ﰡ
وأجيب أيضاً بأن الكل إبدال وهو لا يشترط فيه التبعية في التعريف. قوله: ﴿ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ﴾ يصح أن يكون حالاً، لأن الجمل بعد المعارف أحوال، ويصح أن يكون مستأنفاً. قوله: ﴿ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ ﴾ أي فيجازي كل واحد بعمله. قوله: ﴿ مَا يُجَادِلُ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ ﴾ أي في إبطالها والطعن فيها، وهذا هو الجدال المذموم، وأما الجدال في نصر آيات الله بالحجج القاطعة الذي هو وظيفة الأنبياء ومن على قدمهم فهم ممدوح، ومنه قوله تعالى﴿ وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾[النحل: ١٢٥].
قوله: ﴿ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ ﴾ الخ، الفاء واقعة في جواب شرط مقدر تقديره: إذا علمت أنهم كفار فلا تحزن، ولا يغررك إمهالهم، فإنهم مأخوذون عن قريب، وهذا تسلية له صلى الله عليه وسلم. قوله: ﴿ كَـذَّبَتْ قَبْلَهُمْ ﴾ أي قبل أهل مكة، وهو تسلية له صلى الله عليه وسلم أيضاً. قوله: ﴿ مِن بَعْدِهِمْ ﴾ أي من بعد قوم نوح. قوله: ﴿ لِيَأْخُذُوهُ ﴾ أي يتمكنوا من إصابته بما أرادوه به. قوله: (أي هو واقع موقعه) أي فهو عدل منه سبحانه وتعالى.
قوله: ﴿ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ ﴾ الخ، قدم هذا بين يدي الدعاء، توطئة للإشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يدعو الله تعالى، وهو موقن بالإجابة، ولا يتردد في الدعاء، فإنه مانع من الإجابة قوله: ﴿ رَّحْمَةً وَعِلْماً ﴾ قدم الرحمة على العلم، لأن المقام للدعاء، والرحمة مقصودة فيه بالذات، وإلا فالعلم سابق عليها. قوله: (من الشرك) أي إن كان عليهم ذنوب. قوله: ﴿ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ ﴾ أي بأن آمنوا. قوله: ﴿ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ ﴾ أي اجعل بينهم وبينه وقاية تمنعهم منه، بأن توقفهم لصالح الأعمال. قوله: ﴿ وَمَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ ﴾ الخ، أي بأن مات على غير الكفر، فيدخل فيه أهل الفترة والجنون. قوله: ﴿ وَأَزْوَاجِهِمْ ﴾ أي زوجاتهم لما ورد: إذا دخل المؤمن الجنة قال: أين أبي؟ أين أمي؟ أين ولدي؟ أين زوجتي؟ فيقال: إنهم لم يعملوا عملك، فيقول: إني كنت أعمل لي ولهم، فيقال: أدخلوهم، فإذا اجمتمع بأهله في الجنة، كان أكمل لسروره ولذاته. قوله: (في وأدخلهم) أي وهو أولى، لأنه يسير الدعاء لهم بالدخول صريحاً بخلافه على (وعدتهم) فإنه ضمني. قوله: ﴿ ٱلسَّيِّئَاتِ ﴾ الضمير راجع للآباء والأزواج والذرية. قوله: ﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾ التنوين عوض عن جملة مأخوذة من السياق، والتقدير: يوم إذ تدخل من تشاء الجنة، ومن تشاء النار، وهو يوم القيامة. قوله: ﴿ وَذَلِكَ ﴾ أي ما ذكر من الرحمة ووقاية السيئات. قوله: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ شروع في ذكر أحوال الكفار بعد دخولهم النار؛ إثر بيان أنهم من أصحاب النار. قوله: (وهم يمقتون أنفسهم) أي يبغضونها ويظهرون ذلك على رؤوس الأشهاد فيقول الواحد منهم لنفسه: مقتّك يا نفسي، فتقول الملائكة لم وهم في النار: لمقت الله إياكم، إذ أنتم في الدنيا، وقد بعث إليكم الرسل فلم تؤمنوا، أشد من مقتكم أنفسكم اليوم. قوله ﴿ لَمَقْتُ ٱللَّهِ ﴾: أي بغضه، والمراد لازمه وهو الانتقام والتعذيب، لأن حقيقته محالة في حق الله تعالى. قوله: (لأنهم نطفاً أموات) كذا في بعض النسخ بنصب نطفاً على الحال، والمناسب أن يقول: لأنهم كانوا أو خلقوا نطفاً، فإن الإمانة إعدام الحياة، ابتداء أو بعد سبق الحياة.
