ﰡ
أحدهما : أنه الإخلاص بالتوحيد، قاله السدي.
الثاني : إخلاص النية لوجهه. وفي قوله ﴿ له الدين ﴾ وجهان :
أحدهما : له الطاعة، قاله ابن بحر.
الثاني : العبادة.
أحدها : شهادة أن لا إله إلا الله، قاله قتادة.
الثاني : الإسلام، قاله الحسن.
الثالث : ما لا رياء فيه من الطاعات.
﴿ والذين اتخذوا من دونه أولياء ﴾ يعني آلهة يعبدونها.
﴿ ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ﴾ قال كفار قريش هذه لأوثانهم وقال من قبلهم ذلك لمن عبدوه من الملائكة وعزير وعيسى، أي عبادتنا لهم ليقربونا إلى الله زلفى، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن الزلفى الشفاعة في هذا الموضع، قاله قتادة.
الثاني : أنها المنزلة، قاله السدي.
الثالث : أنها القرب، قاله ابن زيد.
﴿ ثم جعل منها زوجها ﴾ يعني حواء. فيه وجهان : أحدهما : أنه خلقها من ضلع الخَلْف من آدم وهو أسفل الأضلاع، قاله الضحاك.
الثاني : أنه خلقها من مثل ما خلق منه آدم، فيكون معنى قوله ﴿ جعل منها ﴾ أي من مثلها، قاله ابن بحر.
﴿ وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج ﴾ قال قتادة : من الإبل اثنين، ومن البقر اثنين، ومن الضأن اثنين، ومن المعز اثنين، كل واحد زوج.
وفي قوله ﴿ أنزل ﴾ وجهان : أحدهما : يعني جعل، قاله الحسن. الثاني : أنزلها بعد أن خلقها في الجنة، حكاه ابن عيسى.
﴿ يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق ﴾ فيه وجهان : أحدهما : نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاماً ثم لحماً، قاله قتادة والسدي.
الثاني : خلقاً في بطون أمهاتكم من بعد خلقكم في ظهر آدم، قاله السدي. ويحتمل ثالثاً : خلقاً في ظهر الأب ثم خلقاً في بطن الأم ثم خلقاً بعد الوضع.
﴿ في ظلمات ثلاث ﴾ فيه وجهان : أحدهما : ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة، قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة. الثاني : ظلمة صلب الرجل وظلمة بطن المرأة وظلمة الرحم، حكاه ابن عيسى. ويحتمل ثالثاً : أنها ظلمة عتمة الليل التي تحيط بظلمة المشيمة وظلمة الأحشاء وظلمة البطن.
أحدها : مخلصاً إليه، قاله الضحاك.
الثاني : مستغنياً به، قاله السدي.
الثالث : مقبلاً عليه، قاله الكلبي وقطرب.
﴿ ثم إذا خوّله منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : إذا أصابته نعمة ترك الدعاء، قاله الكلبي.
الثاني : إذا أصابته عافية نَسي الضر. والتخويل العطية العظيمة من هبة أو منحة، قال أبو النجم :
(أعطى فلم يبخل ولم يبخلِ | كوم الذّرى من خول المخوِّلِ) |
أعطى فلم يبخل ولم يبخلِ | كوم الذّرى من خول المخوِّلِ |
(يا هند سقاك بلا حسابه | سقيا مليك حسن الربابة) |
أحدها : خسروا أنفسهم بإهلاكها في النار، وخسروا أهليهم بأن لا يجدوا في النار أهلاً، وقد كان لهم في الدنيا أهل، قاله مجاهد وابن زيد.
الثاني : خسروا أنفسهم بما حرموها من الجنة وأهليهم من الحور العين الذين أعدوا لهم في الجنة، قاله الحسن وقتادة.
الثالث : خسروا أنفسهم وأهليهم بأن صاروا هم بالكفر إلى النار، وصار أهلوهم بالإيمان إلى الجنة وهو محتمل.
أحدهما : أن القول كتاب الله، قاله مقاتل ويحيى بن سلام.
الثاني : أنهم لم يأتهم كتاب من الله ولكن يستمعون أقاويل الأمم، قاله ابن زيد.
