تفسير سورة آل عمران

تفسير ابن المنذر
تفسير سورة سورة آل عمران من كتاب تفسير ابن المنذر .
لمؤلفه ابن المنذر . المتوفي سنة 318 هـ

قوله جل وعز :﴿ ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾
[ آل عمران : ١-٢ ]
١٩٧- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثني مجاهد بن موسى، قال : حدثنا عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي، قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة : " أن الذي نزل بالمدينة من القرآن : البقرة، وآل عمران "، وذكر بقية الحديث١.
١٩٨- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد، عن ابن عباس قال : كان عبد الله بن عمرو وزيد بن الحارث يوادان رجالا من اليهود ؛ فأنزل الله :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم ﴾ الآية٢.
وقدم على رسول الله وفد نصارى نجران ستون راكبا/ فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم، في الأربعة عشر منهم ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم، العاقب أمير القوم وذو رأيهم وصاحب مشورتهم والذي لا يصدرون إلا عن رأيه، واسمه : عبد المسيح، والسيد ثمالهم٣ وصاحب رحلهم ومجتمعهم واسمه : الأيهم، وأبو حارثة بن علقمة أحد بكر بن وائل أشفعهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدراسهم٤، كان أبو حارثة قد شرف منهم، ودرس كتبهم، حتى حسن علمه في دينهم، فكانت ملوك الروم من أهل النصرانية قد شرفوه ومولوه وأخدموه وبنوا له الكنائس، وبسطوا عليه الكرامات، لما يبلغوا عنه من علمه واجتهاده في دينه. فلما وجهوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم من نجران جلس أبو حارثة على بغلته موجها، وإلى جنبه أخ له يقال له كوز بن علقمة يسايره إذ عثرت بغلة أبي حارثة، فقال كوز : تعس الأبعد ! – يريد رسول الله صلى الله عليه و سلم – فقال له أبو حارثة : بل تعست أنت ! قال : ولم يا أخي ؟ ! قال : والله إنه للنبي الذي كنا ننتظر. قال له كوز : فما يمنعك منه وأنت تعلم هذا ؟ قال : ما صنع بنا هؤلاء القوم، شرفونا ومولونا وأكرمونا، وقد أبوا إلا خلافه، فلو فعلت نزعوا منا كل ما ترى، فأضمر عليها منه أخوه كوز بن علقمة حتى أسلم بعد ذلك، فهو كان يحدث هذا الحديث عنه، فيما بلغني.
قال أحمد : وحدثنا إبراهيم بن سعد هذا الحديث، عن محمد بن إسحاق، عن ابن سفيان الأسلمي، عن عبد الرحمن بن البيلماني٥.
١٩٩- وحدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير قال : قدموا على رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة، فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر عليهم ثياب الحبرات ؛ جبب وأردية في جمال رجال للحارث بن كعب، قال : يقول بعض من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ : ما رأينا بعدهم وفدا مثلهم، وقد حانت صلاتهم، فقاموا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم/ يصلون، فمنعوهم ؛ فقال رسول الله : دعوهم ! فصلوا إلى المشرق. وكانت تسمية الأربعة عشر منهم الذين إليهم يؤول أمرهم : العاقب، و[ هو ]٦ عبد المسيح، والسيد - وهو الأيهم-، وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل، وأوس[ و ]٧ الحارث، وزيد، وقيس، ويزيد، ونبيه، وخويلد، وعمرو، وخالد، وعبد الله، ويحنس في ستين راكبا. فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو حارثة بن علقمة، والعاقب، وعبد المسيح، والأيهم السيد، وهو٨ من النصرانية على دين الملك، مع اختلاف من أمرهم يقولون : هو الله، ويقولون : هو ولد الله، ويقولون : هو ثالث ثلاثة. وكذلك قول النصرانية، فهم يحتجون في قولهم يقولون : هو الله بأنه كان يحيي الموتى، ويبرئ الأسقام، ويخبر بالغيوب، ويخلق من الطين كهيئة الطير ثم ينفخ فيه فيكون طائرا، وذلك كله بإذن الله ليجعله آية للناس !.
ويحتجون في قولهم بأنه ولد أنهم يقولون : لم يكن له أب يعلم، وقد تكلم في المهد شيئا لم يصنعه أحد من ولد آدم قبله ! ويحتجون في قولهم : إنه ثالث ثلاثة بقول الله عز وجل : فعلنا وأمرنا وخلقنا وقضينا، فيقولون : لو كان واحدا ما قال : إلا فعلت وأمرت وقضيت وخلقت، ولكنه هو وعيسى بن مريم، ففي كل ذلك من قولهم قد نزل القرآن، وذكر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم فيه قولهم، فلما كلمه الحبران قال لهما رسول الله : أسلما. قالا : قد أسلمنا قبلك. قال : كذبتما، يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولدا، وعباتكما الصليب، وأكلكما الخنزير، قالا : فمن أبوه يا محمد ؟ قال : فصمت رسول الله فلم يجبهما ؛ فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك من قولهم واختلاف أمرهم كله صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها فقال :﴿ ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾، فافتتح السورة بتنزيه نفسه مما قالوه، وتوحيده إياها بالخلق والأمر لا شريك له فيه، وردا عليهم ما ابتدعوا من الكفر/ وجعلوا معه من الأنداد، واحتجاجا عليهم بقولهم في صاحبهم لتعرفهم بذلك ضلالتهم فقال :﴿ ألم الله لا إله إلا هو ﴾ أي : ليس معه غيره شريك في أمره، ﴿ الحي ﴾ الذي لا يموت وقد مات عيسى، وصلب في قولهم٩، ﴿ القيوم ﴾ القائم على مكانه من سلطانه في خلقه لا يزول وقد زال عيسى في قولهم١٠ عن مكانه الذي كان به، وذهب عنه إلى غيره١١.
٢٠٠- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد بن المبارك، قال : حدثنا محمد بن ثور، عن ابن جريج في قوله :﴿ ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾ قال : إن اليهود كانوا يجدون محمدا وأمته أن محمدا مبعوث، ولا يدرون ما هذه أمة محمد، فلما بعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل :﴿ ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾، قالوا : قد كنا نعلم أن هذه الأمة مبعوثة، وكنا لا ندري كم مدتها ؟ فإن كان محمد صادقا فهو نبي هذه الأمة، قد بين لنا كم مدة محمد ؛ لأن ﴿ ألم ﴾ في حساب جملنا١٢ إحدى وسبعون١٣ سنة، فما نصنع بدين إنما هو واحد وسبعون سنة ؟ ! فلما نزلت ﴿ ألر ﴾ وكانت في حساب جملهم مائتي سنة وواحدة وثلاثين سنة، فقالوا : هذا الآن مائتان وواحد وثلاثون سنة، مع واحد وسبعين قبل، ثم أنزل ﴿ ألمر ﴾ فكان في حساب جملهم مائتي سنة وواحدة وسبعين سنة في نحو هذا من صدور السور، فقالوا : قد التبس علينا أمره١٤.
١ - ذكره السيوطي في الإتقان ١/ ٢٨ من طريق ابن الأنباري بسنده عن قتادة..
٢ - الآية ١٣ من سورة الممتحنة..
٣ - ثمال ككتاب: الغياث الذي يقوم بأمر قومه. القاموس مادة: ثمل ص ١٢٥٧..
٤ - مدراس: بكسر الميم وسكون الدال هو البيت الذي يدرسون فيه كتبهم. ويعني بقوله: "صاحب مدراسهم" عالمهم الذي درس الكتب، يفتيهم ويتكلم بالحجة في دينهم..
٥ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٣-٥٧٣، وابن جرير ٦/١٥١، رقم: ٦٥٤٣، والبيهقي في الدلائل ٥/٣٨٢-٣٨٣..
٦ زيادة من سيرة ابن هشام وتفسير ابن جرير..
٧ - في الأصل: بن، والمثبت كما في المصدرين السابقين، وبذلك يتم عددهم أربعة عشر..
٨ - هكذا في الأصل، وعند ابن هشام : وهم..
٩ - يعني: في قول الأحبار الذين حاجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجران..
١٠ - أي: في قول الأحبار الذين حاجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجران في عيسى..
١١ - أخرجه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام ٢/٢٢٢-٢٢٥، وابن جرير ٦/١٥٣، رقم : ٦٥٤٣..
١٢ - حساب الجمل: حساب مبناه على حروف أبجد، كل حرف يدل على رقم من الأعداد، آحآدها وعشراتها ومئاتها. متن اللغة للشيخ أحمد رضا١/٥٧١..
١٣ - في الأصل: سبعين، والمثبت هو الصحيح وكذا ما بعده..
١٤ - لم أقف عليه من رواية ابن جريج عند غير ابن المنذر، ينظر الدر المنثور ٢/١٤٧، ورواه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام ١/٥٤٥-٥٤٧، والبخاري في التاريخ الكبير ٢/٢٠٨، من حديث جابر بن عبد الله بن رئاب..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١:قوله جل وعز :﴿ ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾
[ آل عمران : ١-٢ ]

١٩٧-
حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثني مجاهد بن موسى، قال : حدثنا عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي، قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة :" أن الذي نزل بالمدينة من القرآن : البقرة، وآل عمران "، وذكر بقية الحديث١.

١٩٨-
حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد، عن ابن عباس قال : كان عبد الله بن عمرو وزيد بن الحارث يوادان رجالا من اليهود ؛ فأنزل الله :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم ﴾ الآية٢.
وقدم على رسول الله وفد نصارى نجران ستون راكبا/ فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم، في الأربعة عشر منهم ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم، العاقب أمير القوم وذو رأيهم وصاحب مشورتهم والذي لا يصدرون إلا عن رأيه، واسمه : عبد المسيح، والسيد ثمالهم٣ وصاحب رحلهم ومجتمعهم واسمه : الأيهم، وأبو حارثة بن علقمة أحد بكر بن وائل أشفعهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدراسهم٤، كان أبو حارثة قد شرف منهم، ودرس كتبهم، حتى حسن علمه في دينهم، فكانت ملوك الروم من أهل النصرانية قد شرفوه ومولوه وأخدموه وبنوا له الكنائس، وبسطوا عليه الكرامات، لما يبلغوا عنه من علمه واجتهاده في دينه. فلما وجهوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم من نجران جلس أبو حارثة على بغلته موجها، وإلى جنبه أخ له يقال له كوز بن علقمة يسايره إذ عثرت بغلة أبي حارثة، فقال كوز : تعس الأبعد ! – يريد رسول الله صلى الله عليه و سلم – فقال له أبو حارثة : بل تعست أنت ! قال : ولم يا أخي ؟ ! قال : والله إنه للنبي الذي كنا ننتظر. قال له كوز : فما يمنعك منه وأنت تعلم هذا ؟ قال : ما صنع بنا هؤلاء القوم، شرفونا ومولونا وأكرمونا، وقد أبوا إلا خلافه، فلو فعلت نزعوا منا كل ما ترى، فأضمر عليها منه أخوه كوز بن علقمة حتى أسلم بعد ذلك، فهو كان يحدث هذا الحديث عنه، فيما بلغني.
قال أحمد : وحدثنا إبراهيم بن سعد هذا الحديث، عن محمد بن إسحاق، عن ابن سفيان الأسلمي، عن عبد الرحمن بن البيلماني٥.

١٩٩-
وحدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير قال : قدموا على رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة، فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر عليهم ثياب الحبرات ؛ جبب وأردية في جمال رجال للحارث بن كعب، قال : يقول بعض من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ : ما رأينا بعدهم وفدا مثلهم، وقد حانت صلاتهم، فقاموا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم/ يصلون، فمنعوهم ؛ فقال رسول الله : دعوهم ! فصلوا إلى المشرق. وكانت تسمية الأربعة عشر منهم الذين إليهم يؤول أمرهم : العاقب، و[ هو ]٦ عبد المسيح، والسيد - وهو الأيهم-، وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل، وأوس[ و ]٧ الحارث، وزيد، وقيس، ويزيد، ونبيه، وخويلد، وعمرو، وخالد، وعبد الله، ويحنس في ستين راكبا. فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو حارثة بن علقمة، والعاقب، وعبد المسيح، والأيهم السيد، وهو٨ من النصرانية على دين الملك، مع اختلاف من أمرهم يقولون : هو الله، ويقولون : هو ولد الله، ويقولون : هو ثالث ثلاثة. وكذلك قول النصرانية، فهم يحتجون في قولهم يقولون : هو الله بأنه كان يحيي الموتى، ويبرئ الأسقام، ويخبر بالغيوب، ويخلق من الطين كهيئة الطير ثم ينفخ فيه فيكون طائرا، وذلك كله بإذن الله ليجعله آية للناس !.
ويحتجون في قولهم بأنه ولد أنهم يقولون : لم يكن له أب يعلم، وقد تكلم في المهد شيئا لم يصنعه أحد من ولد آدم قبله ! ويحتجون في قولهم : إنه ثالث ثلاثة بقول الله عز وجل : فعلنا وأمرنا وخلقنا وقضينا، فيقولون : لو كان واحدا ما قال : إلا فعلت وأمرت وقضيت وخلقت، ولكنه هو وعيسى بن مريم، ففي كل ذلك من قولهم قد نزل القرآن، وذكر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم فيه قولهم، فلما كلمه الحبران قال لهما رسول الله : أسلما. قالا : قد أسلمنا قبلك. قال : كذبتما، يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولدا، وعباتكما الصليب، وأكلكما الخنزير، قالا : فمن أبوه يا محمد ؟ قال : فصمت رسول الله فلم يجبهما ؛ فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك من قولهم واختلاف أمرهم كله صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها فقال :﴿ ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾، فافتتح السورة بتنزيه نفسه مما قالوه، وتوحيده إياها بالخلق والأمر لا شريك له فيه، وردا عليهم ما ابتدعوا من الكفر/ وجعلوا معه من الأنداد، واحتجاجا عليهم بقولهم في صاحبهم لتعرفهم بذلك ضلالتهم فقال :﴿ ألم الله لا إله إلا هو ﴾ أي : ليس معه غيره شريك في أمره، ﴿ الحي ﴾ الذي لا يموت وقد مات عيسى، وصلب في قولهم٩، ﴿ القيوم ﴾ القائم على مكانه من سلطانه في خلقه لا يزول وقد زال عيسى في قولهم١٠ عن مكانه الذي كان به، وذهب عنه إلى غيره١١.

٢٠٠-
حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد بن المبارك، قال : حدثنا محمد بن ثور، عن ابن جريج في قوله :﴿ ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾ قال : إن اليهود كانوا يجدون محمدا وأمته أن محمدا مبعوث، ولا يدرون ما هذه أمة محمد، فلما بعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل :﴿ ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ﴾، قالوا : قد كنا نعلم أن هذه الأمة مبعوثة، وكنا لا ندري كم مدتها ؟ فإن كان محمد صادقا فهو نبي هذه الأمة، قد بين لنا كم مدة محمد ؛ لأن ﴿ ألم ﴾ في حساب جملنا١٢ إحدى وسبعون١٣ سنة، فما نصنع بدين إنما هو واحد وسبعون سنة ؟ ! فلما نزلت ﴿ ألر ﴾ وكانت في حساب جملهم مائتي سنة وواحدة وثلاثين سنة، فقالوا : هذا الآن مائتان وواحد وثلاثون سنة، مع واحد وسبعين قبل، ثم أنزل ﴿ ألمر ﴾ فكان في حساب جملهم مائتي سنة وواحدة وسبعين سنة في نحو هذا من صدور السور، فقالوا : قد التبس علينا أمره١٤.
١ - ذكره السيوطي في الإتقان ١/ ٢٨ من طريق ابن الأنباري بسنده عن قتادة..
٢ - الآية ١٣ من سورة الممتحنة..
٣ - ثمال ككتاب: الغياث الذي يقوم بأمر قومه. القاموس مادة: ثمل ص ١٢٥٧..
٤ - مدراس: بكسر الميم وسكون الدال هو البيت الذي يدرسون فيه كتبهم. ويعني بقوله: "صاحب مدراسهم" عالمهم الذي درس الكتب، يفتيهم ويتكلم بالحجة في دينهم..
٥ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٣-٥٧٣، وابن جرير ٦/١٥١، رقم: ٦٥٤٣، والبيهقي في الدلائل ٥/٣٨٢-٣٨٣..
٦ زيادة من سيرة ابن هشام وتفسير ابن جرير..
٧ - في الأصل: بن، والمثبت كما في المصدرين السابقين، وبذلك يتم عددهم أربعة عشر..
٨ - هكذا في الأصل، وعند ابن هشام : وهم..
٩ - يعني: في قول الأحبار الذين حاجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجران..
١٠ - أي: في قول الأحبار الذين حاجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجران في عيسى..
١١ - أخرجه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام ٢/٢٢٢-٢٢٥، وابن جرير ٦/١٥٣، رقم : ٦٥٤٣..
١٢ - حساب الجمل: حساب مبناه على حروف أبجد، كل حرف يدل على رقم من الأعداد، آحآدها وعشراتها ومئاتها. متن اللغة للشيخ أحمد رضا١/٥٧١..
١٣ - في الأصل: سبعين، والمثبت هو الصحيح وكذا ما بعده..
١٤ - لم أقف عليه من رواية ابن جريج عند غير ابن المنذر، ينظر الدر المنثور ٢/١٤٧، ورواه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام ١/٥٤٥-٥٤٧، والبخاري في التاريخ الكبير ٢/٢٠٨، من حديث جابر بن عبد الله بن رئاب..


قوله جل وعز :﴿ الله لا إله إلا هو ﴾ [ آل عمران : ٢ ]
٢٠١- حدثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، عن الكسائي في قوله :﴿ ألم الله لا إله إلا هو ﴾ قال : إنما انفتحت الميم، ولم تنخفض لفتحة الألف واللام التي استقبلتها١. وقد فسرناه في البقرة.
٢٠٢- أخبرنا علي، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ ألم ﴾ افتتاح كلام شعار للسورة، وقد مضى تفسيرها في البقرة٢، ثم انقطع، فقلت :﴿ الله لا إله إلا هو ﴾ استئناف٣.
قوله جل وعز :﴿ الحي القيوم ﴾
٢٠٣- حدثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، قال : حدثنا حجاج، عن هارون بن /موسى، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه، عن عمر٤ أنه صلى العشاء الآخرة، فاستفتح آل عمران، فقرأ :﴿ ألم الله لا إله إلا هو الحي القيام ﴾٥، قال :
قال هارون : وهي في مصحف عبد الله٦ مكتوبة :﴿ الحي القيوم ﴾٧. ٨
٢٠٤-حدثنا علي، عن أبي عبيد، قال : حدثنا شعبة، عن سفيان، عن الأعمش، عن ابراهيم، عن علقمة أنه قرأها :﴿ الحي القيام ﴾٩ قال : قلت : أأنت سمعتها منه ؟ قال : لا أدري١٠.
٢٠٥- حدثنا علي، عن أبي عبيد قال : فهذا من الفعل فيعال من قمت، أصلها : قيوام، فانقلبت الواو ياء، ولو أنه فعال لكان : قوام، كقول الله تبارك وتعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط ﴾١١. وقال أبو عبيد في قوله عز وجل :﴿ القيوم ﴾ : هي من الفعل : فيعول. وكان في الأصل أن يكون : قيوم، فانقلبت الواو لسكون الياء التي قبلها، وكذلك القيام.
٢٠٦- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد بن المبارك، قال : حدثنا محمد بن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله عز وجل :﴿ الحي القيوم ﴾، قال : القائم على كل شيء١٢.
١ - ينظر إعراب القرآن للنحاس ١/٣٠٣، ٣٥٤..
٢ - مجاز القرآن ١/٨٦..
٣ - مجاز القرآن ١/٨٦..
٤ - المراد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه..
٥ - وهي قراءة ابن مسعود أيضا. معاني القرآن للفراء ١/١٩٠ وهي أيضا قراءة إبراهيم النخعي والأعمش، وأصحاب عبد الله وزيد بن علي وجعفر بن محمد وأبي رجاء بخلاف، ورويت عن النبي صلى الله عليه و سلم المحتسب ١/١٥١. وينظر إعراب القرآن للنحاس ١/٣٥٤..
٦ - المراد عبد الله بن مسعود رضي الله عنه..
٧ - وهي قراءة علقمة بن قيس كما في مختصر ابن خالويه. المحتسب ١/١٥١..
٨ - أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن ص ١٦٨، وسعيد ابن منصور ٣/١٠٢٩، رقم: ٤٨٦، وعبد بن حميد المنتخب ق ٣، وابن أبي داود في المصاحف ص ٦١-٦٢، والحاكم وصححه ٢/٢٨٧ مختصرا..
٩ - ينظر الهامش رقم (٤)..
١٠ - أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن ص ١٦٨-١٦٩، وابن جرير ٦/١٥٥، رقم : ٦٥٤٧..
١١ - سورة النساء، الآية ١٣٥..
١٢ - تفسير مجاهد ١/١٢١، وأخرجه ابن جرير ٦/١٥٧، رقم: ٦٥٥٠، وابن أبي حاتم ٢/٥٨٦، رقم: ٣١٢٧، والبيهقي في الأسماء والصفات ١/١٣١، رقم: ٧٦..
قوله جل وعز :﴿ نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه ﴾
[ آل عمران : ٣ ]
٢٠٧- حدثنا علي بن المبارك : قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج قال : قال مجاهد :﴿ مصدقا لما بين يديه ﴾ من كتاب أو رسول١.
٢٠٨- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : أخبرنا يزيد بن زريع العبسي، قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة ابن دعامة : قوله عز وجل :﴿ نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه ﴾ يقول : القرآن مصدق لما بين يديه من الكتب التي قد خلت قبله٢.
٢٠٩- أخبرنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ نزل عليك الكتاب بالحق ﴾ : أي بالصدق فيما اختلفوا فيه٣.
- وقال ابن جريج في قوله :﴿ مصدقا لما بين يديه ﴾ : التوراة والإنجيل.
قوله جل وعز :﴿ وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس ﴾
[ آل عمران : ٣-٤ ]

٢١٠-
حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد بن المبارك، قال : حدثنا محمد بن ثور، عن ابن جريج :﴿ وأنزل التوراة والإنجيل ﴾ : أنزلت التوراة والإنجيل قبل القرآن.

٢١١-
/حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة :﴿ وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس ﴾ : هما كتابان أنزلهما الله : التوراة والإنجيل فيهما بيان من الله، وعظة لمن أخذ به، وصدق به، وعمل بما فيه٤.
١ - أخرجه عبد بن حميد المنتخب ق ٣، وابن جرير ٦/١٦١، رقم: ٦٥٥٤، ٦٥٥٥، وابن أبي حاتم ٢/٥٨٧، رقم ٣١٣٥..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/١٦١ رقم: ٦٥٥٧. وزاد السيوطي في الدر ٢/١٤٣ نسبته إلى عبد بن حميد..
٣ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٦..
قوله جل وعز :﴿ وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس ﴾
[ آل عمران : ٣-٤ ]

٢١٠-
حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد بن المبارك، قال : حدثنا محمد بن ثور، عن ابن جريج :﴿ وأنزل التوراة والإنجيل ﴾ : أنزلت التوراة والإنجيل قبل القرآن.

٢١١-
/حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة :﴿ وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس ﴾ : هما كتابان أنزلهما الله : التوراة والإنجيل فيهما بيان من الله، وعظة لمن أخذ به، وصدق به، وعمل بما فيه٤.
قوله جل وعز :﴿ وأنزل الفرقان ﴾ [ آل عمران : ٤ ]
٢١٢- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب قال : حدثنا يزيد بن زريع، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة :﴿ وأنزل الفرقان ﴾ هو القرآن الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم، وفرق به بين الحق والباطل، أحل فيه حلاله، وحرم فيه حرامه، وشرع فيه شرائعه، وحد فيه حدوده، وفرض فيه فرائضه، وبين فيه بيانه، وأمر بطاعته، ونهى عن معصيته١.
٢١٣- حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وأنزل الفرقان ﴾ أي : الفصل بين الحق والباطل فيما اختلف فيه الأحزاب من أمر عيسى وغيره٢.
٢١٤- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا يحيى الحماني، قال : حدثنا. . . ٣ عن إسماعيل، عن أبي صالح قال :﴿ الفرقان ﴾ : التوراة٤.
قوله عز وجل :﴿ إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد ﴾
[ آل عمران : ٤ ]
٢٣٨-حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا أحمد بن محمد قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام ﴾ إن الله منتقم ممن كفر بآياته بعد علمه بها ومعرفته بما جاء منه فيها٥.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/١٦٣، رقم: ٦٥٦٢، وابن أبي حاتم ٢/٥٨٨-٥٨٩، رقم: ٣١٤٦..
٢ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٦، ورواه ابن جرير عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير ٦/١٦٣، رقم: ٦٥٦١..
٣ وقع هنا في الأصل طمس بمقدار كلمة أو كلمتين، ولعله: حدثنا شريك، أو ابن المبارك، وذلك لظهور حرف الكاف في نهاية الطمس، وشريك بن عبد الله وعبد الله بن المبارك تلميذان لإسماعيل بن أبي خالد وشيخان ليحيى الحماني. ينظر: تهذيب الكمال ٣/٧٢، ٣١/٤٢٠..
٤ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٥٨٩، رقم: ٣١٤٨. وضعف ابن كثير هذا القول بقوله: وأما ما رواه ابن أبي حاتم عن أبي صالح أن المراد هاهنا بالفرقان: التوراة فضعيف – أيضا - لتقدم ذكرها. تفسير ابن كثير ٢/٦- تحقيق: سامي السلامة..
٥ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٦، وأخرجه ابن أبي حاتم ٢/٧٨٩، رقم: ٣١٥٣..
قوله جل وعز :﴿ إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ﴾ [ آل عمران : ٥ ]
٢٣٩- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا ابراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ﴾ قد علم ما يريدون وما يكيدون، وما يضاهون بقولهم في عيسى إذ جعلوه ربا و إلها، وعندهم من علمه غير ذلك، غرة بالله وكفرا به١.
١ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٦، وأخرجه ابن أبي حاتم ٢/٥٨٩، رقم: ٣١٥٥..
قوله جل وعز :﴿ هو الذي يصوركم في الأرحام ﴾
[ آل عمران : ٦ ]
٢١٥- حدثنا إبراهيم بن عبد الله السعدي، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا حماد بن سلمة، قال : حدثنا الزبير أبو عبد السلام، عن أيوب بن عبد الله بن مكرز، عن عبد الله بن مسعود :﴿ هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ﴾، ﴿ يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما ﴾١.
٢١٦- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب قال : حدثنا يزيد بن زريع، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة : قوله عز وجل :﴿ إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ﴾ قادر- والله- ربنا على أن يصور عباده في الأرحام كيف يشاء، من ذكر وأنثى، وأسود وأحمر، تام خلقه أو غير تام٢.
قوله عز و جل :﴿ هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ﴾ الآية [ آل عمران : ٦ ]
٢٤٠- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا ابراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ﴾ أي : قد كان عيسى ممن صور في الأرحام، لا يدفعون ذلك ولا ينكرونه، كما صور غيره من بني آدم. فكيف يكون إلها وقد كان بذلك المنزل ؟ !، ثم قال إنزاها٣ وتوحيدا له مما جعلوا معه ﴿ لا إله إلا هو العزيز الحكيم ﴾٤. ٥
قوله عز وجل :﴿ العزيز الحكيم ﴾ [ آل عمران : ٦ ]
٢٤١- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ العزيز الحكيم ﴾ العزيز : في نصرته ممن كفر به إذا شاء، الحكيم : في حجته وعذره إلى عباده٦.
١ - الآيتان في سورة الشورى : ٤٩-٥٠..
٢ - أخرجه عبد بن حميد في المنتخب ق ٤، وابن جرير ٦/١٦٨، رقم: ٦٥٧٠..
٣ - إنزاها : أي تنزيها..
٤ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٦..
٥ - من الآية ٧ من سورة آل عمران..
٦ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٦، وأخرجه ابن جرير ٦/١٦٩، رقم: ٦٥٧١، وابن أبي حاتم ٢/٥٩١، رقم: ٣١٦١..
قوله عز وجل :﴿ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات ﴾
[ آل عمران : ٧ ]
٢١٧- حدثنا علان بن المغيرة، قال : حدثنا أبو صالح /قال : حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله :﴿ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات ﴾ المحكمات : ناسخه، وحلاله، وحرامه، وحدوده، وفرائضه، وما يؤمن به، ويعمل به١.
٢١٨- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد بن المبارك، قال : حدثنا محمد بن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله :﴿ آيات محكمات ﴾ قال : ما فيه من الحلال والحرام٢.
٢١٩- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا وكيع، عن سلمة، عن الضحاك قال : المحكمات : ما لم ينسخ٣.
٢٢٠- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب قال : حدثنا يزيد بن زريع، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة قوله :﴿ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب ﴾ فالمحكمات : الناسخ الذي يعمل به : ما أحل الله فيه حلاله، وحرم فيه حرامه٤.
٢٢١- حدثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، قال، حدثنا هشيم، قال : أخبرنا العوام بن حوشب، عمن حدثه٥، عن ابن عباس، في قوله عز وجل :﴿ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب ﴾، قال : الثلاث آيات في سورة الأنعام :﴿ قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ﴾٦ إلى ثلاث آيات، والتي في بني إسرائيل :﴿ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ﴾٧ إلى آخر الآيات٨.
يتلوه في الذي يليه قوله عز وجل :﴿ وأخر متشابهات ﴾.
قوله جل وعز :﴿ وأخر متشابهات ﴾ [ آل عمران : ٧ ]
٢٢٢- حدثنا علان بن المغيرة، قال : حدثنا أبو صالح، قال : حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله :﴿ وأخر متشابهات ﴾، المتشابهات : منسوخه، ومقدمه، ومؤخره، وأمثاله، وأقسامه، وما يؤمن به ولا يعمل به٩.
٢٢٣-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ محكمات ﴾ ما فيه من الحلال والحرام وما سوى ذلك فهو [ متشابه ]١٠ يصدق بعضه بعضا، وهو مثل قوله :﴿ وما يضل به إلا الفاسقين ﴾، ومثل قوله :﴿ والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ﴾١١ ومثل قوله :﴿ كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ﴾١٢. ١٣
٢٢٤- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سلمة بن نبيط، عن الضحاك :﴿ وأخر متشابهات ﴾ المتشابهات : ما قد نسخ١٤.
٢٢٥- حدثنا محمد بن علي الصائغ قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة ﴿ وأخر متشابهات ﴾، أما المتشابهات فالمنسوخ الذي لا يعمل به ويؤمن به١٥.
٢٢٦- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ وأخر متشابهات ﴾ تشبه بعضها بعضا١٦.
٢٢٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وأخر متشابهات ﴾ في الصدق، لهن تحريف، وتصريف، وتأويل، ابتلى الله فيهن العباد كما ابتلاهم في الحلال والحرام، أن يصرفن إلى الباطل، ولا يحرفن عن الحق١٧.
٢٢٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الحسين بن عيسى البسطامي، قال : حدثنا محمد بن حرب، قال : حدثنا ابن لهيعة، قال : حدثني عطاء بن دينار الهذلي، عن سعيد بن جبير :﴿ وأخر متشابهات ﴾ أما المتشابهات فهي آيات في القرآن يتشابهن على الناس إذا قرؤوهن، ومن أجل ذلك يضل من ضل ممن ادعى بهذه الكلمة، فكل فرقة يقرؤون آية من القرآن يزعمون أنها لهم أصابوا بها الهدى، وما يتبع الحرورية من المتشابه قول الله عز وجل :﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ﴾١٨ / ثم يقرؤون معها ﴿ والذين كفروا بربهم يعدلون ﴾١٩، فإذا رأوا الإمام يحكم بغير الحق قالوا قد كفر، فمن كفر عدل به، ومن عدل بربه فقد أشرك بربه، [ فهؤلاء ]٢٠ الأئمة مشركون٢١ ومن أطاعهم، فيخرجون فيفعلون ما رأيت ؛ لأنهم يتأولون هذه الآية، وفتحت لهم هذه الآية بابا كبيرا، وقولهم فيه لغير الحق.
ومن قولهم أنهم يقرؤون ﴿ وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ﴾٢٢، فيجعلونها في المسلمين واحدة، وإنما أنزلها الله عز وجل في الناس جميعا، المشرك يعلم أن الله حق، وأنه خلق السماوات والأرض، ثم يشرك به، وآي على نحو ذلك، لو شعر كثر فيه القول، وتتأول السبئية إذ يقولون فيه بغير الحق، إنما يقولون قول الله جل وعز :﴿ وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ﴾٢٣ فيجعلونها فيمن يخاصمهم من أمة محمد صلى الله عليه و سلم في بعث الموتى قبل يوم القيامة.
٢٢٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : وحدثت عن ابن حيان في قوله عز وجل :﴿ وأخر متشابهات ﴾ فهو المنسوخ الذي يؤمن به، ولا يعمل به، فبلغنا والله أعلم " ألم، وألمص، وألر، وألمر " أن هؤلاء الآيات الأربع المتشابهات٢٤.
قوله جل وعز :﴿ فأما الذين في قلوبهم زيغ ﴾ [ آل عمران : ٧ ]
٢٣٠- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال : إنما سمي القلب لأنه يتقلب.
٢٣١- حدثنا علان بن المغيرة، قال : حدثنا أبو صالح، قال : حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس :﴿ فأما الذين في قلوبهم زيغ ﴾ من أهل الشك فيحملون المحكم على المتشابه والمتشابه على المحكم، ويلبسون، فلبس الله عليهم٢٥.
٢٣٢- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا عبد الأعلى، قال : حدثنا سلم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل :﴿ في قلوبهم زيغ ﴾ قال : شك٢٦.
٢٣٣- حدثنا علي بن المبارك قال : حدثنا زيد بن المبارك، قال : حدثنا ابن ثور /عن ابن جريج قال : قال آخرون في قوله :﴿ فأما الذين في قلوبهم زيغ ﴾ قال : المنافقون٢٧.
٢٣٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : وحدثت عن ابن حيان في قوله عز وجل :﴿ فأما الذين في قلوبهم زيغ ﴾ يعني به : حيي بن أخطب وأصحابه من اليهود٢٨.
٢٣٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ فأما الذين في قلوبهم زيغ ﴾ أي : ميل عن الهدى٢٩.
٢٣٦- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ في قلوبهم زيغ ﴾ أي : جور٣٠.
٢٣٧- حدثنا علي بن الحسن، وأخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي – ولقبه عارم-، حدثنا حماد ابن زيد، قال : حدثنا أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، وقال ابن عبد العزيز : إن عائشة قالت يا رسول الله : هذه الآية ﴿ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ﴾ إلى آخر الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإذا رأيتم الذين يجادلون به أو فيه، فهم الذين عنى الله فاحذروهم ".
زاد ابن عبد العزيز : قال أيوب : ولا أعلم أحدا من أهل الأهواء يجادل إلا بالمتشابه٣١.
﴿ هو الذي أنزل عليك الكتاب ﴾ [ آل عمران : ٧ ]
٢٤٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق، قال : حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن أبي غالب قال :
كنت في المسجد جالسا فجاء أبو أمامة فدخل المسجد، فصلى ركعتين خفيفتين قال : ثم توجه نحو الرؤوس٣٢ فظننت أنه سيكون له فيها كلام قال : فاتبعته وهو لا يشعر، فلما رآها قال : كلاب النار، كلاب النار، كلاب النار، شر قتلى تحت ظل السماء، شر قتلى تحت ظل السماء، خير قتلى من قتلوه، خير قتلى من قتلوه، خير قتلى من قتلوه، قال وكان يتكلم بهذا الكلام وهو يبكي قال : فدنوت منه، فقال : أبو غالب ؟ قلت : نعم، قال : أما إنهم قبلك كثير، قلت : أجل، قال : عافاك الله منهم، أعاذك الله منهم، أعاذني الله منهم. قال : قلت : يا أبا أمامة ما شأني أراك تبكي ؟ قال : أرحمهم أنهم كانوا مسلمين، قلت : بم ؟ قال : يا أبا غالب أتقرأ سورة آل عمران ؟ قلت : نعم قال : اقرأ ﴿ وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ايتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ﴾، فهم هؤلاء يا أبا غالب. قال : ثم قرأ ﴿ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ﴾٣٣ هم هؤلاء٣٤ يا أبا غالب. فقلت : يا أبا أمامة أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم أو شيء بلغك عنه ؟ قال : بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم /لا مرة ولا اثنتين ولا ثلاثا ولا أربعا ولا خمسا ولا ستا ولا سبعا، إني إذا لجريء، إني إذا لجريء، إني إذا لجريء٣٥. ٣٦
قوله عز وجل :﴿ فيتبعون ما تشابه منه ﴾ [ آل عمران : ٧ ]
٢٤٣- حدثنا علان، قال حدثنا : أبو صالح، قال : حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله عز وجل :﴿ فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ﴾، وقوله :﴿ وتقطعوا أمرهم بينهم ﴾٣٧، وقوله عز وجل :﴿ إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ﴾٣٨، وقوله :﴿ ولا تتبعوا السبل ﴾٣٩، وقوله :﴿ أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ﴾٤٠، ونحو هذا في القرآن، أمر الله المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة في القرآن وأخبرهم إنما هلك من كان قبلكم بالمراء٤١ والخصومات في دين الله.
٢٤٤- حدثنا زكريا، قال حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد ابن إسحاق :﴿ فيتبعون ما تشابه منه ﴾ أي ما تحرف منه وتصرف، ليصدقوا به ما ابتدعوا وأحدثوا، ليكون لهم حجة، ولهم على ما قالوا شبهة٤٢.
٢٤٥- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ فيتبعون ما تشابه منه ﴾ ما يشبه بعضه بعضا فيطعنون فيه٤٣.
قوله عز وجل :﴿ ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ﴾ [ آل عمران : ٧ ]
٢٤٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن رافع، قال : حدثنا شبابة، قال : حدثني ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله :﴿ ابتغاء الفتنة ﴾ الشبهات إنما أهلكوا به٤٤.
٢٤٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد ابن إسحاق :﴿ ابتغاء الفتنة ﴾ أي : اللبس٤٥.
٢٤٨- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ ابتغاء الفتنة ﴾ الكفر٤٦.
قوله عز وجل :﴿ وابتغاء تأويله ﴾ [ آل عمران : ٧ ]
٢٤٩- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وابتغاء تأويله ﴾ ذلك ما ركبوا من الضلال في قولهم : خلقنا وقضينا يقول :﴿ وما يعلم تأويله ﴾ الذي به أراد /وما أرادوا إلا الله٤٧.
قوله عز وجل :﴿ وما يعلم تأويله إلا الله ﴾ [ آل عمران : ٧ ]
٢٥٠- حدثنا علان بن المغيرة، قال : حدثنا أبو صالح، قال : حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله :﴿ وما يعلم تأويله إلا الله ﴾ يعني تأويله يوم القيامة لا يعلمه إلا الله٤٨.
٢٥١- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد بن المبارك، قال : حدثنا محمد بن ثور، عن ابن جريج، عن ابن عباس :﴿ وما يعلم تأويله إلا الله ﴾ قال : جزاءه وثوابه يوم القيامة.
٢٥٢- حدثنا علي
١ - أخرجه ابن جرير ٦/١٧٥، رقم: ٦٥٧٤، وابن أبي حاتم ٢/٥٩٢، رقم: ٣١٦٧، وابن كثير ٢/٧..
٢ - عزاء السيوطي في الدر ٢/١٤٥ إلى عبد بن حميد والفريابي..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/١٧٦، رقم: ٦٥٨١..
٤ - أخرجه ابن جرير ٦/١٧٥، رقم: ٦٥٧٧..
٥ - رجح الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على تفسير ابن جرير الطبري ٦/١٧٤، رقم: ٦٥٧٣ أن الصحيح في الإسناد : أخبرنا العوام بن الحوشب، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الله ابن قيس، عن ابن عباس، فيكون المبهم في قوله: عمن حدثه هو عبد الله بن قيس؛ لأن العوام يروي عن أبي إسحاق السبيعي، وعبد الله بن قيس لم يرو عنه إلا االسبيعي، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢/٢٨٨ عن طريق علي بن صالح بن حي، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن قيس عن ابن عباس، والله أعلم..
٦ - الآية : ١٥١ من سورة الأنعام..
٧ - الآية : ٢٣ من سورة الإسراء "بني إسرائيل"..
٨ - أخرجه سعيد بن منصور في سننه رقم: ٤٩٣، وعبد ابن حميد في المنتخب ق ٥، وابن جرير ٦/١٧٤، رقم: ٦٥٧٣، وابن أبي حاتم ٢/٥٩١، رقم: ٣١٦٩، والحاكم ٢/٢٨٨ وصححه..
٩ - أخرجه ابن جرير ٦/١٧٥، رقم : ٦٥٧٤، وابن أبي حاتم ٢/٥٩٣، رقم: ٣١٧٤..
١٠ - في الأصل: متشابها..
١١ - الآية: ١٧ من سورة محمد..
١٢ - الأنعام الآية : ١٢٥..
١٣ - أخرجه عبد بن حميد المنتخب ق ٥، وابن جرير ٦/١٧٧، رقم: ٦٥٨٥..
١٤ - أخرجه سفيان الثوري ص ١٥، رقم: ١٣٧، وابن جرير ٦/١٧٦، رقم: ٦٥٨١..
١٥ - أخرجه ابن جرير ٦/١٧٥، رقم: ٦٥٧٧..
١٦ - مجاز القرآن ١/٨٦..
١٧ سيرة ابن هشام ١/٥٧٦-٥٧٧، وأخرجه ابن جرير بنحوه من طريق محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد بن جعفر ٦/١٧٧، رقم: ٦٥٨٧، وأورده ابن كثير ٢/٧ وقال: إن هذا القول هو أحسن ما قيل في المتشابهات..
١٨ - المائدة الآية : ٤٤..
١٩ - الأنعام آية: ١..
٢٠ - في الأصل: فهذه..
٢١ - الدر المنثور ٢/١٤٦..
٢٢ - الآية: ١٠٦ من سورة يوسف..
٢٣ - سورة النحل من الآية ٣٨..
٢٤ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٥٩٤، رقم: ٣١٧٦..
٢٥ - أخرجه ابن جرير ٦/١٨٥، رقم: ٦٥٩٨، وابن أبي حاتم ٢/٥٩٥، رقم: ٣١٨٥..
٢٦ - أخرجه ابن جرير ٦/١٨٤، رقم: ٦٥٩٧..
٢٧ - أخرجه ابن جرير ٦/١٨٤، رقم: ٦٥٩٧..
٢٨ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٥٩٥، رقم: ٣١٨٢..
٢٩ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٧، وأخرجه ابن أبي حاتم ٢/٥٩٥، رقم: ٣١٨٣..
٣٠ - مجاز القرآن ١/٨٦..
٣١ - أخرجه عبد الرزاق ١/١٢٣، وسعيد بن منصور ٤٩٢، وأحمد في المسند ٦/٤٨، وإسحاق بن راهويه في مسنده ٣/٦٤٨، ٦٤٩، رقم: ٦٩١، ٦٩٢، وابن ماجة ٤٧، وابن أبي عاصم في السنة ١/٩، رقم: ٦، ومن طريق عبد الرزاق ابن جرير ٦/١٩١، رقم: ٦٦٠٨..
٣٢ - يعني : رؤوس قتلى المعركة..
٣٣ - الآية : ١٠٦ من سورة آل عمران..
٣٤ - أي: الخوارج..
٣٥ - أي إن قلت ذلك من تلقاء نفسي..
٣٦ - أخرجه عبد الرزاق في المصنف ١٠/١٥٢، رقم: ١٨٦٦٣، وأحمد ٤/٢٦٢، وابن أبي حاتم ٢/٥٩٤، رقم: ٣١٧٩، ٣١٨٠، والطبراني في الكبير ٨٠٤٩- ٨٠٥١..
٣٧ - سورة الأنبياء من الآية: ٩٣..
٣٨ - سورة النساء من الآية : ١٤٠..
٣٩ - سورة الأنعام من الآية: ١٥٣..
٤٠ - سورة الشورى من الآية : ١٣..
٤١ - أي الجدال، القاموس المحيط ص ١٧١٩ مادة: مرى..
٤٢ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٧، أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٥٩٦، رقم: ٣١٨٨..
٤٣ - مجاز القرآن ١/٨٦..
٤٤ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٧، وأخرجه ابن أبي حاتم ٢/٥٩٦، رقم: ٣١٩٠..
٤٥ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٥٩٦، رقم: ٣١٩٢..
٤٦ - مجاز القرآن ١/٨٦..
٤٧ - سيرة ابن هشام ١/ ٥٧٧، وأخرجه ابن جرير بنحوه من طريق ابن إسحاق، عن محمد ابن جعفر ٦/٢٠٠، رقم : ٦٦٢٥..
٤٨ - أخرجه ابن جرير ٦/ ١٩٩، رقم: ٦٦٢٣، وابن أبي حاتم ٢/٥٩٧، رقم: ٣١٩٧..
قوله عز وجل :﴿ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ﴾
[ آل عمران : ٨ ]
٢٦٦- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ ربنا لا تزع قلوبنا بعد إذ هديتنا ﴾ أي : لا تمل قلوبنا وإن ملنا بأحداثنا١، ﴿ وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ﴾، ثم عرض بما شاء أن يعرض من الترهيب والترغيب والذكر لمن شاء أن يذكر، ثم قال :﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط ﴾ بخلاف ما قالوا٢.
١ - فسره الأستاذ محمود شاكر في حاشية ابن جرير فقال: الأحداث جمع حدث وهو الفعل. يسألون الله أن يثبت قلوبهم بالإيمان، وإن مالت أفعالهم إلى بعض المعصية: تفسير ابن جرير ٦/٢١٢، رقم : ٦٦٤٩..
٢ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٧، وأخرجه ابن جرير ٦/٢١٢، رقم: ٦٦٤٩، وابن أبي حاتم ٢/٦٠١، رقم: ٣٢٢١، من طريق ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير..
قوله عز وجل :﴿ ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ﴾
[ آل عمران : ٩ ]
٢٦٥- [ حدثنا علي بن عبد العزيز ]١، حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ لا ريب فيه ﴾ لا شك فيه٢.
١ - ما بين القوسين سقط من الأصل، وهو في [م]..
٢ - مجاز القرآن ١/٨٧..
قوله عز وجل :﴿ إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ﴾
[ آل عمران : ١٠ ]
٢٦٧- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ﴾ معناها : أي عند الله١.
١ - مجاز القرآن ١/٨٧..
قوله عز وجل :﴿ كدأب آل فرعون والذين من قبلهم ﴾ الآية
[ آل عمران : ١١ ]
٢٦٨- حدثنا علي بن الحسن، قال : حدثنا عبد الله بن الوليد العدني، عن سفيان قال، حدثني سلمة بن نبيط، عن الضحاك في هذه الآية :﴿ كدأب آل فرعون ﴾ قال : كفعل آل فرعون١، وكذلك قال ابن جريج.
٢٦٩- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي/ عبيدة :﴿ كدأب آل فرعون ﴾ كسنة آل فرعون وعادتهم، قال الشاعر :
ما زال هذا دأبها ودأبي٢ ***. . .
قوله عز وجل :﴿ كذبوا بآياتنا ﴾ [ آل عمران : ١١ ]
٢٧٠- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ كذبوا بآياتنا ﴾ أي : بكتبنا وعلامات الحق٣.
١ - أخرجه عبد بن حميد المنتخب ق ٩، وابن جرير ٦/٢٢٣-٢٢٤. رقم: ٦٦٦٠-٦٦٦١، وأخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٠٣. رقم: ٣٢٣٠ عن ابن عباس رضي الله عنهما..
٢ - مجاز القرآن ١/٨٧..
٣ - مجاز القرآن ١/٨٧، وفيه :"وعلاماتنا عن الحق"..
قوله جل وعز :﴿ قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم ﴾
[ آل عمران : ١٢ ]
٢٧١- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن عكرمة في قوله جل وعلا :﴿ قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم ﴾ قال : فنحاص اليهودي قال يوم بدر : لا يغرن محمدا أن قتل قريشا وغلبها، إن قريشا لا تحسن القتال. فنزلت هذه الآية١.
٢٧٢- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، قال : لما أصاب الله قريشا يوم بدر جمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يهودا في سوق بني قينقاع حين قدم المدينة فقال : يا معشر يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم الله بمثل ما أصاب به قريشا، فقالوا له : يا محمد، لا يغرنك من نفسك أن قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال، إنا – والله- لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا. فأنزل الله في ذلك من قوله :﴿ قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم ﴾ إلى قوله ﴿ إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ﴾٢.
قوله عز وجل :﴿ ولبئس المهاد ﴾ [ آل عمران : ١٢ ]
٢٧٣- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد، في قوله :﴿ ولبئس المهاد ﴾ قال : لبئس ما مهدوا لأنفسهم٣.
وقال أبو عبيدة : المهاد : الفراش، أخبرنيه علي، عن الأثرم عنه٤.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٢٨. رقم: ٦٦٧٠..
٢ - ذكره ابن هشام في السيرة النبوية ١/٥٥٢، ٢/٤٧ مقطوعا من قول ابن إسحاق، وأخرجه ابن جرير ٦/٢٢٧- رقم: ٦٦٦٦. وابن أبي حاتم ٢/٦٠٤، رقم: ٣٢٣٤، والبيهقي في الدلائل ٣/١٧٣-١٧٤، كلهم رووه موقوفا من قول ابن عباس..
٣ - أخرجه عبد ابن حميد المنتخب ق ٩، وابن جرير ٦/ ٢٢٩، رقم: ٦٦٧١، وابن أبي حاتم ٢/ ٦٠٤، رقم: ٣٢٣٥..
٤ - مجاز القرآن ١/ ٨٧..
قوله عز وجل :﴿ قد كان لكم آية في فئتين التقتا ﴾
[ آل عمران : ١٣ ]
٢٧٤- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد في قول الله عز وجل ﴿ قد كان لكم آية في فئتين التقتا ﴾ محمد صلى الله عليه و سلم وأصحابه ومشركي قريش يوم بدر١.
٢٧٥- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب /قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة : قوله عز وجل :﴿ قد كان لكم آية في فئتين التقتا ﴾ ذاكم يوم بدر لقد كان لكم عبرة ومتفكر٢. ٣
٢٧٦- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ قد كان لكم آية ﴾ أي : علامة٤.
قوله عز وجل :﴿ يرونهم مثليهم ﴾ [ آل عمران : ١٣ ]
٢٧٧- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله ﴿ قد كان لكم آية في فئتين التقيا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثلهم رأي العين ﴾ ذلكم يوم البدر، ألف المشركون أو قاربوا، وكان أًصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، لقد كان لكم في هؤلاء عبرة ومتفكر، أيدهم الله ونصرهم على عدوهم٥.
قوله عز وجل :﴿ رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة ﴾ [ آل عمران : ١٣ ]
٢٧٨- أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأُثرم، عن أبي عبيدة :﴿ يرونهم مثليهم رأي العين ﴾ مصدر، تقول : فلان ذاك رأي عيني وسمع أذني ﴿ والله يؤيد ﴾ يقوي من الأيد، وإن شئت من الأد، ﴿ لعبرة ﴾ : اعتبار٦.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٣١، رقم: ٦٦٧٨، وابن أبي حاتم ٢/٦٠٥، رقم: ٣٢٣٩، وزاد السيوطي في الدر المنثور ٢/١٥٨ نسبته إلى ابن إسحاق..
٢ في م: تفكر..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/ ٢٢٩، رقم: ٦٦٧٣..
٤ - مجاز القرآن ١/ ٨٧..
٥ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٣٧، رقم: ٦٦٨٦، وأخرجه ابن أبي حاتم بمعناه ٢/ ٦٠٦، رقم: ٣٢٤٧..
٦ - مجاز القرآن ١/٨٨..
قوله عز وجل :﴿ زين للناس حب الشهوات من النساء ﴾ الآية
[ آل عمران : ١٤ ]
٢٧٩- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين الكوفي، قال : حدثنا عبد السلام، عن عطاء بن السائب، عن رجل من آل سعد بن أبي وقاص١ قال : قرأ عمر هذه الآية ﴿ زين للناس حب الشهوات من الناس ﴾ حتى انتهى إلى قوله :﴿ قل أؤنبئكم بخير من ذلكم ﴾ فبكى وقال : نزلت بعد ماذا ؟ بعد ما زينها٢. ٣
قوله عز وجل :﴿ والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ﴾
[ آل عمران : ١٤ ]
٢٨٠- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج قال : قال مجاهد :﴿ القناطير المقنطرة ﴾ قال : القنطار سبعون ألف دينار٤.
٢٨١- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة ﴿ زيد للناس حب الشهوات ﴾ إلى قوله عز وجل :﴿ والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ﴾ المقنطرة : المال الكثير، بعضه على بعض٥.
٢٨٢- أخبرنا علي، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ القناطير ﴾ : واحدها قنطار، وتقول العرب : هو قدر وزن لا يجدونه، ﴿ المقنطرة ﴾ : المفعلة مثل قولك : آلاف مؤلفة٦.
قوله عز وجل :﴿ والخيل المسومة ﴾ [ آل عمران : ١٤ ]
٢٨٣- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد، في قوله :﴿ والخيل المسومة ﴾ قال : المطهمة٧ المشوبة حسنا٨.
٢٨٤- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة في قوله عز وجل :﴿ والخيل المسومة ﴾ قال : شية٩ في الخيل في وجوهها١٠.
٢٨٥- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ المسومة ﴾ : المعلمة١١.
٢٨٦- حدثنا موسى بن عبد الرحمن، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا قيس، عن خصيف، عن مجاهد، عن ابن عباس :﴿ المسومة ﴾ : قال : الراعية١٢.
٢٨٧- حدثنا علي بن الحسن، قال : حدثنا عبد الله بن الوليد العدني، عن سفيان، عن حبيب١٣ بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير في قوله جل وعز :﴿ والخيل المسومة ﴾ قال : المسومة الراعية١٤. وممن قال بأنها الراعية عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى ١٥ والضحاك، وقال الحسن : المسرحة في الرعي١٦.
قوله عز وجل :﴿ والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا ﴾ الآية [ آل عمران : ١٤ ]
٢٨٨- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة، الأنعام : جماعة النعم، والحرث : الزرع. متاع الحياة الدنيا : تمتعهم، أي نعيمهم. المآب : المرجع، من : آب يؤوب١٧.
١ - هو أبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد، كما في تفسير ابن جرير وابن أبي حاتم..
٢ - في م: زينتها..
٣ - روى بمعناه ابن جرير ٦/٢٤٤، رقم: ٦٦٩٥، وابن أبي حاتم ٢/٦٠٦، رقم: ٣٢٤٧، مختصرا من طريق عطاء عن أبي بكر بن حفص..
٤ - أخرجه سعيد بن منصور ٥٩٨، وعبد بن حميد المنتخب ق ١٠، وابن جرير ٦/٢٤٨، رقم: ٦٧١٩، وابن أبي حاتم ٢/٦٠٩، رقم: ٣٢٦٢..
٥ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٤٨، رقم: ٦٧٢٥..
٦ - مجاز القرآن ١/٨٨..
٧ - المطهمة: المقربة المكرمة العزيزة الأنفس، والمطهم من الناس، والخيل: الحسن التام، كل شيء منه على حدته فهو بارع. اللسان ١٢ / ٣٧٢..
٨ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٢٤، رقم: ٣٨٠، وابن جرير ٦/٢٥٢، رقم: ٦٧٣٨، وابن أبي حاتم ٢/٦١٠، رقم: ٣٢٧١، وعزاه السيوطي في الدر ٢/١٦٣ إلى عبد بن حميد..
٩ - الشية: العلامة، وسواد في بياض، أو بياض في سواد، وكل ما خالف اللون في جميع الجسد، وفي جميع الدواب، وشية الفرس: لونه، جمعه شيات. المعجم الوسيط مادة: وشى..
١٠ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٥٤، رقم: ٦٧٤٨، وابن أبي حاتم ٢/٦١١، رقم: ٣٢٧٢، وعبد الرزاق في التفسير ١/١١٧..
١١ - مجاز القرآن ١/ ٨٩..
١٢ - أخرجه ابن جرير ٦/ ٢٥٢، رقم : ٦٧٣٤، وابن أبي حاتم ٢/ ٦١٠، رقم: ٣٢٦٨..
١٣ - في الأصل : عن سفيان بن حسين بن أبي ثابت، وهو تصحيف، والتصويب من مصادر التخريج..
١٤ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/ ١٢٥، رقم: ٣٨١، وعبد بن حميد المنتخب ق ١١، وابن جرير ٦/ ٢٥٢، رقم: ٦٧٢٩، وابن أبي حاتم ٢/٦١٠، رقم: ٣٢٦٩..
١٥ - ذكره البخاري معلقا في صحيحه، ينظر: فتح الباري ٨/٢٠٨، وقد وصله ابن جرير ٦/٢٥٢، رقم: ٦٧٣٣، وابن أبي حاتم ٢/٦١٠، رقم: ٣٢٦٩..
١٦ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٥٢، رقم: ٦٧٣٢..
١٧ - مجاز القرآن ١/٨٩.
.

