠/١) والحاكم (٣٢٣/١) والبيهقي في السنن الكبرى (٩/٢)
من دريق أبي يوسف يعقوب بن يوسف الواسطي، ثنا شعيب بن أيوب، ثنا عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع به
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.
وقد روي موقوفا على عمر، وابن عمر، وعلي، وابن عباس، رضي الله عنهم. أخرجها ابن أبي شيبة في المصنف (٢٥٦/ ٢ـ ٢٥٧) انظر: نصب الراية (٤١٨/١) إرواء الغليل (٣٢٤/١ـ ٣٢٦)
النتيجة:
أن الحديث صحيح، وقد صححه الترمذي والحاكم كما سبق، والألباني في إرواء الغليل (٣٢٤/١ـ ٣٢٦).

قوله تعالى :﴿ وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم ١٤٣ ﴾
[ ٣٥ ] مسألة : في معنى الإيمان في قوله تعالى :﴿ وما كان الله ليضيع إيمانكم ﴾.
قال ابن حزم :
قوله تعالى :﴿ وما كان الله ليضيع إيمانكم ﴾ إنما عني بذلك صلاتهم إلى بيت المقدس قبل أن ينسخ بالصلاة إلى الكعبة١.
١ الفصل: (٢١٤/٢ـ ٢١٥) باختصار.
قوله تعالى :﴿ قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون١٤٤ ﴾.
[ ٣٦ ] : مسألة : في حكم استقبال القبلة في صلاة الفرض.
قال ابن حزم :
واستقبال جهة الكعبة بالوجه والجسد فرض على المصلي حاشا المتطوع راكبا، فمن كان مغلوبا بمرض أو بجهد أو بخوف أو بإكراه فتجزيه صلاته كما يقدر، وينوي في كل ذلك التوجه إلى الكعبة.
برهان ذلك :
قوله تعالى :﴿ فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ﴾ والمسجد الحرام في المبدأ : إنما هو البيت فقط، ثم زيد فيه الشيء بعد الشيء. ولا خلاف بين أحد من الأمة في أن امرءا لو كان بمكة بحيث يقدر على استقبال الكعبة في صلاته : فصرف وجهه عامدا عنها إلى أبعاض المسجد الحرام من خارجه أو من داخله فإن صلاته باطل، وأنه إن استجاز ذلك : كافر.
وأما المريض والجاهل والخائف والمكره فإن الله تعالى يقول :﴿ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ﴾١.
١ البقرة: ٢٨٦.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " ١ ٢.
قوله تعالى :﴿ ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون ١٥٠ ﴾.
[ ٣٧ ] مسألة : في حكم الصلاة في جوف الكعبة وعلى ظهرها.
قال ابن حزم :
والصلاة جائزة على ظهر الكعبة، وعلى أبي قبيس٣، وعلى كل سقف بمكة، وإن كان أعلى من الكعبة وفي جوف الكعبة أينما شئت منها، الفريضة والنافلة سواء.
وقال مالك : لا تجوز الصلاة في جوف الكعبة. الفرض خاصة، أجاز فيها التنفل٤.
واحتج أتباع مالك بأن قالوا : إن من صلى داخل الكعبة فقد استدبر بعض الكعبة.
قال ابن حزم : إنما قال الله عز وجل ﴿ ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره ﴾٥.
فلو كان ما ذكره المالكيون حجة لما حل لأحد أن يصلي في المسجد الحرام ؛ لأنه هو القبلة بنص كلام الله تعالى في القرآن، وكل من يصلي فيه فلا بد له من أن يستدبر بعضه، فظهر فساد هذا القول وأيضا : فإن كل من صلى إلى المسجد الحرام، أو إلى الكعبة فلا بد من أن يترك بعضها عن يمينه وبعضها عن شماله، ولا فرق عند أحد من أهل الإسلام في أنه لا فرق بين استدبار القبلة في الصلاة، وبين أن يجعلها على يمينه أو على شماله.
فصح أنه لم يكلفنا الله عز وجل قط مراعاة هذا، وإنما كلفنا أن نقابل بأوجهنا ما قابلنا من جدار الكعبة أو من جدار المسجد قبالة الكعبة حيثما كنا فقط :
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد، ثنا الفربري، ثنا البخاري، ثنا عبد الله بن يوسف، قال : أنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال : " دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة وأسامة بن زيد وبلال، وعثمان بن طلحة الحجبي٦، فأغلقها عليه ومكث فيها، فسألت بلالا حين خرج : ما صنع النبي صلى الله عليه وسلم قال : جعل عمودا عن يساره وعمودين٧ عن يمينه وثلاثة أعمدة من ورائه ثم صلى " ٨.
قال ابن حزم : ما قال أحد قط إن صلاته المذكورة صلى الله عليه وسلم كانت إلى غير القبلة، وقد نص عليه السلام على أن الأرض كلها مسجد، وباطن الكعبة أطيب الأرض وأفضلها، فهي أفضل المساجد وأولاها بصلاة الفرض والنافلة.
والتفريق بين الفرض والنافلة بلا قرآن ولا سنة ولا إجماع خطأ وبالله تعالى التوفيق.
وكل مكان أعلى من الكعبة فإنما علينا مقابلة جهة الكعبة فقط ؛ وقد هدمت الكعبة لتجدد فما قال أحد ببطلان صلاة المسلمين.
وإنما جاء النهي عن الصلاة [ على ] ظهر بيت الله الحرام، من طريق زيد بن جبيرة٩، وهو لا شيء.
ومن طريق عبد الله بن صالح١٠ كاتب الليث وهو ضعيف١١ ١٢.
١ أخرجه من حديث أبي هريرة: البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن النبي صلى الله عليه وسلم، حديث (٧٢٨٨)
ومسلم في كتاب الحج باب فرض الحج مرة في العمر حديث (١٣٣٧).

٢ المحلى (٢٥٧/ ٢ـ ٢٥٨) باختصار وانظر: مراتب الإجماع (٢٦).
٣ أبو قبيس ـ بالتصغير ـ هو اسم الجبل المشرف على مكة وجهه إلى قعيقعان ومكة بينهما، أبو قبيس من شرقيها، وقعيقعان من غربيها معجم البلدان لياقوت (٨٠/١).
٤ المدونة (١٨٣/١).
٥ البقرة: ١٥٠.
٦ هو عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عثمان بن عثمان بن عبد الدار العبدري، الحجبي صحابي شهير مات سنة ٤٢ هـ التقريب (١٣/٢).
٧ روى البخاري هذا الحديث عن مالك من طريقين:
ـ طريق عبد الله بن يوسف وفيه: "جعل عمودا عن يساره، وعمودا عن يمينه..."
ـ طريق إسماعيل بن إدريس وفيه: "جعل عمودا عن يساره وعمودين عن يمينه..."
وابن حزم أورده من طريق عبد الله بن يوسف، بلفظ: "وعمودين عن يمينه" فلعله وهم في ذلك أو الوهم من أحد شيوخه.

٨ رجال الإسناد:
ـ إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم البلخي المستملي، رواي الصحيح عن الفربري، حدث عنه: أبو ذر عبد بن أحمد، وعبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الهمذاني، وأحمد بن محمد البلخي، وكان سماعه للصحيح في سنة ٣١٤ هـ قال أبو ذر: كان من الحافظين المتقنين ببلخ، مات سنة ٣٧٦ هـ سير أعلام النبلاء (٤٩٢/ ١٦)
ـ الفربري: هو محمد بن يوسف: تقدم.
ـ عبد الله بن يوسف التنيسي، أبو محمد الكلامي، أصله من دمشق، ثقة متقن، من أثبت الناس في الموطأ، روى له البخاري وأبو داود، والترمذي والنسائي مات سنة ٢١٨ هـ التقريب (٤٣٢/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة بين السواري في غير جماعة، حديث (٥٠٥).

٩ هو زيد بن جبيرة بن محمود بن أبي جبيرة بن الضحاك الأنصاري، أبو جبيرة المدني، روى له الترمذي، وابن ماجه.
قال البخاري: منكر الحديث وقال ابن معين: لا شيء وقال النسائي: ليس بثقة وقال ابن حاتم: ضعيف الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد، وقال ابن حبان: يروي المناكير عن المشاهير وقال الدارقطني: ضعيف وقال ابن حجر: متروك.
التاريخ الصغير (٦٣/٢) سؤالات ابن جنيد (٤) الضعفاء والمتروكين للنسائي (١٢٥) الكامل (٢٠٢/٣) المجروحين لابن حبان (٣٠٩/١) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٥٥٩/٣) التقريب (٢٦٧/١) التهذيب (٣٤٦/٣)..

١٠ هو عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم الجهني، أبو صالح المصري، كاتب الليث روى له البخاري تعليقا، وأبو داود والترمذي وابن ماجه مات سنة ٢٢٢هـ
قال النسائي: ليس بثقة، وقال الحاكم ذاهب الحديث، وقال ابن حجر: صدوق كثير الغلط ثبت في كتابه وكانت فيه غفلة. الضعفاء والمتروكين للنسائي (٦٣) الجرح والتعديل (٨٦/٥) التقريب (٤٠٠/١) تهذيب التهذيب (٢٢٥/٥).

١١ حديث النهي عن الصلاة على ظهر الكعبة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر، وعمر رضي الله عنهما: أولا: حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي معاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله"
أخرجه الترمذي واللفظ له في كتاب أبواب الصلاة باب ما جاء في كراهية ما يصلي إليه وفيه حديث (٣٤٦)
وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب المواضع التي تكره فيها الصلاة حديث (٧٤٦)وعبد بن حميد في المنتخب (٢٤٦) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٣٨٣/١) والبيهقي في السنن الكبرى (٣٢٩/٢)
جميعهم من طريق زيد بن جبيرة، عن داود بن الحصين عن نافع عن ابن عمر به.
قال الترمذي: "إسناده ليس بذاك القوي وقد تكلم في زيد بن جبيرة من قبل حفظه"
وقال البيهقي: "تفرد به زيد بن جبيرة"
وقال الزيلعي في نصب الراية (٣٧٧/٢) "زيد بن جبيرة اتفق الناس على ضعفه"
ثانيا: حديث عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سبع مواطن لا تجوز فيها الصلاة ظاهر بيت الله والمقبرة، والمزبلة، والمجزرة، والحمام وعطن الإبل ومحجة الطريق"
أخرجه ابن ماجه في الموضع السابق، حديث (٧٤٧) من طريق أبي صالح واسمه عبد الله بن صالح ـ عن الليث عن نافع، عن ابن عمر عن عمر به.
قال الترمذي في سننه (١٧٩/٢) "وقد روى الليث بن سعد هذا الحديث عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وحديث داود عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أشبه وأصح من حديث الليث بن سعد. وعبد الله بن عمر العمري ضعفه بعض أهل الحديث من قبل حفظه منهم يحيى بن سعيد القطان" أ هـ وعبد الله بن عمر العمري الذي ذكره الترمذي ساقط من الإسناد عند ابن ماجه وقد أشار الحافظ ابن حجر في التلخيص (٣٨٧/١) لذلك فقال: "وفي سند ابن ماجه عبد الله بن صالح، وعبد الله بن عمر العمري المذكور في سنده ضعيف أيضا، ووقع في بعض النسخ بسقوط عبد الله بن عمر بين الليث ونافع، فصار ظاهره الصحة. وقال ابن أبي حاتم في العلل (١٤٨/١) عن أبيه: هما جميعا واهيان [يريد حديث ابن عمر وعمر] وصححه ابن السكن وإمام الحرمين" أ هـ
انظر: نصب الراية (٣٧٧/٢ـ ٣٧٨) إرواء الغليل (٣١٨/ ١ـ٣١٩)
النتيجة:
أن الحديث ضعيف، لضعف زيد بن جبيرة، وعبد الله بن صالح، وعبد الله العمري، وممن ضعفه غير ما ذكر: الألباني في الإرواء (٣١٨/١).

١٢ ؟؟؟؟؟.
قوله تعالى :﴿ إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ١٥٨ ﴾.
[ ٣٨ ] مسألة : في حكم السعي بين الصفا والمروة في العمرة والحج.
قال ابن حزم :
السعي بين الصفا والمروة في العمرة فرض، قال تعالى :
﴿ إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ﴾.
وروينا عن عائشة رضي الله عنها إيجاب فرض السعي بينهما، وقالت في هذه الآية : إنما نزلت في ناس كانوا لا يطوفون بينهما فلما كان الإسلام طاف رسول الله١.
قال ابن حزم : لو لم تكن إلا هذه الآية لكانت غير فرض، لكن الحجة في فرض ذلك :
ما حدثناه عبد الله بن يوسف، نا أحمد بن فتح، نا عبد الوهاب بن عيسى، نا أحمد بن محمد، نا أحمد بن علي، نا مسلم بن الحجاج، نا محمد بن المثنى، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي موسى الأشعري قال : " قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منيخ بالبطحاء٢ فقال لي : أحججت ؟ فقلت : نعم. فقال : بم أهللت ؟ قال قلت : لبيت بإهلال كإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال : فقد أحسنت، طف بالبيت وبين٣ الصفا والمروة وأحل " ٤.
قال ابن حزم : بهذا صار السعي بين الصفا والمروة في العمرة فرضا.
قال ابن حزم : والخبر الذي فيه " اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي " ٥، فإنما روته صفية بنت شيبة، عن امرأة لم تسم ؛ وقد قيل : هي بنت أبي تجراة وهي مجهولة٦، ولو صح لقلنا بوجوبه٧.
١ عن عروة قال: سألت عائشة رضي الله عنها فقلت لها: أرأيت قول الله تعالى [إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة قالت: بئس ما قلت يا ابن أختي إن هذه لو كانت كما أولتها عليه كانت لا جناح عليه أن لا يتطوف بهما ولكنها أنزلت في الأنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل فكان من أهل يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة فلما أسلموا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك قالوا: يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة فأنزل الله تعالى ﴿إن الصفا والمروة من شعائر الله﴾ الآية قالت عائشة رضي الله عنها: وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن فقال: إن هذا لعلم ما كنت سمعته ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يذكرون أن الناس إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهل بمناة كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة فلما ذكر الله تعالى الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن قالوا: يا رسول الله كنا نطوف بالصفا والمروة وإن الله أنزل الطواف بالبيت فلم يذكر الصفا فهل علينا من جرح أن نطوف بالصفا والمروة فأنزل الله تعالى ﴿إن الصفا والمروة من شعائر الله﴾ الآية قال أبو بكر: فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا بالجاهلية بالصفا والمروة والذين يطوفون ثم تحرجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام من أجل أن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت
أخرجه البخاري، واللفظ له ـ في كتاب الحج، باب وجوب الصفا والمروة، وجعل من شعائر الله، حديث (١٦٤٣)
وفي باب: يفعل في العمرة ما يفعل في الحج، حديث (١٧٩٠) ومسلم في كتاب الحج باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به، حديث (١٢٧٧)
وعن عائشة قالت: "لعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة"
أخرجه مسلم في الموضع السابق.
بطحاء مكة: هي ما حاز السيل، من الردم إلى الحناطين يمينا مع البيت، وليس الصفا من البطحاء. معجم ما استعجم للبكري (٢٣٦/١).

٢ بطحاء مكة: هي ما حاز السيل، من الردم إلى الحناطين يمينا مع البيت، وليس الصفا من البطحاء. معجم ما استعجم للبكري (٢٣٦/١).
٣ لفظة "بين" ليست في صحيح مسلم.
٤ رجال الإسناد:
ـ محمد بن جعفر المدني، البصري، المعروف بغندر، ثقة صحيح الكتاب، إلا أن فيه غفلة، روى له الجماعة، مات سنة ١٩٣ هـ أو ١٩٤ هـ التقريب (١٦٠/٢)
ـ شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي، مولاهم، أبو بسطام الواسطي، ثم البصري، ثقة حافظ متقن، روى له الجماعة، مات سنة ١٦٠ هـ التقريب (٣٣٨/١)
ـ قيس بن مسلم الجدلي، بفتح الجيم، أبو عمر الكوفي، ثقة رمي بالإرجاء روى له الجماعة، مات سنة ١٢٠ هـ التقريب (١٣٧/٢)
ـ طارق بن شهاب بن عبد شمس، البجلي الأحمسي، أبو عبد الله الكوفي قال أبو داود: "رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه" روى له الجماعة، مات سنة ٨٠ هـ التقريب (٣٥٨/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا:
التخريج:
أخرجه مسلم في كتاب الحج باب في نسخ التحلل من الإحرام والأمر بالتمام (١٢٢١)
وأخرجه بلفظ من طريق شعبة بن الحجاج البخاري في كتاب الحج، باب متى يحل المعتمر، حديث (١٧٩٥).

٥ سيأتي تخريجه ص: (٢١٠ ـ ٢١١).
٦ هي حبيبة بنت أبي تجراه، قال ابن حجر: "بكسر المثناة وسكون الجيم، بعدها راء ثم ألف ساكنة ثم هاء، وهي إحدى نساء بني عبد الدار" فتح الباري (٥٨٢/٣) وقال ابن الأثير [في أسد الغابة (٤٢٢/١٥)] "قد جعلها أبو عمر ـ ابن عبد البر ـ في الاستيعاب (١٨٠٦/٤) غير تملك وأما ابن مسنده وأبو نعيم فلم يذكرا ما يدل على أنها هي، ولا غيرها والذي يغلب على الظن أنها هي واختلف في اسمها".
٧ المحلى (٨٥/ ٥ـ ٨٦) باختصار وتصرف يسير.
انظر: نصب الراية (١٣٧/ ٣ ـ ١٣٩) طرح التثريب (١٠٥/ ٥ـ ١٠٦) الفتح السماوي (٢٠٢/ ١ـ ٢٠٤) إرواء الغليل (٢٦٨/٤ـ ٢٧٠)
النتيجة:
أن الحديث صحيح بمجموع طرقه وشواهده. وقد حسنه المنذري [كما في طرح التثريب ١٠٥/٥] والنووي في المجموع (١٠٤/٨) وصححه: المزي وابن عبد الهادي [كما في الإرواء ٢٧٠/٤] والحافظ ابن حجر في الفتح (٥٨٢/٣) والألباني في الإرواء (٢٦٨/ ٤ـ ٢٧٠).

قوله تعالى :﴿ إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم ١٧٣ ﴾.
وفيه أربع مسائل :
[ ٣٩ ] : المسألة الأولى : في حكم تناول المضطر للميتة في سفر المعصية.
قال ابن حزم :
ومن كان في سبيل معصية كسفر لا يحل، أو قتال لا يحل، فلم يجد شيئا يأكل إلا الميتة، أو الدم، أو خنزيرا، أو لحم سبع أو بعض ما حرم عليه، لم يحل له أكله إلا حتى يتوب، فإن تاب فليأكل حلالا، وإن لم يتب فإن أكل حراما، وإن لم يأكل، فهو عاص لله تعالى بكل حال.
برهان ذلك قول الله تعالى :﴿ فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم ﴾١.
وقوله :﴿ فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ﴾.
فإنما أباح تعالى ما حرمه بالضرورة من لم يتجانف لإثم، ومن لم يكن باغيا ولا عاديا.
وأكله ذلك عون على الإثم والعدوان. وقوة له على قطع الطريق وفساد السبيل، وقتل المسلمين، وهذا عظيم جدا.
روينا عن مجاهد ﴿ غير باغ ولا عاد ﴾ غير باغ على المسلمين، ولا عاد عليهم.
قال مجاهد : ومن يخرج لقطع الطريق، أو في معصية الله تعالى، فاضطر إلى الميتة لم تحل له، إنما تحل لمن خرج في سبيل الله تعالى، فإن اضطر إليها فليأكل٢.
وعن سعيد بن جبير ﴿ فمن اضطر غير باغ ولا عاد ﴾ قال : إذا خرج في سبيل الله تعالى فاضطر إلى الميتة أكل، وإن خرج إلى قطع الطريق فلا رخصة له٣ ٤.
[ ٤٠ ]المسألة الثانية : في حد الضرورة المبيحة لأكل الميتة.
قال ابن حزم :
وحد الضرورة أن يبقى يوما وليلة لا يجد فيها ما يأكل أو يشرب، فإن خشي الضعف المؤذي الذي إن تمادى أدى إلى الموت، أو قطع به عن طريقه وشغله ؛ حل له الأكل والشرب فيما يدفع به عن نفسه الموت بالجوع أو العطش.
أما تحديدنا ذلك ببقاء يوم وليلة بلا أكل، فلتحريم النبي صلى الله عليه وسلم الوصال يوما وليلة٥.
وأما قولنا : إن خاف الموت قبل ذلك أو الضعف فلأنه مضطر حينئذ٦.
[ ٤١ ] : المسألة الثالثة : في مقدار ما يأكل المضطر من الميتة.
قال ابن حزم :
[ للمضطر ] أن يأكل حتى يشبع، ويتزود حتى يجد حلالا، فإذا وجده عاد الحلال من ذلك حراما كما كان عند ارتفاع الضرورة٧.
[ ٤٢ ] : المسألة الرابعة : فيمن اضطر إلى شرب الخمر.
قال ابن حزم :
من أكره على شرب الخمر، أو اضطر إليها لعطش، أو علاج، أو لدفع خنق، فشربها أو جهلها فلم يدر أنها خمر، فلا حد على أحد من هؤلاء.
أما المكره فإنه مضطر وقد قال تعالى :﴿ وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ﴾٨
وقد قال تعالى :﴿ فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ﴾.
فصح أن المضطر لا يحرم عليه شيء مما اضطر إليه من طعام، أو شراب.
وأما الجاهل، فإنه لم يتعد ما حرم الله تعالى عليه، ولا حد إلا على من علم التحريم٩.
[ ٦٢ ] المسألة الرابعة : وقت الإمساك في الصوم.
قال ابن حزم :
ولا يلزم صوم في رمضان ولا في غيره إلا بتبين طلوع الفجر الثاني وأما ما لم يتبين فالأكل والشرب والجماع مباح كل ذلك، كان على شك من طلوع الفجر أو على يقين من أنه لم يطلع.
فمن رأى الفجر وهو يأكل فليقذف ما في فمه من طعام أو شراب، وليصم ولا قضاء عليه، ومن رأى الفجر وهو يجامع فليترك من وقته، وليصم، ولا قضاء عليه، وسواء في كل ذلك كان طلوع الفجر بعد مدة طويلة أو قريبة، فلو توقف باهتا فلا شيء عليه، وصومه تام ؛ ولو أقام عامدا فعليه الكفارة.
برهان ذلك :
١ قول الله عز وجل :﴿ فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ﴾١٠.
وهذا نص ما قلنا، لأن الله تعالى أباح الوطء والأكل والشرب إلى أن يتبين لنا الفجر، ولم يقل تعالى : حتى يطلع الفجر، ولا قال : حتى تشكوا في الفجر، فلا يحل لأحد أن يقوله، ولا أن يوجب صوما بطلوعه ما لم يتبين للمرء، ثم أوجب الله تعالى التزام الصوم إلى الليل.
٢ حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد، ثنا إبراهيم بن أحمد، ثنا الفربري، ثنا البخاري، ثنا [ عبيد ] ١١ بن إسماعيل عن أبي أسامة، عن عبيد الله هو ابن عمر عن نافع والقاسم بن محمد بن أبي بكر قال القاسم :
عن عائشة وقال نافع : عن ابن عمر، قالت عائشة وابن عمر : كان بلال يؤذن بليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر " ١٢.
٣ وبه إلى البخاري : ثنا عبد الله بن مسلمة هو القعنبي عن مالك، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " قال : وكان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له : أصبحت أصبحت١٣.
٤ حدثنا عبد الله بن يوسف، ثنا أحمد بن فتح، ثنا عبد الوهاب بن عيسى، ثنا أحمد بن محمد، ثنا أحمد بن علي، ثنا مسلم بن الحجاج، ثنا شيبان بن فروخ [ ثنا عبد الوارث ] عن عبد الله بن سوادة بن حنظلة القشيري، حدثني أبي، أنه سمع سمرة بن جندب يقول :[ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ] : " لا يغرن أحدكم نداء بلال من السحور، ولا هذا البياض حتى يستطير " ١٤.
٥ وكذلك حديث عدي بن حاتم، وسهل بن سعد في الخيطين الأسود والأبيض، فقال عليه السلام : " إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار " ١٥.
قال ابن حزم : فنص عليه السلام على أن ابن مكتوم لا يؤذن حتى يطلع الفجر، وأباح الأكل إلى أذانه، فقد صح أن الأكل مباح بعد طلوع الفجر ما لم يتبين لمريد الصوم طلوعه.
وقد ادعى قوم أن قوله تعالى :﴿ حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ﴾١٦ وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حتى يطلع الفجر " ١٧، " وحتى يقال له : أصبحت أصبحت " ١٨ أن ذلك على المقاربة، مثل قوله تعالى :﴿ فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف ﴾١٩ إنما معناه : فإذا قاربن بلوغ أجلهن.
قال ابن حزم : وقائل هذا مستسهل للكذب على القرآن وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أول ذلك أنه دعوى بلا برهان، وإحالة لكلام الله تعالى عن مواضعه، ولكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول عليه بما لم يقل، ولو كان ما قالوا لكان بلال، وابن أم مكتوم معا لا يؤذنان إلا قبل الفجر، وهذا باطل لا يقوله أحد، لا هم ولا غيرهم.
وأما قوله تعالى :﴿ فإذا بلغن أجلهن ﴾ فإقحامهم فيه : أنه تعالى أراد فإذا قاربن بلوغ أجلهن : باطل وكذب ودعوى بلا برهان، ولو كان ما قالوه لكان يجوز له الرجعة إلا عند مقاربة انتهاء العدة، ولا يقول هذا أحد، لا هم ولا غيرهم، وهو تحريف للكلم عن مواضعه، بل الآية على ظاهرها، وبلوغ أجلهن هو بلوغهن أجل العدة، ليس هو انقضاءها، وهذا هو الحق، لأنهن إذا كن في أجل العدة كله فللزوج الرجعة، وله الطلاق فبطل ما قالوه بيقين لا إشكال فيه.
٦ حدثنا حمام بن أحمد، ثنا عبد الله بن محمد الباجي، ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن، ثنا حبيب بن خلف البخاري، ثنا أبو ثور إبراهيم بن خالد، ثنا روح بن عبادة، ثنا حماد بن سلمة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش قال : تسحرت ثم انطلقت إلى المسجد، فدخلت على حذيفة فأمر بلقحة فحلبت، ثم أمر بقدر فسخنت، ثم قال : كل. قلت : إني أريد الصوم قال : وأنا أريد الصوم، فأكلنا ثم شربنا ثم أتينا المسجد، وقد أقيمت الصلاة، فقال حذيفة : هكذا فعل بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : بعد الصبح ؟ قال : بعد الصبح، إلا أن الشمس لم تطلع٢٠.
٧ حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، ثنا عبد الله بن نصر، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا ابن وضاح، ثنا موسى بن معاوية، ثنا وكيع، عن سفيان الثوري، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش قلت لحذيفة : أي وقت تسحرتم مع النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : هو النهار، إلا أن الشمس لم تطلع٢١.
٨ ومن طريق حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه " قال عمار : وكانوا يؤذنون إذا بزغ الفجر٢٢.
٩ قال حماد عن هشام بن عروة : كان أبي يفتي بهذا٢٣.
١٠ وحدثنا حمام، ثنا ابن مفرج، ثنا ابن الأعرابي، ثنا الدبري، ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن قتادة عن أنس : أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تسحر هو وزيد بن ثابت، وهو عليه السلام يريد الصوم، ثم صلى الركعتين، ثم خرج إلى المسجد فأقيمت الصلاة٢٤.
قال ابن حزم : هذا كله على أنه لم يكن يتبين لهم الفجر بعد ؛ فبهذا تتفق السنن مع القرآن.
١١ وروينا من طريق معمر عن أبان، عن أنس، عن أبي بكر الصديق أنه قال : إذا نظر الرجلان إلى الفجر فشك أحدهما فليأكلا حتى يتبين لهما٢٥.
١٢ ومن طريق أبي أحمد الزبيري، عن سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن هلال بن يساف، عن سالم بن عبيد قال : كان أبو بكر الصديق يقول لي : قم بيني وبين الفجر حتى تسحر٢٦.
١٣ ومن طريق ابن أبي شيبة، عن جرير بن عبد الحميد، عن منصور بن المعتمر، عن هلال بن يساف، عن سالم بن عبيد الأشجعي قال : قم فاسترني من الفجر، ثم أكل٢٧.
قال ابن حزم : سالم بن عبيد هذا أشجعي كوفي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه أصح طريق يمكن أن تكون.
١٤ وقد روينا من طريق وكيع، وعبد الرزاق، قال وكيع : عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي السفر، وقال عبد الرزاق : عن معمر عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، قالا جميعا : كان أبو بكر الصديق يقول : أجيفوا الباب حتى نتسحر٢٨.
قال ابن حزم : الإيجاف : الغلق.
١٥ ومن طريق الحسن : أن عمر بن الخطاب كان يقول : إذا شك الرجلان في الفجر فليأكلا حتى يستيقنا٢٩.
١٦ ومن طريق حماد بن سلمة : ثنا حميد، عن أبي رافع، أو غيره، عن أبي هريرة : أنه سمع النداء والإناء على يده فقال : أحرزتها ورب الكعبة٣٠.
١٧ ومن طريق ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال : أحل الله الشراب ما شككت، يعني في الفجر٣١.
١٨ وعن عكرمة قال : قال ابن عباس : اسقني يا غلام، قال له : أصبحت، فقلت : كلا، فقال ابن عباس : شك لعمر الله، اسقني ؟ فشرب٣٢.
١٩ وعن وكيع، عن عمارة بن زاذان، عن مكحول الأزدي قال : رأيت ابن عمر أخذ دلوا من زمزم وقال لرجلين : أطلع الفجر ؟ قال أحدهما : قد طلع، وقال الآخر : لا، فشرب ابن عمر٣٣.
٢٠ وعن سعد بن أبي وقاص، أنه تسحر في رمضان بالكوفة ثم خرج إلى المسجد فأقيمت الصلاة٣٤.
٢١ وعن سفيان بن عيينة، عن [ شبيب ] ٣٥ بن غرقدة، عن حبان بن الحارث : أنه تسحر مع علي بن أبي طالب وهما يريدان الصيام، فلما فرغ قال للمؤذن : أقم الصلاة٣٦.
٢٢ ومن طريق ابن أبي شيبة ثنا جرير هو ابن عبد الحميد عن منصور بن المعتمر، عن شبيب بن غرقدة، عن أبي عقيل قال : تسحرت مع علي بن أبي طالب ثم أمر المؤذن أن يقيم الصلاة٣٧.
٢٣ ومن طريق ابن أبي شيبة : ثنا أبو معاوية، عن الشيباني هو أبو إسحاق عن جبلة بن سحيم عن عامر بن مطر قال : أتيت عبد الله بن مسعود في داره، فأخرج لنا فضل سحور، فتسحرنا معه، فأقيمت الصلاة، فخرجنا فص
١ المائدة: ٣.
٢ أخرجه بنحوه: سعيد بن منصور في سننه (٦٤٥/٢) وابن جرير في تفسيره (٩١/ ٢ـ ٩٢) وابن أبي حاتم في تفسيره (٢٨٣/١) والبيهقي في السنن الكبرى (١٥٦/٣) وذكره السيوطي في الدر (٣٠٨/١) وزاد في نسبته لسفيان بن عيينة، وآدم بن أبي إياس وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ..
٣ أخرجه بلفظه ابن جرير في تفسيره (٩٢/٢) وبنحوه: ابن أبي حاتم في تفسيره (٢٨٤/١) وذكره السيوطي في الدر (٣٠٨/١) وزاد في نسبته لأبي الشيخ..
٤ المحلى (٢٠٥/٧) (١٠٧/٦) باختصار وتصرف يسير..
٥ عن ابن عمر رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال قالوا إنك تواصل قال إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى".
أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب الوصال حديث (١٩٦٢) ومسلم في كتاب الصوم، باب النهي عن الوصال في الصوم حديث (١١٠٢)
وروي ذلك عن أنس، وأبي سعيد وعائشة أخرجها البخاري ومسلم في الموضع السابق
وأخرج البخاري في كتاب الصوم، باب الوصال إلى السحر، حديث (١٩٦٧) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فلبواصل حتى السحر قالوا فإنك تواصل يا رسول الله قال لست كهيئتكم إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقين"
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٢٤٠/٤ـ ٢٤١) "استدل بمجموع هذه الأحاديث على أن الوصال من خصائصه صلى الله عليه وسلم، وعلى أنه غير ممنوع منه إلا ما وقع فيه الترخيص من الإذن فيه إلى السحر، ثم اختلف في المنع المذكور، فقيل على سبيل التحريم، وقيل على سبيل الكراهة، وقيل يحرم على من شق عليه ويباح لمن لم يشق عليه... وذهب الأكثرون إلى تحريم الوصال، وعن الشافعية في ذلك وجهان:
التحريم والكراهة... وقد صرح ابن حزم بتحريمه وصححه ابن العربي من المالكية وذهب أحمد وإسحاق وابن المنذر وابن خزيمة وجماعة من المالكية إلى جواز الوصال إلى السحر لحديث أبي سعيد المذكور"..

٦ المحلى (١٠٥/٦ـ ١٠٦) باختصار.
٧ المحلى (١٠٥/٦).
٨ الأنعام: ١١٩.
٩ المحلى (٣٧٦/١٢) (٢٠٤/٧).
١٠ البقرة: ١٨٧.
١١ في الأصل [عبيد الله] والصواب ما أثبته كما هو في البخاري.
١٢ رجال الإسناد:
ـ عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن مسافر الهمداني المغربي الوهراني ثم البجاني أخذ عن إبراهيم بن أحمد المستملي وغيره، وحدث عنه ابن عبد البر وابن حزم، وكان خيرا صالحا، حدث بصحيح البخاري، مات سنة ٤١١ هـ بغية الملتمس (٣١٩) سير أعلام النبلاء (٣٣٢/١٧)
ـ عبيد بن إسماعيل القرشي الهباري، ويقال اسمه: عبيد ثقة روى له البخاري مات سنة ٢٥٠ هـ التقريب (٥٠٣/١)
ـ حماد بن أسامة القرشي، مولاهم الكوفي أبو أسامة مشهور بكنيته ثقة ثبت، ربما دلس، وكان بآخره يحدث من كتب غيره، من كبار التاسعة روى له الجماعة، مات سنة ٢٠١ هـ وهو: ابن ثمانين التقريب (١٩٤/١)
وبقية رجال الإسناد تقدموا:
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري، في كتاب الصوم، باب قول النبي: لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال، حديث (١٩١٩)
ومسلم في كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، حديث (١٠٩٢)..

١٣ رجال الإسناد:
ـ عبد الله بن مسلمة بن قعنب، القعنبي الحارثي، أبو عبد الرحمن البصري، أصله من المدينة، وسكنها مدة، ثقة عابد، كان ابن معين وابن المديني لا يقدمان عليه في الموطأ أحدا، روى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. مات في أول سنة ٢٢١ هـ بمكة التقريب (٤٢٣/١)
ـوبقية رجال الإسناد تقدموا
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره، حديث (٦١٧).

١٤ رجال الإسناد:
شيبان بن فروخ أبي شيبة الحبطي الأبلي، أبو محمد، صدوق يهم، ورمى بالقدر، قال أبو حاتم: اضطر الناس إليه أخيرا، روى له مسلم وأبو داود والنسائي، مات سنة ٢٠٦ أو ٢٣٥، وله بضع وتسعون سنة التقريب (٣٤٢/١)
ـ عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنبري، مولاهم أبو عبيد التنوري البصري ثقة ثبت، رمي بالقدر، ولم يثبت عنه، روى له الجماعة مات سنة ١٠٨ هـ التقريب (٤٨٨/١)
ـ عبد الله بن سوادة بن حنظلة القشيري، ثقة، روى له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
ـ سوادة بن الحنظلة بن القشيري البصري، صدوق، روى له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي التقريب (٣٢٦/١)
ـ سمرة بن جندب بن هلال الفزازي، حليف الأنصار، صحابي مشهور، له أحاديث مات بالبصرة سنة ٥٨هـ. روى له الجماعة. التقريب (٣٢١/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، حديث (١٠٩٤).

١٥ أخرجه من حديث عدي بن حاتم البخاري في كتاب الصوم، باب قول الله تعالى: ﴿وكلوا واشربوا يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود﴾ حديث (١٩١٦) ومسلم في كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر حديث (١٠٩٠)
وأما حديث سهل بن سعد، فليس فيه لفظ الحديث الذي ذكر ابن حزم، ونصه:
عن سهل بن سعد قال: أنزلت ﴿وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود﴾ ولم ينزل من الفجر فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود ولم يزل يأكل حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله بعد من الفجر فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار.
أخرجه البخاري، في كتاب الصوم، باب قول الله تعالى: ﴿وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود﴾، حديث (١٩١٧) ومسلم في كتاب الصوم باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، حديث (١٠٩١).

١٦ البقرة: ١٨٧.
١٧ سبق تخريجه، ص (٣٢٨).
١٨ سبق تخريجه، ص (٣٢٩).
١٩ الطلاق: ٢.
٢٠ رجال الإسناد:
ـ عبد الله بن محمد بن علي بن شريعة، اللخمي، المعروف بابن الباجي، من أهل إشبيلية، يكنى أبا محمد، سمع من محمد بن عبد الله القون، وحسن بن عبد الله الزبيدي، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن، وغيرهم، قال ابن الفرضي: كان ضابطا لروايته، ثقة صدوقا، حافظا للحديث، بصيرا بمعانيه، لم ألق فيمن لقيته من شيوخ الأندلس أحدا أفضله عليه في الضبط. مات سنة ٣٧٨ هـ
تاريخ علماء الأندلس (١٩٨) جذوة المقتبس (٢٣٣) سير أعلام النبلاء (٣٧٧/١٦).
ـ محمد بن عبد الملك بن أيمن بن فرج، من أهل قرطبة، يكنى أبا عبد الله، سمع من محمد بن وضاح، ومحمد بن عبد السلام الخشني، وغيرهم كان فقيها عالما، ضابطا لكتبه، ثقة مات سنة ٣٣٠ هـ تاريخ علماء الأندلس (٣٣٢) جذوة المقتبس (٦٣) سير أعلام النبلاء (٢٤١/١٥)
ـ حبيب بن خلف أبو محمد يعرف بصاحب البخاري، حدث عن شيبان بن فروخ الأيلي، وأبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، كان أحد الصالحين وكتب الناس عنه، وكان عنده كتاب أبي ثور في الفقه، مات سنة ٢٨٤ هـ تاريخ بغداد (٢٥٣/٨)
ـ إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي، أبو ثور الفقيه صاحب الشافعي ثقة، روى له مسلم وأبو داود وابن ماجة، مات سنة ٢٤٠هـ التقريب (٤٩/١)
ـ روح بن عبادة بن العلاء بن حسان القيسي، أبو محمد البصري ثقة فاضل له تصانيف روى له الجماعة مات سنة ٢٠٥ أو ٢٠٧ هـ التقريب (٢٤٩/١)
ـ عاصم بن بهدلة وهو ابن النجود الأسدي مولاهم، الكوفي، أبو بكر المقرئ، صدوق، له أوهام، حجة في القراءة وحديثه في الصحيحين مقرون، روى له الجماعة، مات سنة ١٢٨هـ التقريب (٣٦٥/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه الإمام في مسنده حديث (٢٣٣٥٣) (٤٩١/٥) من طريق حماد بن سلمة عن عاصم به وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٥٢/٢) من طريق روح بن عبادة عن حماد به..

٢١ رجال الإسناد تقدموا:
تخريج الحديث:
أخرجه الإمام أحمد في مسنده حديث (٢٣٣٩٢) (٤٩٦/٥) والنسائي في كتاب الصيام، باب تأخير السحور وذكر الاختلاف على زر فيه، حديث (٢١٥٢) والبيهقي في السنن الكبرى (٧٧/٢) جميعهم من طريق وكيع، عن سفيان الثوري به.
وأخرجه أحمد حديث (٢٣٣٨٤) (٤٩٥/٥) من طريق مؤمل عن سفيان به. وأخرجه ابن ماجه في كتاب الصيام باب ما جاء في تأخير السحور، حديث (١٦٩٥) من طريق أبي بكر بن عياش عن عاصم به.
درجة الحديث:
إسناده حسن، وكذا الذي قبله. انظر: صحيح سنن النسائي للألباني (١٠٤/٢).

٢٢ أخرجه الإمام أحمد في مسنده من طريق حماد بن سلمة، به. حديث (١٠٦٠٩) (٦٧٦/٢)
وأخرجه أحمد أيضا حديث (١٠٦٠٨) (٦٧٦/٢) وأبو داود في كتاب الصوم باب في الرجل يسمع النداء والإناء على يده، حديث (٢٣٥٠) والدارقطني في سننه (١٦٥/٢) والحاكم في المستدرك (٥٨٨، ٣٢٣، ٣٢٠/١) والبيهقي في السنن الكبرى (٢١٨/٤) جميعهم من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.
درجة الحديث:
صحيح. انظر: صحيح سنن أبي داود للألباني (٥٧/٢).

٢٣ لم أجده.
٢٤ رجال الإسناد: تقدمو
تخريج الحديث:
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٢٢٩/ ٤ـ ٢٣٠) ومن طريقه في السنن الكبرى (٨٠/٢) وإسناده صحيح. والحديث بتمامه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سحرنا يا أنس إني أريد الصيام فأطعمني شيئا فجئته بتمر وإناء فيه ماء بعد ما أذن بلال فقال: يا أنس انظر إنسانا يأكل معي فدعوت زيد بن ثابت فقال: يا رسول الله إني شربت شربة من سويق وأنا أريد الصيام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا أريد الصيام. فتسحر معه، ثم صلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم خرج فأقيمت الصلاة..

٢٥ رجال الإسناد:
أبان ابن أبي عياش فيروز البصري، أبو إسماعيل العبدي، متروك روى له أبو داود مات في حدود ١٤٠ هـ التقريب (٤٦/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١٧٢/٤) من طريق معمر، به. وفي سنده أبان متروك..

٢٦ رجال الإسناد:
ـ محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمرو بن درهم الأسدي، أبو أحمد الزبيري الكوفي، ثقة ثبت، إلا أنه يخطئ في حديث الثوري، روى له الجماعة، مات سنة ٢٠٣ هـ التقريب (١٨٦/٢)
ـ هلال بن يساف، ويقال: بن إساف الأشجعي مولاهم الكوفي ثقة، روى له البخاري في التعاليق ومسلم التقريب (٣٣٠/٢)
ـ سالم بن عبيد الأشجعي، صحابي، من أهل الصفة. روى له أبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه.
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
لم أجده وإسناده حسن..

٢٧ رجال الإسناد:
ـ جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي، نزيل الري وقاضيها، ثقة صحيح الكتاب، قيل: كان في آخر عمره يهم من حفظه، روى له الجماعة مات سنة ٨٨ هـ وله ٧١ سنة التقريب (١٣٢/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤٢٧/٢) ورجال الإسناد ثقات..

٢٨ رجال الإسناد:
ـ يونس ابن أبي إسحاق السبيعي، أبو إسرائيل الكوفي، صدوق، يهم قليلا، مات سنة ١٥٢ هـ على الصحيح. روى له البخاري في جزء القراءة خلف الإمام، ومسلم والأربعة. التقريب (٣٩٤/٢)
ـ سعيد بن يحمد وحكى الترمذي أنه قيل فيه أحمد أبو السفر، الهمداني، الثوري، الكوفي، ثقة، روى له الجماعة، مات سنة ١١٢ هـ أو بعدها بسنة التقريب (٢٩٩/١)
ـ أيوب بن أبي تميمة، كيسان السختياني، أبو بكر البصري، ثقة ثبت حجه، من كبار الفقهاء العباد، روى له الجماعة، مات سنة ١٦١ هـ وله خمس وستون انظر: التقريب (٩٨/١)
وبقية رجال الإسناد تقدموا
تخريج الأثر:
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٢٣٤/٤) ولفظه: أجيفوا الباب لا يفجأنا الصبح. وإسناده صحيح.
تنبيه: وقع في مصنف عبد الرزاق المطبوع سقط في الإسناد بين عبد الرزاق وأيوب.

٢٩ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤٤٢/٢) من طريق الحسن، به..
٣٠ رجال الإسناد:
ـ حميد بن هلال العدوي، أبو نصر البصري، ثقة عالم، توقف فيه ابن سيرين، لدخوله عمل السلطان روى له الجماعة التقريب (٢٠٢/١)
ـ نفيع الصائغ، أبو رافع المدني، نزيل البصرة، ثقة ثبت، مشهور بكنيته، روى له الجماعة، التقريب (٣١١/ ٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر: لم أجده..

٣١ أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١٧٢/٤) من طريق ابن جريج به. وإسناده صحيح..
٣٢ أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١٧٢/٤) عن وهب بن نافع عن عكرمة به. وسنده صحيح..
٣٣ رجال الإسناد:
ـ عمارة بن زاذان الصيدلاني، أبو سلمة البصري، صدوق كثير الخطأ، روى له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة التقريب (٥٥/٢)
ـ مكحول الأزدي البصري، أبو عبد الله صدوق، روى له البخاري في الأدب المفرد التقريب (٢٧٨/٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا
تخريج الأثر:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢/٤٤)عن وكيع، به. وسنده حسن.

٣٤ أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٤/٢٣٠ـ ٢٣١).
٣٥ في الأصل [شعيب] والصواب ما أثبته..
٣٦ رجال الإسناد:
ـ شبيب بن غرقدة ثقة، من الرابعة. روى له الجماعة التقريب (٣٣٣/٢)
ـ حبان بن الحارث أبو عقيل يروي عن على روى عنه شبيب. الثقات لابن حبان (١٨٠/٤) التاريخ الكبير (٨٣/٣) والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٢٦٩/٣)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٢٣١/٤) وابن جرير في تفسيره (١٨٠/٢) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، به. وسنده صحيح..

٣٧ رجال الإسناد:
ـ أبو عقيل: هو حبان بن الحارث المتقدم
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤٢٧/٢) من طريق منصور، عن شبيب به. وسنده صحيح..

قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ١٧٨ ﴾.
وفيه خمس مسائل :
[ ٤٣ ] المسألة الأولى : في حكم الدية في قتل العمد.
يرى ابن حزم أن الدية واجبة لولي المقتول إذا عفى من القصاص سواء رضي القاتل أم لا.
قال ابن حزم :
ومن قتل مؤمنا عمدا في دار الإسلام أو في دار الحرب وهو يدري أنه مسلم فولي المقتول مخير إن شاء قتله بمثل ما قتل هو به وليه : من ضرب، أو طعن، أو رمي، أو صب من حالق، أو تحرير أو تغريق، أو شدخ، أو إجاعة أو تعطيش، أو خنق، أو غم، أو وطء فرس، أو غير ذلك لا تحاش شيئا.
وإن شاء عفا عنه أحب القاتل أم كره لا رأي له في ذلك، وليس عفو الولي عن القود وسكوته عن ذكر الدية بذلك بمسقط للدية، بل هي واجبة للولي، وإن لم يذكرها، إلا أن يلفظ بالعفو عن الدية أيضا.
وإن شاء عفا عنه بما يتفقان عليه، فهاهنا خاصة إن لم يرضه القاتل لم يلزمه، ويكون للولي القود، أو الدية، فإن أبى الولي إلا أكثر من الدية لم يلزم القاتل أن يزيده على الدية وبرة١ فما فوقها.
١ قال الله عز وجل :﴿ كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ﴾.
فالضمير في قوله تعالى :﴿ له ﴾ وفي ﴿ من أخيه ﴾ راجع إلى القاتل لا يجوز غير ذلك، لأنه هو الذي عفي له من ذنبه في قتل أخيه المسلم.
٢ روينا من طريق البخاري أنا أبو نعيم هو الفضل بن دكين أنا شيبان عن يحيى هو ابن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة فذكر حديثا وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ومن قتل له فهو بخير النظرين : إما يودى وإما أن يقاد " ٢.
٣ ومن طريق أبي داود السجستاني، أنا مسدد، أنا يحيى بن سعيد القطان، أنا ابن أبي ذئب، أنا سعيد بن أبي سعيد المقبري قال : سمعت أبا شريح الكعبي يقول في خبر : " فمن قتل له بعد مقالتي هذه قتيل فأهله بين خيرتين : بين أن يأخذوا العقل وبين أن يقتلوا " ٣.
فهذا نص جلي لا يحتمل تأويلا بأن الخيار في الدية أو القود إلى ولي المقتول لا إلى القاتل.
٤ وصح قولنا عن ابن عباس : روينا من طريق البخاري، أنا قتيبة بن سعيد، أنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن مجاهد، عن ابن عباس في قول الله عز وجل :﴿ فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ﴾قال : " كان في بني إسرائيل القود، ولم تكن فيهم الدية، قال : فالعفو : أن يقبل الدية في العمد يطلب بمعروف، ويؤدي بإحسان " ٤.
٥ ومن طريق حماد بن سلمة، أنا عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس في الآية المذكورة : " هو العمد يرضى أهله بالدية اتباعا من الطالب بالمعروف، وأداء إليه من المطلوب بإحسان " ٥
٦وصح أيضا عن مجاهد٦، والشعبي٧، وعن عمر بن عبد العزيز.
٧ كما روينا من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن سماك بن الفضل قاضي صنعاء قال : كتب عمر بن عبد العزيز في امرأة قتلت رجلا : " إن أحب الأولياء أن يعفوا عفوا، وإن أحبوا أن يقتلوا قتلوا، وإن أحبوا أن يأخذوا الدية أخذوها، وأعطوا امرأته ميراثها من الدية " ٨.
٨ ومن طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة قال : " يجبر القاتل على إعطاء الدية، فإن اتفقوا على ثلاث ديات، فهو جائز، إنما اشتروا به صاحبهم " ٩.
٩ وهو قول سعيد بن المسيب١٠، ومحمد بن سيرين١١، والأوزاعي١٢.
وأما قولنا بأن كل ما ذكرنا فهو من قتل عمدا مسلما في دار الحرب، وهو يدري أنه مسلم في دار الحرب، كما لو فعل ذلك في دار الإسلام ولا فرق فلعموم نص القرآن، والسنة التي أوردنا في ذلك، ولم يخص إحدى الدارين من الأخرى، ﴿ وما كان ربك نسيا ﴾١٣ ١٤.
[ ٤٤ ] المسألة الثانية : هل للولي عفو في قتل الغيلة١٥ أو الحرابة١٦ ؟
قال ابن حزم :
اختلف الناس في هذا : فقالت طائفة : لا عفو في ذلك للولي.
وقال آخرون : بل لوليه ما لولي غيره من القتل، أو العفو، أو الدية.
وقد اختار ابن حزم القول الثاني وذكر أدلته فقال :
١ قال الله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة ﴾.
فعم تعالى كل قتل، كما ذكر تعالى، وجعل العفو في ذلك للولي.
٢ وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ومن قتل له قتيل بعد مقالتي هذه فأهله بين خيرتين " ١٧.
فذكر الدية، أو القود، أو المفاداة، والدية لا تكون إلا بالعفو عن القود بلا شك، فعم عليه الصلاة والسلام ولم يخص.
ونحن نشهد بشهادة الله تعالى : أن الله تعالى لو أراد أن يخص من ذلك قتل غيلة، أو حرابة، لما أغفله ولا أهمله ولبينه صلى الله عليه وآله وسلم.
٣ وروينا من طريق عبد الرزاق عن سماك بن الفضل :
أن عروة كتب إلى عمر بن عبد العزيز في رجل خنق صبيا على أوضاح له حتى قتله، فوجدوه والحبل في يده، فاعترف بذلك، فكتب : " أن ادفعوه إلى أولياء الصبي فإن شاءوا قتلوه " ١٨ ١٩.
[ ٤٥ ]المسألة الثالثة : في قتل الحر بالعبد، والعبد بالحر، والذكر بالأنثى، والأنثى بالذكر.
قال ابن حزم :
قوله صلى الله عليه وسلم : " المؤمنون تتكافأ دماؤهم " ٢٠ عموم موجب عندنا قتل الحر بالعبد، والعبد بالحر، والذكر بالأنثى، والأنثى بالذكر٢١.
[ ٤٦ ] المسألة الرابعة : فيمن قتل عمدا فعفي عنه وأخذ منه الدية، أو المفاداة.
قال ابن حزم :
اختلف الناس في هذا فقالت طائفة : يجلد مائة وينفى سنة.
وقال آخرون : لا شيء عليه.
وقد اختار ابن حزم القول الثاني وذكر أدلته فقال :
١ قال الله تعالى :﴿ فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ﴾ فأوجب الله تعالى نصا لا خفاء به : أن من قتل عمدا فوجب عليه القصاص في القتل، ثم عفي عنه على مال، فواجب على الولي العافي أن يتبع القاتل المعفو عنه بالمعروف، وأوجب الله تعالى على القاتل المعفو عنه أن يؤدي ما عفي عنه عليه بإحسان وليس من المعروف والإحسان الضرب بالسياط، والنفي عن الأوطان سنة.
٢ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام " ٢٢. فصح أن بشرة القاتل محرمة بتحريم الله تعالى فلا يحل جلده، ولا نفيه، إذ لم يوجب ذلك قرآن ولا سنة، ولا إجماع، ولا دليل من الأدلة أصلا.
٣ حدثنا عبد الله بن يوسف، نا أحمد بن فتح، نا عبد الوهاب بن عيسى، نا أحمد بن محمد، نا أحمد بن علي، نا مسلم بن الحجاج، نا محمد بن حاتم، نا سعيد بن سليمان، نا هشيم، نا إسماعيل بن سالم، عن علقمة بن وائل بن حجر، عن أبيه قال : " أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قد قتل رجلا فأقاد ولي المقتول منه، فانطلق به وفي عنقه نسعة يجرها، فلما أدبر الرجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : القاتل والمقتول في النار " فأتى رجل إلى الرجل فقال له مقالة النبي صلى الله عليه وسلم، فخلى عنه. قال إسماعيل بن سالم : فذكرت ذلك لحبيب بن أبي ثابت. فقال : حدثني ابن أشوع " أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما سأله أن يعفو عنه فأبى٢٣.
٤ نا عبد الله بن ربيع، نا محمد بن معاوية، نا أحمد بن شعيب، نا محمد بن بشار، نا يحيى بن سعيد القطان، عن عوف بن أبي جميلة وجامع بن مطر الحبطي قال عوف : حدثني حمزة العائذي أبو عمر، ثم اتفق جامع، وحمزة، كلاهما عن علقمة بن وائل بن حجر عن وائل قال : " شهدت النبي صلى الله عليه وسلم حين جيء بالقاتل يقوده ولي المقتول في نسعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولي المقتول أتعفو عنه ؟ قال : لا، قال له : أتأخذ الدية ؟. قال : لا، قال : فتقتله ؟ قال : نعم، قال : اذهب به. فلما تولى من عنده دعاه قال له : أتعفو عنه ؟ قال : لا، قال له : فتأخذ الدية ؟ قال : لا، قال : فتقتله ؟ قال : نعم، قال : اذهب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : أما إنك إن عفوت عنه يبوء بإثمه وإثم صاحبك، فعفا عنه وتركه، قال : فأنا رأيته يجر نسعته " ٢٤.
قال يحيى بن سعيد القطان وقد ذكر هذين الحديثين فقال عن حديث جامع :
هو أحسن منه٢٥ يعني : أنه أحسن من حديث حمزة.
قال ابن حزم : وهو كذلك، لأن حمزة العائذي شيخ مجهول لا يعرف.
قاله ابن معين٢٦، ولم يوثقه أحد نعلمه٢٧، وأما جامع من مطر فقال فيه أحمد بن حنبل : لا بأس به٢٨.
وما علمنا أحدا جرحه وقد روى عنه أئمة : يحيى، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وحفص بن عمر الحوضي، وغيرهم٢٩.
٥ نا عبد الله بن ربيع، نا محمد بن معاوية، نا أحمد بن شعيب، نا عمرو بن منصور، نا حفص بن عمر هو الحوضي نا جامع بن مطر، عن علقمة بن وائل، عن أبيه قال : " كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا عنده إذ جاءه رجل في عنقه نسعة فقال يا رسول الله إن هذا وأخي كانا في جب يحفرانها، فرفع المنقار فضرب به رأس صاحبه فقتله ؟ فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم اعف عنه، فأبى وقام فقال : يا نبي الله إن هذا وأخي كانا في بئر يحفرانها فرفع المنقار فضرب بها رأس صاحبه فقتله ؟ قال : اعف عنه فأبى، ثم قام فقال : يا رسول الله هذا وأخي كانا في جب يحفرانها فرفع المنقار أراه قال : فضرب به رأس صاحبه فقتله قال : اعف عنه فأبى، قال : اذهب إن قتلته كنت مثله، فخرج به حتى جاوز، فناديناه : أما تسمع ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع فقال : إن قتلته كنت مثله ؟ قال : نعم، اعف عنه، فخرج يجر نسعته حتى خفي علينا " ٣٠.
٦ حدثنا عبد الله بن ربيع، نا محمد بن معاوية، نا أحمد بن شعيب، نا عيسى بن يونس الفاخوري، نا ضمرة، عن عبد الله بن شؤذب، عن ثابت البناني، عن أنس : " أن رجلا أتى بقاتل وليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له النبي عليه الصلاة والسلام : اعف عنه. فأبى فقال : خذ الدية. فأبى، قال : اذهب فاقتله فإنك مثله فخلى سبيله، فمر الرجل وهو يجر نسعته " ٣١.
قال ابن حزم : أما حديث إسماعيل بن سالم، وجامع بن مطر، كلاهما عن علقمة، فجيدان تقوم الحجة بهما وفي كليهما إطلاق القاتل المعفو عنه، ومسيره حتى غاب عنهم، وخفي عنهم، لا ضرب ولا نفي. فصح قول من رأى أن لا جلد على القاتل ولا نفي إذا عفي عنه.
٧ وهو قول ابن عباس٣٢ ولا يصح عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم خلاف له أصلا٣٣.
[ ٤٧ ] المسألة الخامسة : في الولي يعفو أو يأخذ الدية ثم يقتل.
قال ابن حزم :
اختلف الناس في هذا.
فقالت طائفة : يقتل.
١ كما حدثنا عبد الله بن ربيع، نا ابن مفرج، نا قاسم بن أصبغ، نا ابن وضاح، نا سحنون، نا ابن وهب، نا يونس قال : سألت ابن شهاب عن رجل قتل رجلا ثم صالح، فأدى الدية ثم قتله ؟ قال : نرى أن يقاد به صاغرا، ولوليه أن يعفو عنه إن شاء٣٤.
٢ حدثنا حمام، نا عبد الله بن محمد، بن علي الباجي، نا عبد الله بن يونس، نا بقي بن مخلد، نا أبو
١ الوبرة: واحدة الوبر، وهي صوف الإبل والأرانب ونحوها.
والوبر ـ بالتسكين ـ دويبة على قدر السنور غبراء أو بيضاء من دواب الصحراء حسنة شديدة الحياء.
لسان العرب (١٩٨/١٥ـ ١٩٩).

٢ رجال الإسناد:
ـ الفضل بن دكين، الكوفي، واسم دكين: عمرو بن حماد بن زهير، التيمي، مولاهم الأحول، أبو نعيم الملائي، ثقة ثبت، من كبار شيوخ البخاري، روى له الجماعة مات سنة ٢١٨هـ. التقريب (١١٦/٢)
ـ شيبان بن عبد الرحمن التيمي مولاهم، النحوي، أبو معاوية البصري. نزيل الكوفة، ثقة صاحب كتاب، يقال: إنه منسوب إلى "نحوة" بطن من الأزد، لا إلى علم النحو، روى له الجماعة، مات سنة ١٦٤ هـ التقريب (٣٤٢/١)
ـ يحيى بن أبي كثير الطائي، مولاهم، أبو نصر اليماني، ثقة ثبت، لكنه يدلس ويرسل، روى له الجماعة، مات سنة ١٣٢هـ
ـ أبو سلمة: هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف: تقدم.
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري في كتاب الديات، باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، حديث (٦٨٨٠) ومسلم في كتاب الحج باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها، حديث (١٣٥٥) من طريق يحيى بن أبي كثير به..

٣ رجال الإسناد:
ـ مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مستورد الأسدي، البصري، أبو الحسن، ثقة، حافظ، يقال: إنه أول من صنف المسند بالبصرة، ويقال: اسمه عبد الملك بن عبد العزيز، ومسدد لقبه، روى له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي مات سنة ٢٢٨هـ التقريب (٢٤٩/٢)
ـ يحيى بن سعيد بن فروخ، التميمي، أبو سعيد القطان البصري، ثقة متقن حافظ، إمام قدوة، روى له الجماعة، مات سنة ١٩٨هـ التقريب (٣٥٥/٢)
ـ محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب القرشي العامري، أبو الحارث المدني، ثقة فقيه فاضل، روى له الجماعة، مات سنة ١٥٨ هـ التقريب (١٩٤/٢)
ـ سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبري، أبو سعد المدني، ثقة، تغير قبل موته بأربع سنين، وروايته عن عائشة وأم سلمة مرسلة، روى له الجماعة مات سنة ١٢٣هـ التقريب (٢٨٩/١)
ـ محرش بن عبد الله، أو ابن سويد بن عبد الله الكعبي، الخزاعي، نزيل مكة، صحابي، روى له أبو داود، والترمذي، والنسائي، التقريب (٢٣٩/٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
روي هذا الحديث عن أبي شريح الكعبي، من ثلاثة طرق:
الأولى: طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي شريح به.
أخرجه أبو داود ـ واللفظ له ـ في كتاب الديات، باب ولي العمد يرضى بالدية، حديث (٤٥٠٥) والترمذي في كتاب الديات، باب ما جاء في حكم ولي القتيل في القصاص والعفو، حديث (١٤٠٦) وأحمد حديث (٢٧١٥٣) (٤٣٢/٢) والدارقطني في سننه (٩٥/٣) والبيهقي في السنن الكبرى (٥٧/٨) جميعهم من طريق يحيى بن سعيد عن ابن أبي ذئب، عن سعيد، به.
قال الترمذي: "حديث حسن صحيح" وقال الألباني: "هو على شرط الشيخين"
وأخرجه الدارقطني في سننه (٩٥/٣) والبيهقي في السنن الكبرى (٥٢/٨)
من طريق ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب به
وأخرجه الإمام أحمد حديث (١٦٣٥٦) (٤٤/٤) من طريق أبي إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد به.
الثاني: طريق سفيان بن أبي العوجاء، عن أبي شريح بنحوه.
أخرجه الدارمي في كتاب الديات، باب الدية في قتل العمد، حديث (٢٢٤٥) وأبو داود في كتاب الديات باب الإمام يأمر بالعفو في الدم، حديث (٤٤٩٦) وابن ماجه في كتاب الديات، باب من قتل له قتيل فهو بالخيار بين إحدى ثلاث، حديث (٢٦٢٣) وأحمد حديث (١٦٣٥٤) (٤٣/٤) والطبراني في الكبير (١٨٩/٢٢) والدراقطني في سننه (٩٦/٣) والبيهقي في السنن الكبرى (٥٢/٨) جميعهم من طريق محمد بن إسحاق عن الحارث بن فضيل عن سفيان به.
الثالث: طريق مسلم بن يزيد أحد بني سعد بن أبي بكر عن أبي شريح به.
أخرجه الإمام أحمد، حديث (١٦٣٥٥) (٤٣/٤) والبيهقي (٧١/٨) عن يونس عن الزهري به
قال الألباني: "رجاله ثقات غير مسلم بن يزيد وهو مقبول"
انظر: نصب الراية (٣٥٧/ ٦ـ ٣٥٨) إرواء الغليل (٢٧٦/٧)
النتيجة:
أن الحديث صحيح. وممن صححه: الزيلعي في نصب الراية (٣٥٨/٦) والألباني في الإرواء (٢٧٦/٧) إضافة إلى تصحيح الترمذي المتقدم.
وأصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة المتقدم ص (٢٢٧).

٤ رجال الإسناد:
ـ قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي، أبو رجاء، البغلاني، يقال: اسمه يحيى، وقيل: علي، ثقة ثبت، روى له الجماعة، مات سنة ٢٤٠ هـ التقريب (١٣٠/٢)
ـ سفيان: هو ابن عيينة: تقدم
ـ عمرو بن دينار المكي، أبو محمد الأثرم، الجمحي، مولاهم، ثقة ثبت، روى له الجماعة، مات سنة ١٢٦هـ التقريب (٢٣٧/٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
أخرجه البخاري في كتاب الديات، باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، حديث (٦٨٨١) ولفظه :"كانت في بني إسرائيل قصاص ولم تكن فيهم الدية فقال الله لهذه الأمة ﴿كتب عليكم القصاص في القتلى﴾ إلى هذه الآية ﴿فمن عفي له من أخيه شيء﴾ قال ابن عباس فالعفو أن يقبل الدية في العمد قال فاتباع بالمعروف أن يطلب بمعروف ويؤدي بإحسان".

٥ رجال الإسناد: تقدموا
تخريج الأثر:
أخرجه ابن جرير في تفسيره (١١٢/٢) والحاكم في المستدرك (٣٠٠/٢) وقال: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" والبيهقي في السنن الكبرى (٥٢/٨) جميعهم من طريق حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس به. وقد خولف حماد في إسناده، فرواه سفيان بن عيينة، ومحمد بن مسلم كلاهما عن عمرو بن دينار، عن مجاهد، عن ابن عباس به أما رواية سفيان فتقدمت في الأثر رقم ٤
وأما رواية محمد بن مسلم، فأخرجها ابن جرير في تفسيره (١١٢/٢) وابن حبان في صحيحه (٣٦٢/١٣)
وسفيان أوثق من حماد، سيما وقد تابعه محمد بن مسلم، وقد رواه ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، به.
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٦٧/١) وابن جرير (١١٢/٢) والنحاس في الناسخ والمنسوخ (٤٧٨/ ١ـ ٤٧٩) والطبراني في الكبير (٩٤/١١) وهذا مما يقوي رواية سفيان ومحمد بن مسلم.
لذا فرواية حماد هذه تعتبر شاذة، كما رجح ذلك الحافظ ابن حجر حيث قال: "وافق ابن عيينة محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، أخرجه الطبري، وكذا رواه ابن أبي نجيح، عن مجاهد، وخالف الجميع حماد بن سلمة، فقال: عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد عن ابن عباس، أخرجه الطبري، والأول هو المحفوظ" انظر: النكت الظراف (٢٢٣/٥).

٦ أخرجه ابن جرير في تفسيره (١١٢/٢) والشافعي في الأم (٩/٦) وابن أبي حاتم معلقا (٢٩٤/١) والبيهقي في سننه (٥١/٨).
٧ أخرجه ابن جرير في تفسيره (١١٣/٢).
٨ رجال الإسناد:
تقدموا إلا سماك بن الفضل، وهو الخولاني اليماني ثقة، من السادسة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي. (٣٢١/١)
تخريج الأثر: أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٨٦/١٠) وإسسناده صحيح.

٩ رجال الإسناد تقدموا:
تخريج الأثر: أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١٨/١٠) وإسناده صحيح.

١٠ الإشراف على مذاهب أهل العلم (٨٣/٣) المغني (٤٧٤/٩) صحيح مسلم بشرح النووي (٨٢/٩).
١١ الإشراف على مذاهب أهل العلم (٨٣/٣) المغني (٤٧٤/٩) صحيح مسلم بشرح النووي (٨٢/٩).
١٢ الاستذكار (٢٩/٢٥) أحكام القرآن للجصاص (١٨٣/١).
١٣ مريم: ٦٤.
١٤ المحلى (٢٣٩/ ١٠ـ ٢٥١) باختصار وتصرف يسير..
١٥ الغيلة في اللغة: الخديعة، يقال: قتل فلان غيلة، أي: خدعة، وهو أن يخدعه فيذهب به إلى موضع، فإذا صار إليه قتله. والغيلة في كلام العرب. إيصال الشر والقتل إليه من حيث لا يعلم ولا يشعر.
[انظر: لسان العرب (١٦١/١٠) والموسوعة الفقهية (٣٤٢/٣١)]..

١٦ الحرابة: من الحرب التي هي نقيض السلم. يقال: حاربه محاربة، وحرابا، أو من الحرب. بفتح الراء: وهو السلب. يقال: حرب فلانا ماله أي سلبه فهو محروب وحريب. والحرابة في الاصطلاح وتسمى قطع الطريق عند أكثر الفقهاء: هي البروز لأخذ مال، أو لقتل، أو للإرعاب على سبيل المجاهرة مكابرة، اعتمادا على القوة مع البعد عن الغوث. وزاد المالكية محاولة الاعتداء على العرض مغالبة [انظر: الموسوعة الفقهية (١٥٣/١٧) وشرح حدود ابن عرفة(٥٠٨)]
ومراد ابن حزم بالحرابة في هذه المسألة هي ما كان من قبيل الغيلة، إذ الغيلة نوع من أنواع الحرابة، فكل غيلة حرابة وليس كل حرابة غيلة. والفقهاء يطلقون لفظ الحرابة ويريدون به الغيلة وإن كانوا يفرقون بينهما في الحكم عند التفصيل.
[انظر: شرح ميارة (٢٨٠/٢)].
ومما يدل على أن مراد ابن حزم بالحرابة ـ في هذه المسألة ـ بأنه ما كان من قبيل الغيلة:
١ـ أنه عرف الحرابة في كتاب المحاربين بأنها: " قطع الطريق وإخافة السبيل" وذكر أن عقوبة الحرابة إلى السلطان لا إلى ولي المقتول [انظر: المحلى (٢٨١/١٢، ٢٨٨)]
٢ـ أنه ذكر من وافقه في هذه المسألة، ومنهم: أبو حنيفة والشافعي، وقولهما هذا هو في حكم الغيلة.
أما الحرابة بمفهومها العام ـ والتي هي قطع السبيل وإخافة الطريق ـ فقد أجمع العلماء على أن عقوبتها إلى السلطان لا إلى ولي المقتول [انظر: الإشراف على مذاهب أهل العلم (٣٢٢/٢).

١٧ سبق تخريجه ص ٢٢٧.
١٨ أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٢٧٥/٩) ورجال إسناده ثقات وقد تقدموا.
١٩ المحلى (١٨٠/ ١١ـ ١٨٤) باختصار وتصرف يسير..
٢٠ روي هذا الحديث عن عدد من الصحابة.
الأول: حديث علي:
أخرجه الإمام أحمد في مسنده، حديث (٩٩٢) (١٤٩/١) وأبو داود في كتاب الديات، باب إيقاد المسلم بالكافر، حديث (٤٥٣٠) والنسائي في كتاب القسامة، باب القود بين الأجرار والمماليك في النفس حديث (٤٧٤٨) والحاكم في المستدرك (١٥٣/٢) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والبيهقي في السنن الكبرى (٢٩/٨) جميعهم من طريق قيس بن عباد قال: انطلقت أنا والأشتر إلى علي رضي الله عنه فقلنا هل عهد إليك نبي الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس عامة؟ قال: لا، إلا ما كان في كتابي هذا. فأخرج كتابا من قراب سيفه فإذا فيه: المؤمنون تكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ويسعى بدمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد بعهده، من أحدث حدثا فعلى نفسه، أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
وأخرجه الدارقطني (٩٨/٣) من طريق مالك بن الأشتر عن علي به.
وأخرجه الإمام أحمد، (٩٩٠) (١٤٩/١) وأبو يعلى (٤٢٤/١) والبيهقي في الكبرى (٢١٨/٤) من طريق قتادة، عن أبي حسان عن علي به.
الثاني: حديث عائشة:
أخرجه الدارقطني في سننه (١٣١/٣) والبيهقي في الكبرى (٢٩/٨)
الثالث: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
أخرجه أبو داود الطيالسي (٢٩٩) والإمام أحمد حديث (٦٧٩٤) (٢/٢٥٤) وأبو داود في كتاب الجهاد، باب في السرية ترد على أهل العسكر، حديث (٢٧٥١) وابن ماجه في كتاب الديات، باب المسلمون تتكافأ دماؤهم حديث (٢٦٨٥) وابن الجارود في المنتقى (١٩٤ـ ٢٦٩) والبيهقي في الكبرى (٢٨/٨) جميعهم من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به.
الرابع: حديث عبد الله بن عباس:
أخرجه ابن ماجه في كتاب الديات، باب المسلمون تتكافأ دماؤهم حديث (٢٦٨٣) ولفظه: "المسلمون تتكافأ دماؤهم"
الخامس: حديث جابر بن عبد الله:
أخرجه الطبراني في الأوسط (٣٠٥/٦) بلفظ: "المسلمون يد على من سواهم، تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم"
السادس: حديث معقل بن يسار:
أخرجه ابن ماجه في كتاب الديات باب المسلمون تتكافأ دماؤهم حديث (٢٦٨٤) بمثل حديث جابر.
السابع: حديث ابن عمر: أخرجه ابن حبان في صحيحه (٣٤٠/١٣)
انظر: تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي (١٠٧/ ١ـ ١٠٩) ونصب الراية (٢٤٧/٤ـ ٢٤٨) والتلخيص الحبير (٢١٧/٤)
درجة الحديث: صحيح وقد صححه الألباني في صحيح سنن النسائي (٢٨١/٣) وفي إرواء الغليل (٢٦٥/٧).

٢١ الإحكام (٣٨٢/٢).
٢٢ أخرجه بهذا اللفظ البخاري في كتاب الفتن باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، حديث (٧٠٧٨).
٢٣ رجال الإسناد:
ـ محمد بن حاتم بن ميمون البغدادي السمين، صدوق ربما وهم، وكان فاضلا روى له مسلم وأبو داود مات سنة ٢٣٥ أو ٢٣٦هـ التقريب (١٦١/٢)
ـ سعيد بن سليمان الضبي، أبو عثمان الواسطي، نزيل بغداد، البزاز، لقبه سعدويه، ثقة حافظ، روى له الجماعة، مات سنة ٢٢٥ هـ التقريب (٢٩٠/١)
ـ هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي، أبو معاوية بن أبي خازم، الواسطي، ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي، روى له الجماعة مات سنة ١٨٣هـ التقريب (٣٢٦/٢)
ـ إسماعيل بن سالم الأسدي، أبو يحيى الكوفي، نزيل بغداد، ثقة ثبت، روى له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والنسائي. التقريب (٨١/١)
ـ علقمة بن وائل بن حجر الحضرمي الكوفي، صدوق، إلا أنه لم يسمع من أبيه، روى له البخاري في جزء رفع اليدين ومسلم وأبو داود والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. التقريب (٣٧/٢)
ـ وائل بن حجر بن سعد بن مسروق الحضرمي، صحابي جليل، وكان من ملوك اليمن، ثم سكن الكوفة، مات في ولاية معاوية، روى له مسلم وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. التقريب (٣٣٥/٢)
ـ حبيب بن أبي ثابت: قيس، ويقال: هند بن دينار الأسدي، مولاهم أبو يحيى الكوفي، ثقة فقيه، جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس روى له الجماعة، مات سنة ١١٩هـ التقريب (١٥١/١)
ـ ابن أشوع: هو سعيد بن عمرو الهمداني الكوفي، قاضيها، ثقة، رمي بالتشيع، روى له البخاري، ومسلم والترمذي، مات سنة ١٢٠ هـ التقريب (٢٩٤/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه مسلم في كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب صحة الإقرار بالقتل، وتمكين ولي القتيل من القصاص حديث (١٦٨٠).

٢٤ رجال الإسناد:
محمد بن معاوية بن عبد الرحمن بن معاوية، الأموي المرواني القرطبي، المعروف بابن الأحمر، سمع من أبي عبد الرحمن النسائي، وعبيد الله بن يحيى، وغيرهم جلب إلى الأندلس، "السنن الكبير" للنسائي، وحمل الناس عنه، وروى عنه عبد الله بن ربيع وغيره. مات سنة ٣٥٨هـ انظر: تاريخ علماء الأندلس (٣٤٧) جذوة المقتبس (٨٢) سير أعلام النبلاء (٦٨/١٦)
ـ أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار، أبو عبد الرحمن النسائي، الحافظ صاحب السنن، مات سنة ٣٠٣هـ التقريب (١٥٦/٢)
ـ محمد بن بشار بن عثمان العبدي، البصري، أبو بكر، بندار، ثقة، روى له الجماعة، مات سنة ٢٥٢هـ التقريب (١٥٦/٢)
ـ عوف بن أبي جميلة الأعرابي العبدي، البصري، ثقة رمي بالقدر وبالتشيع، روى له الجماعة، مات سنة ١٤٦هـ التقريب (٩٥/ ٢ـ ٩٦)
ـ حمزة بن عمرو العائذي، أبو عمرو الضبي، البصري، صدوق، روى له مسلم وأبو داود والنسائي التقريب (١٩٩/١)
ـ جامع بن مطر الحبطي، بصري صدوق، روى له البخاري في جزء رفع اليدين وأبو داود والنسائي التقريب (١٢٩/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
أخرجه النسائي في كتاب القسامة باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر علقمة، بن وائل فيه، حديث (٤٧٣٨) (٤٧٣٩) وفي كتاب آداب القضاة باب إشارة الحاكم على الخصم بالعفو حديث (٥٤١٥)
وأخرجه أبو داود في كتاب الديات، باب الإمام يأمر بالعفو في الدم حديث (٤٤٩٩) والدارمي في كتاب الديات، باب لمن يعفو عن قاتله حديث (٢٢٥٣) كلاهما من طريق عوف بن أبي جميلة به.
درجة الحديث: صححه الألباني في صحيح سنن النسائي (٢٧٧/٣).

٢٥ سنن النسائي (٣٨٣/٨).
٢٦ انظر: ضعفاء العقيلي (٢٩١/١).
٢٧ بل وثقه النسائي، وابن حبان، وهو من رجال مسلم. انظر: الجرح والتعديل (٢١٢/٣) والثقات لابن حبان (١٦٩/٤) وتهذيب التهذيب (٢٨/٣).
٢٨ انظر: تهذيب التهذيب (٥٠/٣) وقال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وقال أبو داود: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر: الثقات لابن حبان (١٥٢/٦) وتهذيب التهذيب (٥٠/٣).
٢٩ انظر: تهذيب التهذيب (٥٠/٣).
٣٠ رجال الإسناد:
ـ عمرو بن منصور النسائي، أبو سعيد، ثقة ثبت، روى له النسائي التقريب (٨٥/٢).
ـ حفص بن عمر بن الحارث بن سخيرة، الأزدي النمري، أبو عمرو الحوضي، وهو بها أشهر، ثقة ثبت، عيب بأخذ الأجرة على الحديث، روى له البخاري وأبو داود والنسائي. مات سنة ٢٢٥ هـ التقريب (١٨٦/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا:
تخريج الحديث:
أخرجه النسائي في كتاب القسامة باب اختلاف الناقلين لخبر علقمة فيه، حديث (٤٧٤٠)
وأخرجه أبو داود في كتاب الديات، باب الإمام يأمر بالعفو في الدم، حديث (٤٤٩٩) من طريق عبيد بن عمر، عن يحيى بن سعيد عن جامع بن مطر به.
درجة الحديث: صححه الألباني في صحيح سنن النسائي (٢٧٨/٣)..

٣١ رجال الإسناد:
ـ عيسى بن يونس بن أبان الفاخوري، أبو موسى، الرملي، صدوق، ربما أخطأ، لم يصح أن أبا داود روى له مات سنة ٢٦٤ هـ التقريب (١٠٩/٢)
ـ ضمرة بن ربيعة الفلسطيني، أبو عبد الله، أصله دمشقي، صدوق يهم قليلا، روى له البخاري في الأدب المفرد، والأربعة، مات سنة ٢٠٢هـ التقريب (٣٥٦/١)
ـ عبد الله بن شوذب الخرساني، أبو عبد الرحمن، سكن البصرة ثم الشام، صدوق عابد، روى له البخاري في الأدب المفرد والأربعة، مات سنة ١٥٦هـ التقريب (٤٠٠/١)
ـ ثابت بن أسلم البناني، أبو محمد البصري، ثقة عابد، روى له الجماعة، مات سنة ١٢٧هـ التقريب (١٢١/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه النسائي في كتاب القسامة، باب ذكر اختلاف الناقلين لخير علقمة فيه، حديث (٤٧٤٤)
وأخرجه ابن ماجه في كتاب الديات، باب العفو عن القاتل، حديث (٢٦٩١) من طريق عيسى بن يونس وعيسى النحاس، والحسن بن أبي السري، عن ضمرة به.
درجة الحديث: صححه الألباني في صحيح سنن النسائي (٢٨٠/٣).

٣٢ عن ابن عباس قال: كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية ـ قال الله تعالى: ﴿كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء﴾ فالعفو: أن تقبل الدية في العمد ذلك تخفيف من ربكم ورحمة. قال: فعلى هذا أن يتبع بالمعروف. وعلى ذلك أن يؤدي ﴿إليه بإحسان﴾ ﴿فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم﴾ انظر تخريجه ص (٢٢٨).
٣٣ المحلى (٩٨/١١ـ ١٠٤) باختصار وتصرف يسير.
٣٤ رجال الإسناد:
ـ ابن وضاح: هو محمد: تقدم
سحنون: هو فقيه المغرب أبو سعيد عبد السلام بن حبيب بن حسان بن هلال بن بكار بن ربيعة بن عبد الله التنوخي، قاضي القيروان، وصاحب المدونة، ويلقب بسحنون، سمع من عبد الله بن وهب، وكان موصوفا بالعقل والديانة التامة والورع، مشهورا، بالجود والبذل، وافر الحرمة عديم النظير، مات سنة ٢٤٠ هـ سير أعلام النبلاء (٦٣/١٢)
ـعبد الله بن وهب بن مسلم، القرشي مولاهم، أبو محمد المصري، الفقيه، ثقة حافظ عابد، روى له الجماعة، مات سنة ٢٩٧هـ وله اثنتان وسبعون سنة التقريب (٤٣٠/١)
ـ يونس بن يزيد بن أبي النجاد، الأيلي، أبو يزيد مولى آل سفيان، ثقة، إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا، وفي غير الزهري خطأ، روى له الجماعة مات سنة ١٥٩هـ على الصحيح وقيل: ١٦٠هـ التقريب (٣٩٦/ ٢ـ ٣٧٠).
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر: لم أجده. ورجال إسناده ثقات
.

قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ١٨٣ أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ١٨٤ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ١٨٥ ﴾
وفيه مسألتان :
[ ٥٠ ] : المسألة الأولى : في نسخ الآية، وفي إفطار الحامل والمرضع، والشيخ الكبير في رمضان.
يرى ابن حزم أن قوله تعالى :﴿ وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ﴾ منسوخ بالآية التي بعدها.
ويرى أن الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما، فإن عليهما الفطر، ولا قضاء عليهما ولا فدية، وإذا خافتا على نفسيهما، فلهما الفطر وعليهما القضاء دون الفدية، وأما الكبير الذي لا يطيق الصوم، فله الفطر ولا قضاء عليه ولا فدية.
قال ابن حزم :
والحامل، والمرضع، والشيخ الكبير، كلهم مخاطبون بالصوم، فصوم رمضان فرض عليهم، فإن خافت المرضع على المرضع قلة اللبن وضيعته لذلك ولم يكن له غيرها، أو لم يقبل ثدي غيرها، أو خافت الحامل على الجنين، أو عجز الشيخ عن الصوم لكبره، أفطروا ولا قضاء عليهم ولا إطعام فإن أفطروا لمرض بهم عارض فعليهم القضاء.
أما قضاؤهم لمرض فلقول الله تعالى :﴿ فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ﴾.
وأما وجوب الفطر عليهما في الخوف على الجنين، والرضيع، فلقول الله تعالى :﴿ قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم ﴾١.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لا يرحم لا يرحم " ٢.
فإذ رحمة الجنين، والرضيع : فرض ولا وصول إليها إلا بالفطر : فالفطر فرض ، وإذ هو فرض فقد سقط عنهما الصوم، وإذا سقط الصوم فإيجاب القضاء عليهما شرع لم يأذن الله تعالى به ولم يوجب الله تعالى القضاء إلا على المريض، والمسافر، والحائض، والنفساء، ومتعمد القيء فقط، ﴿ ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ﴾٣.
وأما الشيخ الذي لا يطيق الصوم لكبره فالله تعالى يقول :﴿ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ﴾٤ فإذا لم يكن الصوم في وسعه فلم يكلفه. وأما تكليفهم إطعاما فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام " ٥ فلا يجوز لأحد إيجاب غرامة لم يأت بها نص ولا إجماع.
وقد روينا عن ابن عباس مثل قولنا كما روينا عن إسماعيل بن إسحاق، نا إبراهيم بن حمزة الزبيري، نا عبد العزيز بن محمد، هو الدراوردي عن حميد، عن بكر بن عبد الله المزني، عن ابن عباس أنه سئل عن مرضع في رمضان خشيت على ولدها فرخص لها ابن عباس في الفطر٦ ولم يذكر قضاء ولا طعاما.
واحتج من رأى الإطعام في ذلك بقول الله تعالى :﴿ وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ﴾.
وذكروا ما رويناه من طريق حماد بن سلمة، نا قتادة، عن عكرمة قال : نزلت هذه الآية في الجبلى والمرضع، والشيخ، والعجوز٧.
لكن الحق في ذلك ما رويناه من طريق سلمة بن الأكوع، أن هذه الآية منسوخة.
[ حدثنا عبد الله بن يوسف، ثنا أحمد بن فتح، نا عبد الوهاب بن عيسى، نا أحمد بن محمد، نا أحمد بن علي، نا مسلم بن الحجاج، حدثني عمرو بن سواد، أنا عبد الله بن وهب، أنا عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن يزيد مولى سلمة بن الأكوع، عن سلمة بن الأكوع قال : كنا في رمضان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء صام ومن شاء أفطر فافتدى بطعام مسكين حتى نزلت هذه الآية :﴿ فمن شهد منكم الشهر فليصمه ﴾٨.
وبه إلى مسلم : نا قتيبة بن سعيد، نا بكر يعني ابن مضر عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن يزيد مولى سلمة بن الأكوع، عن سلمة بن الأكوع، قال : لما نزلت هذه الآية :﴿ وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ﴾ كان من أراد أن يفطر ويفتدى حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها٩ ]١٠.
ومن طريق حماد بن زيد، عن سلمة بن علقمة [ عن ] ١١ محمد بن سيرين، عن ابن عباس أنه قرأ هذه الآية ﴿ فدية طعام مسكين ﴾ فقال : هي منسوخة١٢.
فهذا هو المسند الصحيح الذي لا يجوز خلافه.
وأما الرواية عن ابن عباس : أنه كان يقرؤها ( وعلى الذين يطوقونه ) ١٣، فقراءة لا يحل لأحد أن يقرأ بها، لأن القرآن لا يؤخذ إلا عن لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن احتج بهذه الرواية فليقرأ بهذه القراءة وحاش الله أن يطوق الشيخ ما لا يطيقه.
وقد صح عن سلمة بن الأكوع، وععن ابن عباس نسخ هذه الآية، وأنها لم تنزل قط في الشيخ، ولا في الحامل، ولا في المرضع وإنما نزلت في حال وقد نسخت وبطلت١٤.
[ ٥١ ] المسألة الثانية : حكم قراءة ﴿ يطوقونه ﴾ بضم الياء، وفتح الطاء، وتشديد الواء، مبنيا للمفعول.
قال ابن حزم :
روينا من طريق إسماعيل عن علي بن عبد الله، عن سفيان، وجرير، قال عمرو بن دينار : أخبرني عطاء، أنه سمع ابن عباس يقرؤها :﴿ وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين ﴾ يكلفونه ولا يطيقونه. قال : هذا الشيخ الكبير الهرم والمرأة الكبيرة الهرمة لا يستطيع الصوم يفطر ويطعم كل يوم مسكينا.
وقال جرير : عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس : مثله١٥.
قال ابن حزم : هذا صحيح عن ابن عباس، وهي قراءة لا يحل لأحد أن يقرأ بها، لأن القرآن لا يؤخذ إلا عن لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن احتج بهذه الرواية فليقرأ بهذه القراءة، وحاش الله أن يطوق الشيخ ما لا يطيقه١٦.
١ الأنعام: ١٤٠.
٢ أخرجه من حديث أبي هريرة:
البخاري في كتاب الأدب باب رحمة الولد، وتقبيله ومعانقته، حديث (٥٩٩٧) ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته الصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك حديث (٢٣١٨).