قوله: (بحذف الياء) أي وصلاً ووقفاً، وقوله: (وإثباتها) أي وصلاً ووقفاً، أو وصلاً فقط، فالقراءات ثلاث سبعيات. قوله: (لتلاقي أهل السماء) علة لتسمية ﴿ يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ ﴾.
قوله: (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ لاَ يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ﴾ من باب التهكم بهم، إذ الجماد لا يوصف بقضاء ولا بغيره. قوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ ﴾ وعيد لهم على أفعالهم وأقوالهم، أي فيجازيكم بها. قوله: ﴿ أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ لما بالغ في تخويف الكفار بأحوال الآخرة، أردفه بتخويفهم بأحوال الدنيا فقال ﴿ أَوَلَمْ يَسِيروُاْ ﴾ الخ، وقوله: ﴿ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ﴾ الخ ﴿ كَيْفَ ﴾ خبر ﴿ كَانَ ﴾ مقدم، و ﴿ عَاقِبَةُ ﴾ اسمها، والجملة في محل نصل على المفعولية، وقوله: ﴿ كَانُواْ ﴾ الخ جواب ﴿ كَيْفَ ﴾ والواو اسم ﴿ كَانَ ﴾ والضمير للفصل، و ﴿ أَشَدَّ ﴾ خبرها. قوله: ﴿ فَيَنظُرُواْ ﴾ يجوز أني كون منصوباً في جواب الاستفهام، وأن يكون مجزوماً نسقاً على ما قبله. قوله: ﴿ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ أي حال من قبلهم من الأمم المكذبة لرسلهم، كعاد وثمود وأضرابهم. قوله: (وفي قراءة منكم) أي بالالتفات من الغيبة إلى الخطاب. قوله: ﴿ وَآثَاراً فِي ٱلأَرْضِ ﴾ عطف على ﴿ قُوَّةً ﴾.
قوله: (من مصانع) أي أماكن في الأرض تخزن فيها المياه كالصهاريج. قوله: ﴿ وَمَا كَانَ لَهُم ﴾ الخ. ﴿ لَهُم ﴾ خبر ﴿ كَانَ ﴾ مقدم، و ﴿ وَاقٍ ﴾ اسمها مؤخر على زيادة ﴿ مِّنَ ٱللَّهِ ﴾ متعلق بواق، و ﴿ مِّنَ ﴾ فيه ابتدائية، ومفعول ﴿ وَاقٍ ﴾ محذوف قدره بقوله: (عذابه) وكان للاستمرار، أي ليس لهم واق أبداً. قوله: ﴿ ذَلِكَ ﴾ أي أخذهم بسبب أنهم كانت، الخ. قوله: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ ﴾ الخ، شروع في ذكر قصة موسى مع فرعون، وحكمة تكرارها وغيرها، تسليته صلى الله عليه وسلم وزيادة الاحتجاج على من كفر من أمته. قوله: ﴿ وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾ قيل: المراد به نفس الآيات، فالعطف مرادف، وإنما التغاير باعتبار العناوين، وقيل: المراد به بعض الآيات وهو العصا واليد، وحينئذ فيكون من عطف الخاص على العام، والنكتة الاعتناء بهما.
قوله: ﴿ بَعْضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمْ ﴾ أي إن لم يصبكم كله، فلا أقل من أن يصيبكم بعضه، إن تعرضتم له بسوء. قوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﴾ هذا من الكلام الموجه إلى موسى وفرعون، فالأول معناه: أن الله هدى موسى إلى الإتيان بالمعجزات، ومن كان كذلك فلا يكون مسرفاً كذاباً، فموسى ليس بمسرف ولا كذاب، والثاني معنا: أن فرعون مسرف في عزمه على قتل موسى، كذاب في ادعائه الألوهية، وحينئذ فالله لا يهدي من هذا وصفه. قوله: ﴿ يٰقَومِ لَكُمُ ٱلْمُلْكُ ﴾ الخ، أي فلا تفسدوا أمركم، ولا تتعرضوا لبأس الله بقتل هذا الرجل قوله: (حال) أي من الضمير في ﴿ لَكُمُ ﴾.