قوله عز وجل :﴿ قل أؤنبئكم بخير من ذلكم ﴾ [ آل عمران : ١٥ ]
٢٨٩- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة :﴿ قل أؤنبئكم بخير من ذلكم ﴾ ذكر لنا أن عمر بن الخطاب كان يقول : اللهم زينت لنا الدنيا وأنبأتنا أن ما بعدها خير منها، فاجعل حظنا في الذي هو خير وأبقى١.
قوله [ جل وعز ]٢ ﴿ وأزواج مطهرة ﴾ [ آل عمران : ١٥ ]
٢٩٠- أخبرنا علي بن عبد العزيز /قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ مطهرة ﴾ : مهذبة من كل عيب٣.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦١٢، رقم: ٣٢٧٩..
٢ - ليست في الأصل، وهي مكتوبة قبل كل آية..
٣ - مجاز القرآن ١/٨٩..
قوله عز وجل :﴿ الصابرين ﴾ [ آل عمران : ١٧ ]
٢٩١- حدثنا موسى قال حدثنا يحيى، قال : حدثنا ابن المبارك، عن سعيد، عن قتادة :﴿ الصابرين ﴾ قال : صبروا عن محارم الله، وصبروا على طاعة الله١. ٢
قوله عز وجل :﴿ والصادقين ﴾ [ آل عمران : ١٧ ]
٢٩٢- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة قوله :
﴿ والصادقين ﴾ قال : الصادقون : قوم صدقت نيتهم، واستقامت قلوبهم وألسنتهم، وصدقوا في السر والعلانية٣.
قوله عز وجل :﴿ والقانتين ﴾ [ آل عمران : ١٧ ]
٢٩٣- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة قوله :﴿ والقانتين ﴾ قال : القانتون هم المطيعون لله عز وجل٤.
٢٩٤- وأخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة : القانت : المطيع٥.
قوله عز وجل :﴿ والمستغفرين بالأسحار ﴾ [ آل عمران : ١٧ ]
٢٩٥- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة :﴿ والمستغفرين بالأسحار ﴾ قال : المستغفرين بالأسحار : أهل الصلاة٦.
٢٩٦- حدثنا أبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي، وموسى بن هارون، قالا : حدثنا أبو رجاء، قال : حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، قال : سألت زيد بن أسلم عن ﴿ المستغفرين بالأسحار ﴾ فقال : هم الذين يحضرون الصبح٧.
٢٩٧- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا هارون بن معروف، قال : حدثنا الوليد بن مسلم، قال : سألت عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن قول الله جل ثناؤه :﴿ والمستغفرين بالأسحار ﴾ قال : حدثني سليمان بن موسى، قال : حدثني نافع، أن ابن عمر كان يحيي الليل صلاة، ويقول : يا نافع أسحرنا ؟ فنقول : لا. فيعاود الصلاة، فإذا قلت : نعم، قعد يستغفر الله ويدعوه حتى يصبح٨.
١ - في الأصل: وصبروا على محارم الله، والتصريح من المصادر الآتي ذكرها في الهامش التالي..
٢ - أخرجه عبد ابن حميد المنتخب ق ١٢، وابن جرير ٦/٢٦٤، رقم: ٦٧٥٢، وابن أبي حاتم ٢/٦١٤، رقم: ٣٢٩٤..
٣ - أخرجه عبد ابن حميد المنتخب ق ١٢، وابن جرير ٦/٢٦٤، رقم : ٦٧٥٢. وابن أبي حاتم ٢/٦١٤، رقم: ٣٢٩٤..
٤ - أخرجه عبد بن حميد المنتخب ق ١٢، وابن أبي حاتم ٢/٦١٥، رقم: ٣٢٩٧..
٥ - مجاز القرآن ١/٨٩..
٦ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٦٥، رقم: ٦٧٥٣، وابن أبي حاتم ٢/٦١٥، رقم: ٣٣٠٠..
٧ - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ١٣/٤٩٨، رقم: ١٧٠٣٥، وابن جرير ٦/٢٦٧، رقم : ٦٧٥٩. وابن أبي حاتم ٢/٦١٥، رقم: ٣٣٠١..
٨ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٦٦، رقم : ٦٧٥٦، وابن أبي حاتم ٢/٦١٦، رقم: ٣٣٠٢..
قوله عز وجل :﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو ﴾ [ آل عمران : ١٨ ]
٢٩٨- حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم ﴾ بخلاف ما قالوا١.
٢٩٩- أخبرنا علي : قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة ﴾ شهود على ذلك٢.
قوله عز وجل :﴿ والملائكة وأولوا العلم ﴾ [ آل عمران : ١٨ ]
٣٠٠- أخبرنا علي بن عبد العزيز، عن أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي الكوفي، قال : حدثنا يعقوب – وهو القمي-، عن جعفر- وهو ابن ربيعة-، عن سعيد بن جبير قال : كان حول البيت ستون وثلاثمائة صنما، لكل قبيلة من قبائل العرب صنم٣ أو صنمان. قال : فأنزل الله جل ثناؤه :﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ﴾٤. قال : فأصبحت الأصنام كلها قد خرت سجدا للكعبة٥.
قوله عز وجل :﴿ قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ﴾
[ آل عمران : ١٨ ]
٣٠١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد ابن إسحاق :﴿ قائما بالقسط ﴾ أي : بالعدل٦ قائما ﴿ لا إله إلا هو العزيز الحكيم ﴾٧.
٣٠٢- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ بالقسط ﴾ : مصدر أقسط وهو العادل، والقاسط : الجائر الكافر٨. ٩
١ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٧، وأخرجه ابن جرير ٦/٢٧٣، رقم: ٦٧٦١، وابن أبي حاتم ٢/٦١٦، رقم : ٣٣٠٥..
٢ - مجاز القرآن ١/٨٩..
٣ - في الأصل: صنما، والصحيح ما أثبته..
٤ - الآية ١٨ من سورة آل عمران..
٥ - زاد في الدر المنثور ٢/ ١٦٧ نسبته إلى عبد بن حميد..
٦ - أخرجه ابن جرير من طريق ابن إسحاق، عن مجاهد، ومحمد بن جعفر بن الزبير ٦/٢٧٣، رقم : ٦٧٦، وأخرجه عن مجاهد أيضا ٦/٢٧٣، رقم: ٦٧٦٢..
٧ - سيرة ابن هشام ١/ ٥٧٧، وأخرجه ابن جرير من طريق ابن إسحاق عن محمد بن جعفر ٦/٢٧٣، رقم: ٦٧٦١..
٨ - ومن ذلك قوله تعالى :(وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا) [سورة الجن الآية ١٥]..
٩ - مجاز القرآن ١/ ٩٠ بدون قوله : الكافر..
قوله عز وجل :﴿ إن الدين عند الله الإسلام ﴾
[ آل عمران : ١٩ ]
٣٠٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن يحيى، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن عاصم، عن زر، عن أبي : إن الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية ولا النصرانية ولا المشركة، من يعمل خيرا فلن يكفره.
٣٠٤- وحدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، حدثنا يزيد بن زريع، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة قوله :﴿ إن الدين عند الله الإسلام ﴾ والإسلام : شهادة أن لا إله إلا الله، والإقرار بما جاء به من عند الله، وهو دين الله الذي شرع لنفسه، وبعث به رسله، ودل عليه أولياءه١، ولا يقبل غيره، ولا يجزئ إلا به٢.
٣٠٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد ابن إسحاق :﴿ إن الدين عند الله الإسلام ﴾ إن الذي أنت عليه يا محمد التوحيد للرب، والتصديق بالرسل٣.
قوله عز وجل :﴿ وما اختلف الذين أوتوا الكتاب ﴾
[ آل عمران : ١٩ ]
٣٠٦- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ وما اختلف الذين أوتوا الكتاب ﴾ الأمم التي أتتهم الكتب والأنبياء٤.
قوله عز وجل :﴿ إلا من بعد ما جاءهم العلم ﴾ [ آل عمران : ١٩ ]
٣٠٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : حدثنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم ﴾ الذي جاءك، أن الله الواحد الذي ليس له شريك، ﴿ بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ﴾٥.
قوله عز وجل :﴿ بغيا بينهم ﴾ [ آل عمران : ١٩ ]
٣٠٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن يحيى، قال : حدثنا الهيثم، قال : حدثنا يعقوب بن عبد الله القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد ابن جبير في قول الله جل ثناؤه :﴿ وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ﴾ قال : كثرت أموالهم فتباغوا بينهم٦.
قوله جل ذكره :﴿ ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ﴾
[ آل عمران : ١٩ ]
٣٠٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال : أخبرنا روح في قوله عز وجل :﴿ ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ﴾، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال : أحصاه، وكذلك قال ابن جريج٧.
١ - في الأصل : أولياؤه..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٧٥، رقم : ٦٧٦٣..
٣ - سيرة ابن هشام ١/ ٥٧٧، وأخرجه ابن جرير من طريق ابن إسحاق عن محمد بن جعفر ٦/ ٢٧٦، رقم: ٦٧٦٦..
٤ - مجاز القرآن ١/٩٠..
٥ - سيرة ابن هشام ١/ ٥٧٧، وأخرجه ابن جرير من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر ٦/٢٧٨، رقم: ٦٧٧، وابن أبي حاتم ٢/ ٦١٨، رقم: ٣٣١٧..
٦ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/ ٦١٨، رقم: ٣٣١٩..
٧ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٧٩، رقم: ٣٣٠، وابن أبي حاتم ٢/ ٦١٩، رقم: ٣٣٢٠، وعند ابن جرير: إحصاؤه عليهم..
قوله عز وجل :﴿ فإن حاجوك ﴾ إلى ﴿ ومن اتبعن ﴾
[ آل عمران : ٢٠ ]
٣١٠- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج في قوله عز وجل :﴿ فإن حاجوك ﴾ قال : اليهود والنصارى، فقالوا : إن الدين اليهودية والنصرانية فقل يا محمد : أسلمت وجهي لله.
٣١١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ فإن حاجوك ﴾ أي : بما يأتون به من الباطل، من قولهم : خلقنا، وفعلنا، وجعلنا، وأمرنا، فإنما هي شبهة باطل قد عرفوا ما فيها من الحق، ﴿ فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن ﴾١.
قوله عز وجل :﴿ وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم ﴾
[ آل عمران : ٢٠ ]
٣١٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : قرأت على أبي قرة في " تفسيره "، عن ابن جريج :﴿ وقل للذين أوتوا الكتاب ﴾ قال : اليهود والنصارى، عن ابن عباس٢.
قوله عز وجل :﴿ والأميين أأسلمتهم فإن أسلموا فقد اهتدوا ﴾ [ آل عمران : ٢٠ ]
٣١٣- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق.
قال : وحدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد ابن إسحاق :﴿ وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين ﴾ بمعنى : الذين لا كتاب لهم ﴿ أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد ﴾٣.
٣١٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : قرأت على أبي قرة في " تفسيره "، عن ابن جريج :﴿ وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين ﴾ الأميين الذين لا يكتبون، عن ابن عباس٤.
٣١٥- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة : الأميين، قال : والأميون الذين لم يأتهم الأنبياء بالكتب، والنبي الأمي : الذي لا يكتب٥.
قوله عز وجل :﴿ وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد ﴾
[ آل عمران : ٢٠ ]
٣١٦- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ وإن تولوا ﴾ في هذا الموضع : وإن كفروا٦.
١ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٧، وأخرجه ابن جرير ٦/٢٨٠، رقم: ٦٧٧٣، وابن أبي حاتم ٢/٦١٩، رقم: ٣٣٢٢، من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر..
٢ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦١٩، رقم: ٣٣٢٥..
٣ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٧-٥٧٨، وأخرجه ابن جرير ٦/٢٨٢، رقم: ٦٧٧٤، وابن أبي حاتم ٢/٦١٩، رقم: ٣٣٢٦ من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر..
٤ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٨٢، رقم: ٦٧٧٥، وابن أبي حاتم ٢/٦٢٠، رقم: ٣٣٢٧..
٥ - مجاز القرآن ١/٩٠..
٦ - مجاز القرآن ١/٩٠..
قوله عز وجل :﴿ إن الذين يكفرون بآيات الله ﴾ [ آل عمران : ٢١ ]
٣١٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الرمادي، قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال : أخبرنا شعبة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن عبد الله : إن بني إسرائيل كانوا يقتلون في اليوم ثلاثمائة نبي، ثم تقوم سوقهم من آخر النهار.
٣١٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال : بعث عيسى يحيى عليهما السلام في اثنى عشر رجلا من الحواريين يعلمون الناس، فكان ينهى عن نكاح بنت الأخ، وكان ملك له بنت أخ تعجبه، فأرادها وجعل يقضي لها كل يوم حاجة، فقالت لها أمها : إذا سألك عن حاجتك فقولي : حاجتي أن تقتل يحيى بن زكريا ! فقال لها الملك : حاجتك ؟ فقالت : حاجتي أن تقتل يحيى بن زكريا. فقال : سلي غير هذا. فقالت : لا أسألك غير هذا، فلما أبت أمر به فذبح في طست، فبدرت قطرة من دمه، فلم تزل تغلي حتى بعث الله بختنصر، فدلت عجوز عليه، فألقي في نفسه أن لا يزال يقتل حتى يسكن هذا الدم، فقتل في يوم واحد من بيت واحد وسن واحد سبعين ألفا، ( فسكن )١.
قوله عز وجل :﴿ ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ﴾
[ آل عمران : ٢١ ]
٣١٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن رافع، قال : حدثنا شبابة، قال : حدثني ورقاء، عن ابن أبي نجيح :﴿ ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ﴾ حدثني عن معقل بن أبي مسكين قال : كان الوحي يأتي بني إسرائيل فيذكرون قومهم، فيقتلون فيهم الذين يأمرون بالقسط من الناس٢.
٣٢٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن حميد، قال : حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد قال : أقحط الناس في زمان ملك من ملوك بني إسرائيل سنين، فقال الملك : ليرسلن علينا السماء أو لنؤذينه، فقال له جلساؤه : كيف تقدر على أن تؤذيه أو تغيظه وهو في السماء ؟ ! قال : أقتل أولياءه من أهل الأرض، فيكون ذلك إيذاء له قال : فأرسل الله عليهم السماء.
٣٢١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن يزيد بن خنيس، قال : حدثنا أبو العباس الحراني أو إبراهيم الشافعي، قال : فقال فضيل :﴿ ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ﴾ قال : ما بال الذين كانوا يأمرون بالقسط من الناس كانوا يقتلون في ذلك الزمان، وهم اليوم يقربون ويكرمون، أما والله على ذلك ما فعلوا ذلك بهم حتى أطاعوهم، أما والله ما أطاعوهم حتى عصوا الله.
١ - أخرجه ابن أبي الدنيا في جزء من عاش بعد الموت ص ٨٧-٨٨، رقم : ٤٤، والحاكم وصححه ٢/٢٩٠. وكلمة: فسكن، زيادة من الدر المنثور، لإيضاح المعنى..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٨٥، رقم: ٦٧٧٧..
قوله عز وجل :﴿ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ﴾
الآية [ آل عمران : ٢٣ ]
٣٢٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق، قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المدراس١ على جماعة من يهود، فدعاهم إلى الله عز وجل، فقال له النعمان بن عمرو، والحارث ابن يزيد : على أي دين أنت يا محمد ؟ قال : على ملة إبراهيم ودينه، قالا : فإن إبراهيم كان يهوديا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهلم إلى التوراة فهي بيني وبينكم، فأبيا عليه، فأنزل الله جل وعز فيهما :﴿ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ﴾، وفي قوله عز وجل :﴿ وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون ﴾٢.
٣٢٣- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، قوله عز وجل ﴿ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ﴾ قرأ إلى ﴿ يفترون ﴾ أولئك أعداء الله اليهود دعوا إلى كتاب الله ليحكم بينهم، وإلى نبيه وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة، ثم تولوا عنه وهم معرضون٣.
١ - تقدم تفسيره ص ٩٩..
٢ - سيرة ابن هشام ١/٥٥٢-٥٥٣، وأخرجه ابن جرير ٦/٢٨٨، رقم: ٦٧٨١ من طريق ابن عباس وابن أبي حاتم ٢/٦٢٢، رقم: ٣٣٤٠..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٩٠، رقم: ٦٧٨٤، وابن أبي حاتم بنحوه ٢/٦٢٢-٦٢٣ رقم: ٣٣٤٣..
قوله عز وجل :﴿ ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات ﴾ [ آل عمران : ٢٤ ]
٣٢٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا ابن أبي عمر، قال : حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال : قالت العرب : لا نبعث ولا نحاسب.
**دينهم }١ قال : غرهم قولهم :﴿ لن تمسنا النار إلا أياما معدودات ﴾ ٢.
٣٢٧- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة :﴿ وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون ﴾ قالوا :﴿ نحن أبناء الله وأحباؤه ﴾ ٣.
- وقال ابن جريج في قوله :﴿ وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون ﴾ قولهم :﴿ لن تمسنا النار إلا أياما معدودات ﴾.
قوله عز وجل :﴿ ما كانوا يفترون ﴾ [ آل عمران : ٢٤ ]
٣٢٨- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ ما كانوا يفترون ﴾ قال : يختلقون الكذب٤.
١ - من الآية ٢٤ من سورة آل عمران..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٩٣، رقم: ٦٧٨٨، وابن أبي حاتم ٢/٦٢٣، رقم: ٣٣٤٧..
٣ - أخرجه ابن جرير ٣/٢١٩..
٤ - مجاز القرآن ١/٩٠..
قوله عز وجل :﴿ فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ﴾ الآية
[ آل عمران : ٢٥ ]
٣٢٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال : أخبرنا مروان بن معاوية الفزاري، قال : حدثنا محمد بن سوقة، قال : أتيت نعيم بن أبي هند الأشجعي، قال : فأخرج إلي صحيفة فإذا فيها : من أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل إلى عمر بن الخطاب، إنا نحذرك يوما تعنى فيه الوجوه، وتجب١ فيه القلوب، وتنقطع فيه الحجج لحجة ملك قهرهم بجبروته، والخلق داخرون له، يرجون رحمته، ويخافون عذابه.
فكتب إليهما عمر، كتبتما إلي تحذراني مما حذرت منها الأمم قبلنا، وقد كان اختلاف الليل والنهار بآجال الناس، يقربان كل بعيد، ويفنيان كل جديد، ويأتيان كل موعود، حتى يصير الناس إلى منازلهم من الجنة والنار بأعمالهم ﴿ ثم توفى كل نفس ما كسبت ﴾ الآية٢.
٣٣٠- حدثنا زكريا قال : حدثنا إسحاق، قال : حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي :﴿ لا ريب فيه ﴾ لا شك فيه.
١ - تجب القلوب، أي: تخفق خوفا. القاموس المحيط مادة: وجب، ص ١٨٠..
٢ - من الآية ٢٥ من سورة آل عمران..
قوله عز وجل :﴿ قل اللهم مالك الملك ﴾ [ آل عمران : ٢٦ ]
٣٣١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا زياد، عن محمد ابن إسحاق، ﴿ قل اللهم مالك الملك ﴾ أي : رب العباد، الملك الذي لا يقضي فيهم غيره١.
قوله جل وعز :﴿ تؤتي الملك من تشاء ﴾ الآية [ آل عمران : ٢٦ ]
٣٣٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿ تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ﴾ قال : النبوة٢.
٣٣٣- حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير ﴾ لا إلى غيرك ﴿ إنك على كل شيء قدير ﴾ أي : لا يقدر على هذا غيرك بسلطانك وقدرتك٣.
٣٣٤- حدثنا موسى، قال : حدثنا بشر بن هلال قال : حدثنا جعفر بن سليمان، قال : حدثنا عوف، عن الحسن قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد سل ربك :﴿ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ﴾ إلى قوله ﴿ وترزق من تشاء بغير حساب ﴾. ثم جاءه جبريل فقال : يا محمد سل ربك :﴿ وقل رب أدخلني مدخل صدق ﴾ ٤ المدينة، ﴿ وأخرجني مخرج صدق ﴾ من مكة، ﴿ واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا ﴾. قال : فسأل ربه بقول الله تبارك وتعالى، فأعطاه ذلك.
١ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٨، وأخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٢٤، رقم: ٣٣٥٠..
٢ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٨، وأخرجه ابن جرير ٦/٣٠٠، رقم: ٦٧٩٢، وابن أبي حاتم ٢/٦٢٤، رقم: ٣٣٥١..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٩٩، رقم: ٦٧٨٩ بنحوه من طريق محمد بن جعفر، وابن أبي حاتم ٢/٦٢٥، رقم: ٣٣٥٦..
٤ - من الآية ٨٠ من سورة الإسراء..
قوله عز وجل :﴿ تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل ﴾
[ آل عمران : ٢٧ ]
٣٣٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، عن أبي أسامة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، في قوله :﴿ تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل ﴾ قال : أخذ الشتاء من الصيف والصيف من الشتاء١.
٣٣٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا عمرو بن محمد، قال : حدثنا أبو بكر الهذلي، عن الحسن، في قوله عز وجل :﴿ تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل ﴾ قال : الليل اثنتا عشرة ساعة، والنهار اثنتا عشرة ساعة، فإذا أولج الليل في النهار أخذ النهار من ساعات الليل، فطال النهار وقصر الليل، وإذا أولج النهار في الليل أخذ الليل من ساعات النهار، فطال الليل وقصر النهار٢.
٣٣٧- حدثنا موسى، قال : حدثنا عبد الأعلى، قال : حدثنا مسلم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله ﴿ تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل ﴾ قال : ما نقص من أحدهما في الآخر يعاقبان ذلك على الساعات٣.
وقال بمثل معنى ما قال، مجاهد وعكرمة والضحاك ومحمد بن كعب وقتادة٤.
قوله عز وجل :﴿ وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ﴾
[ آل عمران : ٢٧ ]
٣٣٨- حدثنا أبو محمد الحسن بن علي بن عفان البزار، قال : حدثنا عبد الله بن نمير، عن الأعمش، عن إبراهيم قال : قال عبد الله :﴿ تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ﴾ قال : قال : النطفة ميتة يخرجها من الحي، ويخرج الحي من النطفة وهي ميتة٥.
٣٣٩- حدثنا علان، قال : حدثنا عبد الله بن صالح، قال : حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس :﴿ تخرج الحي من الميت ﴾ قال : يخرج النطفة الميتة من الحي، ثم يخرج من النطفة بشرا حيا٦.
٣٤٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا النضر بن شميل، عن هارون، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه كان يقول :﴿ تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ﴾ حقيقة، قال : وزعموا أن تفسيرها : يخرج النطفة وهي ميتة من الرجل الحي، ويخرج الحي من النطفة وهي ميتة.
٣٤١- حدثنا موسى، قال : حدثنا عبد الأعلى، قال : حدثنا مسلم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله عز وجل :﴿ تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ﴾ قال : الناس الأحياء من النطفة والنطقة ميتة تخرج من الناس الأحياء ومن الأنعام، والنبات كذلك أيضا٧.
٣٤٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الزعفراني، قال : حدثنا عبد الوهاب، عن الكلبي :﴿ تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ﴾ مخففة، تقول : النطفة والحبة والبيضة.
٣٤٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا وكيع، قال : حدثنا سفيان، عن السدي، عن أبي مالك :﴿ تخرج الحي ﴾ الآية. قال : النخلة من النواة، والنواة من النخلة، والحبة من السنبلة، والسنبلة من الحبة٨.
٣٤٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن يحيى، قال : حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان، قال : حدثني أبي، عن ﴿ تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ﴾ قال : الحب والبيض٩.
٣٤٥- حدثنا إبراهيم بن عبد الله السعدي، قال : أخبرنا عبد الله بن حمران، قال حدثنا الأشعث، عن الحسن أنه قال في هذه الآية :﴿ تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ﴾ يخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن.
وكذلك قال قتادة١٠.
٣٤٦- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة، ﴿ وتخرج الحي من الميت ﴾ أي : الطيب من الخبيث، والمسلم من الكافر١١.
٣٤٧- [ حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق.
وحدثنا زكريا، حدثنا عمرو، حدثنا زياد- واللفظ له-، عن محمد بن إسحاق :﴿ وتخرج الميت من الحي ﴾، قال : بالقدرة، ﴿ وترزق من تشاء بغير حساب ﴾، لا يقدر على ذلك غيرك، ولا يصنعه إلا أنت، أي فإن كنت سلطت عيسى على الأشياء التي بها يزعمون أنه الإله، من إحياء الموتى، وإيزال الأسقام، وخلق الطير من الطين، والخبر عن الغيوب، لأجعله به آية للناس، وتصديقا له في نبوته التي بعثته بها إلى قومه، فإن من سلطاني وقدرتي ما لم أعطه تمليك الملوك بأمر النبوة ووضعها حيث شئت، وإيلاج الليل في النهار، وإيلاج النهار في الليل، وإخراج الحي من الميت، والميت من الحي، ورزق من شئت من بر أو فاجر بغير حساب، وذلك لم سلطت عيسى عليه، أفلم يكن لهم في ذلك عبرة وبينة ؟
ألو كان إلها كان ذلك كله إليه، وهو في علمهم يهرب من الملوك، وينتقل منهم في البلاد من بلد إلى بلد ؟ ! ]١٢.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٢٥، رقم: ٣٣٥٧..
٢ - أخرجه ابن أبي حاتم عن عكرمة ٢/٦٢٥، رقم: ٣٣٨٥، وقال: وروي عن الحسن، والربيع بن أنس، وقتادة نحوه..
٣ - قول مجاهد أخرجه ابن جرير ٦/٣٠٢، رقم: ٦٧٩٧..
٤ - قول عكرمة أخرجه ابن جرير ٦/٣٠٢، رقم: ٦٧٩٦، وأخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٢٥، رقم: ٣٣٥٨، وقول الضحاك أخرجه ابن جرير ٦/٣٠٣، رقم : ٦٨٠٢..
٥ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٠٤، رقم: ٦٨٠٤، وابن أبي حاتم ٢/٦٢٦، رقم: ٣٣٦٤، وقال: وروى عن سعيد بن جبير، ومجاهد، والنخعي، وقتادة، والضحاك..
٦ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٢٦، رقم: ٣٣٦٣..
٧ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٠٤، رقم: ٦٨٠٥، وابن أبي حاتم ٢/٦٢٧ رقم ٣٣٦٩..
٨ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٢٧، رقم: ٣٣٦٥، وأبو الشيخ في العظمة ٢/٦٢٧، رقم: ٣٣٦٥..
٩ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٠٦، رقم : ٦٨١٣، وابن أبي حاتم ٢/٦٢٧، رقم: ٣٣٦٦..
١٠ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٠٧، رقم : ٦٨١٦، ٦٨١٩..
١١ - مجاز القرآن : ١/٩٠..
١٢ هذا الأثر ليس في الأصل، وإنما هو من [م]. وقد أخرجه ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير ٣/٢٢٧..
قوله عز وجل :﴿ لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ﴾ [ آل عمران : ٢٨ ]
٣٤٨- حدثنا علان بن المغيرة، قال : حدثنا أبو صالح، قال : حدثنا معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس، في قوله :﴿ لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ﴾ قال : نهى الله سبحانه المؤمنين أن يلاطفوا الكفار، ويتخذوهم وليجة١ من دون المؤمنين، إلا أن يكون الكفار عليهم ظاهرين، فيظهروا لهم اللطف، ويخالفونهم في الدين، وذلك قوله عز وجل ﴿ إلا أن تتقوا منهم تقاة ﴾ ٢.
٣٤٩- حدثنا علي بن المبارك قال : حدثنا زيد قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد، ﴿ لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ﴾ قال : إلا مصانعة في الدنيا تقاة٣.
٣٥٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : حدثنا أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق، قال : وكان الحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف وابن أبي الحقيق وقيس بن زيد قد بطنوا بنفر من الأنصار، ليفتنوهم عن دينهم، فقال رفاعة بن عبد المنذر بن زنبر وعبد الله بن جبير وسعد بن خيثمة لأولئك النفر : اجتنبوا النفر من اليهود، واحذروا مباطنتهم، لا يفتنونكم عن دينكم، فأبى أولئك النفر إلا لزومهم، فأنزل الله جل وعز :﴿ لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ﴾ إلى قوله ﴿ والله على كل شيء قدير ﴾ ٤.
٣٥١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : وحدثت عن ابن حيان في قوله جل وعز :﴿ لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء ﴾ قال : المؤمنون يظهرون للمشركين المودة بمكة فنهاهم الله عن ذلك، قال :﴿ ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء ﴾ إلا أن يكون معهم أو بين أظهرهم فيتقيهم بلسانه، ولا يكون في قلبه لهم مودة.
قوله عز وجل :﴿ إلا أن تتقوا منهم تقاة ﴾ [ آل عمران : ٢٨ ]
٣٥٢- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا محمد بن ثور، عن ابن جريج، قال : قال ابن عباس ﴿ إلا أن تتقوا منهم تقاة ﴾ قال : التقية باللسان يتكلم به مخافة الناس، وقلبه مطمئن بالإيمان، فلا إثم عليه، ما لم يبسط يده فيقتل، أو يبسطها إلى معصية الله، فلا عذر له إن فعل٥.
٣٥٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن سعيد، قال : حدثنا وهب ابن جرير، قال : حدثنا أبي، عن علي بن الحكم، عن الضحاك : وأما قوله :﴿ إلا أن تتقوا منهم تقاة ﴾ فهو أن يحمل الرجل على أمر يتكلم به هو لله معصية، فتكلم به مخافة الناس وقلبه مطمئن بالإيمان، فلا إثم عليه٦.
٣٥٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، قال : حدثنا ابن أبي مريم، قال : حدثنا ابن لهيعة، قال : أخبرني ابن أبي جعفر، عن الحسن في قول الله عز وجل :﴿ إلا أن تتقوا منهم تقاة ﴾ قال : ذلك في المشركين يكرهونهم على الكفر وقلوبهم كارهة، ولا يصبرون لعذابهم.
٣٥٥- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ إلا أن تتقوا منهم تقاة ﴾ الرحم من المشركين، من غير أن تتولوهم في دينهم، إلا أن يصل رجل رحما له في المشركين٧.
٣٥٦- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة : تقاة وتقية، واحدة٨.
١ - الوليجة: كل ما يتخذه الإنسان معتمدا عليه وليس من أهله، من قولهم : فلان وليجة في القوم إذا لحق بهم وليس منهم، إنسانا كان أو غيره. المفردات في غريب القرآن: ولج. ص ٥٣٢..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٣١٣، رقم: ٦٨٢٥، وابن أبي حاتم ٢/٦٢٨، رقم: ٣٣٧٥..
٣ - أخرجه ابن جريج ٦/٣١٥، رقم : ٦٨٣١، وابن أبي حاتم ٢/٦٣٠، رقم: ٣٣٨٥..
٤ - أخرجه ابن جرير ٦/٣١٤، رقم : ٦٨٢٦، وابن أبي حاتم ٢/٦٢٩، رقم: ٣٣٧٧..
٥ - أخرجه ابن جرير ٦/٣١٤، رقم: ٦٨٢٩، و ٦/٣١٥-٣١٦، رقم: ٦٨٣٥، وابن أبي حاتم ٢/٦٢٢، رقم : ٣٣٨١، والحاكم وصححه ٢/٢٩١، والبيهقي في السنن ٨/٢٠٩..
٦ - أخرجه ابن جرير ٦/٣١٥، رقم: ٦٨٣٤..
٧ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١١٨، وعبد بن حميد المنتخب ق ١٨، وابن جرير ٦/ ٣١٥، رقم: ٦٨٣٤..
٨ - مجاز القرآن ١/٩٠..
قوله عز وجل :﴿ يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا ﴾
[ آل عمران : ٣٠ ]
٣٥٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، قال : حدثنا أبو داود الطيالسي، قال : حدثنا أبو عامر الخراز، عن رجل أخبره عن سعيد بن المسيب أنه تلا هذه الآية ﴿ أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ﴾١، فقال سعيد : ودوا أن سيئاتهم كانت أكثر، قال : فذكرت ذلك لمجاهد، قال : وكان مجاهد إذا أنكر الشيء لم يقل ليس كما قال، قال : ولكنه يقول ما يعلم. قال : فتلا مجاهد هذه الآية :﴿ يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا ﴾ إلى ﴿ أمدا بعيدا ﴾.
٣٥٨- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة ﴿ يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا ﴾ يقول : موفرا٢.
قوله عز وجل :﴿ وما عملت من سوء تود لو أن بينهما وبينه أمدا بعيدا ﴾ [ آل عمران : ٣٠ ]
٣٥٩- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج في قوله ﴿ أمدا بعيدا ﴾ قال : أجلا بعيدا٣.
٣٦٠- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ أمدا بعيدا ﴾ قال : الأمد الغاية٤.
قوله عز وجل :﴿ ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد ﴾
[ آل عمران : ٣٠ ]
٣٦١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا ابن أبي عمر، قال : حدثنا سفيان، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن في قوله :﴿ ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد ﴾ قال : من رأفته بهم حذرهم نفسه٥.
١ - من الآية ٧٠ من سورة الفرقان..
٢ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/ ٦٣١، رقم : ٣٣٩٢..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٢٠، رقم: ٦٨٤٢..
٤ - مجاز القرآن ١/٩٠..
٥ - أخرجه ابن ٦/٣٢٠، رقم: ٦٨٤٤، وابن أبي حاتم ٢/٦٣٢، رقم: ٣٣٩٨..
قوله عز وجل :﴿ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ﴾
[ آل عمران : ٣١ ]
٣٦٢- حدثنا زكريا قال : حدثنا محمد بن رافع، قال : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي، قال : حدثنا أبو عبيدة الناجي، عن الحسن في حديث ذكره بطوله : قال : وقال أقوام على عهد نبيهم : والله يا محمد إنا لنحب ربنا، فأنزل الله عز وجل في ذلك قرآنا فقال :﴿ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ﴾ فجعل الله أتباع نبيه صلى الله عليه وسلم علما لحبه، وكذب من خالفها١، ثم جعل على كل قول دليلا من عمل يصدقه أو يكذبه، فإذا قال العبد قولا حسنا وعمل عملا حسنا رفع الله قوله بعمله، وإذا قال العبد قولا حسنا وعمل عملا سيئا، رد الله القول على العمل، وذلك في كتابه ﴿ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ﴾٢. ٣
٣٦٣- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج في قوله عز وجل :﴿ إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ﴾ قال : كان أقوام يزعمون أنهم يحبون الله بقول : إنا نحب ربنا، فأمرهم الله جل وعز أن يتبعوا محمدا، وجعل أتباع محمد صلى الله عليه وسلم علما لحبه٤.
٣٦٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد ابن إسحاق، قال : وعظ الله المؤمنين وحذرهم فقال :﴿ إن كنتم تحبون الله ﴾ أي : إن كان هذا من قولكم حبا لله وتعظيما له ﴿ فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ﴾ لما مضى من كفرهم، ﴿ والله غفور رحيم ﴾٥.
١ - كذا في الأصل، والمعنى غير ظاهر..
٢ - من الآية : ١٠ من سورة فاطر..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٢٢- ٣٢٤، رقم : ٦٨٤٥- ٦٨٤٦، وضعفه ابن جرير بقوله :" وأما ما روى عن الحسن في ذلك مما قد ذكرناه، فلا خبر به عندنا يصح..."..
٤ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٢٣، رقم: ٦/٦٨٤٧..
٥ - سيرة ابن هشام ١/ ٥٧٨-٥٧٩، وأخرجه ابن جرير من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير ٦/٣٢٣، رقم : ٦٨٤٩..
قوله جل وعز :﴿ قل أطيعوا الله والرسول ﴾
[ آل عمران : ٣٢ ]
٣٦٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ قل أطيعوا الله والرسول ﴾ فأنتم تعرفونه وتجدونه في كتابكم١.
قوله عز وجل :﴿ فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين ﴾
[ آل عمران : ٣٢ ]
٣٦٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ فإن تولوا ﴾ أي : على كفرهم ﴿ فإن الله لا يحب الكافرين ﴾ ٢.
٣٦٧- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ فإن تولوا ﴾ في هذا الموضع هو فإن كفروا٣.
١ - سيرة ابن هشام ١/ ٥٧٩، وأخرجه ابن جرير من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر ابن الزبير ٦/ ٣٢٥، رقم: ٦٨٥٠، وابن أبي حاتم ٢/٦٣٣، رقم: ٣٤٠٦..
٢ - سيرة ابن هشام ١/٥٧٩، وأخرجه ابن جرير من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير ٦/٣٢٥، رقم: ٦٨٥٠، وابن أبي حاتم ٢/٦٣٤، رقم: ٣٤٠٩..
٣ - مجاز القرآن ١/٩٠..
قوله عز وجل :﴿ إن الله اصطفى آدم ونوحا ﴾ الآية
[ آل عمران : ٣٣ ]
٣٦٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عبد الوهاب الأصم، قال : حدثنا هاشم بن القاسم، عن قيس بن الربيع، عن عاصم الأحول، عن عكرمة، عن ابن عباس قال : إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة١، واصطفى موسى بالكلام٢، واصطفى محمدا بالرؤية ٣.
٣٦٩- حدثنا علان، قال : حدثنا أبو صالح، قال : حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس : قوله جل وعز :﴿ إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ﴾ قال : هم المؤمنون، منهم آل إبراهيم، وآل عمران، وآل ياسين، وآل محمد صلوات الله عليهم بقول الله سبحانه ﴿ إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه ﴾ وهم المؤمنون٤.
٣٧٠- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة :﴿ إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ﴾ قال : ذكر الله أهل بيتين صالحين، ورجلين صالحين، ففضلهما الله على العالمين، وكان محمد صلى الله عليه و سلم من آل إبراهيم٥.
١ - الخلة لغة: المودة، والصديق. القاموس مادة: خلل ص ١٢٨٥، والمفردات ص ٢٩١، والخليل : الصادق، أو من أصغى المودة وأصحها. القاموس (ص ١٢٨٥، وقوله : إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة: إشارة إلى قوله تعالى :﴿واتخذ الله إبراهيم خليلا﴾ سورة النساء من الآية ١٢٥..
٢ - يشير إلى قوله تعالى: ﴿وكلم الله موسى تكليما﴾ سورة النساء من الآية ١٦٤..
٣ - وهذا على قول ابن عباس إن النبي صلى الله عليه و سلم رأى ربه، وجاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: " من زعم أن محمدا صلى الله عليه و سلم رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية" أخرجه مسلم في صحيحه رقم: ١٧٧..
٤ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٢٦، رقم: ٦٨٥١، وابن أبي حاتم ٢/٦٣٥، رقم: ٣٤١٤..
٥ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١١٨، وابن جرير ٦/٣٢٦، رقم: ٦٨٥٣، وابن أبي حاتم ٢/٦٣٥، رقم: ٣٤١٣..
قوله عز وجل :﴿ ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ﴾
[ آل عمران : ٣٤ ]
٣٧١- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة في قوله عز وجل :﴿ ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ﴾ يقول : في النية والعمل والإخلاص والتوحيد له١.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٢٨، رقم: ٦٨٥٥، وابن أبي حاتم ٢/٦٣٥، رقم: ٣٤١٨..
قوله عز وجل :﴿ إذ قالت امرأة عمران ﴾ [ آل عمران : ٣٥ ]
٣٧٢- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ إذ قالت امرأة عمران ﴾ معناها : قالت امرأة عمران١.
٣٧٣- حدثنا زكريا، حدثنا إسحاق، قال : قرأت على أبي قرة في تفسيره، عن ابن جريج، قال : أخبرني القاسم، قال : قال عكرمة : اسم أم مريم : حنة٢.
٣٧٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن الخليل، قال : حدثنا صدقة بن سابق، قال : قرأت على محمد بن إسحاق قال : إن زكريا وعمران تزوجا أختين، وكانت أم يحيى عند زكريا، وكانت أم مريم عند عمران، فهلك عمران وأم مريم حامل بمريم جنين في بطنها٣.
قوله عز وجل :﴿ رب إني نذرت لك ما في بطني ﴾
[ آل عمران : ٣٥ ]
٣٧٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن الخليل، قال : حدثنا صدقة ابن سابق، قال : قرأت على محمد بن إسحاق قال : كانت أم مريم عند عمران، فكانت فيما يزعمون قد أمسك عنها الولد حتى أيست، وكانوا أهل بيت من الله بمكان، فبينا هي في ظل شجرة إذ نظرت إلى طائر يطعم فراخا له، فتحركت نفسها للولد، ودعت الله أن يهب لها ولدا، فحملت بمريم وهلك عمران. فلما عرفت أن في بطنها جنينا جعلته نذيرة. والنذيرة : أن يعبد الله بجعله حبيسا في الكنيسة، لا ينتفع بشيء من أمر الناس. فلما حضرها الولادة ولدت مريم بنت عمران، فلما وضعتها
﴿ قالت رب إني وضعتها أنثى ﴾ إلى آخر الآية٤.
قوله عز وجل :﴿ محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم ﴾
[ آل عمران : ٣٥ ]
٣٧٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال : أخبرنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قول الله جل ثناؤه :﴿ رب إني نذرت لك ما في بطني محررا ﴾ قال : نذرت أن تجعله محررا للعبادة٥. ٦
٣٧٧- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، قال : وأخبرني القاسم، عن عكرمة مولى ابن عباس : إنها لحرة بنت الأحرار، ولكن محررا للكنيسة يخدمها، كنائس كانوا يعبدون فيها، ويخدمون فيها التوراة، ليس لهم عمل إلا ذلك٧.
٣٧٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عبد الله بن الجراح، قال : حدثنا أبو الأحوص، عن خصيف، عن مجاهد في قول أم مريم :﴿ إني نذرت لك ما في بطني محررا ﴾ قال : جعلته محررا للعبادة للمسجد، لم تجعل للدنيا فيه شيئا٨.
٣٧٩- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أبو يحيى بن المقرئ، قال : حدثنا مروان، عن جويبر، عن الضحاك :﴿ إني نذرت لك ما في بطني محررا ﴾ وكانت المرأة في زمان بني إسرائيل إذا ولدت غلاما أرضعته وربته، حتى إذا أطاق الخدمة دفعته إلى الذين يدرسون الكتب فقالت : هذا محرر لكم يخدمكم٩.
٣٨٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا ابن أبي عمر، قال : حدثنا سفيان في قوله عز وجل :﴿ محررا ﴾ قال : يخدم الكنيسة سنة.
٣٨١- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ محررا ﴾ جعلته عتيقا، تعبده لله، لا ينتفع به لشيء من الدنيا١٠.
٣٨٢- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ محررا ﴾ أي : عتيقا [ لله ]، أعتقته وحررته واحد١١.
وقال الشعبي :﴿ إني نذرت لك ما في بطني محررا ﴾ قال : جعلها معه في الكنيسة، وفرغها للعبادة١٢.
١ - مجاز القرآن ١/٩٠..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٣٢، رقم : ٦٨٧٥..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٣٠، رقم: ٦٨٥٨..
٤ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٣٠، رقم: ٦٨٥٨..
٥ - في م: للصلاة..
٦ - الدر المنثور ٢/١٨٢..
٧ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٣٢، رقم: ٦٨٧٥..
٨ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٣١، رقم: ٦٨٦٧ مختصرا، وابن أبي حاتم ٢/٦٣٦، رقم: ٣٤٢٢..
٩ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٣٢، رقم: ٦٨٧٤..
١٠ - سيرة ابن هشام ١/ ٥٧٩، وأخرجه ابن جرير ٢/٣٣٠، رقم: ٦٨٥٩ من طريق ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير..
١١ - مجاز القرآن ١/٩٠..
١٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٣١، رقم: ٦٨٦٢ – ٦٨٦٤..
قوله عز وجل :﴿ فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى ﴾
[ آل عمران : ٣٦ ]
٣٨٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن عبد الهادي، قال : حدثنا يونس بن محمد، قال : حدثنا الحكم بن الصلت، قال : سألت شرحبيل أبا سعد عن قوله جل وعز :﴿ إني نذرت لك ما في بطني محررا ﴾ قال : إنما كانوا يحررون الغلمان فقالت :﴿ رب إني نذرت لك ما في بطني محررا ﴾ ولم تقل : إن كان غلاما، ﴿ فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى ﴾ أي تعتذر بذلك١.
٣٨٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، قال : حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال : أخبرني القاسم بن أبي بزة، عن عكرمة :﴿ فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى ﴾ قال : ليس في الكنيسة إلا الرجال، ولا ينبغي للمرأة أن تكون مع الرجال، أمها تقوله. فذلك الذي منعها أن تجعلها في الكنيسة، وتنفذ نذرها في الكنيسة٢.
قوله عز وجل :﴿ وليس الذكر كالأنثى ﴾ [ آل عمران : ٣٦ ]
٣٨٥- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ وليس الذكر كالأنثى ﴾ قال : كانت امرأة عمران حررت لله ما في بطنها، وكانوا إنما يحررون الذكور، فكان المحرر إذا حرر جعل في الكنيسة لا يبرحها، يقوم عليها ويكنسها، وكانت المرأة لا تستطيع أن تصنع ذلك ؛ لما يصيبها من الحيض والأذى، فعند ذلك قالت :﴿ وليس الذكر كالأنثى ﴾٣.
- وقال الضحاك : أي : ليس يصلح أن يخدم الجواري الأحبار، فربتها.
قوله عز وجل :﴿ وإني سميتها مريم ﴾ [ آل عمران : ٣٦ ]
٣٨٦- حدثنا أبو ميسرة، قال : حدثنا محمد بن عبيد بن حسان، قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من مولود إلا مسه الشيطان فيستهل صارخا من مسه، إلا مريم بنت عمران وابنها. ثم قال : إن شئتم قرأتم :﴿ وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ﴾ ٤.
٣٨٧- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن المنذر بن النعمان الأفطس، أنه سمع وهب بن منبه يقول : لما ولد عيسى أتت الشياطين إبليس فقالت : أصبحت الأصنام قد نكست رؤوسها، فقال : هذا حدث  ! مكانكم، فطار حتى جاء خافقي الأرض فلم يجد شيئا، ثم جاء البحار فلم يقدر على شيء، ثم طار أيضا فوجد عيسى قد ولد عند مذود حمار، وإذا الملائكة قد حفت حوله، فرجع إليهم فقال : إن نبيا قد ولد البارحة ما حملت أنثى قط ولا وضعت إلا وأنا بحضرتها إلا هذا، فأيسوا أن تعبد الأصنام بعد هذه الليلة، ولكن ائتوا بني آدم من قبل الخفة والعجلة٥.
- وقال قتادة : ذكر لنا أن عيسى كان يمشي على البحر كما يمشي على البر، مما أعطاه الله من اليقين والإخلاص٦.
١ - أخرجه ابن جرير بمعناه ٦/ ٣٣٥، رقم : ٦٨٨٢..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/ ٣٥١، رقم: ٦٩٠٦، و ٦/٣٣٦، رقم: ٦٨٨٣، وابن أبي حاتم ٢/٦٣٧، رقم: ٣٤٢٨، وعبد الرزاق ١/١٢٦، رقم: ٣٩٠ مختصرا..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/ ٣٣٢، رقم: ٦٨٧٠ – ٦٨٧١، و ٦/٣٣٥، رقم : ٦٨٧٩ – ٦٨٨٠..
٤ - أخرجه البخاري رقم: ٤٥٤٨، ومسلم رقم: ٢٣٦٦..
٥ - أخرجه عبد الرزاق ١/ ١٢٦، رقم: ٣٩٢، وابن جرير ٦/٣٤١، رقم : ٦٨٩٤..
٦ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٤١، رقم: ٦٨٩٥، وابن أبي حاتم ٢/٦٣٨، رقم: ٣٤٣٦..
قوله عز وجل :﴿ فتقبلها ربها بقبول حسن ﴾ [ آل عمران : ٣٧ ]
٣٨٨- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج في قوله عز وجل :﴿ فتقبلها ربها بقبول حسن ﴾ قال : تقبل من أمها ما أرادت بها للكنيسة فأجرها فيه١.
٣٨٩- حدثنا علي، عن أبي عبيد قال : أخبرني اليزيدي، عن أبي عمرو بن العلاء، قال : لم أسمع العرب تضم القاف في ﴿ قبول ﴾ وكان القياس الضم، لأنه مصدر، مثل : دخول وخروج. قال : ولم أسمع بحرف آخر يشبهه في كلام العرب٢.
- قال أبو عبيد : وقد اجتمعت القراء عليه بالفتح لا أعلمه اختلفوا فيه.
قوله عز وجل :﴿ وأنبتها نباتا حسنا ﴾ [ آل عمران : ٣٧ ]
٣٩٠- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج في قوله عز وجل :﴿ وأنبتها نباتا حسنا ﴾ قال : إن نبتت لفي غذاء الله٣.
قوله عز وجل :﴿ وكفلها زكريا ﴾ [ آل عمران : ٣٧ ]
٣٩١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال : نذرت أن يجعلها محررا في المسجد للعبادة، فكان زكريا يدخل عليها المحراب.
٣٩٢- حدثنا علي، عن أبي عبيد، عن الكسائي وغيره في قوله عز وجل :﴿ وكفلها زكريا ﴾، من قرأها بالتشديد٤ أراد : كفلها الله زكريا، أي : ضمها إليه، وبالتشديد قرأها الكسائي٥، ومن خفف ٦ ﴿ كفلها ﴾ جعل الكفل لزكريا.
- قال أبو عبيد : وهذه قراءة أهل المدينة٧، وكذلك قرأها أبو عمرو٨.
٣٩٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الزعفراني، قال : حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة، :﴿ كفلها ﴾ خفيفة ﴿ زكريا ﴾٩ بمدة يقول : ضمها إليه، فكان زوج أختها١٠.
٣٩٤- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله :﴿ وكفلها زكريا ﴾ قال : سهمهم بقلمه١١.
٣٩٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن الخليل، قال : حدثنا صدقة بن سابق، قال : قرأت على محمد بن إسحاق قال : ووليها زكريا بعد هلاك أمها، فضمها إلى خالتها أم يحيى، فكانت معهم حتى إذا بلغت أدخلوها الكنيسة، لنذر أمها الذي نذرت، فجعلت تنبت وتزيد، وجعلت الملائكة – وهي مقبلة ومدبرة - يقولون : يا مريم يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين. قال : فيسمع ذلك زكريا فيقول : إن لبنت عمران لشأنا.
ثم أصاب بني إسرائيل أزمة، وهي على ذلك من حالها حتى ضعف زكريا عن حملها، فخرج إلى بني إسرائيل، فشكا ذلك إليهم فقالوا : ونحن على مثل حالك، حتى تقارعوا عليها بالأقلام، فخرج السهم على رجل من بني إسرائيل يقال له : جريج، قال : فعرفت مريم في وجهه شدة المؤونة، فقالت له : أحسن الظن بالله فإنه سيرزقنا، فجعل جريج يرزق بمكانها١٢.
قوله عز وجل :﴿ كلما دخل عليها زكريا المحراب ﴾
[ آل عمران : ٣٧ ]
٣٩٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال أخبرنا عمرو، عن أسباط، عن السدي :﴿ زكريا المحراب ﴾ المحراب : المصلى١٣.
٣٩٧- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ زكريا المحراب ﴾ المحراب : سيد المجالس ومقدمها وأشرفها، وكذلك هو من المساجد١٤.
قوله عز وجل :﴿ وجد عندها رزقا ﴾ [ آل عمران : ٣٧ ]
٣٩٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال : كان زكريا يدخل عليها المحراب، فوجد عندها عنبا في مكتل١٥ في غير حينه، فقال : يا مريم أنى لك هذا ؟ قال : فقالت : هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب١٦.
٣٩٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال : أخبرنا عمرو، عن أسباط، عن السدي قال : كان زكريا يدخل عليها فيجد عندها كل شيء في غير حينه، فاكهة الصيف في الشتاء والشتاء في الصيف١٧، فلو كان كل شيء يجده في حينه لاتهمها، وقال : لعل إنسانا يأتيها به، فسألها عن ذلك قال :﴿ أنى لك هذا ﴾ يا مريم ﴿ قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ﴾، فذلك قول الله جل وعز :﴿ كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا ﴾.
٤٠٠- حدثنا علي بن المبارك، قال حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ وجد عندها رزقا ﴾ قال : عنبا وجده زكريا عند مريم في غير زمانه١٨.
قوله عز وجل :﴿ قال يا مريم أنى لك هذا ﴾ [ آل عمران : ٣٧ ]
٤٠١- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ أنى لك هذا ﴾ أي : من أين لك هذا ؟ !
قال الكميت :
أنى ومن أين لك الطرب من حيث لا صبوة ولا ريب١٩
قوله عز وجل :﴿ قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ﴾ [ آل عمران : ٣٨ ]
٤٠٢- حدثنا إسحاق الطحان، قال : حدثنا أبو صالح كاتب الليث قال : حدثني الهقل، عن الأوزاعي، عن عطاء بن أبي رباح قال : سألت ابن عباس عن تفسير هذه الآية :﴿ إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ﴾ قال : تفسيرها : ليس على الله رقيب ولا من يحاسبه.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٤٥، رقم: ٦٩٠١..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٤٤، رقم: ٦٩٠٠..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٤٥، رقم: ٦٩٠١..
٤ - قرأها بالتشديد القراء الكوفيون وهم: عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وقرأ الباقون من القراء العشرة بتخفيف الفاء وهم: نافع وابن كثير وأبو عمرو البصري وابن عامر الشامي وأبو جعفر المدني، ويعقوب. ينظر النشر ٢/٢٣٩..
٥ - سبق ذكره بين الكوفيين في الهامش السابق..
٦ - تقدم ذكر الذين خففوا في الهامش المتقدم..
٧ - قراء المدينة : نافع المدني وأبو جعفر..
٨ - أبو عمر البصري تقدم ذكره مع الذين قرؤوا بالتخفيف..
٩ - أي: بالمد زكريا، وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف وحفص، ينظر النشر ٢/٢١٩..
١٠ - أخرجه ابن جرير ٦/ ٣٥٠، رقم: ٦٩٠٥ – ٦٩٠٨..
١١ - أخرجه ابن جرير ٦/ ٣٥٠، رقم: ٦٩٠٦، وابن أبي حاتم ٢/٦٣٩، رقم: ٣٤٣٨..
١٢ - أخرجه ابن جرير ٦/ ٣٥٦، رقم: ٦٩٣٦..
١٣ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٣٩، رقم: ٣٤٤٢..
١٤ - مجاز القرآن ١/٩١..
١٥ - المكتل والمكتلة (بكسر الميم ): الزنبيل الكبير الذي يحمل فيه التمر أو العنب، كأن فيه كتلا منه، أي قطعا مجتمعة..
١٦ - أخرجه ابن جرير ٦/ ٣٥٤، رقم: ٦٩١٧، وابن أبي حاتم ٢/٦٤٠، رقم: ٣٤٤٢، والحاكم وصححه ٢/٢٩١..
١٧ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٥٥، رقم : ٦٩٣١، وابن أبي حاتم ٢/٦٤٠، رقم: ٣٤٤٥ من طريق عكرمة..
١٨ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٥٤، رقم : ٦٩٢٥..
١٩ - مجاز القرآن ١/ ٩١، وهو في هاشمياته – مع شرحها ص ١٠٠..
قوله عز وجل :﴿ هنالك دعا زكريا ربه ﴾ [ آل عمران : ٣٨ ]
٤٠٣- حدثنا زكريا قال : حدثنا إسحاق قال : أخبرنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس – وذكر مريم- قال : قال زكريا : إن الله١ رزقك العنب في غير حينه، قادر على أن يرزقني من العاقر الكبير العقيم ولدا، فعند ذلك دعا زكريا ربه٢.
٤٠٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال : أخبرنا عمرو، عن أسباط، عن السدي :﴿ إن الله يرزق من يشاء بغير حساب هنالك دعا زكريا ﴾ قال : قال زكريا في نفسه : إن ربا رزق هذه فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء، لقادر أن يهب لي ولدا. فخرج إلى المحراب فصلى فيه، ونادى ربه نداء خفيا، قال : خفيا من أصحابه، والمحراب : المصلى، ﴿ هب لي من لدنك وليا ﴾.
٤٠٥- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ وجد عندها رزقا ﴾ الآية. قال : فعجب من ذلك زكريا، قال الله عز وجل :﴿ هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة ﴾.
١ - هكذا في الأصل ولعل الصواب: إن الذي رزقك... إلخ..
٢ - أخرجه بمعناه ابن جرير ٦/٣٦٠، رقم: ٦٩٤١..
قوله عز وجل :﴿ فنادته الملائكة ﴾ [ آل عمران : ٣٩ ]
٤٠٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا ابن رافع، عن هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن عبد الله قال : ذكروا الملائكة.
٤٠٧- حدثنا علي، عن أبي عبيد، عن الكسائي في قوله :﴿ فناديه الملائكة ﴾ بالياء، هكذا قرأه الكسائي١.
وكذلك روي عن عبد الله.
قال أبو عبيد : حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم قال : كان عبد الله٢ يذكر الملائكة في القرآن٣. ٤
قوله عز وجل :﴿ وهو قائم يصلي في المحراب ﴾
[ آل عمران : ٣٩ ]
٤٠٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا هارون بن عبد الله، قال : حدثنا سيار، قال : حدثنا جعفر، قال : سمعت ثابتا يقول : الصلاة خدمة الله في الأرض، ولو علم الله شيئا أفضل من الصلاة ما قال :﴿ فنادته الملائكة وهو قائم يصلي ﴾ ٥.
٤٠٩- حدثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، عن أبي عبيدة قال : المحراب سيد المجالس وأشرفها وأكرمها، وكذلك هو من المساجد٦.
قوله عز وجل :﴿ أن الله يبشرك ﴾ [ آل عمران : ٣٩ ]
٤١٠- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة قال : إن الملائكة شافهته بذلك مشافهة، وبشرته بيحيى٧.
٤١١- أخبرنا علي، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة : يبشرك، ويبشرك واحد٨. ٩
قوله عز وجل :﴿ بيحيى ﴾ [ آل عمران : ٣٩ ]
٤١٢- حدثنا محمد بن علي، قال حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة :﴿ أن الله يبشرك بيحيى ﴾ يقول : عبد أحياه الله بالإيمان١٠.
٤١٣- حدثنا زكريا، عن إسحاق، عن عمرو، عن أسباط، عن السدي :﴿ يحيى لم نجعل له من قبل سميا ﴾ ١١ قال : لم يسمها أحد قبله.
٤١٤- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا محمد ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ فنادته الملائكة. . . أن الله يبشرك بيحيى ﴾ بالحمل به.
قوله عز وجل :﴿ مصدقا بكلمة من الله ﴾ [ آل عمران : ٣٩ ]
٤١٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن يحيى، قال : حدثنا محمد بن يوسف، عن إسرائيل، قال : حدثنا سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله :﴿ مصدقا بكلمة من الله ﴾ قال : عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم هو الكلمة١٢.
٤١٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن سعيد، قال : حدثنا وهب ابن جرير، قال : حدثنا أبي، عن علي بن الحكم، عن الضحاك : وأما قوله عز وجل في يحيى :﴿ مصدقا بكلمة من الله ﴾ مصدق بعيسى، وكان يحيى أول من صدق بعيسى، وشهد أنه كلمة من الله، وكان يحيى ابن خالة عيسى، وكان أكبر من عيسى١٣.
٤١٧- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ مصدقا بكلمة من الله ﴾ يقول : مصدقا بعيسى ابن مريم على منهاجه١٤.
٤١٨- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ بكلمة من الله ﴾ أي : بكتاب من الله، تقول العرب للرجل : أنشدني كلمة كذا١٥ أي : قصيدة فلان وإن طالت١٦. ١٧
قوله جل ذكره :﴿ وسيدا ﴾ [ آل عمران : ٣٩ ]
٤١٩- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا يحيى الحماني، قال : حدثنا شريك، عن سالم، عن سعيد :﴿ وسيدا ﴾ قال : السيد : التقي١٨.
٤٢٠- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثني يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ وسيدا ﴾ أي : والله، لسيد في العبادة والحلم والعلم١٩.
٤٢١- حدثنا علي بن الحسن، قال : حدثنا العدني، عن سفيان، عن جويبر، عن الضحاك :﴿ وسيدا ﴾ حليما تقيا٢٠.
٤٢٢- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا يحيى الحماني، قال : حدثنا ابن المبارك، عن أبي بكر الهذلي، عن عكرمة :﴿ سيدا ﴾ قال : السيد الذي لا يغلبه غضبه٢١.
٤٢٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عباس بن محمد، قال : حدثنا شهاب بن عباد، قال : حدثنا ابن المبارك، عن إسماعيل بن عبد الملك، عن سعيد بن جبير في قوله عز وجل :﴿ وسيدا ﴾ قال : السيد : الذي يملك غضبه٢٢.
٤٢٤- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد قال : السيد : الحليم٢٣، وكذلك قال الربيع بن أنس.
٤٢٥- حدثنا موسى، قال : حدثنا عبد الأعلى، قال : حدثنا مسلم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله عز وجل :﴿ وسيدا ﴾ قال : كريم على الله٢٤.
قوله عز وجل :﴿ وحصورا ونبيا من الصالحين ﴾
[ آل عمران : ٣٩ ]
٤٢٦- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا يحيى الحماني، قال : حدثنا حماد بن شعيب، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال : هو العنين : حصورا٢٥.
٤٢٧- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال : حدثنا سلمة بن شابور، عن عطية، عن ابن عباس :
﴿ وحصورا ﴾ قال : الحصور الذي لا يأتي النساء.
وممن قال : إنه الذي لا يأتي النساء سعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والضحاك٢٦ والفراء٢٧. ٢٨
٤٢٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس أنه قال في الحصور : الذي لا ينزل الماء٢٩.
٣٢٩- حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب، قال : حدثنا عبيد الله وهو ابن موسى العبسي، قال : أخبرنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس في قوله عز وجل :﴿ وحصورا ﴾ قال : الحصور الذي لا يولد له٣٠.
٤٣٠- حدثنا أحمد بن داؤد السمناني، قال : حدثنا سويد بن سعيد، قال : حدثنا علي بن مسهر، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال : سمعت عبد الله بن عمرو قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ما من عبد يلقى الله إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا، فإن الله عز وجل يقول :﴿ وسيدا وحصورا ﴾ قال : وإنما كان ذكره مثل هدبة الثوب٣١، وأشار بأنمله، وذبح ذبحا.
٤٣١- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب، أنه قرأ :﴿ وسيدا وحصورا ﴾ فأخذ شيئا من الأرض فقال : الحصور الذي معه مثل هذا٣٢.
٤٣٢- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ وحصورا ﴾ الحصور : له غير موضع، والأصل واحد، والذي لا يأتي النساء، وهو الذي لا يولد له، والذي يكون مع الندامى، فلا يخرج شيئا٣٣.
٤٣٣- حدثنا علي، عن أبي عبيد، عن الفراء قال : هو الذي لا يقرب النساء. قال : ويقال منه حصرت أحصر إذا امتنع من ذلك.
قال أبو عبيد : ولا أحسب الحصر في القراءة إلا من هذا، لأنه يمتنع منها ولا يقدر عليها، كما لا يقدر هذا على النكاح.
١ - الكسائي لم يقرأ بالياء وإنما قال: فناداه، بألف بعد الدال في النطق، ممالة، وأما في الرسم فبالياء، فناديه وهي قراءة الكسائي وحمزة. ينظر البدور الزاهرة للشيخ عبد الفتاح القاضي ص ٦٣..
٢ - هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه..
٣ - أي: فناداه، بالتذكير للتأويل أي فناداه جبريل، بدلا من : فنادته، بالتأنيث، وهي قراءة جماعة من أهل الكوفة. وقراءة عامة قراء أهل المدينة وبعض أهل الكوفة والبصرة ﴿فنادته الملائكة﴾ على التأنيث بالتاء، يراد بها جمع ﴿الملائكة﴾ وكذلك تفعل العرب في جماعة الذكور، إذا تقدمت أفعالها، أنثت أفعالها، ولا سيما الأسماء التي في ألفاظها التأنيث، كقولهم: «جاءت الطلحات»، ابن جرير ٦/٣٦٣، ٣٦٤..
٤ - عزاه في الدر المنثور ٢/ ١٨٧ إلى الخطيب في تاريخه وانظر المصاحف للسجستاني ص ٧٠..
٥ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٤١، رقم: ٣٤٥٤..
٦ - مجاز القرآن ١/٩١ وفيه: سيد المجالس ومقدمها وأشرفها وكذلك هو من المساجد..
٧ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٧٠، رقم: ٦٩٤٨ بنحوه، وابن أبي حاتم ٢/٦٤١، رقم : ٣٤٥٢..
٨ - مجاز القرآن ١/٩١..
٩ - أي: بتشديد الشين وضم الياء، على وجه تبشير الله زكريا بالولد وهي قراءة عامة قراء أهل المدينة والبصرة. وبفتح الياء وضم الشين وتخفيفها بمعنى أن الله يسرك بولد يهبه لك وهي قراءة جماعة من قراء الكوفة وغيرهم. وقد قيل: إنها لغة أهل تهامة من كنانة وغيرهم من قريش. ابن جرير ٦/٣٦٨..
١٠ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٧٠، رقم : ٦٩٤٩، وابن حاتم ٢/٦٤٢، رقم: ٣٤٥٧..
١١ - الآية ٧ من سورة مريم..
١٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٧٣، رقم : ٦٩٦١. وابن أبي حاتم ٢/٦٤٢، رقم : ٣٤٥٨..
١٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٧٢، رقم : ٦٩٦٠. وابن أبي حاتم ٢/٦٤٣، رقم : ٣٤٥٨..
١٤ - أخرجه ابن جرير ٦/٣١٢، رقم: ٦٩٥٧..
١٥ - من مجاز القرآن كلمة كذا وكذا..
١٦ - مجاز القرآن ١/٩١..
١٧ - وقد عد الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله ذلك جهلا من صاحب مجاز القرآن بتأويل (الكلمة) واجتراء منه على ترجمة القرآن برأيه. ابن جرير ٦/٣٧٣.
.

١٨ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٧٥، رقم: ٦٩٧٠..
١٩ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٧٤، رقم: ٦٩٦٧..
٢٠ - أخرجه أحمد في الزهد ص ١٣٦، رقم: ٤٦٠، وابن جرير ٦/٣٧٥، رقم: ٦٩٧٣، ولفظه قال: السيد: الحسن الخلق. وبه قال ابن عباس، كما أخرجه ابن جرير ٦/٣٧٦، رقم: ٦٩٧٨، وابن أبي حاتم ٢/٦٤٢، رقم: ٣٤٥٩..
٢١ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٧٦، رقم: ٦٩٧٩، وابن أبي حاتم ٢/٦٤٢، رقم: ٣٤٦٠..
٢٢ - في م: يملك نفسه عن الغضب..
٢٣ - أخرجه ابن جرير ٦ /٣٧٥، رقم: ٦٩٦٩..
٢٤ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٧٥، رقم : ٦٩٧١، وابن أبي حاتم ٢/٦٤٣، رقم: ٣٤٦٢، من طريق ابن أبي نجيح، زعم الرقاشي السيد: الكريم على الله..
٢٥ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٧٧، رقم: ٦٩٨٠ بلفظ: الذي لا يأتي النساء، وابن أبي حاتم ٢/٦٤٣، رقم: ٣٤٦٦..
٢٦ - أخرجه الإمام أحمد في الزهد ص ١٣٩، رقم : ٤٦٠ بمعناه..
٢٧ - معاني القرآن للفراء ١/ ٢١٣..
٢٨ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/ ٦٤٣، رقم: ٣٤٦٦، وزاد فيهم: [وعطية وجابر بن زيد]. وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن جرير ٦/٣٧٨، رقم: ٦٩٨٥، وكذلك قول مجاهد ٦/٣٧٩، رقم : ٦٩٨٩..
٢٩ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٤٣، رقم: ٣٤٦٧..
٣٠ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٤٤، رقم : ٣٤٦٨..
٣١ - أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على زهد أبيه ١/١٣٩، رقم: ٤٦١، وابن جرير ٦/٣٧٧، رقم: ٦٩٨١، وابن أبي حاتم ٢/٦٤٣، رقم: ٣٤٦٤..
٣٢ - أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ينظر: الرقم السابق، وابن جرير ٦/٣٧٨، رقم: ٦٩٨٤ بمعناه..
٣٣ - مجاز القرآن ١/٩٢..
قوله جل ذكره :﴿ قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر ﴾
[ آل عمران : ٤٠ ]
٤٣٤- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ وقد بلغني الكبر ﴾ أي : بلغت الكبر، والعرب تصنع مثل هذا تقول : هذا القميص لا يقطعني١.
قوله عز وجل :﴿ وامرأتي عاقر ﴾ الآية [ آل عمران : ٤٠ ]
٤٣٥- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ وامرأتي عاقر ﴾ العاقر : التي لا تلد، والرجل العاقر : الذي لا يلد.
قال عامر بن الطفيل :
لبئس الفتى إن كنت أعور عاقرا جبانا فما عذري لدى كل محضر٢.
١ - مجاز القرآن ١/٩٢..
٢ - مجاز القرآن ١/٩٢. والبيت لعامر بن الطفيل ينظر في ديوانه ص ١١٩..
قوله عز وجل :﴿ قال رب اجعل لي آية ﴾ [ آل عمران : ٤١ ]
٤٣٦- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ رب اجعل لي آية ﴾ بالحمل به.
قوله جل وعز :﴿ قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام ﴾
[ آل عمران : ٤١ ]
٤٣٧- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام ﴾ قال : إنما عوقب بذلك لأن الملائكة شافهته بذلك مشافهة، فبشرته بيحيى، فسأل الآية بعد كلام الملائكة إياه، فأخذ عليه بلسانه١.
٤٣٨- حدثنا زكريا، قال حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا عمرو، عن أسباط، عن السدي :﴿ فنادته الملائكة ﴾ الآية قال : فجاء الشيطان إلى زكريا فقال : هذا النداء الذي نوديت ليس من الله، إنما هو من الشيطان سخر بك، لو كان من الله أوحاه إليك كما كان يوحي إليك، فقال عند ذلك :﴿ رب اجعل لي آية ﴾ حتى أعلم أن هذا النداء منك، فقال له :﴿ آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا ﴾ ٢.
قال ابن جريج : آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام، تمسك على فيك.
قوله عز وجل :﴿ إلا رمزا ﴾ [ آل عمران : ٤١ ]
٤٣٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله :﴿ إلا رمزا ﴾ يومئه إيماء بشفتيه٣.
٤٤٠- حدثنا موسى، قال : حدثنا أبو الأشعث، قال : حدثنا عثام ابن علي، قال : حدثنا النضر بن عدي، عن عكرمة في قوله عز وجل :﴿ إلا رمزا ﴾ قال : حرك شفته.
٤٤١- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ إلا رمزا ﴾ الرمز باللسان، من غير أن يبين، ويخفض بالصوت، مثل الهمس٤.
٤٤٢- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا محمد بن بكار، قال : حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب أنه قال :﴿ إلا رمزا ﴾ قال : الإشارة.
- وكذلك قال الضحاك٥.
٤٤٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا محمد بن سلمة، عن خصيف :﴿ إلا رمزا ﴾ قال : إشارة بالشفتين والحاجبين٦.
٤٤٤- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا هدبة، قال : حدثنا سلام بن أبي مطيع، عن قتادة في قوله عز وجل :﴿ آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا ﴾ قال : إيماء٧.
قوله عز وجل :﴿ واذكر ربك كثيرا ﴾ [ آل عمران : ٤١ ]
٤٤٥- حدثنا موسى، قال : حدثنا محمد بن بكار، قال : حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب أنه قال : لو رخص لأحد في ترك الذكر لرخص لزكريا حين قال :﴿ آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا ﴾ قال : الإشارة، قال :﴿ واذكر ربك كثيرا ﴾٨.
قوله عز وجل :﴿ وسبح بالعشي والإبكار ﴾ [ آل عمران : ٤١ ]
٤٤٦- حدثنا موسى، قال : حدثنا عبد الأعلى، قال : حدثنا مسلم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله :﴿ وسبح بالعشي والإبكار ﴾ قال : الإبكار : أول الفجر، والعشي : ميل الشمس إلى أن تغيب٩.
٤٤٧- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة : الإبكار : مصدر من قال أبكرت، وأكثرهما بكر يبكر وباكر١٠.
١ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٢٧، رقم: ٣٩٧، وابن جرير ٦/٣٨٦، رقم: ٧٠٠٦، وابن أبي حاتم ٢/٦٤٥، رقم : ٣٤٧٨..
٢ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٤٥، رقم: ٣٤٧٧..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٨٩، رقم: ٧٠١٠-٧٠١٢..
٤ -مجاز القرآن ١/٩٣..
٥ - قول الضحاك أخرجه ابن جرير ٦/٣٨٩، رقم: ٧٠١٣ – ٧٠١٤، وابن أبي حاتم ٢/٦٤٦، رقم: ٣٤٨١..
٦ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٤٦، رقم : ٣٤٨٠..
٧ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٠، رقم: ٧٠١٨..
٨ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٩١، رقم : ٧٠٢٣، وابن أبي حاتم ٢/٦٤٦، رقم: ٣٤٨٤..
٩ - أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٢، رقم: ٧٠٢٤. وابن أبي حاتم ٢/٦٤٦، رقم: ٣٤٨٦..
١٠ - مجاز القرآن ١/٩٣، وينظر ابن جرير ٦/٣٩٢، رقم: ٧٠٢٣..
قوله عز وجل :﴿ وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك ﴾ [ آل عمران : ٤٢ ]
٤٤٨- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله عز وجل :﴿ وطهرك ﴾ قال : جعلك طيبة إيمانا١.
٤٤٩- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ وإذ قالت الملائكة ﴾ مثل : قالت الملائكة٢.
قوله عز وجل :﴿ واصطفاك على نساء العالمين ﴾
[ آل عمران : ٤٢ ]
٤٥٠- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، قال : أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد »٣.
٤٥١- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، قال : أخبرنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب في قوله :﴿ يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ﴾ قال :[ كان ]٤. أبو هريرة يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه لزوج في ذات يده ». قال أبو هريرة :«ولم تركب مريم بعيرا قط٥ ».
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٠٠، رقم: ٧٠٣٤، وابن أبي حاتم ٢/٦٤٧، رقم : ٣٤٨٩..
٢ - مجاز القرآن ١/ ٩٣..
٣ - أخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم: ٢٠٩١٩، وفي التفسير ١/١٢٨، رقم: ٤٠٣، وأحمد ٣/١٣٥، والترمذي رقم: ٣٨٧٨، وصححه، وابن جرير ٦/٣٩٧، رقم: ٧٠٣٠، والحاكم ٣/١٥٧..
٤ - زيادة يقتضيها السياق..
٥ - أخرجه البخاري رقم : ٣٤٣٤، ومسلم رقم: ٢٥٢٧..
قوله عز وجل :﴿ يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ﴾ [ آل عمران : ٤٣ ]
٤٥٢- حدثنا علي بن الحسن، قال : حدثنا عبد الله العدني، عن سفيان، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مجاهد في قوله :﴿ يا مريم اقنتي لربك ﴾ قال : أطيلي الركوع١.
٤٥٣- حدثنا علي، قال : حدثنا عبد الله، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد، قال : كانت تصلي حتى تورم قدماها٢.
٤٥٤- حدثنا علي النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة في قوله عز وجل :﴿ يا مريم اقنتي لربك ﴾ قال : أطيعي ربك٣.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٠٢، رقم: ٧٠٤٣..
٢ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٢٧، رقم: ٣٩٥، وابن جرير ٦/٤٠٢، رقم: ٧٠٤٥، وابن أبي حاتم ٢/٦٤٨، رقم : ٣٤٩٤، بمعناه..
٣ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٢٨، رقم: ٤٠٢، وابن جرير ٦/٤٠٣، رقم: ٧٠٤٨..
قوله عز وجل :﴿ ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم ﴾
[ آل عمران : ٤٤ ]
٤٥٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وما كنت لديهم ﴾ أي : ما كنت معهم١.
٤٥٦- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ وما كنت لديهم ﴾ أي : عندهم٢.
قوله عز وجل :﴿ إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ﴾
[ آل عمران : ٤٤ ]
٤٥٧- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ إذ يلقون أقلامهم ﴾ قال : زكريا وأصحابه استهموا بأقلامهم على مريم حين دخلت، فسهمهم بقلمه زكريا٣.
٤٥٨- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة :﴿ وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ﴾ كانت مريم ابنة إمامهم وسيدهم، فتشاجر بنو إسرائيل، فاقترعوا فيها بسهامهم أيهم يكفلها، فقرعهم زكريا، فكفلها زكريا، يقول ضمها إليه٤.
٤٥٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا ابن أبي عمر، قال : حدثنا سفيان، قال : ألقوا أقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحي، فاستهموا بالأقلام، فخرج سهم زكريا.
٤٦٠- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ يلقون أقلامهم ﴾ قال : كان عطاء يقول : بقداحهم.
- وقال ابن جريج : كان غير عطاء يقول : أقلامهم التي يكتبون بها التوراة٥.
٤٦١- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ يلقون أقلامهم ﴾ : قداحهم٦.
١ - سيرة ابن هشام ١/٥٨٠، وأخرجه ابن أبي حاتم بمعناه ٢/٦٤٩، رقم: ٣٥٠٠..
٢ - مجاز القرآن ١/٩٣..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٧٠٤- ٤٠٨، رقم: ٧٠٥٣. وابن أبي حاتم ٢/٦٤٩، رقم: ٣٥٠٢..
٤ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٢٨، رقم: ٤٠٤ مختصرا، وابن جرير ٦/٤٠٨، رقم: ٧٠٥٥..
٥ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٤٩، رقم: ٣٥٠٤- ٣٥٠٥..
٦ - مجاز القرآن ١/٩٣..
قوله عز وجل :﴿ وما كنت لديهم إذ يختصمون إذ قالت الملائكة ﴾ الآية
[ آل عمران : ٤٤-٤٥ ]
٤٦٢- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ إن الله يبشرك ﴾ ويبشرك واحد١.
قوله عز وجل :﴿ بكلمة منه ﴾ [ آل عمران : ٤٥ ]
٤٦٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال : أخبرنا وكيع، قال : حدثنا إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس :﴿ بكلمة منه ﴾ قال : عيسى، وهو الكلمة من الله٢.
٤٦٤- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ أن الله يبشرك بكلمة منه ﴾ أي : الرسالة، هو ما أوحى الله به إلى الملائكة في أن يجعل لمريم ولدا٣.
قوله عز وجل :﴿ اسمه المسيح ﴾ [ آل عمران : ٤٥ ]
٤٦٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قال : المسيح : الصديق٤.
قوله عز وجل :﴿ عيسى ابن مريم ﴾ [ آل عمران : ٤٥ ]
٤٦٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : حدثنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم ﴾ أي : هكذا أمره
لا ما يقولون فيه٥.
قوله عز وجل :﴿ وجيها في الدنيا والآخرة ﴾ [ آل عمران : ٤٥ ]
٤٦٧- حدثنا علي، عن أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وجيها في الدنيا والآخرة ﴾ أي : عند الله٦.
٤٦٨- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ وجيها في الدنيا والآخرة ﴾ الوجيه الذي يشرف وتوجهه الملوك أي : تشرفه٧.
قوله عز وجل :﴿ ومن المقربين ﴾ [ آل عمران : ٤٥ ]
٤٦٩- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، قوله عز وجل :﴿ وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ﴾ يقول : من المقربين عند الله يوم القيامة٨.
٤٧٠- حدثنا زكريا قال : حدثنا عمرو، قال : حدثنا زياد، عن محمد ابن إسحاق :﴿ وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ﴾ أي : ومن المقربين عند الله.
١ - مجاز القرآن ١/٩١ وقد تقدم الأثر قريبا عند تفسير الآية رقم : ٣٩ عن أبي عبيد، عن أبي عبيدة..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٤١٢، رقم: ٧٠٦٢، وابن أبي حاتم ٢/٦٥١، رقم: ٣٥١٤..
٣ - مجاز القرآن ١/٩٣..
٤ - تفسير سفيان ص ٧٨، وأخرجه ابن جرير ٦/٤١٤، رقم : ٧٠٦٤، وابن أبي حاتم ٢/٦٥١، رقم: ٣٥١٦..
٥ - سيرة ابن هشام ١/٥٨٠، وأخرجه ابن جرير ٦/٤١٤، رقم: ٧٠٦٣..
٦ - سيرة ابن هشام ١/٥٨٠، وأخرجه ابن جرير ٦/٤١٥، رقم: ٧٠٦٧، وابن أبي حاتم ٢/٦٥١، رقم : ٣٥١٩..
٧ - مجاز القرآن ١/٩٣، وفيه : ويكون له وجه عند الملوك..
٨ - أخرجه ابن جرير ٦/٤١٦، رقم: ٧٠٦٨..
قوله جل ذكره :﴿ ويكلم الناس في المهد ﴾ [ آل عمران : ٤٦ ]
٤٧١- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج [ قال ]١ : وبلغني عن ابن عباس قال :
﴿ ويكلم الناس في المهد ﴾ قال : المهد مضجع الصبي في رضاعه٢.
قوله جل ذكره :﴿ وكهلا ومن الصالحين ﴾ [ آل عمران : ٤٦ ]
٤٧٢- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ وكهلا ﴾ قال : الكهل : الحليم٣.
- وكذلك روي عن عكرمة.
٤٧٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا يزيد بن صالح، قال : حدثنا خارجة، عن سعيد، عن قتادة :﴿ ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين ﴾ قال : يكلمهم صغيرا وكبيرا٤.
- وكذلك قال ابن جريج٥.
٤٧٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين ﴾ يخبرهم بحالاته التي يتقلب فيها في عمره، كتقلب بني آدم في أعمارهم صغارا وكبارا، إلا أن الله عز وجل خصه بالكلام في مهده، آية لنبوته، وتعريفا للعباد مواقع قدرته٦.
١ - زيادة يقتضيها السياق. وعند ابن جرير عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٤١٧، رقم: ٧٠٧١..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٤١٩، رقم: ٧١٧٥، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٢، رقم: ٣٥٢٥..
٤ - أخرجه ابن جرير ٦/٤١٩، رقم: ٧٠٧٣، وقول ابن جريج أيضا..
٥ - أخرجه ابن جرير ٦/٤١٩، رقم: ٧٠٧٦..
٦ - سيرة ابن هشام ١/٥٨٠ وأخرجه ابن جرير ٦/٤١٩، رقم: ٧٠٧٢، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٣، رقم: ٣٥٢٧..
قوله عز وجل :﴿ قالت رب أنى يكون لي ولد ﴾
[ آل عمران : ٤٧ ]
٤٧٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : حدثنا زياد، عن محمد بن إسحاق، قوله :﴿ يخلق ما يشاء ﴾ أي : يصنع ما أراد، ويخلق ما يشاء، من بشر أو غير بشر١.
قوله عز وجل :﴿ إذا قضى أمرا فإنما ﴾ الآية [ آل عمران : ٤٧ ]
٤٧٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : حدثنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن ﴾ مما شاء وكيف شاء، فيكون كما أراد٢.
١ - سيرة ابن هشام ١/٥٨٠، وأخرجه ابن جرير من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر ابن الزبير ٦/٤٢١، رقم: ٧٠٧٩، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٣، رقم : ٣٥٢٩..
٢ - سيرة ابن هشام ١/٥٨١، وأخرجه ابن جرير بنفس الطريق السابق ٦/٤٢١، رقم: ٧٠٧٩، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٣، رقم: ٣٥٣٠..
قوله عز وجل :﴿ ويعلمه الكتاب ﴾ [ آل عمران : ٤٨ ]
٤٧٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : حدثنا جرير، عن أشعث بن إسحاق القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، قال : لما ترعرع عيسى جاءت به أمه إلى الكتاب، فدفعته إليه فقال : قل : باسم، فقال عيسى : الله، قال المعلم : قل : الرحمن، قال عيسى : الرحيم.
فقال المعلم : قل : أبو جاد١، قال : هو في كتاب، قال عيسى : أتدري ما ألف ؟ قال : لا، قال : آلاء الله، أتدري ما باء ؟ قال : لا، قال : بهاء الله، قال : أتدري ما جيم ؟ فقال : لا، فقال : جلال الله، أتدري ما اللام ؟ فقال : لا، قال : آلاء الله، قال : فجعل يفسر على هذا النحو، قال المعلم : كيف أعلم من هو أعلم مني ؟ ! قالت : فدعه يقعد مع الصبيان، فكان يخبر الصبيان بما يأكلون، وما تدخر لهم أمهاتهم في بيوتهم٢.
٤٧٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن الخليل، قال : حدثنا صدقة بن سابق، قال : قرأت على محمد بن إسحاق في قصة عيسى، قال : حتى إذا بلغ التسع أو العشر أو نحو ذلك، أدخلته الكتاب فيما يزعمون، فكان عند رجل من المكتبين يعلمه كما يعلم الغلمان، ولا يذهب يعلمه شيئا مما يعلمهم إلا بدره على علمه قبل أن يعلمه إياه، فيقول : ألا تعجبون إلى ابن هذه الأرملة ؟ ما أذهب به أعلمه شيئا إلا وجدته أعلم به مني٣.
٤٧٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : قرأت على أبي قرة في «تفسيره » عن ابن جريج :﴿ ويعلمه الكتاب ﴾ النبوة٤.
٤٨٠- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ ويعلمه الكتاب ﴾ بيده٥.
قوله عز وجل :﴿ والحكمة ﴾ [ آل عمران : ٤٨ ]
٤٨١- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج في قوله :﴿ والحكمة ﴾ قال : بلسانه أو قال : السنة٦. ٧
٤٨٢- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة قوله :﴿ ويعلمه الكتاب والحكمة ﴾ والحكمة : السنة٨.
٤٨٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : قرأت على أبي قرة في «تفسيره » عن ابن جريج :﴿ والحكمة ﴾ : السنة.
قوله عز وجل :﴿ والتوراة والإنجيل ﴾ [ آل عمران : ٤٨ ]
٤٨٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : حدثنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة ﴾ التي كانت فيهم من عهد موسى قبله، ﴿ والإنجيل ﴾ : كتابا آخر أحدثه الله، لم يكن عندهم علمه إلا ذكره أنه كائن من الأنبياء قبله٩.
١ - أبو جاد، المراد بها: أبجد..
٢ - هذه رواية إسرائيلية مما لا يصدق ولا يكذب حسبما أرشد النبي صلى الله عليه و سلم إلى ذلك..
٣ - هذه رواية إسرائيلية كذلك، ولا يمكن أن يجهلوا قدر عيسى عليه السلام وقد ولد من غير أب وتكلم في المهد ! والكتاب : مكان صغير لتعليم الصبيان القراءة والكتابة، جمع كتاتيب. المعجم الوسيط ٢/٧٧٥..
٤ - أخرجه ابن أبي حاتم من طريق السدي ٢/٦٥٤، رقم: ٣٥٣٤..
٥ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٢٢، رقم: ٧٠٨٠..
٦ - لم أجد هذا الأثر من طريق آخر مرويا بالجزم، وقد رواه المؤلف بعده من طريقين مجزوما به..
٧ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٢٣، رقم: ٧٠٨٣..
٨ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٢٣، رقم: ٧٠٨١-٧٠٨٢..
٩ - سيرة ابن هشام ١/٥٨١، وأخرجه ابن جرير ٦/٤٢٣، رقم: ٧٠٨٤، وابن أبي حاتم بمعناه ٢/٦٥٤، رقم: ٣٥٣٧..
قوله عز وجل :﴿ ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم ﴾ [ آل عمران : ٤٩ ]
٤٨٥- حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم ﴾، أي : يحقق بها نبوتي أني رسول منه إليكم١.
٤٨٦- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم عن أبي عبيدة :﴿ جئتكم بآية من ربكم ﴾ أي : بعلامة٢.
قوله عز وجل :﴿ أني أخلق لكم من الطين ﴾ الآية
[ آل عمران : ٤٩ ]
٤٨٧- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج في قوله عز وجل :﴿ أني أخلق لكم من الطين ﴾ قالوا : أي شيء يطير أشد خلقا ليخلق عليه عيسى ؟ قالوا : الخفاش وهو الوطواط٣.
قوله عز وجل :﴿ فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ﴾
[ آل عمران : ٤٩ ]
٤٨٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن الخليل، قال : حدثنا صدقة بن سابق، قال : قرأت على محمد بن إسحاق وذكر عيسى قال : جلس يوما مع غلمان من الكتاب، فأخذ طينا ثم قال : أجعل لكم هذا الطين طيرا ؟ فقالوا : أو تستطيع ذلك ؟ ! قال : نعم، بإذن ربي !.
قال : ثم هيأه حتى إذا جعله في هيئة الطير نفخ فيه، ثم قال له : كن طيرا بإذن الله، فخرج يطير من بين كفيه، وخرج الغلمان من أمره، فذكروه لمعلمهم، وأفشوه في الناس٤.
٤٨٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الزعفراني، قال : حدثنا عبد الوهاب، عن هارون، عن الحسن :﴿ فيكون طيرا ﴾ يعني : حماما.
٤٩٠- وكذلك حدثنا علي، عن أبي عبيد، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن نافع :﴿ كهيئة الطير ﴾ جماعا، ﴿ فأنفخ فيه فيكون طائرا ﴾ على التوحيد.
٤٩١- حدثنا علي، عن أبي عبيد قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن أبي جعفر أنه قرأها :﴿ كهيئة الطائر فأنفخ فيه فيكون طائرا٥ بإذن الله ﴾ كلاهما على التوحيد٦.
قوله عز وجل :﴿ وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله ﴾
[ آل عمران : ٤٩ ]
٤٩٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن يحيى، عن محمد بن الصلت، عن بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله عز وجل :﴿ وأبرئ الأكمه والأبرص ﴾ قال : الأكمه : الذي يولد وهو أعمى٧.
- وكذلك قال قتادة٨.
٤٩٣- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة، الأكمه : الذي يولد من أمه أعمى، قال رؤبة :
هرجت فارتد ارتداد الأكمه٩ ***. . .
٤٩٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن رافع، قال : حدثنا شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ وأبرئ الأكمه ﴾. والأكمه : الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل ؛ فهو يتكمه ١٠. ١١
٤٩٥- حدثنا محمد، قال : حدثنا نصر، قال : حدثنا عبد، قال : حدثنا حفص بن عمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، قال : الأكمه : الأعمش
- وروي عن عكرمة أنه قال : الأعمى١٢.
قوله عز وجل :﴿ وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ﴾
[ آل عمران : ٤٩ ]
٤٩٦- حدثنا موسى، قال : حدثنا عبد الأعلى، قال : حدثنا مسلم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله :﴿ وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ﴾ قال : ما أكلتم البارحة من طعام وما خبأتم، عيسى يقوله١٣.
٤٩٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا جرير، عن أشعث بن إسحاق القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، قال : لما ترعرع عيسى جاءت به أمه إلى الكتاب فدفعته إليه، فقعد مع الصبيان، وكان يخبر الصبيان بما يأكلون وما تدخر لهم أمهاتهم في بيوتهم١٤.
٤٩٨- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة في قوله عز وجل :﴿ وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون ﴾ قال : أنبئكم بما تأكلون من المائدة وما تدخرون منها، قال : كان أخذ عليهم في المائدة حين نزلت أن يأكلوا ولا يدخرون، فادخروا وخالفوا، فجعلوا خنازير حين ادخروا وخانوا، فذلك قوله عز وجل :﴿ فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ﴾١٥.
قال معمر : وذكره قتادة عن خلاس بن عمرو، عن عمار بن ياسر١٦.
قوله عز وجل :﴿ إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ﴾
[ آل عمران : ٤٩ ]
٤٩٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق قوله :﴿ إن في ذلك لآية لكم ﴾ أي رسول من الله إليكم
﴿ إن كنتم مؤمنين ﴾١٧.
١ - سيرة ابن هشام ١/ ٥٨١، وأخرجه ابن جرير من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير ٦/٤٢٤، رقم: ٧٠٨٥، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٤، رقم: ٣٥٣٨ – ٣٥٣٩..
٢ - مجاز القرآن ١/٩٣..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٢٦، رقم: ٧٠٨٧، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٥، رقم: ٣٥٤٠..
٤ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٢٥، رقم: ٧٠٨٦..
٥ - قراءة نافع من القراء السبعة، وأبي جعفر من الثلاثة المكملين للعشرة، وهما مدنيان. ينظر البدور الزاهرة ص ٦٤..
٦ - أي: على الإفراد، أي: طائرا واحدا، وينظر ابن جرير ٦/٤٢٤، ٤٢٥..
٧ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٢٩، رقم: ٧٠٩٢، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٥، رقم : ٣٥٤٢..
٨ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٢٨، رقم: ٤٠٥، وابن جرير ٦/٤٢٨، رقم: ٧٠٩٠..
٩ - مجاز القرآن ١/٩٣، والبيت في ديوان رؤبة بن العجاج ص ١٦٦..
١٠ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٢٨، رقم: ٧٠٨٨، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٧، رقم: ٣٥٤٤..
١١ - يقال: خرج يتكمه في الأرض، إذا خرج متحيرا مترددا، راكبا رأسه، لا يدري أين يتوجه..
١٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٢٩، رقم: ٧٠٩٧، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٥، رقم: ٣٥٤٥..
١٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٣٤، رقم: ٧١٠٣، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٦، رقم: ٣٥٤٦..
١٤ - تقدم قريبا في تفسير الآية السابقة، والأثر أخرجه ابن جرير بنحوه ٦/٤٣٣، رقم: ٧١٠٢، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٦، رقم: ٣٥٥..
١٥ - الآية ١١٥ من سورة المائدة..
١٦ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٢٨ – ١٢٩، رقم: ٤٠٦، وابن جرير ٦/٤٣٦، رقم: ٧١١٠، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٦، رقم: ٣٥٤٨..
١٧ - سيرة ابن هشام ١/٥٨١، وأخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٥٧، رقم: ٣٥٥٣..
قوله عز وجل :﴿ ومصدقا لما بين يدي من التوراة ﴾
[ آل عمران : ٥٠ ]
٥٠٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ ومصدقا لما بين يدي من التوراة ﴾ أي : لما سبقني منها١.
وقوله عز وجل :﴿ ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ﴾
[ آل عمران : ٥٠ ]
٥٠١- حدثنا زكريا قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد ابن إسحاق :﴿ ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ﴾ أي أخبركم أنه كان حراما عليكم فتركتموه، ثم أحله لكم، تخفيفا عليكم، فتصيبون يسره وتخرجون من تبعاته٢.
٥٠٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : قرأت على أبي قرة في «تفسيره »، عن ابن جريج :﴿ ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ﴾ الإبل والشحوم، فلما بعث عيسى أحلها لهم٣.
قوله عز وجل :﴿ وجئتكم بآية من ربكم ﴾ [ آل عمران : ٥٠ ]
٥٠٣- أخبرنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ وجئتكم بآية من ربكم ﴾، قال : ما بين عيسى لهم من الأشياء كلها، وما أعطاه ربه٤.
٥٠٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن الخليل، قال : حدثنا صدقة بن سابق، قال : قرأت على محمد بن إسحاق في ذكره عيسى قال : وترعرع وهمت به بنو إسرائيل، فلما خافت عليه أمه احتملته على حمار لها، ثم خرجت به هاربة منهم، حتى انتهت به إلى مصر، فأقامت به اثنتي عشرة سنة فيما يذكرون، حتى بلغ، فأحدث الله إليه الإنجيل، وعلمه التوراة مع الإنجيل، وأعطاه إحياء الموتى، وإبراء الأكمه، والعلم بالغيوب، مما يخفون في بيوتهم.
قوله عز وجل :﴿ فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم فاعبدوه ﴾
[ آل عمران : ٥٠-٥١ ]