٣ الطلاق: ١.
٤ البقرة: ٢٨٦.
٥ سبق تخريجه ص (١٦٨).
٦ رجال الإسناد:
ـ إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة بن مصعب بن عبد الله بن الزبير الزبيري المدني، أبو إسحاق صدوق، روى له البخاري وأبو داود والنسائي مات سنة ٢٣٠ هـ التقريب (٤٩/١)
ـ عبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوردي، أبو محمد الجهني، مولاهم المدني، صدوق، كان يحدث من كتب غيره فيخطي، قال النسائي: حديثه عن عبيد الله العمري منكر، روى له الجماعة، مات سنة ١٨٧ هـ التقريب (٤٧٤/١)
ـ حميد بن أحمد الطويل، أبو عبيدة البصري، اختلف في اسم أبيه على نحو عشرة أقوال، ثقة مدلس، وعابه زائده لدخوله في شيء من أمر الأمراء، روى له الجماعة، مات سنة ١٤٣ هـ التقريب (٢٠٠/١)
ـ بكر بن عبد الله المزني، أبو عبد الله البصري، ثقة ثبت جليل، روى له الجماعة، مات سنة ١٠٦هـ التقريب (١١٤/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
لم أجده، وإسناده صحيح..

٧ أخرجه بنحوه ابن جرير في تفسيره (١٤١/٢) وذكره ابن الجوزي في الناسخ والمنسوخ (٥٧).
٨ رجال الإسناد:
ـ عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرو العامري، أبو محمد البصري، ثقة، روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة، مات سنة ٢٤٥هـ التقريب (٧٧/٢)
ـ بكير بن عبد الله الأشج، مولى بني مخزوم، أبو عبد الله، أو أبو يوسف، المدني، نزيل مصر، ثقة، روى له الجماعة، مات سنة ١٢٢هـ التقريب (١١٥/ ١ـ ١١٦)
ـ يزيد بن أبي عبيد الأسلمي، مولى سلمة بن الأكوع، ثقة، روى له الجماعة، مات سنة ١٤٧هـ التقريب (٣٧٨/٢)
ـ سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي، أبو مسلم، وأبو إياس، شهد بيعة الرضوان، مات سنة ٧٤هـ التقريب (٣٠٨/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب بيان نسخ ﴿وعلى الذين يطيقونه فدية﴾ بقوله ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه﴾حديث (١١٤٥).

٩ رجال الإسناد:
ـ بكر بن مضر بن محمد بن حكيم المصري، أبو محمد، أو أبو عبد الله، ثقة ثبت، روى له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي والنسائي، مات سنة ١٧٤هـ التقريب (١١٤/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري من نفس الطريق في كتاب تفسير القرآن، باب فمن شهد منكم الشهر فليصمه حديث (٤٥٠٧)
ومسلم في كتاب الصيام باب بيان نسخ ﴿وعلى الذين يطيقونه فدية﴾ بقوله ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه﴾ حديث (١١٤٥)..

١٠ ما بين القوسين مضاف من المحلى (٣٩٣/٤) لإحالة ابن حزم عليه..
١١ في الأصل: ابن، وهو تصحيف.
١٢ رجال الإسناد:
ـ حماد بن زيد بن درهم الأزدي، الجهضمي، أبو إسماعيل البصري، ثقة ثبت فقيه، قيل: إنه كان ضريرا، ولعله طرأ عليه لأنه صح أنه كان يكتب، روى له الجماعة مات سنة ١٧٩ هـ التقريب (١٩٥/١)
ـ سلمة بن علقمة التميمي، أبو بشر البصري، ثقة، روى له البخاري ومسلم، وأبو داود، والنسائي وابن ماجة، مات سنة ١٣٩ ه التقريب (٣٠٨/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
أخرجه ابن الجوزي في الناسخ والمنسوخ (٥٧) من طريق حماد بن زيد، عن سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين، عن ابن عباس به، قال الإمام أحمد، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين: "لم يسمع ابن سيرين من ابن عباس شيئا" انظر: تهذيب التهذيب (١٩٠/٩).

١٣ أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: ﴿أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون﴾ حديث (٤٥٠٥).
١٤ المحلى (٤١٠/ ٤ـ ٤١٥) باختصار وانظر: الإحكام (٤٧٨/ ١، ٥٠١).
١٥ رجال الإسناد:
إسماعيل: هو ابن إسحاق القاضي، وعلي بن عبد الله: هو ابن المديني وسفيان: هو ابن عيينه، وجرير: هو ابن حازم، ومنصور: هو ابن المعتمر، وجميعهم تقدمت ترجمتهم وكذا بقية رجال الإسناد.
تخريج الأثر: أخرجه البخاري، في كتاب التفسير القرآن، باب قوله: ﴿أياما معدودات﴾ حديث (٤٥٠٥).

١٦ المحلى (٤١٣/ ٤ـ ٤١٥) باختصار وتصرف يسير..
قوله تعالى :﴿ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون١٨٥ ﴾.
فيه سبع مسائل :
[ ٥٢ ] المسألة الأولى : فيمن أدركه رمضان وهو مقيم ثم سافر.
قال ابن حزم :
روينا عن علي، من طريق حماد بن سلمة، عن قتادة، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني١، عن علي بن أبي طالب قال : من أدركه رمضان وهو مقيم ثم سافر بعد لزمه الصوم، لأن الله تعالى قال :﴿ فمن شهد منكم الشهر فليصمه ﴾٢.
وعن عبيدة مثله٣.
ومن طريق ابن عباس مثله٤.
وعن عائشة أم المؤمنين : أنها نهت عن السفر في رمضان٥.
وعن خيثمة٦ كانوا يقولون : إذا حضر رمضان : فلا تسافر حتى تصوم٧.
وعن أبي مجلز مثله قال : فإن [ أبى إلا أن يسافر ] ٨ فليصم٩.
وعن إبراهيم النخعي مثل قول أبي مجلز١٠.
وعن عروة بن الزبير أنه سئل عن المسافر أيصوم أم يفطر ؟ فقال : يصوم١١.
[ وحجة هؤلاء ] قول الله تعالى :{ فمن شهد منكم الشهر فليصمه ].
قال ابن حزم :
لا حجة لهم في هذه الآية لأن الله تعالى لم يقل : فمن شهد بعض الشهر فليصمه، وإنما أوجب تعالى صيامه على من شهد الشهر لا على من شهد بعضه، ثم يبطل قولهم أيضا قول الله تعالى :﴿ ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ﴾ فجعل السفر والمرض ناقلين عن الصوم فيه إلى الفطر.
وأيضا : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم صح عنه أنه سافر في رمضان عام الفتح فأفطر١٢، وهو أعلم بمراد ربه تعالى، والبلاغ منه نأخذه، وعنه لا من غيره١٣.
[ ٥٣ ] المسألة الثانية : في حد المرض المبيح للفطر.
قال ابن حزم :
وأما المريض فإن كان يؤذيه الصوم فتكلفه لم يجزه، وعليه أن يقضيه، لأنه منهي عن الحرج والتكلف، وعن أذى نفسه، وإن كان لا يشق عليه أجزأه، لأنه لا خلاف في ذلك، وما نعلم مريضا لا حرج عليه في الصوم، قال الله تعالى :
﴿ وما جعل عليكم في الدين من حرج ﴾١٤ فالحرج لم يجعله الله تعالى في الدين١٥.
[ ٥٤ ] المسألة الثالثة : في حكم الصوم في السفر.
قال ابن حزم :
ومن سافر في رمضان سفر طاعة أو [ سفر ] معصية، أو لا طاعة ولا معصية ففرض عليه الفطر إذا تجاوز ميلا، أو بلغه، إو إزاءه، وقد بطل صومه حينئذ لا قبل ذلك، ويقضي بعد ذلك في أيام أخر، وله أن يصومه تطوعا، أو عن واجب لزمه، أو قضاء عن رمضان خال لزمه، وإن وافق فيه يوم نذره صامه لنذره.
برهان صحة قولنا :
١ قول الله تعالى :﴿ فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ﴾ فعم تعالى الأسفار كلها ولم يخص سفرا من سفر.
وهذه آية محكمة بإجماع من أهل الإسلام لا منسوخة ولا مخصوصة.
فصح أن الله تعالى لم يفرض صوم الشهر إلا على من شهده، ولا فرض على المريض، والمسافر إلا أياما أخر غير رمضان، وهذا نص جلي لا حيلة فيه، ولا يجوز لمن قال : إنما معنى ذلك إن أفطرا فيه، لأنها دعوى موضوعة بلا برهان.
قال الله تعالى :﴿ قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ﴾١٦.
٢ نا عبد الله بن يوسف، نا أحمد بن فتح، نا عبد الوهاب بن عيسى، نا أحمد بن محمد، نا أحمد بن علي، نا مسلم بن الحجاج، نا محمد بن المثنى، نا عبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي نا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم١٧، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب، فقيل له بعد ذلك : إن بعض الناس قد صام ؟ فقال : أولئك العصاة أولئك العصاة " ١٨.
قال ابن حزم : إن كان صيامه عليه السلام لرمضان فقد نسخه بقوله : " أولئك العصاة " وصار الفطر فرضا والصوم معصية، ولا سبيل إلى خبر ناسخ لهذا أبدا، وإن كان صيامه عليه السلام تطوعا فهذا أحرى للمنع من صيام رمضان لرمضان في السفر.
٣ ومن طريق البخاري، ومسلم. قال البخاري : نا آدم، وقال مسلم : نا أبو بكر بن أبي شيبة، نا محمد بن جعفر، ثم اتفق آدم ومحمد وكلاهما عن شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري، عن محمد بن [ عمرو ]١٩ بن الحسن بن علي بن أبي طالب، عن جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى رجلا قد ظلل عليه فسأل عنه فقيل : صائم، فقال : " ليس من البر الصوم في السفر " هذا لفظ آدم، ولفظ غندر : " ليس من البر أن تصوموا في السفر " ٢٠.
قال ابن حزم : وهذا مكشوف واضح.
فإن قيل : إنما منع عليه السلام في مثل حال ذلك الرجل ؟
قلنا : هذا باطل لا يجوز، لأن تلك الحال محرم البلوغ إليها باختيار المرء للصوم في الحضر كما هو في السفر فتخصيص النبي صلى الله عليه وسلم بالمنع من الصيام في السفر إبطال لهذه الدعوىالمفتراة عليه صلى الله عليه وسلم وواجب أخذ كلامه عليه السلام على عمومه.
٤ ومن طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية الجمحي، عن أم الدرداء، عن كعب بن عاصم الأشعري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ليس من البر الصيام في السفر " ٢١.
صفوان ثقة مشهور مكي كان متزوجا بالدرداء بنت أبي الدرداء.
وكعب بن عاصم مشهور الصحبة هاجر مع أبي موسى وهو من الأشاقر حي من الأزد.
٥ ومن طريق شعيب بن إسحاق، عن الأوزاعي، حدثني يحيى هو ابن أبي كثير حدثني أبو قلابة الجرمي، أن أبا أمية عمرو بن أمية الضمري أخبره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له وقد دعاه إلى الغداء : " أخبرك عن المسافر ؟ إن الله وضع عنه الصيام ونصف الصلاة " ٢٢.
٦ ومن طريق أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم، نا سهل بن بكار، نا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن هانئ بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ودعاه إلى الغداء : " أتدري ما وضع الله عن المسافر ؟ قلت : ما وضع الله عن المسافر ؟ قال : الصوم، وشطر الصلاة " ٢٣.
٧ ومن طريق يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، حدثني جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل في ظل يرش عليه الماء فسأل عنه فأخبر أنه صائم فقال : " ليس من البر أن تصوموا في السفر وعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها " ٢٤.
فهذا أمر بقبولها وأمره عليه الصلاة والسلام فرض فهي رخصة مفترضة، وصح بهذه الأخبار أن الله تعالى أسقط عن المسافر الصوم ونصف الصلاة وهذه آثار متواترة متظاهرة لم يأت شيء يعارضها فلا يجوز الخروج عنها.
فإن قيل : فكيف تقولون في صومه عليه الصلاة والسلام مع قول الله تعالى :﴿ فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ﴾.
قلنا : هذا في غاية البيان لا تخلو هذه الآية من أن يكون نزولها تأخر إلى وقت فتح مكة أو بعده، وتقدم فرض رمضان بوحي آخر كما كان نزول آية الوضوء في المائدة متأخخرا عن نزول فرضه، فإن كان تأخر نزولها فسؤالكم ساقط ولله الحمد رب العالمين.
وإن كان تقدم نزولها فلا يخلو عليه الصلاة والسلام في صومه ذلك من أن يكون صامه لرمضان أو تطوعا فإن كان صامه تطوعا فسؤالكم ساقط ولله الحمد.
وإن كان صامه عليه السلاة والسلام لرمضان فلا ننكر أن يكون عليه الصلاة والسلام نسخ بفعله حكم الآية ثم نسخ ذلك الفعل وعاد حكم الآية، فهذا كله حسن فكيف ولا دليل أصلا على تقدم نزول الآية قبل غزوة الفتح ؟ وما نزل بعضها إلا بعد إسلام عدي بن حاتم٢٥ بعد الفتح بمدة وبالله تعالى التوفيق.
قال ابن حزم : ولم يبق علينا إلا أن نذكر من قال : بمثل قولنا :
٨ روينا من طريق سليمان بن حرب، نا حماد بن سلمة، عن كلثوم بن جبر، عن رجل من بني قيس، أنه صام في السفر فأمره عمر بن الخطاب أن يعيد٢٦.
٩ ومن طريق سفيان بن عيينة، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن عمر بن الخطاب أنه أمر رجلا أن يعيد صيامه في السفر٢٧.
١٠ ومن طريق سليمان بن حرب، عن أبي عوانة، عن عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه قال : نهتني عائشة أم المؤمنين عن أن أصوم رمضان في السفر٢٨.
١١ وعن أبي هريرة : ليس من البر الصيام في السفر٢٩.
١٢ ومن طريق شعبة، عن أبي [ جمرة ] ٣٠ نصر بن عمران الضبعي قال : سألت ابن عباس عن الصوم في السفر ؟ فقال : يسر وعسر خذ بيسر الله تعالى٣١
قال ابن حزم : إخباره بأن صوم رمضان في السفر عسر : إيجاب منه لفطره.
١٣ وعنه أيضا : الإفطار في رمضان في السفر، عزمة.
روينا هذا عنه من طريق بن حميد، وابن أبي شيبة، كلاهما عن محمد بن بشر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن جابر بن زيد أبي الشعثاء، عن ابن عباس٣٢.
١٤ ومن طريق ابن أبي شيبة، عن أبي داود الطيالسي، عن عمران القطان، عن عمار مولى بني هاشم هو ابن أبي عمار عن ابن عباس، أنه سئل عمن صام رمضان في السفر ؟ فقال ابن عباس : لا يجزئه يعني لا يجزئه صيامه٣٣.
١٥ وعن ابن عمر أنه سئل عن الصوم في السفر ؟ فقال :﴿ فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ﴾٣٤.
١٦ ومن طريق شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن يوسف بن الحكم الثقفي، أن ابن عمر سئل عن الصوم في السفر ؟ فقال : إنما هي صدقة تصدق الله بها عليك، أرأيت لو تصدقت بصدقة فردت عليك ألم تغضب٣٥ ؟
قال ابن حزم : هذا يبين أنه كان يرى الصوم في رمضان في السفر مغضبا لله تعالى، ولا يقال هذا في شيء مباح أصلا.
١٧ ومن طريق حماد بن سلمة، عن كلثوم بن جبر، أن امرأة صحبت ابن عمر في سفر، فوضع الطعام فقال لها : كلي. قالت : إني صائمة قال : لا تصحبينا٣٦.
١٨ ومن طريق معن بن عيسى القزاز، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه قال : يقال : الصيام في السفر كالإفطار في الحضر٣٧.
قال ابن حزم : هذا إسناد صحيح، وقد صح سماع أبي سلمة من أبيه٣٨، ولا يقول عبد الرحمن بن عوف في الدين : يقال كذا إلا عن الصحابة أصحابه رضي الله عنهم.
١٩ ومن طريق أبي معاوية، نا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه قال : الصائم في السفر كالمفطر في الحضر٣٩.
وهذا سند في غاية الصحة.
٢٠ ومن طريق عطاء، عن المحرر بن أبي هريرة قال : صمت رمضان في السفر فأمرني أبو هريرة أن أعيده في أهلي، وأن أقضيه فقضيته٤٠.
٢١ ومن طريق الدراوردي، عن عبد الرحمن بن حرملة، أن رجلا سأل سعيد بن المسيب : أأتم الصلاة في السفر وأصوم ؟ قال : لا فقال : إني أقوى على ذلك ؟ قال سعيد : رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أقوى منك قد كان يقصر ويفطر٤١.
٢٢ وعن عطاء أنه سئل عن الصوم في السفر فقال : أما المفروض فلا، وأما التطوع فلا بأس به٤٢.
٢٣ ومن طريق شعبة، عن عاصم مولى قريبة، عن عروة بن الزبير، أنه قال في رجل صام في السفر : إنه يقضيه في الحضر. قال شعبة : لو صمت رمضان في السفر لكان في نفسي منه شيء٤٣.
٢٤ ومن طريق معمر، عن الزهري قال : كان الفطر آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يؤخذ من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم با
١ هو عبيدة بن عمرو السلماني، المرادي، تابعي كبير، مخضوم، ثقة ثبت، كان شريح إذا أشكل عليه شيء سأله، روى له الجماعة، مات سنة ٧٢هـ التقريب (٥٠٩/١).
٢ أخرجه ابن جرير (١٥٢/٢) وابن أبي حاتم (٣١١/ ١ـ ٣١٢) في تفسيريهما كلاهما من طريق حماد بن سلمة، عن قتادة به. ورجال إسناده ثقات..
٣ أخرجه سفيان الثوري في تفسيره (٥٧) وعبد الرزاق في المصنف (٢٦٩/ ٤) وابن أبي شيبة في المصنف (٤٣٥/ ٢) وابن جرير في تفسيره (١٥٢/ ٢ـ ١٥٣) وابن أبي حاتم معلقا (٣١٢/١) والبيهقي في السنن الكبرى (٢٤٦/ ٤).
٤ أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٥٢/٢) وابن أبي حاتم (٣١٢/١).
٥ أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٢٧٠/ ٤) وابن أبي شيبة في المصنف (٤٣٥/ ٢) وابن جرير في تفسيره (١٥٣/ ٢) وابن أبي حاتم ملقا (٣١٢/١).
٦ هو خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة، الجعفي، الكوفي، ثقة، وكان يرسل، روى له الجماعة، مات بعد سنة ثمانين. التقريب (٢٢٦/ ١).
٧ أخرجه ابن أبي حاتم معلقا (٣١٢/ ١).
٨ في الأصل [أبى أن لا يسافر] والصواب ما أثبته كما هو في الأصول المخرجة له..
٩ أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٦٩٥/٢) وابن أبي شيبة في المصنف (٤٣٥/ ٢) وابن أبي حاتم معلقا (٣١٢/١).
١٠ أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٥٣/٢) وابن أبي حاتم معلقا (٣١٢/١).
١١ لم أجده.
١٢ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب. فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام. فقال: "أولئك العصاة أولئك العصاة"
أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية، حديث (١١١٤).

١٣ المحلى (٣٩٠/ ٤، ٣٩٥) باختصار وتصرف يسير.
١٤ الحج: ٧٨.
١٥ المحلى (٤٠٥/ ٤).
١٦ البقرة: ١١١.
١٧ اسم موضع بناحية الحجاز قريب من المدينة بين رابغ والجحفة. انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (٢١٤/٤).
١٨ رجال الإسناد:
ـ عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصلت، القفي، أبو محمد البصري، ثقة تغير موته بثلاث سنين، روى له الجماعة، مات سنة ١٩٤هـ التقريب (٤٨٩/١)
ـ جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله المعروف: بالصادق، صدوق فقيه، إمام، روى له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، مات سنة ١٤٨هـ التقريب (١٣٦/١)
ـ محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الباقر، ثقة فاضل، روى له الجماعة، مات سنة ١١٤هـ التقريب (٢٠١/٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر من غير معصية، حديث (١١١٤).

١٩ في الأصل: عمر، والصواب ما أثبته كما هو في البخاري ومسلم..
٢٠ رجال الإسناد:
ـ آدم بن أبي إياس، عبد الرحمن العسقلاني، أصله خراساني، يكنى أبا الحسن، نشأ ببغداد، ثقة عابد، روى له النسائي وأبو داود والبخاري والترمذي، مات سنة ٢٢٠ هـ التقريب (٤٥/١)
ـ عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان الواسطي الأصل، أبو بكر بن شيبة الكوفي، ثقة حافظ، صاحب تصانيف، روى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه، مات سنة ٢٣٥هـ التقريب (٤١٨/١)
ـ محمد بن جعفر: هو المدني البصري، المعروف بغندر، تقدم.
ـ شعبة: هو ابن الحجاج، تقدم.
ـ محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري، وأبوه هو: ابن عبد الله، ويقال: محمد بن عبد الرحمن بن سعد، فينسب أبوه إلى جد أبيه، ثقة روى له الجماعة، مات سنة ١٢٤هـ التقريب (١٩٣/٢)ـ محمد بن عمرو بن الحسن بن علي بن أبي طالب ثقة، روى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. التقريب (٢٠٤/٢)
ـ غندر: هو محمد بن جعفر المتقدم
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظلل عليه واشتد الحر: "ليس من البر الصوم في السفر"، حديث (١٩٤٦) من طريق آدم، عن شعبة، به، بلفظ: "ليس من البر الصوم في السفر".
وأخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر من غير معصية، حديث (١١١٥)
من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن غندر هو محمد بن جعفرـ عن شعبة، به، بلفظ: "ليس من البر أن تصوموا في السفر".

٢١ رجال الإسناد:
ـ صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية القرشي، ثقة، روى له البخاري في الأدب المفرد ومسلم والنسائي وابن ماجة. التقريب (٣٥١/١)ـ أم الدرداء: هي زوج أبي الدرداء، واسمها: هجيمة، وقيل: جهيمة، الأوصابية الدمشقية، ثقة فقهية، روى لها الجماعة، ماتت سنة ٨١هـ التقريب (٥٣٣/٢)
ـ كعب بن عاصم الأشعري، يكنى أبا مالك، صحابي، نزل الشام، ومصر له حديثان، روى له النسائي وابن ماجه. التقريب (١٤٣/٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه من طريق الزهري:
أبو داود الطيالسي في مسنده (١٩١) وأحمد في مسنده حديث (٢٣٦٧٦) (٥٤٠/٥) والدارمي في كتاب الصوم، باب الصوم في السفر، حديث (١٦٤٩) والنسائي في كتاب الصيام، باب ما يكره من الصيام في السفر، حديث (٢٢٥٥) وابن ماجه، في كتاب الصيام باب ما جاء في الإفطار في السفر، حديث (١١٦٤) والطحاوي، في شرح معاني الآثار (٦٣/٢) والبيهقي في السنن الكبرى (٢٤٢/٤) والخطيب في تاريخ بغداد (٣٩٩/١٢).

٢٢ رجال الإسناد:
ـ شعيب بن إسحاق بن عبد الرحمن الأموي، مولاهم البصري، ثم الدمشقي، ثقة رمي بالإرجاء وسماعه من ابن أبي عروبه بآخره، روى له البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة، مات سنة ١٨٩ هـ التقريب (٣٣٨/ ١)
ـ الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي، أبو عمر الفقيه، جليل، روى له الجماعة، مات سنة ١٥٧هـ، التقريب (٤٥٨/١)
ـ يحيى: هو ابن أبي كثير الطائي، تقدم
ـ أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد بن عمرو أو عامر، الجرمي، أبو قلابة البصري، ثقة فاضل، كثير الإرسال، قال العجلي: فيه نصب يسير. روى له الجماعة، مات سنة ١٠٤هـ التقريب (٣٩٤/١)
ـ أبو أمية: هو عمرو بن أمية بن خويلد بن عبد الله، أبو أمية الضمري، صحابي مشهور، أول مشاهدة بئر معونة، روى له الجماعة، مات في خلافة معاوية. التقريب (٧١/٢)
تخريج الحديث:
أخرجه من هذا الطريق، النسائي، في كتاب الصيام، باب ذكر وضع الصيام عن المسافر والاختلاف على الأوزاعي في خبر عمرو بن أمية فيه، حديث (٢٢٧٠)
وقد تقدم تخريج الحديث، وبيان طرفه ص (٢٧٣).

٢٣ رجال الإسناد:
ـ عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ، أبو زرعة الرازي، إمام حافظ ثقة، مشهور، روى له مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة، مات سنة ٢٦٤هـ التقريب (٤٩٧/١)
ـ سهل بن بكار بن بشر الدارمي البصري، أبو بشر المكفوف، ثقة ربما وهم، روى له البخاري وأبو داود والنسائي، مات سنة ٢٢٧هـ التقريب (٣٢٣/١)
ـ أبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري، الواسطي، البزاز، أبو عوانة، مشهور بكنيته، ثقة ثبت. روى له الجماعة، مات سنة ١٧٦هـ التقريب (٣٣٧/٢)
ـ أبو بشر: هو جعفر بن إياس، أبو بشر بن أبي وحشية، ثقة، من أثبت الناس في سعيد بن جبير، وضعفه شعبة في حبيب بن سالم، وفي مجاهد روى له الجماعة، مات سنة ١٢٥ هـ التقريب (١٣٣/١)
ـ هاني بن عبد الله بن الشخير، مقبول، روى له النسائي التقريب (٣٢٠/٢)
ـ عبد الله بن الشخير بن عوف، صحابي من مسلمة الفتح روى له مسلم، وأبو داود والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. التقريب (٣٩٩/١)
تخريج الحديث:
أخرجه النسائي من طريق أبي زرعة به، في كتاب الصيام، باب ذكر اختلاف معاوية بن سلام وعلي بن المبارك حديث (٢٢٨٠)
وقد تقدم تخريجه وبيان طرقه ص (٢٧٣).

٢٤ رجال الإسناد:
ـ محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان العامري، عامر قريش، المدني، ثقة، روى له الجماعة التقريب (١٩٢/٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه بلفظه من طريق يحيى بن أبي كثير النسائي في كتاب الصيام، باب العلة التي من أجلها قيل ذلك، وذكر الاختلاف على محمد بن عبد الرحمن في حديث جابر بن عبد الله في ذلك، حديث (٢٢٥٧)
والطحاوي في شرح معاني الآثار (٢/٦٢)
والحديث أصله في الصحيح ـ وقد تقدم تخريجه ص (٢٨٦، ٢٨٧) لكن دون قوله:
"وعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها" وهذه الزيادة وقعت عند مسلم حديث (١١١٥) غير مجزوم بها قال مسلم بعد روايته للحديث: "وحدثناه أحمد بن عثمان النوفلي حدثنا أبو داود حدثنا شعبة بهذا الإسناد نحوه وزاد قال شعبة: وكان يبلغني عن يحيى بن أبي كثير أنه كان يزيد في هذا الحديث وفي هذا الإسناد أنه قال عليكم برخصة الله الذي رخص لكم قال فلما سألته لم يحفظه" أ هـ
قال الحافظ ابن حجر [في الفتح (٤/٢١٨)] في قول شعبة فلما سألته لم يحفظه قال: "الضمير في سألت يرجع إلى محمد بن عبد الرحمن شيخ يحيى"
وقد ذهب النسائي، وتبعه الحافظ ابن حجر [الفتح (٤/٢١٨) أن محمد بن عبد الرحمن شيخ يحيى في هذا الحديث، هو نفسه شيخ شعبة.
وقد خطئا يحيى في هذه الزيادة، وفي جعله الحديث عن محمد بن عبد الرحمن، عن جابر بلا واسطة، لأن شعبة قال سألته ـ يعني محمد بن عبد الرحمن ـ فلم يحفظه.
قلت: لكن الصواب أن يحيى بن أبي كثير رواه عن شيخين كل منهما اسمه محمد بن عبد الرحمن:
أحدهما: محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وهو الذي روى عنه يحيى هذه الزيادة، وشعبة لم يسمعها منه.
الثاني: محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، وقد روى الحديث عنه يحيى بن أبي كثير، عن رجل لم يسم، عن جابر.
أخرجه النسائي في الموضع السابق، حديث (٢٢٥٨)
ورواه شعبة عنه، عن محمد بن عمرو بن الحسن، عن جابر به ـ وهي رواية الصحيحين ـ وكلاهما لم يذكرا الزيادة.
لذا فإن قول شبة: "فلما سألته لم يحفظه" إنما يريد به محمد بن عبد الرحمن بن سعد، وهو فعلا لم يحدث بها، وإنما حدث بها محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وشعبة لم يسمعها منه، وإنما سمعها يحيى فحدث بها.
ومما يؤكد ذلك: أن رواية يحيى ـ التي فيها الرجل الذي لم يسم، وليس بها الزيادة ـ لم يقل يحيى فيها "ابن ثوبان" بخلاف الرواية الأخرى فقد صرح يحيى بأنه "ابن ثوبان" فدل ذلك على أنه يرويه عن شيخين، أحدهما ابن ثوبان والآخر ابن سعد. وخلاصة القول أن هذه الزيادة إسنادها صحيح، ولا يضر تفرد يحيى بن أبي كثير بها، لأنه ثقة.
وهذا الذي قررته هو الذي ذهب إليه الحافظ ابن القطان [كما في التلخيص الحبير (٣٩٣/٢)] والمزي [كما في فتح الباري (٢١٨/٤) والألباني [في إرواء الغليل (٥٤/ ٤ـ ٥٧)].

٢٥ هو عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج، الطائي، أبو طريف، صحابي شهير، وكان ممن ثبت على الإسلام في الردة، وحضر فتوح العراق، وحروب علي، مات سنة ٦٨هـ التقريب (٢٠/٢).
٢٦ رجال الإسناد:
ـ كلثوم بن جبير البصري، صدوق يخطئ، روى له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود في المراسيل والنسائي، مات سنة ١٣٠هـ التقريب (١٤٤/٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٥٦٧/٢) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن كلثوم بن جبر به.
وفي سنده الرجل الذي لم يسم.
وأخرجه ابن جرير في تفسيره من طريق ربيعة بن كلثوم، عن أبي كلثوم: أن قوما قدموا على عمر بن الخطاب وقد صاموا رمضان في سفر فأمرهم عمر بالقضاء..

٢٧ أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٥٦٧/٢) (٢٧٠/٤) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٦٣/٢) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة عن عاصم بن عبيد الله به. وعاصم ضعيف.
وأخرجه من وجه آخر: ابن أبي شيبة في المصنف (٤٣٤/٢) وابن جرير في تفسيره (١٥٧/ ٢، ١٥٨) كلاهما من طريق عمرو بن دينار عن رجل، عن أبيه، به. وإسناده منقطع..

٢٨ رجال الإسناد:
أبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري، ثقة، تقدم.
ـ عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، قاضي المدينة، صدوق يخطئ، روى له البخاري في التعاليق، وأبو داود والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، قتل بالشام سنة ١٣٢ هـ مع بني أمية التقريب (٦٢/٢)
ـ أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، المدني قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل ثقة مكثر، روى له الجماعة، مات سنة ٩٤هـ قال يحيى بن معين والبخاري، وعلي بن المديني، وأحمد، وأبو حاتم، ويعقوب بن شيبة، وأبو داود: "لم يسمع أبو سلمة من أبيه شيئا" انظر: جامع التحصيل (٢١٣) وتهذيب التهذيب (١٢٧/ ١٢) والتقريب (٤٢٧/٢)
وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر
لم أجده..

٢٩ لم أجده عن أبي هريرة من قوله..
٣٠ في الأصل المطبوع: حمزة، والصواب ما أثبته كما هو في كتب التراجم..
٣١ رجال الإسناد:
ـ شعبة: هو ابن الحجاج، ثقة تقدم.
ـ نصر: بن عمران بن عصام الضبعي، أبو حمزة، البصري، نزيل خراسان، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، روى له الجماعة، مات سنة ١٢٨هـ التقريب (٣٠٥/٢)
تخريج الأثر:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤٣١/٢) وابن جرير في تفسيره (١٦٢/٢) كلاهما من طريق شعبة، عن أبي جمرة به. وإسناده صحيح..

٣٢ رجال الإسناد:
ـ عبد بن حميد بن نصر الكسي، أبو محمد قيل: اسمه عبد الحميد، وبذلك جزم ابن حبان، وغير واحد، ثقة حافظ، روى له البخاري في التعاليق ومسلم والترمذي مات سنة ٢٤٩هـ التقريب (٤٩٠/١)
ـ محمد بن بشر العبدي، أبو عبد الله، الكوفي، ثقة حافظ، روى له الجماعة، مات سنة ٢٠٣هـ التقريب (١٥٦/٢)
ـ سعيد بن أبي عروبة مهران: اليشكري، مولاهم، أبو النضر البصري، ثقة حافظ، له تصانيف، لكنه كثير التدليس، واختلط، وكان من أثبت الناس في قتادة، روى له الجماعة مات سنة ١٥٧هـ التقريب (٢٩٤/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
أخرجه بسنده ومتنه ابن أبي شيبة في المصنف (٤٣١/٢) وأخرجه ابن جرير في تفسيره (١٥٧/٢) من طريق ابن أبي عروبة به. وإسناده صحيح..

٣٣ رجال الإسناد:
ـ أبو داود الطيالسي: هو سليمان بن داود بن الجارود، أبو داود الطيالسي، ثقة حافظ غلط في أحاديث، روى له البخاري في التعاليق ومسلم وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة. مات سنة ٢٠٤هـ التقريب (٣١٢/١)
ـ عمران بن داور، أبو العوام، القطان، البصري، صدوق، بهم، ورمي برأي الخوارج، روى له البخاري في التعاليق وأبو داود، والترمذي والنسائي، وابن ماجه مات ما بين سنة ٢٦٠و٢٧٠ هـ التقريب (٨٩/٢)
ـ عمار بن أبي عمار، مولى بني هاشم، أبو عمرو، ويقال: أبو عبد الله، صدوق ربما أخطأ، روى له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه. مات سنة ١٢٠ هـ التقريب (٥٣/٢)
تخريج الأثر:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤٣٤/٢) وإسناده حسن
وقد روي عن ابن عباس القول بالتخيير، قال ابن عباس: "صام رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليفر وأفطر فمن شاء صام ومن شاء أفطر" أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة الفتح في رمضان، حديث (٤٢٧٩) ومسلم في كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية حديث (١١١٣).

٣٤ لم أجده..
٣٥ رجال الإسناد:
ـ يعلى بن عطاء العامري، ويقال: الليثي الطائفي، ثقة، روى له البخاري في جزء القراءة خلف الإمام ومسلم وأبو داود، والترمذي والنسائي، وابن ماجه. مات سنة ١٢٠هـ التقريب (٣٨٨/٢)
ـ يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن عمرو بن مسعود بن عامر الثقفي، والد الحجاج الأمير، وقد ينسب لجده، مقبول، روى له الترمذي التقريب (٣٨٩/٢)
تخريج الأثر:
أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٥٧/٢) من طريق شعبة به. وإسناده حسن..

٣٦ لم أجده..
٣٧ رجال الإسناد:
ـ معن بن عيسى بن يحيى، الأشجعي مولاهم، أبو يحيى المدني القزاز، ثقة ثبت، قال أبو حاتم: هو أثبت أصحاب مالك. روى له الجماعة مات سنة ١٩٨هـ التقريب (٢٧٢/٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا
تخريج الأثر:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤٣١/٢) والنسائي، في كتاب الصيام، باب ذكر قوله: الصائم في السفر كالمفطر في الحضر، حديث (٢٢٨٣) و (٢٢٨٤) كلاهما من طريق ابن أبي ذئب، عن الزهري به. وفي سنده انقطاع لأن أبا سلمة لم يسمع من أبيه..

٣٨ تقدم في ترجمة أبي سلمة، أنه لم يسمع من أبيه انظر: ص (٢٩٠) حاشية رقم (٤).
٣٩ رجال الإسناد:
عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة القرشي الزهري، أحد العشرة المبشرين بالجنة، أسلم قديما ومناقبه شهيرة، مات سنة ٣٢هـ التقريب (٤٥٩/١)
وبقية رجال الإسناد تقدموا
تخريج الأثر:
أخرجه النسائي، في كتاب الصيام، باب ذكر قوله: الصائم في السفر كالمفطر في الحضر، حديث (٢٢٨٥) من طريق أبي معاوية، عن ابن أبي ذئب به، وإسناده صحيح كما قال ابن حزم..

٤٠ رجال الإسناد:
ـ محرر بن أبي هريرة الدوسي، المدني، مقبول روى له النسائي وابن ماجه، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز التقريب (٢٣٩/٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤٣٤/٢) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٦٣/٢) كلاهما من طريق بن زهير، عن عبد الكريم الجزري عن عطاء، عن المحرر، به..

٤١ رجال الإسناد:
ـ عبد الرحمن بن حرملة بن عمرو بن سنة، الأسلمي، أبو حرملة المدني، صدوق ربما أخطأ روى له مسلم وأبو داود، والترمذي والنسائي، وابن ماجه. مات سنة ١٤٥هـ التقريب (٤٤٥/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
أخرجه بنحوه عبد الرزاق في المصنف (٥٦٦/٢) من طريق عبد الرحمن بن حرملة به.

٤٢ أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٥٦٧/٢).
٤٣ رجال الإسناد:
ـ عاصم بن علي بن عاصم بن صهيب الواسطي، أبو الحسن التيمي، مولى قريبة بنت محمد بن أبي بكر الصديق، صدوق ربما وهم، روى له البخاري والترمذي وابن ماجة. مات سنة ٢٢١هـ تهذيب التهذيب (٤٤/٥) والتقريب (٣٦٦/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٥٨/٢) من طريق شعبة، عن عاصم، به.

قوله تعالى :﴿ واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين ١٩١ ﴾.
[ ٦٦ ] مسألة : في حكم قتال الكفار عند المسجد الحرام.
قال ابن حزم :
ولا يحل قتال أحد مشرك ولا غيره في حرم مكة، لكننا نخرجهم منه، فإن خرجوا وصاروا في الحل نفذنا عليهم ما يجب عليهم من قتل، أو أسر، أو عقوبة، فإن امتنعوا وقاتلونا قاتلناهم حينئذ في الحرم كما أمر الله تعالى وقاتلناهم فيه، وهكذا نفعل بكل باغ وظالم من المسلمين ولا فرق.
فإن قالوا : فقد قال الله تعالى :﴿ فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ﴾ الآية١ ؟
قلنا : الذي قال هذا قال :﴿ ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه ﴾ وكلامه كله حق، وعهوده كلها فرض، ولا يحل ترك شيء من كلامه لشيء آخر إلا بنسخ متيقن فواجب علينا أن نستعمل مثل هذه النصوص ونجمعها، ونستثني الأقل منها من الأكثر، إذ لا يحل غير ذلك.
فنحن نقتل المشركين حيث وجدناهم إلا عند المسجد الحرام.
فنحن إذا فعلنا هذا كنا على يقين من أننا قد أطعنا الله تعالى في كل ما أمرنا به، ومن خالف هذا العمل فقد عصى الله تعالى في إحدى الآيتين ؟ وهذا لا يحل أصلا.
وكما قلنا فعل أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير رضي الله عنه فإنه لما ابتدأه الفساق بالقتال في حرم مكة : يزيد٢ وعمرو بن سعيد٣، والحصين بن نمير٤، والحجاج٥، ومن بعثه ومن كان معهم من جنود السلطان قاتلهم مدافعا لنفسه وأحسن في ذلك٦ وبالله تعالى التوفيق.
١ حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد نا إبراهيم بن أحمد نا الفربري، نا البخاري، نا عثمان بن أبي شيبة، نا جرير عن منصور بن المعتمر، عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم افتتح مكة : " لا هجرة، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا، فإن هذا بلد حرمه الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلى خلاها قال العباس : يا رسول الله إلا الإذخر٧ فإنه لقينهم ولبيوتهم ؟ قال : إلا الإذخر " ٨.
٢ ومن طريق مسلم بن الحجاج، نا زهير بن حرب، نا الوليد بن مسلم، نا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة بن عوف، نا أبو هريرة قال : لما فتح الله تعالى على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال :
" إن الله تعالى حبس الفيل عن مكة وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وإنها لم تحل لأحد كان قبلي، وإنها حلت لي ساعة من نهار، وإنها لن تحل لأحد بعدي، فلا ينفر صيدها، ولا يختلى شوكها ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد " ٩، وذكر باقي الحديث بذكر الإذخر.
٣ وقد روينا من طريق مسلم نا قتيبة [ نا ] ١٠ ليث هو ابن سعد عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي شريح العدوي أنه قال لعمرو بن سعيد، وهو يبعث البعوث إلى مكة : ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولا قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح، سمعته أذناي ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلم به : أنه حمد الله تعالى، وأثنى عليه، ثم قال : " إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقولوا : إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد الغائب " قيل لأبي شريح : ماذا قال لك عمرو ؟ قال : قال : أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح إن الحرم لا يعيذ عاصيا، [ ولا فارا بدم ] ١١ ولا فارا بخربة١٢.
قال ابن حزم : ولا كرامة للطيم الشيطان شرطي الفاسق يريد أن يكون أعلم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمعه ذلك الصاحب رضي الله عنه من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنا لله وإنا إليه راجعون، على عظيم المصاب في الإسلام ثم على تضاعف المصيبة ممن شاهده يحتج في هذه القصة بعينها بقول الفاسق عمرو بن سعيد معارضة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يتكلم في دين الله تعالى، ويغر الضعفاء بأنه عالم، وما العاصي لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم إلا الفاسق عمرو بن سعيد، ومن ولاه وقلده، وما حامل الخربة في الدنيا والآخرة إلا هو، ومن أمره وأيده وصوب قوله ؟.
قال ابن حزم : فهذا نقل تواتر ثلاثة من الصحابة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو هريرة وابن عباس، وأبو شريح، كلهم يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن مكة حرمها الله تعالى " فبيقين ندري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرم مكة خصوصا القتال المحرم بالظلم، لأنه محرم في كل مكان في الأرض، لكنه عليه الصلاة والسلام نص على أنه إنما حرم القتال المأمور به في غيرها، لأنه عليه الصلاة والسلام المقاتل في مكة، ولا قتل إلا بحق، ونهى عن ذلك القتال بعينه غيره، وحرم أن يحتج به في مثله، وقطع الأيدي فيه سفك دم، والقصاص كذلك، فلا يحل فيها ألبتة، وبالله تعالى التوفيق١٣.
١ التوبة: ٥.
٢ هو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس، أبو خالد، ولد في خلافة عثمان وعهد إليه أبوه بالخلافة فبويع سنة ستين وأبي البيعة عبد الله بن الزبير ولاذ بمكة، خرج أهل المدينة على يزيد وخلعوه في سنة ثلاث وستين فأرسل إليهم مسلم بن عقبة المري، وأمره أن يستبيح المدينة ثلاث أيام وأن يبايعهم على أنهم خول وعبيد ليزيد، فإذا فرغ منها نهض إلى مكة لحرب ابن الزبير، ففعل بها مسلم الأفاعيل القبيحة وقتل بها خلقا من الصحابة، وأبنائهم، وخيار التابعين. وأفحش القضية إلى الغاية، ثم توجه إلى مكة فأخذه الله تعالى قبل وصوله، واستخلف على الجيش حصين بن نمير السكوني فحاصروا بن الزبير ونصبوا على الكعبة المنجنيق فأدى ذلك إلى وهي أركانها ووهي بنائها ثم أحرقت، وفي أثناء أفعالهم القبيحة فجأهم الخبر بهلاك يزيد بن معاوية فرجعوا وكفى الله المؤمنين القتال وكان هلاكه سنة ٦٤ هـ سير أعلام النبلاء (٣٥/٤) تهذيب التهذيب (٣١٦/١١).
٣ هو عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس أبو أمية المدني المعروف بالأشدق، يقال: إن له رؤية، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، ولي المدينة لمعاوية وليزيد بن معاوية ثم طلب الخلافة وغلب على دمشق ثم قتله عبد الملك بن مروان بعد أن أعطاه الأمان سنة ٦٩ هـ وكان عمرو بن سعيد واليا على المدينة زمن يزيد بن معاوية وهو الذي كان يجهز الجيوش إلى قتال ابن الزبير فقام إليه أبو شريح الخزاعي فحدثه بأن مكة حرام فأجابه عمرو بأن الحرم لا يعيذ عاصيا. تهذيب التهذيب (٣٣/٨) البداية والنهاية (٣١٤/٨).
٤ هو حصين بن نمير الكندي ثم السكوني الحمصي، قال ابن حجر: كان أحد أمراء يزيد بن معاوية في وقعة الحرة وكان الأمر إلى مسلم بن عقبة المزني فلما ظعن عن المدنية أخذه الله فاستخلف على الجيش حصينا هذا فحاصر ابن الزبير ورموا البيت بالمنجنيق ولم يلبثوا أن أخذ الله يزيد بن معاوية فجاءهم الخبر بموته فأخذ حصين الأمان من ابن الزبير ودخلوا الحرم ثم رحلوا إلى الشام. تهذيب التهذيب (٣٣٨/٢).
٥ هو الحجاج بن يوسف بن أبي عقيل الثقفي الأمير الشهير، كان أبوه من شيعة بني أمية، وحضر مع مروان حروبه ونشأ ابنه مؤدب كتاب ثم لحق بعبد الملك بن مروان وحضر معه قتل مصعب بن الزبير ثم انتدب لقتال عبد الله بن الزبير بمكة فجهزه أميرا على الجيش فحاصر مكة ورمى الكعبة بالمنجنيق إلى أن قتل ابن الزبير، كان فصيحا بليغا فقيها، وكان يزعم أن طاعة الخليفة فرض على الناس في كل ما يرويه ويجادل على ذلك، قال عمر بن عبد العزيز: لو جاءت كل أمة بخبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم وقالت له أسماء بنت أبي بكر: أنت المبير الذي أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم مات الحجاج سنة ٩٥ هـ
سير أعلام النبلاء (٣٤٣/٤) تهذيب التهذيب (١٨٤/٢).

٦ انظر: البداية والنهاية (٣٣٤/ ٨ـ ٣٣٧).
٧ الإذخر: حشيشة طيبة الرائحة تسقف بها البيوت فوق الخشب. انظر النهاية في غريب الحديث (١/٣٦).
٨ رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه البخاري في كتاب الحج باب لا يحل القتال بمكة، حديث (١٨٣٤) ومسلم في كتاب الحج باب تحريم مكة وصيدها وخلاها حديث (١٣٥٣).

٩ رجال الإسناد:
ـ الوليد بن مسلم القرشي مولاهم، أبو العباس الدمشقي، ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية، روى له الجماعة، مات آخر ١٩٤ أو أول سنة ١٩٥ هـ التقريب (٣٤٢/٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه مسلم ـ باختلاف يسير في الألفاظ ـ في كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها، حديث (١٣٥٥) والبخاري في كتاب اللقطة باب كيف تعرف لقطة أهل مكة حديث (٢٤٣٤).

١٠ في الأصل [ابن] والصواب ما أثبته كما هو عند مسلم..
١١ هذه الزيادة أثبتها من مسلم، وليست في الأصل.
١٢ رجال الإسناد:
ـ أبو شريح الخزاعي الكعبي، اسمه خويلد بن عمرو، أو عكسه وقيل عبد الرحمن بن عمرو، وقيل هانئ وقيل كعب، صحابي نزل المدينة روى له الجماعة، مات سنة ٦٨ على الصحيح التقريب (٤٣٠/٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه مسلم في كتاب الحج باب تحريم مكة وصيدها وخلاها، حديث (١٣٥٤) والبخاري في كتاب العلم باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب حديث (١٠٤).

١٣ المحلى (١٤٨/١١ـ ١٥١).
قوله تعالى :﴿ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ١٩٣ ﴾
[ ٦٧ ] مسألة : في معنى ﴿ الدين ﴾ في الآية.
قال ابن حزم :
قوله تعالى :﴿ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ﴾ الدين الحكم.
فواجب أن يحكم عليهم بحكم الإسلام، وهو لازم لهم، وبتركهم إياه استحقوا الخلود.
ومن قال : إنه لا يلزمهم دين الإسلام فقد فارق الإسلام١.
وقال : الدين في القرآن واللغة يكون : الشريعة، ويكون الحكم، ويكون الجزاء.
فالجزاء في الآخرة إلى الله تعالى لا إلينا.
والشريعة قد صح أن نقرهم على ما يعتقدون إذا كانوا أهل كتاب.
فبقي الحكم، فوجب أن يكون كله حكم الله كما أمر٢.
١ المحلى (٦٥/١٠).
٢ المحلى (٥٢١/٨).
قوله تعالى :﴿ وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب ١٩٦ ﴾.
وفيه تسع عشرة مسألة :
[ ٦٨ ] المسألة الأولى : حكم العمرة.
قال ابن حزم :
الحج إلى مكة، والعمرة [ إليها ] فرضان على كل مؤمن عاقل، بالغ، ذكر، أو أنثى، بكر، أو ذات زوج. الحر والعبد، والحرة والأمة، في كل ذلك سواء، مرة في العمر إذا وجد من ذكرنا إليها سبيلا، وهما أيضا على أهل الكفر إلا أنه لا يقبل منهم إلا بعد الإسلام، ولا يتركون ودخول الحرم حتى يؤمنوا.
برهان صحة قولنا :
١ قول الله تعالى :﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ﴾١ فعم تعالى ولم يخص.
٢ وقال عز وجل :﴿ وأتموا الحج والعمرة لله ﴾.
٣ وقد حدثنا أحمد بن محمد الطلمنكي نا ابن مفرج نا إبراهيم بن أحمد بن فراس، نا محمد بن علي بن زيد الصائغ، نا سعيد بن منصور، نا سفيان هو ابن عيينة عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه عن ابن عباس أنه قال : الحج والعمرة واجبتان٢.
٤ وبه نصا إلى سفيان، عن عمرو بن دينار، عن طاوس عن ابن عباس أنه قال في الحج والعمرة إنها لقرينتها في كتاب الله٣.
قال ابن حزم : وهذا عن ابن عباس من طرق في غاية الصحة أنها واجبة كوجوب الحج.
٥ ونا أحمد بن عمر بن أنس، نا عبد الله بن الحسين بن عقال، نا إبراهيم بن محمد الدينوري، نا محمد بن أحمد بن الجهم، نا أبو قلابة، نا الأنصاري هو محمد بن عبد الله القاضي أنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : ليس مسلم إلا عليه حجة وعمرة من استطاع إليه سبيلا٤.
٦ حدثنا عبد الله بن ربيع، نا محمد بن معاوية، نا أحمد بن شعيب، نا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني نا خالد هو ابن الحارث نا شعبة قال : سمعت النعمان بن سالم قال : سمعت عمرو بن أوس يحدث عن أبي رزين العقيلي أنه قال : يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن قال : " فحج عن أبيك واعتمر " ٥.
فهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأداء فرض الحج والعمرة عمن لا يطيقهما فهذا حكم زائد وشرع وارد، وكانت تكون تلك الأحاديث موافقة لمعهود الأصل فإن الحج والعمرة قد كانا بلا شك تطوعا لا فرضا فإذا أمر بهما الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فقد بطل كونهما تطوعا بلا شك وصارا فرضين، فمن ادعى بطلان هذا الحكم وعودة المنسوخ فقد كذب وأفك وافترى، وقفا ما ليس له به علم.
وأما قول من قال : إن إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بدخول العمرة في الحج٦ وبأنه ليس على المرء إلا حجة واحدة دليل على أنها ليست فرضا، فهذيان لا يعقل، بل هذا برهان واضح في كون العمرة فرضا، لأنه عليه السلام أخبر بأنها دخلت في الحج، ولا يشك ذو عقل في أنها لم تصر حجة فوجب أن دخولها في الحج إنما هو من وجهين فقط :
أحدهما : أنه يجزى لهما عمل واحد في القران.
والثاني : دخولها في أنها فرض كالحج.
وأما قولهم : إن الله تعالى إنما أمر بإتمامها من دخل فيها لا بابتدائها، وأن بعض الناس قرأ :﴿ والعمرة لله ﴾٧ بالرفع فقول كله باطل، لأنها دعوى بلا برهان وقوله تعالى :﴿ وأتموا الحج والعمرة لله ﴾ لا يقتضي ما قالوا وإنما يقتضي وجوب المجيء بهما تامين وحتى لو صح ما قالوه لكان حجة عليهم لأنه إذا كان الداخل فيها مأمورا بإتمامها فقد صارت فرضا مأمورا به، وهذا قولنا لا قولهم الفاسد المتخاذل وابن عباس حجة في اللغة.
٧ وقد روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان بن عيينةعن عمرو بن دينار عن طاوس قال : سمعت ابن عباس يقول : والله إنها لقرينتها في كتاب الله عز وجل :﴿ وأتموا الحج والعمرة لله ﴾٨ فابن عباس يرى هذا النص موجبا لكونها فرضا كالحج بخلاف كيس هؤلاء الحذاق باللغة بالضد، وبهذا احتج مسروق، وسعيد بن المسيب، وعلي بن الحسين، ونافع في إيجابها ومسروق وسعيد حجة في اللغة وأما القراءة ﴿ والعمرة لله ﴾بالرفع فقراءة منكرة لا يحل لأحد أن يقرأ بها
قال ابن حزم :
٨ وروينا من طريق ابن أبي شيبة نا عبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي عن أيوب السختياني، عن ابن سيرين عن [ زيد بن ] ٩ ثابت قال فيمن يعتمر قبل أن يحج : نسكان لله عليك لا يضرك بأيهما بدأت١٠
٩ ومن طريق عبد الرزاق، نا ابن جريج، أخبرني نافع مولى ابن عمر، أنه سمع عبد الله بن عمر يقول : ليس من خلق الله أحد إلا وعليه حجة وعمرة واجبتان من استطاع إلى ذلك سبيلا ومن زاد بعدهما شيا فهو خير وتطوع١١
١٠ ومن طريق أبي إسحاق، عن مسروق عن ابن مسعود قال : أمرتم بإقامة الصلاة والعمرة إلى البيت١٢
وقد ذكرناه آنفا عن جابر وابن عباس
١١ ومن طريق قتادة قال عمر ابن الخطاب : يا أيها الناس كتبت عليكم العمرة١٣
١٢ وعن أشعث، عن ابن سيرين قال : كانوا لا يختلفون أن العمرة فريضة١٤، وابن سيرين أدرك الصحابة وأكابر التابعين
١٣ وعن معمر عن قتادة قال : العمرة واجبة١٥
١٤ ومن طريق سفيان الثوري، ومعمر عن داود بن أبي هند قلت لعطاء : العمرة علينا فريضة كالحج قال : نعم١٦
١٥ وعن يونس بن عبيد، عن الحسن، وابن سيرين جميعا : العمرة واجبة١٧
١٦ وعن طاوس العمرة واجبة١٨
١٧ وعن سعيد بن جبير : العمرة واجب، فقيل له : إن فلانا يقول : ليست واجبة، فقال : كذب إن الله تعالى يقول :﴿ وأتموا الحج والعمرة لله ﴾١٩
١٨ ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي قال : سمعت مسروقا يقول : أمرتم في القرآن بإقامة أربع : الصلاة، والزكاة، والحج والعمرة قال أبو إسحاق : وسمعت عبد الله بن شداد يقول : العمرة الحج الأصغر٢٠
١٩ وعن سعيد بن المسيب : إنما كتبت علي عمرة وحجة٢١
٢٠ وعن مجاهد : الحج والعمرة فريضتان٢٢
٢١ وعن منصور عن مجاهد : العمرة الحجة الصغرى٢٣
٢٢ وعن علي بن الحسين أنه سئل عن العمرة فقال : ما نعلمها إلا واجبة، ﴿ وأتموا الحج والعمرة لله ﴾٢٤
٢٣ وعن حماد بن زيد، عن عبد الرحمن بن السراج قال : سألت هشام بن عروة، ونافعا مولى ابن عمر، عن العمرة أواجبة هي فقرأ جميعا ﴿ وأتموا الحج والعمرة لله ﴾٢٥
٢٤ ومن طريق سعيد بن منصور، نا هشيم نا مغيرة هو ابن مقسم عن الشعبي أنه قال في العمرة : هي واجبة٢٦
٢٥ وعن شعبة، عن الحكم قال : العمرة واجبة٢٧
٢٦ ولا يصح عن أحد من الصحابة خلاف في هذا إلا رواية ساقطة من طريق أبي معشر عن إبراهيم أن عبد الله قال : العمرة تطوع٢٨
والصحيح عنه خلاف هذا كما ذكرنا
٢٧ وما نعلم لمن قال : ليست واجبة سلفا، من التابعين إلا إبراهيم النخعي وحده٢٩
٢٨ ورواية عن الشعبي قد صح عنه خلافها كما ذكرنا٣٠
٢٩ وتوقف في ذلك حماد بن أبي سليمان٣١ ٣٢
[ ٦٩ ] المسألة الثانية : حكم قراءة الرفع ﴿ والعمرة لله ﴾ في الآية
قال ابن حزم :
وأما القراءة ﴿ والعمرة لله ﴾ بالرفع، فقراءة منكرة لا يحل لأحد أن يقرأ بها٣٣
[ ٧٠ ] : المسألة الثالثة : المراد بالإحصار في الآية الكريمة
قال ابن حزم :
وأما الإحصار فإن كل من عرض له ما يمنعه من إتمام حجه أو عمرته، قارنا كان، أو متمتعا، من عدو أو مرض، أو كسر، أو خطأ طريق، أو خطأ في رؤية الهلال، أو سجن، أو أي شيء كان : فهو محصر٣٤
[ ٧١ ] : المسألة الرابعة : في الفرق بين الإحصار والحصر
قال ابن حزم :
فرق قوم بين الإحصار، والحصر :
فروينا عن الكسائي قال : ما كان من المرض فإنه يقال فيه : أحصر فهو محصر، وما كان من حبس قيل : حصر٣٥
وقال أبو عبيد٣٦ : قال أبو عبيدة٣٧ : ما كان من مرض، أو ذهاب نفقة، قيل فيه : أحصر، فهو محصر، وما كان من حبس قيل : حصر٣٨
وبه يقول أبو عبيد٣٩
قال ابن حزم : هذا لا معنى له، قول الله تعالى هو الحجة في اللغة والشريعة قال تعالى :﴿ فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ﴾ وإنما نزلت هذه الآية في أمر الحديبية إذ منع الكفار رسول الله صلى الله عليه وسلم من إتمام عمرته٤٠، وسمى الله تعالى منع العدو إحصارا
وكذلك قال البراء بن عازب، وابن عمر، وإبراهيم النخعي وهم في اللغة فوق أبي عبيدة، وأبي عبيد، والكسائي.
١ روينا من طريق وكيع : نا سفيان الثوري، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال : لا إحصار إلا من عدو٤١.
٢ ومن طريق مسلم نا إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه أناعيسى بن يونس، نا زكريا هو ابن أبي زائدة عن أبي إسحاق السبيعي عن البراء بن عازب قال : لما أحصر النبي صلى الله عليه وسلم عند البيت صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيبقى بها ثلاثا ولا يدخلها إلا بجلبان٤٢ السلاح السيف وقرابه، ولايخرج بأحد معه من أهلها، ولايمنع أحدا يمكث بها ممن كان معه٤٣.
فسمى البراء منع العدو : إحصارا.
٣ وروينا عن إبراهيم النخعي : الإحصار من الخوف والمرض، والكسر٤٤.
٤ وقال تعالى :﴿ للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا ﴾٤٥.
فهذا هو منع العدو بلا شك، لأن المهاجرين إنما منعهم من الضرب في الأرض الكفار بلا شك، وبين ذلك تعالى بقوله ﴿ في سبيل الله ﴾.
فصح أن الإحصار، والحصر بمعنى واحد، وأنهما اسمان يقعان على كل مانع من عدو، أو مرض أو غير ذلك أي شيء كان٤٦.
[ ٧٢ ] : المسألة الخامسة : حكم المحصر الممنوع من إتمام حجه، أوعمرته.
قال ابن حزم :
إن كان اشترط عند إحرامه أن محله حيث حبسه الله تعالى فليحل من إحرامه ولا شيء عليه، سواء شرع في عمل الحج أو العمرة أو لم يشرع بعد، قريبا كان أو بعيدا مضى له أكثر فرضهما أو أقله، كل ذلك سواء ولا هدي في ذلك ولا غيره، ولا قضاء عليه في شيء من ذلك، إلا أن يكون لم يحج قط ولا اعتمر فعليه أن يحج ويعتمر ولا بد.
فإن كان لم يشترط، فإنه يحل أيضا كما ذكرنا سواء ولا فرق، وعليه هدي ولا بد، كما قلنا في هدي المتعة٤٧ سواء سواء، إلا أنه لا يعوض من هذا الهدي صوم ولا غيره فمن لم يجده فهو عليه دين حتى يجده ولا قضاء عليه إلا إن كان لم يحج قط ولا اعتمر فعليه أن يحج ويعتمر.
١ ولم يختلف اثنان في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ حال كفار قريش بينه وبين العمرة وكان مهلا بعمرة وأصحابه رضي الله عنهم نحر وحل وانصرف من الحديبية٤٨.
٢ ومن طريق مالك، عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن يعقوب بن خالد بن المسيب المخزومي عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر، أنه أخبره : أنه كان مع عبد الله بن جعفر فخرج معه من المدينة فمروا على الحسين بن علي وهو مريض بالسقيا٤٩، فأقام عليه عبد الله بن جعفر حتى إذا خاف الفوات خرج وبعث إلى علي بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وهما بالمدينة فقدما عليه، وأن حسينا أشار إلى رأسه فأمر علي برأسه فحلق، ثم نسك عنه بالسقيا فنحر عنه بعيرا٥٠.
٣ ومن طريق عبد الرزاق، عن عثمان الثوري، أخبرني يحيى بن سعيد الأنصاري، عن يعقوب بن خالد، عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر
١ آل عمران ٩٧.
٢ رجال الإسناد:
ـ أحمد بن محمد بن عبد الله المقرئ الطلمنكي، أبو عمر، إمام في القراءات وثقة في الرواية مشهور، له سماع من ابن مفرج وروى عنه ابن حزم مات بعد سنة ٤٢٠ ه جذوة المقتبس ١٠٦ غاية النهاية في طبقات القراء (١٢٠/١)
ـ ابن مفرج: تقدم وله سماع من ابن فراس.
ـ إبراهيم بن فراس: لم أجده
ـ محمد بن علي بن زيد الصائغ، المكي أبو عبد الله له سماع من سعيد بن منصور، كان صدوقا واسع الرواية مات سنة ٢٩١ هـ الثقات لابن حبان (١٥٢/٩) سير أعلام النبلاء (٤٢٨/١٣)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
أخرجه الحاكم في المستدرك (٦٤٤/١) من طريق ابن جريج بلاغا، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٣٥١/٤) والواحدي في تفسيره (٢٩٥/١) كلاهما من طريق عكرمة، عن ابن عباس به. وإسناده إلى سعيد بن منصور كما رواه ابن حزم صحيح..

٣ أخرجه البخاري تعليقا (٢٤٠/٢) والشافعي في الأم (١٤٥/٢) والبيهقي في السنن الكبرى (٣٥١/٤) كلاهما موصولا من طريق سفيان بن عيينة به. وإسناده صحيح.
٤ رجال الإسناد:
ـ محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري القاضي ثقة، روى له الجماعة، مات سنة ٢١٥ هـ التقريب (١٨٩/٢)
ـ محمد بن مسلم بن تدرس، الأسدي، مولاهم، أبو الزبير المكي، صدوق إلا أنه يدلس روى له الجماعة مات سنة ١٢٦هـ التقريب (٢١٦/٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
عزاه ابن حجر في الفتح (٦٩٨/٣) لابن الجهم المالكي وحسن إسناده.

٥ رجال الإسناد:
ـ محمد بن عبد الاعلى، الصنعاني، البصري، ثقة روى له مسلم وأبو داود في القدر والترمذي والنسائي وابن ماجة مات سنة ٢٤٥هـ التقريب (١٩١/٢)
ـ خالد بن الحارث بن عبيد بن سليم الهجيمي أبو عثمان البصري، ثقة ثبت روى له الجماعة مات سنة ١٨٦ هـ ومولده سنة ١٢٠ هـ التقريب (٢٠٩/٢)
ـ شعبة: هو ابن الحجاج تقدم.
ـ النعمان بن سالم الطائفي، ثقة وقيل هما اثنان والله أعلم روى له مسلم وأبو داود، والترمذي والنسائي، وابن ماجه. التقريب (٣٠٩/٢)
ـ عمرو بن أوس بن أبي أوس، الثقفي الطائفي، تابعي كبير، وهم من ذكره في الصحابة روى له الجماعة، مات بعد التسعين من الهجرة التقريب (٧١/٢)
ـ لقيط بن صبرة صحابي مشهور، ويقال إنه جده، واسم أبيه عامر، وهو أبو رزين العقيلي، والأكثر أنهما اثنان. روى له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه التقريب (١٤٧/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤/٤٥٩) والإمام أحمد في مسنده حديث (١٦١٦٦) (١٦/٤) وأبو داود في كتاب المناسك باب الرجل يحج عن غيره، حديث (١٨١٠) والترمذي في كتاب الحج باب ما جاء في الحج عن الشيخ الكبير، حديث (٩٣٠) والنسائي في كتاب المناسك، باب العمرة عن الرجل الذي لا يستطيع حديث (٢٦٣٦) وابن الجارود في المنتقى (١٣٢/٢) وابن ماجه في كتاب المناسك، باب الحج عن الحي إذا لم يستطع حديث (٢٩٠٦) وابن جرير في تفسيره (٢١٨/٢) وابن خزيمة في صحيحه (٣٤٥/٤) والنحاس في ناسخه (٥٥٤/١) وابن حبان في صحيحه (٣٠٤/٩) والطبراني في الكبير (٢٠٣/١٩) والدارقطني في سننه (٢٨٣/٢) والحاكم في المستدرك (٦٥٤/١) وقال: صحيح على شرط الشيخين والبيهقي في السنن الكبرى (٣٢٩/٤)
درجة الحديث:
صححه الترمذي والألباني في صحيح الجامع (٩٩/١) وقال الإمام أحمد: لا أعلم في إيجاب العمرة حديثا أجود من هذا ولا أصح انظر: السنن الكبرى للبيهقي (٣٥٠/٤)..

٦ أخرجه مسلم من حديث جابر في كتاب الحج باب حجة النبي حديث (١٢١٨).
٧ سيأتي تخريج هذه القراءة ودراستها في المسألة التالية..
٨ تقدم تخريجه في الأثر رقم ٤.
٩ ما بين القوسين ساقط من الأصل.
١٠ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ٣٠٥/٤، والحاكم في المستدرك ٦٤٣/١، وإسناده صحيح.
١١ أخرجه البخاري معلقا ٢٤٠/٢، وأخرجه موصولا: ابن أبي شيبة في المصنف ٣٠٥/٤ وابن خزيمة في صحيحه ٣٥٦/٤، والدارقطني في سننه ٢٨٥/٢، والحاكم في المستدرك ٦٤٤/١ والبيهقي في السنن الكبرى ٣٥١/٤، جميعهم من طريق ابن جريج به وإسناده صحيح.
١٢ أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٣٥١/ ٤.
١٣ أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ٣٥٧/٤، والبيهقي في السنن الكبرى ٣٥١/٤.
١٤ ذكره ابن الجوزي في تفسيره ١٧٥/١ وابن قدامة في المغني ١٧٤/٣.
١٥ أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٧٤/١) وابن أبي حاتم معلقا (٣٣٥/١).
١٦ رجال الإسناد:
ـ داود بن أبي هند، القشيري مولاهم، أبو بكر أو أبو محمد، البصري ثقة متقن، كان يهم بآخره روى له البخاري في التعاليق ومسلم وأبو داود، والترمذي والنسائي، وابن ماجه مات سنة ١٤٠ هـ وقيل: قبلها التقريب ٢٣١/١
وبقية رجال الإسناد تقدموا
تخريج الأثر:
أخرجه الشافعي في الأم (١٤٥/٢) من طريق آخر بلفظ قول ابن عمر [انظر الأثر رقم ٩] وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٧٤/١) ومن طريقه ابن جرير (٢١٥/٢) من طريق معمر، عن قتادة، عمن سمع عطاء ولفظه: هما واجبتان الحج والعمرة وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٥/٤) من طريق أبي داود به وسنده صحيح.

١٧ ـ أخرجه عنهما: ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٥/٤) من طريق يونس بن عبيد به وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره معلقا ٣٣٥/١.
١٨ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٤/٤) وابن أبي حاتم في تفسيره معلقا ٣٣٥/١.
١٩ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٥/٤) وابن جرير في تفسيره (٢١٥/٢) وابن أبي حاتم معلقا (٣٣٥/١).
٢٠ أخرجه عن مسروق ابن جرير في تفسيره (٢١٥/٢) من طريق أبي إسحاق به
وأخرجه عن عبد الله بن شداد ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٥/٤) من طريق أبي إسحاق به وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره معلقا (٣٣٥/١) وسنده صحيح.

٢١ المغني (١٧٤/٣).
٢٢ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٤/٤) وابن أبي حاتم في تفسيره معلقا (٣٣٥/١).
٢٣ تفسير البغوي (١٦٦/١).
٢٤ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٥/٤) وابن جرير في تفسيره (٢١٥/٢).
٢٥ رجال الإسناد:
ـ عبد الرحمن بن عبد الله السراج، البصري، ثقة روى له مسلم والنسائي التقريب (٤٥٥/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا
تخريج الأثر: لم أجده.

٢٦ رجال الإسناد:
ـ المغيرة بن مقسم، مولاهم أبو هشام الكوفي، الأعمى ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم روى له الجماعة مات سنة ١٣٦هـ على الصحيح التقريب (٢٧٥/٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا
تخريج الأثر:
أخرجه ابن جرير في تفسيره (٢١٥/٢) من طريق بن مقسم به وهو كثير التدليس عن الشعبي.

٢٧ لم أجده.
٢٨ رجال الإسناد:
نجيح بن عبد الرحمن السندي، المدني أبو معشر وهو: مولى بني هشام مشهور بكنيته ضعيف، أسن، واختلط، روى له أبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه مات سنة ١٧٠هـ ويقال: كان اسمه عبد الرحمن بن الوليد بن هلال التقريب (٣٠٣/٢)
ـ إبراهيم: هو النخعي تقدم
ـ وعبد الله: هو ابن مسعود
تخريج الأثر:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٤/٤) وابن جرير في تفسيره (٢١٦/٢) كلاهما من طريق أبي معشر به وسنده ضعيف لضعف أبي معشر.

٢٩ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٤/٤) وابن جرير في تفسيره (٢١٦/٢).
٣٠ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٤/٤) وابن جرير في تفسيره (٢١٥/٢) وابن أبي حاتم في تفسيره معلقا (٣٣٥/١).
٣١ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٤/٤).
٣٢ المحلى (٣/ ٥ـ ١٣) باختصار.
٣٣ المحلى (١٠/٥).
٣٤ المحلى (٢١٩/٥).
٣٥ هو الإمام شيخ القراءة والعربية أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الأسدي، مولاهم الكوفي، الملقب بالكسائي لكساء أحرم فيه، تلا على ابن أبي ليلى عرضا، على حمزة وتلا أيضا على عيسى بن عمر المقرئ واختار قراءة اشتهرت وصارت إحدى السبع قال الشافعي: من أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي مات سنة ١٨٩هـ سير أعلام النبلاء (١٣١/٩) تاريخ بغداد (١١/٤٠٣)
وانظر قوله في: أحكام القرآن للجصاص (٣٢٥/١) وتفسير البغوي (١٦٨/١) وتفسير القرطبي (٢٤٧/٢).

٣٦ هو الإمام الحافظ المجتهد ذو الفنون أبو عبيد القاسم بن سلام بن عبد الله، كان أبوه سلام مملوكا روميا لرجل هروي، أخذ اللغة عن أبي عبيدة وأبي زيد وجماعة من مصنفاته: كتاب "الأموال" وكتاب "الغريب" وكتاب "فضائل القرآن" وكتاب "الناسخ والمنسوخ" وغيرها مات سنة ٢٢٤هـ سير أعلام النبلاء (١٠/٤٩٠) وتاريخ بغداد (١٢/٤٠٣).
٣٧ هو الإمام العلامة البحر أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي، مولاهم، البصري حدث عنه أبو عبيد القاسم بن سلام، قال المبرد: كان هو الأصمعي متقاربين في النحو وكان أبو عبيدة أكمل القوم وقال الذهبي: كان من بحور العلم ومع ذلك فلم يكن بالماهر بكتاب الله ولا العارف بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا البصير بالفقه واختلاف أئمة الاجتهاد، بلى وكان معافى من معرفة حكمة الأوائل والمنطق وأقسام الفلسفة وله نظر في المعقول من كتبه كتاب "مجاز القرآن" وكتاب "غريب الحديث" مات سنة ٢٠٩ هـ سير أعلام النبلاء (٤٤٥/٩) وتاريخ بغداد (٢٥٢/١٣).
٣٨ مجاز القرآن لأبي عبيدة (٦٩/١).
٣٩ ذكره ابن حجر في فتح الباري (٦/٤).
٤٠ انظر: الأم للشافعي (٢/١٧٨).
٤١ رجال الإسناد:
ـ موسى بن عقبة بن أبي عياش الأسدي، مولى آل الزبير ثقة فقيه، إمام في المغازي لم يصح أن ابن معين لينه، مات سنة ١٤١هـ وقيل بعد ذلك التقريب (٢٩٠/٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
والأثر سبق تخريجه ص (٣٧٨) حاشية رقم (١٠).

٤٢ الجلبان بضم الجيم وسكون اللام شبه الجراب من الأدم يوضع فيه السيف مغمودا ويطرح فيه الراكب سوطه وأداته ويعلقه في آخرة الكور أو واسطته انظر: النهاية في غريب الحديث (٢٧٣/١).
٤٣ رجال الإسناد:
ـ عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي أخو إسرائيل، كوفي نزل الشام مرابطا ثقة مأمون روى له الجماعة مات سنة ١٨٧ هـ وقيل: ١٩١ هـ التقريب (١٠٩/٢)
ـ زكريا بن أبي زائدة خالد، ويقال: هبيرة بن ميمون بن فيروز الهمداني، الوادعي، أبو يحيى الكوفي، ثقة، وكان يدلس وسماعه من أبي إسحاق بآخره روى له الجماعة مات سنة ١٤٧ أو ١٤٨أو ١٤٩هـ
ـ أبو إسحاق السبيعي: هو عمرو بن عبد الله الهمداني، تقدم
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
أخرجه مسلم، في كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبية حديث (١٧٨٣).

٤٤ سبق تخريجه ص (٣٧٩) حاشية رقم (١٤).
٤٥ البقرة: ٢٧٣.
٤٦ المحلى (٥/ ٢٢٠ـ ٢٢١) باختصار وتصرف يسير.
٤٧ فال ابن حزم: الهدي الواجب على المتمتع رأس من الغنم أو من الإبل أو من البقر، أو شرك في بقرة أو ناقة بين عشرة فأقل سواء كانوا متمتعين أو بعضهم أو كان فيهم من يريد نصيبه لحما للأكل أو البيع أو لنذر أو لتطوع لقول الله ـ تعالى ـ ﴿فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي﴾ واسم الهدي يقع على الشاة، والبقرة، والبدنة. المحلى (١٥١/ ٥).
٤٨ عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج معتمرا فحال كفار قريش بينه وبين البيت، فنحر هديه، وحلق رأسه بالحديبية وقاضاهم على أن يعتمر العام المقبل ولا يحمل سلاحا عليهم إلا سيوفا ولا يقيم بها إلا ما أحبوا، فاعتمر من العام المقبل، فدخلها كما كان صالحهم فلما أقام بها ثلاثا أمروه أن يخرج فخرج.
أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب الصلح مع المشركين حديث (٢٧٠١).

٤٩ السقياـ بضم السين وتسكين القاف ـ قرية جامعة من عمل الفرع بينهما مما يلي الجحفة تسعة عشر ميلا [معجم البلدان لياقوت (٣/٢٢٨)].
٥٠ رجال الإسناد:
ـ يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني، روى له الجماعة، مات سنة ١٤٤ هـ أو بعدها التقريب (٣٥٦/٢)
ـ يعقوب بن خالد بن المسيب المخزومي، روى عن إسماعيل بن إبراهيم الشيباني وأبي صالح السمان، وأبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري وعمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، ويزيد بن الهاد، وذكره بن حبان في الثقات وقال يروى المقاطيع الثقات لابن حبات (٦٤٢/٧) وتعجيل المنفعة (٤٥٦/١)
ـ أبو أسماء مولى عبد الله بن جعفر روى عن الحسن، وأبي رافع وأسماء بنت عميس، روى عنه يعقوب بن خالد ومحمد بن أبي يحيى، وذكره ابن حبان في الثقات الكنى للبخاري ص ٥ والثقات لابن حبان (٥٧٥/٥)
ـ عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي، أحد الأجواد ولد بأرض الحبشة، وله صحبة روى له الجماعة، مات سنة ٨٠ هـ وهو: ابن ثمانين التقريب (٣٨٦/٢)
ـ الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله المدني، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وريحانته، حفظ عنه، استشهد يوم عاشوراء، سنة ٦١هـ وله ست وخمسون سنة، روى له الجماعة التقريب (١٧٧/١)
ـ أسماء بنت عميس الخثعمية، صحابية تزوجها جعفر بن أبي طالب ثم أبو بكر، ثم علي وولدت لهم وهي: أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين لأمها ماتت بعد علي روى لها البخاري والأربعة التقريب (٥١٩/٢)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر:
أخرجه مالك في الموطأ حديث (٧٧١) وسنده ضعيف لجهالة يعقوب بن خالد وأبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر، فإنه لم يوثقهما إلا ابن حبان..

قوله تعالى :﴿ الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفت ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب ١٩٧ ﴾
وفيه ثمان مسائل :
[ ٨٧ ] المسألة الأولى : في المراد بأشهر الحج.
قال ابن حزم :
وأشهر الحج : شوال، وذو القعدة، وذو الحجة.
وقال قوم : شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة.
روينا قولنا عن ابن عباس١، وصح ابن عمر من طريق محمد بن إسحاق، عن نافع عنه٢ وهو قول طاوس٣ وعطاء٤.
قال تعالى :﴿ الحج أشهر معلومات ﴾ ولا يطلق على شهرين وبعض آخر : أشهر وأيضا فإن رمي الجمار وهو من أعمال الحج يعمل اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، وطواف الإفاضة وهو من فرائض الحج يعمل في ذي الحجة كله بلا خلاف منهم، فصح أنها ثلاثة أشهر وبالله تعالى التوفيق٥.
[ ٨٨ ] المسألة الثانية : في وقت الحج.
قال ابن حزم :
والحج لا يجوز شيء من عمله إلا في أوقاته المنصوصة، ولا يحل الإحرام به إلا في أشهر الحج قبل وقت الوقوف بعرفة.
برهان صحة قولنا :
١ قول الله عز وجل :﴿ الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ﴾ الآية.
فنص عز وجل على أنه ﴿ أشهر معلومات ﴾.
٢ وقال تعالى :﴿ ومن يتعد حدود الله فقد ظلم ﴾٦.
٣ وروينا من طريق عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، وابن جريج كليهما، عن أبي الزبير : سمعت جابر بن عبد الله يسأل أيهل أحد الحج قبل أشهر الحج ؟ قال : لا٧.
٤ ومن طريق عكرمة، عن ابن عباس قال : لا ينبغي لأحد أن يهل بالحج إلا في أشهر الحج لقول الله تعالى :﴿ فمن فرض فيهن الحج ﴾٨
٥ ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي، نا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي قال : رأى عمرو بن ميمون ابن أبي نعم يحرم بالحج في غير أشهر الحج فقال : لو أن أصحاب محمد أدركوه رجموه٩.
٦ ومن طريق حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، أن عكرمة قال لأبي الحكم : أنت رجل سوء، لأنك خالفت كتاب الله عز وجل وتركت سنة نبيه صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك وتعالى :﴿ الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج ﴾ وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالبيداء، وجعل القرية خلف ظهره أهل، وإنك تهل في غير أشهر الحج١٠.
٧ وعن عطاء وطاوس، ومجاهد، قالوا : لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج في غير أشهر الحج١١.
٨ وعن عطاء١٢ والشعبي١٣، مثل ذلك قالا : فإن أهل بالحج في غير أشهر الحج فإنه يحل.
٩ وعن عطاء : أنه يحل ويجعلها عمرة وأنه ليس حجا يقول الله تعالى :﴿ الحج أشهر معلومات ﴾١٤.
١٠ وعن سعيد بن منصور، عن جرير بن عبد الحميد، عن المغيرة، عن إبراهيم أنه قال : لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا في أشهر الحج، فإن فعل فلا يحل حتى يقضي حجه١٥.
١١ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " ١٦.
فصح أن عمل المحرم بالحج في غير أشهر الحج عمل ليس عليه أمر الله تعالى، ولا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم فصح أنه رد، ولا يصير عمرة، ولا هو حج١٧.
[ ٨٩ ] المسألة الثالثة : فيمن ترك شيئا من أعمال الحج حتى انقضاء أشهر الحج.
قال ابن حزم :
من ترك عمدا أو بنسيان شيئا من طواف الإفاضة أو من السعي الواجب بين الصفا والمروة فليرجع ممتنعا من النساء حتى يطوف [ بالبيت ] ما بقي عليه، فإن خرج ذو الحجة قبل أن يطوف فقد بطل حجه، وليس عليه في رجوعه لطواف الوداع أن يمتنع من النساء لأن طواف الإفاضة فرض.
وقال تعالى :﴿ الحج أشهر معلومات ﴾ وقد ذكرنا أنها شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، فإذ هو كذلك فلا يحل أن يعمل شيئا من أعمال الحج في غير أشهر الحج فيكون مخالفا لأمر الله تعالى.
وأما امتناعه من النساء فلقول الله تعالى :﴿ فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ﴾ فهو ما لم يتم فرائض الحج فهو في الحج بعد.
وأما رجوعه لطواف الوداع فليس هو في حج، ولا في عمرة فليس عليه أن يحرم، ولا أن يمتنع من النساء ؛ لأن الله تعالى لم يوجب ذلك ولا رسول الله، ولا إحرام إلا بحج أو عمرة، [ وأما الطواف المجرد فلا ] ١٨ ١٩.
[ ٩٠ ] المسألة الرابعة : في معنى " الرفث " في الآية.
قال ابن حزم :
الرفث : الجماع فقط٢٠.
[ ٩١ ] : المسألة الخامسة : في حكم الوطء للمحرم.
قال ابن حزم :
ويبطل الحج تعمد الوطء في الحلال من الزوجة والأمة ذاكرا لحجه أو عمرته، فإن وطئها ناسيا لأنه في عمل حج أو عمرة، فلا شيء عليه، وكذلك يبطل بتعمده أيضا حج الموطوءة وعمرتها قال تعالى :﴿ فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ﴾ والرفت الجماع، فمن جامع فلم يحج، ولا اعتمر كما أمر، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " ٢١.
وأما الناسي، والمكره فلا شيء عليه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ٢٢ ولقول الله تعالى :{ وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم " ٢٣٢٤.
[ ٩٢ ] المسألة السادسة : في تقبيل المحرم امرأته ومباشرتها فيما دون الفرج.
قال ابن حزم :
ومباح للمحرم أن يقبل امرأته ويباشرها ما لم يولج، لأن الله تعالى لم ينه إلا عن الرفث، والرفث الجماع فقط.
ولا عجب أعجب ممن ينهى عن ذلك ولم ينه الله تعالى ولا رسوله عليه السلام قط عن ذلك، ويبطل الحج بالإمناء في مباشرتها التي لم ينهه قط قرآن ولا سنة عنها، ثم لا يبطل حجه بالفسوق، الذي صح نهي الله تعالى في القرآن عنه في الحج من ترك الصلاة، وقتل النفس التي حرم الله تعالى بغير الحق، وسائر الفسوق، إن هذا لعجب.
١ روينا من طريق الحذافي، عن عبد الرزاق، نا محمد بن راشد، عن شيخ يقال له : أبو هرم قال : سمعت أبا هريرة يقول : يحل للمحرم من امرأته كل شيء إلا هذا وأشار بإصبعه السبابة بين أصبعين من أصابع يده يعني الجماع٢٥.
٢ وعن عبد الرزاق عن ابن جريج، أخبرني عثمان بن عبد الرحمن أنه قبل امرأته وهو محرم فسألت سعيد بن جبير ؟ فقال : ما نعلم فيها شيئا فليستغفر الله عز وجل٢٦.
قال ابن جريج : وسمعت عطاء يقول : مثل قول سعيد بن جبير٢٧.
٣ ومن طريق ابن جريج أيضا، عن عطاء : لا يفسد الحج إلا التقاء الختانين فإذا التقى الختانان فسد الحج ووجب الغرم٢٨.
٤ ومن طريق ابن أبي شيبة، نا ابن علية، عن غيلان بن جرير قال : سألني وعلي بن عبد الله، وحليم بن الدريم محرم فقال : وضعت يدي من امرأتي موضعا فلم أرفعها حتى أجنبت ؟ فقلنا كلنا : ما لنا بهذا علم. فمضى إلى أبي الشعثاء جابر بن زيد فسأله، ثم رجع إلينا يعرف البشر في وجهه فسألناه ماذا أفتاك ؟ فقال : إنه استكتمني٢٩.
فهؤلاء كلهم لم يروا في ذلك شيئا، وإيجاب الدم في ذلك قول لم يوجبه قرآن، ولا سنة، ولا قياس، ولا قول مجمع عليه وبالله تعالى التوفيق٣٠
[ ٩٣ ] : المسألة السابعة : في معنى الفسوق في الآية وحكمه.
قال ابن حزم :
كل من تعمد معصية أي معصية كانت وهو ذاكر لحجه مذ يحرم إلى أن يتم طوافه بالبيت للإفاضة ويرمي الجمرة فقد بطل حجه، فإن أتاها ناسيا لها، أو ناسيا لإحرامه ودخوله في الحج أو العمرة : فلا شيء عليه في نسيانها، وحجه وعمرته تامان في نسيانه كونه فيهما، وذلك لقول الله تعالى :﴿ فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ﴾ فكان من شرط الله تعالى في الحج براءته من الرفث والفسوق، فمن لم يتبرأ منهما فلم يحج كما أمر، ومن لم يحج كما أمر فلا حج له، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " ٣١.
ومن عجائب الدنيا إبطالهم الحج بتقبيله امرأته المباحة له فيمنى ولم ينهه الله تعالى قط عن هذا، ثم لا يبطلونه بالفسوق من قتل النفس المحرمة، وترك الصلاة، وسائر الفسوق إن هذا لعجب.
وأعجب شيء دعواهم الإجماع على هذا، ولا سبيل إلى أن يأتوا برواية عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم في أن تعمد الفسوق لا يبطل، بل الروايات عن السلف تشهد لقولنا.
١ روي عن مجاهد أنه قال : إنا لنحرم من الميقات وأخشى أن لا أخرج منه حتى أخرج إحرامي، أو كلاما هذا معناه٣٢.
٢ وإن شريحا كان إذا أحرم فكأنه حية صماء٣٣.
٣ أخبرنا محمد بن الحسن بن عبد الوارث الرازي، نا عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن النحاس بمصر، نا أبو سعيد بن الأعرابي، نا عبيد بن غنام بن حفص بن غياث النخعي نا محمد بن عبد الله بن نمير، نا أحمد بن [ بشير ] ٣٤ عن عبد السلام بن عبد الله بن جابر الأحمسي، عن أبيه، عن زينب بنت جابر الأحمسية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها في امرأة حجت معها مصمتة : " قولي لها : تتكلم فإنه لا حج لمن لم يتكلم " ٣٥
٤ وقد ذكرنا رواية أحمد بن شعيب، عن نوح بن حبيب القومسي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الذي أحرم في جبة أن يجدد إحراما٣٦ ٣٧.
[ ٩٤ ] المسألة الثامنة : في معنى الجدال في الآية وحكمه.
قال ابن حزم :
الجدال قسمان : قسم في واجب وحق، وقسم في باطل، فالذي في الحق واجب في الإحرام وغير الإحرام قال تعالى :﴿ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ﴾٣٨.
ومن جادل في طلب حق له فقد دعا إلى سبيل ربه تعالى، وسعى في إظهار الحق والمنع من الباطل، وهكذا كل من جادل في حق لغيره أو لله تعالى.
والجدل بالباطل وفي الباطل عمدا ذاكرا لإحرامه مبطل للإحرام وللحج لقوله تعالى :
﴿ فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ﴾ وبالله تعالى التوفيق٣٩.
١ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٢/٤) وروى عنه أنها شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.
أخرج ذلك: سفيان الثوري في تفسيره (٦٢/١) وابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٣/٤) وابن جرير في تفسيره (٢٦٧/ ٢ـ ٢٦٨)
والدارقطني في سننه (٢٢٦/٢) والبيهقي في السنن الكبرى (٣٤٢/٤).