قوله: ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ ﴾ أي بعد أن سمع تلك النصيحة ولم يقبلها. قوله: (أي ما أشير عليكم بما أشير به على نفسي) أي فلا أظهر لكم أمراً وأكتم عنكم غيره. قوله: ﴿ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ ﴾ أي ما أدعوكم إلا إلى طريق الهدى. قوله: (أي يوم حزب بعد حزب) ﴿ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ ﴾ أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف. قوله: (عادة) تفسير للدأب. والمعنى جزاء الأمر الذي اعتادوه واستمروا عليه وهو كفرهم. قوله: ﴿ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ ﴾ أي فلا يعاقبهم بغير ذنب. قوله: ﴿ وَيٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ ﴾ الخ، لما خوفهم بالعذاب الدنيوي، شرع يخوفهم بالعذاب الأخروي. قوله: (بحذف الياء) أي في الوصل والوقف، وقوله: (وإثباتها) أي في الوصل والوقف، فالقراءات أربع سبعيات، وهذا في اللفظ، وأما في الخط فمحذوفة لا غير. قوله: (وغير ذلك) من جملته أن ينادى: ألا إن فلاناً سعد سعادة لا يشقى بعدها أبداً، وفلاناً شقي شقاوة لا يسعد بعدها أبداً، وأن ينادي حين يذبح الموت: يا أهل الجنة خلود بلا موت، ويا أهل النار خلود بلا موت، وأن ينادي المؤمن: هاؤم اقرؤوا كتابيه، وينادي الكافر: يا ليتني لم أوت كتابيه، وأن ينادي بعض الظالمين بعضاً بالويل والثبور، فهذه الأمور كلها تقع في هذا اليوم.
قوله: ﴿ إِلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلْغَفَّارِ ﴾ أي إلى عبادته، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه. قوله: ﴿ لاَ جَرَمَ ﴾ ﴿ لاَ ﴾ نافية، و ﴿ جَرَمَ ﴾ فعل ماض بمعنى حق، وقوله: ﴿ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ ﴾ فاعله، والمعنى حق ووجب عدم استجابة آلهتكم. قوله: (حقاً) مفعول لمحذوف دل عليه ﴿ لاَ جَرَمَ ﴾ والمعنى حق ما تدعونني إليه حقاً، وهي كلمة في الأصل بمنزلة لا بد، ثم تحولت إلى معنى القسم. قوله: ﴿ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ ﴾ ما اسم موصول، فحقها أن تفصل من النون، وإنما وصلت بها تبعاً للمصحف. قوله: (أي استجابة دعوة) أي لا شفاعة لها دنيا ولا أخرى، وقيل: المعنى ليست له دعوة إلى عبادته، لأن الأصنام لا تدعي الربوبية، ولا تدعو إلى عبادة نفسها، وفي الآخرة تتبرأ من عبادها. قوله: ﴿ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ ﴾ أي من النصيحة. قوله: (توعدوه) أي ففر هارباً إلى جبل، فأرسل فرعون خلفه ألفاً ليقتلوه، فوجدوه يصلي والوحوش صفوف حوله، فأكلت السباع بعضهم، ورجع بعضهم هارباً، فقتله فرعون. قوله: ﴿ فَوقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ ﴾ أي شدائد مكرهم، وقد نجى الله تعالى ذلك الرجل مع موسى من الغرق أيضاً. قوله: (قومه معه) أي ولم يصرح به، لأنه أولى منهم بذلك.
قوله: (وهم الملائكة) أي والأنبياء والمؤمنون، أما الملائكة فهم الكرام الكاتبون، يشهدون بما شاهدوا وأما الأنبياء، فإنهم يحضرون يوم القيامة يشهدون على أممهم، وأما المؤمنون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فتشهد على باقي الأمم يوم القيامة.
قوله: ﴿ فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ ﴾ هذا نتيجة ما قبله، أي إذا علمت أن الله ناصر لرسله في الدنيا والآخرة، فاصبر حتى يأتيك النصر من ربك. قوله: ﴿ وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ ﴾ أي اطلب المغفرة من ربك لذنبك، والمقصود من هذا الأمر، تعليم الأمة ذلك، وإلا فرسول الله صلى الله عليه وسلم معصوم من الذنب جميعاً، صغائر وكبائر، قبل النبوة وبعدها على التحقيق كجميع الأنبياء، وإلى هذا أشار المفسر بقوله: (ليستن بك) أي يقتدى بك، وأجيب أيضاً: بأن الكلام على حذف مضاف، والتقدير: واستغفر لذنب أمتك، وإنما أضيف الذنب له، لأنه شفيع لهم، وأمرهم متعلق به، فإذا لم يسع في غفرانه في الدنيا، اتبعه في الآخرة، قال تعالى:﴿ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾[التوبة: ١٢٨] وكل هذا تشريف لهذه الأمة المحمدية، فقد تشرفت بأمور: منها أن نبيها مأمور بالاستغفار لها، ومنها صلاة الله وملائكته عليها، وغير ذلك. وأجيب أيضاً: بأن المراد بالذنب خلاف الأولى، وسمي ذنباً بالنسبة لمقامه، من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين. قوله: (صلِّ) إنما فسر التسبيح بالصلاة لقرينة قوله: (وبعد) ﴿ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ ﴾.