٥٠٥-
حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم ﴾ تبريا من الذي يقولون فيه، واحتجاجا لربه عليهم ﴿ فاعبدوه ﴾ ٥.
١ - سيرة ابن هشام ١/٥٨١، وأخرجه ابن جرير من طريق ابن إسحاق عن محمد بن جعفر ابن الزبير ٦/٤٤٠، رقم: ٧١١٥، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٧، رقم: ٣٥٥٥..
٢ - سيرة ابن هشام ١/٥٨١، وأخرجه ابن جرير من الطريق السابق ٦/٤٤٠، رقم: ٧١١٥..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٣٩، رقم: ٧١١٤..
٤ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٤٠، رقم : ٧١١٧، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٨، رقم: ٣٥٥٨..
قوله عز وجل :﴿ فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم فاعبدوه ﴾
[ آل عمران : ٥٠-٥١ ]

٥٠٥-
حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم ﴾ تبريا من الذي يقولون فيه، واحتجاجا لربه عليهم ﴿ فاعبدوه ﴾ ٥.
٥٠٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن الخليل، قال : حدثنا صدقة بن سابق، قال : قرأت على محمد بن إسحاق، قال : ومن عهد عيسى إليهم حين أخبرهم عن نفسه وموته :﴿ إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم ﴾ يخبرهم عن نفسه وعنهم أنهم عبيد الله، ثم صمت – كما يذكرون- فلم يتكلم بعد ذلك، وهو في حجر أمه يغذى بما يغذى به بنو آدم من الطعام والشراب، حتى انتهى إلى أن كان ابن سبع سنين أو ثمان، وقد كذبوا بكل ما سمعوا منه وما يدعونه بينهم إلا بابن الهنة بما تسمى به البغي، يقول الله عز وجل :﴿ وقولهم على مريم بهتانا عظيما ﴾ حتى إذا بلغ السبع أو العشر أو نحو ذلك أدخلته الكتاب١ فيما يزعمون.
قوله عز وجل :﴿ هذا صراط مستقيم ﴾ [ آل عمران : ٥١ ]
٥٠٧- حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم ابن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ هذا صراط مستقيم ﴾ أي : هذا الهدى قد حملتكم عليه وجئتكم به٢.
١ - الكتاب: تقدم تعريفه..
٢ - سيرة ابن هشام ١/ ٥٨١ – ٥٨٢، وأخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٥٨، رقم: ٣٥٦٢..
قوله عز وجل :﴿ فلما أحس عيسى منهم الكفر ﴾
[ آل عمران : ٥٢ ]
٥٠٨- حدثنا علي بن المبارك قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج في قوله :﴿ فلما أحس عيسى منهم الكفر ﴾ قال : كفروا وأرادوا قتله، فذلك حين استنصر قومه، فذلك حين يقول :﴿ فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا ﴾.
- قال ابن جريج : وبعث إلى يهود، واختلفوا وتفرقوا، فتنصروا واختلفوا١.
٥٠٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ فلما أحس عيسى منهم الكفر ﴾ والعدوان عليه، ﴿ قال من أنصاري إلى الله ﴾ ٢.
٥١٠- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ فلما أحس عيسى منهم الكفر ﴾ عرف منهم الكفر٣.
قوله عز وجل :﴿ قال من أنصاري إلى الله ﴾ [ آل عمران : ٥٢ ]
٥١١- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد بن المبارك، قال : حدثنا محمد بن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ قال من أنصاري إلى الله ﴾ قال : من يتبعني إلى الله ؟ !  ٤.
٥١٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال : قرأت على أبي قرة في «تفسيره »، عن ابن جريج قال :﴿ قال من أنصاري إلى الله ﴾ يقول : من أنصاري مع الله ؟ ٥.
٥١٣- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ قال من أنصاري إلى الله ﴾ أي : من أعواني في ذات الله٦.
قوله عز وجل :﴿ قال الحواريون ﴾ [ آل عمران : ٥٢ ]
٥١٤- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال : حدثنا وكيع، عن سفيان.
وحدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا وكيع، عن سفيان، عن ميسرة النهدي، عن المنهار بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال : إنما سموا «الحواريين » لبياض ثيابهم، كانوا صيادين٧.
٥١٥- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا عيسى، عن أبي الجحاف، عن مسلم البطين، قال : كانوا صيادين، إنما سموا الحواريين لبياض ثيابهم٨.
٥١٦- حدثنا موسى، قال : حدثنا سريج بن يونس، قال : حدثنا إسماعيل، عن روح بن القاسم، أن قتادة ذكر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كان من الحواريين، فقيل لقتادة : من الحواريون ؟ قال : الذين تصلح لهم الخلافة٩.
٥١٧- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة قال : الحواريون صفوة الأنبياء الذين اصطفوهم. قال أبو عبيدة : وقد قالوا القصارين١٠.
٥١٨- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريح في قوله عز وجل :﴿ الحواريون ﴾ قال : الغسالون للثياب، يقول : وهو بالنبطية : الحوار١١.
٥١٩- حدثنا علي، قال : قال أبو عبيد : والأصل في هذا فيما بلغنا أنهم كانوا غسالين، وإنما سموا حواريين لتبييضهم الثياب، وكل شيء بيضته فقد حورته، فكانوا هم أنصار عيسى دون الناس، فقيل : قال الحواريون، وفعل الحواريون، فكثر هذا في الكلام حتى صار كأنه اسم معناه النصرة، وهذا مما يدخل في كلام الناس بعضه في بعض كما سمي الغائط، وإنما أصله الصحراء المطمئنة من الأرض، فكان الرجل يأتيها لقضاء حاجته فيقول : أتيت الغائط، فكثر ذلك في الكلام حتى صار غائط الإنسان يسمى بذلك الاسم.
قال أبو عبيدة : وكذلك ﴿ الحواريون ﴾ لما كانوا يوصفون بالنصرة لعيسى صار هذا كالنعت لهم، وكذلك كل قائم بنصرة فهو حواري، ومنه حديث النبي صلى الله عليه و سلم :«لكل نبي حواري، وحواريي الزبير ».
حدثنا به علي، عن أبي عبيد، قال : حدثنا به أبو معاوية، عن هشام ابن عروة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم ١٢.
قوله عز وجل :﴿ أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ﴾
[ آل عمران : ٥٢ ]
٥٢٠- حدثنا زكريا قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد ابن إسحاق :﴿ قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله ﴾ هذا قولهم الذين أصابوا [ به ]١٣ الفضل من ربهم ﴿ واشهد بأنا مسلمون ﴾ لا ما يقول هؤلاء الذين يحاجون فيه١٤.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٥٩، رقم: ٣٥٦٤..
٢ - سيرة ابن هشام ١/٥٨٢، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٨، رقم: ٣٥٦٣..
٣ - مجاز القرآن ١/٩٤..
٤ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٥٨، رقم: ٣٥٦٤..
٥ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٤٤، رقم: ٧١٢١..
٦ - مجاز القرآن ٩٤/١..
٧ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٥٩، رقم: ٣٥٦٨، وابن جرير عن سعيد بن جبير موقفا عليه ٦/٤٤٩، رقم: ٧١٢٤..
٨ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٥٩، رقم: ٣٥٦٨..
٩ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٥٠، رقم: ٧١٢٦، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٩، رقم: ٣٥٧٠..
١٠ - مجاز القرآن ١/٩٥..
١١ قال ابن جرير رحمه الله: «وأشبه الأقوال التي ذكرنا في معنى: الحواريين قول من قال: سموا بذلك لبياض ثيابهم، ولأنهم كانوا غسالين» ٦/٤٥٠..
١٢ - أخرجه البخاري رقم: ٢٨٤٦، ومسلم رقم: ٢٤١٥..
١٣ - زيادة من تفسير ابن جرير يتضح بها المعنى ٦/٤٥٢، رقم: ٧١٢٩..
١٤ - سيرة ابن هشام ١/٥٨٢، وأخرجه ابن جرير من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد ابن جعفر بن الزبير ٦/٤٥٢، رقم: ٧١٢٩، وابن أبي حاتم ٢/ ٦٦٠، رقم: ٣٥٧٤..
قوله عز وجل :﴿ ربنا آمنا بما أنزلت ﴾ الآية [ آل عمران : ٥٣ ]
٥٢١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : حدثنا المؤمل ويحيى بن آدم، قالا : حدثنا إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله عز وجل :﴿ وما أنزلت التوراة ﴾ ﴿ ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ﴾، قال : مع محمد وأمته إنهم شهدوا له أنه بلغ، وشهدوا للرسل أنهم بلغوا١.
٥٢٢- حدثنا محمد، قال : حدثنا نصر، قال : حدثنا عبد، قال : حدثني أحمد بن يونس، عن مندل، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس :﴿ فاكتبنا مع الشاهدين ﴾ قال : مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
٥٢٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ ربنا آمنا بما أنزلت ﴾ إلى قوله ﴿ الشاهدين ﴾ أي : هكذا كان قولهم وإيمانهم٢.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم بنحوه ٢/٦٦٠، رقم: ٣٥٧٧..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٥٣، رقم: ٧١٣٠، وابن أبي حاتم ٢/٦٦٠، رقم: ٣٥٧٦..
قوله عز وجل :﴿ ومكروا ﴾ [ آل عمران : ٥٤ ]
٥٢٤- حدثنا زكريا، قال حدثنا أحمد بن الخليل، قال : حدثنا صدقة بن سابق، قال : قرأت على محمد بن إسحاق، قال : فأقبلت مريم بعيسى حتى نزلت إيليا١، وتحدثوا به وبقدومه، وهم إذ ذاك تحت أيدي الروم، والروم أهل وثن، إنما بعثه إليهم ليستنقذهم به ولينقذهم به، ، وليظهرهم على من خالفهم، فعدوا عليه بعد أن رأوا منه الآيات والعبر البينة، فهموا به وأجمعوا على قتله وقتل من معه ممن تابعه وآمن به، وإنما كانوا اثني عشر رجلا من الحواريين، وبعضهم يقول : ثلاثة عشرة، وكان اسم ملك بني إسرائيل الذي بعث إلى عيسى ليكلمه رجل يقال له : رواد، فلم يفظع عبد من عباد الله فيما ذكر لنا فظعه، ولم يجزع منه جزعه، ولم يدع الله في صرفه عنه دعاه، حتى أنه ليقول فيما يزعمون : اللهم إن كنت صارفا هذه الكأس عن أحد من خلقك فاصرفها عني، حتى إن جلده من كرب ذلك ليتفصد دما.
فدخل المدخل الذي أجمعوا ليدخلوا عليه فيه، فيقتلوه هو وأصحابه، وهم ثلاثة عشر رجلا بعيسى، فلما أيقن أنهم داخلون عليه، وأتاه من الله عز وجل أنه متوفيه ورافعه إليه، فقال : يا معشر الحواريين، أيكم يحب أن يكون رفيقي في الجنة على أن يشتبه للقوم فيقتلوه مكاني ؟. فقال جرجس : أنا، قال : فاجلس، فدخلوا – وقد رفع عيسى- وكان عدتهم حين دخلوا مع عيسى معلومة، قد رأوهم وأحصوا عدتهم، فلما دخلوا عليهم ليأخذوا عيسى – فيما يرون – وأصحابه فقدوا من العدة رجلا، فهو الذي اختلفوا فيه، وكانوا لا يعرفون عيسى حتى جعلوا للفرطرس ثلاثين درهما على أن يعرفهموه، فقال لهم : نعم إذا دخلتم عليه، فإني سأقبله فهو الذي أقبل، فلما دخل دخلوا معه – وقد رفع عيسى – رأى جرجس في صورة عيسى، فلم يشك أنه هو، فأكب عليه فقبله، وأخذوه وصلبوه. ثم إن بطرس ندم على ما صنع، فاختنق بحبل حتى قتل نفسه، فهو ملعون في النصارى، وكان أحد المعدودين من أصحابه.
قوله عز وجل :﴿ ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ﴾
[ آل عمران : ٥٤ ]
٥٢٥- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ ومكروا ومكر الله ﴾ أهلكهم الله٢.
٥٢٦- حدثنا علي، عن أبي عبيد، عن الفراء قوله :﴿ ومكروا ومكر الله ﴾ قال : يقال :-والله أعلم- إن المكر من الله إنما هو استدراجه العباد، وليس على مكر المخلوقين، يعني : الخديعة والخبء٣.
١ - إيليا: بكسر أوله، واللام، وياء وألف ممدودة: اسم مدينة بيت المقدس، عبري. قيل: معناه بيت، ينظر مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع ١/١٣٨..
٢ - مجاز القرآن ١/٩٥..
٣ - معاني القرآن للفراء ١/٢١٨..
قوله عز وجل :﴿ إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ﴾
[ آل عمران : ٥٥ ]
٥٢٧- حدثنا علان بن المغيرة، قال : حدثنا أبو صالح، قال : حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله :﴿ إني متوفيك ﴾ يقول : مميتك١.
٥٢٨- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الحسن في قوله :﴿ إني متوفيك ﴾ قال : متوفيك في الأرض٢.
٥٢٩- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج في قوله عز وجل :﴿ إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ﴾، قال : فرفعه إياه إليه : توفيه إياه، وتطهيره من الذين كفروا٣.
٥٣٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : حدثنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ﴾ أي : إني قابضك٤ ورافعك إلي.
قوله عز وجل :﴿ ورافعك إلي ﴾ [ آل عمران : ٥٥ ]
٥٣١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن يحيى، قال : حدثنا محمد ابن يوسف، قال : حدثنا محرز، قال : سألت الحسن عن قول الله عز وجل :﴿ إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ﴾ قال : عيسى مرفوع عند الرب تبارك وتعالى، ثم ينزل قبل يوم القيامة٥.
قوله عز وجل :﴿ ومطهرك من الذين كفروا ﴾ [ آل عمران : ٥٥ ]
٥٣٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق : ثم ذكر عيسى إليهم حين أجمعوا لقتله ثم أخبرهم٦، ورد عليهم فيما افترت اليهود بصلبه، ثم كيف رفعه وطهره منهم، فقال عز وجل :﴿ إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ﴾ إذ هموا منك بما هموا٧.
قوله عز وجل :﴿ وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ﴾ [ آل عمران : ٥٥ ]
٥٣٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن يحيى، قال : حدثنا محمد ابن يوسف، قال : حدثنا محرز، قال : سألت الحسن عن قول الله عز وجل :﴿ وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ﴾ قال : عيسى مرفوع عند الله عز وجل، ثم ينزل قبل يوم القيامة، فمن صدق عيسى ومحمدا صلى الله عليهما وسلم، وكان على دينهما، لم يزالوا ظاهرين على من فارقهم إلى يوم القيامة.
٥٣٤- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، قوله :﴿ وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ﴾ هم أهل الإسلام الذين اتبعوه على فطرته، وملته وسنته، لا يزالون ظاهرين على ما ناوأهم إلى يوم القيامة٨.
وقال ابن جريج :﴿ وجاعل الذين اتبعوك ﴾ قال : ناصر من اتبعه على الإسلام، ومظهره على الذين كفروا إلى يوم القيامة٩.
٥٣٥- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ﴾ أي : هم عند الله خير من الكفار١٠.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٥٧، رقم: ٧١٤١، وابن أبي حاتم ٢/٦٦١، رقم: ٣٥٨٠..
٢ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٢٩، رقم: ٤٠٧، وابن جرير ٦/٤٥٦، رقم: ٧١٣٥، وابن أبي حاتم ٢/٦٦١، رقم: ٣٥٨٢..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٥٦، رقم ٧١٣٦..
٤ - أخرجه ابن جرير عن طريق ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير ٦/٤٥٧، رقم: ٧١٣٨..
٥ - أخرحه ابن جرير ٦/٤٥٧، رقم: ٧١٤٠، وأخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٦١، رقم: ٣٥٨٤..
٦ - يعني الوفد من نجران..
٧ - سيرة ابن هشام ١/٥٨٢، وأخرجه ابن جرير ٦/٤٦١، رقم: ٧١٤٦، ٧١٤٧، وابن أبي حاتم ٢/٦٦٨، رقم: ٣٥٨٥..
٨ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٦٢، رقم: ٧١٤٩..
٩ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٦٢، رقم : ٧١٥٢..
١٠ - مجاز القرآن ١/٩٥..
قوله عز وجل :﴿ والله لا يحب الظالمين ﴾ [ آل عمران : ٥٧ ]
٥٣٦- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ والله لا يحب الظالمين ﴾ قال : الكافرين١.
١ - مجاز القرآن ١/٩٥..
قوله عز وجل :﴿ ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم ﴾
[ آل عمران : ٥٨ ]
٥٣٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق، قوله عز وجل :﴿ ذلك نتلوه عليك ﴾ يا محمد ﴿ من الآيات والذكر الحكيم ﴾ القاطع الفاصل الحق، الذي لا يخلطه الباطل من الخبر عن عيسى، وعما اختلفوا فيه من أمره، فلا تقبلن خبرا غيره١.
١ - سيرة ابن هشام ١/٥٨٢، وأخرجه ابن جرير ٦/٤٦٧، رقم: ٧١٥٧. وابن أبي حاتم ٢/٦٦٥، رقم: ٣٦٠٣..
قوله عز وجل :﴿ إن مثل عيسى عند الله ﴾ الآية
[ آل عمران : ٥٩ ]
٥٣٨- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج في قوله عز وجل :﴿ إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ﴾ قال : بلغنا أن نصارى نجران قدم وفدهم على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، منهم السيد والعاقب، وأخبرت أن معهما عبد المسيح، وهما يومئذ سيدا أهل نجران، فقالوا : يا محمد، فيم تشتم صاحبنا ؟ ! قال : ومن صاحبكم ؟ قالوا : عيسى بن مريم ! تزعم أنه عبد ! قال النبي صلى الله عليه وسلم : أجل : هو عبد الله، وكلمته ألقاها إلى مريم، فغضبوا وقالوا : إن كنت صادقا فأرنا عبدا يحيي الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص، ويخلق من الطين كهيئة الطير، ولكنه الله، فسكت النبي عليه السلام حتى جاءه جبريل عليهما السلام، فقال : يا محمد ﴿ لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم ﴾١، هذه الآية قال النبي صلى الله عليه و سلم : إنهم قد سألوني أن أخبرهم مثل عيسى، قال جبريل :﴿ إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ﴾ إلى قوله :﴿ فمن حاجك فيه ﴾٢.
٥٣٩- وحدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إن مثل عيسى عند الله ﴾ فاسمع، ﴿ كمثل آدم ﴾ قرأ إلى قوله :﴿ الحق من ربك ﴾، وإن قالوا : خلق عيسى من غير ذكر فقد خلقت آدم من تراب بتلك القدرة من غير أنثى٣. ٤
١ - سورة المائدة الآية : ٧٢..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٧٠، رقم ٧١٦٤..
٣ - ولا ذكر، كما سيأتي..
٤ - سيرة ابن هشام ١/٥٨٢، وأخرجه ابن جرير ٦/٤٦١، رقم: ٧١٤٧، وابن أبي حاتم ٢/٦٦٨، رقم: ٣٥٨٥..
قوله عز وجل :﴿ الحق من ربك ﴾ [ آل عمران : ٦٠ ]
٥٤٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : حدثنا أسباط، عن محمد بن إسحاق، قوله عز وجل :﴿ الحق من ربك ﴾ ما جاءك من الخبر عن عيسى١.
٥٤١- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ كن فيكون. الحق من ربك ﴾ انقضى الكلام الأول فاستأنف، فقال :
﴿ الحق من ربك فلا تكن من الممترين ﴾ ٢.
٥٤٢- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إن مثل عيسى عند الله ﴾ فاسمع ﴿ كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك ﴾ ما جاءك من الخبر عن عيسى ﴿ فلا تكن من الممترين ﴾ أي : قد جاءك الحق من ربك فلا تمتر فيه، وإن قالوا : خلق عيسى من غير ذكر فقد خلقت آدم من تراب، بتلك القدرة، من غير أنثى ولا ذكر، فكان كما كان عيسى لحما ودما وشعرا وبشرا، فليس خلق عيسى من غير ذكر بأعجب من هذا ٣.
قوله عز وجل :﴿ فلا تكن من الممترين ﴾ [ آل عمران : ٦٠ ]
٥٤٣- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلا تكن من الممترين ﴾ يقول : لا تكونن في شك من عيسى أنه كمثل آدم، عبد الله ورسوله، وكلمة الله وروحه٤.
٥٤٤- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ فلا تكن من الممترين ﴾ الشاكين٥.
١ - سيرة ابن هشام ١/٥٨٢، وأخرجه ابن جرير ٦/٤٧٣، رقم: ٧١٦٩، وابن أبي حاتم ٢/٦٦٦، رقم: ٣٦١٠..
٢ - مجاز القرآن ١/٩٥..
٣ - سيرة ابن هشام ١/٥٨٢، وأخرجه ابن جرير ٦/٤٧٠، ٤٧١، رقم: ٧١٦٥..
٤ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٧٢، رقم: ٧١٦٧..
٥ - مجاز القرآن ١/٩٥..
قوله عز وجل :﴿ فمن حاجك فيه ﴾ [ آل عمران : ٦١ ]
٥٤٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن الخليل، قال : حدثنا معاوية ابن عمرو، قال : حدثنا أبو إسحاق، عن عطاء بن السائب، قال : عن الشعبي قال : قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءوا معهم بهدية، فبسطوا المسوح١، وبسطوا عليها بسطا فيها تماثيل فقالوا : انظروا إلى هذه، فنظروا إليها، فجعل يمسح المسوح ونظر إليها، فقال : أما هذه البسط، فلا حاجة لي فيها، وأما المسوح فتعطونيها، قالوا : نعم  ! قالوا : حدثنا عن عيسى بن مريم، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :﴿ وكلمته ألقاها إلى مريم ﴾ ٢ قالوا : ينبغي لعيسى أن يكون فوق هذا، فأنزل الله عز وجل :﴿ إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ﴾ قالوا : ما ينبغي لعيسى أن يكون مثل آدم، فأنزل الله عز وجل :﴿ فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ﴾ الآية.
قوله عز وجل :﴿ من بعد ما جاءك من العلم ﴾
[ آل عمران : ٦١ ]
٥٤٦-حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، قوله :﴿ فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم ﴾ أي : في عيسى أنه عبد الله ورسوله، وكلمة الله وروحه ﴿ فقل تعالوا ﴾ ٣.
٥٤٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم ﴾ أي : من بعد ما قصصت عليك من خبره، وكيف كان أمره ﴿ فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ﴾ الآية٤.
قوله عز وجل :﴿ تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ﴾ الآية
[ آل عمران : ٦١ ]
٥٤٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الزعفراني، قال : حدثنا قتيبة، قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن بكر بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال : لما نزلت هذه الآية ﴿ قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ﴾ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة والحسن والحسين فقال : اللهم هؤلاء أهلي٥.
٥٤٩- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ﴾ الآية، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي وحسن وحسين، وجعلوا فاطمة من ورائهم، ثم قالوا : هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا، فهلموا أنفسكم وأبناءكم ونساءكم، فنجعل لعنة الله على الكاذبين.
قوله عز وجل :﴿ ثم نبتهل ﴾ [ آل عمران : ٦١ ]
٥٥٠- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، قال : قال ابن عباس :﴿ ثم نبتهل ﴾ نجتهد٦.
٥٥١- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ ثم نبتهل ﴾ أي : نلتعن، يقال : ما له بهله الله : أي : لعنه الله، ويقال : عليه بهلة الله٧.
٥٥٢- حدثنا علي، عن أبي عبيد، قال : قال أبو عبيدة : قوله :﴿ نبتهل ﴾ نلتعن، مثل معناه، وزاد عن أبي عبيدة : وقال لبيد – وذكر قوما هلكوا- :
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** نظر الدهر إليهم فابتهل٨
كأنه أراد الدعاء عليهم بالهلاك٩.
قوله عز وجل :﴿ فنجعل لعنة الله على الكاذبين ﴾
[ آل عمران : ٦١ ]
٥٥٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن الخليل، قال : حدثنا معاوية بن عمرو، قال : حدثنا أبو إسحاق، عن عطاء بن السائب، عن الشعبي، قال : قدم وفد نجران – وذكر بعض الحديث- قال : فأنزل الله عز وجل :﴿ فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ﴾، فقال بعضهم لبعض : أما أنتم فقد استيقنتم أن هذا نبي، ولئن لاعنتموه لترجعن وليس في أرضكم أحد، قالوا : لا نتلاعن، قال : أما لو فعلتم لترجعن وليس في أرضكم منكم أحد، ثم قال لهم : اختاروا : إما أن تسلموا، وإما أن تؤدوا الجزية، وإما أن نأخذكم على سواء١٠.
٥٥٤- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، قال : أخبرني عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال : لو خرج الذين يباهلون النبي صلى الله عليه و سلم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا١١.
٥٥٥- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ فمن حاجك فيه ﴾ إلى قوله :﴿ على الكاذبين ﴾. ذكر نصارى نجران قال : فأبى السيد، وقالوا : نصالحك، فصالحوا على ألفي حلة كل عام، في كل رجب ألف، وفي كل صفر ألف حلة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :«والذي نفسي بيده لو لاعنوني ما حال الحول ومنهم أحد إلا أهلك الله الكاذبين »١٢.
١ - المسوح: جمع مسح، وهو ثوب الراهب، وهو عبارة عن كساء من الشعر. المعجم الوسيط ٢/٨٦٨..
٢ - من الآية ١٩٧ من سورة النساء..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٦٧٥، رقم: ٧١٧١..
٤ - سيرة ابن هشام، وأخرجه ابن جرير ٦/٤٧٥، رقم: ٧١٧٢، وابن أبي حاتم ٢/٦٦٦، رقم: ٣٦١٤..
٥ - أخرجه مسلم رقم: ٣٤٠٤..
٦ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٦٨، رقم: ٣٦٢٣..
٧ - مجاز القرآن ١/٩٦..
٨ - عجز بيت من قصيدته التي رثى فيها أربد، وصدر البيت:
في قروم سادة من قومه ***..............
ينظر ديوان لبيد، وأساس البلاغة (بهل)، وأمالي الشريف المرتضى ١/٤٥. مختار الشعر الجاهلي ٢/٥١١..