٢ روي أثر ابن عمر من عدة طرق:
الأول: طريق مجاهد عنه.
أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٣٨٤/٣) وابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٢/٤) وابن جرير في تفسيره (٢٦٩/٢) جميعهم من طريق شريك، عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد به.
وهو عند سعيد بن منصور عن شريك بلا واسطة، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، وأما ابن جرير، فمن طريق أحمد بن إسحاق كلاهما عن شريك به.
وقد خالف وكيع سعيد بن منصور، وابن جرير فرواه بلفظ: "وعشر من ذي الحجة" وهو عند سعيد وابن جرير، بلفظ "وذو الحجة"
الثاني: طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر:
أخرجه مالك في الموطأ عن عبد الله بن دينار، في كتاب الحج، باب ما جاء في التمتع حديث (٦٧٣) وفيه: "شوال، وذو القعدة، وذو الحجة" وسنده صحيح
وقد خولف مالك في ذلك فأخرجه ابن جرير في تفسيره (٢٦٨/٢ ٢٦٩) والدارقطني في سننه (٢٢٦/٢) كلاهما من طريق ورقاء عن عبد الله بن دينار به بلفظ " وعشر من ذي الحجة" وصححه من هذه الطريق ابن كثير في تفسيره (٢٤٣/١)
الثالث: طريق أبي شيخ الهنائي عن ابن عمر:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٣/٤) والدارقطني في سننه (٢٢٦/٢) بلفظ: "وعشر من ذي الحجة"
الرابع: طريق نافع عن ابن عمر:
أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٧٨٧/٣) من طريق موسى بن عقبة عن نافع به. وأخرجه ابن جرير في تفسيره (٢٦٨/٢) والحاكم في المستدرك (٣٠٣/٢) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" والبيهقي في السنن الكبرى (٣٤٢/٤) جميعهم من طريق عبد الله عن نافع، عن ابن عمر به. وهو عند الجميع بلفظ: "وعشر من ذي الحجة" وصححه من هذه الطريق ابن حجر في الفتح (٤٩١/٣)
تنبيه: لم أقف على طريق محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر، الذي ذكره ابن حزم، ولعله في بعض الكتب التي لم تصل إلينا..

٣ أخرجه الشافعي في الأم (١٦٨/٢) وابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٢/٤) وابن جرير في تفسيره (٢٦٩/٢).
٤ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٣/٤) وابن جرير في تفسيره (٢٦٩/٢).
٥ المحلى (٥١/٥).
٦ الطلاق: ١.
٧ رجال الإسناد: تقدموا
تخريج الأثر:
أخرجه الشافعي في الأم ( ١٦٨/ ٢) وابن أبي شيبة في المصنف (٤١١/٤) والدارقطني في سننه (٢٣٤/٢) والبيهقي في السنن الكبرى (٣٤٣/٤) جميعهم من طريق ابن جريج به. وابن جريج ثقة كثير التدليس، ولم يصرح هنا بالسماع..

٨ أخرجه الشافعي في الأم (١٦٩/٢) وابن أبي حاتم في تفسيره (٣٤٥/١) والنحاس في معاني القرآن (١٣٠/١) جميعهم من طريق ابن جريج عن عمر بن عطاء عن عكرمة، عن ابن عباس به. وأخرجه ابن مردويه في تفسيره [كما في تفسير ابن كثير (٢٤٢/١) وابن خزيمة في صحيحه (١٦٢/٤) والدارقطني في سننه (٢٣٣/٢) ومن طريق ابن خزيمة البيهقي في السنن الكبرى (٣٤٣/٤) والحاكم في المستدرك (٦١٦/١) وقال: "صحيح على شرط الشيخين" جميعهم من طريق الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس به. ولفظ ابن خزيمة: "لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج فإن من سنة الحج أن يحرم بالحج في أشهر الحج" وصحح إسناده عند ابن خزيمة ابن كثير في تفسيره (٢٤٢/ ١ـ ٢٤٣) وقال: وقول الصحابي :"من السنة كذا" في حكم المرفوع عند الأكثرين ولا سيما قول ابن عباس تفسيرا للقرآن وهو ترجمانه، وقد ورد فيه حديث مرفوع قال ابن مردويه: حدثنا عبد الباقي بن نافع، حدثنا الحسن بن المثنى، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال/ "لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا في أشهر الحج" وإسناده لا بأس به. لكن رواه الشافعي والبيهقي من طرق: عن ابن جريج، عن أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل أيهل بالحج قبل أشهر الحج فقال: لا وهذا الموقوف أصح وأثبت من المرفوع ويبقى حينئذ مذهب صحابي يتقوى بقول ابن عباس من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهره والله أعلم..
٩ رجال الإسناد:
ـ عمرو بن ميمون بن مهران، الجزري، أبو عبد الله، أو أبو عبد الرحمن، سبط سعيد بن جبير، ثقة فاضل، روى له الجماعة، مات سنة ١٤٧هـ وقيل: غير ذلك التقريب (٨٥/٢)
ـ عبد الرحمن بن أبي نعيم البجلي، أبو الحكم الكوفي، العابد، صدوق عابد، روى له الجماعة، مات قبل المائة التقريب (٤٦٤/١)
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا:
تخريج الأثر: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤١١/٤)..

١٠ رجال الإسناد:
ـ أبو الحكم هو عبد الرحمن بن أبي نعم المتقدم.
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤١٢/٤) مختصرا..

١١ أخرجه عنهم ابن أبي شيبة في المصنف (٤١١/٤).
١٢ أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٣٤٣/٤).
١٣ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤١١/٤).
١٤ أخرجه الشافعي في الأم (١٦٨/٢) وابن أبي شيبة في المصنف (٤١١/٤).
١٥ رجال الإسناد:
ـ المغيرة: هو ابن مقسم تقدم.
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤١١/٤) ورجال إسناده ثقات إلا أن المغيرة بن مقسم كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم كما في التقريب (٢٧٥/٢).

١٦ أخرجه ـ من حديث عائشة ـ مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة حديث (١٧١٨).
١٧ المحلى (٤٥/ ٥ـ ٤٧) باختصار.
١٨ في الأصل: [أو لطواف مجرد فلا] والصواب ما أثبته.
١٩ المحلى (١٧٩/ ٥ـ ١٨٠) بتصرف يسير.
٢٠ المحلى (٢٠٠/ ٥، ٢٨٩).
٢١ سبق تخريجه ص (٣٦٨).
٢٢ سبق تخريجه ص (٢٢٤).
٢٣ الأحزاب: ٥.
٢٤ المحلى (٢٠٠/٥).
٢٥ رجال الإسناد:
ـ محمد بن راشد المكحول الخزاعي، الدمشقي نزيل البصرة، صدوق بهم ورمي بالقدر، روى له أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه مات بعد ١٦٠ هـ، التقريب (١٧٠/٢)
أبو هرم: لم أجد له ترجمه.
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر: لم أجده في مصنف عبد الرزاق وإسناده ضعيف لجهالة أبي هرم..

٢٦ رجال الإسناد:
ـ عثمان بن عبد الرحمن: لم أستطع تمييزه.
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر: لم أجده في مصنف عبد الرزاق، والحكم على إسناده موقوف على معرفة عثمان، وقد ذكره عن سعيد بن جبير، النووي في المجموع (٤٢١/٧).

٢٧ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢١٠/٤).
٢٨ لم أجده.
٢٩ رجال الإسناد:
ـ إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، الأسدي، مولاهم، أبو بشر البصري، المعروف بابن علية، ثقة حافظ روى له الجماعة، مات سنة ١٩٣ هـ وهو: ابن ثلاث وثمانين التقريب (٧٧/ ١ـ ٧٨)
ـ غيلان بن جرير المعولي، الأزدي، البصري، ثقة، روى له الجماعة التقريب (١١٢/٢)
ـ علي بن عبد الله البارقي الأزدي، أبو عبد الله بن أبي الوليد، صدوق ربما أخطأ، روى له مسلم وأبو داود، والترمذي والنسائي، وابن ماجه التقريب (٤٦/٢)
ـ حليم بن الدريم: لم أجده، وقد وقع في مصنف ابن أبي شيبة المطبوع: حكم بن البرند، وهذا أيضا لم أجده، والذي يغلب على الظن أن الاسم قد تصحف في كلا الكتابين.
ـ وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢١١/٤) ورجال إسناده ثقات إلا أني لم أجد من صرح برواية ابن علية، عن غيلان.
تنبيه: وقع في مصنف ابن أبي شيبة المطبوع زيادة بعد قوله: "إنه استكتمني" وهي: "فظننا أنه أمره بدم" وهذه الزيادة لم يذكرها ابن حزم..

٣٠ المحلى (٢٨٩/ ٥ـ ٢٩١) باختصار وتصرف يسير..
٣١ سبق تخريجه، ص (٣٦٨).
٣٢ لم أجده..
٣٣ ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (١٠٨/٢٦).
٣٤ في الأصل [بشر] والصواب ما أثبته..
٣٥ رجال الإسناد:
محمد بن الحسن بن عبد الوارث بن عبد الرحمن بن عبد الوارث الرازي الخراساني، يكنى أبا بكر، قال ابن بشكوال: سمع من عبد الرحمن بن عمر النحاس، وحدث عنه ابن حزم، وكان شيخا صالحا حليما دينا حسن الخلق، مات بعد الخمسين وأربع مائة الصلة لابن بشكوال (٥٦٩/ ٢) وجذوة المقتبس (٤٦).
عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد، التجيي المصري المالكي البزاز، المعروف بابن النحاس، الشيخ الإمام الفقيه، المحدث الصدوق، روى عن أبي سعيد الأعرابي، مات سنة ٤١٦ هـ سير أعلام النبلاء (٣١٣/١٧)
ـ عبيد بن غنام ـ ابن القاضي حفص بن غياث ـ الإمام المحدث الصادق أبو محمد النخعي الكوفي قيل اسمه عبد الله، حدث عن محمد بن عبد الله بن نمير، ومات في نصف ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائتين، وهو ثقة. سير أعلام النبلاء (٥٥٨/١٣)
محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني، الكوفي، أبو عبد الرحمن، ثقة حافظ فاضل، روى له الجماعة. مات سنة ٢٣٤هـ التقريب (١٩٠/٢)
أحمد بن بشير المخزومي، مولى عمرو بن حريث، أبو بكر الكوفي، صدوق له أوهام، روى له البخاري والترمذي وابن ماجه مات سنة ١٩٧هـ التقريب (٣٢/١)
عبد السلام بن عبد الله بن جابر، قال ابن حجر: روى عن أبيه عبد الله بن جابر الأحمسي، ولا يعرف هو ولا أبوه، وليس لأبيه إلا حديث واحد، ولا روى عنه إلا ابنه لسان الميزان (٢٦٥/٣)
زينب بنت جابر الأحمسية، قال ابن حجر: ذكرها أبو موسى في الذيل وقال: كانت في زمان النبي صلى الله عليه وسلم روى عنها عبد الله بن جابر الأحمسي، وهي عمته، وذكرها أبو سعيد ابن الأعرابي، وأبو محمد ابن حزم في كتاب حجة الوداع من طريقه بسند له عن زينب الأحمسية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها في امرأة حجت معها مصمتة: "قولي لها تتكلم فإنه لا حج لمن لا يتكلم" أ هـ من الإصابة (٦٨٥/ ٧ـ ٦٨٨)
تخريج الحديث:
لم أجده مرفوعا للنبي صلى الله عليه وسلم قال ابن حجر في الإصابة (٦٨٨/٧): طعن فيه ابن القطان أن في سنده مجهولين [يريد عبد الله بن جابر الأحمسي وابنه] وفي سياقه غلط، والصواب أن القصة جرت لزينب مع أبي بكر الصديق، والمخاطبة بينهما لا ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فيه، ولا لامرأة أخرى. أهـ والقصة التي ذكر ابن حجر أخرجها البخاري في كتاب المناقب، باب أيام الجاهلية، حديث ٣٨٣٤، عن قيس بن أبي حازم قال: دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تكلم فقال: ما لها لا تكلم؟ قالوا: حجت مصمتة. قال لها: تكلمي فإن هذا لا يحل هذا من عمل الجاهلية. فتكلمت فقالت: من أنت؟ قال: امرؤ من المهاجرين قالت: أي المهاجرين؟ قال: من قريش. قالت: من أي قريش أنت؟ قال: إنك لسؤول أنا أبو بكر. قالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم قالت: وما الأئمة؟ قال: أما كان لقومك رؤوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى. قال: فهم أولئك على الناس..

٣٦ قال ابن حزم: حدثنا عبد الله بن ربيع قال: نا محمد بن معاوية، نا أحمد بن شعيب، نا نوح بن حبيب القومسي، نا يحيى بن سعيد هو القطان نا ابن جريج، نا عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه، أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أحرم في جبة متضمخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما الجبة فاخلعها، وأما الطيب فاغسله، ثم أحدث إحراما".
٣٧ قال ابن حزم: نوح ثقة مشهور فالأخذ بهذه الزيادة واجب، ويجب إحداث الإحرام لمن أحرم في جبة متضمخا بصفرة معا، وإن كان جاهلا أ هـ من المحلى (٦٤/٥).
٣٨ النحل: ١٢٥.
٣٩ المحلى (٥/ ٢٠٩).
قوله تعالى :﴿ ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ١٩٨ ﴾.
وفيه ثلاث مسائل :
[ ٩٥ ] المسألة الأولى : في المراد بذكر الله عند المشعر الحرام.
قال ابن حزم :
مزدلفة هي المشعر الحرام وذكر الله تعالى عندها فرض يعصي من خالفه ولا حج له، لأنه لم يأت بما أمر إلا أن إدراك صلاة الفجر فيها مع الإمام هو الذكر المفترض ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
١ حدثنا عبد الله بن ربيع، نا محمد بن معاوية، نا أحمد بن شعيب، أخبرني محمد بن قدامة المصيصي، نا جرير بن حازم، عن مطرف بن طريف، عن الشعبي، عن عروة بن مضرس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أدرك جمعا مع الإمام والناس حتى يفيضوا منها فقد أدرك الحج، ومن لم يدرك مع الإمام والناس فلم يدرك " ١.
٢ وبه إلى أحمد بن شعيب، أنا عمرو بن علي، نا يحيى بن سعيد القطان، نا إسماعيل بن أبي خالد، أخبرني عامر الشعبي، أخبرني عروة بن مضرس الطائي، قال : قلت : يا رسول الله أتيتك من جبلي طيء أكللت مطيتي وأتبعت نفسي، والله ما بقي من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى الغداة هاهنا، ثم أقام معنا، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا فقد تم حجه " ٢.
قال ابن حزم : ومن أدرك شيئا من صلاة الإمام فقد أدرك الصلاة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " ٣ ٤.
[ ٩٦ ] المسألة الثانية : في المراد بالمشعر الحرام في الآية.
قال ابن حزم :
مزدلفة هي المشعر الحرام٥.
[ ٩٧ ] : المسألة الثالثة : في حكم الوقوف بمزدلفة.
قال ابن حزم :
من لم يدرك مع الإمام بمزدلفة صلاة الصبح فقد بطل حجه إن كان رجلا.
وأما النساءفمن لم تقف منهن بمزدلفة بعد وقوفها بعرفة وتذكر الله تعالى فيها حتى طلعت الشمس من يوم النحر فقد بطل حجها.
أما بطلان حج من لم يدرك مع الإمام صلاة الصبح بمزدلفة من الرجال :
١ فلما حدثناه عبد الله بن ربيع، نا محمد بن معاوية، نا أحمد بن شعيب، أخبرني محمد بن قدامة المصيصي، نا جرير بن حازم، عن مطرف بن طريف، عن الشعبي، عن عروة بن مضرس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أدرك جمعا مع الإمام والناس حتى يفيضوا منها فقد أدرك الحج، ومن لم يدرك مع الإمام والناس فلم يدرك " ٦.
٢ وبه إلى أحمد بن شعيب، أنا عمرو بن علي، نا يحيى بن سعيد القطان، نا إسماعيل بن أبي خالد، أخبرني عامر الشعبي، أخبرني عروة بن مضرس الطائي قال : قلت : يا رسول الله أتيتك من جبلي طيء أكللت مطيتي وأتعبت نفسي، والله ما بقي من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى الغداة هاهنا، ثم أقام معنا، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا فقد تم حجه " ٧.
٣ وقال تعالى :﴿ فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ﴾ فوجب الوقوف بمزدلفة وهي المشعر الحرام وذكر الله تعالى عندها فرض يعصي من خالفه ولا حج له، لأنه لم يأت بما أمر، إلا أن إدراك صلاة الفجر فيها مع الإمام هو الذكر المفترض ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم المذكور، ومن أدرك شيئا من صلاة الإمام فقد أدرك الصلاة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " ٨.
٤ وقد ذكرنا عن ابن الزبير أنه كان يقول في خطبته : ألا لا صلاة إلا بجمع٩.
فإذا أبطل الصلاة إلا بمزدلفة فقد جعلها من فرائض الحج.
٥ ومن طريق شعبة، عن داود بن يزيد الأزدي، عن أبي الضحى قال : سألت علقمة عمن لم يدرك عرفات أو جمعا، أو وقع بأهله يوم النحر قبل أن يزور ؟ فقال : عليه الحج١٠.
٦ ومن طريق شعبة، عن المغيرة بن مقسم، عن إبراهيم النخعي قال : كان يقال : من فاته جمع أو عرفة فقد فاته الحج١١.
٧ ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي قال : من فاته عرفة، أو جمع، أو جامع قبل أن يزور فقد فسد حجه١٢.
٨ ومن طريق سفيان الثوري أيضا، عن عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي أنه قال : من فاته جمع جعلها عمرة١٣.
٩ وعن الحسن البصري : من لم يقف بجمع فلا حج له١٤.
١٠ وعن حماد بن أبي سليمان قال : من فاته الإفاضة من جمع فقد فاته الحج فليحل بعمرة ثم ليحج من قابل١٥.
١١ ومن طريق شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير قال : يوم الحج الأكبر هو يوم النحر، ألا ترى أنه إذا فاته عرفة لم يفته الحج وإذا فاته يوم النحر فاته الحج١٦.
قال ابن حزم : صدق سعيد، لأن من فاتته يوم عرفة لم يفته الحج لأنه يقف بعرفة ليلة يوم النحر، وأما يوم النحر فإنما سماه الله تعالى :﴿ يوم الحج الأكبر ﴾١٧، لأن فيه فرائش ثلاثا من فرائض الحج، وهو الوقوف بمزدلفة لا يكون جازئا إلا غداة يوم النحر، وجمرة العقبة، وطواف الإفاضة، ويجوز تأخيره
فصح أن مزدلفة أشد فروض الحج تأكيدا وأضيقها وقتا
وأما قولنا : إن النساء، والصبيان، والضعفاء بخلاف هذا
١٢ فلما روينا من طريق مسلم، نا محمد بن أبي بكر المقدمي، نا يحيى هو ابن سعيد القطان عن ابن جريج، حدثني عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر الصديق، أن أسماء قالت له بمزدلفة : هل غاب القمر قلت : لا، فصلت ساعة ثم قالت : يا بني هل غاب القمر قلت : نعم، قالت : ارحل بي فارتحلنا حتى رمت الجمرة، ثم صلت في منزلها فقلت لها : أي هنتاه١٨ لقد غلسنا قالت : كلا أي بني، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن١٩ ٢٠
١٣ ومن طريق ابن وهب أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أن سالم بن عبد الله بن عمر أخبره : أن عبد الله بن عمر كان يقدم ضعفة أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بالليل فيذكرون الله تعالى ثم يدفعون قبل أن يقف الإمام، ويقول ابن عمر : أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم٢١
١٤ ومن طريق مسلم، حدثني علي بن خشرم، أنا عيسى بن يونس، عن ابن جريج، أخبرني عطاء : أن ابن شوال أخبره أنه دخل على أم حبيبة أم المؤمنين فأخبرته : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بها من جمع بليل٢٢
١٥ ومن طريق مسلم، نا يحيى بن يحيى، عنن حماد بن [ زيد ] ٢٣، عن عبيد الله بن أبي يزيد قال : سمعت ابن عباس يقول : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثقل وفي الضعفة من جمع بليل٢٤
قال ابن حزم : كان ابن عباس حينئذ قد ناهز الاحتلام ولم يحتلم بعد، هكذا ذكر عن نفسه في الخبر الذي فيه : أنه أتى منى على أتان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس قال : وأنا غلام قد ناهزت الاحتلام فخرج هؤلاء عن وجوب حضور صلاة الصبح بمزدلفة مع الإمام عليهم وبقي عليهم فرض الوقوف بمزدلفة وذكر الله تعالى هنالك ليلة النحر ولا بد لعموم قوله تعالى :﴿ فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ﴾٢٥
قال تعالى :﴿ واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون٢٠٣ ﴾
وفيه ثلاث مسائل :
[ ٩٨ ] المسألة الأولى : في المراد بالأيام المعدودات في الآية
قال ابن حزم :
الأيام المعدودات والمعلومات واحدة، وهي : يوم النحر، وثلاثة أيام بعده
لقول الله تعالى :﴿ واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ﴾
والتعجيل المذكور والتأخير المذكور إنما هو بلا [ خلاف ] ٢٦ من أحد في أيام رمي الجمار، وأيام رمي الجمار بلا خلاف هو يوم النحر وثلاثة أيام بعده
وقال تعالى :﴿ ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ﴾٢٧
فهذه بلا شك أيام النحر التي تنحر فيها بهيمة الأنعام، وهي يوم النحر وثلاثة أيام بعده
١ روينا من طريق محمد بن المثنى، نا عبيد الله بن موسى، نا ابن ليلى، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس قال : الأيام المعلومات : يوم النحر وثلاثة أيام بعده : أيام التشريق٢٨
٢ ومن طريق ابن أبي شيبة، نا علي بن هاشم، عن ابن أبي ليلى عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس في قوله تعالى :﴿ في أيام معدودات ﴾ قال : يوم النحر، وثلاثة أيام بعده : أيام التشريق٢٩، وهذا قولنا٣٠
[ ٩٩ ] : المسألة الثانية : في حكم التكبير في أيام التشريق
قال ابن حزم :
التكبير في الأضحى، وفي أيام التشريق، ويوم عرفة : حسن كله، لأن التكبير فعل خير، وليس ههنا أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخصيص الأيام المذكورة دون غيرها
وروينا عن الزهري٣١، وأبي وائل٣٢، وأبي يوسف٣٣، ومحمد٣٤ : استحباب التكبير غداة عرفة إلى آخر أيام التشريق عند العصر٣٥
[ ١٠٠ ] : المسألة الثالثة : في أيهما أفضل في النفر من منى التعجيل أو التأخير
قال ابن حزم :
ومن رمى يومين، ثم نفر، ولم ير الثالث فلا بأس به، ومن رمى الثالث فهو أحسن
برهان ذلك : قول الله تعالى :﴿ فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ﴾٣٦
١ رجال الإسناد:
محمد بن قدامة بن أعين الهاشمي، مولاهم، المصيصي، ثقة روى له أبو داود والنسائي، مات سنة ٢٥٠هـ تقريبا التقريب (٢١٠/٢) جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله الأزدي، أبو النضر البصري، والد وهب، ثقة لكن في حديثه عن قتادة ضعف وله أوهام إذا حدث من حفظه، روى له الجماعة مات سنة ١٧٠ هـ بعدما اختلط لكن لم يحدث حال اختلاطه التقريب (١٣١/١)
مطرف، ابن طريف، الكوفي، أبو بكر، أو أبو عبد الرحمن ثقة فاضل، روى له الجماعة، مات سنة ١٤١ هـ أو بعد ذلك التقريب (٢٦٠/٢) عروة بن مضرس، الطائي، صحابي، له حديث حديث واحد في الحج، روى له أبو داود، والترمذي والنسائي، وابن ماجه. التقريب (٢٣/٢).
وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث:
أخرجه النسائي، في كتاب مناسك الحج، باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة، حديث (٣٠٤١) والطيالسي (١٨١/٢) والإمام أحمد في مسنده حديث (١٦١٨٩) و (١٦١٩٠) (٢١/٤) والحميدي في مسنده (٤٠٠/٢) وأبو يعلى (٢٤٥/ ٢) وابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٧/٤) وأبو داود في كتاب المناسك باب من لم يدرك عرفة حديث (١٩٥٠) والترمذي في كتاب الحج عن رسول الله، باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج، حديث (٨٩١) وابن ماجه في كتاب المناسك، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع، حديث (٣٠١٦) والدارمي في كتاب المناسك باب في إفراد الحج، حديث (١٧٤٣) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٢٠٧/٢ـ ٢٠٨) وابن حبان في صحيحه (١٦١/ ٩ـ ١٦٢) وابن خزيمة في صحيحه (٢٥٥/ ٤ـ ٢٥٦) وابن الجارود في المنتقى (١٢٣/٢) والدارقطني في سننه (٢٣٩/ ٢، ٢٤٠) والحاكم في المستدرك (٥٢٢/ ١، ٦٣٤) والطبراني في الأوسط (٧٥/ ٢) والبيهقي في السنن الكبرى (١١٦/ ٥، ١٧٣) جميعهم من طريق الشعبي عن عروة بن مضرس به.
درجة الحديث: صححه الدارقطني والحاكم، وأبو بكر بن العربي، والألباني انظر: التلخيص الحبير (٤٨٩/ ٢) وإرواء الغليل (٢٥٩/٤ ـ ٢٦٠)..

٢ رجال الإسناد:
عمرو بن علي بن بحر بن كنيز، أبو حفص الفلاس، الصيرفي، الباهلي، ثقة حافظ، روى له الجماعة مات سنة ٢٤٩هـ التقريب (٨١/٢)
وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الحديث: سبق تخريجه في الحديث الذي قبله..

٣ أخرجه ـ من حديث أبي هريرة ـ البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة حديث (٩٠٨) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة حديث (٦٠٢).
٤ المحلى (٥/ ١٢٦ـ ١٢٧) باختصار وتصرف يسير..
٥ المحلى (١٢٦/٥).
٦ سبق هذان الحديثان بسنديهما ص (٤٦٩ـ ٤٧٠).
٧ سبق هذان الحديثان بسنديهما ص (٤٦٩ـ ٤٧٠).
٨ سبق تخريجه ص (٤٧٠).
٩ لم أجده وقد أسنده ابن حزم في موضع آخر فقال: روينا من طريق حجاج بن المنهال، نا يزيد بن إبراهيم ـ هو التستري ـ نا عبد الله بن أبي مليكة قال: كان ابن الزبير يخطبنا فيقول: ألا صلاة إلا بجمع؟ يرددها ثلاثا أ هـ من المحلى (٥/ ١٢٦).
١٠ رجال الإسناد:
داود بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي، الزعافري، أبو يزيد الكوفي الأعرج، عم عبد الله بن إدريس ضعيف روى له البخاري في الأدب المفرد والترمذي وابن ماجه، مات سنة ١٥١ هـ التقريب (٢٣٢/١)
مسلم بن صبيح، الهمداني أبو الضحى الكوفي، العطار، مشهور بكنيته، ثقة فاضل روى له الجماعة، مات سنة ١٠٠ هـ التقريب (٢٥٢/٢)
وبقية رجال الإسناد تقدموا.
تخريج الأثر: لم أجده وفي سنده داود بن يزيد ضعيف..

١١ رجال الإسناد: تقدموا
تخريج الأثر: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٧/٤) من طريق وكيع عن سفيان به. وسنده صحيح.

١٢ رجال الإسناد: تقدموا
تخريج الأثر: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٧/٤) من طريق وكيع عن سفيان به. وسنده صحيح.

١٣ رجال الإسناد:
عبد الله بن أبي السفر، الثوري، الكوفي، ثقة، روى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه مات في خلافة مروان بن محمد التقريب (٣٩٧/١)
وبقية رجال الإسناد تقدموا
تخريج الأثر: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤٨٤/٤) من طريق ابن مهدي عن سفيان به وإسناده صحيح.

١٤ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤٨٤/٤).
١٥ لم أجده.
١٦ لم أجده.
١٧ التوبة: ٣.
١٨ أي: يا هذه انظر: النهاية في غريب الحديث (٢٤١/٥).
١٩ الضعن: النساء انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (٥٧/٩).
٢٠ رجال الإسناد:
محمد بن أبي بكر بن علي بن مقدم، المقدمي، أبو عبد الله، الثقفي مولاهم البصري، ثقة، روى له البخاري ومسلم والنسائي
مات سنة ٢٣٤هـ التقريب (١٥٧/٢)
عبد الله بن كيسان التميمي أبو عمر المدني، مولى أسماء بنت أبي بكر، ثقة، روى له الجماعة التقريب (٤١٦/١)
وبقية رجال الإسناد تقدموا والحديث أخرجه مسلم، في كتاب الحج، باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن حديث (١٢٩١) والبخاري في كتاب الحج باب من قدم ضعفة أهله بليل حديث (١٦٧٩).

٢١ رجال الإسناد:
ابن وهب: هو عبد الله تقدم
يونس بن يزيد بن أبي النجاد، الأيلي، أبو يزيد مولى آل سفيان ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا، وفي غير الزهري خطأ، روى له الجماعة مات سنة ١٥٩هـ على الصحيح وقيل: ١٦٠هـ التقريب (٣٩٦/ ٢ـ ٣٧٠)
وبقية رجال الإسناد تقدموا
تخريج الأثر: أخرجه مسلم، في الموضع السابق حديث (١٢٩٥) والبخاري في الموضع السابق، حديث (١٦٧٦).

٢٢ رجال الإسناد:
علي بن خشرم، المروزي ثقة، روى له مسلم والترمذي والنسائي، مات سنة ٢٥٧هـ أو بعدها وقد قارب المائة التقريب (٤٢/٢)
ـ عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، ثقة مأمون تقدم
سالم بن شوال، المكي، مولى أم حبيبة ثقة، روى له مسلم والنسائي التقريب (٢٧٣/١)
وبقية رجال الإسناد تقدموا
تخريج الأثر: أخرجه مسلم، في الموضع السابق حديث (١٢٩٢).

٢٣ في الأصل [يزيد] والصواب ما أثبته.
٢٤ رجال الإسناد:
يحيى بن يحيى بن بكر بن عبد الرحمن التميمي، ثقة ثبت، تقدم
عبيد الله بن أبي ييد المكي، مولى آل قارظ بن شيبة، ثقة، كثير الحديث، روى له الجماعة، مات سنة ١٢٦هـ وله ست وثمانون التقريب (٥٠٢/١)
وبقية رجال الإسناد تقدموا
تخريج الأثر: أخرجه مسلم، في الموضع السابق، حديث (١٢٩٣) والبخاري في الموضع السابق، حديث (١٦٧٨).

٢٥ المحلى (٥/ ١١٢، ١٢٦ ـ ١٣٠) باختصار وتصرف يسير.
٢٦ تصحفت في الأصل إلى [خوف].
٢٧ الحج: ٢٨.
٢٨ رجال الإسناد:
عبيد الله بن موسى بن أبي المختار، باذام العبسي، الكوفي، أبو محمد، ثقة، كان يتشيع، قال أبو حاتم: كان أثبت في إسرائيل من أبي نعيم واستصغر في سفيان الثوري، روى له الجماعة، مات سنة ٢١٣هـ على الصحيح التقريب (٥٠١/١)
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، الكوفي، أبو عبد الرحمن صدوق سيء الحف جدا روى له الأربعة مات سنة ١٤٨هـ التقريب (١٩٤/٢)
مقسم، هو ابن بجرة تقدم
وبقية رجال الإسناد تقدموا
تخريج الأثر: أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣٦١/٢) من طريق ابن أبي ليلى، عن الحكم، به وإسناده ضعيف لضعف ابن أبي ليلى فإنه سيء الحفظ.

٢٩ سبق بسنده في الأثر السابق، وعلى بن هاشم، هو ابن البريد، صدوق يتشيع، مات سنة ١٨٠ هـ وقيل: في التي بعدها التقريب (٥١/٢).
٣٠ المحلى (٣١٨/٥ـ ٣١٩).
٣١ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٧٣/٢).
٣٢ لم أجده.
٣٣ المبسوط (٤٣/٢) وبدائع الصنائع (١٩٥/ ١).
٣٤ المبسوط (٤٣/٢) وبدائع الصنائع (١٩٥/١).
٣٥ المحلى (٣٠٦/٣) باختصار.
٣٦ المحلى (١٩٦/٥).
قال تعالى :
﴿ وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ﴾١
وفيها مسألة واحدة
[ ١ ] : المسألة : رأيه التفسيري في قوله تعالى ﴿ والله لا يحب الفساد ﴾
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
وقال : الباقلاني٢ في كتابه المعروف " بالانتصار في القرآن " معنى قول الله تعالى ﴿ ولا يرضى لعباده الكفر ﴾٣
«وقوله تعالى :﴿ والله لا يحب الفساد ﴾٤ إنما معناه : لا يحب الفساد لأهل الصلاح، ولا يرضى لعباده المؤمنين أن يكفروا، ولم يرد أنه لا يرضاه لأحد من خلقه ولا يحبه لأحد منهم، ثم قال وإن كان قد أحب ذلك ورضيه لأهل الكفر والفساد ».
قال أبو محمد : وهذا تكذيب لله تعالى مجرد، ثم أيضا أخبر بأن الكفار فعلوا من الكفر أمرا رضيه الله سبحانه وتعالى منهم، وأحبه منهم فكيف يدخل هذا في عقل مسلم مع قوله تعالى﴿ ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم ﴾٥.. ؟
وأعجب لظلمة جهله إذ لم يفرق بين إرادة الكفر والمشيئة والخلق له وبين الرضى والمحبة. ٦
١ سورة البقرة: آية ٢٠٥..
٢ الباقلاني: هو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن قاسم البصري ثم البغدادي، أبو بكر من كبار علماء الكلام إنتهت إليه الرياسة في مذهب الأشاعرة، ولد في البصرة عام ٣٣٨ هـ سكن بغداد وتوفي فيها عام ٤٠٣ هـ. سير أعلام النبلاء للذهبي (١٧/١٩٣) بنصرف..
٣ سورة الزمر: من آية ٧..
٤ سورة محمد: آية ٢٨..
٥ سورة محمد: آية ٢٨..
٦ الفصل لابن حزم (٥/٩٠)..
قال تعالى :﴿ وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ﴾
وفيها مسألة واحدة.
[ ٢ ] : المسألة : المراد بالعزة بالإثم :
قال أبو محمد – رحمه الله تعالى – وبعد فإن الله عز وجل ركب في النفس الإنسانية قوة مختلفة، فمنها : عدل يزين لها الإنصاف ويحبب إليها موافقة الحق... ومنها غضب وشهوة يزينان لها الجور ويعميانها عن طريق الرشد.
قال تعالى :﴿ وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ﴾١، ومنها فهم يليح٢ لها الحق من قريب، ومنها جهل يطمس عليها الطرق، ومنها قوة العقل التي تعين النفس المميزة نصر العدل وعلى إيثار ما دلت عليه صحة الفهم وعلى اعتقاد ذلك علما وعلى إظهاره باللسان وحركات الجسم فعلا وبقوة العقل تتأييد النفس الموفقة لطاعته على كراهية الحود٣ عن الحق وعلى رفض ما قاد إليه الجهل والشهوة والغضب المولد للعصبية وحمية الجاهلية.
فمن اتبع ما أناره له العقل الصحيح نجا وفاز ومن عاج٤ عنه هلك وربما أهلك قال تعالى :﴿ إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ﴾٥. ٦
١ سورة البقرة: آية ٢٠٦..
٢ لاح يلوح لياحا إذا بدا وظهر. لسان العرب (٣/٥٨٧)..
٣ حاد عنه يحيد حيدا وحيدانا ومحيدا وحُيُودا وحَيْدة وحَيْدودة: مال. القاموس المحيط ص (٢٥٣)..
٤ عاج عَوْجا ومعاجا: أقام ووقف ورجع. القاموس المحيط ص (١٨٢)..
٥ سورة ق: من آية ٣٧..
٦ الإحكام لابن حزم (١/٦ – ٧)..
قال تعالى :﴿ هل ينظرون إن أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور ﴾ وفيها مسألتان :
[ ٣ ] : المسألة الأولى : المراد بالإتيان في الآية :
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى :
وقوله تعالى :﴿ هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور ﴾١.
فهذا كله على ما بينا من أن المجيء والإتيان يوم القيامة فعل يفعله الله عز وجل في ذلك اليوم يسمى ذا الفعل مجيئا وإتيانا.
وقد روينا عن أحمد ابن حنبل – رحمه الله تعالى – أنه قال٢ :﴿ وجاء ربك ﴾٣، ٤ إنما معناه أمر ربك٥.
فمعنى ﴿ وجاء ربك ﴾ ويأتيهم الله سبحانه وتعالى هو أمر معلوم في اللغة٦ التي نزل بها القرآن مشهور فيها : قول جاء الملك وأتانا الملك، وإنما أتى جيشه وسطوته وأمره. ٧
[ ٤ ] : المسألة الثانية : أوجه قراءة ﴿ الملائكة ﴾
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
وذكر تعالى الملائكة فقال :﴿ لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ﴾٨.
وقال تعالى :﴿ ويستغفرون لمن في الأرض ﴾٩
وقال تعالى :﴿ وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتوا كبيرا * يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ﴾١٠.
فقرن تعالى نزول الملائكة برؤيته تعالى وقرن تعالى إتيانه بإتيان الملائكة فقال عز وجل :
﴿ هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ﴾١١
واعلم أن إعراب الملائكة ها هنا بالرفع عطفا١٢ على الله عز وجل لا على الغمام١٣. ١٤
١ سورة البقرة: آية ٢١٠..
٢ ونقل ذلك عن أحمد، في مجموع الفتاوي لشيخ الإسلام (٥/٣٩٨ – ٣٣٩)، انظر البداية والنهاية لابن كثير (١٠/٣١٧)..
٣ سورة الفجر: آية ٢٢..
٤ إن مذهب الإمام أحمد في الصفات بصورة عامة هو إثبات ما أثبته الله عز وجل لنفسه، أو ما أثبته له نبيه عز وجل ومن ضمن ذلك الإتيان فقد قوم إن هذا هو مذهب الإمام متمسكين في ذلك بما جاء في رواية حنبل بن إسحاق أنهم لما احتجوا على الإمام في المحنة بقول النبي صلى الله عليه وسلم "تجيء البقرة وآل عمران كأنها غمامتان أو غيابتان، أو فرقان من طير صواف" وهذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه باب فضل قراءة القرآن (١/٥٥٣) رقم الحديث (٨٠٤).
وقالوا أنه لا يوصف بالإتيان والمجيء إلا مخلوق فعارضهم أحمد بأن المراد به مجيء ثواب البقرة وآل عمران، ثم عارضهم بقوله ﴿هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام﴾ قال: قيل إنما يأتي أمره.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – هكذا نقل حنبل ولم ينقل هذا غيره، انظر مجموع الفتاوي لشيخ الإسلام (٥/٩٩٣) بتصرف.
ويقول ابن القيم – رحمه الله – معلقا على هذه الرواية: اختلف فيها أصحاب أحمد على ثلاث طرق:
أحدها: أنها غلط عليه فإن حنبل تفرد بها عنه وهو كثير المفاريد المخالفة للمشهور من مذهبه. وإذا تفرد بما يخالف المشهور عنه فالخلال وصاحبه عبد العزيز لا يثبتون هذه الرواية، والتحقيق أنها رواية شاذة مخالفة لجادة مذهبه. هذا إذا كان ذلك من مسائل الفروع فكيف في هذه المسألة وقالت طائفة أخرى: بل ضبط حنبل ما نقله وحفظه. ثم اختلفوا في تخريج هذا النص فقالت طائفة منهم إنما قاله أحمد على سبيل المعارضة لهم. فإن القوم كانوا يتأولون في القرآن من الإتيان والمجيء بمجيء أمره سبحانه ولم يكن في ذلك ما يدل على أن من نسب إليه المجيء والإتيان مخلوق فكذلك وصف الله سبحانه كلامه.
فلا يدل على أن كلامه مخلوق مجيء القرآن على مجيء ثوابه كما حملتم مجيئه سبحانه وإتيانه على مجيء أمره وبأسه. فأحمد ذكر ذلك على وجه المعارضة والإلزام لخصوصه بما يعتقدونه في نظير ما أحتجوا به عليه لأنه يعتقد ذلك والمعارضة لا تستلزم إعتقاد المعارض صحة ما عارض به والرواية المشهورة من مذهبه ترك التأويل في الجميع.
حتى إن حنبلا نفسه ممن نقل عنه ترك التأويل صريحا. فإنه لما سأله عن تفسير النزول هل هو أمره أم ماذا؟ نهاه عنه، انظر مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم ص (٣٩٠ – ٢٣٣) بتصرف..

٥ الفصل لابن حزم (٢/٣٥٨)..
٦ الإتيان هو: مجيء بسهولة ومنه قيل للسيل المار على وجهه: آتيٌ وأتاوي. والإتيان يقال للمجيء بالذات وبالأمر والتدبير ويقال في الخير والشر والأعيان والأعراض، أنظر مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني ص (٦٠)..
٧ الفصل (٢/٢٠٩)، انظر الدرة ص '٢٣٣)..
٨ سورة الأنبياء: آية ٢٧..
٩ سورة الشورى: من آية ٥..
١٠ سورة الفرقان: آية ٢١ وآية ٢٢..
١١ سورة البقرة: من آية ٢١٠..
١٢ قرأ أبو جعفر بالخفض وقرأ الباقون بالرفع. انظر النشر في القراءات العشر لابن الجزري (٢/٢٢٧)، المهذب في القراءات العشر وتوجيهها لمحمد سالم محسن (٨٨)..
١٣ الغمام: جمع غمامة بالفتح وهي السحابة والجمع غمام وغمائم ومنه قول الشاعر:
إذا غبت عنا غاب عنا ربيعنا ونُسقى الغمام الغراء حين تؤوب
وقد أغمت السماء أي تغيرت وقال ابن عرفة في قوله تعالى: ﴿وظلنا عليكم الغمام﴾ الغمام السحاب الأبيض وإنما سمي غماما لأنه يغُم السماء أي يسترها وسمي الغم غما لاشتماله على القلب.
انظر لسان العرب (١٢/٤٤٣ – ٤٤٤) باختصار..

١٤ الفصل لابن حزم (٥/١٣١)..
قال تعالى :﴿ يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت هو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا الآخرة وأولئك أصحاب النار فيها خالدون ﴾١ وفيها مسألتان :
[ ٥ ] : المسألة الأولى : سبب نزول الآية.
قال ابن حرم – رحمه الله - :
ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر الأولى كما ذكرنا إلى المدينة، فأقام بها بقية جمادى الآخرة ورجب وشعبان، وبعث في رجب المذكور عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي، ومعه ثمانية رجال من المهاجرين وهم أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة٢، وعكاشة بن محصن بن حرثان الأسدي، وعتبة بن غزوان بن جابر المازني٣، وسعد بن أبي وقاص، وعامر بن ربيعة العنزي٤، وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عزيز بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة ابن مالك بن زيد بن تميم٥، وخالد بن البكير٦، أخو بني سعد بن ليث، وسهيل بن بيضاء الفهري٧، وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا لعبد الله بن جحش وهو أمير القوم وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه ولا يكره أحدا من أصحابه. ففعل ذلك عبد الله بن جحش، فلما فتح الكتاب وجد فيه «إذا نظرت في كتابي فامض حتى تنزل نخلة٨ بين مكة والطائف، فترصد بها قريشا أو عيرا لقريش وتعلم لنا من أخبارهم » فلما قرأ عبد الله بن جحش الكتاب قال : سمعا وطاعة. ثم أخبر أصحابه بذلك وبأنه لا يستكرههم، وأما هو فناهض، ومن أحب الشهادة فلينهض، ومن كره الموت فليرجع. فمضوا كلهم معه، فسلك على الحجاز، حتى إذا كان بمعدن٩ فوق الفُرُع١٠ – يقال له : بُحران١١ – أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كان يعتقبانه، ونفذ عبد الله في سائرهم حتى ينزل بنخلة فمرت عير لقريش تحمل زبيبا وأدما١٢ وتجارة.
فيها عمرو بن الحضرمي١٣ واسم الحضرمي : عثمان بن عبد الله بن المغيرة١٤، وأخوه نوفل بن عبد الله المخزوميان١٥ والحكم بن كيسان١٦ مولى بني المغيرة. فتشاور المسلمون وقالوا : نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام١٧، فإن قتلناهم انتهكنا الشهر الحرام، وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم. ثم اتفقوا على ملاقاتهم، فرمى عبد الله بن واقد التميمي١٨ عمرو بن الحضرمي فقتله، وأسروا عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وأفلت نوفل بن عبد الله، ثم قدموا بالعير والأسيرين، وقد أخرجوا الخمس من ذلك فعزلوه، فذكر أنها أول غنيمة خُمِّست. فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم ما فعلوه في الشهر الحرام فسقط في أيدي القوم، فأنزل الله تعالى :﴿ يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير ﴾ الآية. إلى قوله :﴿ حتى يردوكم ن دينكم إن استطاعوا ﴾. فقبض النبي صلى الله عليه وسلم الخمس، وقَسّم الغنيمة وقبل الفداء في الأسيرين، ورجع سعد وعتبة سالمين إلى المدينة١٩. ٢٠
المسألة الثانية : هل الردة تحبط العمل أم لا ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
من حج واعتمر، ثم ارتد، ثم هداه الله تعالى واستنقذه الله تعالى من النار فأسلم فليس عليه أن يعيد الحج ولا العمرة. وهو قول الشافعي٢١، وأحد قولي الليث٢٢.
وقال أبو حنيفة٢٣ ومالك٢٤، وأبو سليمان٢٥ : يعيد الحج والعمرة، واحتجوا بقول الله تعالى ﴿ لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ﴾٢٦ ما نعلم لهم حجة غيرها.
ولا حجة لهم نبينها لأن الله تعالى لم يقل فيها : لئن أشركت ليحبطن عملك الذي قبل أن تشرك، وهذه زيادة على الله تعالى لا تجوز، وإنما أخبر تعالى أنه يحبط عمله بعد الشرك إذا مات أيضا على شركه لا إذا أسلم وهذا حق بلا شك. ولو حج مشرك أو اعتمر، أو صلى، أو صام أو زكي، لم يجيزه شيء من ذلك عن الواجب وأيضا فإن قوله تعالى فيها ﴿ ولتكونن من الخاسرين ﴾٢٧ بيان أن المرتد إذا رجع إلى الإسلام لم يحبط ما عمل قبل إسلامه أصلا بل هو مكتوب له ومجازى عليه بالجنة لأنه لا خلاف بين أحد من الأمة في أن المرتد إذا رجع الإسلام ليس من الخاسرين، بل من المربحين المفلحين الفائزين.
فصح أن الذي يحبط عمله هو الميت على كفره مرتدا أو غير مرتد، وهذا هو من الخاسرين بلا شك، لا من أسلم من كفره أو رجع الإسلام بعد ردته، وقال تعالى :﴿ ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم ﴾٢٨ فصح نص قولنا : أنه لا يحبط عمله إن ارتد إلا بأن يموت وهو كافر. ووجدنا الله تعالى يقول ﴿ أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ﴾٢٩ وقال تعالى ﴿ ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾٣٠ وهذا عموم لا يجوز تخصيصه.
وروينا من طرق كالشمس عن صالح بن كيسان٣١ ويونس٣٢ ومعمر٣٣ كلهم عن الزهري٣٤ وروينا أيضا عن هشام بن عروة٣٥ المعنى، ثم اتفق الزهري وهشام كلاهما عن عروة واللفظ للزهري قال : أنا عروة بن الزبير٣٦ أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي رسول الله أرأيت أمورا كنت أتحنث٣٧ بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة أو صلة رحم، أفيها أجر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أسلمت على ما أسلفت من خير " ٣٨.
قال أبو محمد : فصح أن المرتد إذا أسلم والكافر لم يكن أسلم قط إذا أسلما فقد أسلما على ما أسلفا من الخير وقد كان المرتد إذا حج وهو مسلم قد أدى ما أمر به، وما كلف كما أمر به فقد أسلم الآن عليه، فهو له كما كان. ٣٩
١ سورة البقرة: آية ٢١٧..
٢ أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة هو: هشيم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي قتل يوم اليمامة سنة اثني عشرة من الهجرة وقيل مهشم. الاستيعاب لابن عبد البر (٤/١٦٣١)، انظر المنتقى في سرد الكنى للذهبي (١/١٦٩)..
٣ عتبة بن غزوان – بفتح المعجمة وسكون الزاي – ابن جابر المازني صحابي جليل مهاجري بدري أول من اختط البصرة مات سنة سبع عشرة. الطبقات لابن خياط (١/٥٢)..
٤ عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك العنزي – بسكون النون – حليف آل الخطاب صحابي مشهور أسلم قديما وهاجر مات ليالي قتل عثمان. انظر الاستيعاب لابن عبد البر (٢/٧ ٩)..
٥ واقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عزيز بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن زيد بن مناة بن تميم. مات أول خلافة عمر بن الخطاب. الطبقات الكبرى (٣/٣٩٠). الإصابة (٦/٥٩٤).
.

٦ خالد بن البكير بن عبد ياليل بن عبد ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث الليثي. قتل يوم الرجيع سنة أربع من الهجرة الاستياب لابن عبد البر (٢/٤٢٦)..
٧ سهيل بن بيضاء وهي أمه دعد بنت جحدم بن عمرو أما هو فسهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن مالك ضبة بن الحارث بن فهر مات سنة تسع بعد رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك، الطبقات الكبرى لابن سعد (٣/٤١٥)..
٨ نخلة: واد من الحجاز بينه وبين مكة مسيرة ليليتين وذات عرق تسمى نخلة الشامية والأخرى نخلة اليمانية ومجتمعهما واديا واحدا. معجم البلدان (٥/٣٧٨)، وقال البلادي: وبنخلة اليمانية قتل ابن الحضرمي، ويأخذ نخلة هذه طريق الطائف القديم وطريق نجد من مكة، معالم الحجاز للبلادي (٩/٤٥)..
٩ مَعْدن: معدن بكسر الدال حدد بأنه معدن بني سُليم في الطبقات الكبرى لابن سعد، قال ياقوت: هو من أعمال المدينة على طريق نجد، معجم البلدان (٢/١٠)، الطبقات الكبرى لابن سعد في خبر سرية عبد الله ابن جحش (٢/١٠)، وقال البلادي: وقد أصبح اليوم مدينة بعد أن عُدل اسمه إلى مهد الذهب ثم اختصر إلى المهد. معجم معالم الحجاز للبلادي (٨/١٩٣)..
١٠ الفُرُع: بالضم قرية من نواحي المدينة عن يسار السقيا بينها وبين المدينة ثمانية برد على طريق مكة وقيل أربع ليالي فهي أضخم أعراض المدينة. معجم البلدان (٤/٢٥٢)، قال البلادي: أما القول أن بين الفُرُع والمُريسيع ساعة خطأ لأن المُريسيع من قُديد وبين الفُرُع وقُديد أزيد من مرحلتين وبين الفُرُع وعسفان ٢٧٠ كيلا. معجم معالم الحجاز (٧/٤٥)..
١١ بُحران: بالضم موضع بناحية الفُرُع، كذا قيده ابن الفرات بفتح الباء ههنا وقد قُيده في مواضع بضمها وهو المشهور وذكره العمراني الحجاز(١/١٨٠)..
١٢ أدما: الأدم بالضم ما يؤكل مع الخبز أي شيء كان. والجمع آدمة وحمع أدم آدام، وأدم الخبر باللحم، وأنشد ابن بري:
إذا ما الخبز تأدمة بلحم فذاك أمانة الله الثريد.
انظر النهاية في غريب الحديث(١/٣١)، ولسان العرب لابن منظور (١٢/٩).

١٣ عمرو بن الحضرمي أول قتيل من المشركين وماله أول مال خمس في المسلمين وبسببه كانت وقعت بدر. ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة في ترجمة العلاء بن الحضرمي (٤/٥٤١)..
١٤ عثمان بن عبد الله بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أسر بوم بدر كافرا ثم لحق بمكة فمات بها كافرا. السيرة لابن هشام (٣/١٥٠)، جمهرة أنساب العرب لابن حزم (١/١٤٤)..
١٥ نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومي ممن قتل يوم الخندق وقد سأل بني مخزوم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعهم جسده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حاجة لنا في جسده ولا بثمنه" فخلى بينهم وبينه. السيرة النبوية لابن هشام (٤/٢١٥)، جمهرة أنساب العرب لابن حزم (١/١٤٥)..
١٦ الحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة المخزومي استشهد يوم بئر معونة، الاستيعاب لابن عبد البر (١/٣٥٥)..
١٧ ذكر ابن اسحاق أن قتل ابن الحضرمي كان في آخر يوم من رجب، وذكر الطبري عن السدي وغيره أن ذلك كان في آخر يوم من جمادى الآخرة، انظر جامع البيان الطبري (٤/٣٠٧)، سيرة ابن هشام (٣/١٤٨) ما جاء في سرية عبد الله بن جحش..
١٨ لعل الصواب فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي. وهو أحد الثمانية الذين ذكرهم في أول القصة. انظر الاستيعاب لابن عبد البر (٣/٣٩١) في ترجمة واقد بن عبد الله التميمي..
١٩ انظر معجم الطبراني (٢/١٦٢)، البيهقي في الدلائل (٣/١٧)، والسنن الكبرى للبيهقي كتاب السير باب ما جاء في نسخ العفو عن المشركين (٩/١٢)، مجمع الزوائد كتاب المغازي سرية عبد الله ابن جحش (٦/١٩٨) وعزاه للطبراني وقال رجاله ثقات. قال الألباني: هذا سند صحيح عن الزهري عن عروة مرسلا وقد وصله البيهقي وابن أبي حاتم من طريق سليمان التميم عن الحضرمي عن أبي الصوار عن جندب أبي عبد الله وسنده صحيح إن كان الحضرمي هذا هو ابن لا حق انظر تخريج الألباني لأحاديث فقه السيرة للغزالي ص (٢١٥) وص (٢١٦)..
٢٠ جوامع السيرة النبوية لابن حزم (٧٩ – ٨٠)..
٢١ الأم للشافعي (٦/١٦٩)، انظر حاشية الجمل (٥/١٢٢-١٢٣)..
٢٢ المحلى (٥/٣٢١)..
٢٣ المبسوط للسرخسي (١/١١٨)، انظر تبين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي (٣/٢٩٣)، المجموع شرح المهذب للنووي (١/٧)..
٢٤ المدونة للإمام مالك (٢/٢٢٨)، التاج والإكليل لمختصر خليل للحطاب (٨/٣٧٨)، انظر المجموع شرح المهذب للنووي (١/٧)..
٢٥ المحلى (٥/٣٢١)..
٢٦ سورة الزمر: من آية ٦٥..
٢٧ سورة الزمر: من آية ٦٥..
٢٨ سورة البقرة: من آية ٢١٧..
٢٩ سورة آل عمران: من آية ١٩٥..
٣٠ سورة الزلزلة: آية ٨..
٣١ صالح بن كيسان المدني، أبو محمد أو أبو الحارث، مؤدب، ولد عمر بن عبد العزيز، ثقة، ثبت، فقيه، من الرابعة مات سنة ثلاثين أو بعد الأربعين. التقريب (٢٩٦٢)..
٣٢ يونس بن يزيد بن أبي النجار الأيلي – بفتح الهمزة وسكون التحتانية بعدها لام – أبو يزيد، مولى آل أبي سفيان، ثقة، إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا وفي غير الزهري خطأ، من كبار السابعة. مات سنة تسع وخمسين على الصحيح وقيل سنة ستين. التقريب (٨٢٠١)..
٣٣ معمر بن راشد الأزدي مولاهم، أبو عروة، البصري، نزيل اليمن، ثقة ثبت، فاصل، من كبار السابعة مات سنة أربع وخمسين. التقريب (٧٠٨٧)..
٣٤ الزهري: محمد بن مسلم بن عبد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، أبو بكر، الفقيه، الحافظ، متفق على جلالته، وهو من رؤوس الطبقة الرابعة، مات سنة خمس وعشرين. التقريب. (٦٥٤٨)..
٣٥ هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، ثقة، فقيه، ربما دلس من الخامسة، مات سنة خمس أو ست وأربعين، التقريب (٧٥٨٢)..
٣٦ عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أبو عبد الله المدني، ثقة، فقيه، مشهور، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين على الصحيح. التقريب (٤٦٩٨)..
٣٧ تحنث: تعبد واعتزل الأصنام، والتحنث هو تعبد الليالي ذوات العدد، قال ابن سيدة: وهذا عندي على السلب، كأنه ينفي بذلك الحنث الذي هو الإثم عن نفسه، وقال ابن الأعرابي: يتحنث أي يفعل فعلا يخرج به من الحنث وهو الإثم والحرج. لسانا العرب لابن منظور (٢/١٣٩)..
٣٨ أخرجه البخاري الجامع الصحيح (٢/٨٩٦) كتاب العتق/ باب عتق المشركين حديث رقم (٢٤٠)، كتاب الأدب باب من وصل رحمه (٥/٢٢٣٣) حديث رقم (٥٦٤٦)، كتاب الزكاة/ باب من تصدق في المشرك (٢/٥٢١) حديث رقم (١٣٦٩)، كتاب البيوع (٢/٧٧٣) حديث رقم (٢١ ٧)، ومسلم في صحيحه كتاب الإيمان (٢/٣٢٠) حديث رقم (٢١٩)، حديث رقم (٣٢٠)، وأحمد في مسنده كتاب مسند حكيم بن حزام (٤/٤٠٤) حديث رقم (١٤٨٩٥)..
٣٩ المحلى (٥/٣٢١-٣٢٢)، الدرة (٣٤٩)..
قال تعالى :﴿ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون ﴾ وفيها سبع مسائل.
[ ٧ ] : المسألة الأولى : تخصيص الآية بآية المائدة
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى- :
وقوله تعالى :﴿ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ﴾١
مع إباحته المحصنات من نساء أهل الكتاب فكن بذلك مستثنات من جملة المشركات٢
قال أبو محمد ووجدنا قول الله عز وجل ﴿ اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا أتيتموهن أجورهن ﴾٣.
فكان الواجب لكلتا الآيتين أن لا تترك أحدهما للأخرى فوجب استثناء إباحة المحصنات من أهل الكتاب بالزواج من جملة تحريم المشركات ويبقى سائر ذلك على التحريم. ٤
[ ٨ ] : المسألة الثانية : حكم نكاح الكتابيات
قال ابن حزم – رحمة الله تعالى- :
ولا يحل للمسلم نكاح كافرة غير كتابية أصلا، قال علي : روينا عن ابن عمر : تحريم نكاح أهل الكتاب جملة وروينا من طريق البخاري قتيبة بن سعيد الليث – هو ابن سعذ – عن نافع : أن ابن عمر سئل عن نكاح اليهودية، والنصرانية ؟ فقال : إن الله تعالى حرم المشركات على المؤمنين، ولا أعلم من الإشراك شيئا أكثر من أن تقول المرأة «ربها عيسى » وهو عبد من عباد الله عز وجل٥.
قال أبو محمد : فوجب الرجوع إلى القرآن، والسنة، فوجدنا الله تعالى يقول :﴿ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ﴾٦ فلو لم تأت إلا هذه الآية لكان القول قول ابن عمر، لكن وجدنا الله تعالى يقول :﴿ اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا أتيتموهن أجورهم ﴾٧.
فكان الواجب لكلتا الآيتين أن لا تترك إحداهما للأخرى ووجدنا من أخذ بقول ابن عمر قد خالف هذه الآية وهذا لا يجوز ولا سبيل إلى الطاعة لهما إلا بأن يستثنى الأقل من الأكثر، فوجب استثناء إباحة المحصنات من أهل الكتاب بالزواج من جملة تحريم المشركات ويبقى سائر ذلك على التحريم بالآية٨.
[ ٩ ] : المسألة الثالثة : وطء الأمة الكتابية.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى- :
ووجدنا إباحتهم وطء الأمة الكتابية بملك اليمين إقحاما في الآية ما ليس فيها بآرائهم، لأنه إنما استثنى تعالى في الآية إباحة الكتابيات بالزواج خاصة بقوله تعالى ﴿ إذا أتيتموهن أجورهم ﴾٩ وأبقى ما عدا ذلك على التحريم بنهيه تعالى عن نكاح المشركات حتى يؤمن، ولم يأتي قط قرآن ولا سنة من رسول الله صلى الله عليه سلم بإباحة كتابية بملك اليمين. فهم في هذه القضية مخرجون من هذه الآية ما فيها من إباحة زواج العفائف من الكتابيات جملة لم يخص حرة من أمة ويقحمون فيها ما ليس فيها، ولا في غيرها من إباحة وطء الأمة الكتابية بملك اليمين.
وممن قال بقولنا في ذلك جماعة من السلف : منهم ابن عمر، كما روينا قبل عنه من تحريم الكوافر وغيرهن١٠، مخرج من قوله ما أباحه القرآن بالزواج وبقى سائر قوله على الصحة وفيه تحريم الأمة بلا شك بملك اليمين.
ثم – رحمه الله تعالى - : نا محمد بن سعيد بن نبات نا أحمد ابن عبد البصير نا قاسم بن أصبغ نا محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن المثنى نا عبد الرحمن بن مهدي نا شريك عن أبي إسحاق السبيعي عن بكر بن ماعز عن الربيع بن خثيم أنه كان يكره أن يطأ الرجل المشركة حتى تسلم١١.
نا محمد بن سعيد بن نبات نا أحمد بن عون الله نا قاسم بن أصبغ نا محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن بشار بُندار نا محمد بن جعفر غُندر نا شعبة عن موسى بن أبي عائشة قال سألت سعيد بن جبير، ومُرْة الهمداني – هو مرة الطبيب صاحب عبد الله بن مسعود – فقلت : أصبت الأمة من السبي فقالا جميعا : لا تغشها حتى تغتسل وتصلي١٢.
نا محمد بن سعيد بن نبات نا عباس بن أصبغ نا محمد بن قاسم بن محمد نا جدي قاسم بن أصبغ نا محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن المثنى نا عبد الأعلى – هو ابن عبد الأعلى – نا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن معاوية بن قرة عن ابن مسعود قال : اثنتا عشرة مملوكة أكره غشيانهن : أمتك وأمها، وأمتك وأختها، وأمتك وطئها أبوك، وأمتك وطئها ابنك، وأمتك عمتك من الرضاعة، وأمة خالتك من الرضاعة، وأمتك وقد زنت، وأمتك وهي مشركة، وأمتك وهي حبلى من غيرك١٣.
نا حمام نا مفرج نا ابن الأعرابي نا الدبري نا عبد الرزق عن جعفر بن سليمان الضبَعي أخبرني يونس بن عبيد أنه سمع الحسن البصري يقول : كنا نغزو مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أصاب الجارية أحدهم من الفيء فأراد أن يصيبها أمرها فغسلت ثيابها، ثم علمها الإسلام وأمرها بالصلاة، واستبرأها بحيضة ثم أصابها١٤.
وبه إلى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : لا يحل لرجل اشترى جارية مشركة أن يطأها حتى تغتسل وتصلي وتحيض عنده حيضة١٥. ١٦
[ ١٠ ] : المسألة الرابعة : المراد بالمشركات في قوله تعالى :
﴿ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ﴾
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى- : إن قوله تعالى :﴿ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ﴾١٧ إنما قصد به الإماء لقوله تعالى في أثر ذلك ﴿ ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ﴾١٨. ١٩
[ ١١ ] : المسألة الخامسة : رأيه التفسيري في قوله تعالى ﴿ ولو أعجبتكم ﴾.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى- :
قال تعالى ﴿ ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ﴾٢٠
وقد تكون المشركة خيرا منها في الجمال وفي أشياء من الأخلاق ونحوها.
وإن كانت المؤمنة خيرا عند الله تعالى وهذا شيء يُعْلم حسا ومشاهدة وبالله تعالى التوفيق. ٢١
[ ١٢ ] : المسألة السادسة : نكاح غير المسلم للمسلمة.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – ولا يحل لمسلمة نكاح غير مسلم أصلا، برهان ذلك : قول الله عز وجل :﴿ ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ﴾٢٢. ٢٣
[ ١٣ ] : المسألة السابعة : لا نكاح إلا بولي
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى- :
ولا يحل للمرأة نكاح ثيبا كانت أو بكرا إلا بإذن وليها – الأب أو الأخوة أو الجد أو الأعمام أو بني الأعمام وإن بعدوا والأقرب فالأقرب أولى – برهان ذلك : قول الله عز وجل ﴿ وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ﴾٢٤، وقوله تعالى :{ ولا تنكحوا
المشركين حتى يؤمنوا }٢٥.
وهذا خطاب للأولياء لا للنساء.
روينا من طريق ابن وهب نا ابن جريج عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تنكح المرأة بغير وليها فإن نكحت فنكاحها باطل – ثلاث مرات – فإن أصابها فلها مهرها بما أصاب منها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ". ٢٦ وما حدثنا به أحمد الطلمنكي نا ابن مفرج نا محمد بن أيوب الصموت الرقي نا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار انا أبو كامل نا بشر بن منصور نا سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا نكاح إلا بولي " ٢٧.
وبه إلى البزار نا محمد بن موسى الحرشي نا يزيد بن زريع نا شعبة بن الحجاج عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه – هو أبو موسى – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا نكاح إلى بولي " ٢٨.
قال أبو محمد : وممن قال بمثل قولنا جماعة من السلف : كما روينا : من طريق ابن وهب حدثني عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج أنه سمع سعيد بن المسيب يقول : قال عمر بن الخطاب : لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها، أو ذوي الرأي من أهلها، أو السلطان٢٩.
ومن طريق سفيان ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبد الرحمن بن سعيد أن عمر بن الخطاب رد نكاح امرأة نكحت بغير إذن وليها٣٠.
ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج : أخبرني عبد الحميد بن جبير بن شيبة أن عكرمة بن خالد أخبره أن الطريق جمع راكبا، فجعلت امرأة ثبت أمرها إلى رجل من القوم غير ولي فأنكحها رجلا، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فجلد الناكح والمنكح ورد نكاحها٣١.
ومن طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة : ليس للنساء من العقد شيء، لا نكاح إلا بولي لا تنكح المرأة نفسها، فإن الزانية تنكح نفسها٣٢.
ومن طريق حماد بن سلمة عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين أن ابن عباس قال : البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير الأولياء٣٣.
ومن طريق عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر عن نافع قال : ولى عمر بن الخطاب ابنته حفصة أم المؤمنين ماله وبناته ونكاحهن فكانت حفصة أم المؤمنين – رضي الله عنها – إذا أرادت أن تزوج امرأة أمرت أخاها عبد الله فيزوج٣٤.
وروينا نحو هذا أيضا عن عائشة أم المؤمنين٣٥ – رضي الله عنها – وابن عمر٣٦، وعمر بن عبد العزيز٣٧، وإبراهيم النخعي٣٨. وهو قول جابر بن زيد٣٩، ومكحول٤٠، وهو قول ابن شبرمة٤١، وابن أبي ليلى٤٢، وسفيان الثوري٤٣، والحسن بن حي٤٤، والشافعي٤٥ وأحمد٤٦، وإسحاق وأبي عبيد٤٧، وابن المبارك. ٤٨
١ سورة البقرة: آية ٢٢١..
٢ الإحكام (١/١٦٣)، انظر المحلى (٩/١٣)..
٣ سورة المائدة: من آية ٥..
٤ المحلى لابن حزم (٩/١٣)..
٥ أخرجه البخاري في كتاب الطلاق باب قول الله تعالى: ﴿ولا تنكحوا المشركات﴾، انظر فتح الباري (٩/٣٢٦) حديث رقم (٥٢٨٥)..
٦ سورة البقرة: من آية ٢٢١..
٧ سورة المائدة: من آية ٥..
٨ المحلى (٩/١٣) بتصرف يسير، انظر الأحكام لابن حزم (١/٢٥٧)..
٩ سورة المائدة: من آية ٥..
١٠ فتح الباري كتاب الطلاق/ باب قول ﴿ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة من مشركة ولو أعجبتكم﴾ (٩/٣٢٦) حديث رقم (٥٢٨٥)..
١١ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٣/٣١٣).
ترجمة رجال الإسناد:
محمد بن سعيد بن نبات أبو عبد الله شيخ من شيوخ الحديث روى عنه ابن حزم وكان يقول في بعض أحاديثه عنه أخبر النباتي مات بعد الأربعمائة. جذوة المقتبس (٥٣).
أحمد بن عبد البصير، روى عن قاسم بن أصبغ وروى عنه أبو عبد الله محمد بن سعيد بن نبات. جذوة المقتبس (١١٦).
قاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف بن ناصح بن عطاء مولى أمير المؤمنين الوليد عبد الملك بن مروان أبا محمد كان بصيرا بالحديث والرجال مات سنة أربعين وثلاثمائة. تاريخ علماء الأندلس (٢٨٦).
محمد بن عبد السلام بن ثعلبة الخشني لم يكن عنده كبير علم بالفقه وإنما كان الغالب عليه حفظ اللغة ورواية الحديث وكان ثقة مأمونا مات سنة ست وثمانين ومائتين. تاريخ علماء الأندلس (٣٠٤)
محمد بن المثنى بن عبيد العنزي بفتح النون والزاي أبو موسى البصري مشهور بكنته وباسمه ثقة ثبت من العاشرة مات سنة اثنين وخمسين. التقريب (٦٥١٥).
عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري مولاهم أبو سعد البصري ثقة ثبت حافط عارف بالرجال من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين. التقريب (٤١٣٣).
شريك بن عبد الله النخعي صدوق يخطئ كثيرا تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة من الثامنة، مات سنة سبع أو ثمان وسبعين. التقريب (٢٨٦٣). قال الحافظ ابن حجر: قال أحمد: سمع شريك من أبي إسحاق قديما وشريك في أبي إسحاق أثبت من زهير وإسرائيل وزكريا. التهذيب (٢/١٦٤).
عمرو بن عبد الله بن عبيد ويقال علي ويقال ابن أبي شعيرة الهمداني أبو إسحاق السبيعي بفتح المهملة وكسر الموحدة – ثقة مكثر عابد من الثالثة اختلط بآخر عمره مات سنة ١٢٩ هـ. التقريب (٥٢٣٦).
بكر بن ماعز: أبو حمزة الكوفي ثقة عابد من الرابعة. التقريب (٧٩٥).
الربيع بن خيثم بضم المعجمة وفتح المثلثة، ابن عامر بن عبد الله الثوري ثقة عابد مخضرم – من الثانية مات سنة إحدى وقيل ثلاث وستين. التقريب (١٩٥٠).
الحكم: إسناده ضعيف.
تخريج الأثر: لم أقف عليه
ترجمة رجال الإسناد:
محمد بن سعيد بن نبات: ثقة تقدم. انظر ص (١٣٢).
أحمد بن عون الله بن حُدير بن يحي بن تبع بن تبيع البزاز، أبو جعفر. كان شيخا صالحا، صدوقا، صارما في السنه مات سنة وسبعين وثلاثمائة. تاريخ علماء الأندلس ص (٥٥).
قاسم بن أصبغ: ثقة تقدم. انظر ص (١٣٢).
محمد بن عبد السلام الخشني: ثقة تقدم. انظر ص (١٣٢).
محمد بن بشار بن عثمان العبدي، البصري أبو بكر بُنْدار ثقة من العاشرة مات سنة اثنين وخمسين. التقريب (٥٩٦٢)
محمد بن جعفر الهذلي، البصري، المعروف بغندر ثقة صحيح الكتاب لا أن فيه غفلة من التاسعة مات سنة ثلاث أو أربع وتسعين. التقريب (٦٠٠٠).
شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم أبو بسطام الواسطي ثقة حافظ من السابعة مات سنة ستين. التقريب (٢٨٦٧)
موسى ابن أبي عائشة الهمداني. بسكون الميم _ مولاهم أبو الحسن الكوفي ثقة عابد من الخامسة وكان يرسل. التقريب (٧٢٦٢).
سعيد بن جبير الأسدي مولاهم، الكوفي ثقة ثبت فقيه من الثالثة وروايته عن عائشة وأبي موسى ونحوهما مرسلة قتل سنة خمس وتسعين. التقريب (٢٣٥٢).
مرة بن شراحيل الهمداني – بسكون الميم – أبو إسماعيل الكوفي، وهو الذي يقال له مرة الطبيب، ثقة عابد من الثانية مات سنة ست وسبعين. التقريب (٦٨٣٣).
الحكم: إسناده حسن..

١٢ ؟؟؟؟؟.
١٣ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٢٧٣)، المعجم الكبير للطبراني (٩٣٤٣)
ترجمة رجال الإسناد:
محمد بن سعيد بن نبات، ثقة تقدم. ص (١٣٢)ز
عباس بن أصبغ بن عبد العزيز بن غصن الهمداني، أبو بكر كان شيخا حليما ضابطا لما كتب وقد وهم في أشياء حدث بها توفي سنة ست وثمانين وثلاثمائة. تاريخ علماء الأندلس ص (٢٣٩).
محمد بن قاسم بن محمد بن قاسم بن سيار مولى الوليد بن عبد الملك، أبو عبد الله كان ثقة صدوقا وغرى عزوة الخندق سنة سبعة وعشرين فاعتل منصرفا منها ومات بكركي. تاريخ علماء الأندلس ص (٢٢٩).
قاسم بن أصبغ، ثقة تقدم.
محمد بن عبد السلام الخشني: ثقة تقدم. ص (١٣٢).
عبد الأعلى بن عبد الله بن عبد الأعلى البصري السامي بالمهملة – أبو محمد وكان إذا قيل له أبو همام – ثقة مات الثامنة سنة تسع وثمانين. التقريب (٣٨٣٨).
سعيد بن أبي عروبة: مهران اليشكري مولاهم أبو النضر البصري ثقة حافظ كثير التدليس واختلط وكان من أثبت الناس في قتادة من السادسة مات سنة ست وقيل سبع وخمسين. التقريب (٢٤٣٩).
قتادة بن دعامة بن قتادة الدوسي أبو الخطاب البصري، ثقة ثبت يقال وُلد أكمه راس الطبقة الرابعة، مات سنة بضع عشرة، التقريب (٥٧٠٦).
معاوية بن قرة بن إياس بن هلال المزني، أبو إياس البصري، ثقة، من الثالثة مات سنة ثلاث عشرة. التقريب (٧٠٤٧).
الحكم: إسناده صحيح..

١٤ تخريج الأثر: لم أقف عليه، قال ابن المنذر: وأجمعوا على وطء إماء أهل الكتاب بملك اليمين، وانفرد الحسن البصري فقال: لا يجوز. الإجماع ص (٤٢).
ترجمة رجال الإسناد:
حمام بن أحمد روى عنه ابن حزم. جذوة المقتبس ص (١٧٦).
ابن مفرج: محمد بن أحمد بن يحي بن مفرج الأموي، أبو عبد الله كان حافظا، أكثر الناس عنه، مات سنة ثمانين وثلاث مئة. السير الذهبي (١٥/٣٩٢)، جذوة المقتبس للحميدي (٣٧).
ابن الأعرابي: أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الأعرابي الإمام الحافظ الثقة الصدوق الزاهد له أوهام، مات سنة أربعين وثلاث مائة. لسان الميزان (١/٣٠٨).
الدبري: إسحاق بن إبراهيم الدبري قال الذهبي قال ابن عدي: استصغره عبدا لرازق، وقلت ما كان الرجل صاحب حديث وإنما أسمعه أبوه واعتنى به، سمع من عبد الرزاق تصانيفه وهو ابن سبع سنين أو نحوها، واحتج به أبو عوانة في صحيحه وغيره وأكثر عنه الطبراني، وقال الدارقطني في رواية الحاكم: صدوق ما رأيت فيه خلافا، إنما قيل لم يكن من رجال هذا الشأن، قلت: ويدخل في الصحيح قال: أي والله. الميزان (١/١٨١).
عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم – أبو بكر الصنعاني ثقة حافظ عمى في آر عمره فتغير من التاسعة مات سنة إحدى عشرة. التقريب (٤١٨٥).
جعفر بن سليمان الضبعي – بضم المعجمة وفتح الموحدة – أبو سليمان البصري صدوق زاهد من الثامنة مات سنة ثمان وسبعين. التقريب (٩٨٤).
يونس بن عبيد بن دينار العبدي، أبو عبيد البصري ثقة ثبت فاضل. ورع من الخامسة مات سنة تسع وثلاثين. التقريب (٨١٩٢).
الحسن البصري ثقة تقدم: انظر ص (١١١).
الحكم: إسناده حسن..

١٥ تخريج الأثر: هذا الأثر ساقه ابن حزم – رحمه الله تعالى – في الجارية المشركة عامة بينما ثبت خلافه عن الزهري في مصنف ابن أبي شيبة في كتاب النكاح في باب الجارية النصرانية واليهودية تكون لرجل يطؤها أم لا (٣/٣١٤). وفي كتاب الجهاد باب ما قالوا في اليهوديات والنصرانيات إذا سبين (٣/٥٨٧).
«حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري: قال إذا كانت له أمة من أهل الكتاب فله أن يغشاها إن شاء ويكرهها على الغسل» انظر (٣/٣١٤) ويتبين من هذا أن الزهري – رحمه الله تعالى – لا يشترط إسلامها وللمسلم الخيار في إيتانها.
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة تقدم. انظر ص (١٣٥).
معمر: ثقة تقدم. انظر ص (١١٩).
الزهري: ثقة تقدم. انظر ص (١١٩).
الحكم: إسناده. صحيح..

١٦ المحلى (٩/٣١٣)، وانظر الإحكام (١/٤٠٥-٤٠٦-٤٠٧٦٤٠٨)، الإحكام (٢/٣٦١)..
١٧ سورة البقرة: من آية ٢٢١..
١٨ الأمة: أصلها أمو حذفت الواو لأنها على غير قياس وعوض عنها هاء التأنيث وهي على وزن فعله بسكون العين أو فتحها واختار الأكثرون ثانيها وتجمع على آم وآماء والثاني أشهر. لسان العرب (١٤/٤٤٦٤٥) باختصار..
١٩ الإحكام لابن حزم (١/٤٠٦)..
٢٠ سورة البقرة: آية ٢٢١..
٢١ الإحكام (١/٥٢٠)، انظر الإحكام (٢/٣٦٣)..
٢٢ سورة البقرة: من آية ٢٢١..
٢٣ المحلى لابن حزم (٩/١٩)..
٢٤ سورة النور: من آية ٣٢..
٢٥ سورة البقرة: من آية ٢٢١..
٢٦ تخريج الحديث: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣/٤٥٤) حديث رقم (١٥٩١٩)، وعبد الرزاق في المصنف (٦/١٩٥) حديث رقم (١٠٤٧٢)، وأبو داود كتاب النكاح باب في الولي (٢/٢٢٩) حديث رقم (٢٠٨٣)، وقال الترمذي: حديث حسن كتاب النكاح / باب ما جاء في النكاح إلا بولي (٣/٤٠٧) حديث رقم (١١٠٢)، وابن ماجة كتاب النكاح/ باب لا نكاح إلا بولي (١/٦٠٥) حديث رقم (١٨٧٩)، وابن الجارود في المنتقى (١/١٧٥) حديث رقم (٧٠٠)، والدارقطني في السنن كتاب وباب / النكاح (٣/٢٢٢) حديث رقم (١٠).
ترجمة رجال الإسناد:
ابن وهب: عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، مولاهم أبو محمد المصري الفقيه ثقة، من التاسعة مات سنة سبع وتسعين. التقريب (٣٧٩٣).
ابن جريج: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي، مولاهم المكي، ثقة، فقيه، فاضل، وكان يدلس ويرسل من السادسة مات سنة خمسين أو بعدها. التقريب (٤٣١٧). قال الدارقطني: شر التدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح. طبقات المدلسين لابن حجر ص (٤١).
سليمان بن موسى الأموي مولاهم، الدمشقي الأشدق، صدوق فقيه في حديثه بعض اللين وخولط قبل موته بقليل من الخامسة. التقريب (٢٦٩١).
عروة بن الزبير: ثقة تقدم انظر ص (١١٩). التقريب (٤٦٩٨)
الحكم على السند: الحديث بهذا الإسناد ضعيف وقد عل لثلاث أسباب وهي:
أن ابن جريج مدلس وتدليسه من أشد أنواع التدليس وقد عنن.
إن رواية ابن جريج عورضت برواية ابن عليه. فقد روى الحاكم (٢/١٦٩). من رواية أحمد بن حنبل يقول: وذكر عنده أن ابن عليه يذكر حديث ابن جريج في «لا نكاح إلا بولي» قال ابن جريج: فليت الزهري فسألته عنه فلم يعرفه وأثنى على سليمان بن موسى، قال أحمد بن حنبل: إن ابن جريج له كتب مدونة وليس هذا في كتبه يعني حكاية ابن عليه عن ابن جريج. ومن رواية الدوري يقول: سمعت بيحي بن معين يقول في حديثه لا نكاح إلا بولي الذي يرويه ابن جريج: «ليس يقول هذا إلا ابن عليه وإنما عرض ابن عليه كتب ابن جريج على عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد فأصلحها له ولكن لم يبذل نفسه للحديث».
أن عائشة – رضي الله عنها – روي عنها ما يخالف هذا:
فروي من طريق مالك بن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها زوجت حفصة بنت عبد الرحمن بن المندر بن الزبير وعبد الرحمن غائب بالشام فلما قدم عبد الرحمن قال: ومثلي يغتاب عليه؟ فكلمت عائشة المنذر بن الزبير فقال: إن ذلك بيد عبد الرحمن، فقال عبد الرحمن: ما كنت لأرد أمرا قضيته فاستقرت حفصة عند المنذر، ولم يكن دلك طلاقا.
فيجاب عنه بالتالي:
إن الحاكم قد روى الحديث من رواية أبي العاصم الضحاك بن مخلد ثنا ابن جريج قال سمعت سليمان بن موسى يقول ثنا الزهري. ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه المستدرك (٢/١٨٣) ثم تعقبه الذهبي في التلخيص قائلا: سمعه أبو العاصم عنه وعبد الرزاق ويحي بن أيوب وحجاج بن محمد عن ابن جريج مصرحين بالسماع عن الزهري وساق الحاكم المتابعات عليه وزاد متابعة لابن لهيعة أيضا التلخيص (٢/١٨٣)
قال الألباني: وهذا إسناد موصول مسلسل بالتحديث وابن جريج صرح بالتحديث، إذن الحديث، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم إلا إن فيه سليمان بن موسى مع جلالته في الفقه فهو صدوق وعلى هذا فالحديث حسن الإسناد، ولم يتفرد به سليمان بن موسى بل تابعه عليه جماعة فهو بهذا الاعتبار صحيح لغيره. إرواء الغليل (٦/٢٤٦).
أما العلة الثانية فقد أجاب الحاكم عليها بقوله: «فقد صح وثبت برواية الأئمة الإثبات سماع الرواة بعضهم من بعض فلا تعلل هذه الروايات بحديث ابن عليه، أما سماع ابن عليه من ابن جريج ففيه مطعن قال: وضعف يحيى بن معين روايته عن ابن جريج وسؤاله ابن جريج عنه، وقوله إني سألت الزهري عنه فلم يعرفه، فقد ينسى الثقة الحافظ الحديث بعد أن حدث، وقد فعله غير واحد من حفاظ الحديث مستدرك الحاكم (٢/١٨٣) وقد أقره الذهبي على هذا الكلام التلخيص (٢/١٨٣) وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير: وأعل ابن حبان وابن عدي وابن عبد البر والحاكم وغيرهم الحكاية عن ابن جريج وأجابوا عنها على تقدير الصحة بأناه لا يلزم من نسيان الزهري له أن يكن سليمان بن موسى وهم فيه، وقد تكلم عليه أيضا الدارقطني في «جزء من حدث ونسى»، والخطيب بعده، وأطال عليه البيهقي في السنن والخلافيات، وابن الجوزي في التحقيق التلخيص الحبير (٣/١٥٧) وقال الشوكاني في نيل الأوطار: أن أبا القاسم بن منده عد من رواه عن ابن جريج فبلغوا عشرين رجلا وذكر أن معمرا وعبيد االله بن زحر تابا ابن جريج على روايته إياه عن سليمان بن موسى وأن قرة وموسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وأيوب بن موسى وهشام بن سعد وجماعة تابعوا سليمان بن موسى عن الزهري، قال ورواه أبو مالك الجنبي نوح بن دراج ومندل وجعفر ابن بران وجماعة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، كما ضعف غير واحد رواية ابن عليه المعارضة منهم ابن حبان وابن عدي وابن عبد البر والحاكم». نيل الأوطار للشوكاني (٦/٢٥٠).
أما العلة الثالثة فقد أجاب عنها البيهقي في المعرفة وقال: ونحن نحمل قوله (زوجت) أي مهدت أسباب التزويج وأضيف النكاح إليها لاختيارها ذلك، وإذنها فيه ثم أشارت على من ولي أمرها عند غيبة أبيها حتى عقد النكاح، قال: ويدل على صحة هذا التأويل ما أخبرنا، وأسند عن عبد الرحمن بن القاسم قال: كنت عند عائشة يخطب إليها المرأة من أهلها فتشهد، فإذا بقيت عقدة النكاح، قالت لبعض أهلها: زوج، فإن المرأة لا تلي عقد النكاح وفي لفظ: فإن النساء لا ينكحن، قال: إذا كان مذهبها ما روى حديث عبد الرحمن بن القاسم علمنا أن المراد بقوله: زوجت، ما ذكرناه، فلا يخالف ما روته عن النبي صلى الله عليه وسلم. نصب الراية للزيلعي (٣/١٨٦).
.

٢٧ تخريج الحديث: مسند البزار (٨/١١٠) حديث رقم (٣١٠٨)، سنن الترمذي كتاب النكاح / باب ما جاء في النكاح إلى بولي (٣/٤٠٧) حديث (١١٠٢)، المنتقى لابن الجارود (١٧٦) حديث رقم (٧٠٤)، مستدرك الحاكم (٢/١٨٤) حديث (٢٧١٠)، مصنف عبد الرزاق (٦/١٩٦)، سنن البيهقي كتاب النكاح/ باب لا نكاح إلى بولي (١٠/٣٠٠) رقم (١٣٩٢٦)، المعجم الكبير للطبراني كتاب العين / باب أحاديث عبد الله بن عباس (١٢/٥٠) حديث رقم (١٢٤٨٣).
ترجمة رجال الإسناد:
أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى بن يحي المعافري الأندلسي الطلمنكي، من بحور العلم، فاضلا، ضابطا توفي سنة تسع وعشرين وأربع مائة. سير أعلام النبلاء (١٧/٣٩٢)، جذوة المقتبس للحميدي (٣٧).
أبو الحسن محمد بن أيوب بن حبيب بن يحي الرقي الصموت، صاحب البزاز، توفي سنة أربعين وثلاث مائة السير للذهبي (١٥/٤٤١).
أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، أبو بكر البزار صاحب المسند الكبير، صدوق مشهور، جرحه النسائي، وهو ثقة يخطئ كثيرا قال ابن يونس: حافظ للحديث، مات سنة اثنين وتسعين ومائتين. ميزان الاعتدال للذهبي (١/١٢٤).
أبو كامل: فضيل بن حسين بن طلحة الجحدري، أبو كامل، ثقة حافظ من العاشرة، مات سنة سبع وثلاثين وهو أوثق من عمه كامل بن طلحة. التقريب (٥٦١٤).
بشر بن منصور السليمي – بفتح المهلة وبعد اللام تحتانية – أبو محمد الأزدي البصري، صدوق عابد، زاهد، مات سنة ثمانين. التقريب (٧٤٦).
سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله، ثقة، حافظ، وإمام حجة من رؤوس السابعة، وكان ربما دلس مات سنة إحدى وستين. التقريب (٢٥١٩). وصفه النسائي بالتدليس وقال البخاري ما أقل تدليسه طبقات المدلسين ص (٣٢).
أبو إسحاق السبيعي: عمرو بن عبد الله بن عبيد، ويقال علي، ويقال ابن أبي شعيرة، ثقة مكثر، عابد من الثالثة، اختلط بأخر عمره مات سنة تسع وعشرين ومائة. التقريب (٥٢٣٦). قال أبو سعيد العلائي «ولم يعتبر أحد من الأئمة ما ذكر من اختلاط أبي
إسحاق احتجوا به مطلقا، وذلك يدل على أنه لم يختلط في شيء من حديثه فهو من القسم الأول»
المختلطين (١/٩٤).
أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، قيل اسمه العامر، وقيل الحارث، ثقة من الثالثة، مات سنة أربع ومائة وقيل غير ذلك. التقريب (٨٢٣٥).
الحكم على السند: الحديث بهذا الإسناد حسن.
قال الترمذي بعد أن ذكر الاختلاف فيه: وإن من جملة من وصله إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه، ومن جملة من أرسله شعبة وسفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة ليس فيه لأبي موسى رواية، ومن رواه موصولا أصح لأنهم سمعوه في أوقات مختلفة، وشعبة وسفيان وإن كانا أحفظ وأثبت من جميع من رواه عن أبي إسحاق لكنهما سمعاه في وقت واحد. ثم ساقه من طريق أبي داود الطاليسي عن شعبة قال: «سمعت سفيان الثوري يسأل أبا إسحاق أسمعت أبا بردة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا نكاح إلا بولي" قال: نعم» قال: وإسرائيل أثبت في أبي إسحاق. سمعت محمد بن المثنى يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ما فاتني من حديث الثوري عن أبي إسحاق الذي فاتني إلا لما اتكلت به على إسرائيل لأنه كان يأتي به أتم. سنن الترمذي (٣/٤٠٧).
قال الألباني: (لا شك أن قول الترمذي أن الأصح رواية الجماعة عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى مرفوعا، هو الصواب، فظاهر السند الصحة ولذلك صححه جماعة منهم علي بن المدني ومحمد بن يحي الذهلي كما رواه الحاكم عنهما وصححه هو أيضا ووافقه الذهبي، ولكن يرد عليهم أن أبا إسحاق وهو السبيعي كان قد اختلط ولا يدري هل حدث به موصولا قبل الاختلاط أم بعده. وأيضا فقد وصف بالتدليس وقد عنعنه في جميع الطرق عنه، نعم وقد ذكر له الحاكم متابعين منهم ابنه يونس (٢/١٨٤) حديث رقم (٢٧١١) وأبو داود (٢/٢٢٩) حديث رقم (٢٠٨٥)، والإمام أحمد في مسنده (٥/٥٦٧) حديث رقم (١٩٢١١)، وابن الجارود في المنتقى (١٧٦) حديث رقم (٧٠١)، وفي سنن الترمذي كتاب النكاح / باب ما جاء في لا نكاح إلا بولي (٣/٤٠٧) حديث رقم ١١٠١.
وقال الحاكم: (لست أعلم بين أئمة هذا العلم خلافا على عدالة يونس بن أبي إسحاق وأن سماعه من أبي بردة مع أبيه صحيح. ثم لم يختلف على عدالة يونس في وصل هذا الحديث) ثم وصفه الحاكم من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي بردة به. قال الألباني: وفي إسناده ضعف. لكن إذا لم يرتق الحديث بهده المتابعة إلى درجة الحسن أو الصحة، فلا أقل من أن يرتقي إلى بشواهده الآتية فهو بها صحيح قطعا. ولعل تصحيح من صححه من أجل هذه الشواهد والله أعلم. إرواء الغليل (٦/٢٣٨). باختصار..