﴿ فيتبعون أحسنَه ﴾ فيه خمسة أوجه :
أحدها : طاعة الله، قاله قتادة.
الثاني : لا إله إلا الله، قاله ابن زيد.
الثالث : أحسن ما أمروا به، قاله السدي.
الرابع : أنهم إذا سمعوا قول المسلمين وقول المشركين اتبعوا أحسنه وهو الإسلام، حكاه النقاش.
الخامس : هو الرجل يسمع الحديث من الرجل فيحدث بأحسن ما يسمع منه، ويمسك عن أسوئه فلا يتحدث به، قاله ابن عباس.
ويحتمل سادساً : أنهم يستمعون عزماً وترخيصاً فيأخذون بالعزم دون الرخص.
﴿ أولئك الذين هداهم الله ﴾ الآية. قال عبد الرحمن بن زيد : نزلت في زيد بن عمرو بن نفيل وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها في جاهليتهم، واتبعوا أحسن ما صار من العقول إليهم.
أحدهما : وسع صدره للإسلام حتى يثبت فيه، قاله ابن عباس والسدي.
الثاني : وسع صدره بالإسلام بالفرح به والطمأنينة إليه، فعلى هذا لا يجوز أن يكون الشرح قبل الإسلام، < وعلى الوجه الأول يجوز أن يكون الشرح قبل الإسلام.
﴿ فهو على نور من ربه ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : على هدى من ربه، قاله السدي.
الثاني : أنه كتاب الله الذي به يأخذ وإليه ينتهي، قاله قتادة.
وروى عمرو بن مرّة عن عبد الله بن سدر قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، فقالوا : يا رسول الله ما هذا الشرح ؟ فقال :" نور يقذف به في القلب "، قالوا : يا رسول الله هل لذلك من أمارة ؟ قال :" نعم " قالوا : ما هي ؟ قال :" الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل الموت ".
وفي من نزلت فيه هذه الآية ثلاثة أقاويل :
أحدها : في رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله الكلبي.
الثاني : في عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حكاه النقاش.
الثالث : في عمار بن ياسر، قاله مقاتل.
﴿ فويل للقاسية قلوبُهم من ذِكر الله ﴾ قيل أنه عنى أبا جهل وأتباعهُ من كفار قريش، وفي الكلام مضمر محذوف تقديره : فهو على نور من ربه كمن طبع الله على قلبه فويل للقاسية قلوبهم.
أحدها : غير ذي لبس، قاله مجاهد.
الثاني : غير مختلف، قاله الضحاك.
الثالث : غير ذي شك، قاله السدي.
﴿ فيه شركاء ﴾ أي يعبد أوثاناً شتى.
﴿ متشاكسون ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : متنازعون، قاله قتادة.
الثاني : مختلفون، قاله ابن زياد.
الثالث : متعاسرون.
الرابع : متظالمون مأخوذ من قولهم : شكسني مالي أي ظلمني.
﴿ ورَجُلاً سَلَماً لرجُلٍ ﴾ يعني المؤمن سلماً لرجل أي مخلصاً لرجل، يعني أنه بإيمانه يعبد إلهاً واحداً.
﴿ هل يستويان مثلاً ﴾ أي هل يستوي حال العابد لله وحده وحال من يعبد آلهة غيره ؟ فضرب لهما مثلاً بالعبدين اللذين يكون أحدهما لشركاء متشاكسين، لا يقدر أن يوفي كل واحد منهم حق خدمته، ويكون الآخر لسيد واحد يقدر أن يوفيه حق خدمته.
﴿ الحمد لله ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : على احتجاجه بالمثل الذي خَصم به المشركين.
الثاني : على هدايته التي أعان بها المؤمنين.
﴿ بل أكثرهم لا يعلمون ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : لا يعلمون المثل المضروب.
الثاني : لا يعلمون بأن الله هو الإله المعبود.
أحدها : أن يذكر ذلك تحذيراً من الآخرة.
الثاني : أن يذكره حثاً على العمل.
الثالث : أن يذكره توطئة للموت.