٩ - وبمثل هذا التفسير لمعنى بيت لبيد فسره الإمام ابن جرير الطبري. تنظر حاشية تفسير ابن جرير ٦/٤٧٤..
١٠ - أخرجه ابن جرير مفرقا ٦/٤٦٨، رقم: ٧١٦٠ و ٦/٤٧٨، رقم: ٧١٨٠..
١١ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٢٩، رقم: ٤١١، وأحمد ١/٢٤٨، والنسائي في التفسير ١/٢٩٧، رقم: ٨١، وأبو يعلى في مسنده ٤/٤٧١ – ٤٧٢، رقم: ٢٦٠٤، وابن جرير ٦/٦٨٢، رقم: ٧١٨٦- ٧١٨٧، وابن أبي حاتم ٢/٦٦٨، رقم: ٣٦٢٠، وأخرجه البخاري ٤٩٥٨، والترمذي ٣٣٤٥ مختصرا..
١٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٨٢، رقم: ٧١٨٨ مقتصرا على المرسل منه..
قوله عز وجل :﴿ إن هذا لهو القصص الحق ﴾ الآية.
[ آل عمران : ٦٢ ]
٥٥٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : حدثنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ فنجعل لعنة الله على الكاذبين ﴾ ﴿ إن هذا لهو القصص الحق ﴾ أي : إن هذا الذي جئت به من الخبر عن عيسى لهو القصص الحق من أمره ﴿ وما من إله إلا الله ﴾١.
٥٥٩- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ إن هذا لهو القصص الحق ﴾ أي : الخبر اليقين٢.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٧٧، رقم: ٧١٧٦، وابن أبي حاتم ٢/٦٦٨، رقم: ٣٦٢٤، وابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام ١/ ٥٨٣..
٢ - مجاز القران ١/٩٦..
قوله عز وجل :﴿ فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين ﴾
[ آل عمران : ٦٣ ]
٥٦٠- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ فإن تولوا ﴾ فإن كفروا وتركوا أمر الله١.
١ - مجاز القرآن ١/٩٦..
قوله عز وجل :﴿ فإن الله عليم بالمفسدين قل يا أيها الكتاب ﴾ [ آل عمران : ٦٣- ٦٤ ]
٥٥٦- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، قال :﴿ فإن الله عليم بالمفسدين قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعض أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ﴾ فدعاهم إلى النصف١، وقطع عنهم الحجة، فلما أتى رسول الله الخبر من الله، والفصل من القضاء بينه وبينهم، وأمره بما أمره به من ملاعنتهم إن ردوا ذلك عليه، دعاهم إلى ذلك، فقالوا : يا أبا القاسم، دعنا ننظر في أمرنا، ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه، فانصرفوا عنه، ثم خلوا بالعاقب، وكان ذا رأيهم٢، فقالوا : يا عبد المسيح ما ترى ؟ قال : والله يا معشر النصارى، لقد عرفتم أن محمدا النبي المرسل، ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم، ولقد علمتم : ما لاعن قوم نبيا قط فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم، إنه للاستئصال منكم إن فعلتم، فإن كنتم قد أبيتم إلا إلف دينكم، والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم، فوادعوا الرجل، ثم انصرفوا إلى بلادكم حتى يريكم أمرا برأيه٣.
فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا أبا القاسم قد رأينا أن لا نلاعنك، وأن نتركك على دينك، ونرجع على ديننا، ولكن ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضاه، ليحكم بيننا في أشياء اختلفنا فيها من أموالنا، فإنكم عندنا رضاة.
٥٥٧- فحدثنا علي قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم ابن سعد، عن محمد بن إسحاق، قال : قال محمد بن جعفر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«نعم. ائتوني العشية أبعث معكم القوي الأمين »، قال : فكان عمر بن الخطاب يقول : ما أحببت الإمارة قط حبي إياها يومئذ، رجاء أن أكون صاحبها، فرحت إلى الظهر، فلما صلى رسول الله الظهر، سلم، ثم نظر عن يمينه ويساره، فجعلت أتطاول له ليراني، فلم يزل يلتمس ببصره حتى رأى أبا عبيدة بن الجراح، فدعاه فقال : اخرج معهم فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه. قال عمر : فذهب بها أبو عبيدة٤.
قوله عز وجل :﴿ قل يا أهل الكتاب تعالوا إن كلمة سواء ﴾ الآية.
[ آل عمران : ٦٤ ]
٥٦١- حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدبري، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، وذكر حديث هرقل وخبر أبي سفيان حين قدم عليه.
قال عبد الرزاق : عن معمر، عن الزهري، قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، قال : حدثني أبو سفيان من فيه إلى في قال : انطلقت في المدة التي كانت بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا أنا بالشام إذ جيء بكتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل، وكان دحية الكلبي جاء به فدفعه إلى عظيم بصرى٥، فدفعه إلى هرقل، فقال هرقل : هل هنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ قالوا : نعم، قال : فدعيت في نفر من قريش، فدخلنا على هرقل. فأجلسنا بين يديه، فقال : أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ فقال أبو سفيان : أنا، فأجلسوني بين يديه، - وذكر حديثا طويلا- قال : ثم دعا بكتاب رسول الله فإذا فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم. سلام على من اتبع الهدى. أما بعد : فإني أدعوك بدعاية الإسلام٦، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين٧ ﴿ يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ﴾ إلى قوله :﴿ مسلمون ﴾. فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط، وأمر بنا فأخرجنا. قال : قلت لأصحابي حين خرجنا : لقد أمر أمر ابن أبي كبشة٨. إنه ليخافه ملك بني الأصفر.
قال : فما زلت موقنا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيظهر، حتى أدخل الله علي الإسلام.
قال الزهري : فدعا هرقل عظماء الروم، فجمعهم في دار له، فقال : يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد آخر الأبد، وأن يثبت لكم ملككم، فحاصوا٩ حيصة حمر الوحش إلى الأبواب، فوجدوها قد غلقت، قال : فدعا بهم، فقال : إني إنما اختبرت شدتكم في دينكم، فقد رأيت منكم الذي أحببت، فسجدوا له ورضوا عنه١٠.
٥٦٢- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ﴾ يقول : عدل١١.
٥٦٣- حدثنا علي، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ سواء بيننا وبينكم ﴾ أي : النصف يقال : قد دعاك إلى السواء فاقبل منه١٢.
٥٦٤- حدثنا محمد، قال : حدثنا نصر، قال : حدثنا عبد، قال : حدثني يحيى بن عبد الحميد، عن يحيى بن اليمان، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد :﴿ تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ﴾ قال : لا إله إلا الله.
٥٦٥- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته قد فرق رجالا من أصحابه إلى ملوك العرب والعجم دعاة إلى الله عز وجل فيما بين الحديبية ووفاته صلى الله عليه وسلم.
قال محمد بن إسحاق : حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري أنه وجد كتابا فيه تسمية من بعث رسول الله إلى ملوك الناس، وما قال لأصحابه حين بعثهم، فبعث به إلي ابن شهاب الزهري مع ثقة من أهل بلده، فعرفه في الكتاب أن رسول الله خرج على أصحابه ذات غداة فقال لهم : إني بعثت رحمة وكافة، فأدوا عني يرحمكم الله، فلا تختلفوا علي كاختلاف الحواريين على عيسى، فقالوا : يا رسول الله كيف كان اختلافهم ؟ قال : دعاهم إلى مثل ما دعوتكم له، وأما من قرب فأجاب وأسلم، وأما من بعد به فكره وأبى، فشكا ذلك منهم عيسى إلى الله عز وجل، فأصبحوا من ليلتهم تلك وكل رجل منهم يتكلم بلغة القوم الذين بعث إليهم، فقال عيسى : هذا أمر قد يخرج الله عليه فامضوا له، ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، فبعث سليط بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود أخا عامر بن لؤي إلى هوذة بن علي صاحب اليمامة، وبعث العلاء ابن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى أخي عبد القيس صاحب البحرين، وعمرو بن العاص إلى جيفر بن جلندي، وعباد بن جلندي من الأزديين صاحبي عمان١٣.
قال محمد بن إسحاق : وبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية، فأدى إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهدى المقوقس إلى رسول الله جواري أربعا، منهن مارية أم إبراهيم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم١٤
وبعد دحية بن خليفة الكلبي ثم الخزرجي إلى قيصر وهو هرقل ملك الروم، فلما أتاه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر فيه، ثم جعله تحت قدمه، وحل صرته.
قال محمد بن إسحاق : حدثني الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال : حدثني أبو سفيان - وذكر حديث هرقل- قال : وكانت حمص منزله، قال ابن إسحاق : عن خالد بن سيار، عن رجل من سيار قدم الشام، قال : ثم جلس على بغل له، ثم ركض حتى دخل قسطنطينية.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم شجاع بن وهب أخا بني أسد بن خزيمة إلى المنذر بن الحارث بن أبي شمر الغساني صاحب دمشق. وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي.
فكتب إليه النجاشي : وبعثت إليك بابني أبرها بن الأصحم بن بحري، فإني أشهد أن ما تقول حق، والسلام عليك يا رسول الله.
وبعث عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعيد بن سهم إلى كسرى بن هرمز ملك فارس، وكتب معه، فلما قرأه شقه. . . ١٥.
فبلغني أن رسول الله قال : شقق ملكه، ثم كتب كسرى إلى باذان وهو على اليمن أن ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز من عندك رجلين جلدين فليأتياني به، فبعث باذان قهرمانه بانويه وجرجيس، وكتب معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما : إن ربي قد قتل ربكما ليلة كذا وكذا، وسلط عليه ابنه شيرويه، قالا : إنا نكتب بهذا عنك وبخبر الملك، قال : نعم، فقولا له : إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك، وملكتك على قومك، فلم ينشب باذان أن قدم عليه كتاب شيرويه أني قد قتلت كسرى، فلما انتهى كتاب شيرويه إلى باذان أسلم وأسلمت الأبناء من فارس.
٥٦٦- حدثنا١٦ إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب، قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله، أن ابن عباس أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة، وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحريين، وأن يدفعه عظيم البحرين إلى كسرى١٧.
٥٦٧- قال إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب، قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله، أن عبد الله بن عباس أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام، وبعث بكتابه مع دحية الكلبي، وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى، فدفعه إلى قيصر١٨.
قال ابن عباس : فأخبرني أبو سفيان بن حرب أنه كان بالشام في رجال من قريش قدموا تجارا في المدة التي كانت بين رسول الله وبين كفار قريش، قال أبو سفيان : فوجدنا رسول قيصر ببعض الشام، فانطلق بي وبأصحابي، فقدمنا فأدخلنا، فإذا هو جالس في مجلس ملكه وعليه التاج وحوله عظماء الروم، قال أبو سفيان : ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر به فقرئ فإذا فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد : فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، و﴿ يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ﴾.
قال أبو سفيان : فلما قضى مقالته علت أصوات الذين حوله من عظماء الروم، وكثر لغطهم، فما أدري ماذا قالوا ؟ وأمر بنا فأخرجونا١٩.
فقال ابن إسحاق : ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين رجع من الحديبية ذي الحجة وبعض المحرم، ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر٢٠، وحاصر رسول الله خيبر في حصنهم الوطيح والسلالم، حتى أيقنوا بالهلكة، وسألوه أن يسترهم ويحقن لهم دماءهم، ففعل.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الأموال كلها وجميع حصونهم، فلما سمع لهم أهل فدك بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يسترهم ويحقن دماءهم ويخلون له الأموال، ففعل.
وكانت فدك خالصة لرسول الله ؛ لأنهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب، وكانت خيبر فيئا للمسلمين.
فلما نزل أهل خيبر سألوا رسول الله أن يعاملهم الأموال على النصف، فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف، على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم، [ فصالحه ]٢١ أهل فدك٢٢ على مثل ذلك٢٣، فلما فرغ من خيبر انصرف إلى وادي القرى، فحاصر أهله ليالي، ثم انصرف راجعا إلى المدينة.
قال ابن إسحاق : فحدثني عبد الله بن أبي
١ - النصف والنصفة: كلاهما بفتحتين هو الانصاف، وإعطاء الحق لصاحبك كالذي تستحق لنفسك..
٢ - ذو رأيهم: صاحب الرأي والتدبير فيهم الذي يستشار فيما يعرف من أمور هامة لعفله وحسن رأيه..
٣ - عند ابن جرير الطبري «حتى يريكم زمن رأيه » أي: حتى يمضي زمن وتتقلب أحوال وليست في سيرة ابن هشام..
٤ - سيرة ابن هشام ١/ ٥٨٣-٥٨٤..
٥ - المراد بعظيم بصرى : أميرها. وبصرى مدينة تقع في الشام..
٦ - دعاية الإسلام أي: دعوته، وهي كلمة التوحيد..
٧ - هم خدم قيصر وخوله، وقيل: الفلاحون والمزارعون. ينظر النهاية في غريب الحديث والأثر ١/٣٨. ومعنى هذا القول : إن عليك إثم رعاياك الذين يتبعونك وينقادون دون لأول..
٨ - أمر يعني: عظم، وقيل: إن ابن أبي كبشة، رجل من خزاعة كان يعبد الشعري، ولم يوافقه أحد من العرب في عبادتها. فشبهوا النبي صلى الله عليه وسلم به، لمخالفته إياهم في دينهم، كما خالفهم أبو كبشة..
٩ - من حاص القوم : جالوا يطلبون الفرار والمهرب. المعجم الوسيط ١/ ٢١١..
١٠ - أخرجه البخاري، رقم: ٤٥٥٣، ومسلم، رقم: ١٧٧٣..
١١ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٨٧، رقم : ٧١٩٧..
١٢ - مجاز القرآن ١/ ٩٦..
١٣ - سيرة ابن هشام ٢/٦٠٧-٧٠٨، وابن سعد في الطبقات ١/٢٠١..
١٤ - ابن سعد في الطبقات ١/ ٢٠٠..
١٥ مقدار كلمة غير واضحة في الأصل..
١٦ - القائل: «حدثنا » هو أحمد بن محمد المتقدم ذكره عند بداية الحديث السابق رقم: ٥٩٢..
١٧ - أخرجه البخاري، رقم: ٤٥٥٣..
١٨ - علقه المصنف، وقد وصله البخاري رقم: ٢٩٤٠، قال: وحدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح... الحديث..
١٩ - أخرجه البخاري، رقم: ٢٩٤١..
٢٠ - سيرة ابن هشام ١/٣٢٨..
٢١ - في الأصل: فصالحهم، وما أثبته هو الصحيح..
٢٢ - فدك: قرية في شرقي خيبر، تعرف اليوم بالحائط. ينظر معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية لعاتق بن غيث البلادي، ص ٢٣٥..
٢٣ - سيرة ابن هشام ٢/ ٣٣٧..
قوله عز وجل :﴿ يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم ﴾ الآية
[ آل عمران : ٦٥ ]
٥٧٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة.
قال زكريا : وحدثنا يزيد، عن خارجة، عن سعيد، عن قتادة : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعا يهود أهل المدينة، وهم الذين حاجوا في إبراهيم، وزعموا أنه مات يهوديا، فأكذبهم الله عز وجل ونفاهم منه فقال :﴿ يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون ﴾١.
٥٧١- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله :﴿ يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم ﴾ قال : اليهود والنصارى برأه الله منهم حين ادعى كل أنه منهم، وألحق به المؤمنين٢.
٥٧٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق، قال : وقال أحبار يهود ونصارى نجران حين اجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنازعوا، فقالت الأحبار : ما كان إبراهيم إلا يهوديا، وقالت النصارى من أهل نجران : ما كان إبراهيم إلا نصرانيا. قال : فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم :﴿ قل يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده ﴾ إلى قوله :﴿ وأنتم تشهدون ﴾٣.
قوله :﴿ أفلا تعقلون ﴾ [ آل عمران : ٦٥ ]
٥٧٣- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ أفلا تعقلون ﴾ يقول :﴿ لم تحاجون في إبراهيم ﴾ وتزعمون أنه كان يهوديا ونصرانيا، ﴿ وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده ﴾، فكانت اليهودية بعد التوراة، وكانت النصرانية بعد الإنجيل ﴿ أفلا تعقلون ﴾٤.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٩١، رقم: ٧٢٠٤..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٩٤١، رقم: ٧٢٠٦ و ٧٢٠٧، وابن أبي حاتم ٢/٦٧١، رقم : ٣٦٣٨..
٣ - أخرجه ابن إسحاق في السيرة - كما في سيرة ابن هشام ١/ ٥٥٣ – مقطوعا على ابن إسحاق، وأخرجه ابن جرير ٦/ ٤٩٠، رقم: ٧٢٠٢، والبيهقي في الدلائل ٥/٣٨٤ من طريق ابن إسحاق بسنده إلى ابن عباس موقوفا عليه..
٤ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٩١، رقم : ٧٢٠٣..
قوله عز وجل :﴿ ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم ﴾ الآية
[ آل عمران : ٦٦ ]
٥٧٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة.
قال زكريا : وحدثنا يزيد عن خارجة، عن سعيد، عن قتادة قوله :﴿ ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم ﴾ يقول : فيما شهدتم ورأيتم وعاينتم، فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم ؟ يقول : فلم تحاجون فيما لم تشهدوا ولم تروا ولم تعاينوا، ﴿ والله يعلم وأنتم لا تعلمون ﴾١.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٩٣، رقم: ٧٢٠٩..
قوله عز وجل :﴿ ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ﴾
[ آل عمران : ٦٧ ]
٥٧٥- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ﴾ فأكذبهم الله وأدحض حجتهم١.
٥٧٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن يحيى، قال : حدثنا محمد ابن يوسف، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال : برأه الله منهم حين ادعى كل أنه منهم – يعني اليهود والنصارى- وألحق به المؤمنين٢.
قوله عز وجل :﴿ ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ﴾
[ آل عمران : ٦٧ ]
٥٧٧- حدثنا زكريا، حدثنا محمد بن أحمد بن نصر، قال : حدثنا يوسف بن عدي، قال : حدثنا رشدين بن سعد، عن يونس بن يزيد، عن عطاء الخراساني، في قول الله عز وجل :﴿ حنيفا مسلما ﴾ قال : مخلصا مسلما٣.
٥٧٨- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا شريك، قال : سمعت السدي، قال : ما كان في القرآن حنفاء، قال : مسلمين، وما كان في القرآن حنفاء مسلمين، قال : حجاجا.
٥٧٩- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : حنفاء، قال : متبعين٤.
٥٨٠- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا وكيع، عن مورق، قال : سمعت الضحاك يقول : حنفاء، قال : حجاجا٥.
١ - تقدم برقم: ٥٩٣، وأخرجه ابن جرير من طريق الشعبي ٦/٤٩٤، رقم: ٧٢١١، وابن أبي حاتم ٢/٦٧٣، رقم: ٣٦٤٩ عن الربيع..
٢ - تقدم برقم: ٥٦٧..
٣ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/ ٦٧٤، رقم: ٣٦٥٥..
٤ - أخرجه ابن جرير ٣/١٠٤ –١٠٨، رقم : ٢٠٩٩، وابن أبي حاتم ٢/٦٧٣، رقم: ٣٦٥١..
٥ - أخرج ابن جرير بنحوه ٣/١٠٦، رقم: ٢٠٩٥، وابن أبي حاتم ٢/٦٧٣، رقم: ٢٦٥٠..
قوله عز وجل :﴿ إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه ﴾
[ آل عمران : ٦٨ ]
٥٨١- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه ﴾ يقول : الذين اتبعوه على ملته وسنته، ومنهاجه وفطرته١.
قوله جل وعز :﴿ وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ﴾
[ آل عمران : ٦٨ ]
٥٨٢- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا إبراهيم، قال : حدثنا سفيان، عن أبي الضحى، عن عبد الله قال : أراه قال : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«لكل نبي ولاة من النبيين، وإن وليي منهم وخليلي أبي، إبراهيم ». ثم قرأ :﴿ إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ﴾٢.
٥٨٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال : أخبرنا وكيع، قال : حدثنا سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لكل نبي، فذكر مثله.
٥٨٤- وحدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال : ألحق الله به – يعني إبراهيم- المؤمنين، كانوا من أهل الحنيفية٣.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٤٩٧، رقم : ٧٢١٤..
٢ - أخرجه سعيد بن منصور رقم: ٥٠١، وأحمد ١/٤٢٩-٤٣٠، والترمذي رقم: ٤٠٧٩، وابن جرير ٦/٤٩٨، رقم: ٧٢١٦، و٦/٤٩٩، رقم: ٧٢١٧، وابن أبي حاتم في التفسير ٢/٦٧٤، رقم: ٣٦٥٦، وفي العلل ٢/٦٣، رقم: ١٦٧٧، والحاكم ٢/٥٥٣، والواحدي في أسباب النزول ص ١٠٢- ١٠٤، ويراجع تفسير ابن كثير ١/٣٧٢..
٣ - تقدم برقم: ٥٦٨..
قوله عز وجل :﴿ ودت طائفة من أهل الكتاب ﴾ الآية
[ آل عمران : ٦٩ ]
٥٨٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا ابن أبي عمر، قال : قال سفيان : كل شيء في آل عمران من ذكر أهل الكتاب فهو في النصارى١.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٧٦، رقم: ٣٦٦٤..
قوله عز وجل :﴿ يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله ﴾ الآية
[ آل عمران : ٧٠ ]
٥٨٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا يزيد، عن خارجة، عن سعيد، عن قتادة.
قال زكريا : وحدثنا إسحاق، قال : حدثنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة، في قوله عز وجل :﴿ يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون ﴾، قال : تشهدون أن نعت نبي الله محمد في كتابكم، ثم تكفرون به، وتنكرونه ولا تؤمنون به، وأنتم تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل : النبي الأمي١.
٥٨٧- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج في قوله عز وجل :﴿ يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون ﴾ على أن الدين الإسلام ليس لله دين غيره٢.
٥٨٨- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ لم تكفرون بآيات الله ﴾ بكتاب الله، ﴿ وأنتم تشهدون ﴾ أي : تعرفون٣.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٠٢، رقم: ٧٢١٩..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٠٣، رقم: ٧٢٢٢. وابن أبي حاتم ٢/٦٧٧، رقم: ٣٦٧٢..
٣ - مجاز القرآن ١/ ٩٦..
قوله عز وجل :﴿ يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل ﴾
[ آل عمران : ٧١ ]
٥٨٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق قال : وقال عبد الله بن صيف، وعدي بن زيد، والحارث ابن عوف بعضهم لبعض : تعالوا نؤمن بما أنزل على محمد وأصحابه بكرة ونكفر به عشية، حتى نلبس عليهم دينهم، لعلهم أن يصنعوا كما نصنع، فيرجعوا عن دينهم ؛ فأنزل الله جل ثناؤه في ذلك من قولهم :﴿ يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل ﴾ إلى قوله :﴿ يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ﴾١.
٥٩٠- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج في قوله عز وجل :﴿ لم تلبسون الحق بالباطل ﴾، ﴿ لم تلبسون الحق ﴾ الحق : الإسلام، ﴿ بالباطل ﴾ : باليهودية والنصرانية٢.
٥٩١- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ لم تلبسون الحق بالباطل ﴾ أي : لم تخلطون ؟ يقال : لبست علي أمرك٣.
قوله عز وجل :﴿ وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ﴾
[ آل عمران : ٧١ ]
٥٩٢- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ وتكتمون الحق ﴾ قال : الإسلام، وأمر محمد عليه السلام، وأنتم تعلمون أن محمدا رسول الله، وأن الدين : الإسلام٤.
٥٩٣- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة قوله :﴿ وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ﴾ كتموا شأن محمد وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة، والإنجيل، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر٥.
١ - سيرة ابن هشام ١/ ٥٥٣ مقطوعا على ابن إسحاق كما عند المؤلف ها هنا، وأخرجه ابن جرير ٦/٥٠٤، رقم: ٧٢٢٣، وابن أبي حاتم ٢/ ٦٧٧، رقم: ٣٦٧٥، من طريق ابن إسحاق بسنده إلى ابن عباس موقوفا عليه..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٠٤، رقم: ٧٢٢٦، وابن أبي حاتم ٢/٦٧٧، رقم: ٣٦٧٤..
٣ - مجاز القرآن ١/٩٦..
٤ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٧٩، رقم: ٣٦٨٣..
٥ - أخرجه ابن جرير٦/٥٠٥، رقم : ٧٢٢٨..
قوله عز وجل :﴿ وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا ﴾ الآية
[ آل عمران : ٧٢ ]
٥٩٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن يحيى، قال : حدثنا محمد ابن الصلت، قال : حدثنا أبو كدينة، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس :﴿ وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره ﴾ الآية، قال : كانوا يكونون معهم أول النهار ويجالسونهم ويكلمونهم، فإذا أمسوا وحضرت الصلاة كفروا به وكفروه١.
٥٩٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار ﴾، قال : يهود تقوله، صلت مع محمد صلاة الصبح، وكفروا آخر النهار، مكرا منهم، ليروا الناس أن قد بدت منه الضلالة بعد إذ كانوا اتبعوه٢.
٥٩٦- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد : فذكر مثله.
٥٩٧- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة والكلبي في قوله :﴿ آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره ﴾ قال بعضهم لبعض : أعطوهم الرضا بدين نبيهم أول النهار واكفروا آخره، فإنه أجدر أن يصدقوكم ويعلموا أنكم قد رأيتم فيهم ما تكرهون، وهو أجدر أن يرجعوا عن دينهم٣.
٥٩٨- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا سعيد، قال : حدثنا خالد بن عبد الله، عن حصين، عن أبي مالك في قوله عز وجل :﴿ آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره ﴾ قال : قالت اليهود : آمنوا معهم بما يقولون أول النهار، وارتدوا آخره لعلهم يرجعون معكم٤.
٥٩٩- أخربنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ وجه النهار ﴾ : أوله.
قال ربيع بن زياد٥ :
من كان مسرورا بمقتل مالك فليأت نسوتنا بوجه نهار٦
كقولك : بصدر نهار٧.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٧٩، رقم: ٣٦٨٣..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٠٨، رقم ٧٢٣٥، ٧٢٣٦، وابن أبي حاتم ٢/٦٧٩، رقم: ٣٦٨٤..
٣ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٢٩، رقم: ٤١٢، وابن جرير ٦/٥٠٧، رقم: ٧٢٣١، وابن أبي حاتم ٢/٦٧٩، رقم: ٣٦٨٢، كلاهما من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة بنحوه..
٤ - أخرجه سعيد بن منصور في سننه رقم: ٥٠٢، وعبد بن حميد المنتخب ق ٣٦، وابن جرير ٦/٥٠٧، رقم: ٧٢٣٢، ٧٢٣٤، وابن أبي حاتم ٢/٦٧٩، رقم: ٣٦٨١..
٥ - شاعر فارس من سادات قومه بني عبس، أحد الكملة ودهاة العرب. كان نديم النعمان بن المنذر. تنظر أخباره في الأغاني ١٧/١١٦..
٦ - البيت للشاعر من قصيدة له في الأغاني ١٧/١٢٦..
٧ - مجاز القرآن ١/٩٦-٩٧..
قوله عز وجل :﴿ ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ﴾
[ آل عمران : ٧٣ ]
٦٠٠- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ﴾ هذا قول بعضهم لبعض١.
٦٠١- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ﴾ : لا تقروا ولا تصدقوا٢.
قوله عز وجل :﴿ أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ﴾
[ آل عمران : ٧٣ ]
٦٠٢- حدثنا محمد، قال : حدثنا نصر، قال : حدثنا عبد، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبي مالك وسعيد بن جبير :﴿ أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ﴾ قالا : أمة محمد٣.
٦٠٣- حدثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، عن الكسائي والفراء قالا في قوله عز وجل :﴿ أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم ﴾ قالا : على معنى : أو أن يحاجوكم.
وكذلك في قراءة عبد الله كأنه أراد : لا تؤمنوا أن يحاجوكم عند ربكم، وإن شئت بمعنى، لا تؤمنوا بذلك إلا أن يحاجوكم، ردا على قوله :
﴿ إلا لمن تبع دينكم ﴾ قال الكسائي : وهذا أعجبهما إلي٤.
قوله عز وجل :﴿ قل إن الهدى هدى الله ﴾ [ آل عمران : ٧٣ ]
٦٠٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن نصر، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبي مالك قال :﴿ وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا ﴾ إلى ﴿ لعلهم يرجعون ﴾ قال : كانت اليهود تقول أحبارها للذين دونهم : ائتوا محمدا وأصحابه فقولوا لهم أول النهار : إنا على دينكم، فإذا كان العشي فائتوهم فقولوا : إنا كفرنا بدينكم، ونحن على ديننا الأول، إنا قد سألنا علماءنا فأخبرونا أنكم لستم على شيء، لعل المسلمين يرجعون إلى دينكم ويكفرون بمحمد صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل :
﴿ إن الهدى هدى الله ﴾٥.
٦٠٥- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله :﴿ أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ﴾ حسدا من يهود أن تكون النبوة في غيرهم، وأرادوا أن يتابعوا٦. على دينهم٧.
٦٠٦- حدثنا محمد، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ﴾، يقول : لما أنزل الله عز وجل كتابا مثل كتابكم وبعث نبيا كنبيكم حسدتموهم على ذلك ﴿ قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ﴾ ٨.
قوله عز وجل :﴿ أن يحاجوكم عند ربكم ﴾ [ آل عمران : ٧٣ ]
٦٠٧- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ أو يحاجوكم عند ربكم ﴾ قال بعضهم لبعض : لا تخبرونهم بما بين الله لكم في كتابه، فيخاصموكم عند ربكم، فتكون لهم حجة عليكم ٩.
قوله عز وجل :﴿ قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ﴾
[ آل عمران : ٧٣ ]
٦٠٨- حدثنا أبو سعد، قال : حدثنا سويد، قال : حدثنا عبد الله، عن ابن جريج قراءة في قوله :﴿ قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ﴾، قال : الإسلام١٠.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٥١١، رقم: ٧٢٤٦..
٢ - مجاز القرآن ١/٩٧..
٣ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٨١، رقم: ٣٦٩٥..
٤ - معاني القرآن الكريم للفراء ١/٢٢٢-٢٢٣، والقراءات وعلل النحويين فيها لأبي منصور الأزهري ١/١١٨، والكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها لمكي بن أبي طالب القيسي ١/٣٤٧-٣٤٨..
٥ - أخرجه عبد بن حميد – المنتخب ق ٣٦، وابن جرير ٦/٥٠٧، رقم: ٧٢٣٢، ٧٢٣٤، وابن أبي حاتم ٢/٦٧٩، رقم: ٣٦٨١..
٦ - في ابن جرير: أن يتبعوا على دينهم..
٧ - أخرجه ابن جرير ٦/٥١٢، رقم: ٧٢٤٩، وابن أبي حاتم ٢/٦٨١، رقم: ٣٦٩٧..
٨ - أخرجه ابن جرير ٦/٥١٤، رقم: ٧٢٥٢..
٩ - أخرجه ابن جرير ٦/٥١٥، رقم: ٧٢٥٤، وابن أبي حاتم ٢/٦٨٢، رقم: ٣٦٩٩..
١٠ - أخرجه ابن جرير ٦/٥١٧، رقم: ٧٢٥٥..
قوله عز وجل :﴿ يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ﴾
[ آل عمران : ٧٤ ]
٦٠٩- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ يختص برحمته من يشاء ﴾ قال : النبوة يختص بها من يشاء١.
٦١٠- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ يختص برحمته من يشاء ﴾ قال : قال آخرون : القرآن والإسلام٢.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٥١٧، رقم: ٧٢٥٦، وابن أبي حاتم ٢/٦٨٢، رقم: ٣٧٠٢..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٥١٨، رقم: ٧٢٥٩، وفيه أن صاحب القول هو ابن جريج نفسه..
قوله عز وجل :﴿ ومن أهل الكتاب من إن تأمنه ﴾ الآية
[ آل عمران : ٧٥ ]
٦١١- حدثنا محمد، قال : حدثنا نصر، قال : حدثنا عبد، قال : حدثنا إبراهيم، عن أبيه، عن عكرمة :﴿ ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ﴾ قال : هذا من النصارى، ﴿ ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك ﴾، قال : هذا من اليهود١.
٦١٢- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن معاذ، قال : القنطار : ألف ومائتا أوقية٢.
٦١٣- وقال أبو هريرة : القنطار : ألف ومائتا أوقية٣.
٦١٤- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا حجاج بن منهال، قال : حدثنا حماد – يعني : ابن سلمة- عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال : القنطار اثنا عشر ألف أوقية٤، كل أوقية خير مما بين السماء والأرض.
٦١٥- حدثنا محمد، قال : حدثنا نصر، قال : حدثنا عبد، قال : أخبرنا يزيد بن هارون، قال : أخبرنا هشام، قال : كان الحسن يقول : القنطار ألف ومائتا دينار، وهي دية الرجل٥.
٦١٦- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن عمر بن حوشب، عن عطاء الخراساني، قال : سئل ابن عمر : كم القنطار ؟ قال : سبعون ألف دينار٦.
٦١٧- وكذلك روي عن مجاهد٧.
٦١٨- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا هشيم، عن عوف،
عن الحسن قال : القنطار : ألف دينار، وهي دية أحدكم٨.
٦١٩- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة :﴿ الكتاب من إن تأمنه بقنطار ﴾ قال : القنطار مائة رطل من ذهب، أو ثمانون ألف درهم من ورق٩.
٦٢٠- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا وكيع، عن سفيان، عن إسماعيل، عن أبي صالح، قال : القنطار مائة رطل١٠.
٦٢١- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : أخبرنا يزيد، عن عوف بن أبي جميلة، عن الحسن قال : اثنا عشر ألفا القنطار١١.
٦٢٢- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا وكيع، عن أبي الأشهب، قال : سمعت أبا نضرة يقول : القنطار ملء مسك ثور ذهبا١٢. ١٣.
- وكذلك قال الكلبي١٤.
٦٢٣- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، في القنطار، قال : ألف دينار، ومن الورق اثنا عشر ألفا.
قوله عز وجل :﴿ ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك ﴾
[ آل عمران : ٧٥ ]
٦٢٤- حدثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد قال : حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله عز وجل :﴿ إلا ما دمت عليه قائما ﴾ قال : مواظبا١٥.
٦٢٥- حدثنا محمد، قال : حدثنا نصر، قال : حدثنا عبد، قال : حدثنا إبراهيم، عن أبيه، عن عكرمة :﴿ إلا ما دمت عليه قائما ﴾ قال : إلا ما طلبته واتبعته١٦.
٦٢٦- حدثنا النجار، قال : حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة في قوله :﴿ ما دمت عليه قائما ﴾ قال : تقتضيه إياه١٧.
٦٢٧- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ إلا ما دمت عليه قائما ﴾ يقول : ما لم تفارقه١٨.
قوله عز وجل :﴿ ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ﴾
[ آل عمران : ٧٥ ]
٦٢٨- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج في قوله :﴿ ليس علينا في الأميين سبيل ﴾ قال : بايعهم ناس من المسلمين في الجاهلية، فأسلموا فتقاضوا، فقالوا : ليس لكم علينا أمانة، ولا قضاء لكم عندنا ؛ لأنكم تركتم دينكم الذي كنتم عليه !
[ قال :]١٩ وادعوا ذلك في كتابهم٢٠.
٦٢٩- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق الهمداني، عن صعصعة بن معاوية، أنه سأل ابن عباس فقال : إنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة ؟ قال ابن عباس : فتقولون ماذا ؟ قال : نقول : ليس علينا في ذلك من بأس. قال : هذا كما قال أهل الكتاب :﴿ ليس علينا في الأميين سبيل ﴾، إنهم إذا أدوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم٢١.
٦٣٠- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا يحيى الحماني، قال : حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد٢٢ قال : لما نزلت ﴿ ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ﴾ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذب أعداء الله، ما من شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدمي هاتين، إلا الأمانة فإنها مؤداة٢٣.
قوله عز وجل :﴿ ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ﴾
[ آل عمران : ٧٥ ]
٦٣١- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج في قوله :﴿ ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ﴾، قال : بايعهم ناس من المسلمين في الجاهلية، فأسلموا فتقاضوا، فقالوا : ليس لكم علينا أمانة ولا قضاء ؛ لأنكم تركتم دينكم، وادعوا ذلك في كتابهم، فقال :﴿ ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ﴾، ثم تلا :﴿ بلى من أوفى بعهده واتقى ﴾٢٤.
١ - أخرجه عبد بن حميد – المنتخب ق ٣٧..
٢ - أخرجه عبد بن حميد – المنتخب ق ١٠، والدارمي في السنن ٢/٤٦٨، وابن جرير ٦/٢٤٤، رقم: ٦٦٩٦- ٦٦٩٧، وابن أبي حاتم ٢/٦٠٨، رقم: ٣٢٥٤، والبيهقي في السنن ٧/٢٣٣..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٤٤، رقم: ٦٧٠٠..
٤ - أخرجه البيهقي ٧/٢٣٣..
٥ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٤٦، رقم: ٦٧٠٣، وابن أبي حاتم ٢/٦٠٩، رقم: ٣٢٦٣..
٦ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٣٠، رقم: ٤١٥، وابن جرير ٦/٢٤٨، رقم: ٦٧٢١، وابن أبي حاتم ٢/٦٠٩، رقم : ٣٢٦١..
٧ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٤٨، رقم: ٦٧١٩، وابن أبي حاتم ٢/٦٠٩، رقم: ٣٢٦٢..
٨ - أخرجه ابن جرير ٢/٢٤٧، رقم: ٦٧١٢..
٩ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٢٩، رقم: ٤١٣..
١٠ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٤٧، رقم: ٦٧١٧، وابن أبي حاتم ٢/٦٠٨، رقم: ٣٢٥٨..
١١ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٤٦، رقم: ٦٧٠٨، ٦٧٠٩، ٦٧١١، وابن أبي حاتم ٢/٦٠٩، رقم: ٣٢٦٣..
١٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٢٤٦، رقم: ٦٧٢٣، والبيهقي ٧/٢٣٣..
١٣ - مسك ثور: أي جلد ثور. القاموس المحيط مادة : مسك ١٢٣٠..
١٤ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٢٩، رقم: ٤١٤..
١٥ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٢٠، رقم: ٧٢٦٣-٧٢٦٤، وابن أبي حاتم ٢/٦٨٣، رقم: ٣٧٠٧..
١٦ - أخرجه عبد بن حميد في تفسيره- المنتخب ق ٣٧..
١٧ - أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/١٣٠، رقم: ٤١٦، وابن جرير ٦/٥٢٠، رقم: ٧٢٦٢، وابن أبي حاتم ٢/٦٨٣، رقم: ٣٧٠٨..
١٨ - مجاز القرآن ١/٩٧..
١٩ - زيادة يقتضيها السياق، لايضاح المعنى، كما في تفسير ابن جرير ٦/٥٢٣، رقم: ٧٢٧٢..
٢٠ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٢٣، رقم: ٧٢٧٢ و ٦/٥٢٥، رقم: ٧٢٧٦، وابن أبي حاتم ٢/٦٨٤، رقم: ٣٧١٤..
٢١ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٣٠، رقم: ٤١٨، وابن جرير ٦/٥٢٣ – ٥٢٤، رقم: ٧٢٧٣ – ٧٢٧٤، وابن أبي حاتم ٢/٦٨٤، رقم: ٣٧١١، والبيهقي في السنن الكبرى ٩/ ١٦١٨..
٢٢ - هو ابن جبير..
٢٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٢٢- ٥٢٣، رقم: ٧٢٦٩ – ٧٢٧٠، وابن أبي حاتم ٢/٦٨٤، رقم: ٣٧١٢..
٢٤ - تقدم برقم : ٦٥٣..
قوله عز وجل :﴿ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ﴾
[ آل عمران : ٧٧ ]
٦٣٢- حدثنا محمد بن علي النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن منصور، والأعمش، عن أبي وائل قال : قال عبد الله : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا يحلف رجل على يمين صبر١، يقتطع بها مالا هو فيها فاجرا، إلا لقي الله وهو عليه غضبان. قال : فأنزل الله عز وجل :﴿ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ﴾ الآية، فجاء الأشعث ابن قيس – وعبد الله يحدثهم-، فقال : في نزلت وفي رجل خاصمته في بئر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألك بينة ؟ قال : فقلت : لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فيحلف. قال : قلت : إذا يحلف. وأنزل الله :﴿ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ﴾ الآية، ففي نزلت٢.
٦٣٣- حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، قال : حدثنا سهل بن بكار، قال : حدثنا جرير بن حازم، عن عدي بن عدي الكندي، عن رجاء بن حيوة، والعرس بن عميرة، عن أبيه عدي، قال : اختصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم امرؤ القيس الكندي ورجل من حضرموت في أرض ؛ فسأل الحضرمي البينة، وقضى على امرئ القيس باليمين، فقال الحضرمي : أمكنته باليمين ؟ ذهب والله بأرضي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حلف على يمين صبر كاذبا ليقتطع بها مال أخيه لقي الله يوم القيامة وهو عليه غضبان. قال : فقال امرؤ القيس : فما لمن تركها يا رسول الله ؟ قال : الجنة. قال : فإني أشهدك أني قد تركتها٣.
٦٣٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال : أخبرنا محمد بن عبيد ومحمد بن يزيد الواسطي، قال : حدثنا العوام بن حوشب عن إبراهيم السكسكي، عن عبد الله بن أبي أوفى : أن رجلا أقام سلعة له، فحلف لقد أعطي بها ما لم يعط ؛ فنزلت :﴿ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ﴾ الآية٤.
وقال ابن أبي أوفى : الباخس : آكل الربا الخائن.
٦٣٥- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب في قوله :﴿ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ﴾ قال : هي اليمين الفاجرة يقتطع الرجل مال أخيه. واليمين الفاجرة من الكبائر. قال : ثم قرأ سعيد٥ :﴿ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ﴾ الآية٦.
قوله جل وعز :﴿ أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ﴾
[ آل عمران : ٧٧ ]
٦٣٦- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ لا خلاق لهم ﴾ : لا نصيب لهم ٧.
قوله عز وجل :﴿ ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ﴾
[ آل عمران : ٧٧ ]
٦٣٧- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ ولا يزكيهم ﴾ ولا يكونون عنده كالمؤمنين٨.
١ - هي اللازمة لصاحبها من جهة الحكم. ينظر النهاية في غريب الحديث ٣/٨..
٢ - أخرجه البخاري رقم: ٤٥٤٩- ٤٥٥٠، ومسلم رقم: ١٣٨..
٣ - أخرجه أحمد ٤/١٩١-١٩٢، وعبد بن حميد – المنتخب ق ٣٩، والنسائي في السنن الكبرى ٣/٤٨٦، رقم: ٥٩٩٦، وابن جرير ٦/٥٣٠، رقم: ٧٢٨٠، والطبراني في المعجم الكبير ١٧/١٨٠، رقم: ٢٦٥، والبيهقي في الشعب رقم: ٤٨٤٠..
٤ - أخرجه البخاري رقم: ٤٥٥١..
٥ - هو ابن المسيب..
٦ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٣٠، رقم: ٤١٩، وابن جرير ٦/٥٣٤، رقم: ٧٢٨٨..
٧ - مجاز القرآن ١/٩٧..
٨ - مجاز القرآن ١/٩٧..
قوله عز وجل :﴿ وإن منهم لفريقا ﴾ الآية [ آل عمران : ٧٨ ]
٦٣٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب ﴾ يحرفونه١.
٦٣٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى، قال : حدثنا عثمان بن عمر، قال : حدثنا مالك بن مغول، عن الشعبي قال في هذه الآية :﴿ يلوون ألسنتهم بالكتاب ﴾ قال : يحرفونه عن مواضعه٢.
٦٤٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن رافع، قال : حدثنا إسماعيل، قال : حدثني عبد الصمد، أنه سمع وهبا يقول : إن التوراة والإنجيل كما أنزلهما الله لم يغير منهما حرف، ولكنهم يضلون بالتحريف والتأويل، وكتب كانوا يكتبونها من عند أنفسهم ويقولون هو من عند الله، وما هو من عند الله، فأما كتب الله فإنها محفوظة لا تحول٣.
٦٤١- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ يلوون ألسنتهم بالكتاب ﴾ يقلبونه ويحرفونه٤.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٣٦، رقم: ٧٢٩٠ –٧٢٩١، وابن أبي حاتم ٢/٦٨٩، رقم: ٣٧٣٤..
٢ - قول الشعبي أورده ابن أبي حاتم ٢/٦٨٩، رقم: ٣٧٣٤..
٣ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٨٩، رقم: ٣٧٣٥..
٤ - مجاز القرآن ٢/٩٧..
قوله عز وجل :﴿ ما كان لبشر ﴾ الآية [ آل عمران : ٧٩ ]
٦٤٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق قال :
وقال أبو رافع أو رافع القرظي حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإسلام [ قالوا ]١ : أتريد منا يا محمد أن نعبدك كما يعبد النصارى المسيح بن مريم ؟ فقال رجل من أهل نجران يقال له الرئيس نصراني : أوذاك تريد يا محمد وإليه تدعو ؟ أو كما قال  ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : معاذ الله أن نعبد غير الله، أو أن آمر بعبادة غيره، ما بذلك بعثني ولا أمرني  ! أو كما قال ؛ فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهما :﴿ ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ﴾ إلى قوله :﴿ بعد إذ أنتم مسلمون ﴾٢.
قوله عز وجل :﴿ ولكن كونوا ربانيين ﴾ [ آل عمران : ٧٩ ]
٦٤٣- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا قيس، عن عطاء، عن سعيد، عن ابن عباس :﴿ ولكن كونوا ربانيين ﴾، قال : الفقهاء المعلمون٣.
- وكذلك روي عن سعيد بن جبير٤.
٦٤٤- حدثنا علي بن الحسن الهلالي، قال : حدثنا عبد الله بن عثمان، قال : أخبرنا عباد بن العوام، قال : أخبرنا عوف، عن الحسن :﴿ ولكن كونوا ربانيين ﴾ قال : علماء فقهاء٥.
- وكذلك روي عن أبي رزين٦ وقتادة٧.
٦٤٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الزعفراني، قال : حدثنا سعيد بن سليمان، قال : حدثنا حفص، قال : حدثنا ميمون أبو عبد الله، عن الضحاك في قوله عز وجل :﴿ كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب ﴾، قال : حق على كل من تعلم القرآن أن يكون فقيها٨.
٦٤٦- حدثنا أبو سعد، قال : حدثنا محمد بن بشار، قال : حدثنا محمد هو ابن جعفر، قال : حدثنا شعبة، عن عاصم، قال : سمعت زر، عن عبد الله في قوله عز وجل :﴿ كونوا ربانيين ﴾ قال : حكماء علماء٩.
٦٤٧- حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب وعلي بن الحسن الهلالي وعلي بن عبد العزيز، قالوا : حدثنا أبو نعيم، قال أبو أحمد : أخبرنا سفيان، عن منصور، عن أبي رزين :﴿ كونوا ربانيين ﴾ قال : حكماء علماء١٠.
قوله عز وجل :﴿ بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ﴾
[ آل عمران : ٧٩ ]
٦٤٨- حدثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد قال : بلغني عن أبي عوانة، عن أبي المعلى العطار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وعن مغيرة، عن إبراهيم أنهما كانا يقرآن ﴿ تعلمون ﴾.
٦٤٩- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد بن منصور، قال : حدثنا سفيان، عن مجاهد أنه كان يقرأ :﴿ بما كنتم تعلمون ﴾١١. ١٢
٦٥٠- حدثنا علي، عن أبي عبيد قال : أما أبو عمرو بن العلاء فكان يقرأها :﴿ تعلمون ﴾ ١٣، يحتج بقوله :﴿ وبما كنتم تدرسون ﴾ يقول : ألا تراه لم يقل : تدرسون١٤.
١ - زيادة يقتضيها السياق..
٢ - سيرة ابن هشام ١/٥٥٤، وأخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٩٣، رقم: ٣٧٥٦، وابن جرير ٦/٥٣٩، رقم: ٧٢٩٦ من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد..
٣ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٩١، رقم: ٣٧٤٦..
٤ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٤٢، رقم: ٧٣١٨، وابن أبي حاتم ٢/٦٩١، رقم: ٣٧٤٥..
٥ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٤١، رقم: ٧٣٠٥، وعزاه له ابن أبي حاتم ٢/٦٩٢، رقم: ٣٧٤٩..
٦ - سيأتي برقم: ٦٧٠..
٧ - أخرجه عبد بن حميد- المنتخب ق ٤٠، وابن جرير ٦/٥٤١، رقم: ٧٣٠٩، ٧٦١٠..
٨ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٤٢، رقم: ٧٣١٧، وابن أبي حاتم ٢/٦٩٢، رقم: ٣٧٥٠..
٩ - أخرجه ابن جرير من طريق أبي رزين ٦/٥٤٠، رقم: ٧٣٠٢..
١٠ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٣٠، رقم: ٤٢٢، وسعيد بن منصور رقم: ٥٠٤، وعبد بن حميد – المنتخب ق ٤٠، وابن جرير ٦/ ٥٤٠، رقم: ٧٣٠١-٧٣٠٢..
١١ - قرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي ﴿تعلمون﴾ مثقلا وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ﴿تعلمون﴾ بإسكان العين ونصب اللام. الحجة للقراء السبعة ص ٣/٥٨، ٥٩..
١٢ - أخرجه عبد ابن حميد – المنتخب ق ٤٠، وابن جرير ٦/٥٤٥، رقم: ٧٣٢٠، وابن أبي حاتم ٢/٦٩٢، رقم: ٣٧٥١..
١٣ - بفتح التاء، وسكون العين، وفتح اللام، قراءة غير الشامي والكوفيين من القراء العشرة، تنظر البدور الزاهرة ص ٦٧. وقرأ الباقون وهم : الشامي والكوفيون: تعلمون، بضم التاء، وتشديد اللام مكسورة كما في رواية حفص عن عاصم. ينظر المصدر السابق ص ٦٧، وتفسير القرطبي ٤/١٢٣..
١٤ - الحجة للقراء السبعة، لأبي علي الفارسي ٢/٦١..
قوله عز وجل :﴿ ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا ﴾
[ آل عمران : ٨٠ ]
٦٥١- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ ولا يأمركم أن تتخذوا ﴾ ولا يأمرهم النبي أن يتخذوا الملائكة والنبيين أربابا١.
٦٥٢- حدثنا علي، عن أبي عبيد قال : قد قرأها غير واحد بالفتح٢ على ما قبله ﴿ ثم يقول للناس كونوا ﴾، فينصب على هذا، ومن رفع جعله كلاما مبتدأ٣. وقرأها الكسائي بالرفع، والثانية٤ كذلك، وكذلك قرأها أهل المدينة أبو جعفر ونافع وشيبة.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٤٩، رقم: ٧٣٢٢..
٢ - قوله: ولا يأمركم، بنصب الراء وهي قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة وخلف ويعقوب. وقرأ الباقون بالرفع وهم: الكسائي وأبو عمرو بن العلاء وابن كثير وأبو جعفر ونافع. ينظر النشر في القراءات العشر ٢/٢٤٠، والتبصرة في القراءات ص ٤٦٢..
٣ - فمن نصب ﴿يأمركم﴾ عطفه على ﴿أن يؤتيه الله﴾ أو على ﴿ثم يقول﴾ والضمير في ﴿يأمركم﴾ للبشر، والمراد به النبي صلى الله عليه و سلم ومن رفعه قطعه مما قبله، وجعل ﴿لا﴾ بمعنى ليس ويكون الضمير في يأمركم لله جل ذكره. القراءات وعلل النحويين فيها المسمى علل القراءات لأبي منصور محمد بن أحمد إلا زهري ١/١٢١، ومشكل إعراب القرآن ١/١٧٤-١٦٥، وكتاب الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها ١/٣٥٠-٣٥١، كلاهما لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي..
٤ - يعني قوله تعالى: ﴿لما آتيتكم من كتاب...﴾ فمن قرأ ﴿لما﴾ بكسر اللام وهو حمزة فقط. فجعلها لام جر، وعلق اللام بالأخذ، أي: أخذ الله الميثاق لهذا الأمر، لأن من أوتي الحكمة يؤخذ عليه الميثاق، لما أوتوه من الحكمة، لأنهم الخيار من الناس، و "ما" بمعنى الذي. ومن قرأ " لما" بفتح اللام. وهي قراءة جميع القراء ما عدا حمزة جعل اللام لام الابتداء، و﴿ما﴾ بمعنى الابتداء. وجعل اللام جوابا لما هو في معنى القسم.... الخ. كتاب الكشف عن وجوه القراءات السبع ١/٣٥١-٣٥٢، ومشكل إعراب القرآن ١/١٦٥-١٦٧. وينظر الحجة للقراء السبعة ٢/٦٢..
قوله عز وجل :﴿ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين ﴾ [ آل عمران : ٨١ ]
٦٥٣- حدثنا علي بن الحسن، قال : حدثنا عبد الله العدني، عن سفيان، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، قال : قلت لابن عباس : إن الضحاك عبد الله يقول :﴿ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لما آتيتكم من كتاب وحكمة ﴾، ونحن نقرأ :﴿ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ﴾، ونحن نقرأ :﴿ ميثاق النبيين ﴾، فقال ابن عباس : إنما أخذ الله ميثاق النبيين على قومهم١.
٦٥٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، قال : حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال : أخبرني ابن طاووس، عن أبيه :
﴿ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم ﴾ قال : أخذ ميثاق الأول من الأنبياء لتصدقن ولتؤمنن بما جاء به الآخر منهم٢.
٦٥٥- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه في قوله عز وجل :﴿ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين ﴾ أن يصدق بعضهم بعضا، ثم قال :﴿ ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه ﴾، قال : فهذه الآية لأهل الكتاب أخذ الله ميثاقهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويصدقوا به٣.
٦٥٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق، قال : بعث الله عز وجل محمدا رحمة للعالمين وكافة للناس، وقد كان الله عز وجل أخذ له الميثاق على كل نبي بعثه قبله بالإيمان به، والتصديق له، وأخذ عليهم أن يؤدوا ذلك إلى كل من آمن بهم وصدقهم، فأدوا من ذلك ما كان عليهم من الحق فيه، يقول الله عز وجل لمحمد عليه السلام :﴿ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم ﴾ قرأ إلى ﴿ الشاهدين ﴾، فأخذ الله له ميثاق النبيين جميعا بالتصديق له والنصر له ممن خالفه، وأدوا ذلك إلى من آمن منهم وصدقهم، فبعثه الله بعد بنيان الكعبة بخمس سنين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ابن أربعين سنة.
٦٥٧- حدثنا علي، عن أبي عبيد قال : حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين ﴾ قال : هذا خطأ من الكاتب٤، هي في قراءة عبد الله ٥ :﴿ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ﴾٦.
٦٥٨- حدثنا علي، عن أبي عبيد قال : كان ابن عباس أنكر أن يكون الميثاق يوجد من غير الأنبياء. وقال الكسائي : قد يكون في الكلام ميثاق النبيين بمعنى ميثاق الذين كانوا قبلهم النبيون، والذين اتبعوا النبيين، فهذا مخرج لقراءة عبد الله وأصحابه٧.
قوله عز وجل :﴿ لما آتيتكم من كتاب وحكمة ﴾ الآية
[ آل عمران : ٨١ ]
٦٥٩- حدثنا علي، عن أبي عبيد، قال الكسائي : وأما قوله :﴿ لما آتيتكم من كتاب ﴾ فإن معناه – والله أعلم- لمهما آتيتكم، يريد مذهب الجزاء. قال :﴿ ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم ﴾، فكان هذا جوابا لقوله :﴿ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم ﴾.
قال الكسائي : وهذا قول من فتح اللام ﴿ لما ﴾، وكذلك يقرؤهما هو٨، وهي في قراءة أبي عمرو أيضا، وكذلك قرأها أهل المدينة، إلا أنهم قرأوا ﴿ آتيناكم ﴾٩ بالنون.
قال الكسائي : وقد ذكر عن يحيى بن وثاب أنه كان يكسر اللام في قوله :﴿ لما آتيتكم ﴾ ﴿ ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم ﴾ يعني : أنه إن أتاكم ذكر محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة لتؤمنن به، أي : ليكونن إيمانكم للذي عندكم في التوراة من ذكره.
٦٦٠- حدثنا علي، عن أبي عبيد، عن الفراء نحو ذلك كله، إلا أنه قال : من قرأها ﴿ لما ﴾ بكسر أراد : بما أخذ ميثاقكم بهذا الكلام، يعني بقوله :﴿ لتؤمنن به ولتنصرنه ﴾ ١٠.
قوله عز وجل :﴿ قال ءأقررتم ﴾ الآية [ آل عمران : ٨١ ]
٦٦١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن رافع، قال : حدثنا شبابة، قال حدثني ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ إصري ﴾، قال : عهدي١١.
- وكذلك قال الضحاك١٢، ومحمد بن إسحاق وقتادة١٣، وأبو عبيد.
٦٦٢- حدثنا علي، عن أبي عبيد، قال : قال أبو عبيدة : الإصر في الكلام : الثقل ألا تسمع إلى قوله :﴿ ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ﴾١٤.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٥٥، رقم: ٧٣٢٦، وابن أبي حاتم ٢/٦٩٣، رقم: ٣٧٥٧..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٥٥ رقم ٧٣٢٨..
٣ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٣٠، رقم: ٤٢١، وابن جرير ٦/٥٥٥، رقم: ٧٣٢٧ و ٦/٥٥٨، رقم: ٧٣٣٥، وابن أبي حاتم مختصرا ٢/٦٩٣، رقم: ٣٧٥٨..
٤ - هذا قول ينبغي الوقوف عنده من مجاهد – رحمه الله – فالقرآن العظيم كتب بمنتهى الدقة والإتقان، ولا يجوز أن يقال: خطأ من الكاتب، وبمثل هذه العبارة وجد المستشرقون لهم مجالا في بعض كلمات القرآن الكريم، ﴿كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا﴾..
٥ - يعني ابن مسعود رضي الله عنه..
٦ - هذه قراءة شاذة ولو صحت فلا تنافي بينها وبين القراءة الأخرى؛ باعتبار أن المراد بالذين أوتوا الكتاب الأنبياء والرسول عليهم الصلاة والسلام. ويمكن أن يراد بهم أهل الكتاب، ومعلوم أن القراءتين إن كان لكل واحدة معنى يخصها غير معنى القراءة الأخرى فإن القراءتين بمنزلة الآيتين..
٧ - معاني القرآن للفراء ١/٢٢٥. وضعف ابن جرير سند قراءة ابن مسعود ٦/٥٤٨..
٨ - أي: الكسائي فإنه يقرأ: ﴿لما﴾ بفتح اللام. وكذلك يقرؤها أبو عمرو البصري، ينظر البدور الزاهرة ص ٦٧..
٩ - ينظر البدور الزاهرة ص ٦٧..
١٠ - معاني القرآن للفراء ١/٢٢٥..
١١ - أخرجه عبد بن حميد – المنتخب ق ٤٢، وابن جرير ٦/١٣٦، رقم: ٦٥١٣-٦٥١٤..
١٢ - أخرجه ابن جرير ٦/١٣٧، رقم: ٦٥١٨..
١٣ - أخرجه ابن جرير ٦/١٣٦، رقم: ٦٥١٢، وابن أبي حاتم ٢/٦٩٥، رقم: ٣٧٦٦..
١٤ - من الآية ٢٨٦ من سورة البقرة، وينظر مجاز القرآن ١/٨٤..
قوله عز وجل :﴿ فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ﴾
[ آل عمران : ٨٢ ]
٦٦٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة قوله :﴿ فمن تولى بعد ذلك ﴾ يقول : بعد العهد والميثاق الذي أخذ الله عليهم ﴿ فأولئك هم الفاسقون ﴾ ١.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٩٥، رقم: ٣٧٦٨..
قوله عز وجل :﴿ أفغير دين الله يبغون ﴾ الآية [ آل عمران : ٨٣ ]
٦٦٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن أبان، قال : حدثنا أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان، عن سعيد بن مرزبان، عن عكرمة، عن ابن عباس في قول الله جل ثناؤه :﴿ وله أسلم من في السموات ﴾، قال : هذه مفصولة، ﴿ والأرض طوعا وكرها ﴾ ١.
٦٦٥- حدثنا علي، قال حدثنا العدني، قال : قال سفيان٢ : سمعنا في هذه الآية :﴿ وله أسلم من في السموات والأرض طوعا ﴾، قال :﴿ أسلم من في السموات ﴾ : الملائكة، ﴿ والأرض طوعا وكرها ﴾ : الناس.
قوله عز وجل :﴿ طوعا وكرها وإليه يرجعون ﴾
[ آل عمران : ٨٣ ]
٦٦٦- حدثنا علان، قال : حدثنا أبو صالح، قال : حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله :﴿ وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها ﴾، قال : عبادتهم لي أجمعين طوعا وكرها، وهو قوله عز وجل :﴿ ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها ﴾٣.
٦٦٧- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ طوعا وكرها ﴾ قال : سجود المؤمن كله وحمده طائعا، قال : وسجود ظل الكافر وهو كاره٤.
٦٦٨- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد :﴿ وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها ﴾، قال : أما المؤمن فأسلم طائعا، وأما الكافر فما أسلم حتى يأتي بأس الله ﴿ فلم يكن ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ﴾٥. ٦
١ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٩٥، رقم: ٣٧٧٠..
٢ - هو ابن عيينة..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٦٨، رقم: ٧٣٥٥، وابن أبي حاتم ٢/٦٩٦، رقم: ٣٧٧٥..
٤ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٦٦، رقم: ٧٣٤٨، وابن أبي حاتم ٢/٦٩٧، رقم: ٣٧٧٧..
٥ - من الآية : ٨٥ من سورة غافر..
٦ - أخرجه ابن جرير من طريق قتادة ٦/٥٦٧ رقم ٧٣٥٤، وكذلك ابن أبي حاتم من طريق قتادة ٢/٦٩٧، رقم: ٣٧٧٨..
قوله عز وجل :﴿ وما أنزل ﴾ الآية حتى بلغ ﴿ الأسباط ﴾
[ آل عمران : ٨٤ ]
٦٦٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال : أخبرنا عمرو، عن أسباط، عن السدي قوله :﴿ آمنا بالله وما أنزل ﴾ الآية : حتى بلغ :﴿ والأسباط ﴾، قال : الأسباط : ولد يعقوب، يوسف، وروبيل، ويهوذا، وشمعون، وبنيامين، ولاوى، ودان، وقهاث١.
٦٧٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا علي بن عمران، قال : حدثنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك في قوله عز وجل :
﴿ والأسباط ﴾ الآية. قال : أما الأسباط فهم بنو يعقوب كانوا اثني عشر سبطا، كل واحد منهم سبط ولد سبطا من الناس.
١ - أخرجه ابن جرير رقم : ٢١٠٥، وابن أبي حاتم ٢/٦٩٨، رقم: ٣٧٨٣..
قوله عز وجل :﴿ ومن يبتغ غير الإسلام دينا ﴾
[ آل عمران : ٨٥ ]
٦٧١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا ابن أبي عمر، قال : حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن عكرمة مولى ابن عباس، قال : لما نزلت ﴿ ومن يبتغ غير الإسلام دينا ﴾ إلى آخر الآية. قالت اليهود : نحن المسلمون. فقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم فحجهم، يقول : اخصمهم، فإن الله فرض على المؤمنين الحج فقال :﴿ ولله على الناس حج البيت ﴾ إلى ﴿ ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ﴾، قال : فأبوا وقالوا : ليس علينا١.
٦٧٢- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد، قال : حدثنا هشيم، قال : أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال : لما نزلت ﴿ ولله على الناس حج البيت ﴾ ٢. جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الملل فقال : إن الله عز وجل قد فرض الحج، فلم يقبله إلا المسلمون٣.
١ - أخرجه الشافعي في الأم ٢/١٠٩، وسعيد بن منصور رقم: ٥٠٦، وابن أبي عمر العدني في كتاب الإيمان ص ٧٦، رقم: ٩، وابن جرير ٦/٥٧١ رقم: ٧٣٥٦، وابن أبي حاتم ٢/٦٩٩، رقم: ٣٧٨٨. وينظر التفصيل في الكلام على هذا الأثر في تعليق محقق سنن سعيد بن منصور..
٢ - الآية ٩٧ من سورة آل عمران..
٣ - أخرجه سعيد بن منصور رقم: ٥١٥ وابن جرير ٧/٤٩، رقم: ٧٥١٥..
قوله عز وجل :﴿ كيف يهدي الله قوما ﴾ الآية
[ آل عمران : ٨٦ ]
٦٧٣- حدثنا موسى، قال : حدثنا عبد الأعلى، قال : حدثنا مسلم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم ﴾ إلى قوله :﴿ البينات ﴾، قال : نزلت في رجل من بني عمرو بن عوف كفر بعد إيمانه، فجاء الشام١.
٦٧٤- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد : فذكر مثله، قال : فجاء الشام فتنصر، ثم كتب إلى أهله : أن سلوا لي، هل لي من توبة ؟ فنزلت ﴿ إلا الذين تابوا ﴾ ٢. ٣
٦٧٥- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، قال : كان ممن أضاف إلى اليهود ممن سمي لنا من المنافقين من الأوس ثم من بني خبيب بن عمرو بن عوف الحارث بن سويد الذي قتل المجدر بن زياد وقيس بن زيد أحد بني ضبعة يوم أحد، خرج مع المسلمين – وكان منافقا- فلما التقى الناس عدا عليهما فقتلهما، ثم لحق بقريش، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم -فيما يذكرون- قد أمر عمر بن الخطاب بقتله – إن هو ظفر به – ففاته، فكان بمكة، ثم بعث إلى أخيه الجلاس يطلب التوبة، ليرجع إلى قومه ؛ فأنزل الله جل ثناؤه فيه – فيما بلغني عن ابن عباس - :﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق ﴾ إلى آخر القصة٤.
٦٧٦- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق ﴾ قال : كان عكرمة يقول : هم أحد عشر رجلا من قريش لحقوا، ورجعوا عن الإسلام، منهم الحارث٥.
٦٧٧- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة قال : كان الحسن يقول : هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى رأوا بعث محمد صلى الله عليه و سلم فأقروا به، وشهدوا أنه حق. فلما بعث من غيرهم حسدوا العرب على ذلك، فأنكروه وكفروا بعد إقرارهم، حسدا للعرب حين بعث من غيرهم٦.
١ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٧٤، رقم: ٧٣٦٥..
٢ - الآية ٨٩ من سورة آل عمران..
٣ - أخرجه سنيد – وهو الحسين بن داود – في تفسيره كما عزاه إليه الحافظ في العجاب ٢/٧١١، ومن طريقه ابن جرير ٦/٥٧٤، رقم: ٧٣٦٧. وجاء في المصدرين السابقين : قال ابن جريج: أخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد به، بخلاف ما عند المصنف حيث لم يذكر عبد الله بن كثير بين ابن جريج ومجاهد..
٤ -- ابن إسحاق: السيرة – سيرة ابن هشام ٢/٨٩، وتعقب ابن هشام ذكر قيس بن زيد فإنه لم يعد من قتلى أحد. وعزاه ابن حجر في العجاب ٢/٧١٠ – ٧١١ إلى ابن إسحاق في السيرة الكبرى وذكره السيوطي مختصرا ٢/٢٥٧..
٥ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٧٤، رقم: ٧٣٦٧..
٦ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٣١، رقم: ٤٢٤، وابن جرير ٦/٥٧٥، رقم: ٧٣٧٠، ٧٣٧١، وفي ابن جرير: رأوا نعت محمد صلى الله عليه و سلم في كتابهم، وأخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٩٩، رقم: ٣٧٩٠..
قوله عز وجل :﴿ أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله ﴾ الآية
[ آل عمران : ٨٧ ]
٦٧٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، قال : حدثنا حجاج، عن ابن جريج وعثمان بن عطاء عن عطاء، عن ابن عباس :﴿ كيف يهدي الله قوما ﴾ إلى قوله :﴿ أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ﴾، ثم استثنى فقال :﴿ إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ﴾١.
٦٧٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني، قال : حدثنا ابن أبي مريم، قال : أخبرنا عبد الله بن سويد، قال : حدثنا حميد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي :﴿ أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ﴾ إلى قوله :﴿ ولا هم ينظرون ﴾، ثم تعطف الله عليهم برحمته فقال :﴿ إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ﴾ لأولئك القوم، يعني الناس الذين خرجوا من مكة إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم بالمدينة، فبايعوه ثم خرجوا من المدينة، وارتدوا، ولحقوا بمكة، ﴿ فإن الله غفور رحيم ﴾، فبلغني أنهم دخلوا في الإسلام جميعا.
٦٨٠- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن جعفر بن سليمان، عن حميد الأعرج، عن مجاهد قال : جاء الحارث بن سويد فأسلم، ثم كفر فرجع إلى قومه ؛ فأنزل الله عز وجل فيه :﴿ كيف يهدي الله ﴾ إلى قوله :﴿ إلا الذين تابوا ﴾ إلى :﴿ فإن الله غفور رحيم ﴾، قال : فحملها إليه رجل من قومه فقرأها عليه، فقال الحارث : والله إنك ما علمت لصدوق، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصدق منك، وإن الله تبارك وتعالى لأصدق الثلاثة، فرجع الحارث فأسلم، فحسن إسلامه٢.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٧٠٠، ٧٠١، رقم: ٣٧٩٦ عن الحسن بن محمد الزعفراني به..
٢ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٣١، رقم: ٤٢٦، وابن جرير ٦/٥٧٣، رقم: ٧٣٦٣، والواحدي في أسباب النزول ص ١٤٧-١٤٨..
قوله عز وجل :﴿ إن الذين كفروا بعد إيمانهم ﴾
[ آل عمران : ٩٠ ]
٦٨١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن حيوية، قال : حدثنا مسدد، قال : حدثنا يزيد بن زريع، عن داود، عن أبي العالية، قال : إنما أنزلت في اليهود والنصارى، ألا ترى لقول :﴿ كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا ﴾ بذنوب أذنبوها وكانت زيادة في كفرهم، ثم ذهبوا يتوبون من تلك الذنوب ؛ فقال الله عز وجل :﴿ لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون ﴾ قال : لو كانوا على هدى قبل توبتهم ولكنهم على ضلالة١.
٦٨٢- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة قوله :﴿ إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا ﴾ أعداء الله اليهود الذين كفروا بالإنجيل وبعيسى، ثم ازدادوا كفرا بمحمد والفرقان٢.
٦٨٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا الثوري، عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية في قوله جل ثناؤه :﴿ لن تقبل توبتهم ﴾، قال : تابوا من الذنوب ولم يتوبوا من الأصل٣.
١ - أخرجه ابن جرير بمعناه ٦/٥٧٩ رقم ٧٣٧٧، وابن أبي حاتم ٢/٧٠١، رقم: ٣٧٩٩..
٢ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٧٩، رقم: ٧٣٧٥، وابن أبي حاتم ٢/٧٠١، رقم: ٣٨٠١..
٣ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٨٠، رقم: ٧٣٨٠، وابن أبي حاتم ٢/٧٠٢، رقم: ٣٨٠٣..
قوله عز وجل :﴿ إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار ﴾ الآية
[ آل عمران : ٩١ ]
٦٨٤- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ﴾، فأخبرنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، قال : حدثنا أنس بن مالك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له : أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت مفتديا به ؟ فيقول : نعم، فيقال : لقد سئلت ما هو أيسر من ذلك١.
٦٨٥- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي، قال : سمعت يونس بن بكير يقول : سمعت أبا جعفر – يعني الخليفة- يخطب يوم الجمعة فقال : الحمد لله الذي جعلنا من أهل دينه الذين يقبل منهم مثاقيل الذر، ولا يقبل ممن خالفهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به.
١ - أخرجه البخاري رقم: ٦٥٣٨، ومسلم رقم: ٢٨٠٥..
قوله عز وجل :﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما يحبون ﴾
[ آل عمران : ٩٢ ]
٦٨٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عباس بن محمد الدوري، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى، قال : أخبرنا شيبان، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله :﴿ لن تنالوا البر ﴾ قال : الجنة١.
٦٨٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا أبو الوليد، قال سئل شريك عن قوله عز وجل :﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾، فحدثنا ابن إسحاق، عن مسروق، قال : البر : الجنة.
٦٨٨- وكذلك قال عمرو بن ميمون٢.
قوله عز وجل :﴿ حتى تنفقوا مما تحبون ﴾ [ آل عمران : ٩٢ ]
٦٨٩- حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله السعدي، قال : أخبرنا يزيد بن هارون، قال : أخبرنا حميد، عن أنس قال : لما نزلت ﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾، و﴿ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ﴾، قال أبو طلحة : أي رسول الله ! حائطي الذي بمكان كذا وكذا لله، ولو استطعت أن أسره لم أعلنه. فقال رسول الله : اجعله في قرابتك٣.
٦٩٠- حدثنا محمد بن إسماعيل، قال : حدثنا محمد بن حرب بن سليمان المكي، عن مالك بن أنس، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنه سمع أنس بن مالك يقول : كان أبو طلحة الأنصاري أكثر أنصاري بالمدينة مالا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله يدخله ويشرب من ماء فيه طيب.
قال أنس : لما نزلت ﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾ قال : قام أبو طلحة إلى رسول الله فقال : يا رسول الله، إن الله عز وجل يقول في كتابه :﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾، وإن أحب أموالي إلي بيرحاء وإنها صدقة، وأرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بخ ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، أرى أن تجعلها في الأقربين ».
فقال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله. فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه٤.
٦٩١- حدثنا علي بن عبد العزيز قال، حدثنا أبو النعمان، حدثنا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن المنكدر، قال : لما نزلت هذه الآية :﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾ قال : جاء زيد بن حارثة بفرس يقال له : سبل، لم يكن له مال أحب إليه منها، فقال : هي صدقة فقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، وحمل عليها أسامة بن زيد، فرأى رسول الله ذاك في وجه زيد، فقال له :«إن الله قد قبلها منك »٥.
٦٩٢- حدثنا علي بن الحسن، قال : حدثنا عبد الله العدني، عن سفيان، عن رجل من بني سليم، قال : جئت إلى أبي ذر، فقلت : إني جئتك تعلمني، قال : إنما صاحبي من يطيعني، قال : وما تسألني من الطاعة ؟، قال : إذا أمرتك أن تأتيني بخير إبلي أتيتني به، قال : فبلغه خصاصة٦ في أهل الماء، فأمره أن يأتيه بخير إبله، قال فوجدت خير الإبل فحلها، فذكرت حاجتهم إليه، فأخذت الذي يليه، فأتيته به، فقال : يا أخا بني سليم خنتني  ! فقلت : يا أبا ذر، ذكرت حاجتكم إليه ! فقال : ألا أخبرك بيوم حاجتي ؟ إن يوم حاجتي، يوم أوضع في حفرتي، فذلك يوم حاجتي، إن في المال ثلاثة شركاء ؛ الوارث، ينظر أن تضع رأسك فيسبقها وأنت ذميم، والقدر، يذهب بخيرها وشرها، وأنت الثالث، فإن استطعت أن لا تكون أعجز الثلاثة، فافعل، إن الله عز وجل يقول :﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾.
٦٩٣- حدثنا موسى، قال : حدثنا عبد الأعلى، قال : حدثنا مسلم، عن ابن أبي نجيح، في قوله عز وجل :﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا ﴾ قال : سمعت مجاهدا يقول : كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري، أن يبتاع له جارية من سبي جلولاء٧ يوم افتتح سعد مدائن كسرى قال : فدعاها عمر، قال : فقال، إن الله عز وجل يقول :﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾ ٨ فأعتقها عمر، قال : وهي مثل قوله :﴿ ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ﴾ ٩. ومثل قوله :﴿ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ﴾١٠.
٦٩٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عبيد الله بن محمد بن يزيد بن خنيش، قال : حدثني أبي، عن عبد العزيز، عن نافع، قال : كان عبد الله بن عمر يشتري السكر، فيتصدق به، فنقول له : يا [ أبا ] عبد الرحمن١١، لو اشتريت لهم بثمنه طعاما كان أنفع لهم من هذا  ! فيقول : إني أعرف الذي تقولون، ولكني سمعت الله يقول :﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾ وإن ابن عمر يحب السكر١٢.
٦٩٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا عبد الله بن إدريس، قال : أخبرنا مالك بن مغول، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد، قال : قرأ ابن عمر، وهو يصلي، فأتى هذه الآية :﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾، قال : فأعتق جارية له وهو يصلي، أشار بيده إليها١٣.
٦٩٦- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله :﴿ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ﴾ حتى تنفقوا مما يعجبكم، وما تهوونه من أموالكم١٤.
قوله عز وجل :﴿ وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ﴾
[ آل عمران : ٩٢ ]
٦٩٧- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة :﴿ وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ﴾ يقول : محفوظ ذلك لكم، ﴿ الله به عليم ﴾، شاكر له تعالى وتبارك١٥.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٧٠٣، رقم: ٣٨٠٨..
٢ - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ١٣/٤٢٤، رقم: ١٦٧٩٢، وابن جرير ٦/٥٨٧، رقم: ٧٣٨٦ –٧٣٨٧، وابن أبي حاتم ٣/٧٠٣، رقم: ٣٨٠٩..
٣ - أخرجه أحمد ٣/١١٥، ١٧٤، ٢٦٢، وعبد بن حميد – المنتخب ق ٤٣، والترمذي رقم: ٢٩٩٧، وابن جرير ٦/٥٨٩، رقم: ٧٣٩٤..
٤ - أخرجه البخاري رقم: ٤٥٥٤، ومسلم رقم: ٩٩٨..
٥ - أخرجه سعيد بن منصور (٥٠٧). وابن أبي حاتم ٣/٧٠٤، رقم: ٣٨١٤..
٦ - الخصاصة : الفقر والخلل، القاموس المحيط مادة: خصه، ص ٧٩٦..
٧ - جلولاء، بالمد: في طريق خراسان، وهو نهر عظيم يمتد إلى بعقوبا، ويشق بين منازلها، وعليه في وسطها قنطرة. مراصد الإطلاع ١/٣٤٣..
٨ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٨٨، رقم: ٧٣٩٢..
٩ - الآية ٨ من سورة الدهر..
١٠ - من الآية ٩ من سورة الحشر..
١١ - في الأصل: (يا عبد الرحمن) والصحيح ما أثبته..
١٢ - الدر المنثور: ٢/٢٦٢..
١٣ - أخرجه أحمد في الزهد ص ٢٨٦ رقم: ١٠٧٦، وابن أبي حاتم ٣/٧٠٤، رقم: ٣٨١٣..
١٤ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٨٧، رقم: ٧٣٨٩..
١٥ - أخرجه ابن جرير ٦/٥٨٨، رقم: ٧٣٩١، وابن أبي حاتم ٣/٧٠٤، رقم: ٣٨١٥..
قوله عز وجل :﴿ كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل ﴾
[ آل عمران : ٩٣ ]
٦٩٨- حدثنا علي بن الحسن، قال : حدثنا عبد الله العدني، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال : و( إسرائيل ) : يعقوب.
٦٩٩- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال : حدثنا قيس، عن أبي إسحاق، عن عبيدة بن ربيعة، عن عبد الله، قال : إسرائيل هو : يعقوب.
٧٠٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : حدثنا روح، قال : حدثنا عمران بن حدير، عن أبي مجلز في قوله عز وجل إن ﴿ إسرائيل ﴾ هو : يعقوب، وكان رجلا بطيشا١ فلقي ملكا، فعالجه، فصرعه الملك، ثم ضرب على فخذيه، فلما رأى يعقوب ما صنع به، قال : أبطش، قال : ما أنا بتاركك تسمني اسما، فسماه إسرائيل. يقول أبو مجلز : ألا ترى أنه كان من أسماء الملائكة، إسرائيل، وجبريل، وميكائيل، وإسرافيل.
قوله عز وجل :﴿ إلا ما حرم إسرائيل على نفسه ﴾
[ آل عمران : ٩٣ ]
٧٠١- حدثنا علي بن الحسن، قال : حدثنا عبد الله العدني، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال : كان إسرائيل أخذه عرق النسا، وكان يبيت له زقاء فجعل لله عليه إن شفاه، أن لا يأكله، يعني : العروق، فأنزل الله عز وجل :﴿ إلا ما حرم إسرائيل على نفسه ﴾، قال سفيان : له زقاء، يعني : الصياح٢.
٧٠٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ إلا ما حرم إسرائيل على نفسه ﴾. قال : العروق، اشتكى عرق النسا، فحرم العروق٣.
٧٠٣- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، ﴿ كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل ﴾ الآية. ذكر لنا أن الذي حرم إسرائيل على نفسه، أن الأنساء أخذته ذات ليلة، فأسهرته، فتألى٤ لئن الله شفاه، لا يطعم نسا أبدا. فتتبعت بنوه العروق، بعد ذلك، يخرجونها من اللحم٥.
٧٠٤- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق – أظنه – عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، عن عبد الله بن عباس، أنه كان يقول : الذي حرم إسرائيل على نفسه زيادة الكبد، والكليتين، والشحم، إلا ما على الظهر، فإن ذلك كان يقرب للقربان، فتأكله النار٦.
٧٠٥- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال : حدثنا عبد الله بن الوليد العجلي – ومنزله في بني عجل، وكان يجالس الحسن بن حي – عن بكير بن شهاب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال : أقبلت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا أبا القاسم، نسألك عن أشياء، إن أجبتنا فيها، اتبعناك وصدقناك، وآمنا بك، قال : وأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه إذ قالوا :«الله على ما نقول : وكيل ». قالوا : أخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه ؟ قال : كان يسكن البدو، فاشتكى عرق النساء، فلم يجد شيئا يلائمه، إلا لحوم الإبل وألبانها، فلذلك حرمها. قالوا : صدقت. وذكر بقية الحديث٧.
٧٠٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الزعفراني، قال : حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء :﴿ إلا ما حرم إسرائيل على نفسه ﴾ قال : لحوم الإبل وألبانها٨.
٧٠٧- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد، قال : حرم لحوم الأنعام٩.
قوله عز وجل :﴿ قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ﴾
[ آل عمران : ٩٢ ]
٧٠٨- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، قال : قال ابن عباس : قالت اليهود للنبي صلى الله عليه و سلم : نزلت التوراة بتحريم الذي حرم إسرائيل، فقال الله لمحمد صلى الله عليه و سلم :﴿ قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ﴾ وكذبوا، ليس في التوراة كان حلالا، وإنما لم يحرم ذلك، إلا تغليظا لمعصية بني إسرائيل، بعد نزول الآية :﴿ قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ﴾ وقالت اليهود لمحمد عليه السلام : كان موسى يهوديا على ديننا، وجاءنا في التوراة بتحريم الشحوم، وذي الظفر، والسبت، فقال محمد صلى الله عليه وسلم :«كذبتم، لم يكن موسى يهوديا وليس في التوراة إلا الإسلام »، يقول الله عز وجل :﴿ قل فأتوا بالتوراة فاتلوها ﴾ أفيه ذلك ؟ ! وما جاءهم بها أنبياؤهم بعد موسى، ونزلت في الألواح جملة١٠.
١ - بطيشا: من البطش وهو تناول الشيء بصولة، ومنه قوله تعالى:- ﴿وإذا بطشتم بطشتم جبارين﴾ الآية ١٣٠ من سورة الشعراء المفردات للراغب ص ٥٠..
٢ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٢٦، وابن جرير ٧/١٣، رقم: ٧٤١١، وابن أبي حاتم ٣/٧٠٥، رقم: ٣٨١٨، والحاكم ٢/٢٩٢، والبيهقي في السنن..
٣ - أخرجه ابن جرير ٧/١٣، رقم: ٧٤١٣. وقال الشيخ محمود شاكر في حاشية تفسير الإمام ابن جرير: العروق: هي عروق اللحم، وهو الأجوف الذي يكون فيه الدم، وأما غير الأجوف فهو العصب..
٤ - تألى، أي: حلف، قال تعالى :﴿ولا يأتل أولوا الفضل منكم﴾ الآية ٢٢ من سورة النور..
٥ - أخرجه ابن جرير ٧/١٢، رقم: ٧٤٨..
٦ - أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٧٠٥، رقم: ٣٧١٩..
٧ - أخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٢/١١٤، رقم: ١٨٧٨، وابن أبي حاتم ٣/٧٠٥، رقم: ٣٨١٧..
٨ - أخرجه ابن جرير ٧/١٤، رقم: ٧٤١٥..
٩ - أخرجه ابن جرير ٧/١٥، رقم: ٧٤١٩، وابن أبي حاتم ٣/٧٠٥، رقم: ٣٨٢٠..
١٠ - أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٧٠٦، رقم: ٣٨٢٣..
قوله عز وجل :﴿ فمن افترى على الله الكذب ﴾ الآية
[ آل عمران : ٩٤ ]
٧٠٩- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ فمن افترى على الله الكذب ﴾ أي : اختلق١.
١ - مجاز القرآن ١/٩٧..
قوله عز وجل :﴿ قل صدق الله ﴾ [ آل عمران : ٩٥ ]
٧١٠- حدثنا زكريا بن داود، قال : حدثنا حسين بن علي الحلواني، قال : حدثنا يزيد بن هارون، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق، قال : أخبرنا داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال : قيل : يا رسول الله أي الأديان أحب إلى الله ؟ قال : الحنيفية السمحة١.
١ - أخرجه أحمد ١/٢٣٦، والبخاري في الأدب المفرد ١/٣٨٥، رقم: ٢٨٧ فضل الله الصمد..
قوله عز وجل :﴿ إن أول بيت وضع للناس ﴾
[ آل عمران : ٩٦ ]
٧١١- حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال : حدثنا محمد بن بكير، قال : حدثنا أبو معشر، عن نافع، مولى آل الزبير، وسعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال : إن الكعبة خلقت قبل الأرض، بألفي سنة، وهي قرار الأرض، قال : إنما كانت خشفة أو حشفة١ على الماء، عليها ملكان، من الملائكة، يسبحان الليل والنهار، ألفي سنة، فلما أراد الله عز وجل أن يخلق الأرض دحاها٢ منها، فجعلها في وسط الأرض.
٧١٢- حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال : حدثنا قبيصة، قال : حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو قال : خلقت الكعبة قبل الأرض بألفي سنة، ودحيت الأرض من تحتها٣.
٧١٣- حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال : حدثنا سليمان بن حرب، قال : حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، قال : قال الله عز وجل لآدم :«إني مهبط معك بيتا، تطوف حوله كما يطاف حول عرشي، ويصلى عنده كما يصلى عند عرشي » قال : فلم يزل كذلك حتى كان زضمان الطوفان، فرفع حتى بوئ لإبراهيم مكانه، فبناه من خمسة أجبل، من حراء، وبثير، ولبنان، والطور، وجبل الخمر٤. قال : قال عبد الله بن عمرو : وأيم الله لتهدمنه أيتها الأمة، ثلاث مرار، يرفع عند الثالثة، فاستمتعوا منه ما استطعتم٥.
٧١٤- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة :﴿ إن أول بيت وضع للناس ﴾. قال : أول بيت وضعه الله، فطاف به آدم، ومن بعده٦.
٧١٥- حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني، قال : حدثنا عبد الصمد بن معقل، عن وهب بن منبه قال : لما تاب الله عز وجل على آدم، أمره أن يسافر إلى مكة، فطوى له الأرض والمفاوز، فصار كل مفازة يمر بها خطوة، وقبض له ما كان فيها من مخاض٧ أو بحر، فجعله له خطوة فلم يضع قدمه في شيء من الأرض، إلا صار عمرانا وبركة، حتى انتهى إلى مكة. وكان قبل ذلك قد اشتد بكاؤه وحزنه، لما كان به من عظم المصيبة، حتى إن كانت الملائكة لتبكي لبكائه، وتحزن لحزنه، فعزاه الله عز وجل بخيمة من خيام الجنة، وضعها له بمكة، في موضع الكعبة، قبل أن تكون الكعبة.
وتلك الخيمة، ياقوتة حمراء، من ياقوت الجنة، فيها ثلاثة قناديل، من ذهب نور، تلتهب من نور الجنة، ونزل معها يومئذ الركن، وهو يومئذ ياقوتة بيضاء من ربض الجنة٨، وكان كرسيا لآدم، يجلس عليه.
فلما صار آدم بمكة، حرسه الله، وحرس له تلك الخيمة بالملائكة، كانوا يحرسونها ويذودون عنها سكان الأرض، وسكانها يومئذ : الجن والشياطين، فلا ينبغي لهم أن ينظروا إلى شيء من الجنة، لأنه من نظر إلى شيء من الجنة وجبت له. والأرض يومئذ طاهرة، نقية، لم تنجس، ولم يسفك فيها الدماء، ولم يعمل فيها بالخطايا، فلذلك جعلها الله مسكن الملائكة، وجعلهم فيها، كما كانوا في السماء، يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وكان وقوفهم على أعلام الحرم صفا واحدا، مستديرين، ( فالحرم٩ ) كله من خلفهم، والحرم كله من أمامهم، فلا يجوزهم جني ولا شيطان، ومن أجل مقام الملائكة حرم الحرم حتى اليوم، ووضعت أعلامه حيث كان مقام الملائكة، وحرم على حواء دخول الحرم، والنظر إلى خيمة آدم، من أجل خطيئتها التي أخطأت في الجنة، فلم تنظر إلى شيء من ذلك، حتى قبضت.
وإن آدم صلى الله عليه و سلم كان إذا أراد لقاءها، ليلم بها للولد، خرج من الحرم كله، حتى يلقاها، فلم تزل خيمة آدم مكانها، حتى قبض الله عز وجل آدم، ورفعها إليه، وبنى بنو آدم بها من بعدها مكانا : بيتا بالطين والحجارة، فلم يزل معمورا يعمرونه، ومن بعدهم، حتى كان زمن نوح فنسمه الغرق وخفي مكانه.
فلما بعث الله عز وجل إبراهيم خليله، طلب الأساس، فلما وصل إليه، ظلل الله مكان البيت بغمامة، فكان حفاف البيت الأول، ثم لم تزل راكدة على حفافة تظل إبراهيم وتهديه مكان القواعد، حتى رفع القواعد، وأقام، ثم تكشفت الغمامة، قال : فذلك قول الله عز وجل :﴿ وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ﴾ ١٠ الغمامة التي ركدت على الحفاف لتهديه مكان القواعد.
قال وهب بن منبه، : وقرأت في كتاب، من الكتب الأول، ذكر فيه أمر الكعبة، فوجد فيه، أن ليس من ملك بعثه الله إلى الأرض، إلا أمره بزيارة البيت فينقض من عند العرش، محرما ملبيا حتى يستلم الحجر، ثم يطوف سبعا بالبيت، ويصلي في جوفه ركعتين١١.
٧١٦- حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال : حدثنا أبو نعيم، قال : حدثنا شريك، عن مجالد، عن الشعبي، عن علي، في قوله عز وجل :
﴿ إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين ﴾. قال : هو أول بيت وضع لعبادة الله، وقد بنيت البيوت قبله١٢.
٧١٧- حدثنا محمد بن إسماعيل، قال : حدثنا سعيد بن منصور، قال : حدثنا سفيان بن عيينة، عن بشر بن عاصم، عن سعيد بن المسيب، قال : حدثنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : أقبل إبراهيم عليه السلام من أرمينية ومعه السكينة فدله، حتى بنوا البيت كما بنوا١٣ العنكبوت بيتا، فكان يحمل أحجارا، الحجر يطيقه أو لا يطيقه ثلاثون رجلا فقلت : يا أبا محمد، إن الله عز وجل يقول :﴿ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ﴾ ١٤. قال : كان ذلك بعد.
٧١٨- حدثنا محمد بن إسماعيل، قال : حدثنا عفان، قال : حدثنا خالد بن الحارث، قال : حدثنا أشعث، عن الحسن في قوله عز وجل :﴿ إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة ﴾. قال : أول قبلة، أعملت للناس، المسجد الحرام.
٧١٩- حدثنا علي بن المبارك قال : حدثنا زيد قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج قال : وقال آخرون في قوله :﴿ إن أول بيت وضع للناس ﴾. قال آخرون : قالت اليهود : بيت المقدس أعظم لأنها مهاجر الأنبياء، ولأنه في الأرض المقدسة، فقال المسلمون : بل الكعبة أعظم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فنزلت :﴿ إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا ﴾، فذلك حتى قوله :﴿ فيه آيات بينات مقام إبراهيم ﴾ وليس ذلك في بيت المقدس ﴿ ومن دخله كان آمنا ﴾ وليس ذلك في بيت المقدس ﴿ ولله على الناس حج البيت ﴾ وليس ذلك لبيت المقدس١٥.
قوله عز وجل :﴿ للذي ببكة مباركا ﴾ [ آل عمران : ٩٦ ]
٧٢٠- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال : حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، عن أخيه، عن ابن الزبير، قال : إنما سميت بكة : موضع البيت، ومكة : ما حوله.
- وكذلك روي عن النخعي١٦، وأبي مالك١٧، وأبي صالح١٨، وسلمة بن كهيل١٩.
٧٢١- حدثنا محمد بن إسماعيل، قال : حدثنا سعيد، قال : حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن مسعر، عن عتبة بن قيس، قال : إن مكة بكت٢٠ بكاء، الذكر فيها كالأنثى، فقلت : كأن هذا من قول ابن عمر، فقال : بل هو من قول عمر٢١. ٢٢
٧٢٢- حدثنا علي، قال : حدثنا حجاج، قال : حدثنا حماد، عن حماد الكوفي، عن سعيد بن جبير، أنه قال : بكت الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، في الطواف، بعضهم ببعض٢٣.
٧٢٣- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد، قال : حدثنا عبد الرحمن بن زياد، عن سعيد، قال : أخبرني سلمة بن كهيل، قال : سمعت مجاهدا يقول : إنما سميت بكة، لأن الناس يبك بعضهم بعضا٢٤.
- وكذلك قال قتادة٢٥.
٧٢٤- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ للذي ببكة ﴾ قال : للذي ببكة، هو اسم لبطن مكة، وذلك لأنهم يتباكون فيها، ويزدحمون٢٦.
٧٢٥- حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال : حدثنا حسين المروزي : قال : حدثنا أبو صالح، قال : حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، أنه سأل محمد بن زيد بن المهاجر، أن يكتب له في منزل في داره بمكة، فكتب إلى ابن فروخ إياك أن تكريها٢٧ أو تأكل كراها، فإنها إنما سميت بكة، لأنها تبك الظلمة٢٨.
٧٢٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا يحيى بن آدم، عن عبد السلام بن حرب، عن عطاء بن السائب، عن وبرة، قال : صليت إلى جنب أبي جعفر، بمكة، فمرت امرأة، فرددتها، فضرب بيدي، فلما صلى قال : أتدري لم سميت بكة ؟ قلت : لا، قال : لأن الناس تبك فيها بعضهم بعضا، ولها سنة ليست لسائر البلدان٢٩.
٧٢٧- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، قال :﴿ وبكة ﴾ ؛ بك الناس بعضهم بعضا، الرجال والنساء، جميعا يصلي بعضهم بين يدي بعض، ويمر بعضهم بين يدي بعض، ولا يصلح ذلك إلا بمكة٣٠.
١ - الحشفة - بالحاء المهملة-: صخرة تنبت في البحر ونحوه القاموس ص ١٠٣٤..
٢ - الدحو، كما في قوله تعالى: ﴿والأرض بعد ذلك دحاها﴾ الآية ٣٠ من سورة النازعات المراد به: أزالها. عن المفردات ص ٣٠٨ للراغب الأصفهاني..
٣ - أخرجه ابن جرير ٧/٢٠، رقم: ٧٤٢٨..
٤ - في الأصل ثبير وهو خطأ، والصواب: بثير. يقول البلادي: بثير إذا أطلق فهو الجبل الذي يشرف على مكة من الشرق ويشرف على منى من الشمال، ويناوح حراء من الجنوب، ويسميه اليوم أهل مكة «جبل الرخم» معجم المعالم الجغرافية في السيرة النوبية ص ٧١..
٥ - أخبار مكة للازرقي ص ٦٣..
٦ - أخرجه ابن جرير ٧/٢١، رقم: ٧٤٣٢، وعبد الرزاق ١/١٢٧..
٧ - المخاض من النهر: الكبير الموضع، القليل الماء، يعبر في الناس النهر مشاة وركبانا، المعجم الوسيط..
٨ - ربض الجنة : هو ما حولها، خارجا عنها. النهاية لابن الأثير ٢/١٨٥..
٩ - هكذا في الأصل والصواب كما في أخبار مكة للأزرقي (فالحل كله من خلفهم...)..
١٠ - الآية رقم: ٢٦ من سورة الحج..
١١ - الأزرقي في أخبار مكة ١/٣٧-٣٩..
١٢ - أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٧٠٧، رقم ٣٨٢٧..
١٣ - كذا في الأصل ولعل الصحيح: بنت..
١٤ - الآية ١٢٧ من سورة البقرة..
١٥ - أخرجه الأزرقي في أخبار مكة ١/٧٥..
١٦ - قول إبراهيم النخعي، أخرجه سعيد بن منصور (٥٠٩)، وابن جرير ٧/٢٤، رقم: ٧٤٣٦..
١٧ - قول أبي مالك : أخرجه عبد بن حميد – المنتخب ق ٤٧، وابن جرير ٧/٢٤، رقم: ٧٤٣٥، وابن أبي حاتم ٣/٧٠٩ رقم: ٣٨٣٦..
١٨ - قول أبي صالح : ذكره ابن أبي حاتم ٣/٧٠٩، رقم: ٣٨٣٦..
١٩ - لم أهتد إلى من أخرجه إلا أن سلمه روى هذا القول عن مجاهد كما سيأتي برقم ٧٥١..
٢٠ - أي زحمتهم بعضهم ببعض. ينظر القاموس مادة بكك ص ١٢٠٦..
٢١ في الأصل (ابن عمر) بزيادة (ابن ) والصحيح بدونها..
٢٢ - أخرجه عبد بن حميد – المنتخب ق٤٧، وابن أبي حاتم ٢ رقم : ٣٨٣١..
٢٣ - وذكره بمعناه سعيد بن منصور رقم: ٥١١، وابن جرير ٧/٢٤، رقم : ٧٤٣٩، من طريق سفيان عن حماد قال: سألت سعيد بن جبير..
٢٤ - أخرجه سعيد بن منصور في سننه ٥١٤، وابن أبي شيبة في المصنف ص ٣٠٧، رقم: ٢٠٠٢، وابن جرير ٧/٢٤، رقم: ٧٤٣٨، والبيهقي في الشعب ٧/٥٦٩، رقم: ٣٧٢٧..
٢٥ - سيأتي برقم : ٧٥٥..
٢٦ - مجاز القرآن (١/٩٧)..
٢٧ - تكريها، أي : تؤجرها..
٢٨ - أخرجه ابن أبي حاتم ٣/ ٧٠٩، رقم: ٣٨٣٤..
٢٩ - أخرجه ابن جرير ٧/٢٤، رقم : ٧٤٣٧، وابن أبي حاتم ٣/٧٠٨، رقم : ٣٨٣٢..
٣٠ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٣٢، رقم: ٤٣٢، وابن أبي جرير ٧/٢٤، رقم : ٧٤٤٢، وابن أبي حاتم ٣/٧٠٩، رقم: ٣٧٣٣..
قوله عز وجل :﴿ فيه آيات بينات ﴾ [ آل عمران : ٩٧ ]
٧٢٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الزعفراني، قال : حدثنا أسباط بن محمد، قال : حدثنا موسى بن عبيدة، قال : أخبرتني رقية بنت عبد الرحمن، عن أمها : حجة بنت قرط، عن عائشة، قالت : ألقيت المقام من السماء.
٧٢٩- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، قال : أخبرني عطاء، أن ابن عباس، قال :﴿ فيه آيات بينات ﴾ قال : لا، ولكن ﴿ فيه آية بينة ﴾ لأنه البينة التي ذكرها هي مقامه، هذا الذي في المسجد الحرام، ومقام إبراهيم، يعد كبير، مقامه الحج كله١.
٧٣٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال : وحدثنا محمد ابن رافع، قال : حدثنا شبابة، قال : حدثني ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ فيه آيات بينات ﴾ قال : كان مجاهد يقول : أثر قدميه في المقام آية بينة ﴿ ومن دخله كان آمنا ﴾ قال : هذا شيء آخر٢.
٧٣١- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا سعيد بن منصور، قال : حدثنا مسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وعطاء، قالا : مقام إبراهيم : المسجد الحرام، ومنى، وعرفة، والمزدلفة٣.
٧٣٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، قال : حدثنا عبد الوهاب، عن الكلبي، قال :﴿ آيات بينات ﴾ قال : الكعبة، والصفا، والمروة، ومقام إبراهيم، الحرم كله هو مقام إبراهيم.
قوله عز وجل :﴿ ومن دخله كان آمنا ﴾ [ آل عمران : ٩٧ ]
٧٣٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عبيد الله بن محمد بن يزيد بن خنيس، قال : حدثنا أبي، عن داود بن عبد الرحمن، عن ابن خثيم، عن ابن أبي نجيح، عن حويطب بن عبد العزى، قال : أدركت في الجاهلية، في الكعبة حلقا٤ أمثال لجم البهم٥، لا يدخل خائف يده فيها، إلا لم يهيجه أحد، فجاء خائف، ذات يوم، فأدخل يده فيها، فجاءه آخر، من ورائه، فاجتذبه، فشلت يده، فلقد رأيته أدرك الإسلام، وإنه لأشل٦.
٧٣٤- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، وابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله عز وجل :﴿ ومن دخله كان آمنا ﴾ قال : كان ذلك في الجاهلية، فأما اليوم، فإن سرق أحد قطع٧.
٧٣٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا ابن صالح، عن خارجة، عن سعيد، عن قتادة.
- قال زكريا : وحدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة، في قوله :﴿ ومن دخله كان آمنا ﴾ قال : كان في الجاهلية، كان الرجل. لو جر كل جريرة على نفسه، ثم لجأ إلى حرم الله، لم يتناول، ولم يطلب، فأما الإسلام. فإنه لا يمنع من حدود الله٨.
٧٣٦- حدثنا الدبري، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال : أخبرني ابن أبي حسين، عن عكرمة بن خالد، قال : قال عمر : لو وجدت فيه قاتل الخطاب، ما مسسته، حتى يخرج منه٩.
٧٣٧- حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال : حدثنا قبيصة، قال : حدثنا سعيد، عن إسماعيل بن عبد الملك، عن عطاء، قال : من مات في الحرم بعث آمنا، يقول :﴿ ومن دخله كان آمنا ﴾.
٧٣٨- حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد ابن الجنيد الدقاق، قال : حدثنا أبو عاصم، عن زريق، مولى بني مخروم، عن زياد بن أبي عياش، عن يحيى بن جعدة :﴿ ومن دخله كان آمنا ﴾ قال : آمنا من النار١٠.
٧٣٩- حدثنا الدبري، قال : حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله عز وجل ﴿ ومن دخله كان آمنا ﴾ قال : من قتل، أو سرق في الحل، ثم دخل الحرم فإنه لا يجالس، ولا يكلم، ولا يؤوى، ولكنه يناشد حتى يخرج، فيؤخذ، فيقام عليه ما جر، فإن قتل أو سرق في الحل، فأدخل الحرم، فأرادوا أن يقيموا عليه ما أصاب، أخرجوه من الحرم إلى الحل، فأقيم عليه، وإن قتل في الحرم أو سرق، أقيم عليه في الحرم١١.
٧٤٠- حدثنا الدبري، قال : حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال : عاب ابن عباس، على ابن الزبير، في رجل١٢، أخذ في الحل، ثم أدخله الحرم، ثم أخرجه إلى الحل، فقتله قال : أدخله الحرم، ثم أخرجه يقوم : أدخله بأمان، وكان ذلك الرجل اتهمه ابن الزبير في بعض الأمر، وكان ابن عباس لم ير عليه قتلا١٣.
٧٤١- حدثنا أبو سعد، قال : حدثنا عمرو بن زرارة، قال : أخبرنا هشيم، عن مطرف، عن الشعبي، قال : من أحدث حدثا، ثم لجأ إلى الحرم، فقد أمن، ولا يعرض له، وإن أحدث في الحرم، أقيم عليه١٤.
قوله عز وجل :﴿ ولله على الناس حج البيت ﴾
[ آل عمران : ٩٧ ]
٧٤٢- حدثنا علي بن الحسن الهلالي، قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال : حدثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال : لما نزلت :﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ﴾ قال رجل : يا رسول الله أفي كل عام ؟ قال : فقال : حج حجة الإسلام التي عليك، ولو قلت : نعم، وجبت عليكم١٥.
قوله جل وعز :﴿ من استطاع إليه سبيلا ﴾ [ آل عمران : ٩٧ ]
٧٤٣- حدثنا محمد بن إسماعيل، قال : حدثنا أبو حذيفة، قال : حدثنا سفيان، عن إبراهيم الخوزي، عن محمد بن عباد، عن ابن عمر، قال : سئل النبي صلى الله عليه و سلم عن قول الله عز وجل :﴿ من استطاع إليه سبيلا ﴾ فقال : ما السبيل ؟ قال : الزاد والراحلة١٦.
٧٤٤- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أبو محمد : حجاج بن منهال الأنماطي البصري، قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : حدثنا قتادة وحميد [ عن ]١٧ الحسن، أن رجلا قال : يا رسول الله ما السبيل إليه ؟ قال : الزاد والراحلة.
٧٤٥- حدثنا أبو أحمد، قال : أخبرنا يعلى، قال : حدثنا محمد بن سوقة، قال : سمعت رجلا يسأل سعيد بن جبير، قال : سمعت الله عز وجل يقول :﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ﴾، فما هذا السبيل ؟ قال : من كان له ثمن راحلة وزاد، فقد وجب عليه الحج.
٧٤٦- حدثنا موسى، قال : حدثنا عبد الأعلى، قال : حدثنا مسلم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله عز وجل :﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ﴾، قال : البلاغ والراحلة، والزاد.
[ قوله عز وجل ] :﴿ ومن كفر ﴾ [ آل عمران : ٩٧ ]
٧٤٧- حدثنا علان بن المغيرة، قال : حدثنا أبو صالح، قال : حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله ﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ﴾ والسبيل : أن يصح نذر العبد، ويكون له ثمن زاد، وراحلة، من غير أن يجحف به.
٧٤٨- حدثنا موسى، قال : حدثنا يوسف القطان، قال : حدثنا أبو عاصم النبيل، عن المثنى بن الصباح، عن عطاء :﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ﴾ قال : الزاد والراحلة١٨، وأن تخلف لأهلك من النفقة ما يكفيهم.
٧٤٩- حدثنا أبو يحيى : عبد الله بن أحمد بن أبي مسرة، بمكة، وأبو محمد سليمان بن شعيب الكيساني، بمصر، قالا : حدثنا المقرئ قال : حدثنا حيوة بن شريح، وابن لهيعة، قالا : أخبرنا شرحبيل بن شريك المعافري، أنه سمع عكرمة يقول في هذه الآية :﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ﴾ قال : السبيل : الصحة١٩.
٧٥٠- حدثنا علي بن الحسن، قال : حدثنا عبد الله، عن سفيان، قال : حدثنا خالد بن أبي كريمة، عن رجل، عن ابن الزبير، قال : السبيل على قدر القوة٢٠.
٧٥١- حدثنا موسى، قال : حدثنا شجاع، قال : حدثنا هشيم، قال : أخبرنا جويبر، عن الضحاك، في قوله عز وجل ﴿ من استطاع إليه سبيلا ﴾ قال : الزاد، والراحلة، فإن كان رجلا شابا، فليؤجر نفسه، بأكله وعقبه٢١ حتى يقضي نسكه. فقيل للضحاك : أكلف الله العباد ما لا يطيقون ؟ قال : فقال : لو كان لأحدهم هناك مال لأتاه، ولو حبوا٢٢. ٢٣
- وقال الضحاك : الزاد والراحلة٢٤.
قوله عز وجل :﴿ ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ﴾
[ آل عمران : ٩٧ ]
٧٥٢- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد بن منصور، قال : حدثنا هشيم، قال : أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال : لما نزلت :﴿ ولله على الناس حج البيت ﴾ جمع رسول الله صلى الله عليه و سلم أهل الملل، مشركي العرب، النصارى، واليهود، والمجوس، والصابئين، فقال :«إن الله عز وجل فرض عليكم الحج، فحجوا البيت »، فلم يقبله إلا المسلمون، ثم كفروا بالبيت، فذلك قوله عز وجل :﴿ ومن كفر ﴾، يعني : ومن جحد، ﴿ فإن الله غني عن العالمين ﴾ ٢٥.
٧٥٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : حدثت عن ابن حيان، في قول الله عز وجل :﴿ ولله على الناس حج البيت ﴾ إلى قوله ﴿ ومن كفر ﴾ يقول : من أنكر الحج، وكفر به، ولم يره عليه حقا، من أهل الأديان كلهم ﴿ فإن الله غني عن العالمين ﴾ وكفرت اليهود، والنصارى، وسائر أهل الأديان، بالحج، وآمن به المسلمون، ولم يكفروا به.
٧٥٤- حدثنا علان، قال : حدثنا أبو صالح، قال : حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس :﴿ ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ﴾ يقول : من كفر بالحج، ولم ير حجه برا، ولا تركه مأثما٢٦.
٧٥٥- حدثنا موسى، قال : حدثنا مجاهد بن موسى، قال : حدثنا هشيم، قال : أخبرنا العلاء، عن عاصم بن أبي النجود، قال : قال عبد الله :﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ﴾ قال :﴿ ومن كفر ﴾ فلم يؤمن به، فهو الكافر.
٧٥٦- حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب، وعلي بن عبد العزيز، قالا : حدثنا أبو نعيم، قال : حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد :﴿ ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ﴾ قال : من كفر بالله، واليوم الآخر٢٧.
٧٥٧- حدثنا موسى، قال : حدثنا عمرو الناقد، قال : حدثنا هشيم، قال : أخبرنا حجاج، عن عطاء، وجويبر، عن الضحاك، في قوله عز وجل :﴿ ومن كفر ﴾ قال : من جحد بالحج، وكفر به٢٨.
٧٥٨- حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى قال : حدثنا أبو الربيع، قال : حدثنا حماد، عن هشام، عن الحسن :﴿ ومن كفر ﴾ قال : من كفر بالحج٢٩.
١ - أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن ص ١٦٩، وسعيد بن منصور ٥١٢-٥١٣، وعبد بن حميد – المنتخب ق ٤٧، مقتصرا على قراءة ابن عباس، وابن أبي حاتم ٣/٧١١، رقم: ٣٨٤٧..
٢ - أخرجه الأزرقي في أخبار مكة ٢/٢٩-١٣٩، وعبد بن حميد، وابن جرير ٧/٢٧، رقم: ٧٤٤٩ و ٧/٢٧ – ٢٨، رقم: ٧٤٥٢- ٧٤٥٣، وابن أبي حاتم ٣/٧١١، رقم: ٣٨٤٥..
٣ - أخرجه سعيد بن منصور ٥١٠ كما رواه المؤلف هنا من طريقه..
٤ - قوله: حلقا: جمع حلقة: وهي: الدرع والحبل. القاموس مادة حلق ص ١١٣٠..
٥ - قوله: لجم البهم: اللجام: الحديدة في فم الفرس، ثم سموها مع ما يتصل بها من سيور وآلة لجاما، المعجم الوسيط ٢/٨١٦..
٦ - أخرجه الأزرقي في أخبار مكة ٢/٢٤..
٧ - قول مجاهد أخرجه الأرزقي في أخبار مكة ٢/١٣٩، وابن جرير ٧/٣٠ رقم: ٧٤٥٦ – ٧٤٥٧. وقول قتادة أخرجه عبد الرزاق في التفسير ١/١٣٢- ١٣٣ رقم: ٤٣٤، والأزرقي في أخبار مكة ٢/١٣٩، وابن جرير ٧/٢٩ رقم: ٧٤٥٥، وابن أبي حاتم ٣/٧١٢، رقم: ٣٨٥١..
٨ - أخرجه ابن جرير ٧/٢٩، رقم: ٧٤٥٤..
٩ - أخرجه عبد الرزاق في المصنف ٥/١٥٣، رقم: ٩٢٢٨، والأرزقي في أخبار مكة ٢/١٤٠، والفاكهي في أخبار مكة ٣/٣٦٥-٣٦٦..
١٠ - أخرجه ابن جرير ٧/٣٣، رقم: ٧٤٧٢، وابن أبي حاتم ٣/٧١٢، رقم: ٣٨٥٦..
١١ - أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٥/١٥٢) و (٩/٣٠٤ رقم ١٧٣٠٦)، والأزرقي في أخبار مكة (٢/١٣٩)، وابن جرير (٧/٣١ رقم ٧٤٦١) وابن أبي حاتم (٣/٧١١ رقم ٣٨٥٠) والفاكهي في أخبار مكة (٣/٣٦٥ رقم ٢٢١٤)..
١٢ - وهو سعد مولى معاوية، كما في تفسير الإمام ابن جرير الطبري (٧/٣١ رقم: ٧٤٦٠، وكما في تاريخه رحمه الله (٦/١٨٣، ١٨٤). في أخبار مكة للأزرقي ٢/١١١ أنه سعد مولى عتبة وأصحابه..
١٣ - أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٥/١٥٢ رقم ٩٢٢٧) و (٩/٣٠٥ رقم ١٧٣٠٩) وعبد بن حميد (المنتخب ق ٤٨) وابن جرير(٧/٣١ رقم ٧٤٦٠) بمعناه..
١٤ - أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٩/٣٠٤ رقم ١٧٣٠٨)، وابن جرير (٧/٣٢ رقم ٧٤٦٥ –٧٤٦٦)، والفاكهي في أخبار مكة (٣/٣٦٣ رقم ٢٢١٠)..
١٥ - أخرجه مسلم (١٣٣٧)..
١٦ - أخرجه الترمذي (١/١٥٥، ٢/١٦٦) وابن ماجة (٢٨٩٦) وابن جرير (٧/٤٠/٧٤٨٥) والعقيلي في الضعفاء (٣٢٣) والدارقطني (٢٥٥) والبيهقي (٤/٣٣٠)..
١٧ - في الأصل (ابن) وهو تحريف وصوابه: (عن) كما أثبت في المتن..
١٨ - أخرجه ابن جرير (٧/٣٨ رقم ٧٤٧٩)..
١٩ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٤ رقم ٧٤٩٧)..
٢٠ - أخرجه عبد بن حميد (المنتخب ق ٤٨)، وابن جرير (٧/٤٣ رقم ٧٤٩٢)..
٢١ - أي: يؤجر نفسه على أن يكون له طعامه، ومركوبه مع غيره، حتى يحج بالتعاقب، ويرجع إلى أهله..
٢٢ في م: «لو كان لأحدهم هنا مال أكان تاركه؟ والله لأنطلق ولو كان حبوا، كذلك يجب عليه الحج»..
٢٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٣ رقم ٧٤٩٣)، وزاد :(فكذلك يجب عليه الحج)..
٢٤ - هكذا في المخطوط، والظاهر أنه سبق قلم من الكاتب، فأعاد ما سبق في أول المتن..
٢٥ - تقدم برقم (٧٠٠) بالسند نفسه مختصرا..
٢٦ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٩ رقم ٧٥١٢) وابن أبي حاتم (٣/٧١٥ رقم ٣٨٧٢)..
٢٧ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٩ رقم ٧٥١٣، ٧٥١٤)، وابن أبي حاتم (٣/٧١٥ رقم ٣٨٦٨) والفاكهي في أخبار مكة (١/٣٧٤ – ٣٧٥ رقم ٧٨٦)..
٢٨ - قول عطاء أخرجه ابن جرير (٧/٤٧ رقم ٧٥٠٢) والفاكهي في أخبار مكة (١/٣٧٥- ٣٧٦ رقم ٧٩٠) وقول الضحاك أخرجه ابن جرير (٧/٤٧ رقم ٧٥٠١) والفاكهي في أخبار مكة (١/٣٧٥ رقم ٧٨٩)..
٢٩ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٧ رقم ٧٥٠٤) بلفظ "من أنكره ولا يرى أن ذلك عليه حقا فذلك كفر"..
قوله عز وجل :﴿ قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون ﴾
[ آل عمران : ٩٨ ]
٧٥٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق، قال : مر شاس بن قيس، وكان شيخا قد عسا١ عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين، شديد الحسد لهم – على نفر من الأوس والخزرج، في مجلس قد جمعهم، يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من ألفتهم وجماعتهم، وصلاح ذات بينهم على الإسلام، بعد الذي كان بينهم، من العداوة في الجاهلية، فقال : قد اجتمع ملأ بني قيلة ٢ بهذه البلاد، لا والله  ! ما لنا معهم، إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار. فأمر فتى شابا معه من يهود، فقال : أعمد إليهم، فاجلس معهم، ثم ذكرهم يوم بعاث٣ وما كان قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار، وكان يوم بعاث يوم اقتتلت فيه الأوس والخزرج، فكان الظفر فيه للأوس على الخزرج، ففعل. فتكلم القوم عند ذلك، وتنازعوا، وتفاخروا، حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب : أوس بن قيظي، أحد بني حارثة بن الحارث من الأوس، وجبار بن صخر أخو بني سلمة، من الخزرج، فتقاولا، ثم قال أحدهما لصاحبه : إن شئتم والله رددناها الآن جذعة٤، وغضب الفريقان جميعا وقالوا : قد فعلنا، السلاح، السلاح  ! موعدكم الظاهرة – والظاهرة : الحرة – فخرجوا إليها، وانضمت الأوس بعضها إلى بعض، والخزرج بعضها إلى بعض، على كلمة قالها، التي كانوا عليها في الجاهلية.
وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين، من أصحابه، حتى جاءهم فقال : يا معشر المسلمين : الله، الله  ! بدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم، بعد إذ هداكم الله للإسلام، وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم به من الكفر، وألف به بينكم، إلى ما كنتم عليه كفارا ! ؟ فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدوهم لهم، فألقوا السلاح من أيديهم، وبكوا، وعانق الرجال بعضهم بعضا، من الأوس والخزرج، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم، سامعين مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شاس، وأنزل الله عز وجل في شأن شاس بن قيس وما صنع ﴿ قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعلمون ﴾ إلى قوله :﴿ وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون ﴾٥. ٦
١ - عسا الشيخ: كبر، القاموس (مادة عسى ص ١٦٩٠)..
٢ - بنو قيلة. بطن من الأزد من كهلان، من القحطانية، وهم أبناء الأوس، والخزرج بن حارثة ابن ثعلبة. معجم قبائل العرب لعمر رضا كحالة (٣/٩٧٤)..
٣ - يوم بعاث: بالضم وآخره ثاء مثلثة: موضع في نواحي المدينة كانت به وقائع بين الأوس والخزرج في الجاهلية. معجم البلدان (١/٤٥١)..
٤ - أي: فتية من جديد..
٥ - الآية ٩٨ من هذه السورة..
٦ - أخرجه ابن جرير (٧/٥٥ رقم ٧٥٢٤) وابن أبي حاتم مختصرا (٣/٧١٦ رقم ٣٨٧٨)..
قوله عز وجل :﴿ قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن ﴾ [ آل عمران : ٩٩ ]
٧٦٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا يزيد بن صالح عن خارجة، عن سعيد، عن قتادة.
- قال زكريا : وحدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله :﴿ قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله ﴾ الآية، يقول : لم تصدون عن الإسلام، وعن نبي الله شهداء من آمن به وأنتم على ذلك، بما تقرءون من كتاب الله، أن محمدا رسول الله، وأن الإسلام دين الله، الذي لا يقبل غيره ولا يجزي إلا به، ﴿ يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ﴾١.
قوله عز وجل :﴿ تبغونها عوجا وأنتم شهداء ﴾ الآية
[ آل عمران : ٩٩ ]
٧٦١- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة ﴿ تبغونها عوجا ﴾ مكسورة الأول لأنه في الدين، وكذلك في الكلام والعمل، فإذا كان في شيء قائم، نحو الحائط والجذع، فهو عوج، مفتوح الأول. ﴿ وأنتم شهداء ﴾ أي علماء به٢.
١ - الآية ١٥٧ من سورة الأعراف..
٢ - مجاز القرآن ١/٩٨..
قوله عز وجل :﴿ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب ﴾ [ آل عمران : ١٠٠ ]
٧٦٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال : أخبرنا المؤمل بن إسماعيل، قال : حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة، قال : كان بين هذين الحيين، من الأوس والخزرج قتال في الجاهلية، فلما جاء الإسلام اصطلحوا، وألف الله بين قلوبهم، فحبس أو فجلس يهودي في مجلس فيه نفر من الأوس والخزرج، فأنشد شعرا قاله أحد الحيين، في حربهم، فكأنهم دخلهم من ذلك. فقال الحي الآخرون : قد قال شاعرنا في يوم كذا وكذا، قال : فاجتمعوا وأخذوا السلاح، واصطفوا للقتال. فنزلت هذه الآية :﴿ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب ﴾ إلى قوله ﴿ لعلكم تهتدون ﴾. فجاء النبي صلى الله عليه و سلم حتى قام بين الصفين، فقرأهن، ورفع صوته، فلما سمعوا صوت رسول الله صلى الله عليه و سلم بالقرآن، أنصتوا له، وجعلوا يستمعون، فلما فرغ ألقوا السلاح، وعانق بعضهم بعضا وجثوا١ يبكون.
٧٦٣- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين ﴾، قد تقدم فيهم كما تسمعون، وحذركموهم، فنبأكم بضلالتهم، فلا تأمنوهم على دينكم، ولا تنتصحوهم على أنفسكم، فإنهم الأعداء الحسدة الضلال، كيف تأمنون قوما كفروا بكتابهم، وقتلوا رسلهم، وتخيروا في دينهم، وعجزوا عن أنفسهم، أولئك والله أهل التهمة والعداوة ؟ ! ٢.
١ - جثوا: أي جلسوا على ركبهم. (ينظر القاموس – مادة جثى – ص ١٦٣٨)..
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/٦٠ رقم ٧٥٣١)..
قوله عز وجل :﴿ وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ﴾ [ آل عمران : ١٠١ ]
٧٦٤- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا قيس، عن الأغر بن الصباح، عن خليفة بن حصين، عن أبي نصر، عن ابن عباس، قال : كان بين الأوس والخزرج حرب، فذكروا ما بينهم، فقام بعضهم إلى بعض بالسلاح، فأتي النبي صلى الله عليه و سلم فذكر ذلك له، فركب إليهم، فنزلت :﴿ وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ﴾، ﴿ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ﴾١. ٢
قوله عز وجل :﴿ ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ﴾
[ آل عمران : ١٠١ ]
٧٦٥- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ ومن يعتصم بالله ﴾ قال : يؤمن بالله٣.
- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن الخليل، قال : حدثنا أبو النضر، قال : حدثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية :﴿ ومن يعتصم بالله ﴾ قال : الاعتصام به : الثقة به٤.
١ - الآية: ١٠٣ من نفس السورة..
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/٦٣-٦٤ رقم ٧٥٣٥) وابن أبي حاتم (٣/٧٢٠ رقم ٣٨٩٨)..
٣ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٢٠ رقم ٣٩٠١)..
٤ - رواه ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس، (٣/٧٢٠ رقم ٣٩٠٠)..
قوله عز وجل :﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن ﴾ الآية
[ آل عمران : ١٠٢ ]
٧٦٦- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة :﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ﴾ فحق تقاته : أن يطاع فلا يعصى، ثم أنزل التخفيف والتيسير، وعاد بعائدته ورحمته على ما يعلم من ضعف خلقه، فقال :﴿ فاتقوا الله ما استطعتم ﴾ ١، فجاءت هذه الآية، فيها تخفيف وعافية ويسر٢.
٧٦٧- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا حجاج بن المنهال، قال : حدثنا همام، عن قتادة :﴿ اتقوا الله حق تقاته ﴾ قال : نسختها الآية ﴿ فاتقوا الله ما استطعتم ﴾ ٣.
٧٦٨- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال : حدثنا مسعر، ومطر، عن زبيد، عن مرة، عن عبد الله، ﴿ اتقوا الله حق تقاته ﴾ قال : أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر.
اللفظ لمسعر. وقال مطر : أخبرني زبيد٤.
٧٦٩- حدثنا علي بن الحسن بن أبي عيسى الهلالي، قال : حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك، قال : حدثنا شعبة، قال : أخبرني عمرو بن مرة، قال : سمعت مرة الهمداني يحدث عن ربيع بن خثيم، في قول الله عز وجل :﴿ اتقوا الله حق تقاته ﴾ قال : أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر٥.
٧٧٠- حدثنا علان، قال : حدثنا أبو صالح، قال : حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله :﴿ اتقوا الله حق تقاته ﴾ فإنها لم تنسخ، ولكن حق تقاته، أن يجاهدوا في الله حق جهاده، فلا يأخذهم في الله لومة لائم، ويقوموا لله بالقسط، ولو على أنفسهم، وآبائهم، وأبنائهم٦.
٧٧١- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة :﴿ اتقوا الله حق تقاته ﴾ قال : نزلت في الأوس والخزرج كان فيهم قتال يوم بعاث٧.
١ - الآية ١٦ من سورة التغابن..
٢ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير: (١/١٣٣ رقم ٤٣٩)، وابن جرير (٧/٦٨ رقم ٧٥٥٦- ٧٥٥٧)..
٣ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٣٣ رقم ٤٣٩)، وابن جرير (٧/٦٩ رقم ٧٥٥٧)..
٤ - أخرجه ابن المبارك في الزهد (ص٨) وعبد الرزاق في التفسير (١/١٣٤ رقم ٤٤١) وابن أبي شيبة في المصنف (١٣/٢٩٧ رقم ١٦٤٠٠) وابن جرير (٧/٦٥ رقم ٧٥٣٦) وابن أبي حاتم (٢/٧٢٢ رقم ٣٩٠)..
٥ - أخرجه ابن جرير (٧/٦٦ رقم ٧٥٤٦) وأخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٢٢ رقم ٣٩٠٨)..
٦ - أخرجه ابن جرير (٧/٦٨ رقم ٧٥٥٣) وابن أبي حاتم (٣/٧٢٢ رقم ٣٩١٠)..
٧ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٢١ رقم ٣٩٠٧)..
قوله عز وجل :﴿ واعتصموا بحبل الله جميعا ﴾
[ آل عمران : ١٠٣ ]
٧٧٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا ابن أبي عمر المكي، وإسحاق بن إبراهيم، ومخلد بن مالك، قالوا : حدثنا سفيان، قال : حدثنا جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، عن ابن مسعود في قوله عز وجل :﴿ واعتصموا بحبل الله جميعا ﴾، قال : حبل الله : القرآن١.
٧٧٣- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا سعيد، قال : حدثنا هشيم، قال : أخبرنا العوام، عن الشعبي، عن ابن مسعود، قال : حبل الله، هو الجماعة٢.
٧٧٤- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة :﴿ واعتصموا بحبل الله جميعا ﴾ قال : بعهد الله وأمره٣.
٧٧٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : وحدثت عن ابن حيان، في قوله :﴿ واعتصموا بحبل الله جميعا ﴾، يقول : اعتصموا بأمر الله، وطاعته جميعا، ولا تفرقوا.
قوله عز وجل :﴿ ولا تفرقوا ﴾ [ آل عمران : ١٠٣ ]
٧٧٦- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، قوله :﴿ ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم ﴾ قد كره إليكم الفرقة، وقدم إليكم فيها، وحذركموها، ونهاكم عنها، ورضي لكم السمع والطاعة، والألفة والجماعة، فارضوا لأنفسكم ما رضي لكم إن استطعتم، ولا قوة إلا بالله٤.
قوله عز وجل :﴿ واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم ﴾ [ آل عمران : ١٠٣ ]
٧٧٧- أخبرنا النجار، قال : حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة، قال : لقي النبي صلى الله عليه و سلم نفرا من الأنصار٥، فآمنوا به وصدقوه، وأرادوا أن يذهب معهم، فقالوا : يا رسول الله إن بين قومنا حربا، وإنا نخاف إن جئت على حالك هذه أن لا يتهيأ الذي تريد، فواعدوه العام المقبل، فقالوا : نذهب يا رسول الله، فلعل الله أن يصلح تلك الحرب، وكانوا يرون أنها لا تصلح، وهي يوم بعاث، فلقوه من العام المقبل سبعين رجلا قد آمنوا به، فأخذ منهم النقباء، اثنى عشر رجلا، فذلك حين يقول :﴿ واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم ﴾ ٦.
٧٧٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : وحدثت عن ابن حيان، في قوله :﴿ واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء ﴾ في الجاهلية ﴿ فألف بين قلوبكم ﴾ في الإسلام ﴿ فأصبحتم بنعمته ﴾ برحمته يعني : بالإسلام ﴿ إخوانا ﴾ والمؤمنون إخوة ﴿ وكنتم على شفا حفرة من النار ﴾، يقول : كنتم مشركين في جاهليتكم، الميت في النار، والحي على شفا حفرة من النار ﴿ فأنقذكم ﴾ الله من الشرك إلى الإيمان.
بلغني – والله أعلم- أن هذه الآية أنزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار، في رجلين، أحدهما : من الخزرج، والآخر : من الأوس، اقتتلوا في الجاهلية زمانا طويلا، فقدم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة، فأصلح بينهم. فجرى الحديث بينهما في المجلس، فتفاخروا. فقال بعضهم : أما والله لو تأخر الإسلام قليلا، لقتلنا سادتكم، ونكحنا نساءكم. قال الآخرون : قد كان الإسلام مستأخرا زمانا طويلا فهلا فعلتم ذلك ؟ !. فنادوا عند ذلك بالأشعار، وذكروا القتل فتفاخروا، واستبوا حتى كان بينهم، فغضبت الأوس والخزرج إلى الخروج، ودنا بعضهم من بعض.
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم، فركب إليهم – وقد أشرع بعضهم الرماح إلى بعض – فنادى النبي صلى الله عليه و سلم بأعلى صوته، واطلع عليهم وتلا ﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ﴾ حتى بلغ إلى آخر الآيات. يقول :﴿ حق تقاته ﴾ أن تطيعوه فلا تعصوه في شيء، فذلك حق الله على العباد، فلما سمعوا ذلك كف بعضهم عن بعض، وتناول بعضهم خدود بعض بالتقبيل.
٧٧٩- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، وقوله عز وجل :﴿ واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم ﴾ إذ كنتم تذابحون فيها، يأكل شديدكم ضعيفكم، حتى جاء الله بالإسلام، فآخى به بينكم، وألف به بينكم، أما والله – الذي لا إله إلا هو – إن الألفة لرحمة، وإن الفرقة لعذاب٧.
ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم كان يقول : والذي نفس محمد بيده لا يتواد رجلان في الإسلام، فيفرق بينهما أول من ذنب يحدثه أحدهما، وإن أرداهما المحدث.
قوله عز وجل :﴿ فأصبحتم بنعمته إخوانا ﴾ [ آل عمران : ١٠٣ ]
٧٨٠- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، قوله ﴿ فأصبحتم بنعمته إخوانا ﴾ ذكر لنا أن رجلا قال لابن مسعود : كيف أصبحتم ؟ قال : أصبحنا بنعمة الله إخوانا٨.
قوله عز وجل :﴿ وكنتم على شفا حفرة من النار ﴾ الآية
[ آل عمران : ١٠٣ ]
٧٨١- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ﴾ الآية. كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلا، وأشقاه عيشا، وأبينه ضلالة، وأعراه جلودا، وأجوعه بطونا، مكعوفين٩ على رأس حجر بين الأسدين : فارس والروم، لا والله ما في بلادهم يومئذ شيء يحسدون عليه. من عاش منهم عاش شقيا، ومن مات ردي في النار١٠، يؤكلون ولا يأكلون، والله ما نعلم قبيلا يومئذ من حاضر الأرض كانوا أصغر فيها خطرا، وأرق فيها شأنا، منهم، حتى جاء الله بالإسلام، فورثكم به الكتاب، وأحل لكم به دار الجهاد، ووسع لكم به الرزق، وجعلكم ملوكا على رقاب الناس. وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم، فاشكروا نعمة الله، فإن ربكم منعم يحب الشاكرين، وإن أهل الشكر في مزيد من الله تبارك وتعالى١١.
٧٨٢- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ شفا حفرة من النار ﴾ أي : حرف، مثل شفى الركية١٢ حروفها ﴿ فأنقذكم منها ﴾ ترك ( شفا ) ووقع التأنيث على ﴿ حفرة ﴾ وتصنع العرب مثل هذا كثيرا١٣. قال جرير :
رأت مر السنين أخذن مني كما أخذ السرار١٤ من الهلال١٥
وقال العجاج :
طول الليالي أسرعت في نقضي طوين طولي وطوين عرضي١٦
١ - أخرجه سعيد بن منصور (٥١٩)، وابن جرير (٧/٧٢ رقم ٧٥٧٠)، والطبراني في المعجم الكبير (٩٠٣٢)..
٢ - أخرجه سعيد بن منصور (٥٢٠)، وابن جرير (٧/٧١ رقم ٧٥٦٢) وأخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٢٣ رقم ٣٩١٦)..
٣ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٣٤ رقم ٤٤٢) وابن جرير (٧/٧١ رقم ٧٥٦٥) وابن أبي حاتم (٣/٧٢٤ رقم ٣٩١٩)..
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/٧٤ رقم ٧٥٧٥)..
٥ - في تفسير الإمام ابن جرير الطبري أن الذي لقي النبي صلى الله عليه و سلم «ستة نفر من الأنصار» (٧/٨١، رقم: ٧٥٨٧)..
٦ - أخرجه ابن جرير (٧/٨١ رقم ٧٥٨٧)..
٧ - أخرجه ابن جرير (٧/٧٧ رقم ٧٥٨٢)..
٨ - أخرجه ابن جرير (٧/٨٥ رقم ٧٥٩٠)..
٩ - في الأصل ( معكومين) وما أثبته هو الصحيح يقال: كعم فم البعير وغيره: شد فاه في هياجه لئلا يعض. حاشية الشيخ محمود شاكر على تفسير ابن جرير(٧/٨٨)..
١٠ - ردي في النار: ألقي فيها..
١١ - أخرجه ابن جرير (٧/٨٧ رقم ٧٥٩١)..
١٢ - الركية: البئر. (القاموس – مادة ركى- ١٦٦٤)..
١٣ - مجاز القرآن: (١/٩٨-٩٩)..
١٤ - السرار: آخر ليلة من الشهر. (مختار الصحاج – مادة: سرر – ص ٢٩٥). وأراد جرير بالسرار في هذا البيت : نقصان القمر حتى يبلغ آخر ما يكون هلالا، حتى يخفى في آخر الليلة، فهذا النقصان هو الذي يأخذ منه ليلة بعد ليلة، أما «السرار » الذي شرحه أصحاب اللغة فهو ليلة اختفاء القمر. وذلك لا يتفق في معنى هذا البيت، كما أفاد ذلك الشيخ محمود شاكر على حاشية ابن جرير (٧/٨٦)..
١٥ - ديوان جرير (ص ٣٤١)..
١٦ - البيت من أرجوزة رؤبة بن العجاج. ديوان رؤبة (ص ٨٠)..
قوله عز وجل :﴿ ولتكن منكم أمة ﴾ الآية [ آل عمران : ١٠٤ ]
٧٨٣- حدثنا علي، عن أبي عبيد، قال : قال أبو عبيدة، في قوله عز وجل :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾١ قال : الأمة هاهنا الجماعة، والأمة في أشياء سوى هاهنا : الإمام الذي يؤتم به. وقوله :﴿ وادكر بعد أمة ﴾٢ معناه : بعد قرن، قال : ومن قرأها٣ بعد أمه أراد نسيان٤.
٧٨٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الحسن بن أبي الربيع، قال : حدثنا زياد عن جويبر، عن الضحاك، في قوله عز وجل ﴿ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ﴾ قال : هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم، خاصة، وهم الرواة٥.
١ - من الآية ١١٠ من آل عمران..
٢ - هذا القول في مجاز القرآن لأبي عبيدة (١/٩٩، ١٠٠) وليس بنصه فيه..
٣ - في المجاز: ويقال: بعد أمة، أي : نسيان، وينظر تفسير القرطبي (وادكر بعد أمة) في سورة يوسف..
٤ - مجاز القرآن لأبي عبيدة (١/٩٩)..
٥ - أخرجه ابن جرير (٧/٩٢ رقم ٧٥٩٧). ولفظه عن الضحاك: هم خاصة أصحاب رسول الله، هم خاصة الرواة. ورواه ابن كثير بلفظ: «هم خاصة الصحابة وخاصة الرواة» ثم بينه فقال: يعني المجاهدين والعلماء. تفسير ابن كثير (٢/٢٠٩)..
قوله عز وجل :﴿ ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ﴾ الآية [ آل عمران : ١٠٥ ]
٧٨٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : وحدثت عن ابن حيان، في قول الله عز وجل ﴿ ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا ﴾ يقول للمؤمنين : لا تكونوا كالذين تفرقوا، واختلفوا، يعني : اليهود. ﴿ من بعد ما جاءهم البينات ﴾ يقول : تفقروا واختلفوا، من بعد موسى، فنهى الله المؤمنين أن يتفرقوا بعد نبيهم، كفعل اليهود١.
١ - أخرجه ابن جرير بنحوه (٧/٩٢ رقم ٧٥٩٨). وابن أبي حاتم (٣/٧٢٨ رقم ٣٩٤٧)..
قوله عز وجل :﴿ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ﴾
[ آل عمران : ١٠٦ ]
٧٨٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا عمرو، عن أسباط، عن السدي :﴿ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ﴾ قال : بالأعمال والأحداث.
قوله عز وجل :﴿ فأما الذين اسودت وجوههم ﴾
[ آل عمران : ١٠٦ ]
٧٨٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن يحيى قال : حدثنا محمد ابن يوسف، قال : حدثنا قيس، عن يونس بن أبي مسلم، قال : قدم علينا عكرمة، فأمرني رجل أن أسأله عن هذه الآية ﴿ فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم ﴾ قال : لو فسرتها لم أفرغ من تفسيرها، ثلاثة أيام، ولكن سأجمل لك، هي في أهل الكتاب، كانوا مصدقين بأنبيائهم، مؤمنين بهم، مصدقين بمحمد صلى الله عليه و سلم مؤمنين به، فلما بعث الله محمدا، كفروا، فذلك قول الله عز وجل ﴿ أكفرتم بعد إيمانكم ﴾. فأتيت الذي أرسلني فأخبرته بذلك، فقال : صدق.
٧٨٨- حدثني الدبري، قال : حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي غالب، قال : لما أتي برؤوس الأزارقة١، فنصبت على درج دمشق٢، جاء أبو أمامة، فلما رآهم، دمعت عيناه، ثم قال : كلاب النار  ! كلاب النار  ! هؤلاء شر قتلى تحت أديم السماء، وخير قتلى قتلوا تحت أديم السماء الذين قتلهم هؤلاء.
قال : قلت : فما شأنك دمعت عيناك ؟ !. قال : رحمة لهم أنهم كانوا من أهل الإسلام. قال : قلت : أبرأيك قلت : كلاب النار، أو شيء سمعته ؟ قال : إني إذا لجريء، بل سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم، غير مرة، ولا اثنتين، ولا ثلاث مرات، ثم تلا ﴿ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ﴾ حتى بلغ ﴿ فيها خالدون ﴾ وتلا ﴿ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب ﴾٣ حتى بلغ ﴿ أولوا الألباب ﴾ ثم أخذ بيدي فقال : أما إنهم بأرضك كثير، فأعاذك الله منهم  ! ٤.
وقوله عز وجل :﴿ أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ﴾
[ آل عمران : ١٠٦ ]
٧٨٩- حدثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، عن الكسائي والفراء، في قوله عز وجل ﴿ فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم ﴾ معناها – والله أعلم- فيقال : أكفرتم لأن ( أما ) لا بد لها من فاء تكون جوابها، كقولك : أما عبد الله فقائم، ولا يتكلم بهذا٥.
٧٩٠- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم عن أبي عبيدة، ﴿ فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم ﴾ العرب تختصر، لعلم المخاطب بما أريد به، فكأنه خرج مخرج قولك :﴿ فأما الذين كفروا ﴾٦ فيقول لهم : أكفرتم، فحذف هذا، فاختصر الكلام.
قال الأسدي :
كذبتم – وبيت الله- لا تنكحونها بني شاب قرناها تصر وتحلب٧.
ويروى : لا تهتدونها. أراد ببني التي شاب قرناها، فاختصر.
قال النابغة الذبياني :
كأنك من جمال بني أقيش يقعقع خلف رجليه بشن٨.
بني أقيش : حي من الجن، أراد : كأنك جمل، فألقى الجمل. ففهم عنه ما أراد٩.
قوله عز وجل :﴿ بعد إيمانكم ﴾ [ آل عمران : ١٠٦ ]
٧٩١- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن الجنيد، قال : حدثنا عمرو بن عاصم، قال : حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الربيع بن أنس عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، في قوله عز وجل :﴿ أكفرتم بعد إيمانكم ﴾ هذا الإيمان الذي كان في صلب آدم.
٧٩٢- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ أكفرتم بعد إيمانكم ﴾ قال : إيمانهم إذ أخذ عليهم العهد، في ظهر آدم١٠.
١ - هم أتباع نافع بن الأزرق الحنفي، وهم من فرق الخوارج. ينظر: الفرق بين الفرق (ص ٨٤)..
٢ - المراد بدرج دمشق : درج مسجد دمشق تحفة الأحوذي (٨/٢٧٩ رقم ٣١٨٧)..
٣ - الآية: ٧ من سورة آل عمران..
٤ - أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١٠/ ١٥٢ رقم ١٨٦٦٣)، وأحمد (١/٢٥٣، ٢٥٦)، والترمذي (٣٠٠٠)، وابن ماجه (١٧٦)، وابن جرير مختصرا (٧/٩٤ رقم ٧٦٠٣)، وابن أبي حاتم مختصرا كذلك (٣/٧٢٩ رقم ٣٩٥٥)، والطبراني في الأوسط (٧٦٥٦)..
٥ - ينظر: معاني القرآن للفراء (١/٢٢٨)..
٦ - الآية رقم (٥٦) من سورة آل عمران..
٧ - البيت في اللسان (قرن) وبلا نسبة في الكامل (٢/٤٩٧)..
٨ - ديوانه (ص ١٢٦)..
٩ - مجاز القرآن (١/١٠٠- ١٠١)..
١٠ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٣٠ رقم ٣٩٥٧)..
قوله عز وجل :﴿ وأما الذين ابيضت وجوههم ﴾ الآية
[ آل عمران : ١٠٧ ]
٧٩٣- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، قوله :﴿ وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله ﴾ هؤلاء أهل طاعة الله، والوفاء بعهد الله، قال الله عز وجل :﴿ ففي رحمة الله هم فيها خالدون ﴾.
قوله عز وجل :﴿ تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق ﴾
[ آل عمران : ١٠٨ ]
٧٩٤- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ تلك آيات الله ﴾ أي : عجائب الله. ﴿ نتلوها عليك بالحق ﴾ نتلوها : نقصها١.
١ - مجاز القرآن (١/١٠١)..
قوله عز وجل :﴿ كنتم ﴾ [ آل عمران : ١١٠ ]
٧٩٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الدرامي، قال : حدثنا حبان، قال : حدثنا مبارك، عن الحسن، قال : قال رجل : أعوذ بالله أن أكون كنتيا١. قيل له : ما الكنتي ؟ قال : تقول : لقد كنت مرة، وكنت، وقرأ الحسن ﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾.
٧٩٦- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، قال : قال الكلبي : أنتم٢ يعني : في قوله ﴿ كنتم خير أمة ﴾٣.
قوله عز وجل :﴿ خير أمة ﴾ [ آل عمران : ١١٠ ]
٧٩٧- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، قال : أخبرنا معمر، عن بهز بن حكيم بن معاوية، عن أبيه، عن جده، أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول : في قوله عز وجل :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾ قال : أنتم تتمون سبعين أمة، أنتم خيرها، وأكرمها على الله عز وجل٤.
٧٩٨- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ كنتم خير أمة ﴾ أي : جماعة٥.
قوله عز وجل :﴿ أخرجت للناس ﴾ [ آل عمران : ١١٠ ]
٧٩٩- حدثنا موسى، قال : حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني، قال : حدثنا مسكين بن بكير، قال : حدثنا أبو مسعود الجرار، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله عز وجل :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾ قال : كنتم خير الناس للناس٦.
٨٠٠- حدثنا علي بن المبارك قال : حدثنا زيد قال : حدثنا ابن ثور عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾ كنتم خير الناس للناس٧.
- وكذلك قال سعيد بن جبير.
٨٠١- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾ قال : هم الذين هاجروا مع محمد صلى الله عليه و سلم إلى المدينة٨.
٨٠٢- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال، حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ كنتم خير أمة ﴾ قال : قال مولى ابن عباس : في عبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب٩.
٨٠٣- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ميسرة الأشجعي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾ قال : تجيئون بهم في السلاسل تدخلونهم في الإسلام١٠.
٨٠٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا وكيع، عن محمد بن سيرين، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ أخرجت للناس ﴾ يقول : لمن أنتم بين ظهرانيه، كقوله :﴿ ولقد اخترناهم على علم على العالمين ﴾١١. ١٢
٨٠٥- حدثنا محمد، قال : حدثنا نصر، قال : حدثنا عبد بن حميد قال : حدثنا عبيد الله بن موسى، عن عيسى بن موسى، عن عطية :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾ قال : خير الناس للناس، شهدتم للنبيين الذين كفر بهم قومهم بالبلاغ١٣.
٨٠٦- حدثنا موسى، قال : حدثنا بشار بن موسى الخفاف، قال : أخبرنا عباد بن العوام، قال : حدثنا سفيان بن حسين قال : سمعت الحسن قرأ ﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾ قال : فقال الحسن : هم الذين مضوا من صدر هذه الأمة، يعني : أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قد كان الرجل منهم يلقى أخاه، فيقول : أبشر أليس أنت كنتيا ؟.
قال عز وجل :﴿ تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ﴾
[ آل عمران : ١١٠ ]
٨٠٧- حدثنا علان بن المغيرة، قال : حدثنا أبو صالح، قال : حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾ يقول : تأمرونهم أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، والإقرار بما أنزل الله، وتقاتلونهم عليه، لا إله إلا الله هو أعظم المعروف، وتنهونهم عن المنكر، والمنكر التكذيب، وهو أنكر المنكر١٤.
٨٠٨- حدثنا أبو سعد، قال : حدثنا أبو سلمة، قال : حدثنا أبو عاصم، قال : حدثنا عيسى، قال : حدثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله عز وجل :﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس ﴾ قال : على هذا الشرط أن ﴿ تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ﴾ تقول لمن أنتم بين ظهرانيه كقوله :﴿ ولقد اخترناهم على علم على العالمين ﴾ ١٥.
١ - مجاز القرآن :(١/١٠١)..
٢ - لعله يريد "أنتم خير أمة أخرجت للناس" وتكون (كان) زائدة، وهذا مردود، لأن (كان) لا تزاد في أول الكلام. ينظر البحر المحيط :(٣/٢٨)..
٣ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٣٠)..
٤ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٣٤- ١٣٥ رقم ٤٤٦) وابن جرير (٧/١٠٤ رقم ٧٦٢٢) وابن أبي حاتم (٣/٧٣١ رقم ٣٩٦٧)..
٥ - مجاز القرآن (١/١٠٠)..
٦ - أخرجه ابن جرير (٧/١٠٣ رقم ٧٦١٧) من طريق عطية، وابن أبي حاتم (٣/٧٣٢ رقم ٣٩٧٢) من طريق عكرمة..
٧ - قول مجاهد، أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٣٢ رقم ٣٩٧٢)..
٨ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٣٤ رقم ٤٤٥)، والنسائي في التفسير (١/٣١٩ رقم ٩٢)، وابن جرير (٧/١٠١ رقم ٧٦٠٦) وابن أبي حاتم (٣/٧٣٢ رقم ٣٩٦٨)..
٩ - أخرجه ابن جرير (٧/ ١٠١ رقم ٧٦٠٩) من طريق ابن جريج، قال عكرمة: نزلت في ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل. وزاد في الدر المنثور (٢/٢٩٣) عمار بن ياسر..
١٠ - أخرجه البخاري (٤٥٥٧)..
١١ - من الآية: ٣٢ من سورة الدخان..
١٢ - أخرجه ابن جرير (٧/١٠٢ رقم ٧٦١٤)..
١٣ - أخرجه عبد بن حميد (المنتخب ق ٥٥)، وابن جرير (٧/١٠٣) رقم ٧٦١٧)، وابن أبي حاتم (٣/٧٣٣ رقم ٣٩٧٥)..
١٤ - أخرجه ابن جرير (٧/١٠٥ رقم ٧٦٢٤)..
١٥ - أخرجه عبد بن حميد (المنتخب ق ٥٥)، وابن جرير (٧/١٠٢ رقم ٧٦١٥)..
قوله عز وجل :﴿ ولو آمن أهل الكتاب ﴾ الآية إلى قوله ﴿ لن يضروكم إلا أذى ﴾ الآية [ آل عمران : ١١٠- ١١١ ]
٨٠٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة.
- قال زكريا : وحدثنا يزيد بن صالح، عن خارجة، عن سعيد، عن قتادة، قوله :﴿ لن يضروكم إلا أذى ﴾ يقول : لن يضروكم، إلا أذى، تسمعونه منهم١.
٨١٠- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ لن يضروكم إلا أذى ﴾ قال : إشراكهم في عزير، وعيسى، والصليب٢.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/١٠٨ رقم ٧٦٢٦)، وابن أبي حاتم (٣/٣٧٣٤ رقم ٣٩٨٤)..
٢ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٣٥ رقم ٣٩٨٥)..
قوله عز وجل :﴿ ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا ﴾
[ آل عمران : ١١٢ ]
٨١١- حدثنا محمد، قال : حدثنا نصر، قال : حدثنا عبد بن حميد، قال : حدثنا هوذة، عن عوف، عن الحسن :﴿ ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله ﴾ الآية. قال : أدركتهم هذه الأمة وإن المجوس لتجبيهم الجزية١.
٨١٢- حدثنا موسى قال : حدثنا يحيى بن أيوب، قال : حدثنا محمد ابن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله جل وعز :﴿ ضربت عليهم الذلة ﴾ الجزية.
قوله عز وجل :﴿ إلا بحبل من الله وحبل من الناس ﴾
[ آل عمران : ١١٢ ]
٨١٣- حدثنا موسى، قال : حدثنا شريح، قال : حدثنا الأشجعي، عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن ابن عباس :﴿ إلا بحبل من الله وحبل من الناس ﴾ : إلا بعهد من الناس٢.
٨١٤- حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال : حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ إلا بحبل من الله ﴾ قال : بعهد من الله. ﴿ وحبل من الناس ﴾ قال : وبعهد من الناس٣.
- وكذلك قال الضحاك وقتادة٤.
٨١٥- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ إلا بحبل من الله ﴾ إلا بعهد من الله٥.
٨١٦- حدثنا علي، عن أبي عبيد، قال : قال الفراء في قوله :﴿ ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس ﴾ أي : إلا أن يعتصموا بحبل من الله، فأضمر ذلك٦.
قوله عز وجل :﴿ وباءوا بغضب من الله ﴾ [ آل عمران : ١١٢ ]
٨١٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا محمد بن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك :﴿ وباءوا بغضب من الله ﴾ قال الضحاك : استحقوا الغضب من الله٧.
٨١٨- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ وباءوا بغضب من الله ﴾ أن أحرزوه، وباءوا به٨.
قوله عز وجل :﴿ وضربت عليهم المسكنة ﴾
[ آل عمران : ١١٢ ]
٨١٩- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا محمد بن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله عز وجل :﴿ وضربت عليهم الذلة والمسكنة ﴾٩ قال : الذلة والمسكنة : الجزية١٠.
٨٢٠- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ وضربت عليهم المسكنة ﴾ : ألزموا المسكنة١١.
قوله عز وجل :﴿ ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ﴾
[ آل عمران : ١١٢ ]
٨٢١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا يزيد بن صالح، عن خارجة، عن سعيد، عن قتادة :﴿ ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ﴾ اجتنبوا المعصية والعدوان فإن بهما هلك من هلك قبلكم من الناس١٢.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/١١٠ رقم ٧٦٣٠)، وابن أبي حاتم (٣/٧٣٥ رقم ٣٩٨٧)..
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/١١٢ ٧٣٥ رقم ٧٦٣٨)، وابن أبي حاتم (٣/٧٣٥ رقم ٣٩٩١)..
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/١١٢ رقم ٧٦٣٩)، وابن أبي حاتم (٣/٧٣٥ رقم ٣٩٩١)..
٤ - قول قتادة والضحاك، أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٣٥ رقم ٣٩٩١)..
٥ - مجاز القرآن (١/١٠١)..
٦ - معاني القرآن الكريم للفراء (١/٢٣٠)..
٧ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٣٦ رقم ٣٩٩٢)..
٨ - مجاز القرآن لأبي عبيدة (١/١٠١)..
٩ - الآية ٦١ من سورة البقرة..
١٠ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٣٦ رقم ٣٩٩٧)..
١١ - مجاز القرآن (١/١٠١)..
١٢ - أخرجه ابن جرير (٧/١١٨ رقم ٧٦٤٣)، وابن أبي حاتم (٣/٧٣٧ رقم ٣٩٩٩)..
قوله عز وجل :﴿ ليسوا سواء ﴾ [ آل عمران : ١١٣ ]
٨٢٢- حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال : حدثنا أبو النضر، قال : حدثنا شيبان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، قال : أخر رسول الله صلى الله عليه و سلم عشاء الآخرة، ثم خرج إلى المسجد، فإذا الناس ينتظرون الصلاة، قال :«أما إنه ليس في هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم ». قال : ونزلت عليه :﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب ﴾ إلى قوله :﴿ والله عليم بالمتقين ﴾١.
٨٢٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح بن عبادة، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن الحسن بن أبي يزيد العجلي، عن ابن مسعود.
- قال زكريا : وحدثنا محمد بن رافع، قال : حدثنا شبابة، قال : حدثني ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن الحسن بن أبي يزيد العجلي، عن ابن مسعود، في قوله عز وجل :﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة ﴾ قال : لا يستوي أهل الكتاب، وأمة محمد، ﴿ يتلون آيات الله آناء الليل ﴾، قال : صلاة العتمة، هم يصلونها، ومن سواهم من أهل الكتاب لا يصلونها٢.
٨٢٤- حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب، وعلي بن عبد العزيز قالا : حدثنا أبو نعيم، قال : حدثنا سفيان، عن منصور قال : بلغني أنها نزلت فيما بين المغرب والعشاء ﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ﴾.
٨٢٥- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، قال : لما أسلم عبد الله بن سلام، وثعلبة بن سعيد، وأسيد بن ثعلبة، وأسد بن عبيد، ومن أسلم من يهود معهم، فآمنوا وصدقوا، ورغبوا في الإسلام، وتنخوا٣ فيه، قالت أحبار يهود وأهل الكفر منهم : ما آمن لمحمد ولا اتبعه إلا شرارنا، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم، وذهبوا إلى غيره، فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم :﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة ﴾ إلى قوله :﴿ وأولئك من الصالحين ﴾ ٤.
قوله عز وجل :﴿ من أهل الكتاب أمة قائمة ﴾ [ آل عمران : ١١٣ ]
٨٢٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح بن عبادة، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد.
- قال زكريا، وحدنا محمد بن رافع، قال : حدثنا شبابة، قال : حدثني ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة ﴾ قال : عادلة٥.
٨٢٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا يزيد بن صالح، عن خارجة، عن سعيد، عن قتادة قوله عز وجل :﴿ قائمة ﴾ على كتاب الله، وحدود الله، وفرائض الله، وطاعة الله، يؤمنون بالله٦.
٨٢٨- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة ﴾ العرب تجوز في كلامهم مثل ذا أن يقول ( أكلوني البراغيث )٧.
- قال أبو عبيدة، سمعتها من أبي عمرو الهذلي في منطقه، وكان وجه الكلام أن يقول :( أكلني البراغيث )، وفي القرآن :﴿ عموا وصموا ﴾٨ وقد يجوز أن يجعله كلامين، وكأنك قلت :﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب ﴾، ثم قلت :﴿ أمة قائمة ﴾ ومعنى قائمة : مستقيمة ﴿ آناء الليل ﴾ : ساعات الليل٩.
٨٢٩- حدثنا موسى، قال : حدثنا شيبان، قال : حدثنا أبو الأشهب، قال : وتلا الحسن هذه الآية :﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة ﴾ هؤلاء أهل الهدى، ليس كل القوم هلك، فقرأ حتى بلغ :﴿ وما يفعلوا من خير فلن يكفروه ﴾، قال : فزعوا إلى أنفسهم حين تفرقت أمتهم١٠.
قوله عز وجل :﴿ يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ﴾
[ آل عمران : ١١٣ ]
٨٣٠- حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، قال : حدثنا أحمد بن حنبل، عن جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال :﴿ آناء الليل ﴾ جوف الليل.
٨٣١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا يزيد بن صالح، عن خارجة، عن سعيد، عن قتادة :﴿ آناء الليل ﴾، قال : ساعات الليل١١.
٨٣٢- وكذلك قال ابن جريج١٢.
٨٣٣- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ آناء الليل ﴾ : ساعات الليل :( واحدها : " إني " تقديرها " جثي " والجميع " أجثاء "، قال أبو أثيلة١٣ :
حلو ومر كعطف القدح شيمته في كل إني قضاه الليل ينتعل١٤
وقال غير أبي عبيدة : آناء الليل، وواحد الآناء أنى، مقصور. وقال بعضهم : الأنى والأنوه وهو ساعات الليل. قال الشاعر١٥ :
السالك الثغر غشيانا موارده في كل أني قضاه الله ينتعل
١ - أخرجه أحمد (١/٣٩٦)، والنسائي في التفسير (١/٣٢٠ رقم ٩٣)، وأبو يعلى في مسنده (٥٣٠٦)، وابن أبي حاتم (٣/٧٣٨ رقم ٣٠٠٨)..
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/١٢٢ رقم ٧٦٤٨) وابن أبي حاتم (٣/٧٣٧ رقم ٤٠٠٠)..
٣ - صححها الشيخ محمود شاكر من سيرة ابن هشام إلى (ورسخوا). ولعل معنى تنخوا فيه: افتخروا، واعتزوا به. ينظر القاموس (نخا ص ١٧٢٤)..
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/١٢٠ رقم ٧٦٤٤)، من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس. وكذلك ابن أبي حاتم (٣/٧٣٧ رقم ٤٠٠٣)..
٥ - أخرجه ابن جرير (١١/١٢٣ رقم ٧٦٥٠)..
٦ - أخرجه ابن جرير (٧/١٢٣ رقم ٧٦٥١) وكذلك أخرجه من طريق الربيع (٧/١٢٣ رقم ٧٦٥٢) وابن أبي حاتم (٣/٧٣٨ رقم ٤٠٠٦)..
٧ - مجاز القرآن :(١/١٠١) و(أكلوني البراغيث) لغة معروفة، وعليها حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل والملائكة بالنهار ) ينظر (شرح ابن عقيل) باب الفاعل :(١/٢٢٧)..
٨ - الآية: ٧٢ من سورة المائدة، وينظر تفسير القرطبي (٤/١٧٥ – ١٧٦) وإملاء ما من به الرحمن للعكبري (١/١٤٦)..
٩ - مجاز القرآن (١/١٠١-١٠٢)..
١٠ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٣٧ رقم ٤٠٠٢)..
١١ - أخرجه ابن جرير (٧/١٢٦ رقم ٧٦٥٦)..
١٢ - قول ابن جريج، أخرجه ابن جرير (٧/١٢٦ رقم ٧٦٥٨)..
١٣ - البيت في ديوان الهذليين (٢/٣٥)..
١٤ - مجاز القرآن (١/١٠٢)..
١٥ - هو المتنخل الهذلي، كما في اللسان «أني» ١٤/٥٠..
قوله عز وجل :﴿ وما يفعلوا من خير ﴾ [ آل عمران : ١١٥ ]
٨٣٤- حدثنا موسى، قال : حدثنا شيبان، قال : حدثنا أبو الأشهب، قال : تلا الحسن :﴿ ليسوا سواء من أهل الكتاب ﴾ حتى بلغ :﴿ وما يفعلوا من خير فلن يكفروه ﴾ قال : فزعوا إلى أنفسهم حين تفرقت أمتهم١.
٨٣٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا يزيد بن صالح، عن خارجة، عن سعيد، عن قتادة :﴿ وما يفعلوا من خير فلن يكفروه ﴾ قال : لن يضل عنكم٢.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٣٩ رقم ٤٠١٦)..
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/١٣٢ رقم ٧٦٦٥) وابن أبي حاتم (٣/٧٤٠ رقم ٤٠٢٠)..
قوله عز وجل :﴿ إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم ﴾ إلى قوله :﴿ مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا ﴾
[ آل عمران : ١١٦- ١١٧ ]
٨٣٦- حدثنا إبراهيم بن مروزق، قال : حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا ﴾ مثل نفقة الكافر في الدنيا١.
قوله عز وجل :﴿ كمثل ريح ﴾ [ آل عمران : ١١٧ ]
٨٣٧- حدثنا زكريا قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا وكيع، عن سفيان، عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله :﴿ ريح فيها صر ﴾ قال : الصر : البرد٢.
٨٣٨- حدثنا حاتم بن يونس الجرجاني، قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال : حدثنا شريك، عن سالم، عن سعيد في قوله عز وجل :﴿ ريح فيها صر ﴾ قال : فيها برد٣.
- وكذلك قال الضحاك وقتادة٤.
٨٣٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عبيد الله بن المنادي قال : حدثنا يونس بن محمد، قال : حدثنا الحكم بن الصلت، قال : سألت شرحبيل أبا سعد عن قوله عز وجل :﴿ ريح فيها صر ﴾ قلت : ما الصر يا أبا سعد ؟. قال : هي الريح، تجيء ببرد شديد، تهلك الزرع٥.
٨٤٠- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ﴾ الصر : شدة البرد وعصوف من الريح٦.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/١٣٥ رقم ٧٦٦٧) وابن أبي حاتم (٣/٧٤١ رقم ٤٠٢٤)..
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/١٣٦ رقم ٧٦٧٢) وابن أبي حاتم (٣/٧٤١ رقم ٤٠٢٥)..
٣ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٤١ رقم ٤٠٢٥)..
٤ - قول الضحاك : أخرجه ابن جرير (٧/١٣٧ رقم ٧٦٧٨)، وابن أبي حاتم (٣/٧٤١ رقم ٤٠٢٥). وقول قتادة: أخرجه ابن جرير (٧/١٣٦ رقم ٧٦٧٣)..
٥ - ينظر مجاز القرآن، لأبي عبيدة (١/١٠٢)..
٦ - ينظر مجاز القرآن، لأبي عبيدة، (١/١٠٢)..
قوله عز وجل :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم ﴾
[ آل عمران : ١١٨ ]
٨٤١- حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، قال : حدثنا مسدد، قال : حدثنا هشيم، عن العوام بن حوشب، عن الأزهر بن راشد، قال : كان أنس ابن مالك يحدث أصحابه، فإن حدثهم بحديث لا يدرون ما هو ؟ أتوا الحسن، فيفسر لهم، فحدثهم ذات يوم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«لا تستضيئوا بنار المشركين »، فأتوا الحسن، فأخبروه، فقال : نعم !، أما قوله : لا تستضيئوا بنار المشركين فإنه يقول : لا تستشيروا المشركين، في شيء من أموركم، وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل :﴿ لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ﴾ ١.
٨٤٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن رافع، قال : حدثنا شبابة، قال : حدثني ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ لا تتخذوا بطانة من دونكم ﴾ حتى بلغ ﴿ إن الله بما يعملون محيط ﴾ للمنافقين، من أهل المدينة، نهى الله المؤمنين أن يتولوهم٢.
٨٤٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق، قال : كان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من يهود، لما بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية، فأنزل الله عز وجل فيهم ينهاهم عن مباطنتهم ؛ تخوف الفتنة عليهم منهم ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم ﴾ إلى قوله :﴿ وتؤمنون بالكتاب كله ﴾ ٣.
٨٤٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا يزيد بن صالح، عن خارجة، عن سعيد، عن قتادة :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم ﴾ قال : نهى الله المؤمنين أن يستدخلوا المنافقين، أو يؤاخوهم، أو يتولوهم دون المؤمنين٤.
قوله عز وجل :﴿ لا يألونكم خبالا ﴾ [ آل عمران : ١١٨ ]
٨٤٥- حدثنا محمد، قال : حدثنا نصر، قال : حدثنا عبد، قال : حدثنا روح، عن المبارك، عن الحسن :﴿ لا يألونكم خبالا ﴾ قال : هم المنافقون٥.
٨٤٦- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم ﴾ البطانة : الدخلاء من غيركم ﴿ لا يألونكم خبالا ﴾ أي : شرا٦.
قوله عز وجل :﴿ ودوا ما عنتم ﴾ [ آل عمران : ١١٨ ]
٨٤٧- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ ودوا ما عنتم ﴾ قال : في دينكم٧.
قوله عز وجل :﴿ قد بدت البغضاء من أفواههم ﴾
[ آل عمران : ١١٨ ]
٨٤٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا يزيد بن صالح، عن خارجة، عن سعيد، عن قتادة :﴿ قد بدت البغضاء من أفواههم ﴾ تقول : قد بدت البغضاء من أفواه المنافقين إلى إخوانهم من الكفار، من غشهم للإسلام وأهله، وبغضهم إياه٨.
قوله عز وجل :﴿ وما تخفي صدورهم أكبر ﴾
[ آل عمران : ١١٨ ]
٨٤٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا زيد بن صالح، عن خارجة، عن سعيد عن قتادة :﴿ وما تخفي صدورهم أكبر ﴾ تقول : وما تكن صدورهم أكبر مما قد أبدوه بألسنتهم٩.
قوله عز وجل :﴿ قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ﴾
[ آل عمران : ١١٨ ]
٨٥٠- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ قد بينا لكم الآيات ﴾ أي : الأعلام١٠.
١ - أخرجه أحمد (٣/٩٩)، والبخاري في التاريخ الكبير (١/٤٥٥) وابن جرير (٧/١٤٢ رقم ٧٦٨٥)، وابن أبي حاتم (مختصرا)..
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/١٤١ رقم ٧٦٨١) وابن أبي حاتم (٣/٧٤٢ رقم ٤٠٣٤)..
٣ - سيرة ابن هشام (١/٥٥٨) وأخرجه ابن جرير (٧/١٤١ رقم ٧٦٨٥) وابن أبي حاتم (٣/٧٤٣ رقم ٤٠٣٧)..
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/١٤١ رقم ٧٦٨٣)..
٥ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٤٢ رقم ٤٠٣٣)، وابن جرير (٧/١٤١ رقم ٧٦٨٣) عن ابن عباس والربيع والسدي....
٦ - مجاز القرآن: (١/١٠٣)..
٧ - أخرجه ابن جرير (٧/١٤٤ رقم ٧٦٩٠)..
٨ - أخرجه ابن جرير (٧/١٤٥ رقم ٧٦٩٠) وابن أبي حاتم (٣/٧٤٤ رقم ٤٠٤٢)..
٩ - أخرجه ابن جرير (٧/١٤٧ رقم ٧٦٩٣) وابن أبي حاتم (٣/٧٤٤ رقم ٤٠٤٣)..
١٠ - مجاز القرآن :(١/١٠٣)..
قوله عز وجل :﴿ ها أنتم أولاء ﴾ [ آل عمران : ١١٩ ]
٨٥١- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم ﴾ قال : المؤمن خير للمنافق من المنافق للمؤمن، يرحمه في الدنيا، لو يقدر المنافق من المؤمن على مثل ما يقدر عليه منه، لأباد خضراءه١. ٢
قوله عز وجل :﴿ وتؤمنون بالكتاب كله ﴾ [ آل عمران : ١١٩ ]
٨٥٢- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وتؤمنون بالكتاب كله ﴾ قال : أي بكتابهم، وكتابكم، وبما مضى من الكتب، قبل ذلك، وهم يكفرون بكتابكم، وأنتم كنتم أحق بالبغضاء لهم٣.
قوله عز وجل :﴿ وإذا لقوكم قالوا آمنا ﴾ [ آل عمران : ١١٩ ]
٨٥٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا وكيع، عن سفيان، وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، في قوله عز وجل :﴿ وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ ﴾ قال :( هكذا )، وضع أطراف أصابعه في فيه٤.
٨٥٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا يزيد بن صالح، قال : حدثنا خارجة عن سعيد، عن قتادة :﴿ وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ ﴾ والأنامل : أطراف الأصابع، ﴿ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا ﴾٥ ليس بهم إلا مخافة على دمائهم، وأموالهم، يصانعوهم بذلك، ﴿ وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ ﴾ والكراهية للذي هم عليه، لو يجدون ريحا، لكانوا على المؤمنين، فهم كما نعتهم الله٦.
قوله عز وجل :﴿ إن الله عليم بذات الصدور ﴾ [ آل عمران : ١١٩ ]
٨٥٥- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ إن الله عليم بذات الصدور ﴾ بما في الصدور٧.
١ - أي: لأهلكه. ينظر : لسان العرب (خضر ٤/٢٤٤)..
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/١٥١ رقم ٧٦٩٧)..
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/١٤٩ رقم ٧٦٩٥) من طريق محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد ابن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس؟!!..
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/١٥٣ رقم ٧٧٠٤) وابن أبي حاتم (٣/٧٤٦ رقم ٤٠٤٥)..
٥ - الآية (٧٦) من سورة البقرة..
٦ - أخرجه ابن جرير (٧/١٥٢ رقم ٧٦٩٩)..
٧ - مجاز القرآن (١/١٠٣)..
قوله عز وجل :﴿ إن تمسسكم حسنة ﴾ الآية [ آل عمران : ١٢٠ ]
٨٥٦- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ إن تمسسكم حسنة تسؤهم ﴾ قال : إذا رأوا من المؤمنين جماعة وألفة غاظهم ذلك، وإذا رأوا منهم فرقة واختلافا، فرحوا بذلك١.
٨٥٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله :﴿ إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها ﴾ قال : إذا رأوا من أهل الإسلام ألفة، وجماعة، وظهورا على عدوهم ساءهم، وإذا رأوا من أهل الإسلام فرقة أو اختلافا أو أصيب طرف من أطراف المسلمين، سرهم ذلك، وأعجبوا به، وابتهجوا به، فهم كما رأيتم كلما خرج منهم قرن كذب الله أحدوثته، أو طاعته، وأبطل حجته، وأظهر عورته، فذلك قضاء الله فيمن مضى، وفيمن بقي إلى يوم القيامة، قال الله عز وجل :﴿ وإن تصبروا وتتقوا ﴾ إلى آخر الآية٢.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/١٥٦ رقم ٧٧٠٧). ومن طريق قتادة أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٤٧ رقم ٤٠٦٠)..
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/١٥٥ رقم ٧٧٠٥) وابن أبي حاتم (٣/٧٤٧ رقم ٤٠٦٢)..
قوله جل وعز :﴿ لا يضركم كيدهم شيئا ﴾ إلى قوله ﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ [ آل عمران : ١٢٠ -١٢١ ]
٨٥٨- حدثنا موسى بن هارون، وابن بنت منيع، قالا : حدثنا يحيى الحماني، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي، عن أبي عون، عن المسور ابن مخرمة قال : قلت لعبد الرحمن بن عوف : أي خال : أخبرني عن قصتكم يوم أحد  ! قال : اقرأ العشرين ومائة من آل عمران تجد قصتنا ﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال ﴾.
٨٥٩- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم من بدر المدينة، وكان فراغه من بدر في شهر رمضان، أو في شوال، لم يقم بالمدينة إلا سبع ليال، حتى غزا بنفسه، يريد بني سليم١، حتى بلغ الكدر٢ فرجع، ولم يلق كيدا. فأقام بقية شوال وذا القعدة، ثم غزاه أبو سفيان غزوة السويق٣، في ذي الحجة.
- قال ابن اسحاق بإسناده : فأتوا ناحية المدينة فحرقوا في أصوار٤ عليها، ووجدوا رجلا من الأنصار، وحليفا له، فقتلوهما، ثم انصرفوا راجعين، فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى بلغ قرقرة الكدر، ثم انصرف وقد فاته أبو سفيان وأصحابه، فأقام بقية ذي الحجة والمحرم أو قريبا منه، ثم غزا نجدا يريد غطفان وهي غزوة ذي أمر ثم رجع ولم يلق كيدا، ثم غزا يريد قريشا وبني سليم، حتى بلغ بحران٥ من ناحية الفرع، فأقام بها شهر ربيع وجمادى الأول، ثم رجع، ولم يلق كيدا، وقد كان فيما بين ذلك من غزو رسول الله صلى الله عليه و سلم، أمر بني قينقاع وسرية زيد بن حارثة سرية القردة التي بعثه رسول الله صلى الله عليه و سلم فيها، حين أصابت عير قريش فيها أبو سفيان على القردة، من مياه عدو، كانت قريش قد خافت طريقها إلى الشام، حين كان من وقعة بدر ما كان، فسلكوا طريق العراق، فبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم زيد بن حارثة فلقيهم على الماء، فأصاب تلك العير وما فيها، وأعجزه الرجال.
وكانت إقامة رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينة، بعد قدومه من بحران، جمادى أي الأخرى، ورجب، وشعبان، ورمضان، وغزته قريش غزوة أحد في شوال سنة ثلاث، وكان يوم أحد يوم السبت للنصف من شوال٦.
٨٦٠- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد٧.
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ تبوئ المؤمنين ﴾ [ آل عمران : ١٢١ ]
٨٦٢- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، قوله عز وجل :﴿ وإذا غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال ﴾ قال : يوم أحد، غدا نبي الله صلى الله عليه و سلم، من أهله، إلى أحد يبوئ١٨ المؤمنين، مقاعد للقتال١٩. وأحد بناحية المدينة.
٨٦٣- حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال : حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال ﴾. قال : مشى يومئذ النبي صلى الله عليه و سلم يبوئ المؤمنين٢٠.
١ - بنو سليم: قبيلة عظيمة من قيس عيلان، وكانت منازلهم في عالية نجد بالقرب من خيبر!. نهاية الأرب ص ٢٩٤- ٢٩٥..
٢ - قرقرة الكدر موضع بينه وبين المدينة ثمانية برد. ينظر : معجم البلدان (٤/٤٤١)..
٣ - غزوة السويق: سميت بذلك لأن أبا سفيان ومن معه حينما هربوا، وكان السويق أكثر ما طرحوا من أزوادهم تخففا للنجاء. ينظر: سيرة ابن هشام (٢/٤٥)..
٤ - الأصوار: جمع صور – بفتح الصاد – وهو النخل المجتمع. القاموس (صور ص ٥٤٨)..
٥ - بحران: موضع بناحية وادي الفرع. المغانم المطابة (ص ٥٠)..
٦ - سيرة ابن هشام (٢/٤٣-٤٦-٥٩-٦٠)..
٧ - يأتي هذا الحديث كاملا في الجزء التالي..
١٨ - يقول الإمام ابن جرير الطبري: فتأويل الكلام: واذكر إذ غدوت، يا محمد، من أهلك تتخذ للمؤمنين معسكرا وموضعا لقتال عدوهم (٧/١٦٥)..
١٩ - أخرجه ابن جرير (٧/١٦٠ رقم ٧٧٠٩)..
٢٠ - أخرجه ابن جرير (٧/١٦٠ رقم ٧٧٠٨) وابن أبي حاتم (٣/٧٤٨ رقم ٤٠٦٧)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ إذ همت طائفتان منكم ﴾ [ آل عمران : ١٢٢ ]
٨٦٤- حدثنا موسى وابن بنت منيع، قالا : حدثنا الحماني، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر، عن أبي عون، عن المسور بن مخرمة، عن عبد الرحمن بن عوف :﴿ إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا ﴾ قال : هم الذين طلبوا الأمان من المشركين١.
٨٦٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا ﴾، الطائفتان : كانتا بني سلمة٢ من جشم بن الخزرج، وبني حارثة من النبيت، من الأوس، وهما الجناحان٣.
٨٦٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ إذ همت طائفتان منكم ﴾ بنو حارثة كانوا نحو أحد، وبنو سلمة من نحو سلع٤ »٥.
قوله عز وجل :﴿ أن تفشلا ﴾ [ آل عمران : ١٢٢ ]
٨٦٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا ﴾، أي : أن تخاذلا٦.
٨٦٨- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ أن تفشلا ﴾، قال آخرون : الفشل : الجبن٧.
قوله عز وجل :﴿ ولله وليهما ﴾ [ آل عمران : ١٢٢ ]
٨٦٩- حدثنا ابن أبي ميسرة، قال : حدثنا الحميدي، قال : حدثنا سفيان، قال : حدثنا عمرو بن دينار، أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول : فينا نزلت، بني حارثة وبني سلمة ﴿ أن تفشلا والله وليهما ﴾، وما أحب أنها لم تنزل لقوله :﴿ والله وليهما ﴾٨.
٨٧٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ والله وليهما ﴾ : أي الدافع عنهما ما أهما به من فشلهما. وذلك أنه إنما كان ذلك منهما عن ضعف ووهن أصابهما، من غير شك في دينهما، فتولى دفع ذلك عنهما٩.
قوله عز وجل :﴿ وعلى الله فليتوكل المؤمنون ﴾
[ آل عمران : ١٢٢ ]
٨٧١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا ﴾ حتى قوله ﴿ والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون ﴾. قال : وذلك عن غير شك، في دينهما، فتولى دفع ذلك عنهما، برحمته وعائدته، حتى سلما. أظنه قال : من وهنهما، وضعفهما، ولحقتا بنبيهما صلى الله عليه و سلم يقول الله :﴿ وعلى الله فليتوكل المؤمنون ﴾. أي : من كان به ضعف من المؤمنين، أو وهن فليتوكل علي، وليستعن بي أعنه على أمره، وأدفع عنه حتى أبلغ به، وأثوبه على نيته١٠.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٤٩ رقم ٤٠٧٤)..
٢ - بنو سلمة (بفتح السين وكسر اللام) وليس سلمة بكسر اللام غيرها وسائرها بفتح اللام وبنو سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن سادرة بن تزيد بن جشم بن الخزرج..
٣ - سيرة ابن هشام (٢/١٠٦) وأخرجه ابن جرير (٧/١٦٧ رقم ٧٧٢٦)..
٤ - سلع: جبل معروف يقع في الشمال الغربي من المسجد النبوي على بعد كيل أو كيلين منه..
٥ - أخرجه ابن جرير (٧/١٦٦ رقم ٧٧٢٠)..
٦ - سيرة ابن هشام (٢/١٠٦) وأخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٤٩ رقم ٤٠٧٦)..
٧ - أخرجه ابن جرير (٧/١٦٨ رقم ٧٧٣١) عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: الفشل: الجبن..
٨ - أخرجه البخاري (٤٠٥١) ومسلم(٢٥٠٥)..
٩ - سيرة ابن هشام (٢/١٠٦)، وأخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٤٩ رقم ٧٠٧٨)..
١٠ - سيرة ابن هشام (٢/١٠٦)، وأخرجه ابن جرير (٧/١٦٨ رقم ٧٧٣٢) وابن أبي حاتم (٣/٧٥٠ رقم ٤٠٧٩)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ﴾
[ آل عمران : ١٢٣ ]
٨٧٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الزعفراني، قال : حدثنا شبابة، قال : أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة، عن علي، قال : بدر : بئر.
٨٧٣- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال : حدثنا زكريا بن أبي زائدة، قال : سمعت عامرا يقول : إنما بدر كانت لرجل يدعى بدر١.
٨٧٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا ابن أبي عمر، قال : حدثنا سفيان، عن عمرو، عن عكرمة، قال : كانت بدر متجرا في الجاهلية٢.
٨٧٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : حدثنا زياد، عن محمد بن إسحاق، وكان بدر موسما من مواسم العرب، يجتمع لهم سوق، كل عام، فيقيم ثلاثا.
٨٧٦- حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال : حدثنا سعيد بن سليمان، قال : حدثنا خالد، عن عمرو بن يحيى، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عامر بن ربيعة، قال : كانت بدر يوم الاثنين، صبيحة سبع عشرة، من رمضان.
٨٧٧- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن يونس، قال : حدثنا أبو عوانة، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله بن مسعود، قال : صبيحة تسع عشرة من رمضان صبيحة بدر.
٨٧٨- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ وأنتم أذلة ﴾ قال : قليل عددكم في عدد الكفار يوم بدر.
٨٧٩- حدثنا الدبري قال : حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، قال : التقوا ببدر أصحاب رسول الله يومئذ، ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، والمشركون بين الألف والتسع مائة، وكان ذلك يوم الفرقان.
٨٨٠- حدثنا الدبري، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، قال : أخبرني أيوب، عن عكرمة، أن أبا سفيان أقبل من الشام، في عير قريش، وخرج المشركون مغوثين لعيرهم.
وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم يريد أبا سفيان وأصحابه، فأرسل رسول الله رجلين من أصحابه عينا طليعة، ينظران بأي ماء هو ؟ فانطلقا حتى إذا علما علمه، وأخبرا خبره، جاءا سريعين، فأتوا النبي صلى الله عليه و سلم بخبره، وجاء أبو سفيان حتى نزل على الماء الذي كان به الرجلان، فقال لأهل الماء : هل أحسستم أحدا من أهل يثرب ؟ قالوا : لا، قال : فهل مر بكم أحد ؟ قالوا : ما رأينا إلا رجلين، من أهل كذا وكذا، قال أبو سفيان : فأين كان مناخهما٣ ؟ فدلوه عليه، فانطلق حتى أتى بعر إبلهما ففته، فإذا فيه نوى، فقال : أنى لبني فلان النوى ؟ هذه نواضح٤ أهل يثرب  !، فترك الطريق، وأخذ سيف البحر٥، وجاء الرجلان إلى النبي صلى الله عليه و سلم، فأخبراه خبره، فقال : أيكم أخذ هذا الطريق ؟ فقال أبو بكر : أما هو بماء كذا وكذا، ونحن بماء كذا وكذا، فنرتحل فننزل ماء كذا وكذا، ونرتحل فينزل بماء كذا وكذا، ثم نلتقي بماء كذا وكذا، كفرسي رهان.
فسار النبي صلى الله عليه و سلم حتى نزل بدرا فوجد على ماء بدر بعض رقيق من قريش، ممن خرج يغيث أبا سفيان، فأخذهم أصحابه، فجعلوا يسألونهم، فإذا صدقوهم ضربوهم، وإذا كذبوهم تركوهم، فمر بهم النبي صلى الله عليه و سلم وهم يفعلون ذلك، فقال : إن صدقوكم ضربتموهم، وإن كذبوكم تركتموهم، ثم دعا واحدا منهم فقال : من يطعم القوم ؟ فقال : فلان وفلان، فعدد رجالا يطعمهم كل رجل يوما. فقال : فكم ينحر لهم ؟ قال : عشرا من الجزائر. قال النبي صلى الله عليه و سلم : الجزور لمائة، وهم بين الألف والتسع مائة.
فلما جاء المشركون وصافوهم، وكان النبي صلى الله عليه و سلم قد استشار قبل ذلك في قتالهم، فقام أبو بكر يشير عليه، فأجلسه، ثم استشارهم، فقام عمر ليشير عليه فأجلسه، ثم استشارهم، فقام سعد بن عبادة، فقال : يا نبي الله والله لكأنك تعرض بنا اليوم لتعلم ما في نفوسنا  ! والذي نفسي بيده لو ضربت أكبادها حتى تبلغ الغماد٦ من ذي يمن، لكنا معك. فوطن رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه على الصبر والقتال، وسر بذلك منهم.
فلما التقوا سار في قريش عتبة بن ربيعة فقال : أي قوم أطيعوني اليوم، فلا تقاتلوا محمدا وأصحابه، فإنكم إن قاتلتموهم لم تزل بينكم أخية ما بقيتم وفساد، لا يزال الرجل منكم ينظر إلى قاتل أخيه وقاتل ابن عمه، فإن يكن ملكا أكلتم في ملك أخيكم، وإن يكن نبيا فأنتم أسعد الناس به، وإن يك كاذبا كفاكموه ذؤبان العرب، فأبوا أن يسمعوا مقالته، وأبوا أن يطيعوه. فقال : أنشدتكم الله في هذه الوجوه التي كأنها المصابيع أن يجعلوها أندادا لهذه الوجوه التي كأنها عيون الحيات ! !
فقال أبو جهل : لقد ملأت سحرك رعبا، ثم سار في قريش، فقال : إن عتبة بن ربيعة إنما يشير عليكم بهذا، لأن ابنه مع محمد، ومحمد ابن عمه، وهو يكره أن يقتل ابنه وابن عمه.
فغضب عتبة بن ربيعة، فقال : أي مصفر استه، ستعلم أينا أجبن وألأم وأفسد لقومه اليوم !.
ثم نزل ونزل معه أخوه شيبة بن ربيعة، وابنه الوليد بن عتبة فقالوا : أبرز إلينا أكفاءنا، فثار ناس من الأنصار من الخزرج، فأجلسهم النبي صلى الله عليه و سلم، فقام علي، وحمزة، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ابن عبد مناف، فاختلف كل واحد منهم وقرينه ضربتين، فقتل كل واحد منهما صاحبه، وأعان حمزة عليا على صاحبه، فقتله، وقطعت رجل عبيدة، فمات بعد ذلك. وكان أول قتيل قتل من المسلمين مهجع مولى عمر.
ثم أنزل الله نصره، وهزم عدوه، وقتل أبو جهل بن هشام فأخبر بقتله النبي صلى الله عليه و سلم فقال أفعلتم ؟ فقالوا : نعم يا نبي الله  ! فسر بذلك، فقال : إن عهدي به في ركبتيه حور فاذهبوا فانظروا هل ترون ذلك ؟ فنظروا فرأوه.
قال : فأسر يومئذ ناس من قريش، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالقتلى فجروا حتى ألقوا في قليب، ثم أشرف عليهم وقال : أي عتبة أي أمية بن خلف، فجعل يسميهم رجلا رجلا : هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟ قالوا : يا نبي الله أو يسمعون ما تقول ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم :«ما أنتم بأعلم بما أقول وأسمع منهم »  ! !. أي : أنهم قد رأوا أعمالهم٧.
قوله عز وجل :﴿ فاتقوا الله لعلكم تشكرون ﴾
[ آل عمران : ١٢٣ ]
٨٨١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ فاتقوا الله لعلكم تشكرون ﴾ أي : فاتقوني، فإنه شكر نعمتي٨.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/١٧٠ رقم ٧٧٧٤) وابن أبي حاتم (٣/٧٥٠ رقم ٤٠٨٢- ٤٠٨٣)..
٢ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٤٢ رقم ٤٨٧) وسعيد بن منصور (٥٤٣) وابن جرير (٧/٤١٢ رقم ٨٢٥٠)..
٣ - المناخ: الموضع الذي تناخ فيه الإبل. لسان العرب ٦/ مادة : نوخ..
٤ - النواضح: جمع ناضح وهو البعير أو الثور أو الحمار الذي يستقى عليه الماء، والأنثى بالهاء ناضحة وسانية. لسان العرب ٦/مادة: نضح..
٥ - أي: ساحله. لسان العرب ج٣ مادة : سيف ٥٤..
٦ - سبق التعريف به في برك الغماد وهو بلد باليمن دفن عنده عبد الله بن جرعان التيمي القرشي، وقيل: إنه أقصى حجر باليمن. معجم البلدان ١/٣٩٩ – ٤٠٠..
٧ - تنظر : سيرة ابن هشام (٢/٦١٤- ٦١٨)..
٨ - أخرجه ابن جرير (٧/١٧٢ رقم ٧٧٤٢) وابن أبي حاتم (٣/٧٥١ رقم ٤٠٩٠)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ إذ تقول للمؤمنين ﴾ الآية [ آل عمران : ١٢٤ ]
٨٨٢- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة :﴿ إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين ﴾ أمدوا بألف، ثم صاروا ثلاثة آلاف، ثم صاروا خمسة آلاف١.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/١٧٧ رقم ٧٧٥٤) وابن أبي حاتم (٣/٧٥٢) من طريق الربيع رقم ٤٠٩٦)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ بلى إن تصبروا وتتقوا ﴾ [ آل عمران : ١٢٥ ]
٨٨٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن سعيد، قال : أخبرنا وهب ابن جرير، قال : حدثنا أبي، عن علي بن الحكم، عن الضحاك، في قوله عز وجل :﴿ بلى إن تصبروا وتتقوا ﴾، يقول : إن صبرتم واتقيتم، أمدوكم بخمسة آلاف، وإنما ذلك موعود من الله عز وجل، إن صبروا واتقوا، ولم يفعلوا، وذلك يوم أحد فلم يأتهم المدد، فهزموا وقتلوا، وذلك استزلال الشيطان إياهم١.
٨٨٤- حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ﴾ أي : إن تصبروا لعدوي، وتطيعوا أمري٢.
٨٨٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا ابن أبي عمر، قال : حدثنا سفيان، عن عمرو، عن عكرمة، قال : لم يمد النبي صلى الله عليه و سلم يوم أحد ولا بملك واحد لقول الله عز وجل :﴿ بلى إن تصبروا وتتقوا ﴾ الآية٣.
قوله جل عز :﴿ ويأتوكم ﴾ [ آل عمران : ١٢٥ ]
٨٨٦- حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال : حدثنا عفان، قال : حدثنا حماد، عن داود، عن الشعبي، أن كرز بن جابر، قال أيام بدر لمشركي أهل مكة : إني ممدكم بقوم، فاشتد ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم، فأنزل الله جل ثناؤه :﴿ ألن يكفيكم ﴾ إلى قوله :﴿ ويأتوكم من فورهم هذا ﴾ يعني : كرز بن جابر٤.
٨٨٧- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ ويأتوكم من فورهم ﴾ وجههم هذا مددا لهم، أمدكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين٥.
قوله عز وجل :﴿ من فورهم هذا يمددكم ربكم ﴾
[ آل عمران : ١٢٥ ]
٨٨٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن سعيد، قال : حدثنا وهب ابن جرير، قال : حدثنا أبي، عن علي بن الحكم، عن الضحاك، أما قوله :﴿ ويأتوكم من فورهم هذا ﴾ تقول : من غضبهم، ووجههم هذا٦.
٨٨٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا وكيع، عن مالك بن مغول، قال : سمعت أبا صالح يقول :﴿ ويأتوكم من فورهم هذا ﴾. قال : من غضبهم٧.
٨٩٠- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، في قوله عز وجل :﴿ من فورهم هذا ﴾. قال : من وجههم هذا٨.
قوله عز وجل :﴿ بخمسة آلاف من الملائكة ﴾
[ آل عمران : ١٢٥ ]
٨٩١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق : قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد.
قال زكريا : وحدثنا محمد بن رافع، قال : حدثنا شبابة، قال : حدثني ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال : لم يقاتلوا معهم يومئذ الملائكة، ولا قبله ولا بعده، إلا يوم بدر.
٨٩٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا يزيد بن صالح، قال : قال خارجة، قال داود : عن الشعبي، قال : بلغ كرز بن جابر هزيمة المشركين، يعني ببدر، فلم يمددهم، ولم يمدهم الله بخمسة آلاف٩.
قوله عز وجل :﴿ مسومين ﴾ [ آل عمران : ١٢٥ ]
٨٩٣- حدثنا موسى، قال : حدثنا عبد الأعلى، قال : حدثنا مسلم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله عز وجل :﴿ بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ﴾، قال : معلمين، مجززة أذناب خيلهم ونواصيها، فيها كالصوف العهن، وذلك التسويم١٠.
٨٩٤- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا قيس، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن علي، قال : سيما الملائكة يوم بدر الصوف الأبيض، في أذناب الخيل ونواصيها١١.
٨٩٥- حدثنا ابن بنت منيع، قال : حدثنا هدبة بن خالد، قال : حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، في قول الله عز وجل :﴿ مسومين ﴾ قال : بالعهن الأحمر١٢.
٨٩٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عبيد الله بن سعد، قال : حدثنا أبو أسامة، قال : حدثنا هشام، عن عباد بن حمزة، قال : كان على الزبير، يوم بدر ريطة صفراء معتجرا بها، ونزلت الملائكة عليها عمائم صفر، مثل سيما الزبير١٣.
٨٩٧- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة ﴿ بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ﴾. أي : معلمين، المسوم : الذي له سيما، بعمامة، أو بصوفة، أو بما كان١٤.
١ - أخرج ابن جرير بنحوه (٧/١٨٠ رقم ٧٧٦١). وابن أبي حاتم (٣/٧٥٢ رقم ٤٠٩٨)..
٢ - انظر : سيرة ابن هشام ٢/١٠٧)..
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/١٨٠ رقم ٧٧٦٠)..
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/١٧٤ رقم ٧٧٤٦)..
٥ - سيرة ابن هشام (٢/١٠٧)..
٦ - أخرجه ابن جرير (٧/١٨٣ رقم ٧٧٧٥)..
٧ - أخرجه ابن جرير (٧/١٨٢ رقم ٧٧٧٢)..
٨ - أخرجه ابن جرير (٧/١٨١ رقم ٧٧٦٥)..
٩ - أخرجه ابن جرير (٧/١٧٤ رقم ٧٧٤٦)..
١٠ - أخرجه ابن أبي شيبة (١٢/٢٦١ رقم ١٢٧٦٧)، وابن جرير (٧/١٨٧ رقم ٧٧٧٨)، وابن أبي حاتم (٣/٧٥٤ رقم ٤١١١)..
١١ - أخرجه ابن أبي شيبة (١٢/٢٦١ رقم ١٢٧٦٩)، وابن أبي حاتم (٣/٧٥٤ رقم ٤١٠٦)..
١٢ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٥٤ رقم ٤١٠٨)..
١٣ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٣٥ رقم ٤٥١)، وابن جرير (٧/١٨٨ رقم ٧٧٩٠)..
١٤ - مجاز القرآن (١/١٠٣)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ وما جعله الله إلا بشرى لكم ﴾ الآية
[ آل عمران : ١٢٦ ]
٨٩٨- حدثنا موسى، قال : حدثنا عبد الأعلى، قال : حدثنا مسلم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ إلا بشرى لكم ﴾ يقول : إنما جعلناهم ؛ لتستبشروا بهم، وتطمئنوا إليهم، قال : ولم يقاتلوا معهم١.
قوله عز وجل :﴿ وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ﴾
[ آل عمران : ١٢٦ ]
٨٩٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به ﴾ لما عرف من ضعفكم ﴿ وما النصر إلا من عند الله ﴾ سلطاني وقدرتي، وذلك أن الفوز والحكم إلي، لا إلى أحد من خلقي٢.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/١٩١ رقم ٧٧٩٣). وابن أبي حاتم (٣/٧٥٥ رقم ٤١١٦)..
٢ - سيرة ابن هشام (٢/١٠٨) وأخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٥٥ رقم ٤١١٨)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ ليقطع طرفا من الذين كفروا ﴾
[ آل عمران : ١٢٧ ]
٩٠٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا يزيد بن صالح، عن خارحة، عن سعيد، عن قتادة، قال زكريا : وحدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة قوله عز وجل :﴿ ليقطع طرفا من الذين كفروا ﴾ قال : قطع الله يوم بدر طرفا من الكفار، وقتل صناديدهم، ورؤساءهم، وقادتهم في الشر١.
٩٠١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ ليقطع طرفا من الذين كفروا ﴾ أي : ليقطع طرفا من المشركين، بقتل ينتقم به منهم٢.
قوله عز وجل :﴿ أو يكبتهم فينقلبوا خائبين ﴾
[ آل عمران : ١٢٧ ]
٩٠٢- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ أو يكبتهم ﴾ قال : يخزيهم.
وكذلك قال قتادة.
٩٠٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ ليقطع طرفا ﴾ إلى ﴿ أو يكبتهم فينقلبوا خآئبين ﴾ أي : ليقطع طرفا من المشركين، بقتل ينتقم به منهم، أو يردهم خائبين، أي : ويرجع من بقي منهم خائبين، ولن ينالوا شيئا، مما كانوا يأملون٣.
٩٠٤- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم ﴾، تقول العرب : كبته الله لوجهه، أي : صرعه الله٤.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/١٩٢ رقم ٧٧٩٦) وابن أبي حاتم (٣/٧٥٦ رقم ٤١٢٠)..
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/١٩٣ رقم ٧٨٠١)..
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/١٩٣ رقم ٧٨٠١).
.