٢٨ تخريج الحديث: مسند البزار (٨/١١١) حديث رقم (٣١١١)، سنن البيهقي كتاب النكاح / باب لا نكاح إلا بولي (١٠/٣٠٠) حديث رقم (١٣٩٢٦)، سنن الدارقطني كتاب النكاح (٣/٢٢٠) رقم (٨)، مستدرك الحاكم (٢/١٨٤) حديث رقم (٢٧١).
ترجمة رجال الإسناد:
البزار: ثقة تقدم. انظر ص (١٤٨).
محمد بن موسى بن نفيع الحرشي – بفتح المهملة والراء ثم شين معجمه – لين، من العاشرة، مات سنة ثمان وأربعين ومائتين. التقريب (٦٥٩٢)، انظر الأنساب للسمعاني (٢/٢٠٢).
يزيد بن زريع – بتقديم الزاي – مصغر، البصري – أبو معاوية، ثقة ثبت من الثامنة، مات سنة اثنتين وثمانين. التقريب (٧٩٩٢).
شعبه بن الحجاج: ثقة تقدم. انظر ص (١٣٣). قال شعبة: قد كفيتكم تدليس ثلاثة وذكر منهم أبي إسحاق السبيعي. طبقات المدلسين ص (٥٨).
أبو بردة: ثقة تقدم. انظر ص (١٤٨).
الحكم: إسناده صحيح.
وقد تقدم في الحديث السابق الحكم على الحديث: بأنه يرتقي إلى الحسن لغيره بشواهد. انظر ص (١٤٨).
.

٢٩ تخريج الأثر: الموطأ للإمام مالك (٢/٥٢٥)، سنن البيهقي الكبرى (٧/١١١) الأثر رقم (١٣٤١٨)، وبداية المجتهد لأبي الوليد القرطبي (٢/١٠).
ترجمة رجال الإسناد:
ابن وهب: ثقة، تقدم. انظر ص (١٤٦).
عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري مولاهم، المصري، أبو أيوب، ثقة فقيه، حافظ، من السابعة مات قديما قبل الخمسين ومائة. التقريب (٥١٦٦).
بكير بن عبد الله بن الأشج، مولى بني مخزوم، أبو عبد الله أو أبو يوسف المدني، نزيل مصر، ثقة من الخامسة، مات سنة عشرين وقيل بعدها. التقريب (٨٠٦).
سعيد بن المسيب بن مزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار، من كبار الثانية اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل، مات بعد التسعين. التقريب (٢٤٧٠).
الحكم: إسناده صحيح.
.

٣٠ تخريج الأثر: مسند الشافعي (١/٢٩٠) سنن البيهقي الكبرى (٧/١١١) الأثر رقم (١٣٤١٦، ترجمة رجال الإسناد:
سفيان بن عيينة: بن أبي عمران، أبو محمد الكوفي، ثم المكي، ثقة، فقيه، إمام، حجة، إلا أنه تغير حفظه بآخره وكان ربما دلس، لكن الثقات من رؤوس الطبقة الثامنة، وكتن أثبت الناس في عمرو بن دينار، مات سنة ثمان وتسعين وله إحدى وتسعون سنة. التقريب (٢٥٢٥).
عمرو بن دينار المكي: أبو محمد الأثرم، الجمجي، مولاهم، ثقة ثبت من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومائة انظر التقريب (٥١٨٨).
عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي، أبو محمد المدني، ثقة من الثالثة. التقريب (٣٩٨٩).
الحكم: إسناده صحيح..

٣١ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/١٩٨)، مصنف ابن أبي شيبة (٣/٤٥٦)، مسند الشافعي (١/٢٩٠)، سنن البيهقي الكبرى (٣/١١١) الأثر رقم (١٣٤١٧)، ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة تقدم. انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: ثقة ولكنه يدلس ويرسل. انظر ص (١٤٦) وقد ذكره بالإخبار قال ابن حجر: قال الأثرم عن أحمد: إذا قال ابن جريج (قال فلان) و(قال فلان) و(أخبرت) جاء بمناكير، وإذا قال: (أخبرني) و(سمعت) فحسبك به، وقال العجلي: مكي ثقة. التهذيب (٢/٦١٧).
عبد الحميد بن جبير بن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدري، الحجبي المكي، ثقة، من الخامسة. التقريب (٣٨٦٠). قال ابن حجر: ذكره خليفة في الطبقة الثالثة من أهل مكة. التهذيب (٢/٤٧٣).
عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي، ثقة، من الثالثة مات بعد عطاء. التقريب (٤٨٠٧).
الحكم: إسناده صحيح..

٣٢ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٢٠٠)، ومسند الشافعي (١/٢٩١)، سنن البيهقي الكبى (٧/١١٢) الأثر رقم (١٣٤٢٩)..
٣٣ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٣/٤٥٨)، معتصر المختصر لأبي المحاسن (١/٢٨٤).
حماد بن سلمة: بن دينار البصري، أبو سلمة، ثقة، عابد، أثبت الناس في ثابت وتغير في حفظه من كبار الثامنه. التقريب (١٥٥٨).
بن أبي تميمة – كيسان السختياني – بفتح المهملة بعدها معجمة ثم مثناة ثم تحتانية وبعد الألف نون – أبو بكر البصري ثقة، ثبت حجة، من كبار الفقهاء العباد، من الخامسة، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة. التقريب (٦٤٧).
محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر ابن أبي عمرة البصري، ثقة، ثبت، عابد، كبير القدر، كان لا يرى الرواية بالمعنى، من الثالثة، مات سنة عشر ومائة. التقريب (٦١٨٧).
الحكم: إسناده صحيح.
.

٣٤ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٢٠٠).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم، انظر ص (١٥٣).
عبيد بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري، المدني، أبو عثمان، ثقة، ثبت قدمه أحمد بن صالح على مالك في نافع، وقدمه ابن معين في القاسم عن عائشة – رضي الله عنها – على الزهري عن عروة عنها، من الخامسة مات سنة بضع وأربعين. التقريب (٤٤٥٦).
نافع، أبو عبد الله المدني، مولى ابن عمر، ثقة، ثبت فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة سبع. التقريب (٧٣٦٦).
الحكم: إسناده صحيح..

٣٥ المصنف لابن أبي شيبة (٣/٤٧٣)، المغني لابن قدامة (٧/٦).
٣٦ المصنف لابن أبي شيبة (٣/٤٧٣)، المغني لابن قدامة (٧/٦)
.

٣٧ المصنف لابن أبي شيبة (٣/٤٧٣)، المغني لابن قدامة (٧/٦)
.

٣٨ المصنف لابن أبي شيبة (٣/٤٧٣)، المغني لابن قدامة (٧/٦)
.

٣٩ المصنف لابن أبي شيبة (٣/٤٧٣)، المغني لابن قدامة (٧/٦)
.

٤٠ المصنف لابن أبي شيبة (٣/٤٧٣)، المغني لابن قدامة (٧/٦)
.

٤١ المغني لابن قدامة (٧/٦)..
٤٢ المغني لابن قدامة (٧/٦)..
٤٣ المغني لابن قدامة (٧/٦)..
٤٤ المغني لابن قدامة (٧/٦)..
٤٥ المغني لابن قدامة (٧/٦)..
٤٦ الأم للشافعي (٥/١٨٢)، أسنى المطالب للأنصاري (٣/١٢٧)..
٤٧ المحلى لابن حزم (٩/١٩-٢٦) باختصار..
٤٨ الإنصاف للمرداوي (٨/٦٧)، شرح منتهى الإرادات للبهوتي (٢/٦٣٨)..
قال تعالى :﴿ ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ﴾١ وفيها خمس مسائل.
[ ١٤ ] : المسألة الأولى : سبب نزول الآية.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى- :
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا زهير بن حرب ثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا حماد بن سلمة أرنا٢ ثابت هو البناني عن أنس بن مالك «أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة لم يواكلوها ولم يجامعوهن في البييوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله تعالى :﴿ ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ﴾ إلى آخر الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " »٣.
فكان هذا الخبر بصحته وبيان أنه كان إثر نزول الآية. ٤
[ ١٥ ] : المسألة الثانية : المراد بالمحيض في قوله تعالى :
﴿ فاعتزلوا النساء في المحيض ﴾
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى- :
روينا عن طريق مسلم نا زهير بن حرب نا عبد الرحمن بن مهدي نا حماد بن سلمة أرنا٥ ثابت هو البناني عن أنس بن مالك فذكر حديثا وفيه فأنزل الله تعالى :﴿ ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ﴾٦ إلى آخر الآية : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " ٧.
قال أبو محمد : فهذا خبر في غاية الصحة، وهو بيان للآية، بين عليه الصلاة والسلام إثر نزولها مراد ربه تعالى فيها، وصح بهذا قول من قال من العلماء : إن معنى قوله عز وجل :﴿ في المحيض ﴾ إنما هو موضع الحيض – ولا شك في هذا – لأنه عليه الصلاة والسلام بين مراد ربه تعالى في الآية ولم ينسخها. قال الله عز وجل ﴿ لتبين للناس ما نزل إليهم ﴾٨. ٩
[ ١٦ ] : المسألة الثالثة : ما الذي يجب اعتزاله من المرأة حالة الحيض ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى- :
وحلال للرجل من امرأته الحائض كل شيء حاش الإيلاج فقط.
ذهبت طائفة إلى مثل قولنا : كما نا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي نا أبو الوليد الطيالسي نا الليث بن سعد عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب عن حكيم بن عقال سألت أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – ما يحرم على الرجل من امرأته إذا كان صائما ؟ قالت فرجها، قلت فما يحرم عليه منها إذا كانت حائضا ؟ قالت فرجها١٠.
وهو قول أم سلمة أم المؤمنين١١.
ومن طريق حماد بن سلمة عن عبيد الله بن محمد بن عقيل١٢ عن ابن عباس قال للرجل من امرأته وهي حائض : كل شيء إلا مخرج الدم١٣
ومن طريق وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال : يباشر الرجل الحائض إذا كف عنها الأذى١٤.
ومن طريق وكيع عن مالك بن مغول عن عطاء بن أبي رباح : أنه قال في الحائض : لا بأس أن يأتيها زوجها فيما دون الدم١٥.
ومن طريق وكيع عن عطاء بن أبي رباح عن الحكم بن عتيبة أنه قال في الحائض : لا بأس أن يضع الرجل فرجه عليه ما لم يدخله – يعني على فرجها -١٦.
وبه إلى وكيع عن الربيع عن الحسن : أنه كان لا يرى بأسا أن يقلب بين فخذي الحائض١٧.
وهو قول مسروق١٨، وإبراهيم النخعي١٩، وسفيان الثوري٢٠، ومحمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة٢١، وأبي سليمان٢٢ وجميع أصحابنا٢٣ – وهو المشهور عن الشافعي-٢٤.
قال أبو محمد : قد بينا سقوط جميع الأقوال التي قدمنا إلا هذا القول، وقول من تعلق بالآية٢٥. فنظرنا في هذا القول فوجدنا ما روينا من طريق مسلم نا زهير بن حرب نا عبد الرحمن بن مهدي نا حماد بن سلمة أرنا٢٦ ثابت – وهو البناني – عن أنس بن مالك، فذكر حديثا وفيه فأنزل الله تعالى ﴿ ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ﴾٢٧ إلى آخر الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " ٢٨.
قال أبو محمد : فهذا خبر في غاية الصحة وهو بيان للآية بين عليه الصلاة والسلام إثر نزولها مراد ربه تعالى فيها. وصح بهذا قول من قال من العلماء : إن معنى قوله عز وجل ﴿ في المحيض ﴾ إنما هو موضع الحيض ولا شك في هذا لأنه عليه الصلاة والسلام بين مراد ربه تعالى في الآية ولم ينسخها قال الله عز وجل ﴿ لتبين للناس ما نزل إليهم ﴾٢٩.
وبالله تعالى التوفيق٣٠.
[ ١٧ ] : المسألة الرابعة : المراد بالطهر في قوله تعالى :﴿ حتى يطهرن ﴾ ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى- : وأما وطء زوجها أو سيدها لها إذا رأت الطهر فلا يحل إلا بأن تغسل جميع رأسها وجسدها بالماء أو بأن تتيمم إن كانت من أهل التيمم، فإن لم تفعل فبأن تتوضأ وضوء الصلاة أو تتيمم إن كانت من أهل التيمم، فإن لم تفعل فبأن تغسل فرجها بالماء ولابد، أي هذه الوجوه الأربعة فعلت حل له وطؤها.
برهان ذلك قول الله تعالى ﴿ ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ﴾٣١.
فقوله ﴿ حتى يطهرن ﴾ معناه حتى يحصل لهن الطهر الذي هو عدم الحيض وقوله تعالى ﴿ فإذا تطهرن ﴾ هو صفة فعلهن وكل ما ذكرنا يسمى في الشريعة وفي اللغة تطهرا وطهورا وطهرا فأي ذلك فعلت فقد تطهرت : قال تعالى ﴿ فيه رجال يحبون أن يتطهروا ﴾٣٢ فجاء النص والإجماع بأنه غسل الفرج والدبر بالماء وقال عليه الصلاة والسلام ( وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا )٣٣ فصح أن التيمم للجنابة وللحدث طهور. وقال تعالى ﴿ وإن كنتم جنبا فاطهروا ﴾٣٤ وقال صلى الله عليه وسلم " لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ " ٣٥ يعني الوضوء.
ومن اقتصر بقوله تعالى ﴿ فإذا تطهرن ﴾ على غسل الرأس والجسد كله دون الوضوء والتيمم ودون غسل الفرج بالماء فقد قفا ما لا علم له به وادعى أن الله تعالى أراد بعض ما يقع عليه كلامه بلا برهان من الله تعالى.
قال علي : وممن قال بقولنا في هذه المسألة عطاء٣٦، وطاووس٣٧، ومجاهد٣٨، وهو قول أصحابنا٣٩. ٤٠
[ ١٨ ] : المسألة الخامسة : حكم إيتان المرأة بعد الحيض ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – وفرض على الرجل أن يجامع امرأته التي هي زوجته، وأدنى ذلك مرة في كل طهر – إن قدر على ذلك – وإلا فهو عاص لله تعالى.
برهان ذلك قول الله تعالى ﴿ فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ﴾٤١.
وروينا من طريق أبي عبيد نا يزيد بن محمد بن إسحاق٤٢ عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : إنا لنسير مع عمر بن الخطاب بالدف٤٣ من جمدان٤٤ إذ عرضت له امرأة من خزاعة شابة فقالت : يا أمير المؤمنين إني امرأة أحب ما تحب النساء من الولد وغيره، ولي زوج شيخ، ووالله ما برحنا حتى نظرنا إليه يهوي شيخ كبير، فقال لعمر : يا أمير المؤمنين إني لمحسن إليها وما آلوها ؟ فقال له عمر : أتقيم لها طهرها ؟ فقال : نعم، فقال لها عمر انطلقي مع زوجك، والله إن فيه لما يجزي، أو قال يغني المرأة المسلمة٤٥.
قال أبو محمد : ويجبر على ذلك من أبى بالأدب، لأنه أتى منكرا من العمل ؟
ومن طريق البزار نا محمد بن بشار نا جعفر بن عون نا أبو العميس - هو عتبة بن عبد الله بن مسعود – عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه : أن سلمان الفارسي قال لأبي الدرداء ( إن لجسدك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، أعط كل ذي حق حقه : صم، وأفطر، وقم، ونم، وأت أهلك ) فأخبر أبو الدرداء بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل قول سلمان٤٦. ٤٧
١ سورة البقرة: آية ٢٢٢..
٢ أي (أخبرنا)، قال ابن جماعة: غلب على كتبة الحديث الاقتصار على الرمز في حدثنا وأخبرنا وشاع بحيث لا يخفى فيكتبون من حدثنا: (ثنا) أو (دنا)، ومن أخبرنا: (أنا) أو (أرنا) أو (رنا).
المنهل الروي ص (٩٦)..

٣ تخريج الحديث: صحيح مسلم كتاب الحيض/ باب قوله تعالى ﴿ويسألونك عن المحيض﴾ (١/٢٤٦) حديث رقم (٣٠٢).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الله بن يوسف بن ناحي بن يوسف بن أبيض الرهوني، أبو محمد، من أهل قرطبة، روى عن أحمد بن فتح، وكان رجلا صالحا، خيرا، فاضلا، مات سنة خمسة وثلاثين وأربعة مائة. الصلة لابن بشكوال (١/٢٦٢)، جذوة المقتبس للحميدي (٢٣٦).
أحمد بن فتح بن عبد الله بن علي القرطبي، المعروف بابن الرسان، حمل صحيح مسلم عن أبي العلاء عبد الوهاب بن عيسى بن ماهان، مات سنة ثلاث وأربع مائة. السير للذهبي (١٧/٢٠٥)، الصلة لابن بشكوال (١/٣١).
عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الوهاب بن عيسى بن ماهان، أبو العلاء البغدادي، ثم المصري روى عنه أحمد بن فتح، وحدث بمصر بصحيح مسلم عن أبي بكر أحمد بن محمد الأشقر، وثقه الدارقطني، مات سنة ثمانية وثمانين وثلاث مائة. العبر (٣/٣٩) انظر حسن المحاضرة للسيوطي (١/٣٧)، والسير للذهبي (١٦/٥٣٥).
أحمد بن محمد بن يحي الأشقر الشافعي، ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام في سنة تسعة وخمسين وثلاث مئة وقال: شيخ أهل الكلام في عصره بنيسابور، وقال الحاكم: صدوق في الحديث، تاريخ الإسلام للذهبي (١٨٩).
أحمد بن علي بن الحسن بن المغيرة بن عبد الرحمن القلانسي، وقعت روايته عن مسلم عند المغاربة، ولا يوجد له ذكر عند غيرهم، دخلت روايته إليهم من مصر على يدي من رحل منهم إلى جهة المشرق كأبي عبد الله محمد بن يحيى الحذاء التميمي القرطبي وغيره. صيانة صحيح مسلم (١/١١١)، عالم بالفقه، مات سنة إحدى وستين. التقريب (٦٨٩٤).
والبقية رجال مسلم كلهم ثقات..

٤ المحلى لابن حزم (١/٣٩٨)، انظر المحلى (٩/٢٣٦)..
٥ أي (أخبرنا) انظر المنهل الروي لاين جماعة ص (٩٦)..
٦ سورة البقرة: من آية ٢٢٢..
٧ سبق تخريجه. انظر ص (١٥٦)..
٨ سورة النحل: من آية ٤٤..
٩ المحلى لابن حزم (٩/٢٣٦)، وانظر المحلى لابن حزم (١/٣٩٩)..
١٠ تخريج الأثر: سنن البيهقي الكبرى (١/٣١٤) حديث رقم (١٤٠٣)، شرح معاني الآثار للطحاوي (٣/٣٨)، التمهيد لابن عبد البر (٣/١٧٣).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الله بن الربيع بن عبد الله التميمي، أبو محمد، سكن قرطبة وروى عن ابن حزم. جذوة المقتبس للحميدي (٢٣٠)، بقية الملتمس للضبي (٩٣٢).
محمد بن معاوية أبو بكر القرشي، المعروف بابن الأحمر، كان مكثرا، ثقة، جليلا، وهو أول من أدخل الأندلس مصنف ابن شعيب النسوي وحدث به. جذوة المقتبس ص (٧٩).
أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي: مسند عصره بالبصرة يروي عن القنعبي ومسلم بن إبراهيم والكبار، تأخر إلى سنة خمس وثلاثمائة ورحل إليه من الأقطار. الميزان للذهبي (٣/٣٥٠).
أبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك الباهلي مولاهم، ثقة، ثبت، من التاسعة، مات سنة سبع وعشرين. التقريب (٧٥٨٠).
الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث المصري، ثقة، ثبت، فقيه، إمام مشهور، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين. التقريب (٥٨٨٠).
بكير بن عبد الله بن الأشج مولى بني مخزوم أبو عبد الله أو أبو يوسف المدني، ثثقة من الخامسة، مات سنة عشرين وقيل بعدها. التقريب (٨٠٦).
أبو مرة يزيد مولى عقيل بن أبي طالب، ويقال مولى أخته أم هاني، مدني مشهور بكنيته، ثقة من الثالثة. التقريب (٨٠٧٦).
حكيم بن عقال القرشي يروي عن ابن عمر، وروى عنه قتادة، سمع عثمان، ذكره ابن حبان في الثقات (٤/١٦١).
الحكم: إسناده صحيح..

١١ انظر مصنف أبي شيبة (٣/٣٦٧)..
١٢ عبيد الله بن محمد بن عقيل: لعله عبد الله بن محمد بن عقيل لأن
ولد محمد بن عقيل هو عبد الله وعبد الرحمن. جمهرة أنساب العرب لابن حزم (٦٩).
أنه من شيوخ حماد بن سلمة وذكره ابن سعد في الطبقة الرابعة من أهل المدينة. تهذيب التهذيب (٢/٤٢٤)..

١٣ تخريج الأثر: جامع البيان للطبري (٤/٣٧٩)، تفسير ابن أبي حاتم (٢/٤٠١)..
ترجمة رجال الإسناد:
حماد بن سلمة بن دينار البصري، أبو سلمة، ثقة، عابد، أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بآخره، من كبار الثامنة، مات سنة سبع وستين. التقريب (١٥٥٨).
عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد المدني، أمه زينب بنت علي، صدوق في حديثه لين ويقال تغير بآخره من الرابعة، مات بعد الأربعين. التقريب (٣٦٨٧).
الحكم: إسناده عبد الرزاق ضعيف..

١٤ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٣/٣٦٦)، جامع البيان للطبري (٤/٣٨٠)، سنن الدارمي (١/٢٥٩).
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع بن الجراح بن قليع الرؤاسي – بضم الراء وهمزة ثم مهملة – أبو سفيان الكوفي، ثقة، حافظ، عابد، من كبار التاسعة، مات في آخر سنة ست وأول سنة سبع. التقريب (٧٦٩٥).
إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي مولاهم، البجلي، ثقة، ثبت من الرابعة، مات سنة ست وأربعين. التقريب (٤٧٣).
عامر بن شراحيل الشعبي – بفتح المعجمة – أبو عمرو، ثقة مشهور، فقيه، فاضل من الثامنة، قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، مات بعد المائة. التقريب (٣١٧٥).
الحكم: إسناد عبد الرزاق صحيح..

١٥ تخريج الأثر: سنن الدارمي (١/٢٥٩).
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع: ثقة تقدم في تخريج رقم (٣) من الصفحة.
مالك بن مغول – بكسر أوله وسكون المعجمة وفتح الواو – الكوفي أبو عبد الله، ثقة، ثبت من السابعة، مات سنة تسع وخمسين على الصحيح. التقريب (٦٧١٤).
عطاء بن أبي رباح – بفتح الراء والموحدة – واسم أبي رباح أسلم القرشي، مولاهم المكي، ثقة فقيه، فاضل لكنه كثير الإرسال من الثالثة، مات سنة أربع عشرة على المشهور وقيل إنه تغير بآخره ولم يكثر ذلك عنه. التقريب (٤٧٢٧).
الحكم: إسناده صحيح..

١٦ تخريج الأثر: له متابعة من طريق سفيان بن غيلان عن الحكم بن عتيبة. مصنف ابن أبي شيبة (٣/٣٦٦).
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع: ثقة تقدم. انظر ص (١٦٧).
عطاء بن أبي رباح: ثقة تقدم.
الحكم بن عتيبة – بالمثناة ثم الموحدة – مصغرا، أبو محمد الكندي الكوفي، ثقة، ثبت، فقيه، إلا أنه ربما دلس من الخامسة مات سنة ثلاث عشرة أو بعدها. التقريب (١٥١١).
الحكم: إسناده صحيح..

١٧ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٣/٣٦٧)، الدر المنثور للسيوطي (١/٢٦٠)، تفسير الحسن (١/١٥٢).
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع: ثقة، تقدم. انظر ص (١٦٧).
الربي بن صبيح – بفتح المهملة – السعدي البصري، صدوق، سيئ الحفظ، وكان عابد، مجاهدا، من السابعة، مات سنة ستين. التقريب (١٩٥٧).
الحسن: ثقة تقدم. انظر ص (١١١).
الحكم: إسناده ضعيف..

١٨ جامع البيان للطبري (٤/٣٧٨)، الدر المنثور للسيوطي (١/٢٦٠)..
١٩ الأوسط للنيسابوري (٢/٢٠٨)..
٢٠ المغني لابن قدامه (١/٢٠٤)، الأوسط للنيسابوري (٢/٢٠٧)..
٢١ شرح معاني الأثار للطحاوي (٣/٤٠)، المنتقى شرح الموطأ للباجي (١/١١٨)، شرح الزرقاني (١/١٦٩)..
٢٢ المحلى (١/٣٩٩)..
٢٣ المحلى لابن حزم (١/٣٩٩)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/٥٨)..
٢٤ الأم للشافعي (١/٥٩)، المجموع للنووي (٢/٣٦٢)، الجامع الصغير للسيوطي (١/٧٢)..
٢٥ المراد به: قول ابن عباس أنه كان يعتزل فراش امرأته إذا حاضت. جامع البيان للطبري (٤/٣٧٦) الأثر (٤٢٤٠)..
٢٦ أي أخبرنا. انظر المنهل الروي لابن جماعة ص (٩٦)..
٢٧ سورة البقرة: من آية ٢٢٢..
٢٨ سبق تخريجه في ص (١٥٦)..
٢٩ سورة النحل: من آية ٤٤..
٣٠ المحلى (٩/٢٣١/٢٣٦) باختصار، وانظر المحلى (١/٣٩٥-٤٠٠)..
٣١ سورة البقرة: من آية ٢٢٢..
٣٢ سورة التوبة: من آية ١٠٨..
٣٣ أخرجه البخاري في صحيفة كتاب الصلاة باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" (١/١٦٨)..
٣٤ سورة المائدة: من آية ٦..
٣٥ أخرجه ابن حبان في صحيحه باب شروط الصلاة (٤/٦٠٤)..
٣٦ انظر مصنف ابن أبي شيبة (١/١٢١)..
٣٧ انظر مصنف ابن أبي شيبة (١/١٢١)..
٣٨ انظر مصنف ابن أبي شيبة (١/١٢١)..
٣٩ المجموع شرح المهذب للنووي (٢/٣٩٨)..
٤٠ المحلى (١/٣٩١-٣٩٢) باختصار، انظر المحلى (٩/٢٣٨)، والإحكام (٢/٤٥٥)..
٤١ سورة البقرة: من آية ٢٢٢..
٤٢ يزيد بن محمد بن إسحاق لعله يزيد بن هارون لأنه هو الذي يروي عن محمد بن إسحاق ويروي عنه أبو عبيد. التهذيث (٤/٤٣١). لعل كلمة (بن محمد بن إسحاق) التي بعد يزيد زائدة من النساخ..
٤٣ الدف موضع في جمدان من نواحي المدينة ناحية عسفان. معجم البلدان (٢/٤٥٨)..
٤٤ جمدان: - بضم أوله وبالدال المهملة على بناء فعلان – جبل بالحجاز بين قديد وعسفان من منازل بني سليم قال مالك بن الريب:
سرت في دجى ليل فأصبح دونها مشارف جمدان الشريف فغرب
معجم البلدان (٢/١٦١)، ومعجم ما استعجم للبكري (١/٣٩١)..

٤٥ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٧/١٥٠) حديث (١٢٥٩٠). بمعناه وأيضا الدر المنثور (١/٢٧٤). بمعناه ترجمة رجال الإسناد:
أبو عبيد القاسم بن سلام بالتشديد، البغدادي، الإمام المشهور، ثقة، فاضل، مصنف من العاشرة، مات سنة أربع وعشرين. التقريب (٥٦٥٠).
يزيد بن هارون بن زاذان السلمي مولاهم، أبو خالد الواسطي، ثقة، متقن، عابد من التاسعة، مات سنة ست ومائتين. التقريب (٨٠٦٨).
محمد بن إسحاق بن يسار، أبو بكر المطلبي مولاهم المدني، صدوق، يدلس، ورمي بالتشيع والقدر، من صغار الخامسة، مات سنة خمسين ومائة ويقال بعدها. التقريب (٥٩٢٩).
يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري – بتشديد التحتانية – المدني، نزيل الإسكندرية، حليف بني زهرة، ثقة، من الثامنة، مات سنة إحدى وثمانين. التقريب (٨١٠٣).
عبد الله بن عامر بن ربيعة، العنزي، حليف بني عدي أبو محمد المدني، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولأبيه صحبة مشهورة، ووثقه العجلي، مات سنة بضع وثمانين، التقريب (٣٤٩١).
الحكم: إسناده ضعيف..

٤٦ تخريج الحديث: صحيح البخاري بشرح فتح الباري كتاب الصوم/ باب من أقسم على أخبه ليفطر في التطوع (٢/٦٩٦) حديث (١٨٦٧)، وفي كتاب الأدب/ باب صنع الطعام والتكلف للضيف (٥/٢٢٧٣) حديث رقم (٥٧٨٨)، وسنن البيهقي كتاب الصيام باب التطوع والخروج منه قبل تمامه (٦/٣٣٩) حديث رقم (٨٤٢٩)، والمعجم الكبير للطبراني كتاب الواو / باب وهب بن عبد الله أبو جحيفة السوائي (٢٢/١١٢) حديث رقم (٢٨٥).
ترجمة رجال الإسناد:
البزار: ثقة تقدم. انظر ص (١٤٨).
محمد بن بشار بندار: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٣).
جعفر بن عون بن جعفر بن عمرو بن حريث المخزومي، صدوق، من التاسعة، مات سنة ست، وقيل سبع ومائتين، ومولده سنة عشرين وقيل سنة ثلاثين. التقريب (٩٩١).
عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي، أبو العميس – بمهملتين – مصغر – المسعودي، الكوفي، ثقة، من السابعة. التقريب (٤٥٦٦).
عون بن أبي جحيفة السوائي – بضم المهملة – الكوفي، ثقة، من الرابعة، مات سنة ستة عشرة. التقريب (٤٥٠٩).
وهب بن عبد الله السوائي – بضم المهملة والمد – ويقال اسم أبيه وهب أيضا أبو جحيفه، مشهور بكنية ويقال له وهب الخير، صحابي معروف وصحب عليا، ومات سنة أربع وسبعين. التقريب (٧٧٦٠).
الحكم: إسناده حسن يرتقي بشواهده إلى الصحيح لغيره..

٤٧ المحلى (٩/١٧٤-١٧٥) باختصار، انظر الإحكام (٢/٣٤٢-٣٤٣)..
قال تعالى :﴿ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين ﴾١ وفيها مسألة واحدة.
[ ١٩ ] : المسألة : رأيه التفسيري في قوله تعالى ﴿ أنى شئتم ﴾
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى- :
لا يحل الوطء في الدبر أصلا، لا في امرأة ولا غيرها – أما ما عدا النساء فإجماع متيقن. وأما في النساء ففيه اختلاف : اختلف فيه عن ابن عمر، وعن نافع، كما روينا عن طريق أحمد بن شعيب أرنا٢ الربيع بن سليمان بن داود نا أصبغ بن الفرج ثنا عن الرحمن بن القاسم قال : قلت لمالك : إن عندنا بمصر الليث بن سعد يحدث عن الحارث بن يعقوب عن سعيد بن يسار قال : قلت لابن عمر : إنا نشتري الجواري فنحمض لهن، قال : وما التحميض ؟ قال : نأتيهن في أدبارهن ! قال ابن عمر أف أف أف أو يعمل هذا مسلم ؟ فقال لي مالك : فأشهد على ربيعة لحدثني عن سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر فقال : لا بأس به٣.
ومن طريق أحمد بن شعيب أخبرني علي بن عثمان بن محمد بن سعيد بن عبد الله ابن نفيل نا سعيد بن عيسى حدثني الفضل نا عبد الله بن سليمان عن كعب بن علقمة عن أبي النضر أنه أخبره : أنه قال لنافع مولى ابن عمر : قد أكثر عليك القول أنك تقول عن ابن عمر أنه أفتى بأن يؤتى النساء في أدبارهن ؟ فقال نافع : لقد كذبوا علي٤.
وذكروا في ذلك أحاديث لو صحت لجاءنا ما ينسخها – على ما نذكره إن شاء الله عز وجل – واحتجوا بقول الله تعالى ﴿ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ﴾٥.
قال أبو محمد : وهذا لا حجة لهم فيه لأن ( أنى )٦ في لغة العرب التي نزل بها القرآن إنما هي بمعنى ( من أين ) لا بمعنى : أين، فإن كان كذلك فإنما معناه ( من أين شئتم ) قال الله عز وجل ﴿ يا مريم أنى لك هذا ﴾٧ وقالوا : لو حرم من المرأة شيء لحرم جميعها ؟
قال أبو محمد : هذا كما قالوا لو لم يأت نص بتحريمه ؟ وقالوا : وطء المجموعة٨ جائز وربما مال الذكر إلى الدبر ؟ قال علي : إذا لم يتمكن من وطء المجموعة إلا بالإيلاج في الدبر فوطئها حرام.
قال أبو محمد : فنظرنا في ذلك ؟ فوجدنا ما حدثناه أحمد بن محمد بن الجسور وعبد الله ابن ربيع قال أحمد : نا وهب بن مسرة نا ابن وضاح نا أبو بكر بن أبي شيبة وقال عبد الله : نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب نا عبد الله بن سعيد أبو سعيد الأشج، ثم اتفق الأشج وابن أبي شيبة، قالا جميعا : نا أبو خالد الأحمر عن الضحاك بن عثمان عن محزمة بن سليمان عن كريب عن بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في دبر " هذا لفظ رواية عبد الله بن ربيع ورواية أحمد ( في دبرها ) لم يختلفا في غير ذلك٩.
وبه إلى أحمد بن شعيب أنا محمد بن منصور نا سفيان هو الثوري حدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن " ١٠.
قال أبو محمد : وهذان خبران صحيحان تقوم الحجة بهما، ولو صح خبر في إباحة ذلك لكان هذان الخبران ناسفين له، لأن الأصل أن كل شيء مباح حتى يأتي تحريمه، فهذان الخبران وردا بما فصل الله عز وجل تحريمه لنا.
وقد جاء تحريم ذلك عن أبي هريرة١١، وعلي بن أبي طالب١٢، وأبي الدرداء١٣، وابن عباس١٤، وسعيد بن المسيب١٥، وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف١٦، وطاووس١٧، ومجاهد١٨، وهو قول أبي حنيفة١٩، والشافعي٢٠، وسفيان الثوري٢١، وغيرهم.
وما رويت إباحة ذلك عن أحد إلا ابن عمر وحده باختلاف عنه٢٢، وعن نافع باختلاف عنه٢٣ وعن مالك باختلاف عنه٢٤. ٢٥
١ سورة البقرة: آية ٢٢٣..
٢ أي (أخبرنا) انظر المنثل الروي لابن جماعة ص (٩٦)..
٣ تخريج الأثر: سنن الدارمي / إتيان النساء في أدبارهن (١/٢٧٧) الأثر (١١٤٣)، والسنن الكبرى للنسائي آداب إتيان النساء (٥/٣١٦) الأثر رقم (٨٩٧٩)، ومعتصر المختصر لأب المحاسن في باب إتيان دبر النساء (١/٣٠٣).
ترجمة رجال الإسناد:
أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار أبو عبد الرحمن النسائي، الحافظ صاحب السنن، مات سنة ثلاثة وثلاثمائة. التقريب (٥١).
الربيع بن سليمان بن داود الجيزي، أبو محمد الأزدي، المصري، الأعرج، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة ست وخمسين، التقريب (١٩٥٥).
أصبغ بن الفرج ثقة، تقدم. انظر ص (١٧١).
عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي – بضم المهملة وفتح المثناة بعدها قاف – أبو عبد الله، المصري، الفقيه صاحب مالك، ثقة من كبار العاشرة، مات سنة إحدى وتسعين التقريب (٤٠٩٢).
الليث بن سعد: ثقة تقدم: انظر ص (١٦٦).
الحارث بن يعقوب الأنصاري مولاهم، المصري، والد عمرو، ثقة، عابد من الخامسة، مات سنة ثلاثين ومائة. التقريب (١١٠٥).
سعيد بن يسار: أبو الحباب – بضم المهملة وموحدتين – المدني، اختلف في ولائه لمن هو وقيل سعيد بن مرجانة ولا يصح، ثقة متقن، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة وقيل قبلها بسنة. التقريب (٢٤٩٧)
الحكم: إسناده صحيح.
قال ابن كثير: (فكل ما ورد عنه – أي ابن عمر- مما يحتمل فهو مردود إلى هذا الحكم منه بلفظه) تفسير القرآن العظيم (١/٢٧٢)..

٤ تخريج الأثر: سنن النسائي الكبرى باب آداب إتيان النساء (٥/٣١٥) الأثر رقم (٨٩٧٨)، قال ابن كثير بعد أن عزاه للنسائي: وهذا إسناد صحيح. تفسير القرآن العظيم (١/٢٦٩)، معتصر المختصر لأبي المحاسن باب إتيان دبر النساء (١/٣٠٢.
ترجمة رجال الإسناد:
أحمد بن شعيب: ثقة تقدم. انظر ص (١٨٢).
علي بن عثمان بن محمد بن سعيد بن عبد الله بن نفيل – النفيلي – بنون وفاء مصغر، الحراني، لا بأس به، من الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وسبعين. التقريب (٤٩١٨).
سعيد بن عيسى بن تليد – بفتح المثناة وكسر اللام – الرعيني القتباني – بكسر القاف وسكون المثناة بعدها موحدة – ثقة، ففيه، من قدماء العاشرة، مات سنة تسع عشر. التقريب (٢٤١٥).
الفضل بن فضالة بن عبيد بن ثمامة القتباني – بكسر القاف وسكون المثناة بعدها موحدة – المصري، أبو معاوية القاضي، ثقة، فاضل، عابد، من الثامنة، مات سنة إحدى وثمانين. التقريب (٧١٣٦).
عبد الله بن سليمان بن زرعة الجميري، أبو حمزة البصري، الطويل، صدوق، يخطئ من السادسة، مات سنة ست وثلاثين. التقريب (٥٨٣٨).
أبو النضر: سالم بن أبي أمية، مولى عمر بن عبد الله التيمي، المدني، ثقة، ثبت، وكان يرسل من الخامسة، مات سنة تسع وعشرين. التقريب (٢٢٤٣).
الحكم: إسناده ضعيف..

٥ سورة البقرة: من آية ٢٢٣..
٦ أنى: ظرف زمان لا ينصرف وهو لا يخرج عن الشرط أو الاستفهام وهي هنا بمعنى كيف، قال الراغب: هي للبحث عن الحال والمكان ولذلك قيل هو بمعنى كيف وأين لتضمنه معناهما. قال الله عز وجل ﴿أنى لك هذا﴾ أي من أي وكيف مفردات الراغب (٩٥)، وانظر عمدة الحفاظ للسمين الحلبي (١/١٣٢) باب الهمزة..
٧ سورة آل عمران: من آية ٣٧..
٨ المجموعة: التي التقى مسلكها بزوال الجلدة التي بينهما. حلية الطلبة للنسفي (٧٥)، والمغرب للمطرزي (٣٦٣) ولسان العرب (٧/٢١٢)، (١٥/١٥٧)..
٩ تخريج الحديث: مصنف ابن أبي شيبة كتاب النكاح / باب ما جاء في إتيان النساء في أدبارهن وما جاء فيه من الكراهة (٣/٣٦٤)، سنن النسائي كتاب عشرة النساء/ باب ذكر حديث ابن عباس واختلاف ألفاظ الناقلين عليه (٥/٣٢٠) حديث رقم (٩٠٠٢).
ترجمة رجال الإسناد:
أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن سعيد الحباب الجسور الأموي أبو عمر، محدث، ثقة، أديب مات سنة إحدى وأربع مئة وهو أكبر شيخ لابن حزم – رحمه الله-. السير (١٧/١٤٨). الصلة لابن بشكوال (١/٢٩).
عبد الله بن محمد بن ربيع بن عبد الله التميمي، أبو محمد، سكن قرطبة، وروى عنه ابن حزم، مات سنة خمسة عشرة وأربع مئة. جذوة المقتبس (٢٤٣).
وهب بن مسرة بن مفرج بن بكر أبو الحزم التميمي الأندلسي، الحافظ، كان رأسا في الفقه، بصيرا بالحديث ورجاله، مات سنة ست وأربعين وثلاث مئة. السير (١٥/٥٥٨).
محمد بن وضاح الأندلسي، قال ابن الفرضي له خطأ كثير وأشياء يضعفها ولا علم له بالفقه، ولا العربية، قلت: إلا أنه رأس في الحديث. المغني في الضعفاء للذهبي (٢/٦١٤).
أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان الواسطي، الأصل، فقيه، حافظ، صاحب تصانيف من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين. التقريب (٣٦٧٠).
محمد بن معاوية بن عبد الرحمن أبو بكر يعرف بابن الأحمر، كان مكثرا، ثقة، جليلا، وعلا قدره في الإسناد، مات سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، تاريخ علماء الأندلس (٣٤٧).
أحمد بن شعيب: ثقة تقدم. انظر ص (١٨٢).
عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي أبو سعيد الأشج الكوفي، ثقة، من صغار العاشرة، مات سنة سبع وخمسين. التقريب (٣٤٤١).
أبو خالد الأحمر: سليمان بن حيان الأزدي الكوفي، صدوق، يخطئ من الثامنة، مات سنة تسعين أو قبلها. التقريب (٢٦٢٣).
الضحاك ابن عثمان بن عبد الله بن خالد بن حزام الأسدي، الحزامي – بكسر أوله وبالزاي – أبو عثمان المدني، صدوق بهم، من السابعة. التقريب (٣٠٥١).
مخرمة بن سليمان الأسدي الوالبي – بكسر اللام والموحدة – المدني، ثقة، من الخامسة مات سنة ثلاثين. التقريب (٦٧٩٥).
كريب بن أبي مسلم الهاشمي، مولاهم، المدني، أبو رشدين، مولى ابن عباس، ثقة، من الثالثة مات سنة ثمان وتسعين. التقريب (٥٨٣٢).
الحكم: إسناده ضعيف..

١٠ تخريج الحديث: سنن النسائي كتاب عشرة النساء / باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر خزيمة بن ثابت في إتيان النساء في أعجازهن (٥/٣١٦) حديث رقم (٨٩٨٢)، مصنف ابن أبي شيبة كتاب النكاح / باب ما جاء في إتيان النساء في أدبارهن وما جاء فيه من الكراهة (٣/٣٦٤).
ترجمة رجال الإسناد:
أحمد بن شعيب: ثقة تقدم. انظر ص (١٨٢)
محمد بن منصور: بن داود الطوسي، نزيل بغداد أبو جعفر العابد، ثقة، من صغار العاشرة، مات سنة أربع أو ست وخمسين. التقريب (٦٥٨٠).
سفيان الثوري: ثقة تقدم. انظر ص (١٤٨)
يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، أبو عبد الله المدني، ثقة من الخامسة، مات سنة تسع وثلاثين. التقريب (٨٠١٦).
عمارة بن خزيمة بن ثابت الأنصاري الأوسي، أبو عبد اله أو أبو محمد المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة خمسين ومائة. التقريب (٤٩٩٥(.
الحكم: إسناده صحيح..

١١ مصنف ابن أبي شبية (٣/٣٦٥).
١٢ مصنف ابن أبي شيبة (٣/٣٦٥).
١٣ مصنف ابن أبي شيبة (٣/٣٦٤).
١٤ مصنف ابن أبي شيبة (٣/٣٦٤).
١٥ شرح معاني الآثار للطحاوي (٣/٤٦).
١٦ أحكام القرآن للجصاص (١/٤٢٧).
١٧ جامع البيان للطبري (٤/٣٩٩)، معاني القرآن للنحاس (١/١٨٥).
١٨ شرح معاني الآثار للطحاوي (٣/٤٧)، الجوهرة النيرة للعبادي (١/٣١)..
١٩ الأم للشافعي (٥/١٠٢)..
٢٠ معاني القرآن للنحاس (١/١٨٥)..
٢١ أورد البخاري – رحمه الله – هذه الرواية عن ابن عمر في الصحيح في تفسير الآية. وقال: (يأتيها في...) وترك بياضا، قال ابن حجر – رحمه الله-: هكذا وقع في جميع النسخ لم يذكر ما بعد الظرف وهو المجرور ووقع في الجمع بين الصحيحين للحميدي يأتيها في الفرج وهو عنده بحسب ما فهمه. الفتح (٨/٣٧)
وقال الجصاص – رحمه الله – (وقد اختلف عن ابن عمر فيه فكأنه لم يرد عنه شيء لتعارض ما روي فيه) أحكام القرآن (١/٤٢٧).
قال ابن كثير إن سالم بن عبد الله لما بلغه أن نافعا تحدث بذلك عن ابن عمر قال: كذب العبد إنما قال عبد الله: يؤتون في فروجهن من أدبارهن. ابن كثير في تفسيره (١/٢٧٢). انظر زاد المسير لابن الجوزي (١/٢١٢)..

٢٢ لما رواه النسائي عن علي بن عثمان النقلي عن سعيد بن عيسى عن الفضل بن فضالة عن عبد الله بن سليمان الطويل عن كعب بن علقمة عن أبي النضر أنه أخبره أنه قال لنافع مولى ابن عمر إنه قد أكثر عليك القول أنك تقول عن ابن عمر إنه أفتى أن توتى النساء في أدبارهن قال: كذبوا علي ولكن سأحدثك كيف كان الأمر إن ابن عمر عرض المصحف يوما وأنا عنده حتى بلغ ﴿نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم﴾ فقال يا نافع: هل تعلم أمر هذه الآية؟ قلت: لا. قال: كنا معشر قريش نجبي النساء فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن مثل ما كنا نريد فآذاهن فكرهن ذلك وأعظمنه. وكانت الأنصار قد أخذن بحال اليهود بحال اليهود إنما يؤتين على جنوبهن فأنزل الله تعالى ﴿نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم﴾ قال وهذا إسناد صحيح انظر تفسير ابن كثير (١/٢٦٩)، وقال ميمون بن مهران أيضا قال ذلك نافع يعني تحليل وطء النساء في أدبارهن بعد ما كبر وذهب عقله. أحكام القرآن للجصاص (١/٤٢٦).
٢٣ ؟؟؟؟؟.
٢٤ قال مالك: كذبوا علي؟ ألستم قوما عربا؟ ألم يقل الله تعالى ﴿نساؤكم حرث لكم﴾ وهل يكون الحرث إلا موضع المنبت. قال القرطبي – رحمه الله – ينسب هذا القول إلى مالك في كتاب السر. وحذاق أصحاب مالك ينكرون كتاب السر الذي ينسب فيه هذا الكلام. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/٦٢)، تفسير ابن كثير (١/٢٧٢)، قال ابن حجر – رحمه الله تعالى – فلعل مالك رجع عن قول الأول أو كان يرى أن العمل على خلاف حديث ابن عمر فلم يعمل به. الفتح (٨/٣٩)..
٢٥ المحلى (٩/٢٢٠)..
قال تعالى :﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم ﴾١ وفيها مسألة واحدة.
[ ٢٠ ] : المسألة : المقصود من اللغو في اليمين ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى- :
لغو اليمين٢ لا كفارة فيه ولا إثم وهو وجهان :
أحدهما : ما حلف عليه المرء – وهو لا يشك في أنه كما حلف عليه – ثم تبين له أنه بخلاف ذلك.
والثاني : ما جرى به لسان المرء في خلال كلامه بغير نية ويقول في أثناء كلامه : لا والله وأي والله.
قال الله تعالى ﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ﴾٣.
وصح من طريق معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر قال : ربما قال ابن عمر لبعض بنيه : لقد حفظت عليك في هذا المجلس أحد عشر يمينا، ولا يأمره بكفارة٤.
ومن طريق عبد الرزاق نا ابن جريج أنا عطاء أنه سمع عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – وقد سألها عبيد بن عمير عن قول الله تعالى ﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ﴾٥ قالت : هو قول الرجل لا والله وبلى والله. ٦
ومن طريق معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن عروة عن عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – قالت في اللغو : هو قول القوم يتدارؤون في الأمر يقول هذا : لا والله، وبلى والله، وكلا والله، ولا تعقد عليه قلوبهم٧.
وهو قول القاسم بن محمد٨، وعطاء٩، وإبراهيم١٠، والشعبي١١، وعكرمة١٢، ومجاهد١٣ وطاووس١٤، والحسن١٥.
والزهري١٦، وأبي قلابة١٧، ١٨ وغيرهم.
قال أبو محمد : أما قول المرء : لا والله، وأي والله، بغير نية، فأمره ظاهر لا إشكال فيه، لأنه نص القرآن. كما قالت أم المؤمنين – رضي الله عنها -.
وأما من أقسم على شيء وهو يرى ولا يشك في أنه كما حلف عليه فإنه لم يعمد الحنث ولا قصد له ولا حنث إلا على من قصد إليه وقد جاء أثر بقولنا :
روينا من طريق أبي داود السجستياني نا حميد بن مسعدة نا حسان هو ابن إبراهيم – نا إبراهيم – هو الصائغ – عن عطاء بن أبي رباح قال : اللغو في اليمين قالت عائشة – رضي الله عنها – عن النبي صلى الله عليه وسلم هو كلام الرجل في بيته : كلا والله١٩، وبلى والله، وبالله تعالى التوفيق٢٠.
١ سورة البقرة: آية ٢٢٥..
٢ اللغو: الباطل من الكلام. ومنه اللغو في الإيمان لما لا يعقد عليه القلب وقد (لغا) في الكلام (يلغو) و(يلغي) و(لغى يلغي) ومنه (فقد لغوت) ويروى (لغيت) قال الراغب: اللغو في الكلام ما لا يعتد به وهو الذي يورد لا عن رويه، ولذلك قيل لما لا يعتد به أولاد الأبل لغو. مفردات الراغب ص (٧٤٢)، انظر المغرب للمطرزي ص (٤٢٦) وعمدة الحفاظ للسمين الحلبي (٤/٢٩)، والكشاف للزمخشري (١/١٣٥)..
٣ تخريج الأثر: لم أقف عليه.
معمر: -بسكون ثانية – هو معمر بن راشد الأزدي مولاهم، أبو عروة البصري، نزيل اليمن، ثبت، فاضل، من كبار السابعة، مات سنة أربع وخمسين. التقريب (٧٠٨٧).
الزهري: ثقة تقدم. انظر ص (١١٩).
سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، أبو عمر، أو أبو عبد الله، أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتا، عابدا، فاضلا، من كبار الثالثة، مات في آخر سنة ست على الصحيح. التقريب (٢٢٥١).
الحكم: إسناده..

٤ تخريج الأثر: لم أقف عليه.
معمر: -بسكون ثانية – هو معمر بن راشد الأزدي مولاهم، أبو عروة البصري، نزيل اليمن، ثبت، فاضل، من كبار السابعة، مات سنة أربع وخمسين. التقريب (٧٠٨٧).
الزهري: ثقة تقدم. انظر ص (١١٩).
سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، أبو عمر، أو أبو عبد الله، أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتا، عابدا، فاضلا، من كبار الثالثة، مات في آخر سنة ست على الصحيح. التقريب (٢٢٥١).
الحكم: إسناده.
.

٥ سورة البقرة: من آية ٢٢٥..
٦ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق باب اللغو ما هو (٨/٤٧٤)، صحيح البخاري كتاب الإيمان / باب ﴿لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم﴾ (٦/٢٤٥٤).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة تقدم. انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي مولاهم، المكي، ثقة، فقيه، فاضل، كان يدلس ويرسل، من السادسة، مات سنة خمسين أو بعدها. التقريب (٤٣١٧)، قال الإمام أحمد: ابن جريج أثبت الناس في عطاء قال ابن جريج: لزمت عطاء سبع عشرة سنة. انظر التهذيب (٢/٦١٦).
عطاء ابن أبي رباح – بفتح الراء والموحدة – المكي، ثقة، فقيه، فاضل، لكنه كثير الإرسال، من الثالثة، مات سنة أربع عشر وقيل أنه تغير بآخره ولم يكثر ذلك منه. التقريب (٤٧٢٧).
الحكم: إسناده صحيح..

٧ تخريج الأثر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري كتاب الإيمان / باب ﴿لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم﴾(١١/٥٥٧).
ترجمة رجال الإسناد:
معمر: ثقة تقدم. انظر ص (١١٩).
الزهري: ثقة تقدم. انظر ص (١١٩).
سالم بن عبد الله بن عمر: ثقة تقدم. انظر ص (١٩٣).
الحكم: إسناده صحيح.
.

٨ تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (٢/٤٠٨)..
٩ جامع البيان لابن جرير (٤/٤٢٩)..
١٠ تفسير ابن أبي حاتم (٢/٤٠٨)..
١١ جامع البيان لابن جرير (٤/٤٣٠ – ٤٣١ – ٤٣٢)..
١٢ جامع البيان لابن جرير (٤/٤٣٠ – ٤٣١ – ٤٣٢)..
١٣ جامع البيان لابن جرير (٤/٤٣٠ – ٤٣١ – ٤٣٢)..
١٤ تفسير لابن أبي حاتم (٢/٤٠٩)..
١٥ تفسير الحسن البصري (١/١٥٥)، انظر جامع البيان لابن جرير الطبري (٤/٤٣٣)..
١٦ المغي لابن قدامة (٩/٣٩٣)..
١٧ أبو قلابة: عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي، أبو قلابة البصري، ثقة، فاضل، كثير الإرسال، قال العجلي: فيه نصب يسير، من الثالثة، مات بالشام هاربا من القضاء سنة أربع ومائة وقيل بعدها. التقريب (٣٤٢١)..
١٨ جامع البيان لابن جرير (٤/٤٣٠)..
١٩ تخريج الأثر: جامع البيان لابن جرير (٤/٤٢٩)، السنن لأبي داود باب لغو اليمين (٣/٢٢٣)، فتح الباري كتاب الإيمان / باب ﴿لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم﴾(١١/٥٥٧).
ترجمة رجال الإسناد:
أبو داود: سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد الأزدي السجستياني، أبو داود، ثقة، حافظ، مصنف السنن، من كبار العلماء من الحادية عشر، مات سنة خمس وسبعين. التقريب (٢٦٠٩).
حميد بن مسعدة بن المبارك السامي – بالمهملة – أو الباهلي، بصري، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربع وأربعين التقريب (١٦١٧).
حسان بن إبراهيم بن عبد الله الكرماني، أبو هشام العنزي – بفتح النون بعدها زاي – قاضي كرمان، صدوق، يخطئ من الثامنة، مات سنة ست وثمانين. التقريب (١٢٤٨).
إبراهيم بن ميمون الصائغ المروزي، صدوق، من السادسة، قتل سنة إحدى وثلاثين. التقريب (٢٨٢). وثقه ابن معين عون المعبود (٩/١١٣).
عطاء بن أبي رباح: ثقة تقدم. انظر ص (١٦٨).
الحكم: إسناده ضعيف فيه حسان بن إبراهيم يخطئ ويرتقي بالمتابعات والشواهد التي قبله إلى الحسن لغيره.
قال ابن الملقن – رحمه الله – ((وحديث عائشة – رضي الله عنها – مرفوعا وموقوفا لا والله وبلى والله رواه أبو داود، والبيهقي مرفوعا وصححه ابن حبان والبخاري موقوفا)) قال الدارقطني وهو الصحيح خلاصة البدر المنير لابن الملقن (٢/٤١٠)..

٢٠ انظر المحلى (٦/٢٨٦-٢٨٧) باختصار..
قال تعالى :﴿ للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم ﴾١ وفيها تسع مسائل :
[ ٢١ ] : المسألة الأولى : معنى الإيلاء.
قال أبو محمد – رحمه الله تعالى- : ومن حلف بالله عز وجل، أو باسم من أسمائه تعالى : أن لا يطأ امرأته، أو أن يسوءها٢ أو أن لا يجمعه، وإياها فراش، أو بيت، سواء قال ذلك في غضب أو في رضا لصلاح رضيعها أو لغير ذلك – استثنى في يمينه أو لم يستثن – فسواء وقت وقتا – ساعة فأكثر إلى جميع عمره – أو لم يؤقت : الحكم في ذلك واحد.
وهو أن الحاكم يلزمه أن يوقفه، ويأمره بوطئها، ويؤجل له في ذلك أربعة أشهر من حين يحلف، سواء طلبت المرأة ذلك أو لم تطلب، رضيت ذلك أم لم ترض.
برهان ذلك : قول الله عز وجل ﴿ للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم ﴾.
فهذه الآية تقتضي كل ما قلنا، لأن الألية٣ هي اليمين وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله " ٤.
وفي كثير مما ذكرنا خلاف، قد رأى قوم أن الهجرة٥ بلا يمين لها حكم الإيلاء.
وروينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم أن ابن عباس رضي الله عنه قال : ما فعلت أهلك. عهدي بها لَسِنةٌ، سيئة الخلق ؟ أجل والله لقد خرجت وما أكلمُها، فقال له ابن عباس : عجل السير، أدركها قبل أن تمضي أربعة أشهر فإن مضت فهي تطليقة٦.
وصح عن ابن عباس رضي الله عنه ما رويناه من طريق عبد الرزاق نا ابن جريج أنا أبو الزبير أنه سمع سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس أنه قال : الإيلاء هو أن يحلف أن لا يأتيها أبدا٧.
وصح عن عطاء أن الإيلاء إنما هو أن يحلف بالله على الجماع أربعة أشهر فأكثر، فإن لم يحلف فليس إيلاء٨.
وممن قال مثل قولنا بعض السلف : كما روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي، قال إذا حلف بالله ليغيظنها، أو ليسوءنها أو ليحرمنها، أو لا يجمع رأسه ورأسها : فهو إيلاء٩.
ومن طريق عبد الرزاق عن خصيف عن الشعبي قال : كل يمين حالت بين الرجل وبين امرأته فهي إيلاء١٠. ١١
[ ٢٢ ] : المسألة الثانية : صفة اليمين التي يكون بها الرجل موليا.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
ومن حلف بالله عز وجل، أو باسم من أسمائه سبحانه وتعالى : أن لا يطأ امرأته، أو أن يسوءها، أو أن لا يجمعه وإياها فراش، أو بيت، سواء قال ذلك في غضب أو في رضا لصلاح رضيعهما أو لغير ذلك١٢.
ومن حلف في ذلك بطلاق، أو عتق، أو صدقة، أو شيء، أو غير ذلك فليس مؤليا، وعليه الأدب، لأنه حلف بما لا يجوز الحلف به.
برهان ذلك : قول الله عز وجل ﴿ للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم ﴾١٣.
فهذه الآية تقتضي كل ما قلناه، لأن الألية هي اليمين، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كان حالف فلا يحلف إلا بالله " ١٤ فصح أن من حلف بغير الله تعالى فلم يحلف بما أمره الله عز وجل به، فليس حالفا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " ١٥.
وممن قال بقولنا بعض السلف : كما روينا من طريق شعبة ععن عبد الخالق عن حماد بن أبي سليمان في رجل قال لامرأته : أنت علي كظهر أمي إن قربتك ؟ قال ليس بشيء١٦.
ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء في رجل قال لامرأته : أنت طالق إن مسستك أربعة أشهر ؟ قال عطاء : ليس ذلك بإيلاء، ليس الطلاق بيمين فيكون إيلاء١٧.
وخالف في ذلك آخرون : كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أبي الشعثاء قال : إن قال : أنت علي حرام، أو أنت كأمي، أو أنت طالق إن قربتك : فهو إيلاء١٨.
وقال أبو حنيفة : إن حلف بطلاق، أو عتاق، أو حج، أو عمرة، أو صيام فهو إيلاء، فإن حلف بنذر صلاة، أو بأن يطوف أسبوعا، أو بأن يسبح مائة مرة فليس مؤليا١٩. ٢٠
[ ٢٣ ] : المسألة الثالثة : مدة الإيلاء.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – ومن حلف بالله أو باسم من أسمائه، أن لا يطأ امرأته أو أن يسوءها، أو أن لا يجمعه وإياها فراش، أو بيت، سواء قال ذلك في غضب أو في رضا لصلاح رضيعهما، أو لغير ذلك – استثنى في يمينه أو لم يستثنى – فسواء وقت وقتا – ساعة فأكثر إلى جميع عمره – أو لم يؤقت : الحكم في ذلك واحد.
وهو أن الحاكم يلزمه أن يوقفه، ويأمره بوطئها، ويؤجل له في ذلك أربعة أشهر من حيث يحلف، سواء طلبت المرأة ذلك أو لم تطلب، رضيت بذلك أو لم ترض.
فإن فاء في داخل الأربعة الأشهر فلا سبيل عليه، وإن أبى لم يعترض حتى تنقضي الأربعة الأشهر، فإذا تمت أجبره الحاكم بالسوط على أن يفيء فيجامع أو يطلق، حتى يفعل أحدهما، كما أمره الله عز وجل أو يموت قتيل الحق إلى مقت الله تعالى.
وممن قال مثل قولنا في المدة طائفة : كما حدثنا محمد بن سعيد بن نبات نا أحمد بن عبد البصير نا قاسم بن أصبغ نا محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن المثنى نا محمد ابن كثير عن سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن وبرة فيمن حلف أن لا يقرب امرأته عشرة أيام فلم يقربها حتى مضت ثلاثة أشهر ؟ فأتوا في ذلك ابن مسعود، فجعله إيلاء. ٢١
قال سفيان، وقال ابن أبي ليلى، وغيره : إذا آلى يوما أو ليلة فهو إيلاء٢٢.
ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء : أنه سئل عمن حلف أن لا يقرب امرأته شهرا، فمكث عنها خمسة أشهر ؟ فقال عطاء : ذلك إيلاء سمى أجلا أو لم يسمه – فإذا مضت أربعة أشهر كما عز وجل – فهي واحدة – يريد تطليقة٢٣.
ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة فيمن حلف أن لا يقرب امرأته عشرة أيام فتركها أربعة أشهر ؟ فهو إيلاء٢٤.
ومن طريق سعيد بن منصور نا هشيم أنا يونس بن عبيد عن الحسن البصري أنه كان يقول : إذا قال الرجل لامرأته : والله لا أقربها الليلة، فتركها أربعة أشهر ؟ فإن كان تركها ليمينه فهو إيلاء٢٥. ورويناه أيضا عن إبراهيم النخعي٢٦.
وبه يقول إسحاق بن إبراهيم بن راهوية٢٧، وصح خلاف هذا عن ابن عباس رضي الله عنه٢٨، ٢٩ كما ذكرنا وعن طاووس : إذا حلف دون أربعة أشهر ؟ فليس إيلاء٣٠. وهو قو سعيد بن جبير٣١ وأحد قولي عطاء٣٢، وهو قول سفيان الثوري٣٣، وأبي حنيفة٣٤ وأصحابه، وقال مالك٣٥، والشافعي٣٦، وأبو ثور٣٧، وأحمد بن حنبل٣٨، وأصحابهم : لا يكون موليا حلف أن لا يقربها أربعة أشهر فأقل، إنما المولي من حلف على أكثر من أربعة أشهر.
قال أبو محمد : كلا القولين خلاف لنص الآية، إنما ذكر الله تعالى الإيلاء من نسائهم دون توقيف، ثم حكم بالتوقيف والتربص أربعة أشهر ثم حكم بعد انقضاء الأربعة الأشهر بإلزام الفيئة٣٩، أو الطلاق. ٤٠
[ ٢٤ ] : المسألة الرابعة : الإيلاء في الغضب ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
ومن حلف بالله عز وجل أو باسم من أسمائه تعالى : أن لا يطأ امرأته، أو أن يسوءها، أو أن لا يجمعه وإياها فراش أو بيت سواء قال ذلك في غضب، أو في رضا لصلاح رضيعهما، أو لغير ذلك فالحكم واحد برهان ذلك : قول الله عز وجل ﴿ للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم ﴾٤١.
وأما من قال : لا إيلاء إلا ما كان في غضب : فروينا ذلك عن علي رضي الله عنه.
كما روينا من طريق سعيد بن منصور نا هشيم أنا داود بن أبي هند عن سماك بن حرب عن أبي عطية الأسدي قال : قلت لعلي بن أبي طالب : تزوجت امرأة أخي وهي ترضع ابن أخي فقلت : هي طالق إن قربتها حتى تفطمه ؟ قال علي : إنما أردت الإصلاح لك ولابن أخيك فلا إيلاء عليك. إنما الإيلاء ما كان في الغضب٤٢.
قال أبو محمد : ونا يونس بن عبيد عن الحسن أنه كان يقول مثل ذلك٤٣.
قال هشيم : ونا وكيع عن أبي فزارة عن ابن عباس رضي الله عنه قال إنما جعل الإيلاء في الغضب٤٤.
وممن لم يراع ذلك : إبراهيم النخعي، وابن سيرين٤٥.
روينا من طريق سعيد بن منصور نا هشيم نا القعقاع بن يزيد الضبي أنه قال لمحمد بن سيرين في قول من يقول : إنما الإيلاء في الغضب ؟
فقال : لا أدري ما يقولون، قال الله تبارك وتعالى ﴿ للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم ﴾٤٦، ٤٧ قال أبو محمد : صدق أبو بكر٤٨ - رحمه الله تعالى – وهو قول أبي حنيفة٤٩، ومالك٥٠، والشافعي٥١، وأبي سليمان٥٢ وأصحابهم٥٣.
[ ٢٥ ] : المسألة الخامسة : هل يقع طلاق بمضي الأربعة الأشهر أم لا ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
ومن حلف بالله عز وجل أو باسم من أسمائه تعالى : أن لا يطأ امرأته، أو أن يسوئها، أو أن لا يجمعه وإياها فراش، أو بيت، سواء قال ذلك في غضب، أو في رضا، لصلاح رضيعهما، أو لغير ذلك – استثنى في يمينه أو لم يستثنى – فسواء وقت وقتا ساعة فأكثر إلى جميع عمره – أو لم يوقت : الحكم في ذلك واحد. وهو أن الحاكم يلزمه أن يوقفه، ويأمره بوطئها، ويؤجل له في ذلك أربعة أشهر من حين يحلف، سواء طلبت المرأة ذلك أو لم تطلب، رضيت ذلك أو لم ترض.
فإن فاء في داخل الأربعة الأشهر فلا سبيل عليه، وإن أبى لم يعترض حتى تنقضي الأربعة الأشهر، فإذا تم أجبره الحاكم بالسوط على أن يفيئ فيجامع أو يطلق، حتى يفعل إحداهما كما أمره الله عز وجل أو يموت قتيل الحق إلى مقت الله تعالى.
برهان ذلك : قول الله تعالى ﴿ للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم ﴾٥٤.
فكما روينا من طريق سعيد بن منصور نا عبد العزيز بن محمد الدراوردي أنا يحي بن سعيد الأنصاري عن عبد الرحمن بن عبد القاسم بن محمد عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أنها كانت لا ترى الإيلاء شيئا حتى يوقف٥٥.
ومن طريق إسماعيل بن إسحاق نا نصر بن علي الجهضمي نا سهل بن يوسف ومحمد بن جعفر غندر، كلاهما عن شعبة عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير قال : إن عمر بن الخطاب قال في الإيلاء : إذا مضت أربعة أشهر فهي امرأته٥٦.
ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام عن حبيب بن أبي ثابت عن طاووس عن عثمان بن عفان قال : يوقف المؤلي فإما أن يفيء وإما أن يطلق٥٧.
ومن طريق إٍسماعيل بن إسحاق نا عبد الله بن مسلمة – هو القعنبي – نا سلمان بن بلال عن عمر بن حسين [ عن القاسم ]٥٨ أن عثمان بن عفان كلا لا يرى الإيلاء شيئا – وإن مضى أربعة أشهر – حتى يوقف٥٩.
وصح عن علي كما روينا من طريق سعيد بن منصور نا هشيم أنا الشيباني – هو أبو إسحاق – عن أبي طالب أوقف رجلا عند الأربعة الأشهر بالرحبة٦٠ : إما أن يفيء وإما أن يطلق٦١.
ومن طريق إسماعيل بن إسحاق نا علي بن عبد الله بن المدني نا جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب عن أبي البختري عن علي بن أبي طالب قال : إذا آلي الرجل من امرأته وقف عند تمام الأربعة الأشهر، وقيل له : إما تفيء وإما تعزم الطلاق ؟ ويجبر على ذلك٦٢.
ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال : يوقف المؤلي عند انقضاء الأر
١ سورة البقرة: آية ٢٢٦، ٢٢٧..
٢ يسوءها: يقال ساءه يسوءه مساءة وهو نقيض سره يسر مسرة. والسوء بالضم اسم منه، والسوء بالفتح يذكر على طريق النعت لكن بالإضافة، يقال هو رجل سوْء والإساءة نقيض الإحسان. ويوصل بكلمة إلى، يقال أساء إليه كما أحسن إليه، والأول وهو ساءه يتعدى من غير صلة قال تعالى ﴿ليسئوا وجوهكم﴾ وقال تعالى ﴿سيئت وجوه الذين﴾ وهو على ما لم يسم فاعله. طلبة الطلبة للنسفي مادة (سووء) ص (٢٦٢)..
٣ الألية: اليمين وجمعها الألايا، على وزن البلية والبلايا، يقال آلى يولي إيلاء، وحقيقة الإيلاء والألية: الحلف المقتضي لتقصير في الأمر الذي يحلف عليه. وجعل الإيلاء في الشرع للحلف المانع من جماع المرأة. مفردات الراغب الأصفهاني (٨٤)، وانظر المغرب للمطرزي (٢٩) مادة (ا ل هـ)، طلبة الطلبة للنسفي مادة (و ل ي) ص (٦٢)..
٤ صحيح البخاري كتاب الشهادات باب كيف يستحلف (٢/٩٥) حديث (٢٥٣٣)، صحيح مسلم كتاب الإيمان / باب النهي عن الحلف بغير الله (١١/١٠٨) حديث رقم (٤٢٣٣). وكلاهما عن ابن عمر..
٥ الهجرة: هجر، الهَجْرُ: ضد الوصل، وقد هجره هجرا وهجرانا، والاسم الهجْرَة. الصحاح للجوهري (١/٦٨٢)، المغرب للمطرزي ص (٥٠١)..
٦ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٤٤٦)، فتح الباري (٩/٣٣٦).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم النظر ص (١٣٥).
معمر: ثقة، تقدم انظر ص (١١٩).
جعفر بن بُرْقان: - بضم الموحدة وسكون الراء بعدها قاف – الكلابي، أبو عبد الله الرقي، صدوق يهم في حديث الزهري من السابعة، مات سنة خمسين وقيل بعدها. التقريب (٩٧٢). قال الذهبي: ثقة، أمي، ليس في الزهري بذاك. الكاشف (١/١٨٤).
يزيد بن الأصم: واسمه عمرو بن عُبيد بن معاوية البكائي – بفتح الموحدة والتشديد – أبو عوف، كوفي نزل الرقة، وهو ابن أخت ميمونة أم المؤمنين، وهو ثقة من الثالثة، مات سنة ثلاث ومائة. التقريب (٧٩٦٦).
الحكم: إسناده حسن..

٧ تخريج الأثر: كتاب السنن لسعيد بن منصور الخرساني باب ما جاء في الإيلاء (٢/٥٠)، مصنف عبد الرزاق (٦/٤٤٧).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: ثقة، يدلس، وقد ذكره بالإخبار قال العجلي مكي ثقة. انظر التهذيب (٢/٦١٧).
أبو الزبير: محمد بن مسلم بن تدرس – بفتح الثناة وسكون الدال المهملة وضم الراء – الأسدي، مولاهم، أبو الزبير المكي، صدوق إلا أنه يدلس، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين. التقريب (٦٥٤٣).
سعيد بن جبير: الأسدي مولاهم، الكوفي، ثقة، ثبت، فقيه، من الثالثة، وروايته عن عائشة وأبي موسى ونحوهما مرسلة، قتل بين يدي الحجاج سنة خمس وتسعين. التقريب (٢٣٢٥).
الحكم: إسناده حسن..

٨ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٣٤)، مصنف عبد الرزاق (٦/٤٤٩)..
٩ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٤٤٨).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم انظر ص (١٣٥).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم انظر ص (١٤٨).
حماد بن أبي سليمان، مسلم الأشعري، مولاهم، أبو إسماعيل الكوفي، فقيه، صدوق، له أوهام، من الخامسة، ورمي بالإجاء، مات سنة عشرين أو قبلها. التقريب (١٥٥٩).
إبراهيم بن سويد النخعي، ثقة لم يثبت أن النسائي ضعفه. التقريب (١٩٩).
الحكم: إسناده ضعيف..

١٠ تخريج الأثر: كتاب السنن لسعيد بن منصور باب ما جاء في الإيلاء (٢/٤٨)، مصنف عبد الرزاق (٦/٤٤٨).
مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٣٤).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم انظر ص (١٣٥).
خصيف: - بالصاد المهملة – مصغر، ابن عبد الرحمن الجزري، أبو عون، صدوق، سيء الحفظ، خلط بأخره ورمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة سبع وثلاثين وقيل غير ذلك. التقريب (١٧٧٧).
الشعبي: ثقة، تقدم انظر ص (١٦٧).
الحكم: إسناده ضعيف..

١١ المحلى لابن حزم (٩/١٧٨-١٨١) باختصار..
١٢ كررت العبارة تمهيدا للتوضيح والبيان..
١٣ سورة البقرة: آية ٢٢٧..
١٤ سبق تخريجه انظر ص (٢٠٢)..
١٥ صحيح البخاري كتاب البيوع باب النجش (٢/٧٥٣)، صحيح مسلم (١٢/٢٤٢) كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، مسند أحمد (٧/٢٥٨) في مسند عائشة رضي الله عنها رقم الحديث (٢٤٩٤٤)..
١٦ تخريج الأثر: لم أقف عليه.
ترجمة رجال الإسناد:
شعبة بن الحجاج: ثقة، تقدم انظر ص (١٣٣).
عبد الخالق بن سلمه – بكسر اللام ويقال بفتحها – الشيباني، أبو روح، البصري، ثقة، عقل، من السادسة التقريب (٣٨٨٤).
حماد بن أبي سليمان، مسلم الأشعري، مولاهم، أبو إسماعيل، الكوفي، فقيه، صدوق، له أوهام من الخامسة ورمي بالإجاء، مات سنة عشرين أو قبلها. التقريب (١٥٥٩).
الحكم: إسناده ضعيف..

١٧ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٤٥٣)، الأم للشافعي (٥/٢٨٩).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: ثقة لكنه يدلس، تقدم انظر ص (١٤٦)، قال الإمام أحمد: ابن جريج أثبت الناس في عطاء، قال عبد الوهاب بن همام أخو عبد الرزاق عن ابن جريج: لزمت عطاء سبع عشرة سنة، وقال ابن جريج: إذا قلت: قال عطاء فأنا سمعته منه، وإن لم أقل: سمعت. التهذيب لابن حجر (٢/٦١٦، ٦١٧).
عطاء: ثقة، تقدم انظر ص (١٦٨).
الحكم: إسناده صحيح..

١٨ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة عن قتادة عن جابر بن زيد بمعناه (٤/١٨٧).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم انظر ص (١٣٥).
معمر: ثقة، تقدم انظر ص (١١٩).
قتادة: ثقة، تقدم انظر ص (١٣٤).
أبي الشعتاء الأزدي الجوفي – بفتح الجيم وسكون الواو بعدها فاء – البصري، مشهور بكنيته، ثقة، فقيه، من الثانية، مات سنة ثلاث وتسعين ويقال ثلاث ومائة. التقريب (٩٠٦).
الحكم: إسناده صحيح..

١٩ المبسوط للسرخسي (٧/٢٤-٢٥)..
٢٠ المحلى لابن حزم (٩/١٧٨-١٨١) باختصار..
٢١ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٤٥٠)، مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٠١)، المعجم الكبير للطبراني (٩/٣٢٨) قال الهيثمي بعد أن عزاه للطبراني: فيه راو لم يسم مجمع الزوائد (٥/١١).
ترجمة رجال الإسناد:
محمد بن سعيد بن نبات: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٢).
أحمد بن عبد البصير: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٢).
قاسم بن أصبغ: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٢).
محمد بن عبد السلام الخشني: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٢).
محمد بن المثنى: ثقة، تقدم انظر ص (١٣٣).
محمد بن كثير: العبدي، البصري، ثقة، لم يصب من ضعفه، من كبار العاشرة، مات سنة ثلاث وعشرين، وله تسعون سنة. التقريب (٦٥٠٤)، رجال صحيح البخاري للكلاباذي (٢/٦٧٦).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم. انظر ص (١٤٨).
ليث بن أبي سليم بن زنيم – بالزاي والنون – مصغر، واسم أبيه أيمن، وقيل أنس، وقيل غير ذلك، صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك، من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين. التقريب (٥٨٨١).
وبرة – بالموحدة المحركة – ابن عبد الرحمن المسلس – بضم أوله وسكون المهملة بعدها لام – أبو خزيمة أو أبو العباس الكوفي، ثقة، من الرابعة، مات سنة عشرة. التقريب (٧٦٧٨).
الحكم: إسناده ضعيف..

٢٢ المغني لابن قدامة (٧/٤١٦)..
٢٣ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٤٥٠).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٥).
ابن جريج ثقة، قال الإمام أحمد: ابن جريج أثبت الناس في عطاء. تقدم انظر ص (١٤٦).
عطاء: ثقة، تقدم. انظر ص (١٦٨).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٤ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٤٤٩).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٥)؟
معمر: ثقة، تقدم. انظر ص (١١٩).
قتادة: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٤).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٥ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٢٧).
ترجمة رجال الإسناد:
سعيد بن منصور بن شعبة أبو عثمان الخرساني، نزيل مكة، ثقة، مصنف، وكان لا يرجع في كتابه لشدة وثوقه به، مات سنة سنة سبع وعشرين، من العاشرة. التقريب (٢٤٧٣).
هشيم، بالتصغير، بن بشير، يوزن عظيم ابن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية بن أبي خازم – بمعجمتين – الواسطي ثقة، ثبت، كثير التدليس والإرسال الخفي، من السابعة، مات سنة ثلاث وثمانين. التقريب (٧٥٩٢). قال ابن حجر: قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي من أروى الناس عن يونس؟ فقال: هشيم. وقال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث ثبتا، يدلس كثيرا، فما قال في حديثه: أخبرنا فهو حجة، ما لم يقل فليس بشيء. التهذيب (٤/٢٨١).
يونس بن عبيد: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٥).
الحسن: ثقة، تقدم. انظر ص (١١١).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٦ المغني لابن قدامه (٧/٤١٦)، فتح القدير لابن همام (٤/٢٠٠)..
٢٧ المغني لابن قدامه (٧/٤١٦)، فتح القدير لابن همام (٤/٢٠٠)..
٢٨ مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٢٦). مجمع الزوائد (٥/١٠)..
٢٩ ويريد قول ابن عباس: الإيلاء هو أن يحلف أن لا يأتيها أبدا. المحلى (٩/١٨١)..
٣٠ مصنف عبد الرزاق (٦/٤٤٩)، المغني لابن قدامه (٤/١٩٨)..
٣١ مصنف عبد الرزاق ٦/٤٤٩)، فتح القدير لابن همام (٤/١٩٨)..
٣٢ مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٢٦)، المغني لابن قدامة (٧/٤١٦)..
٣٣ مصنف عبد الرزاق (٦/٤٥٠)..
٣٤ المبسوط للسرخسي (٧/٢٣)، فتح القدير لابن همام (٤/٢٠٠)، بدائع الصنائع للكاساني (٣/١٧٢)..
٣٥ المنتقى شرح الموطأ للباجي (٤/٣٠) الفواكه الدواني للنفراوي (٢/٤٦)، أحكام القرآن لابن العربي (١/٢٤٥)..
٣٦ الأم للشافعي (٥/٢٨٨)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج لابن حجر الهيثمي (٨/١٦٢)..
٣٧ المغني لابن قدامه (٧/٤١٦)..
٣٨ المغني لابن قدامه (٧/٤١٦)، الفروع لابن مفلح (٥/٤٧٩)..
٣٩ فاء: رجع، وفاء إلى الأمر وطاءه فيئا وفيئوءا: رجع إليه والفيئة والفيئة أي الرجوع. والفيئة بوزن الفيعة الحالة من الرجوع عن الشيء الذي يكون قد لابسه الإنسان وباشره.
وفاء المولي من امرأته: كفر يمينه ورجع إليها. والفيء في كتاب الله تعالى على ثلاثة معان مرجعها أصل واحد وهو الرجوع. لسان العرب لابن منظور (١/١٢٥). باختصار..

٤٠ المحلى (٩/١٧٨-١٨٢) باختصار..
٤١ سورة البقرة: آية ٢٢٦/٢٢٧..
٤٢ تخرج الأثر: سنن سعيد بن منصور كتاب وباب ما جاء في الإيلاء (٢/٢٥) حديث رقم (١٨٧٤)، جامع البيان للطبري (٤/٤٥٨)، مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٠٥)، سنن البيهقي الكبرى باب الإيلاء في الغضب (٧/٣٨١) حديث رقم (١٥١٧).
ترجمة رجال الإسناد:
سعيد بن منصور: تقدم، انظر ص (٢١٤).
هشيم: ثقة كثير الإرسال والتدليس ذكره بالإخبار وقد قال ابن سعد: (ما قال في حديثه أخبرنا فهو حجه) تقدم. انظر ص (٢١٤).
داود بن أبي هند القشيري، مولاهم، أبو بكر أو أبو محمد، البصري، ثقة، متقن، كان يهم بأخره، من الخامسة مات سنة أربعين وقيل قبلها. التقريب (١٨٧٩).
سماك – بكسر أوله وتخفيف الميم – ابن حرب بن أوس بن خالد الذهلي، أبو المغيرة، صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بآخره، من الرابعة، مات سنة ثلاث وعشرين. التقريب (٢٦٩٩). قال العلائي: (قال جرير بن عبد الحميد: أتيت سماكا فرأيته يبول قائما فرجعت ولم أسأله وقلت: خرف، وقال النسائي: إذا انفرد بأصل لم يكن حجة لأنه كان يلقن فيتلقن. المختلطين ص (٤٩).
أبو عطية الأسدي، كوفي، تابعي، سمع من عبد الله، ثقة. انظر معرفة الثقات للعجلي (٢/٤١٦) ترجمة رقم (٢٢٠٩).
الحكم: إسناده ضعيف..

٤٣ انظر جامع البيان (٤/٤٦٠)، مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٠٥)، الدر المنثور للسيوطي (١/٢٧١)..
٤٤ تخريج الأثر: انظر جامع البيان للطبري (٤/٤٥٩)، مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٠٥)، الدر المنثور (١/٢٧١).
ترجمة رجال الإسناد:
هشيم: ثقة، تقدم. انظر ص (٢١٤).
وكيع: ثقة، تقدم. انظر ص (١٦٧).
أبو فزارة الكوفي: راشد بن كيسان القبسي، بالموحدة، ثقة، من الخامسة. التقريب (١٩١٨).
الحكم: إسناده صحيح..

٤٥ مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٠٥)..
٤٦ سورة البقرة: آية ٢٢٦، ٢٢٧..
٤٧ تخريج الأثر: سنن سعيد بن منصور كتاب وباب ما جاء في الإيلاء (٢/٢٥)، جامع البيان للطبري (٤/٤٦١) مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٠٥).
ترجمة رجال الإسناد:
سعيد بن منصور: ثقة، تقدم. انظر ص (٢١٤).
هشيم: ثقة، تقدم. انظر ص (٢١٤).
القعقاع بن يزيد، من أهل الكوفة، يروي عن الحسن والنخعي روى عنه الثوري وجرير بن عبد الحميد الرازي.
الثقات لابن حبان (٧/٣٤٧).
الحكم: إسناده صحيح..

٤٨ أبو بكر: محمد بن سيرين..
٤٩ بدائع الصنائع للكاساني (٣/١٧٣)، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لعبد الرحمن زادة (١/٤٤٦)..
٥٠ وهذا خلاف الثابت في مذهب مالك. انظر تصريح ابن العربي بذلك، أحكام القرآن لابن العربي (١/٢٢٤)..
٥١ الأم للشافعي (٥/٢٨٦)، أسنى المطالب شرح روض الطالب للأنصاري (٣/٣٤٧)..
٥٢ المحلى لابن حزم (٩/١٨٢)..
٥٣ انظر المحلى (٩/١٧٨-١٨٢) باختصار وتصرف يسير..
٥٤ سورة البقرة: آية ٢٢٧..
٥٥ تخريج الأثر: سنن سعيد بن منصور باب من قال يوقف المؤلي (٢/٥٦)، قال ابن جحر بعد أن عزاه إلى سعيد بن منصور: سنده صحيح فتح الباري (٩/٤٢٩)، مسند الشافعي كتاب الصداق والإيلاء (١/٢٤٨)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الإيلاء (٧/٣٧٨).
ترجمة رجال الإسناد:
سعيد بن منصور: ثقة، تقدم. انظر ص (٢١٤).
عبد العزيز بن محمد الدراودي، قال الكلاباذي: دراود هو ذرابجرد موضع بفارس. رجال صحيح البخاري (٢/٨٦١) أبو محمد الجهني، مولاهم، المدني، صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، قال النسائي: حديثه عن عبيد الله العمر منكر، من الثامنة، مات سنة ست أو سبع وثمانين. التقريب (٤٢٤٣)، قال المزي: روى له البخاري مقرونا بغيره، قال العجلي: ثقة، وقال أحمد بن حنبل: كان معروفا بالطلب وإذا حدث من كتابه فهو صحيح وإذا حدث من كتب الناس وهم، وكان يقرأ من كتبهم فيخطئ، وربما قلب حديث عبد الله بن عمر يرويها عن عبيد بن عمر. التهذيب (٢/٥٩٣).
يحي بن سعيد بن قيس الأنصاري، المدني، أبو سعيد القاسم، ثقة، ثبت، من الخامسة. التقريب (٧٨٣٨).
عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي، أبو محمد المدني، ثقة جليل، من السادسة. التقريب (٤٠٩٣).
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي، ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة، من كبار الثالثة. التقريب (٥٦٧٧).
الحكم: إسناده حسن ويرتقي بشواهده إلى الصحة..

٥٦ تخريج الأثر: لم أقف عليه
ترجمة رجال الإسناد:
إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم القيسي ثم المصري، يكنى أبا القاسم، أو يعرف بابن الطحان قرطبي، عالما بالآثار والسنن، حافظا للحديث وأسماء الرجال والمحدثين، مات سنة ثلاثمائة وأربع وثمانين. الديباج المذهب لابن فرحون (١٥٥)، تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي (٦٥)، سير أعلام النبلاء للذهبي (٦/٥٠٢).
نصر بن علي الجهضمي، ثقة، ثبت، طلب للقضاء فامتنع، من العاشرة، مات سنة خمسين أو بعدها. التقريب (٧٤٠٠).
سهل بن يوسف الأنماطي، البصري، ثقة، رمي بالقدر، من كبار التاسعة، مات سنة تسعين ومائة. التقريب (٢٧٤٣).
محمد بن جعفر غندر: ثقة، صحيح الكتاب إلا أن فيه غفلة، من التاسعة، التقريب (٦٠٠٠).
شعبة: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٣).
سماك بن حرب: صدوق، وقد تغير بآخر فكان ربما تلقن. التقريب (٢٦٩٩) قال العلائي: احتج به مسلم عن جابر بن سمرة والنعمان بن بشير وعندهما قال جرير بن عبد الحميد أتيت سماكا فرأيته يبول قائما فرجعت ولم أسأله وقلت: خرف، وقال النسائي: إن انفرد بأصل لم يكن حجة لأنه كان يلقن فيتلقن. المختلطين ص (٤٩).
سعيد بن جبير: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٣).
الحكم: إسناده ضعيف..