قوله: (وهو من بعد الزوال) أي وفيه أربع صلوات: الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وقوله: ﴿ وَٱلإِبْكَارِ ﴾ أي وهو من الفجر إلى الزوال، وفيه صلاة واحدة وهي الصبح، فلذلك قال: الصلوات الخمس.
قوله: ﴿ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ ﴾ هذا وعد حسن من الله تعالى، بأن المتكبر لا يبلغ ما أمله بكبره، وإنما يجعل كيده في نحره. قوله: ﴿ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ ﴾ أي تحصن بالله من كيدهم، والتجيء إليه في دفع مكرهم. قوله: ﴿ إِنَّـهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ ﴾ تعليل لما قبله. قوله: ﴿ لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ﴾ الخ، أي سبعاً طباقاً على هذا الوجه المشاهد. قوله: (ابتداء) أي من غير سبق مثال). قوله: ﴿ أَكْـبَرُ ﴾ أعظم بحسب العادة، وإلا فالكل بالنسبة إليه تعالى، لا تفاوت فيها بين الصغير والكبير، بدءاً وإعادة. قوله: ﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ أي والأقل يعلمه وهو من آمن. قوله: بدءاً وإعادة. قوله: (فهم كالأعمى) الخ. هذا نتيجة ما قبله، وهو دخول على قوله: ﴿ وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْـمَىٰ ﴾ الخ. قوله: ﴿ وَ ﴾ (لا) ﴿ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾، الخ، راجع للبصير، وقوله: ﴿ وَلاَ ٱلْمُسِيۤءُ ﴾ راجع لقوله: ﴿ ٱلأَعْـمَىٰ ﴾ على سبيل اللف والنشر المشوش، وهو من أنواع البلاغة. قوله: (فيه زيادة لا) أي للتوكيد لطول الكلام بالصلة. قوله: ﴿ قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ ﴾ ﴿ قَلِيـلاً ﴾ صفة لموصوف محذوف مفعول مطلق، أي يتذكرون تذكراً قليلاً، و ﴿ مَّا ﴾ زائدة لتوكيد القلة. قوله: (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (أي تذكرهم قليلاً) و ﴿ لاَّ رَيْبَ فِيهَا ﴾ زائدة لتوكيد القلة. قوله: (أي تذكرهم قليلاً) هكذا بالنصب على الحال، والخبر محذوف، والتقدير يحصل حال كونه قليلاً. قوله: ﴿ لاَّ رَيْبَ فِيهَا ﴾ أي لوضوح الأدلة على حصولها. قوله: ﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ (بها) أي جحداً وعناداً، والأقل يؤمنون لقيام الدليل العقلي والشرعي، على أنه تعالى قادر على كل شيء، وأخبر على ألسنة رسله أنه كما بدأنا يعيدنا، فلو جوز تخلفه للزم، إما كذب خبره تعالى أو عجزه، وكلاهما محال تنزه الله عنه.
قوله: ﴿ ثُمَّ ﴾ (يبقيكم) ﴿ لِتَـبْلُغُوۤاْ ﴾ أشار بذلك إلى أن قوله: ﴿ لِتَـبْلُغُوۤاْ ﴾ متعلق بمحذوف وهو معطوف على قوله: ﴿ يُخْرِجُكُمْ ﴾.
قوله: ﴿ ثُمَّ لِتَكُـونُواْ ﴾ معطوف على ﴿ لِتَـبْلُغُوۤاْ ﴾.
قوله: (بضم الشين وكسرها) أي فهما قراءتان سبعيتان؟ قوله: (فعل ذلك بكم لتعيشوا) قدره إشارة إلى أن قوله: ﴿ وَلِتَبْلُغُوۤاْ ﴾ معطوف على محذوف وهما علتان، والمعلول ما تقدم من الأفعال الصادرة منه تعالى. قوله: (وقتاً محدوداً) أي وهو وقت الموت. قوله: ﴿ وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ معطوف على قوله: ﴿ لِتَـبْلُغُوۤاْ ﴾ ويصح أن يكون معطوفاً على محذوف تقديره فعل ذلك لتتدبروا ﴿ وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾.