الرابع : لئلا يختلفوا في موته كما اختلفت الأمم في غيره، حتى إن عمر لما أنكر موته احتج أبو بكر بهذه الآية فأمسك.
الخامس : ليعلمه أن الله تعالى قد سوى فيه بين خلقه مع تفاضلهم في غيره لتكثر فيه السلوى وتقل الحسرة. ومعنى إنك ميت أي ستموت، يقال ميت بالتشديد للذي سيموت، وميت بالتخفيف لمن قد مات.
أحدها : في الدماء، قاله عكرمة.
الثاني : في المداينة، قاله الربيع بن أنس.
الثالث : في الإيمان والكفر، قاله ابن زيد، فمخاصمة المؤمنين تقريع، ومخاصمة الكافرين ندم.
الرابع : ما قاله ابن عباس يخاصم الصادق الكاذب، والمظلوم الظالم، والمهتدي الضال، والضعيف المستكبر قال إبراهيم النخعي : لما نزلت هذه الآية جعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون ما خصومتنا بيننا.
ويحتمل خامساً : أن تخاصمهم هو تحاكمهم إلى الله تعالى فيما تغالبوا عليه في الدنيا من حقوقهم خاصة دون حقوق الله ليستوفيها من حسنات من وجبت عليه في حسنات من وجبت له.
أحدها : أنه جبريل، قاله السدي.
الثاني : محمد صلى الله عليه وسلم، قاله قتادة ومجاهد.
الثالث : أنهم المؤمنون جاءوا بالصدق يوم القيامة، حكاه النقاش.
الرابع : أنهم الأنبياء، قاله الربيع وكان يقرأ : والذين جاءوا بالصدق وصدقوا به١.
وفي ( الصدق ) قولان :
أحدهما : أنه لا إله إلا الله، قاله ابن عباس.
الثاني : القرآن، قاله مجاهد وقتادة.
ويحتمل ثالثاً٢ : أنه البعث والجزاء.
وفي الذي صدق به خمسة أقاويل :
أحدها : أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله ابن عباس.
الثاني : المؤمنون من هذه الأمة، قاله الضحاك.
الثالث : أتباع الأنبياء كلهم ؛ قاله الربيع.
الرابع : أنه أبو بكر رضي الله عنه حكاه الطبري عن علي رضي الله عنه، وذكره النقاش عن عون بن عبد الله.
الخامس : أنه علي كرم الله وجهه حكاه ليث عن مجاهد.
ويحتمل سادساً : أنهم المؤمنون قبل فرض الجهاد من غير رغبة في غنم ولا رهبة من سيف.
﴿ أولئك هم المتقون ﴾ إنما جاز الجمع في٣ ﴿ هم المتقون ﴾ و ﴿ الذي ﴾ واحد في مخرج لفظه وجمع في معناه على طريق الجنس كقوله تعالى ﴿ إن الإنسان لفي خسر ﴾
٢ رأي المؤلف..
٣ في ك فيهم..
﴿ ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون ﴾ أي يجزيهم بأجر أحسن الأعمال وهي الجنة.
أحدها : على ناحيتكم، قاله الضحاك ومجاهد.
الثاني١ : على تمكنكم، قاله ابن عيسى.
الثالث : على شرككم، قاله يحيى.
﴿ إني عامل ﴾ على ما أنا عليه من الهدى.
﴿ فسوف تعلمون ﴾ وهذا وعيد.
أحدها : أن الله عند توفي الأنفس يقبض أرواحها من أجسادها والتي لم تمت وهي في منامها يقبضها عن التصرف مع بقاء أرواحها في أجسادها.
﴿ فيمسك التي قضى عليها الموت ﴾ أنى تعود الأرواح إلى أجسادها.
﴿ ويرسلُ الأخرى ﴾ وهي النائمة فيطلقها باليقظة للتصرف إلى أجل موتها، قاله ابن عيسى.
الثاني : ما حكاه ابن جريج عن ابن عباس أن لكل جسد نفساً وروحاً فيتوفى الله الأنفس في منامها بقبض أنفسها دون أرواحها حتى تتقلب بها وتتنفس، فيمسك التي قضى عليها الموت أن تعود النفس إلى جسدها ويقبض الموت روحها، ويرسل الأخرى وهي نفس النائم إلى جسدها حتى تجتمع مع روحها إلى أجل موتها.