٥٧ تخريج الأثر: مسند الشافعي كتاب الصداق والإيلاء (١/٢٤٨)، مصنف عبد الرزاق (٦/٤٥٨)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الإيلاء (٧/٣٧٧)، سنن الدارقطني كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره (٤/٦٢).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٥).
سفيان بن عيينة: ثقة، تقدم. انظر ص (١٥٠).
مسعر بن كدام: - بكسر أوله وتخفيف ثانيه – ابن ظهير الهلالي، أبو سلمة الكوفي، ثقة، ثبت، فاضل، من السابعة، مات سنة ثلاث أو خمس وخمسين. التقريب (٦٨٧٧).
حبيب بن أبي ثابت، قيس أو يقال: هند بن دينار الأسدي، مولاهم، أبو يحي الكوفي، ثقة، فقيه، جليل، وكان كثير الأرسال والتدليس، من الثالثة، مات سنة تسع عشرة ومائة. التقريب (١١٣٤). قال ابن حجر: حبيب بن أبي ثابت الكوفي تابعي مشهور بكثر التدليس وصفه بذلك ابن خزيمه والدارقطني وغيرهما. طبقات المدلسين ص (٣٧).
طاووس بن كيسان اليماني، أبو عبد الرحمن الحميري، ثقة، فقيه، فاضل من الثالثة. التقريب (٣٠٨٩).
الحكم: إسناده ضعيف يرتقي بشواهد إلى الحسن لغيره.
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى – ((وفي سماع طاووس عن عثمان نظر، لكن قد أخرجه إسماعيل القاضي في الأحكام من وجه آخر منقطع عن عثمان أنه كان لا يرى الإيلاء شيئا وإن مضت أربعة أشهر حتى يوقف)) ومن طريق سعيد بن جبير عن عمر نحوه، وهذا منقطع أيضا، والطريقان عن عثمان يعضد أحدهما الآخر. فتح الباري (٩/٣٣٨)..

٥٨ ما بين المعكوفتين ساقط من المحلى وأثبته من الروايات الأخرى التي أخرجت الحديث. انظر سنن البيهقي (٧/٣٧٧)، سنن الدارقطني (٤/٦٢)..
٥٩ تخريج الأثر: سنن البيهقي الكبرى كتاب الإيلاء (٧/٣٧٧)، سنن الدارقطني كتاب الطلاق والخلع والإيلاء (٤/٦٢).
ترجمة رجال الإسناد:
إسماعيل بن إسحاق: ثقة، تقدم. انظر ص (٢٢٣).
عبد الله بن مسلمة بن قعنب، القعنبي الحارثي، أبو عبد الرحمن البصري، أصله من المدينة، وسكنها مدة، ثقة، عابد، كان ابن معين وابن المديني لا يقدمان عليه في الموطأ أحدا، من صغار التاسعة، مات سنة إحدى وعشرين بمكة. التقريب (٣٧١٧).
سليمان بن بلال التيمي مولاهم، أبو محمد وأبو أيوب المدني، ثقة، من الثامنة، مات سنة سبع وسبعين. التقريب (٢٦١٥).
عمر بن حسين بن عبد الله الجمحي مولاهم، أبو قدامة المكي، ثقة، من الرابعة. التقريب (٥٠٢٦).
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي، ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة، قال أيوب: ما رأيت أفضل منه، من كبار الثالثة، مات سنة ست ومائة على الصحيح. التقريب (٥٦٧٧).
الحكم: إسناده صحيح..

٦٠ الرحبة: - بفتح الراء المهملة وسكون الحاء المهملة وفتح الموحدة – المكان المتسع، والرحب: بسكون المهملة – المتسع أيضا. قال الجوهري: ومنه أرض رحبة: أي متسعة ورحبة المسجد بالتحريك: هي ساحته. الصحاح للجوهري (١/١٥٧) قوله بالرحبة: أي رحبة الكوفي والرحبة فضاء وفسحة بالكوفة كان علي رضي الله عنه يقعد فيها لفصل الخصومات. تحفة الأحوذي للمباركفوري (١٠/١٤٩)، نيل الأوطار للشوطاني (٨/٢٢٥)..
٦١ تخريج الأثر: سنن سعيد بن منصور باب من قال يوقف المولي (٢/٥٥)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الإيلاء (٧/٣٧٧) وقال البيهقي: هذا إسناد صحيح موصول، سنن الدارقطني كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره (٤/٦١).
ترجمة رجال الإسناد:
سعيد بن منصور: ثقة، تقدم. انظر ص (٢١٤).
هشيم: ثقة، تقدم. انظر ص (٢١٤).
أبو إسحاق الشيباني: سليمان بن أبي سليمان، الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات في حدود الأربعين. التقريب (٢٦٤٤).
بكير بن الأخنس السدوسي، ويقال الليثي، كوفي، ثقة، من الرابعة. التقريب (٨٠١).
مجاهد بن حبر – بفتح الجيم وسكون الموحده – أبو الحجاج المخزومي مولاهم، المكي، ثقة، إمام في التفسير وفي العلم من الثالثة، مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث أو أربع ومائة، وله ثلاث وثمانون. التقريب (٦٧٤٥).
عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، المدني ثم الكوفي، ثقة، من الثانية، اختلف في سماعه من عمر، مات بوقعة الحماجم سنة ثلاث وثمانين، وقيل إنه غرق. التقريب (٤١٠٥).
الحكم: إسناده صحيح. وقاله الحافظ ابن حجر انظر فتح الباري (٩/٣٣٨)..

٦٢ تخريج الأثر: سنن البيهقي الكبرى كتاب الإيلاء (٧/٣٧٧).
ترجمة رجال الإسناد:
إسماعيل بن إسحاق: ثقة، تقدم. انظر ص (٢٢٣).
علي بن عبد الله المدين: بصري، ثقة، ثبت، إمام، أعلم أهل عصره بالحديث وعلله، من العاشرة. التقريب (٤٩٠٧).
جرير بن عبد الحميد بن قرط – بضم القاف وسكون الراء بعدها طاء مهملة – الضبي الكوفي، نزيل الري وقاضيها، ثقة صحيح الكتاب، قيل كان في آخر عمره يهم من حفظه، مات سنة ثمان وثمانين، وله إحدى وسبعون سنة. التقريب (٩٥٧). جرير لم يختلط عقله وربما اشتبه والتبس عليه حديث أشعث وعاصم الأحول. الكواكب النيرات لابن الكيال ص (١٢٢).
عطاء بن السائب، أبو محمد، ويقال أبو السائب، الثقفي، الكوفي، صدوق، اختلط، من الخامسة، مات سنة ست وثلاثين. التقريب (٤٧٢٨). قال الإمام أحمد: ثقة رجل صالح، من سمع منه قديما فسماعه صحيح، ومن سمع منه حديثا فسماعه ليس بشيء، وممن سمع منه قديما جرير بن عبد الحميد. الكواكب النيرات ص (٣٢٢).
أبو البختري: - بفتح الموحدة والمثناة بينهما معجمة ساكنة – سعيد بن فيروز ابن أبي عمران الطائي مولاهم، الكوفي ثقة، ثبت، فيه تشيع قليل الإرسال، من الثالثة، مات سنة ثلاث وثمانين. التقريب (٢٤٥٤).
الحكم: إسناده حسن..

قال تعالى :﴿ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم ﴾١ وفيها خمس مسائل :
[ ٣٠ ] : المسألة الأولى : عدة ذوات الأقراء.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
وعدة المطلقة الموطوءة التي تحيض ثلاثة قروء – وهي بقية الطهر الذي طلقها فيه – ولو أنها ساعة أو أقل أو أكثر – ثم الحيضة التي تلي بقية ذلك الطهر، ثم طهر ثاني كامل، ثم الحيضة التي تليه، ثم طهر ثالث كامل - : فإذا رأت أثره أول شيء من الحيض فقد تمت عدتها ولها أن تنكح حينئذ إن شاءت. واختلف الناس في هذا : فقالت طائفة كما قلنا.
وقالت طائفة : الأقراء الحيض – مع اتفاق الجميع على الطاعة – لقوله عز وجل ﴿ والمطلقات بتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ﴾٢.
قال أبو محمد : القروء٣ جمع ( ( قرء ) ) والقرء في لغة العرب التي نزل بها القرآن : يقع على الطهر، ويقع على الحيض، ويقع على الطهر والحيض، نا بذلك أبو سعيد الجعفري نا محمد بن علي المقري نا أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس نا أبو جعفر الطحاوي نا محمد بن [ محمد بن حسان ]٤ نا عبد الملك بن هشام نا أبو زيد الأنصاري قال : سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول فذكره كما أوردنا٥.
وقال الأعشي :٦
أفي كل عام أنت جاشم غزوة تشد لأقصاها غريم عزائكا ؟
مورثة مالا وفي الأصل رفعة لما ضاع فيها من قروء نسائكا ؟ ٧
فأراد الإطهار. وقال آخر
يا رب ذي ضغن على قارض له قروء كقروء الحائض٨
فأراد الحيض.
وممن روى عنه مثل قولنا جماعة : كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت قال : إذا دخلت المطلقة في الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها٩.
وبه إلى الزهري عن عروة عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها مثل قول زيد نصا١٠.
قال الزهري : وهو قول أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام١١.
وبه يأخذ الزهري١٢.
ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر مثل قول زيد المذكور نصا١٣.
وهو قول أبان بن عثمان١٤، والقاسم بن محمد بن أبي بكر١٥، وبه يقول مالك١٦، والشافعي١٧، وأبو ثور١٨، وأبو سليمان١٩، وأصحابهم.
فوجدنا حجة من قال به : ما روينا من طريق البخاري نا إسماعيل بن عبد الله نا مالك عن نافع عن ابن عمر : أنه طلق امرأته، وهي حائض، فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق – قبل أن يمس – فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن تطلق لها النساء " ٢٠. ٢١
[ ٣١ ] : المسألة الثانية : عدة الأمة٢٢.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
وعدة الأمة المتزوجة من الطلاق والوفاة كعدة الحرة سواء بسواء ولا فرق لأن الله عز وجل علمنا العدد في الكتاب فقال تعالى ﴿ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ﴾٢٣
وقال تعالى ﴿ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ﴾٢٤
وقال تعالى ﴿ واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ﴾٢٥
قال أبو محمد : وقد علم الله عز وجل إذ أباح لنا زواج الإماء أنه يكون عليهن العدد المذكور فما فرق عز وجل بين الحرة ولا أمة في ذلك. قال تعالى ﴿ وما كان ربك نسيا ﴾٢٦.
ونعوذ بالله تعالى من الاستدراك على الله عز وجل والقول عليه بما لم يقل، ومن أن نشرع في الدين ما لم يأذن به الله.
ومن طريق ابن وهب أخبرني هشام بن سعد عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق قال : عدة الأمة حيضتان : قال القاسم : مع أن هذا ليس في كتاب الله عز وجل ولا نعلمه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن قد مضى أمر الناس على هذا٢٧.
وروينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين قال : ما أرى عدة الأمة إلا كعدة الحرة إلا أن تكون مضت في ذلك سنة، فالسنة أحق أن تتبع٢٨.
وذكر عن أحمد بن حنبل أن قول مكحول إن عدة الأمة في كل شيء كعدة الحرة٢٩ - وهو قول أبي سليمان -٣٠ وجميع أصحابنا.
وقد قلنا : لا حجة في قول أحد دون القرآن والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتجوا بأنه لما كان حد الأمة نصف حد الحرة وجب أن تكون عدتها نصف عدة الحرة.
قال أبو محمد : وهذا قياس والقياس كله باطل٣١.
[ ٣٢ ] : المسألة الثالثة : الاستمتاع بالرجعية.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
إن المطلقة طلاقا رجعيا فهي زوجة للذي طلقها ما لم تنقض عدتها، يتوارثان، ويلحقها طلاقه وإيلاءه، وظهاره، ولعانه إن قذفها، وعليه نفقتها، وكسوتها، وإسكانها.
فإذا هي زوجته فحلال له أن ينظر منها ما كان ينظر إليه منها قبل أن يطلقها، وأن يطأها إذا لم يأت نص بمنعه من شيء من ذلك.
وقد سماه الله تعالى ( ( بعلا ) ) لها، إذ يقول عز وجل ﴿ وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ﴾٣٢. ٣٣
[ ٣٣ ] : المسألة الرابعة : هل يشترط الإشهاد والإعلام في الرجعية ؟
قال أبو محمد : فإن وطئها لم يكن بذلك مراجعا لها حتى يلفظ بالرجعة ويشهد ويعلمها بذلك قبل تمام عدتها، فإن راجع ولم يشهد فليس مراجعا لقوله تعالى ﴿ فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوى عدل منكم ﴾٣٤.
فرق عز وجل بين المراجعة، والطلاق، والإشهاد، فلا يجوز إفراد بعض ذلك عن بعض وكان من طلق ولم يشهد ذوي عدل، أو راجع ولم يشهد ذوي عدل، متعديا لحدود الله تعالى.
وأيضا فإن الله سبحانه وتعالى سمى الرجعة إمساكا بمعروف، قال تعالى ﴿ فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف ﴾٣٥ فالرجعة٣٦ هي الإمساك، ولا تكون بنص كلام الله تعالى إلا بمعروف والمعروف – هو إعلامها وإعلام أهلها، إن كانت صغيرة أو مجنونة – فإن لم يعلمها لم يمسك بمعروف، ولكن بمنكر، إذ منعها حقوق الزوجية : من النفقة، والكسوة، والإسكان، والقسمة، فهو إمساك فاسد باطل ما لم يشهد بإعلامها فحينئذ يكون بمعروف.
وكذلك قال الله تعالى ﴿ وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ﴾٣٧.
قال أبو محمد : إنما يكون ( ( البعل ) ) أحق بردها إن أراد إصلاحا – بنص القرآن – ومن كتمها الرد، أو رد بحيث لا يبلغها، فلم يرد إصلاحا بلا شك، بل أراد الفساد، فليس ردا ولا رجعة إصلا. ٣٨
[ ٣٤ ] : المسألة الخامسة : المراد من قوله تعالى ﴿ وللرجال عليهن درجة ﴾
قال ابن حزم – رحمة الله تعالى - : وقد علمنا أن الفضل٣٩ هو الخير نفسه لأن الشيء إذا كان خيرا من شيء آخر فهو أفضل منه بلا شك.
قال أبو محمد : وقد قال قائل من يخالفنا في هذا. قال الله تعالى ﴿ وليس الذكر كالأنثى ﴾٤٠.
فقلنا وبالله تعالى التوفيق : فأنت إذا عند نفسك أفضل من مريم، وعائشة، وفاطمة، لأنك ذكر وهؤلاء إناث، فإن قال هذا الحق بالنوكي٤١ وكفر، فإن سأل عن معنى الآية قيل له الآية على ظاهرها ولا شك في أن الذكر ليس كالأنثى، لأنه لو كان كالأنثى لكان أنثى، والأنثى أيضا ليست كالذكر، لأن هذه أنثى، وهذا ذكر وليس هذا من الفضل في شيء البتة، وكذلك الحمرة غير الخضرة، والخضرة ليست كالحمرة، وليس هذا من باب الفضل، فإن اعترض معترض بقول الله تعالى ﴿ وللرجال عليهن درجة ﴾٤٢ قيل له : إنما هذا في حقوق الأزواج على الزوجات ومن أراد حمل هذه الآية على ظاهرها لزمه٤٣ أن يكون كل يهودي، وكل مجوسي، وكل فاسق، من الرجال أفضل من أم موسى، وأم عيسى، وأم إسحاق، عليهم السلام، ومن نساء النبي صلى الله عليه وسلم وبناته، وهذا كفر ممن قاله بإجماع الأمة، وكذلك قوله تعالى ﴿ أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين ﴾٤٤ إنما ذلك في تقصيرهن في الأغلب عن المُحاجة لقلة دُرْبَتِهن وليس في هذا ما يحط الفضل عن ذوات الفضل منهن. ٤٥
١ سورة البقرة: آية ٢٢٨..
٢ سورة البقرة: آية ٢٢٨..
٣ القروء جمع والقرء: الوقت.
قال الشاعر:
إذا ما السماء لم تغم ثم أخلفت قروء الثريا أن يكون لها قطر.
يريد وقت نوئها الذي يمطر فيه الناس.
والقَرْءُ والقُرءُ: الحيض والطهر ضد. وذلك أن القرء الوقت، فقد يكون للحيض والطهر، والجمع أقراء، وقروء، وأقرُؤُ، وأقرأت المرأة: حاضت فهي مقري، وأقرأت: طُهرت، والقرء: انقضاء الحيض.
الصحاح للجوهري (١/١٠٤)، لسان العرب لابن منظور (١/١٣٠-١٣١)، طلبة الطلبة للنسفي كتاب الطلاق مادة (ر. ب. ص) ص (٥٣)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي كتاب القاف / باب القاف مع الراء وما يثلثهما ص (٥٠٢)، المغرب لأبي المكارم المطرزي باب القاف مع الراء المهملة مادة (ق. ر. أ) ص ٣٧٦..

٤ لعل الصواب محمد بن حسان، وهو الثابت في طبقات النحويين للزبيدي ص (٢١٣)، بغية الوعاة في طبقات اللغويين النحاة للسيوطي (٢/٢٧٧). تراجم الأحبار من رجال شرح معاني الآثار لمحمد بن أيوب الظاهري، تفسير ابن كثير (١/٢٧١)..
٥ معاني القرآن للنحاس (١/١٩٦)، معاني القرآن للزجاج (١/٣٠٤).
ترجمة رجال الإسناد:
أبو سعيد الجعفري: خلف مولى جعفر الفتي، المقرئ، يعرف بابن الجعفري، يكنى: أبا سعيد، رحل إلى المشرق وسمع بمكة وبمصر، وكان من أهل القرآن والعلم نبيلا من أهل الفهم مائلا إلى الزهد، مات سنة ٤٢٥ هـ. الصلة لابن بشكوال (١/١٦٤).
محمد بن علي بن الهيثم المقري، أبو بكر البزار، يعرف بابن علون، مات سنة خمسين وثلاثمائة، وكان شيخا، ثقة. تاريخ بغداد (٣/٨٣).
أبو جعفر أحمد بن محمد بن إٍسماعيل النحاس النحوي، إمام العربية، صاحب التصانيف، كان من أذكياء العالم، غرق في النيل سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة. سير أعلام النبلاء (١٥/٤٠٢).
أبو جعفر الطحاوي أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن عبد الملك الأزدي، الحجري، الطحاوي، انتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة، مات سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة. سير أعلام النبلاء (١٥/٢٠٧).
محمد بن حسان أبو عبد الله النحوي، كان نحويا مجودا روى عن أبي زرعة وعبد الملك بن هشام وروى عنه الطحاوي مات سنة ٢٧٢ هـ. طبقات النحويين للزبيدي ص (٢١٣)، بغية الوعاة (٢/٢٧٧)، تراجم الأحبار (٣/٤٤٢).
عبد الملك بن هشام بن أيوب، العلامة، النحوي، الأنصاري، أبو محمد الذهلي السدوسي وقيل الحميري المعافري، البصري، نزيل مصر، هذب السير النبوية، مات سنة ثمان عشرة ومائتين. سير أعلام النبلاء (١٠/٤٢٩).
أبو زيد الأنصاري: سعيد بن أوس بن ثابت بن بشير بن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي زيد الأنصاري، البصري، النحوي صاحب التصانيف، مات سنة خمسة عشرة ومائتين. سير أعلام النبلاء (٩/٤٩٦).
أبو عمرو بن العلاء بن العريان التميم ثم المازني، البصري، شيخ القراء والعربية، اختلف في اسمه على أقوال أشهرها زبان وقيل العريان، قال أبو عبيدة: كان أعلم الناس بالقراءات والعربية والشعر وأيام العرب. مات سنة أربع وخمسين ومائة. معرفة القراء الكبار للذهبي (١/١٠٠)، سير أعلام النبلاء (٦/٤٠٨)، التهذيب (٤/٥٦٢)..

٦ الأعشى: ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن حنبيعة بن قيس بن ثعلبة الشاعر المشهور أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسلم. الإكمال لابن ماكولا (١/٣٢٠)..
٧ ديوان الأعشى ص (١٦١): قافية الكاف..
٨ لم أقف عليه..
٩ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق باب الأقراء والعدة (٦/٣١٩)، جامع البيان للطبري (٤/٥٠٧).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٥).
معمر: ثقة، تقدم. انظر ص (١١٩).
الزهري: ثقة، تقدم. انظر ص (١١٩).
سعيد بن المسيب: ثقة، تقدم. انظر ص (١٥٠).
الحكم: إسناده صحيح..

١٠ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق باب الأقراء والعدة (٦/٣٢٠)، جامع البيان للطبري (٤/٥٠٧)..
١١ أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي، المدني، قيل اسمه محمد، وقيل المغيرة، وقيل أبو بكر اسمه، وكنيته أبو عبد الرحمن، وقيل اسمه كنيته، وقيل اسمه كنيته، ثقة، فقيه، عابد، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين وقيل غير ذلك. التقريب (٨٢٥٧)..
١٢ مصنف عبد الرزاق باب الأقراء والعدة (٦/٣٢٠)، جامع البيان للطبري (٤/٥٠٧)..
١٣ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق باب الأقراء والعدة (٦/٣١٩).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق الصنعاني: ثقة، تقدم انظرص (١٣٥).
معمر بن راشد الأزدي: ثقة، تقدم انظر ص (١١٩).
أيوب السختياني: ثقة، تقدم انظر ص (١٥١).
نافع مولى ابن عمر: ثقة، تقدم انظر ص (١٥٢).
الحكم: إسناده صحيح..

١٤ جامع البيان للطبري (٤/٥٠٦)..
١٥ شرح الزرقاني (٣/٢٦٣)..
١٦ المدونة للإمام مالك (٢/٢٣٥)، المتقى شرح الموطأ (٤/٦٥)..
١٧ الأم للشافعي (٨/٣٢٣)، أحكام القرآن للشافعي (١/٢٤٤)..
١٨ المغني لابن قدامة (٨/٦٣١٠)..
١٩ المحلى (١٠/٣٠)..
٢٠ صحيح البخاري باب تفسير سورة الطلاق (٤/١٦٨٤)، باب ﴿وبعولتهن أحق بردهن﴾ في العدة (٥/٢٠٤٠)..
٢١ المحلى (١٠/٢٩-٣٦) باختصار، انظر المحلى (١٠/٤٩)..
٢٢ ستكون الدراسة لحالتين فقط من أحوال عدة الأمة وذلك بحسب ما تقتضيه الآيات الداخله في الجزئية التي قمت بدراستها وهي:
عدة الأمة من الطلاق إن كانت ممن يحضن.
عدة الأمة من الوفاة. وقدمتها في الدراسة مع تأخر الآية في الترتيب لاتحاد دراسة الموضوع.
لم أتناول دراسة عدة الأمة المطلقة إذا كانت ممن لا يحضن... وتكون دراستها في سورة الطلاق إن شاء الله تعالى..

٢٣ سورة البقرة: من آية ٢٢٨.
٢٤ سورة البقرة: من آية ٢٣٤..
٢٥ سورة الطلاق: من آية ٤..
٢٦ سورة مريم: من آية ٦٤..
٢٧ تخريج الأثر: سنن البيهقي باب ما جاء في عدد طلاق العبد (٧/٣٧٠) حديث رقم (١٤٩٤٩)، سنن الدارقطني كتاب الطلاق (٤/٤٠) حديث رقم (١١٦).
ترجمة رجال الإسناد:
ابن وهب: ثقة، تقدم. انظر ص (١٤٦).
هشام بن سعد المدني، أبو عباد، أو أبو سعيد، صدوق له أوهام، ورمي بالتشيع، من كبار السابعة، مات سنة ستين أو قبلها. التقريب (٧٥٧٣).
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة، قال أبوب: ما رأيت أفضل منه، من كبار الثالثة، مات سنة ست ومائة على الصحيح. التقريب (٥٦٧٧).
الحكم: إسناد عبد الرزاق ضعيف..

٢٨ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٧/٢٢٢) الأثر (١٢٨٨٠)، المغني لابن قدامة (٨/٨٥)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/٧٨).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم انظر ص (١٣٥).
معمر: ثقة، تقدم. انظر ص (١١٩)ز
أيوب السختياني: ثقة، تقدم. انظر ص (١٥١).
محمد بن سيرين: الأنصاري، أبو بكر ابن أبي عمرة البصري، ثقة، ثبت، عابد، كبير القدر كان لا يرى الرواية بالمعنى، من الثالثة، مات سنة عشر ومائة. التقريب (٦١٨٧).
الحكم: إسناد عبد الرزاق صحيح..

٢٩ تخريج الأثر: لم أقف عليه وإنما في مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٣٥) باب ما قالوا في الأمة المتوفي عنها زوجها كم تعتد؟ عن مكحول أنه قال: إذا مات عنها زوجها اعتدت عدة الحرة..
٣٠ المغني لابن قدامة (٨/٥٨)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/٧٨)..
٣١ المحلى لابن حزم (١٠/١٢١) باختصار..
٣٢ سورة البقرة: من آية ٢٢٨..
٣٣ المحلى لابن حزم (١٠/١٦)..
٣٤ سورة الطلاق: من آية ٢..
٣٥ سورة الطلاق: من آية ٢..
٣٦ الرجعة: بفتح الراء وبالكسر لغتان، ويقال له على امرأته رَجْعة، ورجعة، بمعنى والفتح هو المستعمل المشهور. انظر طلبة الطلبة للنسفي (٥٥).
وعرفها الجمهور – غير الحنفية – بأنها إعادة المطلقة طلاقا غير بائن إلى الزوج في العدة بغير عقد، وعند الأحناف هي: إستدامة الملك القائم بلا عوض ما دامت في العدة. الفقه الإٍسلامي لوهبة الزحيلي (٩/٦٩٨٦)..

٣٧ سورة البقرة: من آية ٢٢٨..
٣٨ المحلى (١٠/١٧-٢١) باختصار..
٣٩ الفضل: هو الزيادة عن الاقتصاد. وذلك ضربان: محمود كفضل العلم والعلم، ومذموم كفضل الغضب على ما يجب أن يكون. عمدة الحفاظ للسمين الحلبي (٣/٢٣٧)، مفردات الراغب ص (٦٣٩)..
٤٠ سورة أل عمران: آية ٣٦..
٤١ نوكى: والنوك: بالضم الحمق، والأنوك الأحمق، وحمق النوكى والنواكة الحماقة وقوم نَوْكي، ونُوك قال الأصمعي الأنوك: العاجز الجاهل، والعيي في كلامه. لسان العرب (١٠/٥٠٢) مادة ن و ك..
٤٢ سورة البقرة: من آية ٢٢٨..
٤٣ ابن حزم – رحمه الله تعالى – يرى أنه ليس من الواجب الأخذ بالظاهر دائما..
٤٤ سورة الزخرف: من آية ١٨..
٤٥ الفصل (٤/٢٠٤)، انظر المفاضلة بين الصحابة لابن حزم ص (٢١٧)..
قال تعالى :﴿ الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ﴾١ وفيها تسع مسائل.
[ ٣٥ ] : المسألة الأولى : الطلاق الثلاث بلفظ واحد هل يقع ثلاثا أم واحدة ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
أما القول بأن قوله تعالى ﴿ الطلاق مرتان ﴾٢ أي : مرة بعد مرة فخطأ، بل هذه الآية كقوله تعالى ﴿ نؤتها أجرها مرتين ﴾٣ أي مضاعفا معا٤.
وهذه الآية أيضا تعليم لما دون الثلاث من الطلاق، وهو حجة لنا عليهم، لأنهم لا يختلفون – يعني المخالفين لنا – في أن الطلاق السنة هو أن يطلقها واحدة، ثم يتركها حتى تنقضي عدتها – في قول طائفة – منهم.
وفي قول آخرين منهم : أن يطلقها في كل مرة طلقة : وليس شيء من هذا في هذه الآية، وهم لا يرون من طلق طلقتين متتابعتين في كلام متصل : طلاق سنة، فبطل تعلقهم بقوله تعالى ﴿ الطلاق مرتان ﴾٥.
قال أبو محمد : ثم وجدنا حجة من قال : إن الطلاق الثلاث مجموعة سنة ولا بدعة قول الله تعالى ﴿ فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ﴾٦ فهذا يقع على الثلاث مجموعة ومفرقة، ولا يجوز أن يخص بهذه الآية بعض دون بعض بغير نص، وكذلك قوله تعالى ﴿ إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ﴾٧ عموم لإباحة الثلاث والإثنين والواحدة.
وقوله تعالى ﴿ وللمطلقات متاع بالمعروف ﴾٨ فلم يخص تعالى مطلقة واحدة من مطلقة ثلاثة٩.
ووجدنا ما رويناه من طريق مالك عن ابن شهاب : أن سهل بن سعد الساعدي أخبره عن حديث اللعان عويمر العجلان مع امرأته. وفي آخره أنه قال : كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم١٠.
ومن طريق البخاري نا محمد بن بشار نا يحى – هو ابن سعيد القطان – عن عبيد الله ابن عمر نا القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة أم المؤمنين قالت : إن رجلا طلق امرأته ثلاثا فتزوجت فطلق، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أتحل للأول ؟ قال : لا حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول١١، فلم ينكر عليه السلام هذا السؤال، ولو كان لا يجوز لأخبر بذلك.
وخبر فاطمة بنت قيس المشهور :
رويناه من طريق يحى بن أبي كثير أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن فاطمة بنت قيس أخبرته : أن زوجها ابن حفص بن المغيرة المخزومي طلقها ثلاثا ثم انطلق إلى اليمن، فانطلق خالد بن الوليد في نفر فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة أم المؤمنين فقالوا : إن ابن حفص طلق امرأته ثلاثا فهل لها من نفقة ؟ فقال رسول الله : ليس لها نفقة وعليها العدة١٢ وذكر باقي الخبر.
ومن طريق مسلم نا إسحاق بن منصور نا عبد الرحمن – هو ابن مهدي – عن سفيان الثوري عن أبي بكر بن أبي الجهم قال : سمعت فاطمة بنت قيس فذكرت حديث طلاقها قالت ( ( وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كم طلقك ؟ " قلت : ثلاثا، فقال " صدق، ليس لك نفقة " ١٣ وذكرت باقي الخبر.
ومن طريق مسلم نا محمد بن المثنى نا حفص بن غياث نا هشام بن عروة عن أبيه عن فاطمة بنت قيس قالت :( ( قلت يا رسول الله إن زوجي طلقني ثلاثا وأنا أخاف أن يقتحم علي ؟ قال : " فأمرها فتحولت " ١٤.
ومن طريق مسلم نا محمد بن المثنى عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم في المطلقة ثلاثا " ليس لها سكنى ولا نفقة " ١٥.
فهذا نقل تواتر من فاطمة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرها هي ونفر سواها بأن زوجها طلقها ثلاثا وبأنه عليه السلام حكم في المطلقة ثلاثا ولم ينكر عليه السلام ذلك، ولا أخبر بأنه ليس بسنة – وهذا كفاية لمن نصح نفسه.
- فإن قيل : إن الزهري روى عن أبي سلمة هذا الخبر فقال فيه : إنها ذكرت أنه طلقها آخر ثلاث تطليقات –
وروى الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن زوجها أرسل إليها بتطليقة كانت بقية لها من طلاقها – فذكر الخبر وفيه : فأرسل مروان إليها قبيصة بن ذؤيب فحدثته -١٦ وذكر باقي الخبر.
قلنا : نعم، هكذا رواه الزهري، فأما روايته من طريق عبيد الله فمنقطعة، لم يذكر عبيد الله ذلك عنها، ولا عن قبيصة عنها، وإنما قال : إن فاطمة طلقها زوجها، وأن مروان بعث إليها قبيصة فحدثته.
وأما خبره عن أبي سلمة فمتصل – إلا أن كلا الخبرين ليس فيهما : أن رسول الله أخبرته هي ولا غيرها بذلك.
إنما المسند الصحيح الذي فيه : أنه عليه السلام سأل عن كمية طلاقها وأنها أخبرته، فهي التي قدمنا أولا وعلى ذلك الإجمال جاء حكمه عليه الصلاة والسلام١٧.
وأما الصحابة رضي الله عنهم فإن الثابت عن عمر الذي لا يثبت عنه غيره ما ريناه من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل نا زيد بن وهب أنه رفع إلى عمر بن الخطاب برجل طلق ألفا فقال له عمر : أطلقت امرأتك ؟ فقال : إنما كنت ألعب، فعلاه عمر بالدرة وقال : إنما يكفيك من ذلك ثلاث١٨. ومن طريق وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فقال : إني طلقت امرأتي ألفا ؟ فقال علي : بانت منك بثلاث، وأقسم سائرهن بين نسائك فلم ينكر جمع الثلاث١٩.
ومن طريق وكيع عن جعفر بن برقان عن معاوية بن أبي يحى قال : جاء رجل إلى عثمان ابن عفان رضي الله عنه فقال : طلقت امرأتي ألفا ؟ فقال : بانت منك بثلاث٢٠ فلم ينكر الثلاث.
ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير قال : قال رجل لابن عباس : طلقت امرأتي ألفا ؟ فقال له ابن عباس : ثلاث تحرمها عليك، وبقيتها عليك وزرا، اتخذت آيات الله هزوا٢١، فلم ينكر الثلاث وأنكر ما زاد.
والذي جاء عنه من قوله لمن طلق ثلاثا ثم ندم ( ( لو اتقيت الله لجعل لك مخرجا ) )٢٢ وهو على ظاهره : نعم، إن اتقى الله جعل له مخرجا، وليس فيه أن طلاقه الثلاث معصية.
ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال : جاء رجل إلى ابن مسعود فقال : إني طلقت امرأتي تسعا وتسعين ؟ فقال له ابن مسعود : ثلاث تبينها وسائرهن عدوان٢٣.
ومن طريق أحمد بن شعيب أن عمرو بن علي نا يحى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال : طلاق السنة أن يطلقها طاهرا من غير جماع٢٤.
وأما التابعون فروينا من طريق وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال : قال رجل لشريح القاضي : طلقت امرأتي مائة ؟ فقال : بانت منك بثلاث وسبع وتسعون إسراف ومعصية٢٥.
ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال : طلاق العدة أن يطلقها إذا طهرت من الحيضة بغير جماع٢٦.
قال أبو محمد : فلم يخص واحدة من ثلاث، من اثنين٢٧.
[ ٣٦ ] : المسألة الثانية : الألفاظ التي يقع بها الطلاق.
قال أبو محمد – رحمه الله تعالى - :
لا يقع طلاق إلا من أحد ثلاثة ألفاظ : إما الطلاق، وإما السراح، وإما الفراق.
مثل أن يقول : أنت طالق، أو يقول مطلقة، أو قد طلقتك، أو أنت طالقة، أو أنت الطلاق أو أنت مسرحة، أو قد سرحتك، أو أنت مفارقة، أو قد فارقتك، أو أنت الفراق.
هذا كله إذا نوى به الطلاق، فإن قال في شيء من ذلك كله : لم أنو الطلاق صدق في الفتيا ولم يصدق في القضاء في الطلاق، وما تصرف منه، وصدق في سائر ذلك في القضاء أيضا برهان ذلك :
قوله تعالى ﴿ ثم طلقتموهن ﴾٢٨ وقوله تعالى ﴿ فطلقوهن ﴾٢٩ وقوله ﴿ وللمطلقات ﴾٣٠ وقوله تعالى ﴿ وسرحوهن سراحا جميلا ﴾٣١ وقوله تعالى ﴿ فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ﴾٣٢ وقوله تعالى ﴿ فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف ﴾٣٣ وقوله تعالى ﴿ وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته ﴾٣٤.
لم يذكر الله تعالى حل الزوج للزوجة إلا بهذه الألفاظ فلا يجوز حل عقدة عقدت بكلمة الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا بما نص الله تعالى عليه ﴿ ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ﴾٣٥ وأما قولنا : إن نوى مع ذلك الطلاق، فلقول الرسول صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " ٣٦.
وأما تفريقنا بين ألفاظ الطلاق، فلم يوجب أن يراعى قول فيها : لم أنو الطلاق، في القضاء خاصة، وراعينا ذلك في ألفاظ ( ( السراح، والفراق ) ) فلأن لفظة ( ( الطلاق ) ) وما تصرف منها لا يقع في اللغة التي خاطبنا الله عز وجل بها في أحكام الشريعة إلا على عقد الزواج فقط لا معنى آخر البتة، فلا يجوز أن يصدق في دعواه في حكم قد ثبت بالبتة عليه وفي إسقاط حقوق وجبت يقينا للمرأة بالطلاق قبله.
وراعينا دعواه تلك في الفتيا، لأنه قد يريد لفظا آخر فيسبقه لسانه إلى ما لم يرده، فإذا لم يعرف ذلك إلا بقوله، فقوله كله مقبول لا يجوز أخذ بعضه وإسقاط بعضه.
وأما ( ( السراح، والفراق ) )٣٧ فإنهما تقع في اللغة التي خاطبنا الله عز وجل في شرائعه على حل عقد النكاح، وعلى معان أخر وقوعا مستويا ليس معنى من تلك المعاني أحق بتلك اللفظة من سائر تلك المعاني، فيكون : أنت مسرحة، أي أنت مسرحة للخروج إذا شئت، وبقوله : قد فارقتك، وأنت مفارقة، في شيء مما بينهما ما لم توافقه فيه فلما كان ذلك لم يجز أن يحكم عقد صحيح بكلمة الله عز وجل بغير يقين ما يوجب حلها.
وما عدا هذه الألفاظ فلا يقع بها طلاق البتة – نوى بها طلاقا أو لم ينو – لا في فتيا ولا في قضاء.
قال أبو محمد : قال تعالى ﴿ الطلاق مرتان ﴾٣٨ وقال تعالى ﴿ فطلقوهن لعدتهن ﴾٣٩ ولا يقع الطلاق في اللغة التي خاطبنا الله تعالى بها ورسوله اسم تطليق على أن يكتب إنما يقع ذلك اللفظ به، فصح أن الكتاب ليس طلاقا حتى يلفظ به إذا لم يوجب ذلك نص٤٠.
[ ٣٧ ] : المسألة الثالثة : طلاق العبد.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
وطلاق العبد لزوجته الأمة أو الحرة، وطلاق الحر لزوجته الأمة أو الحرة : كل ذلك سواء، لا تحرم واحدة ممن ذكرنا على مطلق ممن ذكرنا إلا بثلاث تطليقات مجموعة أو مفرقة، لا بأقل أصلا.
برهان ذلك : قول الله عز وجل ﴿ إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ﴾٤١.
وقال تعالى ﴿ إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ﴾٤٢ وقال تعالى ﴿ وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ﴾٤٣ فسوى تعالى بين طلاق كل ناكح من حر أو عبد أو عربي أو عجمي، أو مريض أو صحيح :﴿ وما كان ربك نسيا ﴾٤٤.
ونحن نشهد بشهادة الله عز وجل أنه تعالى لو أراد أن يفرق بين شيء من ذلك لما أهمله ولا أغفله ولا غشنا بكتمانه، ولبينه لنا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فإذا لم يفعل ذلك فوالله ما أراد الله قط فرقا بين شيء من ذلك.
وبالآيات التي ذكرنا صح أن الطلاق بيد الناكح لا بيد سواه، فدخل في ذلك الحر والعبد دخولا مستويا بلا شك، وقد وافقنا المالكيون، والحنفيون، والشافعيون على هذا، ووافقنا الحنفيون على أن الحرة لا تحرم على زوجها العبد إلا بثلاث تطليقات، ووافقنا الشافعيون، والمالكيون على أن الأمة لا تحرم على زوجها الحر إلا بثلاث تطليقات
١ سورة البقرة: آية ٢٢٩..
٢ سورة البقرة: آية ٢٢٩..
٣ سورة الأحزاب: من آية ٣١..
٤ أن هذه الآية أقطع دلالة على أن المعدود من الطلاق المرة تلو المرة. إذ المرة بداية ونهاية بينهما مسافة زمنية، وابن حزم – رحمه الله تعالى – (أخطأ في تعليقه هذا) إذ أن الله سبحانه وتعالى عندما يؤتي نساء النبي صلى الله عليه وسلم الأجر مرتين لا يستغرق ذلك الإتيان إلا زمنه، وهو لا شيء بالنسبة لله تعالى ولكن دل عليه فعله فعد مرتين وذلك معنى المضاعفة وعامل الزمن بالنسبة لله لا يعتد به إنما امره (كن فيكون) وإنما يعتد بالمضاعفة الفعلية مرتين. انظر تعليق د. البنداري على المحلى (٩/٣٨٩).
وقال ابن القيم – رحمه الله – والله فرق الطلاق بقوله ﴿الطلاق مرتان﴾ أي مرة بعد مرة، وما كان مرة بعد مرة لا يملك المكلف إيقاعه دفعة واحدة مثل اللعان لابد من التفريق فيه، ولو قال: أشهد بالله أربع شهادات أني لمن الصادقين كان مرة واجدة والشارع الحكيم طلب أن يسبح العبد ربه ويحمده ويكبره دبر كل صلاة (ثلاثا وثلاثين) ولا يكفيه أن يقول سبحان الله ثلاثا وثلاثين ولابد من التفريق حتى يكون قد أتى بالأمر المشروع. انظر أعلام الموقعين (٣/٣٤). باختصار وتصرف يسير..

٥ سورة البقرة: آية ٢٢٩..
٦ سورة البقرة: من آية ٢٣٠..
٧ سورة الأحزاب: من آية ٤٩..
٨ سورة البقرة: من آية ٢٤١..
٩ نعم لم يخص الله تعالى مطلقة واحدة من غير ذلك لكنه قيد سبحانه أن تكون المرة بداية ونهاية بينهما مسافة زمنية ثلاثة قروء..
١٠ تخريج الحديث: موطأ مالك باب ما جاء في اللعان (٢/٥٦٦)، صحيح البخاري باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين (٦/٢٦٦١)، صحيح مسلم بشرح النووي كتاب اللعان (١٠/١٢١)، صحيح ابن حبان باب اللعان (١٠/١١٥)،
ترجمة رجال الإسناد:
مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، أبو عبد الله المدني، إمام دار الهجرة، رأس المتيقنين، وكبير المتثبتين، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين. التقريب (٦٦٨٥).
ابن شهاب الزهري: ثقة تقدم. انظر ص (١١٩).
سهل بن سعد بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي، أبو العباس، له ولأبيه صحبة، مشهور، مات سنة ثمان وثمانين، وقيل بعدها وقد جاز المائة. التقريب (٢٧٣٢).
عويمر: بزيادة راء في آخره هو ابن أبي أبيض العجلان وقال الطبراني هو عويمر بن الحارث بن زيد بن جابر بن الجد بن العجلان، وأبيض لقب لأحد آبائه. الإصابة (٤/٧٤٦).
الحكم: إسناده صحيح.
يقول ابن قدامة – رحمه الله تعالى – ((أما حديث المتلاعنين فغير لازم، لأن الفرقة لم تقع بالطلاق، فإنها وقعت بمجرد لعانهما، وعند الشافعي بمجرد لعان الزوج فلا حجة فيه. ثم إن اللعان يوجب تحريما مؤبدا، فالطلاق بعده كالطلاق بعد انفساخ النكاح بالرضاع أو غيره، ولأن جمع الثلاث إنما حرم لما يعقبه من الندم ويحصل به من الضرر ويفوت عليه من حل نكاحها ولا يحصل ذلك بالطلاق بعد اللعان، لحصوله باللعان)). المغني (٧/٢٨٢)..

١١ تخريج الحديث: صحيح البخاري باب من أجاز طلاق الثلاث (٥/٢٠١٤)، صحيح مسلم باب لا تحل المطلقة ثلاثا حتى تنكح زوجا غيره ويطأها ثم يفارقها وتنقضي عدتها (٢/١٠٥٧)..
١٢ تخريج الحديث: صحيح مسلم بشرح النووي باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها (١٠/٣٣٩) حديث رقم (٣٦٨٤)، صحيح ابن حبان كتاب الرضاع / باب النفقة (١٠/٦٥) حديث رقم (٤٢٥٣)، سنن النسائي الكبرى كتاب الطلاق / باب الرخصة في ذلك (٣/٣٥٠) حديث رقم (٥٥٩٨)..
١٣ تخريج الحديث: صحيح مسلم بشرح النووي كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها (١٠/٣٤٤) حديث رقم (٣٧٠٢)..
١٤ تخريج الحديث: صحيح مسلم بشرح النووي كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها (١٠/٣٤٦) حديث رقم (٣٧٠٢)..
١٥ تخريج الحديث: سبق تخريجه. صحيح مسلم الكتاب والباب السابق (١٠/٣٤٢) حديث رقم (٣٦٩٢)..
١٦ تخريج الأثر: صحيح مسلم كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها (١٠/٣٤٠) حديث رقم (٣٦٨٨)، مسند أبي عوانة (٣/١٥٥)..
١٧ يقول ابن قدامة – رحمه الله تعالى – ((وسائر الأحاديث لم يقع فيها جمع الثلاث بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فيكون مقرا عليه، ولا حضر المطلق عند النبي صلى الله عليه وسلم حين أخبر بذلك لينكر عليه، على أن حديث فاطمة، قد جاء فيه أنه أرسل إليها بتطليقة كانت بقيت لها من طلاقها، وحديث امرأة رفاعة جاء فيه أنها طلقها آخر ثلاث تطليقات، متفق عليه فلم يكن في شيء عن ذلك جمع الثلاث ولا خلاف بين الجمع في أن الاختيار والأولى أن يطلق واحدة ثم يدعها حتى تنقضي عدتها فإن في ذلك امتثالا لأمر الله تعالى وموافقة لقول السلف وأمنا من الندم فإنه متى ندم راجعها فإن فاته ذلك فله نكاحها)) المغني (٧/٢٨٣)..
١٨ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٣٩٣)، مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٢).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة تقدم. انظر ص (١٣٥).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم. انظر ص (١٤٨).
سلمة بن كهيل الحضرمي، أبو يحي الكوفي، ثقة، من الرابعة. التقريب(٢٥٨٣).
زيد بن وهب الجهني، أبو سليمان الكوفي، ثقة، جليل لم يصب من قال في حديثه خلل. التقريب (٢٢٣٣).
الحكم: إسناده صحيح..

١٩ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٢).
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع: ثقة، تقدم. انظر ص (١٦٧).
الأعمش: سليمان بن مهران الأسدي، الكاهلي، أبو محمد الكوفي، ثقة، حافظ، عارف بالقراءات، ورع، لكنه يدلس، من الخامسة، مات سنة سبع وأربعين. التقريب (٢٦٩٠).
حبيب بن أبي ثابت، قيس، ويقال: هند بن دينار الأسدي مولاهم، أبو يحى الكوفي، ثقة، فقيه، جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس / من الثالثة، مات سنة تسع عشرة ومائة. التقريب (١١٣٤).
الحكم: إسناده ضعيف..

٢٠ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٢).
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع: ثقة، تقدم. انظر ص (١٦٧).
جعفر بن برقان – بضم الموحدة وسكون الراء بعدها قاف – الكلابي، أبو عبد الله الرقي، صدوق، يهم في حديث الزهري من السابعة، مات سنة خمسين وقيل: بعدها. التقريب (٩٧٢). قال الذهبي: ثقة، أمي اليس في الزهري بذاك. الكشاف (١/٣٧١).
معاوية بن أبي يحى لم أقف عليه. وإنما قال البخاري: معاوية بن أبي تحيا روى عنه جعفر بن برقان. التاريخ الكبير (٧/٣٣٢).
الحكم: إسناده حسن لأن جعفر ثقة في غير الزهري. انظر الكامل لابن عدي (٢/٣٧١)..

٢١ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٣٩٧)، مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٢)، سنن البيهقي الكبرى (٧/٣٣٧).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٥).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم. انظر ص (١٤٨).
عمرو بن مرة بن عبد الله بن طارق الجملي – بفتح الجيم والميم – المرادي، أبو عبد الله الكوفي، الأعمى، ثقة، عابد كان لا يدلس ورمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة ثمان عشرة ومائة وقيل قبلها. التقريب (٥٢٩١).
سعيد بن جبير: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٣).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٢ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٢)، سنن البيهقي (٧/٣٣٧)، مصنف عبد الرزاق (٦/٣٩٦)..
٢٣ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٣٩٥)، مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٣).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٥).
معمر: ثقة، تقدم. انظر ص (١١٩).
الأعمش: ثقة ولكنه يدلس، تقدم. انظر ص (٢٧٠).
إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، أبو عمران الكوفي الفقيه، ثقة إلا أنه يرسل كثيرا، من الخامسة، مات سنة ست وتسعين. التقريب (٢٩٣).
علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي، الكوفي، ثقة، ثبت، فقيه، عابد، من الثانية، مات سنة الستين وقيل بعد. التقريب (٨٤٢٠).
الحكم: إسناده ضعيف..

٢٤ تخريج الأثر: سنن النسائي كتاب الطلاق / باب طلاق السنة (٣/٣٤٢) حديث رقم (٥٥٨٧)، ومن طريق الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله الخ، قال الأعمش: سألت إبراهيم في مثل ذلك. انظر سنن النسائي الكتاب والباب السابق (٣/٣٤٢) حديث رقم (٥٥٨٧)، سنن ابن ماجة كتاب الطلاق / باب طلاق السنة (٢/٢١٦) حديث رقم (٢٠٢٠).
ترجمة رجال الإسناد:
أحمد بن شعيب: ثقة، تقدم. انظر ص (١٨٢).
عمرو بن علي بن بحر بن كنيز – بنون وزاي – أبو حفص الفلاسي، الصيرفي الباهلي، البصري، ثقة، حافظ من العاشرة، مات سنة تسع وأربعين. التقريب (٥٢٥٤).
يحى بن سعيد بن فروخ – بفتخ الفاء وتشديد الراء المضمومة وسكون الواو ثم المعجمة – التميمي، أبو سعيد القطان، البصري، ثقة، متقن، حافظ، إمام قدوة، من كبار التاسعة. التقريب (٧٨٣٦).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم. انظر ص (١٤٨).
أبو إسحاق السبيعي: ثقة ولكنه يدلس، انظر ص (١٤٨).
أبو الأحوص: عوف بن مالك بن نضلة – بفتح النون وسكون المعجمة – الجشمي – بضم الجيم وفتح المعجمة - أبو الأحوص الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة، من الثالثة، قتل في ولاية الحجاج على العراق. التقريب (٥٤٠٨).
الحكم: إسناده ضعيف يرتقي بشواهده إلى الحسن لغيره..

٢٥ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٤).
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع: ثقة، تقدم. انظر ص (١٦٧)
إسماعيل بن أبي خالد: ثقة، تقدم. انظر ص (١٦٧).
الشعبي: ثقة، تقدم. انظر ص (١٦٧).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٦ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٣٠١).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٥).
معمر: ثقة، تقدم. انظر ص (١١٩).
قتادة، ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٤).
سعيد بن المسيب: ثقة، تقدم. انظر ص (١٥٠).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٧ المحلى (٩/٣٨٨-٤٠١) باختصار وبتصرف يسير..
٢٨ سورة الأحزاب: من آية ٤٩..
٢٩ سورة الطلاق: من آية ١..
٣٠ سورة البقرة: من آية ٢٤١..
٣١ سورة الأحزاب: من آية ٤٣..
٣٢ سورة البقرة: من آية ٢٢٩..
٣٣ سورة الطلاق: من آية ٢..
٣٤ سورة النساء: من آية ١٣٠..
٣٥ سورة الطلاق: من آية ١..
٣٦ صحيح البخاري كتاب الوحي باب بدء الوحي (١/٣) حديث (١)، صحيح ابن حبان باب الإخلاص وأعمال السر (٢/١١٣) حديث (٣٨٨)..
٣٧ السراح: تسريح المرأة: تطليفها. مختار الصحاح (١/١٢٤) مادة (س ر ح)، قال الأزهري هو اسم وضع موضع المصدر، يقال سرحت الناقة إذا أرسلتها. حاشية قليوبي وعميرة (٣/٣٢٦)، قال ابن منظور: سمى الله عز وجل الطلاق سراحا فقال ﴿وسرحوهن سراحا جميلا﴾، كما سماه طلاقا من طلق المرأة، وسماه الفراق. فهذه ثلاثة ألفاظ تجمع صريح الطلاق الذي لا يدين فيها المطلق بها إذا أنكر أن يكون عنى بها طلاقا. لسان العرب (٢/٤٧٩)..
٣٨ سورة البقرة: من آية ٢٢٩..
٣٩ سورة الطلاق: من آية ١..
٤٠ المحلى لابن حزم (٩/٤٣٨-٤٥٤) باختصار..
٤١ سورة الطلاق: من آية ١..
٤٢ سورة الأحزاب: من آية ٤٩..
٤٣ سورة النور: من آية ٣٢..
٤٤ سورة مريم: من آية ٦٤..
قال تعالى :﴿ فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون ﴾١ وفيها ست مسائل.
[ ٤٤ ] : المسألة الأولى : الحكم الرافع للتحريم ذوق العسيلة في النكاح الصحيح.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
ومن طلق امرأته ثلاثا لم يحل له زواجها إلا بعد زوج يطأها في فرجها بنكاح صحيح في حال عقله وعقلها، ولا بد – ولا يحلها له وطء في نكاح فاسد، ولا وطء في دبر، ولا وطئها في نكاح صحيح وهي في غير عقلها – بإغماء، أو بسكر، أو بجنون ولا هو كذلك – فإن بقي من حسه أو حسها – في هذه الأحوال، أو في النوم، ما تدرك به اللذة أحلها ذلك إذا مات ذلك الزوج، أو طلقها، أو انفسخ نكاحها منه بعد صحته.
برهان ذلك : قول الله عز وجل ﴿ فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون ﴾٢ ففي هذه الآية عموم كل زوج، ولا يكون زوجا إلا من كان زواجه صحيحا.
وأما من تزوج بخلاف ما أمره الله عز وجل فليس زوجا، ولا عد زواجا، وفيها تحليل رجعته لها بعد طلاق الزوج وبقي أمر الوطء، وأمر موت الزوج الثاني، وانفساخ نكاحه :
فوجدنا ما رويناه من طريق أبي داود السجستاني نا مسدد نا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم النخعي عن الأسود عن عائشة أم المؤمنين قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته – تعني ثلاثا – فتزوجت غيره فطلقها قبل أن يواقعها، أتحل لزوجها الأول ؟ قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تحل للأول حتى تذوق عسيلة٣ الآخر ويذوق عسيلتها٤.
ففي هذا الخبر زيادة عموم حلها له بالوطء لا بغيره، فدخل في ذلك موته، وانفساخه بعد صحته، ودخل في عموم ذوق العسيلة كل ما ذكرنا قبل وبالله تعالى التوفيق٥.
[ ٤٥ ] : المسألة الثانية : وطء الذمي هل يحل الذمية لمطلقها المسلم ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
واحتجوا بقول الله تعالى في المطلقة ثلاثا ﴿ فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا ﴾٦ قالوا : فقستم وفاة هذا الزوج الثاني وفسخ نكاحه عنها على علاقة لها في كونها إذا مسها في ذلك حلالا المطلق ثلاثا، قالوا لنا : بل لم تقنعوا بذلك حتى قلتم إن كانت ذمية٧ طلقها مسلم ثلاثا فتزوجها ذمي، فطلقها بعد أن وطئها لم تحل بذلك لمطلقها ثلاثا، ولا تحل إلا بموته عنها، أو بفسخ نكاحه منها.
قال أبو محمد : فالجواب وبالله تعالى : أننا أبحنا لها الرجوع إليه بالوفاة وبالفسخ لوجهين :
أحدهما : الإجماع المتيقن، والثاني : النص الصحيح الذي عنه تم الإجماع، وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للقرضية المطلقة ثلاثا " أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك " ٨.
قال علي : فهذا الحديث أعم من الآية، وزائد على ما فيها، فوجب الأخذ به، ووجب أن كل ما كان بعد ذوق العسيلة مما يبطل به النكاح فهي به حلال رجوعها إلى زوجها المطلق ثلاثا، لأنه صلى الله عليه وسلم إنما جعل الحكم الرافع للتحريم ذوق العسيلة في النكاح الصحيح، فإذا ارتفع بذلك التحريم فقد صارت كسائر النساء، فإذا خلت من ذلك الزوج بفسخ أو وفاة أو طلاق كان لها أن تنكح من شاءت من غير ذوي محارمها، ولم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذوق العسيلة طلاقا من فسخ من وفاة، وأيقنا أنه صلى الله عليه وسلم لم يبحها للزوج الأول، وهي بعد في عصمة الزوج الثاني، ولا خلاف بين أحد في ذلك، وأما طلاق الذمي وسائر الكفار، فليس طلاقا، لأن كل ما فعل الكافر وقال غير اللفظ بالإسلام، فهو باطل مردود إلا ما أوجب إنفاذه النص أو الإجماع المتيقن المنقول، أو أباحه له النص أو الإجماع، كذلك فإذا لفظ بالطلاق فهو لغو، لأنه لا نص ولا إجماع في جواز طلاقه، فليس مطلقا، وهو بعد في عصمته، لصحة نكاحهم بالنص من إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للكفار، لما أسلموا مع نسائهم، على نكاحهم معهن، ولأنه صلى الله عليه وسلم من ذلك النكاح خلق، وقد علمنا أنه صلى الله عليه وسلم مخلوق من أصح نكاح، ولا يحل لمسلم أن يمر بباله غير ذلك، ولم يمنع تعالى في الآية من إباحة رجعتها بعد وفاة الزوج، أو فسخ نكاحه، إنما ذكر تعالى الطلاق فقط، وعم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإجمال لفظة الطلاق وغيره، وقد كان يلزم من قال بذلك الخطاب فهم ألا يبيحها إلا بعد الطلاق لا بعد الفسخ والوفاة، فهذه الآية حجة عليهم لا لهم.
وبالله تعالى التوفيق٩.
[ ٤٦ ] : المسألة الثالثة : وطء السيد هل يحلل الأمة لزوجها ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
وإذا كان النكاح صحيحا ثم وطئها في حال لا يحل فيه الوطء من صوم فرض، منه أو منها أو إحرام كذلك، أو اعتكاف كذلك، أوي هي حائض : فكل ذلك لا يحلها.
ويحلها العبد يتزوجها، والذمي – إن كانت هي ذمية – ولا يحلها – إن كانت أمة : وطء سيدها لها، برهان ذلك : قول الله عز وجل ﴿ فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله ﴾١٠.
ففي هذه الآية عموم كل زوج، ولا يكون زوجا إلا من كان زواجه صحيحا.
كما روينا من طريق الحجاج بن المنهال نا يزيد بن زريع نا خالد – هو الحذاء – عن الحكم بن عتيبة عن علي بن أبي طالب قال : حتى تحل له من حيث حرمت عليه. ١١
يعني : الأمة تطلق فيطأها سيدها دون أن تتزوج زوجا آخر.
وبه إلى خالد الحذاء عن أبي معشر عن إبراهيم النخعي عن عبيدة السلماني عن ابن مسعود قال : لا تحل له إلا من حيث حرمت عليه١٢.
وصح عن مسروق١٣ أنه رجع إلى القول بعد أن أفتى بقول زيد١٤، ١٥.
[ ٤٧ ] : المسألة الرابعة : هل تحل الأمة لسيدها بملك اليمين إذا اشتراها بعد أن كانت زوجته وطلقها ثلاثا ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
روينا أنه لا تحل لسيدها بملك اليمين إذا اشتراها بعد أن طلقها ثلاثا : عن عثمان١٦، وزيد بن ثابت١٧.
وصح عن جابر بن عبد الله١٨، وعن علي بن أبي طالب١٩ أنه كره ذلك، وصح عن مسروق٢٠ والنخعي٢١، وعبيدة السلماني٢٢، والشعبي٢٣، وابن المسيب٢٤، وسليمان بن يسار٢٥.
قال أبو محمد : ولا يحل للسيد أن يرى من عورتها شيئا إلا ما يرى من حريمته، ولا أن يتلذذ بها، لقول الله عز وجل ﴿ فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ﴾٢٦
فعم تعالى ولم يخص، بخلاف الكتابية، والحائض، والصائمة فرضا، والمحرمة، لأن هؤلاء إنما حرم نكاحهن فقط – وهو الوطء – وبالله تعالى التوفيق. ٢٧
[ ٤٨ ] : المسألة الخامسة : نكاح المحلل.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
فلو رغب المطلق ثلاثا إلى من يتزوجها ويطأها ليحلها له فذلك جائز إذا تزوجها بغير شرط لذلك في نفس عقدة لنكاحه إياها، فإذا تزوجها فهو بالخيار إن شاء طلقها، وإن شاء أمسكها فإن طلقها حلت للأول، فلو شرط في عقد نكاحها أنه يطلقها إذا وطئها، فهو عقد فاسد مفسوخ أبدا ولا تحل له به، ولا فرق بين هذا وبين ما ذكرنا قبل في كل نكاح فاسد.
قال أبو محمد : وقال بعض القائلين : لا تكون حلالا إلا بنكاح رغبة لا ينوي به تحليلها للذي طلقها.
واحتجوا في ذلك بأثر رويناه من طريق أحمد بن شعيب نا عمرو بن منصور نا أبو نعيم – هو الفضل بن دكين – عن سفيان الثوري عن أبي قيس – هو عبد الرحمن بن ثروان – عن هزيل بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود قال : ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة٢٨ والمستوشمة٢٩، والواصلة٣٠ والموصولة٣١، وآكل الربا ومؤكله، والمحل٣٢، والمحلل له٣٣ وهذا خبر لا يصح في هذا الباب سواه، ثم آثار بمعناه إلا أنها هالكة.
قال أبو محمد : اختلف الناس في المحلل الآثم الملعون، والمحلل له الآثم الملعون، من هما ؟
فروينا من طريق وكيع عن سفيان الثوري عن المسيب بن رافع عن قبيصة بن جابر قال : قال عمر بن الخطاب : لا أوتى بمحل ولا بمحلل له إلا رجمته. ٣٤
وذهب آخرون إلى إجازة ذلك.
كما روينا من طريق عبد الرزاق عن هشام – هو ابن حسان عن محمد بن سيرين قال : أرسلت امرأة إلى رجل فزوجته نفسها ليحلها لزوجها ؟ فأمره عمر ابن الخطاب أن يقيم عليها، ولا يطلقها، وأوعده أن يعاقبه إن طلقها٣٥.
ومن طريق عبد الرزاق عن معمر هشام بن عروة عن أبيه أنه كان لا يرى بأسا بالتحليل إذا لم يعلم أحد الزوجين٣٦.
وقال الليث بن سعد : إن تزوجها ثم فارقها لترجع إلى زوجها ولم يعلم المطلق ولا هي بذلك وإنما كان ذلك منه احتسابا ؟ فلا بأس بأن ترجع إلى الأول، فإن بين الثاني ذلك للأول بعد دخوله بها لم يضره ذلك.
وهو قول سالم بن عبد الله بن عمر٣٧، والقاسم بن محمد بن أبي بكر٣٨.
وصح عن عطاء فيمن نكح امرأة عامدا محللا ثم رغب فيها فأمسكها ؟ قال : لا بأس بذلك٣٩.
وروينا عن الشعبي : لا بأس بالتحليل إذا لم يأمر به الزوج٤٠ وبه يقول الشافعي٤١، وأبو ثور٤٢.
قالا جميعا : المحلل – الذي يفسد نكاحه – هو الذي يعقد عليه في نفس عقد النكاح أنه إنما يتزوجها ليحلها ثم يطلقها فأما من لم يشترط ذلك عليه عقد النكاح فهو عقد صحيح لا داخلة فيه، سواء شرط ذلك عليه قبل العقد أو لم يشترط – نوى ذلك في نفسه أو لم ينوه - ؟ قال أبو ثور : هو مأجور٤٣.
ونحن نقول : إن الملعون هو الذي يعقد نكاحه معلنا بذلك فقط وأما الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لعن المحلل والمحلل له، فنعم، كل ما قاله عليه الصلاة والسلام فهو حق، إلا أننا وجميع خصومنا لا نختلف في أن هذا اللفظ منه عليه الصلاة والسلام ليس عموما لكل محل، ولكل محلل له، ولو كان ذلك – وأعوذ بالله – وقد أعاذنا الله تعالى من ذلك للعن كل واهب وكل موهوب له، وكل بائع وكل بائع له، وكل ناكح وكل منكح، لأن هؤلاء كلهم محلون لشيء كان حراما ومحلل لهم أشياء كانت حراما عليهم، هذا ما لا شك فيه.
فصح يقينا أنه عليه الصلاة والسلام إنما أراد بعض المحلين وبعض المحلل لهم، فإذا هذا كالشمس وضوحا ويقينا لا يمكن سواه، فلا يحل لمسلم أن ينسب إليه عليه الصلاة والسلام أنه أراد أمر كذا إلا بيقين من نص وارد لا شك فيه، وإلا فهو كاذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقول له ما لم يقله، ومخبر عنه بالباطل، فإذا هذا كله يقين، فالمحلل الملعون والمحلل له كذلك :
إنما هما بلا شك من أحل حراما لغيره بلا نص.
ثم نظرنا هل يدخل في ذلك من تزوج وفي نيته أن يحلها لمطلقها ثلاثا، أم لا يدخل ؟
فوجدنا كل من يتزوج مطلقة ثلاثا فإنه بوطئه لها محل والمطلق محلل له – نوى ذلك أن لم ينوه – فبطل أن يكون داخلا في هذا الوعيد، لأنه حتى إن اشترط ذلك عليه قبل العقد فهو لغو من القول ولم ينعقد النكاح إلا صحيحا بريا من كل شرط بل كما أمر الله عز وجل.
وأما بنيته لذلك فقد قلنا فيها الآن ما كفى.
والعجب أن المخالفين لنا يقولون فيمن تزوج امرأة وفي نيته أن لا يمسكها إلا شهرا ثم يطلقها، إلا أنه لم يذكر ذلك في عقد النكاح، فإنه نكاح صحيح لا داخلة فيه، وهو مخير إن شاء طلقها وإن شاء أمسكها،
١ سورة البقرة: آية ٢٣٠..
٢ سورة البقرة: ٢٣٠..
٣ العسيلة: عسل النحل هو المنفرد بالاسم دون ما سواه من الحلو المسمى به على التشبيه. وعسل الشيء يعسله ويعسله عسلا، وعسيله: خلطه بالعسل وطيبه وحلاه، وفي الحديث: حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك، يعني جماعها لأن الجماع هو المستحلى من المرأة، شبه لذة الجماع بذوق العسل فاستعار لها ذوقا، وقيل إن العسلة: ماء الرجل، والنطفة تسمى العسيلة، قال الأزهري: العسيلة في هذا الحديث كناية عن حلاوة الجماع الذي يكون بتغيب الحشفة في فرج المرأة، ولا يكون ذواق العسيلتين معا إلا بالتغيب وإن لم ينزلا. ولذلك اشترط عسيلتهما. وأنت العسيلة لأنه شبهها بقطعة من العسل.
قال ابن الأثير: وإنما صغره إلى القدر القليل الذي يحصل به الحل، لسان العرب لابن منظور (١١/٤٤٥)، الغريب لابن قتيبة (١/٢٠٧)، الفائق في اللغة (٢/٤٣٠)، الموسوعة الفقهية (٣٠/١٠٠)..

٤ تخريج الحديث: سنن أبي داود كتاب الطلاق باب المبتوتة لا يرجع إليها زوجها حتى تنكح غيره (٢/٢٩٤) حديث رقم (٢٣٠٩)، صحيح البخاري كتاب الطلاق باب إذا قال فارقتك (٥/٢٠١٦) حديث رقم (٤٩٦٤)، صحيح مسلم كتاب الطلاق باب لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره ويطأها ثم يفارقها وتنقضي عدتها (٢/١٠٥٥) حديث رقم (١٤٦٦).
ترجمة رجال الإسناد:
أبو داود: ثقة، تقدم. انظر ص (١٩٦).
مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مستورد الأسدي، البصري، أبو الحسن، ثقة، حافظ، يقال إنه أول من صنف المسند بالبصرة، من العاشرة، مات سنة ثمان وعشرين، ويقال اسمه عبد الملك بن عبد العزيز، ومسدد لقب التقريب (٦٨٧٠).
أبو معاوية: محمد بن خازم – بمعجمتين – أبو معاوية، الضرير، الكوفي، عمي وهو صغير، ثقة، أحفظ الناس لحديث الأعمش، وقد يهم في حديث غيره، من كبار التاسعة، مات سنة خمس وتسعين وقد رمي بالإرجاء. التقريب (٦٠٥٦).
الأعمش: سليمان بن مهران الأسدي: ثقة لكنه يدلس، تقدم. انظر ص (٢٧٠).
إبراهيم النخعي: ثقة، تقدم. انظر ص (٢٠٤).
الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، أبو عمرو أو أبو عبد الرحمن، مخضرم، ثقة، مكثر، فقيه، من الثانية، مات سنة أربع أو خمس وسبعين. التقريب (٥٥٠).
الحكم: إسناده صحيح..

٥ المحلى (٩/٤١٤-٤١٥). باختصار..
٦ سورة البقرة: من آية ٢٣٠..
٧ الذمة: في اللغة العهد، لأن نقضه يوجب الذم وتفسر بالأمان والضمان، وكل ذلك متقارب.
ومنها قيل للمعاهد من الكفار ذمي لأنه أومن على ماله ودمه بالجزية. المغرب للمطرزي ص (١٧٧) والمراد بأهل الذمة في إصطلاح الفقهاء: الذميون، والذمي نسبة إلى الذمة، أي العهد من الإمام أو ممن ينوب عنه بالأمن على نفسه وماله نظير التزامه الجزية ونفوذ أحكام الإسلام.
وأهل الذمة قد يكونون من أهل الكتاب، وقد يكونون من غيرهم كالمجوس، فالنسبة بين أهل الذمة وأهل الكتاب: أن كل واحد منهما أعم من الآخر من وجه، وأخص منه من وجه آخر، فيجتمعان في الكتابي إذا كان من أهل الذمة ١. هـ، الموسوعة الفقهية (٧/١٢٢)..

٨ سبق تخريجه ص (٣١٦)..
٩ الإحكام لابن حزم (٢/٤٠٢-٤٠٣)، انظر المحلى (٩/٤٢٠)..
١٠ سورة البقرة: من آية ٢٣٠..
١١ مصنف ابن أبي شيبة من طريق خالد الحذاء عن أبي معشر عن إبراهيم أن عليا قال في سيد الأمة: ((ليس بزوج)) انظر (٣/٣٥٦)، وانظر سنن سعيد بن منصور (١/٣٨٩-٣٩١).
ترجمة رجال الإسناد:
الحجاج بن منهال: ثقة، تقدم. انظر ص (٢٨٦).
يزيد بن زريع: ثقة، تقدم. انظر ص (١٥٠).
خالد بن مهران المنازل – بفتح الميم وقيل بضمها وكسر الزاي – البصري الحذاء – بفتح المهملة وتشديد الذال المعجمة – قيل له ذلك لأنه كان يجلس عندهم، وقيل لأنه يقول أخذ على هذا النحو، وهو ثقة يرسل، من الخامسة، أشار حماد بن زيد إلى أن حفظة تغير لما قدم من الشام، وعاب عليه بعضهم دخوله في عمل السلطان. التقريب (١٧٣٨). قال الذهبي: ثقة إمام توفي ١٤١ هـ. الكاشف (١/٢٧٤).
الحكم بن عتيبة – بالمثناة ثم الموحدة – مصغرا، أبو محمد الكندي، الكوفي، ثقة، ثبت، فقيه، إلا أنه ربما دلس، من الخامسة، مات سنة ثلاث عشرة أو بعدها. وله نيف وستون. التقريب (١٥١١). قال الذهبي: ثقة، توفي ١١٥ هـ. الكاشف (١/٢٤٦).
الحكم: إسناده حسن يرتقي إلى الصحيح لغيره بالمتابعات والشواهد..

١٢ تخريج الأثر: المعجم الكبير للطبراني (٩/٣٤٣) رقم (٩٧٠٨)، عن ابن مسعود قال ((لا يحلها لزوجها وطء سيدها حتى تنكح زوجا غيره)) قال الهيثمي بعد أن عزاه للطبراني رجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد باب متى تحل المبتوتة (٤/٣٤١).
ترجمة رجال الإسناد:
خالد الحذاء: ثقة، يرسل، تغير حفظه لما قدم الشام، قال الحافظ بن حجر: توفي سنة ١٤١ هـ وقال ابن أبي حاتم في المراسيل عن أبيه، عن أحمد: ما أراه سمع من الكوفيين من رجل أقدم من أبي الضحى... وقرأت بخط الذهبي: ما خالد في الثبت بدون هشام بن عروة، وأمثاله. التهذيب (١/٥٣٤).
أبو معشر الكوفي: زياد بن كليب الحنظلي، ثقة، من السادسة، مات سنة تسع عشرة أو عشرين. التقريب (٢١٦٦) قال ابن حجر: وقد روى عنه: قتادة، وخالد الحذاء، وسعيد بن أبي عروة، ومنصور، وهشام بن حسان، ويونس بن عبيد، وشعبة وغيرهم من أقرانه، ومن دونه. التهذيب (١/٦٥٢).
إبراهيم النخعي: ثقة، تقدم. انظر ص (٢٠٤).
عبيدة السلماني: ثقة، تقدم. انظر ص (١٧٠).
الحكم: إسنده صحيح..

١٣ سنن سعيد بن منصور (١/٣٩١)، مصنف عبد الرزاق (٧/٢٤٧)..
١٤ المراد بقول زيد ((السيد زوج))..
١٥ المحلى (٩/٤١٤-٤٢١)..
١٦ سنن سعيد بن منصور (١/٣٩٠)..
١٧ مصنف عبد الرزاق (٧/٢٤٥)، سنن سعيد بن منصور (١/٣٩٠)، التمهيد لابن عبد البر (٩/١٢١)..
١٨ مصنف عبد الرزاق (٧/٢٤٦)، سنن البيهقي الكبرى (٧/٣٧٦)..
١٩ مصنف عبد الرزاق (٧/٢٤٧)، سنن البيهقي الكبرى (٧/٣٧٦)، مشكل الآثار للطحاوي (٤/٤٦٧)..
٢٠ مصنف عبد الرزاق (٧/٢٤٧)، سنن سعيد بن منصور (١/٣٨٩)..
٢١ سنن سعيد بن منصور (١/٣٨٩)..
٢٢ سنن البيهقي الكبرى (٧/٣٧٦)..
٢٣ سنن سعيد بن منصور (١/٣٨٩)..
٢٤ مصنف عبد الرزاق (٧/٢٤٥)..
٢٥ مصنف عبد الرزاق (٧/٢٤٥)، التمهيد لابن عبد البر (٩/١٢١)..
٢٦ سورة البقرة: من آية ٢٣٠..
٢٧ المحلى لابن حزم (٩/٤٢١-٤٢٢)..
٢٨ الواشمة: فاعلة الوشم، الوشم تقريح الجلد وغرزه بالإبرة وحشوه بالنيل أو الكحل أو دخان الشحم وغيره من السواد. المغرب للمطرزي ص (٤٧٥)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي ص (٦٦٢)..
٢٩ المستوشمة: أي التي تطلب فعله ويفعل بها. انظر المصدر السابق..
٣٠ الواصلة: التي تصل شعرها بشعر امرأة أخرى والتي يوصل شعرها بشعر زورا. المغني لابن قدامة (١/٦٨)، الموسوعة الفقهية (١٦/١٠٩)..
٣١ الموصولة: التي يوصل لها ذلك بطلبها. انظر المصدر السابق..
٣٢ المحل: حل الشيء يحل بالكسر حلا خلاف حرم، فهو حلال، وحل أيضا وصف بالمصدر ويتعدى بالهمزة والتضعيف فيقال أحللته وحللته، واسم الفاعل محل ومحلل ومنه المحلل الذي يتزوج المطلقة ثلاثا لتحل لمطلقها. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي ص (١٤٨)، المغرب للمطرزي (١٢٦)، الفتاوي الكبرى لابن تيمية (٦/٢٣٥).
قال المباركفوري: المحل اسم فاعل من الإحلال والمحلل له اسم مفعول من التحليل والمراد المحل من تزوج المرأة المطلقة ثلاثا بقصد الطلاق أو شروطه لتحل هي لزوجها الأول. تحفة الأحوذي (٤/٢٢١)..

٣٣ تخريج الحديث:
سنن النسائي الكبرى كتاب النكاح / باب نكاح المحلل والمحلل له وما فيه ن التغليظ (٣٠/٣٢٥) رقم (٥٥٣)، سنن النسائي (المجتبى) كتاب الطلاق / باب إحلال المطلقة ثلاثا وما فيه من التغليظ (٦/٤٦٠) رقم (٣٤١٦)، سنن الترمذي كتاب النكاح / باب ما جاء في المحلل والمحلل له (٣/٤٢٨) رقم (١١٢٠)، مسند أبي يعلى مسند عبد الله بن مسعود (٩/٢٣٧) رقم (٥٣٥٠)، سنن البيهقي الكبرى كتاب النكاح/ باب ما جاء في نكاح المحلل (٧/٢٠٨) رقم (١٣٩٦٣)، سنن الدارمي كتاب النكاح باب في النهي عن التحليل (٢/٥٩٧) رقم (٢١٧٥)، مسند أحمد، مسند عبد الله ابن مسعود (٢/٢٧) رقم (٤٢٧١).
ترجمة رجال الإسناد:
أحمد بن شعيب النسائي: ثقة، تقدم. انظر ص (١٨٢).
عمرو بن منصور النسائي، أبو سعيد، ثقة، ثبت، من الحادية عشرة. التقريب (٥٣٠٠).
الفضل بن دكين الكوفي واسم دكين عمرو بن حماد بن زهير التيمي مولاهم، الأحول، أبو نعيم الملائي – بضم الميم – مشهور بكنيته، ثقة، ثبت، من التاسعة، مات سنة ثماني عشرة وقيل تسع عشرة وكان مولده سنة ثلاثين، وهو كبار شيوخ البخاري. التقريب (٥٥٨٩).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم. انظر ص (١٤٨).
عبد الرحمن بن ثروان – بمثلثة مفتوحة وراء ساكنة – أبو قيس الأودي، الكوفي، صدوق ربما خالف، من السادسة مات سنة عشرين ومائة. التقريب (٣٩٣٠).
هزيل بن شرحبيل، بالتصغير، الأودي، الكوفي، ثقة، مخضرم، من الثانية. التقريب (٧٥٦٢).
الحكم: إسناده صحيح، قال الحافظ بن حجر ((صححه ابن القطان وابن دقيق العيد على شرط البخاري)) تلخيص الحبير (٣/٣٥٠)..

٣٤ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٢٦٥)، سنن سعيد بن منصور كتاب وباب ما جاء في المحلل والمحلل له (٢/٤٩) رقم (١٩٩٢)، مصنف ابن أبي شيبة (٣/٣٩٢)، سنن البيهقي الكبرى (٧/٢٠٨) رقم (١٣٩٦٩).
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع: ثقة، تقدم. انظر ص (١٦٧).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم. انظر ص (١٤٨).
المسيب بن رافع الأسدي، الكاهلي، أبو العلاء الكوفي، الأعمى، ثقة، من الرابعة، مات سنة خمس ومائة. التقريب (٦٩٤٦).
قبيصة بن جابر بن وهب الأسدي، أبو العلاء الكوفي، ثقة، من الثانية، مخضرم، مات سنة تسع وستين. التقريب (٥٦٩٨).
الحكم: إسناده صحيح..

٣٥ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٢٦٧)، الأم للشافعي (٥/٨٨)، أعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم (٣/١٥٤). قال الشافعي ((وسمعت هذا الحديث مسندا شاذا مؤتصلا عن ابن سيرين يوصله عن عمرو مثل هذا المعنى)). سنن البيهقي (٧/٢٠٩).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٦).
هشام بن حسان الأودي القردوسي – بالقاف وضم الدال – أبو عبد الله البصري، ثقة، من أثبت الناس في ابن سيرين وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال لأنه قيل كان يرسل عنهما، من السادسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين. التقريب (٧٥٦٨).
محمد بن سيرين: ثقة، تقدم. انظر ص (٢٥٣).
الحكم: إسناده صحيح.
قال ابن قدامة – رحمه الله تعالى – ((أما حديث ذو الرقعتين، فقال أحمد: ليس له إسناد، يعني أن ابن سيرين لم يذكر إسناده إلى عمر، وقال أبو عبيد: هو مرسل. فأين هو من الذين سمعوه يخطب به على المنبر: لا أوتى بمحل ولا محلل له إلا رجمتهما. ولأنه ليس فيه أن ذا الرقعتين قصد التحليل، ولا نواه، وإذا كان كذلك، لم يتناول محل النزاع. ١. هـ المغني لابن قدامة (٧/١٤٠)..

٣٦ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٢٦٧).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٥).
معمر: ثقة، تقدم. انظر ص (١١٩).
هشام بن عروة: ثقة، تقدم. انظر ص (١١٩).
الحكم: إسناده صحيح..

٣٧ التمهيد لابن عبد البر (١٣/٢٣٥)..
٣٨ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٢٦٧)، التمهيد لابن عبد البر (١٣/٢٣٤)..
٣٩ مصنف عبد الرزاق (٦/٢٦٩)، أعلام الموقعين لابن القيم (٣/١٥٥)..
٤٠ الأم للشافعي (٥/٨٧)، أسنى المطالب للأنصاري (٣/١٥٧)، سنن البيهقي (٧/٢٠٩)، المغني لابن قدامة (٧/١٣٩) الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي (٤/١٠٨)، الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي (٢/٤٥)..
٤١ نيل الأوطار للشوكاني (٦/١٦٧)..
٤٢ نيل الأوطار للشوكاني (٦/١٦٧)..
٤٣ صحيح البخاري كتاب الإيمان والنذر / باب إذا حديث ناسيا في الأيمان (٦/٢٤٥٤) رقم (٦٢٨٧*)، صحيح مسلم كتاب الأيمان / باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر (٢/٣٢٧) رقم (٣٢٧)..
قال تعالى :﴿ وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا واذكروا نعمت الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم ﴾١
وفيها مسألة واحدة.
[ ٥٠ ] : المسألة : بم تكون الرجعة ؟
قال أبو محمد – رحمه الله تعالى - :
فإن وطئها لم يكن بذلك مراجعا لها حتى يلفظ بالرجعة ويشهد، ويعلمها بذلك قبل تمام عدتها فإن راجع ولم يشهد، فليس مراجعا لقوله تعالى ﴿ فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوى عدل منكم ﴾٢.
فرق عز وجل بين المراجعة، والطلاق، والإشهاد، فلا يجوز إفراد بعض ذلك عن بعض وكان من طلق ولم يشهد ذوي عدل، أو راجع ولم يشهد ذوي عدل، متعديا لحدود الله تعالى.
قال أبو محمد : لم يأت – بأن الجماع رجعة – قرآن ولا سنة.
ولا خلاف في أن الرجعة بالكلام رجعة، فلا يكون رجعة إلا بما صح أنه رجعة وقال تعالى ﴿ فأمسكوهن بمعروف ﴾٣ والمعروف٤ ما عرف به في نفس الممسك الراد، ولا يعرف ذلك إلا بالكلام. وبالله تعالى التوفيق٥.
١ سورة البقرة: آية ٢٣١..
٢ سورة الطلاق: من آية ٢..
٣ سورة البقرة: آية ٢٣١..
٤ المعروف: اسم لكل فعل يعرف بالعقل والشرع حسنة، والمنكر: ما ينكرهما. عمدة الحفاظ للسمين الحلبي (٣/٦١)، مفردات ألفاظ القرآن للراغب ص (٥٦١).
وقد ذكر في الحديث بأنه اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه والإحسان إلى الناس وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات وهو من الصفات الغالبة أي أمر معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكرونه. لسان العرب (٩/٢٤٠)..