٤ - مجاز القرآن (١/١٠٣)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ ليس لك من الأمر شيء ﴾
[ آل عمران : ١٢٨ ]
٩٠٥- حدثنا أبو حاتم، محمد بن إدريس بن المنذر، قال : حدثنا الأنصاري محمد بن عبد الله، قال : حدثني حميد الطويل، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضربت رباعيته يوم أحد وشج في وجهه، فجعل يمسح الدم عن وجهه، وهو يقول : كيف يصلح أو يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم ؟ ! وهو يدعو إلى الله عز وجل فأنزل الله جل ثناؤه :﴿ ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ﴾١.
٩٠٦- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال : كسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وشج، فجعل الدم يسيل على وجهه، فجعل يمسح الدم، ويقول : كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم، وهو يدعوهم إلى ربهم ؟ !. فأنزل الله عز وجل في ذلك :﴿ ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ﴾ ٢.
٩٠٧- قال محمد بن إسحاق : وحدثني عبد الواحد بن أبي عون، عن إسماعيل بن محمد، عن٣ سعد بن أبي وقاص، قال : مر رسول الله صلى الله عليه و سلم بامرأة من بني دينار، وقد أصيب زوجها، وأخوها، وأبوها، مع رسول الله صلى الله عليه و سلم، بأحد، فلما نعوا لها قالت : فما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟. قالوا : خيرا يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين. قالت : أرونيه حتى أنظر إليه، قال : فأشير لها إليه حتى إذا رأته قالت : كل مصيبة بعدك جلل٤.
فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أهله ناول سيفه ابنته فاطمة فقال : اغسلي هذا من دمه يا بنية، وناولها علي سيفه، وقال : وهذا، فاغسلي عنه، فوالله لقد صدقني اليوم !.
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لئن كنت صدقت القتال، لقد صدق معك سهل بن حنيف وأبو دجانة سماك بن خرشة٥.
- قال ابن إسحاق : وكان أبو دجانة حين أخذ السيف من يد رسول الله صلى الله عليه و سلم، قد قاتل به قتالا شديدا، وقال أبو دجانة :
إني امرؤ عاهدني خليلي ونحن بالسفح لدى النخيل
أن لا أقوم الدهر في الكيول٦ أضرب بسيف الله، والرسول
قال ابن إسحاق : قال الله جل ثناؤه لمحمد صلى الله عليه و سلم :﴿ ليس لك من الأمر شيء ﴾ أي : ليس لك من الحكم شيء في عبادتي، إلا ما أمرتك به فيهم، أو يتوب عليهم برحمتي، فإن شئت فعلت، أو أعذبهم بذنوبهم، فبحقي ﴿ فإنهم ظالمون ﴾٧.
٩٠٨- حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، أن رباعية النبي صلى الله عليه و سلم أصيبت يوم أحد، أصابها عتبة بن أبي وقاص، وشجه في وجهه، فكان سالم مولى أبي حذيفة، يغسل عن النبي صلى الله عليه و سلم الدم، والنبي صلى الله عليه و سلم يقول : كيف يفلح قوم صنعوا هذا بنبيهم ؟ !. فأنزل الله جل ثناؤه :﴿ ليس لك من الأمر شيء ﴾ إلى قوله ﴿ ظالمون ﴾ ٨.
٩٠٩- أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال : أخبرني سعيد ابن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، أنهما سمعا أبا هريرة يقول : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر، من القراءة، ويكبر، ويرفع رأسه، يقول :«سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد »، ثم يقول : وهو قائم «اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين. اللهم اشدد وطأك على مضر، واجعلها عليهم كسني يوسف، اللهم العن لحيان، ورعلا، وذكوان وعصية٩ عصت الله ورسوله » ثم بلغنا أنه ترك ذلك، لما نزلت هذه الآية :﴿ ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ﴾١٠.
قوله عز وجل :﴿ أو يتوب عليهم أو يعذبهم ﴾ الآية
[ آل عمران : ١٢٨ ]
٩١٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق، قال : قال الله لمحمد صلى الله عليه و سلم :﴿ ليس لك من الأمر شيء ﴾. الآية. أي : ليس لك من الحكم شيء في عبادي، إلا ما أمرتك به فيهم ﴿ أو يتوب عليهم ﴾ برحمتي، فإن شئت فعلت ﴿ أو أعذبهم ﴾ بذنوبهم، فبحقي ﴿ فإنهم ظالمون ﴾ أي : قد استحلوا ذلك بمعصيتهم إياي١١.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٥٦ رقم ٤١٢٤)..
٢ - سيرة ابن هشام (٢/٧٩ – ٨٠)، وذكره البخاري تعليقا (قبل رقم ٤٠٦٩) ومسلم (١٧٩١)..
٣ - في الأصل :(بن)..
٤ - جلل أي: يسير هين وهي من الأضداد، وتأتي بمعنى عظيم. ينظر القاموس المحيط (جلل ص ١٢٦٤)..
٥ - سيرة ابن هشام (٢/٩٩-١٠٠)..
٦ - الكيول: كالعيوف آخر صفوف الحرب. القاموس مادة : كيل (ص ١٣٦٣)..
٧ - سيرة ابن هشام (٢/٦٨ – ٦٩، ١٠٨)..
٨ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٣٥ رقم ٤٥٢) وابن جرير بمعناه (٧/١٩٧ رقم ٧٨١١)..
٩ - لحيان، ورعل، وذكوان، وعصية: أسماء قبائل..
١٠ - أخرجه البخاري (٨/١٧٠- ١٧١ ومسلم (١/١٨٧)..
١١ - سيرة ابن هشام (٢/١٠٨) وأخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٥٧ رقم ٤١٣٠)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ ولله ما في السماوات وما في الأرض ﴾ الآية
[ آل عمران : ١٢٩ ]
٩١١- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم ﴾ أي : يغفر الذنوب، ويرحم العباد على ما فيهم١.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٠٣ رقم ٧٨٢٢) وابن أبي حاتم (٣/٧٥٨ رقم ٤١٣٦، ٤١٣٧)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة ﴾
[ آل عمران : ١٣٠ ]
٩١٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا وكيع، عن سفيان عن ابن جريج، عن مجاهد، قال : كانوا يتبايعون إلى الأجل، فإذا حل الأجل باعوا إلى أجل آخر، فنزلت :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة ﴾١.
٩١٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن المثنى، قال : حدثنا المؤمل، قال : حدثنا سفيان، قال : حدثنا ابن جريج، عن عطاء، قال : كانت ثقيف٢ تداين بني المغيرة٣، في الجاهلية، فإذا جاء الأجل، قالوا : نربيكم وتؤخرون عنا، فنزلت :﴿ لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة ﴾٤.
قوله جل وعز :﴿ واتقوا الله لعلكم تفلحون ﴾
[ آل عمران : ١٣٠ ]
٩١٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ واتقوا الله لعلكم تفلحون ﴾ أي : أطيعوا الله لعلكم أن تنجوا، مما حذركم من عذابه، وتدركوا ما رغبكم فيه، من ثوابه٥.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٥٩ رقم ٤١٣٨)..
٢ - ثقيف: قيبلة منازلها في جبل الحجاز، بين مكة والطائف، وعلى الأصح بينه وبين جبال الحجاز وتنقسم إلى بطون. معجم قبائل العرب (١/١٤٧)..
٣ - بنو المغيرة: بطن من مخزوم من العدنانية وهم بنو المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. معجم قبائل العرب (٣/١١٢٩)..
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٠٤ رقم ٧٨٢٣)..
٥ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٦٠ رقم ٤١٤٦)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ واتقوا النار التي أعدت للكافرين ﴾
[ آل عمران : ١٣١ ]
٩١٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، قال : حدثنا أبو قطن، قال : حدثنا الهيثم بن الفضل، عن معاوية بن قرة، قال : كان الناس يتناولون هذه الآية :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون. واتقوا النار التي أعدت للكافرين ﴾ يقول : لا أعذبكم في النار التي أعدت للكافرين١.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٦٠ رقم ٤١٤٧)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ﴾
[ آل عمران : ١٣٢ ]
٩١٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ﴾ معاتبة للذين عصوا رسوله، حين أمرهم، بما أمرهم به، في ذلك اليوم، وفي غيره١.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٦١ رقم ٤١٥٢).
.

آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ﴾ الآيات
[ آل عمران : ١٣٣ ]
٩١٧- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن عطاء :﴿ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ﴾، قال المسلمون : أي رسول الله  ! أبنو إسرائيل كانوا أكرم على الله منا ؟ ! قال : كانوا إذا أذنب أحدهم ذنبا، أصبح كفارة ذنبه مكتوبة في عتبة بابه : اجدع أنفك، اجدع أذنك، افعل كذا وكذا، فلما نزلت هؤلاء الآيات الأربع، أولهن :﴿ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ﴾ قال النبي صلى الله عليه و سلم :«ألا أخبركم بخير من ذلك » ثم تلا هذه الآيات عليهم١.
قوله عز وجل :﴿ وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ﴾
[ آل عمران : ١٣٣ ]
٩١٨- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أبو نعيم، قال : حدثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال : جاءت اليهود إلى عمر، فقالوا :﴿ وجنة عرضها السماوات والأرض ﴾ فأين النار ؟ ! قال : أرأيتم إذا جاء الليل أين يكون النهار ؟ ! قالوا : انتزعها من مثلها، من التوراة.
٩١٩- حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، قال : حدثنا أبو عمر الحوضي، قال : حدثنا شعبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال : جاء ثلاثة من رهابنة نجران إلى عمر، فقالوا : أرأيتم قولكم :﴿ وجنة عرضها السماوات والأرض ﴾ فأين النار يومئذ ؟ فكأن من حول عمر فحموا، فلم يدروا ما يجيبونهم به، فقال عمر : أرأيتم الليل إذا جاء فأين النهار ؟ ! قالوا : لقد نزعت مثلها من التوراة٢.
٩٢٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا حميد، قال : حدثنا هشيم بن القاسم أو هاشم بن القاسم، قال : حدثني سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم بسيسة٣ عينا، ينظر ما صنعت عير أبي سفيان، فجاء، وما في المسجد غيري، وغير رسول الله صلى الله عليه و سلم ( قال : لا أدري  ! هل استثنى بعض نسائه ) قال : فحدث الحديث، قال : فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال :«إن لنا طلبة٤ فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا » فجعل رجال يستأذنونه في ظهور لهم٥، في علو المدينة. فقال : لا وقال : إلا من كان ظهره حاضرا.
فانطلق رسول الله وأصحابه، حتى سبقوا المشركين إلى بدر وجاء المشركون، فقال : رسول الله صلى الله عليه و سلم :«لا يقدمن أحد منكم إلى شيء، حتى أكون أنا أؤذنه٦ »، فدنا المشركون، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض » قال : يقول عمير بن الحمام الأنصاري : يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض ؟ ! قال : نعم، قال : بخ بخ٧  ! ! فقال رسول الله : يا عمير ما حملك على قولك : بخ بخ ؟ ! قال : لا والله يا رسول الله، إلا رجاء أن أكون من أهلها. قال : فإنك من أهلها. قال : فأخرج تمرات، من قرنه٨، فجعل يأكل منهن، ثم قال : لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة، قال : فرمى بما كان معه من التمر : ثم قاتلهم حتى قتل٩.
٩٢١- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا عبد الله بن عون الخراز، قال : حدثنا عثمان بن مطر الشيباني، قال : حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك، في قوله جل ثناؤه :﴿ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ﴾ قال : التكبيرة الأولى.
قوله عز وجل :﴿ أعدت للمتقين ﴾ [ آل عمران : ١٣٣ ]
٩٢٢- حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ﴾، أي : دار لمن أطاعني، وأطاع رسولي١٠.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٢١٠ رقم ٧٨٣٢).
.

٢ - أخرجه ابن جرير (٧/٢١١ رقم ٧٨٣٣)..
٣ - «بسيسة»: قال القاضي عياض: هكذا هو في جميع النسخ، قال: والمعروف في كتب السيرة: بسبس، وهو بسبس بن عمرو، ويقال: ابن بشير من الأنصار، من الخزرج. ويقال: حليف لهم. قلت (أي الإمام النووي): يجوز أن يكون أحد اللفظين اسما والآخر لقبا. شرح النووي على مسلم (١٣/٣٩ الحديث ١٩٠١)..
٤ - طلبة: أي شيء نطلبه..
٥ - ظهور لهم، أي: مركوبات..
٦ - في صحيح مسلم ((حتى أكون أنا دونه)) أي: قدامه متقدما في ذلك الشيء، لئلا يفوت شيء من المصالح التي لا تعلمونها.
.

٧ - بخ بخ، كلمة تقال عند الرضى والإعجاب بالشيء أو الفخر والمدح..
٨ - قرنه: جعبة النشاب..
٩ - أخرجه مسلم (١٩٠١)..
١٠ - أخرجه ابن جرير (٧/٢١٣ رقم ٧٨٣٧) وأخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٦٢ رقم ٤١٦٠)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ الذين ينفقون في السراء والضراء ﴾
[ آل عمران : ١٣٤ ]
٩٢٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة.
- قال زكريا : وحدثنا يزيد بن صالح، عن خارجة، عن سعيد، عن قتادة، في قول الله عز وجل :﴿ الذين ينفقون في السراء والضراء ﴾ الآية، قال : هؤلاء قوم أنفقوا في العسر، واليسر، والجهد، والرخاء، فمن استطاع أن يغلب الشر بالخير، فليفعل، ولا قوة إلا بالله١.
٩٢٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : حدثت عن ابن حيان، في قوله عز وجل :﴿ الذين ينفقون في السراء والضراء ﴾ قال : في اليسر والعسر٢.
قوله عز وجل :﴿ والكاظمين الغيظ ﴾ [ آل عمران : ١٣٤ ]
٩٢٥- أخبرنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، قال : أخبرنا داود بن قيس، عن زيد بن أسلم، عن رجل من أهل الشام، يقال له : عبد الجليل، عن عم له، عن أبي هريرة، في قوله عز وجل :﴿ والكاظمين الغيظ ﴾ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :«من كظم غيظا، وهو يقدر على إنفاذه، ملأه الله أمنا وإيمانا »٣.
٩٢٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة.
- قال زكريا، وحدثنا يزيد بن صالح، عن خارجة، عن سعيد، عن قتادة :﴿ والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ﴾ قال : فمن استطاع أن يغلب الشر بالخير فليفعل، ولا قوة إلا بالله، فنعمت - والله – الجرعة، يتجرعها ابن آدم من صبر، وأنت مغيظ، وأنت مظلوم٤.
٩٢٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : وحدثت عن ابن حيان، في قوله عز وجل :﴿ والكاظمين الغيظ ﴾ قال : يغيظون في الأمر، لو دفعوا به، لكانت معصية لله، فيغفرون ذلك، ويعفون عن الناس، ومن يفعل ذلك، فهو محسن٥.
قوله عز وجل :﴿ والعافين عن الناس ﴾[ آل عمران : ١٣٤ ]
٩٢٨- حدثنا حامد بن أبي حامد، قال : حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي، عن أبي جعفر، عن ربيع بن أنس، في قول الله جل ثناؤه :﴿ والعافين عن الناس ﴾ قال : المملوكين٦.
قوله عز وجل :﴿ والله يحب المحسنين ﴾ [ آل عمران : ١٣٤ ]
٩٢٩- حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق :﴿ الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ﴾ أي : وذلك الإحسان، وأنا أحب من عمل به٧.
٩٣٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : وحدثت عن ابن حيان، في قوله عز وجل :﴿ الذين ينفقون ﴾ قرأ حتى ﴿ والله يحب المحسنين ﴾ قال : يغيظون في الأمر، فيغفرون، ويعفون عن الناس، ومن يفعل ذلك فهو محسن، والله يحب المحسنين.
بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عند ذلك : " إن في أمتي هؤلاء قليل، إلا من عصمه الله، وكانوا في الأمم التي مضت كثير " ٨.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٢١٥ رقم ٧٨٤٠) وابن أبي حاتم (٣/٧٦٣ رقم ٤١٦٤)..
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/٢١٤ رقم ٧٨٣٨)، وابن أبي حاتم (٣/٧٦٢ رقم ٤١٦٢)..
٣ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٣٢)، وابن جرير (٧/٢١٦ رقم ٧٨٤٢)..
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/٢١٥ رقم ٧٨٤٠)..
٥ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٦٣ رقم ٤١٦٧)..
٦ - أخرجه ابن أبي حاتم إلا أن قائله أبو العالية وليس الربيع كما عند المؤلف..
٧ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٦٣ رقم ٤١٦٩)..
٨ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٦٣ رقم ٤١٦٨)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
[ قوله عز وجل :﴿ والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ﴾ ]١
[ آل عمران : ١٣٥ ]
٩٣١- حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، قوله عز وجل :﴿ والذين إذا فعلوا فاحشة ﴾ أي : أتوا فاحشة، ﴿ أو ظلموا أنفسهم ﴾، بمعصية٢.
٩٣٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن رافع، قال : حدثنا زيد ابن الحباب، قال : أخبرنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن جابر بن زيد :﴿ والذين إذا فعلوا فاحشة ﴾ زنا القوم، ورب الكعبة٣.
٩٣٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا وكيع، قال : حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، في قوله عز وجل :﴿ والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ﴾ قال : الظلم : الفاحشة، والفاحشة : الظلم٤.
قوله عز وجل :﴿ ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ﴾ [ آل عمران : ١٣٥ ]
٩٣٤- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا حجاج، قال : حدثنا حماد، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، أنه ذكر عنده بنو إسرائيل، وما فضلهم الله به، فقال : كان بنو إسرائيل إذا أذنب أحدهم ذنبا، أصبح وقد كتب كفارة ذنبه، على أسكفة٥ بابه، وجعل الله كفارة ذنوبكم قولا تقولونه، تستغفرون الله، فيغفر لكم، وقد فضلكم الله عليهم، وكان إذا أصاب جسد أحدهم من بوله شيء، قرضه بالمقراض، وجعل لكم الأرض طهورا، فقد فضلكم الله عليهم، والذي نفسي بيده، لقد أعطا الله هذه الأمة، آية لهي أحب إلي لهم من الدنيا، وما فيها ﴿ والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ﴾ إلى آخر الآية.
٩٣٥- حدثنا يحيى بن محمد، قال : حدثنا مسدد بن مسرهد أبو الحسن الشرمكي قال : حدثنا أبو عوانة، عن عثمان بن المغيرة الثقفي، عن علي بن ربيعة الأسدي، عن أسماء بن الحكم الفزاري، قال : سمعت عليا يقول : كنت رجلا إذا سمعت من رسول الله حديثا نفعني الله به، بما شاء أن ينفعني، وإذا حدثني أحد من أصحابه استحلفته فإذا حلف لي صدقته، قال : حدثني أبو بكر، وصدق أبو بكر أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :«ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور، ثم يقوم، فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله، إلا غفر له »، ثم قرأ هذه الآية :﴿ والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ﴾ إلى آخر الآية٦.
٩٣٦- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد بن منصور، قال : حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن علقمة، والأسود قالا : قال عبد الله : إن في كتاب الله عز وجل لآيتين، ما أذنب عبد ذنبا، فقرأهما : فاستغفر الله إلا غفر الله له ﴿ والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ﴾ وقوله :﴿ ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ﴾٧.
قوله عز وجل :﴿ ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ﴾
[ آل عمران : ١٣٥ ]
٩٣٧- حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا أبو معاوية، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ ولم يصروا على ما فعلوا ﴾ قال : لم يقيموا٨ على ذنب٩.
٩٣٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة.
- قال زكريا : وحدثنا يزيد بن صالح، عن خارجة، عن سعيد، عن قتادة، قوله :﴿ والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ﴾ الآية. قال : إياكم والإصرار، فإنما هلك المصرون الماضون قدما، لا ينهاهم مخافة الله عن حرام حرمه الله عليهم ولا يتوبون من ذلك١٠ حتى أتاهم الموت وهم على ذلك١١.
٩٣٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ﴾، بمعصية ﴿ ذكروا ﴾ ما نهى الله عز وجل عنها، وما حرمت عليهم منها، فاستغفروه بها، وعرفوا أنه لا يغفر الذنوب إلا هو، ﴿ ولم يصروا على ما فعلوا ﴾، أي : لم يقيموا على معصيتهم، كفعل من أشرك بي، فيما عملوا به من كفري، ﴿ وهم يعلمون ﴾ ما حرمت عليهم من عبادة غيري ﴿ أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم ﴾ الآية١٢.
١ ما بين المعقوفين زدته على طريقة المؤلف رحمه الله عند ابتداء تفسير آية جديدة، حيث لم يذكر في هذا الموضع..
٢ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٦٤ رقم ٤١٧٠)..
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٢١٨ رقم ٧٨٤٦) وابن أبي حاتم (٣/٧٦٤ رقم ٤١٧٢)..
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/٢١٨ رقم ٧٨٤٨) وابن أبي حاتم (٣/٧٦٤ رقم ٤١٧٣)..
٥ - المراد بها خشبة الباب التي يوطأ عليها، ولعله يعني العتبة. ينظر القاموس (سكف ص ١٠٦٠)..
٦ - أخرجه الطيالسي (ص ٢ رقم ١، ٢)، وابن أبي شيبة (٢/٣٨٧)، وأحمد (١/٢، ٨)، وعبد بن حميد (المنتخب ق٦٧)، وأبو داود (١٥٢١)، والترمذي (٣٠٠٦)، والنسائي في التفسير (١/٣٣٠ رقم ٩٨)، وابن ماجة (١٣٩٥)، والبزار في مسنده (رقم ٦-١١)، وابن حبان (٦٢٣)، والدارقطني في العلل (رقم ٨)..
٧ - الآية: ١١٠ من سورة النساء..
٨ كذا في م، وفي الأصل: «يعتمدا»..
٩ - أخرجه ابن جرير بنحوه (٧/٢٢٤ رقم ٧٨٦١). وابن أبي حاتم (٣/٧٦٦ رقم ٤١٨٥)..
١٠ - في الأًصل زيادة :«أصابوه»..
١١ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٢٣ رقم ٧٨٥٧). وابن أبي حاتم بنحوه (٣/٧٦٦ رقم ٤١٨٦)..
١٢ - سيرة ابن هشام (٢/١٠٩)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم ﴾ الآية
[ آل عمران : ١٣٦ ]
٩٤٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : حدثت عن ابن حيان في قوله عز وجل :﴿ أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم ﴾ قال : جعل جزاءهم ﴿ وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين ﴾. يقول : أجر العاملين بطاعة الله١.
٩٤١- حدثنا علي بن أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد ابن إسحاق :﴿ ونعم أجر العاملين ﴾ أي : ثواب المطيعين٢.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٦٨ رقم ٤١٩٨)..
٢ - سيرة ابن هشام (٢/١٠٩) وأخرجه ابن جرير (٧/٢٢٧ رقم ٧٨٦٦)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ قد خلت من قبلكم سنن ﴾
[ آل عمران : ١٣٧ ]
٩٤٢- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا عبد الأعلى، قال : حدثنا مسلم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله عز وجل :﴿ قد خلت من قبلكم سنن ﴾. قال : تداول، من الكفار والمؤمنين، والخير والشر١.
٩٤٣- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ قد خلت ﴾ قد مضت. ﴿ سنن ﴾ أي : أعلام٢.
قوله عز وجل :﴿ فسيروا في الأرض ﴾ [ آل عمران : ١٣٧ ]
٩٤٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة :﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ﴾ يقول : بما متعهم في الدنيا قليلا، ثم صيرهم إلى النار٣.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٢٩ رقم ٧٨٦٨) وابن أبي حاتم (٣/٧٦٨ رقم ٤٢٠١)..
٢ - مجاز القرآن: (١/١٠٣)..
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٣٠ رقم ٧٨٧١) وابن أبي حاتم (٣/٧٦٩ رقم ٤٢٠٥، ٤٢٠٦)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ هذا بيان للناس ﴾ [ آل عمران : ١٣٨ ]
٩٤٥- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد، قال : حدثنا خالد ابن عبد الله، عن بيان، عن الشعبي عامر، في قوله عز وجل :﴿ هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين ﴾ قال : بيان من العمى، وهدى من الضلالة، وموعظة من الجهل١.
٩٤٦- حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا أزهر بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ هذا بيان للناس ﴾ هذا تفسير للناس إن قبلوه٢.
٩٤٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة، في قوله عز وجل :﴿ هذا بيان للناس ﴾ وهو هذا القرآن، جعله الله بيانا للناس عامة، وهدى وموعظة للمتقين خاصة٣.
٩٤٨- حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وهدى وموعظة للمتقين ﴾، أي : نور وأدب للمتقين، ﴿ للمتقين ﴾ لمن أطاعني، وعرف أمري٤.
٩٤٩- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، قال : ذكر المصيبة التي نزلت بهم، والبلاء الذي أصابهم، والتمحيص لما كان فيهم، واتخاذه الشهداء منهم، فقال تعزية لهم، وتعريفا فيما صنعوا، وما هو صانع بهم :﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ﴾ أي : قد مضت مني وقائع نقمة، في أهل التكذيب لرسلي والشرك بي، في عاد، وثمود، وقوم لوط، وأصحاب مدين، فرأوا مثلات قد مضت مني فيهم، ولمن كان على مثل ما هم عليه، مثل ذلك مني، وإن أمليت لهم، أي : لا تظنوا أن نقمتي انقطعت عن عدوكم وعدوي، للدولة٥ التي أدلتهم بها عليكم، لأبتليكم بذلك، لأعلم ما عندكم، ثم قال :﴿ هذا بيان للناس ﴾ إن قبلوه٦.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٣٣ رقم ٧٨٨١) وابن أبي حاتم (٣/٧٦٩ رقم ٤٢٠٧)..
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٣٣ رقم ٧٨٧٨)، وابن أبي حاتم (٣/٧٦٩ رقم ٤٢٠٩)..
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٣٢ رقم ٧٨٧٤) وابن أبي حاتم (٣/٧٧٠ رقم ٤٢١٦)..
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٣٣ رقم ٧٨٨٣). وابن أبي حاتم (٣/٧٧٠ رقم ٤٢١٧)..
٥ - الإدالة : الغلبة، يقال: أديل لنا على عدونا، أي: نصرنا عليهم. والدولة: الانتقال من حال إلى حال في الحرب وغيرها..
٦ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٣٣ رقم ٧٨٧٨)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ ولا تهنوا ﴾ [ آل عمران : ١٣٩ ]
٩٥٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ ولا تهنوا ﴾، قال : لا تضعفوا١.
٩٥١- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ ولا تهنوا ﴾ أي : لا تضعفوا. هو من الوهن٢.
٩٥٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة :﴿ ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ﴾ قال : يعزي أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم كما تسمعون، ويحثهم على قتال عدوهم، وينهاهم عن العجز والوهن في طلب عدوهم، وفي سبيل الله٣.
٩٥٣- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ ولا تهنوا ولا تحزنوا ﴾ أي : لا تضعفوا، ولا تأسوا على ما أصابكم، ﴿ وأنتم الأعون ﴾ أي : لكم العاقبة والظهور، ﴿ إن كنتم مؤمنين ﴾ أي : إن كنتم صدقتم بما جاءكم به عني. ٤
قوله عز وجل :﴿ ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ﴾
[ آل عمران : ١٣٩ ]
٩٥٤- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ ولا تحزنوا وأنتم الأعلون ﴾ قال : انهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم في الشعب يوم أحد فسألوا : ما فعل النبي صلى الله عليه و سلم ؟ وقالوا وما فعل فلان وفلان ؟ فنعي بعضهم لبعض، وتحدثوا أن النبي صلى الله عليه و سلم قتل، فكانوا في هم وحزن.
فبينما هم كذلك، علا خالد بن الوليد، بخيل المشركين فوقهم على الجبل، وكان على أحد مجنبتي المشركين وهم أسفل من الشعب، (. . . )٥ المؤمنون، فلما رأوا النبي صلى الله عليه و سلم فرحوا، فقال النبي صلى الله عليه و سلم :«اللهم لا قوة لنا إلا بك، وليس أحد يعبدك بهذا البلد، غير هؤلاء، فلا تهلكهم فلا يعبدك أحد، بهذه البلدة » وندب نفرا من المسلمين (. . . )٦ رماة، فصعدوا فرموا خيل المشركين، حتى هزم الله خيل المشركين، وعلا المسلمون الجبل. فذلك قوله عز وجل :﴿ وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ﴾٧.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٣٥ رقم ٧٨٨٧). وابن أبي حاتم (٣/٧٧٠ رقم ٤٢١٩)..
٢ - مجاز القرآن (١/١٠٣)..
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٣٤ رقم ٧٨٨٥). وابن أبي حاتم (٣/٧٧١ رقم ٤٢٢٠)..
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٣٥، ٢٣٦ رقم ٧٨٩١) وابن أبي حاتم (٣/٧٧١ رقم ٤٢٢٢)..
٥ - بياض....
٦ - كلمة غير مفهومة..
٧ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٣٥ رقم ٧٨٩٠). وابن أبي حاتم (٣/٧٧١ رقم ٤٢٢٣).
.

آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ إن يمسسكم قرح ﴾ [ آل عمران : ١٤٠ ]
٩٥٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ إن يمسسكم قرح ﴾ قال : جراح وقتل١.
٩٥٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، قال : حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة :﴿ إن يمسسكم قرح ﴾ بنصب القاف٢، يعني : الجراحة والألم، ﴿ فقد مس القوم قرح مثله ﴾ يعني : الجراحات، والألم٣.
٩٥٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : حدثنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إن يمسسكم قرح ﴾ أي : جراح ﴿ فقد مس القوم قرح مثله ﴾ أي : جراح مثله٤.
قوله عز وجل :﴿ فقد مس القوم قرح مثله ﴾ [ آل عمران : ١٤٠ ]
٩٥٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أبو بكر الصغاني، قال : حدثنا ابن أبي مريم، قال : أخبرنا المفضل، عن أبي صخر، في قول الله عز وجل :﴿ فقد مس القوم قرح مثله ﴾ جراح مثله، وهو يوم أحد٥.
قوله عز وجل :﴿ وتلك الأيام نداولها بين الناس ﴾
[ آل عمران : ١٤٠ ]
٩٥٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا المعتمر، عن ليث، عن عطاء، أو عن أبي جعفر، قال : إن للحق دولة٦، وإن للباطل دولة، من دولة الحق : أن إبليس أمر بالسجود لآدم، فأديم آدم على إبليس، وابتلي آدم بالشجرة، فأكل منها، فأديل إبليس على آدم.
فقال إبليس : يا رب أعني على آدم، قال : قد فعلت، تجري منهم مجرى الدم، قال : يا رب زدني ! قال : قد فعلت، قد جعلت قلوبهم لك أوطانا. قال : رب زدني قال : قد فعلت، شاركهم في الأموال والأولاد.
قال آدم : يا رب أعني على إبليس، قال : قد فعلت، وكلت بكل عبد منكم ملكين، قال : رب زدني، قال : قد فعلت، الحسنة بعشر أمثالها قال : رب زدني  ! قال : قد فعلت، السيئة واحدة أو أمحاها.
٩٦٠- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، قال : حدثنا محمد بن إسحاق :﴿ وتلك الأيام نداولها بين الناس ﴾ أي : نصرفها بين الناس بالبلاء والتمحيص٧.
٩٦١- حدثنا علي بن البارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن ابن عباس :﴿ وتلك الأيام نداولها بين الناس ﴾ قال : ما تداول المشركين على النبي صلى الله عليه و سلم يوم أحد٨. قال : وبلغني أن المشركين قتلوا من المسلمين يوم أحد بضعة وسبعين رجلا، عدد الأسارى الذين أسروا يوم بدر من المشركين، وكان عدد الأسارى يوم بدر ثلاثة وسبعين رجلا.
٩٦٢- حدثنا محمد بن إسحاق٩، قال : حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، قال : حدثنا حماد بن زيد، عن ابن عون، عن محمد :﴿ وتلك الأيام نداولها بين الناس ﴾ قال : الأمراء١٠.
قوله عز وجل :﴿ وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء ﴾
[ آل عمران : ١٤٠ ]
٩٦٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن سعيد، قال : حدثنا وهب ابن جرير، قال : حدثنا أبي، عن علي بن الحكم، عن الضحاك :﴿ وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء ﴾ قال : من لم يشهد بدرا كان يقول : ليتنا لقينا قتالا، فقاتلنا، وأبلينا ؛ لما رأوا من الفضل الذي فضل الله به أهل بدر، فأنزل الله في الذين قتلوا :﴿ ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ﴾١١. ١٢
٩٦٤- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة :﴿ وليعلم الله الذين آمنوا ﴾ الآية، وليعلم الله من يطيعه ممن يعصيه، ويعلم الصادق من الكاذب.
٩٦٥- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن ابن عباس :﴿ ويتخذ منكم شهداء ﴾ قال : إن المسلمين كانوا يسألون ربهم : اللهم ربنا أرنا يوما كيوم بدر، نقاتل فيه المشركين، ونبتليك أو نبليك فيه خيرا، ونسألك فيه الشهادة، فلقوا يوم أحد فاتخذوا شهداء١٣.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٣٧ رقم ٧٨٩٣) وابن أبي حاتم (٣/٧٧٢ رقم ٤٢٢٦)..
٢ - الصحيح أن يقال: بفتح القاف وليس بنصبها. وقد قرأ بالفتح الباقون من العشرة غير حمزة والكسائي وخلف وأبي بكر فإنهم قرأوا بالضم. ينظر النشر في القراءات العشر (٢/٢٤٢)، وابن جرير الطبري (٧/٢٣٦)..
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٣٧ رقم ٧٨٩٦)..
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٣٨ رقم ٧٨٩٩).
.

٥ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٧٢ رقم ٤٢٢٩)..
٦ - الدولة في الحرب: أن تدال إحدى الفئتين على الأخرى. يقال: كانت لنا عليهم الدولة. والجمع: الدول. الصحاح للجوهري: (٤/١٧٠٠)..
٧ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٤١ رقم ٧٩١٠) وابن أبي حاتم (٣/٧٧٣ رقم ٤٤٣٣).
.

٨ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٤٠ رقم ٧٩٠٩)..
٩ - يظهر في الأصل أنه مضروب عليه وكتب في الحاشية إسماعيل مكانه..
١٠ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٤١ رقم ٧٩١١) وابن أبي حاتم (٣/٧٧٣ رقم ٤٤٣٢).
.

١١ - الآية رقم ١٥٤ من سورة البقرة. وقد كتبت في الأصل خطأ بالخلط بينها وبين الآية ١٦٩ من سورة آل عمران وهي قوله تعالى :﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون﴾..
١٢ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٤٣ رقم ٧٩١٦)..
١٣ - أخرجه ابن جرير، عن ابن جريج (مقطوعا عليه) كما في المطبوع (٧/٢٤٣ رقم ٧٩١٣)، وعزاء السيوطي في الدر المنثور (٢/٣٣٢) إلى ابن جرير عن ابن عباس موقوفا.
.

آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ وليمحص الله الذين آمنوا ﴾ الآية
[ آل عمران : ١٤١ ]
٩٦٦- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن ابن عباس :﴿ وليمحص الله الذين آمنوا ﴾ بنفقاتهم ﴿ ويمحق الكافرين ﴾ بنقصهم١.
٩٦٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن نافع، قال : حدثنا شبابة، قال : حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد.
٩٦٨- قال زكريا : وحدثنا إسحاق، قال : حدثنا روح، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله عز وجل :﴿ وليمحص الله الذين آمنوا ﴾ أي : يبتلي٢.
٩٦٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وليمحص الله الذين آمنوا ﴾ أي : يختبر الذين آمنوا، حتى يخلصهم من البلاء الذي نزل بهم، وكيف صبرهم ويقينهم. ﴿ ويمحق الكافرين ﴾ أي : يبطل أمر المنافقين قولهم بألسنتهم، ما ليس في قلوبهم، حتى يظهر منهم كفرهم الذي يستترون به منكم٣.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٤٥ رقم ٧٩٢٦). وابن أبي حاتم (٣/٧٧٥ رقم ٤٢٤٩)..
٢ - أخرجه ابن جرير (٢/٢٤٤ رقم ٧٩١٨) وابن أبي حاتم (٣/٧٧٤ رقم ٤٢٤٣)..
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٤٧ رقم ٧٩٢٨) وابن أبي حاتم (٣/٧٧٥ رقم ٤٢٤٨).
.

آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ﴾
[ آل عمران : ١٤٢ ]
٩٧٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ﴾ أي : حسبتم أن تدخلوا الجنة، و تصيبوا من ثوابي الكرامة، ولم أختبركم بالشدة، وأبتليكم بالمكاره، حتى أعلم صدق ذلك منكم الإيمان بي، والصبر على ما أصابكم في ! ١.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٤٧ رقم ٧٩٢٩). وابن أبي حاتم مختصرا (٣/٧٧٥ رقم ٤٢٥٠).
.

آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ ولقد كنتم تمنون الموت ﴾ الآية
[ آل عمران : ١٤٣ ]
٩٧١- حدثنا موسى بن هارون بن عبد الله الحمال، وابن بنت منيع قالا : حدثنا الحماني، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي، عن أبي عون، عن المسور بن مخرمة، قال : قلت لعبد الرحمن بن عوف : أي خال أخبرني عن قصتكم يوم أحد ؟ قال : إقرأ ﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين ﴾ إلى قوله :﴿ ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ﴾ قال : هو تمني المؤمنين لقاء العدو. اللفظ لابن بنت منيع. ١
٩٧٢- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ﴾ يقول : غاب رجال عن بدر، فكانوا يتمنون مثل بدر أن يلقوه فيصيبون من الأجر والخير، ما أصاب أهل بدر، فلما كان يوم أحد ولى من ولى منهم، فعاتبهم الله عز وجل، على ذلك٢.
٩٧٣- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ﴾ أي : لقد كنتم تمنون الشهادة، على الذي أنتم عليه من الحق، قبل أن تلقوا عدوكم، يعني : الذين استأذنوا رسول الله إلى خروجه بهم إلى عدوهم، لما فاتهم من حضور اليوم الذي كان قبله ببدر في الشهادة التي فاتتهم به٣.
٩٧٤- حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحسن بن عبد الرحمن ابن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث.
قال : اجتمعت قريش، لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، فخرجت بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة، من قناة على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه و سلم، والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا. قال رسول الله : إني قد رأيت بقرا تنحر، ورأيت في ذباب سيفى ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة. فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة، وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا، أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد، وغيرهم، ممن كان فاته بدر وحضوره : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا، فلم يزل الناس برسول الله حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم، فلبس لأمته، ﴿ فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ﴾ أي : الموت، بالسيوف، في أيدي الرجال، قد خلى بينكم وأنتم تنظرون إليهم، ثم صددتم عنهم٤.
وقال بعضهم في قوله عز وجل :﴿ فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ﴾ " توكيدا، كما يقول : قد – والله – رأيته عيانا " ٥. ٦
١ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٧٦ رقم ٤٢٠٣). وهذا الأثر سبق في الآية ١٢٠ من هذه السورة، وسيأتي في تفسير الآية التالية..
٢ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٣٧ رقم ٤٦٤)، وابن جرير (٧/٢٤٨ رقم ٧٩٣٠).
.

٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٥٠ رقم ٧٩٣٧).
.

٤ - تقدم هذا الأثر مطولا في أول هذا الجزء عند تفسير قوله تعالى: ﴿وإذ غدوت من أهلك﴾ الآية ١٢١ من سورة آل عمران وسيأتي بتمامه عند تفسير قوله تعالى: ﴿ولقد صدقكم الله وعده﴾ الآية ١٥٢ من نفس السورة..
٥ - (عاين) الشيء (عيانا): رآه بعينه. مختار الصحاح باب العين. ولقيته عيانا، أي معاينة، لم يشك في رؤيته إياه. القاموس المحيط فصل العين، باب النون..
٦ - ابن جرير (٧/٢٤٨).
.

آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ﴾
[ آل عمران : ١٤٤ ]
٩٧٥- حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال : حدثنا أبو بكر، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، قال : خطبنا عمر، وعليه قطري أو ثوب أبيض، فيه رقعة، إذا رأيتها كأنها من أدم، فخطبنا فكان يقرأ على المنبر " آل عمران " ويقول : إنها أحدية، ثم قال : تفرقنا عن رسول الله يوم أحد فصعدت الجبل، فسمعت يهوديا يقول : قتل محمد، فقلت : لا أسمع أحدا يقول : قتل محمد إلا ضربت عنقه، فنظرت فإذا رسول الله صلى الله عليه و سلم، والناس يتراجعون إليه، فنزلت هذه الآية :﴿ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ﴾.
٩٧٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن سعيد، قال : حدثنا وهب ابن جرير، قال : حدثنا أبي، عن علي بن الحكم، عن الضحاك، وأما قوله :﴿ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ﴾ عنى بذلك قوما من أهل الارتياب، والمرض، والنفاق، قالوا ذلك يوم أحد حين انهزم الناس، وكسرت رباعية رسول الله، وشج فوق حاجبه، ففقدوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فتناعوه وقالوا : لو كان محمد رسولا، ما مات ولا قتل، فالحقوا بدينكم الأول١.
٩٧٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا عمرو بن محمد، قال : حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي، قال : لما كان يوم أحد انهزم إخوانكم، قال بعض الناس : إن كان محمد قد أصيب، فأعطوهم بأيديكم فإنما هم إخوانكم. وقال بعضهم : إن كان محمد قد أصيب، ألا تمضون على ما مضى عليه نبيكم حتى تلحقوا به، فأنزل الله عز وجل :﴿ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ﴾ الآية. ﴿ وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله ﴾ -بقتل نبيهم- إلى قوله :﴿ فأتاهم الله ﴾٢.
٩٧٨- حدثنا ابن بنت منيع، قال : حدثنا يحيى الحماني، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي، عن أبي عون، عن المسور بن مخرمة، قال : قلت : لعبد الرحمن بن عوف أي خال  ! أخبرني عن قصتكم يوم أحد ! قال : اقرأ ؛ ﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ ﴾ إلى قوله :﴿ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ﴾ قال : هو صياح الشيطان يوم أحد قتل محمد٣.
٩٧٩- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، قال : قفل رسول الله من حجة الوداع، فأقام بالمدينة، في ذي الحجة، والمحرم، وصفر وصوب على الناس بفناء.
٩٨٠- كما حدثنا علي، [ قال : حدثنا ]٤ أحمد، قال : حدثنا إبراهيم، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر، عن عروة بن الزبير أنه قال : أمر عليهم أسامة بن زيد بن حارثة، مولاه، فيينا الناس على ذلك، ابتدئ رسول الله صلى الله عليه و سلم بشكواه الذي قبضه الله فيه، إلى ما أراد به من رحمته وكرامته، في ليال بقين من صفر، أو في أول شهر ربيع الأول.
قال ابن إسحاق : فكان أول ما ابتدئ به من ذلك – فيما ذكر لي- أنه خرج إلى البقيع، بقيع الغرقد، من جوف الليل، فاستغفر لهم، ثم رجع إلى أهله، فلما أصبح ابتدئ بوجعه من يومه ذلك٥.
٩٨١- كما حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، قال : حدثني عبد الله بن عمر بن علي العبلي، عن عبيد بن جبير، مولى الحكم بن أبي العاص، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن أبي مويهبة، قال : لقيني رسول الله صلى الله عليه و سلم من جوف الليل : فقال :«يا أبا مويهبة إني أمرت أن استغفر لأهل البقيع، فانطلق معي »، فانطلقت معه، فلما وفد بين أظهرهم قال :«السلام عليكم يا أهل المقابر »، ثم أقبل علي فقال :«يا أبا مويهبة قد عملت أني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا، والخلد فيها، ثم الجنة، خيرت بين ذلك، وبين لقاء ربي والجنة »، قال : قلت : بأبي أنت وأمي  ! فخذ مفاتيح خزائن الدنيا، والخلد فيها، ثم الجنة ! قال :«لا والله، يا أبا مويهبة، لقد اخترت لقاء ربي، والجنة ».
قال : ثم استغفر لأهل البقيع، ثم انصرف، فبدئ رسول الله في وجعه الذي قبضه الله فيه، حين أصبح٦.
٩٨٢- قال محمد بن إسحاق : قال ابن شهاب الزهري : حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم كثيرا ما أسمعه يقول : إن الله لم يقبض نبيا حتى يخيره. قالت : فلما حضر رسول الله كان آخر ما سمعتها منه وهو يقول :«بل الرفيق الأعلى في الجنة »٧، قالت : فقلت : إذا – والله - لا يختارنا، وعرفت أنه الذي كان يقول لنا أن نبيا لا يقبض حتى يخير٨.
٩٨٣- فحدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب قال : قالت عائشة : بدئ رسول الله صلى الله عليه و سلم بشكواه الذي توفي منه، وهو في بيت ميمونة، زوج النبي صلى الله عليه و سلم فخرج في يومه ذلك، حتى دخل علي، قالت : فقلت : وارأساه، قال :«وددت أن ذلك يكون، وأنا حي، فأصلي عليك، وأدفنك. بل أنا، وارأساه، ادعي أباك وأخاك أعهد إليهما، فإني أخاف أن يتمن متمن، أو يقول : أنا، ويأبى الله ذلك والمؤمنون ».
ثم رجع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى بيت ميمونة، فاشتد وجعه، فقال الناس : قوموا فصلوا. قالت عائشة : ثم استأذن رسول الله نساءه أن يكون في بيت عائشة، ويقال : إنما قالت ذلك لهن فاطمة، فقالت : إنه يشق على رسول الله الاختلاف، فأذن له، فخرج من بيت ميمونة، إلى بيت عائشة، تخط رجلاه بين عباس ورجل آخر، حتى دخل بيت عائشة٩.
٩٨٤- فحدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر الرازي، عن أنس بن مالك أنه قال : لما كان يوم الاثنين الذي قبض الله فيه رسوله صلى الله عليه و سلم، خرج إلى الناس – وهم يصلون الصبح – فرفع الستر، وفتح الباب، فخرج رسول الله حتى قام على باب عائشة. فكاد المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم برسول الله صلى الله عليه و سلم حين رأوه، فرحا به.
فأشار عليهم أن اثبتوا على صلاتكم، ثم رجع رسول الله، وانصرف الناس، وهم يرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أفرق من وجعه١٠، فرجع أبو بكر إلى أهله بالسنح١١. ١٢
٩٨٥- حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن عبد الله بن عباس، قال : خرج يومئذ علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- على الناس، من عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له الناس : يا أبا حسن، كيف أصبح رسول الله ؟ قال : أصبح – بحمد الله- بارئا، قال : فأخذ العباس بيده، ثم قال : أحلف بالله، لقد عرفت الموت في وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم، كما كنت أعرفه في وجوه بني عبد المطلب، فتوفي رسول الله حين اشتد الضحى، من ذلك اليوم١٣.
٩٨٦- قال الزهري، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، قال : لما توفي رسول الله قام عمر بن الخطاب، فقال : إن رجالا من المنافقين، يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه و سلم توفي، وإن رسول الله –والله- ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه، كان ذهب موسى بن عمران، فقد غاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع إليهم بعد أن قيل : مات، والله ليرجعن رسول الله كما رجع موسى، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم، زعموا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد مات.
قال : وأقبل أبو بكر حتى نزل على باب المسجد، حين بلغه الخبر، وعمر يكلم الناس، فلم يلتفت إلى شيء، حتى دخل على رسول الله، في بيت عائشة، ورسول الله صلى الله عليه و سلم في ناحية البيت مسجى، عليه برد حبرة١٤، فأقبل حتى كشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم، ثم أكب عليه، فقبله، وقال : بأبي أنت وأمي، أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها، ثم لن تصيبك بعدها موتة أبدا. قال : ثم رد البرد على وجه رسول الله، ثم خرج، وعمر يكلم الناس، فقال : على رسلك يا عمر، أنصت ! قال : فأبى إلا أن يتكلم، قال : فلما رآه أبو بكر لا يصمت، أقبل على الناس، فلما سمع الناس كلامه، أقبلوا عليه، وتركوا عمر، فحمد الله عز وجل، وأثنى عليه.
ثم قال : أيها الناس إنه من كان يعبد محمدا، فإن محمدا صلى الله عليه و سلم قد مات، ومن كان يعبد الله عز وجل فإن الله حي لا يموت. قال : ثم تلا هذه الآية :﴿ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ﴾ ١٥ قال : فوا لله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ، قال : وأخذها الناس عن أبي بكر فإنما : هي في أفواههم ؛ قال : فقال أبو هريرة : قال عمر : والله ما هي إلا أن سمعت أبا بكر تلاها، فعقرت١٦ حتى وقعت إلى الأرض وما تحملني رجلاي، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد مات١٧.
٩٨٧- قال أحمد : حدثنا إبراهيم عن محمد بن إسحاق، عن حسين ابن عبد الله، عن عكرمة مولى ابن عباس، عن عبد الله بن عباس، قال : والله إني لأمشي مع عمر في خلافته وهو عامد إلى حاجة له، وفي يده الدرة، وما معه غيري، قال : وهو يحدث نفسه، ويضرب جهة قدمه بدرته، إذ التفت إلي، فقال : يا ابن عباس، هل تدري ما كان حملني على مقالتي التي قلت حين توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال : قلت : لا أدري يا أمير المؤمنين  ! أنت أعلم  ! قال : فإنه –والله- إن الذي حملني على ذلك، إلا أني كنت أقرأ هذه الآية :﴿ وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ﴾ ١٨ فو الله إني كنت لأظن أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سيبقى في أمته، حتى يشهد عليها بآخر أعمالها، فإنه للذي حملني على أن قلت ما قلت ١٩ !.
٩٨٨- قال ابن إسحاق : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن ابن شهاب الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ابن مسعود، عن عبد الله بن عباس، قال : قال عمر بن الخطاب - وذكر أبا بكر- : إنه قد كان من خبرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم أن الأنصار اجتمعوا بأشرافهم، في سقيفة بني ساعدة، فانطلقنا نؤمهم حتى جئناهم، في سقيفة بني ساعدة، فإذا رجل، فلما جلسنا نشهد خطيبهم، فلما سكت قام أبو بكر، فتكلم، فارتفعت الأصوات، فقلت : ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده فبايعته، وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار٢٠.
٩٨٩- قال ابن إسحاق : فبلغني أن الناس بكوا على رسول الله، حين توفاه الله، وقالوا : والله لوددنا أنا متنا قبله إنا نخشى أن نفتتن بعده. فقال معن بن عدي : لكني والله ما أحب أني مت قبله، حتى أصدقه ميتا كما صدقته حيا، فقتل معن يوم اليمامة شهيدا٢١.
فلما بويع أبو بكر أقبل الناس على جهاز رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم الثلاثاء.
١ - أخرجه ابن جرير بمعناه (٧/٢٥٨ رقم ٧٩٥٠).
.

٢ - الآية ١٤٨ من نفس السورة آل عمران. وقد كتبت في الأصل ﴿فأثابهم الله﴾ والصحيح ما أثبت..
٣ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٧٧ رقم ٤٢٦٠). وسبق هذا الأثر عند الآية: ١٢٠ والآية ١٤٣..
٤ - ما بين القوسين ساقط من الأصل، والتصويب من الإسناد الذي قبل هذا الأثر، والإسناد الذي بعده، وقد تصحفت في الأصل إلى (علي بن أحمد).
.

٥ - تنظر: سيرة ابن هشام (٢/٦٥٠).
.

٦ - سيرة ابن هشام (٢/٦٤٢)، وأخرجه أحمد في المسند (٣/٤٨٩)، والدارمي (١/٣٨ رقم ٧٩) والبخاري في الكنى (ص ٧٣-٧٤ رقم ٦٩٢)..
٧ - إشارة إلى قوله تعالى: ﴿فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا﴾ سورة النساء: ٦٩..
٨ - سيرة ابن هشام (٢/٦٥١-٦٥٢).
.

٩ - سيرة ابن هشام (٢/٦٤٢، ٦٤٩)..
١٠ - أفرق من وجعه: برئ منه..
١١ - السنح: بضم أوله وسكون ثانيه، محلة من محال المدينة، كان بها منزل أبي بكر الصديق رضي الله عنه تنظر المغانم المطابة (ص ١٨٧)..
١٢ - صحيح البخاري الأحاديث (٤٤٤٩-٤٤٥٤).
.

١٣ - سيرة ابن هشام (٢/٦٥٤)..
١٤ - الحبرة: ضرب من ثياب اليمن.
.

١٥ - سورة آل عمران : آية ١٤٤..
١٦ - عقرت: دهشت وتحيرت..
١٧ - سيرة ابن هشام (٢/٦٥٥-٦٥٦).
.

١٨ - سورة البقرة: ١٤٣..
١٩ - سيرة ابن هشام (٢/٦٦١) والبيهقي في دلائل النبوة (٧/٢١٩)..
٢٠ - سيرة ابن هشام (٢/٦٦٠).
.

٢١ - سيرة ابن هشام (٢/٦٦٠)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ وما كان لنفس ﴾ إلى ﴿ مؤجلا ﴾
[ آل عمران : ١٤٥ ]
١٠٠٥- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ﴾ أي : إن لمحمد صلى الله عليه و سلم أجلا هو بالغه، إذا أذن الله عز وجل في ذلك، كان١.
١٠٠٦- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ وما كان لنفس أن تموت ﴾ معناه : ما كانت نفس لتموت٢.
قوله عز وجل :﴿ ومن يرد ثواب الدنيا ﴾ الآية [ آل عمران : ١٤٥ ]
١٠٠٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين ﴾ أي : فمن كان منكم يريد الدنيا، ليست له رغبة في الآخرة، نؤته منها ما قسم له فيها من رزق، ولا حظ له في الآخرة، ﴿ ومن يرد ثواب الآخرة ﴾ منكم، ﴿ نؤته منها ﴾ ما وعده، مع ما يجري عليه من رزقه، في دنياه، وذلك جزاء الشاكرين أي : المتقين٣.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٦٠ رقم ٧٩٥٤) وابن أبي حاتم (٣/٧٧٩ رقم ٤٢٧١)..
٢ - مجاز القرآن (١/١٠٤)..
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٦٢ رقم ٧٩٥٥) وابن أبي حاتم (٣/٧٧٩ رقم ٤٢٧٢).
.

آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ معه ربيون كثير ﴾ [ آل عمران : ١٤٦ ]
١٠٠٨- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أبو نعيم، قال : حدثنا سفيان : عن عاصم، عن زر، عن عبد الله ﴿ وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير ﴾ قال : ألوف١.
١٠٠٩- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد، قال : حدثنا هشيم، قال : أخبرنا أبو إسحاق، عن الضحاك بن مزاحم، في قوله عز وجل :﴿ قاتل معه ربيون كثير ﴾ قال : الربيون الربوة الواحدة [ إلى ]٢ ألف٣.
١٠١٠- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن نصر، قال : حدثنا يوسف بن عدي، قال : حدثنا رشدين، عن يوسف بن يزيد، عن عطاء الخرساني، قال : الربوة عشرة آلاف في العدد٤.
١٠١١- حدثنا زكريا، قال : أبو صالح، قال : حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله :﴿ قاتل معه ربيون كثير ﴾ يقول : جموع٥.
- وكذلك قال عكرمة، والضحاك، وقتادة، وعطاء الخرساني.
١٠١٢- حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا عبد الأعلى، قال : حدثنا مسلم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ قاتل معه ربيون كثير ﴾ قال : جموع كثيرة٦.
١٠١٣- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :( الربيون ) : الجماعة الكثيرة، الواحد : ربي٧.
١٠١٤- حدثنا موسى، قال : حدثنا شيبان، قال : حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن في هذه الآية :﴿ وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير ﴾ قال : علماء صبر٨.
١٠١٥- حدثنا موسى، قال : حدثنا شجاع، قال : حدثنا هشيم، قال : أخبرنا عوف، عن الحسن :﴿ قاتل معه ربيون كثير ﴾ قال : فقهاء علماء٩.
قوله عز وجل :﴿ فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله ﴾
[ آل عمران : ١٤٦ ]
١٠١٦- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن يحيى، قال : حدثنا محمد بن الصلت، قال : حدثنا أبو كديبة، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس :﴿ فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله ﴾ قال : لقتل أنبيائهم.
١٠١٧- وحدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن سعيد، قال : حدثنا وهب بن جرير، قال : حدثنا أبي، عن علي بن الحكم، عن الضحاك، ﴿ ربيون كثير ﴾ قال : فالربيون : الجموع، قتل نبيهم في قتالهم، فلم يهنوا لذلك، ولم يضعفوا لإيمانهم١٠.
١٠١٨- حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ فما وهنوا ﴾ لفقد نبيهم، ﴿ وما ضعفوا ﴾ عن عدوهم، ﴿ وما استكانوا ﴾ لما أصابهم في الجهاد، عن الله، وعن دينهم، وذلك الصبر ﴿ والله يحب الصابرين ﴾١١.
قوله عز وجل :﴿ وما ضعفوا ﴾ [ آل عمران : ١٤٦ ]
١٠١٩- حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، في قوله عز وجل :﴿ فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا ﴾ يقول : ما عجزوا وما تضعضعوا لقتل نبيهم١٢.
قوله عز وجل :﴿ وما استكانوا والله يحب الصابرين ﴾
[ آل عمران : ١٤٦ ]
١٠٢٠- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ وما استكانوا ﴾ قال : فبلغني عن ابن عباس، أنه قال : في قوله ﴿ وما استكانوا ﴾ : تخشعوا١٣.
١٠٢١- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ وما استكانوا ﴾ يقول : ما ارتدوا عن بصيرتهم، ولا عن دينهم، أن قاتلوا على ما قاتل عليه نبي الله حتى لحقوا بالله١٤.
١ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٣٧ رقم ٤٦٩) وابن جرير (٧/٢٦٦ رقم ٧٩٥٧-٧٩٦٠) وابن أبي حاتم (٣/٧٨٠ رقم ٤٢٧٧)، والطبراني في المعجم الكبير (٩/٢٥٧ رقم ٩٠٩٦)..
٢ - من م، وليست في الأصل..
٣ - أخرجه سعيد بن منصور (٥٣٣)..
٤ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٨٠ رقم ٤٢٧٩)..
٥ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٦٦ رقم ٧٩٦٢) وابن أبي حاتم (٣/٧٨٠ رقم ٤٢٧٨).
.

٦ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٦٦ رقم ٧٩٦١). وابن أبي حاتم (٣/٧٨٠ رقم ٤٢٧٩)..
٧ - مجاز القرآن: (١/١٠٤)..
٨ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٣٧ رقم ٤٦٧) وابن أبي حاتم (٣/٧٨١ رقم ٤٢٨١)..
٩ - أخرجه سعيد بن منصور (٥٣١) وابن حرير (٧/٢٦٧).
.

١٠ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٦٨ رقم ٧٩٧٤)..
١١ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٧١ رقم ٧٩٨٤) وابن أبي حاتم (٣/٧٨١ رقم ٤٢٨٦).
.

١٢ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٧٠ رقم ٧٩٨١) وابن أبي حاتم (٣/٧٨١ رقم ٤٢٨٩)..
١٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٧١ رقم ٧٩٨٥) وابن أبي حاتم (٣/٧٨٢ رقم ٤٢٩٥)..
١٤ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٨٢ رقم ٤٢٩٢).
.

آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا ﴾
[ آل عمران : ١٤٧ ]
١٠٢٢- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، في قوله عز وجل ﴿ وما كان قولهم إلا أن قالوا ﴾ : كذا وكذا، فلا تقولوا مثل ما قالوا، يعني : أفلا تقولون مثل ما قالوا ؟ !
قوله عز وجل :﴿ وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا ﴾
[ آل عمران : ١٤٧ ]
١٠٢٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن رافع، قال : حدثنا شبابة، قال : حدثني ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد. [ ح ]
- قال زكريا : وحدثنا محمد بن يحيى، قال : حدثنا محمد بن يوسف، قال : حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله عز وجل :﴿ وإسرافنا في أمرنا ﴾ قال : خطايانا١.
- وكذلك قال الضحاك٢.
١٠٢٤- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ وإسرافنا في أمرنا ﴾ قال : تفريطنا٣.
١٠٢٥- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا ﴾ الآية، أي : فقولوا مثل ما قالوا، [ واعلموا ]٤ أنما ذلك بذنوب منكم، واستغفروا كما استغفروا، وامضوا على دينكم كما مضوا على دينهم، ولا ترتدوا على أعقابكم راجعين، وسلوه كما سألوه أن يثبت أقدامكم، واستنصرو[ ه ]٥ كما استنصروه على القوم الكافرين. قيل : هذا من قولهم، قد كان وقد قتل نبيهم، فلم يفعلوا كما فعلتم. ﴿ فآتاهم الله ثواب الدنيا ﴾ الظهور على عدوهم٦.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٧٢ رقم ٧٩٨٨). وابن أبي حاتم (٣/٧٨٣ رقم ٤٢٩٩)..
٢ - قول الضحاك. أخرجه ابن جرير (٧/٢٧٢ رقم ٧٩٧٩) وابن أبي حاتم (٣/٧٨٣ رقم ٤٣٠٠).
.

٣ - مجاز القرآن (١/١٠٤)..
٤ - في الأًصل (واعملوا) وهو غير ظاهر الصحة والتصحيح من تفسير ابن جرير وغيره من مصادر التخريج..
٥ - في الأصل (واستنصروا) وما أثبته كما في تفسير ابن جرير هو الصحيح لعدم وجود لقظ الجلالة في العبارة، فكان لا بد من ذكر الضمير العائد عليه في الكلمة وهي (واستنصروه)..
٦ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٧٣ رقم ٧٩٩٣)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ فآتاهم الله ثواب الدنيا ﴾
[ آل عمران : ١٤٨ ]
١٠٢٦- حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ فآتاهم الله ثواب الدنيا ﴾ أي : والله، لآتاهم الله الفلح١، والظهور، والتمكن٢، والنصر على عدوهم، في الدنيا، وحسن ثواب الآخرة٣.
١٠٢٧- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : قرأت على أبي قرة في «تفسيره »، عن ابن جريج :﴿ فآتاهم الله ثواب الدنيا ﴾ قال : النصر والغنيمة٤.
قوله عز وجل :﴿ وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين ﴾
[ آل عمران : ١٤٨ ]
١٠٢٨- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال، أخبرنا روح، قال : حدثنا
سعيد، عن قتادة :﴿ وحسن ثواب الآخرة ﴾ في الجنة٥.
١٠٢٩- حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : قرأت على أبي قرة في «تفسيره »، عن ابن جريج :﴿ وحسن ثواب الآخرة ﴾ قال : رضوان الله ورحمته٦.
١٠٣٠- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وحسن ثواب الآخرة ﴾ الجنة وما وعد فيها ﴿ والله يحب المحسنين ﴾ ٧.
١ - الفلح والفلاح: الفوز والنجاة والبقاء في النعيم والخير، وفي الحديث أبي الدمداح رضي الله عنه: بشرك الله بخير وفلح، أي : بقاء وفوز، وهو مقصور من الفلاح، وقد أفلح، قال تعالى ﴿قد أفلح المؤمنون﴾ أي: أصيروا إلى الفلاح.. وأفلح الرجل: ظفر. إلخ. لسان العرب، مادة: فلح (٤/١١٢٥، ١١٢٦)..
٢ - في تفسير الإمام الطبري (والتمكين) وتمام الأثر فيه: ﴿وحسن ثواب الآخرة﴾ يقول: حسن الثواب في الآخرة هي الجنة. (٧/٢٧٥ رقم ٧٩٩٤)..
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٧٥ رقم ٧٩٩٤) وابن أبي حاتم (٣/٧٨٤ رقم ٤٢٠٥)..
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٧٥ رقم ٧٩٩٦)..
٥ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٧٥ رقم ٧٩٩٤) وابن أبي حاتم (٣/٧٨٤ رقم ٤٣٠٧)..
٦ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٧٥ رقم ٧٩٩٦)..
٧ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٧٦ رقم ٧٩٩٧)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا ﴾ الآية
[ آل عمران : ١٤٩ ]
١٠٣١- حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق. [ ح ]
- وحدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين ﴾ أي : عن دينكم، فتذهب دنياكم، وأخراكم١.
١٠٣٢- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين ﴾ فلا تنتصحوا اليهود والنصارى على دينكم، ولا تصدقوهم بشيء في دينكم٢.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٧٧ رقم ٧٩٩٨)..
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٧٧ رقم ٧٩٩٩) وابن أبي حاتم (٣/٧٨٥ رقم ٤٣١٢)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ بل الله مولاكم وهو خير الناصرين ﴾
[ آل عمران : ١٥٠ ]
١٠٣٣- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ بل الله مولاكم ﴾ إن كان ما تقولون بألسنتكم، صدقا في قلوبكم. ﴿ وهو خير الناصرين ﴾ أي : واعتصموا به، ولا تستنصروا بغيره، ولا ترجعوا مرتدين عن دينه١.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٧٨ رقم ٨٠٠١) وابن أبي حاتم (٣/٧٨٥ رقم ٤٣٢٤، ٤٣١٥)..
آل عمران من :﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٢١- ١٥٢ ]