قوله: ﴿ هُوَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ ﴾ هذا نتيجة ما قبله، وقوله: ﴿ فَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً ﴾ مرتب على ما تقدم، والمعنى: من ثبت أن هذه أفعاله، علم أنه لا يعسر عليه شيء ولا يتوقف إلا على تعلق إرادته به. قوله: (بضم النون) أي على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أي فهو يكون. قوله: (وفتحها) أي فهو منصوب بأن مضمرة وجوباً، بعد فاء السببية الواقعة في جواب الأمر، والقراءتان سبعيتان. قوله: (عقب الإرادة التي هي معنى القول المذكور) والأوضح أن يقول وهذا القول المذكور، كناية عن سرعة الإيجاد، فالمعنى: أن المراد إيجاد شيء وجد سريعاً من غير توقف على شيء، وإلا فكلام المفسر يقتضي أن معنى الآية: فإذا أراد إيجاد شيء، فإنما يريد إيجاده فيوجد، وهذا لا معنى له. قوله: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ ﴾ الخ، هذا تعجب من أحوالهم الشنيعة، وبيان لعاقبة أمرهم. قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ ﴾ إما بدل من الموصول قبله فهو في محل جر، أو في محل نصب أو رفع على الذم. قوله: (من التوحيد) أي وسائر الكتب والشرائع. قوله: (إذ بمعنى إذا) جواب عما يقال: إن سوف الذم. قوله: (من التوحيد) أي وسائر الكتب والشرائع. قوله: (إذ بمعنى إذا) جواب عما يقال: إن سوف للاستقبال، و (إِذِ) للماضي؛ وحينئذ فلا يصح تعلق الماضي بالمستقبل، فأجاب: بأنها مستعملة في الاستقبال مجازاً، والمسوغ إلى أن هذا الأمر محقق وواقع. قوله: (عطف على الأغلال) أي وقوله: ﴿ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ ﴾ خبر عنهما. قوله: (أو مبتدأ) الخ، أي وجملة ﴿ يُسْحَبُونَ ﴾ حال من الضمير المستكن في الظرف، أو مستأنفة واقعة في جواب سؤال مقدر، كأنه قيل: فماذا حالهم؟ فقيل ﴿ يُسْحَبُونَ * فِي ٱلْحَمِيمِ ﴾.
قوله: (أو خبره) ﴿ يُسْحَبُونَ ﴾ أي وعليه فالرابط محذوف قدره بقوله: (بها) فتحصل أن المعنى: الأغلال والسلاسل تكون في أعناقهم، ويسحبون في جهنم على وجوههم؛ وهذا على الاعرابين الأولين؛ وعلى الثالث فالمعنى: أن الأغلال في أعناقهم، والسلاسل في أرجلهم، ويسحبون في جهنم، وكل صحيح. قوله: (أي جهنم) وقيل ﴿ ٱلْحَمِيمِ ﴾ الماء الحار. قوله: ﴿ يُسْجَرُونَ ﴾ أي يعذبون بأنواع العذاب. قوله: ﴿ ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ ﴾ التعبير بالماضي لتحقق الوقوع. قوله: ﴿ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ﴾ ترسم ﴿ أَيْنَ ﴾ مفصولة من ﴿ مَا ﴾.
قوله: (وهي الأصنام) تفسير لما. قوله: ﴿ بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً ﴾ هذا في أول الأمر يتبرؤون من عبادة الأصنام لرجاء أنه ينفعهم، فهو إضراب عن قوله: ﴿ ضَـلُّواْ عَنَّا ﴾ وهذا قبل أن تقرن بهم آلهتهم. قوله: (ثم أحضرت) جواب عما يقال: إن حمل الآية على هذا الوجه؛ يخالف قوله تعالى:﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ﴾[الأنبياء: ٩٨] فأجاب: بأنهم أولاً تضل عنهم آلهتهم ويتبرؤون؛ ثم تحضر وتقرن بهم. قوله: (يقال لهم أيضاً) أي توبيخاً. قوله: (تتوسعون في المعاصي) أي تظهرون السرور في الدنيا؛ بالمعصية وكثرة المال وضياعه في المحرمات، فالمرح شدة الفرح، وهو إن كان ذكاً في الكفار؛ يجر بذيله على كل من توسع في معاصي الله، فله من هذا الوعيد نصيب. قوله: ﴿ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ ﴾ عطف على قوله: ﴿ ذَلِكُمْ ﴾ الخ، داخل في حيز القول المقدر. قوله: ﴿ فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ لم يقل فبئس مدخل المتكبرين، لأن الدخول لا يدوم، وإنما يدوم المثوى، ولذا خصه بالذم.