٥ المحلى (١٠/١٧-١٩) باختصار..
قال تعالى :﴿ والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أراد فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير ﴾١ وفيها تسع مسائل.
[ ٥١ ] : المسألة الأولى : هل يجب على الأم إرضاع ولدها ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
والواجب على كل والدة – حرة كانت أو أمة – في عصمة زوج أو في ملك سيد، أو كانت خلوا منهما – لحق ولدها بالذي تولد من مائة أو لم يلحق – أن ترضع ولدها أحبت أم كرهت، ولو أنها بنت الخليفة وتجبر على ذلك، إلا أن تكون مطلقة.
فإن كانت مطلقة لم تجبر على إرضاع ولدها من الذي طلقها إلا أن تشاء هي ذلك، فلها ذلك، أحب أبوه أم كره، أحب الذي تزوجها بعده أم كره.
فإذا أرادت هي أن تسترضع له غيرها وأبى الوالد : لم يكن لها ذلك، وأجبرت على إرضاعه – قبل غير ثديها أو لم يقبل غير ثديها – إلا أن لا يكون لها لبن، أو كان لبنها يضر به : فعلى الوالد حينئذ أن يسترضع لولده غيرها.
فإن لم يقبل في كل ذلك إلا ثدي أمه : أجبرت على إرضاعه إن كان لها لبن لا يضر به.
قال أبو محمد : برهان كل ما ذكرناه منصوص في قول الله عز وجل ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾٢ ثم قال – رحمه الله تعالى - :
أما قولنا أول المسألة : الواجب على كل حرة أو أمة في عصمة زوج كانت أو ملك سيد أو خلو منهما لحق ولدها بالذي تولد من مائه أو لم يلحق أن ترضع ولدها أحبت أم كرهت ولو أنها بنت الخليفة وتجبر على ذلك فلقول الله تعالى ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾٣ وهذا عموم لا يحل لأحد أن يخص منه شيئا إلا ما خصه نص ثابت وإلا فهو كذب على الله تعالى.
فإن قيل هذا خبر لا أمر ؟
قلنا : هذا أشد عليكم، إذ أخبر عز وجل بذلك، فمخالف خبره ساع في تكذيب ما أخبر الله عز وجل وفي هذا ما فيه.
وهذا قول ابن أبي ليلى٤، والحسن بن حيى٥، وأبي ثور٦، وأبي سليمان٧، وأصحابنا. ٨
[ ٥٢ ] : المسألة الثانية : مقدار مدة الحمل.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
ولا يجوز٩ أن يكون حمل أكثر من تسعة أشهر، لقول الله تعالى ﴿ وحمله وفصاله ثلاثون شهرا١٠ وقال تعالى ﴿ والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ﴾١١.
فمن ادعى أن حملا وفصلا يكون في أكثر من ثلاثين شهرا فقد قال الباطل والمحال ورد كلام الله عز وجل جهارا.
وممن رُوي عنه مثل قولنا : عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
كما روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني يحي بن سعيد الأنصاري أنه سمع سعيد بن المسيب يقول قال عمر بن الخطاب : أيما رجل طلق امرأته فحاضت حيضة أو حيضتين ثم قعدت فلتجلس تسعة أشهر حتى يستبين حملها، فإن لم يستبن حملها في تسعة أشهر فلتعتد بعد التسعة الأشهر ثلاثة أشهر عدة التي قد قعدت عن المحيض١٢.
قال أبو محمد : فهذا عمر لا يرى الحمل أكثر من تسعة أشهر وهو قول محمد بن عبد الله بن عبد الحكم١٣، ١٤، وأبى سليمان١٥، وأصحابنا.
قال علي : إلا أن الولد قد يموت في بطن أمه فيتمادى بلا عناية حتى تلقيه متقطعا في سنين فإن صح هذا فإنه حمل صحيح لا تنقضي عدتها إلا بوضعه كله إلا أنه لا يوقف له ميراث ولا يلحق أصلا، لأنه لا سبيل إلى أن يولد حيا، ولو سعت عند تيقن ذلك في إسقاطه بدواء لكان مباحا، لأنه ميت بلا شك. وبالله تعالى التوفيق. ١٦
[ ٥٣ ] : المسألة الثالثة : رضاع الكبير.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
ورضاع الكبير محرم – ولو أنه شيخ يحرم – كما يحرم رضاع الصغير ولا فرق ؟
قال أبو محمد : قالت طائفة إرضاع الكبير والصغير يحرم كما ورد عن أبي موسى وإن كان قد رجع عنه.
فمن طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي حصين عن أبي عطية الوادعي أن رجلا مص من ثدي امرأته فدخل اللبن في حلقه فسأل أبا موسى الأشعري عن ذلك فقال له أبو موسى : حرمت عليك امرأتك، ثم سأل ابن مسعود ذلك، قال أبو عطية – ونحن عنده – فقام ابن مسعود وقمنا معه حتى أتى أبا موسى الأشعري فقال : أرضيعا ترى هذا ؟ إنما الرضاع ما أنبت اللحم والعظم. فقال أبو موسى : لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحَبر١٧ بين أظهركم١٨.
ومن طريق عبد الرزاق نا ابن جريج أخبرني عبد الكريم : أن سالم ابن أبي الجعد مولى الأشجعي أخبره أن أباه أخبره أنه سأل علي بن أبي طالب فقال : إني أردت أن أتزوج امرأة وقد سقتني من لبنها وأنا كبير تداويت به ؟ فقال علي : لا تنكحها ونهاه عنها١٩.
ومن طريق مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن رضاع الكبير ؟ فقال أخبرني عروة بن الزبير بحديث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلة بنت سهيل٢٠ بأن ترضع سالما مولى أبي حذيفة٢١ خمس رضعات وهو كبير ففعلت فكانت تراه ابنا لها، قال عروة : فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال فكانت تأمر أختها أم كلثوم٢٢، وبنات أخيها يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال٢٣.
ومن طريق عبد الرزاق نا ابن جريج قال : سمعت عطاء بن أبي رباح وسأله رجل فقال : سقتني امرأة من لبنها بعد ما كنت كبيرا أفأنكحها ؟ قال عطاء : لا، قال ابن جريج فقلت له : وذلك رأيك ؟ قال : نعم، كانت عائشة رضي الله عنها تأمر بذلك بنات أخيها٢٤. وهو قول الليث بن سعد٢٥.
ومن عجائب الدنيا قول بعض المفتونين : لما قال الله تعالى ﴿ والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ﴾٢٦ دل ذلك على أن ههنا حولين ناقصين وأشار إلى عددها بالشمس.
قال أبو محمد : فجمع هذا القول مخالفة الله عز وجل، ومكابرة الحس :
أما مخالفة الله عز وجل فإنه يقول ﴿ إن عدة الشهور عند الله اثنا عشرا شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم ﴾٢٧.
فنص تعالى على أن عدة الشهور عنده هي التي منها أربعة حُرم، وأنه في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض، وأن ذلك هو الدين القيم ولا يمكن أن تكون الأشهر الحُرم إلا في الأشهر العربية القمرية فمن خالف ذلك فقد خالف الدين القيم، ونسب إلى الله تعالى الكذب من أنه أمر أن يراعى عدد الحولين بالعجمية.
وأما مكابرة العيان – فإنه ليس بين الحولين الأعجميين المعدودين بالشمس وقطعهما للفلك وبين الحولين العربيين المعدودين بالقمر إلا اثنان وعشرون يوما، فالزيادة على ذلك إلى تمام شهرين لا ندري من أين أتت، والقطع بالتحريم والتحليل في دين الله عز وجل بمثل هذا لا يحل.
وأما من حد ذلك بما كان في المهد – فكلام أيضا لا تقوم بصحته حجة لا من قرآن، ولا من سنة، ولا من إجماع، ولا من قياس، ولا من رواية ضعيفة فسقط هذا القول.
وأما من حد ذلك بما كان في الصغر – فإن الصغر يتمادى إلى بلوغ الحلم، لأنه قبل ذلك لا تلزمه الحدود، ولا الفرائض وهذا حد لا يوجبه قرآن ولا سنة.
وأما من حد ذلك بالفطام – فإنهم احتجوا بقول الله عز وجل ﴿ فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما ﴾٢٨.
قال أبو محمد : وهذا لا حجة لهم فيه في التحريم إذ ليس للتحريم في هذه الآية ذكر، ولا في تراضيهما بالفصال تحريم، لأن يرتضع الولد بعد ذلك، إنما فيها انقطاع النفقة الواجبة على الأب في الرضاع، وليس بانقطاع حاجة الصبي إلى الرضاع ينقطع التحريم برضاعة – إن رضع – إذ لم يأت بذلك قرآن، ولا سنة، فنظرنا فيمن راعى الحولين فوجدناهم يحتجون بقول الله تعالى ﴿ وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ﴾٢٩ وبقوله تعالى ﴿ والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ﴾٣٠ وبقول الله تعالى ﴿ حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين ﴾٣١.
فقالوا : قد قطع الله عز وجل أن فصال الرضيع في عامين، وأن رضاعه حولان كاملان، لمن أراد أن يتم الرضاعة.
قالوا : فلا رضاع بعد الحولين أصلا، لأن الرضاعة قد تمت، وإذا انقطع الرضاع انقطع حكمه من التحريم، وغير ذلك.
قال أبو محمد : صدق الله تعالى وعلينا الوقوف عند ما حد عز وجل، ولو يأت نص غير هذا لكان في هذه النصوص متعلق، لكن جاء في ذلك : ما روينا من طريق مسلم نا عمرو الناقد وابن أبي عمر، قالا جميعا : نا سفيان عن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين قال : جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو حليفة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أرضعيه "، فقالت : وكيف أرضعه وهو رجل كبير ؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " قد علمت أنه رجل كبير ؟ " ٣٢.
ومن طريق مسلم نا إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه ومحمد بن أبي عمر – واللفظ له – قال : نا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب – هو السختياني – عن ابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة أم المؤمنين : أن سالما مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم فأتت – يعني سهله بنت سهيل – إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن سالما قد بلغ ما بلغ الرجال، وعقل ما عقلوا، وإنه يدخل علينا، وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا ؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم " أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة " ٣٣.
ومن طريق مسلم نا محمد بن المثنى نا محمد بن جعفر غندر نا شعبة عن حميد بن نافع عن زينب بنت أم سلمة، قالت : قالت أم سلمة لعائشة رضي الله عنها : إنه يدخل عليك الغلام الأيفع٣٤ الذي ما أحب أن يدخل علي ؟ قالت عائشة : أما لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ؟ إن امرأة أبي حذيفة قالت : يا رسول الله إن سالما يدخل علي – وهو رجل – وفي نفس أبي حذيفة منه شيء ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أرضعيه حتى يدخل عليك " ٣٥.
ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين قالت : جاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن سالما كان يدعى ابن أبي حذيفة، وإن الله قد أنزل في كتابه ﴿ ادعوهم لآبائهم ﴾٣٦ وكان يدخل علي وأنا فُضُل٣٧ ونحن في منزل ضيق ؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : " أرضعي سالما تحرمي عليه٣٨ ".
قال الزهري : قال بعض أزواج رسو
١ سورة البقرة: آية ٢٣٣..
٢ سورة البقرة: آية ٢٣٣..
٣ سورة البقرة: آية ٢٣٣..
٤ المغني لابن قدامة (٨/٢٠٠)، الاختيارات العلمية لابن تيمية (٥/٥٢٠)..
٥ المغني لابن قدامة (٨/٢٠٠).
٦ المغني لابن قدامة (٨/٢٠٠)..
٧ المحلى لابن حزم (١٠/١٧٠)..
٨ المحلى لابن حزم (١٠/١٦٥-١٧٠) باختصار..
٩ المقصود بالجواز: الإمكان..
١٠ سورة الأحقاف: من آية ١٥..
١١ سورة البقرة: من آية ٢٣٣..
١٢ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٣٣٩).
عبد الرزاق: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: ثقة، ولكن يرسل قال الحافظ ابن حجر: ((قال الأثرم عن أحمد إذا قال ابن جريج ((قال فلان)) و ((قال فلان))، و((أخبرت)) جاء بمناكير، وإذا قال ((أخبرني)) و((سمعت)) فحسبك به. التهذيب (٢/٦١٧).
يحي بن سعيد الأنصاري: ثقة، تقدم. انظر ص (٢٢٣).
سعيد بن المسيب: ثقة، وقد تقدم. انظر ص (١٥٠).
الحكم: إسناده صحيح..

١٣ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، فقيه أهل مصر، روى عن ابن وهب وأنس بن عياض، أكثر عنه الأصم وغيره، احتج به النسائي وقال: ثقة.
قال ابن خزيمة: ما رأيت في فقهاء الإسلام أعرف بأقاويل الصحابة والتابعين منه، وكان أعلم من رأيت بمذهب مالك أما الإسناد فلم يكن يحفظه، مات سنة ثمان وستين ومائتين. ميزان الإعتدال للذهبي (٣/٣١١)، انظر ترتيب المدارك للقاضي عياض (١/٤٠٠)، الديباج المذهب لابن فرحون ص (٣٢٠)..

١٤ شرح مختصر خليل للخرشي (٤/١٣٦)، بداية المجتهد لابن رشد (٢/٦٣٩)، الموسوعة الفقهية (١٨/١٤٦)..
١٥ بداية المجتهد لابن رشد (٢/١٥٨)..
١٦ المحلى لابن حزم (١٠/١٣١-١٣٢) باختصار. انظر الإحكام (١/٢٥٤)..
١٧ الحبر – بفتح المهملة وبكسرها أيضا وبسكون الموحده – ورجح الجوهري الكسر للمهملة الصحاح (١/٥١٣) قال النسفي: أي العالم. طلبة الطلبة ص (١٧١) قال ابن العربي عند تفسير قوله تعالى ﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله﴾ الحبر: هو يُحسن القول وينظمه ويتقنه، ومنه ثوب مُحَبّر أي جمع الزينة. ويقال بكسر الحاء وفتحها.
وقد غلط فيه بعض الناس، فقال: إنما سمى به لحمل الحبر وهو المداد والكتابة. أحكام القرآن (٢/٤٨٤).
قال الراغب: يسمى العالم حبرا لما يبقى في قلوب الناس من آيات علومه الحسنة وآثاره الجميله المقتدى بها من بعده عمدة الحفاظ (١/٣٦٥)..

١٨ تخريج الأثر: موطأ مالك (٢/٢٠٧)، سنن سعيد بن منصور (١/٢٨٢)، مصنف عبد الرزاق (٧/٤٦٣)، سنن البيهقي (٧/٤٦٢)، سنن الدارقطني (٤/١٧٣).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرحمن بن مهدي: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٣).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم، وربما دلس. وقال البخاري: ما أقل تدليسه. طبقات المدلسين لابن حجر ص (٣٢).
أبو حصين: عثمان بن عاصم بن حُصين الأسدي، الكوفي، أبو حصين – بفتح المهملة – ثقة، ثبت، سُني وربما دلس من الرابعة، مات سنة سبع وعشرين ويقال بعدها. التقريب (٤٦٢٠).
أبو عطية الوادعي الهمْداني، اسمه مالك بن عامر، أو ابن أبي عامر، أو ابن عوف، أو ابن حمزة، أو ابن أبي حمزة، ثقة، من الثانية، مات في حدود السبعين. التقريب (٨٥٣٣).
الحكم: إسناده صحيح..

١٩ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٧/٤٦١) وفيها (وكان علي ابن أبي طالب يقول أن سقته امرأته من لبن سريته، أو سقته سريته من لبن امرأة لتحرمها عليه فلا يحرمها ذلك) زاد المعاد (٥/٥٨٥).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، وقد تقدم. انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: ثقة، وكان يدلس ويرسل وقد ذكره بالأخبار قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: ((قال الأثرم عن أحمد: إذا قال ابن جريج: ((قال فلان))، ((قال فلان))، ((أخبرت)) جاء بمناكير وإذا قال ((أخبرني)) و((سمعت)) فحسبك به. التهذيب (٢/٦١٧).
عبد الكريم بن مالك الجرزي: أبو سعيد مولى بني أمية، وهو الخضرمي بالخاء والضاء المعجتمين، نسبة إلى قرية اليمامة ثقة، متقن، من السادسة، مات سنة سبع وعشرين. التقريب (٤٢٧٩).
سالم بن أبي الجعد، رافع الغطفاني الأشجعي مولاهم، الكوفي، ثقة، وكان يرسل كثيرا، من الثالثة، مات سنة سبع أو ثمان وتسعين، وقيل مائة، أو بعدها. التقريب (٢٢٤٤).
رافع بن سلمة بن زياد بن أبي الجعد الغطفاني مولاهم، البصري، ثقة، من السابعة، التقريب (١٩٢٥).
الحكم: إسناده صحيح إن كان عبد الكريم الذي روى عنه ابن جريج هو الجزري. وضعيف إن كان عبد الكريم هو أبو أمية بن أبي المخارق حيث جاء في ترجمته: عبد الكريم بن أبي المخارق – بضم الميم وبالخاء المعجمة – أبو أمية المعلم، البصري، نزيل مكة، ضعيف. له في البخاري زيادة في أول قيام الليل من طريق سفيان، عن سليمان الأحول، عن طاووس عن أبي عباس في الذكر عند القيام قال سفيان زاد عبد الكريم فذكر شيئا وهو موصول، وعلم له المزي علامة التعليق، وله ذكر في مقدمة مسلم، وما روى له النسائي إلا قليلا، من السادسة، مات سنة ست وعشرين وشارك الجزري في بعض المشايخ فربما التبس به على من لا فهم له. التقريب (٤٢٨١) التهذيب (٢/٦٠٤).
قال البنداري: الراجح أنه عبد الكريم بن أبي المخارق فابن جريج مدلس وقد ذكره بالإخبار وليس فيه التصريح بالسماع ثم إن الخبر فيه تناقص حيث حرم في ظرف ولم يحرم في ظرف آخر مع افتراض الشرب في كل من الظرفين فهو يحرم على من أراد أن يتزوج إذا رضع من المرأة ولا يحرم المرأة على زوجها إذا أرضعتها ضرتها لتكيد لها. انظر المحلى (١٠/١٨٨).
قال أبو عمر: رضاع الكبير قال به قوم عطاء، والليث، وروي عن علي ولا يصح عنه. التمهيد لابن عبد البر (٨/٢٥٧). وقال الأرنؤوط في تعليقه على هذا الأثر بعد أن عزاه إلى مصنف عبد الرزاق: رجاله ثقات. زاد المعاد (٥/٥٨٥) حاشية..

٢٠ سهلة بنت سهيل: - بفتح السين وإسكان الهاء وأبوها بضم السين على التصغير – تهذيب الأسماء للنووي (٢/٦١٣). وهي سهلة بنت سهيل بن عمرو لها صحبة من مهاجرات الحبشة هاجرت مع زوجها أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم في رضاع الكبير. الاستيعاب لابن عبد البر (٤/١٨٦٥)، الإصابة لابن حجر (٧/٧١٦)..
٢١ سالم مولى أبي حذيفة وهو سالم بن معقل من أهل فارس من اصطخر وقيل من عجم الفرس كان مولى لامرأة من الأنصار يقال لها بنت يعار زوجة أبي حذيفة، وبعد أن أعتقه أبو حذيفة تبناه ثم بعد نسخ التبني تولى أبا حذيفة ولازمة، فعرف به، قتل يوم اليمامة سنة اثنتي عشرة في خلافة الصديق رضي الله عنه. الطبقات الكبرى لابن سعد (٣/٨٥)، الاستيعاب لابن عبد البر (٢/٥٦٧)..
٢٢ أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق هي أصغر بناته رضي الله عنها، أمها حبيبة بنت خارجة بن زيد توفي عنها وهي حبلى فولدت أم كلثوم هذه، خطبها عمر بن الخطاب لما كبرت فكرهت ذلك واحتالت عليه حتى أمسك عنها وتزوجها طلحة بن عبيد الله. الاستيعاب لابن عبد البر (٤/١٨٠٧)، الرياض النضرة لأحمد الطبري (٢/٢٥٨)..
٢٣ تخريج الأثر: موطأ مالك (٢/٦٠٥)، المنتقى لابن الجارود (١/١٧٣)، صحيح ابن حبان (١٠/٢٨).
ترجمة رجال الإسناد:
مالك: ثقة، تقدم. انظر ص (٢٦٧).
ابن شهاب: ثقة، تقدم. انظر ص (١١٩).
عروة بن الزبير: ثقة، تقدم. انظر ص (١١٩).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٤ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٧/٤٥٨).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: ثقة، يدلس وهنا قد صرح بالسماع. قال أحمد: ابن جريج أثبت الناس في عطاء. التهذيب (٢/٦١٧).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٥ أحكام القرآن للجصاص (١/٤٩٧)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (٥/٥١٤)..
٢٦ سورة البقرة: من آية ٢٣٣..
٢٧ سورة التوبة: من آية ٣٦..
٢٨ سورة البقرة: من آية ٢٣٣..
٢٩ سورة الأحقاف: من آية ١٥..
٣٠ سورة البقرة: من آية ٢٣٣..
٣١ سورة لقمان: من آية ١٤..
٣٢ صحيح مسلم كتاب الرضاع / باب رضاعة الكبير (٢/١٠٧٦) حديث رقم (١٤٥٣)..
٣٣ صحيح مسلم كتاب الرضاع / باب رضاعة الكبير (٢/١٠٧٦) حديث رقم (١٤٥٣)..
٣٤ الأيفع: أيفع الغلام فهو يافع إذا شارف الإحتلام ولم يحتلم وهو من نوادر الأبنية وغلام يافع ويفعة. النهاية في غريب الحديث (٥/٢٩٨)..
٣٥ صحيح مسلم كتاب الرضاع / باب رضاعة الكبير (٢/١٠٧٧) حديث رقم (١٤٥٣).
قال ابن منظور: اليافع ما أشرف من الرمل، وكل شيء مرتفع فهو يافع ومن ايفع الغلام فهو يافع إذا شارف الإحتلاف لسان العرب لابن منظور (٨/٤١٥)..

٣٦ سورة الأحزاب: آية ٥..
٣٧ فُضُل: - بضم الفاء والضاء المعجمة – قال الجوهري تفضلت المرأة في بيتها إذا كانت في ثوب واحد وكذلك الثوب مِفْضَل – بكسر الميم – والمرأة فُضُل – بالضم – مثل جُنُب وكذلك الرجل. الصحاح (٢/١٣٣٥)، المغرب للمطرزي (ص ٣٦٣)، الغريب لابن قتيبة (٢/٦٢٣) قال ابن الأثير: أي مبتذلة في ثياب مهنتها، يقال تفضلت المرأة إذا لبست ثياب مهنتها أو كانت في ثوب واحد. النهاية في غريب الحديث (٣/٤٥٦).
قال ابن وهب مكشوفة الرأس والصدر، وقيل معناه أن يكون معه ثوب واحد لا إزار تحته. وقيل عن الخليل يقال رجل متفضل وفضل هو المتوشج بثوب على عاتقيه خالف بين طرفيه، ويقال امرأة فُضُل وثوب فُضُل فمعنى ذلك أنه كان يدخل عليها وبعض جسدها منكشف. انظر المنتقى شرح الموطأ لأبي الوليد الباجي (٤/١٥٤)..

٣٨ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٧/٤٥٩)، مسند اسحاق بن راهوية (٢/٢٠٠)، صحيح ابن حبان (١٠/٢٧)، مسند أحمد (٦/٢٢٨)، التمهيد لابن عبد البر (٨/٢٦٣).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم. انظر ص (١٣٥).
معمر: ثقة، تقدم. انظر ص (١١٩).
الزهري: ثقة، تقدم. انظر ص (١١٩).
عروة بن الزبير: ثقة، تقدم. انظر ص (١١٩).
الحكم: إسناده صحيح..

قال تعالى :﴿ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير ﴾١ وفيها أربع مسائل.
[ ٦٠ ] : المسألة الأولى : مدة العدة هل هي بالليالي أم بالأيام ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
فإن ابتدأت بالعدة٢ من أول ليلة من الشهر مشت : أربعة أهلة وعشر ليال من الهلال الخامس فإذا طلع الفجر من اليوم العاشر : فقد تمت عدتها وحلت للأزواج لأنه قد قال تعالى ﴿ وعشرا ﴾٣ فهو لفظ تأنيث، فهو لليالي، ولو أراد الأيام لقال : وعشرة وإن بدأت بالعدة قبل ذلك أو بعده فعدتها مائة ليلة وست وعشرون ليلة بما بينها من الأيام فقط، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الشهر تسعة وعشرون " ٤، ٥ ولا يجوز أن يحال بين أيام شهر واحد بما ليس منه هذا محال بلا شك وبالله تعالى التوفيق٦.
[ ٦١ ] : المسألة الثانية : من هي المعتدة ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
وعدة الوفاة والإحداد٧ : فيها يلزم الصغيرة – ولو في المهد – وكذلك المجنونة وهو قول مالك٨، والشافعي٩.
وقال أبو حنيفة١٠ : عليها العدة، ولا إحداد عليها قال : لأنها غير مخاطبة.
قال أبو محمد : إن كان ذلك عنده حجة مسقطه للإحداد فينبغي أن يسقط بذلك عنها العدة لأن الله عز وجل يقول ﴿ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ﴾١١ والصغيرة غير مخاطبة وكذلك المجنونة ولا تتربص بنفسها.
وأما نحن، فحجتنا في ذلك :
ما رويناه من طريق البخاري نا عبد الله بن يوسف أنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبرته أنها سمعت أم سلمة أم المؤمنين تقول :( قالت امرأة يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها أفنكحلها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا، لا، إنما هي أربعة أشهر وعشر وذكرت الخبر " ١٢.
فلم يخص عليه الصلاة والسلام كبيرة من صغيرة، ولا عاقلة من مجنونة، ولا خاطبها، بل خاطب غيرها فيها، فهو عموم زائد على ما في القرآن.
والإحداد واجب على الذمية لقول الله تعالى ﴿ وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ﴾١٣ وبقوله تعالى ﴿ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ﴾١٤ والدين الحكم، فواجب أن يحكم عليهم بحكم الإسلام، وهو لازم لهم، وبتركهم إياه استحقوا الخلود ومن قال : إنه لا يلزمهم دين الإسلام : فقد فارق الإسلام.
ويلزم الإحداد الأمة المتوفي عنها١٥ زوجها كالحرة١٦.
[ ٦٢ ] : المسألة الثالثة : سكن المحدة.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
وتعتد المتوفي عنها والمطلقة ثلاثا١٧، وآخر ثلاث، والمعتقة تختار فراق زوجها : حيث أحببن ولا سكن لهن لا على المطلق، ولا على ورثة الميت، ولا على الذي اختارت فراقه، ولا نفقة.
ولهن أن يحججن في عدتهن، وأن يرحلن حيث شئن.
وقال وأما المتوفي عنها :
فروينا من طريق حماد بن سلمة أنا قيس هو ابن عباد – عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة – أم المؤمنين – أنها حجت بأختها أم كلثوم امرأة طلحة بن عبيد الله في عدتها في الفتنة١٨.
ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين : أنها كانت تفتي المتوفي عنها زوجها بالخروج في عدتها، وخرجت بأختها أم المؤمنين حين قتل عنها طلحة بن عبيد الله بن عبد الله إلى مكة في عمرة١٩.
ومن طريق عبد الرزاق نا ابن جريج أخبرني عطاء عن ابن عباس أنه قال : إنما قال الله تعالى تعتد :﴿ أربعة أشهر وعشرا ﴾٢٠ ولم يقل : تعتد في بيتها، فلتعتد حيث شاءت٢١.
ومن طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي نا علي بن عبد الله – هو ابن المديني – نا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن عطاء قال : سمعت ابن عباس يقول :﴿ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ﴾٢٢ ولم يقل يعتددن في بيوتهن، تعتد حيث شاءت، وقال سفيان : قاله لنا ابن جريج كما أخبرنا٢٣ هذا يبين أن عطاء سمعه من ابن عباس.
ومن طريق عبد الرزاق نا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : تعتد المتوفي عنها زوجها حيث شاءت٢٤.
ومن طريق عبد الرزاق نا سفيان الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أن علي بن أبي طالب كان يرحل المتوفي عنهن في عدتهن٢٥.
ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال : لا يضر المتوفي عنها أين اعتدت٢٦.
وقد ذكرناه قبل هذا الباب عن الحسن٢٧.
ومن طريق إسماعيل بن إسحاق نا علي بن عبد الله – هو المديني – نا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء وأبي الشعثاء جابر بن زيد، قالا جميعا : المتوفي عنها تخرج في عدتها حيث شاءت٢٨
ومن طريق إسماعيل بن إسحاق نا أبو بكر بن أبي شيبة نا عبد الوهاب الثقفي عن حبيب المعلم قال : سألت عطاء عن المطلقة ثلاثا والمتوفي عنها أيحجان في عدتهما ؟ قال نعم، وكان الحسن يقول مثل ذلك٢٩.
ومن طريق إسماعيل بن إسحاق نا أبو ثابت المدني نا ابن وهب أنا عمرو بن الحارث عن بكير الأِشج قال : سألنا سالم بن عبد الله بن عمر عن المرأة يخرج بها زوجها إلى بلد فيتوفى الزوج ؟ فقال : تعتد حيث توفي زوجها، أو ترجع إلى بيت زوجها حتى تنقضي عدتها، قال ابن وهب : وأخبرني ابن لهيعة عن زيد بن أبي حبيب عن القاسم بن محمد بهذا٣٠.
قال ابن وهب : وأخبرني ابن لهيعة عن حسين٣١ بن أبي حكيم أن امرأة مزاحم لما توفي عنها زوجها بخناصرة٣٢، سألت عمر بن عبد العزيز : أأمكث حتى تنقضي عدتي ؟ فقال لها : بل ألحقي بقرارك ودار أبيك فاعتدي فيها٣٣.
وبه يقول ابن وهب : أنا يحي بن أيوب عن يحي بن سعيد الأنصاري أنه قال في رجل توفي بالإسكندرية ومعه امرأته وله بالفسطاط٣٤ دار فقال : إن أحبت أن تعتد حيث توفي زوجها فلتعتد وإن أحبت أن ترجع إلى دار زوجها وقراره بالفسطاط فتعتد فيها فلترجع٣٥، وبه يقول أبو سليمان٣٦ وجميع أصحابنا٣٧.
[ ٦٣ ] : المسألة الرابعة : متى تبدأ العدة، أمن وقت الطلاق أو الموت أم من وقت بلوغ الخبر ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
وتعتد المطلقة غير الحامل، والحامل المتوفي عنها من حين يأتيها خبر الطلاق، وخبر الوفاة، وتعتد الحامل المتوفي عنها من حين موته فقط.
برهان ذلك قول الله عز وجل ﴿ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ﴾٣٨ وقوله تعالى ﴿ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ﴾٣٩ وقال تعالى ﴿ فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لا يحضن ﴾٤٠ فلا بد من أن يفضون إلى العدة من الوفاة والقروء، وعدة الأشهر بنية لها، وبتربص منهن وإلا فذلك عليهن باق.
وأما الحامل : فإن الله تعالى يقول ﴿ وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ﴾٤١ فليس ههنا فعل أمرن بقصده والنية له، لكن المطلقة الحامل خرجت من ذلك مما ذكرنا قبل من أنه لا يكون طلاق الغائب أصلا حتى يبلغها فأغنى ذلك عن إعادته.
وبقيت المتوفي عنها على وضع الحمل إثر موت الزوج وبالله تعالى التوفيق٤٢.
١ سورة البقرة: آية ٢٣٤..
٢ العدة: مأخوذة من العد والحساب، وهي في اللغة: الإحصاء وسميت بذلك لاشتمالها على العدد من الأقراء أو الأشهر غالبا فعدة المطلقة والمتوفى عنها زوجها ما تعده من أيام أقرائها أو أيام حملها أو أربعة أشهر وعشر ليال، وقيل: تربصها المدة الواجبة عليه، وجمع العدة: عدد، كِسدرة، وسِدَر. لسان العرب لابن منظور (٣/٢٨١)، الصحاح للجوهري (١/٤٢٩)، القاموس المحيط للفيروز آبادي ص (٢٧٠).
وفي الاصطلاح: اسم لمدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها أو للتعبد أو لتفجعها على زوجها. الموسوعة الفقهية (٢٩/٣٠٥)..

٣ سورة البقرة: آية ٢٣٤..
٤ صحيح البخاري كتاب الصيام / باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الهلال فصوموا (٢/٦٧٤) حديث رقم (١٨٠٨)، صحيح ابن حبان باب رؤية الهلال (٨/٢٣٢)، صحيح ابن خزيمة كتاب الصيام / باب أخبار رويت من النبي صلى الله عليه وسلم في الشهر تسعة وعشرون (٣/٢٠٦)..
٥ أن ما أجرى الله تعالى به العادة أن لا تتوالى أربعة أشهر ناقصة أو كاملة أو من النادر توالي ثلاثة أشهر ناقصة أو كاملة لكن إذا أطلق الشهر فالمراد الشهر الهلالي عند الفقهاء. الموسوعة الفقهية (٢٢/٣١).
قال الشافعي – رحمه الله تعالى -: ((فإن مات نصف النهار وقد بقي من الشهر خمس ليال سوى يومها الذي مات فيه فاعتدت خمسا ثم رئي الهلال فتحصي الخمس التي قبل الهلال ثم تعتد أربعة أهلة بالأهلة وإن اختلفت فكان ثلاث منها تسعا وعشرين وكان واحد منها ثلاثين أو كانت كلها ثلاثين إنما الوقت فيها الأهلة فإذا أوفت الأهلة الأربعة اعتدت أربعة أيام بلياليهن واليوم الخامس إلى نصف النهار حتى يكمل لها عشر سوى الأربعة الأشهر)) أ. هـ الأم للشافعي (٥/٢٤١). قال أبو حيان: ((وظاهر قوله أربعة أشهر ما يقع عليه اسم الشهر فلو وجبت العدة مع رؤية الهلال لاعتدت بالأهلة، كان الشهر تاما أو ناقصا، وإن وجبت في بعض شهر فقيل تستوفي مائة وثلاثين يوما وقيل تعتد بما عليها من الأهلة شهورا ثم تكمل الأيام الأُول)) ـ. هـ البحر المحيط لأبي حيان (٢/٢٣٤)..

٦ المحلى (١٠/٦٣)..
٧ الحد: المنع، ومنه قيل للبواب حداد، والمحدود الممنوع وهذا أمر حدد: أي منيع حرام لا يحل ارتكابه كما تقول حد الله وأحدت المرأة: أي امتنعت عن الزينة والخضاب بعد وفاة زوجها، وكذلك حدت، تحد حدادا وهي حاد.
الصحاح للجوهري (١/٣٩٧)، عمدة الحفاظ للسمين الحلبي (١/٣٨٢).
وفي الاصطلاح: امتناع المرأة من الزينة وما في معناها مدة مخصوصة في أحوال مخصوصة. الموسوعة الفقهية (٢/١٠٥)..

٨ المدونة للإمام مالك (٢/١٥)، المنتقى شرح الموطأ للباجي (٤/١٤٤)، أحكام القرآن لابن العربي (١/٢٨٣)..
٩ الأم للشافعي (٥/٢٣٨)، إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد (٢/١٩٦)..
١٠ بدائع الصنائع للكاساني (٣/٢١٠)، تبين كنز الدقائق للزيلعي (٣/٣٦)..
١١ سورة البقرة: من آية ٢٣٤..
١٢ صحيح البخاري كتاب الطلاق / باب تحد المتوفي عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا (٥/٢٠٤٢) حديث رقم (٥٠٢٤) وتمام الحديث ((وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول))..
١٣ سورة المائدة: من آية ٤٩..
١٤ سورة البقرة: من آية ١٩٣..
١٥ هذا في وجوب الإحداد أما عن عدة الأمة المتوفي عتها زوجها فقد تمت دراستها في المسألة ((٣١)) عدة الأمة في أول موضع في الآية ((٢٢٨))، فقد تناولت عدة الأمة عامة سواء كانت من الطلاق أم الوفاة، فأغنى عن إعادتها هنا..
١٦ المحلى لابن حزم (١٠/٦٢-٦٥) باختصار..
١٧ ستكون دراسة رأي ابن حزم في سكن المطلقة في موضعه من سورة الطلاق إن شاء الله تعالى..
١٨ تخريج الأثر: الطبقات الكبرى لابن سعد (٨/٤٦٢) في ترجمة أم كلثوم، مصنف عبد الرزاق (٧/٢٩)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الطلاق / باب من قال لا سكن للمتوفي عنها زوجها (٧/٤٣٦)، التمهيد لابن عبد البر (٢١/٣٢).
ترجمة رجال الإسناد:
حماد بن سلمة: ثقة، تقدم، انظر ص (١٥١).
قيس بن عباد – بضم المهملة وتخفيف الموحدة – الضبعي – بضم المعجمة وفتح الموحدة – أبو عبد الله البصري، ثقة، من الثانية، مخضرم، مات بعد الثمانين، ووهم من عده في الصحابة. التقريب (٥٧٧٢).
عطاء بن أبي رباح: ثقة، تقدم انظر ص (١٦٨).
الحكم: إسناده صحيح..

١٩ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٧/٢٩)، التمهيد لابن عبد البر (٢١/٣٢)، زاد المعاد لابن القيم (٥/٦٨١) قال الأرنؤوط بعد أن عزاه لعبد الرزاق إٍسناده صحيح.
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
معمر: ثقة، تقدم، انظر ص (١١٩).
الزهري: ثقة، تقدم، انظر ص (١١٩).
عروة بن الزبير: ثقة، تقدم، انظر ص (١١٩).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٠ سورة البقرة: من آية ٢٣٤..
٢١ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٧/٢٩)، تاريخ ابن معين رواية الدوري (٣/٢٤٠)، زاد المعاد لابن القيم (٥/٦٨٢) قال الأرنؤوط في تعليقه إسناده صحيح.
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: ثقة، يدلس ويرسل ولكنه أثبت الناس في عطاء، تقدم، انظر ص (١٤٦).
عطاء: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٨).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٢ سورة البقرة: من آية ٢٣٤..
٢٣ تخريج الأثر: المستدرك على الصحيحين للحاكم (٢/٣٠٩)، زاد المعاد لابن القيم (٥/٦٨٢).
ترجمة رجال الإسناد:
إسماعيل بن إسحاق: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٣).
علي بن المديني: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٥).
سفيان بن عيينة: ثقة، تقدم، انظر ص (١٥٠).
عطاء بن أبي رباح: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٨).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٤ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٧/٣٠)، مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٣٤)، زاد المعاد لابن القيم (٥/٦٨٢) وقال الأرنؤوط معلقا عليه: إسناده صحيح.
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: ثقة، يدلس ويرسل إلا أنه قد ذكره بالأخبار وقد قال الإمام أحمد: أن ابن جريج إذا قال: أخبرني وسمعت فحسبك. التهذيب (٢/٦١٧).
أبو الزبير: محمد بن مسلم تدرس – بفتح المثناة وسكون الدال المهملة وضم الراء – الأسدي مولاهم، أبو الزبير المكي، صدوق إلا أنه يدلس، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين. التقريب (٦٥٤٣). ولكنه صرح هنا بالسماع.
الحكم: إسناده صحيح..

٢٥ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٧/٣٠)، مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٣٤)، سنن البيهقي الكبرى (٧/٤٣٦)، زاد المعاد لابن القيم (٥/٦٨٢) قال الأرنؤوط معلقا عليه بعد أن عزاه لعبد الرزاق: إسناده صحيح وأخرجه البيهقي.
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم انظر ص (١٤٨).
إسماعيل بن أبي خالد: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٧).
الشعبي: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٧).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٦ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٧/٢٩)، التمهيد لابن عبد البر (٢١/٣٢)، زاد المعاد لابن القيم (٥/٦٨٢).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: ثقة، يدلس ويرسل أثبت الناس في عطاء، تقدم، انظر ص (١٤٦).
عطاء: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٨).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٧ مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٢٨)، انظر المحلى (١٠/٧٧)..
٢٨ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٣٤)، زاد المعاد لابن القيم (٥/٦٨٣) وقال الأرنؤوط رجاله ثقات وأيضا عزاه للمحلى لابن حزم – رحمه الله -.
ترجمة رجال الإسناد:
إسماعيل بن إسحاق: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٣).
علي بن المديني: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٥).
سفيان بن عيينة: ثقة، تقدم انظر ص (١٥٠).
عمرو بن دينار: ثقة، تقدم، انظر ص (١٥٠).
عطاء بن أبي رباح: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٨).
أبو الشعثاء جابر بن زيد: ثقة، تقدم، انظر ص (٢١٠).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٩ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٤/١٢٨)، زاد المعاد لابن القيم (٥/٦٨٣) قال الأريؤوط: رجاله ثقات.
ترجمة رجال الإسناد:
إسماعيل القاضي: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٣).
أبو بكر بن أبي شيبة: ثقة، تقدم، انظر ص (١٨٥).
عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصلت الثقفي، أبو محمد البصري، ثقة تغير قبل موته بثلاث سنين، من الثامنة، مات سنة أربع وتسعين ونحو من ثمانين سنة. التقريب (٤٣٨٣).
حبيب المعلم: أبو محمد البصري، مولى معقل بن يسار، اختلف في اسم أبيه، فقيل زادئدة، وقيل زد، صدوق، من السادسة، مات سنة ثلاثين. التقريب (١١٦٧).
الحكم: إسناده حسن..

٣٠ تخريج الأثر: المدونة للإمام مالك (٢/٤٦)، زاد المعاد لابن القيم (٥/٦٨٤) وقال الأرنؤوط رجاله ثقات.
ترجمة رجال الإسناد:
إسماعيل بن إسحاق: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٣).
أبو ثابت المدني: محمد بن عبد الله بن محمد بن زيد المدني، أبو ثابت مولى آل عثمان، ثقة، من العاشرة. التقريب (٦٣٥٨).
عبد الله ابن وهب المصري: ثقة، تقدم، انظر ص (١٤٦).
عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري مولاهم، المصري، أبو أيوب، ثقة، فقيه، حافظ، من السابعة، مات قديما قبل الخمسين ومائة. التقريب (٥١٦٦).
بكير بن عبد الله الأشج: مولى بني مخزوم، أبو عبد الله، أو أبو يوسف، المدني، نزيل مصر، ثقة، من الخامسة، مات سنة عشرين، وقيل بعدها. التقريب (٨٠٦).
الحكم: إسناده صحيح..

٣١ والصواب هو حنين: بنونين مصغر. التقريب (١٦٤٧)..
٣٢ خناصرة: - بضم أوله وبالصاد المهملة والراء المهملة – موضع بالشام. معجم ماستعجم للبكري (٢/٥١١).
قال ياقوت: بليدة من أعمال حلب من الشمال كان ينزلها عمر بن عبد العزيز وقد خربت الآن إلا السير منها.
معجم البلدان (١/١١٤)، (٢/٣٩١)..

٣٣ تخريج الأثر: زاد المعاد لابن القيم (٥/٦٨٣) وقال الأرنؤوط رجاله ثقات.
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الله بن وهب: ثقة، تقدم، انظر ص (١٤٦) قال ابن حجر: قال أحمد عندما سئل عن ابن وهب إذا نظرت في حديثه، وما روى عن مشايخه وجدته صحيحا. التهذيب (٢/٤٥٣).
عبد الله بن لهيعة – بفتح وكسر الهاء – ابن عقبة الحضرمي، أبو عبد الرحمن المصري، القاضي، صدوق، من السابعة، خلط بعد احتراق كتبه ورواية ابن المبارك، وابن وهب عنه أعدل من غيرها، وله في مسلم بعض الشيء مقرون، مات سنة أربع وسبعين، وقد ناف على الثمانين. التقريب (٣٦٥٥).
حنين بن أبي حكيم: القرشي الأموي مولى سهل بن عبد العزيز أخي عمر بن عبد العزيز، صدوق، من السادسة، التقريب (١٦٤٧) تهذيب الكمال للمزي (٧/٤٥٧)، قال ابن عدي: ولا أعلم يروي عنه إلا ابن لهيعة ولا أدري البلاء منه أو من ابن لهيعة، إلا أن أحاديث ابن لهيعة عن حنين غير محفوظة: أ. هـ الكامل في الضعفاء (٣/٣٩٨). وذكره ابن حبان في الثقات (٦/٢٤٣). قال الذهبي: صدوق. الكاشف (١/٣٥٩).
الحكم: إسناده حسن..

٣٤ الفسطاط: بيت من شعر كذا قاله أهل اللغة وفيه ست لغات فسطاط، وفستاط، وفساط – بضم الفاء وكسرها والضم أجود – تهذيب الأسماء للنووي (٣/٢٥٢). قال ياقوت الفسطاط: ضرب من الأبنية وأيضا مجتمع أهل الكورة حوالي مسجد جماعتهم في كل مدينة، وفسطاط مصر المدينة التي بناها عمرو بن العاص رضي الله عنه. معجم البلدان (٤/٢٦٤)..
٣٥ تخريج الأثر: لم أقف عليه.
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الله بن وهب: ثقة، تقدم، انظر ص (١٤٦).
يحي بن أيوب الفافقي – بمعجمة ثم فاء وقاف – أبو العباس المصري، صدوق، ربما أخطأ، من السابعة، مات سنة ثمان وستين. التقريب (٧٧٩٣).
يحي بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني، أبو سعيد القاضي، ثقة، ثبت، من الخامسة، مات سنة أربع وأربعين أو بعدها. التقريب (٧٨٣٨).
الحكم: إسناده ضعيف يرتقي بشواهده إلى الحسن لغيره..

٣٦ زاد المعاد لابن القيم (٥/٦٨٣)، التمهيد لابن عبد البر (٢١/٣١)..
٣٧ المحلى (١٠/٧٣-٨٠) باختصار..
٣٨ سورة البقرة: من آية ٢٣٤..
٣٩ سورة البقرة: من آية ٢٢٨..
٤٠ سورة الطلاق: من آية ٤..
٤١ سورة الطلاق: من آية ٤..
٤٢ المحلى لابن حزم (١٠/١٢٣)..
قال تعالى :﴿ وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾١ وفيها مسألتان.
[ ٦٤ ] : المسألة الأولى : التصريح والتعريض في خطبة المعتدة.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
ولا يحل التصريح بخطبة امرأة في عدتها، وجائز أن يعرض٢ لها بما تفهم منه أنه يريد نكاحها.
برهان ذلك : قوله تعالى ﴿ وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾٣.
فأباح الله تعالى التعريض ومنع من المواعدة سرا.
قال أبو محمد : ومن التعريض قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس : " إذا حللت فآذنيني " ٤، ٥.
وقد صح أيضا أنه عليه الصلاة والسلام قال : " لا تفوتيني بنفسك " ٦، ٧.
وروينا من طريق أبي داود نا قتيبة بن سعيد : أن محمد بن جعفر حدثهم قال : نا محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال.... الحديث " ٨.
ومن التعريض ما رويناه عن ابن عباس أن يقول : إني أريد الزواج – لوددت أن الله يسر لي امرأة صالحة -– ونحو هذا٩.
[ ٦٥ ] : المسألة الثانية : رأيه التفسيري في قوله تعالى ﴿ ولكن لا توعدوهن سرا ﴾١٠
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - : قال الله تعالى ﴿ ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ﴾١١ والسر١٢ النكاح – والسر أيضا ضد الإعلان – وكلاهما ممنوع بنص الآية، ولا خلاف في هذا١٣، ١٤.
١ سورة البقرة: آية ٢٣٥..
٢ التعريض لغة ضد التصريح، يقال عرض لفلان بفلان إذا قال قولا عاما وهو يعني فلانا، ومنه المعاريض في الكلام كقولهم إن في المعاريض لمندوحه عن الكذب. الصحاح للجوهري (١/٨٥٠)، عمدة الحفاظ للسمين الحلبي (٣/٥٤).
وفي الاصطلاح: ما يفهم منه السامع مراد المتكلم من غير تصريح. الموسوعة الفقهية (١٢/٢٤٩)، انظر المغر للمطرزي ص (٣١٢)، البحر المحيط للزركشي (٣/١٣٨)..

٣ فآذنيني – بذال معجمة والمد – أعلميني. شرح الزرقاني (٣/٢٥٣)، يريد إذا انقضت عدتك فأعلميني، المنتقى شرح الموطأ للباجي (٤/١٠٧)..
٤ تخريج الحديث: صحيح مسلم كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها (٢/١١١٤) حديث رقم (١٤٨٠)، صحيح ابن حبان كتاب النكاح / باب ذكر الإباحة للمرء إذا أراد خطبة امرأة وهي في عدتها أن يعرض لها ولا يصرح (٩/٣٥٦)، مسند الشافعي (١/١٨٦)، مسند الربيع (١/٢١٤)، المنتقى لابن الجارود (١/١٩١)..
٥ تفوتيني من الفوت وهو السبق، وتفوت فلان على فلان في كذا وافتات عليه إذا انفرد برأيه دونه في التصرف فيه. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (٣/٤٧٧)، لسان العرب (٢/٧٠)..
٦ تخريج الحديث: سنن أبي داود كتاب الطلاق / باب في نفقة المبتوتة (٢/٢٨٦) حديث رقم (٢٢٨٧)، مسند أحمد في مسند فاطمة بنت قيس (٦/٤١٢) حديث رقم (٢٦٧٨٨)، سنن البيهقي كتاب النفقات / باب المبتوتة لا نفقة لها إلا أن تكون حاملا (٧/١٧٧) حديث (١٦١٤٢).
ترجمة رجال الإسناد:
أبو داود: ثقة، تقدم انظر ص (١٩٥).
قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله الثقفي، أبو رجاء البغلاني، قال مسلمة بن قاسم: خرساني ثقة، مات سنة إحدى وأربعين، قال ابن القطان الفاسي: لا يعرف له تدليس. التهذيب (٣/٤٣٢).
محمد بن جعفر الهذلي، بصري، المعروف بغندر، صحيح الكتاب إلا أنه فيه غفلة، من التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع وتسعين. التقريب (٦٠٠٠).
محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، المدني، صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة خمس وأربعين على الصحيح. التقريب (٦٤٤٠).
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، قيل اسمه عبد الله، وقيل إسماعيل، ثقة، مكثر، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين أو أربع ومائة. التقريب (٨٤٢٦).
الحكم: إسناده ضعيف إلا أنه يترقى إلى الحسن لغيره بشاهده السابق الصحيح..

٧ تخريج الحديث: سنن أبي داود كتاب الطلاق / باب في نفقة المبتوتة (٢/٢٨٦) حديث رقم (٢٢٨٧)، مسند أحمد في مسند فاطمة بنت قيس (٦/٤١٢) حديث رقم (٢٦٧٨٨)، سنن البيهقي كتاب النفقات / باب المبتوتة لا نفقة لها إلا أن تكون حاملا (٧/١٧٧) حديث (١٦١٤٢).
ترجمة رجال الإسناد:
أبو داود: ثقة، تقدم انظر ص (١٩٥).
قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله الثقفي، أبو رجاء البغلاني، قال مسلمة بن قاسم: خرساني ثقة، مات سنة إحدى وأربعين، قال ابن القطان الفاسي: لا يعرف له تدليس. التهذيب (٣/٤٣٢).
محمد بن جعفر الهذلي، بصري، المعروف بغندر، صحيح الكتاب إلا أنه فيه غفلة، من التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع وتسعين. التقريب (٦٠٠٠).
محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، المدني، صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة خمس وأربعين على الصحيح. التقريب (٦٤٤٠).
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، قيل اسمه عبد الله، وقيل إسماعيل، ثقة، مكثر، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين أو أربع ومائة. التقريب (٨٤٢٦).
الحكم: إسناده ضعيف إلا أنه يترقى إلى الحسن لغيره بشاهده السابق الصحيح.
.

٨ نصب الراية للزيلعي (٣/٥٣٧)، مصنف ابن أبي شيبة (٣/٣٦٧)..
٩ المحلى لابن حزم (٩/١٦٧)، انظر المحلى (٩/٦٨)، مراتب الإجماع لابن حزم ص (١٢٢)..
١٠ سورة البقرة: من آية ٢٣٥..
١١ سورة البقرة: من آية ٢٣٥..
١٢ السر: ما يكتم، كالسريرة وجمعه أسرار وسرائر، والجماع والذكر، والنكاح، والإفصاح به، والزنى، وفرج المرأة، ومستهل الشهر أو أخره أو وسطه، والأصل، والأرض الكريهة وجوف كل شيء ولبه ومحض النسب وأفضله. القاموس المحيط للفيروز آبادي ص (٣٦٦)، انظر الصحاح للجوهري (١/٥٥٧)، عمدة الحفاظ للسمين الحلبي (٢/٦٣٨٨).
قال ابن العربي: ((وهذه الإطلاقات يدخل بعضها على بعض، ويرجع المعنى إلى الخفاء، فيعم به تارة ويخص أخرى وترى سر الشيء خياره إنما هو لأنه يخفى ويضن به، وترى أن سر الوادي شطه، لأنه أشرفه، ولأن حسن الوادي إنما يكون بالجلوس عليه لا فيه، ومنه سميت السرية لأنها تتخذ للوطء، إذ الخدم يتخذون للتصرف والوطء فسميت المتخذة للوطء سرية من السرور، ومنه سمي فرج المرأة سرا لأنه موضعه، فالمعنى هاهنا: لا تواعدوهن نكاحا ولا وطئا، فهو الذي حرم عليكم في العدة، لأ، ه حرم عليهن النكاح في العدة إلى وقت محرم عليهن ضرب الوعد فيه، وهذا بين لمن تأمل. أحكام القرآن (١/٢٨٨)..

١٣ أجمع الفقهاء على تحريم الأمة المعتدة وأنها لا تحل لسيدها حتى تنقضي عدتها. انظر المغني لابن قدامة (٨/١٢٤)، المبسوط للسرخسي (٦/٦١)، حاشيتا قليوبي وعميرة (٣/٢١٤)، البحر الرائق لابن نجيم (٤/١٤٠)، مواهب الجليل (٣/٤١٣)، الموسوعة الفقهية (١١/٢٩٩)..
١٤ المحلى لابن حزم (١٠/١١٢)..
قال تعالى :﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ﴾١ وفيها مسألة واحدة.
[ ٦٦ ] : المسألة : صحة النكاح من غير تسمية صداق.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
والنكاح جائز بغير ذكر صداق، لكن بأن يسكت جملة فإن اشترط فيه أن لا صداق عليه فهو نكاح مفسوخ أبدا.
برهان ذلك : قول الله عز وجل ﴿ لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ﴾٢ فصحح الله عز وجل النكاح الذي لم يفرض فيه للمرأة شيء، إذ صحح فيه الطلاق والطلاق لا يصح إلا بعد صحة النكاح وأما لو اشترط فيه أن لا صداق فهو مفسوخ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل " ٣.
وهذا ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل.
بل في كتاب الله عز وجل إبطاله، قال تعالى ﴿ وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ﴾٤ فإذ هو باطل فالنكاح المذكور لم تنعقد صحته إلا على تصحيح ما لا يصح، فهو نكاح لا صحة له. وبالله تعالى التوفيق٥.
١ سورة البقرة: آية ٢٣٦..
٢ سورة البقرة: آية ٢٣٦..
٣ سبق تخريجه انظر ص (٣٣٦)..
٤ سورة النساء: من آية ٤..
٥ المحلى لابن حزم (٩/٥٠)..
قال تعالى ﴿ وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾١.
وفيها أربع مسائل.
[ ٦٧ ] : المسألة الأولى : تنصيف المهر وإن لم يذكر في العقد.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
ومن طلق قبل أن يدخل بها فله نصف الصداق الذي سمى لها، وسواء كان تزوجها بصداق مسمى في نفس العقد أو تراضيا عليه بعد ذلك أو لم يتراضيا، فقضى لها بمهر مثلها.
برهان ذلك قول الله عز وجل ﴿ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ﴾٢.
... ثم قال – رحمه الله تعالى - :
فأما الاختلاف في الفرق بين كون الصداق مفروضا٣ في العقد، وبين تراضيهما بعد العقد، أو الحكم لها به عليه.
فإن أبا حنيفة٤ وأصحابه قالوا :( ( إنما يقضى لها بنصف الصداق إذا كان الصداق مفروضا لها في نفس العقد، وأما إن تراضيا عليه بعد ذلك، أو اختلفا فيه فحكم عليه بمهر مثلها ؟ فها هنا إن طلقها قبل الدخول فلا شيء لها إلا المتعة ) )٥.
وقال مالك٦، والشافعي٧، وأبو سليمان٨ وأصحابهم : لها النصف في كل ذلك.
قال أبو محمد : وبهذا نأخذ لأن قول الله تعالى ﴿ فنصف ما فرضتم ﴾٩ عموم لكل صداق في نكاح صحيح فرضه الناكح في العقد أو بعده، ولم يقل عز وجل : فنصف ما فرضتم في نفس العقد، والزائد لهذا الحكم مخطئ مبطل متعد لحدود الله.
وأما الذي فرض عليه الحاكم صداق مثلها، فإنه وإن كان قد أبى من الواجب عليه في ذلك فحكم الله تعالى عليه يقول ﴿ وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ﴾١٠ موجب عليه أن يفرض لها أحد وجهين، لا بد من أحدهما ضرورة : إما ما رضيت، وإما مهر مثلها. فأيهما لزمه برضاه أو بحكم حق فقد فرضه لها، إذ عقد نكاحها يقينا في علم الله عز وجل، وقد وجب لها في ماله.
وما نعلم لمن خالف هذا حجة أصلا.
ونحن نشهد بشهادة الله تعالى أن الله تعالى لو أراد بقوله ﴿ فنصف ما فرضتم ﴾١١ في نفس العقد خاصة لبينة لنا ولم يهمله حتى يبينه لنا أبو حنيفة، وما هنالك١٢.
[ ٦٨ ] : المسألة الثانية : الخلوة الصحيحة هل توجب المهر ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
ومن طلق امرأته قبل أن يدخل بها فلها نصف الصداق الذي سمى لها، وكذلك لو دخل بها ولم يطأها، طال مقامه معها أو لم يطل، برهان ذلك قول الله عز وجل ﴿ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ﴾١٣.
وكما رويناه من طريق وكيع عن الحسن بن صالح بن حي عن فراس عن عامر الشعبي عن ابن مسعود قال : لها النصف وإن جلس بين رجليها١٤.
ومن طريق سعيد بن منصور ثنا هشيم أنا ليث هو ابن أبي سليم عن طاؤس عن ابن عباس أنه كان يقول في رجل دخلت عليه امرأته ثم طلقها، فزعم أنه لم يمسها عليه نصف الصداق١٥.
ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج اخبرني ليث عن طاووس عن ابن عباس قال : لا يجب الصداق وافيا حتى يجامعها وله نصفه١٦.
ومن طريق أبي عبيد نا هشيم أنا المغيرة بن مقسم عن الشعبي عن شريح قال : لم أسمع الله عز وجل ذكر في كتابه بابا ولا سترا إذا زعم أنه لم يمسها فلها نصف الصداق١٧.
ومن طريق سعيد بن منصور نا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أن عمرو بن نافع طلق امرأته وكانت قد أدخلت عليه، فزعم أنه لم يقربها، وزعمت أنه قربها، فخاصمته إلى شريح، فقضى شريح بيمين عمرو( ( بالله الذي لا إله إلا هو ما قربتها ) ) وقضي عليه لها بنصف الصداق١٨.
قال أبو محمد : كانت هذه المطلقة بنت يحي بن الجزار١٩.
ومن طريق أبي عبيد نا معاذ – هو ابن معاد العنبري – عن عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين أنه كان لا يرى إغلاق الباب ولا إرخاء الستر شيئا٢٠.
ومن طريق وكيع عن زكريا – هو ابن أبي زائدة – عن الشعبي أنه قال : لها نصف – يعني التي دخل بها – ولم يقل : أنه مسها٢١. ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن ابن طاووس عن أبيه قال : لا يجب الصداق وافيا حتى يجامعها، وإن أغلق عليها الباب قلت له : فإذا وجب الصداق وجبت العدة، قال : ويقول أحد غير ذلك٢٢ ؟
ومن طريق حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن مكحول قال : لا يجب الصداق والعدة إلا بالملامسة البينة : تزوج رجل جارية فأراد سفرا فأتاها في بيتها مخلية٢٣ ليس عندها أحد من أهلها فأخذها فعالجها، فمنعت نفسها، فصب الماء ولم يفترعها٢٤، فساغ الماء فيها، فاستمر بها الحمل فثقلت بغلام، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب، فبعث إلى زوجها فسأله ؟ فصدقها، فعند ذلك قال عمر : من أغلق الباب أو أرخى الستر فقد وجب الصداق، وكملت العدة٢٥.
قال أبو محمد : وهو قول الشافعي٢٦، وأبي ثور٢٧، وأبي سليمان٢٨ وأصحابهم.
... ثم قال – رحمه الله تعالى - :
وأما من تعلق بأنها لو حملت لحق ولم تحد فلا حجة لهم في هذا لأنه لم يدخل بها أصلا، ولا عرف أنه خلا بها لكن كان إجتماعه بها سرا ممكن، فحملت، فالولد لا حق ولا حد في ذلك أصلا، لأنها فراش له حلالا مذ يقع العقد، لا معنى للدخول في ذلك أصلا.
وقد تحمل من غير إيلاج، لكن بتشفير بين الشفرين فقط وكل هذا لا يسمى مسا٢٩ فإن تعلقوا بمن جاء ذلك عنه من الصحابة رضي الله عنهم، فلا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد اختلفوا فوجب الرد عند التنازع إلى القرآن والسنة فوجد القرآن لم يوجب لها بعدم الوطء إلا نصف الصداق. وبالله تعالى التوفيق٣٠.
[ ٦٩ ] : المسألة الثالثة : لا حد للصداق.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
وجائز أن يكون صداقا كل ماله نصف قل أو كثر ولو أنه حبة بر أو حبة شعير أو غير ذلك.
وكذلك كل عمل حلال موصوف، كتعليم شيء من القرآن أو من العلم أو البناء أو الخياطة أو غير ذلك إذا تراضيا بذلك.
... ثم قال – رحمه الله تعالى - : وأعجب شيء قول بعضهم : إن الله عز وجل عظم أمر الصداق، فلا يجوز أن يكون قليلا ؟ فقلنا : هذا العجب حقا، إنما عظم الله تعالى أمر الصداق في إيجاب أدائه، وتحريم أخذه بغير رضاها، وهذا موجود في كل حق، قال الله تعالى ﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾٣١.
وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام " اتقوا النار ولو بشق تمرة " ٣٢ ولا عظيم أعظم من اتقاء النار.
... ثم قال – رحمه الله تعالى - : والبرهان على صحة قولنا :
قال الله عز وجل ﴿ وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ﴾٣٣ وقال تعالى ﴿ وآتوهن أجورهن بالمعروف ﴾٣٤ وقال تعالى ﴿ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ﴾٣٥ فلم يذكر الله عز وجل في شيء من كتابه الصداق فجعل فيه حدا بل حمله إجمالا ﴿ وما كان ربك نسيا ﴾٣٦، ونحن نشهد بشهادة الله عز وجل ﴿ في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ﴾٣٧ أن الله عز وجل لو أراد أن يجعل للصداق حدا لا يكون أقل منه لما أهمله ولا أغفله.
والسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روينا من طريق البخاري : نا عبد الله بن يوسف أنا مالك بن أنس، وعبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث، وفيه " فقام الرجل فقال : زوجنّيها إن لم يكن لك بها حاجة ؟ قال : هل عندك شيء تصدقها ؟ قال : ما عندي إلا إزاري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك فالتمس شيئا ؟ قال ما أجد شيئا، قال : ألتمس ولو خاتما من حديد ؟ فالتمس فلم يجد شيئا، فقال : أمعك من القرآن شيء ؟ قال : نعم سورة كذا وسورة كذا، قال : قد زوجناكها بما معك من القرآن " ٣٨.
ومن طريق البخاري نا يحي نا وكيع عن سفيان الثوري عن أبي حازم عن سهل بن سعد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل " تزوج ولو بخاتم من حديد " ٣٩.
ومن طريق مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة نا الحسن بن علي عن زائدة عن أبي حازم عن سهل ابن سعد قال ( ( جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله قد وهبت نفسي لك فاصنع في ما شئت ؟ فقال له شاب عنده : يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها ؟ قال : " وعندك شيء تعطيها إياه " ؟ قال : ما أعلمه، قال : " فانطلق فاطلب فلعلك تجد شيئا، ولو خاتما من حديد ؟ " فأتاه فقال : ما وجدت شيئا إلا إزاري هذا. قال :" إزارك هذا إن أعطيتها إياه لم يبق عليك شيء، قال : أتقرأ أم القرآن " ؟ قال : نعم، قال " فانطلق فقد زوجتكها فعلمها من القرآن " ٤٠.
نا حُمام بن أحمد القاضي نا عبد الله بن محمد بن علي الباجي نا عبد الله بن يونس المرادي نا بقي بن مخلد نا أبو بكر بن أبي شيبة نا الحسين بن علي – هو الجعفي – عن زائدة عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلا من امرأة على أن يعملها سورة من القرآن٤١.
قال أبو محمد : والحديث مشهور ومنقول نقل التواتر من طريق الثقات رويناه أيضا من طريق يعقوب بن عبد الرحمن القاري وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وسفيان بن عيينة، وحماد بن زيد ومعمر، ومحمد بن مطرف، وفضيل بن سليمان، وغيرهم كلهم عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم٤٢.
قال أبو محمد : وقال بقولنا طائفة من السلف :
روينا من طريق وكيع عن سفيان الثوري عن إسماعيل عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال : لو رضيت بسواك من أراك لكان مهرا٤٣.
ومن طريق وكيع عن الحسن بن صالح بن حي عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري أنه قال :( ( ليس على أحد جناح أن يتزوج بقليل ماله أو كثيره إذا استشهدوا وتراضوا ) )٤٤.
وروي عن عبد الرحمن بن مهدي عن صالح بن رومان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال :( ( من أعطى في صداق امرأة ملء حفنة من سويق أو تمر فقد استحل ) )٤٥.
ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن حميد عن أنس بن مالك أن عبد الرحمن بن عوف قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت امرأة من الأنصار. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " كم سقت إليها ؟ " قال : وزن نواة من ذهب. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " أو لم ولو بشاة " ٤٦.
قال عبد الرزاق : فأخبرني إسماعيل بن عبد الله عن حميد عن أنس قال : وذلك دانقان من ذهب٤٧.
قال أبو محمد : الدانق٤٨ : سدس الدرهم الطبري – وهو الأندلسي – فالدانقان وزن ثلث درهم أندلسي، وهو سدس المثقال من الذهب، وهذا خبر مسند صحيح.
ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء : أنه قال في الصداق : أدنى ما يكفي خاتمه، أو ثوب يرسله٤٩.
قال ابن جريج، وقال عمرو بن دينار، وعبد الكريم : أدنى الصداق ما تراضوا به٥٠.
ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن يزيد بن قسيط قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول : لو أصدقها سوطا حلت له٥١.
نا محمد بن سعيد نبات نا أحمد بن عبد البصير نا قاسم بن أصبغ نا محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن المثنى نا أبو أحمد الزبيري نا عبد العزيز بن أبي راواد عن سعيد بن المسيب أنه زوج ابنته ابن أخيه، فقيل له : أصدق ؟ فقال درهمين٥٢.
ومن طري
١ سورة البقرة: آية ٢٣٧..
٢ سورة البقرة: آية ٢٣٧..
٣ الفرض لغة: من فرضت الشيء أفرضه فرضا، أوجبته وألزمت به، ويأتي الفرض بمعنى التقديرفيقال فرض القاضي النفقة فرضا بمعنى قدرها، والفرض كل شي تفرضه على إنسان بقدر معلوم والاسم الفريضة. انظر لسان العرب (٧/٢٠٢) باختصار الموسوعة الفقهية (٣٢/٩٦)..
٤ أحكام القرآن للجصاص (١/٥٢٨)، المبسوط للسرخسي (٥/٦٤)، بدائع الصنائع للكاساني (٢/٢٩٩) تبين الحقائق للزيلعي (٢/١٤٢)..
٥ أحكام القرآن للجصاص (١/٥٢٨)، المبسوط للسرخسي (٥/٦٤)، بدائع الصنائع للكاساني (٢/٢٩٩) تبين الحقائق للزيلعي (٢/١٤٢)..
٦ المنتقى شرح الموطأ للباجي (٣/٢٨٢)، أحكام القرآن لابن العربي (١/٢٩٣)، التمهيد لابن عبد البر (١٠/١١٩)..
٧ الأم للشافعي (٥/٧٧)، أحكام القرآن للشافعي (١/٢٠١)، أسنى المطالب للأنصاري (٣/٢١٢)..
٨ المحلى لابن حزم (٩/٧٤)..
٩ سورة البقرة: من آية ٢٣٧..
١٠ سورة النساء: من آية ٤..
١١ سورة البقرة: من آية ٢٣٧..
١٢ المحلى لابن حزم (٩/٧٣-٧٤) باختصار يسير..
١٣ سورة البقرة: من آية ٢٣٧..
١٤ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٣/٣٥٢)، أحكم القرآن للجصاص (١/٥٢٩)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الصداق / باب الرجل يخلو بامرأته ثم يطلقها قبل المسيس (٧م ٢٥٥) رقم الحديث (١٤٢٥٥)، قال الحافظ ابن حجر بعد أن عزاه للبيهقي ((حديث ابن مسعود موقوف على الشعبي عنه وهو منقطع)) التلخيص الحبير (٣/١٩٢).
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع بن الجراح: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٧).
الحسن بن صالح بن حي: تقدم، انظر ص (٣٤٢).
فراس – بكسر أوله وبمهملة – ابن يحي الهمداني الخارفي – بمعجمة وفاء – أو يحي الكوفي، المكتب، صدوق ربما وهم، من السادسة، مات سنة تسع وعشرين. التقريب (٥٥٦٩)، قال ابن المديني عن يحي بن سعيد: ما بلغني عنه شيء وما أنكرت من حديثه إلا حديث الاستبراء. وقال العجلي كوفي ثقة من أصحاب الشعبي في عداد الشيوخ، ليس يكثر الحديث. التهذيب (٣/٣٨٢).
عامر الشعبي ثقة، تقدم. انظر ص (١٦٧).
الحكم: إسناده ضعيف لأنه منقطع..

١٥ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٣/٥٣٢)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الصداق / باب الرجل يخلو بامرأته ثم يطلقها قبل المسيس (٧/٢٥٤) رقم الحديث (١٤٢٥١)، سنن سعيد بن منصور / باب فيما يجب به الصداق (١/٢٣٦) قال الحافظ ابن حجر ((حديث ابن عباس رواه الشافعي عن مسلم عن بن جريج عن ليث عن طاوس عنه به وفي إسناده ضعف وأخرجه ابن أبي شيبة من وجه آخر عن ليث هو ابن أبي سليم ورواه البيهقي من حديث علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أيضا)) التلخيص الحبير (٣/١١٩).
ترجمة رجال الإسناد:
سعيد بن منصور: ثقة، تقدم، انظر ص (٢١٤).
هشيم: ثقة، كثير الإرسال والتدليس، وقد تقدم. انظر ص (٢١٤).
الليث ابن أبي سليم: صدوق، اختلط جدا ولم يتميز حديثه، فترك من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين. التقريب (٥٨٨١).
طاووس بن كيسان اليماني، ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٤).
الحكم: إسناده ضعيف، لا يرتقي لأن كلا الطريقين فيه لبث وهو متروك..

١٦ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٢٩٠)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الصداق / باب الرجل يخلو بامرأته ثم يطلقها قبل المسيس (٧/٢٥٤) رقم الحديث (١٤٢٥٢)، مسند الشافعي (١/٢٩٨).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: ثقة، ولكنه يدلس. انظر ص (١٤٦).
ليث ابن أبي سليم: متروك، تقدم في الإسناد السابق.
طاووس: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٤). ؟
الحكم: إسناده ضعيف..

١٧ تخريج الأثر: سنن سعيد بن منصور باب فيما يجب به الصداق (١/٢٣٤).
ترجمة رجال الإسناد:
أبو عبيد: ثقة، تقدم، انظر ص (١٧٧).
هشيم: ثقة، تقدم، انظر ص (٢١٤).
المغيرة بن مقسم: - بكسر الميم – ثقة متقن إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم، من السادسة. التقريب (٧١٢٨).
الشعبي: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٧).
شريح: ثقة، تقدم، انظر ص (١١١).
الحكم إسناده صحيح..

١٨ تخريج الأثر: سنن سعيد بن منصور باب فيما يجب به الصداق (١/٢٣٥)، مصنف عبد الرزاق (٦/٢٩١)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الصداق / باب الرجل يخلو بامرأته ثم يطلقها قبل المسيس (٧/٢٥٥) رقم الحديث (١٤٢٥٤).
ترجمة رجال الإسناد:
سعيد بن منصور: ثقة، تقدم، انظر ص (٢١٤).
إسماعيل بن أبي خالد: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٧).
عمرو بن نافع: وقيل عمرو بن رافع هو بالنون أصح. عون المعبود (٩/٣١٨)، قال ابن حجر: ذكره البخاري فقال: قال بعضهم عمر بن رافع ولا يصح، وقال بعضهم: أبو رافع. وأخرج عن: إسماعيل القاضي في أحكام القرآن، من طريق سليمان بن بلال عن عبد الرحمن بن عبد الله عن نافع أن عمرو بن رافع أو نافع مولى ابن عمر أخبره أنه كتب مصحفا لحفصة. التهذيب (٣/٢٧٠)، التاريخ الكبير للبخاري (٦/٣٣٠). وقال ابن حجر: عمرو بن رافع العدوي مولاهم، مقبول، من الرابعة. التقريب (٥١٩٣).
الحكم: إسناده صحيح..

١٩ سنن سعيد بن منصور (١/٢٣٥)..
٢٠ تخريج الأثر: فتح الباري (٩/٤٩٥).
ترجمة رجال الإسناد:
أبو عبيد: ثقة، تقدم، انظر ص (١٧٧).
معاذ بن معاذ بن حسان العنبري، أبو المثنى البصري القاضي، ثقة، متقن، من كبار التاسعة، مات سنة ست وتسعين. التقريب (٧٠١٦).
عبد الله بن عون بن أرطبان، أبو عون البصري، ثقة، ثبت، فاضل، من أقران أيوب في العلم والعمل والسن، من السادسة، مات سنة خمسين على الصحيح. التقريب (٣٦٠٩).
الحكم: إسناده صحيح..

٢١ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٣/٣٥٢).
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٧).
زكريا ابن أبي زائدة، خالد، ويقال هبيرة بن ميمون بن فيروز الهمداني الموادعي، أبو يحي الكوفي، ثقة وكان يدلس، وسماعه من أبي إسحاق بآخره، من السادسة، مات سنة سبع أو ثمان أو تسع وأربعين. التقريب (٢٠٨٩).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٢ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٢٨٩).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: ثقة، إلا أنه يدلس ويرسل، تقدم، انظر ص (١٤٦).
عبد الله بن طاووس بن كيسان اليماني: أبو محمد، ثقة، فاضل، عابد، من السادسة، مات سنة اثنين وثلاثين. التقريب (٣٤٨٤).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٣ مخلية: أي منفردة يقال أخل أمرك وأخل به أي انفرد به. فتح الباري (٩/١٤٣)..
٢٤ يفترعها: - بفاء وعين مهملة – أي يقتضها، وأفرعت المرأة: حاضت، والإفراع أول ما ترى الماخض من النساء أو الدواب دما، وافترع البكر أي فضها والفرعة: دمها، وقيل له افتراع لأنه أول جماعها. لسان العرب (٨/٢٥٠)..
٢٥ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/٢٨٧).
ترجمة رجال الإسناد:
حماد بن سلمة: ثقة، تقدم، انظر ص (١٥١).
محمد بن إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن المسيبي، من ولد بن عابد المخزومي، المدني، صدوق، من العاشرة مات سنة ست وثلاثين. التقريب (٥٩٢٧).
الحكم: إسناده حسن..

٢٦ الأم للشافعي (٥/٢٣١) مغني المحتاج للخطيب الشربيني (٤/٣٧٥)..
٢٧ الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر (٤/٦٤)..
٢٨ المحلى لابن حزم (٩/٧٤)..
٢٩ المس: مباشرة الجسم، والمس كاللمس، والمس يقال فيما يكون منه إدراك بحاسة اللمس. ويكنى به عن الجماع كالمباشرة والملامسة. مفردات الراغب ص (٧٦٧)، عمدة الحفاظ (٤/٩١).
قال ابن عبد البر ((إن الملامسة واللمس نظيرها في كتاب الله عز وجل المسيس والمس، والمماسة مثل الملامسة قال الله تعالى ﴿وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن﴾ وقد أجمعوا على أن رجلا لو تزوج امرأة فمسها بيده أو قبلها ولم يخل بها ولم يجامعها أنه لا يجب عليه إلا نصف الصداق كمن لم يصنع شيئا من ذلك، وأن المس والمسيس عنى بها ها هنا الجماع فكذلك اللمس والملامسة)). التمهيد (٢١/١٧٣).
قال ابن قدامة في قوله تعالى ﴿من قبل أن تمسوهن﴾ فيحتمل أنه كنى بالمسبب عن السبب الذي هو الخلوة)) المغني (٧/١٩٢).
وقال أبو المحاسن ((ويجوز في اللغة تسمية من يمكنه إيقاع المسيس باسم المسيس وإن لم يمس كما سمى ابن إبراهيم إما إسحاق وإما إسماعيل – ذبيحا – وإن لم يذبح)) معتصر المختصر (١/٣١١)..

٣٠ المحلى لابن حزم (٩/٧٣-٩٧) باختصار، انظر المحلى (٩/٣٦٦)..
٣١ سورة الزلزلة: آية ٧-٨..
٣٢ صحيح البخاري كتاب الزكاة / باب اتقوا النار ولو بشق تمرة (٢/٥١٣) حديث رقم (١٣٥١) كتاب الأدب / باب طيب الكلام (٥/٢٢٤١) حديث رقم (٥٦٧٧)..
٣٣ سورة النساء: من آية ٤..
٣٤ سورة النساء: من آية ٢٥..
٣٥ سورة البقرة: من آية ٢٣٧..
٣٦ سورة مريم: من آية ٦٤..
٣٧ سورة غافر: من آية ٥١..
٣٨ صحيح البخاري كتاب الوكالة / باب وكالة المرأة الإمام في النكاح (٢/٨٠٠) حديث رقم (٢١٨٦)..
٣٩ صحيح البخاري كتاب النكاح / باب المهر بالعروض وخاتم من حديد (٥/١٩٧٨) حديث رقم (٤٨٥٥)..
٤٠ صحيح مسلم كتاب النكاح / باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن (٩/٢١٥) حديث رقم (٣٤٧٣)..
٤١ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٣/٣١٧).
ترجمة رجال الإسناد:
حُمام: - بضم الحاء المهملة وتخفيف الميم – بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أكدر بن حمام، الأطروش، من أهل قرطبة أبو بكر، قال ابن حزم فيه كان واحد عصره في البلاغة، وفي سعة الرواية، ضابطا لم يقيده، مات سنة ٤٢١ هـ. جذوة المقتبس للحميدي ص (١٨٧)، الصلة لابن بشكوال (١/١٥٣)، تهذيب الأسماء للنووي (٢/٣٥٣).
عبد الله بن محمد بن علي بن شريعة، اللخمي، المعروف بابن الباجي، من أهل إشبيلية، يكنى أبا محمد، سمع من محمد بن عبد الله القون، وحسن بن عبد الله الزبيدي وغيرهم، قال ابن الفرضي: كان ضابطا لروايتته، ثقة، صدوقا، حافظا للحديث، بصيرا بمعانيه، لم ألق فيمن لقيته من شيوخ الأندلس أحدا أفضله عليه في الضبط، مات سنة ٣٧٨ هـ. تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي ص (١٩٨)، جذوة المقتبس للحميدي ص (٥٣٣)، سير أعلام النبلاء للذهبي (١٦-٣٧٧).
عبد الله بن يونس بن محمد بن عبيد الله بن عباد بن زياد المرادي، أندلسي يروي عن بقي بن مخلد، وكان من المكثرين عنه، مات سنة ٣٣٠ هـ تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي (١٨٦)، جذوة المقتبس للحميدي (٢٤٨).
بقي بن مخلد شيخ الإسلام أبو عبد الرحمن الفرضي الحافظ صاحب التفسير والمسند الكبير، ثقة، حجة، قال ابن حزم كان ذا خاصة من أحمد بن حنبل وجاريا في مضمار البخاري ومسلم والنسائي، مجاب الدعوة، مات سنة ست وسبعين ومائتين. طبقات الحفاظ للسيوطي (١/٢٨٢).
أبو بكر بن أبي شيبة: ثقة، تقدم، انظر ص (١٨٥).
الحسين بن علي بن الوليد الجعفي، الكوفي، المقري، ثقة، عابد، من التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع ومائتين. التقريب (١٣٢٩).
زائدة بن قدامة الثقفي، أبو الصلت الكوفي، ثقة، ثبت، صاحب سنة، من السابعة، مات سنة ستين، وقيل بعدها التقريب (٢٠٤٦).
أبو حازم الأعرج سلمة بن دينار الأفزر التمار، المدني، القاص، مولى الأسود بن سفيان، ثقة، عابد، من الخامسة مات في خلافة المنصور. التقريب (٢٥٦٣).
سهل بن سعد بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي، أبو العباس، له ولأبيه صحبة، مشهور، مات سنة ثمان وثمانين. التقريب (٢٧٣٢).
الحكم: إسناده صحيح..

٤٢ هؤلاء الثقات ذكرهم الإمام مسلم في كتاب النكاح / باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن (٩/٢١٥) حديث رقم (٣٤٧٢)..
٤٣ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/١٧٩)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الصدق / باب ما يجوز أن يكون المهر (٧/٢٤٠).
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع بن الجراح: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٧).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم، انظر ص (١٤٨).
إسماعيل بن أبي خالد: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٧).
عمرو بن دينار: المكي الأثرم، الجمحي، ثقة، تقدم، انظر ص (١٥٠).
الحكم: إسناده صحيح..

٤٤ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٣/٣٢٠)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الصداق / باب ما يجوز أن يكون المهر (٧/٢٣٩)، سنن الدارقطني كتاب النكاح / باب المهر (٣/٢٤٣) مرفوعا.
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع ابن الجراج: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٧).
الحسن بن صالح بن حي ثقة، تقدم، انظر ص (٣٤٢).
أبو هارون العبدي: عمارة بن جوين – بجيم مصغر – مشهور بكنيته، متروك، ومنهم من كذبه، شيعي، من الرابعة مات سنة أربع وثلاثين. التقريب (٤٩٩١) قال ابن حبان: كان رافضيا يروي عن أبي سعيد ما ليس من حديثه لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب. المجروحين لابن حبان (٢/١٧٧).
الحكم: إسناده ضعيف جدا..

٤٥ تخريج الأثر: سنن أبي داود كتاب النكاح / باب قلة المهر (٨/٢٣٦) مرفوعا، ورجح أبو داود وفقه على جابر رضي الله عنه. تحفة الأحوذي (٤/٢١٢)، سنن البيهقي كتاب الصداق / باب ما يجوز أن يكون المهر (٧/٢٣٧) مرفوعا.
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرحمن بن مهدي: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٣).
صالح بن مسلم بن رومان، وهو الصواب، وقد ينسب لجده، ضعيف من السادسة. التقريب (٧٢٩٣) قال الذهبي موسى بن مسلم بن رومان ويقال صالح عن أبي الزبير لا يعرف الكاشف (٣/١٨٩).
محمد بن مسلم بن تدرس – فتح المثناة وسكون الدال المهملة وضم الراء – الأسدي مولاهم، أبو الزبير المكي، صدوق، إلا أنه يدلس، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين. التقريب (٦٥٤٣).
الحكم: إسناده ضعيف. لكن يرتقي بشواهده إلى الحسن لغيره..

٤٦ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/١٧٨)، صحيح البخاري كتاب النكاح / باب الصفرة للمتزوج (٥/١٩٧٩) حديث رقم (٤٨٥٨).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم، انظر ص (١٤٨).
حميد بن أبي حميد الطويل، اختلف في اسم أبيه، قال الحافظ بن حجر: قال ابن سعد: كان ثقة، إلا أنه ربما دلس عن أنس، وقال أبو بكر البرديجي: وأما حديث حميد فلا يحتج منه إلا بما قال: حدثنا أنس وقال الحافظ أبو العلائي: فعلى تقدير أن تكون أحاديث حميد مدلسة فقد تبين الواسطة فيها وهو ثقة صحيح. أ. هـ. التهذيب (١/٤٩٤).
الحكم: إسناده صحيح.

٤٧ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/١٧٨)، صحيح البخاري كتاب النكاح / باب الصفرة للمتزوج (٥/١٩٧٩) حديث رقم (٤٨٥٨).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم، انظر ص (١٤٨).
حميد بن أبي حميد الطويل، اختلف في اسم أبيه، قال الحافظ بن حجر: قال ابن سعد: كان ثقة، إلا أنه ربما دلس عن أنس، وقال أبو بكر البرديجي: وأما حديث حميد فلا يحتج منه إلا بما قال: حدثنا أنس وقال الحافظ أبو العلائي: فعلى تقدير أن تكون أحاديث حميد مدلسة فقد تبين الواسطة فيها وهو ثقة صحيح. أ. هـ. التهذيب (١/٤٩٤).
الحكم: إسناده صحيح..

٤٨ الدانق: معرب وهو سدس درهم، وهو عند اليونان حبتا خرنوب فإن الدرهم عندهم إثنتا عشرة حبة خرنوب، والدانق الإسلامي حبتان وثلثا حبة فإن الدرهم الإسلامي ست عشرة حبة. التعاريف للمناوي (٢/٣٣٣).
قال الخطابي هو من الأوزان ما كانت العرب تعرفه ولا أبناء الفرس. الغريب (١/٤٥٦). ولما أحتاج المسلمون إلى تقدير الدرهم في الزكاة كان لابد من وزن محدد للدرهم يقدر النصاب على أساسه، فجمعت الدراهم المختلفة الوزن وأخذ الوسط منها، واعتبر هو الدرهم الشرعي. وهو الذي تزن العشرة منه سبعة مثاقيل من الذهب، فضربت الدراهم الإسلامية على هذا الأساس، وهذا أمر متفق عليه بين علماء المسلمين فقهاء ومؤرخين، ولكنه لم يبق على هذا الوضع، بل أصابه تغيير كبير في الوزن والعيار من بلد إلى بلد ونشأ من ذلك اضطراب في معرفة الأنصبة. وهل تقدر بالوزن أو بالعدد؟ وأصبح الوصول إلى الدينار الشرعي المجمع عليه غاية تمنع هذا الاضطراب وإلى عهد قريب لم يصل الفقهاء إلى معرفة ذلك حتى أثبت المؤرخ علي باشا مبارك – بواسطة استقراء النقود الإسلامية المحفوظة في دول الآثار بالدول الأجنبية – أن دينار عبد الملك بن مروان يزن ٢٥، ٤. جرام من الذهب وبذلك يكون وزن الدرهم ٩٧٥، ٢ جراما في استخراج الحقوق الشرعية من زكاة ودية، وتحديد صداق، ونصاب السرقة إلى غير ذلك. أ. هـ. الموسوعة الفقهية (٢٠/٢٤٩-٢٥٠) باختصار..

٤٩ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/١٧٤).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: ثقة، أثبت الناس في عطاء، تقدم، انظر ص (١٤٦).
عطاء: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٨).
الحكم: إسناده صحيح..

٥٠ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/١٧٤)..
٥١ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٦/١٧٩)، مصنف ابن أبي شيبة (٣/٣١٩)، سنن البيهقي الكبرى كتاب النكاح/ باب ما أبيح له من الموهوبه (١٠/١٨٨) باب ما يجوز أن يكون مهرا (١١/٢٢)، عون المعبود لأبي الطيب الآبادي (٦/٩٩)
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
سفيان بن عيينة: ثقة، تقدم، انظر ص (١٥٠).
أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص المكي الأموي، ثقة، من السادسة، مات سنة إثنتين وثلاثين. التقريب (٦٦٧).
يزيد بن عبد الله بن قسيط – بقاف ومهملتين مصغر – ابن أسامة الليثي أبو عبد الله، المدني، الأعرج، ثقة، من الرابعة مات سنة اثنتين وعشرين. التقريب (٨٠٢٠).
الحكم: إسناده صحيح..

٥٢ تخريج الأثر: سنن سعيد بن منصور باب ما جاء في الصداق (١/٢٠٠)، الورع لأحمد بن حنبل (١/١١٩)، المقصد الأرشد في ذكر أصحاب أحمد لابن مفلح (١/٣٤١)، حلية الأولياء لأبي نعيم (٢/١٦٧).
ترجمة رجال الإسناد:
محمد بن سعيد بن نبات: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٢).
أحمد بن عبد البصير: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٢).
قاسم بن أًصبع: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٢).
محمد بن عبد السلام الخشني: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٢).
محمد بن المثنى: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٣).
أبو أحمد الزبيري: محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر بن درهم الأسدي، الكوفي، ثقة، ثبت، إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومائتين. التقريب (٢٦٦١).
عبد العزيز بن أبي راواد – بفتح الراء وتشديد الواو – صدوق، عابد، ربما وهم ورمي بالإرجاء، من السابعة، مات سنة تسع وخمسين. التقريب (٤٢٢٠).
الحكم: إسناده حسن..