٨٦١-
أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم، من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث، عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم، فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد٨، قال : لما أصابت قريش، أو من قاله منهم يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم٩ إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم، وأبناؤهم، وإخوانهم ببدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا : يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم١٠، وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بمن أصاب، ففعلوا.
فأجمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم، حين فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب العير، بأحابيشها١١ ومن أطاعها، من قبائل بني كنانة، وأهل تهامة، كل قد استعدوا على حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم.
فخرجت قريش بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة١٢ ولئلا يفروا.
فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس، معه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد، وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه.
فأقبلوا حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة، على شفير الوادي، مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :«إني قد رأيت بقرا تنحر، وأريت في ذباب سيفي ثلما، وأريت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها».
ونزلت قريش منزلها بأحد يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس ويوم الجمعة. وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة، فأصبح بالشعب من أحد، والتقوا يوم السبت للنصف من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله، ويرى رأيه في ذلك أن لا يخرج إليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره، ممن كان فاته يوم بدر، وحضروه : يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط، إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر، وإن دخلوا قاتلهم الرجال والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، كما جاءوا.
فلم يزل الناس برسول الله، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة، حين فرغ من الصلاة، ثم خرج عليهم. وقد ندم الناس، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، ولم يكن ذلك لنا.
فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : يا رسول الله، استكرهناك، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما ينبغي لنبي، إذا لبس لأمته، أن يضعها، حتى يقاتل !
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل، من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد عدل عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس، ومضى رسول الله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه١٣، فأصاب ذباب سيفه، فاستله، فقال رسول الله – وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف- :«شم سيفك فأرى أن السيوف ستسل اليوم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه :«من رجل يخرج بنا على القوم من كثب»، أي : من قريب، من طريق لا تمر بنا عليهم ؟.
فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن حارث بن الخزرج : أنا يا رسول الله، فتقدمه في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك به في مال لمربع ابن قيظي، ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهه، حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال : لا يقاتلن أحد حتى نأمره بالقتال.
وقد سرحت قريش الظهر والكراع١٤ في زروع كانت بالصمغة١٥ من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن القتال : أترعى زروع بني قيلة١٦ ولما نضارب، وتعبى رسول الله للقتال، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا فقال : انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك.
وظاهر رسول الله بين درعين، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟. فقام إليه رجال، فأبى أن يعطيهم، حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة قال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : أن يضرب به في العدو حتى ينثني، فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه.
فكان ما نزل من القرآن في يوم أحد ستون آية، من آل عمران، فيها صفة ما كان في يومهم ذلك، ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله عز وجل لنبيه عليه السلام :﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ﴾. أي : سميع لما تقولون، عليم بما تخفون١٧.
قوله عز وجل :﴿ سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب ﴾ الآية.
[ آل عمران : ١٥١ ]
١٠٣٤- حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب ﴾ الآية، أي : سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب الذي به كتب نصركم عليهم، بما أشركوا بي ما لم أجعل لهم به حجة. أي : فلا تظنوا أن لهم عاقبة نصر، ولا ظهور عليكم، بما اعتصمتم بي، واتبعتم أمري، المصيبة التي أصابتكم منه بذنوب قدمتموها لأنفسكم، خالفتم فيها أمري، وعصيتم فيها نبيي١.
١٠٣٥- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ ما لم ينزل به سلطانا ﴾ أي : بيانا٢.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٢٧٩ رقم ٨٠٠٢) وابن أبي حاتم (٣/٧٨٥ رقم ٤٣١٧)..
٢ - مجاز القرآن (١/١٠٤)..
بسم الله الرحمن الرحيم١
قوله عز وجل :﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾ [ آل عمران : ١٥٢ ].
١٠٣٦-حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد ابن عبد الله بن جمهور، قال : حدثنا يعقوب بن محمد بن عيسى قال : حدثنا عبد العزيز بن عمران، قال : حدثنا بن عبد العزيز، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، عن أبيه، قال : قلت لعبد الرحمن ابن عوف : يا خال أخبرني عن قصتكم يوم أحد قال : اقرأ بعد العشرين ومائة، من آل عمران، تجد قصتنا ﴿ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال ﴾٢ إلى قوله :﴿ ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه ﴾ وذكر بقية الحديث٣.
١٠٣٧-حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، قال : حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، في حديثه عن عروة، قال : كانت وقعة أحد، في شوال، على رأس ستة أشهر من وقعة بني النضير، وكانت غزوة بني النضير، على رأس أشهر من وقعة بدر٤.
١٠٣٨-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا حجاج بن منهال، قال : حدثنا حماد، قال : حدثنا أبو الزبير، عن جابر بن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«رأيت كأني في درع حصينة، ورأيت بقرا منحرة، فأولت أن الدرع المدينة، وأن البقر بقر، والله خير. فلو أقمنا بالمدينة، فإن دخلوا علينا، قاتلناه » فقالوا : والله ما دُخلت علينا في الجاهلية، أفتدخل علينا في الإسلام ؟ ! قال : " فشأنكم إذا ! " فقالت الأنصار بعضها لبعض : رددنا على النبي صلى الله عليه وسلم رأيه، فجاءوا، فقالوا : يا رسول الله، شأنك ! فقال :«الآن ! إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها، حتى يقاتل »٥.
١٠٣٩-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن ابن شهاب، ومحمد بن يحيى ابن حيان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عمرو، وغيرهم، وقد اجتمع حديثهم كلهم فيما سقت من هذا الحديث، عن يوم أحد.
قال : خرجت قريش حتى نزلوا العينين٦، جبل ببطن السبخة، من قناة٧، على شفير الوادي، مما يلي المدينة، ونزلت قريش منزلها أحدا، يوم الأربعاء، فأقاموا ذلك اليوم، ويوم الخميس، ويوم الجمعة، ومضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى نزل بالشعب من إحدى عدوتي الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد، وأمر على الرماة عبد الله بن جبير، أخا بني عمرو ابن عوف، والرماة خمسون رجلا. فقال : انضح عنا٨ الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت علينا أو لنا فاثبت مكانك، لا نؤتين من قِبلِك !.
وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين٩، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه، فقام أبو دجانة فقال : أنا آخذه بحقه، فأعطاه إياه، وكان أبو دجانه رجلا شجاعا شجاعا يختال عند الحرب إذا كانت، وكان إذا علم بعصابة له حمراء، يتعصب بها على رأسه، علم الناس أنه سيقاتل، فلما أخذ السيف من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج عصابته، فعصبها برأسه، ثم جعل يتبختر بين الصفين١٠، وأقبل القوم حتى حميت الحرب، وقاتل أبو دجانة حتى أمعن في الناس١١. ١٢، وحمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، في رجال من المسلمين، فأنزل الله عز وجل نصره، وصدقهم وعده، فحسوهم بالسيف حتى كشفوهم عن العسكر، وكانت الهزيمة لا شك فيها١٣.
١٠٤٠-قال أحمد : فحدثنا إبراهيم، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد، عن الزبير، قال : والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم هند وصواحباتها، مشمرات هوارب، ما دون إحداهن قليل، ولا كثير١٤.
-قال محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم : إن اللواء مرتفع، حتى أخذته عمرة بن علقمة الحارثية، فدفعته لقريش، فلاذوا بها، وكان اللواء مع صواب غلام لبني طلحة، حبشي، وكان آخر من أخذه منهم، فقاتل [ بها ] حتى قطعت يداه، ثم ربك عليه، فأخذ اللواء بصدره وعنقه حتى قتل عليه وهو يقول : اللهم هل أعزرت ؟ ! ١٥ يقول : هل أعذرت١٦.
-قال أحمد : فحدثنا إبراهيم، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر، قال : وقاتل حمزة بن عبد المطلب حتى قتل أرطأة بن شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن قصي-وكان أحد النفر الذين يحملون اللواء- ثم مر به سباع بن عبد العزى الغبشاني، وكان يكنى بأبي نيار، فقال له حمزة : هلم إلي يابن مقطعة البظور ! / وكانت أمه أم أنمار، مولاة شريق بن عمرو ابن وهب والثقفي، وكانت ختانة بمكة، فلما التقيا ضربه حمزة فقتلته١٧.
قال محمد بن إسحاق : فقال حسان بن ثابت في قطع يدي صؤاب، حين تقاذعوا الشعر :
فخرتم باللواء وشر فخر لواء حين رد إلى صؤاب
جعلتم فخركم فيها لعبد من الأم من وطى عفر التراب
ظننتم، والسفيه له ظنون وما إن ذاك من أمر الصواب١٨
بأن جلادنا يوم التقينا بمكة بيعكم حمر العياب١٩
أقر العين أن عصبت يداه وما إن تعصبان على خضاب٢٠
١٠٤١-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد ابن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير، عن الزبير، قال : مالت الرماة إلى العسكر، حتى كشفنا القوم عنه يريدون النهب، وخلوا ظهورنا للجبل، يعني : يوم أحد، وصرخ صارخ ألا إن محمدا قد قتل، فانكشفنا، وانكفأ علينا القوم أن أصبنا أصحاب اللواء، حتى ما يدنو منه أحد، من القوم٢١.
قال وحشي، غلام جبير بن مطعم : والله إني لأنظر إلى حمزة، يهد٢٢ الناس بسيفه ما يليق٢٣ شيئا. . . . ٢٤ مثل الجمل الأورق٢٥. ٢٦ إذ تقدمني إليه سباع، فقال له حمزة : هلم إلي يا ابن مقطعة البظور، فضربه، فكأنما أخطأ رأسه، وهززت حربتي حتى إذا رضيت منها، دفعتها عليه، فوقعت في ثنته٢٧ حتى خرجت من بين رجليه، فأقبل نحوي، فغُلب فوقع، فأهملته٢٨ حتى إذا مات جئت، فأخذت حربتي، ثم تنحيت إلى العسكر، ولم يكن لي بشيء حاجة غيره٢٩.
١٠٤٢-فوقفت هند بنت عتبة كما حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم، عن محمد بن إسحاق، عن صالح بن كيسان، قال : وقفت هند بنت عتبة، والنسوة اللاتي / معها، يمثلن بالقتلى، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجدعن الآذان والآنف، حتى اتخذت هند من آذان الرجال وآنفهم خدما٣٠وقلائد، وأعطت خدمها وقلائدها وقرطها وحشيا، غلام جبير بن مطعم، وبقرت عن كبد حمزة، ولاكتها٣١ فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها٣٢، ثم علت على صخرة مشرفة، فصرخت بأعلى صوتها٣٣.
١٠٤٣-قال ابن إسحاق، عن صالح بن كيسان، أنه حدث، أن عمر بن الخطاب قال لحسان بن ثابت : يا ابن الفريعة٣٤ لو سمعت هندا ورأيت أشرها، قائمة على صخرة، ترتجز بنا، وتذكر ما صنعت بحمزة٣٥ ؟ ! وقد كان الحُليس بن زبان، أخو بني الحارث بن عبد مناف-وهو يومئذ سيد الأحابيش- قد مر بأبي سفيان، وهو يضرب في شدق حمزة عن عبد المطلب بزج الرمح، ويقول : ذق عقق٣٦. فقال الحليس : يا بني عبد كنانة، هذا سيد قريش يصنع بابن عمه كما ترون، فقال : ويحك ! اكتمها علي، فإنها زلة كانت٣٧.
قال ابن إسحاق، أنه بلغه، قال : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتمس حمزة ابن عبد المطلب، فوجده ببطن الوادي، قد بقر بطنه عن كبده، ومثل به، فجدع أنفه وأذناه٣٨.
١٠٤٤-فحدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال حين رأى به ما رأى : لولا أن تحزن صفية، أو تكون سنة بعدي، لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير.
فلما رأى المسلمون حزن رسول الله وغيظه على ما فعل بعمه، قالوا : والله لئن أظهرنا الله عليهم، لنمثلن بهم.
قال إبراهيم بن سعد : وبلغني أن عبد الرحمن بن عوف. . ٣٩ يومئذ، وبه إحدى وعشرون جراحة وهتم٤٠، وجرح في رجله، فعرج من ذلك الجرح٤١.
وقد أقبلت –فيما بلغني- صفية بنت عبد المطلب، لتنظر إليه، وكان أخاها لأمها٤٢. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنها الزبير بن العوام : القها فأرجعها ؛ لا ترى/ ما بأخيها، فلقيها الزبير بن العوام، فقال لها : يا أمه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي، فقالت : ولم ؟ وقد بلغني أن قد مثل بأخي، وذلك في﴿ ذات ﴾ الله، فما أرضانا بما كان من ذلك !. لأصبرن ولأحتسبن إن شاء الله.
فلما جاء الزبير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك، قال : خل سبيلها، فأتته، فنظرت إليه، فصلت عليه واسترجعت٤٣، واستغفرت له، ثم أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفن.
فزعم آل عبد الله بن جحش –وكان لأميمة بنت عبد المطلب حمزة خاله، وكان قد مثل به كما مثل بحمزة، إلا أنه لم يبقر عن كبده- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفنه مع حمزة في قبره، ولم أسمع ذلك إلا عن أهله.
قال : وقد احتمل أناس من المسلمين قتلاهم إلى المدينة، فدفنوهم بها، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقال : ادفنوهم حيث صرعوا٤٤.
قال ابن إسحاق : ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدار من دور الأنصار، من بني عبد الأشهل وظفر، فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم، فذرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى، ثم قال : لكن حمزة لا بواكي له ! فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حصين إلى دار بني عبد الأشهل، أمر نساءهم أن يتحزمن من ثم يذهبن فيبكين على حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم٤٥.
قال ابن إسحاق : فحدثني حكيم بن حكيم عن عباد بن حنيف، عن بعض رجال بني عبد الأشهل، قال : لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بكاءهن على حمزة، خرج إليهن –وهن على باب المسجد يبكين عليه- فقال : ارجعن يرحمكن الله فقد آسيتن بأنفسكن٤٦. ٤٧.
قوله جل عز :﴿ إذ تحسونهم بإذنه ﴾ [ آل عمران : ١٥٢ ].
١٠٤٥-حدثنا موسى بن هارون، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن عبد الله بن جمهور، قال : حدثنا يعقوب بن محمد بن عيسى، قال : حدثنا عبد العزيز بن عمران، قال : حدثنا محمد بن عبد العزيز، عن الزهري، عن عبد الرحمان بن المسور بن مخرمة، عن أبيه، قال : قلت لعبد الرحمن بن عوف : يا خال أخبرني عن يوم أحد، قال : اقرأ ﴿ وإذ غدوت من أهلك ﴾ إلى قوله عز وجل :﴿ إذ تحسونهم بإذنه ﴾ قال : الحس : القتل٤٨. ٤٩.
١٠٤٦-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس :﴿ إذ تحسونهم بإذنه ﴾ يقول ابن عباس : الحس القتل٥٠.
١٠٤٧-حدثنا موسى، قال : حدثنا عبد الأعلى، قال : حدثنا مسلم، عب ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ إذ تحسونهم بإذنه ﴾ قال : إذ تقتلونهم٥١.
وممن قال بهذا القول : سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، وقتادة.
١٠٤٨-حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إذ تحسونهم بإذنه ﴾ إذ تح
١ البسملة هنا لابتداء جزء جديد هو الجزء السادس عشر..
٢ -الآية رقم ١٢١ من نفس السورة..
٣ - سبق ذكره عند تفسير الآيات: ١٢٠، ١٤٣، من هذه السورة، وسيأتي كذلك عند تفسير قوله تعالى: ﴿إذ تحسونهم بإذنه﴾ من هذه الآية ١٥٢..
٤ -مصنف عبد الرزاق (٥/٣٦٣ رقم ٩٧٣٥)..
٥ -أخرجه الإمام أحمد (٣/٣٥١)، والدارمي (٢١٥٩)، والحاكم (٢/١٢٨-١٢٩)..
٦ -العينين: جبل عند أحد. المغانم المطابة (ص ٢٩٧)..
٧ -قناة: واد بين أحد والمدينة وهو أحد أوديتها الثلاثة، وهي: العقيق وبطحان وقناة، المغانم المطابة (ص ٣٥١)..
٨ - انضح عنا: أي: نافح وذب عنا..
٩ - ظاهر بين درعين: أي ليس درعا فوق درع..
١٠ -أخرجه ابن جرير (٧/٢٨٣-٢٨٤ رقم ٨٠٠٨)، وتقدم عند المؤلف برقم (٨٨٥) بطوله عند تفسير قوله تعالى ﴿وإذ غدوت من أهلك﴾ الآية ١٢١ من هذه السورة (آل عمران) وتقدم كذلك مختصرا عند تفسير قوله تعالى: ﴿ولقد كنتم تمنون الموت﴾ الآية ١٤٣ من نفس السورة..
١١ -أمعن في الأمر: أبعد، وأمعن الضب في حجره: غاب في أقصاه. القاموس مادة: معن. والمراد هنا أنه تغلغل في الناس، ودخل في صفوفهم..
١٢ -سيرة ابن هشام (٢/٦٨)..
١٣ سيرة ابن هشام (٢/١١٣، ٧٧)..
١٤ -سيرة ابن هشام (٢/٧٧)..
١٥ -بالزاي: حكاية لقول الحبشي للكنة في لسانه فغير الذال إلى الزاي، وفسر الراوي مراده..
١٦ -سيرة ابن هشام (٢/٧٨)..
١٧ -سيرة ابن هشام (٢/٦٩)..
١٨ -في الديوان: وذلك ليس من أمر الصواب..
١٩ -حمر العياب: العياب جمع عيبة، وهي ما يجعل فيه الثياب من زبيل ونحوه، القاموس (عيب ١٥٦)..
٢٠ -سيرة ابن هشام (٢/٧٨)، والأبيات في ديوان حسان (ص ٤٣، ٤٤) حصاب:.
٢١ -سيرة ابن هشام (٢/٧٧-٧٨)..
٢٢ -يهد: يردي ويهلك..
٢٣ -ما يليق: ما يبقي..
٢٤ بياض بمقدار كملة واحدة غير مقرؤة.
٢٥ -سيرة ابن هشام (٢/٧٧/٧٨)..
٢٦ -الجمل الأورق: ما في لونه بياض إلى سواد، القاموس (ورق ١١٩٨)..
٢٧ -الثنة: ما بين أسفل البطن إلى العانة..
٢٨ -أهملته: أي تركته حتى أتأكد من خروج روحه، وفي سيرة ابن هشام (أمهلته)..
٢٩ -سيرة ابن هشام (٢/٦٩-٧٠، ٧١-٧٢)..
٣٠ -خدم: بفتحتين جمع خدمة، وهي الخلخال..
٣١ -لاكتها: مضغتها..
٣٢ -لفظتها: طرحتها من فمها..
٣٣ -سيرة ابن هشام (٢/٩١) وذكر الشعر الذي رفعت به صوتها، ورد إحدى الصحابيات عليها..
٣٤ -أراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقوله لحسان: يا ابن الفُريعة أم حسان رضي الله عنها الفُريعة بنت خالد بن خنيس وكان يعرف بها، وفريعة كجهينة، ينظر القاموس مادة (فرع ص ٩٦٤)..
٣٥ -سيرة ابن هشام (٢/٩٢)..
٣٦ -ذق عقق: أراد يا عاق، فعدل إلى الفعل..
٣٧ -سيرة ابن هشام (٢/٩٣)..
٣٨ -سيرة ابن هشام (٢/٩٥-٩٦)..
٣٩ بياض في الأصل بمقدار كلمة وفي سيرة ابن هشام (٢/٨٣). "... أن عبد الرحمن بن عوف أصيب فوه يومئذ فهُتم، وجرح..".
٤٠ -هتم أي: كسرت ثنيته..
٤١ -سيرة ابن هشام (٢/٨٣)..
٤٢ -في سيرة ابن هشام (وكان أخاها لأبيها وأمها)..
٤٣ -الاسترجاع هو قول "إنا لله وإنا إليه راجعون"..
٤٤ -سيرة ابن هشام (٢/٩٧/٩٨)..
٤٥ -سيرة ابن هشام (٢/٩٩)..
٤٦ -أي جلبتن لأنسفكن الأسى بما صنعتن من البكاء وهنا تتجلى رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بسيد الشهداء رضي الله عنه، ثم بأولئك النسوة اللاتي بكين عنه..
٤٧ -سيرة ابن هشام (٢/٩٩)..
٤٨ -أخرجه ابن جرير (٧/٢٨٧ رقم٨٠١٢)..
٤٩ - تقدم هذا الأثر عند تفسير الآيات ١٢، ١٤٣، وعند تفسير أول هذه الآية ١٥٢ من هذه السورة آل عمران، عند قوله تعالى: ﴿ولقد صدقكم الله وعده﴾..
٥٠ -أخرجه الإمام أحمد (رقم ٢٦٠٩)، وابن أبي حاتم (٣/٧٨٦ رقم ٤٣٢٥)، والطبراني، في المعجم الكبير (١٠/٣٦٥/٣٦٧ رقم ١٠٧٣١)، والحاكم وصححه (٢/٢٩٦/٢٩٨)، والبيهقي في الدلائل (٣/٢٦٩/٢٧١)، وابن جرير (٧/٢٨٧ رقم ٨٠١٣) عن عبيد الله بن عبد الله-مقطوعا عليه..
٥١ -أخرجه ابن جرير (٧/٢٨٨ رقم ٨٠١٤) والبيهقي في الدلائل (٣/٢٢٨)..
قوله عز وجل :﴿ إذ تصعدون ﴾ [ آل عمران : ١٥٣ ].
١٠٦٨-حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا عمرو بن محمد، قال : حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي، قال : لما كان يوم أحد وانهزم الناس صعدوا في الجبل، والرسول يدعوهم في أخراهم، فقال الله عز وجل :﴿ إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم ﴾.
١٠٦٩-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن جريح :﴿ إذ تصعدون ﴾ قال : صعدوا في أحد فرارا١.
١٠٧٠-حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن رافع، قال : حدثنا شبابة، قال : حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد [ ح ].
-قال زكريا : وحدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال : فجعلوا يصعدون في الجبل، والرسول يدعوهم في أخراهم٢.
١٠٧١-حدثنا علي، قال : حدثنا أبو غسان، قال : حدثنا زهير، قال : حدثنا أبو إسحاق، قال : سمعت البراء بن عازب يحدث قال : جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة يوم أحد- وكانوا خمسين رجلا- عبد الله بن جبير، ووضعهم مكانا، وقال لهم : إن رأيتمونا يتخطفنا الطير، فلا تبرحوا مكانكم هذا، حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم، فلا تبرحوا، حتى أرسل إليكم.
وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال : مضى فيمن معه، فهزمهم، فأنا-والله- رأيت النساء يشتددن على الحبل، قد بدت خلاخلهن وأسواقهن، ورافعات ثيابهن، فقال أصحاب عبد الله بن جبير : الغنيمة أي قوم الغنيمة، ظهر أصحابكم، فما تنتظرون ؟ !. فقال : أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ! قالوا : إنا-والله-لنأتين الناس فنصبين من الغنيمة، فلما أتوهم صرفت وجوههم، فأقبلوا منهزمين، وذلك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم، فلم يبق مع رسول الله غير اثني عشر رجلا، فأصابوا منا سبعين، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصابوا يوم بدر من المشركين أربعين ومائة، سبعين أسيرا، وسبعين قتيلا.
فقال أبو سفيان : أفي القوم محمدا ؟ أفي القوم محمدا ؟ أفي القوم محمدا ؟ فنهاهم رسول الله أن يجيبوه فقال : أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ ثلاث مرات، ثم قال : أفي القوم ابن الخطاب ؟ ثلاث مرات. ثم رجع إلى أصحابه فقال : أما هؤلاء فقد قتلوا، فما ملك عمر نفسه. فقال : كذبت –والله- يا عدو الله ! إن الذين عددت لأحياء كلهم، وقد بقي لك ما يسوؤك !.
فقال : يوم بيوم بدر، والحرب سجال، إنكم ستجدون في القوم مُثلة، لم آمر بها، ولم تسوؤني. ثم أخذ يرتجز، أعل هبل ! ! أعل هبل ! ! فقال لهم رسول الله : " ألا تجيبوه ؟ " قالوا يا رسول الله ما نقول ؟ قال : قولوا : " الله أعلى وأجل ". قال : إن لنا العزة ولا عزى لكم، / فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا تجيبوه ؟ ! " فقالوا : يا رسول الله مانقول ؟ ! قال : قولوا : " الله مولانا ولا مولى لكم " ٣.
قوله عز وجل :﴿ ولا تلوون على أحد ﴾ [ آل عمران : ١٥٣ ].
١٠٧٢-حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، قوله عز وجل :﴿ إذ تصعدون ولا تلوون على أحد ﴾ ذاكم يوم أحد صعدوا في الوادي فرارا، ونبي الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى عباد الله٤.
١٠٧٣-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ إذ تصعدون ﴾ في الأرض، قال الحادي :-
قد كنت تبكين على الإصعاد فاليوم سرحت وصاح الحادي
وأصل الإصعاد : الصعود في الجبل، ثم جعلوه في الدرج، ثم جعلوه في الارتفاع في الأرض، أصعد فيها أي : تباعد٥.
وقال بعضهم٦ في قوله عز وجل :﴿ إذ تصعدون ولا تلوون على أحد ﴾ لأنك تقول : أصعد أي : مضى وسار، وأصعد في الوادي انحدر فيه، وأما صعد، فارتقى٧.
قوله عز وجل :﴿ والرسول يدعوكم في أخراكم ﴾ [ آل عمران : ١٥٣ ].
١٠٧٤-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ والرسول يدعوكم في أخراكم ﴾ أي عباد الله ارجعوا ! أي عباد الله ارجعوا ! ٨.
١٠٧٥-حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ والرسول يدعوكم في أخراكم ﴾.
قال : صعدوا في الوادي فرارا، ونبي الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم : إليّ عباد الله٩.
١٠٧٦-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ أخراكم ﴾ آخركم١٠.
قوله عز وجل :﴿ فأثابكم غما بغم ﴾ [ آل عمران : ١٥٣ ].
١٠٧٧-حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، في قوله عز وجل :﴿ غما بغم ﴾ قال : الغم الأول : الجراح والقتل، والغم الآخر : حين سمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل. فأنساه الغم الآخر ما أصابهم من الجراح والقتل، وما كانوا يرجون من الغنيمة، وذلك حين يقول :﴿ لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم ﴾١١.
١٠٧٨-حدثنا محمد بن علي، قال :/حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ فأثابكم غما بغم ﴾، كانوا يحدثون أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أصيب، وكان الغم الآخر قتل أصحابهم، والجراحات التي أصابتهم، ذكر لنا أنه قتل يومئذ سبعون رجلا١٢.
١٠٧٩-حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ فأثابكم غما بغم ﴾ قال : فرة بعد الفرة الأولى، حين سمعوا الصوت أن محمدا قد قتل، فرجعوا الكفار فضربوهم مدبرين، حتى قتلوا منهم سبعين رجلا، ثم انحازوا إلى النبي، فجعلوا يصعدون في الجبل، والرسول يدعوهم في أخراهم.
وقال بعضهم١٣ في قوله عز وجل :﴿ فأثابكم غما بغم ﴾ أي : على غم، كما قال :﴿ في جذوع النخل ﴾١٤ ؛ أي : على جذوع النخل، كما قال : ضربني في السيف، يريد : بالسيف١٥.
قوله عز وجل :﴿ لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ﴾ [ آل عمران : ١٠٣ ]
١٠٨٠-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، قال : وقال غير مجاهد :﴿ فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ﴾ من غنائم القوم ﴿ ولا ما أصابكم ﴾ في أنفسكم ﴿ فأثابكم غما بغم ﴾ لما انهزم المسلمون١٦ كانوا في هم وحزن، حتى إذا جاء أبو سفيان فوقف هو وأصحابه بباب الشعب، فظنوا أهم سيميلون عليهم، فيقتلونهم، فأصابهم غم وهم، وأنساهم غمهم الأول١٧.
قوله عز وجل :﴿ ولا ما أصابكم ﴾ الآية [ آل عمران : ١٥٣ ].
١٠٨١-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ﴾ من غنيمة القوم ﴿ ولا ما أصابكم ﴾ في أنفسكم من القتل والجراحات١٨.
١ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٠٢ رقم ٨٠٥٣) وفي الدر المنثور (٢/٣٥٠) من طريق ابن جريج عن ابن عباس..
٢ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٠٢ رقم ٨٠٥١) وابن أبي حاتم (٣/٧٩١ رقم ٤٣٤٧)..
٣ -تقدم تخريجه برقم (١٠٩٠) بغير هذا السياق، وهنا زيادات على ما هناك..
٤ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٠١ رقم ٨٠٤٩) وابن أبي حاتم (٣/٧٩٠ رقم ٤٣٤٤)..
٥ -مجاز القرآن (١/١٠٥)..
٦ -يعني به الأخفش سعيد بن مسعدة..
٧ -معاني القرآن للأخفش (١/٢١٧)..
٨ -أخرجه ابن جرير، من طريق ابن جريج، عن ابن عباس (٧/٣٠٣ رقم ٨٠٥٤)..
٩ -تقدم برقم (١٠٩٤).
١٠ -مجاز القرآن (١/١٠١)..
١١ -أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٤٠ رقم ٤٧٢) وابن جرير (٧/٣٥ رقم ٨٠٥٩) وابن أبي حاتم (٣/٧٩١ رقم ٤٣٤٨)..
١٢ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٠٥ رقم ٨٠٥٩)..
١٣ *-يعني به الأخفش سعيد بن مسعدة..
١٤ -من الآية ٧١ من سورة طه..
١٥ -معاني القرآن للأخفش (١/٢١٨)..
١٦ في الأصل (المسلمين)..
١٧ -أخرجه ابن جرير (٧/٣١١ رقم ٨٠٦٨)..
١٨ -أخرجه ابن أبي حاتم بنحوه (٣/٧٩٢ رقم ٤٣٥٣)..
قوله عز وجل :﴿ ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا ﴾ [ آل عمران : ١٥٣ ].
١٠٨٢-حدثنا زكريا، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي رزين، قال : قال عبد الله : النعاس في القتال أمنة، والنعاس في الصلاة من الشيطان١.
١٠٨٣-حدثنا موسى بن هارون، وابن بنت منيع، قالا : حدثنا يحيى الحِمّاني، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي، عن أبي عون، عن المسور ابن مخرمة، عن/عبد الرحمن بن عوف، ﴿ ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا ﴾ قال : ألقي عليهم النوم٢.
١٠٨٤-حدثنا محمد بن إسماعيل، قال : حدثنا يوسف بن البهلول، قال : حدثنا ابن إدريس، عن ابن إسحاق، قال : حدثني يحيى بن عباد، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، قال : قال الزبير : لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين اشتد علينا الخوف، أرسل الله علينا النوم، فما منا رجل إلا ذقنه في صدره ! فو الله إني لأسمع كالحلم قول معتب بن قشير :﴿ لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا ﴾٣.
١٠٨٥-حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ فأثابكم غما بغم ﴾ أي : كربا بعد كرب، بقتل من قُتل من إخوانكم، وعلو عدوكم عليكم، وما وقع في أنفسكم من قول من قال : قد قتل نبيكم، فكان ذلك هما تتابع عليكم، غما بغم، ﴿ لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ﴾ من ظهوركم على عدوكم، بما رأيتموهم بأعينكم ﴿ ولا ما أصابكم ﴾ من قبل إخوانكم، حتى فرجت ذلك الكرب عنكم ﴿ والله خبير بما تعملون ﴾، وكان الذي فرج عنهم ما كانوا فيه من الكرب والغم الذي أصباهم أن الله عز وجل رد عليهم، كذبة الشيطان بقتل نبيهم، فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا بين أظهرهم، هان عليهم ما فاتهم من القوم، بعد الظهور عليهم، والمصيبة التي أصابتهم في إخوانهم، حين صرف القتل عن نبيهم صلى الله عليه وسلم٤.
قوله عز وجل :﴿ يغشى طائفة منكم ﴾ [ آل عمران : ١٥٤ ].
١٠٧٦-حدثنا محمد بن إسماعيل، قال : حدثنا شباب بن خليفة العصفري، قال : حدثنا يزيد بن زريع، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس، عن أبي طلحة، قال : كنت فيمن أنزل عليهم النعاس يوم أحد، سقط سيفي من يدي مرارا، يسقط وآخذه، ويسقط وآخذه٥.
١٠٨٧-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة ﴿ يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ﴾ وذاكم يوم أحد، كانوا يومئذ فريقين، فأما المؤمنون : يغشاهم الله بالنعاس، أمنة منه ورحمة٦/.
قوله عز وجل :﴿ وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ﴾ [ آل عمران : ١٥٤ ].
١٠٨٨-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ﴾ وذلك أن المنافقين قالوا لعبد الله بن أبيّ-وكان سيد المنافقين في أنفسهم- قتل اليوم بنو الخزرج ! فقال : وهل لنا من الأمر شيء٧ ؟ ! أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، وقال : لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل.
١٠٧٩-حدثنا زكريا، قال : حدثنا أبو صالح، عن خارجة، عن سعيد، عن قتادة :﴿ يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ﴾ كانوا يومئذ فريقين، فأما المؤمنون : فغشاهم النعاس أمنة ورحمة، وأما الطائفة الأخرى : المنافقون، ليس لهم هم إلا أنفسهم، أجبن قوم وأرعبه، وأخذله للحق، يظنون بالله غير الحق٨.
قوله عز وجل :﴿ يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء ﴾ [ آل عمران : ١٥٤ ].
١٠٩٠-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا زيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ يظنون بالله غير الحق ﴾ ظنونا كاذبة، إنما هم أهل شرك وريبة في أمر الله٩.
قوله عز وجل :﴿ يقولون هل لنا من الأمر من شيء ﴾ الآية [ آل عمران : ١٥٤ ].
١٠٩١-حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال : حدثنا يوسف بن البهلول، قال : حدثنا ابن إدريس، عن ابن إسحاق، قال : حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، قال : قال الزبير : أرسل الله علينا النوم ( يعني : يوم أحد ) فو الله إني لأسمع كالحلم قول معتب بن قشير :﴿ لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا ﴾ فحفظتها منه، وفي ذلك أنزل الله عز وجل :﴿ ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا ﴾ إلى قوله :﴿ ما قتلنا هاهنا ﴾، لقول معتب بن قشير١٠.
قوله عز وجل :﴿ قل لو كنتم في بيوتكم ﴾ [ آل عمران : ١٥٤ ].
١٠٩٢-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ قل لو كنتم في بيوتكم ﴾ لم تحضروا هذا الموطن الذي أظهر الله/ فيه منكم ما أظهر من سرائركم، لأخرج الذين كتب عليهم القتل إلى موطن غيره، يصرعون فيه، حتى يبتلي به ما في صدورهم، ويمحص به ما في قلوبهم ﴿ والله عليم بذات الصدور ﴾ أي : لا يخفى عليه ما في صدورهم، مما استخفوا به منكم.
وقال بعضهم :﴿ وليبتلي الله ما في صدوركم ﴾ أي : كي يبتلي الله ما في صدوركم.
١ -أخرجه ابن جرير (٧/٣١٩ رقم ٨٠٨٣) وابن أبي حاتم (٣/٧٩٣ رقم ٤٣٦٠)..
٢ -أخرجه ابن جرير (٧/٣١٨ رقم ٨٠٧٩) وابن أبي حاتم (٣/٧٩٣ رقم ٤٣٥٨) والبيهقي في الدلائل (٣/٢٧٤)..
٣ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٢٣ رقم ٨٠١٩٤)، وابن أبي حاتم (٣/٧٩٥ رقم ٤٣٧٣)، والبيهقي في الدلائل (٣/٢٧٣)، وأخرجه الترمذي (٣٠٠٧) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير..
٤ -سيرة ابن هشام (٣/١٢١، ١٢٢)، وأخرجه ابن جرير (٧/٣١١ رقم ٨٠٦٧)..
٥ -أخرجه البخاري (٤٥٦٢)..
٦ -أخرجه ابن جرير (٧/٣١٨ رقم ٨٠٨٠)..
٧ -ـأخرجه ابن جرير (٧/٣٢٢ رقم ٨٠٩٣)..
٨ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٢٠ رقم ٨٠٨٧) وابن أبي حاتم (٣/٧٩٤ رقم ٤٣٦٥)..
٩ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٢٠ رقم ٧٠٨٧) وابن أبي حاتم (٣/٧٩٤ رقم ٤٣٦٧)..
١٠ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٢٣ رقم ٨٠٩٤) وابن أبي حاتم (٣/٧٩٤ رقم ٤٣٧٢) والبيهقي في الدلائل (٣/٢٧٣) وقد سبق قريبا دون قوله في آخره: "لقول معتب بن قشير"..
قوله عز وجل :﴿ إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان ﴾ [ آل عمران : ١٥٥ ].
١٠٩٣-حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى الحماني، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر، عن أبي عون، عن المسور بن مخرمة، عن عبد الرحمن ابن عوف :﴿ إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان ﴾ قال : هم ثلاثة، واحد من المهاجرين، واثنان من الأنصار١.
١٠٩٤-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مولى ابن عباس٢، في قوله عز وجل :﴿ إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان ﴾ قال : عثمان والوليد بن عتبة، وخارجة ابن زيد، ورفاعة بن معلى٣.
١٠٩٥-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان ﴾ والذين استزلهم الشيطان : فلان، وسعد بن عثمان، وعقبة بن عثمان، الأنصاريان، الزرقيان، وقد كان الناس انهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى بعضهم إلى المنقى٤، دون الأعوص٥، وفر عقبة بن عثمان، وسعد بن عثمان، حتى بلغوا الجلعب : جبل، بناحية المدينة، مما يلي الأعوص فأقاموا به ثلاثا، ثم رجعوا إلى رسول الله. فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لقد ذهبتم فيها عريضة " ٦. ٧
١٠٩٦-حدثنا زكريا، قال : حدثنا محمد بن يحيى، قال : حدثنا معاوية بن عمرو، قال : حدثنا زائدة، عن عاصم، عن شقيق، قال : لقي عبد الرحمن بن عوف الوليد بن عتبة، فقال له الوليد : ما لي أراك جفوت أمير المؤمنين، عثمان ؟ ! ‍ فقال عبد الرحمن : أبلغه أني لم أفر يوم عينين قال عاصم : هو يوم أحد. ولم أتخلف عن بدر، ولم أترك سنة عمر. قال : فانطلق فخبر بذلك عثمان، / فقال : أما قوله : إني لم أفر يوم عينين فكيف يعيرني بذنب، قد عفا الله عنه، فقال :﴿ إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم ﴾ ؟ ‍ !. وأما قوله : إني تخلفت يوم بدر فإني كنت أمرض رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ماتت، وضرب لي رسول الله بسهمه، ومن ضرب له رسول الله بسهمه، فقد شهد. وأما قوله : إني لم أترك سنة عمر، فإني لا أطيقها ولا هو. ! فأته، فحدثه بذلك.
١ -أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٩٦ رقم ٤٣٧٩)..
٢ -هو عكرمة كما صرح بذلك ابن جرير وغيره..
٣ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٢٩ رقم ٨١٠٢) وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٢/٣٥٥) إلى عبد بن حميد..
٤ -المنقي: بالضم، وتشديد القاف، بين أحد والمدينة، وهو دون الأعوص، مراصد الإطلاع (٣/١٣٢٤)..
٥ -الأعوص: موضع قرب المدينة..
٦ -يقول محمود شاكر رحمه الله في تعليقه على رواية ابن جرير (٧/٣٢٩) قوله: "لقد ذهبتم فيها عريضة" أي واسعة. الضمير في قوله "فيها" إلى "الأرض" يقول: لقد اتسعت منادح الأرض في وجوهكم حين فررتم، فأبعدتم المذهب، يتعجب من فعلهم هذا..
٧ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٢٩ رقم ٨١٠٤) وعبد بن حميد كما نقله عنه الحافظ (مسندا) في العجاب (٢/٧٧٢-٧٧٣)..
قوله عز وجل :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم ﴾ الآية [ آل عمران : ١٥٦ ].
١٠٩٧-حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إذا ضربوا في الأرض ﴾ الضرب في الأرض : في طاعة الله، وطاعة رسوله١.
١٠٩٨-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ إذا ضربوا في الأرض ﴾ تقول ضربت في الأرض، أي : تباعدت٢.
١٠٩٩-حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ أو كانوا غزى ﴾، قال : هو قول المنافق : عبد الله بن أبي بن سلول٣.
١١٠٠-حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن ابن إسحاق :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا ﴾ الآية، أي : لا تكونوا كالمنافقين، الذين ينهون إخوانهم، عن الجهاد في سبيل الله، والضرب في الأرض، في طاعة الله وطاعة رسوله، ويقولون إذا ماتوا أو قتلوا : " لو أطاعونا ما ماتوا وما قتلوا " ٤ ﴿ ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم ﴾، لقلة يقينهم.
١١٠١-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ أو كانوا غزى ﴾ لا يدخلها رفع، ولا جر، ذلك لأن واحدها غاز، فخرجت مخرج قائل وقول فعل. وقال رؤبة :
وقول : إلاده فلاده٥
يقول : إن لم يكن هذا فلاذا. وهذا مثل قولهم : إن لم تترك هذا اليوم فلا تتركه أبدا، وإن لم ذاك الآن، لم يكن أبدا٦. ٧.
قوله عز وجل :﴿ لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ﴾/ [ آل عمران : ١٥٦ ]
١١٠٢-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثورن عن ابن جريج :﴿ ما ماتوا وما قتلوا ﴾ قال : فترادّ عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلثمائة وبضعة عشر٨.
١١٠٣-حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ﴾. ويقولون إذا ماتوا أو قتلوا : " لو أطاعونا ما ماتوا وما قتلوا " ﴿ ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم ﴾ لقة يقينهم٩.
قوله عز وجل :﴿ والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير ﴾ [ آل عمران : ١٥٦ ].
١١٠٣-حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير ﴾، والله يحيي ويميت أي : يُعجّل من يشاء، ويؤخر من يشاء في ذلك، من آجالهم بقدرته١٠.
١ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٣١ رقم ٨١١٠) وابن أبي حاتم (٣/٧٩٩ رقم ٤٣٩٧)..
٢ -مجاز القرآن (١/١٠٦)..
٣ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٣١ رقم ٨١٠٨) وابن أبي حاتم (٣/٧٩٩ رقم ٤٣٩٧). وزاد في الدر المنثور (٢/٣٥٧) نسبته إلى الفريابي، وعبد بن حميد..
٤ هكذا في الأصل، وقد أثبته على أنه من سياق تفسير الآية. أما موضع هذا من الآية فهو قوله تعالى: ﴿لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا﴾ الآية ١٥٦، وفي الآية ١٦٨ ﴿لو أطاعونا ما قتلوا﴾ فبذلك يتضح أنه في سياق تفسير الآية)
.

٥ -البيت لرؤبة بن العجاج من قصيدته التي يذكر فيها نفسه وشبابه وقبل هذا البيت.
فاليوم قد نهنهني تنهنهي وأول حلم ليس بالمسفه
ديوان رؤبة ص: ١٢٢..

٦ -مجاز القرآن (١/١٠٢-١٠٧)..
٧ -قال الشيخ محمود شاكر: "وقد اختلف في تفسير "إلا ده فلاده" اختلاف كثير" إلى أن قال: "ومهما يكن من أصله، فإن رؤبة يريد: زجرني عن ذلك كف نفسي عن الغي، وأوبة حلم أطاره جنون الشباب، وقول ناصحين: إن لم ترعو الآن عن غيك فلن ترعو الآن ما عشت!" ابن جرير (٧/٣٣٣)..
٨ -أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٩٩ رقم ٤٤٠٠)..
٩ -أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٩٩ رقم ٤٣٩٩)..
١٠ -سيرة ابن هشام (٣/١٢٣) وأخرجه ابن جرير (٧/٣٣٦ رقم ٨١١٦) وابن أبي حاتم (٣/٨٠٠ رقم ٤٤٠٣)..
قوله عز وجل :﴿ ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم ﴾ الآية [ آل عمران : ١٥٧ ].
١١٠٥-حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ﴾، أي : إن الموت لكائن، لابد منه، فموت في سبيل الله أو قتل، خير-لو علموا وأيقنوا-، مما يجمعون في الدنيا، أي : يتأخرون عن الجهاد ؛ لخوف الموت أو القتل، لما جمعوا من زهيد الدنيا، زهادة في الآخرة١.
١ -سيرة ابن هشام (٣/١٢٣) وأخرجه ابن جرير (٧/٣٣٧ رقم ٨١١٧) وابن أبي حاتم (٣/٨٠٠ رقم ٤٤٠٤)..
قوله عز وجل :﴿ ولئن متم أو قتلتم ﴾ الآية [ آل عمران : ١٥٨ ].
١١٠٦-حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : أخبرنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ لئن متم أو قتلتم ﴾ أي ذلك كائن، إذ إلى الله المرجع، فلا تغرنكم الدنيا، ولا تغتروا بها، وليكن الجهاد وما رغبكم الله فيه منه، آثر عندكم منها١.
١ -سيرة ابن هشام (٣/١٢٣) وأخرجه ابن جرير (٧/٣٣٩ رقم ٨١١٨) وابن أبي حاتم (٣/٨٠٠ رقم ٤٤٠٥)..
قوله عز وجل :﴿ فبما رحمة من الله لنت لهم ﴾ [ آل عمران : ١٥٩ ].
١١٠٧-حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله عز وجل :﴿ فبما رحمة من الله لنت لهم ﴾، قال : يقول : من رحمة الله لنت لهم١.
١١٠٨-أخبرنا علي بن عبد العزيز قال، حدثنا الأثرم عن أبي عبيدة :﴿ فبما رحمة من الله ﴾ أعملت الباء فيها فجررتها بها، كما نصبت هذه الآية :﴿ إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة ﴾٢. ٣/.
قوله عز وجل :﴿ ولو كنت فظا غليظ القلب ﴾ [ آل عمران : ١٥٩ ].
١١٠٩-حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة :﴿ ولو كنا فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ﴾، قال قتادة : طهره الله من الفظاظة والغلظة، وجعله قريبا رحيما رؤوفا المؤمنين٤.
قوله عز وجل :﴿ لانفضوا ﴾ [ آل عمران : ١٥٩ ].
١١١٠-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن ابن عباس، في قوله :﴿ ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ﴾ أي : لانصرفوا عنك٥.
١١١١-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ لانفضوا من حولك ﴾ أي : تفرقوا على كل وجه٦.
١١١٢-حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ لانفضوا من حولك ﴾ أي : لتركوك٧.
قوله عز وجل :﴿ فاعف عنهم واستغفر لهم ﴾ [ آل عمران : ١٥٩ ].
١١١٣-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة قوله :﴿ فاعف عنهم واستغفر لهم ﴾ ذكر لنا أن نعت نبي الله صلى الله عليه وسلم محمد في التوراة " ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة مثلها، ولكن يعفو ويصفح " ٨.
١١١٤-حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ فاعف عنهم ﴾ أي : تجاوز عنهم ﴿ واسغفر لهم ﴾ ذنوبهم، من قارف من أهل الإيمان منهم٩.
قوله عز وجل ﴿ وشاورهم في الأمر ﴾ [ آل عمران : ١٥٩ ].
١١١٥-حدثنا زكريا، قال : حدثنا ابن أبي عمر، قال : حدثنا سفيان، عن ابن شبرمة، عن الحسن في قوله عز وجل :﴿ وشاورهم في الأمر ﴾ قد علم الله عز وجل أنه ليس به إليهم حاجة، ولكن أراد أن يستن به من بعده١٠.
١١١٦-حدثنا زكريا، قال : حدثنا أبو موسى، قال : حدثنا أبو داود، قال : حدثنا عمران، قال : سمعت الحسن يقول في قول الله تبارك وتعالى :﴿ وشاورهم في الأمر ﴾، قال : ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم١١.
١١١٧-حدثنا زكريا، قال : حدثنا أحمد بن الخليل، قال : حدثنا أبو النضر، قال : حدثنا الأشجعي، عن سفيان، قال : قال الضحاك : ما أمر الله عز وجل نبيه بالمشورة، إلا لما علم ما فيها من البركة. قال سفيان : وبلغني أنها نصف العقل. قال : وكان عمر بن الخطاب يشاور حتى المرأة١٢.
١١١٨-حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : أخبرنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة :﴿ فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر ﴾، أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشاور أصحابه في الأمور –وهو يأتيه وحي السماء- لأنه أطيب لأنفس القوم، إذا شاور بعضه بعضا، وأرادوا بذلك وجه الله عز وجل، عز الله لهم على أرشده١٣.
١١١٩-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد، بن منصور، قال : حدثنا سفيان، عن رجل، عن عمرو، عن ابن عباس : أنه قرأ :﴿ وشاورهم في بعض الأمور ﴾١٤.
١١٢٠-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، قال : ذكر لنبيه لينه ثم قال :﴿ فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر ﴾ أي : لتريهم أنك تسمع منهم، وتستعين بهم، وإن كنت غنيا عنهم، تألفا لهم بذلك على دينهم١٥.
قوله عز وجل :﴿ فإذا عزمت فتوكل على الله ﴾ الآية [ آل عمران : ١٥٩ ].
١١٢١-حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم، عن محمد بن إسحاق :﴿ فإذا عزمت ﴾ أي : على أمر جاءك مني، وأمر من دينك في جهاد عدوك ولا يصلحك ولا يصلحهم إلا ذلك، فامض على ما أمرت به، على خلاف من خالفك، وموافقة من وافقك، " وتوكل على الله " ١٦ أي : ارض به من العباد ﴿ إن الله يحب المتوكلين ﴾١٧.
١١٢٢-حدثنا زكريا، قال : حدثنا إسحاق، قال : حدثنا روح، قال : حدثنا سعيد، عن قتادة :﴿ فإذا عزمت فتوكل على الله ﴾، أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم إذا عزم على أمر أن يمضي فيه ويستقيم على أمر الله ويتوكل على الله١٨.
١ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٤١ رقم ٨١١٩) وابن أبي حاتم (٣/٨٠٠ رقم ٤٤٠٨)..
٢ -سورة البقرة: ٢٦..
٣ -مجاز القرآن (١/١٠٧)..
٤ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٤١ رقم ٨١٢٠) وابن أبي حاتم (٣/٨٠١ رقم ٤٤٠١)..
٥ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٤٢ رقم ٨١٢٣)..
٦ -مجاز القرآن (١/١٠٧)..
٧ -سيرة ابن هشام (٣/١٢٣) وأخرجه ابن جرير (٧/٣٤٢ رقم ٨١٢٣) وابن أبي حاتم (٣/٨٠١ رقم ٤٤١٠)..
٨ -أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٨٠١ رقم ٤٤١١)..
٩ -سيرة ابن هشام (٣/١٢٣) وأخرجه ابن جرير (٧/٣٤٣ رقم ٨١٢٥) وابن أبي حاتم (٣/٨٠١ رقم ٤٤١٢)..
١٠ -أخرجه سعيد بن منصور (٥٣٤) وابن أبي حاتم (٣/٨٠١ رقم ٤٤١٦) والبيهقي في السنن الكبرى (٧/٤٦)..
١١ -أخرجه البخاري في الأدب المفرد (١/٣٥٨ رقم ٢٥٨)، وابن جرير (٧/٣٤٤ رقم ٨١٣٠) وابن أبي حاتم (٣/٨٠١ رقم ٤٤١٤)..
١٢ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٤٤ رقم ٨١٢٩). وابن أبي حاتم (٣/٨٠١ رقم ٤٤١٥)..
١٣ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٤٣ رقم ٨١٢٦) وابن أبي حاتم (٣/٨٠٢ رقم ٤٤١٨)..
١٤ -أخرجه سعيد بن منصور (٥٣٥)، والبخاري في الأدب المفرد (١/٣٥٧ رقم ٢٥٧)..
١٥ -سيرة ابن هشام (٣/١٢٣) وأخرجه ابن جرير (٧/٣٤٤ رقم ٨١٢٧)..
١٦ هكذا في الأصل وفي سيرة ابن هشام وفي ابن جرير "وتوكل" بالواو وهو جائز-كما قال الشيخ محمود شاكر- لأنه في سياق التفسير، وأما الآية فهي "فتوكل" بالفاء، فلذلك جعلت الواو خارج القوس، تفسير ابن جرير (٧/٣٤٦)..
١٧ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٤٦ رقم ٨١٣٢)..
١٨ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٤٦ رقم ٨١٣٤)..
قوله عز وجل :﴿ إن ينصركم الله فلا غالب لكم ﴾ [ آل عمران : ١٦٠ ].
١١٢٣-حدثنا زكريا، قال : حدثنا عمرو، قال : حدثنا زياد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إن ينصركم الله فلا غالب لكم ﴾ الآية. أي : إن ينصرك الله فلا غالب لك من الناس، لن يضرك خذلان من خذلك، وإن يخذلك فلن ينصرك الناس ﴿ فمن ذا الذي ينصركم من بعده ﴾، أي :. . . لا تترك أمري للناس، وارفض الناس لأمري ﴿ وعلى الله ﴾ لا على الناس، ﴿ فليتوكل المؤمنون ﴾١.
١ -سيرة ابن هشام (٣/١٢٤) وأخرجه ابن جرير (٧/٣٤٧ رقم ٨١٣٥) وابن أبي حاتم (٣/٨٠٣ رقم ٤٤٢٦)..
قوله عز وجل :﴿ وما كان لنبي أن يغل ﴾ [ آل عمران : ١٦١ ].
١١٢٤-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال :/حدثنا حجاج بن منهال، قال : حدثنا حماد، عن قيس، عن طاوس، أن ابن عباس كان يقرأ :﴿ وما كان لنبي أن يغل ﴾١.
١١٢٥-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الحسن بن الربيع، قالك حدثنا ابن المبارك، عن شريك، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال : فقدت قطيفة حمراء يوم بدر مما أصيب من المشركين، فقال الناس : لعل النبي صلى الله عليه وسلم أخذها ! فأنزل الله عز وجل :﴿ وما كان لنبي أن يغل ﴾٢، قال خصيف : فقلت لسعيد بن جبير :﴿ ما كان لنبي أن يغل ﴾ يقول يخان، قال : بل يُغل ويُقتل أيضا٣.
١١٢٦-حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا هُشيم، عن جويبر، عن الضحاك :﴿ وما كان لنبي أن يغُل ﴾، قال : يقسم لبعض، ويترك بعضا٤.
١١٢٧-حدثنا موسى، قال : حدثنا شجاع، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش، قال : حدثني ابن جريج :﴿ وما كان لنبي أن يغل ﴾، قال : قال ابن عباس : أن يقسم لطائفة، وأن يجور في الحكم وفي القَسْمِ٥.
١١٢٨-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا ابراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وما كان لنبي أن يغل ﴾ الآية، أي : ما كان لنبي أن يكتم الناس ما بعثه الله به إليهم، عن رهبة من الناس ولا رغبة ﴿ ومن يغلل ﴾ أي : من يفعل ذلك ﴿ يأت بما غل يوم القيامة ﴾٦.
١١٢٩-حدثنا علي، عن أبي عبيد، قال : حدثنا أبو النضر، عن شعبة عن عبد الرحمن بن الأصبهاني قال : مر بنا أبو عبد الرحمن السلمي فقلت له : كيف تقرأ هذا الحرف :﴿ وما كان لنبي أن يَغُل ﴾ أو ﴿ يُغل ﴾ ؟ فقال :﴿ أن يغل ﴾.
١١٣٠-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا حجاج، قال : حدثنا حماد، عن عاصم، عن أبي وائل قال :﴿ وما كان لنبي أن يغُل ﴾.
١١٣١-حدثنا علي، عن أبي عبيد، قال : حدثت عن عمران بن حُدير، قال : سمعت عكرمة يقول : إنكم تقرؤون هذا الحرف :﴿ وما كان لنبي أن يغل ﴾ ولو كان هذا ما استطاع أحدنا أن يغُل.
١١٣٢-حدثنا علي، عن أبي عبيد، عن الكسائي، في قوله :﴿ وما كان لنبي أن يغُل ﴾ قال : يقرأ بفتح الياء وضمها، فمن فتح الياء أراد : أن لا يغُل هو نفسه. ومن قرأ ﴿ يُغل ﴾ أن يُتهم بالغلول، ويكون بمعنى : أن يُخان، وكان الكسائي يختار فيها ضم الياء، وبذلك قرأ٧.
١١٣٣-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا حجاج بن منهال، قال : حدثنا حماد، عن حميد، عن الحسن قال :﴿ أن يُغل ﴾.
١١٣٤-حدثنا علي، عن أبي عبيد، قال : حدثنا هُشيم، قال : حدثنا مغيرة، عن إبراهيم، أنه قرأها/ ﴿ يُغل ﴾.
-قال هُشيم : وأخبرنا عوف، عن الحسن، أنه قرأها :﴿ يُغل ﴾، وقال : أن يُخان٨.
١١٣٥-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ وما كان لنبي أن يغل ﴾، قال : أن يُخوّن٩.
١١٣٦-حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة :﴿ وما كان لنبي أن يغُل ﴾ قال : أن يغله أصحابه١٠.
وقال بعضهم :﴿ وما كان لنبي أن يغل ﴾ وقال بعضهم :﴿ يُغل ﴾ وكل صواب، لأن معناه-إن شاء الله- أن يُخان، أو يُخوّن.
قوله عز وجل :﴿ ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ﴾ [ آل عمران : ١٦١ ].
١١٣٧-حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة قال : ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث مناديه عن الغنائم فيقول : ألا لا يغلن رجل مخيطا فما فوقه، ألا لا أعرفن رجلا يغُل بعيرا يأتي به يوم القيامة، حامله على عنقه له رغاء ! ألا لا أعرفن رجلا يغل فرسا يأتي به يوم القيامة، حامله على عنقه له حمحمة ! ألا لا أعرفن أحدا يغل شاة، يأتي بها يوم القيامة، حاملها على عنقه، لها ثغاء، فيسمع من ذلك ما شاء الله أن يسمع !.
ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : اجتنبوا الغلول فإنه عار، وشنار، ونار١١.
قوله عز وجل :﴿ ثم توفى كل نفس ما كسبت ﴾ [ آل عمران : ١٦١ ].
١١٣٨-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ﴾ ثم يجزى بكسبه غير مظلوم، ولا معتدى عليه١٢.
١ -في قوله (أن يغل) قراءتان:
الأولى: (أن يغل) بفتح الياء، وضم الغين، أي: لا يصح أن يقع من النبي صلى الله عليه وسلم غلول البتة. وهي لابن كثير، وأبي عمرو، وعاصم.
الثانية: (أن يُغل) بضم الياء، وفتح الغين، مبينا للمفعول، أي: ما صح لنبي أن يخونه غيره فهو نفي في معنى النهي، أو ينسبه للغلول، أو يجده غالا. وهي قراءة الباقين. ينظر النشر في القراءات العشر لابن الجزري، (٢/٢٤٣). وإتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر (ص ١٨١)..

٢ -أخرجه أبو داود (٣٩٧١) والترمذي (٣٠٠٩)، وأبو يعلى في مسنده (٢٤٣٨) ومن طريقه الواحدي في أسباب النزول (ص ١٥٩)، وابن جرير (٧/٣٤٨ رقم ٨١٣٦)، والطبراني في الكبير (١٢٠٢٨، ١٢٠٢٩)..
٣ يظهر أن في الأصل سقطا وتمام الأثر كما في تفسير ابن جرير (قال: سألت سعيد بن جبير: كيف تقرأ هذه الآية: ﴿وما كان لنبي أن يغُل﴾؟ أو ﴿يُغل﴾ قال: لا، بل "يغُل" فقد كان النبي والله يغل ويقتل. (٧/٣٤٨، ٣٤٩)..
٤ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٥٢ رقم ٨١٤٧)..
٥ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٥١ رقم ٨١٤٣) وابن أبي حاتم (٣/٠٣ رقم ٤٤٣١)..
٦ -سيرة ابن هشام (٣/١٢٤) وأخرجه ابن جرير (٧/٣٥٢ رقم ٨١٤٨)..
٧ -الكسائي إنما يقرأ (أن يُغل). بضم الياء وفتح الغين، رواية، وليس اختيارا. ولم ـأجد ما يدل على الاختيار..
٨ -أخرجه سعيد بن منصور (٥٣٦) (٥٣٧) وابن جرير (٧/٣٥٣ رقم ٨١٥١)..
٩ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٥٣ رقم ٨١٥٠) وابن أبي حاتم (٣/٨٠٣ رقم ٤٤٣٠)..
١٠ -أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (١/١٤٠ رقم ٤٧٠) وابن جرير (٧/٣٥٣ رقم ٨١٥٣) وابن أبي حاتم (٣/٨٠٤ رقم ٤٤٣٢)..
١١ -أخرجه مختصرا إلى قوله: (حمحمة) عبد الرزاق في المصنف (٥/٢٤٢ رقم ٢٤٩٣)، وفي التفسير (١/١٤٠ رقم ٤٧٦) وابن جرير (٧/٣٦٣ رقم ٨١٦٧)..
١٢ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٦٥ رقم ٨١٦٨)..
قوله عز وجل :﴿ أفمن اتبع رضوان الله ﴾ الآية [ آل عمران : ١٦٢ ].
١١٣٩-حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق، عن [ ابن ]١ عيينة، عن مطرف، عن الضحاك بن مزاحم، في قوله عز وجل :﴿ فمن اتبع رضوان الله ﴾، قال : من لم يغل ﴿ كمن باء بسخط من الله ﴾ قال : من غل٢.
١١٤٠-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ أفمن اتبع رضوان الله ﴾، قال : أمر الله أداء الخمس ﴿ كمن باء بسخط من الله ﴾ فاستوجب سخط الله٣.
١١٤١-حدثنا علي بن/عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ أفمن اتبع رضوان الله ﴾ على ما أحب الناس وسخطوا، ﴿ كمن باء بسخط من الله ﴾ عز وجل لرضى الناس أو سخطهم.
يقول : فمن كان على طاعتي وثوابه الجنة ورضوان ربه، كمن باء بسخط من الله فاستوجب غضبه، وكان مأواه جهنم، وبئس المصير. أسواء المثلان ؟ ! أي : فاعرفوا٤.
١ سقطت من الأصل، واستدركت من المصنف لعبد الرزاق الذي أخرج المؤلف الأثر من طريقه.
٢ -أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٤١ رقم ٤٧٩) وفي المصنف (٥/٢٤٦ رقم ٩٥٠٧)، وابن جرير (٧/٣٦٥ رقم ٨١٦٩)، وابن أبي حاتم (٣/٨٠٦ رقم ٤٤٤٧)..
٣ -أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٧٠٦ رقم ٤٤٥١)..
٤ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٦٥ رقم ٨١٧١) وابن أبي حاتم (٣/٧٠٦ رقم ٤٤٤٩)..
قوله عز وجل :﴿ هم درجات عند الله ﴾ [ آل عمران : ١٦٣ ].
١١٤٢-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ هم درجات عند الله ﴾ قال : هي مثل قوله :﴿ لهم درجات عند ربهم ﴾١. ٢.
١١٤٣-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ هم درجات عند الله ﴾ أي : لكل درجات مما عملوا في الجنة والنار٣.
١١٤٤-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أبو نعيم الفضل ابن دكين، عن سلمة بن نبيط بن شريط الأشجعي، عن الضحاك بن مزاحم :﴿ هم درجات عند الله ﴾، قال : أهل الجنة، بعضهم فوق بعض قال : فيرى الذي فوق فضله على الذي أسفل منه، ولا يرى الذي أسفل منه أنه فُضل عليه أحد.
١١٤٥-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ هم درجات عند الله ﴾ هم منازل، فمعناها : لهم درجات. كقولك : هم طبقات٤.
قال ابن هرمة٥ :
أرجما للمنون يكون قومي لريب الدهر أم درج السيول٦
تفسيرها : أي : هم على درج السيول. يقال للدرجة التي يصعد عليها : درجة، وتقديرها : قصبة ويقال لها أيضا : دُرجة.
١١٤٦-حدثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، قال : قال أبو عبيدة والكسائي :﴿ هم درجات ﴾ قالا : منازل٧.
١ -الآية (٤) من سورة الأنفال وكتبت في الأصل خطأ ﴿لهم درجات عند الله﴾..
٢ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٦٧ رقم ٨١٧٤)..
٣ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٦٧ رقم ٨١٧٢)..
٤ -مجاز القرآن (١/١٠٧)..
٥ -هو إبراهيم بن علي بن هرمة القيسي، وقد قيل: إنه آخر من يستشهد بشعره في اللغة من الشعراء..
٦ -طبقات الشعراء لابن قتيبة (ص ٣٨٨)..
٧ -مجاز القرآن (١/١٠٧)..
قوله عز وجل :﴿ لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم ﴾ [ آل عمران : ١٦٣ ].
١١٤٧-حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس بن المنذر، قال : حدثنا ابراهيم بن موسى الرازي، قال : حدثنا هشام بن يوسف، عن عبد الله بن سليمان النوفلي١، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قوله/ ﴿ لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم ﴾ قالت : هذا للعرب خاصة٢.
قوله عز وجل :﴿ يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ﴾[ آل عمران : ١٦٤ ]
١١٤٨-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شعيب، قال حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة قوله :﴿ لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم ﴾ مننا من الله عظيمة، من غير دعوة، ولا رغبة من هذه الأمة، جعله الله رحمة لهم، ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ويهديهم صراط المستقيم٣.
١١٤٩-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا ابراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليه آياته ويزكيهم ﴾ الآية، أي : لقد من الله عليكم، يا أهل الإيمان، إذ بعث فيكم رسولا من أنفسكم، يتلوا عليكم آياتي، فما أحدثتم وفيما عملتم، فيعلمكم الخير والشر، لتعرفوا الخير فتعملوا به، والشر فتتقوه، ويخبركم برضائه به عنكم، إذا أطعتموه، لتستكثرا من طاعته، وتجتنبوا ما يسخطه منكم من معصيته، فتخلصوا بذلك من نقمته، وتدركوا بذلك ثوابه من جنته٤.
قوله عز وجل :﴿ وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ﴾ [ آل عمران : ١٦٤ ]
١١٥٠-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد٥ بن شبيب، قال حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة قوله عز وجل :﴿ لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ﴾ السنة ﴿ وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ﴾ ليس والله كما يقول أهل حروراء٦ «محنة غالبة، من أخطاها أهريق دمه » ولكن الله بعث نبيه إلى قوم لا يعلمون فعلمهم، وإلى قوم لا أدب لهم فأدبهم٧
١ في الأصل "النوفل" بدون ياء النسب، والصواب إثباتها كما في مصادر ترجمته.
٢ -أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٨٠٨ رقم ٤٤٦٤) والبيهقي في الشعب (١٦١٥)..
٣ - أخرجه ابن جرير ( ٧/٣٧٠ رقم ٨١٧٧) وابن أبي حاتم (٣/ ٨٠٨ رقم ٣٣٦٣).
٤ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٨٠٩ رقم ٤٤٦٨).
٥ في الأصل (أبو أحمد) وما أثبته هو الصواب، كما سيأتي..
٦ - يعني بهم الخوارج، فحروراء بلدة سكنوا بها. القاموس (حرر ص ٤٧٩).
٧ - أخرجه ابن جرير (٧/٣٧٠ رقم ٨١٧٧) وابن أبي حاتم (٣/٨٠٩ رقم ٤٤٧٣).
قوله عز وجل ﴿ أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها ﴾ [ آل عمران : ١٦٥ ]
١١٥١-حدثنا محمد بن علي، حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، قوله عز وجل :﴿ أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها ﴾ الآية، أُصبتموها يوم أحد/ قتل سبعون رجلا، وأصيبوا مثليها يوم بدر قتلوا سبعين، وأسروا سبعين١.
١١٥٢-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أبو يحيى ابن المقرئ، قال حدثنا مروان، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله عز وجل :﴿ أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها ﴾ قال : أصاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر من المشركين، أن قتلوا سبعين، وأسروا سبعين، وأصيب يوم أحد من المسلمين سبعون رجلا٢.
قوله عز وجل :﴿ قلتم أنى هذا ﴾ الآية [ آل عمران : ١٦٥ ]
١١٥٣-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن ابن عباس :﴿ قلتم أنى هذا ﴾ ونحن مسلمون، نقاتل غضبا لله، وهؤلاء مشركون ؟ فقال :﴿ قل هو من عند أنفسكم ﴾.
١١٥٤-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أبو يحيى بن المقري، قال : حدثنا مروان بن معاوية، عن جويبر، عن الضحاك، ﴿ قلتم أنى هذا ﴾ بأي ذنب هذا ؟ ‍ !
١١٥٥-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن ابن عباس :﴿ قل هو من عند أنفسكم ﴾ عقوبة بمعصيتكم النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : لا تتبعوهم٣.
١١٥٦-حدثنا علي، قال : حدثنا حجاج، قال : حدثنا حماد، قال : أخبرنا عطاء بن السائب، عن الشعبي، عن ابن مسعود، في قصة أحد، قال : فلما خالف القوم ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني : الرماة، وعصوا أمره، أفرد رسول الله في تسعة.
١١٥٧-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها ﴾ أي : إن يكن قد أصابتكم مصيبة في إخوانكم، فبذنوبكم. فقد أًصبتم مثليها قبل من عدوكم، في اليوم الذي كان قبله ببدر، قتلى وأسرى، ونسيتم معصيتكم وخلافكم عما أمركم به نبيكم. أنتم أحللتم ذلك بأنفسكم٤.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٣٧٢ رقم ٨١٧٩)..
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/٣٧٠ رقم ٨١٨٨ ) وابن أبي حاتم (٣/٨١٠ رقم ٤٤٧٥).
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٣٧٥ رقم ٨١٨٨) وابن أبي حاتم (٣/٨١٠ رقم ٤٤٧٥).
٤ -أخرجه ابن جرير (٧/٣٧٤ رقم ٨١٨٤) وابن أبي حاتم (٣/٨١٠ رقم ٤٤٧٥).
قوله عز وجل :﴿ وليعلم الذين نافقوا ﴾ إلى قوله :﴿ أو ادفعوا ﴾ [ آل عمران : ١٦٧ ]
١١٥٨-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وليعلم الذين نافقوا ﴾ أي : ليطهر ما فيكم، / ﴿ وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ﴾ يعني : عبد الله بن أبَيّ وأصحابه، الذين رجعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين سار رسول الله إلى عدوه من المشركين بأحد١.
١١٠٩-حدثنا موسى، قال : حدثنا إسحاق بن راهوية، قال : أخبرنا عيسى، قال : حدثنا سليمان الطائفي، عن أبي حازم، قال : سمعت سهل بن سعد يقول : لو بعت داري فلحقت بثغر من ثغور المسلمين، فكنت بين المسلين وبين عدوهم، قلت : كيف وفي ذهب بصرك ؟ ! قال : ألم تسمع إلى قول الله عز وجل :﴿ تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ﴾ أسوّد مع الناس، ففعل.
١١٦٠-حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، قال : حدثنا أبو الربيع الزهراني، قال : حدثنا حفص بن أبي داود، عن كثير بن شنظير، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله عز وجل :﴿ تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ﴾ قال : تكثرا بأنفسكم وإن لم تقاتلوا.
١١٦١-حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، قال : حدثنا أبو الربيع الزهراني، قال : حدثنا يعقوب يعني : ابن عبد الله القمي قال : أخبرنا شعيب ابن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم في قولهم عز وجل :﴿ تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ﴾ قال : كونوا سوادا أو كثروا.
١١٦٢-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج في قوله عز وجل :﴿ أو ادفعوا ﴾ بكثرتكم العدو، وإن لم يكن قتال٢.
قوله عز وجل :﴿ قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم ﴾ [ آل عمران : ١٦٧ ]
١١٦٣-قال أبو بكر : وجدت في كتابي، عن زكرياء قال : حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، قال حدثنا حجاج، عن ابن جريج، أخبرني ابن كثير أن مجاهدا، ابتدأه فأخبره عن قوله عز وجل :﴿ لو نعلم قتالا لاتبعناكم ﴾ لو نعلم أنا واجدون معكم مكان قتال، لاتبعناكم٣
١١٦٤-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا ابراهيم بن سعد، عن محمد بن اسحاق :﴿ قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم ﴾، يعني : عبد الله بن أبي وأصحابه، الذين رجعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين سار إلى عدوه من المشركين بأحد، وقولهم : لو نعلم أنكم تقاتلون لسرنا معكم، ولدافعنا عنكم، ولكنا لا نظن أن يكون قتال/، فأظهر منهم ما كانوا يخفون في أنفسهم، يقول الله جل ذكره :﴿ للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان ﴾٤.
١١٦٥-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ لو نعلم قتالا ﴾، لو نعرف قتالا٥.
١١٦٦-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن ابن شهاب الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عامر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن، وغيرهم من علمائنا وقد اجتمع حديثهم كلهم فيما سقت من هذا الحديث عن يوم أحد قال : خرجت قريش حتى نزلوا بعينين : جبل ببطن السبخة من قناة على شفير الوادي مما يلي المدينة، فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله : إن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها.
وقال عبد الله بن أبيّ : يا رسول الله أقم بالمدينة، ولا نخرج إليهم، فوا الله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط إلا أصاب منا، ولا دخلها عليها إلا أصبنا منهم، فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقاموا بشر مجلس، وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجوههم، ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاءوا !.
فلم يزل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله فلبس لأمته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، في ألف رجل، من أصحابه حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد تحول عنه عبد الله بن أبي بن سول بثلث الناس، وقال : أطاعهم وعصاني، والله ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس ؟ ! فرجع بمن اتبعه من أهل النفاق، وأهل الريب، واتبعهم عبد الله بن عمر بن حرام، أخو بني سلمة يقول : يا قوم أُذكركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضرهم عدوهم  ! ! قالوا : لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم، ولكن لا نرى أن يكون قتال.
فلما استعصوا عليه، وأبوا إلا الانصراف عنهم، قال : أبعدكم الله، أي أعداء الله  ! ! فيستغني الله عنكم !، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم٦.
قال ابن اسحاق : وكان عبد الله بن أبي بن سلول- كما حدثنا ابن شهاب الزهري – له مقام يقومه، في كل جمعة / لا يتركه شرفا له في نفسه وفي قومه، وكان فيهم شريفا، إذ جلس رسول الله يوم الجمعة، ليخطب الناس قال : فقال : أيها الناس هذا رسول الله بين أظهركم، أكرمكم الله به وأعزكم به، فانصروه وعزروه ! واسمعوا له وأطيعوا ! ثم يجلس، حتى إذا صنع يوم أحد ما صنع، ورجع الناس قام يفعل كما كان يفعل، فأخذ المسلمون بثيابه من نواحيه، وقالوا : اجلس يا عدو الله ! لست لذلك بأهل ! قد صنعت ما صنعت !.
فخرج يتخطى رقاب الناس، ويقول : والله لكأنما قلت بجرا٧ إن قمت أسدده أمره، فلقيه رجل عند باب المسجد، فقال : مالك ؟ فقال قمت أسدد أمره، فوثب عليّ أصحابه يجذبوني ويعنفوني كأني قلت : بُجرا، قال : ويلك ! ارجع يستغفر لك رسول الله ! فقال : والله ما أبتغي أن يستغفر لي !. وكان يوم أحد يوم بلاء وتمحيص، اختبر الله به المؤمنون، ومحص به المنافقين، ممن يظهر الإيمان بلسانه، وهو مستخف بالكفر في قلبه !.
قوله عز وجل :﴿ للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان ﴾ [ آل عمران : ١٦٧ ]
١١٦٧-حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم، عن ابن إسحاق :﴿ يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ﴾ أي : يُظهرون لكم الإيمان، وليس في قلوبهم ﴿ والله أعلم بما يكتمون ﴾ أي : مما يخفون٨.
١ - أخرجه ابن جرير ( ٧/٣٧٥ رقم ٨١٨٧) وابن أبي حاتم (٣/٨١٠ رقم ٤٤٧٧)..
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/٣٨٠ رقم ٨١٩٨).
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٣٨٠ رقم ٨١٩٦).
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/٣٧٩ رقم ٨١٩٤).
٥ -مجاز القرآن (١/١٦٧).
٦ - سيرة ابن هشام (٣/٦٨).
٧ - بجرا: البجر: الشر، والأمر العظيم. القاموس (بجر ص ٤٤١)..
٨ - أخرجه ابن جرير (٧/٣٧٩ رقم ٨١٩٤).
قوله عز وجل :﴿ الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا ﴾ [ آل عمران : ١٦٨ ]
١١٦٨-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة قوله :﴿ الذي قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤوا عن ﴾ الآية. ذكر لنا أنها نزلت في عدو الله عبد الله بن أبيّ١.
١١٦٩-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور عن ابن جريج :﴿ الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا ﴾ قول المنافق : عبد الله بن أبيّ بن سلول، وإخوانهم الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم٢.
قوله عز وجل :﴿ قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت ﴾ الآية [ آل عمران : ١٦٨ ]
١١٧٠-حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم، عن ابن إسحاق :﴿ قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنت صادقين ﴾/، أي : إنه لابد من الموت، فإن استطعتم أن تدفعوه عن أنفسكم فانفعلوا. وذلك أنهم إنما نافقوا وتركوا الجهاد في سبيل الله، حرصا على البقاء في الدنيا، وفرار من الموت٣.
١١٧١-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت ﴾ أي : ادفعوا عن أنفسكم الموت٤.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٣٨٣رقم ٨٢٠٠).
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/٣٨٣ رقم ٨٢٠٢) وابن أبي حاتم..
٣ - سيرة ابن هشام (٣/١٢٥/ وأخرجه ابن جرير (٧/٣٧٣ رقم ٨١٩٩) وابن أبي حاتم (٣/٨١٢ رقم ٤٤٨٦)..
٤ - مجاز القرآن ١/١٠٨).
قوله عز وجل :﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ﴾
إلى قوله :﴿ من فضله ﴾ [ آل عمران : ١٦٩-١٧٠ ]
١١٧٢-حدثنا محمد بن إسماعيل، قال : حدثنا أبو حذيفة، قال : حدثنا عكرمة بن عمار، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك أنه، حدثه في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أهل بئر معونة الذين قتلهم عامر بن الطفيل قال : كنا نقرأ فيما أنزل الله عز وجل : بلغوا قومنا عنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه. قال : فنزلت :﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم ﴾ ونزلت ﴿ ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ﴾١. ٢.
١١٧٣-حدثنا علي بن عبد الرحمن بن المغيرة علان، قال : حدثنا عبد الوهاب بن نجدة، قال : حدثنا بقية بن الوليد، قال : حدثنا عتبة بن أبي حكيم، قال : حدثنا طلحة بن نافع، قال : حدثني أنس بن مالك، قال : لما قُتل حمزة وأصحابه يوم أحد قالوا : يا ليت لنا مخبرا يخبر إخواننا بالذي صرنا إليه من كرمة الله لنا، فأوحى إليهم ربهم، أنا رسولكم إلى إخوانكم قال : فأنزل الله عز وجل :﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله ﴾ إلى قوله ﴿ وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ﴾.
١١٧٤-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد بن منصور، قال : حدثنا سفيان، عن محمد بن علي السلمي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله قال : قال لي رسول الله : أعلمت أن الله عز وجل أحيا أباك، فقال له : تمن فتمنى أن يرجع إلى الدنيا، فيُقتل مرة أخرى، فقال : إني قضيت أن لا ترجعون ؟ ! ٣.
١١٧٥-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، وأخبرني عبد الله، أن محمد بن قيس بن مخرمة أخبره أن رجلا من الأنصار كان يحمي النبي صلى الله عليه وسلم /قتل آخر من قتل من المسلمين يوم أحد، فجاء أخ له فقال : قتل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أشهد أن قد بلغ، فقاتلوا عن دينكم، فنهض ثلاث مرات، كل ذلك يعبر في الموت، حتى مات في آخرهن، فلما لقي الله عز وجل ورأى أصحابه، اغتبط بما أبدل، قال : رب ألا رسول لنا يخبر نبي الله صلى الله عليه وسلم عنا بما اغتبطنا ؟ قال ربه : أنا رسولكم، فأمر جبريل صلى الله عليه وسلم، إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي بهذه الآية :﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله ﴾ الآية كلها٤.
١١٧٦-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، قال الله عز وجل لنبيه يرغب المؤمنين في ثواب الجهاد، ويهون عليهم القتل :﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ﴾ أي : لا تظن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا. أي قد أحييتهم، فهم عندي يرزقون، في روح الجنة وفضلها، مسرورين بما أتاهم الله من ثوابه، على جهادهم عنه٥.
١١٧٧-حدثنا إسحاق بن ابراهيم الدبري، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، قال : سألنا عبد الله عن هذه الآية :﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله ﴾ إلى قوله :﴿ يرزقون ﴾، قال : أرواح الشهداء عند الله كطير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح في أي الجنة شاءت، قال : فاطلع إليهم ربك اطلاعه فقال : هل تشتهون من شيء فأزيد كموه ؟ قالوا : ألسنا نسرح في الجنة في أيها شئنا ؟ قال : ثم اطلع إليهم الثانية، فقال : هل تشتهون من شيء فأزيدكموه ؟ قالوا : ألسنا نسرح في الجنة في أيها شئنا ؟ قال : ثم اطلع إليهم الثالثة فقال : هل تشتهون من شيء فأزيد كموه ؟ قالوا : تعيد أرواحنا في أجسادنا، فنقاتل في سبيلك، فنقتل مرة أخرى قال : فسكت عنهم  ! ٦.
١١٧٨-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، قال : حدثنا إسماعيل بن أمية بن عمرو، عن أبي الزبير المكي، عن ابن عباس، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم/ لما أصيب إخوانكم بأحد، جعل الله أرواحهم في أجواف طيور خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش. فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن منقلبهم، قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون بما صنع الله لنا، لئلا يزهدوا في الجهاد، ولئلا ينكلوا في الحرب  !. فقال الله عز وجل : أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله عز وجل على رسوله هذه الآيات٧ :﴿ ولا تحسبن ﴾.
-قال ابن إسحاق : وحدثني الحارث بن فضيل الأنصاري، عن محمود ابن لبيد الأنصاري، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الشهداء على بارق –نهر بباب الجنة- في قبة خضراء، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشية٨ "
١١٧٩-حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا يحيى الحماني، قال : حدثنا ابن المبارك، عن ابن جريج فيما قرأ عليه، عن مجاهد، قال : ليس هم في الجنة، ولكن يأكلون من ثمارها، ويجدون ريحها، يعني : أرواح الشهداء٩
١١٨٠-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن عبيدة :﴿ أمواتا بل أحياء ﴾ أي : هم أحياء١٠.
١ - الآية رقم ١٠٦ من سورة البقرة..
٢ - أخرجه البخاري (٧/٢٩٧-٢٩٩).
٣ - أخرجه سعيد بن منصور (٥٤٠) والترمذي (٣٠١٠)، وابن ماجة (١٩٠)، وابن أبي عاصم في السنة (٦٠٢)، وابن خزيمة في التوحيد (٢/٨٩٠ رقم ٥٩٩)، والحاكم (٣/٢٠٣-٢٠٤) والبيهقي في الدلائل (٣/٢٩٨-٢٩٩)..
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/٣٩٠ رقم ٨٢١٧) من قوله (ألا رسول لنا) إلى آخره..
٥ -سيرة ابن هشام (٢/١١٩) وأخرجه ابن جرير (٧/٣٩١ رقم ٨٢٢٠).
.