قوله: (فالجواب المذكور للمعطوف فقط) أي ولا يصح أن يكون جواباً عن الأول، لأن من المعلوم أن جواب الشرك مسبب عن فعله، ولا يحسن أن يكون انتقام الله منهم في الآخرة، مسبباً عن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم تعذيبهم في الدنيا، وفي الحقيقة قوله: ﴿ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴾ دليل الجواب، والجواب محذوف أيضاً، والتقدير فلا يفوتهم. قوله: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ ﴾ الخ، هذا تسلية له صلى الله عليه وسلم، كأن الله تعالى يقول له: إنا قد أرسنا رسلاً؛ وآتيناهم معجزات؛ وجالدهم قومهم، وصبروا على أذاهم، فتأسَّ بهم، وقوله: ﴿ رُسُلاً ﴾ المراد بهم ما يشمل الأنبياء. قوله: ﴿ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ ﴾ أي ذكرنا لك قصصهم وأخبارهم في القرآن، وهم خمسة وعشرون. قوله: ﴿ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ﴾ أي لم نذكر لك قصصهم في القرآن، تخفيفاً ورحمة بأمتك، لئلا يعجزوا عن حفظه، وبهذا التقدير اندفع ما قد يتوهم أن النبي صلى الله عليه وسلم مساو لأمته في عدم علك ما عدا الخمسة والعشرين، فتحصل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخرج من الدنيا، حتى علم جميع الأنبياء تفصيلاً، كيف لا، وهم مخلوقون منه، وصلوا خلفه ليلة الإسراء في بيت المقدس؟ ولكنه من العلم المكتوم، وإنما ترك بيان قصصهم للأمة رحمة بهم، فلم يكلفهم إلا بما يطيقون. قوله: (روي) في عبارة غيره، قيل: والصحيح ما روي عن أبي ذر قال:" قلت يا رسول الله، كم عدة الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً ". قوله: ﴿ كَانَ لِرَسُولٍ ﴾ أي ما صد وما استقام. قوله: ﴿ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ﴾ أب بإرادته. قوله: (مربوبون) أي مملوكون، والمملوك لا يستطيع أن يأتي بأمر إلا بإذن سيده، وهذا رد على قريش حيث قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنما الصفا ذهباً، وغير ذلك مما تقدم تفصيله في سورة الإسراء. قوله: ﴿ فَإِذَا جَـآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ ﴾ أي حكمة وقضاؤه، والمعنى ظهر وبرز حكمه بنزول العذاب بهم. قوله: ﴿ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْمُبْطِلُونَ ﴾ الحكمة في ختم هذه الآية بالمبطلون، وختم السورة بالكافرون، أنه ذكر هنا الحق، فكان مقابلته بالباطل أنسب، وهماك ذكر الإيمان، فكان مقابلته بالكفر أنسب. قوله: (أي ظهر القضاء) الخ، دفع بذلك ما يقال: إنهم خاسرون من قبل يوم القيامة، فأجاب: بأن المراد ظهر الأمر الذي كان مخفياً. قوله: (قيل الإبل خاصة) أي لأنها هي التي يوجد فيها جميع المنافع الآتية.
قوله: (من مصانع) أي أماكن تخزن فيها المياه كالصهاريج. قوله: (والقصور) أي الأماكن المرتفعة. قوله: ﴿ فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ ما الأولى نافية أو استفهامية، والثانية موصولة أو مصدرية. قوله: (فرح استهزاء) أي سخرية؛ حيث لم يأخذه بالقبول، ويمتثلوا أمر الله، ويجتنبوا نواهيه يدل على هذا المعنى. قوله: ﴿ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾.
قوله: (أي العذاب) أي فكانوا يعدونهم به لو لم يؤمنوا فيستهزؤون بالعذاب الموعود به، قال تعالى حكاية عن أهل مكة﴿ وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ ﴾[الأنفال: ٣٢] الآية. قوله: ﴿ فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا ﴾ أي في الدنيا. قوله: (بفعل مقدر من لفظه) أي والتقدير سن الله تعالى بهم سنة من قبلهم.