قال تعالى :﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ﴾١.
وفيها ثلاث مسائل.
[ ٧١ ] : المسألة الأولى : المراد بالصلاة الوسطى.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – والصلاة الوسطى : هي العصر.
قال علي : فوجب طلب مراد الله تعالى بالصلاة الوسطى من بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا من غيره.
قال تعالى ﴿ لتبين للناس ما نزل إليهم ﴾٢.
فنظرنا في ذلك : فوجدنا ما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا عبد الله بن محمد – هو المسندي – وعبد الرحمن ثنا يحي بن سعيد – هو القطان – وقال المسندي : ثنا يزيد، ثم اتفق يزيد ويحي قالا : أنا هشام – هو ابن حسان – عن محمد ابن سيرين عن عبيدة السلماني عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق " شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس، ملأ الله قبورهم وبيوتهم أو أجوافهم نارا " ٣.
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا محمد بن المثنى ثنا محمد بن جعفر وابن أبي عدي قالا ثنا شعبة قال : سمعت قتادة عن أبي حسان – هو مسلم الأجرد – عن عبيدة السلماني عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب " شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى آبت الشمس، ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا " هذا لفظ ابن أبي عدي، ولفظ محمد بن جعفر ( قبورهم أو بيوتهم أو بطونهم نارا )٤.
حدثنا يحي بن عبد الرحمن بن مسعود ثنا أحمد بن دحيم ثنا إبراهيم بن حماد ثنا إسماعيل ابن إسحاق ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ثنا يحي بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان، عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال قلت لعبيدة سل عليا عن الصلاة الوسطى، فسأله : فقال كنا نراها صلاة الفجر، حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله قلوبهم وأجوافهم أو بيوتهم نارا " ٥.
قال علي : وقد روينا أيضا من طريق حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن زر عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم٦.
رويناه أيضا من طريق مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب وأبي كريب قالوا : ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي الضحى عن شُتَير٧ بن شكَلَ٨ عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وشُتير تابعي ثقة، وأبوه أحد الصحابة، وقد سمعه شُتير عن علي٩ ورويناه أيضا من طرق. فهذه آثار متظاهرة لا يسع الخروج عنها.
... ثم قال – رحمه الله تعالى - :
وروينا خبر أم سلمة من طريق وكيع عن داود بن قيس عن عبد الله بن رافع : أن أم سلمة أم المؤمنين كتبت مصحفا فقالت : أكتب ﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ﴾١٠ صلاة العصر١١، هكذا بلا واو.
أما خبر ابن عباس فرويناه من طريق وكيع عن شعبة عن أبي إسحاق السبيعي عن هبيرة بن يريم قال : سمعت ابن عباس رضي الله عنه يقول : سمعت ابن عباس رضي الله عنه يقول :﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ﴾١٢ صلاة العصر١٣ هكذا بلا واو.
وأما خبر أبي بن كعب فرويناه من طريق إسماعيل بن إسحاق عن محمد بن أبي بكر عن مجلوب أبي جعفر عن خالد الحذاء عن أبي قلابة قال في قراءة أبي بن كعب صلاة العصر١٤.
وأما خبر عائشة رضي الله عنها فإننا روينا من طريق عبد الرحمن ابن مهدي عن أبي سهل محمد بن عمرو الأنصاري، عن [ القاسم بن محمد بن أبي بكر ]١٥ عن عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – قالت : الصلاة الوسطى : صلاة العصر١٦.
فهذه أصح الرواية عن عائشة رضي الله عنها، أبو سهل محمد بن عمرو الأنصاري ثقة، روى عنه ابن مهدي ووكيع، ومعمر وعبد الله بن المبارك وغيرهم.
فبطل التعلق بشيء مما ذكرنا قبل، إذ ليس بعض ما روي عن هؤلاء المذكورين بأولى من بعض والواجب الرجوع إلى ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وقد ذكرنا أنه لم يصح عنه عليه الصلاة والسلام إلا أن الصلاة الوسطى : صلاة العصر ؟ ١٧
فإن قيل : فكيف تصنعون في هذه الروايات التي أوردت عن حفصة١٨، وعائشة١٩، وأم سلمة٢٠، وأبي٢١، وابن عباس٢٢ : التي فيها ( ( وصلاة العصر ) ) والتي فيها ( ( صلاة العصر ) ) عنهم بلا واو حاشا حفصة، وكيف تقولون في القراءة بهذه، وهي لا تحل القراءة بها اليوم ؟
فجوابنا – وبالله تعالى التوفيق – أن الذي يظن من اختلاف الرواية في ذلك فليس اختلافا، بل المعنى في ذلك مع ( ( الواو ) ) ومع إسقاطها سواء، وهو أن تعطف الصفة على الصفة، لا يجوز غير ذلك.
كما قال تعالى ﴿ ولكن رسول الله وخاتم النبيين ﴾٢٣، فرسول الله هو خاتم النبيين وكما تقول : أكرم إخوانك وأبا زيد الكريم والحسيب أخا محمد.
فأبو زيد هو الحسيب، وهو أخو محمد.
فقوله ( ( وصلاة العصر ) ) بيان للصلاة الوسطى فهي الوسطى وهي صلاة العصر.
وأما قوله عليه الصلاة والسلام " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر " ٢٤ فلا يحتمل تأويلا أصلا، فوجب بذلك حمل قوله عليه الصلاة والسلام " والصلاة الوسطى وصلاة العصر " على أنها عطف صفة على صفة ولا بد.
ويبين أيضا صحة هذا التأويل عنهم ما قد أوردناه عنهم أنفسهم من قولهم ( ( والصلاة الوسطى صلاة العصر ) )، وصحت الرواية عن عائشة رضي الله عنها بأنها العصر، وهي التي روت نزول الآية ﴿ وصلاة العصر ﴾ فصح أنها عرفت أنها صفة لصلاة العصر، وهي سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يتلوها كذلك وبهذا ارتفع الاضطراب عنهم، وتتفق أقوالهم، ويصح كل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وينتفي عنه الاختلاف، وحاشا لله أن يأتي اضطراب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما القراءة بهذه الزيادة فلا تحل٢٥، ومعاذ الله أن تزيد أمهات المؤمنين، وأبي وابن عباس في القرآن ما ليس فيه ؟ والقول في هذا : هو أن تلك اللفظة كانت منزلة ثم نسخ لفظها.
كما حدثنا حمام ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي ثنا الدبري ثنا عبد الرزاق ثنا ابن جريج أخبرني عبد الملك بن عبد الرحمن عن أمه أم حميد بنت عبد الرحمن قالت : سألت عائشة أم المؤمنين عن الصلاة الوسطى ؟ فقالت : كنا نقرؤها في الحرف الأول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى –وصلاة العصر- وقوموا لله قانتين ﴾٢٦.
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا إسحاق بن إبراهيم – هو ابن راهوية – أنا يحي بن آدم ثنا الفضيل بن مرزوق عن شفيق بن عقبة عن البراء بن عازب قال : نزلت هذه الآية ﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ﴾٢٧ فقرأناها ما شاء الله ثم نسخها الله تعالى فنزلت ﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ﴾٢٨ فقال رجل كان جالسا عند شفيق له : هي إذا صلاة العصر، فقال البراء قد أخبرتك كيف نزلت ؟ وكيف نسخها الله تعالى ؟ والله أعلم٢٩.
قال علي : فصح نسخ هذه اللفظة، وبقي حكمها كآية الرجم وبالله تعالى التوفيق.
وقد يثبتها من ذكرنا من أمهات المؤمنين على معنى التفسير والله أعلم٣٠.
قال علي : وقال من السلف بهذا طائفة :
كما روينا من طريق يحي بن سعيد القطان عن سليمان التيمي عن ( أبي صالح السمان )٣١، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال الصلاة الوسطى صلاة العصر٣٢.
ومن طريق إسماعيل بن إسحاق ثنا علي بن عبد الله – هو ابن المديني – ثنا بشر ابن المفضل ثنا عبد الله بن عثمان عن عبد الرحمن بن نافع : أن أبا هريرة رضي الله عنه سئل عن الصلاة الوسطى فقال للذي سأله : ألست تقرأ القرآن ؟ قال : بلى، قال : فإني سأقرأ عليك بهذا القرآن حتى تفهمها قال الله تعالى ﴿ أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ﴾٣٣ المغرب.
وقال تعالى ﴿ ومن بعد صلاة العشاء ﴾٣٤ العتمة.
وقال تعالى ﴿ وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ﴾٣٥ الصلاة.
ثم قال تعالى ﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ﴾٣٦ هي العصر، هي العصر٣٧.
وعن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه : أنه كان يرى الصلاة الوسطى : صلاة العصر٣٨.
وعن يحي بن سعيد القطان عن سليمان التيمي عن قتادة عن أبي أيوب – هو يحي بن يزيد المراغي٣٩ عن عائشة أم المؤمنين قالت : الصلاة الوسطى صلاة العصر٤٠.
وعن القاسم بن محمد عنها مثل ذلك.
وعن سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام عن سلمة بن كهيل عن أبي الأحوص عن علي ابن أبي طالب في الصلاة الوسطى ؟ قال : هي التي فرط فيها ابن داود، يعني صلاة العصر٤١.
وعن يحي بن سعيد القطان عن أبي حيان يحي بن سعيد التيمي حدثني أبي : أن سائلا سأل عليا : أي الصلوات يا أمير المؤمنين الوسطى ؟ وقد نادى مناديه لصلاة العصر فقال : هي هذه٤٢
قال علي : لا يصح عن علي، ولا عن عائشة : غير هذا أصلا وقد روينا قبل عن أم سلمة أم المؤمنين، وابن عباس، وأبي بن كعب، ورُوي أيضا عن أبي أيوب الأنصاري٤٣.
وعن يونس بن عبيد عن الحسن البصري قال : الصلاة الوسطى : صلاة العصر٤٤.
عن أبي هلال عن قتادة قال : الصلاة الوسطى : صلاة العصر٤٥.
وعن معمر بن الزهري قال : الصلاة الوسطى : صلاة العصر٤٦.
وعن معمر عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني قال : الصلاة الوسطى : صلاة العصر٤٧.
وهو قول سفيان الثوري٤٨، وأبي حنيفة٤٩، والشافعي٥٠، وأحمد بن حنبل٥١، وداود٥٢ وجميع أصحابهم، وهو قول إسحاق بن راهوية٥٣، وجمهور أصحاب الحديث٥٤.
وقد رويناه أيضا مسندا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من طريق ابن مسعود٥٥، وسمرة٥٦. ٥٧
[ ٧٢ ] : المسألة الثانية : القيام فرض في الفرائض.
وأما صلاة الفرض فلا يحل لأحد أن يصليها إلا واقفا إلا لعذر : من مرض، أو خوف من عدو ظالم، أو من حيوان، أو نحو ذلك، أو ضعف عن القيام كما كان في سفينة، أو من صلى مؤتما بإمام مريض، أو معذورا فصلى قاعدا، فإن هؤلاء يصلون قعودا، فإن لم يقدر الإمام على القعود ولا القيام : صلى مضطجعا وصلوا كلهم خلفه مضطجعين ولا بد، وإن كان في كلا الوجهين مذكر – يسمع الناس تكبير الإمام – صلى إن شاء قائما إلى جنب الإمام وإن شاء صلى كما يصلي إمامه.
فأما الخائف، والمريض، فلقول الله تعالى ﴿ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ﴾٥٨
ولقوله تعالى ﴿ يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ﴾٥٩
ولقوله تعالى ﴿ وقوموا لله قانتين ﴾٦٠
فأوجب الله تعالى القيام إلا عمن أسقطه عنه النص، وهذا في الخائف والمريض، إجماع٦١.
مع أنه عليه الصلاة والسلام قد صلى الفريضة قاعدا لمرض كان به ولوث برجله٦٢.
قال أبو سليمان وأصحابنا : يؤم المريض قاعدا الأصحاء٦٣، ولا يصلون وراءه إلا قعودا كلهم ولا بد ؟
قال علي : وبهذا نأخذ إلا فيمن يصلي إلى جنب الإمام يذكر الناس ويعلمهم تكبير الإمام، فإنه مخير بين أن يصلي قاعدا وبين أن يصلي قائما.
قال علي : فنظرنا هل جاء في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان ؟
فوجدنا ما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد عن الفربري ثنا البخاري ثنا عبد الله بن يوسف ثنا مالك عن ابن شهاب عن أنس أن رسو
١ سورة البقرة: من آية ٢٣٨..
٢ سورة النحل: من آية ٤٤..
٣ تخريج الحديث: صحيح البخاري كتاب التفسير / باب حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى (٤/١٦٤٨) حديث رقم (٤٢٥٩).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن مسافر الهمداني المغربي الوهراني ثم البجاني أخذ عن إبراهيم بن أحمد المستملي وغيره، وحدث عنه ابن عبد البر وابن حزم، وكان خيرا، صالحا، حدث بصحيح البخاري، مات سنة ٤١١ هـ. بغية الملتمس لابن الضبي (٣١٩)، سير أعلام النبلاء (١٧/٣٣٢).
إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم البلخي المستملي، راوي الصحيح عن الفربري، حدث عنه: أبو ذر عبد بن أحمد، وعبد الرحمن بن عبد الله الهمداني، وأحمد بن محمد البلخي، وكان سماعه للصحيح في سنة ٣١٤، قال أبو ذر: كان من الحافظين المتقنين ببلخ، مات سنة ٣٧٦ هـ. سير أعلام النبلاء للذهبي (١٦/٤٩٢)، التقيد للبغدادي (١/١٨٧).
الفربري: المحدث الثقة، العالم، أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر بن صالح بن بشر الفربري، راوي الجامع الصحيح عن البخاري سمعه منه بفربر مرتين، وكان ثقة، ورعا، مات سنة عشرين وثلاث مئة، وفربر – بكسر الفاء وبفتحها – وهي من قرى بخارى والفتح أشهر. سير أعلام النبلاء للذهبي (١٥/١٠)، الإكمال لابن ماكولا (٧/٦٥) البقية رجال البخاري كلهم ثقات..

٤ تخريج الحديث: صحيح مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة / باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر (٥/١٢٩) حديث رقم (١٤٢١) وحديث رقم (١٤٢٢).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الله بن يوسف: ثقة، تقدم، انظر ص (١٥٦).
أحمد بن فتح المعروف بابن الريان: ثقة، تقدم، انظر ص (١٥٦).
عبد الوهاب بن عيسى: ثقة، تقدم، انظر ص (١٥٦).
أحمد بن محمد بن يحي الأشقر: ثقة، تقدم، انظر ص (١٥٦).
أحمد بن علي بن الحسن القلانسي: ثقة، تقدم، انظر ص (١٥٦).
والبقية رجال مسلم كلهم ثقات..

٥ تخريج الحديث: مسند البزار مسند علي بن أبي طالب باب ومما روي زر بن حبيش عن علي (٢/١٨١) حديث رقم (٥٥٨)، مصنف عبد الرزاق (١/٥٧٦)، مصنف ابن أبي شيبة (٢/٣٨٨)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الصلاة / باب من قال هي صلاة العصر (٢/٢٥٥) حديث (٢٢٠٢).
ترجمة رجال الإسناد:
يحي بن عبد الرحمن بن مسعود بن موسى، أبو بكر القرطبي، عرف بابن وجه الجنة، سمع من قاسم بن أصبغ ومحمد بن أبي دليم، ومحمد بن معاوية، وابن حزم الصدفي، وأحمد بن مطرف، وكان خيرا، دينا، حدث عنه أبو عمر بن عبد البر، وابن حزم، وهو أكبر شيخ لقيه ابن حزم، مات سنة ٤٠٢ هـ. الصلة لابن بشكوال (٢/٦٢٦) وسير أعلام النبلاء (١٧/٢٠٤).
أحمد بن دحيم بن خليل بن عبد الجبار بن حرب، من أهل قرطبة، يكنى أبا عمر، سمع من عبيد الله بن يحي، وإبراهيم بن حماد ابن أخي القاضي إسماعيل بن إسحاق، كتب عنه كتاب عمه في أحكام القرآن، وكان أحمد ابن دحيم معتنيا بالآثار، جامع للسنن، ثقة فيما يروي، مات سن ة ٣٣٨ هـ، تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي ص (٣٩)، جذوة المقتبس للحميدي ص (١١٤).
إبراهيم بن حماد بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم، أبو إسحاق الأزدي مولى آل جرير بن حازم، سمع أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري، وعلي بن مسلم الطوسي، وزيد بن أخزم، وغيرهم، وروى عنه القاضي أبو الحسن الجراحي، وأبو الحسن الدارقطني، وأبو طاهر المخلص. قال الدارقطني، ثقة، فاضل، مات سنة ٣٢٣ هـ تاريخ بغداد (٦/٦١).
إسماعيل بن إسحاق: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٣).
محمد ابن أبي بكر المقدمي، ثقة، تقدم، انظر ص (٣٩٩).
يحي بن سعيد القطان: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٧٢).
عبد الرحمن بن مهدي: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٣).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم، انظر ص (١٤٨).
عاصم بن أبي النجود بن بهدلة – بفتح الموحدة وسكون الهاء وفتح الدال المهملة – وهو عاصم ابن أبي النجود وبهدلة هو اسم أبي النجود وقيل اسم أمه، الأسدي مولاهم الكوفي، أبو بكر المقرئ، صدوق له أوهام، حجة في القراءة، وحديثه في الصحيحين مقرون، من السادسة، مات سنة ثمان وعشرين. التقريب (٣١٣٧) قال الإمام أحمد: عاصم بن بهدلة ثقة رجل صالح، خير، فقيه، والأعمش أحفظ منه. العلل (١/٤٢٠).
قال أ[و داود: شيخ، ثقة، سؤالات أبي داود (١/٢٩٣). قال ابن معين: ثقة، لا بأس به وهو من نظراء الأعمش والأعمش أثبت منه، من كلام أبي زكريا في الرجال (١/٦٤). انظر مقدمة فتح الباري (١/٤١١)، تحفة الأحوذي (٢/٤١٨).
زر – بكسر أوله وتشديد الراء – ابن حبيش – بمهملة موحدة ثم معجمة – الأسدي، كوفي، أبو مريم، ثقة، جليل، مخضرم، مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث وثمانين، وهو ابن مائة وسبع وعشرين. التقريب (٢٠٧٠).
عبيدة السلماني: ثقة، تقدم، انظر ص (١٧٠).
الحكم: إسناده حسن ويرتقي بشواهد إلى الصحيح لغيره..

٦ تخريج الحديث: سنن ابن ماجة كتاب الصلاة / باب المحافظة على صلاة العصر (١/٢٧٩) حديث رقم (٦٨٤)، صحيح ابن خزيمة كتاب الصلاة / باب ذكر الصلاة الوسطى التي أمر الله عز وجل بالمحافظة عليها على التكرار (٢/٢٨٩) حديث رقم (١٣٣٦)، البحر الزخار مسند البزار مسند علي بن أبي طالب / باب مما روي زر بن حبيش عن علي (٢/١٨٠) حديث رقم (٥٥٧)..
٧ شُتير – بشين معجمة مضمومة ثم مثناة من فوق مفتوحة – وأما شكل فبشين معجمة ثم كاف ولام مفتوحتين ومنهم من سكن الكاف والمشهور فتحها. شُرح النووي على مسلم (٧/٢١٩).
شُتير بن شكل بن حميد العبسي روى عن علي وعبد الله وعن أبيه، وكانت لأبيه صحبة وعن حفصة، مات بالكوفة زمن مصعب بن الزبير، وكان ثقة، قليل الحديث. الطبقات الكبرى لابن سعد (٦/١٨١)، ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم للدارقطني (٢/١١٥)..

٨ شكل بن حميد العبسي من بني عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان روى عنه ابنه شُتير، لم يروي عنه غير حديثه في الداء والاستعاذة. الاستيعاب لابن عبد البر (٢/٧١٠) قال خليفة يكنى أبا عبد الله مات في أول سنة ثلاث وثلاثين الطبقات لابن خياط (١/١٣٠)، الجرح والتعديل (٤/٣٨٨)..
٩ تخريج الحديث: صحيح مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة / باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر (٥/١٣٠) حديث رقم (١٤٢٤)، صحيح ابن خزيمة كتاب الصلاة / باب ذكر الصلاة الوسطى التي أمر الله عز وجل بالمحافظة عليها على التكرار (٢/٢٩٠) حديث رقم (١٣٣٧)..
١٠ سورة البقرة: آية ٢٣٨..
١١ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٢/٣٨٧)، جامع البيان للطبري (٥/١٧٦).
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع بن الجراح: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٧).
داود بن قيس الفراء الدباغ، أبو سليمان القرشي مولاهم، المدني، ثقة، فاضل، من الخامسة، مات في خلافة أبي جعفر. التقريب (١٨٧٠).
عبد الله بن رافع المخزومي، أبو رافع المدني، مولى أم سلمة رضي الله عنها، ثقة، من الثالثة. التقريب (٣٣٩٣).
الحكم: إسناده صحيح..

١٢ سورة البقرة: من آية ٢٣٨..
١٣ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٢/٣٨٨)، جامع البيان للطبري (٥/٢١٣).
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع ابن الجراح: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٧).
شعبة بن الحجاج: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٣)، قال الحافظ ابن حجر: ((قال شعبة: كفيتكم تدليس ثلاثة الأعمش، وأبي إسحاق وقتادة)) قال ابن حجر: هذه قاعدة جيدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة، أنها إذا جاءت من طريق شعبة دلت على السماع ولو كانت معنعنة)) طبقات المدلسين ص (٥٨).
أبو إسحاق السبيعي: - بفتح المهملة وكسر الموحدة – ثقة، مكثر، اختلط بآخره، تقدم، انظر ص (١٣٣).
هبيرة بن يريم – بتحتانية أوله – وزن عظيم بمعجمة موخرة خفيفة – الشامي ويقال الخارفي – بمعجمة وفاء – أبو الحارث الكوفي لا بأس به وقد عيب بالتشيع من الثانية. التقريب (٧٥٤٨).
الحكم: إسناده حسن يرتقي بشواهده إلى الصحيح لغيره..

١٤ تخريج الأثر: من طريق عفان ثنا وهب ثنا خالد الفراء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن أبي بن كعب، وقال الحافظ ابن حجر رواه أبو عبيد بإسناد صحيح عن أبي بن كعب. فتح الباري (٨/٤٥)، مصنف ابن أبي شيبة (٢/٣٨٩).
ترجمة رجال الإسناد:
إسماعيل بن إسحاق: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٣).
محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم المقدمي – بالتشديد – أبو عبد الله الثقفي مولاهم، البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين. التقريب (٥٩٧٣).
مجلوب أبي جعفر: لم أقف عليه.
خالد الحذاء – بفتح المهملة وتشديد الذال المعجمة – ثقة، يرسل، من الخامسة، تغير حفظه لما قدم الشام، تقدم، انظر ص (٣٢٥).
عبد الملك بن محمد الرقاشي – بفتح الراء وتخفيف القاف ثم المعجمة – أبو قلابة المصري، صدوق يخطئ، تغير حفظه لما سكن بغداد، من الحادية عشرة، مات سنة ست وسبعين ومائتين، وله ست وثمانون سنة. التقريب (٤٣٣٤).
الحكم: إسناده ضعيف يرتقي بشاهده الذي حكم عليه الحافظ ابن حجر بالصحة إلى الحسن لغيره..

١٥ ولعله الصواب، يقول الشيخ محمود شاكر في تعليقه على جامع البيان: قوله في الإسناد ((عن محمد بن أبي بكر)) هكذا وقع في المحلى فلا أدري الرواية عن ابن مهدي هكذا؟ فيكون محمد بن عمرو رواه عن القاسم بن محمد وعن أبيه، أم هو خطأ من ناسخي المحلى؟ وأنا أرجح أنه خطأ، لأن محمد بن أبي بكر الصديق قديم الوفاة، وشيوخ محمد بن عمرو كلهم مقارب لطبقة القاسم بن محمد، ثم إنهم لم يذكروا محمد بن أبي بكر في شيوخ محمد بن عمرو، وأكثر من هذا أنهم لم يذكروا قط راويا عن محمد بن أبي بكر، غير ابنه القاسم بن محمد، ولكن ابن حزم يشير بعد إلى رواية القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها بمثل ذلك، فالظاهر أن الخطأ قديم في الكتب التي نقل عنها ابن حزم.
جامع البيان للطبري (٥/١٧٥) هامش..

١٦ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٢/٣٨٨)، جامع البيان للطبري (٥/١٧٥).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرحمن بن مهدي: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٣).
محمد بن عمرو الواقفي الأنصاري، أبو سهل البصري، مشهور بكنيته، واختلف في اسم جده، ضعيف، من السابعة تميز. التقريب (٦٤٤٤).
قال ابن أبي حاتم: محمد بن عمرو بن عبيد الأنصاري أبو سهل الواقفي، من قبيلة من بني واقف، روى عن القاسم بن محمد والحسن، ومحمد بن سيرين، روى عنه معن بن عيسى ومصعب بن المقدام وعبد السلام بن مطهر، وعبد الرحمن بن هانئ، سمعت أبي يقول ذلك، حدثنا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي بن المدني قال يحي – يعني بن سعيد القطان – عن محمد بن عمرو الأنصاري قلت روى عن حفصة، فضعف الشيخ جدا، قلت: ماله، قال: روى عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها في الكبش الأقرن وعن القاسم عن عائشة رضي الله عنها في الصلاة الوسطى، قال عباس الدورري عن يحي بن معين أنه قال: محمد بن عمرو بن عبيد النصاري ضعيف، وكان يحي بن سعيد يضعفه جدا، وقال ابن الجنيد قال سمعت ابن نمير يقول: أبو سهل محمد بن عمرو بصري ليس يسوى شيئا. الجرح والتعديل (٨/٣٢)، الضعفاء للعقيلي (٤/١١٠).
وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ. الثقات (٧/٤٣٩).
قال ابن الجوزي: محمد بن عمرو أبو سهل الأنصاري البصري، ضعفه يحي القطان جدا. الضعفاء (٣/٨٨)، تهذيب الكمال للمزي (٢٦/٢٢١).
قال الشيخ محمود شاكر: أبو سهل محمد بن عمرو الأنصاري الواقفي البصري الراجح عندنا توثيقه، ترجم له البخاري في الكبير (١/١٩٤) فلم يذكر فيه جرحا وذكره ابن حبان في الثقات ثم ذكره في الضعفاء، ثم ترجم له ابن أبي حاتم فذكر الأقوال في تضعيفه فقط، وقال ابن حزم ((ثقة، ثم قال فهذه أصح رواية عن عائشة رضي الله عنها)) أ. هـ. جامع البيان للطبري (٥/١٧٥) هامش باختصار.
قلت: لعل ابن حزم – رحمه الله تعالى – وهم في محمد بن عمرو الأنصاري ولكن الراجح أنه ضعيف،
الحكم: إسناده ضعيف لذكر الأئمة في ترجمة محمد بن عمرو الواقفي أنه روى عن القاسم عن عائشة – رضي الله عنها – في الصلاة الوسطى وكون البخاري لم يذكر فيه جرحا، فليس توثيقا له. فقدم هنا الجرح المفصل، ولكن يرتقي بالمتابعات والشواهد إلى الحسن لغيره..

١٧ سبق تخريجه انظر ص (٤٧٦)..
١٨ سنن الترمذي كتاب التفسير / باب ومن سورة البقرة (٥/٢٠١)، حديث رقم (٢٩٨٢)، الموطأ (١/١٣٩)، شرح معاني الآثار للطحاوي (٣/١٧١)، جامع البيان للطبري (٥/٢٠٩)..
١٩ صحيح مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة / باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر (٥/١٣١) حديث رقم (١٤٢٦)، مختصر شواذ القرآن لابن خالوية ص (٢٢)..
٢٠ مصنف عبد الرزاق (١/٥٧٩)، مصنف ابن أبي شيبة (٢/٣٨٧)..
٢١ فتح الباري (٨/٤٥)..
٢٢ جامع البيان للطبري (٥/٢١٣)، مختصر شواذ القرآن لابن خالوية ص (٢٢)..
٢٣ سورة الأحزاب: من آية ٤٠..
٢٤ سبق تخريجه انظر ص (٣٧١)..
٢٥ أجمع العلماء أن القراءة بهذه الزيادة لا تحل، ونقل ابن عبد البر إجماع علماء المسلمين على أنه لا يجوز القراءة بالشاذ وأنه لا يصلي خلف من يقرئها. انظر القراءة الشاذة وتوجهيها عبد الفتاح القاضي ص (٩)، المجموع شرح المهذب للنووي (٣/٣٥٥)، الموسوعة الفقهية (٣٢/٥٧)..
٢٦ تخريج الأثر: جامع البيان للطبري (٥/١٧٤)، مصنف عبد الرزاق (١/٥٧٨)، شرح معاني الآثار للطحاوي (٣/١٧١)
ترجمة رجال الإسناد:
حمام: ثقة، تقدم، انظر ص (٤٧٦).
ابن مفرج: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
ابن الأعرابي: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
الدبري: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
عبد الرزاق الصنعاني: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: ثقة لكنه يدلس، تقدم، انظر ص (١٤٦).
عبد الملك بن عبد الرحمن بن خالد بن أسيد القرشي ذكره ابن حبان في الثقات (٧/١٠٦) قال ابن أبي حاتم: روى عن أمه أم حُميد قالت سمعت عائشة، روى عنه ابن جريج، سمعت أبي يقول ذلك. الجرح والتعديل (٥/٣٥٥) وترجم له البخاري في التاريخ الكبير (٥/٤٢١).
قال الشيخ محمود شاكر: ((ووهم العُقيلي فلم يرفع نسبه، وقال: من ولد عتاب بن أسيد، واستدرك عليه الحافظ في لسان الميزان (٤/٦٥) ونقل ترجمته من ثقات ابن حبان نحو كلام ابن أبي حاتم)) جامع البيان للطبري (٥/١٧٤) هامش
أم حميد بنت عبد الرحمن وقيل أم حميدة لا يعرف حالها، من الثالثة. التقريب (٩٠١٩) قال الحافظ في التهذيب روى ابن جريج عن أبيه عنها فإن لم تكن هي فلا أدري. التهذيب (٤/٦٩٥)، الكاشف للذهبي (٢/٥٢٣).
الحكم: إسناده ضعيف يرتقي بشاهده التالي إلى الحسن لغيره..

٢٧ سورة البقرة: آية ٢٣٨..
٢٨ صحيح مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة / باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر (٥/١٣٣) حديث رقم (١٤٢٧)..
٢٩ أخرج أحمد في مسنده من طريق عاصم بن بهدلة عن زر بن حُبيش قال: قال لي أبي بن كعب: ((كأي تقرأ سورة الأحزاب، أو كأي تعدها؟ قال قلت له: ثلاث وسبعين آية. فقال قط؟ لقد رأيتها وإنها لتعدل سورة البقرة، ولقد قرأنا فيها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهم البتة نكالا من الله والله عليم حكيم)).
مسند زر بن حبيش (٥/١٣٢) حديث رقم (٢١٢٤٥)، والنسائي في السنن الكبرى (٤/٢٧٠) حديث رقم (٧١٤٥).
قال ابن كثير بعد أن عزاه للنسائي وأحمد: ((إسناده حسن)). تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٣/٤٦٦)، انظر النسخ في القرآن للنحاس (١/٤٣١)..

٣٠ أن هذه اللفظة قراءة على التفسير ولا تدخل في سبيل النسخ، وذلك لما جاء في مصحف أمهات المؤمنين عائشة وحفصة – رضي الله عنهما – ﴿حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى﴾ وهي صلاة العصر، ولأنها لم تثبت عن أحد من القراء المشهورين الذين يحتج بقراءتهم من السبعة ولا غيرهم. انظر تفسير ابن كثير (١/٣٠١)، الناسخ والمنسوخ للنحاس (١/٤٧٠)، الناسخ والمنسوخ لابن العربي (٢/١٠٠)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/١٤٠)..
٣١ جاء في سنن البيهقي بعد أن ذكر طرق أخرى للأثر وقال ((قال عبد الله بن أحمد بن حنبل – قال أبي ليس هو أبو صالح السمان ولا باذام، هذا بصري أراه ميزان – يعني إسمه ميزان. أ. هـ سنن البيهقي (١/٤٦٠)..
٣٢ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٢/٣٨٩)، مصنف عبد الرزاق (١/٥٧٧)، صحيح ابن خزيمة كتاب الصلاة / باب ذكر الصلاة الوسطى التي أمر الله عز وجل بالمحافظة عليها على التكرار (٢/٢٩٠) حديث رقم (١٣٣٨) سنن البيهقي الكبرى كتاب الصلاة / باب من قال هي صلاة العصر (٢/٢٥٦) حديث رقم (٢٢٠٥)، سنن سعيد بن منصور / باب قوله تعالى ﴿حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى﴾(٣/٩٠٢) وقال: سنده صحيح، النكت والعيون للمارودي (١/٣٠٨)، شرح معاني الآثار للطحاوي (١/١٧٥).
ترجمة رجال الإسناد:
يحي بن سعيد القطان: ثقة تقدم، انظر ص (٢٧٢).
أبو صالح البصري اسمه ميزان يروي عن ابن عباس، روى عنه سليمان التيمي، أهل البصرة، وليس بصاحب الكلبي الثقات لابن حبان (٥/٤٥٨) قال الحافظ ابن حجر ((ميزان البصري أبو صالح مقبول من الثالثة وهو مشهور بكنيته)) التقريب (٧٣١٨).
الحكم: إسناده ضعيف يرتقي بشواهده إلى الحسن لغيره..

٣٣ سورة الإسراء: من آية ٧٨..
٣٤ سورة النور: من آية ٥٨..
٣٥ سورة الإسراء: من آية ٧٨..
٣٦ سورة البقرة: من آية ٢٣٨..
٣٧ تخريج الأثر: شرح معاني الآثار للطحاوي (٣/١٧٦).
ترجمة رجال الإٍسناد:
إسماعيل بن إسحاق القاضي: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٣).
علي بن عبد الله المديني: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٥).
بشر بن المفضل بن لا حق الرقاشي – بقاف معجمة – أبو إسماعيل، البصري، ثقة، ثبت، عابد، من الثامنة، مات سنة ست أو سبع وثمانين. التقريب (٧٤٨).
عبد الله بن عثمان بن خثيم – بالمعجمة والمثثلثة – مصغرا، القارئ، المكي، أبو عثمان، صدوق، من الخامسة، مات سنة اثنين وثلاثين. التقريب (٣٥٥٦).
عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث الخزاعي، من أولاد الصحابة، روى عن أبي موسى، ويقال له أيضا صحبة التقريب (٤١٤٢).
الحكم: إسناده حسن يرتقي بشواهده إلى الصحيح لغيره..

٣٨ تخريج الأثر: شرح معاني الآثار للطحاوي (١/١٧٠)، جامع البيان للطبري (٥/١٧٣)، مصنف عبد الرزاق (١/٥٧٦).
ترجمة رجال الإسناد:
الزهري: ثقة، تقدم، انظر ص (١١٩).
سالم بن عبد الله: ثقة، تقدم، انظر ص (١٩٣).
الحكم: إسناده صحيح..

٣٩ يحي بن يزيد المراغي: قال الشيخ محمود شاكر: أخطأ ابن حزم – رحمه الله – عندما قال أن اسم أبي أيوب يحي بن يزيد، وهو خلاف لما في الدواوين، بل قد ثبت اسمه في صحيح مسلم (١/٤٢٧) حديث رقم (٦١٢) في حديث آخر ((عن قتادة، عن أبي أيوب، واسمه، يحي بن مالك الأزدي، ويقال المراغي، والمراغ حي من الأزد)) جامع البيان (٥/١٧٧) هامش..
٤٠ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٢/٣٨٩).
ترجمة رجال الإسناد:
يحي بن سعيد القطان: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٧٢).
سليمان التيمي: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٤).
قتادة: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٤).
يحي بن مالك: ويقال حبيب بن مالك، أبو أيوب العتكي الأزدي المراغي قبيلة من العرب، رجال مسلم (٢/٣٥٠) التعديل والتجريح للباجي (٣/١٢٠٩).
الحكم: إسناده صحيح..

٤١ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٢/٣٨٨)، جامع البيان للطبري (٥/١٧٠).
ترجمة رجال الإسناد:
سفيان بن عيينة: ثقة، تقدم، انظر ص (١٥٠).
مسعر بن كدام: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٣).
سلمة بن كهيل: ثقة، انظر ص (٢٧٠).
أبو الأحوص عوف بن مالك الجشمي – بضم الجيم وفتح المعجمة – ثقة، تقدم، انظر ص (٢٧٢).
الحكم: إسناده صحيح..

٤٢ تخريج الأثر: سنن سعيد بن منصور باب قوله تعالى ﴿حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى﴾(٣/٨٩٩) وقال سنده صحيح، جامع البيان للطبري (٥/١٦٩).
ترجمة رجال الإٍسناد:
يحي بن سعيد القطان: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٧٢).
يحي بن سعيد بن حيان – بمهملة وتحتانية – أبو حيان التيمي، الكوفي، ثقة، عابد، من السادسة، مات سنة خمس وأربعين. التقريب (٧٨٣٤).
سعيد بن حيان التيمي، الكوفي، والد يحي، وثقه العجلي، من الثالثة. التقريب (٢٣٦٣).
الحكم: إسناده صحيح..

٤٣ جامع البيان للطبري (٥/١٨١)، المغني لابن قدامة (١/٢٩٩)..
٤٤ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٢/٣٨٨)، تفسير الحسن البصري (١/١٧٩)..
٤٥ جامع البيان للطبري (٥/١٧٩)..
٤٦ طرح التثريب للعراقي (٢/١٧٧)..
٤٧ مصنف عبد الرزاق (١/٢٧٧)..
٤٨ المحلى (٣/١٧٩)..
٤٩ شرح معاني الآثار للطحاوي (١/١٧٦)، أحكام القرآن للجصاص (١/٥٣٧)، المبسوط للسرخسي (١/١٤٢)..
٥٠ قال الشافعي الصلاة الوسطى: الصبح، الأم (١/٦٣٤)، وقال النووي: نص عليه في الأم وغيره وصحت الأحاديث أنها العصر ومذهبه أتباع الحديث فصار مذهبه العصر، المجموع (٣/٦٤)..
٥١ الإنصاف للمرداوي (١/٤٣٠)، المغني لابن قدامة (١/٢٩٩)..
٥٢ المجموع للنووي (٣/٦٤)، لباب التأويل للخازن (١/١٦٩)..
٥٣ المحلى (٣/١٧٩)..
٥٤ قال الحافظ بن حجر ((أن شبهة من قال الصبح قوية لكن كونها العصر هو المعتمد... ثم قال وقال الترمذي: هو قول أكثر علماء الصحابة وغيرهم، وقال المارودي: هو قول جمهور التابعين، وقال ابن عبد البر: هو قول أهل الأثر، وقال ابن عطية: هو قول جمهور الناس وبه أقول)) فتح الباري (٨/٤٤)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (١/٢٩٨)..
٥٥ سنن الترمذي كتاب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم / باب ومن سورة البقرة (٥/٢٠٣) حديث رقم (٢٩٨٥) وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح..
٥٦ سنن الترمذي كتاب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم / باب ومن سورة البقرة (٥/٢٠٢) حديث رقم (٢٩٨٣) وقال أبو عيسى: وهذا حديث حسن صحيح. مسند أحمد، ومن حديث سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم (٥/٦٣٣) حديث رقم (١٩٥٨٧)، مصنف ابن أبي شيبة (٢/٣٨٩)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الصلاة / باب من قال هي صلاة العصر (٢/٢٥٦) حديث رقم (٢٢٠٤)..
٥٧ المحلى لابن حزم (٣/١٧٠-١٧٩) باختصار يسير، انظر الإحكام لابن حزم (٢/٣٤٨)..
٥٨ سورة البقرة: من آية ٢٨٦..
٥٩ سورة البقرة: من آية ١٨٥..
٦٠ سورة البقرة: من آية ٢٣٨..
٦١ الإجماع لابن المنذر ص (٩)، مراتب الإجماع لابن حزم ص (٤٨)، المجموع شرح المهذب (٣/٢٣٧)، بدائع الصنائع للكاساني (١/١٠٧)، الجوهرة النيرة للبادي (١/٧٥)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/١٤٣)..
٦٢ لوث برجله من اللوث وهو اللي والطي، النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (٤/٢٧٥).
قال ابن منظور: اللوث هو الطي، واللي، والشر والجراحات. لسان العرب (٢/١٨٥).
ويفسر معنى اللوث ما جاء في مصنف عبد الرزاق عن جابر رضي الله عنه قال ((صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرس له، فوقع على جذع فانفكت قدمه. المصنف (٢/٢٢٥)..

٦٣ طرح التثريب للعراقي (٢/٣٣٩)، قال ابن قدامة – رحمه الله – ((يستحب للإمام إذا مرض وعجز عن القيام أن يستخلف، لأن الناس اختلفوا في إمامته، فيخرج من الخلاف، ولأن صلاة القائم أكمل، فيستحب أن يكون الإمام كامل الصلاة فإن قيل: فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا بأصحابه ولم يستخلف.
قلنا: صلى قاعدا ليبين الجواز، واستخلف مرة أخرى، ولأن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا أفضل من صلاة غيره قائما المغني لابن قدامة (٢/٢٨)..

قال تعالى :﴿ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ﴾١ وفيها مسألة واحدة
[ ٧٥ ] : المسألة : هل الآية محكمة أم منسوخة ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
النسخ٢ لا يجوز إلا في الكلام الذي معناه الأمر أو النهي، فإذا ورد الكلام لفظه لفظ الخبر ومعناه معنى الأمر ؟
جاز النسخ فيه مثل قوله تعالى ﴿ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ﴾٣. ٤
وقال – رحمه الله تعالى - :
ولا يضر كون الآية المنسوخة – في ترتيب المصحف في الخط والتلاوة – متقدمة في أول السورة أو في سورة متقدمة في الترتيب، وتكون الناسخة لها في السورة أو في سورة متأخرة في الترتيب، لأن القرآن لم ترتب آياته وسوره على حسب نزول ذلك، ولكن كما شاء ذو الجلال والإكرام منزله، لا إله إلا الله، ومرتبه الذي لم يكل ترتيبه إلى أحد دونه.
فأول ما نزل من القرآن٥ ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾٦ ثم ﴿ يَأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾٧ وهما متأخرتان قرب آخر المصحف في الخط والتلاوة.
وآخر ما نزل٨ آية الكلالة في سورة النساء، وسورة براءة وهما في صدر المصحف في الخط والتلاوة فلا يجوز مراعاة رتبة التأليف في معرفة الناسخ والمنسوخ البتة.
وقد نسخ لله عز وجل قوله تعالى ﴿ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ﴾٩ بقوله تعالى ﴿ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ﴾١٠ بإجماع الأمة كلها والناسخة في المصحف في الخط والتلاوة والترتيب والتأليف قبل المنسوخة، وفي هذا كفاية، وبالله تعالى التوفيق١١.
١ سورة البقرة: آية ٢٤٠..
٢ النسخ في اللغة: النقل ومنه نسخ الكتاب، أي نقل ما فيه إلى غيره، فيطلقون اسم النسخ والنقل على ذلك، وقال آخرون: معناه: الإبطال ومنه: نسخت الرياح الآثار. عمدة الحفاظ للسمين الحلبي (٤/١٦٩)، الفصول في الأًصول للجصاص (٢/١٩٨).
وفي اصطلاح المتأخرين من علماء الفقه وأصوله يعرفون النسخ بأنه: رفع حكم شرعي بدليل شرعي متراخ عنه.
ومن شروط وقوعه:
أن يكون النسخ في حكم شرعي.
أن لا يكون الناسخ متصلا بالمنسوخ في آية واحدة.
أن يكون بينهما زمن في النزول.
وجود التعارض بين الحكمين المدعي فيهما النسخ، أما علماء السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم فالنسخ عندهم يشمل النسخ الذي استقر عليه المتأخرون، والعام والخاص، والمجمل والمبين، والمطلق والمقيد. أ. هـ.
أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن لمساعد الطيار ص (١٤٣)، مباحث في علوم القرآن لمناع القطان ص (٢٣٢-٢٣٤)..

٣ سورة البقرة: آية ٢٤٠..
٤ الإحكام لابن حزم (١/٤١٦)..
٥ اختلف العلماء في معرفة أول ما نزل من القرآن على أقوال كثيرة ويرجع الاختلاف في ذلك إلى أن صاحب كل قول يخبر عن حد علمه أو عما بلغه من الدليل أو أنه أراد أوليه مخصوصة ففهمت على غير ما أراد. دراسات في علوم القرآن لفهد الرومي ص (٢٢٦).
وقد جمع القاضي أبو بكر في الانتصار بين الأقوال فقال: ((وطريق الجمع بين الأقاويل أن أول ما نزل من الآيات ﴿اقرأ باسم ربك﴾ وأول ما نزل من أوامر التبليغ ﴿يأيها المدثر﴾، وأول ما نزل من السور سورة الفاتحة)). البرهان في علوم القرآن للزركشي (١/٢٠٦)..

٦ سورة العلق: الآيات ١-٥..
٧ سورة المدثر: الآيات ١-٥..
٨ واختلف العلماء – رحمهم الله – في آخر ما نزل من القرآن على أقوال كثيرة، قال القاضي أبو بكر: ((هذه الأقوال ليس فيها شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكل قاله بضرب من الاجتهاد وغلبة الظن، ويحتمل أن كلا منهم أخبر عن آخر ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، في اليوم الذي مات فيه أو قبل مرضه بقليل وغيره سمع منه بعد ذلك، وإن لم يسمعه هو، ويحتمل أيضا أن تنزل هذه الآية التي هي آخر آيات تلاها الرسول صلى الله عليه وسلم مع آيات نزلت معها فيؤمر برسم ما نزل معها بعد رسم تلك فيظن أنه آخر ما نزل في الترتيب)) الاتقان للسيوطي (١/٣٧)..
٩ سورة البقرة: من آية ٢٤٠..
١٠ سورة البقرة: من آية ٢٣٤..
١١ الإحكام لابن حزم (١/٥٠٥). نجد أن ابن حزم – رحمه الله – يخالف منهجه في النسخ فهو يقول: ((النسخ بالإجماع المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم جائز، لأن الإجماع أصله التوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم إما بنص قرآن أو برهان قائم من أي مجموعة منه أو بنص سنة أو برهان قائم منها كذلك، أو بفعل منه عليه الصلاة والسلام لشيء علمه، فإذا كان الإجماع كذلك فالنسخ به جائز)) الإحكام (١/٥٣٠) قلت: وعلى أي شيء يعتمد هذا الإجماع في هذه المسألة وكيف يعد إجماعا مع هذا الاختلاف الوارد كما سيأتي في دراسة المسألة..
قال تعالى :﴿ وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ﴾١ وفيها ثلاث مسائل.
[ ٧٦ ] : المسألة الأولى : هل الآية محكمة أم منسوخة ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
غلط قوم فظنوا قوله تعالى ﴿ إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره ﴾٢ معارضا لقوله تعالى ﴿ وللمطلقات متاع بالمعروف ﴾٣.
والآية الأولى بعض هذه وداخلة في جملتها٤.
ثم قال – رحمه الله تعالى - :
فإن ذكروا : ما رويناه من طريق وكيع عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب نسخت هذه الآية ﴿ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم ﴾٥، ٦.
التي بعدها ﴿ وللمطلقات متاع بالمعروف ﴾٧، ٨
قلنا : لا يصدق أحد على إبطال حكم آية منزلة إلا بخبر ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف وليس في الآية التي ذكر شيء يخالف التي زعم أنها نخستها ؟ فكلتاهما حق٩.
[ ٧٧ ] : المسألة الثانية : حكم المتعة.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
والمتعة١٠ فرض على كل مطلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثا، أو أخر ثلاث، وطئها أو لم يطأها، فُرِض لها صداقها أو لم يفرض لها شيء : أن يمتعها، وكذلك المفتدية أيضا ويجبره الحاكم على ذلك أحب أم كره.
ولا متعة على من انفسخ نكاحه منها بغير طلاق ولا يسقط التمتع عن المطلق مراجعته إياها في العدة ولا موته ولا موتها، والمتعة لها أو لورثتها من رأس ماله يضرب بها مع الغرماء.
برهان ذلك قول الله تعالى ﴿ وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ﴾١١ فعم عز وجل كل مطلقة ولم يخص، وأوجبه حقا على كل متق يخاف الله تعالى.
قال أبو محمد : كل مسلم هو على أديم الأرض فهو بقوله لا إله إلا الله محمد رسول الله من جملة المتقين بقوله ذلك وإيمانه، ومن جملة المحسنين ولله تعالى أن يخلده في النار إن لم يسلم.
فكل مسلم في العالم فهو محسن متق، من المحسنين المتقين، ولم يقع اسم – محسن، ولا متق – إلا على من يحسن ويتقي في كل أفعاله : لم يكن في الأرض محسن، ولا متق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لا بد لكل من دونه من تقصير وإساءة لم يكن فيها من المحسنين، ولا من المتقين.
فكان على هذا يكون كلام الله تعالى ﴿ حقا على المحسنين ﴾١٢، ﴿ حقا على المتقين ﴾١٣ فارغا ولغوا وباطلا، وهذا لا يحل لأحد أن يعتقده ولا فرق بين قوله تعالى ﴿ من المحسنين ﴾ و﴿ من المتقين ﴾ وبين قوله تعالى ﴿ من المسلمين ﴾ و﴿ من المؤمنين ﴾ والمعنى في كل ذلك واحد ولا فرق.
قال أبو محمد :
وطائفة قالت كقولنا كما روينا من طريق ابن وهب عن يحي بن أيوب عن موسى بن أيوب الغافقي عن أياس بن عامر : أنه سمع علي بن أبي طالب يقول : لكل مطلقة متعة١٤.
ومن طريق ابن وهب عن مالك عن الزهري قال : لكل مطلقة متعة١٥.
ومن طريق ابن وهب عن يونس بن يزيد قال : سئل ابن شهاب عن المُمَلَّكة١٦ والمُخيَّرة١٧ ؟ فقال ابن شهاب : كل مطلقة في الأرض لها متاع١٨.
ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، قال : للمختلعة المتعة التي جمعت، والتي لم تجمع سواء١٩.
ومن طريق حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن سعيد بن جبير قال : لكل مطلقة متعة وتلا ﴿ وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ﴾٢٠، ٢١
ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن أبي قلابة، قال : لكل مطلقة متعة٢٢.
ومن طريق عبد الرزاق نا ابن جريج عن عطاء، قال : لكل امرأة اختلعت نفسها من زوجها فلها المتعة٢٣.
ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال : للمختلعة المتعة٢٤.
ومن طريق سعيد بن منصور نا هشيم أنا يونس بن عبيد عن الحسن قال : لكل مطلقة متاع٢٥.
ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري، قال : للمملوكة، واليهودية، والنصرانية : المتعة إذا طلقت٢٦، ٢٧.
[ ٧٨ ] : المسألة الثالثة : مقدار المتعة.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى – وأما مقدار المتعة.
فروينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع أن ابن عمر قال : أدنى ما أراه يجزي في المتعة ثلاثون درهما٢٨.
ومن طريق وكيع عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن أمية عن عكرمة عن ابن عباس قال : أعلى المتعة : الخادم، ودون ذلك النفقة والكسوة٢٩.
ومن طريق وكيع عن سفيان الثوري عن عمرو بن عبيد عن الحسن في المتعة للمطلقة قال : ليس فيها شيء مؤقت يمتعها على قدر الميسرة٣٠.
ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال : لا أعلم للمتعة وقتا قال الله تعالى ﴿ ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ﴾٣١، ٣٢.
... ثم قال – رحمه الله تعالى - :
لو أن الله تعالى وكل المتعة إلى الممتع لوقفنا عند أمره عز وجل وألزمناه ذلك ؟ كما يفعل في إيتاء المكاتب من مال المكاتب لكنه تعالى على قدر اليسار والإقتار، فلزمنا أن نجعل متعة الموسع غير متعة المقتر ولا بد.
ولم نجد في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدا وجب ذلك على المعروف عند المخاطبين بذلك فوجب بهذا الرجوع إلى ما صح عن الصحابة رضي الله عنهم في ذلك، كما فعلنا في جزاء الصيد فما كان هو المعروف عندهم في المتعة، فهو الذي أراد الله عز وجل بلا شك، إذ لا بد لما أمر الله تعالى به من بيان، فقد كان فيهم رضي الله عنه الموسع المتناهي، كعبد الرحمن بن عوف، وغيره، وكان ابن عباس، وابن عمر موسرين دون عبد الرحمن.
ومما يبين وجوب الرجوع إلى ما رآه الصحابة رضي الله عنهم أنه متعة بالمعروف كما قلنا في النفقة والكسوة إذ قال الله تعالى ﴿ لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها ﴾٣٣.
وقد وافقنا المخالفون على هذا. وكلا النصين واجب إتباعه.
وما نا محمد بن سعيد بن نبات نا ابن مفرج نا عبد الله بن جعفر بن الورد نا يحي بن أيوب ابن بادي العلاف نا يحي بن بكير نا الليث بن سعد عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن فاطمة بنت بنت قيس نفسها قالت : طلقني أبو عمرو بن حفص البتة ثم خرج إلى اليمن ووكل بها عياش بن أبي ربيعة فأرسل إليها عياش بعض النفقة، فسخطتها ؟
فقال لها عياش : مالك علينا نفقة ولا سكنى هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسليه ؟ فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما قال ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس لك نفقة ولا مسكن، ولكن متاع بالمعروف، وأخرجي عنهم٣٤ وذكرت باقي الخبر....
فهذا غاية البيان إن المتعة مردودة إلى ما كان معروفا عندهم يومئذ فقد ذكرنا قول ابن عمر وابن عباس.
وروينا من طريق سعيد بن منصور نا عبد الرحمن بن زياد نا شعبة عن سعد بن إبراهيم ابن عبد الرحمن بن عوف قال : سمعت حميد بن عبد الرحمن بن عوف يحدث عن أمه – هي أم كلثوم بنت عقبة من المهاجرات الفواضل لها صحبة – أنها قالت : كأني انظر إلى جارية سواء حممها عبد الرحمن بن عوف امرأته أم أبي سلمة حين طلقها في مرضه٣٥.
قال سعيد بن منصور : نا هشيم نا مغيرة عن إبراهيم قال : العرب تسمي المتعة التحميم٣٦ فقد اتفق ابن عباس، وعبد الرحمن، بحضرة الصحابة رضي الله عنهم لا يعرف لهما في ذلك مخالف من الصحابة رضي الله عنهم – على أن متعة الموسر المتناهي – خادمة سوداء، فإن زاد على ذلك فهو محسن كما فعل الحسن بن علي٣٧ وغيره، فإن كانت غير مطيقة للخدمة فليست خادما، فعلى هذا المقدار يجبر الموسر إذا أبي أكثر من ذلك.
وأما المتوسط فيجبر على ثلاثين درهما أو قيمتها، إذ لم يأت عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أقل من ذلك كما روينا آنفا عن ابن عباس وابن عمر إذ رأيا ذلك هو المعروف.
وأما المقتر، فأقلهم من لا يجد قوت يومه، أو لا يجد زيادة على ذلك، فهذا لا يكلف حينئذ شيئا، لكنها دين عليه فإذا وجد زيادة على قوته كلف أن يعطيها ما تنتفع به – ولو في أكلة يوم – كما أمر الله عز وجل ويقول ﴿ وعلى المقتر قدره ﴾٣٨ وبالله تعالى التوفيق٣٩.
١ سورة البقرة: آية ٢٤١..
٢ سورة البقرة: من آية ٢٣٦..
٣ سورة البقرة: آية ٢٤١..
٤ الإحكام لابن حزم (١/١٦٤)..
٥ سورة البقرة: من آية ٢٣٧..
٦ لقد اشتبه على ابن حزم – رحمه الله – الأمر فظن أن الآية التي ذكرها سعيد بن المسيب من سورة البقرة. صوابه أنها آية الأحزاب. انظر جامع البيان للطبري (٥/١٢٧)، مصنف عبد الرزاق (٧/٧١)، مصنف ابن أبي شيبة (٤/١١٤)، زاد المسير لابن الجوزي (١/٢٣٣)..
٧ سورة البقرة: آية ٢٤١..
٨ ترجمة رجال الإٍسناد:
وكيع بن الجراح: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٧).
شعبة بن الحجاج: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٣) وقد قال شعبة قد كفيتكم تدليس ثلاثة: منهم قتادة. طبقات المدلسين لابن حجر ص (٥٨).
قتادة بن دعامة: ثقة، إلا أنه يدلس، تقدم، انظر ص (١٣٤).
الحكم: إسناده صحيح..

٩ المحلى لابن حزم (١٠/٥)..
١٠ المتعة: المتاع في اللغة: كل ما أنتفع به فهو متاع، ومتعة المرأة، ما وصلت به بعد الطلاق والعرب تسمي ذلك كله متعه ومتاعا وتحميما وحما، والمتاع والمتعة أسمان يقومان مقام المصدر الحقيقي وهو التمتع. لسان العرب لابن منظور (٨/٢٣٠-٢٣١) باختصار..
١١ سورة البقرة: آية ٢٤١..
١٢ سورة البقرة: آية ٢٣٦..
١٣ سورة البقرة: أية ٢٤١..
١٤ تخريج الأثر: مشكل الآثار للطحاوي / باب مشكل ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمتع النساء (٣/٥٧)، أحكام القرآن للجصاص (١/٥١٨)، المغني لابن قدامة (٧/١٨٤).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الله بن وهب: ثقة، تقدم، انظر ص (١٤٦).
يحي بن أيوي الغافقي – بمعجمه ثم فاء وقاف – أبو العباس المصري، صدوق ربما أخطأ، من السابعة، مات سنة ثمان وستين. التقريب (٧٧٩٣).
موسى بن أيوب بن عامر الغافقي – بمعجمة وفاء ثم قاف – المصري، مقبول، من السادسة، مات سنة ثلاث وخمسين. التقريب (٧٢٢٧).
إياس بن عامر الغافقي – بالغين المعجمة – المصري، صدوق، من الثالثة. التقريب (٦٣١).
الحكم: إسناده ضعيف..

١٥ تخريج: مصنف ابن أبي شيبة (٤/١١٤)، موطأ مالك (٢/٥٧٣)، مصنف عبد الرزاق (٧/٧٠)..
١٦ المُمَّلكة: - بضم الأولى وفتح الثانية – وهي التي ملكها زوجها عصمتها مطلقا أي عاريا عن التقيد بالزمان والمكان بأن قال لها زوجها المسلم المكلف ملكتك أمرك، أو طلاقك وأمرك بيدك أو طلقي نفسك، أو أنت طالق إن شئت الفواكة الدواني للنفراوي (٢/٤٥)..
١٧ المُخَيرة: بضم الميم وفتح الخاء – وهي التي خيرها زوجها في اختيار نفسها أو البقاء في عصمة زوجها تخييرا مطلقا عاريا عن التقيد بالزمان أو المكان بأن قال لها: أختاريني أو اختاري نفسك. الفواكة الدواني للنفراوي (٢/٤٥)..
١٨ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٧/٧٠).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الله بن وهب: ثقة تقدم انظر ص (١٤٦).
يونس بن يزيد بن أبي النجار الأيلي – بفتح الهمزة وسكون التحتانية بعدها لام – أبو أيوب مولى آل أبي سفيان، ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا، وفي غير الزهري خطأ، من كبار السابعة، مات سنة تسع وخمسين على الصحيح، وقيل سنة ستين. التقريب (٨٢٠١).
الحكم: إسناده ضعيف يرتقي بشواهده إلى الحسن لغيره..

١٩ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٧/٧٠)، مصنف ابن أبي شيبة (٤/٩٢)، سنن البيهقي كتاب الصداق / باب المتعة (٧/٢٥٧).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة تقدم انظر ص (١٣٥).
معمر: ثقة تقدم انظر ص (١١٩).
الحكم إسناده صحيح..

٢٠ سورة البقرة: آية ٢٣١..
٢١ تخريج الأثر: جامع البيان للطبري (٥/١٢٥)، سنن البيهقي كتاب الصداق / باب المتعة (٧/٢٥٧).
سنن سعيد بن منصور (٢/٢٩)، كتاب الزهر لابن أبي عاصم (١/٣١٢).
ترجمة رجال الإسناد:
حماد بن زيد بن درهم الأزدي، ثقة، ثبت، تقدم، انظر ص (٢٢٧).
أيوب السختياني: ثقة، ثبت، حجة، تقدم، انظر ص (١٥١).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٢ مصنف عبد الرزاق (٧/٧٠)..
٢٣ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٧/٧٠)، سنن سعيد بن منصور (٢/٢٧١).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: ثقة ولكنه يدلس، انظر ص (١٤٦).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٤ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٧/٧٠).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم، انظر ص (١٤٨).
حماد بن أبي سليمان: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٠٤).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٥ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٤/١١٤)، جامع البيان للطبري (٥/١٢٥)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الصداق / باب المتعة (٧/٢٥٧)، زاد المسير لابن الجوزي (١/٢٣٢)، مصنف عبد الرزاق ٧/٧٠)، سنن سعيد بن منصور باب ما جاء في المتعة (٢/٢٧).
ترجمة رجال الإسناد:
سعيد بن منصور: ثقة، تقدم، انظر ص (٢١٤).
هشيم: ثقة، ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي، تقدم، انظر ص (٢١٤) قال عبد الله بن أحمد قلت لأبي: من أروى الناس عن يونس؟ قال: هشيم. التهذيب (٤/٢٨١).
يونس بن عبيد بن دينار العبدي، أبو عبيد المصري، ثقة، ثبت، فاضل، ورع، من الخامسة، مات سنة تسع وثلاثين. التقريب (٨١٩٢).
الحكم: ٍإسناده صحيح..

٢٦ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٧/٧٥)..
٢٧ المحلى (١٠/٣-٩) باختصار. انظر الإحكام لابن حزم (١/٣٥٩)، (٢/١٨٢)..
٢٨ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٤/١١٥)، مصنف عبد الرزاق (٧/٧٣)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الصداق / باب التفويض (١١/٢٦) حديث رقم (١٤٧٥٧).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: ثقة، ولكنه يدلس ويرسل، تقدم، انظر ص (١٤٦)، قال ابن حجر: قال علي ابن المديني عن يحي ابن سعيد: ابن جريج أثبت في نافع من مالك. التهذيب (٢/٦١٧).
موسى بن عقبة بن أبي عياش، ثقة، تقدم، انظر ص(٢٩٤).
نافع أبو عبد الله المدني مولى ابن عمر، ثقة، تقدم، انظر ص (١٥٢).
الحكم: إسناده صحيح..

٢٩ تخريج الأثر: جامع البيان للطبري (٥/١٢٣)، مصنف ابن أبي شيبة (٤/١١٥)، أحكام الجصاص (١/٥٢٦)، المغني لابن قدامة (٧/١٨٤).
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع بن الجراح، ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٧).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم، انظر ص (١٤٨).
إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية الأموي، ثقة، ثبت، من السادسة مات سنة أربع أربعين. التقريب (٤٥٩).
عكرمة مولى ابن عباس، ثقة، تقدم انظر ص (١٥٩).
الحكم: إسناده صحيح..

٣٠ تخريج الأثر: أحكام القرآن للجصاص (١/٥٢٦).
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع ابن الجراح: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٧).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم، انظر ص (١٤٨).
عمرو بن عبيد بن باب – بموحدتين – التميمي مولاهم، أبو عثمان، البصري، المعتزلي المشهور، كان داعية إلى بدعة اتهمه جماعة مع أنه كان عابدا، من السابعة، مات سنة ثلاث وأربعين. التقريب (٥٢٤٢).
الحكم: إسناده ضعيف جدا..

٣١ سورة البقرة: آية ٢٣٦،.
٣٢ تخريج الأثر: مصنف عبد الرزاق (٧/٧٢)
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
ابن جريج: ثقة أثبت الناس في عطاء، انظر ص (١٤٦).
الحكم: إسناده صحيح..

٣٣ سورة الطلاق: من آية ٧..
٣٤ تخريج الحديث: جاء في تمام القصة ((فقالت: أأخرج إلى بيت أم شريك؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بيتها يوطأ إنتقلي إلى بيت عبد الله ابن أم مكتوم الأعمى، فهو أولى))
وهذه الرواية بلفظ (ولكن متاع بالمعروف) لم أجدها إلا في شرح معاني الآثار للطحاوي (٣/٦٧)، وجاء في روايات أخرى أنه زوجها رسل إليها بخمسة آصع تمر، وخمسة آصع شعير، صحيح مسلم كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها (١٠/٣٤٤) حديث رقم (٣٦٩٧)، صحيح ابن حبان كتاب الرضاع / باب النفقة (١٠/٦٦) حديث رقم (٤٢٥٤).
ترجمة رجال الإسناد:
محمد بن سعيد بن نبات: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٢).
ابن مفرج: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
عبد الله بن جعفر بن الورد بن زنجويه البغدادي ثم المصري، أبو محمد، راوري السيرة، ثقة، مات سنة ٣٥١ هـ. السير (١٦/٣٩).
يحي بن أيوب بن بادي العلاف الخولاني، صدوق من الحادية عشر، مات سنة تسع وثمانين. التقريب (٧٧٩١).
يحي بن عبد الله بن بكير المخزومي مولاهم المصري، وقد ينسب إلى جده، ثقة في الليث، وتكلموا في سماعه من مالك، من كبار العاشرة، مات سنة إحدى وثلاثين وله سبع وسبعون. التقريب (٧٥٨٠).
الليث بن سعد: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٦).
عبد الله بن يزيد المخزومي المدني المقرئ الأعور، مولى الأسود، من شيوخ مالك، ثقة. التقريب (٣٨١٢).
أبو سلمة بن عبد الرحمن: ثقة، تقدم، انظر ص (٤٣٤).
الحكم: إسناده حسن يرتقي بشاهده إلى الصحيح لغيره..

٣٥ تخريج الأثر: سنن سعيد بن منصور كتاب وباب ما جاء في متاع المطلقة (٢/٤) حديث رقم (١٧٦٨)، مصنف عبد الرزاق (٢/٧٣)، مصنف ابن أبي شيبة (٤/١١٥)، سنن البيهقي كتاب الصداق / باب التفويض (١١/٢٧) حديث رقم (١٤٧٥٨).
ترجمة رجال الإسناد:
سعيد بن منصور: ثقة، تقدم، انظر ص (٢١٤).
عبد الرحمن بن زياد بن أنعم – بفتح أوله وسكون النون وضم المهملة – الأفريقي قاضيها، ضعيف في حفظه، من السابعة، مات سنة ست وخمسين وقيل بعدها، وقيل جاز المائة ولم يصح، وكان رجلا صالحا. التقريب (٣٩٧١).
شعبة بن الحجاج: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٣).
سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ولي قضاء المدينة، وكان ثقة، فاضلا، عابدا، من الخامسة، مات سنة خمس وعشرين، وقيل بعدها، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة. التقريب (٢٣٠١).
حُميد بن عبد الرحمن بن عوف وأمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط من المهاجرات، عن عمرو وأبويه، عنه ابنه عبد الرحمن والزهري وقتادة وقيل: لم ير عمر، مات سنة خمسين وتسعين. الكاشف للذهبي (١/٢٥٦).
الحكم: إسناده ضعيف ويرتقي بشواهد إلى الحسن لغيره..

٣٦ انظر التخريج السابق.
ترجمة رجال الإسناد:
سعيد بن منصور: ثقة، تقدم، انظر ص (٢١٤).
هشيم: ثقة، ثبت، تقدم، انظر ص (٢١٤).
المغيرة بن مقسم – بكسر الميم – الضبي مولاهم، أبو هشام الكوفي الأعمى، ثقة، متقن، إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم، من السادسة، مات سنة ست وثلاثين على الصحيح. التقريب (٧١٢٨).
الحكم: إسناده ضعيف ولكن المعنى صحيح كما أن سبق توثيقه في معنى المتعة ص (٥٢٤)..

٣٧ عن ابن سيرين أن الحسن بن علي طلق امرأة له وبعث إليها بعشرة ألف متعة لها، فقالت: متاع قليل من حبيب مفارق سنن سعيد بن منصور كتاب باب ما جاء في متاع المطلقة (٢/٢٥)، مصنف عبد الرزاق (٣/٧٤)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الصداق / باب التفويض (١١/٢٧) حديث رقم (١٤٧٥٩)..
٣٨ سورة البقرة: آية ٢٣٦..
٣٩ المحلى (١٠/٩-١٢) باختصار، انظر المحلى (٩/٩٣)..
قال تعالى :﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾١ وفيها مسألة واحدة.
[ ٧٩ ] : المسألة الأولى : هل يسمي الماء طعاما ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
إنما اسم الطعام٢ في اللغة التي خاطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطلق هذا إلا على القمح وحده، وإنما يطلق على غيره بإضافة.
وقد قال الله تعالى ﴿ وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ﴾٣ فأراد الله عز وجل الذبائح لا ما يأكلون فإنهم يأكلون الميتة والدم والخنزير، ولم يحل لنا شيء من ذلك قط.
وقال الله تعالى ﴿ إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني ﴾٤
فذكر تعالى الطعم في الماء بإضافة، ولا يسمى الماء طعاما.
وقال لقيط بن يعمر الإيادي٥ في الشعر له مشهور :
لا يطعم النوم إلا ريث يبعثه هم يكاد جواه يحطم الضلعا٦
فأضاف الطعم إلى النوم والنوم ليس طعاما بلا شك.
وقد ذكرنا قول [ عبد الله بن معمر ]٧ وكان طعامنا يومئذ الشعير٨ فذكر الطعام في الشعير في إضافة لا إطلاق.
وقد ذكرنا من طريق أبي سعيد الخدري قوله : كنا نخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر : صاعا من طعام، صاعا من شعير، صاعا من تمر، صاعا من أقط٩.
فلم يطلق الطعام إلا على القمح وحده، لا على الشعير ولا غيره.
وروينا من طريق الحجاج بن المنهال نا يزيد بن إبراهيم نا محمد بن سيرين قال عُرض على عبد الله بن عتبة بن مسعود زيتا له ؟ فقلت له : إن أصحاب الزيت قلما يستوفون حتى يبيعون فقال : إنما سمى الطعام١٠.
أي إنما أمر بالبيع بعد الاستيفاء في الطعام، فلم ير الزيت طعاما.
وأبي سعيد الخدري، وعبد الله بن عتبة بن مسعود : حجتان في اللغة قاطعتان، لا سيما وعبد الله هذلي، فبيلته مجاورة للحرم، فلغتهم لغة قريش.
وممن قال بقولنا : إن الطعام بإطلاق هو القمح وحده : أبو ثور١١.
[ ٨٠ ] : المسألة الثانية : رأيه التفسيري في قوله تعالى ﴿ كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة ﴾١٢
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى –
قال تعالى ﴿ الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا ﴾١٣.
... والعجب ممن يقول : إن هذه الآية مبيحة لهروب واحد أمام ثلاثة، فليت شعري من أين وقع لهم ذلك ؟
وهل في الآية التي ذكروا فرارا أو تولية دبر بوجه من الوجوه ؟ أو إشارة إليه ودليل عليه ؟ ما في الآية شيء من ذلك البتة، وإنما إخبار عن الغلبة فقط، بشرط الصبر وتبشير بالنصر مع الثبات.
... ثم قال – رحمه الله تعالى –
وأما نحن فلو رأينا في الآيات المذكورة ذكر إباحة فرار لقلنا به، ولسلمنا لأمر ربنا، ولكنا لم نجد فيها لإباحة الفرار أثرا ولا دليلا بوجه من الوجوه، وإنما وجدنا فيها أننا إن صبرنا غلب المائة منا المائتين، وصدق الله عز وجل، فليس ما يمنع أن يكون أقل من مائة أو أكثر من مائة يغلبون العشرة آلاف منهم وأقل وأكثر.
كما قال تعالى﴿ كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ﴾١٤.
وهذا كله إخبار عن فعل الله تعالى ونصره عز وجل لمن صبر منا فتلك الآية التي فيها أن المائة تغلب المائتين هي إخبار عن بعض ما في الآية فيها أن المائة تغلب الألف وهاتان الآيتان معا هما إخبار عن بعض ما في الآية التي فيها ﴿ غلبت فئة كثيرة ﴾١٥ فلم يخص في هذه الآية عددا من عدد، بل عم عموما تاما١٦، ١٧.
١ سورة البقرة: آية ٢٤٩..
٢ الطعام: اسم جامع لكل ما يؤكل والطعم – بفتح الطاء – ما يؤديه الذوق يقال طعمه مر وقد طَعِم يطعم طعما فهو طاعم إذا أكل أو ذاق مثال غنم يغنم غنما غانم، والجمع أطعمة وأطعمات جمع الجمع. وأهل الحجاز إذا أطلقوا اللفظ بالطعام عنوابه البر خاصة. لسان العرب (١٢/٣٦٠) تهذيب الأسماء للنووي (٣/١٧٦)، المصباح المنير للفيومي ص (٣٧٣) قال ابن الأثير: ((الطعام عام في كل ما يقتات من الحنطة والشعير والتمر وغير ذلك)) النهاية في غريب الحديث (٣/١٢٦).
قال ابن فارس: ((الطاء والعين والميم أصل مطرد منقاس في تذوق الشيء، يقال طعمت الشيء طعما، والطعام هو المأكول، ثم يحمل على باب الطعام إستعارة ما ليس من باب التذوق فيقال: أستطعمني فلان الحديث، إذا أرادك على أن تحدثه)) معجم مقاييس اللغة (٣/٤١٠)..

٣ سورة المائدة: آية ٥..
٤ سورة البقرة: آية ٢٤٩..
٥ لقيط بن يعمر الأيادي: شاعر جاهلي فحل، من أهل الحيرة، كان يحسن الفارسية اتصل بكسرى (سابوا) ذو الأكتاف، فكان من كتابه والمطلعين على أسرار دولته، بعث بقصيدة إلى قومه بني إياد ينذرهم بأن كسرى وجه جيشا لغزوهم فسقطت القصيدة في يد أوصلتها إلى كسرى فسخط عليه، وقطع لسانه ثم قتله. الكامل في التاريخ (١/٣٩٢)..
٦ ديوان لقيط ص (٣٤).)، الاستيعاب لابن عبد البر (.
٧ الصواب هو معمر بن عبد الله كما في الإصابة والاستيعاب، معمر بن عبد الله بن نافع بن نضلة العدوي وهو ابن أبي معمر صحابي كبير من مهاجرة الحبشة. الإصابة (٦/١٨٨)، الاستيعاب لابن عبد البر (٣/١٤٣٤)..
٨ صحيح مسلم كتاب المساقاة / باب بيع الطعام مثلا بمثل (١١/٢٢) حديث رقم (٤٠٥٦)، صحيح ابن حبان كتاب البيوع / باب الربا (١١/٣٨٥) حديث رقم (٥٠١١)، مسند أحمد حديث معمر بن عبد الله (٧/٥٤٨) حديث رقم (٢٦٧٠٦)..
٩ سنن الترمذي كتاب الزكاة / باب ما جاء في صدقة الفطر (٣/٥٩) حديث رقم (٦٧٣)، وقال أبو عيسى: حديث حسن صحيح، مسند الشافعي باب ومن سن الأشربة (١/٢٨٧)..
١٠ تخريج الأثر: لم أقف عليه.
ترجمة رجال الإسناد:
الحجاج بن المنهال: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٨٦).
يزيد بن إبراهيم التستري – بضم المثناة وسكون المهملة وفتح المثناة ثم راء – أبو سعيد، ثقة، ثبت إلا في روايته عن قتادة ففيها لين، من كبار السابعة، مات سنة ثلاث وستين. التقريب (٧٩٦٤).
محمد بن سيرين: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٥٣).
الحكم: إسناده صحيح..

١١ المحلى لابن حزم (٧/٤٧٧)..
١٢ سورة البقرة: من آية ٢٤٩..
١٣ سورة الأنفال: من آية ٦٥..
١٤ سورة البقرة: من آية ٢٤٩..
١٥ سورة البقرة: من آية ٢٤٩..
١٦ قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – ((إن أصح الطرق في تفسير القرآن أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر)) مقدمة في أصول التفسير ص (٩٣)..
١٧ الإحكام لابن حزم (١/٥٠٢).
قال تعالى :﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾١
وفيها ثلاث مسائل.
[ ٨١ ] : المسألة الأولى : المفاضلة بين الأنبياء والرسل.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى –
وصح أن نساءه عليه الصلاة والسلام أفضل النساء جملة، حاشا اللواتي خصهن الله تعالى بالنبوة٢ كأم إسحاق، وأم موسى، وأم عيسى عليه السلام وقد نص الله تعالى على هذا بقوله الصادق ﴿ يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ﴾٣ ولا خلاف بين المسلمين في أن جميع الأنبياء صلى الله عليهم أجمعين أن كل نبي منهم أفضل ممن ليس نبيا من سائر الناس، ومن خالف هذا فقد كفر٤.
فإن اعترض معترض بقول النبي صلى الله عليه وسلم " كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وامرأة فرعون " ٥ فإن هذا الكمال إنما هو الرسالة والنبوة التي تفرد بها الرجال وشاركهم بعض النساء النبوة وقد يتفاضلون أيضا فيكون بعض الأنبياء أفضل من بعض ويكون بعض الرسل أكمل من بعض قال تعالى ﴿ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات ﴾٦ فإنما ذكر في هذا الخبر من بلغ غاية الكمال في طبقته ولم يتقدمه منهم أحد وبالله تعالى التوفيق٧.
فإن قيل قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تفاضلوا بين الأنبياء " ٨ " ولا تفضلوني على يونس بن متى " ٩.
قلنا : نعم، قال ذلك عليه الصلاة والسلام قبل أن يوحى إليه بأن الله تعالى فضل بعضهم على بعض، وأنه سيد ولد آدم، وهذا هو الحق أن لا يفضل أحد على أحد إلا بنص، ومن الباطل المحال أنه يخبره الله تعالى بأنه فضل بعضهم على بعض، ثم ينص هو عليه الصلاة والسلام، عن المفاضلة بينهم فيخالف ربه تعالى١٠.
هذا ما لا يظنه مسلم١١.
[ ٨٢ ] : المسألة الثانية : إثبات صفة الكلام لله عز وجل.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
إن الله تعالى كلم موسى عليه السلام ومن شاء من رسله قال تعالى ﴿ وكلم الله موسى تكليما ﴾١٢ وقال تعالى ﴿ إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ﴾١٣ وقال تعالى ﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾١٤، ١٥.
[ ٨٣ ] : المسألة الثالثة : رأيه التفسيري في قوله تعالى ﴿ ولو شاء الله ما اقتتلوا ﴾١٦.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
قال الله تعالى ﴿ في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ﴾١٧.
فليت شعري إذ زادهم الله مرضا أتراه لم يشأ، ولا أراد ما فعل من زيادة المرض في قلوبهم، وهو الشك في الكفر ؟ وكيف يفعل الله ما لا يريد أن يفعل ؟ وهل هذا إلا إلحاد مجرد ممن قاله ؟ وقال تعالى ﴿ ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد ﴾١٨ فنص تعالى على أنه لو شاء لم يقتتلوا، فوجب ضرورة أنه شاء وأراد أن يقتتلوا، وفي قتال المقتتلين ضلال بلا شك، فقط شاء الله تعالى كون الضلال ووجوده بنص كلامه تعالى، وقال عز وجل ﴿ ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا ﴾١٩.
فنص تعالى على أنه أراد فتنة المفتتنين، وهم كفار، وكفرهم الذين لم يملك لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الله شيئا، فهذا نص على أن نعمة الله تعالى أراد كون الكفر من الكفار٢٠.
١ سورة البقرة: آية ٢٥٣..
٢ قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – معلقا على رأي ابن حزم – رحمه الله - :((فهذا قول شاذ لم يسبق إليه أحد من السلف، وأبو محمد مع كثرة عمله وتبحره وما يأتي به من الفوائد العظيمة له من الأقوال المنكرة الشاذة ما يعجب منه كما يعجب مما يأتي من الأقوال الحسنة الفائقة وهذا كقوله إن مريم نبية وإن آسية نبية، إن أم موسى نبيه. وقد ذكر القاضي أبو بكر والقاضي أبو يعلي وأبو المعالي وغيرهم الإجماع على أنه ليس في النساء نبية والقرآن والسنة دلا على ذلك كما في قوله تعالى ﴿وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى﴾ وقوله ﴿ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة﴾ ذكر أن غاية ما انتهت إليه أمه الصديقة)) مجموع الفتاوى (٤/٣٩٦). وتكون دراسة هذه المسألة في سورة آل عمران إن شاء الله تعالى..
٣ سورة آل عمران: آية ٤٢..
٤ المفاضلة بين الصحابة لابن حزم ص (١٩٥)..
٥ صحيح البخاري كتاب الأنبياء / باب قوله تعالى ﴿إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم﴾ (٣/١٢٦٦) حديث رقم (٣٣٥٠)..
٦ سورة البقرة: من آية ٢٥٣..
٧ المفاضلة بين الصحابة ص (٢٢٣)..
٨ جاء في صحيح البخاري ومسلم بلفظ (لا تخيروا بين الأنبياء)، صحيح البخاري كتاب التفسير / باب ﴿ولما جاء موسى لميقاتنا﴾(٤/١٧٠٠) حديث رقم (٤٣٦٢)، صحيح مسلم كتاب الفضائل / باب من فضائل موسى عليه السلام (١٥/١٣٠) حديث رقم (٦١٠٦)..
٩ جاء في البخاري ومسلم "لا يقولن أحدكم: إني خير من يونس بن متى" في البخاري كتاب الأنبياء / باب قول الله تعالى ﴿وإن يونس لمن المرسلين﴾(٣/١٢٥٤) حديث رقم (٢٣٢٣١)، صحيح مسلم كتاب الفضائل / باب في ذكر يونس عليه السلام (١٥/١٣١) حديث رقم (٦١٠٩)..
١٠ قال ابن كثير في الجواب عن هذا الإشكال ما نصه: والجواب من وجوه: أحدها أن هذا كان قبل أن يعلم بالتفضيل، وفي هذا نظر، والثاني: أن هذا قاله من باب الهضم والتواضع، والثالث: أن هذا نهي عن التفضيل في مثل هذه الحال التي تحاكموا فيها عند التخاصم والتشاجر، الرابع: لا تفضلوا بمجرد الآراء والعصبة، الخامس: ليس مقام التفضيل إليكم إنما هو إلى الله عز وجل، وعليكم الانقياد والتسليم له والإيمان به. تفسير القرآن العظيم (١/٣١١).
وذكر القرطبي في تفسيره أجوبة كثيرة عن هذا الإشكال، واختار أن منع التفضيل في خصوص النبوة، وجوازه في غيره من زيادة الأحوال والخصوص والكرامات فقد قال ما نصه: قلت: وأحسن من هذا قول من قال إن المنع من التفضيل إنما هو من جهة النبوة التي هي خصلة واحدة لا تفاضل فيها وإنما التفضيل في زيادة الأحوال والخصوص والكرامات والألطاف والمصخرات المثبتات، وأما النبوة في نفسها فلا تتفاضل، وإنما تتفاضل بأمور أخرى زائدة عليها، لذلك منهم رسل وأولو عزم ومنهم من اتخذ خليلا، ومنهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات، وهذا قول حسن فإنه جمع بين الآي والأحاديث من غير نسخ، والقول بتفضيل بعضهم على بعض إنما هو بما منح من الفضائل وأعطى من الوسائل.
... ومعلوم أن من أرسل أفضل ممن لم يرسل، فإن من أرسل فضل على غيره بالرسالة، واستووا في النبوة إلى ما يلقاه الرسل من تكذيب أممهم وقتلهم إياهم. وهذا مما لا خفاء فيه. الجامع لأحكام القرآن (٢/١٧١).
واختار ابن عطية أن وجه الجمع جواز التفضيل إجمالا كقوله صلى الله عليه وسلم "أنا سيد ولد آدم ولا فخر" ولم يعين ومنع التفضيل على طريق الخصوص كقوله "لا تفضلوني على موسى" وقوله "لا ينبغي لأحد أ، يقول أنا خير من يونس بن متى" المحرر الوجيز (٢/٢٧١)..

١١ الدرة فيما يجب اعتقاده لابن حزم ص (٢٢٣)، انظر الفصل (٤/٢٠٧)..
١٢ سورة النساء: من آية ١٦٤..
١٣ سورة الأعراف: من آية ١٤٤..
١٤ سورة البقرة: من آية ٢٥٣..
١٥ المحلى لابن حزم (١/٥٦)..
١٦ سورة البقرة: من آية ٢٥٣..
١٧ سورة البقرة: من آية ١٠..
١٨ سورة البقرة: من آية ٢٥٣..
١٩ سورة المائدة: من آية ٤١..
٢٠ الفصل لابن حزم (٣/١٨٤-١٨٥)..
قال تعالى :﴿ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾١ وفيها ثلاث مسائل.
[ ٨٤ ] : المسألة الأولى : إثبات الشفاعة.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
والشفاعة٢ حق، يخرج الله عز وجل بها من النار من فاضت سيئاته وكبائره على حسناته. كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي مرتبة خص الله بها عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم كما جاء عنه " أن لكل نبي دعوة وأنه عليه الصلاة والسلام اختبأ دعوته شفاعة لأمته " ٣.
وقد صح أيضا عنه عليه الصلاة والسلام " أن للنبيين والصالحين شفاعة خاصة " ٤.
إلا أن الشفاعة العامة له صلى الله عليه وسلم فقط٥.
.... ثم قال – رحمه الله تعالى –
اختلف الناس في الشفاعة فأنكرها قوم، واحتجوا بقول الله تعالى ﴿ فما تنفعهم شفاعة الشافعين ﴾٦.
ويقول تعالى ﴿ واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ﴾٧ ويقول تعالى ﴿ من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة ﴾٨ ويقول تعالى ﴿ فما لنا من شافعين ولا صديق حميم ﴾٩.
قال أبو محمد : من يؤمن بالشفاعة أنه لا يجوز الاقتصار على بعض القرآن دون بعض، ولا على بعض السنن دون بعض، ولا على القرآن دون بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال له ربه عز وجل ﴿ لتبين للناس ما نزل إليهم ﴾١٠.
وقد نص الله تعالى على صحة الشفاعة في القرآن فقال تعالى ﴿ لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا ﴾١١ فأوجب الله تعالى الشفاعة إلا من اتخذ عنده عهدا بالشفاعة ونفاها عن سواه فقد اتخذ محمد صلى الله عليه وسلم عهدا بالشفاعة وصحت بذلك الأخبار المتواترة، المتناصرة، بنقل الكواف لها قال تعالى ﴿ يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا ﴾١٢.
وقال تعالى ﴿ ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ﴾١٣.
فنص تعالى على أن الشفاعة يوم القيامة تنفع عنده عز وجل ممن أذن له فيها، ورضي قوله، ولا أحد من الناس تنفع عنده بذلك من محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه أفضل ولد آدم عليه السلام.
وقال تعالى ﴿ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ﴾١٤ وقال ﴿ وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ﴾١٥.
فقد صحت الشفاعة بنص القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فصح يقينا أن الشفاعة التي أبطلها الله عز وجل، هي غير الشفاعة التي أثبتها عز وجل، وإذ لا شك في ذلك فالشفاعة التي أبطل عز وجل هي الشفاعة للكفار الذين هم مخلدون في النار١٦.
[ ٨٥ ] : المسألة الثانية : معنى قوله تعالى ﴿ ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ﴾١٧.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
أن كلام الله تعالى واجب أن يحمل على ظاهره، ولا يحال عن ظاهره البتة إلا أن يأتي نص أو إجماع أو ضرورة حس على أن شيئا منه ليس على ظاهره، وأنه قد نقل عن ظاهره إلى معنى آخر، فالانقياد واجب علينا لما أوجبه من ذلك النص أو الإجماع أو الضرورة، لأن كلام الله تعالى وأخباره لا تختلف والإجماع لا يأتي إلا بحق، والله تعالى لا يقول إلا الحق، كل ما أبطله برهان ضروري فليس بحق، فإذ هذا كما قلنا.
وقد ثبت أن علم الله تعالى ليس عرضا١٨ ولا جسما أصلا لا محمولا فيه، ولا في غيره، ولا هو شيء غير الباري تعالى فالبضرورة نعلم أن معنى قوله تعالى ﴿ ولا يحيطون بشيء من علمه ﴾١٩ إنما المراد العلم المخلوق الذي أعطاه الله عباده وهو عرض في العالمين من عباده محمول فيهم، وهو مضاف إليه عز وجل بمعنى الملك، وهذا لا شك فيه، لأنه لا علم لنا إلا ما علمنا.
قال الله تعالى ﴿ وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ﴾٢٠ يريد الله تعالى، ما خلق من العلوم وبثها في عباده كما قال الخضر لموسى عليهما السلام ( ( إني على علم من الله لا تعلمه أنت، وأنت على علم من الله لا أعلمه أنا، وما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كما نقص هذا العصفور من البحر ) )٢١.
قال أبو محمد : فهذه إضافة الملك كما بينا، وإنما أضيف العلم ها هنا إلى الله تعالى إضافة ملك كما قال تعالى ﴿ هذا خلق الله ﴾٢٢.
وكما قال تعالى في عيسى عليه السلام : إنه روح الله٢٣ وهذا كله إضافة الملك، فهذا معنى قوله تعالى ﴿ ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ﴾٢٤.
وقد نفى الله تعالى الإحاطة من الخلق به فقال عز وجل ﴿ ولا يحيطون به علما ﴾٢٥.
قال أبو محمد : ويخرج أيضا على ظاهر أحسن خروج دون تأويل ولا تكلف فيكون معنى قوله تعالى ﴿ ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ﴾ أي من العلم بالله تعالى، وهذا حق لا شك فيه لأننا لا نحيط من العلم به تعالى إلا ما علمنا. قال تعالى ﴿ ولا يحيطون به علما ﴾٢٦ فيكون معنى ( ( من علمه ) ) أي معرفته٢٧.
[ ٨٦ ] : المسألة الثالثة : رأيه التفسيري في قوله تعالى ﴿ وسع كرسيه السموات والأرض ﴾٢٨.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
قال الله عز وجل ﴿ سبع سموات طباقا ﴾٢٩.
وقال تعالى ﴿ ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق ﴾٣٠.
هكذا قام البرهان من قبل كسوف الشمس والقمر وبعض الدراري لبعض على أنها سبع سماوات وعلى أنها طرائق٣١.
وقوله ﴿ طرائق ﴾ يقتضي متطرقا فيها، وقال تعالى ﴿ وسع كرسيبه السموات والأرض ﴾٣٢.
وهذا نص ما قام عليه البرهان من انطباق بعضها على بعض، وإحاطة الكرسي بالسبع السموات والأرض، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فاسألوا الله الفردوس الأعلى، فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوق ذلك عرش الرحمن " ٣٣، ٣٤.
١ سورة البقرة: من آية ٢٥٥..
٢ الشفاعة: من جعل الشيء شفعا. عمدة الحفاظ (٢/٢٧٨)، وفي الاصطلاح: التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة، ومناسبتها للاشتقاق ظاهرة، لأنك إذا توسطت له، صرت معه شفعا تشفعه. شرح الواسطية للعثيمين (٨/٥٥٣).
وتنقسم إلى قسمين: شفاعة باطلة، وشفاعة صحيحة:
فالشفاعة الباطلة: ما يتعلق به المشركون في أصنامهم، حيث يعبدونهم ويزعمون أنهم شفعاء عند الله. كما قال تعالى ﴿ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا﴾ وهذه الشفاعة باطلة لا تنفع كما قال تعالى ﴿فما تنفعهم شفاعة الشافعين﴾.
والشفاعة الصحيحة ما جمعت شروطا ثلاثة:
رضى الله تعالى عن الشافع.
رضاه عن المشفوع له، ولكن الشفاعة العظمى في الموقف عامة لجميع الناس من رضي الله عنهم ومن لم يرض عنهم.
إذنه في الشفاعة.
والإذن لا يكون إلا بعد الرضى عن الشافع والمشفوع له. قال تعالى ﴿وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى﴾ انظر شرح الواسطية للعثيمين (٨/٥٥٤)..