الثالث : قاله سعيد بن جبير إن الله تعالى يقبض أرواح الموتى إذا ماتوا وأرواح الأحياء إذا ناموا فتتعارف ما شاء الله أن تتعارف فيمسك التي قضى عليها الموت فلا يعيدها ويرسل الأخرى فيعيدها. قال علي رضي الله عنه : فما رأته نفس النائم وهي في السماء قبل إرسالها إلى جسدها فهي الرؤيا الصادقة، وما رأته بعد إرسالها وقبل استقرارها في جسدها تلقيها الشياطين وتخيل إليها الأباطيل فهي الرؤيا الكاذبة.
أحدها : انقبضت، قاله المبرد.
الثاني : نفرت.
الثالث : استكبرت.
أحدها : هو ما أمرهم الله به في الكتاب، قاله السدي.
الثاني : أن يأخذوا ما أمروا به وينتهوا عما نهوا عنه، قاله الحسن.
الثالث : هو الناسخ دون المنسوخ، حكاه ابن عيسى.
الرابع : هو طاعة الله تعالى في الحرام والحلال قاله ابن زياد.
الخامس : تأدية الفرائض، قاله زيد بن علي، ومعاني أكثرها متقاربة.
ويحتمل سادساً١ : أنه الأخذ بالعزيمة دون الرخصة. وجعله منزلاً عليهم٢ لأنه منزل إليهم على نبيهم صلى الله عليه وسلم.
٢ هكذا بالأصول مع أن الآية: "ما أنزل إليكم" وليست عليكم..
أحدهما : معناه لئلا تقول نفس.
الثاني : أن لا تقول نفس، والألف التي في يا حسرتا بدل من ياء١ الإضافة ففعل ذلك في الاستغاثة لمدة الصوت بها.
﴿ على ما فرطت في جنب الله ﴾ فيه ستة تأويلات :
أحدها : في مجانبة أمر الله، قاله مجاهد والسدي.
الثاني : في ذات الله، قاله الحسن.
الثالث : في ذكر الله، قاله السدي، وذكر الله هنا القرآن.
الرابع : في ثواب٢ الله من الجنة حكاه النقاش.
الخامس : في الجانب المؤدي إلى رضا الله، والجنب والجانب سواء.
السادس : في طلب القرب من الله ومنه قوله تعالى ﴿ والصاحب بالجنب ﴾ أي بالقرب.
﴿ وإن كنت لمن الساخرين ﴾ فيه وجهان : أحدهما : من المستهزئين في الدنيا بالقرآن، قاله النقاش.
الثاني : بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين، قاله يحيى بن سلام.
٢ في ك ثوب..
أحدها : بنجاتهم من النار.
الثاني : بما فازوا به من الطاعة.
الثالث : بما ظفروا به من الإرادة.
ويحتمل رابعاً : بما سلكوا فيه مفازة الطاعات الشاقة، مأخوذ من مفازة السفر.
﴿ لا يمسهم السُّوءُ ﴾ لبراءتهم منه. ﴿ ولا هم يحزنون ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : لا يحزنون، بألا يخافوا سوء العذاب.
الثاني : لا يحزنون على ما فاتهم من ثواب الدنيا.
وفي قوله ﴿ بِنُورِ رَبِّها ﴾ وجهان :
أحدهما : بعدله، قاله الحسن.
الثاني : بنوره وفيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه نور قدرته.
الثاني : نور خلقه لإشراق أرضه.
الثالث : أنه اليوم الذي يقضي فيه بين خلقه لأنه نهار لا ليل معه.
﴿ ووضع الكتاب ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : الحساب، قاله السدي.
الثاني : كتاب أعمالهم، قاله قتادة.
﴿ وجيء بالنبيين الشهداء ﴾ فيهم قولان :
أحدهما : أنهم الشهداء الذين يشهدون على الأمم للأنبياء أنهم قد بلّغوا، وأن الأمم قد كذبوا، قاله ابن عباس.