٦ -أخرجه مسلم (١٧٨٧)..
٧ - أخرجه ابن أبي شيبة (٥/٢٩٤-٢٩٥)، والإمام أحمد (١/٢٦٠-٢٦٦)، وعبد بن حميد في مسنده (٦٦٧)، وابن جرير (٧/٣٨٥) رقم ٨٢٠٥) وابن أبي حاتم (٣/٨١٣ رقم ٤٤٩٤)، والطبراني في المعجم الكبير (١٣٣٨٥)، والحاكم، وصححه (٢/٨٨، ٦٩٧)، والبيهقي في الشعب (٤٢٤١).
٨ - أخرجه ابن جرير (٧/٣٨٨ رقم ٨٢١٢).
٩ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٨١٣ رقم ٤٤٩٥).
١٠ - مجاز القرآن (١/١٠٨).
قوله عز وجل :﴿ ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم مَّن خلفهم ﴾ [ آل عمران : ١٧٠ ]
١١٨١-حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم مّن خلفهم ﴾، أي ويستبشرون بلحوق من لحقهم من إخوانهم، على ما مضوا عليه من جهادهم ليشركوهم فيما هم فيه من ثواب الله الذي أعطاهم، قد أذهب عنهم الخوف والحزن، يقول الله جل ثناءه ﴿ يستبشرون بنعمة من الله وفضل ﴾١١.
١١٨١-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾ يقول : لإخوانهم الذين فارقوهم على دينهم وأمرهم، لما قدموا عليه من الكرامة والفضل والنعيم الذي أعطاهم الله إياه.
وقال ابن جريج يقولون : إخواننا الذين يُقتلون كما قتلنا، ويلحقون بنا، ويصيبنا ما أصبنا من الكرامة١٢
قوله عز وجل :﴿ يستبشرون بنعمة من الله وفضل ﴾[ آل عمران : ١٧١ ]
١١٨٣-حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ﴾ لِما عاينوا من وفاء الموعود، وعظيم الثواب١.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٣٩٨ رقم ٨٢٣٢).
قوله عز وجل :﴿ الذين استجابوا لله والرسول ﴾ الآية [ آل عمران : ١٧٢ ]
١١٨٤ : حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ الذين استجابوا لله والرسول من بعد مآ أصابهم القرح ﴾، وأخبرت أن أبا سفيان لما راح هو وأصحابه يوم أحد منقلبين، قال المسلمون للنبي صلى الله عليه وسلم : إنهم عائدون إلى المدينة يا رسول الله، قال :«إن ركبوا الخيل، وتركوا الأثقال، فهم عامدوها، وإن جلسوا على الأثقال، وتركوا الخيل، فقد أرعبهم الله، فليسوا بعامديها » فركبوا الأثقال، ثم ندب ناسا يتبعونهم، ليروا أن بهم قوة، فاتبعوهم ليلتين، أو ثلاثا، ومنهم من يقول : إلى ذي الحُليفة، فلم يقاتلوهم إلا على إثرهم، فنزل :﴿ الذين استجابوا لله والرسول ﴾ ١ حتى ﴿ أجر عظيم ﴾ هم أيضا، ﴿ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم ﴾ الآية.
١١٨٥-حدثنا حاتم بن منصور، قال : حدثنا الحميدي، قال : حدثنا سفيان، قال : حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، قال : قالت لي عائشة : يا ابن أختي، إني كان أبوك لمن الذين استجابوا لله والرسول من بعتد ما أصابهم القرح : أبو بكر، والزبير بن العوام٢.
١١٨٦-حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جبير :﴿ الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح ﴾ قال : الجراحات.
١١٨٧-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، قال : لما رجع أبو سفيان ومن معه، نادى : إن موعدكم بدرا للعام القابل ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قل٣ : نعم، هي بيننا وبينك موعدا ! ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب.
-قال إبراهيم بن سعد : وقد بلغني من غير ابن إسحاق أنه سعد بن أبي وقَّاص.
[ رجع إلى حديث ابن إسحاق ] فقال٤ : اخرج في آثار القوم، فانظر ما يصنعون ؟ وماذا يريدون ؟ فإن كانوا قد اجتنبوا الخيل، / وامتطوا الإبل، فإنهم يريدون مكة، وإن ركبوا الخيل، وساقوا الإبل، فإنهم يريدون المدينة. والذي نفسي بيده، لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها، ثم لأناجزنهم !.
قال علي : فخرجت في آثارهم أنظر ما يصنعون، فلما اجتنبوا الخيل، وامتطوا الإبل ووجهوا إلى مكة٥، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أي ذلك كان، فأخفه حتى تأتيني.
قال علي : فلما رأيتهم قد وجهوا إلى مكة، أقبلت أصيح، ما أستطيع أن أكتم الذين أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما بي من الفرح، إذا رأيتهم انصرفوا عن المدينة.
وفرغ الناس لقتلاهم ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، عن محمد ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني، أخو بني النجار :«من رجل ينظر إلى ما فعل سعد بن الربيع، وسعد أخو بني الحارث بن الخزرج، في الأحياء هو أو في الأموات ؟ » قال : فقال رجل من الأنصار : أنا أنظر لك يا رسول الله ما فعل  !. فنظر، فوجده جريحا في القتلى، به رمق، قال : فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر له في الأحياء أنت، أم في الأموات ؟. فقال : بل في الأموات !. أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عني السلام، وقل : إن سعد بن الربيع يقول : جزاء الله عنا خير ما جُزي نبي عن أمته، وأبلغ قومك عني السلام، وقل لهم، إن سعد بن الربيع يقول لكم : إنه لا عذر لكم عند الله، إن خلص إلى نبيكم، ومنكم عين تطرف ! قال : ثم لم يزل حتى مات. قال : فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبره٦.
١١٨٨-قال محمد بن إسحاق : وكان يوم أحد يوم السبت، النصف من الشوال، فلما كان الغد، من غد يوم أحد، وذلك يوم الأحد، لستّ عشرة ليلة مضت من شوال، أذن مؤذن رسول الله في الناس، لطلب العدو، وأذن مؤذنه : أن لا يخرجن معنا أحد، إلا أحد حضرنا يومنا بالأمس، فكلمه جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام فقال : يا رسول الله إن أبي كان خلفني على أخوات لي، سبع، وقال لي : يا بني إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة، لا رجل فيهن، ولست بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم / على نفسي، فتخلف على أخواتك، فتخلفت عليهن، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج معه.
وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مرهبا للعدو، وليبلغهم أنه قد خرج في طلبهم، ليظنوا به قوة، وأن الذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم٧.
١١٨٩-فحدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم، عن محمد بن إسحاق، قال : فحدثني عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبي السائب، مولى عائشة بنت عثمان، أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من بني عبد الأشهل، كان شهد [ أحدا ]٨ مع رسول الله، قال : قال شهدت [ أحدا ] مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأخ لي، فرجعنا جريحين، فلما أذن مؤذن رسول الله بالخروج في طلب العدو، قلت [ لأخي ]٩، أو قال لي : أتفوتنا غزوة مع رسول الله ؟ !. والله ما لنا من دابة نركبها، وما منا إلا جريح ثقيل !، فخرجنا مع رسول الله، وكنت أيسر جراح منه، فكان إذا غلب حملته عقبة، ومشى عقبة، حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى حمراء الأسد- وهي من المدينة على ثمانية أميال- فأقام بها ثلاثا، الإثنين والثلاثاء والأربعاء، ثم رجع إلى المدينة١٠.
فكان ما نزل من القرآن في ذلك ﴿ الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح ﴾ أي : الجراح. وهم المؤمنون الذين ساروا مع رسول الله يوم أحد إلى حمراء الأسد على ما بهم من الجراح ﴿ للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم ﴾١١.
قوله عز وجل :﴿ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ﴾ [ آل عمران : ١٧٢ ]
١١٩٠-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان الغد ؛ من غد يوم أحد حتى انتهى إلى حمراء الأسد وهي من المدينة على ثمانية أميال، فأقام بها، الإثنين والثلاثاء والأربعاء١٢ ومر به١٣، كما حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم – معبد الخزاعي، وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عيبة١٤ ورسول الله صلى الله عليه وسلم بتهامة، صفقتهم معه١٥، لا يخفون عليه شيئا بها – ومعبد يومئذ مشرك – فقال : يا محمد ! أما والله لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك/ ولوددنا أن الله أعفاك منهم١٦ ! ثم خرج [ من عند ]١٧ رسول لله بحمراء الأسد حتى لقي أبا سفيان ومن معه، بالروحاء، وقد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقالوا : أصبنا حد١٨ أصحابه، وقادتهم، وأشرافهم، ثم رجعنا قبل أن نستأصلهم، لنكُرنّ على بقيتهم، فلنفرغن منهم.
فلما رأى أبو سفيان معبدا قال : ما وراءك يا معبد ؟ قال : محمد ! خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط، يتحرقون عليكم تحرقا١٩، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم، وندموا على ما صنعوا، فيهم من الحنق عليكم، شيء لم أر مثله قط ! قال ويحك ما تقول ؟ ! قال : والله ما أرى أن ترتحل حتى ترى نواصي الخيل ! قال : فو الله لقد أجمعنا الكرة عليهم، لنستأصل بقيتهم ! قال : فإني أنهاك عن ذلك، فوالله لقد حملني ما رأيت على أن قلت فيه أبياتا من الشعر، قال : وماذا قلت ؟ قال : قلت :
كادت تهد من الأصوات راحلتي إذا سالت بالجرد الأبابيل٢٠
تردي بأسد كرام لا تنابلة عند اللقاء، ولا خرق معازيل٢١
فظلت أعدو أظن الأرض مائلة لما سموا برئيس غير مخذول٢٢
فقلت :
ويلك ابن حرب من لقائكم إذا تغطمطت البطحاء بالخيل٢٣
إني نذير لأهل البسل ضاحية لكل ذي إٍربة منهم ومعقول٢٤
من جيش أحمد لا وخش قنابله وليس يوصف ما أنذرت بالقيل٢٥
فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه، ومر به ركب من عبد القيس فقال : أين تريدون ؟ [ قال ]٢٦ : ولم ؟ قالوا : نريد [ الميرة ]٢٧ قال : فهل أنتم مبلغون عني محمدا رسالة أرسلكم بها إليه، وأحمل لكم إبلكم هذه زبيبا غدا بعكاظ، إذا وافيتمونا ؟ قالوا : نعم ! قال : فإذا جئتموه، فاخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه أن نستأصل بقيتهم، فمر الركب برسول الله- وهو بحمراء الأسد- فأخبروه بالذي قال أبو سفيان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «حسبنا الله ونعم الوكيل »٢٨. /
فكان ما نزل من القرآن ﴿ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ﴾ والناس الذين قالوا لهم قال النفر من عبد القيس أبو سفيان ما قال إن أبا سفيان ومن معه راجعون إليكم يقول الله عز وجل :﴿ فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم ﴾ لما صرف عنهم من لقاء عدوهم ﴿ إنما ذلكم الشيطان ﴾ أي : لأولئك الرهط وما ألقى الشيطان عل أفواههم ﴿ يخوف أولياءه ﴾ أي : يرهبكم بأوليائه ﴿ فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ﴾٢٩.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٠٣ رقم ٨٢٤٠).
٢ - أخرجه البخاري (٤٠٧٧)، ومسلم (٢٤١٨).
٣ - المخاطب هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما هو مبين في السيرة لابن هشام..
٤ - أي النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه..
٥ -سيرة ابن هشام (٢/٩٤).
٦ - سيرة ابن هاشم (٢/٩٤-٩٥).
٧ - سيرة ابن هشام (٢/١٠٠-١٠١).
٨ في الأصل (أحد) والصواب ما أثبت.
٩ في الأصل [قلت لي] والصحيح قلت لأخي، كما في (م)..
١٠ - سيرة ابن هشام (٢/١٠٢).
١١ - سيرة ابن هشام (٢/١٢١)..
١٢ - سيرة ابن هشام (٢/١٠٢).
١٣ - يعني برسول الله صلى الله عليه وسلم.
١٤ -عيبة: أي موضعه سره ونصحه. القاموس (عيب ص ١٠٢).
١٥ - صفقتهم معه يعني: بيعتهم..
١٦ - أعفاك منهم مثل عافاك منهم : أي صانك مما نزل بأصحابك..
١٧ سقطت من الأصل.
١٨ - حد الشيء: طرف شياته كحد السكين والسيف والسنان. ومعنى أًصبنا حد أصحابه أي: كسرنا حدهم وثلمناه كما يثلم السيف فصاروا أًضعف مما كانوا. ذكر ما تقدم هنا وفي الهامشين قبله العلامة محمود شاكر في هامش ابن جرير (٧/٤٠٦، ٤٠٧).
١٩ -. أي: يتلهبون من الغيظ كمثل حريق النار..
٢٠ - الجرد الأبابيل: الجماعات المتفرقة من الخيل القصار الشعر العتاق الكريمة..
٢١ - التنابلة: القصار، والخرق المعازيل: الحمقى الذين لا سلاح معهم. ***.
٢٢ - يقول ظللت أعدوا هاربا ظانا أن الأرض قد قالت بقدوم أولئك الأسد لم تبينوا وظهروا برئيس غير مخذول بما معه من كثرة العدد والعدة..
٢٣ - تغطمطت القدر: اشتد غليانها، والبطحاء : مسيل الوادي، فيه دقاق الحصى..
٢٤ - البسل: الحرام وأهل البسل هم قريش لأنهم أهل مكة، ومكة حرام. وضاحية: علانية، والإبرة : البصر بالأمور، والمعقول مصدر من المصادر التي جاءت على وزن وهو العقل..
٢٥ - الوخش: رذالة الناس وسقاطهم وصغارهم، والقنابل: جمع قنبلة (بفتح القاف) وهي الطائفة من الناس والخيل..
٢٦ في الأصل (قالوا) والصحيح ما أثبته، كما في (م) وفي الكلام سقط، وعند ابن هشام (فقال: أين تريدون؟ قالوا: نريد المدينة. قال: ولم؟ قالوا: نريد الميرة...).
٢٧ في الأصل المدينة والصحيح ما أثبته، كما في (م).
٢٨ - سيرة ابن هشام(٢/١٠٢-١٠٣) وأخرجه ابن جرير (٧/٤٠٦ رقم ٨٦٤٣)..
٢٩ - سيرة ابن هشام ( ٢/١٢١) وأخرجه ابن جرير (٧/٤٠٦ رقم ٨٢٤٣).
قوله عز وجل :﴿ الذين قال لهم الناس ﴾ [ آل عمران : ١٧٣ ]
١١٩١- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ الذين قال لهم الناس ﴾ وقع المعنى على رجل واحد، والعرب تفعل ذلك ! يقول الرجل : فعلنا كذا، وفعلنا كذا، وإنما يعني نفسه، وفي القرآن ﴿ إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾١ والله هو الخالق٢.
وقال في موضع آخر : " ومن مجاز ما جاء لفظه لفظ الجمع الذي له واحد منه، ووقع معنى هذا الجمع على الواحد، قال الله عز وجل :﴿ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم ﴾ والناس جمع، وكان الذي قال هم رجل واحد، وقال :﴿ إنا رسولا ربك ﴾٣، وقال ﴿ إنا كنا شيء خلقناه بقدر ﴾ والخالق الله وحده ".
١١٩٢-حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ الذين قال لهم الناس ﴾، والناس الذين قالوا لهم ما قالوا، النفر من عبد القيس، الذين قال لهم أبو سفيان ما قال٤.
قوله عز وجل :﴿ إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ﴾ [ آل عمران : ١٧٣ ]
١١٩٣-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم ﴾، قال : هذا أبو سفيان قال لمحمد صلى الله عليه وسلم يوم أحد :«موعدكم بدرا، حيث قتلتم أصحابنا » ! فقال محمد صلى الله عليه وسلم : عسى ! فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لموعده، حتى نزلوا بدرا، فوافوا السوق، فابتعوا قال فذلك قوله :﴿ فانقلبوا بنعمة الله وفضل لم يمسسهم سوء ﴾٥ ٦
١١٩٤-حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا سعيد بن منصور، قال : حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، / عن عكرمة، قال : كانت بدر متجرا في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم واعد أبا سفيان أن يلقاه بها، فلقيهم رجل، فقال : إن بها جمعا عظيما من المشركين، فندب رسول الله الناس، فأتوا بدرا فلم يلقوا أحدا، فرجع الجبان، ومضى الجريء، فتسوقوا بها ولم يلقوا أحدا، فنزلت :﴿ الذين قال لهم الناس إن الناس ﴾ إلى قوله :﴿ بنعمة من الله وفضل ﴾٧.
١١٩٥-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج -وذكر قصة الذين استجابوا لله– قال : فهم أيضا الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم، قال : لما تولى أبو سفيان يوم أحد معقبا قال : موعدكم بدرا العام القابل ! فلما كان ذلك الموعد، عهد النبي علي السلام وأصحابه بدرا فجعلوا يلقون المشركين، فيسألونهم عن قريش، فيقولون قد امتلأت بدر أناسا قد جمعوا لكم فكذبوهم، يريدون يرعبونهم بذلك، ويرهبونهم بذلك ! فيقول المؤمنون : حسبنا الله ونعم الوكيل، حتى قدم النبي عليه السلام بدرا، فوجدوا أسواقها عافية٨ ليس ينازعهم، بها أحدا٩ وكانت لها أسواق، كأسواق مجنة وذي المجاز.
يتلوه في السابع عشر قوله عز وجل :﴿ فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ﴾.
قوله عز وجل :﴿ فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ﴾ [ آل عمران : ١٧٣ ]
١١٩٦-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد بن منصور، قال : حدثنا سفيان، عن زكريا، عن الشعبي، قال : قال عبد الله : هي الكلمة التي قالها إبراهيم، حيث أُلقي في النار :«حسبنا الله ونعم الوكيل ». وهي الكلمة التي قالها نبيكم وأصحابه، إذ قيل لهم :﴿ إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ﴾
١١٩٧-حدثنا إبراهيم بن الحارث، قال : حدثنا يحيى بن أبي بكير الكوفي، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي الضحى، عن ابن عباس، قال : كان آخر كلام إبراهيم حين ألقي في النار : حسبي الله ونعم الوكيل. قال : قال نبيكم بمثلها :﴿ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ﴾١٠.
١ - الآية ٤٩ من سورة القمر..
٢ - مجاز القرآن (١/١٠٨).
٣ - الآية ٤٧ من سورة طه.
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٠٩ رقم ٨٢٤٤)..
٥ - وهي غزوة بدر الصغرى..
٦ - أخرجه ابن جرير (٧/٤١١ رقم ٨٢٤٨)، وابن أبي حاتم ( ٣/٨١٩ رقم ٤٥٢٣).
٧ - أخرجه سعيد بن منصور (٥٤٣) وابن جرير (٧/٤١٢ رقم ٨٢٥٠) وابن أبي حاتم (٣/٨١٨ رقم ٤٥٢٢)..
٨ - أسواقها عافية أي: وافرة..
٩ - أخرجه ابن جرير بنحوه عن ابن جرير عن مجاهد (٧/٤١١ رقم ٨٢٤٩)..
١٠ - أخرجه البخاري (٤٥٦٣-٤٥٦٤).
قوله عز وجل :﴿ فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ﴾ [ آل عمران : ١٧٤ ]
١١٩٨-حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى الحماني، قال : حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن ابن أبزى :﴿ فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ﴾، قال : لم يلقوا أحدا منا من الله وفضلا١، قال : ما أصابوا من البيع في عفوه وعزته، لا ينازعهم في أحد.
١١٩٩-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ لم يمسسهم سوء ﴾ قتال وقدم رجل من المشركين من بدر، فأخبر أهل مكة بخيل محمد، فرعبوا فجلسوا، فقال٢ :
نفرت قلوصي من خيول محمد *** وعجوة منثور كالعنجد
واتخذت ماء قديد موعدي٣ ٤ ***. . .
زعموا أنه الأكدر بن الحمام٥.
قوله عز وجل :﴿ واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم ﴾ [ آل عمران : ١٧٤ ]
١٢٠٠-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله :﴿ واتبعوا رضوان الله ﴾ الآية، قال الفضل : ما أصابوا من التجارة، والأجر، قال : وهي غزوة بدر/ الصغرى. قال ابن جريج : وقال آخرون : طاعة الله، يعني الفضل٦.
١ في الأصل فضل والصواب ما أثبت ويوجد تعليق فوق هذه الكلمة على الأصل ص ١٢٠ لم أتبينه..
٢ - هو معبد بن أبي معبد الخزاعي، كما روي ابن هشام في السيرة (٣/٢٢٠، ٢٢١) والطبري في التاريخ (٣/٤١).
٣ - القلوص: الراحلة، والعجوة: ضرب من تمور المدينة المنورة، والعجوة هي الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم :«من تصبح بسبع........» والعنجد: الزبيب الأسود..
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/٤١١ رقم ٨٢٤٩)..
٥ - وليس كذلك بل هو معبد الخزاعي كما ذكرت..
٦ -أخرجه ابن جرير(٧/ ٤١٥ رقم ٨٢٥٢).
قوله عز وجل :﴿ إنما ذلكم الشيطان ﴾ الآية [ آل عمران : ١٧٥ ]
١٢٠١-حدثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، قال : حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ﴾، قال : الشيطان يخوف المؤمنين، - يعني بالكفار١.
١٢٠٢-حدثنا علي بن عبد العزيز- ولم أجد عليه الإجازة – قال : حدثنا عارم : قال حدثنا حماد بن زيد، عن يزيد بن حازم، عن عكرمة :﴿ إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ﴾، قال : تفسيرها : يخوفكم بأوليائه.
١٢٠٣-حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى الحماني، قال : حدثنا أبو معاوية، عن إبراهيم بن طهمان، عن مغيرة، عن ابراهيم قال :﴿ إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ﴾، قال : يخوف الناس أولياءه.
١٢٠٤-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة قوله :﴿ إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ﴾ يقول : يخوف الله المؤمن بالكافر، ويرهب المؤمن بالكافر٢.
١٢٠٥-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إنما ذلكم الشيطان ﴾ لأولئك الرهط، وما ألقى الشيطان على أفواههم ﴿ يخوف أولياءه ﴾ أي : يرهبكم بأوليائه٣.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٤١٥ رقم ٨٢٥٢).
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/٤١٦ رقم ٨٢٥٦)..
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٤١٦ رقم ٨٢٥٩)..
قوله عز وجل :﴿ ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا ﴾[ آل عمران : ١٧٦ ]
١٢٠٦-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ﴾ المنافقين١.
-وكذلك قال محمد بن إسحاق.
قوله عز وجل :﴿ يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ﴾ [ آل عمران : ١٧٦ ]
١٢٠٧-حدثنا علي، قال : حدثنا أحمد، قال : حدثنا إبراهيم، عن محمد بن إسحاق :﴿ يريد الله أن لا يجعل لهم حظا في الآخرة ﴾ أي : يحبط أعمالهم، ولهم عذاب عظيم٢.
١٢٠٨-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدينا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ يريد الله أن لا يجعل لهم حظا ﴾ أي : نصيبا٣.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٤١٨ رقم ٨٢٦٢)..
٢ - أخرجه ابن جرير ( ٧/٤١٩ رقم ٨٢٦٤)..
٣ - مجاز القرآن ( ١/١٠٨).
قوله عز وجل :﴿ إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان ﴾ الآية [ آل عمران : ١٧٧ ]
١٢٠٩-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان ﴾ أي : المنافقين، ﴿ لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم ﴾١
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٢٠ رقم ٨٢٦٥).
قوله عز وجل :﴿ ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خيرا لأنفسهم ﴾ إلى ﴿ إثما ﴾[ آل عمران : ١٧٨ ]
١٢١٠-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد بن منصور، قال : حدثنا فرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أبي الدرداء، قال : ما من كافر إلا الموت خير له، فمن لم يصدقني فإن الله عز وجل يقول :﴿ ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ﴾ وذكر بقية الحديث١.
١٢١١-حدثنا موسى بن هارون، قال : حدثنا يحيى الحماني، قال : حدثنا ابن معاوية، عن الأعمش، عن خيثمة، عن الأسود، عن عبد الله، قال : ما من نفس برة، ولا فاجرة إلا الموت خير لها، لئن كان برا لقد قال الله عز وجل :﴿ وما عند الله خير للأبرار ﴾، وإن كان فاجرا لقد قال الله عز وجل :﴿ ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم ﴾٢.
١٢١٢-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد، قال : حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب، قال : الموت خير للمؤمن والكافر، ثم تلا :﴿ ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ﴾، ثم قال : إن الكافر ما عاش كان أشد لعذابه يوم القيامة٣.
قوله عز وجل :﴿ ولهم عذاب مهين ﴾[ آل عمران : ١٧٨ ]
١٢١٣-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ عذاب مهين ﴾ فذلك من الهوان٤.
١ - أخرجه سعيد بن منصور (٥٤٧) وابن جرير (٧/٤٩٦ رقم ٨٣٧٥).
٢ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/ ١٤٣ رقم ٤٩٠) وابن أبي شيبة (١٣/٣٠٣ رقم ١٦٤٢٠)، وابن جرير (٧/٤٢٣ رقم ٨٢٦٧ و٧/ ٤٩٥ رقم ٨٣٧٤)، والحاكم وصححه (٢/٢٩٨).
٣ - أخرجه سعيد بن منصور (٥٤٦).
٤ - مجاز القرآن ( ١/١٠٩).
١٢١٤- حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ﴾، قال : ميز بينهم يوم أحد، المنافق من المؤمن١.
١٦١٥-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، قوله :﴿ ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه ﴾ من الضلالة ﴿ حتى يميز الخبيث من الطيب ﴾، فميز بينهم في الجهاد والهجرة٢.
١٢١٦-حدثنا محمد بن علي النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، في قوله عز وجل :﴿ حتى يميز الخبيث من الطيب ﴾، قال : حتى يُميز الكافر من المؤمن٣.
قول عز وجل :﴿ وما كان الله ليطلعكم على الغيب ﴾ الآية [ آل عمران : ١٧٩ ]
١٢١٧-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد :﴿ ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء ﴾، قال : يجتبي : يخلص لنفسه٤.
١٢١٨-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق :﴿ وما كان الله ليطلعكم على الغيب ﴾، أي : فيما يريد أن يبتليكم به، لتحذروا ما يدخل عليكم فيه، ﴿ ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء ﴾ لعلمه ذلك٥.
١٢١٩-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ يجتبي من رسله من يشاء ﴾ يختار٦.
قوله عز وجل :﴿ فآمنوا بالله ورسله ﴾ الآية [ آل عمران : ١٧٩ ]
١٢٢٠-حدثنا علي، عن أحمد، قال : حدثنا إبراهيم، عن محمد بن إسحاق :﴿ فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا ﴾ أي : ترجعوا ﴿ فلكم أجر عظيم ﴾٧.
١ -أخرجه ابن جرير (٧/٤٢٤ رقم ٨٢٦٨).
٢ - أخرجه ابن جرير ( ٧/٤٢٥ رقم ٨٢٧١) وابن أبي حاتم (٣/٨٢٤ رقم ٤٥٥٨).
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٢٥ رقم ٨٢٧٢).
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٢٧ رقم ٨٢٧٦) وابن أبي حاتم ( ٣/٨٢٥ رقم ٤٥٧٠).
٥ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٢٦ رقم٨٢٧٥).
٦ - مجاز القرآن ( ١/١٠٩)..
٧ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٢٨ رقم ٨٢٧٧).
قوله جل وعز :﴿ ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله ﴾ الآية [ آل عمران : ١٨٠ ]
١٢٢١-أخبرنا الربيع، قال : أخبرنا الشافعي، قال : أخبرنا ابن عيينة، قال : أخبرني جامع بن أبي راشد، وعبد الملك بن أعين : سمعا أبا وائل يخبر عن عبد الله بن مسعود، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ يقول ]١ :«ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله، إلا مثل له٢ يوم القيامة شجاع أقرع، يفر منه وهو يتبعه، حتى يطوقه في عنقه »، ثم قرأ علينا رسول الله :﴿ سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ﴾٣
١٢٢٢-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد، قال : حدثنا خلف بن خليفة، قال : حدثنا أبو هاشم، عن أبي وائل، عن مسروق :﴿ يبخلون بما آتاهم الله من فضله ﴾، قال : هو الرجل يرزقه الله المال، فيمنع قرابته الحق الذين جعله الله لهم في ماله، فيُجعل حية فيطوقها، فيقول للحية : ما لي ولك ؟ فتقول : أنا مالُك٤.
قوله عز وجل :﴿ سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ﴾ الآية [ آل عمران : ١٨٠ ]
١٢٢٣-حدثنا بكار بن قتيبة أبو بكرة القاضي، قال : حدثنا مؤمل ابن اسماعيل، قال : حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي وائل، قال : سئل/ عبد الله، عن قوله عز وجل :﴿ سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ﴾ قال يجيء ماله ثعبان يوم القيامة، ينقر رأسه، فيقول : أنا مالُك الذي بخلت به٥، فينطوي عليه.
١٢٢٤-حدثنا أبو سعد، قال : حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف البصري، قال : حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، قال : حدثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ سيطوقون ما بخلوا به ﴾، قال : سيكلفون أن يأتوا بمثل ما بخلوا به من أموالهم، يوم القيامة٦.
١٢٢٥-حدثنا النجار، قال : حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة :﴿ سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ﴾، قال : يطوقونه في أعناقهم٧.
١٢٢٦-حدثنا علي بن الحسن، قال : حدثنا عبد الله العدني، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، في هذه الآية :﴿ سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ﴾ قال : هو طوق من نار٨.
١٢٢٧-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ سيطوقون ﴾ يلزمون، كقولك : طوقته[ الطوق ]٩. ١٠
١ - زيادة يقتضيها السياق..
٢ أي: انتصب له ماثلا أي قائما..
٣ - أخرجه أحمد (١/٣٧٧)، والترمذي وصححه (٣٠١٢)، وابن ماجة (١٧٨٤)، والنسائي في التفسير (١/٤٣٦-٣٤٧ رقم ١٠٤)، ابن جرير (٧/٤٣٧ رقم ٨٢٨٩)، وابن خزيمة في صحيحه (٢٢٥٦) وابن أبي حاتم (٣/٨٢٧ رقم ٤٥٧٨)، والحاكم وصححه (٢/٢٩٨، ٢٩٩)
وأخرجه البخاري ( ٢٣٧١) ومسلم (٩٨٧) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه..

٤ - أخرجه سعيد بن منصور (٥٥٠) وابن أبي شيبة في المصنف (٣/٢١٣) وابن جرير (٧/٤٣٨ رقم ٨٢٩١) إلا أنه عنده من قول أبي وائل؟!!.
٥ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/ ١٤٢ رقم ٤٩٠)، وسعيد بن منصور ( ٥٤٩)، وعبد بن حميد (المنتخب ق ٩٣)، وابن جرير (٧/٤٣٦-٤٣٧ رقم ٨٦٨٥ – ٨٦٨٨).
٦ - أخرجه عبد بن حميد (المنتخب ق ٩٣)، وابن جرير ( ٧/٤٣٩ رقم ٨٦٩٨)، وابن أبي حاتم (٣/٨٢٧ رقم ٤٥٨٣).
٧ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٤٠)..
٨ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٤٢ رقم ٤٨٩)، وسعيد بن منصور (٥٥١)، وابن جرير (٧/٤٣٨ رقم ٨٢٩٣)..
٩ في الأصل للطوق، والتصحيح من مجاز القرآن (١/١١٠)..
١٠ - المرجع السابق، (١/١١٠).
قوله عز وجل :﴿ لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ﴾ [ آل عمران : ١٨١ ]
١٢٢٨-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، قال : قال مولى ابن عباس١ :﴿ لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ﴾، قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر إلى فنحاص اليهودي يستمده، وكتب إليه، قال لأبي بكر : لا تفتت٢ عليّ بشيء، حتى ترجع إليّ، فلما قرأ فنحاص الكتاب قال : قد احتاج ربكم، فسنفعل، وسنمده قال أبو بكر : فهممت أن أمده بالسيف، وهو متوشحه، ثم ذكره قول النبي صلى الله عليه وسلم «لا تفتت عليّ بشيء ».
فنزلت :﴿ لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ﴾، وقوله ﴿ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب ﴾، وما بين ذلك في يهود بني قينقاع٣.
١٢٢٩-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أحمد بن محمد، قال : حدثنا إبراهيم، عن محمد بن إسحاق :﴿ لقد سمع الله قول الذين قالوا ﴾.
قال محمد بن إسحاق : دخل أبو بكر الصديق بيت المدراس على يهود، فوجد منهم ناس كثير قد اجتمعوا إلى رجل منهم، يقال له : فنحاص، كان من علمائهم وأحبارهم، ومع حبر من أحبارهم يقال له : أشيع، فقال/أبو بكر لفنحاص : ويحك يا فنحاص، اتق الله وأسلم، فو الله إنك لتعلم أن محمدا لرسول الله، جاءكم بالحق من عنده، تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل ! فقال فنحاص لأبي بكر : والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر، وإنه إلينا لفقير، وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه لأغنياء، وما هو عنا بغني ما استقرضنا أموالنا٤، كما يزعم صاحبكم، وينهاكم عن الربا ويعطيناه ! ولو كان عنا غنيا ما أعطانا الربا !.
قال فغضب أبو بكر، فضرب وجه فنحاص ضربا شديدا، وقال : والذي نفسي بيده، لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت رأسك، أي عدو الله، فأكذبونا بما استطعتم إن كنتم صادقين !.
فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : انظر يا محمد ما صنع صاحبك ! فقال رسول الله لأبي بكر : ما حملك على ما صنعت ؟ ! فقال أبو بكر : يا رسول الله، إن عدو الله قال قولا عظيما، إنه زعم أن الله فقير، وأنهم عنه أغنياء ! فلما قال ذلك غضبت لله، قال : فجحد ذلك فنحاص، وقال : والله ما قلت ذلك !. فأنزل الله عز وجل فيما قال فنحاص، ردا عليه، وتصديقا لأبي بكر، :﴿ لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ﴾، إلى قوله :﴿ ذوقوا عذاب الحريق ﴾، ونزل في أبي بكر، وما بلغه في ذلك من الغضب :﴿ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبرا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ﴾٥.
١٢٣٠-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال : صك أبو بكر رجلا منهم ﴿ الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ﴾، قال : لم يستقرضنا وهو غني ؟ ! وهم يهود٦.
١٢٣١-حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، قوله :﴿ الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ﴾، ذُكر لنا أنها نزلت في حيي بن أخطب، لما أنزل الله عز وجل :﴿ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ﴾ قال : يستقرضنا/ ربنا، وإنما يستقرض الفقير الغني٧.
قوله عز وجل :﴿ سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ﴾ [ آل عمران : ١٨١ ]
١٢٣٢-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ سنكتب ما قالوا ﴾ سنحفظ عليهم٨.
قوله عز وجل :﴿ ونقول ذوقوا عذاب الحريق ﴾ [ آل عمران : ١٨١ ]
١٢٣٣-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ ونقول ذوقوا عذاب الحريق ﴾، عذاب الحريق : النار، اسم جامع يكون نارا، ويكون حريقا وغير حريق، فإذا التهب فهي حريق٩.
١ - هو عكرمة، كما صرح باسمه في هذا الأثر بتفسير ابن جرير..
٢ - قال الشيخ محمود شاكر رحمه الله في تعليقه على ابن جرير (٧/٤٥٥): "كل من أحدث دونك شيئا، ومضى عليه ولم يستشرك، واستبدّ به دونك فقد فاتك بالشيء وافتات عليك به، أو فيه...".
٣ - أخرجه بنحوه ابن جرير (٧/٤٥٥، ٤٥٦ رقم ٨٣١٦)..
٤ هكذا في الأًصل (وما هو عنا بغني ما استقرضنا أموالنا) والكلام ليس بمستقيم هكذا وهو مستقيم كما في تفسير ابن جرير (ولو كان عنا غنيا ما استقرض منا).
٥ - سيرة ابن هشام (٢/٥٥٨-٥٥٩) من قول ابن إسحاق كما ذكره المؤلف، وأخرجه ابن جرير (٧/٤٤٢ رقم ٨٣٠١) من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، مولى زيد بن ثابت عن عكرمة.
٦ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٤٣ رقم ٨٣٠٣).
٧ -أخرجه عبد الرزاق في التفسير ( ١/١٤٣ رقم ٤٩١)، وابن جرير (٧/٤٤٤ رقم ٨٣٠٧).
٨ - مجاز القرآن (١/١١٠) وفيه سيحفظ عليهم..
٩ - مجاز القرآن (١/١١٠)..
قوله عز وجل :﴿ الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول ﴾ [ آل عمران : ١٨٣ ]
١٢٣٤- أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة، ﴿ إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول ﴾ أي : لا ندين له فنقرّ به١
قوله عز وجل :﴿ حتى يأتينا بقربان تأكله النار ﴾ [ آل عمران : ١٨٣ ]
١٢٣٥-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ قربان تأكله النار ﴾، قال : كان ( من )٢ قبلنا من الأمم، يقرب أحدهم القربان، فتخرج النار، فينظرون، أيتقبل منهم أم لا ؟ فإن يقبل منهم جاءت نار من السماء بيضاء، فأكلت ما قرب، وإن لم يقبل لم تأت تلك النار، فعرف الناس أن لم يتقبل منهم، وإن لم يكن كل القوم يتقرب مخافة أن لا يتقبل منه.
١٢٣٦-فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم سأله أهل الكتاب أن يأتيهم بقربان :﴿ قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم ﴾ القربان، ﴿ فلم قتلتموهم ﴾ يُعيرهم، بكفرهم قبل اليوم.
١٢٣٧-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال حدثنا أبو يحيى بن المقرئ، قال : حدثنا مروان، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله عز وجل :﴿ الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار ﴾، قال : هم اليهود، قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم : إن أتيتنا بقربان تأكله النار صدقناك، وإلا فلست بنبي٣.
قوله عز وجل :﴿ قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم ﴾ [ آل عمران : ١٨٣ ]
١٢٣٨-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا أبو يحيى ابن المقرئ، قال : حدثنا مروان، حدثنا جويبر، عن الضحاك، قال : هم اليهود، قالوا لمحمد : إن أتيتنا بقربان تأكله النار صدقناك، وإلا فلست بنبي !. قال الله عز وجل :﴿ قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم ﴾، أي : جاءتكم بالقربان الذي تأكله النار، فلم قتلتموهم وكذبتموهم إن كنتم صادقين ؟ ! ٤.
قوله عز وجل :﴿ فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين ﴾ [ آل عمران : ١٨٣ ]
١٢٣٩-حدثنا موسى، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن الجنيد أبو جعفر الدقاق، قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن أبي يزيد المرادي : قال : قلت للعلاء بن بدر : أرأيت قوله عز وجل :﴿ فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين ﴾ ولم يدركوهم، ولم يروهم، قال : لموالاتهم لمن قتل أولياءه٥.
١ مجاز القرآن (١/١١٠).
٢ في الأصل تقدمت (من) على (كان) وما أثبته لعله الصحيح. وفي نسخة (م) (كان من كان قبلنا).
٣ - أخرجه ابن أبي حاتم ( ٣/ ٧٣١ رقم ٤٥٩٩).
٤ - أخرجه ابن أبي حاتم ( ٣/ ٨٣١ رقم٤٦٠١).
٥ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٨٣١ رقم ٤٦٠٣).
قوله عز وجل :﴿ فإن كذبوك ﴾ الآية [ آل عمران : ١٨٤ ]
١٢٤٠-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ فإن كذبوك ﴾، يعني : نبيه صلى الله عليه وسلم١.
١ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٥١ رقم ٨٣١٣)، وابن أبي حاتم من قول قتادة: (٣/٨٣٢ رقم ٤٦٠٦)..
قوله عز وجل :﴿ كل نفس ذائقة الموت ﴾[ آل عمران : ١٨٥ ]
١٢٤١-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ كل نفس ذائقة الموت ﴾، أي : ميتة. قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** الموت كأس فالمرء ذائقها١
في هذا الموضع شاربها٢.
١ - عجز بيت في ديوان أمية بن أبي الصلت. وصدره: من لم يمت عبطة يمت هرما. عيون الأخبار (٦/٣٧٥).
٢ - مجاز القرآن ( ١/١١٠، ١١١).
قوله عز وجل :﴿ لتبلون في أموالكم وأنفسكم ﴾ [ آل عمران : ١٨٦ ]
١٢٤٢-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ لتبلون في أموالكم وأنفسكم ﴾، قال : يوصي المؤمن[ ين ]١ أنه سيبتليهم، فينظر كيف صبرهم على دينهم٢.
قوله عز وجل :﴿ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ﴾ إلى قوله :﴿ أذى كثيرا ﴾ [ آل عمران : ١٨٦ ]
١٢٤٣-حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال : حدثنا إبراهيم بن يعقوب، قال : حدثنا أبو اليمان، قال : أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال : أخبرني عروة بن الزبير : أن أسامة بن زيد، أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم/ ركب على حمار، على إكاف٣، على قطيفة٤ من تحته، وأردف أسامة بن زيد وراءه، يعود سعد بن عبادة، في بني الحارث بن الخزرج، قبل وقعة بدر، حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي بن سلول ؛ وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أبي، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين، وعبدة الأوثان واليهود.
وفي المسلمين عبد الله بن رواحة، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة، خمّر٥ ابن أبيّ أنفه بردائه، ثم قال : لا تغبروا علينا ! فسلم النبي –صلى الله عليه وسلم- عليهم. ثم وقف النبي صلى الله عليه وسلم، فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن.
فقال عبد الله بن أبي : أيها المرء ! إنه لأحسن٦ مما تقول، إن كان حقا، فلا تؤذينا به في مجالسنا، ارجع إلى رحلك٧، فمن جاءك فاقصص عليه.
قال عبد الله بن رواحة : بلى، يا رسول الله، فاغشنا به في مجالسنا، فإنا نحب ذلك، فاستب المسلمون والمشركون واليهود، حتى كادوا يتثاورون، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يُخفضهم٨ حتى سكتوا ! ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم دابته، فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا سعد، ألم تسمع ما قال أبو حباب ؟ ! – يريد : عبد الله بن أبي- قال : كذا، وكذا ! قال سعد : يا رسول الله، اعف عنه واصفح، فوالذي أنزل الكتاب، لقد جاءك الله بالحق الذي أنزل عليك، ولقد اصطلح [ أهل ]٩ هذه الحرة على أن يُتوجوه، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله، شرق١٠ بذلك، فذلك فعل به ما رأيت ! فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم١١.
وكان النبي صلى الله عليه وأصحابه يعفون عن المشركين، وأهل الكتاب، كما أمرهم الله، ويصبرون على الأذى، قال الله عز وجل :﴿ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ﴾، قال الله عز وجل :﴿ ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا ﴾، إلى :﴿ إن الله على كل شيء قدير ﴾.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم/ يتأول في العفو ما أمره الله به، حتى أذن الله فيهم، فلما غزا النبي صلى الله عليه وسلم بدرا، فقتل الله من صناديد كفار قريش، قال أبي ابن سلول١٢ ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان : هذا أمر قد توجه، فتتابعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلموا١٣.
١٢٤٤-حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، في قوله :﴿ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا ﴾، قال : هو كعب بن الأشرف، وكان يحرض المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، في شعره، ويهجو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فانطلق إليه خمسة نفر من الأنصار فيهم محمد بن مسلمة ورجل يقال له : أبو عبس بن جير، فأتوه، وهو في مجلس قومه، بالعوالي١٤، فلما رآهم ذعر منهم، وأنكر شأنهم ! قالوا : جئناك لحاجة. قال : فليأذن لي بعضكم فليحدثني، فجاءه رجل منهم، فقال : جئناك لنبيعك أدراعنا، لنستنفق بها١٥ قال : والله لئن فعلتم لقد جهدتم منذ نزل بكم هذا الرجل، فواعدوه أن يأتوه عشاء، حين يهدأ عنه الناس، فأتوه، فنادوا، فقالت امرأته : ما طرقك هؤلاء ساعتهم هذه لشيء مما تحب ! قال : إنهم قد حدثوني بحديثهم، وشأنهم.
١٢٤٥-قال معمر : عن أيوب، عن عكرمة : أنه أشرف عليهم، فقال : ما ترهنونني ؟ أترهنونني أبناءكم ؟ وأردوا أن يسلفهم تمرا، فقالوا : إنا نستحيي أن يُعير أبناؤنا، فيقال : هذا رهين وسق، وهذا رهينة وسقين ! قال : أترهنوني نساءكم ؟ قالوا : أنت أجمل الناس ! ولا نأمنك، وأي امرأة تمتنع منك بجمالك ؟ ولكنا نرهنك سلاحنا، فقد علمت حاجتنا إلا السلاح اليوم. قال : نعم، ائتوني بسلاحكم، واحتملوا ما شئتم.
قالوا : فانزل إلينا نأخذ عليك، وتأخذ علينا، فذهب ينزل، فتعلقت به امرأته، فقالت : أرسل إلى أمثالهم من قومك، يكونوا معك. قال : لو وجدوني هؤلاء نائما ما أيقظوني ! قالت : فكلمهم من فوق – إشفاقا عليه- فنزل عليهم يفوح ريحه، فقالوا : ما هذا الريح/ يا أبا فلان ؟ قال : هذا عطر أم فلان، فدنا إليه بعضهم، فشم ريحه، ثم اعتنقه، ثم قال : اقتلوا عدو الله ! وطعنه أبو عبس في خاصرته، وعلاه محمد بن مسلمة بالسيف، فقتلوه، ثم رجعوا.
فأصبحت اليهود مذعورين، فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه، فقالوا : قتل سيدنا غيلة، فذكرهم النبي صلى الله عليه صنيعه، وما كان يخبر عليهم، ويحرض في قتالهم، ويؤذيهم، ثم دعاهم النبي صلى الله عليه أن يكتب بينه وبينهم صلحا، وكان ذلك الصلح١٦ مع علي، بعد١٧.
١٢٤٦-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا ﴾، قال : يعني اليهود والنصارى، فكان المسلمون يسمعون من اليهود قولهم : عزيز ابن الله، ومن النصارى : المسيح ابن الله، وكان المسلمون ينصبون لهم الحرب، ويسمعون إشراكهم بالله١٨.
قوله عز وجل :﴿ وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ﴾ [ آل عمران : ١٨٦ ]
١٢٤٧-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ﴾، قال من القوة، مما عزم الله عليه، وأمركم به.
١ في الأًصل (المؤمن) وما أثبته هو ما يقتضيه السياق.
٢ - أخرجه ابن أبي حاتم بهذا اللفظ ( ٣/٨٣٤ رقم ٤٦١٦) وأخرجه ابن جرير ضمن سياق أطول (٧/٤٥٦ رقم ٨٣١٦).
٣ - الإكاف للحمار بمنزلة السرج للفرس..
٤ - القطيفة دثار مخمل، جمعها قطائف وقطف.
٥ - خمر أنفه أي: غطاه..
٦ - الأحسن من هذا تقديره: أن تقعده في بيتك. وفي صحيح مسلم لا أحسن من هذا، أي لا شيء أحسن من هذا..
٧ - رحلك أي: منزلك..
٨ - يخفضهم: أي : يسكنهم ويسهل الأمر بينهم..
٩ أهل كلمة يقتضي السياق إضافتها، وفي صحيح مسلم: أهل هذه البحيرة.
١٠ - شرق أي : غص، ومعناه حسد النبي صلى الله عليه وسلم.
١١ - أخرجه البخاري (١٤٢١) ومسلم (١٧٩٨).
١٢ في الأصل أبي بن سلول وما أثبته هو الصحيح..
١٣ - أخرجه البخاري (٤٥٦٦)..
١٤ - العوالي: بالفتح، وهو جمع العالي ضد السافل: وهو ضيعة بينها وبين المدينة أربعة أميال، وقيل: ثلاثة، وذلك أدناها، وأبعدها ثمانية معجم البلدان : ٤/١٦٦. قلت العوالي أحد أحياء المدينة النبوية الآن..
١٥ -نستنفق بها: ننفق على عيالنا – المعجم الوسيط (٢/٩٤٢).
١٦ هكذا في الأصل وأخرجه عبد الرزاق إلا أن عنده (الكتاب) بدل (الصلح).
١٧ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٤٣-١٤٤ رقم ٤٩٦)، ورواه ابن جرير بهذا السند من قول الزهري (٧/٤٥٦ رقم ٨٣١٧)..
١٨ - أخرجه ابن جرير (٧/ ٤٥٦ رقم ٨٣١٦) وابن أبي حاتم (٣/ ٨٣٥ رقم ٤٦٢١)..
قوله عز وجل :﴿ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ﴾ إلى ﴿ تكتمونه ﴾ [ آل عمران : ١٧٨ ]
١٢٤٨-حدثنا علي، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جرير، وأخبرني ابن أبي مليكة، أن علقمة بن وقاص أخبره، أن مروان قال لرافع بوابه : اذهب يا رافع إلى ابن عباس، وذكر حديثا. قال : ثم قرأ ابن عباس :﴿ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ﴾، قال ﴿ لتبيننه ﴾ في التوراة والإنجيل. قال : الإسلام دين الله الذي افترضه على عباده، وأن محمدا رسول الله، يجدونه مكتوبا عندهم، في التوراة والإنجيل، فنبذوه١.
١٢٤٩-حدثنا النجار، قال، أخبرنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن أبي الحجاف، عن مسلم البطين، قال : سأل الحجاج جلساءه عن هذه الآية ﴿ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ﴾، فقام رجل إلى سعيد بن جبير، فسأله، فقال :﴿ وإذ أخذ الله ميثاق أهل الكتاب لتبيننه للناس ﴾ محمد/ ﴿ ولا تكتمونه فنبذوه ﴾٢.
١٢٥٠-حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ وإذا أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه ﴾ الآية : هذا ميثاق، أخذ الله على العلم، فمن علم علما، فليعلمه الناس، وإياكم [ وكتمان العلم ]٣، فإن كتمان العلم هلكة، ولا يتكلفن رجل ما لا علم له به، فيخرج من دين الله، فيكون من المتكلفين.
كان يقال :«مثل علم لا يقال به كمثل كنز لا ينتفع به ! ومثل حكمة لا تخرج كمثل صنم قائم لا يأكل ولا يشرب " وكان يقال في الحكمة :«طوبى لعالم ناطق، وطوبى لمستمع واع » هذا رجل علم علما فبذله ودعا إليه، ورجل سمع خيرا، فحفظه، ووعاه، وانتفع به٤.
قوله عز وجل :﴿ فنبذوه وراء ظهورهم ﴾ [ آل عمران : ١٨٧ ]
١٢٥١-حدثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، قال : حدثنا الأشجعي، عن مالك بن مغول، عن الشعبي، في قوله عز وجل :﴿ فنبذوه وراء ظهورهم ﴾، قال : أماإنه كان بين أيديهم، ولكن نبذوا العمل به٥.
قوله عز وجل :﴿ واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون ﴾ [ آل عمران : ١٨٧ ]
١٢٥٢-حدثنا أبو سعد، قال : حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف، قال : حدثنا أبو عاصم، عن ابن مجاهد :﴿ فبئس ما يشترون ﴾، قال : تبديل يهود التوراة٦
١ - عزاه السيوطي في الدر (٢/ ٣٠٢) إلى المؤلف وابن أبي حاتم فقط.
وقد أخرجه ابن جرير (٧/٤٦٠ رقم ٨٣٢٣، و٧/٤٦٣ – ٤٣٤ رقم ٨٣٣١).

٢ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/٤٣) وابن جرير (٧/٤٦٠ رقم ٨٣٢٢).
٣ زيادة من (م).
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٦١ رقم ٧٣٢٤).
٥ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٦٤ رقم ٨٣٣٢).
٦ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٦٤ رقم ٨٣٣٤).
قوله عز وجل :﴿ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ﴾ [ آل عمران : ١٨٨ ]
١٢٥٣-حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال : حدثنا حجاج بن محمد الأعور أبو محمد، قال : قال ابن جريج : أخبرني ابن أبي مليكة، أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أخبره أن مروان قال لبوابه : اذهب يا رافع إلى ابن عباس، فقل : لئن كان كل امرئ منا فرح بما أوتي، وأحب أن يُحمد بما لم يفعل معذبا، لنعذبن أجمعون !. فقال ابن عباس : ما لكم ولهذه ؟ ! إنما أنزلت هذه في أهل الكتاب، ثم تلا ابن عباس :﴿ وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ﴾، وتلا ابن عباس إلى قوله :﴿ ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ﴾/.
وقال ابن عباس : سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء، فكتموه، وأخبروه بغيره، فخرجوا، وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك إليه، وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم إياه مما سألهم عنه١.
١٢٥٤-حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال : أخبرني ابن أبي مليكة أن علقمة بن ابي وقاص أخبره أن مروان قال لرافع : اذهب يا رافع إلى ابن عباس، وذكر الحديث٢.
١٢٥٥-حدثنا محمد بن علي النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن أبي الحجاف، عن مسلم البطين، قال : سأل الحجاج جلساءه عن هذه الآية ﴿ وإذ أخذ الله ميثاق ﴾ الآية. قال : فقام رجل إلى سعيد بن جبير، فسأله، فقال : و﴿ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ﴾، قال : بكتمانهم محمدا، ﴿ ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ﴾، قال : قولهم نحن عل دين إبراهيم٣.
١٢٥٦-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن مجاهد، في قوله الله جل ثناؤه : و﴿ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ﴾ قال : يهود، فرحوا بإعجاب الناس بتبديلهم الكتاب، وحمدهم إياه عليه، ولا تملك يهود ذلك، ولن٤ تفعله٥.
١٢٥٧-حدثنا علان، قال : حدثنا سعيد بن أبي مريمَ الجمحي، قال : حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير، قال أخبرني زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، أن رجالا من المنافقين، في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغزو، تخلفوا عنه، وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قدم رسول الله اعتذروا إليه، وحلفوا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا. فنزلت فيهم : و﴿ لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ﴾٦.
قوله عز وجل :﴿ فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم ﴾ [ آل عمران : ١٨٨ ]
١٢٥٨-قال زكريا : حدثنا إسحاق، عن محمد بن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك :﴿ فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ﴾، قال : بمنجاة من العذاب٧.
١٢٥٩-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ بمفازة من العذاب ﴾، أي " يزحزح زحزح بعيد٨ " ٩.
١ - أخرجه البخاري (٤٥٦٨)، ومسلم (٢٧٧٨).
٢ - أخرجه البخاري (٤٥٦٨)، ومسلم (٢٧٧٨).
٣ - تقدم تخريجه قريبا برقم (١٢٩٢).
٤ في م: لا..
٥ - أخرجه ابن جرير (/٤٦٩ رقم ٨٣٤٥) وابن أبي حاتم (٣/٨٣٧ رقم ٣٦٣٨)..
٦ - أخرجه البخاري (٤٥٦٧) ومسلم (٢٧٧٧).
٧ - أخرجه ابن جرير عن ابن زيد مثله (٧/٤٧٢ رقم ٨٣٥٣).
٨ في م : تزحزح، وزحزح وزحزاح بعيد.
٩ - الذي في مجاز القرآن (١/١١١/ أي: تزحزح زحزح بعير.
قوله عز وجل :﴿ إن في خلق السموات والأرض ﴾ [ آل عمران : ١٩٠ ]
١٢٦٠- حدثنا موسى بن هارون بن عبد الله الحمال، أبو عمران، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، قالا : حدثنا يحيى الحماني، قال : حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال : أتت قريش اليهود، فقالوا : ما جاءكم به موسى من الآيات ؟ قالوا : عصاه، ويده بيضاء للناظرين. وأتوا النصارى، فقالوا : كيف كان عيسى فيكم ؟ قالوا : كان يبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى.
فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا : ادع لنا ربك أن يجعلك لنا الصفا ذهبا ؛ فدعا ربه، فنزلت :﴿ إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات ﴾ الآية، فليتفكروا فيها١.
١٢٦١-حدثنا أبو أحمد، قال : أخبرنا جعفر بن عون، قال : أخبرنا أبو جناب الكلبي، قال : حدثنا عطاء، قال : دخلت أنا وعبد الله بن عمر، وعبيد بن عمير على عائشة، وهي في خدرها، فسلمنا عليها، فقالت : من هؤلاء ؟ قال : قلت : هذا عبد الله بن عبد الله بن عمر، وعبيد بن عمير، فقالت : يا عبيد، ما يمنعك من زيارتنا ؟ ! قال : ما قال الآول : " زر غبا تزدد حبا " قالت : إنا لنحب زيارتك وغشيانك.
فقال عبد الله بن عمر : دعونا من رطانتكم٢ هذه، حدثيني ما أعجب ما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فبكت، ثم قالت : كل أمره كان عجبا ! أتاني في ليلتي ! فدخل معي في لحافي، وألزق جلده بجلدي، ثم قال : يا عائشة، ائذني لي في أن أتعبد لربي ! فقلت : إني لأحب قربك وأحب هواك !.
قالت : فقام إلى قربة في البيت فما أكثر صب الماء، ثم قام فصلى، فقرأ القرآن، ثم بكى حتى رأيت أن دموعه قد بلغت حقوه، قالت : ثم جلس، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم بكى حتى رأيت أن دموعه قد بلغت حجره، ثم اتكأ على جنبه الأيمن، وذكر الحديث.
قالت : فدخل عليه بلال، فآذنه لصلاة الفجر، قال : الصلاة، يا رسول الله ! فلما رآه يبكي، قال : يا رسول الله تبكي، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ ! فقال : يا بلال، أفلا أكون عبدا شكورا ؟ وما لي لا أبكي، وقد نزل عليّ الليلة ﴿ إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار ﴾، قرأ إلى ﴿ سبحانك فقنا عذاب النار ﴾ ؟ ! [ ثم قال : ويل لمن قرأ هذه الآية ولم يتفكر فيها ]٣. ٤
١ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣-٨٤١ رقم٤٦٥٥) والطبراني في المعجم الكبير (١٣٣٢٢)..
٢ في الأصل (بطالتكم) والأقرب للصواب ما أثبته أعلاه، وهو رواية ابن حبان وأبي الشيخ، كما سيأتي..
٣ - أخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان ٢/٣٨٦-٣٨٧ رقم ٦٢٠) وأبو الشيخ أخلاق النبي (٢/٤٠٩).
٤ - ما بين المعقوفين زيادة من (م).
قوله عز وجل :﴿ الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ﴾ [ آل عمران : ١٩١ ]
١٢٦٢-حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة :﴿ الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ﴾ وهذه حالاتك يا ابن آدم، اذكر الله وأنت قائم، فإن لم تستطع فاذكره جالسا، فإن لم تستطع فاذكره وأنت على جنبك، يسر من الله وتخفيف١.
١٢٦٣-حدثنا موسى، قال : حدثنا يحيى، قال : حدثنا أبو خالد الأحمر، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال : لا يكون العبد ذاكرا له حتى يذكر الله قائما، وقاعدا، وعلى جنبه٢.
١٢٦٤-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ﴾، قال : وهو ذكر الله في الصلاة، وغير الصلاة، وقراءة القرآن٣.
قوله عز وجل :﴿ ويتفكرون في خلق السموات والأرض ﴾ [ آل عمران : ١٩١ ]
١٢٦٥-حدثنا علي بن الحسن الدرابجردي، قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا مالك بن مغول، قال : سمعت عونا قال : سألت أم الدرداء، أو سئلت أم الدرداء : ما كان أفضل عبادة أبي الدرداء ؟ قالت : التفكر، والاعتبار٤.
قوله عز وجل :﴿ ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ﴾ [ آل عمران : ١٩١ ]
١٢٦٦-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك ﴾ العرب تختصر الكلام ؛ ليخففوه لعلم المستمع بتمامه، فكأنه في تمام القول، ويقولون : ربنا ما خلقت هذا باطلا٥.
١ - أخرجه ابن جريج (٨/٤٧٥ رقم ٨٣٥٥) وابن أبي حاتم (٣/٨٤٢ رقم ٤٦٥٨).
٢ - أخرجه ابن أبي حاتم (٣/٨٤٢ رقم ٤٦٥٧).
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٧٤ رقم ٨٣٥٧).
٤ - أخرجه الإمام أحمد في الزهد (١٩٧-١٩٨).
٥ - مجاز القرآن (١/١١١).
قوله عز وجل :﴿ ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار ﴾ [ آل عمران : ١٩٢ ]
١٢٦٧-حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن رجل، عن ابن المسيب، في قوله عز وجل :﴿ ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته ﴾، قال : هذا خاصة لمن لم يخرج منها١.
١٢٦٨-حدثنا موسى، قال حدثنا شيبان، قال : حدثنا أبو هلال، قال : حدثنا قتادة :﴿ إنك من تدخل النار فقد أخزيته ﴾، قال : إنك من تخلد ( في )٢ النار فقد أخزيته ٣.
١٢٦٩-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إنك من تدخل النار ﴾، قال : من تخلده فيها٤.
١ - أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٤٢)، وابن جرير (٧/٤٧٧، رقم ٨٣٥٧).
٢ زيادة يقتضيها السياق، في ابن جرير بلفظ " إنك من تدخل النار فقد أخزيته"؟!.
٣ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٧٧ رقم ٨٣٥٦).
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٧٨ رقم ٨٣٥٩)..
قوله عز وجل :﴿ ربنا إننا سمعنا مناديا ﴾ الآية [ آل عمران : ١٩٢ ]
١٢٧٠-حدثنا أبو عمران : موسى بن هارون بن عبد الله الله الحمال، قال : حدثنا شجاع بن مخلد، قال : حدثني يحيى، قال أخبرني موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي، في قوله عز وجل ﴿ ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان ﴾، قال : المنادي : القرآن١.
١٢٧١-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا أحمد بن شبيب، قال : حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة : " قوله :﴿ ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ﴾ : سمعوا دعوة من الله عز وجل، فأجابوها، واحتسبوا فيها، وصبروا، ينبئكم لله عن مؤمني الإنس، كيف قال ؟ وعن مؤمني الجن، كيف قال ؟. قال : فأما مؤمن الجن فقال :﴿ إناسمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحد ﴾ وأما مؤمن الإنس، فقال :﴿ إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ﴾ " ٢.
١٢٧٢-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ ينادي للإيمان ﴾، أي : ينادي إلى الإيمان. ويجوز : إنا سمعنا مناديا للإيمان ينادي٣.
١٢٧٣-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ مناديا ينادي للإيمان ﴾ قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم٤.
١ - تفسير سفيان الثوري (١٧٣/ ٢٣: ٣٧)، وأخرجه ابن جرير (٧/٤٨٠ رقم ٨٣٦٢) وابن أبي حاتم (٣/٨٤٢ رقم ٤٦٦٢).
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٨١ رقم ٨٣٦٥) وابن أبي حاتم (٣/ ٨٤٣ رقم ٤٢٢٣).
٣ - مجاز القرآن (١/١١١).
٤ أخرجه ابن جرير (٧/٤٨١ رقم ٨٣٦٣) وابن أبي حاتم (٣/٨٤٣ رقم ٤٦٦٤).
قوله عز وجل :﴿ ربنا وآتنا ما وعدتنا ﴾ الآية [ آل عمران : ١٩٤ ]
١٢٧٤-حدثنا محمد، قال : حدثنا نصر، قال : حدثنا عبد، قال : حدثنا إبراهيم بن الحكم، عن أبيه، عن عكرمة :﴿ ولا تخزنا يوم القيامة ﴾، قال : قال ابن عباس : لا تفضحنا يوم القيامة، ﴿ إنك لا تخلف الميعاد ﴾ أي : من وحّدك، وصدّق بنبيك، لا تخزه. قال :﴿ فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم ﴾، قال : أهل لا إله إلا الله، أهل التوحيد، والإخلاص، لا أخزيهم يوم القيامة١.
١٢٧٥-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ ربنا وآيتا ما وعدتنا على رسلك ﴾، فيستنجزون موعد الله على رسله٢.
١ - أخرجه ابن أبي حاتم ( ٣/٨٤٤).
٢ - أخرجه ابن جرير (٧/٤٨٥ رقم ٨٤٦٦).
قوله عز وجل :﴿ فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم ﴾ [ آل عمران ١٩٥ ]
١٢٧٦-حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل ﴾، فتحت الألف، لأنك أعملت استجاب لهم بذلك، ولو كان مختصرا على قولك : وقال : إني لا أضيع أجر العاملين، لكسرت الألف.
﴿ فاستجاب لهم ﴾ أي : أجابهم. تقول العرب : استجبتك في معنى : استجبت لك، قال الغنوي :
وداع داع يا من يجيب إلى الندى فلم يستجبه عند ذاك مجيب١
قوله عز وجل :﴿ أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ﴾ إلى قوله :﴿ في سبيلي ﴾ [ آل عمران : ١٩٥ ]
١٦٧٧-حدثنا عبد الله بن أحمد بن الحارث بن أبي مسرة، قال : حدثنا عبد الله بن الزبير، قال : حدثنا سفيان، قال : حدثنا عمرو بن دينار، قال : أخبرني سلمة، رجل من ولد أم سلمة، عن أم سلمة أنها قالت : قلت : يا رسول الله لا أسمع الله عز وجل ذكر النساء في الهجرة بشيء !. فأنزل الله جل ثناؤه :﴿ فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ﴾٢.
١٢٧٨- حدثنا موسى، قال : حدثنا العباس، قال : حدثنا أبو الفتح، قال : قال سفيان : قالت امرأة، أو نسوة : هاجرنا، ولا تذكر الهجرة والجهاد إلا فيكم ؟ فأنزل الله جل ثناؤه :﴿ أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ﴾، قال سفيان : وفيه يهلك الخوارج٣.
قوله عز وجل :﴿ لأكفرن عنهم ﴾ الآية [ آل عمران : ١٩٥ ]
١٢٧٩-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ لأكفرن عنهم سيئاتهم ﴾ أي : لأذهبنها عنهم، أي : لأمحونها عنهم٤.
١ - مجاز القرآن (١/١١٢) وينظر البيت (١/٦٧).
٢ -- أخرجه عبد الرزاق في التفسير (١/١٤٤ رقم ٤٩٨)، وسعيد بن منصور (٥٥٢)، والترميذي (٣٠٢٣)، وابن جرير (٧/ ٤٨٧ رقم ٨٣٦٨) وابن أبي حاتم (٣/٨٤٤ رقم ٤٦٦٩) والطبراني في المعجم الكبير (٦٣/ رقم ٦٥١)، والحاكم وصححه (٢/٣٠٠).
٣ - تفسير سفيان الثوري (١٧٤/٥: ٣٨).
٤ - مجاز القرآن (١/١١٢).
قوله عز وجل :﴿ لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ﴾ [ آل عمران : ١٩٦ ]
١٢٨٠-حدثنا محمد، قال : حدثنا نصر، قال : حدثنا عبد، قال : حدثنا إبراهيم بن الحكم، عن أبيه، عن عكرمة :﴿ لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ﴾ تقلب ليلهم ونهارهم، وما يجري عليهم من النعم، متاع قليل.
قوله عز وجل :﴿ ثم مأواهم جهنم ﴾ الآية [ آل عمران : ١٩٦ ]
١٦٨١-حدثنا محمد، قال : حدثنا نصر، قال : حدثنا عبد، قال : حدثنا إبراهيم بن الحكم، عن أبيه، عن عكرمة :﴿ ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ﴾ قال عكرمة : قال ابن عباس : أي، بئس المنزل.
١٢٨٢-حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا عبد الأعلى، قال : حدثنا مسلم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ وبئس المهاد ﴾، قال : بئس ما مهدوا لأنفسهم.
قوله عز وجل :﴿ لكن الذين اتقوا ربهم ﴾ الآية [ آل عمران : ١٩٨ ]
١٢٨٣-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ نزلا من عند الله ﴾ أي : ثوابا، ويجوز : منزلا من عند الله، من قولك : أنزلته منزلا١.
قوله عز وجل :﴿ وما عند الله خير للأبرار ﴾ [ آل عمران : ١٩٨ ]
١٢٨٤-حدثنا النجار، قال : أخبرنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن الأعمش، عن خيثمة، عن الأسود، عن عبد الله، قالك ما من نفس برة، ولا فاجرة إلا والموت خير لها٢، وقرأ :﴿ وما عند الله خير للأبرار ﴾، وقرأ هذه الآية :﴿ ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم ﴾ الآية٣.
١٢٨٥-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد بن منصور، قال : حدثنا فرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أبي الدرداء، قال : ما من مؤمن إلا الموت خير له، وما من كافر إلا الموت خير له، فمن لم يصدقني، فإن الله يقول :﴿ وما عند الله خير للأبرار ﴾، ﴿ ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم ﴾ الآية٤.
١٢٨٦-حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد، قال : حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب، قال : الموت خير للمؤمن والكافر، ثم تلا :﴿ وما عند الله خير للأبرار ﴾، وذكر بقية الحديث٥.
١ - مجاز القرآن (١/١١٢).
٢ في (م) لهما.
٣ الآية ١٧٨ من سورة آل عمران..
٤ تقدم تخريجه برقم (١٢١٠).
٥ - تقدم تخريجه برقم (١٢٣٥).
قوله عز وجل :﴿ وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله ﴾ [ آل عمران : ١٩٩ ]
١٢٨٧-حدثنا علي بن عبد الرحمن بن المغيرة علان، قال : حدثنا يزيد بن مهران الخباز البغدادي، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش، عن حميد، عن أنس، قال : لما جاء نعي النجاشي، قال : رسول الله :«صلوا عليه ».
قالوا يا رسول الله نصلي على عبد حبشي ؟ ! قال : فأنزل الله جل ثناؤه :﴿ وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم ﴾١.
١٢٨٨-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا محمد بن ثور، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله ﴾، زعموا لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي طعن في ذلك المنافقون، فقال : صلى [ عليه ]٢، وما كان على دينه. فنزلت :﴿ وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله ﴾، قالوا : ما كان يستقبل قبلته، وإن بينهما للبحار. فنزلت :﴿ فأينما تولوا فثم وجه الله ﴾٣. ٤
١٢٨٩-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج :﴿ وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله ﴾ الآية، قال : قال آخرون : نزلت في النفر الذين كانوا من يهود، فأسلموا، عبد الله بن سلام، ومن معه٥.
قوله :﴿ إن الله سريع الحساب ﴾ [ آل عمران : ١٩٩ ]
١٦٩٠-حدثنا محمد، قال : حدثنا نصر، قال : حدثنا عبد بن حميد، قال : حدثنا الضحاك بن مخلد، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :﴿ سريع الحساب ﴾، قال : أحصاه عليهم.
١ - أخرجه البزار (كشف الأستار رقم ٨٣٢)، والنسائي في التفسير (١/٣٥٦ رقم ١٠٨)، وابن أبي حاتم (٣/٨٤٦ رقم ٤٦٨٢)، والواحدي في أسباب النزول ( ص ١٧٣)..
٢ في الأصل (علينا) والصحيح كما أثبته من (م).
٣ - من الآية ١١٥ من سورة البقرة..
٤ -أخرجه ابن جرير (٨/٤٩٨ رقم ٨٣٨١).
٥ - أخرجه ابن جرير ٨/٤٩٨ رقم ٨٣٨٢).
قوله عز وجل :﴿ يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ﴾ الآية [ آل عمران : ٢٠٠ ]
١٢٩١-حدثنا محمد، قال : حدثنا نصر، قال : حدثنا عبد، قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال : حدثنا جرير، عن الحسن :﴿ اصبروا وصابروا ﴾ قال : الصبر عن المصيبة، ﴿ وصابروا ﴾على الصلوات، ﴿ ورابطوا ﴾، قال : جاهدوا في سبيل الله١.
١٢٩٢-حدثنا أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال : حدثنا ابن وهب، قال : أخبرني أبو صخر المديني، عن محمد بن كعب القرظي : أنه كان يقول في هذه الآية ﴿ اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ﴾، يقول :﴿ اصبروا ﴾ على دينكم، ﴿ وصابروا ﴾ الوعد الذي وعدتكم عليه، ﴿ ورابطوا ﴾ عدوي وعدوكم حتى يترك دينه لدينكم٢.
١٢٩٣-حدثنا علي بن المبارك، قال : حدثنا زيد، قال : حدثنا ابن ثور، عن ابن جريج، عن ابن عباس :﴿ يا أيها الذين آمنوا اصبروا ﴾ على طاعة الله، ﴿ وصابروا ﴾ أعداد الله، ﴿ ورابطوا ﴾ في سبيل الله.
١٦٩٤-حدثنا إبراهيم بن منقذ، قال : حدثنا أيوب بن سويد، قال : حدثنا سفيان، في قوله :﴿ اصبروا ﴾، قال : اصبروا على الفرائض، ﴿ وصابروا ﴾، قال : صابروا على العدو، فلا تكونوا أجزع منهم.
١٢٩٥-حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال : حدثنا سعيد، قال حدثنا علي بن ثابت، عن سعيد، عن قتادة، في قوله :﴿ اصبروا وصابروا ورابطوا ﴾، قال :﴿ اصبروا ﴾ على دينكم، ﴿ وصابروا ﴾ في سبيلي لعلكم تفلحون٣.
١٢٩٢-حدثنا موسى، قال : حدثنا داود بن عمرو، قال حدثنا عبد الله بن المبارك، عن مصعب بن ثابت، عن دود بن صالح، قال : قال أبو سلمة ابن عبد الرحمن : تدري ابن أخي، في /أي شيء نزلت هذه الآية ﴿ اصبروا وصابروا ورابطوا ﴾ ؟ قلت : لا، قال : إنه لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم غزو يرابط فيه، ولكنه انتظار الصلاة بعد الصلاة٤.
١٢٩٧-أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة :﴿ ورابطوا ﴾ أي : اثبتوا ودوموا. قال الأخطل :
ما زال فينا رباط الخيل معلمة وفي كليب رباط اللؤم والعار ٥
قوله عز وجل :﴿ وتقوا الله لعلكم تفلحون ﴾ [ آل عمران : ٢٠٠ ]
١٢٩٨-أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : حدثني أبو صخر المديني، عن محمد بن كعب القرظي، أنه كان يقول في هذه الآية :﴿ اصبروا ﴾ حتى بلغ، ﴿ واتقوا الله لعلكم تفلحون ﴾ : واتقوا الله فيما بيني وبينكم لعلكم تفلحون غدا إذا لقيتموني فذلك حين يقول : اصبروا، وصابروا٦.
١ - أخرجه عبد بن حميد في تفسيره (المنتخب ق ١٠١)، وابن أبي حاتم (٣/٨٤٨ رقم ٤٦٩٥).
٢ - أخرجه ابن جرير ( ٧/٥٠٢ رقم ٨٣٩١ و٧/٥١٠ رقم ٨٣٩٩) وابن أبي حاتم (٣/٨٤٧ رقم ٤٦٨٩).
٣ - أخرجه عبد بن حميد في تفسيره (المنتخب ق ١٠١ بنحوه)، وابن جرير (٧/٥٠٢ رقم ٨٣٨٧).
٤ - أخرجه ابن جرير (٧/٥٠٤ رقم ٨٣٩٤) والحاكم وصححه (٢/٣٠١) ووافقه الذهبي، والواحدي في أسباب النزول (ص ١٧٣).
٥ - مجاز القرآن (١/١١٢).
٦ - أخرجه ابن جرير (٧/٥٠٢ رقم ٨٣٩١)، وابن أبي حاتم (٣/٨٤٧ رقم ٤٦٨٩)..
Icon