٣ أخرج البخاري في كتاب الدعوات / باب لكل نبي دعوة مستجابة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال"لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها، وأريد أن أختبي دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة" (٥/٢٣٢٣) حديث رقم (٥٩٤٥) حديث رقم (٥٩٤٦)..
٤ ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحيه كتاب التوحيد / باب قول الله تعالى ﴿وجوه يومئذ ناضرة﴾ من حديث أبي سعيد البخاري الطويل فيقول فيه (... فيشفع النبييون والملائكة والمؤمنون، فيقول الجبار: بقيت شفاعتي فيقبض قبضة من نار، فيخرج أقواما قد امتحشوا فيلقون في نهر بأفواه الجنة..) (٦/٢٧٠٦) حديث رقم (٧٠٠١) وما أخرجه الإمام أحمد من حديث أبي بكرة رضي الله عنه في حمل الناس على الصراط يوم القيامة وفيه (... قال: فينجي الله تبارك وتعالى برحمته من يشاء، قال ثم يؤذن للملائكة والنبيين والشهداء أن يشفعوا فيشفعون ويخرجون ويشفعون، ويخرجون ويشفعون...) (٥/٤٣) حديث رقم (٢٠٤٥٧)..
٥ الدرة لابن حزم ص (٢٩٤)، اانظر المحلى (١/٣٧)..
٦ سورة المدثر: آية ٤٨..
٧ سورة البقرة: من آية ٤٨..
٨ سورة البقرة: من آية ٢٥٤..
٩ سورة الشعراء: آية ١٠٠..
١٠ سورة النحل: من آية ٤٤..
١١ سورة مريم: آية ٨٧..
١٢ سورة طه: آية ١٠٩..
١٣ سورة سبأ: من آية ٢٣..
١٤ سورة البقرة: من آية ٢٥٥..
١٥ سورة النجم: آية ٢٦..
١٦ الفصل لابن حزم (٤/١١١-١١٢) باختصار..
١٧ سورة البقرة: من آية ٢٥٥..
١٨ يقول د. أحمد ناصر الحمد معلقا على هذه العبارة: ((وأما نفي أن يكون العلم عرضا فغير مسلم على إطلاقه، لأن لفظ العرض لفظ مجمل فلا بد من فهم المعنى المقصود بهذا اللفظ: فإن أريد به ما هو معروف في اللغة من أن الأعراض هي الأمراض والآفات، كما يقال ((فلان عرضه عارض من الحمى ونحوها)) وفلان به عارض من الجن، فهذا من النقائص التي ينزه الله عنها.
وإن أريد به إصطلاح خاص كما يقال: إن العرض هو الموجود الذي يحتاج في وجوده إلى محل يقوم به كاللون المحتاج في وجوده إلى جسم يقوم به، فهذا اصطلاح محدث، وليست هذه لغة العرب التي نزل بها القرآن، ولا العُرف العام – ولا اصطلاح أكثر الخائضين في العلم بل مبتدعوا هذا الاصطلاح هم من أهل البدع المحدثين في الأمة.
وبك حال فمجرد هذا الاصطلاح وتسمية العلم عرضا لا يخرجه من كونه من الكمال الذي يكون المتصف به أكمل ممن لا يمكنه الاتصاف به أو يمكنه ذلك ولا يتصف به، وفي نفي ابن حزم أن يكون علم الله تعالى عرضا لا محمولا فيه ولا في غيره إبطال لحقيقة ما أثبت من اتصاف الله تعالى بالعلم.
فأصبح إثباته العلم مجرد ظاهر فقط لا معنى له حيث لا يقول بما يتضمن معنى هذا الإثبات، فهو لا يثبت شيئا اسمه العلم يكون صفة من صفات الذات الإلهية.
وإنما يثبت الذات فقط، وعلما ليس هو غير الذات، أي اسم جامد لا يدل على صفة، فهو عنده ليس عالما بعلم هو صفة من صفاته فلا معنى لإثباته للعلم، ويكفي عن هذا المذهب إثبات الذات فقط.
وعندنا أن العلم صفة من صفات ذاته تعالى فهو عالم بعلم قائم بذاته قديم أزلي متعلق بمعلومات غير متناهية)) أ. هـ رسالة: ابن حزم وموقفه من الإلهيات (٢٢٩-٢٣٠) باختصار يسير..

١٩ سورة الإسراء: من آية ٨٥..
٢٠ صحيح البخاري كتاب العلم / باب ما يستحب للعالم إذا سئل أي الناس أعلم؟ فيكل العلم إلى الله تعالى (١/١٢٢) حديث رقم (١٢٢)، وفي كتاب الأنبياء / باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام (٣/١٢٤٦) حديث رقم (٣٢٢٠)، صحيح مسلم كتاب الفضائل / باب من فضائل الخضر عليه السلام (١٥/١٣٣) حديث رقم (٦١١٣)..
٢١ سورة لقمان: من آية ١١..
٢٢ ليس هناك نص آية بهذا اللفظ وإنما ورد في سورة النساء: آية ١٧١ ﴿وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه﴾..
٢٣ سورة البقرة: من آية ٢٥٥..
٢٤ سورة طه: من آية ١١٠..
٢٥ سورة طه: من آية ١١٠..
٢٦ الفصل لابن حزم (٢/٣٠٠-٣٠٢)..
٢٧ سورة طه: من آية ١١٠..
٢٨ سورة البقرة: من آية ٢٥٥..
٢٩ سورة الملك: من آية ٣..
٣٠ سورة المؤمنون: من آية ١٧.
.

٣١ طرائق: الطاء والراء والقاف أربعة أصول:
أحدهما: الإتيان مساء ومنه تسمية النجم بالطارق، لأنه يطلع ليلا،
والثاني: الضرب ومنه طرق الفحل الناقة طرقا إذا ضربها،
والثالث: استرخاء الشيء ومنه أطرق فلان في نظره، والمُطْرق: المسترخي العين،
والرابع: شيء على شيء، ومنه ريش طراق إذا تطارق بعضه فوق بعض. معجم مقايس اللغة (٣/٤٥٣).
قال ابن منظور: قال تعالى ﴿ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق﴾ أراد السموات السبع وإنما سميت بذلك لتراكبها، والسموات السبع والأرضون السبع طرائق بعضها فوق بعض، وقال الفراء: سبع طرائق يعني السموات كل سماء طريقة. لسان العرب (١٠/٢٢٠)،..

٣٢ سورة البقرة: من آية ٢٥٥..
٣٣ صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير / باب درجات المجاهدين (٣/١٠٢٨) حديث رقم (٢٦٣٧)، نص الحديث "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة أراه فوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة" وفي مسند الإمام أحمد مسند أبي هريرة رضي الله عنه (٢/٦٤٠) حديث رقم (٨٢١٤)..
٣٤ الفصل لابن حزم (٢/٢٤٢)، انظر الفصل (٢/٢٥٥)، الأصول والفروع لابن حزم ص (٧٥)..
قال تعالى :﴿ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ﴾١
وفيها مسألتان.
[ ٨٧ ] : المسألة الأولى : هل الآية محكمة أم منسوخة ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
قوله تعالى ﴿ لا إكراه في الدين ﴾٢ مخصوص بالنصوص الثابتة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكره غير أهل الكتاب على الإسلام أو السيف وأيضا فإن الأمة كلها مجمعة على إكراه المرتد على الإسلام والقوم الذي أخبر عز وجل أنهم أوتوا الكتاب، ثم أمر تعالى بقتالهم حتى يعطوا الجزية عن يد، قد ماتوا وحدث غيرهم، والحس يشهد بأن هؤلاء الذين هم أبناء أولئك ليسوا الذين أوتوا التوراة والإنجيل والصحف والزبور، بل هم غيرهم بلا شك، فإنما أقروا بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لمن تناسل منهم، وأمر بذلك، فمن توالد منهم فقط، لا نص فيه فهو داخل في قوله تعالى ﴿ فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ﴾٣.
وهذا بيّن والله تعالى الموفق لا إله إلا هو٤.
قال – رحمه الله تعالى - :
قال الله تعالى ﴿ لا إكراه في الدين ﴾٥ فصح أن هذه الآية ليست على ظاهرها وإنما هي فيمن نهانا الله تعالى أن نكرهه، وهم أهل الكتاب خاصة٦.
[ ٨٨ ] : المسألة الأولى : رأيه التفسيري في قوله تعالى ﴿ قد تبين الرشد من الغي ﴾٧.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
قال الله تعالى ﴿ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ﴾٨ فنص تعالى على أن الرشد قد تبين من الغي عموما٩.
وحجة الله تعالى قد قامت واستبانت لكل من بلغته النذارة من مؤمن وكافر وبر وفاجر.
قال تعالى ﴿ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ﴾١٠
وقال تعالى ﴿ ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ﴾١١، ١٢.
١ سورة البقرة: آية ٢٥٦..
٢ سورة البقرة: آية ٢٥٦..
٣ سورة التوبة: من آية ٥..
٤ الإحكام لابن حزم (٢/١٠٧)..
٥ سورة البقرة: آية ٢٥٦..
٦ المحلى لابن حزم (٥/٤١٤)، انظر المحلى (١٢/١١٩-١٢٠)..
٧ سورة البقرة: من آية ٢٥٦..
٨ سورة البقرة: من آية ٢٥٦..
٩ الفصل لابن حزم (٣/٢٤٢)..
١٠ سورة البقرة: من آية ٢٥٦..
١١ سورة الأنفال: من آية ٤٢..
١٢ المحلى لابن حزم (١/٤٦)، انظر الإحكام لابن حزم (١/٦٣-١٢٥)..
قال تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾١
وفيها مسألة واحدة :
[ ٨٩ ] : المسألة : رأيه التفسيري في قوله تعالى ﴿ وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى ﴾٢
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
أما قوله تعالى ﴿ رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ﴾٣
فلن يقرره ربُنا عز وجل وهو يشك في إيمان إبراهيم عبده وخليله ورسوله عليه السلام تعالى الله عن ذلك.
ولكن تقريرا للإيمان في قلبه، وإن لم ير كيفية إحياء الموتى، فأخبر عليه السلام عن نفسه أنه مؤمن مصدق وإنما أراد أن يرى الكيفية فقط ويعتبر بذلك، وما شك إبراهيم عليه السلام في أن الله سبحانه وتعالى يحي الموتى، وإنما أراد أن يرى الهيئة.
... وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى " نحن أحق بالشك من إبراهيم " ٤.
فمن ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم شك قط في قدرة ربه عز وجل على إحياء الموتى فقد كفر، وهذا الحديث حجة لنا على نفي الشك عن إبراهيم عليه السلام، أي لو كان هذا الكلام من إبراهيم عليه السلام شكا لكان من لم يشاهد من القدرة ما شاهد إبراهيم عليه السلام أحق بالشك، فإذا كان من لم يشاهد من القدرة ما شاهد إبراهيم غير شاك، فإبراهيم عليه السلام أبعد من الشك٥.
١ سورة البقرة: آية ٦٦٠..
٢ سورة البقرة: آية ٦٦٠..
٣ سورة البقرة: ٦٦٠..
٤ صحيح البخاري كتاب الأنبياء / باب قوله تعالى (ونبئهم عن ضيف إبراهيم}(٣/١٢٣٣) حديث رقم (٣١٩٢)، كتاب التفسير / باب قوله تعالى ﴿رب أرني كيف تحي الموتى﴾(٤/١٦٥٠) حديث رقم (٤٢٦٣)، صحيح مسلم كتاب الإيمان / باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة (٢/٣٦٠) حديث رقم (٣٨٠)، كتاب الفضائل / باب من فضائل إبراهيم الخليل عليه السلام (١٥/١٢١) حديث رقم (٦٠٩٤).
قال أبو سليمان الخطابي: ((ليس في قوله "نحن أحق بالشك من إبراهيم" اعتراف بالشك على نفسه، ولا على إبراهيم ولكن فيه نفي الشك عنهما بقول: إذا لم أشك أنا في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، فإبراهيم أولى بأن لا يشك وقال ذلك على سبيل التواضع والهضم من النفس، وكذلك قوله لو لبثت في السجن طوال لبث يوسف لأجبت الداعي، وفيه الإعلام بأن المسألة من إبراهيم عليه السلام لم تعرض نم جهة الشك ولكن من قبل زيادة العلم بالعيان فإن العيان يفيد من المعرفة والطمأنينة ما لا يفيد الاستدلال، وقيل لما نزلت هذه الآية قال قوم شك إبراهيم ولم يشك نبينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تواضعا منه وتقديما لإبراهيم على نفسه)) أ. هـ.
انظر تفسير النسائي (١/٢٧٨) هامش، معالم التنزيل للبغوي (١/٣٢٣)، لباب التأويل للخازن (١/١٩٢)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (١/٣٢٣)..

٥ الفصل لابن حزم (٤/١٨)، انظر الفصل (١/٢١٩)، الإحكام لابن حزم (١/١٣٩)..
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾١ وفيها مسألة واحدة.
[ ٩٠ ] : المسألة : حكم المن.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
ولا يحل لأحد أن يمن٢ بما فعل من خير إلا من كثر إحسانه وعومل بالمساءة، فله أن يعدد إحسانه، قال تعالى ﴿ لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ﴾٣.
روينا من طريق شعبة سمعت سليمان – هو الأعمش – عن سليمان بن مسهر عن خرشة بن الحر عن أبي ذر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : المنان بما أعطى، والمسبل إزاره، والمنفق سلعته بالحلف الكاذبة " ٤.
ومن طريق مسلم نا سريج بن يونس نا إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن يحي بن عمارة عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا قسم الغنائم فأعطى المؤلفة قلوبهم فبلغه أن الأنصار يحبون لأن يصيبوا ما أصاب الناس فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبهم فقال : يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي، ومتفرقين فجمعكم الله بي ؟ ويقولون : الله ورسوله أمن ؟ فقال آلا تجيبونني أما إنكم لو شئتم أن تقولوا كذا، وكان من الأمر كذا – أشياء ذكر عمرو أنه لا يحفضونها. ٥
فهذا موضع إباحة تعديد الإحسان. وبالله تعالى التوفيق٦.
١ سورة البقرة: آية ٢٦٤..
٢ المن: القطع، ويقال: النقص، ومنه قوله تعالى ﴿لهم أجر غير ممنون﴾ أي غير منقوص، ومن عليه منا: أنعم، والمنان من أسماء الله تعالى ومن عليه منة: أي امتن عليه. الصحاح للجوهري (٢/١٦١٢).
قال السمين الحلبي: ((المن: ذكر الصدقة والاستكثار عليه، وهما متلازمان)) قال الشاعر:
وإن امرؤ أهدى إلي صنيعة وذكر فيها مرة لبخيل
وكانوا يقولون: إذا صنعتم معروفا فانسوه.
والمنة: النعمة الثقيلة، ويقال ذلك على وجهين:
أحدهما: أن يكون ذلك بالفعل، فيقال: من فلان على فلان، إذا أثقله بالنعمة الثقيلة، وعلى ذلك قوله تعالى ﴿لقد من الله على المؤمنين﴾ وذلك على الحقيقة لا يكون إلا لله تعالى.
والثاني: أن يكون ذلك بالقول: وذلك مستقبح فيما بين الناس إلا عند كفران النعمة، ولذلك قيل: المنة تهدم الصنيعة وتوجب القطيعة. ويحسن ذكرها عند الكفران ومن ثم قيل ((إذا كفرت النعمة حسنت المنة)) أ. هـ.
عمدة الحفاظ (٤/١١٤)، انظر مفردات الراغب ص (٧٧٧)..

٣ سورة البقرة: آية ٢٦٤..
٤ تخريج الحديث: صحيح مسلم كتاب الإيمان / باب بيان غلط تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية (٢/٢٩٨) رقم الحديث (٢٩٠)، سنن النسائي المجتبى كتاب الزكاة / باب المنان مما أعطى (٥/٨٥) رقم الحديث (٢٥٦٤)، مسند أحمد حديث أبي ذر الغفاري (٦/٢١٢) رقم الحديث (٢٠٩٧).
ترجمة رجال الإسناد:
شعبة بن الحجاج: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٣).
سليمان بن مهران: الأسدي الأعمش، ثقة، لكنه يدلس، تقدم، انظر ص (٢٧١). قال الحافظ ابن حجر: ((قال شعبة: ((كفيتكم تدليس ثلاثة الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة)) قال ابن حجر: هذه قاعدة جيدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة أنها إذا جاءت من طريق شعبة دلت على السماع ولو كانت معنعنة) طبقات المدلسين ص (٥٨).
سليمان بن مسهر: الفزاري الكوفي، ثقة، من الرابعة، ووهم من ذكره في الصحابة. التقريب (٢٦٨٤).
خرشة بن الحر الفزاري، رباه عمر، وله ولأخته سلامة صحبة، عنه ربعي، والمسيب بن رافع، مات سنة ٧٤ هـ الكاشف للذهبي (١/٢٧٨)، الثقات لابن حبان (٤/٢١٢).
الحكم: إسناده صحيح..

٥ صحيح مسلم كتاب الزكاة / باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إيمانه (٧/١٥٧) حديث رقم (٢٤٤٣)، وفي تمامه (فقال ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والإبل، وتذهبون برسول الله إلى رحالكم؟ الأنصار شعار والناس دثار، ولولا الهجرة لكنت أمرا من الأنصار، ولو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبهم، إنكم ستلقون بعدي أثره، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض) أ. هـ (٧/١٥٧) حديث رقم (٢٤٤٣)..
٦ المحلى لابن حزم (٨/١٢٣)..
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾١
وفيها مسألة واحدة.
[ ٩١ ] : المسألة : المراد بالخبيث٢.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
والقول في زكاة التمر، أي تمر أخرج أجزأه، سواء من جنس تمره، أو من غير جنسه، أدنى من تمره أو أعلى، ما لم يكن رديئا كما ذكرنا، أو معفونا، أو متآكلا، أو الجُعْرور٣، أو لون الحبيق٤، فلا يجزئ إخراج شيء من ذلك أصلا، سواء كان تمره كله من هذين النوعين، أو من غيرهما، وعليه أن يأتي بتمر سالم غير رديء، ولا من هذين اللونين٥.
برهان ذلك قوله تعالى ﴿ ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه ﴾٦.
حدثنا حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا سليمان بن كثير ثنا الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لونين من التمر : الجعرور، ولون الحبيق، وكان الناس يتيممون شرار ثمارهم، فيخرجونها في الصدقة، فنهوا عن ذلك ونزلت الآية ( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون }٧، ٨.
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عبد البصير ثنا قاسم ابن أصبغ ثنا محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن المثنى ثنا مؤمل بن إسماعيل الحميري ثنا سفيان الثوري ثنا إسماعيل السدي عن أبي مالك٩ عن البراء بن عازب قال ( ( كانوا يجيئون في الصدقة بأدنى طعامهم، وأدنى تمرهم فنزلت الآية ﴿ يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه ﴾١٠، ١١.
فإن قال قائل : الخبيث لا يكون إلا حراما.
قلنا : نعم، وهذا المنهي عن إخراجه في الصدقة هو حرام فيها، فهو خبيث فيها لا في غيرها، ولا ينكر كون الشيء طاعة في وجه معصية في وجه آخر، كالأكل للصائم عند غروب الشمس، وهو طاعة لله تعالى طيب حلال، ولو أكله في صلاة المغرب لأكل حراما عليه خبيثا في تلك الحال، كذلك الميتة ولحم الخنزير، هما حرامان خبيثان لغير المضطر، وهما للمضطر غير المتجانف لإثم حلالان طيبان غير خبيثين، وهكذا أكثر الأشياء في الشرائع.
حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك ثنا محمد بن أبي بكر ثنا أبو داود ثنا محمد بن يحي ابن فارس ثنا سعيد بن سليمان ثنا عباد عن سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل ابن حنيف عن أبيه قال ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجعرور، ولون ابن حبيق أن يأخذا في الصدقة ).
قال الزهري :( ( لونين من تمر المدينة ) )١٢. ١٣.
١ سورة البقرة: من آية ٢٦٧..
٢ الخبث في اللغة: الخاء والباء والثاء أصل واحد يدل على خلاف الطيب. يقال خبيث، أي ليس بطيب. وأخبث، إذا كان أصحابه خبثاء، ومن ذلك التعوذ من الخبيث المُخبث، فالخبيث في نفسه، والمخبث الذي أصحابه وأعوانه خُبثاء. معجم مقياس اللغة لابن فارس (٢/٢٣٨)..
٣ الجُعْرور: ضرب من التمر صغار لا ينتفع به، ومنه قيل لصغار الناس جعارير، قال الأضمعي: الجعرور ضرب من الدقل يحمل شيئا صغارا لا خير فيه. الغريب لابن قتيبة (١/٤٤١)، الفائق في اللغة (١/٢١٦)، لسان العرب لابن منظور (٤/١٤١)، تهذيب الأسماء للنووي (٣/٤٩)..
٤ لون الحبيق: لون رديء أيضا، منسوب إلى ابن حبيق – وهو اسم رجل – ويقال له: بنات حُبيق، وهو تمر أغبر صغير مع طول فيه، ويقال: حبيق، ونبيق، وذوات العنبق لأنواع من التمر، والنبيق: أغبر مدور، وذواب العنبق لها أعناق مع طول وغبرة، وربما اجتمع ذلك كله في عذق واحد. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (١/٣٣١)، انظر لسان العرب لابن منظور (١٠/٣٨)..
٥ قال أبو عمر – رحمه الله تعالى -: ((أجمعوا على أنه لا يؤخذ الدنيء في الصدقة عن الجيد)) التمهيد (٦/٨٧). قال الشوكاني: ((وفي نهيه عليه الصلاة والسلام دليل على أنه لا يجوز للمالك أن يخرج الرديء عن الجيد الذي وجبت فيه الزكاة نصا في التمر وقياسا في سائر الأجناس التي تجب فيها الزكاة)) نيل الأوطار (٤/٢٠٨)..
٦ سورة البقرة: من آية ٢٦٧..
٧ سورة البقرة: من آية ٢٦٧..
٨ تخريج الحديث: أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة / باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة (١/٥٠٥) حديث رقم (١٦٠٧)، والبيهقي في السنن كتاب الزكاة / باب ما يحرم على صاحب المال أن يعطي الصدقة من شر ماله (٦/٣٨) حديث رقم (٧٦١٧)، والدارقطني في كتاب الزكاة / باب في قدر الصدقة فيما أخرجت الأرض وخرص الثمار (٢/١٣١) حديث رقم (١٣)، والطبراني في المعجم الكبير كتاب السين / باب سهل بن حنيف (٦/٧٦) حديث رقم (٥٥٦٦).
جميعهم من طريق سليمان بن كثير عن الزهري، وقد تابعه سفيان بن حميد عن الزهري كما سيذكره ابن حزم بعد قليل. وأيضا تابعه عبد الجليل بن أحمد اليحصبي – ولا بأس به – انظر التقريب (٣٨٥١)، وبقية رجال الصحيح. نيل الأوطار (٤/٢٠٧) وقد أخرج هذه المتابعة النسائي في كتاب الزكاة / باب قوله تعالى ﴿ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون﴾ (٥/٤٥) حديث رقم (٢٤٩١)، وابن خزيمة في صحيحه كتاب الزكاة / باب الزجر عن إخراج الحبوب الرديئة (٤/٣٩) حديث رقم (٢٣١٢)، والبيهقي كتاب الزكاة / باب قوله تعالى ﴿ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون﴾ (٢/٢٢) حديث رقم (٢٢٧١)، والدارقطني في الكتاب والباب السابق (٢/١٣١) حديث رقم (١٥)، والطبراني في المعجم الكبير الكتاب والباب السابق (٦/٧٧) حديث رقم (٥٥٦٩).
وصححه الحاكم في المستدرك كتاب الزكاة (١/٥٥٩) حديث رقم (١٤٦٣)، وقال الألباني إسناده حسن صحيح الجامع (٢/٤٩) ترجمة رجال الإسناد:
حمام بن أحمد: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٥).
عباس بن أصبغ: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٤).
محمد بن عبد الملك بن أيمن بن فرج من أهل قرطبة، يكنى أبا عبد الله، رحل إلى مصر ومكة، وسمع من إسماعيل القاضي ببغداد،/ وكان فقيها، عالما، حافظا للمسائل، ضابطا لكتبه، ثقة، مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين. تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي ص (٣٣٢)، جذوة المقتبس للحميدي ص (٦١)، الديباج المذهب لابن فرحون ص (٤٠٩).
إسماعيل بن إسحاق القاضي: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٣٣).
أبو الوليد الطاليسي: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٦).
سليمان بن كثير العبدي البصري، أبو داود، وأبو محمد لا بأس به في غير الزهري، من السابعة، مات سنة ثلاث وثلاثين. التقريب (٢٦٧٧)، قال ابن حبان: ((كان يخطئ كثيرا أما روايته عن الزهري فقد اختلط عليه صحيفته فلا يحتج بشيء ينفرد به عن الثقات ويعتبر بما وافق الإثبات في الروايات. المجروحين (١/٣٣٤). وقد تابعه عبد الجليل بن أحمد اليحصبي: لا بأس به كما ذكرت آنفا.
الزهري: ثقة، تقدم، انظر ص (١١٩).
أبو أمامة بن سهل بن حنيف بن وهب الأنصاري، من بني عمرو بن عوف بن مالك، اسمه أسعد سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم مات سنة مائة، قال أبو عمر: ((ويعد من كبار التابعين)) الاستيعاب (٤/١٦٠٢)، ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم للدارقطني (١/٤٧).
الحكم: إسناده ضعيف يرتقي بالمتابعات والشواهد إلى الحسن لغيره..

٩ أبو مالك قال الترمذي هو عزوان الغفاري. سنن الترمذي (٥/٢٠٣).
كما جاء في طرق أخرى: السدي عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب. انظر جامع البيان (٥/٥٩٩)، تفسير ابن كثير (١/٣٢٨)..

١٠ سورة البقرة: من آية ٢٦٧..
١١ تخريج الحديث: يقع مدار الحديث على السدي فلقد رواه عنه سفيان كما في سنن البيهقي كتاب الزكاة / باب ما يحرم على صاحب المال من أن يعطى الصدقة من شر ماله (٦/٣٩) حديث رقم (٧٦٢٠).
ومن طريق أسباط عن السدي: أخرجه ابن ماجه في السنن كتاب الزكاة/ باب النهي أن يخرج في الصدقة شر ماله (٢/١٤٢) حديث رقم (١٨٢٢)، والحاكم في المستدرك كتاب التفسير / باب ومن سورة البقرة (٢/٣١٣) حديث رقم (٣١٢٧)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
ومن طريق إسرائيل عن السدي أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣/١١٥)، والترمذي في كتاب التفسير / باب ومن سورة البقرة (٥/٢٠٣) حديث رقم (١٩٨٧)، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح.
ترجمة رجال الإسناد:
محمد بن سعيد بن نبات، ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٢).
أحمد بن عبد البصير: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٢).
قاسم بن أصبغ: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٢).
محمد بن عبد السلام الخشني: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٢).
محمد بن المثنى: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٣).
مؤمل: بوزن محمد – بهمزة – ابن إسماعيل البصري، أبو عبد الرحمن نزيل مكة، صدوق، سيء الحفظ، من صغار التاسعة، مات سنة ست ومائتين. التقريب (٧٣١١).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم، انظر ص (١٤٨).
إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي – بضم المهملة وتشديد الدال – أبو محمد الكوفي، صدوق، يهم ورمي بالتشيع، من الرابعة، مات سنة سبع وعشرين. التقريب (٤٩٩) قال ابن عدي: ((وهو عندي مستقيم الحديث، لا بأس به)) الكامل (١/٤٤٦).
أبو مالك: غزوان الغفاري، الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة، من الثالثة. التقريب (٥٥٤٢).
الحكم: إسناده ضعيف يرتقي بالمتابعات والشواهد إلى الحسن لغيره..

١٢ تخريج الحديث: سنن أبي داود كتاب الزكاة / باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة (١/٥٠٥) حديث رقم (١٦٠٧) صحيح ابن خزيمة كتاب الزكاة / باب الزجر عن إخراج الحبوب والتمور الرديئة في الصدقة (٤/٣٩) حديث رقم (٢٣١٣)، مستدرك الحاكم كتاب الزكاة (١/٥٥٩) حديث رقم (١٤٦٢)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الزكاة / باب ما يحرم على صاحب المال من أن يعطى الصدقة من شر ماله (٦/٣٨) حديث رقم (٧٦١٨)، سنن الدارقطني كتاب الزكاة / باب في قدر الصدقة فيما أخرجت الأرض وخرص الثمار (٢/١٣٠) حديث رقم (١١)، المعجم الكبير للطبراني كتاب السين / باب سهل بن حنيف (٦/٧٦) حديث رقم (٥٥٦٧).
ترجمة رجال الإسناد:
عبد الله بن ربيع: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٦).
عمر بن عبد الملك: بن سليمان بن عبد الملك الخولاني، أبو حفص، سمع بالبصرة من أبي بكر بن داسة السنن لأبي داود وسمع من غير واحد، وقدم الأندلس فحدث، وله حظ من العربية والشعر والغريب، مات سنة ٣٥٦ هـ. تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي ص (٢٥٩).
محمد بن بكر: ثقة، تقدم، انظر ص (٣٩٩).
أبو داود: ثقة، تقدم، انظر ص (١٩٥).
محمد بن يحي بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي، النيسابوري، ثقة، حافظ، جليل، من الحادية عشر، مات سنة ثمان وخمسين على الصحيح وله ست وثمانون سنة. التقريب (٦٦٤٤).
سعيد بن سليمان الضبي، أبو عثمان الواسطي، نزيل بغداد البزار، لقبه سعدويه، ثقة، حافظ، من كبار العاشرة مات سنة خمس وعشرين وله مائة سنة. التقريب (٢٤٠٢).
عباد بن العوام بن عمر الكلابي، مولاهم أبو سهل الواسطي، ثقة، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين أو بعدها وله نحو من سبعين. التقريب (٣٢٢٤).
سفيان بن حسين بن حسن أبو محمد، أو أبو الحسن الواسطي، ثقة في غير الزهري باتفاقهم، من السابعة، مات بالري مع المهدي، وقيل في أول خلافة الرشيد. التقريب (٢٥١١).
قال ابن حباي: ((يروي عن الزهري المقلوبات وإذا روى عن غيره أشبه حديثه حديث الإثبات وذلك أن صحيفة الزهري اختلطت عليه فكان يأتي بها على التوهم فالإنصاف في أمره يكتب ما روي عن الزهري والاحتجاج بما روي عن غيره. المجروحين (١/٣٥٨).
الزهري: ثقة، تقدم، انظر ص (١١٩).
أبو أمامة بن سهل بن حنيف: ثقة، تقدم، انظر ص (٥٨٨).
الحكم: إسناده ضعيف ولكن يرتقي بشواهده إلى الحسن لغيره..

١٣ المحلى لابن حزم (٤/٧٣-٧٤)..
قال تعالى :﴿ إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير ﴾١.
وفيها مسألة واحدة.
[ ٩٢ ] : المسألة : هل الأفضل إخفاء الصدقة أو إظهارها ؟
قال أبو محمد – رحمه الله تعالى - :
إظهار الصدقة – الفرض والتطوع – من غير أن ينوي بذلك رياء : حسن، وإخفاء ذلك أفضل، وهو قول أصحابنا.
وقال مالك : إعلان الفرض أفضل٢.
قال أبو محمد : وهذا فرق لا برهان على صحته.
قال الله تعالى ﴿ إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ﴾٣.
فإن قالوا نقيس ذلك على صلاة الفرض ؟
قلنا : القياس كله باطل، فإن قلتم : هو حق، فأذنوا للزكاة كما يؤذن للصلاة، ومن الصلاة غير الفرض ما يعلن بها كالعيدين، والكسوف، وركعتين دخول المسجد، فقيسوا صدقة التطوع على ذلك٤.
١ سورة البقرة: من آية ٢٧١..
٢ حكام القرآن لابن العربي (١/٣١٥)، المحرر الوجيز لابن عطية (٢/٣٣١)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/٢١٥)..
٣ سورة البقرة: من آية ٢٧١..
٤ المحلى لابن حزم (٤/٢٨٠)..
قال تعالى :﴿ ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ﴾١.
وفيها مسألة واحدة.
[ ٩٣ ] : المسألة : أنواع الهداية.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
إن الهدى في اللغة العربية من الأسماء المشتركة، فهي التي يقع الإسم فيها على مسميين مختلفين بنوعيهما فصاعدا، فالهدى يكون بمعنى الدلالة، نقول هديت فلانا الطريق بمعنى أريته إياه، وأوقفته عليه، وأعلمته إياه سواء سلكه أو تركه.
وتقول : فلان هاد الطريق، أي هو دليل فيه، فهذا هو الهدى الذي هدى الله تعالى ثمود وجميع الجن والملائكة وجميع الأنس كافرهم ومؤمنهم لأنه تعالى دلهم على الطاعات والمعاصي وعرفهم ما يسخط مما يرضي.
فهذا معنى، ويكون الهدى بمعنى التوفيق والعون على الخير، والتيسير له وخلقه لقبول الخير في النفوس، فهذا هو الذي أعطاه الله عز وجل الملائكة كلهم، والمهتدين من الإنس والجن، ومنعه الكفار من الطائفتين والفاسقين فيما فسقوا فيه، ولو أعطاهم إياه تعالى لما كفروا ولا فسقوا. وبالله تعالى التوفيق.
ثم قال – رحمه الله تعالى - :
وأيضا فإن الله تعالى قال لرسوله صلى الله عليه وسلم ﴿ ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ﴾٢ وقال تعالى ﴿ وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ﴾٣ صراط الله، فصح يقينا أن الهدى الواجب على النبي صلى الله عليه وسلم هو الدلالة وتعليم الدين وهو غير الهدى الذي ليس هو عليه، وإنما هو على الله تعالى وحده. ٤
١ سورة البقرة: آية ٢٧٢..
٢ سورة البقرة: آية ٢٧٢..
٣ سورة الشورى: من آية ٥٢..
٤ الفصل لابن حزم (٣/٦٤-٦٦) باختصار..
قال تعالى :﴿ للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحاقا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم ﴾١
وفيها مسألة واحدة.
[ ٩٤ ] : المسألة : المراد بالإحصار.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
اختلف الصحابة ومن بعدهم في الإحصار٢ :
فروينا من طريق وكيع نا سفيان الثوري عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال : لا إحصار إلا من عدو٣.
ومن طريق مسلم نا إسحاق بن إبراهيم – هو ابن راهوية – أنا عيسى ابن يونس نا زكرينا – هو ابن أبي زائدة – عن أبي إسحاق السبيعي عن البراء بن عازب قال :( ( لما أحضر النبي صلى الله عليه وسلم عند البيت صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيبقى بها ثلاثا ولا يدخلها إلا بجلبان٤ السلاح السيف وقرابه، ولا يخرج بأحد معه من أهلها، ولا يمنع أحدا يمكث ممن كان معه ) )٥.
فسمى البراء منع العدو : إحصارا.
وروينا عن إبراهيم النخعي : الإحصار من الخوف والمرض، والكسر٦.
ومن طريق ابن جريج عن عطاء قال : الإحصار من كل شيء يحبسه٧.
وأما الحصر : فروينا عن مجاهد عن ابن مسعود أنه قال : الحصر : المرض، والكسر وشبهه٨ ومن طريق ابن جريج عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس قال : لا حصر إلا من حبسه عدو٩.
وعن طاووس قال : لا حصر الآن، وقد ذهب الحصر١٠.
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال : الحصر ما حبسه من حابس من وجع أو خوف، أو ابتغاء ضالة١١. وعن معمر عن الزهري قال : الحصر ما منعه من وجع، أو عدو حتى يفوته الحج١٢.
وفرق قوم بين الإحصار والحصر :
فروينا عن الكسائي١٣ قال : ما كان من المرض فإنه يقال فيفه أحصر، فهو محصر، وما كان من حبس قيل حصر١٤.
وقال أبو عبيد١٥ : قال أبو عبيدة١٦ : ما كان من مرض، أو ذهاب نفقة، قيل فيه أحصر فهو محصر، وما كان من حبس. قيل : حصر : وبه يقول أبو عبيد١٧.
قال أبو محمد : هذا لا معنى له، قول الله تعالى هو الحجة في اللغة والشريعة قال الله تعالى ﴿ فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ﴾١٨ وإنما نزلت هذه الآية في أمر الحديبية إذ منع الكفار رسول الله صلى الله عليه وسلم من إتمام عمرته١٩، وسمى الله تعالى منع العدو إحصارا.
وكذلك قال البراء بن عازب، وابن عمر، وإبراهيم النخعي، وهم في اللغة فوق أبي عبيدة، وأبي عبيد، والكسائي.
قال الله تعالى ﴿ للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحاقا ﴾٢٠ فهذا هو منع العدو لا شك، لأن المهاجرين إنما منعهم من الضرب في الأرض الكفار بلا شك، وبين ذلك بقوله ﴿ في سبيل الله ﴾٢١.
فصح أن الإحصار والحصر بمعنى واحد، وأنهما إسمان يقعان على كل مانع من عدو، أو مرض، أو غير ذلك أي شيء كان٢٢.
١ سورة البقرة: آية ٢٧٣..
٢ الإحصار: الحاء والصاد والراء أصل واحد، وهو الجمع والحبس والمنع. معجم مقاييس اللغة لابن فارس (٢/٧٢)، الصحاح للجوهري (١/٥٢١).
قال ابن عبد البر: وأصل الحصر في اللغة الحبس والمنع. التمهيد (١٥/١٩٤).
قال ابن فارس: والكلام في حصره وأحصره، مشتبه عندي غاية الاشتباه، أناسا يجمعون بينهما وآخرون يفرقون، وليس فرق من فرق بين ذلك ولا جمع من جمعا ناقضا للقياس الذي ذكرناه، بل الأمر كله دال على الحبس. المعجم (٢/٧٢)..

٣ تخريج الأثر: الأم للشافعي (٢/١٧٨)، مصنف ابن أبي شيبة (٤/٢٩٣)، شرح معاني الآثار للطحاوي (٢/٢٥٢)، سنن البيهقي (٥/٢١٩)، قال الحافظ ابن حجر بعد أن عزاه للشافعي: إسناده صحيح. التلخيص الحبير (٢/٢٨٨).
ترجمة رجال الإسناد:
وكيع بن الجراح: ثقة، تقدم، انظر ص (١٦٧).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم، انظر ص (١٤٨).
موسى بن عقبة بن أبي عياش الأسدي، مولى آل الزبير، ثقة، فقيه، إمام في المغازي، لم يصح أن ابن معين ليّنه مات سنة ١٤١ هـ وقيل بعد ذلك. التقريب (٧٢٧٣).
نافع مولى ابن عمر: ثقة، تقدم، انظر ص (١٥٢).
الحكم: إسناده صحيح..

٤ الجُلبان: - بضم الجيم وسكون اللام – شبه الجراب من الأدم يوضع السيف مغمودا، أو السوط، أو الأدات، الفائق (١/٢٢٧)، النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (١/٢٨٢)..
٥ صحيح مسلم كتاب الجهاد والسير / باب صلح الحديبية (٣/١٤١٠) حديث رقم (١٧٨٣)..
٦ مصنف ابن أبي شيبة (٣/٢١٣)، تفسير ابن أبي حاتم (١/٣٣٥)..
٧ مصنف ابن أبي شيبة (٣/٢١٣)، جامع البيان للطبري (٤/٢٢)، تغليق التعليق لابن حجر (٣/١٢٢)، وعزاه لعبد بن حميد في تفسيره، فتح الباري (١/١٠٥)..
٨ تفسير عبد الرزاق (١/٣١٧)..
٩ مصنف ابن أبي شيبة (٣/٢١٣)، الأم للشافعي (٢/١٧٨)، جامع البيان للطبري (٤/٢٤)، سنن البيهقي (٥/٢١٩)، قال الحافظ بن حجر: إسناده صحيح. التلخيص الحبير (٢/٢٨٨)..
١٠ تفسير ابن أبي حاتم (١/٣٣٦)..
١١ مصنف ابن أبي شيبة (٣/٢١٣)، جامع البيان للطبري (٤/٢٢)..
١٢ تفسير ابن أبي حاتم (١/٣٣٦)..
١٣ علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي، بالولاء، أبو الحسن الكسائي، إمام في اللغة والنحو والقراءة، وهو مؤدب الرشيد العباسي، مات سنة ١٨٩ هـ. سير أعلام النبلاء للذهبي (٩/١٣١)..
١٤ أحكام القرآن للجصاص (١/٣٢٥)، الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري ص (١٣١)..
١٥ أبو عبيد القاسم بن سلام: تقدم، انظر ص (١٧٧)..
١٦ معمر بن المثنى التيمي، بالولاء البصري، أبو عبيدة النحوي، من أئمة العلم بالأدب واللغة، قال الحافظ: لم يكن في الأرض أعلم بجميع العلوم منه، وقال الذهبي: كان من بحور العلم ومع ذلك لم يكن بالماهر بكتاب الله تعالى ولا العارق بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا البصير بالفقه، واختلاف أئمة الاجتهاد. من كتبه ((مجاز القرآن)) وكتاب ((غريب الحديث) مات سنة ٢٠٩ هـ. السير للذهبي (٩/٤٤٥)..
١٧ فتح الباري (٤/٦)، الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري ص (١٣١)..
١٨ سورة البقرة: من آ]ة ١٩٦..
١٩ قال الشافعي: لم أسمع مخالفا ممن حفظت عنه من أهل العلم بالتفسير في أنها نزلت في الحديبية. الأم (٢/١٧٨). قال ابن الملقن: صحيح مشهور بالاتفاق كما قاله الشافعي. خلاصة البدر المنير (٢/٤٥)..
٢٠ سورة البقرة: من آية ٢٧٣..
٢١ سورة البقرة: من آية ٢٧٣..
٢٢ المحلى لابن حزم (٥/٢٢٠-٢٢١) باختصار يسير..
قال تعالى :﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾١ وفيها مسألتان.
[ ٩٥ ] : المسألة الأولى : حكم الربا وفيم يكون.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
الربا٢ من أكبر الكبائر قال تعالى ﴿ الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا ﴾٣.
وقال تعالى ﴿ يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ﴾٤.
ومن طريق مسلم نا هارون بن سعيد الأيلي نا ابن وهب أخبرني سليمان بن بلال عن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اجتنبوا السبع الموبقات "، قيل : ما هن يا رسول الله ؟ قال : " الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " ٥.
ومن طريق مسلم نا عثمان بن أبي شيبة نا جرير- هوابن عبد الحميد – عن المغيرة بن مقسم نا إبراهيم – هو النخعي – عن علقمة بن قيس عن ابن مسعود قال :( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله )٦.
والربا لا يكون إلا في بيع٧، أو قرض٨، أو سلم٩، وهذا ما لا خلاف فيه من أحد، لأنه لم تأت النصوص إلا بذلك، ولا حرام إلا ما فعل تحريمه قال تعالى ﴿ خلق لكم ما في الأرض جميعا ﴾١٠ وقال تعالى ﴿ وأحل الله البيع وحرم الربا ﴾١١، وقال تعالى ﴿ وقد فصل لكم ما حرم عليكم ﴾١٢.
والربا لا يجوز في البيع والسلم إلا في ستة أشياء فقط : في التمر، والقمح، والشعير، والملح، والذهب والفضة، وهو في القرض في كل شيء فلا يحل إقراض شيء ليرد إليك أقل أو أكثر، ولا نوع آخر أصلا، لكن مثل ما أقرضت في نوعه ومقداره وهذا إجماع مقطوع به١٣.
وكذلك الذي ذكرنا من وقوع الربا في الأنواع الستة المذكورة في البيع والسلم، فهو إجماع مقطوع به١٤، وما عدا الأنواع المذكورة مختلف فيه، أيقع فيه الربا أم لا ؟
قال أبو محمد : فإذا أحل الله تعالى البيع وحرم الربا فواجب طلب معرفته ليجتنب قال تعالى ﴿ وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطرتم إليه ﴾١٥.
فصح أن ما فصل لنا بيانه على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام من الربا، أو من الحرام، فهو ربا وحرام، وما لم يفصل لنا تحريمه فهو حلال، لأنه لو جاز أن يكون في الشريعة شيء حرمه الله تعالى ثم لم يفصله لنا ولا يبينه رسوله عليه الصلاة والسلام لكان تعالى كاذبا في قوله تعالى ﴿ وقد فضل لكم ما حرم عليكم ﴾١٦ وهذا كفر صريح متيقن ممن أجازه.
وممن قال لا ربا إلا في الأصناف المذكورة : طاووس١٧، وقتادة١٨، وعثمان البتي١٩، وأبو سليمان٢٠، وجميع أصحابنا٢١.
[ ٩٦ ] : المسألة الثانية : تأثير الشيطان في المصروع.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
ذهبت طائفة من الناس إلى أن الجن يدخلون في أجسام المصابين، وذهب قوم إلى أنهم يؤثرون هذه الآثار على وجه ما غير الدخول.
واحتجت الطائفة الأولى بالحديث الذي يروي ( ( أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) )٢٢ ولا حجة لهم في هذا لأن المعهود في كلام العرب أن يقال جريت من فلان مجرى الدم، وإذا جن عليه جنونه واتصل هواه بهواه واثقا في المودة كما الشاعر :
وقد كنت أجرى في حشاهن مرة كجري معين الماء في قصب الآس٢٣
فإنما أراد لصوق هواه بقلوبهن ومداخلته لأهوائهن، وقد أخبر الله عز وجل أن الشيطان من نار السموم ولا يجوز مداخلته جسم الإنسان إلا على طريق المجاورة.
وقد قال الله تعالى ﴿ الذي يتخبطه الشيطان من المس ﴾٢٤ فأخبر الله عز وجل ذلك إنما هو على سبيل المماسة٢٥، على حسب ما قلنا.
وقال الله عز وجل حكاية عن أيوب عليه السلام ﴿ أني مسنى الشيطان بنصب وعذاب * اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ﴾٢٦ وقد يجعل الله عز وجل آله للشياطين تستثير بها الطبيعة استثارة ما فيتولد بها الصراع ويجلب بها الوسوسة كالذي تشاهده من استثارة الطبائع واهتياجها بالكلمة المسموعة وبالحالة يشرف عليها الإنسان فتحليه عن رضى إلى غضب، وعن تورع إلى ملام، وعن انبساط إلى انقباض، وما أشبه ذلك. والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب٢٧.
١ سورة البقرة: آية ٢٧٥..
٢ الربا: الزيادة قال تعالى ﴿فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت﴾ أي زادت ونمت وقال سبحانه ﴿أن تكون أمة هي أربى من أمة﴾
أي أكثر عددا، يقال أربى فلان على فلان أي زاد عليه. عمدة الحفاظ (٢/٦٨).
وشرعا عند الحنابلة: الزيادة في أشياء مخصوصة. المعني (٤/٢٥).
وعند الأحناف: فضل خال عن عوض بمعيار شرعي مشروط لأحد المتعاقدين في المعاوضة. رد المحتار إلى الدر المختار لابن عابدين (٥/١٧٠).
وعند الشافعية: بأنه عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد أو مع تأخير البدلين أو أحدهما أسنى المطالب للأنصاري (٢/٢٢).
وعرف المالكية كل نوع من أنواع الربا على حدة.
والشريعة حرمت نوعي الربا:
ربا النسيئة: وهو الذي كان معروفا في الجاهلية وهو أن يقرضه قدرا معينا من المال إلى زمن محدود كشهر أو سنة مثلا مع اشتراط الزيادة فيه نظير امتداد الأجل، وهذا النوع من الربا هو المستعمل الآن في البنوك والمصارف المالية.
وربا الفضل: وهو الذي وضحته السنة النبوية المطهرة وهو أن يبيع الشيء بنظيره مع زيادة أحد العوضين على الآخر. روائع البيان للصابوني (١/٣٩٢)..

٣ سورة البقرة: آية ٢٧٥..
٤ سورة البقرة: آية ٢٧٨-٢٧٩..
٥ صحيح مسلم كتاب الإيمان / باب بيان الكبائر وأكبرها (٢/٢٧٣) حديث رقم (٢٥٨)..
٦ صحيح مسلم كتاب المساقاة / باب لعن الله آكل الربا وموكله (١١/٢٨) حديث رقم (٤٠٦٩)..
٧ البيع لغة: مصدر باع، وهو مبادلة مال بمال، أو مقابلة شيء بشيء، أو دفع عوض وأخذ ما عوض عنه. الموسوعة الفقهية (٩/٦)..
٨ القرض في اللغة: مصدر قرض الشيء يقرضه إذا قطعه، وفي الاصطلاح: دفع مال إرفاقا لمن ينتفع به ويرد بدله. الموسوعة الفقهية (٣٣/١١١)..
٩ السلم في اللغة: الإعطاء والتسليف، وفي الاصطلاح: بيع موصوف في الذمة يبدل يعطي عاجلا. الموسوعة الفقهية (٢٥/١٩٢)..
١٠ سورة البقرة: من آية ٢٦..
١١ سورة البقرة: من آية ٢٩..
١٢ سورة الأنعام: من آية ١١٩..
١٣ قال ابن المنذر: (أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من أسلف سلفا مما يجوز أن يسلف فرد مثله عليه)) الإجماع لابن المنذر ص (٥٥)، المغني لابن قدامة (٤/٢١١)..
١٤ المجموع للنووي (٩/٤٩٠)، المغني لابن قدامة (٤/٢٧)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/٢٣٠)..
١٥ سورة الأنعام: من آية ١١٩..
١٦ سورة الأنعام: من آية ١١٩..
١٧ المغني لابن قدامة (٤/٢٧)، المجموع للنووي (٩/٤٩٠)، الموسوعة الفقهية (٢٢/٦٥)..
١٨ المغني لابن قدامة (٤/٢٧)، المجموع للنووي (٩/٤٩٠)، الموسوعة الفقهية (٢٢/٦٥)..
١٩ المغني لابن قدامة (٤/٢٧)، المجموع للنووي (٩/٤٩٠)، الموسوعة الفقهية (٢٢/٦٥)..
٢٠ المغني لابن قدامة (٤/٢٧)، المجموع للنووي (٩/٤٩٠)، الموسوعة الفقهية (٢٢/٦٥)..
٢١ المحلى (٧/٤٠١-٤٠٣) باختصار وتصرف يسير..
٢٢ صحيح البخاري كتاب بدء الخلق / باب إبليس وجنوده يقذفون دحورا (٣/١١٩٥) حديث رقم (٣١٠٧)، صحيح مسلم كتاب السلام / باب بيان أنه يستحب لمن رؤي خاليا بامرأته وكانت زوجته أن يقول هذه فلانة (١٤/٣٨١) حديث رقم (٥٦٤٣)..
٢٣ لم أقف عليه..
٢٤ سورة البقرة: آية ٢٧٥..
٢٥ سبق توثيقه انظر ص (٤٥١)..
٢٦ سورة ص: آية ٤١-٤٢..
٢٧ الأصول والفروع لابن حزم ص (١٣٦)، انظر رسالة في حكم من قال إن أرواح أهل الشقاء معذبة إلى يوم الدين لابن حزم ص (٢٨٨)..
قال تعالى :﴿ وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون ﴾١ وفيها مسألة واحدة.
[ ٩٧ ] : المسألة : حكم الآية.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
كل من صار حرا بعتق، أو كان ابن حر من أمة له، أو بأن حملت به حرة، أو بأن أعتقت أمه وهي حامل به، ولم يستثنه المعتق، فإن الحرية قد حصلت له، فلا تبطل عليه، ولا عمن تناسل منه ذكرا أو أثنى مع هذه السبل من الولادة التي ذكرنا أبدا، لا بأن يرتد، ولا بأن ترتد ولا بأن يسبى، ولا بأن يرتد أبوه أو جده وإن بعد، أو جدته وإن بعدت، ولا بلحاق بأرض الحرب من أحد أجداده، أو جداته أو منه أو منها، ولا بإقراره برق، ولا بدين، ولا ببيعه نفسه، ولا بوجه من الوجوه أبدا لأنه لم يوجب ذلك قرآن ولا سنة.
وقد جاء أثر بأن الحر كان يباع في الدين في صدر الإسلام. ٢
إلى أن أنزل الله تعالى ﴿ وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ﴾٣ وبالله تعالى التوفيق٤.
ثم قال :- رحمه الله تعالى - :
وروينا عن زرازة بن أوفى القاضي أنه باع حرا في دين، وروينا أيضا عن الشافعي من طريق غريبة٥ وقد كان ذلك في صدر الإسلام ثم نسخ بقوله تعالى ﴿ فنظرة إلى ميسرة ﴾٦. ٧
١ سورة البقرة: آية ٢٨٠..
٢ هذا الأثر أخرجه النحاس في ناسخه (٢/١١٢).
قال حدثنا يحي بن صالح الوحاظي قال: حدثنا مسلم بن خالد الزنجي عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن البيلماني قال: كنت بمصر، فقال لي رجل: ألا أدلك على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: بلى، فأشار إلى رجل فجئته فقلت: من أنت رحمك الله؟ فقال: أنا سرق. فقلت: سبحان الله، ما ينبغي لك أن تسمى بهذا الاسم وأنت رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماني سرقا، فلن أدع ذلك أبدا. قلت: ولم سماك سرقا؟ قال: لقيت رجلا من أهل البادية ببعيرين له يبيعهما فابتعهما منه وقلت: انطلق معي حتى أعطيك فدخلت بيتي ثم خرجت من خلف خرج لي، وقضيت بثمن البعيرين حاجتي، وتغيبت حتى ضننت أن الأعرابي قد خرج، فخرجت والأعرابي مقيم، فأخذني فقدمني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما حملك على ما صنعت؟ فقلت: قضيت بثمنها حاجتي يا رسول الله، قال: فاقضه، قال: قلت ليس عندي، قال: أنت سرق أذهب به يا أعرابي فبعه حتى تستوفي حقك" قال فجعل الناس يسومونه بي ويلتفت إليهم فيقول: ما تريدون، فيقولون: نريد أن نبتاعه منك، قال فوالله ما منكم أحدا أحوج إليه مني، أذهب فقد أعتقتك.
وقد أخرجه الطبراني في المعجم الكبير كتاب السين / باب سرق (٧/٦٥) حديث رقم (٦٧١٦)، الدارقطني كتاب وباب البيوع (٣/٦١) حديث رقم (٢٣٥)، والحاكم في المستدرك كتاب وباب البيوع (٢/٦٢) حديث رقم (٢٣٣٠)، والبيهقي في السنن الكبرى كتاب التفليس / باب ما جاء في بيع الحر المفلس في دينه (٨/٣٩٥) حديث رقم (١١٤٥٧)، وقال: مدار حديثه سرق على هؤلاء وكلهم ليسوا بأقوياء، عبد الرحمن بن عبد الله، وأبنا زيد، وإن كان الحديث عن زيد عن ابن البيلماني فابن البيلماني ضعيف في الحديث، وفي إجماع العلماء على خلافه، وهم لا يجتمعون على ترك رواية ثابتة. دليل على ضعفه أو نسخه إن كان ثابتا. وبالله التوفيق..

٣ سورة البقرة: من آية ٢٨٠..
٤ المحلى لابن حزم (٥/٥٠٥)، انظر المحلى (٩/٢٥٤)..
٥ انظر التخريج السابق..
٦ سورة البقرة: من آية ٢٨٠..
٧ الإحكام لابن حزم (٢/١٦٢)..
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾١ وفيها ثمان مسائل.
[ ٩٨ ] : المسألة الأولى : القرض وفيما يكون.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
القرض٢ فعل خير، وهي أن تعطي إنسانا شيئا بعينه من مالك تدفعه إليه ليرد عليك مثله إما حالا في ذمته وإما إلى أجل مسمى، هذا مجمع عليه.
وقال تعالى ﴿ إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ﴾٣.
ثم قال – رحمه الله تعالى - :
والقرض جائز في كل ما يحل تملكه وتمليكه بهبة أو غيرها – سواء جاز بيعه أو لم يجز – لأن القرض هو غير البيع، لأن البيع لا يجوز إلا بثمن ويجوز بغير نوع ما بعت٤.
والقرض جائز في الجواري، والعبيد، والدواب، والدور، والأراضين، وغير ذلك لعموم قوله تعالى ﴿ إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى ﴾٥ فعم تعالى ولم يخص، فلا يجوز التخصيص في ذلك بالرأي الفاسد بغير قرآن ولا سنة.
وقولنا في هذا هو قول المزني٦، وأبي سليمان٧، ومحمد بن جرير٨، وأصحابنا٩.
ثم نقول لهم : فإذا وطئها ثم ردها فكان ماذا ؟ وطئها بحق نص القرآن قال تعالى ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ﴾١٠. ثم إن ردها بحق، لأنه أدى ما عليه فانتقلت من حق إلى حق.
وأما قولهم إنه فرج معار : فكذب وباطل، لأن العارية لا يزال عنها ملك المعير، فحرام على غيره وطؤها، لأنه ملك يمين غيره، وأما المستقرضة فهي ملك يمين المستقرض فهي له حلال، وهو مخير بين أن يردها، أو يمسكها أو يرد غيرها، وليست العارية كذلك. وبالله تعالى التوفيق١١.
[ ٩٩ ] : المسألة الثانية : حكم الكتابة والإشهاد في الآية ؟
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
وفرض على متبايعين – لما قل أو كثر – أن يشهدا على تبايعهما رجلين، أو رجلا وامرأتان من العدول، فإن لم يجدا عدولا سقط فرض الإشهاد كما ذكرنا، فإن لم يشهدا – وهما يقدران على الإشهاد – فقد عصيا الله عز وجل، والبيع تام، فإن كان البيع بثمن – إلى أجل مسمى – ففرض عليهما مع الإشهاد المذكور أن يكتباه، فإن لم يكتباه، فقد عصيا الله عز وجل والبيع تام.
فإن لم يقدرا على كاتب فقد سقط عنهما فرض الكتاب.
برهان ذلك قول الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾١٢.
قال أبو محمد : فهذه أوامر مغلظة مؤكدة لا تحتمل تأويلا أمر بالكتاب في المداينة إلى أجل مسمى وبالإشهاد في ذلك في التجارة المدارة، كما أمر الشهداء أن لا يأبوا أمرا مستويا، فمن أين صار عند هؤلاء القوم أحد الأوامر فرضا والآخر هملا ؟
وأخبر تعالى أن الكاتب إن ضار – ولا شك في أن امتناعه من الكتاب مضارة، وأن امتناع الشاهد من الشهادة إذ دعى – فسوق.
ثم أكد تعالى أشد تأكيد ونهانا أن نسأم كتاب ما أمرنا بكتابته صغيرا كان أو كبيرا، وأخبر تعالى أن ذلك أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى من أن نرتاب وأسقط الجناح في ترك الكتاب خاصة دون الإشهاد في التجارة المدارة، ولم يسقط الجناح في ترك الكتاب فيما كان دينا إلى أجل مسمى.
وبهذا جاءت السنة : كما روينا من طريق غندر عن شعبة عن فراس الخارفي عن الشعبي عن أبي بردة ابن أبي موسى الأشعري عن أبيه قال : ثلاثة يدعون الله تعالى فلا يستجاب لهم، وذكر فيهم : رجل كان له على رجل دين فلم يشهد عليه وقد أسنده معاذ بن المثنى عن أبيه عن شعبة عن فراس عن الشعبي عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم١٣.
ومن طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي نا علي بن عبد الله – هو ابن المديني – أخبرنا المؤمل بن إٍسماعيل نا سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد في قول الله تعالى ﴿ وأشهدوا إذا تبايعتم ﴾١٤ قال مجاهد : كان ابن عمر إذا باع بنقد أشهد، وإذا باع بنسيئة كتب وأشهد١٥ ومن طريق إسماعيل نا علي بن عبد الله نا حسان بن إبراهيم الكرماني نا إبراهيم – هو ابن ميمون الصائغ – عن عطاء بن أبي رباح قال : تشهد على كل شيء تشتريه وتبيعه ولو كان بدرهم أو بنصف درهم أو أقل فإن الله تعالى يقول ﴿ وأشهدوا إذا تبايعتم ﴾١٦، ١٧.
نا أبو سعيد الفتى نا محمد بن علي الأدفوي نا أحمد بن محمد بن إسماعيل بن النحاس النحوي نا جعفر بن مجاشع نا إبراهيم بن إٍسحاق نا شجاع نا هشيم عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي قال : أشهد إذا بعت، وإذا اشتريت، ولو على دستجة بقل١٨، ١٩.
قال ابن النحاس٢٠، وقال محمد بن جرير الطبري : لا يحل لمسلم إذا باع واشترى إلا أن يشهد وإلا كان مخالفا لكتاب الله عز وجل وهكذا إن كان إلى أجل فعليه أن يكتب ويشهد إذا وجد كاتبا٢١ وهو قول جابر بن زيد٢٢، وغيره.
ومن طريق إسماعيل بن إسحاق نا يحي بن خلف نا أبو عاصم – هو الضحاك بن مخلد٢٣ - عن عيسى نا ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله تعالى ﴿ ولا يأب كاتب ﴾٢٤.
قال : أوجب على الكاتب أن يكتب٢٥.
وكل هذا قول أبي سليمان٢٦، وأصحابنا٢٧.
[ ١٠٠ ] : المسألة الثالثة : المراد بالسفيه في الآية.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
أما قوله تعالى ﴿ ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ﴾٢٨ وقوله تعالى ﴿ فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا ﴾٢٩.
فإن السفه٣٠ : في لغة العرب التي ينزل بها القرآن، وبها خوطبنا، لا يقع إلا على ثلاثة معان لا رابع لها أصلا :
أحدها : البذاء والسب باللسان، وهم لا يختلفون أن من هذه صفته لا يحجر عليه في ماله، فسقط الكلام في هذا الوجه.
والوجه الثاني : الكفر، قال الله تعالى ﴿ وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ﴾٣١ وقال تعالى حاكيا عن موسى عليه السلام أنه قال لله تعالى ﴿ أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ﴾٣٢ يعني كفرة بني إسرائيل، وقال تعالى ﴿ سيقول السفهاء من الناس وما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ﴾٣٣.
وقال تعالى ﴿ ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ﴾٣٤.
وقال تعالى حاكيا عن مؤمني الجن الذين صدقهم ورضي عنهم قولهم ﴿ وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا ﴾٣٥.
فهذا معنى ثاني، ولا خلاف منهم، ولا منا في أن الكفار لا يمنعون أموالهم، وأن معاملتهم في البيع والشراء وهباتهم جائز كل ذلك، وأن قوله تعالى ﴿ ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ﴾٣٦ وقوله تعالى ﴿ فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا ﴾٣٧ لم يرد به الله تعالى قط الكفار، ولا ذوي البذاء في ألسنتهم.
والمعنى الثالث : هو عدم العقل للمخاطبة كالمجانين والصبيان فقط وهؤلاء بإجماع منا ومنهم هم اللذين أراد الله تعالى في الآيتين، وأن أهل هذه الصفة لا تؤتون أموالهم لكن يكسون فيها ويرزقون ويرفق بهم في الكلام، ولا يقبل إقرارهم، لكن يقر عنهم وليهم الناظر لهم، فصح هذا بيقين.
فمن قال : إن من يغبن في البيع ولا يحسن حفظ ماله – وإن كان عاقلا مخاطبا بالدين مميزا له – داخل في ( ( إسم السفه ) ) المذكور في الآيتين، فقد قال الباطل وقال على الله تعالى مالا علم له به، وقفا مالا علم له به، ومالا برهان له على صحته، وهذا كله حرام لا يحل القول به.
قال تعالى ﴿ وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ﴾٣٨، وقال تعالى ﴿ فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا ﴾٣٩.
فإذ لا برهان لهم فليسوا صادقين فيه بلا شدة فصح أن الآيتين موافقتان لقولنا مخالفتان لقولهم وما سمى الله تعالى قط في قرآن ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا العربي الجاهل بكسب ماله أو المغبون في البيع : سفيها، ( ( السفيه ) ) الذي ذكر في الآية هو الذي لا عقل له لجنونه، والضعيف الذي لا قوة له قال تعالى ﴿ ثم جعل من بعد قوة ضعفا ﴾٤٠.
والذي لا يستطيع أن يمل : هو من به آفة في لسانه تمنعه كخرس ونحو ذلك٤١.
ولا يجوز أن يفسر كلام الله تعالى إلا بكلامه، أو بكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، أو بلغة العرب التي أخبر الله تعالى : أنه أنزل بها القرآن، وباليقين الذي لا شك فيه أنه مراد الله تعالى، فهذه طريق النجاة، وأما بالظنون، ومالا برهان عليه، فمعاذ الله من هذا٤٢.
[ ١٠١ ] : المسألة الرابعة : شهادة العبد.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
وشهادة العبد والأمة مقبولة في كل شيء لسيدهما ولغيره كشهادة الحر والحرة ولا فرق.
وأجازت طائفة شهادة في كل شيء كالحر : كما روينا من طريق ابن أبي شيبة نا حفص بن غياث ا
١ سورة البقرة: آية ٢٨٢..
٢ القرض لغة: القطع، وسمي المال المدفوع للمقترض قرضا، لأنه قطعه من مال المقترض تسمية للمفعول باسم المصدر، ويسمى أيضا السلف.
واصطلاحا: عند الحنفية: هو ما تعطيه من مال مثلي لتتقاضاه.
وعرفه بقية المذاهب: بأنه إعطاء شخص مالا لآخر في نظير عوض يثبت له في ذمته، مماثل للمال المأخوذ، بقصد نفع المعطي له فقط، والمال يشمل المثلي والحيوان، والقرض التجاري. الفقه الإسلامي لوهبة الزحيلي (٥/٣٧٨٦)، انظر التعريفات الفقهية للمجددي ص (٣٢٧)، المغرب للمطرزي ص (٣٨٠)، الموسوعة الفقهية (٣٣/١١٢)..

٣ سورة البقرة: آية ٢٨٢..
٤ المحلى لابن حزم (٦/٣٤٧)، انظر الإحكام لابن حزم (٢/٤٤)..
٥ سورة البقرة: من آية ٢٨٢..
٦ المغني لابن قدامة (٤/٢١٠)، نيل الأوطار للشوكاني (٥/٢٧٤)..
٧ المغني لابن قدامة (٤/٢١٠)، نيل الأوطار للشوكاني (٥/٢٧٤)..
٨ المغني لابن قدامة (٤/٢١٠)، نيل الأوطار للشوكاني (٥/٢٧٤)..
٩ سورة المؤمنون: آية ٥-٦-٧..
١٠ المحلى لابن حزم (٦/٣٥٥)..
١١ ؟؟؟؟؟.
١٢ سورة البقرة: آية ٢٨٢..
١٣ تخريج الأثر: مصنف ابن أبي شيبة (٣/٤٠٠)، سنن البيهقي الكبرى كتاب الشهادات / باب الاختيار في الشهادة (١٥/١٥٩) حديث رقم (٢١١٠٤)، مستدرك الحاكم كتاب التفسير / باب تفسير سورة النساء (٢/٣٣١) حديث رقم (٣١٨١) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لتوقيف أصحاب شعبة هذا الحديث على أبي موسى وإنما أجمعوا على سند حديث شعبة بهذا الإسناد (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين) وقد اتفقا جميعا على إخراجه.
ترجمة رجال الإسناد:
غندر: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٣).
شعبة بن الحجاج: ثقة، تقدم، انظر ص (١٣٣).
فراس – بكسر أوله وبمهملة – ابن يحي الهمداني الخارفي – بمعجمة وفاء – أبو يحي الكوفي المكتب، صدوق ربما وهم من السادسة، مات سنة تسع وعشرين. التقريب (٥٥٦٩).
الشعبي: عامر بن شراحبيل، ثقة مشهور، تقدم، انظر ص (١٦٧).
أبو بردة ابن أبي موسى الأشعري: ثقة، تقدم، انظر ص (١٤٨).
الحكم: إسناده حسن..

١٤ سورة البقرة: من آية ٢٨٢..
١٥ تخريج الأثر: الدر المنثور (١/٣٧١).
ترجمة رجال الإسناد:
إسماعيل بن إسحاق القاضي: ثقة، تقدم انظر ص (٢٢٣).
علي بن عبد الله المدني: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٥).
المؤمل بن إسماعيل: صدوق سيء الحفظ، تقدم، انظر ص (٥٨٩).
سفيان الثوري: ثقة، تقدم انظر ص (١٤٨).
الليث بن أبي سليم بن زنيم صدوق، اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك، تقدم، انظر ص (٢١٣).
الحكم: إسناده ضعيف..

١٦ سورة البقرة: من آية ٢٨٢..
١٧ تخريج الأثر: الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس (٢/١١٠)، أحكام القرآن للجصاص (١/٥٨٧)، تفسير ابن كثير (١/٤٩٨).
ترجمة رجال الإسناد:
إسماعيل بن إسحاق القاضي: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٣).
علي بن عبد الله المديني: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٥).
حسان بن إبراهيم بن عبد الله الكرماني أبو هشام العنزي – بفتح النون وبعدها زاي – قاضي كرمان، صدوق يخطئ، من الثالثة، مات سنة ست وثمانين. التقريب (١٢٤٨).
إبراهيم بن ميمون الصائغ المروزي: صدوق، تقدم، انظر ص (١٥٩).
الحكم: إسناده ضعيف..

١٨ دستجة – بفتح الدال وسكون السين وبعدها تاء ثم جيم – الحزمة والضغث. تاج العروس (٢/٤٢)..
١٩ تخريج الأثر: الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس (٢/١١٠)، أحكام القرآن للجصاص (١/٥٨٧)، الدر المنثور للسيوطي (١/٣٧٢).
ترجمة رجال الإسناد:
أبو سعيد الفتي: - أوله فاء مفتوحة بعدها تاء معجمة بالثنتين من فوقها – الإكمال لابن ماكولا (٧/١٠٨) خلف مولى جعفر الفتي المقري، يعرف بابن الجعفري يكنى: أبا سعيد، رحل إلى المشرق وسمع بمكة وبمصر من أبي بكرالأدفوي وكان من أهل القرآن والعلم نبيلا من أهل الفهم مائلا إلى الزهد، مات سنة ٤٢٥ هـ. الصلة لابن بشكوال (١/١٦٤).
أبو بكر محمد بن علي الأدفوي المقريء النحوي صاحب ابن النحاس، مات يوم الخميس لثمان بقين من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. وفيات المصريين للحبال (١/٣٧). وذكره الذهبي في ترجمة أبي جعفر النحاس.
السير (١٥/٤٠١) قال ياقوت الحموي أدفو – بضم الهمزة وسكون الدال وضم الفاء وسكون الواو – إسم قرية بصعيد مصر الأعلى بين أسوان وقوص، أبو بكر محمد بن علي الأدفودي الأديب المقري صاحب النحاس له كتاب في تفسير القرآن الحميد في خمسة مجلدات كبار، وله غير ذلك من كتب الأدب. معجم البلدان (١/١٢٦).
أحمد بن محمد بن إسماعيل بن النحاس النحوي إمام العربية صاحب التصانيف، تقدم، انظر ص (٢٤٥).
جعفر بن عبد الله بن مجاشع، أبو محمد، الختلي قال الخطيب: كان ثقة، مات سنة ٣١٧ هـ. تاريخ بغداد (٧/٢٠٩)، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي (٦/٢٢٦).
إبراهايم بن إسحاق بن ديسم الحربي، أبو إسحاق البغدادي الحافظ، شيخ الإسلام. طبقات الحفاظ للسيوطي (١/٢٦٣) قال إبراهيم الحربي: حدثني شجاع بن مخلد ولم نكتب ها هنا عن أحد خير منه.
تهذيب الكمال للمزي (١٢/٣٨٠).
شجاع بن مخلد الفلاس، أبو الفضل البغوي، نزيل بغداد، صدوق، وهم في حديث واحد رفعه وهو موقوف فذكره بسبب العقيلي، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين. التقريب (٢٨٢٤). قال الذهبي حجة خير، مات سنة ٢٣٥ ٩ـ. الكشاف (٢/٥). وذكر ابن حبان في الثقات (٨/٣١٣) قال يحي بن معين: ليس به بأس نعم الشيخ أو نعم الرجل هو ثقة، وقال أبو زرعة: بغدادي ثقة. الجرح والتعديل (٤/٣٧٩).
هشيم: ثقة، تقدم، انظر ص (٢١٤).
المغيرة بن مقسم – بكسر الميم – الضبي مولاهم أبو هشام الكوفي الأعمى، ثقة متقن إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم من السادسة، مات سنة ست وثلاثين على الصحيح. التقريب (٧١٢٨).
الحكم: إٍسناده ضعيف..

٢٠ هو أبو جعفر النحاس صاحب التصانيف..
٢١ الناسخ والمنسوخ للنحاس (٢/١١١)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/١)..
٢٢ تفسير ابن أبي حاتم (٢/٥٦٦)..
٢٣ الصواب كما أثبته وجاء في المطبوع بن خلف، انظر الكنى والأسماء (١/٦٠٨)، ذكر أسماء التابعني ومن بعدهم (١/١٨٣)..
٢٤ سورة البقرة: آية ٢٨٢..
٢٥ تفسير ابن أبي حاتم (٢/٥٥٦)، مصنف عبد الرزاق (٨/٣٦٥)، جامع البيان للطبري (٦/٥٢).
ترجمة رجال الإسناد:
إسماعيل بن إسحاق القاضي: ثقة، تقدم، انظر ص (٢٢٣).
يحي بن خلف الباهلي أبو سلمة البصري الجوباري – بجيم مضمومة وواو ساكنة ثم موحدة – صدوق، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين. التقريب (٧٨١٩).
الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني، أبو عاصم النبيل البصري، ثقة، ثبت، من التاسعة، مات سنة اثنتي عشرة. التقريب (٣٠٥٧).
عيسى بن ميمون الجرشي – بضم الجيم وفتح الراء والمعجمة – ثم المكي، أبو موسى يعرف بابن دايه – بتحتانية خفيفة – ثقة، من السابعة. التقريب (٥٥٢٨).
قال البخاري هو صاحب ابن أبي نجيح وقيس بن سعد روى عنه الثوري وأبو عاصم. التاريخ الكبير (٦/٤٠١).
عبد الله بن أبي نجيح، يسار المكي، أبو يسار، الثقفي مولاهم، ثقة، رمي بالقدر وربما دلس، من السادسة، مات سنة إحدى وثلاثين. التقريب (٣٧٦١).
الحكم: إسناده حسن..

٢٦ أعلام الموقعين لابن القيم (١/٨٨)، الموسوعة الفقهية (١٤/١٣٨)..
٢٧ المحلى لابن حزم (٧/٢٢٤-٢٢٦)..
٢٨ سورة النساء: من آية ٥..
٢٩ سورة البقرة: من آية ٢٨٢..
٣٠ السفه: السفاهة، خفة الحلم وقيل نقيض الحلم وأًصله الخفة والحركة وقيل الجهل وهو قريب بعضه من بعض، وقد سفه حلمه ورأيه ونفسه سفها سفاها سفاهة حمله على السفه. لسان العرب لابن منظور (١٣/٤٩٧).
قال الفيروز آبادي: وجمعه سفهاء، وسفاه، وهي سفيهه وجمعه: سفيهات، وسفائه وسفقه تسفيها: جعله سفيها، وتسفه عن ماله: خدعه عنه. القاموس المحيط ص (١١٢٣).
قال ابن فارس: السين والفاء والهاء أصل واحد يدل على خفة وسخافة وهو قياس مطرد، فالسفه: ضد الحلم، يقال ثوب سفيه أي ردئ النسج، ويقال تسفهت الريح إذا مالك، قال ذو الرمه:قال مزرد بن ضرار:
مشين كما اهتزت رياح تسفهت كأنك ملت به عنه واستخففته
تسفهته عن ماله إذ رأيته غلاما كغصن ألبانه المتفايد
معجم مقايس اللغة (٣/٧٩)، انظر تحرير ألفاظ التنبيه للنووي (١/٢٠٠)، عمدة الحفاظ للسمين الحلبي (٢/٢٠٤).
قال الجرجاني: السفه: عبارة عن خفة تعرض للإنسان من الفرح والغضب فتحلمه على العمل بخلاف طور العقل وموجب الشرع التعريفات (١/١٥٨)، انظر التعاريف للمناوي (١/٤٠٧)، الموسوعة الفقهية (٢٥/٤٨)، درر الحكام شرح مجلة الحكام لعلي حيدر (٢/٦٥٨)..

٣١ سورة البقرة: من آية ٣١..
٣٢ سورة الأعراف: من آية ١٥٥..
٣٣ سورة البقرة: من آية ١٤٢..
٣٤ سورة البقرة: من آية ١٣٠..
٣٥ سورة الجن: آية ٤..
٣٦ سورة النساء: من آية ٥..
٣٧ سورة البقرة: من آية ٢٨٢..
٣٨ سورة البقرة: من آية ١٦٩..
٣٩ سورة البقرة: من آية ١١١..
٤٠ سورة الروم: من آية ٥٤..
٤١ انظر الوسيط للواحدي (١/٤٠٣)، معالم التنزيل للبغوي (١/٣٤٩)، المحرر الوجيز لابن عطية (٢/٣٦٢)، فتح القدير للشوكاني (١/٣٠٠)..
٤٢ المحلى لابن حزم (٧/١٥١-١٥٢)..
قال تعالى :﴿ وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم ﴾١
وفيها ثلاث مسائل :
[ ١٠٦ ] : المسألة الأولى : الرهن في الحضر.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
ولا يجوز اشتراط الرهن إلا في البيع إلى أجل مسمى في السفر أو في السلم إلى أجل مسمى في السفر خاصة، أو في القرض إلى أجل مسمى في السفر خاصة مع عدم الكاتب في كلا الوجهين.
برهان ذلك :
أن اشتراط الرهن شرط وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له " ٢.
وقال تعالى ﴿ إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ﴾٣ إلى قوله تعالى :﴿ وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة ﴾٤ فهاهنا يجوز اشتراط الرهن حيث أجازه الله تعالى والدين إلى أجل مسمى لا يعدو أن يكون بيعا، أو سلما، أو قرضا.
فهذه الوجوه يجوز فيها اشتراط التأجيل لورود النصوص بوجوبه في السلم وجوازه في القرض، والبيع – ولا يجوز فيما عدا ذلك أصلا، لأنه لم يأت في شيء من المعاملات سوى ما ذكرنا نص بجواز اشتراط التأجيل، فهو شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل.
وصح عن مجاهد أنه لا يجوز الرهن إلا في السفر. ٥
وأما الحضر : فلما روينا من طريق البخاري نا مسدد نا عبد الواحد حدثه الأعمش عن إبراهيم نا الأسود عن عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – أن النبي صلى الله عليه وسلم " اشترى من يهودي طعاما إلى أجل ورهنه درعه " ٦.
ومن طريق محمد بن المثنى حدثني عثمان بن عمر نا هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس قال : والله لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن درعه لمرهونة عند رجل من اليهود بعشرين صاعا من شعير أخذها طعاما لأهله٧.
فإن قيل : قد روي أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ شعيرا من يهودي بالمدينة ورهنه درعه ؟ ٨ وليس فيه ذكر أجل ؟
قلنا : ولا اشتراط الرهن، ونحن لا نمنع من الرهن بغير أن يشترط في العقد لأنه تطوع من الراهن حينئذ والتطوع بمالم ينه عنه حسن. ٩
[ ١٠٧ ] : المسألة الثانية : ولاية العدل في قبض المرهون.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
ولا يجوز الرهن إلا مقبوضا في نفس العقد لقول الله تعالى ﴿ فرهان مقبوضة ﴾١٠
وقال قوم : إن شرطه أن يجعل الرهن عند ثقة فهو جائز وهو قول إبراهيم النخعي١١، والشعبي١٢ وعطاء١٣.
وبه يقول أبو حنيفة١٤، ومالك١٥، والشافعي١٦، وقال آخرون : لا يجوز هذا وليس هو قبضا كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر وسفيان الثوري، قال معمر : عن قتادة.
وقال سفيان عن أشعث عن الحكم، ثم اتفق قتادة والحكم على : أن الرهن إذا كان على يدي عدل فليس مقبوضا١٧، قال سفيان : هو قول ابن أبي ليلى١٨.
وبه قال أبو سليمان١٩ وأصحابنا.
وصح أيضا عن الحارث العُكلي٢٠ من طريق هشيم عن المغيرة عنه٢١.
قال أبو محمد : إنما ذكر الله تعالى القبض في الرهن مع ذكره المتداينين في السفر إلى أجل عند عدم، وإنما أقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم الدرع الذي له الدين٢٢ فهو القبض الصحيح وأما قبض غير صاحب الدين فلم يأت به نص ولا إجماع، واشتراط أن يقبضه فلان لا صاحب الدين شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل٢٣.
[ ١٠٨ ] : المسألة الثالثة : رهن المشاع.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
ورهن المرء حصته من الشيء مشاع٢٤ مما ينقسم أو لا ينقسم عند الشريك فيه وعند غيره جائز.
لأن الله تعالى قال :﴿ فرهان مقبوضة ﴾٢٥ ولم يخص تعالى من مقسوم ﴿ وما كان ربك نسيا ﴾٢٦.
وهو قول عثمان البتي٢٧، وابن أبي ليلي٢٨، ومالك٢٩، وعبيد الله بن الحسن٣٠، وسوار بن عبد الله٣١، والشافعي٣٢، وأبي ثور٣٣، وأبي سليمان، وغيرهم٣٤.
١ سورة البقرة: آية ٢٨٣..
٢ سبق تخريجه انظر ص (٣٣٦)..
٣ سورة البقرة: من آية ٢٨٢..
٤ سورة البقرة: آية ٢٨٣..
٥ أحكام القرآن للجصاص (١/٧١٤)، أحكام القرآن لابن العربي (١/٣٤٤)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/٢٦٣) المغني لابن قدامة (٤/٢١٦)، المنتقى شرح الموطأ للباجي (٥/٢٤٨)..
٦ صحيح البخاري كتاب الرهن / باب من رهن درعه (٢/٨٨٧) حديث رقم (٢٣٧٤)، كتاب الرهن / باب الرهن عند اليهود وغيرهم (٢/٨٨٨) رقم (٢٣٧٨)..
٧ تخريج الأثر: سنن الدارمي من كتاب البيوع / باب في الرهن (٢/٧١١) حديث رقم (٢٤٨٤)، سنن ابن ماجة كتاب الرهن (٢/٣٦٨) رقم (٢٤٣٩)، نيل الأوطار للشوكاني وقال هو على شرط البخاري (٥/٢٧٨).
ترجمة رجال الإسناد:
محمد بن المثنى: تقدم، انظر ص (١٣٣).
عثمان بن عمر بن فارس العبدي، بصري أصله من بخاري، ثقة، قيل كان يحي بن سعيد لا يرضاه، من التاسعة مات سنة تسع ومائتين. التقريب (٤٦٤٠).
هشام بن حسان القردوسي: ثقة، تقدم، انظر ص (٣٣٤).
عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنه: ثقة، تقدم، انظر ص (١٥٩).
الحكم: إسناده صحيح..

٨ سنن النسائي كتاب البيوع / باب الرهن في الحضر (٧/٣٣٢) رقم (٦٢٤)، سنن ابن ماجه كتاب الرهون (٢/٣٦٨) حديث رقم (٢٤٣٧)، مسند الإمام أحمد مسند أنس بن مالك (٣/٥٩١) رقم (١١٩٥٢)، مسند أبي يعلي (٥/٣٩٤) حديث رقم (٣٠٦١)..
٩ المحلى لابن حزم (٦/٣٦٢-٣٦٣)..
١٠ سورة البقرة: من آية ٢٨٣..
١١ مصنف عبد الرزاق (٨/٢٤١)، أحكام القرآن للجصاص (١/٦٣٧)، البحر المحيط لأبي حيان (٢/٣٣١)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/٢٦٥)، المغني لابن قدامة (٤/٢٣٠)، الموسوعة الفقهية (٣٢/٢٦٩)..
١٢ مصنف عبد الرزاق (٨/٢٤١)، أحكام القرآن للجصاص (١/٦٣٧)، البحر المحيط لأبي حيان (٢/٣٣١)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/٢٦٥)، المغني لابن قدامة (٤/٢٣٠)، الموسوعة الفقهية (٣٢/٢٦٩)..
١٣ مصنف عبد الرزاق (٨/٢٤١)، أحكام القرآن للجصاص (١/٦٣٧)، البحر المحيط لأبي حيان (٢/٣٣١)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/٢٦٥)، المغني لابن قدامة (٤/٢٣٠)، الموسوعة الفقهية (٣٢/٢٦٩)..
١٤ المبسوط للسرخسي (٢١/٧٩)، بدائع الصنائع للكاساني (٦/١٣٨)..
١٥ المدونة للإمام مالك (٤/١٣٩)، المنتقى شرح الموطأ للباجي (٥/٢٦١)..
١٦ الأم للشافعي (٣/١٤٥)، أسنى المطالب شرح روض الطالب للأنصاريي (٢/١٦٦)..
١٧ مصنف عبد الرزاق (٨/٢٤١)، مصنف ابن أبي شيبة (٥/١٧٢)..
١٨ أحكام القرآن للجصاص (١/٦٣٧)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٢/٢٦٥)، المبسوط للسرخسي (٢١/٧٨)..
١٩ المحلى لابن حزم (٦/٣٦٣)..
٢٠ الحارث بن يزيد العُكلي الكوفي، ثقة، فقيه، من السادسة، إلا أنه قديم الموت. التقريب (١١٠٤)، ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم للدارقطني (١/١١٢)..
٢١ المغني لابن قدامة (٤/٢٣٠)، الموسوعة الفقهية (٣٢/٢٧٠)..
٢٢ سبق تخريجه، انظر ص (٦٦٩)..
٢٣ المحلى لابن حزم (٦/٣٦٣)..
٢٤ المشاع: ما يحتوي على حصص شائعة كالنصف والربع والسدس والعشر وغير ذلك من الحصص السارية إلى كل جزء من أجزاء المال منقولا كان أو غير منقول، والمشاع والشائع بمعنى واحد ويطلقان على الحصة المشتركة غير المقسمة.
درر الحكام في شرح جملة الأحكم لعلي حيدر (١٠/١٢٠) (مادة: ١٣٨)..

٢٥ سورة البقرة: من آية ٢٨٣..
٢٦ سورة مريم: من آية ٦٤..
٢٧ المغني لابن قدامة (٤/٢٢٢)..
٢٨ المغني لابن قدامة (٤/٢٢٢)..
٢٩ المدونة للإمام مالك (٤/١٣٣)، المنتقى شرح الموطأ للباجي (٥/٢٤٤)، أحكام القرآن لابن العربي (١/٣٤٥)..
٣٠ عبيد الله بن الحسن بن الحصين بن أبي الحر العنبري، التميمي، البصري، قاضي، ثقة، فقيه، من السابعة، مات سنة ثمان وستين، وليس له في مسلم سوى موضع واحد في الجنائز. التقريب (٤٤٠٨)، رجال مسلم (٢/٣)..
٣١ سوار بن عبد الله بن قدامة الإمام العلامة القاضي، أبو عبد الله التميمي العنبري قاضي الرصافة من بغداد، مات سنة ٢٤٥ هـ سير أعلام النبلاء للذهبي (١١/٥٤٣) قال الحافظ بن حجر: صدوق محمود السيرة تكلم فيه الثوري لدخوله في القضاء من السابعة. التقريب (٢٧٦١)..
٣٢ الأم للشافعي (٣/١٩٥)، أسنى المطالب للأنصاري (٢/١٤٥)..
٣٣ المغني لابن قدامة (٤/٢٢٢)..
٣٤ المحلى لابن حزم (٢٦٤١٦)..
قال تعالى :﴿ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتبست ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ﴾١ وفيها مسألتان.
[ ١٠٩ ] : المسألة الأولى : القدرة شرط التكليف.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
وكل فرض كلفه الله تعالى الإنسان فإن قدر عليه لزمه، وإن عجز عن جميعه سقط عنه، وإن قوي على بعضه وعجز عن بعضه سقط عنه ما عجز عنه ولزمه ما قدر عليه منه سواء أقله أو أكثره.
برهان ذلك : قول الله عز وجل ﴿ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ﴾٢ وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " ٣.
وبالله تعالى التوفيق٤.
[ ١١٠ ] : المسألة الثانية : المراد بالإصر.
قال ابن حزم – رحمه الله تعالى - :
كل ما كلفنا الله تعالى فهو يسر وتخفيف بالإضافة إلى ما هو أشد مما حمله من كان قبلنا كما قال تعالى أمرا لنا أن ندعوه فنقول ﴿ ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ﴾٥.
ونص تعالى أنه قد حمل من كان قبلنا الإصر٦ وهو الثقل لا يطاق، وأمرنا أن ندعوه بألا يحمل ذلك علينا٧.
وكما نص تعالى أنه وضع بنبيه صلى الله علينا وسلم الإصر الذي كان عليهم، والأغلال التي كانوا يطوقونها، إذ يقول تعالى ﴿ الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ﴾٨.
فهذا هو عين اليسر وعين التخفيف وإسقاط الحرج، وأن يقع ما كلفناه نحن مما كلفه بعض قوم موسى، من قتل أنفسهم بأيديهم، فكل شيء كلفناه يهون عند هذا وكذلك ما في شرائع اليهود من أنه خطر على ميت تنجس يوما إلى الليل، وسائر الثقائل التي كلفوا وحرم عليهم، وخفف عنا ذلك كله. ولله الحمد والمنة٩.
١ سورة البقرة: آية ٢٨٦..
٢ سورة البقرة: آية ٢٨٣..
٣ سبق تخريجه انظر ص (٥٠١)..
٤ المحلى لابن حزم (١/١٠٧)..
٥ سورة البقرة: آية ٢٨٦..
٦ الإصر: بالكسر: العهد، والذنب، والثقل – ويضم ويفتح في الكل – والكسر، والعطف، والحبس، وأن تجعل البيت إصارا، وما عطفك على الشيء وأن تحلف بطلاق أو عتق أو نذر وثقب الأذن، والجمع: آصار، وإصران، والآصرة: الرحم، والقرابة، والمنة، والجمع: أواصر. القاموس المحيط للفيروز آبادي ص (٣١٠)، انظر لسان العرب (٤/٢٣)، الصحاح للجوهري (١/٤٨٣)..
٧ الفصل لابن حزم (٣/١٧٤)..
٨ سورة الأعراف: آية ١٥٧..
٩ الإحكام لابن حزم (٢/٥٠٧)، انظر المحلى (١١/٢١٩)..
Icon