الثاني : أنهم الذين استشهدوا في طاعة الله، قاله السدي.
﴿ وقضي بينهم بالحق ﴾ قال السدي بالعدل ﴿ وهم لا يظلمون ﴾ قال سعيد ابن جبير لا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم.
(كأن إخراجها في الصبح غادية | من كل شائبةٍ في أنها زُمَر) |
مكية في قول الحسن وعطاء وعكرمة وجابر، وقال ابن عباس وقتادة إلا آيتين منها نزلتا بالمدينة وهما ﴿إن الذين يجادلون في آيات الله﴾ [غافر: ٥٦] والتي بعدها. بسم الله الرحمن الرحيم
أحدهما : أنه وعده بالجنة في الآخرة ثواباً على الإيمان.
الثاني : أنه وعده في الدنيا بظهور دينه على الأديان، وفي الآخرة بالجزاء على الإيمان.
﴿ وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاءُ ﴾ وفي هذه الأرض قولان :
أحدهما : أرض الجنة، قاله أبو العالية وأبو صالح وقتادة والسدي وأكثر المفسرين.
الثاني : أرض الدنيا. فإن قيل إنها أرض الجنة ففي تسميتها ميراثاً وجهان :
أحدهما : لأنها صارت إليهم في آخر الأمر كالميراث.
الثاني : لأنهم ورثوها من أهل النار، وتكون هذه الأرض من جملة الجزاء والثواب، والجنة في أرضها كالبلاد١ في أرض الدنيا لوقوع التشابه بينهما٢ قضاء بالشاهد على الغائب.
﴿ نتبوأ من الجنة حيث نشاء ﴾ يعني< منازلهم التي جوزوا بها، لأنهم مصروفون عن إرادة غيرها.
وفي تأويل قوله ﴿ حيث نشاء ﴾ وجهان :
أحدهما : حيث نشاء من منزلة وعلو.
الثاني : حيث نشاء>٣ من منازل ومنازه، فإن قيل إنها أرض الدنيا فهي من النعم دون الجزاء.
ويحتمل تأويله وجهين :
أحدهما : أورثنا الأرض بجهادنا نتبوأ من الجنة حيث نشاء بثوابنا.
الثاني : وأورثنا الأرض بطاعة أهلها لنا نتبوأ من الجنة حيث نشاء بطاعتنا له لأنهم أطاعوا فأطيعوا.
﴿ فنعم أجر العاملين ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : فنعم أجر العاملين في الدنيا الجنة في الآخرة.
الثاني : فنعم أجر من أطاع أن يطاع.
٢ في ع بينهما قضي بالشاهد..
٣ ساقط من ع..
﴿ يسبحون١ بحمد ربهم ﴾ وتسبيحهم تلذذ لا تعبد. وفي قوله.
﴿ بحمد ربهم ﴾ وجهان :
أحدهما : بمعرفة ربهم، قاله الحسن.
الثاني : يذكرون بأمر ربهم، قاله مقاتل.
﴿ وقضي بينهم بالحق ﴾ أي بالعدل وفيه قولان :
أحدهما : وقضي بينهم بعضهم لبعض.
الثاني : بين الرسل والأمم، قاله الكلبي.
﴿ وقيل الحمد لله رب العالمين ﴾ وفي قائله قولان :
أحدهما : أنه من قول الملائكة، فعلى هذا يكون حمدهم لله على عدله في قضائه.
الثاني : أنه من قول المؤمنين.
فعلى هذا يحتمل حمدهم وجهين :
أحدهما : على أن نجاهم مما صار إليه أهل النار.
الثاني : على ما صاروا إليه من نعيم الجنة، فختم قضاؤه٢ في الآخرة بالحمد كما افتتح خلق السموات والأرض بالحمد في قوله
﴿ الحمد لله الذي خلق السموات وَالأَرضَ ﴾ [ الأنعام : ١ ] فتلزم الاقتداء به والأخذ بهديه في ابتداء كل أمر بحمده، وخاتمته بحمده. وبالله التوفيق.
٢ هذا قول قتادة..